النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
*** [ما وقع من
الحوادث سنة 415]
السنة الرابعة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة خمس
عشرة وأربعمائة.
فيها حجّ من العراقيّين أبو الحسن الأقساسىّ ومعه حسنك صاحب محمود بن
سبكتكين؛ فأرسل إليه الظاهر صاحب مصر خلعا وصلة، فقبلها حسنك ثم خاف من
القادر فلم يدخل بغداد؛ وكاتب القادر ابن سبكتكين فيما فعل حسنك؛ فأرسل
إليه حسنك بالخلع المصريّة، فأحرقها القادر. وكان حسنك أمير خراسان من
قبل ابن سبكتكين.
وفيها ولى وزارة مصر للظاهر صاحب الترجمة نجيب الدولة علىّ بن أحمد
الجرجرائىّ بعد موت ستّ الملك عمّة الظاهر.
وفيها منع الرافضة من النوح في يوم عاشوراء؛ ووقع بسبب ذلك فتنة بين
الشيعة وأهل السنّة قتل فيها خلق كثير؛ ومنع الرافضة من النوح وعيد
الغدير، وأيّد الله أهل السنة، ولله الحمد.
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن أبو الفرج العدل البغدادىّ
الفقيه الحنفىّ، ويعرف بابن المسلمة؛ مولده سنة سبع وثلاثين وثلثمائة،
وسمع الحديث، وكان إماما عالما فاضلا صدوقا ثقة كثير المعروف، وداره
مأوى لأهل العلم.
(4/260)
وفيها توفّى سلطان الدولة أبو شجاع بن بهاء
الدولة فيروز بن عضد الدولة بويه ابن ركن الدولة الحسن بن بويه بن
فنّاخسرو الديلمىّ بشيراز. وكان مدّة ملكه اثنتى عشرة سنة وأشهرا،
وتولّى الملك صبيّا؛ ومات وله ثلاث وعشرون سنة.
وقال صاحب مرآة الزمان: مات عن اثنتين وثلاثين سنة. انتهى. قلت:
وكان في مدّة ملكه وقع له حروب كثيرة مع أخيه مشرّف الدولة وخطب له
ببغداد ثم اصطلحا، حسب ما ذكرناه؛ وخطب لمشرّف الدولة على عادته الى أن
توفّى سلطان الدولة هذا.
وفيها توفّى عبد الله بن عبد الله بن الحسين أبو القاسم الخفّاف، كان
يعرف بابن النقيب البغدادىّ، رأى الشّبلىّ وغيره، وسمع الكثير وكان
سماعه صحيحا، وكان شديدا في السنة؛ ولما مات ابن المعلم فقيه الشيعة
جلس رضى الله عنه للتهنئة؛ وقال: ما أبالى أىّ وقت متّ بعد أن شاهدت
موته. وأقام عدّة سنين يصلّى الفجر بوضوء العشاء الآخرة. قلت: ومما
يدلّ على دينه وحسن اعتقاده بغضه للشيعة عليهم الخزىّ. ولو لم يكن من
حسناته إلّا ذلك لكفاة عند الله.
وفيها توفّى محمد بن الحسن الشريف أبو الحسن الأقساسىّ العلوىّ. هو من
ولد زيد بن علىّ بن الحسين رضى الله عنه. حجّ بالناس من العراق سنين
كثيرة نيابة عن المرتضى، وكان فاضلا شاعرا فصيحا، وهو أيضا من كبار
الشيعة.
وفيها توفّى الأمير أبو طاهر بن دمنة صاحب آمد من ديار بكر. كان قتل
ابن مروان صاحب ميّا فارقين وقتل عبد البر شيخ آمد واستولى عليهما من
سنة سبع وثمانين وثلثمائة الى هذه السنة. وكان يصانع ممهد الدولة بن
مروان، وأيضا يصانع شروة. فلمّا قتل شروة ممهد الدولة وولى أخوه أبو
منصور، طمع هذا فى البلاد واستفحل أمره.
(4/261)
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن أحمد بن
القاسم بن إسماعيل الضبىّ [أبو الحسن «1» ] المحاملىّ «2» الفقيه
الشافعىّ، كان تفقّه بأبى حامد الإسفراينى وغيره، وكان إماما فقيها
مصنّفا، مات في شهر ربيع الأول.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ذراعان وخمس أصابع. مبلغ الزيادة
ستّ عشرة ذراعا سواء.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 416]
السنة الخامسة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة ستّ
عشرة وأربعمائة.
فيها توفى في شهر ربيع الآخر السلطان مشرّف الدولة أبو على الحسن ابن
السلطان أبى نصر فيروز بهاء الدولة ابن السلطان عضد الدولة بويه ابن
السلطان ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمىّ. واستقر الأمر بعد موته على
تولية جلال الدولة أبى طاهر، فخطب له على منابر بغداد وهو بالبصرة،
وخلع على شرف الملك «3» أبى سعيد «4» بن ماكولا وزيره، ولقّبه علم
الدين سعد الدولة أمين الملة شرف الملك.
قلت: وهذا ثانى لقب سمعناه من اسم مضاف إلى الدين. وأوّل ما سمعنا من
هذه الألقاب لقب بهاء الدولة بن بويه" ركن الدين". قلنا: لعل ذلك كان
تعظيما في حقّه لكونه سلطانا، فيكون هذا على هذا الحكم هو أوّل لقب
لقّب به في الإسلام؛ والله أعلم. ومن يومئذ ظهرت الألقاب وتغالت فيها
الأعاجم، حتّى إنّهم لم يدعوا شيئا إلا وأضافوا الدين له، حتى اشتهر
ذلك وشاع وسمّى به كلّ أحد حتى الأسالمة «5» ،
(4/262)
فمنهم من يسمى جلال الدين، وسعد الدين،
وجمال الدين، فلا قوة إلا بالله. وحقّ المغاربة في حنقهم ممن يلقّب
بهذه الألقاب. وأنا بالله أحلف لو ملكت أمرى ما لقّبت بجمال الدين ولا
غيره، وأكره من يسمينى بذلك ولا أقدر على تغيير الاصطلاح. وهذا لا يكون
إلّا من ولىّ أمر أو حاكم بلدة. وقد خرجنا عن المقصود فنعود إلى ذكر
مشرّف الدولة.
ومات مشرّف الدولة وله ثلاث وعشرون سنة وثلاثة أشهر وأربعة عشر يوما.
وكانت مدّة ملكه خمس سنين وشهرا وخمسة وعشرين يوما. وكان شجاعا مقداما
جوادا، إلا أنّه كان يميل إلى الشيعة على عادة آبائه وأجداده ميلا ليس
بذاك، وينصر أهل السنة في بعض الأحيان. وكل ملوك بنى بويه كانوا على
ذلك، غير أنهم كانوا يميلون في الباطن للشيعة. والله أعلم بحالهم.
وفيها توفّى عبد الرّحمن بن عمر بن محمد بن سعيد أبو محمد التّجيبىّ
المصرىّ البزّار، المعروف بابن النحاس، مسند ديار مصر في وقته. مولده
ليلة النحر سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة، ومات في عاشر صفر.
وفيها توفّى علىّ بن محمد أبو الحسن التّهامىّ الشاعر المشهور، كان من
الشعراء المجيدين، وشعره في غاية الحسن. قدم القاهرة مستخفيا ومعه كتب
كثيرة من حسّان بن المفرّج البدوىّ وهو متوجّه إلى بنى قرّة، فظفروا به
فاعتقل بخزانة البنود في سادس عشرين شهر ربيع الآخر، ثم قتل سرّا في
سجنه في تاسع جمادى الأولى. والتهامىّ بكسر التاء المثناة من فوقها
وفتح الهاء وبعد الألف ميم، هذه النسبة الى تهامة، وهى تطلق على مكّة
حرسها الله. ومن شعر التهامىّ من جملة قصيدة: [السريع]
قلت لخلّى وثغور الرّبا ... مبتسمات وثغور الملاح
أيّهما أحلى ترى منظرا ... فقال لا أعلم كلّ أقاح
(4/263)
وله بيت بديع من جملة قصيدة: [الكامل]
وإذا جفاك الدهر وهو أبو الورى ... طرّا فلا تعتب على أولاده
وفيها توفّى محمد بن يحيى بن أحمد بن الحذّاء أبو عبد الله القرطبىّ
الحافظ المحدّث العلامة، سمع الكثير وروى الحديث، وكتب وصنّف، ومات في
شهر رمضان.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وأربع أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 417]
السنة السادسة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة سبع
عشرة وأربعمائة.
فيها عاد جلال الدولة إلى البصرة، وقبض على وزيره أبى سعيد عبد الواحد
بن أحمد بن جعفر بن ماكولا وعلى أبى «1» علىّ ابن عمه. ثمّ جرت أسباب
استوجبت إطلاق ابن عمه؛ واستوزه جلال الدولة ولقّبه يمين الدولة وزير
الوزراء، وخلع عليه.
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك
بن أبى الشوارب أبو الحسن القرشىّ الأموىّ قاضى القضاة، كان عفيفا
جليلا. قال القاضى أبو العلاء «2» : ما رأينا مثله جلالة وصيانة وشرفا.
وفيها توفّى محسّن بن عبد الله بن محمد أبو القاسم التنوخىّ اللغوىّ
القاضى الحنفىّ، ولد يوم الأحد الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة
تسع وأربعين وثلثمائة، وقدم دمشق مجتازا إلى الحجّ، فأدركه أجله في
الطريق في ذى القعدة، فحمل إلى
(4/264)
مدينة النّبيّ صلى الله عليه وسلم ودفن
بالبقيع. وكان من أوعية العلم، وله مصنّفات كثيرة وشعر جيّد؛ من ذلك:
[الطويل]
وكلّ أداريه على حسب حاله ... سوى حاسدى فهى التى لا أنالها
وكيف يدارى المرء حاسد نعمة ... إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
وفيها توفّى عبد الله بن أحمد الإمام أبو بكر المروزىّ القفّال شيخ
الشافعيّة بخراسان، كان يعمل الأقفال وحذق في عملها حتّى صنع قفلا
بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبّات. فلما صار ابن ثلاثين سنة اشتغل بالعلم
وتفقّه حتّى برع فيه وفاق أقرانه. ومات في جمادى الآخرة وله تسعون سنة.
وفيها توفّى علىّ بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسن بن الحمّامىّ، كان
إماما محدّثا كبير الشأن، سمع وحدّث، ومات في شعبان عن تسع وثمانين
سنة.
وفيها توفّى، فى قول الذهبىّ، عمر بن أحمد بن إبراهيم بن عبدويه أبو
حازم الهذلىّ العبدوىّ «1» الحافظ الكبير الرحّال، سمع الحديث وحدّث،
وروى عنه غير واحد، ومات بنيسابور.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وأربع عشرة إصبعا.
مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وسبع أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 418]
السنة السابعة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة ثمانى
عشرة وأربعمائة.
(4/265)
فيها خطب لجلال الدولة على المنابر ببغداد
بعد أن منع الأتراك من ذلك وخطبوا لأبى كاليجار.
وفيها ورد كتاب للسلطان محمود بن سبكتكين على الخليفة القادر يخبر بما
فتح من البلاد من أرض الهند، وكسره الصنم المعروف بسومنات «1» .
وفيها توفّى الحسين بن علىّ بن الحسين أبو القاسم الوزير المغربىّ، ولد
بمصر فى ذى الحجّة سنة سبعين وثلثمائة، وهرب منها لمّا قتل الحاكم أباه
عليّا وعمّه محمدا.
وقيل: إن أباه وزر للعزيز بمصر ثم للحاكم ابنه. وهرب الحسين هذا
للعراق، وخدم بنى بويه، ووقع له بالشرق أمور، ووزر لغير واحد من ملوك
الشرق.
وكان فاضلا عاقلا شاعرا شهما شجاعا كافيا في فنّه، حتى قيل: إنّه لم يل
الوزارة لخليفة ولا ملك أكفى منه. ومن شعره قوله: [المجتث]
الدهر سهل وصعب ... والعيش مرّ وعذب
فاكسب بمالك حمدا ... فليس للحمد كسب
وما يدوم سرور ... فآختم وطينك رطب
وفيها توفّى عبد الرّحمن بن هشام القرشىّ الأموىّ صاحب الأندلس، الذي
كان لقّب نفسه في سنة أربع عشرة وأربعمائة بالمستظهر والمستكفى
والمعتمد؛ وعاد ملك بنى أميّة إلى الأندلس بسببه؛ فلما كان في هذه
السنة وثب الجند عليه فقتلوه؛ وانقطعت ولاية بنى أمية عن الأندلس إلى
سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
(4/266)
وكانت ولاة الأندلس من بنى أميّة أربعة عشر
على عدد أسلافهم، ومدّة سنينهم مائتان وثمانون سنة، فأوّلهم عبد
الرّحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم أبو المطرّف
الملقّب بالداخل، لكونه دخل المغرب؛ بويع سنة تسع وثلاثين ومائة في
أيّام أبى جعفر المنصور العباسىّ. ثمّ ولى بعده ابنه هشام في سنة
اثنتين وسبعين. ثم ولى بعده ابنه الحكم بن هشام بن عبد الرّحمن في سنة
ثمانين ومائة. ثم ولى بعده ابنه عبد الرّحمن بن الحكم في سنة ستّ
وثمانين ومائة. ثم ولى بعده ابنه محمد في سنة ثمان وثلاثين ومائتين. ثم
ولى بعده ابنه المنذر بن «1» محمد سنة ثلاث وسبعين ومائتين ومات سنة
خمس وسبعين، ولم يكن له ولد؛ فولى عبد الله ابن محمد بن عبد الرّحمن بن
الحكم بن هشام بن عبد الرّحمن الداخل. ثم ولى بعده ابنه عبد الرّحمن
سنة ثلثمائة. ثم ولى بعده الحكم بن عبد الرّحمن سنة ثمان وخمسين
وثلثمائة. ثم ولى بعده ابنه هشام سنة «2» سبعين وثلثمائة ومات سنة تسع
وتسعين وثلثمائة بعد أن تغلّب عليه محمد بن هشام بن عبد الجبّار
الملقّب بالناصر لدين الله؛ ثم غلب عليه سليمان بن الحكم. ثم ولى هشام
بن الحكم بن عبد الرّحمن، ثم وقع خباط كبير؛ على ما يأتى ذكره في محلّه
إن شاء الله.
وفيها توفّى الشريف أبو الحسن علىّ ابن طباطبا العلوىّ، كان فاضلا
شاعرا فصيحا، مات ببغداد في ذى القعدة، وكان على مذهب القوم.
وفيها توفّى إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق الإسفراينىّ
الأصولىّ المتكلّم الفقيه الشافعىّ إمام أهل خراسان ركن الدين، وهو
أوّل من لقّب من الفقهاء. كان
(4/267)
إماما مفتنّا له التصانيف المشهورة، وكانت
وفاته يوم عاشوراء بنيسابور. وقد تقدّم أن الألقاب ما تداول تسميتها
إلّا من الأعاجم لحبّهم للرياسة «1» والتعظيم كما هى عادتهم.
وفيها توفّى معمر بن أحمد بن محمد بن زياد أبو منصور الأصبهانىّ
الزاهد، كان من كبار المشايخ، وله قدم هائلة «2» فى الفقه والصلاح.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا وثلاث عشرة إصبعا.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 419]
السنة الثامنة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة تسع
عشرة وأربعمائة.
فيها ولّى الظاهر أمر دمشق لأمير الجيوش الدزبرىّ، وكان شجاعا شهما
واسمه أبو منصور أنوشتكين التركىّ.
وفيها توفّى محمد بن عمر بن يوسف أبو عبد الله بن الفخّار القرطبىّ
المالكىّ الحافظ عالم الأندلس في عصره، سمع الحديث وحدّث وحجّ وجاور
بالمدينة وأفتى بها، وكان إماما عالما زاهدا ورعا متقشّفا عارفا بمذاهب
الأئمة وأقوال العلماء، يحفظ المدوّنة حفظا جيدا.
وفيها توفّى حمزة بن إبراهيم أبو الخطاب، كان بلغ من بهاء الدولة بن
بويه منزلة عظيمة لم يبلغها غيره، كان يعلّمه النجوم. وكان حاكما على
الدولة والوزراء، والقوّاد يخافونه، وما كان يقنع من الوزراء بالقليل.
ولما فتح فخر الملك قلعة سابور حمل إليه مائة ألف دينار فاستقلّها؛ وما
كان بهاء الدولة يخالفه أبدا.
(4/268)
وفيها توفّى عبد المحسن بن محمد بن أحمد
غالب بن غلبون أبو محمد الصورىّ الشاعر المشهور. كان أبو الفتيان بن
حيّوس مغرى بشعره، ويفضّله على أبى تمّام والبحترىّ والمتنبى؛ فقال أبو
العلاء المعرّى:" الأمراء لا يناظرون" (يعنى أنّه ليس فى هذا المقام) .
وكان أبو الفتيان يقول: إن أغزل ما قيل قول جرير:
[البسيط]
إنّ العيون التى في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّب حتّى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله إنسانا
وقال الصورىّ أغزل منهما، وهو قوله: [الرمل]
بالذى ألهمّ تعذي ... بى ثناياك العذابا
ما الذي قالته عينا ... ك لقلبى فأجابا
قلت: وقال غير ابن حيّوس: إن أرقّ ما قيل قول القائل:
[الطويل]
عيون عن السحر المبين تبين ... لها عند تحريك القلوب سكون
إذا أبصرت قلبا خليّا من الهوى ... تقول له كن مغرما فيكون
ومن شعره أيضا: [المتقارب]
صددت فكنت مليح الصدود ... وأعرضت أفديك من معرض
ومن كان في سخطه محسنا ... فكيف يكون إذا ما رضى
وله أيضا: [الكامل]
[و «1» ] تريك نفسك في معاندة الورى ... رشدا ولست إذا فعلت براشد
شغلتك عن أفعالها أفعالهم ... هلّا اقتصرت على عدوّ واحد
(4/269)
وفيها توفّى محمد بن محمد بن إبراهيم بن
مخلد الفقيه أبو الحسن البغدادىّ الحنفىّ، ولد سنة تسع وعشرين
وثلثمائة، وسمع الكثير ورواه، وكان يتّجر وله مال عظيم، صادره ملوك بنى
بويه حتى افتقر، ومات فلم يكفّن حتّى بعث إليه الخليفة كفنا.
ومات ولم يكن في زمانه أعلى سندا منه. وكان صدوقا صالحا ثقة فقيها
فاضلا عالما.
وفيها توفّى أبو الفوارس قوام الدولة بن بهاء الدولة فيروز بن عضد
الدولة بويه بن ركن الدولة الحسن بن بويه الديلمىّ. كان عزم على نقض
الصلح بينه وبين أخيه أبى كاليجار فعاجلته منيّته فمات في ذى القعدة،
وحمل تابوته الى شيراز فدفن في تربة عماد الدولة بن بويه.
وفيها هلك قسطنطين أخو بسيل ملك الروم، وبعد موته انتقل الملك إلى بنت
له وزوجها، وهو ابن خالها، يسمى أرمانوس، ولم يكن من بيت الملك، وجعلت
ولاية العهد في أرمانوس المذكور، ولبس الخفّ الأحمر، وتسمّى قيصرا.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم سبع أذرع سواء. مبلغ الزيادة سبع
عشرة ذراعا وأربع أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 420]
السنة التاسعة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة عشرين
وأربعمائة.
فيها وقع بالعراق برد في الواحدة مائة وخمسون رطلا كانت كالثور النائم،
ونزلت فى الأرض مقدار ذراع؛ قاله أبو المظفر في مرآة الزمان.
(4/270)
وفيها فسد الأمر بين قرواش صاحب الموصل
وبين أبى «1» نصر بن مروان صاحب ميّافارقين. وسببه أن قرواشا كان تزوّج
ببنت أبى نصر المذكور فأقامت عنده مدّة، ثمّ هجرها؛ فطلبها أبو نصر
فنقلها إليه، وهذا أوّل الشر.
وفيها توفّى على بن عيسى بن الفرج «2» أبو الحسن الرّبعىّ صاحب أبى
علىّ الفارسىّ، قرأ الأدب ببغداد على السّيرافىّ، وخرج الى شيراز ودرس
بها النحو على الفارسىّ عشرين سنة، ثم عاد الى بغداد وأقام بها باقى
عمره. خرج يوما يمشى على جانب الشطّ، فرأى الشريف الرضى والمرتضى في
سفينة ومعهما عثمان بن جنىّ النحوىّ، فصاح أبو الحسن: من أعجب أحوال
الشريفين أن يكون «عثمان» جالسا فى صدر السفينة «وعلى» يمشى على
الحافة؛ فضحكا وقالا: باسم الله. قلت:
وهذا مما يدل على أن الرضى والمرتضى كانا يصرّحان بالرفض.
وفيها توفّى الأستاذ الأمير المختار عزّ الملك محمد بن أبى القاسم عبد
الله بن أحمد ابن إسماعيل بن عبد العزيز المعروف بالمسبّحىّ الكاتب،
الحرانىّ الأصل المصرىّ المولد والمنشأ، صاحب التاريخ المشهور وغيره من
المصنّفات. قال ابن خلكان:
«كانت فيه فضائل ولديه معارف، ورزق حظوة في التصانيف، واتصل بخدمة
الحاكم العبيدىّ. قال: وتاريخه ثلاثة عشر ألف ورقة» انتهى. قلت: وله
عدّة تصانيف أخر. مات في شهر ربيع الآخر. والمسبحى: بضم الميم وفتح «3»
السين المهملة وكسر الباء الموحدة ثانية الحروف وفي آخرها حاء مهملة.
قال السمعانىّ: هذه النسبة إلى الجدّ.
(4/271)
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع
أذرع وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا سواء.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 421]
السنة العاشرة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة إحدى
وعشرين وأربعمائة.
فيها عملت الرافضة النّوح في يوم عاشوراء بالكرخ، ووقع بينهم وبين أهل
السنّة وقعة قتل فيها جماعة من الفريقين.
وفيها خطب للأمير أبى سعيد مسعود بن محمود بن سبكتكين بعد موت أبيه
بأرمينية والأطراف.
وفيها عاد جلال الدولة إلى بغداد من واسط. ولم يحجّ أحد من العراقيّين
فى هذه السنة، وحجّ الناس من مصر وغيرها.
وفيها توفّى أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو الحسن ويعرف بابن الدان «1»
، أصله من الجزيرة وسكن دمشق، وكان يعظ، وكان صاحب مقالات وكرامات، وهو
معدود من المشايخ.
وفيها توفّى أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن درّاج
أبو عمر القسطلّىّ الشاعر المشهور. قال ابن حزم: كان عالما بنقد الشعر،
لو قلت إنه لم يكن بالأندلس أشعر من ابن درّاج لم أبعد. وهو من مدينة
قسطلّة درّاج،
(4/272)
وقيل هو اسم ناحية. وكان من كتّاب الإنشاء
في أيّام المنصور بن أبى عامر.
ومن شعره من جملة قصيدة طويلة: [الطويل]
أضاء لها فجر النّهى فنهاها ... عن المدنف المضنى بحرّ هواها
وضلّلها صبح جلا ليله الدجى «1» ... وقد كان يهديها إلىّ دجاها
وفيها توفى السلطان يمين الدولة أبو القاسم محمود بن سبكتكين [ابن «2»
] الأمير ناصر الدولة أبى منصور صاحب غزنة وغيرها. كان السلطان محمود
هذا يلقّب قبل السلطنة بسيف الدولة، وكان من عظماء ملوك الدنيا، وفتح
عدّة بلاد من الهند وغيرها، واتسعت مملكته [حتّى بلغت أوقافه «3» عشرة
آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من أصناف الأموال والجواهر] ؛ وكان ديّنا
خيّرا متعبّدا فقيها على مذهب أبى حنيفة.
وما حكاه ابن خلكان من قصّة القفّال في صلاة الحنفيّة بين يدى ابن
سبكتكين المذكور ليس لها صحّة؛ يعرف ذلك من له أدنى ذوق من وجوه عديدة؛
فإنّ محمودا المذكور كان قد قرأ في ابتداء أمره وبرع في الفقه والخلاف
وصار معدودا من العلماء، وصنّف كتابا في فقه الحنفيّة قبل سلطنته بمدّة
سنين، وذلك قبل أن يشتهر القفّال. فمن يكون بهذه المثابة لا يحتاج الى
من يعرّفه الصلاة على المذاهب الأربعة بل ولا غيرها؛ وأصاغر الفقهاء من
طلبة العلم يعرفون الخلاف في مثل هذه المسألة.
وأيضا حاشا القفّال من أن يقع في مثل هذه القبائح من كشف العورة
والضراط فى الملأ وتحكيم رجل نصرانىّ في قراءة كتب المذهبيين والافتراء
على مذهب الإمام
(4/273)
الأعظم أبى حنيفة؛ وما ثمّ أمر يحتاج الى
ذلك ولا ألجأت الضرورة الى أن يفعل بعض ما قيل عنه. وإنما محمود بن
سبكتكين رجل من المسلمين لا يزيد في الحنفيّة ولا ينقص من الشافعيّة؛
ولعلّ بعض الفقراء يكون أفضل منه عند الله تعالى. وهأنا لم أكن مثل
القفّال في كثرة علومه بل ولا أصاغر تلامذته، لو قيل لى: افعل بين يدى
السلطان بعض ما قيل عن القفّال لا أرضى بذلك، ولا ألتفت الى السلطان
ولا الى غيره، ولا أهزأ بصلاة مسلم كائن من كان. فهذا كله موضوع على
القفّال من أهل التحامل والتعصّب. فنعوذ بالله من الاستخفاف بالعلماء
والوقوع في حقّهم، ونسأل الله السلامة في الدين. وكانت وفاة السلطان
محمود في جمادى الأولى من هذه السنة، رحمه الله تعالى. وتولّى بعده
الملك ابنه مسعود بن محمود الآتى ذكره.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وثلاث وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وستّ أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 422]
السنة الحادية عشرة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة
اثنتين وعشرين وأربعمائة.
فيها قتل أبو [علىّ «1» ] الحسن [بن «2» ] علىّ بن ماكولا بالأهواز،
قتله غلام له يعرف بعدنان، كان يجتمع مع امرأة في داره، ففطن بهما،
فعلما بذلك فخافا منه، وساعدهما فرّاش كان في داره، فغمّوه بشىء وعصروا
خصاه حتّى مات، وأظهروا أنه مات فجأة؛ فأخذ الغلام والفرّاش وضربا
فأقرّا بما وقع من أمره، فصلبا وحبست المرأة فى دار.
(4/274)
وفيها أخذ ملك الروم مدينة الرّها.
وفيها ولد بمدينة إسكاف «1» ولد له رأس وبقيّة بدنه كالحيّة، فنطق ساعة
مولده وقال: الناس تحت غضب منذ أربع سنين، والواجب أن يخرجوا فيستسقوا
«2» ليكشف عنهم البلاء. فكتب قاضى «3» إسكاف للخليفة بذلك، فاجتمع
الناس واستسقوا فلم يسقوا.
وفيها توفّى الخليفة القادر بالله أمير المؤمنين أبو العباس أحمد ابن
الأمير أبى أحمد إسحاق ابن الخليفة جعفر المقتدر ابن الخليفة المعتضد
أحمد ابن الأمير أبى أحمد طلحة الموفق ابن الخليفة جعفر المتوكّل ابن
الخليفة محمد المعتصم ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة المهدىّ
محمد ابن الخليفة أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علىّ بن عبد
الله بن عبّاس بن عبد المطّلب الهاشمىّ العباسىّ البغدادىّ. بويع
بالخلافة بعد القبض على الطائع عبد الكريم في حادى عشر شهر رمضان سنة
إحدى وثمانين وثلثمائة، ومولده في سنة ستّ وثلاثين وثلثمائة. وأمّه أمّ
ولد تسمى يمنى، ماتت في خلافته.
وتوفّى ليلة الاثنين حادى عشر ذى الحجّة، ودفن ليلة الثلاثاء بين
المغرب والعشاء.
وكانت خلافته إحدى وأربعين سنة وثلاثة أشهر؛ وهو أطول الخلفاء
العبّاسيّة مدّة، لا نعلم خليفة أقام في الخلافة هذه المدّة من بنى
العبّاس ولا غيرهم إلا المستنصر معدّا العبيدىّ الآتى ذكره، فإنه أقام
في خلافة مصر ستيّن سنة. وتخلّف بعد القادر ابنه أحمد ولقّب بالقائم
بأمر الله. وكان القادر- رحمه الله- أبيض كثّ اللحية يخضب؛ وكان ديّنا
خيّرا حسن الاعتقاد أمّارا بالمعروف فاضلا. صنّف
(4/275)
كتبا كثيرة في فنون من العلم، منها كتاب في
أصول الدين، وكتاب في فضائل الصحابة وعمر بن عبد العزيز، وكتاب كفّر
فيه القائلين بخلق القرآن. وكان كثير الصيام والصدقات، رحمه الله
تعالى.
وفيها توفّى عبد الوهاب بن علىّ بن نصر بن أحمد القاضى أبو محمد
البغدادىّ المالكىّ الفقيه، سمع الحديث وروى عنه غير واحد، وكان شيخ
المالكيّة فى عصره وعالمهم؛ وصنّف كتاب «التلقين» وشرح الرسالة وغير
ذلك.
وفيها توفّى يحيى بن نجاح أبو الحسين بن القلّاس الأموىّ مولاهم
القرطبىّ.
رحل الى البلاد وسمع الكثير وحجّ واستوطن مصر. وكان عالما ورعا ديّنا.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وستّ أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 423]
السنة الثانية عشرة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة
ثلاث وعشرين وأربعمائة.
فيها بعث الظاهر صاحب الترجمة بكسوة الكعبة فكسيت.
وفيها لم يحجّ أحد من العراق ولا من خراسان وحجّ الناس من مصر.
وفيها رأى رجل من أهل أصبهان في النوم أن شخصا وقف على منارة أصبهان
وقال:" سكت «1» نطق، نطق سكت". فآنتبه وجكى للناس، فما عرف أحد معناه؛
فقال رجل: يأهل أصبهان، احذروا فإن أبا العتاهية الشاعر يقول:
سكت الدهر زمانا عنهم ... ثم أبكاهم دما حين نطق
(4/276)
فما كان بعد ذلك إلا قليل، ودخل عسكر مسعود
بن محمود بن سبكتكين ونهب البلد وقتل عالما لا يحصى.
وفيها توفّى علىّ بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نعيم أبو الحسن البصرىّ
الحافظ الشاعر. قال محمد بن علىّ الصورىّ: لم أر ببغداد أكمل منه. وجمع
بين معرفة الحديث وعلم الكلام والأدب والفقه والشعر. ومن شعره وأجاد:
[المتقارب]
إذا عطّشتك أكفّ اللئام ... كفتك القناعة شبعا وريّا
فكن رجلا رجله في الثرى ... وهمّة هامته في الثريّا
وفيها توفّى محمد بن الطيب بن سعيد «1» بن موسى أبو بكر الصبّاغ
البغدادىّ، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلثمائة، وسمع الكثير. قال أبو بكر
الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقا ثقة. وقال رئيس الرؤساء أبو القاسم علىّ
بن الحسن: تزوّج محمد بن الطيب زيادة على تسعمائة امرأة.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم في هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو القاسم
عبد الرّحمن ابن عبد الله الحربىّ الحرفىّ في شوّال وله سبع وثمانون
سنة. وأبو الحسن علىّ بن أحمد النّعيمىّ المحدّث الأديب. وأبو الفضل
منصور بن نصر بن عبد الرّحيم ابن بنت السّمرقندىّ الكاغدىّ في ذى
القعدة، وقد قارب المائة. انتهى كلام الذهبى.
وفيها كان الطاعون ببلاد الهند والعجم وعظم الى الغاية، وكان أكثره
بغزنة وخراسان وجرجان والرىّ وأصبهان ونواحى الجبل الى حلوان، وامتدّ
الى الموصل والجزيرة وبغداد، حتى قيل: إنّه خرج من أصبهان وحدها أربعون
ألف جنازة، ثم امتدّ الى شيراز.
(4/277)
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع
أذرع وعشرون إصبعا.
مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وأربع أصابع.
*** [ما وقع من الحوادث سنة 424]
السنة الثالثة عشرة من ولاية الظاهر لإعزاز دين الله على مصر وهى سنة
أربع وعشرين وأربعمائة.
فيها عملت الرافضة المأتم ببغداد في يوم عاشورا على العادة، فأقام بذلك
«1» العيّارون. أعنى عن الزعران «2» الذين كانوا غلبوا على بغداد،
وعجزت الحكّام عنهم.
وفيها توفّى أحمد بن الحسين بن أحمد أبو الحسين المعروف بابن السّماك
الواعظ البغدادىّ، مولده سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة، وكان يعظ بجامع
المنصور والمهدىّ ويتكلم على طريق الصوفية، وكان لكلامه رونق، غير أنهم
تكلموا فيه؛ وكانت وفاته ببغداد في ذى الحجة من السنة.
وفيها في المحرّم خرجوا ببغداد للاستسقاء بسبب القحط.
وفيها ثار أهل الكرخ بالعيّارين فهربوا، وكبسوا دورهم ونهبوا سلاحهم،
وطلبوا من السلطان المعاونة. وسبب ذلك أن العيّارين نهبوا تاجرا فغضب
له أهل سوقه، فرد العيّارون بعض ما أخذوا؛ ثم كبسوا دار ابن العلواء
«3» الواعظ وأخذوا ماله، ثمّ فعلوا ذلك بجماعة كثيرة، حتّى قام عليهم
أهل الكرخ، ووقع بينهم بسبب ذلك قتال وحروب يطول شرحها.
(4/278)
وفيها توفى أبو بكر بن محمد بن إبراهيم الأردستانىّ «1» ، كان إماما
زاهدا فاضلا معدودا من كبار المشايخ، وله كرامات وأحوال.
أمر النيل في هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وعشر أصابع. مبلغ
الزيادة ستّ عشرة ذراعا وإصبعان. |