المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة احدى وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها.
[حريق في القصر الذي بناه المسترشد في البستان]
أنه في ليلة الاثنين مستهل ربيع الآخر وقع الحريق في القصر الذي بناه المسترشد في البستان الذي على مسناة باب الغربة، وكان تلك الليلة قد اجتمع الخليفة بخاتون فيه، وجمعوا من الأواني والأثاث [1] والزي كل طريف، وعزموا على المقام فيه ثلاثة أيام فما أحسوا إلا والنار قد لفحتهم من أعلى القصر، وكانوا نياما في أعلاه، وكان السبب أن جارية كانت بيدها شمعة فعلقت بأطراف الخيش فأصبح الخليفة فأخرج المحبوسين وتصدق بأشياء.
[خلع على ابن المرخم خلعة سوداء]
وفي ثالث جمادى الآخرة: خلع على ابن المرخم خلعة سوداء، وطيف [2] به في الأسواق فقلد القضاء يحضر من أي صقع شاء [3] وليس على يده يد، وكان مطيلسا بغير حنك ثم ترك الطيلسان.
ووصل الخبر يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الآخر بأن ثلاثة من خدم زنكي [الخواص] [4] قتلوه، وقام بالأمر ابنه غازي في الموصل، وأكبر الولاية، وكان ابنه محمود في حلب.
__________
[1] في الأصل: «وجمعوا من الأغاني والأثاث» والتصحيح من ص وط.
[2] «الخيش، فأصبح الخليفة ... خلعة سوداء، وطيف» : العبارة ساقطة من ت.
[3] في الأصل: «من أي سقع شاء» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/48)


[دخول السلطان مسعود إلى بغداد]
وفي رجب: دخل السلطان مسعود إلى بغداد، وعمل دار ضرب فقبض الخليفة على ضراب كان سبب إقامة دار الضرب لمسعود فنفذ الشحنة فقبض على حاجب الباب ابن الصاحب وعلى أربعة أنفس خواص وقال لا أسلمهم حتى يخلوا صاحبي، / وكان ذلك يوم الجمعة تاسع عشر شعبان فنفذ الخليفة فأخرج من في الجامع وغلقه وامر 20/ أبغلق المساجد فبقيت ثلاثة أيام كذلك ثم تقدموا بفتحها ولم يسلم لهم الضراب وأطلق حاجب الباب يوم الخميس خامس عشرين شعبان وتوفي نقيب النقباء محمد بن طراد فولي النقابة أبو أحمد طلحة بن علي الزينبي.
واستشعر السلطان مسعود من سليمان شاه فراسل الأمير عباسا وأستصلحه فلما تم ذلك قبض على سليمان شاه وحمله إلى القلعة وحضر عباس من خدمته السلطان بالري وسلمها ثم اجتمع الأمراء عند مسعود ببغداد فتكلموا على عباس فقتل.
وخطب ابن العبادي [1] بجامع القصر في رمضان، فاجتمع خلق لا يحصى.
[وفاة بنت الخليفة]
وفي شوال توفيت بنت الخليفة، وقع عليها حائط أو سقف فماتت فحملت إلى الرصافة ومعها الوزير وأرباب الدولة، واشتد الحزن عليها وكانت قد بلغت مبلغ النساء وجلس للعزاء بها ثلاثة أيام، ولبسوا الثياب البيض واجتمعوا في اليوم الثاني في الترب للتعزية، وكان في الجماعة قاضي القضاة الزينبي ومعه صهره أبو نصر خواجا أحمد نظام الملك وهو يومئذ مدرس النظامية فجاء أستاذ الدار ابن رئيس الرؤساء ليجلس بين قاضي القضاة وبين الأمير أبي نصر، فمنعه فتناوشوا فكتب أستاذ الدار يشكو فخرج الأمر بإنهاء أبي نصر، وأخرجه من دار الخلافة فأخرج من بيته ماشيا إلى باب النوبي.
وفي يوم الجمعة خامس عشر ذي القعدة: جلس ابن العبادي الواعظ بجامع السلطان، وحضر عنده السلطان مسعود فوعظه وعرض بذكر حق البيع وذكر ما يجري على المسلمين من ذلك، ثم قال له: يا سلطان العالم أنت تهب مثله لمطرب ومغن بقدر هذا المأخوذ من المسلمين تهبه لي وتحسبني ذلك المطرب واتركه/ للمسلمين وافعله 20/ ب شكرا لما انعم الله به عليك من بلوغ الأغراض فأشار بيده إني قد فعلت فارتفعت الضجة
__________
[1] في ص، ط: «وجلس ابن العبادي» .

(18/49)


بالدعاء له ونودي في البلد بإسقاطه وولي ابن الصيقل حجبة الباب وخلع على نقيب النقباء خلع النقابة.
وانتشر جراد عظيم، وطيف بالألواح التي نقش عليها ترك المكس في الأسواق، وضربت بين يديها الدبادب والبوقات.
وفيها: حج الوزير نظام الدين أبو المظفر بن علي بن جهير، وحججت أنا ومعي الزوجة والأطفال، وكنت أرى الوزير في طريق مكة متواضعا وقد عاد له أبو نصر الكرخي.
وخرج في هذه السنة التشرينان وكانون الأول، ولم يأت مطر إلا قطرات لا تبل الأرض، وأشرفت المواشي على العطب من قلة العشب، وظهر بالناس علة انتفاخ الحلق، فمات به خلق كثير، وغارت المياه من الأنهار والآبار.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4121- أحمد بن محمد، أبو نصر الحديثي [1] المعدل.
تفقه على الشيخ أبي إسحاق وسمع الحديث وكان من أوائل شهود الزينبي.
توفي يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الآخرة وحضر الزينبي والأعيان.
4122- إِسْمَاعِيل بن أحمد بن محمود بن دوست، أبو البركات بن أبي سعد [2] الصوفي:
ولد سنة خمس وستين، وسمع الحديث من أبي القاسم الأنماطي، وأبي نصر الزينبي، وطراد، وأبي محمد التميمي، وغيرهم، وحدث. وتوفي في جمادى الأولى [ودفن إلى جانب الزوزني وعمل له عرس كما تقول الصوفية في عاشر جمادى الآخرة] [3] واجتمع مشايخ الربط، وأرباب الدولة والعلماء فاغترموا على ما قيل على المأكول والمشروب والحلوى ثلاثمائة دينار.
__________
[1] في ت: «أحمد بن محمد بن محمد، أبو نصر» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 128، والكامل 9/ 334) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/50)


4123- زنكي بن آقسنقر:
[1] / كان أمير الشام، وذكرنا من أحواله فيما نقدم. قتله بعض سلاحيته، وقيل: قتله 21/ أثلاثة من غلمانه، وكان محاصرا قلعة جعبر.
4124- سعد الخير بن محمد بن سهل بن سعد، أبو الحسن المغربي الأندلسي الأنصاري:
[2] سافر من بلاد الأندلس إلى بلاد الصين، وركب البحر وقاسي الشدائد، ثم دخل بغداد وتفقه على أبي حامد الغزالي، وسمع الحديث من طراد، وابن النظر، وثابت، وخلق كثير، وقد سمع من شيوخ خراسان، وقرأ الأدب على أبي زكريا، وحصل كتبا نفيسة، وحدث وقرأت عليه الكثير، وكان ثقة صحيح السماع.
وتوفي يوم السبت عاشر محرم هذه السنة، وصلى عليه الغزنوي بجامع القصر، وكان وصيه وحضر قاضي القضاة الزينبي والأعيان، ودفن إلى جانب قبر عبد الله [3] بن أحمد بوصية منه.
4125- شافع بن عبد الرشيد بن القاسم بن عبد الله [4] الجيلي.
من أهل جيلان، تفقه على إلكيا الهراسي، ثم رحل إلى أبي حامد الغزالي فتفقه عليه، وكان فقيها فاضلا يسكن كرخ بغداد، وكان له حلقة للفقه بجامع المنصور في الرواق، وكنت أحضر حلقته وأنا صبي فألقي المسائل. توفي في محرم هذه السنة.
4126- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن أحمد بن عبد الله، أبو محمد المقرئ، سبط أبي منصور [5] الزاهد:
ولد ليلة الثلاثاء السابع والعشرين من شعبان سنة أربع وستين واربعمائة، وتلقن
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 221، والكامل 9/ 339، وشذرات الذهب 4/ 128) .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 221، وشذرات الذهب 4/ 128) .
[3] في الأصل: «دفن إلى قبر جانب عبد الله بن أحمد» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 222) .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 222، وشذرات الذهب 4/ 128، والكامل 9/ 345) .

(18/51)


القرآن من شيخه أبي الحسن ابن الفاعوس. وسمع الحديث من ابن النقور، وأبي منصور بن عبد العزيز، وطراد، وثابت وغيرهم. وقرأ بالقراءات على جده، وعبد القاهر العباسي، وأبي طاهر بن سوار، وثابت وغيرهم، وقرأ الأدب على أبي الكرم بن فاخر، وسمع الكتب الكبار، وصنف كتبا في القراءات وقصائد، وأم في المسجد منذ سنة سبع 21/ ب وثمانين إلى/ أن توفي وقرأ عليه الخلق الكثير وختم ما لا يحصى، وكان أكابر العلماء وأهل البلد يقصدونه، وقرأت عليه القراءات والحديث الكثير، ولم أسمع قارئا قط أطيب صوتا منه ولا أحسن إذا صلى، كبر سنه وجمع الكتب الحسان، وكان كثير التلاوة وكان لطيف الأخلاق ظاهر الكياسة والظرافة حسن المعاشرة للعوام والخواص.
وتوفي بكرة الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر من هذه السنة في غرفته التي بمسجده فحط تابوته بالحبال من سطح المسجد وأخرج إلى جامع القصر، وصلى عليه عبد القادر، وكان الناس في الجامع أكثر من يوم الجمعة، ثم صلى عليه في جامع المنصور وقد رأيت أيام جماعة من الأكابر فما رأيت أكثر جمعا من جمعه، كان تقدير الناس من نهر معلى إلى قبر أحمد وغلقت الأسواق ودفن في دكة الإمام أحمد بن حنبل عند جده أبي منصور.
4127- عبد المحسن بن غنيمة بن أحمد بن فاحة، أبو نصر المقرئ.
سمع من ابن نبهان، وشجاع الذهلي، وغيرهما. وكان شيخا صالحا.
توفي في محرم هذه السنة، ودفن بباب حرب.
4128- عباس شحنة الري
[1] :
كان قد مال إلى بعض السلاطين فاستصلحه مسعود وأحضره فحضر وخدم وسلم الري إلى السلطان، ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد، وقالوا: ما بقي لنا عدو سوى عباس، فاستدعي عباس إلى دار المملكة يوم الخميس رابع عشر ذي القعدة، وقتل في دار السلطان ورمي ببدنه إلى تحت الدار، فبكى الخلق عليه [2] لأنه كان يفعل
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 222، والكامل 9/ 343) .
[2] في الأصل: «ورمى ببدنه إلى تحت الدار فبكت الخلق عليه» .

(18/52)


الجميل، وكانت له صدقات، وحكى أنه ما شرب الخمر قط ولا زنى، وأنه قتل من الباطنية ألوفا كثيرة، فبنى من رءوسهم منارة، ثم حمل فدفن في المشهد المقابل لدار السلطان.
4129- محمد [بن محمد] بن أحمد ابن السلال، أبو عبد الله [1] الوراق.
ولد سنة سبع وأربعين واربعمائة/ وسمع ابن المسلمة، وابن المأمون، وجابر بن 22/ أياسين، وتفرد بالرواية عن أبي علي محمد بن وشاح الزينبي، وأبي الحسن ابن البيضاوي، وأبي بكر بن سيائوس، وسمعت منه. وكان شيخنا ابن ناصر لا يرضى عنه في باب الدين، وقال شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي [سمعت السلال المعروف في الكرخ بالتشيع.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفن بمقابر قريش قريبًا من قبر أبي يوسف] [2] .
4130- محمد بن طراد بن محمد بن علي، أبو الحسن بن أبي الفوارس الزينبي نقيب الهاشميين.
[3] .
وهو أخو الوزير علي بن طراد، ولد سنة اثنتين وستين، وسمع الكثير من أبيه، وعمه أبي نصر، ومن أبي القاسم ابن البسري [4] ، وغيرهم، وحدث.
وتوفي في ثالث عشرين شعبان هذه السنة.
4131- محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى، أبو هاشم الساوي:
قاضي ساوة، ولد سنة ثلاث وسبعين، وسمع الكثير، وتفقه وناظر ووعظ.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة بساوة.
4132- وجيه بن طاهر بن محمد بن محمد، أبو بكر الشحامي، أخو أبي القاسم زاهر بن [4] طاهر:
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل. وفي ت: «أبو عبد الله الرزاق» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «نقيب الهاشمية» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 222) .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 222، وشذرات الذهب 4/ 130، وتاريخ نيسابور 1609) .

(18/53)


من أهل نيسابور، من بيت الحديث، وكان يعرف طرفا من الحديث، ولد سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وسمعه أبوه الكثير، ورحل بنفسه إلى بغداد وهراة، وسمع الكثير، وكان شيخا صالحا صدوقا صالحا حسن السيرة منور الوجه والشيبة سريع الدمعة 22/ ب كثير الذكر، ولي منه/ إجازة بمسموعاته ومجموعاته.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بمقبرة الحسين إلى جنب أخيه ووالده.

(18/54)


ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه عزل ابن مهدويه عن كتابه الزمام وولي مكانه أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة وورد الخبر أن بزبه راسل شحنة أصبهان فاستماله ورحل إليها ومعه محمد شاه وكان السلطان مسعود مقيما بهمذان وعساكره قليله فأرسل إلى عساكر آذربيجان فتأخروا عنه فسار بزبه من أصبهان سيرا يمهل فيه فلما قاربها وصلت عساكر آذربيجان إلى السلطان وكان بزبه قد جاء جريدة في خمسة آلاف فارس فضرب على عسكر السلطان فكسر الميمنة والميسرة وكان مسعود قد تأخر عن المصاف في ألف فارس وكان عسكره عشرة آلاف فاشتغل عسكر بزبه بالنهب والقتل فجاء مسعود فحمل عليهم فالتقى هو وبزبه فكبت الفرس ببزبة فوقع فجيء به إلى مسعود فقطع نصفين وجيء برأسه فعلق بازاء دار الخلافة وعلقت بغداد واستولى خاص بك على دولة السلطان مسعود فأهلك جماعة من الأمراء فاستشعر الباقون منه.
وفي صفر: / شاع ان رجلا رأى في المنام أنه من زار قبر أحمد بن حنبل غفر له، 23/ أفما بقي خاص ولا عام إلا وزار، وعقدت يومئذ مجلسا فحضر ألوف لا يحصون.
وعزل أبو نصر بن جهير في ربيع الأول من هذه السنة [1] عن الوزارة، وسكن بالدار التي بناها بشاطئ دجلة بباب الأزج، وهي التي آل أمرها إلى أن صارت ملكا
__________
[1] «من هذه السنة» : ساقطة من ص، ط.

(18/55)


لجهة الإمام المستضيء بأمر الله فوقفتها مدرسة لأصحاب أحمد بن حنبل وسلمتها إلى فدرست فيها سنة سبعين.
وفي ربيع الآخر: [1] منع الغزنوي من الجلوس في جامع القصر ورفع كرسيه.
[ولاية أبي القاسم علي ابن صدقة الوزارة]
وفي جمادى الأولى: ولي الوزارة أبو القاسم علي بن صدقة بن علي بن صدقة نقلا عن المخزن إليها فدخل إلى المقتفي ومعه قاضي القضاة الزينبي وأستاذ الدار وجملة من الخواص وقلده الوزارة شفاها [2] ، وخلع عليه ومضى إلى الديوان [يوم السبت] [3] ثالث عشر جمادى الأولى وقرأ ابن الأنباري كاتب الإنشاء عهده.
وفي هذا الشهر: أذن للغزنوي في العود إلى الجلوس بالجامع وقدم ابن العبادي برسالة السلطان إلى الخليفة بتولية الأمير أبي المظفر فخرج الخلق للقائه ولم يبق سوى الوزير وقبل العتبة [4] ، ومضى إلى رباط الغزنوي.
[ولاية يحيى بن جعفر المخزن]
23/ ب وفي يوم السبت الثالث/ والعشرين من جمادى الآخرة: ولي يحيى بن جعفر المخزن ولقب زعيم الدين، وورد سلاركرد إلى شحنة بغداد ومعه مكتوب من السلطان مسعود إليه والى العساكر بمساعدته على أخذ البلاد الزيدية من علي بن دبيس وتسليمها إليه فخرجوا [في رجب والتقوا [5]] فاقتتلوا واندفع علي بن دبيس إلى ناحية واسط ثم قصد العراق ثم عاد فملك الحلة.
[جلوس ابن المرخم في داره]
وفي يوم الأربعاء سابع عشر شوال: جلس أبو الوفاء يحيى بن سعيد المعروف بابن المرخم في داره [6] بدرب الشاكرية في الدست الكامل، وسمع البينة وحضر مجلسه شهود بغداد والمديرون والوكلاء واستقر جلوسه في كل يوم أربعاء وأخذ على عادة كانت للقاضي الهروي. وكان أبو الوفاء بئس الحاكم يأخذ الرشا ويبطل الحقوق.
__________
[1] في الأصل: «وفي ربيع الأول» .
[2] في الأصل: «وقلد الوزارة ببغداد» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «سوى الوزير فوصل العشية» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «يحيى بن سعد المعروف بابن المؤخر في داره» .

(18/56)


وتزايدت الأسعار حتى بلغ الكر الشعير أربعين دينارا والحنطة ثمانين فنادى الشحنة أن لا تباع الكارة الدقيق إلا بدينار فهرب الناس وغلقوا الدكاكين وعدم الخبز أربعة أيام فبقي الأمر كذلك شهرا ثم تراخى السعر.
[هروب إسماعيل بن المستظهر أخي الخليفة]
وفي رمضان هرب إِسْمَاعِيل بن المستظهر أخو الخليفة من داره إلى ظاهر البلد وبقي يومين نقب من الموضع، وأخرج بزي المشائية [1] على رأسه سلة، وبيده قدح على وجه التفرج فانزعج البلد فخشي أن يعود فاختبأ عند قوم بباب الأزج فاعلموا به فجاء أستاذ الدار وحاجب الباب وخدم فردوه.
وحج الناس ولم يزوروا قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ حذرا من قلة الماء.
24/ أ
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4133- أحمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله، أبو الحسن الآبنوسي [2] الوكيل:
ولد سنة ست وستين، وسمع أبا القاسم ابن البسري، وعاصما، وأبا الغنائم ابن أبي عثمان، وأبا محمد التميمي، وأبا بكر الشامي في خلق كثير، وتفقه على أبي الفضل الهمذاني، وأبي القاسم الزنجاني، وصحب شيخنا أبا الحسن ابن الزاغوني، فحمله على السنة بعد أن كان معتزليا وكانت له اليد الحسنة في المذهب والخلاف والفرائض والحساب والشروط وكان ثقة مصنفا على سنن السلف والتقشف وسبيل أهل السنة في الاعتقاد، وكان ينابذ من أصحاب الشافعي من يخالف ذلك من المتكلمين وكان يخلو بالأذكار والأوراد من بكرة إلى وقت الظهر ثم يقرأ عليه بعد الظهر.
وتوفي سحرة يوم الخميس ثامن ذي الحجة ودفن بمقبرة الشونيزية عند أبيه.
4134- أحمد بن علي بن عبد الواحد، أبو بكر الدلال، يعرف بابن الأشقر
[3] :
ولد سنة سبع وخمسين، سمع أبا الحسين ابن المهتدي، وأبا محمد الصريفيني
__________
[1] في الأصل: «واخرج بزي الشاشية» .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 130، وتذكرة الحفاظ 1294) .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 131، وتذكرة الحفاظ 1294) .

(18/57)


وغيرهما، وحدث عنهم، وكان سماعه صحيحا، وكان خيرا.
وتوفي يوم الأربعاء ثامن صفر، ودفن بمقبرة باب حرب.
4135- أحمد بن محمد بن محمد أبو المعالي ابن البسر البخاري
[1] :
سمع من أبيه الحديث، وتفقه عليه، وسمع من غيره، وأفتى وناظر وأملى 24/ ب الحديث، وكان حسن السيرة/ وهو من بيت الحديث والعلم.
وتوفي بسرخس في جمادى هذه السنة، وحمل إلى مرو، ثم حمل إلى بخارى فدفن بها.
4136- أسعد بن عَبْد اللَّهِ بن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الصمد بن المهتدي باللَّه، أبو منصور
[2] :
ولد سنة ثلاث أو أربع وثلاثين وأربعمائة، وسمع من طراد، وطاهر بن الحسين، وكان الناس يثنون عليه الخير وينسبونه إلى الصلاح، وقال: حملوني إلى أبي الحسن القزويني فمسح يده على رأسي فمذ ذلك الوقت إلى الآن أكثر من تسعين سنة ما أوجعني رأسي ولا اعتراني صداع. ورأيته أنا بعد هذا السن [الكبير] [3] يمشي منتصب القامة [4] .
وتوفي في رمضان هذه السنة، ودفن في مقبرة جامع المنصور مقابل سكة الخرقي.
4137- دعوان بن علي بن حماد بن صدقة الجبي، أبو محمد الضرير
[5] :
ولد سنة ثلاث وستين وأربعمائة بجبة، وهي قرية عند العقر في طريق خراسان سمع الحديث من أبي محمد التميمي، وابن النظر، وابن السراج، وثابت وغيرهم، وقرأ بالقراءات على عبد القاهر، وأبي طاهر ابن سوار، وثابت وغيرهم، وتفقه على أبي سعد المخرمي، وكان متعبدا للخلاف بين يديه وحدث وأقرأ وانتفع به الناس [6] وكان ثقة
__________
[1] في ت: «ابن محمد أبو المعالي ابن أبي البسر» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 223) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ص: «يمشي منتصف القامة» .
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 131، وفيه: «عوان بن علي» ، وتذكرة الحفاظ 1294) .
[6] «وكان متعبدا.. وانتفع به الناس» : ساقطة من ت.

(18/58)


دينا ذا ستر وصيانة وعفاف وطريق محمودة على سبيل السلف الصالح.
وتوفي يوم الأحد سادس عشرين ذي القعدة ودفن بمقبرة أبي بكر غلام الخلال.
وكتب إلى عبد الله الجبائي الشيخ الصالح قال: رأيت دعوان بن علي بعد موته بنحو من شهر في المنام وكأن عليه ثيابا بيضا [شديدة البياض] [1] وعمامة بيضاء وهو يمضي إلى الجامع لصلاة الجمعة فأخذت يده اليسرى بيدي اليمنى/ ومضينا فلما بلغنا 25/ أالى حائط الجامع قلت له يا سيدي إيش لقيت؟ فقال لي عرضت على الله خمسين مرة وقال لي إيش عملت؟ فقلت قرأت القرآن وأقرأته فقال لي: أنا أتولاك أنا أتولاك [أنا أتولاك] [2] . قال عبد الله فأصابني الوجد وصحت آه وضربت بيدي اليمنى [3] حائط الجامع ثلاث مرات أتأوه واضرب الحائط بكتفي ثم استيقظت.
4138- طاهر بن سعيد بن أبي سعيد بن أبي الخير الهيتي، أبو القاسم
[4] .
شيخ رباط البسطامي، وكان مقدما في الصوفية، رأيته ظاهر الوقار والسكون والهيئة والصمت [5] ، وتوفي يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول فجاءة، ودفن في مقبرة الجنيد وقعدوا للعزاء به فنفذ إليهم من الديوان من أقامهم.
4139- عبد السيد بن علي بن محمد بن الطيب، أبو جعفر، ويعرف بابن [6] الزيتوني.
تفقه على أبي الوفاء بن عقيل، ثم انتقل عن المذهب، واتصل بالزينبي نور الهدى، وقرأ عليه مذهب أبي حنيفة وعلى خلف الضرير الكلام، وصار متكلما داعيا في الاعتزال، ثم اشتغل بالإشراف على المارستان.
وتوفي في شوال ودفن بباب حرب.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص، ط: «وضربت بكتفي اليمنى» .
[4] في ت: «بن أبي الخير الميهني» .
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 348) .
[5] في الأصل: «الوفاء والسكون والهيئة» .
[6] في ت: «المعروف بابن الزيتوني» . وانظر ترجمته في تذكرة الحفاظ 1294.

(18/59)


4140-[عمر بن ظفر بن أحمد، أبو حفص المقرئ
[1] .
ولد سنة احدى وستين وأربعمائة، وسمع الكثير من ابن السراج، وأبي غالب الباقلاوي، وغيرهما.
وتوفي في شعبان هذه السنة، وكان ثقة وله سمت المشايخ] .
4141- عمر بن أبي الحسن، أبو شجاع البسطامي:
دخل إلى بغداد فحدث وسمعنا منه شمائل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عيسى الترمذي، وغيرها، وناظر ووعظ، وكان مجموعا حسنا.
أنشد عمر في مجلس وعظه:
تعرضت الدنيا بلذة مطعم ... ورونق موشي من اللبس رائق
أرادت سفاها أن تموه قبحها ... علي وكم خاضت بحلو الدقائق
فلا تخدعينا بالسراب فإننا ... قتلنا نهابا في طلاب الحقائق
25/ ب
4142-/ فاطمة خاتون بنت السلطان
محمد بن ملك شاه السلجوقي زوجة المقتفي أمير المؤمنين:
توفيت ببغداد في ربيع الأول [2] ، وصلى عليها قاضي القضاة الزينبي في صحن السلام، وحملت في الزبزب إلى الترب بالرصافة فدفنت قريبا من قبر المستظهر داخل القبة.
4143- محمد بن أحمد بن الحسن الطرائفي، أبو عبد الله
[3] :
سمع من أبي جعفر ابن المسلمة كتاب صفة المنافق فحسب لم يوجد له سماع غيره، وكانت له إجازات من ابن المسلمة، وابن النقور، وابن المهتدي، وابن المأمون، والخطيب فقرئ عليه عنهم، وكان شيخا صالحا.
توفي غرة ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] هذه الترجمة ساقطة من الأصول، وأوردناها من ت.
وانظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1294) .
[2] في الأصل: «توفيت ببغداد في ربيع الأول من هذه السنة» . وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 349) .
[3] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1294) .

(18/60)


4144- محمد بن المظفر بن علي بن المسلمة، أبو الحسن بن أبي الحسن بن أبي الفتح بن أبي القاسم الوزير
[1] :
ولد سنة أربع وثمانين وسمع الحديث من ابن السراج وابن العلاف وغيرهما، وروى وانزوى وتصوف وجعل داره التي في دار الخلافة رباطا للصوفية. وتوفي في ليلة الجمعة تاسع رجب وحمل إلى جامع القصر وأزيلت شقة من شباك المقصورة حتى أدخل التابوت وأم للناس في الصلاة عليه أبو علي بن صدقة الوزير المسمى بالقوام، ودفن قريبا من رباط الزوزني مقابل الجامع.
4145- المبارك بن خيرون [بن عبد الملك بن خيرون] أبو السعود
[2] :
سمع أبا الفضل بن خيرون عم أبيه ومالكا البانياسي وأبا طاهر الباقلاوي في آخرين وسماعه صحيح سمعت عليه وكان خيرا.
وتوفي يوم السبت ثالث عشر المحرم ودفن بمقبرة باب حرب.
4146- نصر الله بن محمد بن عبد القوي/ أبو الفتح اللاذقي المصيصي 26/ أالشافعيّ
[3] :
نزيل دمشق ولد باللاذقية سنة ثمان وأربعين واربعمائة وانتقل منها مع والده إلى صور فنشأ ثم انتقل في سنة ثمانين واربعمائة إلى دمشق، تفقه على أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي بصور وسمع بها منه الحديث ومن أبي بكر الخطيب وسمع ببغداد وبالأنبار وكان بقية مشايخ الشام وكان فقيها مفتيا متكلما في الأصول دينا.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
4147- هبة الله بن علي بن محمد بن حمزة، أبو السعادات العلويّ النحويّ الشجري
[4] .
__________
[1] في ت: «أبو الحسن بن أبي القاسم الوزير» وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 349) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «ابن عبد القوي بن الفتح البلاذقي» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 131، وتذكرة الحفاظ 1294) .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 132، وتذكرة الحفاظ 1294) .

(18/61)


[ولد سنة خمسين وأربعمائة] [1] سمع من أبي الحسين ابن الطيوري وابن نبهان وغيرهما وقرأ على الشريف أبي المعمر يحيى بن محمد بن طباطبا النحوي وامتد عمره فانتهى إليه علم النحو وكان يجلس يوم الجمعة بجامع المنصور مكان ثعلب ناحية الرباط يقرأ عليه وناب في النقابة بالكرخ ومتع بجوارحه وعقله.
وتوفي يوم الخميس العشرين من رمضان وأم الناس بالصلاة عليه أبو الحسن الغزنوي الواعظ، ثم دفن بداره بالكرخ.
أنشدني أبو الغنائم الشروطي قال: قال الشريف أبو السعادات ابن الشجري [ما سمع في المدح] [2] أبلغ من شعر أبي نواس:
وأمامك الأعداء تطلبهم ... ووراءك القصاد في الطلب
فإذا سلبت وقفته لهم ... فسلبت ما تحوي من السلب
قال وما سمعت في الذم أبلغ من بيت لمسكويه:
وما أنا إلا المسك قد ضاع عندكم ... يضيع وعند الأكرمين يضوع
[3]
4148- هبة الله بن أحمد بن علي بن سوار، أبو الفوارس بن أبي طاهر الدقاق ثم المقرئ [4] الوكيل:
26/ ب سمع الحديث من أبيه وقرأ عليه القراءات/ وسمع من أبي الغنائم ابن أبي عثمان وعاصم وأبي طاهر الكرخي وغيرهم وحدث وأقرأ وكان سماعه صحيحا وكان ثقة أمينا وتوحد في علم الشروط، وكتب المحاضر والسجلات.
وتوفي يوم الاثنين خامس عشر شوال، ودفن بمقبرة معروف.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ط، والأصل، وأوردناه من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «المسك في كل بقعة يضوع وأما عندكم فيضيع» .
[4] هذه الترجمة ساقطة من ت.

(18/62)


ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[وصول الخبر أن ملوك الافرنج وصلوا إلى بيت المقدس]
أنه وصل الخبر بأن ملوك الإفرنج وهم ثلاثة أنفس وصلوا إلى بيت المقدس وصلوا صلاة الموت، وانحدروا إلى عكة، وفرقوا الأموال في العساكر فكان تقدير ما فرقوا سبعمائة ألف دينار وعزموا على قصد المسلمين، فلما سمع المسلمون بقصدهم إياهم جمعوا الغلة والتبن ولم يتركوا في الرساتيق شيئا، ولم يعلم أهل دمشق أن القصد لهم بل ظنوا أنهم يقصدون قلعتين كانتا بقرب دمشق، فلما كان يوم السبت سادس ربيع الأول لم يشعروا بهم إلا وهم على باب دمشق، وكانوا في أربعة آلاف لابس وستة آلاف فارس وستين ألف راجل، فخرج إليهم المسلمون وقاتلوا، فكانت الرجالة التي خرجت إليهم سوى الفرسان مائة وثلاثين ألفا فقتل من المسلمين نحو مائتين، فلما كان في اليوم الثاني خرج الناس إليهم وقتل من المسلمين جماعة، وقتل من الافرنج ما لا يحصى، فلما كان في اليوم الخامس وصل غازي بن زنكي في عشرين ألف فارس لنصرة صاحب دمشق [1] ووصل أولاد غازي إلى بالس في ثلاثين ألفا فقتلوا من القوم [ما لا يحد [2]] وكان البكاء والعويل في البلد وفرش الرماد أياما وأخرج مصحف عثمان إلى وسط الجامع واجتمع عليه الرجال والنساء والأطفال وكشفوا رءوسهم ودعوا فاستجاب الله منهم/ فرحل أولئك، وكان معهم قسيس طويل بلحية بيضاء فركب حمارا احمر وترك في 27/ أ
__________
[1] في ص، ط، والأصل: «وصل غازي بن زنكي إلى حماه في عسكر مثله، ووصل أولاده» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/63)


حلقه صليبا وفي حلق حماره صليبا، وأخذ في يده صليبين، وقال للإفرنج: إني قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق ولا يردني أحد فاجتمعوا حوله وأقبل يطلب دمشق، فلما رآه المسلمون غاروا للإسلام وحملوا عليه بأجمعهم فقتلوه وقتلوا الحمار، وأخذوا الصلبان فأحرقوها.
[تغير الأمراء على السلطان مسعود]
ووصلت الأخبار من معسكر السلطان أن الأمراء قد تغيرت على السلطان مسعود بسبب خاصة خاص بك ومعهم محمد شاه بن محمود، فوصل الخبر في نصف ربيع الأول بوصولهم إلى شهرابان وانهزم الناس، ونقل أهل بغداد رحالهم وهرب شحنة مسعود إلى قلعة تكريت، وقطع الجسر، وكان قد تولى عمل الجسر الغزنوي الواعظ وعمل له درابزينات من الجانبين ووسعه، وبعث الخليفة بابن العبادي الواعظ رسولا إلى العسكر فقال لهم: أمير المؤمنين يقول لكم في أي شيء جئتم؟ وما مقصودكم؟ فإن الناس قد انزعجوا بسبب مجيئكم، فقالوا: نحن عبيد هذه العتبة الشريفة وعبيد السلطان ومماليكه وما فارقنا السلطان إلا خوفا من ابن البلنكري فإنه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طويرك وعباسا وبزبه وتتر وصلاح الدين وما عن النفس عوض إما نحن وإما هو وما نحن خوارج ولا عصاة وجئنا لنصلح أمرنا مع السلطان.
وهم ألبقش، وألدكز، وقيمز [1] ، وقرقوت، وأخو طويرك [2] ، والطرنطاي، وعلي بن دبيس، وابن تتر في آخرين فدخلوا بغداد في ربيع الأول ثم انبسطوا فمدوا 27/ ب أيديهم إلى ما يختص بالسلطان وكبسوا خانات/ باب الأزج وأخذوا الغلة منها، فثار عليهم أهل باب الأزج، [3] فقاتلوهم فبعث الخليفة إلى مسعود يقول له: أما الشحنة الذي من قبلك فقد هرب هو وأمير الحاج إلى تكريت وقد أحاط العسكر بالبلد وما يمكنني أن آخذ عسكرا لأجل العهد الذي بيننا فدبر الآن فقد بلغ السيل الزبا. [4] .
فكتب إليه قد برئت ذمة أمير المؤمنين من العهد الذي بيننا وقد أذنت لك ان تجند
__________
[1] في الأصل: «وقيصر» .
[2] في الأصل: «أحوط وبرك» .
[3] «وأخذوا الغلة منها ... باب الأزج» : ساقطة من ص، ط.
[4] «فقد بلغ السيل الزبا» : ساقطة من ص، ط.

(18/64)


عسكرا وتحتاط لنفسك وللمسلمين، فجند وأظهر السرادقات والخيم وحفر الخنادق وسد العقود والعسكر ينهبون حوالي البلد ويأخذون غلات الناس وقسطوا على محال الجانب الغربي الأموال وخرجوا إلى الدجيل وأخذوا نساء الناس وبناتهم وجاءوا بهن إلى الخيم وجاءت زواريق فيها غلة فلما بلغت تحت التاج تقدم أمير المؤمنين بأخذها فمنعهم الأتراك الذين يحفظونها فوقع القتال واتصلت الحرب وكان القتال تحت مدرسة موفق وخرج صبيان بغداد يقاتلون بالميازر الصوف والمقاليع وقتل جماعة من الفريقين فبعث إليهم الغزنوي الواعظ فقبح ما فعلوا، وقال: لو جاء الإفرنج لم يفعلوا هذا أي ذنب لأهل القرى والرساتيق؟ واستنقذ منهم المواشي وساقها إلى البلد فجاء الناس فمن عرف شيئا أخذه.
وفي ثالث جمادى الأولى: قبض الخليفة على وزيره ابن صدقة ورتب نقيب النقباء نائبا ثم اطلق الوزير أبو القاسم إلى داره وقبض على الوزير أبي نصر بن جهير من الدار التي سكنها بباب الأزج واحضر إلى دار أستاذ الدار ماشيا.
[جلوس المقتفي واستعراضه العسكر]
وفي ثامن عشرين جمادى [1] الأولى: جلس المقتفي في منظرة الحلبة واستعرض/ العسكر وحفرت الخنادق ببغداد ونودي بلبس العوام السلاح وأن يمنعوا عن أنفسهم 28/ أوأموالهم وكان البقش نازلا في دار تتر فلما مضى إليه الغزنوي رسولا رحل إلى ظاهر البلد تطييبا لقلب الخليفة وانقطعت الحرب، فلما كانت عشية الثلاثاء سادس جمادى الآخرة بعث الخليفة ليلا فغلق الباب الحديد من عقد السور مما يلي جامع السلطان وبنوا خلفه وسدوه سدا قاطعا وكان لألبقش في سوق السلطان مخزن فيه طعام ورحل فنهبه العوام فأصبح العسكر فرأوا باب السور مسدودا فركب منهم نحو ألف فارس وجاءوا إلى السور مما يلي باب الجعفرية ففتحوا فيه فتحات وصعدوا وبعثوا رجالا فنقضوا البناء الذي خلف العقد وكسروا الباب الجديد وأخذوا منه قطعا وبعث البقش رسولا إلى الخليفة: لأي شيء سددتهم في وجوهنا وقد كنا نسترفق من سوق السلطان، فلم يلتفت إلى قوله وخرج قوم من العوام فقاتلوا باب الأجمة فاستجرهم العسكر فانهزموا بين يديه
__________
[1] في الأصل: «وفي ثالث من عشرين جمادى» .

(18/65)


فأخذ بهم فركبوا السور ونزلوا يطلبون الخيم وهناك كمين قد تكمن لهم فخرج عليهم فانهزموا فضربوهم بالسيوف فقتلوا منهم نحوا من خمسمائة ولم يتجاسر أحد يخرج إلى القتلى فنادوهم تعالوا خذوا قتلاكم.
فلما جاءت عشية ذلك اليوم جاء الأمراء فرموا أنفسهم تحت الرقة بازاء التاج وقالوا ما كان هذا بعلمنا وأنما فعله أوباش لم نأمرهم به فعبر إليهم خادم وقبح فعلهم وقال: إنما كان الذين قتلتم نظارة، فاعتذروا فلم يقبل عذرهم فأقاموا الى الليل وقالوا:
28/ ب/ نحن قيام على رءوسنا ما نبرح، أو يأذن لنا أمير المؤمنين ويعفو عن جرمنا، فعبر إليهم الخادم وقال: أمير المؤمنين يقول أنا قد عفوت عنكم فامضوا واستحلوا من أهل القتلى ثم تقدم بإصلاح ثلم السور وخرج العوام بالدبادب والبوقات وجاء أهل المحال فعمر وحفر خندقه واختلف العسكر واجتمع البقش وابن دبيس والطرنطاي فساروا يطلبون الحلة وأخذ الدكز الملك وطلب بلاده وسكن الناس.
وفي رجب وقع الغلاء والقحط ودخل أهل القرى والرساتيق إلى بغداد لكونهم نهبوا فهلكوا عريا وجوعا.
وتوفي قاضي القضاة الزينبي، وتقلد القضاء أبو الحسن علي بن أحمد بن علي بن محمد الدامغاني، وخرج له التوقيع بالتقليد، وخلع عليه فركب إلى جامع القصر فجلس فيه وقرأ ابن عبد العزيز الهاشمي عهده على كرسي نصب لَهُ.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4149- إبراهيم بن محمد بن نبهان بن محرز الغنوي الرقي [أبو إسحاق]
[1] .
ولد في سنة تسع وخمسين واربعمائة، سمع أبا بكر الشاشي [2] ، وأبا محمد التميمي، وأبا محمد السراج، وغيرهم، وتفقه على أبي بكر الشامي [3] ، وأبي حامد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 358، وتذكرة الحفاظ، 1297 والبداية والنهاية 12/ 224، وشذرات الذهب 4/ 135) .
[2] في الأصل، ت: «أبا بكر الشامي» .
[3] في ت: «أبي بكر الشاشي» .

(18/66)


الغزالي، وكتب كثيرا من مصنفات الغزالي وقرأها عليه وصحبه كثيرا.
قال المصنف: ورأيته وله سمت وصمت ووقار وخشوع وروى كثيرا، وتوفي ليلة الخميس رابع ذي الحجة من هذه السنة، ودفن بمقبرة الشونيزية في تربة تلي التوثة.
4150-/ أحمد بن محمد بن المختار بن محمد بن عبد الواحد بن المؤيد باللَّه، أبو 29/ أتمام ابن أبي العز المعروف بابن الخضر، أخو أبي الفضل المختار البغدادي:
[1] خرج من بغداد للتجارة ودخل ما رواه النهر وركب البحر إلى الهند وكثر ماله وهو حريص على الزيادة وقد سمع أبا جعفر ابن المسلمة وأبا نصر الزينبي وغيرهما.
وتوفي يوم الجمعة خامس ذي القعدة من هذه السنة بنيسابور ودفن بمقبره الغرباء خلف الجامع وكان ولده نصر الله إذا سئل عن سن أبيه يقول كان له مائة وثلاث سنين.
4151- صالح بن شافع بن حاتم، أبو المعالي:
[2] صحب ابن عقيل وغيره، وسمع أبا الحسين ابن الطيوري وأبا منصور الخياط وغيرهما [3] ، وكان من المعدلين، فجرت حالة أوجبت عزله عن الشهادة.
وتوفي في رجب هذه السنة، ودفن في دكة أحمد بن حنبل على ابن عقيل.
4152- عبد الله بن الحسن بن قسامي أبو القاسم
[4] :
من أهل الحريم الطاهري، ولد سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وسمع من أبي نصر الزينبي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وثابت بن بندار، وغيرهم. وكان سماعه صحيحا، وكان صدوقا فقيها مناظرا. وتوفي يوم الجمعة سادس ذي القعدة، ودفن بباب حرب.
4153- عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ، أبو المظفر:
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 135، وتذكرة الحفاظ 1297، وفيه: «المعروف بابن الخص» ) .
[2] في ت: «صالح بن شافع بن صالح بن حاتم» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 135) .
[3] في ص، ط: «أبا منصور الخراط» .
[4] في الأصل: «ابن الحسن بن بالي» .

(18/67)


سمع الحديث من النقيب [1] وابن النظر وحمد وغيرهم وحدث بشيء يسير، وصرف عن الشهادة في أيام المسترشد لسبب جرى، ثم رد وعزل عنها في أيام المقتفي.
وتوفي في جمادى الآخرة، ودفن بباب حرب.
29/ ب
4154-/ علي بن الحسين بن محمد بن علي الزينبي، أبو القاسم الأكمل بن أبي طالب نور الهدى بن أبي الحسن نظام الحضرتين ابن نقيب النقباء أبي القاسم ابن القاضي أبي تمام.
[2] ولد في نصف ربيع الأول من سنة سبعين وأربعمائة، وسمع الحديث من أبيه أبي طالب، وعمه طراد، وأبي الخطاب بن النظر، وأبي الحسن ابن العلاف، [3] وابن بيان، وأبي عبد الله الحميدي، وغيرهم. وسمعنا منه الحديث على شيخنا أبي بكر قاضي المارستان، وأبي القاسم بن السمرقندي، وحدث، وكان للمسترشد إليه ميل فوعده النقابة فاتفق موت الدامغاني فطلب مكانه، [فناله، وكان] [4] رئيسا ما رأينا وزيرا ولا صاحب منصب أوقر منه ولا أحسن هيئة وسمتا وصمتا قل أن يسمع منه كلمة، وطالت ولايته فأحكمه الزمان وخدم الراشد وناب في الوزارة، ثم استوحش من الخليفة فخرج إلى الموصل فأسر هناك، ووصل الراشد وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلعه فقال له:
اكتب خطك بإبطال ما جرى وصحة إمامتي، فامتنع فتواعده زنكي وناله بشيء من العذاب، ثم أذن في قتله فدفع الله عنه، ثم بعث من الديوان لاستخلاصه فجيء به فبايع المقتفي ثم ناب في الوزارة لما التجأ ابن عمه علي بن طراد إلى دار السلطان، ثم ان المقتفي أعرض عنه بالكلية.
قال المصنف: وقال لي النقيب الطاهر: أنه جاء إلي فقال: يا ابن عم انظر ما يصنع معي فإن الخليفة معرض عني، فكتبت إلى المقتفي فأعاد الجواب بأنه فعل كذا وكذا فعذرته وجعلت الذنب لابن عمي، ثم جعل ابن المرخم مناظرا له وناقضا لما يبنيه
__________
[1] في ص، ط: «سمع من النقيب» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 225) .
[3] في الأصل: «وأبي الحسين ابن العلاف» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل» .

(18/68)


والتوقيعات تصدر بمراضي ابن المرخم ومسخطات الزينبي، ولم يبق إلّا الاسم/ 30/ أفمرض وتوفي سحرة الأربعاء يوم عيد النحر من هذه السنة وله ست وسبعون سنة، وصلى عليه ابن عمه طلحة بن علي نقيب النقباء ونائب الوزارة، وكان الجمع كثيرا جدا، ودفن في مشهد أبي حنيفة إلى جانب أبيه أبي طالب الزينبي، وخلف جماعة من البنين ماتوا ما أظن أحدا منهم عبر ثلاثين سنة.
قال المصنف رحمه الله: وحدثني أبو الحسن البراندسي عن بعض العدول أن رجلا رأى قاضي القضاة في المنام، فَقَالَ لَهُ: مَا فعل الله بك؟ فَقَالَ: غفر لي، ثم أنشد:
وان امرأ ينجو من النار بعد ما ... تزود من أعمالها لسعيد
قال: ثم قال لي: امض إلى أبي عبد الله يعني ابن البيضاوي القاضي، وهو ابن أخي قاضي القضاة، وأحد أوصيائه فقل له لم تضيق صدر غصن وشهية يعني سراريه، فقال الرجل: وما عرفت أسماءهن قط فمضيت، وقلت ما رأيت فقال: سبحان الله كنا البارحة في السحر نتحدث في تقليل ما ينوبهن.
4155- محمد بن علي البغدادي، أبو غالب بن أبي الحسن، يعرف بابن الداية [1] المكبر:
سمع أبا جعفر بن المسلمة. [وتوفي في المحرم] [2]
4156- المبارك بن المبارك بن زوما، أبو نصر [3] الرفاء:
ولد سنة ثمان وثمانين واربعمائة، قرأ القرآن على أبي بكر بن الدنف، وسمع الحديث من أبي طالب بن يوسف وغيره، وكان حنبليا ثم انتقل فصار شافعيا، وتفقه على شيخنا الدينَوَريّ، وتفقه على أسعد ثم على ابن الرزاز، وبرز في الفقه، ثم اخرج من المدرسة إخراجا عنيفا.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1297) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص، ط.
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 357) .

(18/69)


30/ ب وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة/، ودفن في تربة أبي إسحاق.
4157- المبارك بن كامل بن أبي غالب البغدادي، ويعرف أبوه بالخفاف، أبو بكر المفيد:
[1] ولد سنة خمس وتسعين، وأول سماعه في سنة ست وخمسمائة، وقرأ القرآن بالقراءات، وسمع أبا القاسم بن بيان، وأبا علي بن نبهان، وأبا الغنائم النرسي، وخلقا كثيرا، وما زال يسمع العالي والنازل ويتبع الأشياخ في الزوايا، ويقل السماعات، وفلو قيل أنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ لما رد القائل. وجالس الحفاظ وكتب بخطه الكثير وانتهت إليه معرفة المشايخ ومقدار ما سمعوا والإجازات لكثرة دربته في ذلك، وكان قد صحب هزارسب ومحمودا الأصبهاني وغيرهما ممن يعني بهذا الشأن فانتهى الأمر في ذلك إليه إلا أنه كان قيل التحقيق فيما ينقل من السماعات مجازفة منه لكونه يأخذ عن ذلك ثمنا، وكان فقيرا إلى ما يأخذ، وكان كثير التزوج والأولاد.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة، ودفن بالشونيزية.
__________
[1] في الأصل: «المبارك بن كامل بن أبي طالب البغدادي» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 135، وتذكرة الحفاظ 1297) .

(18/70)


ثم دخلت سنة اربع وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[تراخي الأسعار وعودة الرخص]
أن الأسعار تراخت في مستهل المحرم وعاد الرخص وكثرت الخيرات وخرج أهل السواد إلى قراهم.
ومن ذلك: أن محمود بن زنكي بن آقسنقر غزا فقتل ملك انطاكية واستولى على عسكر الإفرنج وفتح كثيرا من قلاعهم.
وفي يوم الأربعاء ثالث ربيع الآخر: استوزر أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة، ولقب عون الدين وخلع عليه.
[عودة ألبقش وقصده العراق]
وفي رجب: عاد ألبقش وجمع الجموع وقصد العراق وانضم اليه ملك شاه/ بن 31/ أمحمود وطرنطاي وعلي بن دبيس واجتمع معهم خلق كثير من التركمان فلما بقي بينهم وبين بغداد ثلاثة فراسخ بعثوا إلى الخليفة يطلبون منه الخطبة لملك شاه فلم يجبهم وقويت الأراجيف ودون الخليفة وجمع العسكر وحفرت بقية الخندق وتقدم إلى أهل الجانب الغربي بالانتقال إلى الحريم ونودي في الرصافة وأبي حنيفة أن لا يبقى أحد فنقل الناس وبعث أمير المؤمنين ابن العبادي إلى السلطان ونفذ بعده بالركابية يستحثه على المجيء ويعلمه أنهم جاءوا لأجل الخطبة وأني ما أجبتهم للعهد الذي بيني وبينك فينبغي أن تعجل المجيء فلم يبرح فبعث إليه عمه سنجر يعاتبه ويقول: قد أخربت البلاد وقتلت العباد في هوى ابن البلنكري فينبغي [1] أن تنفذ به وبوزيره والجاولي وإلا ما
__________
[1] في الأصل: «هوى ابن البازكندي فينبغي» .

(18/71)


يكون جوابك غيري فلم يلتفت إلى ذلك فرحل سنجر إلى الري وبعث إليه يقول: قد جئت إليك فلما علم بذلك سار إليه جريدة وعاد من عنده طيب القلب.
وجاء السلطان مسعود في ذي الحجة، وخرج إليه الوزير [ابن هبيرة] [1] وأرباب الدولة وجلس لهم وطيب قلوبهم فرجعوا مسرورين وكان البقش قد قبض على ابن دبيس فأطلقه فوصل ابن دبيس إلى بغداد ودخل على السلطان فرمى نفسه بين يديه فعفا عنه وخلع عليه ورضي عن الطرنطاي ولم يعلم البقش حتى دخل دار السلطنة فسلمت نفسه ولم ترد إليه ولاية.
وخرج في هذه السنة نظر الخادم بالحاج، فلما بلغ الكوفة مرض فعاد ورتب قيماز 31/ ب الأرجواني مكانه، فلما وصل إلى بغداد/ توفي بعد أيام.
وفي يوم السبت غرة ذي الحجة وقت الضحى: زلزلت الأرض زلزلة عظيمة فبقيت تموج نحوا من عشر مرات. وكانت زلزلة بحلوان تقطع منها الجبل وساخ في الأرض، وانهدم الرباط البهروزي، وهلك عالم من التركمان.
وفي هذه السنة: اشتدت بالناس علة برسامية وسرسامية عمت الخلق فكانوا إذا مرضوا لا يتكلمون ولا يطول بهم الأمر.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4158- أحمد بن الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، أبو نصر بن نظام [2] الملك.
وزر للمسترشد والسلطان محمد، وسمع الحديث ثم لزم منزله.
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
4159- أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر الأرجاني
[3] :
قاضي تستر وأرجان بلدة منها. روى عن أبي بكر بن ماجة، وله الشعر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 364) .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 364، والبداية والنهاية 12/ 226، وشذرات الذهب 4/ 137) .

(18/72)


المستحسن يتضمن المعاني الدقيقة، وورد بغداد ومدح المستظهر باللَّه. وله في قصيدة:
جعلت طليعتي طرفي سفاها [1] ... تدل على مقاتلي الخفايا
وهل يحمى حريم من عدو ... إذا ما الجيش خانته الربايا
ولي نفس إذا ما امتد شوقا ... أطار القلب من حرق شظايا
ودمع ينصر الواشين ظلما ... فيظهر من سرائري الخفايا
ومحتكم على العشاق جورا ... وأين من الدمى عدل القضايا
يريك بوجنتيه الورد غضا ... ونور الأقحوان من الثنايا
تأمل منه تحت الصدغ خالا ... لتعلم كم خبايا في الزوايا
/ خبطت نواله الممنوح حتى ... أثرت به على نفسي البلايا 32/ أ
يؤرق مقلتي وجدا وشوقا ... فأقلق مهجتي هجرا ونايا
وهذه الأبيات من قصيدة قالها الأرجاني على وزن قصيدة لابن ون العماني وهي:
نقود عهودها عادت نسايا ... وعاد وصالها المنزور وايا
إذا أنشدت في التعريض بيتا ... تلت من سورة الإعراض آيا
ورب قطيعة جلبت وصالا ... وكم في الحب من نكت خفايا
شكت وجدي إلي فآنستني ... وبعض الأنس في بعض الشكايا
فلا ملت معاتبتي فإني ... أعد عتابها إحدى العطايا
وليلة أقبلت في القصر سكري ... تهادى بين أتراب خفايا
ثنينا السوء عن ذاك التثني ... وأثنينا على تلك الثنايا
وله من قصيدة:
ولما بلوت الناس أطلب منهم ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد
تطمعت في حالي رخاء وشدة ... وناديت في الإحياء هل من مساعد
فلم أر فيما ساءني غير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد
__________
[1] في الأصل: «شفاها» .

(18/73)


تمتعتما يا ناظري بنظرة ... وأوردتما قلبي أمر الموارد
أعيني كفا عن فؤادي فإنه ... من البغي سعى اثنين في قتل واحد
وله أيضًا [1] :
حيث انتهيت من الهجران لي فقف ... ومن وراء دمي بيض الظبا فجف
يا عابثا بعدات الوصل يخلفها ... حتى إذا جاء ميعاد الفراق يفي
يستوصفون لساني عن محبتهم [2] ... وأنت أصدق يا دمعي لهم فصف
ليست دموعي لنار الشوق مطفئة ... وكيف والماء باد والحريق خفي
32/ ب/ لم أنس يوم رحيل الحي موقفنا ... والعيس تطلع أولاها على شرف
والعين من لفتة الغيران ما حظيت ... والدمع من رقبة الواشين لم يكف
وفي الحدوج الغوادي كل آنسة ... إن ينكشف سجفها للشمس تنكسف
في ذمة الله ذاك الركب أنهم ... ساروا وفيهم حياة المغرم الدنف
فإن أعش بعدهم فردا فيا عجبا ... وإن أمت هكذا وجدا فيا أسفي
توفي القاضي أبو بكر بتستر في هذه السنة.
4160- عبد الله بن عبد الباقي بن التبان، أبو بكر [3] الفقيه:
كان من أهل القرآن، سمع من أبي الحسين ابن الطيوري، وتفقه على ابن عقيل، وناظر وأفتى ودرس، وكان أميا لا يكتب.
وتوفي في شوال عن تسعين سنة، ودفن بباب حرب.
4161- عبد الغني [بن محمد] [4] بن سعد بن محمد، أبو البركات الحنبلي
[5] :
سمع أبا الغنائم ابن النرسي، وابن نبهان، وابن عقيل وغيرهم ولم يزل يسمع
__________
[1] في الأصل: «وله» . وفي المطبوعة: «وله يمدح سعد الملك» .
[2] في الأصل: «عن صحبتهم» .
[3] في الأصل، ت: «بن عبد الباقي بن البيان» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 139) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في ت: «عبد الغني بن محمد بن سعد، أبو محمد بن أبي البركات الحنبلي» .

(18/74)


معنا إلى أن مات وكان قارئا مجودا حسن التلاوة وشهد عند أبي القاسم الزينبي.
وتوفي في زمان كهولته يوم الأربعاء ثالث عشر شوال ودفن بباب حرب.
4162- عيسى بن هبة الله بن عيسى، أبو عبد الله النقاش
[1] :
ولد سنة سبع وخمسين واربعمائة وكان بغداديا ظريفا مؤانسا لطيفا خفيف الروح كثير النوادر رقيق الشعر قد رأى الناس وعاشر الظراف، وسمع أبا القاسم ابن البسري، وأبا الحسين [2] علي بن محمد الأنباري الخطيب، وغيرهما، وكان يحضر مجلسي كثيرا ويكاتبني وكتبت إليه يوما رقعة خاطبته فيها بنوع احترام فكتب إلي:
قد زدتني في الخطاب حتى ... خشيت نقصا من الزياده
فاجعل خطابي خطاب مثلي ... ولا تغير على عاده
وله [أيضًا] [3] :
يا من تبدل بي وأمكنه ... ما لي وحقك عنك من بدل
/ إن كنت حلت فإنني رجل ... عن عهد ودك قط لم أحل 33/ أ
لهفي على طمع أصبت به ... في عنفوان شبيبة [4] الأمل
ومن شعره أيضا [5] :
إذا وجد الشيخ في نفسه ... نشاطا فذلك موت خفي
ألست ترى [6] أن ضوء السراج ... له لهب قبل أن ينطفي
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن عند مقبرة باب حرب [7] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 364، والبداية والنهاية 12/ 227) .
[2] في الأصل: «وأبا الحسين» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «في عنفوان شبيبتي الأمل» .
[5] في الأصل: «وله» .
[6] في الأصل: «ألا ترى» .
[7] «توفي في جمادى ... باب حرب» : العبارة ساقطة من ص، ط.

(18/75)


4163- نظر بن عبد الله الجيوشي، أبو الحسن [1] الخادم:
سمع الحديث من أبي الخطاب بن النظر وغيره بإفادة مؤدبه شيخنا أبي الحسن ابن الزاغوني، وحج سبعا وعشرين حجة كان في نيف وعشرين منها أميرا، قال المصنف: فحججت معه سنة إحدى وأربعين ومعي شيء من سماعه فأردت أن أقرأه عليه فرأيت ما يأخذ به الناس من الطرح على الحمالين والظلم، فلم أكلمه، وخرج بالناس إلى الحج في سنة أربع وأربعين مريضا، فلما وصل إلى الكوفة زاد مرضه فسلمهم إلى قيماز ورجع إلى بغداد.
فتوفي ليلة الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة ودفن بالترب في الرصافة.
وفي تلك السنة طمع العرب في الحاج فأخذوهم بين مكة والمدينة على ما نذكره في الحوادث.
__________
[1] في ت: «عبد الملك بن عبد الله الجيوشي» .

(18/76)


ثم دخلت سنة خمس وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[جلوس يوسف الدمشقيّ مدرسا في النظامية]
أنه في المحرم جلس يوسف الدمشقي مدرسا في النظامية من جانب الأعاجم وألقي الدرس واجتمع له الفقهاء والخلق الكثير ولم يكن ذلك عن إذن الخليفة وكان ميل الخليفة إلى ابن النظام فلما كان يوم الجمعة منع يوسف من/ الدخول إلى الجامع والى 33/ ب دار الخلافة وضربت جماعة من أصحابه بالخشب وصلى الجمعة في جامع السلطان ولم يعد الى المدرسة والزم بيته.
[جلوس أبي النجيب للتدريس في النظامية]
وفي يوم السبت سابع عشرين المحرم: جلس أبو النجيب للتدريس في النظامية يتقدم السلطان مسعود، فإنه مضى إلى مدرسته، وصلى وراءه الصبح [1] وتقدم إليه بالتدريس في النظامية، فقال له: أريد إذن الخليفة، فاستخرج له إذن الخليفة.
[زيادة دجلة]
وزادت دجلة فبلغ الماء إلى باب المدرسة، ومنع الجواز من طريق الرباط ودخلت السفن الرقة [2] .
وقد ذكرنا أن الخادم نظرا لما حج خرج بالحاج مريضا فعاد وسلمهم إلى قيماز، فلما وصلوا إلى مكة طمع أمير مكة في الحاج واستزرى بقيماز فطمعت العرب ووقفت في الطريق وبعثوا يطلبون رسومهم، فقال قيماز للحاج: المصلحة ان تعطوهم
__________
[1] في ص، ط: «في النظامية وتقدم إليه بالتدريس» : بإسقاط ما بينها.
[2] في ص، ط: «ودخلت السفن الأزقة» .

(18/77)


ونستكفي شرهم، فامتنع الحاج من ذلك فقال لهم: فإذا لم تفعلوا فلا تزوروا السنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغاثوا عليه، وقالوا: نمضي إلى سنجر فنشكو منك، وكانوا قد وصلوا إلى الغرابي فخرجت عليهم العرب بعد العصر يوم السبت رابع عشر المحرم فقاتلوهم، فكثرت العرب فأخذوا من الثياب والأموال والأجمال والأحمال ما لا يحصى، وأخذوا من الدنانير ألوفا كثيرة، فتحدث جماعة من التجار أنه أخذ من هذا عشرة آلاف، ومن هذا عشرون ألفًا، ومن هذا ثلاثون ألفا، وأخذ من خاتون أخت مسعود ما قيمته مائة ألف دينار، وتقطع الناس وهربوا على أقدامهم يمشون في البرية فماتوا من الجوع 34/ أوالعطش والعري، وقيل: إن النساء طين أجسامهن بالطين لستر العورة [1] ، / وما وصل قيماز إلى المدينة إلا في نفر قليل.
وجاء في هذه السنة باليمن مطر كله دم حتى صارت الأرض مرشوشة بالدم وبقي أثره بثياب الناس.
ومرض ابن البلنكري وهو خاص السلطان مسعود، فلما عوفي أسقط المكوس، وكان المكاس ببغداد يلقب مختص الحضرة، وكان يبالغ في أذى الناس، وأخذ أموالهم، ويقول: أنا قد فرشت حصيرا في جهنم، فمرض ومات في ربيع الآخر من هذه السنة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4164- إِسْمَاعِيل بن محمد بن عبد الوهاب بن الحسن أبو الفتح القزاز، ويعرف بابن زريق
[2] :
سمع من ثابت، وابن العلاف، وغيرهما.
وتوفي يوم الأربعاء النصف من ربيع الأول، ودفن بباب حرب.
4165- الحسن بن ذي النون بن أبي القاسم بن أبي الحسن الشغري، أبو المفاخر بن أبي بكر
[3] :
__________
[1] في الأصل، ص، ط: «أن النساء ظنوا أن أجساد هذه الطير تستر العورة» . وما أوردناه من ت.
[2] في ص: «أبو القزاز» .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 368، والبداية والنهاية 12/ 228) .

(18/78)


من أهل نيسابور، سمع الحديث من أبي بكر الشيروي وغيره، وكان فقيها أديبا دائم التشاغل بالعلم لا يكاد يفتر وكان يقول: إذا لم تعد الشيء خمسين مرة لم يستقر، ورد بغداد وأقام بها مدة يعظ في جامع القصر وغيره وأظهر السنة وذم الأشاعرة وبالغ، وقد ذكرت في الحوادث ما جرى له، وكان هو السبب في إخراج أبي الفتوح الأسفراييني من بغداد ومال إليه الحنابلة لما فعل.
وحدثني أبو الحسن البراندسي أنه خلا به فصرح له بخلق القرآن وبان بأنه كان يميل إلى رأي المعتزلة بعد/ أن كان يظهر ذمهم ثم فتر سوقه، وخرج من بغداد 34/ ب فتوفي بقرية ايذاجرد في جمادى الأولى من هذه السنة [1] .
أنشدنا الحسن بن أبي بكر النيسابوري:
أهوى عليا وإيمان محبته ... كم مشرك دمه من سيفه وكفا
إن كنت ويحك لم تسمع مناقبه ... فاسمع مناقبه من هل أتى وكفا
وأنشدنا أيضًا:
مات الكرام ومروا وانقضوا ومضوا ... ومات من بعدهم تلك الكرامات
وخلفوني في قوم ذوي سفه ... لو أبصروا طيف ضيف في الكرى ماتوا
4166- صافي بن عبد الله أبو سعيد الجمالي، عتيق أبي عبد الله بن جردة
[2] :
سمع أبا علي ابن البناء وقرأ عليه القرآن وقرأت عليه الحديث بحق سماعه من أبي علي البناء، وكان شيخًا مليح الشيبة ملازمًا للصلوات في جماعة، وكان شيخنا أبو الفضل ابن ناصر يقول: إن صافي كان غلاما آخر لابن جردة فأخبر بذلك، فحضر يوما في دار شيخنا أبي منصور الجواليقيّ وكنت حاضر أو كنا يومئذ نسمع غريب الحديث لأبي عبيد على الأشياخ أبي منصور وأبي الفضل وسعد الخير، فقال لشيخنا أبي الفضل: سمعتك إنك تقول إن هذه الأجزاء ليست سماعي وأنه كان لسيدي غلام آخر اسمه صافي وما كان هذا قط وأنا أذكر أبا علي ابن البناء، وقد قرأت عليه ولست ممن
__________
[1] في الأصل: «في جمادى الآخرة من هذه السنة» .
[2] في ت: «صافي، قال: أبو الفضل بن ناصر: ان صافي كان غلاما» .

(18/79)


35/ أيشتهي الرواية مشغوف بها فادعى سماع ما لم أسمع؟ فبان/ للجماعة صدقه، واعتذر إليه أبو الفضل بن ناصر، ورجع عما كان يقوله.
توفي صافي في ربيع الأول من هذه السنة، [ودفن بمقبرة باب حرب] [1] .
4167- عبد الملك بن أبي نضر بن عمر، أبو المعالي [2] الجيلي:
من [أهل] [3] جيلان، تفقه على أسعد الميهني، وسمع الحديث، وكان فقيها صالحا دينا خيرا عاملا بعلمه، كثير التعبد، ليس له بيت يسكنه يبيت [في] [3] أي مكان اتفق، كان يأوي في المساجد في الخرابات التي على شاطئ دجلة. حج في هذه [السنة] [4] فأغارت العرب على الحاج فانصرف.
وأقام بفيد، فتوفي بها في هذه السنة، وكان جماعة الفيديين يثنون عليه ويصفونه بالتورع والزهد.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 228، وشذرات الذهب 4/ 140) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/80)


ثم دخلت سنة ست وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه انفجر بثق النهروانات بتوفر الزيادة في تأمرا.
وفي جمادى الآخرة: قطعت يد رجل متفقه يقال له شجاع الدين كان يتخادم للفقهاء والوعاظ ظهرت عليه عملات فقطع.
وفي رمضان: دخل السلطان مسعود إلى بغداد فمضى إليه الوزير ابن هبيرة وأرباب الدولة فأكرمهم فعادوا شاكرين.
وسأل ابن العبادي أن يجلس في جامع المنصور فقيل له: لا تفعل فإن أهل الجانب الغربي لا يمكنون إلا الحنابلة فلم يقبل فضمن له نقيب النقباء واستاذ الدار وخلق كثير [1] الحماية، فجلس يوم الجمعة خامس ذي الحجة في الرواق وحضر النقيبان وأستاذ الدار وخلق كثير، فلما شرع في الكلام أخذته الصيحات من الجوانب ونفر الناس وضربوا/ بالآجر فتفرق الناس منهزمين كل قوم يطلبون جهة، وأخذت 35/ ب عمائم الناس وفوطهم وجذبت السيوف حوله وتجلد وثبت وسكن الناس وتكلم ساعة ونزل وأرباب الدولة يحفظونه حتى انحدر وقد طار لبه.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4168- أحمد بن محمد ابن أحمد بن الحسن المذاري، أبو المعالي بن أبي طاهر
[2] :
__________
[1] في ص، ط: «نقيب النقباء الحماية» .
[2] في ت: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن المذاري» .

(18/81)


ولد سنة اثنتين وستين وسمع أبا القاسم ابن البسري وأبا علي ابن البناء وغيرهما، وكان سماعه صحيحا، وقرأت عليه كثيرا من حديثه، وسئل عن نسبه إلى المذار، فقال: كان أبي سافر إليها وأقام بها مدة ثم رجع فقيل المذاري، ومذار قرية [تحت البصرة قريبة] [1] من عبادان.
توفي عشية الأربعاء الثامن والعشرين من جمادى هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب.
4169- الحسن بن محمد بن الحسين، أبو علي الراذاني:
[2] ولد بأوانا وسكن بغداد، وسمع الحديث من أبي الحسين ابن الطيوري وغيره وكان يسمع معنا على ابن ناصر إلى أن مات، وتفقه على أبي سعد المخرمي ووعظ مدة.
وتوفي فجأه، وكان قد تزوج امرأة أبي المعالي المكي، وعزم تلك الليلة ان يدخل بها فدخل إلى بيته ليتوضأ لصلاة الظهر فقاء فمات، وذلك في يوم الأربعاء رابع صفر هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب إلى جانب ابن سمعون.
4170- علي بن دبيس:
[3] توفي في هذه السنة عن قولنج أصابه، فاتهم طبيبه محمد بن صالح بانه يظن في أمره فمات الطبيب عن قريب.
4171- عبد الرحمن بن محمد بن علي، أبو محمد الحلواني
[4] :
36/ أتفقه وناظر وكان يتجر في الخل ويقنع به ولا يقبل من/ أحد شيئا.
توفي في ربيع الأول [5] من هذه السنة ودفن في داره بالمأمونية.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 143) .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 368) .
[4] جاءت هذه الترجمة في ت قبل ترجمة علي بن دبيس.
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 144) .
[5] في ت: «توفي في ربيع الآخر» .

(18/82)


ثم دخلت سنة سبع وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في تاسع المحرم باض ديك لرجل يعرف بابن عامر بيضة، وباض بازي لعلي بن حماد بيضتين، وباضت نعامة لا ذكر معها بيضة، ذكر ذلك أبو العباس الماندائي القاضي.
[وفاة يعقوب الخطاط برباط بهروز]
و [في هذه السنة] [1] من الحوادث: أن يعقوب الخطاط توفي برباط بهروز وكانت له غرفة في النظامية، فحضر الذي ينوب في التركات وختموا على غرفته في المدرسة فخاصمهم الفقهاء وضربوهم وأخذوا التركة، وهذه عادتهم في الحشريين، فمضوا شاكين فقبض حاجب الباب على رجلين من الفقهاء وعاقبهم بباب النوبي وحملهما [حمل] [2] اللصوص، فأغلق الفقهاء المدرسة وأخرجوا كرسي الوعاظ فرموه وسط الطريق، فلما كانت عشية تلك الليلة صعد الفقهاء سطح المدرسة واستغاثوا وأساءوا الأدب في استغاثتهم وكان المدرس أبو النجيب يومئذ فجاء فرمى نفسه تحت التاج في اليوم الثاني واعتذر وكشف رأسه، فقيل له: قد عفي عنك فامض إلى بيتك والزم زاويتك، وهرب الفقهاء إلى دار الملك وتبعهم فبقوا أياما فبعث شحنة بغداد وهو المسمى بمسعود بلال مع أبي النجيب وجمع أصحابه فرجع هو والفقهاء إلى المدرسة بغير إذن أمير المؤمنين فجلس ودرس ووعظ وتكلم بالكلمات بالعجمية لا يعرفها إلّا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص. وفي المطبوعة «وحملها إلى حبس اللصوص» .

(18/83)


أعجمي، فلما كان يوم الخميس سابع رجب وصلت الاخبار بموت السلطان مسعود، 36/ ب وأنه/ مات بباب همذان فعقد العسكر السلطنة لملكشاه بن محمد فقام بأمره خاصبك ثم ان خاصبك قبض على ملك شاه وخاطب أخاه محمدا وهو بخوزستان، فلما وصل إلى همذان سلم السلطنة إليه وكانت مكاتبته حيلة ليحصله فعلم فقتل خاصبك ولما ورد موت السلطان اختلط الناس وهرب مسعود الشحنة إلى تكريت فظفروا بخيله [وبعض سلاحه] [1] ونادى الخليفة أنه من تخلف من الجند ولم يحضر الديوان ليكتب اسمه [2] ويجري على عادته في إقطاعه أبيح دمه وماله، وقعد الوزير للعزاء في بيت النوبة، ونفد استاد الدار يومئذ ومعه من ينقض فنقضوا دار تتر التي على المسناة وتقدم إلى ابن النظام أن يمضي إلى المدرسة ليدرس بها فمضى في موكب، وقبض على أبي النجيب وحمل إلى الديوان وأهين وحبس، وقبض على الحيص بيص الشاعر، وأخذ من بيته حافيا ماشيا مهانا وحمل إلى حبس اللصوص وقصد من كان له تعلق بالعسكر ثم أخرج أبو النجيب إلى باب النوبي فأقيم على الدكة الظاهرة بين اثنين وكشف رأسه وضرب بالدرة خمس مرات تولى ذلك غلام الحسبة بتقدم وأعيد إلى حبس الجرائم وذلك في آخر رجب.
[أخذ البديع صاحب أبي النجيب]
في يوم السبت: أخذ البديع صاحب أبي النجيب وكان متصوفا يعظ الناس، فحمل إلى الديوان وأخذ من عنده ألواح من طين فيها [قبل وعليها مكتوب] [3] أسماء الأئمة الاثنا عشر، فاتهموه بالرفض، فشهر بباب النوبي وكشف رأسه وأدب والزم بيته.
وكان مهلهل قد ضمن الحلة في كل سنة بتسعين ألف دينار فأقبل السلاركرد إلى الحلة فهرب مهلهل إلى مشهد علي عليه السلام فكتب سلاركرد إلى مسعود الشحنة 37/ أوهو في تكريت فلحق به فلما اجتمعا قبض مسعود على سلار فغرقه فجهز/ أمير المؤمنين العساكر وكانوا ثلاثة آلاف ومن تبعهم فعبروا وضربوا تحت الرقة في تاسع عشر شعبان وقدم كرساوج [4] من همذان فتلقى بالموكب وخلع عليه واعطي الشحنكية وخرج
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص: «الديوان ليدون ويجري على» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «وقدم كرشارح» .

(18/84)


الوزير ابن هبيرة في سابع عشرين شعبان فسار معه العسكر إلى الحلة فسبقت مقدمته فانهزم الشحنة فعادوا يبشرون الوزير وقد كان تهيأ للقتال فعاد الوزير وبلغ أمير المؤمنين تخبيط بواسط فأخرج سرادقه فضربه تحت الرقة واخرج الكوسات وكانت أحدا وعشرين حملا وبعددها الأعلام.
وخرج يوم الاثنين الحادي والعشرين من شوال على ساعتين من النهار في سفينة وولي العهد في سفينة والوزير في سفينة والخدم في سفن ولم يتمكن أحد من العوام أن يركب في سفينة فوقف الناس ينظرون من جانبي دجلة ووقف الناس وصعد من السفينة وأرباب الدولة بين يديه فظهر للناس ظهورا بينا وأشار إلى أصحابه أن لا يضربوا أحدا بمقرعة فركب وولى العهد وسارا والناس متسابقين بين أيديهما [1] حتى نزلا السرادق، ثم رحل إلى أن نزل بواسط فهرب أولاد الطرنطاي [وأعاد] [2] خطلبرس إلى الشحنكية بواسط، ثم مضى إلى الحلة والكوفة وعاد إلى بغداد في ذي القعدة فنزل بدار يرنقش التي على الصراة، ثم دخل إلى داره وعلقت بغداد سبعة أيام.
[الخطبة لولي العهد غرة ذي الحجة]
ثم خطب لولي العهد يوم الجمعة غرة ذي الحجة من هذه السنة فعاد التعليق، وعلقت القباب فعمل الذهبيون قبة على باب الخان العتيق عليها صورة مسعود وخاصبك وعباس وغيرهم من الأمراء/ بحركات تدور وعلق ابن المرخم قبة فيها خيل تدور 37/ ب وعليها فرسان بحركات وعلقت بنت قاورت بباب درب المطبخ قبة فيها صورة السلطان وعلى رأسه شمسة وعلق ترشك قبة على سطح داره على تماثيل صور أتراك يرمون بالنشاب وعلق ابن مكي الأحدب قبة عليها جماعة من الحدب وعلق جعفر الرقاص بباب الغربة قبة عليها مشاهرات فاكهة أترج ونارنج ورمان وثياب ديباج وغير ذلك وأقام السودان الكلالة فوق القبة يغنون ويرقصون وعمل أهل باب الأزج حذاء المنظرة اربعة أرحيّ تدور وتطحن الدقيق لا يدري كيف دورانها وعمل الملاحون سميرية تسير على عجل وانطلق الناس في اللعب وبقي التعليق إلى يوم العيد.
__________
[1] في ص: «والناس مشاة بين أيديهما» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/85)


ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4172- سلاركرد:
[1] أمير كبير قد ذكرنا كيف هلك.
4173- محمد بن إِسْمَاعِيل بن أحمد بن عبد الملك، أبو عبد الله بن أبي سعد بن أبي صالح المؤذن
[2] :
ولد بنيسابور في سنة ثمانين وهو من بيت العلم والحديث، وسمع الحديث الكثير، وقدم إلى بغداد [رسولا من صاحب كرمان في سنة ست، وقدم] [3] رسولا إلى السلطان في سنة أربع وأربعين.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة بكرمان.
38/ أ
4174- محمد بن عمر بن يوسف الارموي، أبو الفضل بن/ أبي حفص
[4] .
من أهل أرمية، ولد سنة تسع وخمسين وسمع من أبي جعفر ابن المسلمة وأبي الغنائم ابن المأمون وأبي الحسين ابن المهتدي وأبي بكر الخياط وأبي نصر الزينبي وابن النقور وأبي القاسم ابن البسري وغيرهم وروى لنا عنهم وسمعت منه بقراءة شيخنا ابن ناصر وقرأت عليه كثيرا من حديثه وكان سماعه صحيحا وكان فقيها على مذهب الشافعي رضي الله عنه تفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وكان ثقة دينا كثير التلاوة للقرآن، وكان شاهدا فعزل.
وتوفي في [رجب] [5] هذه السنة، ودفن مقابل [التاجية] باب أبرز.
4175- محمد بن محمد بن محمد، أبو بكر الخلمي:
[6] من أهل بلخ ولد سنة خمس وسبعين، وسمع الحديث الكثير، وكان اماما مفتيا
__________
[1] راجع حوادث هذه السنة.
[2] في ت: «أبو عبد الله بن أبي سعيد» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «أبو الفضل بن ملك شاه بن محمود بن محمد ... وبعدها كلام غير مقروء» .
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 383، وشذرات الذهب 4/ 145) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (الأنساب 5/ 165) .

(18/86)


مناظرا حسن الأخلاق متقدما على أصحاب أبي حنيفة، وأملي بجامع بلخ.
وتوفي بها في [شعبان] [1] هذه السنة ودفن في داره.
4176- محمد بن منصور بن إبراهيم، أبو بكر القصري:
سمع من ثابت بن بندار وأبي طاهر بن سوار وغيرهما وحدث بشيء يسير [2] وقرأ القرآن بالقراءات وأقرأ وكان حافظا مجودا خيرا، وكان يطالع تفسير النقاش، ويذكر منه، رأيت له دكة على هيئة المنبر [من آجر] [3] بجامع المنصور يجلس عليها بعد الجمعة فيسأل عن آيات فيفسرها، وكانت له شيبة طويلة تعبر سرته.
وتوفي في ليلة الجمعة سابع شعبان، ودفن بمقبرة باب حرب.
4177- محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب الكرماني، أبو عبد الله بن الوزير أبي المعالي:
[4] سمع ثابتا، وأبا غالب البقال، وابن نبهان، وابن ثابت وغيرهم. وحدث ببعض مسموعاته، / وكان ظاهر الكياسة حسن الأخلاق. 38/ ب وتوفي ليلة الجمعة رابع عشرين المحرم، ودفن في مقابر قريش [بالحضرة] [5] .
4178- المظفر بن أردشير، أبو منصور [6] العبادي:
ولد سنة احدى وتسعين واربعمائة، وسمع من أبي بكر الشيروي وزاهر الشحامي وغيرهما ودخل بغداد فأملى الحديث ووعظ بالجامع والنظامية وكانت له فصاحة وحسن عبارة وكان يوما جالسا في جامع القصر فوقع المطر فلجأ الجماعة إلى ظل العقود والجدران فقال لا تفرقوا من رشاش ماء رحمة، قطر عن متن سحاب نعمة ولكن فروا من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ت: وحدث بيسير» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ت: «ابن محمد بن علي بن أبي طالب» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 371، والبداية والنهاية 12/ 230) .

(18/87)


شرار نار اقتدح من زناد الغضب، ثم قال: ما لكم لا تعجبون ما لكم لا تطربون. فقال له قائل: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً 27: 88 [1] ، الآية، فقال: التماسك عن المرح عند تملك الفرح قدح في القدس، فقام شاعر يمدحه فأجلس فقال الشاعر: قد كان حسان يبسطه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال الشيخ: كان حسان شاعرا ولم يكن مستبيحا عرضا، ولا مستمنحا عرضا، وكان مثل هذا الكلام المستحسن يبدر في كلامه، وإنما كان الغالب على كلامه ما ليس تحته طائل ولا كثير معنى، وكتب ما قاله في مدة جلوسه، فكان مجلدات كثيرة فترى المجلد من أوله إلى آخره ليس فيه خمس كلمات كما ينبغي ولا معنى له، وكان يترسل بين السلطان والخليفة فتقدم إليه أن يصلح بين ملك شاه بن محمود بن محمد وبين بدر الحويزي فمضى فأصلح بينهما وحصل له [منهما] [2] مال.
فأدركه أجله في تلك البلدة، فجاء الخبر بأنه مات يوم الاثنين سلخ ربيع الآخر من هذه السنة بعسكر مكرم، ثم حمل إلى بغداد فدفن في دكة الجنيد بالشونيزية، وكان جامعا للمال فلم يحظ به بل كان له ولد فتوفي بعده بأشهر، وعاد المال إلى السلطان، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر.
39/ أ
4179-/ المبارك بن هبة الله بن سلمان، أبو المعالي الصباغ، يعرف بابن [3] سكرة.
سمع الحديث الكثير، وكان يبيع البقالة، ثم تركها ووعظ.
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة [ودفن في داره] [4] في المقتدية.
4180- مسعود السلطان ابن محمد بن ملك شاه
[5] .
جرت له أحوال عجيبة قد ذكرناها في حوادث السنين، وآل الأمر إلى أن خرج المسترشد باللَّه إلى محاربته فأسر المسترشد ورأى مسعود من التمكين ما لم يره أبناء جنسه وقدم فبايع المقتفي لأمر الله وتحكم، وكتب له شيخنا أبو بكر بن عبد الباقي جزءا
__________
[1] سورة: النمل، الآية: 88.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ت: «المعروف بابن سكرة» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 373، والبداية والنهاية 12/ 229، وشذرات الذهب 4/ 145) .

(18/88)


من حديثه فسمعه عليه، فكان أقوام يسمعون على السلطان عن شيخنا.
توفي يوم الأربعاء سلخ جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن نصف الليل، وفي صبيحة الخميس ولي مكانه ملك شاه وأذعن له الأمراء وزم الأمور ابن البلنكري.
4181- يعقوب الخطاط:
[1] كان غاية في حسن الخط وجودته، فتوفي في جمادى الآخرة برباط بهروز.
__________
[1] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 382، والبداية والنهاية 12/ 230) .

(18/89)


ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه وصل الخبر في محرم ان سنجر كسرته الغز واستولوا على عسكره وملكوا بلخ.
[نفاذ ترشك المقتفوي في خمسمائة فارس]
وفيها: نفذ ترشك المقتفوي في خمسمائة فارس وفيهم قسيم الدولة ونجاح الخادم لحصار قلعة تكريت، ثم نفذ أبو البدر ظفر الوزير ابن عون الدين الوزير فجرى بينه وبين ترشك نفور في الرتبة وأراد أن يكون ترشك بحكمه وتحت أمره فلم يفعل فبعث ابن الوزير يشكو منه فقيل إنهم قالوا له اقبض عليه فأحس وقيل بل نفذوا إليه ان يقال 39/ ب وكان قد جرى بينه وبين أستاذ الدار خصومة فكبسوا/ بيته وأهانوه وحبسوه أشهرا فخشي أن يفعل به كذلك فكاتب صاحب القلعة وهو مسعود بلال الشحنة أني أريد أن أقبض على الذين معي وأسلمهم إليك فقال له إذا فعلت ذلك فعلت معك ما تشكرني عليه فقال للمعسكر اركبوا وخلا بابن الوزير ونجاح ويرنقش فقبض عليهم وسلمهم إلى صاحب القلعة وأخذ سلاحهم وخيلهم وكان قد نفذ الوزير خمسين حملا عليها إقامة فوصلت يوم القبض فأخذها فخلع صاحب القلعة عليه الخلعة التي نفذها له السلطان وأعطاه فرسا ومركب ذهب وطوق ذهب وأضاف إليه عسكرا وأمره وانضاف إليه تركمان وخرج معه مسعود بلال فقصد طريق خراسان ونهبوا وخرج المقتفي لدفعهما فهربا من بين يديه وأتم المقتفي إلى تكريت فشاهدها وأقام عليها يوما ثم انصرف ثم برز السرادق للانحدار إلى واسط لدفع ملك شاه عنها فانهزم ملك شاه من واسط قاصدا خوزستان ووصل الخليفة

(18/90)


إلى ظاهر واسط فأقام أياما ثم رجع إلى بغداد. وفي عبور الخليفة من الجانب الغربي إلى داره سلم الوزير من الغرق لأن السفينة التي كان فيها انقطعت نصفين وغاصوا في الماء إلى حلوقهم واستنقذهم الملاحون فأعطى الوزير الملاح الذي استنقذه ثيابه ووقع له بمال.
وفي شوال: أخذت البصرة وانهزم من كان بها من أصحاب ملك شاه.
وفي سابع عشرين منه: دخل سبع بالليل دروب واسط واجتاز على الدار التي يسكنها صاحب البطيحة ومضى الى بستان فقتله الرجالة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4182-/ أحمد بن أبي غالب الوراق، أبو العباس المعروف بابن [1] الطلاية.
40/ أولد بعد الستين وأربعمائة وقرأ القرآن، وسمع شيئا قريبا من الحديث، واشتغل بالتعبد، وكان ملازما للمسجد يتعبد فيه [2] ليلا ونهارا، وكان قد انطوى من التعبد حتى كان إذا قام فرأسه عند ركبته.
وتوفي يوم الاثنين حادي عشرين رمضان من هذه السنة، ودفن إلى جانب أبي الحسين ابن سمعون بمقبرة باب حرب.
4183- خاصبك التركماني
[3] :
صبي من التركمان نفق على السلطان مسعود فقدمه على جميع الأمراء وصار له من المال ما لا يحصى، فلما مات مسعود خطب لملكشاه ثم قال له: إني أريد أن اقبض عليك وأنفذ إلى أخيك محمد فأخبره بذلك ليأتي فأسلمه إليك وتكون أنت السلطان فقال: أفعل فقبض عليه ونفذ إلى محمد إلى خوزستان بأنني قد قبضت على أخيك فتعال حتى أخطب لك وأسلم إليك السلطنة فعرف محمد خبيئته فجاء إلى همذان فجاء الناس يخاطبونه في أشياء فقال: ما لكم معي كلام وانما خطابكم مع خاصبك
__________
[1] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 393، وشذرات الذهب 4/ 145، وتذكرة الحفاظ 1313) .
[2] «للمسجد يتعبد فيه» : ساقطة من ص، ط.
[3] في ت: «خاصبك» .

(18/91)


ومهما أشار به فهو الوالد والصاحب والكل تحت أمره فوصل هذا الكلام إلى خاصبك فسكن بعض السكون ثم التقيا فخدمه خاصبك وحمل إليه حملا كثيرا من خيل ومال فأخذ المال، وقتل خاصبك ووجد له تركة عظيمة في جملتها سبعون ألف ثوب أطلس و [كان ذلك في هذه السنة] [1] وقتل مع خاصبك زنكي الخازندار.
4184- عبد الله بن عيسى بن عبد الله بن أحمد بن حبيب، أبو محمد الأندلسي:
ولد ببلاد الأندلس وهو من بيت العلم والوزارة [2] وصرف عمره في طلب العلم وولي القضاء بالأندلس مدة ثم دخل مصر والإسكندرية وجاور بمكة، ثم قدم العراق فأقام ببغداد مدة ثم وافي خراسان فأقام بنيسابور وبلخ، وكان غزير العلم في الحديث والفقه والأدب.
وتوفي بهراة في شعبان هذه السنة.
40/ ب
4185- عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو الفرج/ بن أبي الحسين بن أبي بكر بن أبي القاسم
[3] .
ولد سنة أربع وستين، وسمع أبا نصر الزينبي، وطرادا، وعاصما وابن النظر، وغيرهم. وكان من المكثرين سماعا وكتابة، وله فهم وضبط ومعرفة بالنقل، وهو من بيت النقل قرأت عليه كثيرًا من حديثه.
وتوفي يوم الاثنين ثالث عشر المحرم ودفن بمقابر الشهداء من باب حرب.
4186- عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل، أبو الفتح بن أبي القاسم الكروخي
[4] :
وكروخ بلدة على عشرة فراسخ من هراة ولد في ربيع الأول سنة اثنتين وستين واربعمائة بهراة، وسمع من جماعة، وورد إلى بغداد فسمعنا منه جامع الترمذي، ومناقب أحمد بن حنبل، وغير ذلك، وكان خيرا صالحا صدوقا مقبلا على نفسه،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] «والوزارة» : ساقطة من ت.
[3] في الأصل، ت: «أبو الفرج بن أبي الحسن» .
وانظر ترجمته في (شذرات الذهب 4/ 184 وتذكرة الحفاظ 1313) .
[4] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 393، وشذرات الذهب 4/ 148، وتذكرة الحفاظ 1313) .

(18/92)


ومرض ببغداد، فبعث إليه بعض من يسمع عليه شيئا من الذهب، فقال: بعد السبعين واقتراب الاجل آخذ عَلَى حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم شيئا؟ فرده إليه مع حاجته.
وكان يكتب نسخا بجامع الترمذي ويبيعها فيتقوت بها، وكتب به نسخة فوقفها وخرج إلى مكة فجاور بها.
وتوفي بها في ذي الحجة من هذه السنة بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام.
4187- الفضل بن سهل الحلبي، وكان يلقب [1] بالأثير:
سمع الحديث، وكان قد قرئ عليه كثير من تصانيف الخطيب بإجازته عنه، وكانوا يتهمونه بالكذب، فحكى شيخ الشيوخ إسماعيل بن أبي سعد الصوفي، قال: كان عندي الشيخ أبو محمد المقرئ فدخل الأثير الحلبي فجعل يثني على أبي محمد، وقال: من فضائله أن رجلا أعطاني مالا، فجئت به إليه فلم يقبله، فلما قام قال أبو محمد: والله ما جاءني بشيء ولا أدري ما يقول، والحمد للَّه الذي لم يقل عنده وديعة لأحد.
توفي الأثير في رجب هذه السنة.
4188- كامل بن سالم بن الحسين، أبو تمام التكريتي شيخ رباط الزوزني المقابل لجامع المنصور
[2] .
سمع الحديث، وكان كثير التلاوة دائم الذكر قليل الكلام.
وتوفي في شوال هذه السنة، / ودفن إلى جانب شيخه أبي الوفاء على باب الرباط.
41/ أ
4189- محمد [بْن محمد] بْن عبد الله بْن أبي سهل، أبو طاهر
[3] .
من أهل مرو، سمع الكثير وكان كثير التلاوة وكتب وكانت له معرفة بالحديث،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1313) .
[2] في الأصل: «كامل بن سالم بن الحسن» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 150، وتذكرة الحفاظ 1312، وفيه: «أبو طاهر محمد بن أبي بكر محمد بن عبد الله بن أبي سهل المروزي السبحي» ) .

(18/93)


وكان حافظا لكتاب الله كثير التلاوة دائم الذكر والتهجد، دينا عفيفا، وكان يلي الخطابة بمرو.
وتوفي في شوال هذه السنة ودفن بمرو.
4190- محمود بن الحسين بن بندار، أبو نجيح بن أبي الرجاء الأصبهاني الطلحي [1] الواعظ.
سمع الحديث على ابن الحصين وغيره وقال الشعر.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] في الأصل، ت: أبو نجيح بن أبي المرجّى» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 151)

(18/94)


ثم دخلت سنة تسع وأربعين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه نفذ إلى تكريت بسبب الأسارى، فقبضوا على الرسول فنفذ الخليفة عسكرا إلى تكريت، [فخرج أهل تكريت] [1] فمنعوهم الدخول إلى البلد، فخرج أمير المؤمنين يوم الجمعة غرة صفر فنزل على البلد فهرب أهله فدخل العسكر البلد فشعثوه ونهبوا بعضه ونزل من القلعة جماعة من الفريقين، ونصبت ثلاثة عشر منجنيقا على القلعة، ووقع من سورها أبراج، وبعث صاحب الموصل يسأل فيهم ويشير عليهم بإعادة الأسراء فلم يقبلوا.
وهبت ليلة الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول [بعد العشاء] [2] ريح مظلمة، وظهر فيها نار خاف الناس أن تكون القيامة، وأثارت من التراب ما يزيد على الحد فتقطع سرادق الخليفة/. 41/ ب
[إشراف أمير المؤمنين على القلعة]
وأشرف أمير المؤمنين يوم الأربعاء الخامس عشرين من ربيع الأول على القلعة، ووقع القتال بين يديه فقتل جماعة فساء له ذلك ورأى الزمان يطول في أخذها فرحل عنها ودخل بغداد في آخر هذا الشهر ثم تقدم إلى الوزير بعوده إلى حصارها واستعداد آلة كثيرة مما يحتاج إليه في فتح القلاع، فخرج يوم الاثنين سابع ربيع الآخر [3] ونادى من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في الأصل: «سابع ربيع الأول» .

(18/95)


تخلف بعد ثلاث أبيح ماله ودمه وجيء بالأمراء وعرض [1] العسكر وكانوا ستة آلاف فارس فنزلوا الى القلعة وانصرف إلى القلعة بثلاثمائة ألف دينار سوى الإقامة فإنها كانت تزيد على الفكر فقرب فتحها فوصل الخبر بأن مسعود بلال جاء إلى شهرابان في عسكر عظيم ومعه ألبقش ونهب الناس فاستدعى الوزير للخروج إليهما وكانا قد حثا السلطان محمدا على قصد العراق فلم يتهيأ له فاستأذناه في التقدم أمامه فأذن لهما فجمعا جمعا كثيرا من التركمان ونزلا بطريق خراسان فخرج الخليفة إليهما فنفذ مسعود من أخرج أرسلان شاه بن طغرل [2] من قلعة تكريت، وكان محبوسا بها وجعلوا القتال عليه ليكون اسم الملك جامعا للعسكر [وتلازم العسكران] [3] على نهر بكمزا فعبر الخليفة اليهم 42/ أفتلازموا ثمانية عشر يوما وتحصن التركمان/ بالخركاهات والمواشي ويقال: إنهم كانوا اثني عشر ألف بيت من التركمان ثم برزوا للقتال آخر يوم من رجب فكانت الوقعة فانهزمت ميسرة العسكر الخليفي وبعض القلب وكان بازائهم مسعود الخادم وترشك حتى بلغت الهزيمة إلى باب بغداد وثبت الخليفة وضربوا على خزانته وقتل خازنه يحيى بن يوسف ابن الجزري فلما رأى العسكر الميسرة قد انهزمت ضعفت [4] قلوبهم فجاء منكوبرس، وكان فارسا شديد البأس ومعه هويذان فنزلا عن [5] الخيل، وقبلا الأرض بين يدي أمير المؤمنين وقالوا: يا مولانا تثبت علينا ساعة حتى نحمل بين يديك فإذا رأيناك قويت قلوبنا، فقال: لا والله إلا معكما! فرفع الطرحة عن رأسه وجذب السيف ولبس الحديد هو وولي العهد وبكرا وصاح أمير المؤمنين: يال مضر كذب الشيطان [وفر] [6] وقرأ: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً 33: 25 [7] الآية.
وحمل وحمل العسكر بحملته فوقع السيف في العدو، وسمع صوت السيوف على
__________
[1] في ص، ط: «وجيء بالأمراض وعرض» .
[2] في الأصل: «ارسلان شاه بن طرغل» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في ص، ط: «قد انكسرت ضعفت قلوبهم» .
[5] في ص: «ومعه فريذان فنزل عن الخيل» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] سورة: الأحزاب، الآية: 25.

(18/96)


الحديد كوقع المطارق على السنادين وانهزم القوم وتم الظفر وسبى التركمان وأخذت أموالهم من الإبل والبقر والغنم ما لا يحصى، وقيل كانت الغنم اربعمائة ألف رأس فبيع كل كبش بدانق لكثرتها، ونودي: من كان أخذ من أولاد التركمان/ أو نسائهم فليرد، 42/ ب ذلك، فردوا، فأخذ البقش الملك وهرب إلى بلده وطلب مسعود وترشك القلعة ودخل الخليفة إلى بغداد في غرة شعبان.
ووصل الخبر في العشرين من شعبان: بأن مسعودا وترشك قصدا واسط ونهبوا ما يختص بالوزير فتقدم إلى الوزير بالخروج فخرج ومعه العسكر في خامس عشرين شعبان فانهزم العدو فلحقهم ونهب منهم رحلا كثيرا [1] وعاد فدخل الوزير على الخليفة فشرفه بقميص وعمامة ولقبه سلطان العراق ملك الجيوش.
[خروج العسكر في عيد الفطر على زي لم ير مثله]
وخرج العسكر في عيد الفطر على زي لم ير مثله لاجتماع العساكر وكثرة الأمراء وكان العيد يوم الخميس، فلما جاءت العشية جاء مطر وفيه رعد وبرق وبرد تزلزلت الأرض لصوته وخر الناس على وجوههم من شدة الرعب ووقعت منه صواعق فوقع بعضها في التاج الذي بناه المسترشد فطار شرارها إلى الرقة وبقيت النار تعمل أياما فأحرقت آلات كثيرة ثم اتصلت الأخبار بمجيء العساكر صحبة محمد شاه وبإنفاذه إلى عسكر الموصل يستنجدهم والى تكريت إلى مسعود بلال فأخرج الخليفة سرادقه واستعرض الوزير العسكر/ في شوال فكانوا يزيدون على اثني عشر ألف فارس.
43/ أ
[وصول الخبر أن ألبقش قد مات]
وجاء الخبر أن ألبقش قد مات وبعث محمد شاه إلى الأمراء الخلع، وقال: عودوا السنة الى مواطنكم فلي السنة عذر والبرد شديد وكان السبب أن محمدا كان قد بعث إلى مسعود بلال في نوبة ألبقش [يقول له] [2] خذ معك من القلعة بعض الملوك الذين عندك وخذوا بغداد ليهابكم الناس وليعلم أن معكم ملك إلى حين وصولي فأخذ ابن امرأة ألدكز وكانت أمه مع ألدكز فنفذ ألدكز ألفي فارس وقال لهم: كونوا في خدمة الملك واحفظوه فلما وقعت الكسرة وانهزم ألبقش أخذ الصبي فحمله إلى قلعته فلما سمع
__________
[1] في ص: «ونهب منهم رجلا كبيرا» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/97)


محمد شاه ذلك بعث إليه يقول له سر إلي واستصحب الملك فمات البقش وبقي الصبي مع ابن البقش وحسن الجاندار فحملوه إلى الجبل فخاف محمد شاه أن يصل الصبي إلى ألدكز فتتغير الأمور فاعتذر إلى العسكر فهرب من يده جماعة من خواصه وجاءوا إلى الخليفة واتصل الصبي بزوج أمه ألدكز وأمن الناس لتفرق العساكر.
وفي هذا الشهر [1] : وكل بالغزنوي لأجل قرية كانت في يده فلما كان سلخ ذي الحجة نفذ الخليفة عسكرا إلى ناحية همذان ومتقدمهم قيماز السلطاني في الفي فارس.
43/ ب/ وفي هذه السنة اتصلت الأخبار باختلاف مصر والساحل وهلاك خليفتهما وولي عهده والجند وأنه لم يبق ثم إلا صبي صغير فكتب المقتفي لأمر الله عهد النور الدين بن زنكي وولاه مصر وإعمالها والساحل وبعث إليه الخليفة المراكب والتحف وأمره بالمسير إليها.
وحدث في هذه السنة في دجلة زيادة واحمرار الماء لم يعهد في ذلك الوقت وحدث في هذه السنة في دجلة في عدة زيادة واحمرار الماء لم يعهد في ذلك الوقت وحدث في هذه السنة في دجلة في عدة نواحي بلاد واسط ظهور دم من الأرض لا يعلم له سبب.
ووصلت أخبار سنجر أنه تحت الأسر موكل به في خيمة يجرى له كل يوم ما لا يجوز ان يجري لسائس في سياسته وأنه يبكي على نفسه.
وفيها توفي أبو الفتوح أستاذ الدار، فولى ابنه محمد مكانه.
وقتلت جارية امرأة سيدها فأخرجت الجارية إلى الرحبة، وقتلها زوج المرأة بحضرة الناس كما يقتل الرجال.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4191- البقش:
صاحب الحرب [المذكورة [2] مات في رمضان وتصرف في ولايته قيماز السلطاني.
__________
[1] في ص: «وفي هذه السنة» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

(18/98)


4192- عبد الله بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس الرؤساء، أبو الفتوح
[1] :
كان يلي/ أستاذيةالدار وله صدقات وأعطية ومجلسه للفقراء والمتصوفة، وأنفق 44/ أعليهم كثيرا ولما احتضر أحضر غرماءه والمتظلمين عليه فوفاهم ووصى أولاده ببقايا عليه.
توفي في هذه السنة ودفن بالمقبرة الملاصقة لمقبرة الرباط الزوزني.
4193- عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن علي، أبو القاسم ابن [2] الأكاف:
من أهل نيسابور، سمع أبا سعد الحيريّ [3] ، وأبا بكر الشروي وغيرهما وتفقه وناظر، وكان إماما ورعا عالما [عاملا] غزير [4] الديانة، مقبلا على نفسه قنوعا بالكفاف غير معترض لما لا يعنيه، وأوصى إلى قريب له ليفرق ماله إلى الفقراء ففرقه، وكان فيه مسك فلما أراد تفرقته سد أنفه، وقال: إنما ينتفع بريحه.
وهذا مما روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه أتى بطيب من بيت المال فأمسك على أنفه وقال: إنما ينتفع بريحه. ولما استولى الغز على نيسابور قبضوا عليه، وأخرجوه ليعاقبوه فشفع فيه السلطان سنجر، وقال: كنت أمضي إليه متبركا به ولم يمكني من الدخول عليه فاتركوه لأجلي فتركوه فدخل شهرستان وهو مريض، فبقي أياما.
وتوفي في هذه السنة ودفن بالحيرة عند أبيه.
4194- علي بن محمد بن أبي عمر البزاز، ثم الدباس، أبو الحسن، يعرف أبوه/ بالباقلاوي:
44/ ب ولد سنة سبعين وسمع أبا محمد التميمي، وطرادا، وابن النظر، وأبا أيوب وغيرهم، وتأدب بابن عقيل، وكان سماعه صحيحا، وقرأت عليه كثيرا من مسموعاته، وكان من أهل السنة والصدق على طريق السلف.
وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن بباب حرب [5] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 399) .
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 400) .
[3] في الأصل، ص، ط: «سمع أبا سعيد الحيريّ» وما أوردناه من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «ودفن بداره.

(18/99)


4195- علي [بن مُحَمَّد] أبو الحسن المعروف بابن [1] الأبري:
كان حدادا فقدمه المقتفي وقربه ووكله وبنى مدرسة بباب الأزج.
توفي في شعبان هذه السنة ودفن بداره برحبة الجامع ثم اخرج بعد مدة.
4196- المبارك بن أحمد بن عبد العزيز بن المعمر بن الحسن بن العباس بن محمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل [2] بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الملك بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الأنصاري، أبو المعمر
[3] .
ولد سنة خمس وسبعين واربعمائة، وسمع الكثير، وقرأت عليه الكثير، وكان له فهم وعلم بالحديث.
وتوفي في رمضان هذه السنة، ودفن بالشونيزية.
4197- المظفر بن علي بن محمد بن محمد بن جهير، أبو نصر
[4] :
من بيت الوزارة وزير وجده وزير، وكان استاذ الدار ثم وزر للمقتفي سمع 45/ أالحديث/ وحدث وحج.
وتوفي يوم الخميس سادس ذي الحجة وصلى عليه بجامع القصر ودفن مقابل جامع المنصور قريبا من الرباط.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ط، والأصل، وأوردناه من ت.
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 400، وفيه: «أبو الحسن علي بن محمد الزويني القزويني» ) .
[2] في ت: «بن العباس بن محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ» .
[3] «بْنِ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن إسماعيل» ساقطة من ص، ط.
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 154) .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 154) .

(18/100)


ثم دخلت سنة خمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[القبض على حاجب الباب أبي الفتح]
أنه قبض على حاجب الباب أبي الفتح ابن الصيقل الهاشمي ووكل به في الديوان وأحضر الناس وواقفوه على ما أخذ منهم وأخرج منه إلى بيته ورتب مكانه أبو المعالي بن إلكيا الهراسي نحو أربعين يوما ثم عزل ورتب أبو القاسم علي بن محمد بن هبة الله بن الصاحب.
[ورود الخبر أن الغز التركمان دخلوا نيسابور]
وفي هذا الشهر: ورد الخبر أن الغز التركمان دخلوا نيسابور ونهبوها وفتكوا بأهلها وفقهائها منهم محمد بن يحيى شيخ أصحاب الشافعي فقتلوا بها نحوا من ثلاثين ألف [نسمة] [1] وكان سنجر معهم عليه اسم السلطنة وهو معتقل ولقد أراد يوما ان يركب فلم يجد من يحمل سلاحه فشده على وسطه، وكان إذا قدم إليه الطعام اختلس منه [2] شيئا يخبؤه لوقت آخر خوفا من انقطاعه عنه لتقصيرهم به.
[خروج الخليفة الى دقوقا]
وفي شهر ربيع الأول: خرج الخليفة إلى دقوقا محاصرا لها فاستغاثوا له ارحمنا فرجع عنهم.
[الوقعة بين عسكري الخليفة وبين شملة التركماني]
وفي رجب: كانت الوقعة بين عسكري الخليفة وبين شملة التركماني فهزموه وتبعوه إلى أن/ خرج [3] إليهم كمين في مضيق فانكسروا وأسر وجوههم ثم أحسن اليهم 45/ ب
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في ص، ط: «الطعام احتبس منه شيئا» .
[3] في الأصل: «فهزموه وشيعوه إلى أن خرج» .

(18/101)


وسرحهم واعتذر فقبل عذره وسار إلى خوزستان فملكها وأزاح ملك شاه بن محمود بن محمد بن ملك شاه عنها.
وفي شعبان: هجم ثلاثة نفر من الشراة على الحويزي عامل نهر ملك فقتلوه.
وفي شوال: وصل الملك سليمان بن محمد بن ملك شاه إلى بغداد [ضيفا] [1] مستجيرا بأمير المؤمنين، وتلقى بولد الوزير ابن هبيرة وكان على رأسه شمسة وخمسة أعلام سود ولم ينزل أحدهما للآخر وقبل عتبة باب النوبي وخرج أمير المؤمنين حين خروج الحاج فسار معهم إلى النجف ودخل جامع الكوفة واجتاز في سوقها وعاد إلى بغداد.
وفي رمضان: منع الوعاظ كلهم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
4198- أحمد بن محمد، الحويزي
[2] :
كان عاملا على نهر ملك فكان يؤذي الناس ويعلق الرجال في السواد ويعذبهم ويستخرج الأموال فلا يتلبس بها إظهارا للزهد فكأنه يجمع بذلك التصنع أن يرقى إلى مرتبة أعلى من هذه وكان كثير التلاوة للقرآن كثير التسبيح حتى إني اتفقت في خلوة حمام 46/ أوهو في خلوة أخرى فقرأ نحوا من جزءين حتى فرغ من شأنه هذا مع الظلم الخارج/ في الحد فهجم عليه ثلاثة نفر من الشراة بمرو، بيتا من نهر الملك، فضربوه بالسيوف فجيء به إلى بغداد بعد ثلاث وذلك في شعبان هذه السنة ودفن بمقبرة الرباط مقابل جامع المنصور وحفظ قبره حتى لا تنبشه العوام، وظهر في قبره عجب، وهو أنه خسف بقبره بعد دفنه أذرعا فظهر بعده من لعنه وسبه ما لا يكون لذمي.
4199- الحسن بن أحمد بن محبوب، أبو علي القزاز
[3] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 155) .
[3] في ت: «الحسين بن أحمد بن محبوب» .

(18/102)


سمع طرادا وابن النظر وثابت بن بندار وغيرهم قرأت عليه كثيرا من حديثه.
وتوفي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة باب حرب.
4200- سعيد بن أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّهِ بْن البناء، أبو القاسم بن أبي غالب
[1] :
ولد سنة سبع وستين واربعمائة، وقرأت عليه كثيرا من حديثه عن أبي نصر الزينبي، وعاصم، وغيرهما، وكان خيرا.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
4201- محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر، أبو الفضل البغدادي
[2] .
ولد ليلة السبت الخامس عشر من شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة [3] ، وقرأ على أبي زكريا كثيرا من اللغة، وسمع الحديث من أبي القاسم ابن البسري، وأبي طاهر بن أبي الصقر، وأبي محمد التميمي، وأبي الخير العاصمي، وأبي الغنائم بن أبي عثمان، وأبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي وأبي الخطاب ابن النظر، ومن/ دونهم، وأكثر 46/ ب من الشيوخ المتأخرين، وكان حافظا ضابطا متقنا ثقة لا مغمز فيه، وهو الذي تولى تسميعي الحديث، فسمعت مسند الإمام أحمد بن حنبل بقراءته وغيره من الكتب الكبار والأجزاء العوالي على الأشياخ، وكان يثبت لي ما أسمع، وذكره أبو سعد السمعاني في كتابه، فقال: كان يحب أن يقع في الناس.
قال المصنف: وهذا قبيح من أبي سعد، فإن صاحب الحديث ما زال يجرح ويعدل، فإذا قال قائل: ان هذا وقوع في الناس دل على أنه ليس بمحدث، ولا يعرف الجرح من الغيبة، وكتاب السمعاني ما سواه إلا ابن ناصر ولا دله على أحوال المشايخ أحد مثل ابن ناصر، وقد احتج بكلامه في أكثر التراجم، فكيف عول عليه في الجرح والتعديل ثم طعن فيه، ولكن هذا منسوب إلى تعصب ابن السمعاني على أصحاب أحمد، ومن طالع في كتبه رأى تعصبه البارد، وسوء قصده لا جرم لم يمتع بما سمع،
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 155) .
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 401، والبداية والنهاية 12/ 233، وشذرات الذهب 4/ 155، وتذكرة الحفاظ 1289) .
[3] «وقرأت عليه كثيرا من حديثه ... شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة» : ساقطة من ت.

(18/103)


ولا بلغ مرتبة الرواية بل أخذ من قبل ان يبلغ إلى مراده، ونعوذ باللَّه من سوء القصد والتعصب.
توفي شيخنا ابن ناصر ليلة الثلاثاء الثامن عشر من شعبان هذه السنة، وصلي 47/ أعليه قريبا من جامع السلطان ثم بجامع المنصور ثم في الحربية ثم دفن بمقبرة/ باب حرب تحت السدرة إلى جانب أبي منصور ابن الأنباري، وحدثني [أبو بكر] [1] ابن الحصري الفقيه، قال: رأيته في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، وقال لي قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك لأنك رئيسهم وسيدهم.
4202- محمد بن علي بن الحسن بن أحمد، أبو المظفر الشهرزوريّ.
ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وسمع أبا عبد الله حسين بن أحمد بن طلحة، وأبا الفضل بن خيرون وغيرهما، وروى الحديث، وكانت له معرفة حسنة بعلم الفرائض والحساب انفرد بها، وكان ثقة من أهل الدين والخير، وكان يبيع العطر في دكان عند مسجد شيخنا أبي محمد المقرئ، ويقرأ عليه هنالك، ثم سافر إلى بلاد الموصل لدين ارتكبه فبقي بها مدة ثم رجع عنها إلى بعض ثغور أذربيجان.
وتوفي بمدينة خلاط في رجب هذه السنة.
4203- المبارك بن الحسن بن أحمد، أبو الكرم الشهرزوري
[2] :
ولد في ربيع الآخر سنة إحدى وستين وقرأ القرآن وسمع من التميمي وابن خيرون وطراد وجماعة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة [ودفن في دكة بشر الحافي إلى جانب أبي بكر الخطيب.
4204-[هارون بن المقتدي، عم المقتفي
[3] :
توفي يوم الأثنين ثالث عشرين شوال وصلي عليه، وحمل في الزبزب إلى الترب،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 157، وتذكرة الحفاظ 1292)
[3] هذه الترجمة ساقطة من الأصل، ص، ط.

(18/104)


وكان أرباب الدولة كلهم قيامًا في السفن إلى الترب. وقيل أن الوزير جلس حين جاوز الحر، فلما صعدوا ركب الوزير وجده، ومشى أرباب الدولة إلى الترب [1] .
4205- يحيى بن إبراهيم، أبو زكريا بن أبي طاهر الواعظ السلماسي
[2] :
سمع الحديث وقدم إلى بغداد فوعظ/ بها وكان له القبول التام ثم غاب عنها نحوا 47/ ب من أربعين سنة، ثم قدم بعد الأربعين [وخمسمائة] فطلب أن يفتح له الجامع ليعظ فلم يجب إلى ذلك، فسمعنا عليه شيئا من الحديث بقراءة شيخنا ابن ناصر ثم رحل عن بغداد.
فتوفي في سلماس في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص، ط.
[2] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 1292) .

(18/105)