تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت
تدمري
[المجلد الخامس (سنة 61- 80) ]
الطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ
[حَوَادِثُ] سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: جَرْهَدٌ الْأَسْلَمِيُّ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ
عَلِيٍّ رَضِيَ الله عنهما، وحمزة ابن عُرْوَةَ الْأَسْلَمِيُّ،
وَأُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَابِرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ
قَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ، وخالد بن عرفطة، وعثمان بن زياد ابن أبيه أخو
عبيد الله، توفي شابا وله ثلاث وثلاثون سنة، وهمام بن الحارث، وهو
مخضرم.
مقتل الحسين
واستشهد مع الحسين ستة عشر رجلا من أهل بيته. وكان من قصته أَنَّهُ
تَوَجَّهَ مِنْ مَكَّةَ طَالِبًا الْكُوفَةَ لِيَلِيَ الْخِلَافَةَ.
وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ
[1] ، قَالَ بَعْدَ أن سَرَدَ عِدَّةَ أَسْطُرٍ، أَسَانِيدُ وَغَيْرُ
هَؤُلَاءِ: حَدَّثَنِي فِي هذا الحديث بطائفة، فكتبت جَوَامِعَ
حَدِيثِهِمْ فِي مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا:
لَمَّا أَخَذَ الْبَيْعَةَ مُعَاوِيَةُ لِابْنِهِ يَزِيدَ، كَانَ
الْحُسَيْنُ مِمَّنْ لَمْ يُبَايِعْ، وَكَانَ أَهْلُ الْكُوفَةِ
يَكْتُبُونَ إِلَى الْحُسَيْنِ يَدْعُونَهُ إِلَى الْخُرُوجِ
إِلَيْهِمْ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ يَأْبَى، فَقَدِمَ منهم قوم إلى
محمد ابن الْحَنَفِيَّةِ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أن يَخْرُجَ مَعَهُمْ،
فَأَبَى، وَجَاءَ الْحُسَيْنُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا عَرَضُوا عَلَيْهِ
وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُرِيدُونَ أن يَأْكُلُونَا
وَيَشِيطُوا [2] دِمَاءَنَا، فَأَقَامَ الْحُسَيْنُ عَلَى مَا هُوَ
عَلَيْهِ مَهْمُومًا، يَجْمَعُ الْإِقَامَةَ مَرَّةً، وَيُرِيدُ أن
يَسِيرَ إِلَيْهِمْ مَرَّةً، فَجَاءَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ
فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي لَكَ نَاصِحٌ ومشفق،
__________
[1] ما رواه ابن سعد هو في القسم غير المنشور من طبقاته، وهو في تاريخ
دمشق.
[2] أشاط الدم: سفكه وأراقه.
(5/5)
وَقَدْ بَلَغَنِي أن قَوْمًا مِنْ
شِيعَتِكُمْ كَاتِبُوكَ، فَلَا تَخْرُجْ فِإِنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ
بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَدْ مَلَلْتُهُمْ،
وَأَبْغَضُونِي وَمَلُّونِي، وَمَا بَلَوْتُ مِنْهُمْ وَفَاءً، وَمَنْ
فَازَ بِهِمْ، فَإِنَّمَا فَازَ بِالسَّهْمِ الْأَخْيَبِ، واللَّهِ مَا
لَهُمْ ثَبَاتٌ وَلَا عَزْمٌ وَلَا صَبْرٌ عَلَى السَّيْفِ، قَالَ:
وَقَدِمَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ [1] الْفَزَارِيُّ وَعِدَّةٌ
مَعَهُ إِلَى الْحُسَيْنِ، بَعْدَ وَفَاةِ الْحَسَنِ، فَدَعُوهُ إِلَى
خَلْعِ مُعَاوِيَةَ وَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا رَأْيَكَ وَرَأْيَ
أَخِيكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو أن يُعْطِيَ اللَّهُ أَخِي عَلَى
نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَنِي عَلَى نِيَّتِي فِي حُبِّي جِهَادِ
الظَّالِمِينَ [2] . وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى معاوية: إنّي لست آمن أن
يَكُونَ حُسَيْنُ مَرْصَدًا لِلْفِتْنَةِ، وَأَظُنُّ يَوْمَكُمْ مِنْ
حُسَيْنٍ طَوِيلًا [3] .
فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْحُسَيْنِ: إِنَّ مَنْ أَعْطَى اللَّهَ
تَعَالَى صَفْقَةَ يَمِينِهِ وَعَهْدَهُ لَجَدِيرٌ بِالْوَفَاءِ،
وَقَدْ أُنْبِئْتُ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةَ قَدْ دَعَوْكَ
إِلَى الشِّقَاقِ، وَأَهْلِ الْعِرَاقِ مَنْ قَدْ جَرَّبْتَ، قَدْ
أَفْسَدُوا عَلَى أَبِيكَ وَأَخِيكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ وَاذْكُرِ
الْمِيثَاقَ، فَإِنَّكَ مَتَى تَكِدْنِي أَكِدْكَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: أَتَانِي كِتَابَكَ، وَأَنَا بِغَيْرِ
الَّذِي بَلَغَكَ عَنِّي جَدِيرٌ، وَمَا أَرَدْتُ لَكَ مُحَارَبَةً،
وَلَا عَلَيْكَ خِلَافًا، وَمَا أَظُنُّ لِي عِنْدَ اللَّهِ عُذْرًا
فِي تَرْكِ جِهَادِكَ، وَمَا أَعْظَمُ فتنة أعظم مِنْ وِلَايَتِكَ
هَذِهِ الْأُمَّةِ [4] . وَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنْ أَثَرْنَا بِأَبِي
عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا [5] .
رَوَاهُ بِطُولِهِ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، وَعَنْ
أَشْيَاخِهِمْ.
وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ شَيْبَةَ
قَالَ: لَقِيَ الْحُسَيْنُ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَ بِخِطَامِ
رَاحِلَتِهِ، فَأَنَاخَ بِهِ، ثُمَّ سَارَّهُ طَوِيلًا وَانْصَرَفَ،
فَزَجَرَ مُعَاوِيَةُ رَاحِلَتَهُ، وقَالَ لَهُ يَزِيدُ ابْنَهُ: لَا
تَزَالُ رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَكَ، فَأَنَاخَ بك،
__________
[1] بفتح النون والجيم والموحدة، على ما في الخلاصة 377.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
(5/6)
قَالَ: دَعْهُ لَعَلَّهُ يَطْلُبُهُ مِنْ
غَيْرِي، فَلَا يُسَوِّغُهُ، فَيَقْتُلُهُ [1] .
مَرْوَانُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، ثُمّ
قَالَ: رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى الْأَوَّلِ.
قَالُوا: وَلَمَّا احْتُضِرَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ
فَأَوْصَاهُ وَقَالَ: انْظُرْ حُسَيْنَ ابْنَ فَاطِمَةَ، فَإِنَّهُ
أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى النَّاسِ، فَصِلْ رَحِمَهُ، وارفق بِهِ،
فَإِنَّ بِكَ مِنْهُ شَيْءٍ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يَكْفِيكَهُ
اللَّهُ بِمَنْ قَتَلَ أَبَاهُ وَخَذَلَ أَخَاهُ [2] .
وَلَمَّا بُويِعَ يَزِيدُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ
أَمِيرَ الْمَدِينَةِ: أَنْ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ،
وَابْدَأْ بِوُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلْيَكُنْ أوَّلَ مَنْ تَبْدَأُ بِهِ
الْحُسَيْنُ، وَارْفِقْ بِهِ، فَبَعَثَ الْوَلِيدُ فِي اللَّيْلِ إِلَى
الْحُسَيْنِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخْبَرَهُمَا بِوَفَاةِ
مُعَاوِيَةَ، وَدَعَاهُمَا إِلَى الْبَيْعَةِ، فَقَالَا: نُصْبِحُ
وَنَنْظُرُ فِيمَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَوَثَبَا فَخَرَجَا، وأَغْلَظَ
الْوَلِيدُ لِلْحُسَيْنِ، فَشَتَمَهُ الْحُسَيْنُ وَأَخَذَ
بِعِمَامَتِهِ فَنَزَعَهَا، فَقَالَ الْوَلِيدُ:
إِنْ هَجَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا أَسَدًا، فَقِيلَ
لِلْوَلِيدِ: اقْتُلْهُ، قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَصُونٌ [3] .
وَخَرَجَ الْحُسَيْنُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ لِوَقْتِهِمَا إِلَى
مَكَّةَ، وَنَزَلَ الْحُسَيْنُ بِمَكَّةَ دَارَ الْعَبَّاسِ. وَلَزِمَ
عَبْدُ اللَّهِ الْحِجْرَ، فَلَبِسَ الْمَغَافِرَ، وَجَعَلَ يُحَرِّضُ
عَلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى الْحُسَيْنِ،
وَيُشِيرُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْدُمَ الْعِرَاقَ وَيَقُولُ لَهُ: هُمْ
شِيعَتُكُمْ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ [4] .
وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ: فِدَاكَ أَبِي وأمّي متّعنا
بنفسك ولا تسر إلى العراق، فو الله لَئِنْ قَتَلَكَ هَؤُلَاءِ
الْقَوْمُ ليتخذنا خَوَلًا أَوْ عَبِيدًا [5] .
وَقَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَبَّاسِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ بالأبواء، مُنْصَرِفِينَ مِنَ
الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُمَا ابْنُ عمر: أذكّركما الله إلّا رجعتما،
فدخلتما
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 330.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.
[5] طبقات ابن سعد 5/ 145، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.
(5/7)
فِي صَالِحِ مَا يَدْخُلُ فِيهِ النَّاسُ،
وَنَنْظُرُ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَى يَزِيدَ النَّاسُ لَمْ تَشُذَّا [1]
، وَإِنِ افْتَرَقُوا عَلَيْهِ كَانَ الَّذِي تُرِيدَانِ [2] .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِلْحُسَيْنِ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَاخْتَارَ الْآخِرَةَ، وَإِنَّكَ بُضْعَةٌ
منه، ولا تنالها- عني الدُّنْيَا- فَاعْتَنَقَهُ وَبَكَى، وَوَدَّعَه،
فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: غَلَبَنَا حُسَيْنُ بِالْخُرُوجِ،
وَلَعَمْرِي لَقَدْ رَأَى فِي أَبِيهِ وَأَخِيهِ عَبْرَةً، وَرَأَى
مِنَ الْفِتْنَةِ وَخِذْلَانِ النَّاسِ لَهُمْ مَا كَانَ يَنْبَغِي
لَهُ أَنْ لَا يَتَحَرَّكَ مَا عَاشَ [3] .
وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ؟
قَالَ: الْعِرَاقَ وَشِيعَتِي، قَالَ: إِنِّي لَكَارِهٍ لِوْجَهِكَ
هَذَا، تَخْرُجُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَبَاكَ وَطَعَنُوا أَخَاكَ،
حَتَّى تَرَكَهُمْ سَخْطَةً وَمَلَّهُمْ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ [أَنْ]
تُغَرِّرَ بِنَفْسِكَ [4] . الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْرَمِيُّ [5] ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ: خَرَجَ
الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدِينَةَ، فَمَرَّ بِابْنِ مُطِيعٍ وَهُوَ
يَحْفِرُ بِئْرَهُ، فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي!
مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ وَلَا تَسِرْ، فَأَبِي الْحُسَيْنِ، قَالَ:
إِنَّ بِئْرِي هَذِهِ رَشْحُهَا، وَهَذَا الْيَوْمُ مَا خَرَجَ
إِلَيْنَا فِي الدَّلْوِ، مَاءٌ، فَلَوْ دَعَوْتَ لَنَا فِيهَا
بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: هَاتِ مِنْ مَائِهَا، فَأَتَى بِمَا فِي
الدَّلْوِ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ مَضْمَضَ، ثُمَّ رَدَّهُ فِي
الْبِئْرِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: غَلَبَنِي الْحُسَيْنُ عَلَى
الْخُرُوجِ، وَقَدْ قَلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَالْزَمْ بَيْتَكَ،
وَلَا تَخْرُجْ عَلَى إِمَامِكَ، وَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وغيرهما.
__________
[1] في الأصل «لم يشدوا» .
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 331.
[3] تهذيب 4/ 331.
[4] في (مجمع الزوائد ج 9 ص 192) : عن ابن عباس قال: استأذنني
الْحُسَيْنُ فِي الْخُرُوجِ فَقُلْتُ: لَوْلا أَنْ يُزْرَى ذلك بي أو
بك لشبكت بيدي في رأسك، فكان الّذي رد عليّ أن قال:
لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا أَحَبُّ إليَّ من أن يستحلّ بي
حرم الله ورسوله، قال: فذلك الّذي سلى نفسي عنه.
[5] بفتح الميم، كما في الخلاصة 193.
(5/8)
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَوْ
أَنَّ حُسَيْنًا لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ.
وَقَدْ كَتَبَتْ إِلَيْهِ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
تُعَظِّمُ عَلَيْهِ مَا يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ، وَتَأْمُرُهُ بِلُزُومِ
الْجَمَاعَةِ، وَتُخْبِرُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَاقُ إِلَى مَصْرَعِهِ
وَتَقُولُ: أَشْهَدُ لَحَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّهَا سَمِعَتْ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يُقْتَلُ
حُسَيْنٌ بِأَرْضِ بَابِلٍ» [1] وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
جَعْفَرٍ كِتَابًا يُحَذِّرُهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَيُنَاشِدُهُ
اللَّهَ أَنْ يَشْخَصَ إِلَيْهِمْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ: إِنِّي رَأَيْتُ رُؤْيَا، وَرَأَيْتُ
فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَأَمَرَنِي بِأَمْرٍ أَنَا مَاضٍ لَهُ، وَلَسْتُ بِمُخْبِرٍ أَحَدًا
بِهَا حَتَّى أُلَاقِيَ عَمَلِي [2] . وَلَمْ يَقْبَلِ الْحُسَيْنُ
غَدًا، وَصَمَّمَ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْعِرَاقِ. فَقَالَ لَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ سَتُقْتَلُ غَدًا بَيْنَ
نِسَائِكَ وَبَنَاتِكَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ، وَإِنِّي لَأَخَافُ
أَنْ تكون الّذي يقاد به عثمان، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
راجِعُونَ 2: 156. فَقَالَ:
يَا أَبَا الْعَبَّاسِ إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتَ، فَبَكَى ابْنُ
عَبَّاسٍ وَقَالَ: أقررت عَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَمَّا رَأَى
ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ لَهُ: قَدْ
أَتَى مَا أَحْبَبْتَ، هَذَا الْحُسَيْنُ يَخْرُجُ وَيَتْرُكُكَ
وَالْحِجَازَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ:
يَا لَكِ مِنْ قُنْبُرَةٍ [3] بِمَعْمَرِ ... خَلَا لَكِ الْجَوُّ [4]
فَبِيضِي وَاصْفِرِي
وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي [5]
وَبَعَثَ الْحُسَيْنُ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ
مَنْ خَفَّ مَعَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُمْ تِسْعَةُ
عَشَرَ رَجُلًا، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، وَتَبِعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَنَفِيَّةِ فَأَدْرَكَ أَخَاهُ الْحُسَيْنَ بِمَكَّةَ،
وَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْخُرُوجَ لَيْسَ لَهُ بِرَأْيٍ، يَوْمَهُ هَذَا،
فَأَبَى الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ، فَحَبَسَ مُحَمَّدٌ وَلَدَهُ، فَوَجَدَ
عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ وَقَالَ:
تَرْغَبُ بِوَلَدِكَ عَنْ مَوْضِعٍ أُصَابُ فِيهِ! وَبَعَثَ أَهْلُ
الْعِرَاقِ إِلَى الحسين الرسل،
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 332، 333.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 333.
[3] في التاج: القبرة: طائر، الواحدة بهاء، ولا تقل قنبرة، أو لغية،
وقد جاء ذلك في الرجز ...
[4] في الأصل «خلا لك البر» .
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 334، تاريخ الطبري 5/ 384، الكامل في التاريخ
4/ 39، البداية والنهاية 8/ 160.
(5/9)
وَالْكُتُبَ يَدْعُونَهُ إِلَيْهِمْ،
فَخَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْعِرَاقِ، فِي عَشْرِ ذِي
الْحِجَّةِ، فَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ
أَمِيرِ الْكُوفَةِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ تَوَجَّهَ
إِلَيْكَ، وتاللَّه مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا سَلْمَةً مِنَ
الْحُسَيْنِ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَفْتَحَ عَلَى الْحُسَيْنِ مَا لَا
يَسُدُّهُ شَيْءٌ. وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ
الْعَاصِ: أَمَّا بَعْدُ، تَوَجَّهَ إِلَيْكَ الْحُسَيْنُ، وَفِي
مِثْلِهَا تُعْتَقُ أَوْ تُسْتَرَقُّ كَمَا تُسْتَرَقُّ الْعَبِيدُ [1]
.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: بَلَغَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ
مَسِيرُ الْحُسَيْنِ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ، فَخَرَجَ عَلَى بِغَالِهِ
هُوَ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا حَتَّى قَدِمُوا الْكُوفَةَ، فَاعْتَقَدَ
أَهْلُ الْكُوفَةِ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ وَهُوَ مُتَلَثِّمٌ، فَجَعَلُوا
يَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارَ الْحُسَيْنُ حَتَّى نَزَلَ نَهْرَيْ
كَرْبَلَاءَ، وَبَعَثَ عُبَيْدَ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ عَلَى
جَيْشٍ.
قَالَ: وَبَعَثَ شِمْرَ بْنَ ذيِ الْجَوْشَنِ فَقَالَ: إِنْ قَتَلَهُ
وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وَأَنْتَ عَلَى النَّاسِ [2] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ أَبِيهِ:
خَرَجَ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ يَزِيدُ إِلَى وَالِيهِ
بِالْعِرَاقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ: إِنَّ حُسَيْنًا صَائِرٌ
إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَدِ ابْتُلِيَ بِهِ زَمَانُكَ مِنْ بَيْنِ
الْأَزْمَانِ، وَبَلَدُكَ مِنْ بَيْنِ الْبُلْدَانِ، وَأَنْتَ مِنْ
بَيْنِ الْعُمَّالِ، وَعِنْدَهَا تُعْتَقُ أَوْ تَعُودُ عَبْدًا.
فَقَتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَيْهِ [3] .
وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ: سَمِعْتُ الْفَرَزْدَقَ
يَقُولُ: لَقِيتُ الْحُسَيْنَ بِذَاتِ عِرْقٍ وَهُوَ يُرِيدُ
الْكُوفَةَ، فَقَالَ لِي: مَا تَرَى أَهْلَ الْكُوفَةِ صَانِعِينَ؟
مَعِي حِمْلُ بَعِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ؟ قُلْتُ: لَا شَيْءَ،
يَخْذُلُونَكَ، لَا تَذْهَبْ إِلَيْهِمْ. فَلَمْ يُطِعْنِي [4] .
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي بُجَيْرٌ، مِنْ أَهْلِ
الثَّعْلَبِيَّةِ، قَلْتُ لَهُ: أين كنت
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 335.
[2] سير أعلام النبلاء 3/ 300.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 335.
[4] سير أعلام النبلاء 3/ 304.
(5/10)
حِينَ مَرَّ الْحُسَيْنُ؟ قَالَ: غُلَامٌ
قَدْ أَيْفَعْتَ [1] ، قَالَ: كَانَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ،
وَكَانَ أَخِي أَسَنُّ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ
اللَّهِ، أَرَاكَ فِي قِلَّةٍ مِنَ النَّاسِ! فَقَالَ بِالسَّوْطِ،
وَأَشَارَ إِلَى حَقِيبَةِ الرَّحْلِ: هَذِهِ [خَلْفِي] [2]
مَمْلُوءَةٌ كُتُبًا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَحَدَّثَنِي شِهَابُ
بْنُ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ
الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ إِلَى
الْحُسَيْنِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ يُرِيدُونَ الدَّيْلَمَ،
فَصَرَفَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الْحُسَيْنِ، فَلَقِيتُ
حُسَيْنًا، فَرَأَيْتُهُ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَقُلْتُ
لَهُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ:
وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ. قَالَ شِهَابٌ:
فَحَدَّثْتُ بِهِ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ، فَأَعْجَبَهُ قَوْلُهُ
وَكَانَتْ فِيهِ غُنَّةٌ [3] .
ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَغَيْرِهِ، بِإِسْنَادِهِمْ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ رَجُلًا عَلَى
نَاقَةٍ إِلَى الْحُسَيْنِ، يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ مُسْلِمِ بْنِ
عُقَيْلٍ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ كَمَا
مَرَّ فِي سَنَةِ سِتِّينَ، فَقَالَ لِلْحُسَيْنِ وَلَدُهُ عَلِيٌّ
الْأَكْبَرُ: يَا أَبَهِ ارْجِعْ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ
وَغَدْرُهُمْ، وَقِلَّةُ وَفَائِهِمْ، وَلَا لَكَ بِشَيْءٍ، فَقَالَتْ
بَنُو عُقَيْلٍ: لَيْسَ هَذَا حِينَ رُجُوعٍ، وَحَرَّضُوهُ عَلَى
الْمُضِيِّ.
وَقَالَ الْحُسَيْنُ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ تَرَوْنَ مَا يَأْتِينَا،
وَمَا أَرَى الْقَوْمَ إِلَّا سَيَخْذِلُونَنَا، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ
يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَبَقِيَ
فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمُ اثْنَيْنِ
وَثَلَاثِينَ فَرَسًا [4] . وَأَمَّا ابْنُ زِيَادٍ فَجَمَعَ
الْمُقَاتِلَةَ وَأَمَرَ لَهُمْ بِالْعَطَاءِ.
وَقَالَ يَزِيدُ الرِّشْكُ: حَدَّثَنِي مَنْ شَافَهَ الْحُسَيْنُ
قَالَ: رَأَيْتُ أبنية مَضْرُوبَةً بِالْفَلَاةِ لِلْحُسَيْنِ،
فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالدُّمُوعُ
تَسِيلُ عَلَى خدَّيْهِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا بن بِنْتِ
رَسُولِ اللَّهِ، مَا أَنْزَلَكَ هَذِهِ الْبِلَادَ والفلاة التي
__________
[1] في الأصل «أينعت» .
[2] زيادة من سير الأعلام 3/ 305.
[3] سير أعلام النبلاء 3/ 305.
[4] في (المذكر والمؤنث لابن جني) : الفرس يقع على الذكر والأنثى.
(5/11)
لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ؟ قَالَ: هَذِهِ كتب
أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَيَّ، وَلَا أَرَاهُمْ إِلَّا قَاتِلِيَّ،
فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَدَعُوا للَّه حُرْمَةً إِلَّا
انْتَهَكُوهَا، فَيُسَلِّطُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ
حَتَّى يَكُونُوا أَذَلَّ مَنْ فَرَمِ [1] الْأَمَةِ، يَعْنِي
مُقَنَّعَتَهَا. قُلْتُ: نَدَبَ ابْنُ زِيَادٍ لِقِتَالِ الْحُسَيْنِ،
عُمَرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
فَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنٍ
قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ بِالْحُسَيْنِ أَيْقَنَ
أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ، فَقَامَ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَوْنَ،
إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ، وَأَدْبَرَ
مَعْرُوفُهَا، وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلًا
صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، وَإِلَّا خَسِيسُ عَيْشٍ
كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَلَا تَرَوْنَ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ،
وَالْبَاطِلُ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ، لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي
لِقَاءِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً،
وَالْحَيَاةُ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَمًا [2] . وَقَالَ خَالِدٌ
الْحَذَّاءُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ،
أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمَّا أَرْهَقَهُ السِّلَاحُ قَالَ: أَلَا
تَقْبَلُونَ مِنِّي مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقبل مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ قِيلَ: وَمَا كَانَ يَقْبَلُ
مِنْهُمْ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَنَحَ أَحَدُهُمْ لِلسِّلْمِ قَبِلَ
مِنْهُ، قَالُوا: لَا، قَالَ: فَدَعُونِي أَرْجِعُ، قَالُوا: لَا،
قَالَ: فَدَعُونِي آتِيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ. فَأَخَذَ
لَهُ رَجُلٌ السِّلَاحَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِالنَّارِ، فَقَالَ:
بِلْ إِنْ شَاءَ اللَّهِ بِرَحْمَةِ رَبِّي وَشَفَاعَةِ نَبِيِّي،
قَالَ: فَقُتِلَ وَجِيءَ بِرَأْسِهِ حَتَّى وُضِعَ فِي طَسْتٍ بَيْنَ
يَدَيِ ابْنِ زِيَادٍ [3] ، فَنَكَتَهُ بِقَضِيبِهِ [4] وَقَالَ:
لَقَدْ كَانَ غُلَامًا صبيحا، ثم
__________
[1] في الأصل «فدم» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير والنهاية حيث قال: هو
بالتحريك ما تعالج به المرأة فرجها، وقيل: هو خرقة الحيض (انظر تاريخ
الطبري 5/ 394) .
[2] في الأصل «ندما» وفي مجمع الزوائد ج 9 ص 193 «برما» أي مللا وسآمة.
والخبر في المعجم الكبير للطبراني (2842) وحلية الأولياء 2/ 39، وتاريخ
الطبري 5/ 403، 404.
[3] في (مجمع الزوائد ج 9 ص 196) و (اللمعات البرقية في النكت
التاريخية لمحمد بن طولون ص 3) : روي من غير وجه عن عبد الملك بن عمير
اللخمي الكوفي أنه قال: رأيت في هذا القصر- وأشار إلى قصر الإمارة
بالكوفة- رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما بين يدي عبيد الله بن زياد
على ترس، ثم رأيت فيه رأس عبيد الله بن زياد بين يدي المختار بن عبيد
على ترس، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب على ترس، ثم رأيت رَأْسَ
مُصْعَبٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان على ترس ...
[4] تاريخ الطبري 5/ 393.
(5/12)
قال: أيّكم قاتله؟ فقال الرجل، فقال: مَا
قَالَ لَكَ؟ فَأَعَادَ الْحَدِيثَ، فَاسْوَدَّ وَجْهُهُ [1] .
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي «الطَّبَقَاتِ» بِأَسَانِيدِهِ، قَالُوا:
وَأَخَذَ الْحُسَيْنُ طَرِيقَ الْعُذَيْبِ [2] ، حَتَّى نَزَلَ قَصْرَ
أَبِي مُقَاتِلٍ [3] ، فَخَفَقَ خَفْقَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ
يَسْتَرْجِعُ وَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِسًا يُسَايِرُنَا
وَيَقُولُ: الْقَوْمُ يَسِيرُونَ وَالْمَنَايَا تَسْرِي إِلَيْهِمْ،
فَعَلِمْتُ أَنَّهُ نَعَى إِلَيْنَا أَنْفُسَنَا، ثُمَّ سَارَ فَنَزَلَ
بِكَرْبَلَاءَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَرْبَعَةِ
آلَافٍ كَالْمُكْرَهِ، وَاسْتَعْفَى عُبَيْدُ اللَّهِ فَلَمْ يَعْفِهِ،
وَمَعَ الْحُسَيْنِ خَمْسُونَ رَجُلًا، وَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ مِنَ
الْجَيْشِ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
تِسْعَةُ عَشَرَ رَجُلًا، وَقُتِلَ عَامَةُ أَصْحَابِهِ حَوْلَهُ،
وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَبَقِيَ عَامَةُ
نَهَارِهِ لَا يَقْدُمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَأَحَاطَتْ بِهِ
الرَّجَّالَةُ، فَكَانَ يَشُدُّ عَلَيْهِمْ فَيَهْزِمُهُمْ، وَهُمْ
يَتَدَافَعُونَهُ، يَكْرَهُونَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِمْ
شِمْرٌ: ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ مَاذَا تَنْتَظِرُونَ بِهِ؟
فَطَعَنَهُ سِنَانُ بْنُ أَنَسٍ النَّخَعِيُّ فِي تَرْقُوَتِهِ، ثُمَّ
انْتَزَعَ الرُّمْحَ وَطُعِنَ فِي بَوَانِي [4] صَدْرِهِ، فَخَرَّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَرِيعًا، وَاحْتَزَّ رَأْسَهُ خَوْلِيٌّ
الْأَصْبَحِيُّ، لَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا رَضِيَ عَنْهُ [5] .
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ [6] نَجِيحٌ، عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ، إِنَّ
الْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حِينَ نَزَلُوا كَرْبَلَاءَ:
مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا: كَرْبَلَاءُ، قَالَ: كَرْبٌ
وَبَلَاءٌ، فَبَعَثَ عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ
فَقَابَلَهُمْ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ اخْتَرْ مِنِّي
إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا تَتْرُكُنِي أَنْ أَرْجِعَ، أَوْ تُسَيِّرُنِي
إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعُ يَدِي في
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 337.
[2] العذيب: ماء بين القادسية والمغيثة.
[3] هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري 5/ 407 والكامل لابن الأثير 4/ 50
«قصر بني مقاتل» .
قال ياقوت في معجم البلدان 4/ 364: «وقصر مقاتل: كان بين عين التمر
والشام، وقال السكونيّ: هو قرب القطقطانة وسلام ثم الفريّات: منسوب إلى
مقاتل بن حسّان بن ثعلبة بن أوس..
[4] البواني: أضلاع الصدر. وفي الأصل «ثواني» .
[5] انظر تاريخ الطبري 5/ 449 وما قبلها.
[6] في الأصل مطموسة، والتصحيح من (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى ص
144) .
(5/13)
يَدِهِ، فَيَحْكُمُ فِي مَا أَرَى [1] ،
فَإِنْ أَبَيْتَ فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّرْكِ، فَأُقَاتِلُهُمْ حَتَّى
أَمُوتَ. فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ بِذَلِكَ، فَهَمَّ
أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ لَهُ شِمْرُ بْنُ جَوْشَنٍ-
كَذَا قَالَ: وَالْأَصَحُّ شِمْرُ بْنُ ذِي [2] الْجَوْشَنِ-: لَا
أَيُّهَا الْأَمِيرُ، إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِكَ، فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ.
وَأَبْطَأَ عُمَرُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ شِمْرَ
الْمَذْكُورَ فَقَالَ: إِنْ تَقَدَّمَ عُمَرُ وَقَاتَلَ وَإِلَّا
فَاقْتُلْهُ وَكُنْ مَكَانَهُ، وَكَانَ مَعَ عُمَرَ ثَلَاثُونَ رَجُلًا
مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالُوا: يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ ابْنَ بِنْتِ
رَسُولِ اللَّهِ ثَلَاثَ خِصَالٍ، فَلَا تَقْبَلُونَ مِنْهَا شَيْئًا!
وَتَحَوَّلُوا مَعَ الْحُسَيْنِ فَقَاتَلُوا [3] .
وَقَالَ عبّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَينٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ
عُبَيْدَةَ قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بَرُودٌ
[4] ، وَرَمَاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِد الطُّهَوِيُّ
بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ مُعَلَّقًا بِجَنْبِهِ [5] .
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:
قُتِلَ [6] مَعَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سِتَّةُ عَشَرَ
رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.
وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ قَالُوا: قَاتَلَ يَوْمَئِذٍ الْحُسَيْنُ،
وَكَانَ بَطَلًا شُجَاعًا إِلَى أَنْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فِي حَنَكِهِ،
فَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَنَزَلَ شِمْرٌ، وَقِيلَ غَيْرُهُ، فاحتزّ
رأسه، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156.
__________
[1] في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير 8/ 175: قد روى أبو مخنف:
حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن عقبة بن سمعان قال: لقد صحبت الحسين من
مكة إلى حين قتل، والله ما من كلمة قالها في مواطن إلا وقد سمعتها،
وإنه لم يسأل أن يذهب إلى يزيد فيضع يده إلى يده، ولا أن يذهب إلى ثغر
من الثغور، ولكن طلب منهم أحد أمرين: إما أن يرجع من حيث جاء وإما أن
يدعوه يذهب في الأرض العريضة حتى ينظر ما يصير أمر الناس إليه. وأورد
ابن جرير نحو هذا في تاريخه 5/ 414.
[2] في الأصل «دلى» ، والتصحيح من (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى ص
146) حيث ترجم لأبي عبد الله الحسين في صفحات.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 338.
[4] في (مجمع الزوائد) : جبة خز دكناء.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 338.
[6] في سير أعلام النبلاء 3/ 312 «أقبل مع الحسين» .
(5/14)
وَرَوَى شَرِيكٌ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ:
قَالَتْ مَرْجَانَةُ لِابْنِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا خَبِيثُ،
قَتَلْتَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
لَا تَرَى الْجَنَّةَ أَبَدًا.
وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حُصَيْنٍ: حَدَّثَنِي سَعْدُ
بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: إِنَّا لَمُسْتَنْقَعِينَ فِي الْفُرَاتِ مَعَ
عُمَرَ بْنِ سعد، إذ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ: قَدْ بَعَثَ
إِلَيْكَ عُبَيْدَ اللَّهِ جُوَيْرَةَ بْنَ بَدْرٍ التَّمِيمِيَّ،
وَأَمَرَهُ إِنْ أَنْتَ لَمْ تُقَاتِلْ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقُكَ، قَالَ:
فَوَثَبَ عَلَى فَرَسِهِ، وَدَعَا بِسِلَاحِهِ وَعَلَا فَرَسُهُ، ثُمَّ
سَارَ إِلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قَتَلَهُمْ، قَالَ سَعْدٌ:
وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّهُمْ لَقَرِيبُ مِائَةِ
رَجُلٍ، فَفِيهِمْ مِنْ صُلْبِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَمْسَةٌ
أَوْ سَبْعَةٌ، وَعَشَرَةٌ مِنَ الْهَاشِمِيِّينَ، وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي
سُلَيْمٍ، وَآخَرُ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ.
وَرَوَى أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْحَارِثِ
الْكِنْدِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مَكَثْنَا أَيَّامًا
سَبْعَةً، إِذَا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ نَظَرْنَا إِلَى الشَّمْسِ عَلَى
أَطْرَافِ الْحِيطَانِ، كَأَنَّهَا الْمَلَاحِفُ الْمُعَصْفَرَةُ،
وَبَصَرْنَا إِلَى الْكَوَاكِبِ، يَضْرِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا [1] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرَكٍ، عَنْ جَدِّهِ
الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ:
احْمَرَّتْ آفَاقُ السَّمَاءِ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ سِتَّةَ
أَشْهُرٍ، يُرَى فِيهَا كَالدَّمِ، فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ شَرِيكًا،
فَقَالَ لِي: مَا أَنْتَ مِنَ الْأَسْوَدِ؟ فَقُلْتُ: هُوَ جَدِّي
أَبُو أُمِّي، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ إِنْ كَانَ لَصَدُوقَ
الْحَدِيثِ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: تَعْلَمُ
هَذِهِ الْحُمْرَةَ فِي الْأُفُقِ مِمَّ؟ هُوَ مِنْ يَوْمِ قَتْلِ
الْحُسَيْنِ.
رَوَاهُ سُلَيْمَان بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي
زِيَادٍ قَالَ: قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَلِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً،
وَصَارَ الْوَرْسُ الَّذِي فِي عَسْكَرِهِمْ رَمَادًا، وَاحْمَرَّتْ
آفَاقُ السَّمَاءِ، وَنَحَرُوا نَاقَةً فِي عَسْكَرِهِمْ، وَكَانُوا
يَرَوْنَ فِي لَحْمِهَا النيران [2] .
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 342 وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (2839)
.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 342.
(5/15)
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَتْنِي
جَدَّتِي قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ الْوَرْسَ عَادَ رَمَادًا، وَلَقَدْ
رَأَيْتُ اللَّحْمَ كَأَنَّ فِيهِ النَّارَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ
[1] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنِي جَمِيلُ بْنُ مُرَّةَ قَالَ:
أَصَابُوا إِبِلًا فِي عَسْكَرِ الْحُسَيْنِ يَوْمَ قُتِلَ،
فَنَحَرُوهَا وَطَبَخُوهَا، فَصَارَتْ مِثْلَ الْعَلْقَمِ.
وَقَالَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ
قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ بَلْهُجَيْمٍ، فَقَدِمَ الْكُوفَةَ
فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ هَذَا الْفَاسِقَ ابْنَ الْفَاسِقِ قَتَلَهُ
اللَّهُ- يَعْنِي الْحُسَيْنَ-، قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: فَرَمَاهُ
اللَّهُ بِكَوْكَبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ، فَطَمَسَ بَصَرُهُ، وَأَنَا
رَأَيْتُهُ [2] .
وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ: أوَ مَا عَرَفَ الزُّهريُّ تِلْكُمْ
فِي مَجْلِسِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ؟، فَقَالَ الْوَليِدُ:
تَعْلَمُ مَا فَعَلَتْ أَحْجَارُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَوْمَ قُتِلَ
الْحُسَيْنُ؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّهُ لَمْ يُقْلَبْ حَجَرٌ
إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ.
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَرْسَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى ابْنِ رَأْسِ الْجَالُوتِ فَقَالَ:
هَلْ كَانَ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ عَلَامَةٌ؟ قَالَ: مَا كُشِفَ
يَوْمَئِذٍ حَجَرٌ إِلَّا وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ [3] .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ سَالِمٍ
خَالَتِي قَالَتْ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ مُطِرْنَا مَطَرًا
كَالدَّمِ عَلَى الْبُيُوتِ وَالْجُدُرِ [4] .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ جِيءَ بِرَأْسِهِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ زِيَادٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ عَلَى ثَنَايَاهُ وقال: إن
كان
__________
[1] رواه الطبراني 3/ 128 رقم (2858) .
[2] الطبراني (2830) .
[3] الطبراني (2834) ومجمع الزوائد 9/ 196.
[4] قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 201 و 202: ولقد بالغ
الشيعة في يوم عاشوراء فوضعوا أكاذيب كثيرة. ونقل نحو ما نقله الذهبي
هنا ثم قال: إلى غير ذلك من الأكاذيب في قتله فأكثرها غير صحيح، فإنه
قل من نجا من أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا وأكثرهم أصابهم
الجنون. وبسط المحب الطبري بعض ما أصابهم في (ذخائر العقبي) .
(5/16)
لَحَسَنَ الثَّغْرِ، فَقُلْتُ: لَقَدْ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ
مَوْضِعَ قَضِيبِكَ مِنْ فِيهِ [1] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِصْفِ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ،
وَبِيَدِهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا
رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ
وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ مُنْذُ الْيَوْمِ أَلْتَقِطُهُ، فَأُحْصِيَ
ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَوَجَدُوهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ [2] . وَعَنْ سَلْمَى
أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَتْ: مَا
يُبْكِيكِ؟
قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْمَنَامِ، عَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ:
مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ
آنِفًا.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ [3] مِنْ حَدِيثِ أَبِي خَالِد الْأَحْمَرِ:
ثنا رَزِينٍ، حَدَّثَتْنِي سَلْمَى.
قُلْتُ: رَزِينٌ هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ، كُوفِيٌّ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ:
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارٍ: سَمِعْتُ أَمَّ
سَلَمَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ الْجِنَّ تَبْكِي عَلَى حُسَيْنٍ وَتَنُوحُ
عَلَيْهِ [4] .
وَرُوِيَ عَنْ أمَّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ [5] .
وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ [6] الْكَلْبِيِّ
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ كَرْبَلَاءَ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ مِنْ أَشْرَافِ
الْعَرَبِ بِهَا: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ نَوْحَ الْجِنِّ،
فَقَالَ: مَا تَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَخْبَرَكَ أَنَّهُ سَمِعَ
ذَلِكَ، قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي مَا سَمِعْتَ أَنْتَ، قال: سمعتهم
يقولون:
__________
[1] الطبراني (2878) ، وأخرجه البخاري في الفضائل 7/ 75 من طريق: جرير
بن حازم، عن محمد بن سيرين، والترمذي (3778) وابن حبّان (2243) .
[2] أخرجه أحمد في المسند 1/ 283، والطبراني (2822) وابن عساكر 4/ 343.
[3] في المناقب (3771) .
[4] الطبراني (2867) ومجمع الزوائد 9/ 199.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 344 من طريق سويد بن سعيد، عن عمرو بن ثابت،
عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة.
[6] بالأصل مهمل، والتصويب من الخلاصة 465 وهو: يحيى بن أبي حية.
(5/17)
مَسَحَ الرَّسُولُ جَبِينَهُ ... فَلَهُ
بَرِيقٌ فِي الْخُدُودِ
أَبَوَاهُ مِنْ عَلْيَا قُرَيشٍ ... وَجَدُّهُ خَيْرُ الْجُدُودِ
رَوَاهُ ثَعْلَبٌ فِي أَمَالِيهِ [1] .
ثنا عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ [2] : ثنا عُبَيْدُ بْنُ جُنَادٍ: ثنا
عَطَاءٌ، فَذَكَرَهُ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ
الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: لَمَّا أُدْخِلَ ثَقْلُ الْحُسَيْنِ عَلَى
يَزِيدَ وَوُضِعَ رَأْسُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بَكَى يَزِيدُ وَقَالَ:
نُفَلِّقُ [3] هَامًا مِنْ رِجَالٍ أحبّة ... إِلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا
أَعَقَّ وَأَظْلَمَا [4]
أَمَّا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ أَنَا صَاحِبُكَ مَا قَتَلْتُكَ أَبَدًا.
فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ:
لَيْسَ هَكَذَا، قَالَ: فكيف يا بن أُمٍّ؟ قَالَ: مَا أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ من
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها 57: 22 [5] ، وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ، فَقَالَ:
لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أدْنَى قَرَابَةً ... مِنَ ابْنِ زِيَادِ
الْعَبْدِ ذِي النَّسَبِ [6] الْوَغْلُ
سُمَيَّةُ أَمْسَى نَسْلُهَا عَدَدَ الْحَصَى ... وَبِنْتُ رَسُولِ
اللَّهِ لَيْسَ لَهَا نَسْلُ
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
أبى الْحُسَيْنُ أَنْ يُسْتَأْسَرَ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ، وَقُتِلَ
ابْنَهُ وَأَصْحَابُهُ بِالطَّفِّ، وَانْطَلَقَ بِبَنِيهِ: عَلِيٍّ
وَفَاطِمَةَ وَسُكَيْنَةَ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ،
فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى يزيد بن معاوية، فجعل
__________
[1] الطبراني (2865) و (2866) ، ومجمع الزوائد 9/ 199 وقال الهيثمي:
وفيه من لم أعرفه، وأبو جناب مدلّس، وانظر: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 344،
والبداية والنهاية 8/ 200.
[2] في الأصل «شبيه» .
[3] في الأصل: «تعلّق» ، والتصحيح من (مجمع الزوائد- ج 9/ 193) وترجم
فيه للحسين بن علي في 16 صفحة.
[4] ورد هذا البيت في تاريخ الطبري 5/ 460 على هذا النحو:
يفلّقن هاما من رجال أعزّة ... علينا وهم كانوا أعقّ وأظلما
[5] سورة الحديد 22.
[6] عند الطبري 5/ 460: «الحسب» .
(5/18)
سُكَيْنَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، لِئَلَّا
تَرَى رَأْسَ أَبِيهَا، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فِي غِلٍّ،
فَضَرَبَ يَزِيدُ عَلَى ثَنِيَّتَيِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ:
نُفَلِّقُ هَامًا مِنْ أُنَاسٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا
أَعَقَّ وَأَظْلَمَا [1]
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي
أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها 57: 22
[2] فَثَقُلَ عَلَى يَزِيدَ أَنْ تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ، وَتَلَا علي آية
فقال: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ 42: 30 [3]
، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ رَآنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغْلُوبِينَ، لَأَحَبَّ أَنْ يَحِلَّنَا
مِنَ الْغُلِّ، قَالَ: صَدَقْتَ، حُلُّوهُمْ، قَالَ: وَلَوْ وَقَفْنَا
بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى بُعْدٍ لَأَحَبُّ أَنْ يُقَرِّبَنَا، قَالَ:
صَدَقْتَ، قَرُّبُوهُمْ، فَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ وَسُكَيْنَةُ
يَتَطَاوَلَانَ لِيَرِيَا رَأْسَ أَبِيهِمَا، وَجَعَلَ يَزِيدَ
يَتَطَاوَلَ فِي مَجْلِسِهِ، فَيَسْتُرُهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ أمَرَ
بِهِمْ فَجُهِّزُوا، وَأَصْلَحَ آلَتَهُمْ وَأُخْرِجُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ [4] . كَثِيرُ [5] بْنُ هِشَامٍ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ
بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: لَمَّا أُتيَ
يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ جَعَلَ يَنْكُتُ
بِمَخْصَرَةٍ مَعَهُ سِنَّهُ وَيَقُولُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَبَا
عَبْدِ اللَّهِ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ، وَإِذَا لِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ
قَدْ نُصِلَ مِنَ الْخِضَابِ الْأَسْوَدِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، وَالْمَدِينِيِّ، عَنْ
رِجَالِهِمَا، أن مُحَفَّزَ بْنَ ثَعْلَبَةَ الْعَائِذِيَّ، عَائِذَةُ
[6] قُرَيْشٍ، قَدِمَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ فَقَالَ:
أتيتك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَأْسِ أَحْمَقِ النَّاسِ
وَأَلْأَمِهُمْ، قَالَ يَزِيدُ: مَا وَلَدَتْ أُمُّ مُحَفِّزٍ أَحْمَقَ
وَأَلْأَمَ، لكن الرجل لم يقرأ كتاب الله: تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ
تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ 3: 26
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 460، المعجم الكبير للطبراني 3/ 124 رقم (2848) ،
والكامل في التاريخ 4/ 89، 90، ومجمع الزوائد 9/ 193.
[2] سورة الحديد- الآية 22.
[3] سورة الشورى- الآية 30.
[4] انظر البدآية والنهاية 8/ 194، وهو عند الطبراني (806) .
[5] في الأصل «كبير» ، والتصويب من (تهذيب التهذيب 8/ 429) .
[6] في الأصل مهملة، والتصحيح من (اللباب 2/ 307) .
(5/19)
الآية [1] .
ثم بعث يزيد برأس الحسين على عامله على المدينة، فقال: وددت أَنَّهُ
لَمْ يُبْعَثْ بِهِ إِلَيَّ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ
عِنْدَ قَبْرِ أُمِّهِ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا [2] .
وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ سَعِيدٍ الْقَاضِي: ثنا سُلَيْمَان بْنُ
عَبْدِ الْحَمِيدِ الْبَهْرَانِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَيَّةَ
الْكَلَاعِيَّ، سَمِعْتَ أَبَا كَرْبٍ قَالَ: كُنْتُ فِي الْقَوْمِ
الَّذِينَ تَوَثَّبُوا عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكُنْتُ
فِيمَنْ نَهَبَ خَزَائِنَهُمْ بِدِمَشْقَ، فَأَخَذْتُ سَفَطًا
وَقُلْتُ: فِيهِ غَنَائِي، فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَ
يَدَيَّ، وَخَرَجْتُ مِنْ بَابِ تَوْمًا، فَفَتَحْتُهُ، فإذا بحريرة
فيها رأس مكتوب عليه: «هَذَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ» ، فَحَفَرْتُ لَهُ
بِسَيْفِي وَدَفَنْتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ [3] : حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ، أَنَّ يُونُسَ بْنَ حَبِيبٍ حَدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا
قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَبَنُو أَبِيهِ، بَعَثَ ابْنُ زِيَادٍ
بِرُءُوسِهِمْ إِلَى يَزِيدَ، فَسُرَّ بِقَتْلِهِمْ أَوَّلًا، ثُمَّ
ندِمَ فَكَانَ يَقُولُ: وَمَا عَلَيَّ لَوِ احْتَمَلْتُ الْأَذَى
وَأَنْزَلْتُ الْحُسَيْنَ مَعِي، وَحَكَّمْتُهُ فِيمَا يُرِيدُ، وَإِنْ
كَانَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ وَهَنٌ فِي سُلْطَانِي حِفْظًا لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرِعَايَةً لِحَقِّهِ
وَقَرَابَتِهِ، لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ- يُرِيدُ عُبَيْدَ
اللَّهِ-، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ وَاضْطَرَّهُ، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ
أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلُهُ، وَيَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ أَقْبَلَ، أَوْ
يأتيني فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدَيَّ، أَوْ يَلْحَقَ بِثَغْرٍ مِنَ
الثُّغُورِ، فَأَبَى ذَلِكَ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَأَبْغَضَنِي
بِقَتْلِهِ الْمُسْلِمُونَ [4] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ دَخَلْنَا
الْكُوفَةَ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ، فَدَخَلْنَا منزله، فأحلفنا،
فَنِمْتُ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ إِلَّا بِحِسِّ الْخَيْلِ فِي
الْأَزِقَّةِ، فَحَمَلْنَا إِلَى يَزِيدَ، فَدَمَعَتْ عَيْنُهُ حِينَ
رآنا، وأعطانا ما شئنا وقال: إنه
__________
[1] آل عمران/ 26.
[2] تاريخ الطبري 5/ 463.
[3] تاريخ الطبري 5/ 506 (حوادث سنة 64 هـ) .
[4] سير أعلام النبلاء 3/ 320، 321.
(5/20)
سَيَكُونُ فِي قَوْمِكَ أُمُورٌ، فَلَا
تَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ مَا كَانَ، كَتَبَ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ كِتَابًا
فِيهِ أَمَانِي، فَلَمَّا فَرَغَ مُسْلِمٌ مِنَ الْحَرَّةِ بَعَثَ
إِلَيَّ، فَجِئْتُهُ وَقَدْ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي، فَرَمَى إِلَيَّ
بِالْكِتَابِ، فَإِذَا فِيهِ:
اسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ خَيْرًا، وَإِنْ دَخَلَ
مَعَهُمْ، فِي أَمْرِهِمْ فَأَمِّنْهُ وَاعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ مَعَهُمْ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ [1] . وَقَالَ غَيْرُ
وَاحِدٍ: قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ ابْنُ عَمِّهِ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلِ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ كَانَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتِّينَ، قَتَلَهُ
ابْنُ زِيَادٍ صَبْرًا، وَكَانَ الْحُسَيْنُ قَدْ قَدَّمَهُ إِلَى
الْكُوفَةِ، لِيُخْبِرَ مَنْ بِهَا مِنْ شِيعَتِهِ بِقُدُومِهِ،
فَنَزَلَ عَلَى هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ الْمُرَادِيِّ، فَأَحَسَّ بِهِ
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَقَتَلَ مُسْلِمًا وَهَانِئًا.
وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ إِخْوَتُهُ
بَنُو أَبِيهِ: جَعْفَرٌ، وَعَتِيقٌ، وَمُحَمَّدٌ، وَالْعَبَّاسُ
الْأَكْبَرُ بَنُو عَلِيٍّ، وَابْنُهُ الْأَكْبَرُ عَلِيٌّ- وَهُوَ
غَيْرُ عَلِيِّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ-، وابنه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَخِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ الحسين، وَمُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَخُوهُ
عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا مُسْلِمٍ بْنِ
عَقِيلٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [2] .
(وَفِيهَا) : ظنّا وتخمينا، قدم على ابن الزُّبَيْرِ وَهُوَ بمَكَّةَ
الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ مِنَ الطَّائِفِ،
وَكَانَ قَدْ طُرِدَ إِلَى الطَّائِفِ، وَكَانَ قَوِيُّ النَّفْسِ،
شَدِيدُ الْبَأْسِ، يُظْهِرُ الْمُنَاصَحَةَ وَالدَّهَاءَ، وَكَانَ
يَخْتَلِفُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ
كَلَامًا ينكرونه، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدَ اسْتَأْذَنَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ فِي الْمُضِيِّ إلى الْعِرَاقِ، فَأَذِنَ لَهُ وَرَكَنَ
إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْعِرَاقِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مُطِيعٍ يُوصِيهِ بِهِ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى ابْنُ مُطِيعٍ،
ثُمَّ أَخَذَ يَعِيبُ فِي الْبَاطِنِ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَيُثْنِي
عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ، وَيُحَرِّضُ أَهْلَ
الْكُوفَةِ عَلَى ابْنِ مُطِيعٍ، وَيُكَذِّبُ وَيُنَافِقُ، فَرَاجَ
أَمْرُهُ وَاسْتَغْوَى طَائِفَةً، وَصَارَ لَهُ شِيعَةٌ، إِلَى أَنْ
خَافَهُ ابْنُ مُطِيعٍ، وَهَرَبَ مِنْهُ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
__________
[1] سير اعلام النبلاء 3/ 320، 321.
[2] انظر تاريخ الطبري 5/ 468، 469، وتاريخ خليفة 234.
(5/21)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ
بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيُّ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ
مَخْلَدٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ الدَّارَانِيُّ
الزَّاهِدُ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ النَّخَعِيُّ الْفَقِيهُ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَمِيرُ
الْعِرَاقِ عَلَى السِّنْدِ [1] الْمُنْذِرَ بْنَ الْجَارُودِ
الْعَبْدِيَّ، وَلِابْنِهِ الْجَارُودِ بْنِ عَمْرٍو صُحْبَةٌ.
وَكَانَ الْمُنْذِرُ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ
عَلِيٍّ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ.
وَفِيهَا غَزَا سَلْمُ بْنُ أَحْوَرَ [2] خَوَارِزْمَ فَصَالَحُوهُ
عَلَى مَالٍ، ثُمَّ عَبَرَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَنَازَلَهَا،
فَصَالَحُوهُ أَيْضًا.
وَفِيهَا نَقَضَ أَهْلُ كَابُلَ، وَأَخَذُوا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ
زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَسِيرًا، فَسَارَ أَخُوهُ
يَزِيدُ فِي جَيْشٍ، فَهَجَمَ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلُوهُ، فَقُتِلَ
يَزِيدُ، وَقُتِلَ مَعَهُ زَيْدُ بْنُ جُدْعَانَ التَّيْمِيُّ وَالِدُ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَصِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ الْعَدَوِيُّ،
وَوَلَدَاهُ [3] ، وَعَمْرُو بْنُ قُثَمَ [4] ، وَبُدَيْلُ بْنُ
نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ، وَعُثْمَانُ بْنُ آدَمَ الْعَدَوِيُّ، فِي
رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ. قَالَهُ خَلِيفَةُ.
وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ لِلنَّاسِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أبي
سفيان بن حرب [5] .
__________
[1] في تاريخ خليفة ص 236 «ثغر قندابيل» .
[2] في تاريخ خليفة بن خياط 235: «سلّم بن زياد» .
[3] في تاريخ خليفة: «وابنه» .
[4] في تاريخ خليفة: «عمرو بن قتيبة» .
[5] تاريخ خليفة 236.
(5/22)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ ثَلَاثِ وَسِتِّينَ
فِيهَا تُوُفِّيَ: رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ، وَمَسْرُوقُ
بْنُ الْأَجْدَعِ.
وَفِيهَا وَقْعَةُ الْحَرَّةِ عَلَى بَابِ طِيبَةِ، وَاسْتُشْهِدَ
فِيهَا خَلْقٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَفِيهَا بَعَثَ سَلْمُ بْنُ زِيَادٍ: ابْنَ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيَّ وَالِيًا عَلَى سِجِسْتَانَ، فَأَمَرَهُ
أَنْ يَفْدِيَ أَخَاهُ مِنَ الْأَسْرِ، فَفَدَاهُ بِخَمْسِمِائَةِ
أَلْفٍ، وَأَقْدَمَهُ عَلَى أَخِيهِ، وَأَقَامَ طَلْحَةُ بِسِجِسْتَانَ
[1] .
فِيهَا غَزَا عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ مِنَ الْقَيْرَوَانِ، فَسَارَ
حَتَّى أَتَى السُّوسَ الْأَقْصَى، وَغَنِمَ وَسَلَّمَ، وَرَدَّ،
فَلَقِيَهُ كُسَيْلَةُ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا، فَالْتَقَيَا،
فَاسْتُشْهِدَ فِي الْوَقْعَةِ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ، وَأَبُو
الْمُهَاجِرِ دِينَارُ مَوْلَى الْأَنْصَارِ، وَعَامَّةُ
أَصَحابِهِمَا. ثُمَّ سَارَ كُسَيْلَةُ الْكَلْبُ، فَسَارَ لِحَرْبِهِ
زُهَيْرُ بْنُ قَيْسٍ الْبَلَوِيُّ خَلِيفَةُ عُقْبَةَ عَلَى
الْقَيْرَوَانِ، فَقُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ كُسَيْلَةُ، وَهُزِمَ
جُنُودُهُ، وَقُتِلَتْ مِنْهُمْ مَقْتَلَةٌ كَبِيرَةٌ [2] .
قِصَّةُ الْحَرَّةِ
قَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أشياخنا يَقُولُونَ:
وَفَدَ إلى يَزِيدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ
الْأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ، وَلَهُ صحبة، وفد في ثمانية بنين له،
__________
[1] تاريخ خليفة 250، 251.
[2] تاريخ خليفة 251، البيان المغرب 1/ 26- 30.
(5/23)
فَأَعْطَاهُ يَزِيدُ مِائَةَ أَلْفٍ،
وَأَعْطَى لِكُلِّ ابْنٍ عَشَرَةَ آلَافٍ، سِوَى كِسْوَتِهِمْ،
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ:
أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدَ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا
بَنِيَّ هَؤُلَاءِ لَجَاهَدْتُهُ بِهِمْ، قَالُوا: إِنَّهُ قَدْ
أَكْرَمَكَ وَأَعْطَاكَ، قَالَ: نَعَمْ وَمَا قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْهُ
إِلَّا لِأَتَقَوَّى بِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حَضَّ النَّاسَ فَبَايَعُوهُ
[1] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ [2] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ:
دَعُوا إِلَى الرِّضَا وَالشُّورَى، وَأَمَّرُوا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ الْعَدَوِيَّ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدَ
اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ، وَعَلَى قَبَائِلِ الْمُهَاجِرِينَ مَعْقِلَ
بْنَ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيَّ، وَأَخْرِجُوا مَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ
بَنِي أُمَيَّةَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: خَلَعُوا يَزِيدَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا
عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَأَرْسَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ
إِلَى مِيَاهِ الطَّرِيقِ، فَصَبُّوا فِي كُلِّ مَاءٍ زِقَّ قَطْرانٍ
وَغَوَّرُوهُ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ، فَمَا
اسْتَقُوا بِدَلْوٍ [3] .
وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ يَزِيدَ لَمَّا بَلَغَهُ وُثُوبُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ بِعَامِلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَنَفْيِهِمْ،
جَهَّزَ لِحَرْبِهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبةَ الْمُرِّيَّ، وَهُوَ
شَيْخٌ، وَكَانَتْ بِهِ النَّوْطَةُ، وَجَهَّزَ مَعَهُ جَيْشًا
كَثِيفًا، فَكَلَّمَ يَزِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي
طَالِبٍ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عِنْدَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا
تَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسَكَ، فَقَالَ: أَجَلْ أَقْتُلُ بِهِمْ نَفْسِي
وَأَشْقَى، وَلَكَ عِنْدِي وَاحِدَةٌ، آمُرُ مُسْلِمًا أَنْ يَتَّخِذَ
الْمَدِينَةَ طَرِيقًا، فَإِنْ هُمْ لَمْ يَنْصِبُوا لَهُ الْحَرْبَ،
وَتَرَكُوهُ يَمْضِي إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُقَاتِلُهُ، وَإِنْ
مَنَعُوهُ وَحَارَبُوهُ قَاتَلَهُمْ، فَإِنْ ظَفِرَ بِهِمْ قَتَلَ مَنْ
أَشْرَفَ لَهُ وَأَنْهَبَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ. فَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى أَهْلِ
الْمَدِينَةِ أَنْ لَا تَعْرِضُوا لِجَيْشِهِ، فَوَرَدَ مُسْلِمُ بْنُ
عُقْبَةَ، فَمَنَعُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْحَرْبَ، وَنَالُوا مِنْ
يَزِيدَ، فَأَوْقَعَ بهم وأنهبها ثلاثا، وسار إلى الزبير، فمات بالمشلل
[4] ، وعهد
__________
[1] تاريخ خليفة 237، تاريخ الطبري 2/ 423، 424.
[2] تاريخ خليفة 237.
[3] تاريخ خليفة 838، تاريخ الطبري 5/ 495.
[4] المشلّل: بضمّ أوله، وفتح ثانيه، وفتح اللام وتشديدها، وهي ثنيّة
مشرفة على قديد. (معجم ما استعجم 4/ 1233) .
(5/24)
إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فِي أَوَّلِ
سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ [1] .
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ:
دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ عَلَى ابْنِ
عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ
يَمُوتُ مَوْتَةَ جَاهِلِيَّةٍ» [2] . وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ:
تَوَجَّه مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي اثْنَيْ
عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ، وَيُقَالُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَارِسٍ،
وَخَمْسَةَ عَشَرَ رَاجِلٍ، وَنَادَى مُنَادِي يَزِيدَ: سِيرُوا عَلَى
أَخْذِ أعطياتكم، وَمَعُونَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا لِكُلِّ رَجُلٍ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ لِيَزِيدَ: وَجَّهَنِي أكْفِكَ،
قَالَ: لَا، لَيْسَ لَهُمْ إِلَّا هَذَا، وَاللَّهِ لَا أَقْبَلُهُمْ
بَعْدَ إِحْسَانِي إِلَيْهِمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ
مَرَّةً، فَقَالَ:
أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عَشِيرَتِكَ
وَأَنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ رَجَعُوا
إلى طَاعَتِكَ، أَتَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلُوا
فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، يَا مُسْلِمُ إِذَا دَخَلْتَ الْمَدِينَةَ
ولَمْ تُصَدَّ عَنْهَا، وَسَمِعُوا وَأَطَاعُوا فَلَا تَعْرِضَنَّ
لِأَحدٍ، وَامْضِ إلى الْمُلْحِدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ صَدُّوكَ
عَنِ الْمَدِينَةِ فَادْعُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ
يُجِيبُوا فَاسْتَعِنْ باللَّه وَقَاتِلْهُمْ، فَسَتَجِدُهُمْ أَوَّلَ
النَّهَارِ مَرْضَى، وَآخِرَهُ صُبْرًا، سُيُوفُهُمْ أَبْطَحِيَّةٌ،
فَإِذَا ظَهَرَتْ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ قَدْ
قُتِلَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَجَرِّدِ السَّيْفَ وَاقْتُلِ الْمُقْبِلَ
وَالْمُدْبِرَ، وَأَجْهِزْ عَلَى الْجَرِيحِ وانهبها ثَلَاثًا،
وَاسْتَوْصِ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَشَاوِرْ حُصَيْنَ بْنَ
نُمَيْرَ، وَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ، فَوَلِّهِ الْجَيْشَ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ ذَكَرَ
الْحَرَّةَ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَادَ يَنْجُو مِنْهُمْ أَحَدٌ،
وَلَقَدْ قُتِلَ ابْنَا زَيْنَبِ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَتَيْتُ
بِهِمَا فَوَضَعْتُهُمَا بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّ
الْمُصِيبَةَ عَلَيَّ فِيكُمَا لَعَظِيمَةٌ، وَهِيَ فِي هَذَا-
وَأَشَارَتْ إِلَى أَحَدِهِمَا- أَعْظَمُ مِنْهَا فِي هَذَا-
وَأَشَارَتْ إِلَى الْآخَرَ-، لِأَنَّ هذا
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 498.
[2] أخرجه أحمد في المسند 3/ 70 و 83 و 93 و 97 و 123 و 33 و 154.
(5/25)
بَسَطَ يَدَهُ، وَأَمَّا هَذَا فَقَعَدَ
فِي بَيْتِهِ، فَدُخِلَ عَلَيْهِ فَقُتِلَ، فَأَنَا أَرْجُو بِهِ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: نهب
مسرف [1] بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثًا، وَافْتَضَّ فِيهَا
أَلْفَ عَذْرَاءَ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ،
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ
سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ، وَعَلَيْهِ
لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» [2] .
رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ السَّائِبِ،
وَخَالَفَهُمْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءٍ فَقَالَ: عَنْ
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَقَالَ جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَحَدَّثُونَ قَالُوا: خَرَجَ أَهْلُ
الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ بِجُمُوعٍ كَبِيرَةٍ، وَهَيْئَةٌ لَمْ
يُرَ مِثْلَهَا، فَلَمَّا رَآهُمْ أَهْلُ الشَّامِ كَرِهُوا
قِتَالَهُمْ، فَأَمَرَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بسريره، فَوُضِعَ بَيْنَ
الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ: قَاتِلُوا عَنِّي، أَوْ
دَعُوا، فَشَدَّ النَّاسُ فِي قِتَالِهِمْ، فَسَمِعُوا التَّكْبِيرَ
خَلْفَهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَأَقْحِمْ عَلَيْهِمْ بَنُو حَارِثَةَ
وَهُمْ عَلَى الْحَرَّةِ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
حَنْظَلَةَ مُتَسَانِدٌ إِلَى بَعْضِ بَنِيهِ يَغِطُّ نَوْمًا،
فَنَبَّهَهُ ابْنُهُ، فَلَمَّا رَأَى مَا جَرَى أَمَرَ أَكْبَرَ
بَنِيهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُقَدِّمُهُمْ
وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ كَسَرَ
جَفْرَ سَيْفِهِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ [3] .
وَقَالَ وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ
أَبِيهِ قَالَ: قِيلَ لعبد الله ابن زَيْدٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَا
ذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى الْمَوْتِ، فَقَالَ:
لَا أُبَايِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [4] . إسناده صحيح.
__________
[1] هو مسلم بن عقبة، وقد سمّي «مسرف» بعد وقعة الحرّة.
[2] أخرجه أحمد في المسند 4/ 55.
[3] انظر تاريخ الطبري 5/ 489، والخبر في تاريخ خليفة 238.
[4] أخرجه البخاري في الجهاد 4/ 8 باب البيعة في الحرب أن لا يفرّوا..،
وفي المغازي 5/ 65 باب غزوة الحديبيّة، ومسلم في الإمارة (81/ 1861) ،
وأحمد في المسند 4/ 41 و 42.
(5/26)
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَنَا ابْنُ أَبِي
ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، وَثنا سَعِيدُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ،
كُلُّ قَدْ حَدَّثَنِي، قَالُوا: لَمَّا وَثَبَ أَهْلُ الْحَرَّةِ،
وَأَخْرَجُوا بَنِي أُمَيَّةَ عَنِ الْمَدِينَةِ، وَاجْتَمَعُوا عَلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ قَالَ:
يَا قَوْمُ اتَّقُوا الله، فو الله مَا خَرَجْنَا عَلَى يَزِيدَ حَتَّى
خِفْنَا أَنْ نُرْمَى بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ، إِنَّهُ رَجُلٌ
يَنْكِحُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ،
وَيَشْرَبُ الْخَلَّ وَيَدَعُ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَكَانَ ابْنُ
حَنْظَلَةَ يَبِيتُ تِلْكَ اللَّيَالِي فِي الْمَسْجِدِ، وَمَا يَزِيدُ
عَلَى أَنْ يَشْرَبَ، يُفْطِرُ عَلَى شَرْبَةِ سَوِيقٍ وَيَصُومُ
الدَّهْرَ، وما رئي رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ إِخْبَاتًا [1]
، فَلَمَّا قَرُبَ الْقَوْمُ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ
أَصْحَابَهُ، وَحَرَّضَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَأَمَرَهُمْ
بِالصِّدْقِ فِي اللِّقَاءِ وَقَالَ:
اللَّهمّ إِنَّا بِكَ وَاثِقُونَ، فَصَبَّحَ الْقَوْمُ الْمَدِينَةَ،
فَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةَ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى كَثَّرَهُمْ
[2] أَهْلُ الشَّامِ، وَدُخِلَتِ الْمَدِينَةُ مِنَ النَّوَاحِي
كُلِّهَا، وَابْنُ حَنْظَلَةَ يَمْشِي بِهَا فِي عِصَابَةٍ مِنَ
النَّاسِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِمَوْلًى [3] لَهُ: احم لِي ظَهْرِي
حَتَّى أُصَلِّي الظُّهْرَ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ: مَا
بَقِيَ أَحَدٌ، فَعَلَامَ نُقِيمُ؟
وَلِوَاؤُهُ قَائِمٌ مَا حَوْلَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ [4] ، فَقَالَ:
وَيْحَكَ، إِنَّمَا خَرَجْنَا عَلَى أَنْ نَمُوتَ، قَالَ: وَأَهْلُ
الْمَدِينَةِ كَالنَّعَامِ الشَّرُودِ، وَأَهْلُ الشَّامِ يَقْتُلُونَ
فِيهِمْ، فَلَمَّا هُزِمَ النَّاسُ طَرَحَ الدِّرْعَ، وَقَاتَلَهُمْ
حَاسِرًا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ مَرْوَانُ وَهُوَ مَادٌّ
إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ، فَقَالَ: أَمَّا وَاللَّهِ لَئِنْ
نَصَبْتَهَا مَيْتًا لَطَالَمَا نَصَبْتَهَا حَيًّا [5] .
وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ
قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ مُمَعَّطَ اللِّحْيَةِ،
فَقُلْتُ: تَعْبَثُ بِلِحْيَتِكَ! فَقَالَ: لَا، هَذَا مَا لَقِيتُ
مِنْ ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، دَخَلُوا عَلَيَّ
زَمَنَ الْحَرَّةِ فَأَخَذُوا مَا فِي البيت، ثم دخلت عليّ طائفة، فلم
يَجِدُوا فِي الْبَيْتِ شَيْئًا، فَأسِفُوا وَقَالُوا: أضْجِعُوا
__________
[1] في نسخة القدسي 2/ 356: «أحيانا» ، والتصويب من (الطبقات الكبرى 5/
67) .
[2] في نسخة القدسي 2/ 356: «كبر» ، والتصويب من (الطبقات الكبرى) .
[3] في نسخة القدسي 2/ 356: «ولى» ، والتصويب من (الطبقات) .
[4] في (الطبقات الكبرى 5/ 67) : «ما حوله خمسة» .
[5] طبقات ابن سعد 5/ 67، 68.
(5/27)
الشَّيْخَ، فَأَضْجَعُونِي، فَجَعَلَ كُلُّ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِي خُصْلَةً.
عَنْ بَعْضِهِمْ قَالُوا: وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ وَنَهَبُوا
وَأَفْسَدُوا، وَاسْتَحَلُّوا الْحُرْمَةَ.
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : فَجَمِيعُ مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ
وَالْأَنْصَارِ يَوْمَ الْحُرَّةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتَّةُ رِجَالٍ،
ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِتِّ [2] أَوْرَاقٍ، قَالَ: وَكَانَتِ
الوقعة لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ
يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ
يَوْمَ الْحَرَّةِ: هَلْ خَرَجَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ؟
قَالَ: لَا، لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْرِفٌ وَقَتَلَ
النَّاسَ، سَأَلَ عَنْ أَبِي، أَحَاضِرٌ هُوَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ:
مَا لِي لَا أَرَاهُ! فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبِي، فَجَاءَهُ ومعه ابنا محمد
ابن الْحَنَفِيَّةِ، فَرَحَّبَ بِهِمْ، وَأَوْسَعَ لِأَبِي عَلَى
سَرِيرِهِ وَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ؟ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا، فَقَالَ: وَصَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحُسَيْنِ
ابْنَيْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: هُمَا ابْنَا عَمِّي، فَرَحَّبَ بِهِمَا.
قُلْتُ: فَمَنْ أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ: أَمِيرُهُمْ عَبْدُ الله بن حنظلة،
وبنوه، وعبد الله ابن زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي
حَكَى وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَمَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ، حَامِلُ لِوَاءِ قَوْمِهِ
يَوْمَ الْفَتْحِ، وَوَاسِعُ بْنُ حِبَّانَ الْأَنْصَارِيُّ،
مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ، وَكَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي
أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَحَدُ مَنْ نَسَخَ الْمَصَاحِفَ الَّتِي
سَيَّرَهَا عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلَى الْأَمْصَارِ،
وَأَبُوهُ أَفْلَحُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ
الْعَدَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ، قُتِلَا مَعَ
مَعْقِلِ الْأَشْجَعِيِّ صَبْرًا.
وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ: سَعْدٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى،
وَإِسْمَاعِيلُ، وَسَلِيطٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ
بَنُو زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لِصُلْبِهِ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ.
وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ نُعَيْمِ
النَّحَّامُ [3] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن أسيد
__________
[1] تاريخ خليفة 250.
[2] في الأصل «ستة» .
[3] في (نزهة الألباب في الألقاب للحافظ ابن حجر) : ضبطه الأكثر بفتح
النون وتشديد الحاء، وضبطه ابن الكلبي بضم النون وتخفيف الحاء.
(5/28)
الْقُرَشِيُّ [1] الْعَدَوِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : كَانَ ابْنُ النَّحَّامِ أَحَدَ الرُّءُوسِ
يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ زَوْجُ رُقَيَّةَ
ابْنَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَقُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، وَيَزِيدُ،
وَوَهْبُ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَيَعْقُوبُ بْنُ
طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ، وَأَبُو حَكِيمَةَ
مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ الْقَارِئُ، الَّذِي
أَقَامَهُ عُمَرُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ التَّرَاوِيحَ، وَقَدْ رَوَى
عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيدٌ الْمَقْبُريُّ،
وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
وَمِنْهُمْ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أُنَيْسٍ، تُوُفِّيَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَالْفَضْلُ
ابن عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ.
قَالَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ: أَتَى مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ بَيْنَ
يَدَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ ابن الْأَسْوَدِ الْأَسَدِيِّ
فَقَالَ: بَايِعْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَةِ نَبِيِّهِ،
فَامْتَنَعَ، فَأَمَرَ بِهِ مُسْلِمَ فَقُتِلَ [3] .
وَقَالَ: دَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا
النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ،
يَحْكُمُ فِي أَهْلِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ،
حَتَّى أُتِيَ بِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ، وَكَانَ صَدِيقًا
لِيَزِيدَ وَصَفِيًّا لَهُ، فَقَالَ: بَلْ أُبَايِعُكَ عَلَى أَنِّي
ابْنُ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَحْكُمُ فِي دَمِي وَأَهْلِي،
فَقَالَ: اضْرِبَا عُنُقَهُ، فَوَثَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ
فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُهُ
أَبَدًا، وَقَالَ: إِنْ تَنَحَّى مَرْوَانَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُمَا
مَعًا، فَتَرَكَهُ مَرْوَانُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ [4] .
وَقُتِلَ أَيْضًا صَبْرًا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عبيد
الله.
__________
[1] في الأصل «العرسي» ، والتصحيح من أسد الغابة 5/ 32.
[2] الطبقات الكبرى 5/ 170 و 171.
[3] انظر: تاريخ الطبري 5/ 492، تاريخ خليفة 239.
[4] تاريخ الطبري 5/ 493 والخبر في تاريخ خليفة 238، 239.
(5/29)
وَجَاءَ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ،
وَمُحَمَّدَ بْنَ أبي الجهم كانا في قصر العرصة، فَأَنْزَلَهُمَا
مُسْلِمٌ بِالْأَمَانِ، ثُمَّ قَتَلَهُمَا، وَقَالَ لِمُحَمَّدٍ:
أَنْتَ الْوَافِدُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ [1] ، فَوَصَلَكَ
وَأَحْسَنَ جَائِزَتَكَ، ثُمَّ تَشَهَّدَ عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ.
وَقِيلَ: بَلْ قَالَ لَهُ: تُبَايِعُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى
أَنَّكَ عَبْدٌ قَنٍّ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَكَ، وَإِنْ شَاءَ
اسْتَرَقَّكَ، قَالَ: بَلْ أُبَايِعُ عَلَى أَنِّي ابْنُ عَمِّ
لَئِيمٍ، فَقَالَ:
اضْرِبُوا عُنُقَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ من
حملة القرآن سبعمائة.
قلت: ولما فَعَلَ يَزِيدُ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مَا فَعَلَ، وَقُتِلَ
الْحُسَيْنُ وَإِخْوَتُهُ وَآلُهُ، وَشَرِبَ يَزِيدُ الْخَمْرَ،
وَارْتَكَبَ أَشْيَاءَ مُنْكَرَةً، بَغِضَهُ النَّاسُ، وَخَرَجَ
عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُبَارِكِ اللَّهُ فِي عُمْرِهِ،
فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو بِلَالِ مِرْدَاسِ بْنِ أُدَيَّةَ [2]
الْحَنْظَلِيُّ.
قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: فَوَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زياد
جيشا لحربه، فيهم عبد الله ابن رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَتَلَهُ
أَبُو بِلَالٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَجَّهَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أيَضًا
عَبَّادَ بْنَ أَخْضَرَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَاتَلُوا أَبَا
بِلَالٍ فِي سَوَادِ مَيْسَانَ، ثُمَّ قُتِلَ عَبَّادُ غِيلَةً.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيدٍ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ أَحَدُ بَنِي
رَبِيعَةَ بْنُ حَنَظْلَةَ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلْ
أَحَدًا، لَمْ يَعْرِضْ لِلسَّبِيلِ، وَلَا سَأَلَ، حَتَّى نَفَذَ
زَادُهُمْ وَنَفَقَاتُهُمْ، حَتَّى صَارُوا يَسْأَلُونَ، فَبَعَثَ
عُبَيْدُ اللَّهِ لِقِتَالِهِمْ جَيْشًا، عَلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ حِصْنٍ الثَّعْلَبِيُّ، فَهَزَمُوا أَصْحَابَهُ، ثُمَّ بَعَثَ
عَلَيْهِمْ عَبَّادَ بْنُ أخضر، فقتلهم أجمعين [3] .
__________
[1] سيأتي في الجزء الخامس في ترجمة (يزيد بن معاوية) أن نَوْفَلِ بْنِ
أَبِي الْفُرَاتِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
فَذَكَرَ رَجُلٌ يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ
يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ!
وَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عشرين سوطا.
[2] هذا ما في تاريخ الطبري 5/ 313، وفي الأصل «أذنه» .
[3] تاريخ خليفة 256.
(5/30)
وَرَوَى غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: خَرَجَ أَبُو بِلَالٍ مِنَ الْبَصْرَةِ
فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا، فَحَدَّثَنِي مَنْ كَانَ
فِي قَافِلَةٍ قَالَ: جَاءُونَا يَقُودُونَ خُيُولَهُمْ، فَتَكَلَّمَ
أَبُو بِلَالٍ فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُمْ مَا كَانَ يُؤْتَى إِلَيْنَا،
وَلَعَلَّنَا لَوْ صَبَرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَنَا، وَقَدْ
أَصَابَتْنَا خَصَاصَةٌ، فَتَصَدَّقُوا، إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي
الْمُتَصَدِّقِينَ، قَالَ: فَجَاءَهُ التُّجَّارُ بِالْبُدَرِ،
فَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: لَا، إِلَّا دِرْهَمَيْنِ
لِكُلِّ رَجُلٍ، فَلَعَلَّنَا لَا نَأْكُلُهَا حَتَّى نُقْتَلَ،
فَأَخَذَ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا لَهُمْ، قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ
جُنْدٌ فَقَتَلُوهُمْ [1] .
وَقَالَ عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ صَدِيقًا لِأَبِي
الْعَالِيَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا الْعَالِيَةِ خُرُوجُهُ، أَتَاهُ
فَكَلَّمَهُ فَمَا نَفَعَ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ أَبُو بِلَالٍ يَلْبَسُ سِلَاحَهُ فِي
اللَّيْلِ، وَيَرْكَبُ فَرَسَهُ، فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ
وَيَقُولُ:
إِنِّي وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِأَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى
فَلَا وَاللَّهِ مَا اتَّزَنَا
خَوْفُ الْإِلَهِ وَتَقْوَى اللَّهِ أَخْرَجَنِي ... وَيَبِيعُ نَفْسِي
بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا
وَخَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ يَزِيدَ،
فَاعْتَرَضَ النَّاسُ، فَانْتَدَبَ لَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ مَعَ
مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْسٍ [2] الْعَبْشَمِيِّ الْقُرَشِيِّ، فَقُتِلَا
كِلَاهُمَا.
قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فِي جَيْشِ ابْنِ
عُبَيْسٍ، فَلَقَيْنَاهُمْ بِدُولَابٍ، فَقُتِلَ مِنَّا خَمْسَةُ
أُمَرَاءَ [3] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: قُتِلَ فِي الْوَقْعَةِ قُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ
الْمُزَنِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ [4] .
وَقَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: قَتَلَ رَبِيعَةُ السَّلِيطِيُّ مسلم بن
عبيس فارس أهل
__________
[1] تاريخ خليفة 256.
[2] هو مسلم بن عبيس بن كريز بن ربيعة. كما في (تاريخ الطبري 5/ 569،
الكامل في التاريخ 4/ 194) .
[3] تاريخ خليفة 256 و 257.
[4] تاريخ خليفة 257.
(5/31)
الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ
الْأَزْرَقِ رَأَّسَتِ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
مَاحُوزٍ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْمَدَائِنِ [1] .
وَلَمَّا قُتِلَ مَسْعُودٌ الْمُعَنَّى غَلَبُوا عَلَى الْأَهْوَازِ
وَجَبُوا الْمَالَ، وَأَتَتْهُمُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْيَمَامَةِ
وَالْبَحْرَيْنِ، وَخَرَجَ طَوَّافُ بْنُ الْمُعَلَّى السَّدُوسِيُّ
فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَحَكَّمَ
أُبَيَّ قَالَ: لَا حُكْمَ إِلَّا عِنْدَ قَصْرِ أَوْسٍ، فَرَمَاهُ
النَّاسُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَاتَلَهُ ابْنُ زِيَادٍ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ، قُتِلَ وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ [2] .
__________
[1] تاريخ خليفة 256.
[2] تاريخ خليفة 259.
(5/32)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: رَبِيعَةُ الْجُرَشِيُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ بِمَرْجِ
رَاهِطٍ، وَشَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ السَّدُوسِيُّ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ
مَخْرَمَةَ، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ، وَمَعْنُ بْنُ يَزِيدَ السُّلَمِيُّ، وَابْنُهُ ثَوْرٌ،
وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فِي آخرها، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ
بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ
الأموي، والمنذر ابن الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو
الْأَزْدِيُّ، وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ [1] : لَمَّا فَرَغَ مُسْلِمُ بْنُ
عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ مِنَ الْحَرَّةِ، تَوَجَّهَ إِلَى مَكَّةَ،
وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ
الْجُذَامِيَّ، فَأَدْرَكَ مُسْلِمًا الْمَوْتُ، وَعَهِدَ بِالْأَمْرِ
إِلَى حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرِ، فَقَالَ: انْظُرْ يَا بَرْذَعَةَ
الْحِمَارِ، لَا تُرْعِ سَمْعَكَ قُرَيْشًا، وَلَا تَرُدَّنَّ أَهْلَ
الشَّامِ عَنْ عَدُوِّهِمْ، وَلَا تُقِيمَنَّ إِلَّا ثَلَاثًا حَتَّى
تُنَاجِزَ ابْنَ الزُّبَيْرِ الْفَاسِقَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي
لَمْ أَعْمَلْ عَمَلًا قَطُّ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ أَحَبَّ إِلَيَّ
مِنْ قَتْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَا أَرْجَى عِنْدِي مِنْهُ، ثُمَّ
مَاتَ، فَقَدِمَ حُصَيْنٌ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَدْ بَايَعَهُ
أَهْلُ الْحِجَازِ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ،
وَقَدِمَ عَلَيْهِ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَنَفِيُّ الْحَرُورِيُّ،
فِي أُنَاسٍ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَجَرَّدَ أَخَاهُ الْمُنْذِرَ
لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانَ مِمَّنْ شَاهَدَ الْحَرَّةَ، ثُمَّ
لَحِقَ بِهِ، فَقَاتَلَهُمْ سَاعَةً، ثم دعي إلى المبارزة، فضرب كلّ
واحد صاحبه،
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 496 و 497.
(5/33)
وَخَرَّ مَيِّتًا. وَقَاتَلَ مُصْعَبُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى قُتِلَ، صَابَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ
عَلَى الْقِتَالِ إِلَى اللَّيْلِ، ثُمَّ حَاصَرُوهُ بِمَكَّةَ شَهْرَ
صَفَرَ، وَرَمَوْهُ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَكَانُوا يُوقِدُونَ حَوْلَ
الْكَعْبَةِ، فَأَقْبَلَتْ شَرَرَةٌ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ،
فَأَحْرَقَتِ الْأَسْتَارَ وَخَشَبَ السَّقْفِ، سَقْفُ الْكَعْبَةِ،
وَاحْتُرِقَ قَرْنَا الْكَبْشِ الَّذِي فَدَى اللَّهُ به إِسْمَاعِيلَ،
وكانا فِي السَّقْفِ. قَالَ: فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ
مَوْتُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَنَادَى بِأَهْلِ الشَّامِ: إِنَّ
طَاغِيَتَكُمْ قَدْ هَلَكَ. فَغَدَوْا يُقَاتِلُونَ، فَقَالَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ لِلْحُصَيْنِ ابْنِ نُمَيْرٍ: أُدْنُ مِنِّي أُحَدِّثُكَ،
فَدَنَا، فَحَدَّثَهُ، فَقَالَ: لَا نُقَاتِلُكَ، فَائْذَنْ لَنَا
نَطُفْ بِالْبَيْتِ وَنَنْصَرِفْ، فَفَعَلَ.
وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ الْحُصَيْنَ سَأَلَ ابْنَ
الزُّبَيْرِ مَوْعِدًا بِاللَّيْلِ، فَالْتَقَيَا بِالْأَبْطَحِ،
فَقَالَ لَهُ الْحُصَيْنُ: إِنْ يَكُ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ هَلَكَ،
فَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ، هَلُمَّ نُبَايِعُكَ،
ثُمَّ اخْرُجْ معي إلى الشَّامِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ وُجُوهُ أَهْلِ
الشَّامِ وَفُرْسَانُهُمْ، فو الله لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ،
وَأَخَذَ الْحُصَيْنُ يُكَلِّمُهُ سِرًّا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ
يَجْهَرُ جَهْرًا، وَيَقُولُ: أَفْعَلُ، فَقَالَ الْحُصَيْنُ: كُنْتُ
أَظُنُّ أَنَّ لَكَ رَأْيًا، أَلَا أَرَانِي أُكَلِّمُكَ سِرًّا
وَتُكَلِّمُنِي جَهْرًا، وَأَدْعُوكَ إِلَى الْخِلَافَةِ وَتَعِدُنِي
الْقَتْلَ! ثُمَّ قَامَ وَسَارَ بِجَيْشِهِ، وَنَدِمَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ فَأَرْسَلَ وَرَاءَهُ يَقُولُ: لَسْتُ أَسِيرُ إِلَى
الشَّامِ، إِنِّي أَكْرَهُ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَكِنْ
بَايِعُوا لِي الشَّامَ، فَإِنِّي عَادِلٌ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ سَارَ
الْحُصَيْنِ، وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْعَلْفُ، وَاجْتَرَأَ عَلَى
جَيْشِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ، وَجَعَلُوا
يَتَخَطَّفُونَهُمْ وَذُلُّوا، وَسَارَ مَعَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ [1] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: سَارَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ مِنَ
الْمَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا صَدَرَ عَنِ الْأَبْوَاءِ هَلَكَ،
وَأَمَّرَ عَلَى جَيْشِهِ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ الْكِنْدِيَّ،
فَقَالَ: قَدْ دَعَوْتُكَ، وَمَا أَدْرِي أَسْتَخْلِفُكَ عَلَى
الْجَيْشِ، أَوْ أُقَدِّمُكَ فَأَضْرِبُ عُنُقَكَ؟، قَالَ: أصلحك
اللَّهُ، سَهْمُكَ، فَارْمِ بِهِ حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ: إِنَّكَ
أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ جَافٌّ، وَإِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يُمَكِّنْهُمْ
رَجُلٌ قَطُّ مِنْ أُذُنِهِ إِلَّا غَلَبُوهُ على رأيه، فسر بهذا
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 502، 503، وانظر: الأخبار الطوال 268.
(5/34)
الْجَيْشِ، فَإِذَا لَقِيتَ الْقَوْمَ
فَاحْذَرْ أَنْ تُمَكِّنَهُمْ مِنْ أُذُنَيْكَ، لَا يَكُونُ إِلَّا
الْوِقَافُ ثُمَّ الثِّقَافُ ثُمَّ الِانْصِرَافُ [1] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي
عَوْنٍ قَالَ: جَاءَ نَعْيُ يَزِيدَ لَيْلًا، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ
يردّون ابن الزبير، قال ابن عون: فقمت فِي مَشْرَبةٍ لَنَا فِي دَارِ
مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَصِحْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: يَا أَهْلَ
الشَّامِ، يَا أَهْلَ النِّفَاقِ وَالشُّؤْمِ، قَدْ وَاللَّهِ الَّذِي
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَاتَ يَزِيدُ، فَصَاحُوا وَسَبُّوا
وَانْكَسَرُوا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ شَابٌّ فَاسْتَأْمَنَ،
فَأَمَّنَّاهُ، فَجَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ
صَفْوَانَ، وَأَشْيَاخٌ جُلُوسٌ فِي الْحِجْرِ، وَالْمِسْوَرُ يَمُوتُ
فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ الشَّابُّ: إِنَّكُمْ مَعْشَرُ قُرَيْشٍ،
إِنَّمَا هَذَا الْأَمْرُ أَمْرُكُمْ، وَالسُّلْطَانُ لَكُمْ،
وَإِنَّمَا خَرَجْنَا فِي طَاعَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ، وَقَدْ هَلَكَ،
فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تَأْذَنُوا لَنَا فَنَطُوفُ بِالْبَيْتِ
وَنَنْصَرِفُ إِلَى بِلَادِنَا، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى رَجُلٍ.
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَا، وَلَا كَرَامَةَ، فَقَالَ ابْنُ
صَفْوَانَ: لِمَ! بَلَى نَفْعَلُ ذَلِكَ، فَدَخَلَا عَلَى الْمِسْوَرِ
فَقَالَ: وَمن أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ الله 2: 114 الْآيَةَ
[2] ، قَدْ خَرَّبُوا بَيْتَ اللَّهِ، وَأَخَافُوا عُوَّادَهُ،
فَأَخِفْهُمْ كَمَا أَخَافُوا عُوَّادَهُ، فَتَرَاجَعُوا، وَغُلِبَ
الْمِسْوَرُ وَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ.
قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ قَدْ أَصَابَهُ مِنْ حَجَرِ
الْمَنْجَنِيقِ شَقَّهُ فِي خَدِّهِ فَهَشَمَ خَدُّهُ.
وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ، عَنْ جَمَاعَةٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ
دَعَاهُمْ إِلَى نَفْسِهِ، فَبَايَعُوهُ، وَأَبَى عَلَيْهِ ابْنُ
عَبَّاسٍ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَالَا: حَتَّى تَجْتَمِعَ لَكَ
الْبِلَادُ وَمَا عِنْدَنَا خِلَافٌ، فَكَاشَرَهُمَا ثُمَّ غَلَظَ
عَلَيْهِمَا سنة سِتَّ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا بَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَوْتُ يَزِيدَ
بَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، لَمَّا خَطَبَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى
نَفْسِهِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَدْعُو إلى الشورى، فبايعوه
في رجب. [3]
__________
[1] تاريخ خليفة 254، 255.
[2] سورة آل عمران/ 114.
[3] تاريخ خليفة 257 و 258.
(5/35)
وَلَمَّا هَلَكَ يَزِيدُ بُويِعَ بَعْدَهُ
ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَبَقِيَ فِي الْخِلَافَةِ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مُتَمَرِّضًا،
والضحاك بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ
لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَأَبى وَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ
حَلَاوَتِهَا، فَلَمْ أَتَحَمَّلْ مَرَارَتَهَا! وَكَانَ لَمْ
يُغَيِّرْ أَحَدًا مِنْ عُمَّالِ أَبِيهِ [1] .
وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا، أبيض جميلا وَسِيمًا، عَاشَ إِحْدَى
وَعِشْرِينَ سَنَةً [2] .
وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ [3]
، فَأَرَادَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عُثْمَانَ هَذَا عَلَى الْخِلَافَةِ،
فَامْتَنَعَ وَلَحِقَ بِخَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وقَالَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عِنْدَ
مَوْتِ مُعَاوِيَةَ: أَقِيمُوا أَمْرَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ
عَلَيْكُمْ شَامَكُمْ، فَتَكُونُ فِتْنَةً، فَكَانَ رَأْيُ مَرْوَانَ
أَنْ يُرَدَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُبَايِعُهُ، فَقَدِمَ
عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ هَارِبًا مِنَ العراق، وكان عند
ما بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمْ
يَزِيدَ وَقَالَ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَمِيرًا، فقَالُوا:
نَخْتَارُكَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ أَمْرُ النَّاسِ، فَوَضَعَ الدُّيُونَ
وَبَذَلَ الْعَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ الرياحي بِنَاحِيَةِ
الْبَصْرَةِ، فَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ النَّاسُ
إِلَيْهِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ
لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ، قَالُوا:
نَخْتَارُكَ، فَبَايَعُوهُ وَقَالُوا: أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا،
وَكَانَ قَدْ مَلَأَ السُّجُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: لَا
تَفْعَلُوا فَإِنَّهُمْ يُفْسِدُونَ عَلَيْكُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ،
فَأَخْرَجَهُمْ، فَجَعَلُوا يُبَايِعُونَهُ، فَمَا تَتَامَّ آخِرُهُمْ
حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا فِي نَاحِيَةِ بَنِي تَمِيمٍ
[4] .
وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا،
فَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ بِجُدُرِ بَابِ الْإِمَارَةِ،
وَيَقُولُونَ: هذه بيعة ابن مرجانة، واجترأ عليه
__________
[1] تاريخ خليفة 255.
[2] تاريخ دمشق (الظاهرية) 16/ 395 ب.
[3] في البداية والنهاية 8/ 237: صلى عليه أخوه خالد، وقيل عثمان بن
عنبسة، وقيل الوليد بن عقبة وهو الصحيح، فإنه أوصى إليه بذلك.
[4] انظر تاريخ الطبري 5/ 505.
(5/36)
النَّاسُ حَتَّى نَهَبُوا خَيْلَهُ مِنْ
مَرْبَطِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: فَهَرَبَ بِاللَّيْلِ، فَاسْتَجَارَ بِمَسْعُودِ
بْنِ عَمْرِو رَئِيسِ الْأَزْدِ، فَأَجَارَهُ.
ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بَايَعُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيَّ بَبَّةَ [1] ، وَرَضُوا بِهِ
أَمِيرًا عَلَيْهِمْ، وَاجْتَمَعَ الناس لتتمة الْبَيْعَةِ، فَوَثَبَتِ
الْحَرُوريَّةُ عَلَى مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو، فَقَتَلُوهُ، وَهَرَبَ
النَّاسُ، وَتَفَاقَمَ الشَّرُّ، وَافْتَرَقَ الْجَيْشُ فرقتين، وكانوا
نحوا من خَمْسِينَ أَلْفًا، وَاقْتَتَلُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَكَانَ
عَلَى الْخَوَارِجِ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ.
وَقَالَ الزُّبَيْرِ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، إِنَّ
مَسْعُودًا جَهَّزَ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ مِائَةً مِنَ
الْأَزْدِ، فَأَقْدَمُوهُ الشَّامَ.
وَرَوَى ابْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ
قَيْسٍ الْجَهْضَمِيِّ قَالَ: قَالَ ابْنُ زِيَادٍ: إِنِّي لَأَعْرِفُ
سُورًا كَانَ فِي قَوْمِكَ، قَالَ الْحَارِثُ: فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ
فَأَرْدَفْتُهُ عَلَى بَغْلَتِي، وَذَلِكَ لَيْلًا، وَأَخَذَ عَلَى
بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قُلْتُ: بَنُو سُلَيْمٍ، قَالَ: سَلِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ
مَرَرْنَا عَلَى بَنِي نَاجِيَةَ وَهُمْ جُلُوسٌ مَعَهُمُ السِّلَاحُ،
فَقَالُوا: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، قَالُوا:
امْضِ رَاشِدًا، فَقَالَ رَجُلٌ: هَذَا وَاللَّهِ ابْنُ مَرْجَانَةَ
خَلْفَهُ، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ، فَوَضَعَهُ فِي كَوْرِ عِمَامَتِهِ،
فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: الَّذِينَ
كُنْتُ تَزْعُمُ أَنَّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ، هَؤُلَاءِ بَنُو نَاجِيَةَ،
فَقَالَ: نَجَوْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ
أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ، فَهَلْ تَصْنَعُ مَا أُشِيرَ بِهِ عَلَيْكَ،
قَدْ عَرَفْتَ حَالَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَشَرَفَهُ وَسِنَّهُ،
وَطَاعَةَ قَوْمِهِ لَهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِي إِلَيْهِ،
فَأَكُونُ فِي دَارِهِ، فَهِيَ أَوْسَطُ الْأَزْدِ دَارًا، فَإِنَّكَ
إِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَصَدَّعَ عَلَيْكَ قَوْمُكَ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ، فَأُشْعِرَ مَسْعُودٌ وَهُوَ جَالِسٌ
يُوقِدُ لَهُ بِقَصَبٍ عَلَى لَبِنَةٍ، وَهُوَ يُعَالِجُ أَحَدَ
خُفَّيْهِ بِخَلْعِهِ، فَعَرَفَنَا فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ
يَتَعَوَّذُ من طوارق السوء، فقلت له: أفتخرجه بعد ما دَخَلَ عَلَيْكَ
بَيْتَكَ! فَأَمَرَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَ ابنه
__________
[1] بتشديد الموحدة، كما في (نزهة الألباب في الألقاب لابن حجر
العسقلاني) .
(5/37)
عَبْدِ الْغَافِرِ، وَرَكِبَ مَعِي فِي
جَمَاعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَطَافَ فِي الْأَزْدِ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ
زِيَادٍ قَدْ فُقِدَ، وَإِنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ نُلْطَخَ بِهِ،
فَأَصْبَحَتِ الْأَزْدُ فِي السِّلَاحِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ قَدْ
فَقَدُوا ابْنَ زِيَادٍ فَقَالُوا: أَيْنَ تَوَجَّهَ، مَا هُوَ إِلَّا
فِي الْأَزْدِ؟
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: فَسَارَ مَسْعُودٌ
وَأَصْحَابُهُ يُرِيدُونَ دَارَ الْإِمَارَةِ، وَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ،
وَقَتَلُوا قَصَّارًا كَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَنَهَبُوا
دَارَ امْرَأَةٍ، وَبَعَثَ الْأَحْنَفُ حِينَ عَلِمَ بذَلِكَ إِلَى
بَنِي تَمِيمٍ، فَجَاءُوا، وَدَخَلَتِ الْأَسَاوِرَةُ الْمَسْجِدَ
فَرَمَوْا بِالنُّشَّابِ، فيقال: فقئوا عَيْنَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا.
وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ إِلَى مَسْعُودٍ فَقَتَلَهُ،
وَهَرَبَ مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ، فَلَجَأَ إِلَى بَنِي عَدِيٍّ،
وَانْهَزَمَ النَّاسُ.
وقال الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ قَدِمَ
الشَّامَ، وَقَدْ بَايَعَ أَهْلُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ،
مَا خَلَا أَهْلِ الْجَابِيَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ،
فَبَايَعَ هُوَ وَمَرْوَانُ وَبَنُو أُمَيَّةَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ
بْنِ مُعَاوِيَةَ، بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهِ مُعَاوِيَةَ، فِي نِصْفِ ذِي
الْقَعْدَةِ، ثُمَّ سَارُوا فَالْتَقَوْا هُمْ وَالضَّحَّاكُ بْنُ
قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا فِي
ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ الضَّحَّاكُ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، وَكَانَ
مَرْوَانُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَأقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا
يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ. فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ
لِمَرْوَانَ: إِنَّ الضَّحَّاكَ فِي فُرْسَانِ قَيْسٍ، وَلَنْ تَنَالَ
مِنْهُمْ مَا تُرِيدَ إِلَّا بِمَكِيدَةٍ، فَسَلْهُمُ الْمُوَادَعَةَ،
وَأَعِدَّ الْخَيْلَ، فَإِذَا كَفُّوا عَنِ الْقِتَالِ فادهمهم، قَالَ:
فَمَشَتْ بَيْنَهُمُ السُّفَرَاءُ حَتَّى كَفَّ الضَّحَّاكُ عَنِ
الْقِتَالِ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ مَرْوَانُ فِي الْخَيْلِ، فَنَهَضُوا
لِلْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ تَعْبِئَةٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ، وَقُتِلَ
مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ [2] . وَسَنَوْرِدُ مِنْ
أَخْبَارِهِ فِي اسْمِهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لَمَّا مَاتَ يَزِيدُ انْتَقَضَ أَهْلُ
الرَّيِّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ أَمِيرُ
الْكُوفَةِ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَيْرِ بْنِ عُطَارِدٍ الدَّارَمِيَّ.
وَكَانَ أصبهبذ [3] الريّ
__________
[1] تاريخ خليفة 258.
[2] تاريخ خليفة 259، 260.
[3] الأصبهبذ: اسم يطلق على كل من يتولّى بلاد طبرستان (انظر معجم
البلدان 4/ 14 و 15) وهو أمير الأمراء، وتفسيره حافظ الجيش لأن الجيش
«إصبه» و «بذ» حافظ. وهذه ثالثة
(5/38)
يَوْمَئِذٍ الْفَرُّخَانُ [1] ،
فَانْهَزَمَ الْفَرُّخَانُ وَالْمُشْرِكُونَ.
(وَفِيهَا) ظَهَرَتِ الخوارج الذين بمصر، ودعوا إلى عبد اللَّهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ، وَكَانُوا يَظُنُّونَهُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَلَحِقَ
بِهِ خَلْقٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى الْحِجَازِ، فَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
عَلَى مِصْرَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَمٍ الْفِهْرِيَّ [2] ،
فَوَثَبُوا عَلَى سَعِيدٍ الْأَزْدِيِّ فَاعْتَزَلَهُمْ.
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ، فَإِنَّهُمْ بَعْدَ هُرُوبِ ابْنِ زِيَادٍ
اصْطَلَحُوا عَلَى عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ، فَأَقَرَّهُ
ابْنُ الزُّبَيْرِ [3] (وَفِيهَا) هَدَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ
الْكَعْبَةَ لَمَّا احْتَرَقَتْ، وَبَنَاهَا عَلَى قَوَاعِدِ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا-
الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ-، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ، وَمَتْنُهُ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا
عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِكُفْرٍ
لَنَقَضْتُ الْكَعْبَةَ، وَلَأَدْخَلْتُ الْحِجْرَ فِي الْبَيْتِ،
وَلَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ، بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ،
وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَقَالَ: «إِنَّ قُرَيْشًا قَصَّرَتْ
بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَتَرَكُوا مِنْ أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ الْحِجْرَ،
وَاقْتَصَرُوا عَلَى هَذَا» ، وَقَالَ: «إِنَّ قَوْمَكِ عَمِلُوا لَهَا
بَابًا عَالِيًا، لِيُدْخِلُوا مَنْ أَرَادُوا، أَوْ يَمْنَعُوا مَنْ
أَرَادُوا» [4] فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَبِيرًا، وَأَلْصَقَ
بَابَهُ بِالْأَرْضِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَوُلِّيَ
الْحَجَّاجُ عَلَى مَكَّةَ أَعَادَ الْبَيْتَ عَلَى مَا كَانَ فِي
زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، ونقض حائطه
__________
[ () ] المراتب العظيمة عند الفرس. (التنبيه والإشراف للمسعوديّ 91) .
[1] في تاريخ خليفة 261 «البرجان» .
[2] تاريخ الطبري 5/ 530 و 540.
[3] تاريخ الطبري 5/ 524
[4] أخرجه البخاري في العلم 1/ 198 1/ 198 و 199، باب من ترك بعض
الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشدّ منه، وفي
الحج، باب فضل مكة وبنيانها، وفي الأنبياء، باب قول الله تعالى
وَاتَّخَذَ الله إِبْراهِيمَ خَلِيلًا 4: 125، وفي تفسير سورة البقرة،
باب قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ من الْبَيْتِ
2: 127، وفي التمنّي، باب ما يجوز من اللّو.
وأخرجه مسلم في الحجّ (1333) باب نقض الكعبة وبنائها.
(5/39)
مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ فَصَغَّرَهُ،
وَأَخْرَجَ مِنْهُ الْحِجْرَ، وَأَخَذَ مَا فَضَلَ مِنَ الْحِجَارَةِ،
فَدَكَّهَا فِي أَرْضِ الْبَيْتِ، فَعَلَا بَابُهُ، وَسَدَّ الْبَابَ
الْغَرْبِيَّ [1] .
__________
[1] أخبار مكة 1/ 206 و 207، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام
(بتحقيقنا) - ج 1/ 342، تاريخ خليفة 261، الطبري 5/ 582.
(5/40)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ،
وَسُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ، وَالْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ، وَمَالِكُ
بْنُ هُبَيْرَةَ السُّكُونِيُّ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ
بَشِيرٍ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ، وَقِيلَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ،
وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ الْأَعْوَرُ.
وَلَمَّا انْقَضَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ
بَايَعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الشَّامِ لِمَرْوَانَ، فَبَقِيَ تِسْعَةُ
أَشْهُرٍ، وَمَاتَ، وَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ [1] .
وَفِيهَا دَخَلَ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ الْأَزْدِيُّ
خُرَاسَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ جِهَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ،
فَكَلَّمَهُ أَمِيرُهَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ فِي قِتَالِ الْأَزَارِقَةِ وَالْخَوَارِجِ،
وَأَشَارَ بِذَلِكَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَمَدُّوهُ
بِالْجُيُوشِ، فَسَارَ وَحَارَبَ الْأَزَارِقَةَ أَصْحَابَ ابْنِ
الْأَزْرَقِ، وَصَابَرَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ حَتَّى كَسَرَهُمْ،
وَقَتَلَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةَ آلاف وثمانمائة [2] .
__________
[1] تاريخ خليفة 259 و 261.
[2] انظر تاريخ الطبري 5/ 613 وما بعدها.
(5/41)
وَفِيهَا سَارَ مَرْوَانُ بِجُيُوشِهِ
إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ كَانَ كَاتِبُهُ كُرَيْبُ بْنُ أَبْرَهَةَ،
وَعَابِسُ بْنُ سَعِيدٍ قَاضِي مِصْرَ، فَحَاصَرَ جَيْشَهُ وَالِي
مِصْرَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَنْدَقَ عَلَى الْبَلَدِ، وَخَرَجَ
أَهْلُ مِصْرَ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ يَوْمَ
التَّرَاوِيحِ، لِأَنَّ أَهْلَ مِصْرَ كَانُوا يَنْتَابُونَ الْقِتَالَ
وَيَسْتَرِيحُونَ، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلَ فِي الْمَعَافِرِ، فَقُتِلَ
مِنْهُمْ خَلْقٌ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ
بْنِ معديكرب الْكَلَاعِيُّ، أَحَدُ الْأَشْرَافِ، ثُمَّ صَالَحُوا
مَرْوَانَ، فَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا بِيَدِهِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ،
وَأَخَذُوا فِي دفن قتلاهم وفي البكاء، ثم تجهّز إلى مِصْرَ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ جَحْدَمٍ، وَأَسْرَعَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ،
وَضَرَبَ مَرْوَانُ عُنُقَ ثمانين رَجُلًا تَخَلَّفُوا عَنْ
مُبَايَعَتِهِ. وَضَرَبَ عُنُقَ الْأُكَيْدِرِ [1] بْنِ حَمَامٍ
اللَّخْمِيِّ سَيِّدِ لَخْمٍ وَشَيْخِهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ،
وَكَانَ مَنْ قَتَلَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي
نِصْفِ جُمَادِي الْآخِرَةِ، يَوْمَ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَمَا قَدَرُوا يَخْرُجُونَ بِجِنَازَةِ
عَبْدِ اللَّهِ، فَدَفَنُوهُ بِدَارِهِ.
وَاسْتَوْلَى مَرْوَانُ عَلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ بِهَا شَهْرَيْنِ،
ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا ابْنَهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ، وَتَرَكَ
عِنْدَهُ أَخَاهُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ، وَمُوسَى بْنَ نُصَيْرِ
وَزِيرًا، وَأَوْصَاهُ بِالْمُبَايَعَةِ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى
الْأَكَابِرِ، وَرَجَعَ إِلَى الشَّامِ [2] .
وَفِيهَا وَفَدَ الزُّهْرِيُّ عَلَى مَرْوَانَ، قَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَفَدْتُ عَلَى مَرْوَانَ
وَأَنَا مُحْتَلِمٌ.
قُلْتُ: وَهَذَا بَعِيدٌ، وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ وِفَادَتَهُ أَوَّلَ
شَيْءٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ في أواخر إمارته [3] .
__________
[1] في كتاب: الولاة والقضاة- ص 43 «أكدر» .
[2] انظر كتاب: الولاة والقضاة 41 وما بعدها.
[3] كان ذلك في سنة 82 هـ. كما روى ابن عساكر في ترجمة الزهري التي
نشرها: شكر الله بن نعمة الله القوجاني، وذلك من طريق: محمد بن الحسين،
عن عبد الله، عن يعقوب، عن ابن بكير، عن الليث. - ص 12.
(5/42)
(وَفِيهَا) وَجَّهَ مَرْوَانُ حُبَيْشُ
بْنُ دُلْجَةَ الْقَيْنِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى الْمَدِينَةِ،
وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عقبة،
فسار ومعه عبيد الله ابن الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ، وَأَبُو
الْحَجَّاجُ يُوسُفُ الثَّقَفِيُّ، وَابْنُهُ الْحَجَّاجُ وَهُوَ
شَابٌّ، فَجَهَّزَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ مِنْ جِهَةِ ابْنِ
الزُّبَيْرِ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ جَيْشًا مِنَ
الْبَصْرَةِ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَحُبَيْشٌ بِالرَّبَذَةِ فِي أَوَّلِ
رَمَضَانَ، فَقُتِلَ حُبَيْشُ بْنُ دُلْجَةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
الْحَكَمِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ الْجَيْشِ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ،
فَتَخَطَّفَتْهُمُ الْأَعْرَابُ، وَهَرَبَ الْحَجَّاجُ رِدْفَ أَبِيهِ
[1] .
(وَفِيهَا) دَعَا ابْنُ الزبير إلى بيعته محمد بن الحنيفة، فَأَبَى
عَلَيْهِ، فَحَصَرَهُ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ فِي جَمَاعَةِ مِنْ
بَيْتِهِ وَشِيعَتِهِ وَتَوَعَّدَهُمْ [2] .
(وفِيهَا) خَرَجَ بَنُو مَاحُوزٍ بِالْأَهْوَازِ وَفَارِسٍ،
وَتَقَدَّمَ عَسْكَرُهُمْ، فَاعْتَرَضُوا أَهْلَ الْمَدَائِنِ،
فَقَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى أَصْبَهَانَ،
وَعَلَيْهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ، فَقَتَلَ ابْنُ
مَاحُوزٍ، وَانْهَزَمَ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ مَعَهُ، ثُمَّ أَمَّرُوا
عَلَيْهِمْ قَطَرِيَّ بْنَ الفُجَاءَةِ [3] .
وَأَمَّا نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ فَإِنَّهُ قَدِمَ فِي الْعَامِ
الْمَاضِي فِي جُمُوعِهِ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ عَلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَقَاتَلُوا مَعَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَ أَهْلُ الشَّامِ
اجْتَمَعُوا بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَسَأَلُوهُ: مَا تَقُولُ فِي
عُثْمَانَ؟ فَقَالَ: تَعَالَوُا الْعَشِيَّةَ حَتَّى أُجِيبَكُمْ،
ثُمَّ هَيَّأَ أَصْحَابَهُ بِالسِّلَاحِ، فَجَاءَتِ الْخَوَارِجُ،
فَقَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ خَشِيَ
الرَّجُلُ غَائِلَتَكُمْ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ فَقَالَ: يَا هَذَا
اتَّقِ اللَّهَ، وَابْغَضِ الْجَائِرَ [4] ، وَعَادِ أَوَّلَ مَنْ
سَنَّ الضَّلَالَةَ، وَخَالِفْ حُكْمَ الْكِتَابِ، وَإِنْ خَالَفْتَ
فَأَنْتَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَمْتَعُوا بِخِلَاقِهِمْ، وَأَذْهَبُوا
طَيِّبَاتِهِمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدنيا.
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 611، 612.
[2] تاريخ خليفة 262.
[3] تاريخ الطبري 5/ 613 وما بعدها.
[4] في تاريخ الطبري 5/ 565 «وأبغض الخائن المستأثر» .
(5/43)
ثُمَّ تَكَلَّمَ خَطِيبُ الْقَوْمِ
عَبِيدَةُ بْنُ هِلَالٍ، فَأَبْلَغَ.
ثُمَّ تَكَلَّمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ فِي آخِرِ مَقَالَتِهِ:
أَنَا وَلِيُّ عُثْمَانَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالُوا:
فَبَرِئَ اللَّهُ مِنْكَ يَا عَدُوَّ الله، فقال: وبريء اللَّهُ
مِنْكُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، فَتَفَرَّقُوا عَلَى مِثْلِ هَذَا.
وَرَحَلُوا، فَأَقْبَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الْحَنْظَلِيُّ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ [1] السَّعْدِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ
بْنِ إِبَاضٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ بَيْهَسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ،
وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْمَاحُوزِ الْيَرْبُوعِيُّ، حَتَّى
قَدِمُوا الْبَصْرَةَ، وَانْطَلَقَ أَبُو طَالُوتَ، وَأَبُو فُدَيْكٍ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرٍ، وَعَطِيَّةُ الْيَشْكُرِيُّ، فَوَثَبُوا
بِالْيَمَامَةِ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَجْدَةَ بْنِ
عَامِرٍ الْحَنَفِيِّ الْحَرُورِيِّ [2] .
وَلَمَّا رَجَعَ مَرْوَانُ إِلَى دِمَشْقَ إِذَا مُصْعَبُ بْنُ
الزُّبَيْرِ قَدْ قَدِمَ فِي عَسْكَرٍ مِنَ الْحِجَازِ يَطْلُبُ
فِلَسْطِينَ، فَسَرَّحَ مَرْوَانُ لِحَرْبِهِ عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ
الْأَشْدَقِ، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ مُصْعَبٍ [3] .
وَوَرَدَ أَنَّ مَرْوَانَ تَزَوَّجَ بِأُمِّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ
مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ
بَعْدَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ [4] .
وَفِيهَا بَايَعَ جُنْدُ خُرَاسَانَ سَلْمَ بْنَ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ،
بَعْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ، وَأَحَبُّوهُ حَتَّى يُقَالُ:
سَمَّوْا بِاسْمِهِ تِلْكَ السَّنَةَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفَ
مَوْلُودٍ، فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِمْ حَتَّى
يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ، ثُمَّ نَكَثُوا وَاخْتَلَفُوا،
فَخَرَجَ سَلْمُ وَتَرَكَ عَلَيْهِمُ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي
صُفْرَةَ، فَلَقِيَهُ بِنَيْسَابُورَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ [5]
السُّلَمِيُّ فَقَالَ: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى خُرَاسَانَ؟ فَأَخْبَرَهُ،
قَالَ: مَا وَجَدْتُ فِي مِصْرَ رَجُلًا تَسْتَعْمِلْهُ حَتَّى
فَرَّقْتَ خُرَاسَانَ بين بكر بن وائل وأزد
__________
[1] في تاريخ الطبري 5/ 566 «صفار» .
[2] تاريخ الطبري 5/ 565، 566.
[3] تاريخ الطبري 5/ 540، 610.
[4] تاريخ الطبري 5/ 610، 611.
[5] في الأصل هنا وفيما يستقبلك «حازم» .
(5/44)
عُمَانَ! وَقَالَ: اكْتُبْ لِي عَهْدًا
عَلَى خُرَاسَانَ، فَكَتَبَ لَهُ، وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفِ
دِرْهَمٍ، فَأَقْبَلَ إِلَى مَرْوَ، فَبَلَغَ الْمُهَلَّبَ الْخَبَرُ،
فَتَهَيَّأَ وَغَلَبَ ابْنَ خَازِمٍ عَلَى مَرْوَ، ثُمَّ صَارَ إِلَى
سُلَيْمَان بْنِ مَرْثَدٍ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامًا، فَقُتِلَ
سُلَيْمَانُ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ خَازِمٍ إِلَى عَمْرِو بْنِ مرثد وهو
بالطالقان [1] في سبعمائة، فبلغ عمرا، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَالْتَقَوْا
فَقُتِلَ عَمْرٌو، وَهَرَبَ أَصْحَابُهُ إِلَى هَرَاةَ، وَبِهَا أَوْسُ
بْنُ ثَعْلَبَةَ، فَاجْتَمَعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَقَالُوا:
نُبَايِعُكَ، عَلَى أَنْ تُشِيرَ إِلَى ابْنِ خَازِمٍ فَيُخْرِجَ
مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ كُلِّهَا، فَقَالَ: هَذَا بَغْيٌ، وَأَهْلُ
الْبَغْيِ مَخْذُولُونَ، فَلَمْ يُطِيعُوهُ، وَسَارَ إِلَيْهِمُ ابْنُ
خَازِمٍ، فَخَنْدَقُوا عَلَى هَرَاةَ، فَاقْتَتَلُوا نَحْوَ سَنَةٍ،
وَشَرَعَ ابْنُ خَازِمٍ يَلِينُ لَهُمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ
تُخْرِجَ مُضَرَ مِنْ خُرَاسَانَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَنْ كُلِّ
سِلَاحٍ وَمَالٍ، فَقَالَ ابْنُ خَازِمٍ: وَجَدْتُ إِخْوَانَنَا
قَطْعًا لِلرَّحِمِ، قَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّ رَبِيعَةَ لَمْ
تَزَلْ غَضَابًا عَلَى رَبِّهَا مُذْ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى
نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُضَرَ.
ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْسٍ بَعْدَ الْحِصَارِ الطَّوِيلِ
وَقْعَةٌ هَائِلَةٌ، أَثْخَنَ فِيهَا أَوْسٌ بِالْجَرَّاحَاتِ،
وَقُتِلَتْ رَبِيعَةُ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَهَرَبَ أَوْسٌ إِلَى
سِجِسْتَانَ فَمَاتَ بِهَا، وَقُتِلَ مِنْ جُنْدِهِ يَوْمَئِذٍ مِنْ
بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ثَمَانِيَةُ آلَافٍ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنُ خَازِمٍ
وَلَدَهُ عَلَى هَرَاةَ، وَرَجَعَ إِلَى مَرْوَ [2] .
(وَفِيهَا) سَارَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ الثَّقَفِيِّ فِي
رَمَضَانَ مِنْ مَكَّةَ، وَمَعَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَمِيرًا مِنْ قِبَلِ ابْنِ
الزُّبَيْرِ عَلَى خَرَاجِ الْكُوفَةِ، فَقَدِمَ الْمُخَتْارُ
الْكُوفَةَ وَالشِّيعَةُ، قَدِ اجْتَمَعَتْ عَلَى سُلَيْمَان بْنِ
صُرَدَ، فَلَيْسَ يَعْدِلُونَ بِهِ، فَجَعَلَ الْمُخْتَارُ يَدْعُوهُمْ
إِلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، فَتَقُولُ
الشِّيعَةُ: هَذَا سُلَيْمَانُ شَيْخُنَا، فَأَخَذَ يَقُولُ لَهْمُ:
إِنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ قِبَلِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَنَفِيَّةِ، فَصَارَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الشيعة، ثم قدم على
__________
[1] الطالقان: بعد الألف لام مفتوحة وقاف، وآخره نون، بلدتان إحداهما
بخراسان بين مروالروذ وبلخ. وهي أكبر مدينة بطخارستان. (المسالك
والممالك للإصطخري 152 و 153، ومعجم البلدان 4/ 6) .
[2] تاريخ الطبري 5/ 546، 547.
(5/45)
الْكُوفَةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ
الْخَطْمِيُّ [1] مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَنَبَّهُوهُ عَلَى
أَمْرِ الشِّيعَةِ، وَأَنَّ نِيَّتَهُمْ أَنْ يَتُوبُوا، فَخَطَبَ
النَّاسَ، وَسَبَّ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ
هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَلْيَخْرُجُوا ظَاهِرِينَ إِلَى قَاتِلِ
الْحُسَيْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَدْ أَقْبَلَ
إِلَيْهِمْ، وَأَنَا لَهُمْ عَلَى قِتَالِهِ ظَهِيرٌ، فَقِتَالُهُ
أَوْلَى بِكُمْ، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ،
فَنَقَمَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَعَابَهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ
الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ فَسَبَّهُ، وَشَرَعُوا يَتَجَهَّزُونَ
لِلْخُرُوجِ إِلَى مُلْتَقَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.
وَقَدْ كَانَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ الْخُزَاعِيُّ، وَالْمُسَيَّبُ
بْنُ نَجَبَةَ الْفَزَارِيُّ- وَهُمَا مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَمِنْ
كِبَارِ أَصْحَابِهِ- خَرَجَا فِي رَبِيعِ الْآخَرَ يَطْلُبُونَ بِدَمِ
الْحُسَيْنِ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَنَادَوْا:
يَا لِثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، وَتَعَبَّدُوا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ ثَبَّطَ
جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: إِنَّ سُلَيْمَانَ لَا يَصْنَعُ شَيْئًا،
إِنَّمَا يُلْقِي بِالنَّاسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، وَلَا خِبْرَةَ لَهُ
بِالْحَرْبِ، وَقَامَ سُلَيْمَانُ فِي أَصْحَابِهِ، فَحَضَّ عَلَى
الْجِهَادِ وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَلَا يَصَحَبْنَا،
وَمَنْ أَرَادَ وَجْهَ اللَّهِ وَالثَّوَابَ فِي الْآخِرَةِ فَذَلِكَ،
وَقَامَ صَخْرُ بْنُ حُذَيْفَةَ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ: آتَاكَ اللَّهُ
الرُّشْدَ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَخْرَجَتْنَا التَّوْبَةُ مِنْ
ذُنُوبِنَا، وَالطَّلَبُ بِدَمِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّنَا لَيْسَ
مَعَنَا دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنَّمَا نُقْدِمُ عَلَى حَدِّ
السُّيُوفِ.
وَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ الْأَزْدِيُّ فِي
قَوْمِهِ، فدخل على سليمان ابن صُرَدَ فَقَالَ: إِنَّمَا خَرَجْنَا
نَطْلُبُ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، وقتلته كلهم بالكوفة، عمر ابن سَعْدٍ،
وَأَشْرَافُ الْقَبَائِلِ، فَقَالُوا: لَقَدْ جَاءَ بِرَأْيٍ، وَمَا
نَلْقَى إِنْ سِرْنَا إِلَى الشَّامِ إِلَّا عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
زِيَادٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: أَنَا أَرَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي
قَتَلَهُ، وَعَبَّأَ الْجُنُودَ وَقَالَ: لَا أَمَانَ لَهُ عِنْدِي
دُونَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ، فَأَمْضِي فِيهِ حُكْمِي، فَسِيرُوا
إِلَيْهِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ
خَائِفًا، لَا يَبِيتَ إِلَّا فِي قَصْرِ الْإِمَارَةِ، فَخَرَجَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ
مُحَمَّدٍ فَأَتِيَا سُلَيْمَان بْنَ صُرَدَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ
أَحَبُّ أَهْلِ بَلَدِنَا إِلَيْنَا، فَلَا تَفْجَعُونَا
بِأَنْفُسِكُمْ، ولا تنقصوا عددنا
__________
[1] في الأصل «الحطمي» ، والتصحيح من (اللباب في تهذيب الأنساب ج 1 ص
453) .
(5/46)
بِخُرُوجِكُمْ، أَقِيمُوا مَعَنَا حَتَّى
نَتَهَيَّأَ، فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّ عَدُوَّنَا قَدْ شَارَفَ
بِلَادَنَا خَرَجْنَا كُلُّنَا فَقَاتَلْنَاهُ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ:
قَدْ خَرَجْنَا لِأَمْرٍ، وَلَا نَرَانَا إِلَّا شَاخِصِينَ إِنْ شَاءَ
اللَّهُ، قَالَ: فَأَقِيمُوا حَتَّى نَعُبِّئَ مَعَكُمْ جَيْشًا
كَثِيفًا، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ وَيَأْتِيكَ رَأْيِي.
ثُمَّ سَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُ كُلُّ مُسْتَمِيتٍ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ
بَشَرٌ كَثِيرٌ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا أَحَبَّ أَنْ مَنْ تَخَلَّفَ
عَنْكُمْ مَعَكُمْ، وَأَتَوْا قَبْرَ الْحُسَيْنِ فَبَكَوْا، وَقَامُوا
يَوْمًا وَلَيْلَةً يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ،
وَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا رَبِّ إِنَّا قَدْ خَذَلْنَاهُ، فَاغْفِرْ
لَنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا.
ثُمَّ أَتَاهُمْ كِتَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مِنَ الْكُوفَةِ
يَنْشُدُهُمُ اللَّهَ وَيَقُولُ: أَنْتُمْ عَدَدٌ يَسِيرٌ، وَإِنَّ
جَيْشَ الشَّامِ خَلْقٌ، فَلَمْ يَلْوُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمُوا
قَرْقِيسِيَاءَ، فَنَزَلُوا بِظَاهِرِهَا وَبِهَا زُفَرُ [1] بْنُ
الْحَارِثِ الْكِلَابِيُّ قَدْ حصّنها، فأتى بابها المسيّب ابن
نَجَبَةَ، فَأَخْبَرُوا بِهِ زُفَرَ [1] فَقَالَ: هَذَا وَفَارِسُ
مُضَرَ الْحَمْرَاءِ كُلِّهَا، وَهُوَ نَاسِكُ دِينٍ، فَأَذِنَ لَهُ
وَلَاطَفَهُ، فَقَالَ: مِمَّنْ نَتَحَصَّنُ، إِنَّا وَاللَّهِ مَا
إِيَّاكُمْ نُرِيدُ، فَأَخْرِجُوا لَنَا سُوقًا، فَأَمَرَ لَهُمْ
بِسُوقٍ، وَأَمَرَ لِلْمُسَيَّبِ بِفَرَسٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مِنْ
عِنْدِهِ بِعَلَفٍ كَثِيرٍ، وَبَعَثَ إِلَى وُجُوهِ الْقَوْمِ بِعَشْرِ
جَزَائِرَ وَعَلَفٍ وَطَعَامٍ، فَمَا احْتَاجُوا إِلَى شِرَاءِ شَيْءٍ
مِنَ السُّوقِ، إِلَّا مِثْلَ سَوْطٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَخَرَجَ
فَشَيَّعَهُمْ وَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَعَثَ خَمْسَةَ أُمَرَاءَ قَدْ
فَصَلُوا مِنَ الرّقّة: حصين بن نمير السّكونيّ، وشرحبيل ابن ذِي
الْكَلَاعِ، وَأَدْهَمَ بْنَ مُحْرِزٍ الْبَاهِلِيَّ، وَرَبِيعَةَ بْنَ
الْمُخَارِقِ الْغَنَوِيَّ، وَجَبَلَةَ [2] الْخَثْعَمِيَّ، فِي عَدَدٍ
كَثِيرٍ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا، قَالَ
زُفَرُ [1] :
فَتَدْخُلُونَ مَدِينَتَنَا، وَيَكُونُ أَمْرُنَا وَاحِدًا،
وَنُقَاتِلُ مَعَكُمْ، فَقَالَ: قَدْ أَرَادَنَا أَهْلُ بَلَدِنَا
عَلَى ذلك، فلم نفعل، قال: فبادروهم إلى عَيْنِ الْوَرْدَةِ،
فَاجْعَلُوا الْمَدِينَةَ فِي ظُهُورِكُمْ، وَيَكُونُ الرُّسْتَاقُ
والماء فِي أَيْدِيكُمْ، وَلَا تُقَاتِلُوا فِي فَضَاءٍ، فَإِنَّهُمْ
أَكْثَرُ مِنْكُمْ، فَيُحِيطُونَ بِكُمْ، وَلَا تراموهم، ولا تصفّوا
لهم، فإنّي
__________
[1] في الأصل «نفر» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير 5/ 594 وغيره.
[2] في نسخة القدسي 2/ 370: «وحملة» ، والتصحيح من تاريخ لطبري.
(5/47)
لَا أَرَى مَعَكُمْ رَجَّالَةً [1]
وَالْقَوْمُ ذَوُو رِجَالٍ [2] وَفُرْسَانٍ، وَالْقَوْمُ كَرَادِيسُ.
قَالَ: فَعَبَّأَ سُلَيْمَان بْنُ صُرَدَ كِنَانَتَهُ، وَانْتَهَى
إِلَى عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَنَزَلَ فِي غَرَبِيَّهَا، وَأَقَامَ
خَمْسًا، فَاسْتَرَاحُوا وَأَرَاحُوا خُيُولَهُمْ، ثُمَّ قَالَ
سُلَيْمَانُ: إِنْ قُتِلْتُ فَأَمِيرُكُمُ الْمُسَيَّبُ، فَإِنْ
أُصِيبَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ،
فَإِنْ قُتِلَ فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَالٍ، فَإِنْ قُتِلَ
فَالْأَمِيرُ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، رَحِمَ اللَّهُ مَنْ صَدَقَ مَا
عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَهَّزَ الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ
فِي أَرْبِعِمِائَةٍ، فَانْقَضُّوا عَلَى مُقَدِّمَةِ الْقَوْمِ،
وَعَلَيْهَا شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، وَهُمُ غَارُّونَ،
فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ، وَأَخَذُوا مِنْ خَيْلِهِمْ
وَأَمْتِعَتِهِمْ وَرَدُّوا، فَبَلَغَ الْخَبَرُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
زِيَادٍ.
فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ الْحُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ فِي اثْنَى عَشَرَ
أَلْفَا، ثُمَّ رَدَفَهُمْ بِشُرَحْبِيلَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ،
ثُمَّ أَمَدَّهُمْ مِنَ الصَّبَاحِ بِأَدْهَمَ بْنِ مُحْرِزٍ فِي
عَشَرَةِ آلَافٍ، وَوَقَعَ الْقِتَالُ، وَدَامَ الْحَرْبُ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ قِتَالًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ، وَقُتِلَ مِنَ الشَّامِيِّينَ
خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَقُتِلَ مِنَ التَّوَّابِينَ- وَكَذَا كَانُوا
يُسَمَّوْنَ، لِأَنَّهُمْ تَابُوا إِلَى اللَّه مِنْ خِذْلَانِ
الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَاسْتُشْهِدَ أُمَرَاؤُهُمُ
الْأَرْبَعَةُ، لَمْ يُخْبِرْ رِفَاعَةُ بِمَنْ بَقِيَ وَرُدَّ إِلَى
الْكُوفَةِ، وَكَانَ الْمُخْتَارُ فِي الْجَيْشِ، فَكَتَبَ إِلَى
رِفَاعَةَ بْنِ شَدَّادٍ:
مَرْحَبًا بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ لَهُمُ الْأَجْرَ، فَأَبْشِرُوا
إِنَّ سُلَيْمَانَ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكْنُ بِصَاحِبِكُمُ
الَّذِي بِه تُنْصَرُونَ، إِنِّي أَنَا الْأَمِيرُ الْمَأْمُونُ،
وَقَاتِلُ الْجَبَّارِينَ، فَأَعِدُّوا وَاسْتَعِدُّوا، وَكَانَ قَدْ
حَبَسَهُ الْأَمِيرَانِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ، فَبَقِيَ أَشْهُرًا،
ثُمَّ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَشْفَعُ فِيهِ إِلَى
الْأَمِيرَيْنِ، فَضَمِنَهُ جَمَاعَةٌ وَأَخْرَجُوهُ، وَحَلَّفُوهُ
فَحَلَفَ لَهُمَا مُضْمِرًا لِلشَّرِّ، فَشَرَعَتِ الشِّيعَةُ
تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَأَمْرُهُ يُسْتَفْحَلُ [3] .
وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ احْتَرَقَتْ فِي الْعَامِ الْمَاضِي مِنْ مجمر،
علقت النار في
__________
[1] في نسخة القدسي 2/ 370: «رجال» ، والتصحيح من تاريخ (الطبري 5/
595) .
[2] في نسخة القدسي 2/ 370 «رجالا» .
[3] الخبر في الطبري مطوّلا 5/ 593- 607.
(5/48)
الْأَسْتَارِ، فَأَمَر ابْنُ الزُّبَيْرِ
فِي هَذَا الْعَامِ بِهَدْمِهَا إِلَى الْأَسَاسِ، وَأَنْشَأَهَا
مُحْكَمَةً، وَأَدْخَلَ مِنَ الْحِجْرِ فِيهَا سِعَةَ سِتَّةِ
أَذْرُعٍ، لِأَجْلِ الْحَدِيثِ الَّذِي حَدَّثَتْهُ خَالَتُهُ أُمُّ
الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا نَقَضَهَا وَوَصَلُوا
إِلَى الْأَسَاسِ، عَايَنُوهُ آخِذًا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ كَأَسْنِمَةِ
الْبُخْتِ، وَأَنَّ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسَاسِ،
فَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ، وللَّه الْحَمْدُ، وَأَلْصَقُوا دَاخِلَهَا
بِالْأَرْضِ، لَمْ يَرْفَعُوا دَاخِلَهَا، وَعَمِلُوا لَهَا بَابًا
آخَرَ فِي ظَهْرِهَا، ثُمَّ سَدَّهُ الْحَجَّاجُ، فَذَلِكَ بَيِّنٌ
لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ قَصَّرَ تِلْكَ السِّتَّةَ الْأَذْرُعَ،
فَأَخْرَجَهَا مِنَ الْبَيْتِ، وَدَكَّ تِلْكَ الْحِجَارَةَ فِي أَرْضِ
الْبَيْتِ، حَتَّى عَلَا كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا، زَادَهُ اللَّهُ
تَعْظِيمًا [1] .
وَغَلَبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ عَلَى
خُرَاسَانَ، وَغَلَبَ مُعَاوِيَةُ الْكِلَابِيُّ عَلَى السِّنْدِ،
إِلَى أَنْ قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْبَحْرَيْنِ، وَغَلَبَ نَجْدَةُ
الْحَرُورِيُّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَعَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ.
وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فَإِنَّهُ بَعْدَ وَقْعَةِ
عَيْنِ الْوَرْدَةِ مَرِضَ بِأَرْضِ الْجِزِيرَةِ، فَاحْتُبِسَ بِهَا
وَبِقِتَالِ أَهْلِهَا عَنِ الْعِرَاقِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ
قَصَدَ الْمَوْصِلَ وَعَلَيْهَا عَامِلُ المختار كما يأتي.
__________
[1] انظر تاريخ الطبري 5/ 622.
(5/49)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ
عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَهُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ [1] ،
وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ
بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ،
وَحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا قُتِلُوا فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ.
وَفِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْكُوفَةِ،
أَمِيرَهَا وَأَرْسَلَ عَلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ،
فَخَرَجَ مِنَ السِّجْنِ الْمُخْتَارُ، وَقَدِ الْتَفَّ عَلَيْهِ
خَلْقٌ مِنَ الشِّيعَةِ، وَقَوِيَتْ بَلِيَّتُهُ، وَضَعُفَ ابْنُ
مُطِيعٍ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ تَوَثَّبَ بِالْكُوفَةِ، فَنَاوَشَهُ
طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الْقِتَالَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ
رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ، وعبد الله بن سعد ابن قَيْسٍ، وَغَلَبَ عَلَى
الْكُوفَةِ، وَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَجَعَلَ يَتْبَعُ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ، وَقَتَلَ عُمَرَ
بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَشِمْرَ بْنَ ذِي الْجَوْشَنِ
الضَّبَابِيَّ وَجَمَاعَةً، وَافْتَرَى عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ
يَأْتِيهِ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ، فَلِهَذَا قِيلَ لَهُ الْمُخْتَارُ
الْكَذَّابُ، كَمَا قَالُوا مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ. وَلَمَّا
قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ فِي هَذَا الْعَامِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ يَحِطُّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، وَيَقُولُ:
رأيته مداهنا لبني أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَسَعْنِي أَنْ أَقِرَّهُ عَلَى
ذَلِكَ وَأَنَا عَلَى طَاعَتِكَ، فَصَدَّقَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ
وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلَايَةِ الْكُوفَةِ، فَكَفَاهُ جَيْشُ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَخْرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ
الأشتر [2] ، وقد جهّزه للحرب ابن زياد في ذي الحجّة،
__________
[1] في الأصل «هبيرة بن مريم» والتصويب من تاريخ خليفة 263.
[2] في الأصل «إبراهيم بن الأسير» .
(5/50)
وَشَيَّعَهُ الْمُخْتَارُ إِلَى دَيْرِ
ابْنِ أُمِّ الْحَكَمِ، وَاسْتَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ أَصْحَابَ
الْمُخْتَارِ قَدْ حَمَلُوا الْكُرْسِيَّ الَّذِي قَالَ لَهُمُ
الْمُخْتَارُ: هَذَا فِيهِ سِرٌّ، وَإِنَّهُ آيَةٌ لَكُمْ كَمَا كَانَ
التَّابُوتُ آيَةً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: وَهُمْ يَدْعُونَ
حَوْلَ الْكُرْسِيِّ وَيَحُفُّونَ بِهِ، فَغَضِبَ ابْنُ الْأَشْتَرِ
وَقَالَ: اللَّهمّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا،
سُنَّةُ بني إسرائيل إذ عَكَفُوا عَلَى الْعِجْلِ [1] .
فَائِدَةٌ
وَافْتَعَلَ الْمُخْتَارُ كِتَابًا عن ابن الحنفيّة يأمره فيه بِنَصْرِ
الشِّيعَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْأَشْرَافِ إِلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ
فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ انْتَصَرَ لَنَا بِمَنْ شَاءَ،
فَوَثَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ بَعِيدُ الصَّوْتِ،
كَثِيرُ الْعَشِيرَةِ، فَخَرَجَ وَقَتَلَ إِيَاسَ بْنَ مُضَارِبٍ
أَمِيرَ الشُّرْطَةِ، وَدَخَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَأَخْبَرَهُ،
فَفَرِحَ وَنَادَى أَصْحَابَهُ فِي اللَّيْلِ بِشِعَارِهِمْ،
وَاجْتَمَعُوا بِعَسْكَرِ الْمُخْتَارِ بِدِيرِ هِنْدٍ، وَخَرَجَ أَبُو
عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ فَنَادَى: يَا ثَارَاتِ الْحُسَيْنِ، أَلَا
إِنَّ أَمِيرَ آلِ مُحَمَّدٍ قَدْ خَرَجَ [2] .
ثُمَّ الْتَقَى الْفَرِيقَانِ مِنَ الْغَدِ، فَاسْتَظْهَرَ
الْمُخْتَارُ، ثُمَّ اخْتَفَى ابْنُ مُطِيعٍ، وَأَخَذَ الْمُخْتَارُ
يَعْدِلُ وَيُحْسِنُ السِّيرَةَ، وَبَعَثَ فِي السِّرِّ إِلَى ابْنِ
مُطِيعٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَكَانَ صَدِيقُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ:
تَجَهَّزْ بِهَذِهِ وَاخْرُجْ، فَقَدْ شَعَرْتُ أَيْنَ أَنْتَ،
وَوَجَدَ الْمُخْتَارُ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَبْعَةَ آلَافٍ [3] ،
فَأَنْفَقَ فِي جُنْدِهِ قُوَّاهُمْ.
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ:
حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي طُفَيْلُ بْنُ جَعْدَةَ
بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ: كَانَ لِجَارٍ لِي زَيَّاتٍ، كُرْسِيٌّ،
وَكُنْتُ قَدِ احْتَجْتُ، فَقُلْتُ لِلْمُخْتَارِ: إِنِّي كُنْتُ
أَكْتُمُكَ شَيْئًا، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَذْكُرَهُ. قَالَ: وَمَا
هُوَ؟ قُلْتُ: كُرْسِيٌّ كَانَ أَبِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ، كَانَ يَرَى
أَنَّ فِيهِ أَثَرَةً مِنْ علمٍ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ!
أَخَّرْتَهُ إلى اليوم، قال: وكان ركبه وسخ
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري مطوّلا 6/ 7 وما بعدها، وتاريخ خليفة 263.
[2] تاريخ الطبري 6/ 22، 23.
[3] عند الطبري 6/ 33 «تسعة آلاف» . وانظر: الأخبار الطوال 291، 292.
(5/51)
شَدِيدٌ، فَغُسِلَ وَخَرَجَ عَوَّادًا
نَضَّارًا [1] ، فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ غُشِيَ، فَأَمَرَ لِي بِاثْنَى
عَشَرَ أَلْفًا، ثُمَّ دَعَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا
فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ أَمْرٌ
إِلَّا وَهُوَ كَائِنٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ
كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ التَّابُوتُ، وَإِنَّ فِينَا مِثْلَ
التَّابُوتِ، اكْشِفُوا عَنْهُ، فَكَشَفُوا الْأَثْوَابَ [2] ،
وَقَامَتِ السَّبَائِيَّةُ [3] فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَامَ
شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ يُنْكِرُ، فَضُرِبَ [4] .
فَلَمَّا قُتِلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَخَبَرَهُ
الْمَقْتَلَة الْآتِيَةَ، ازْدَادَ أَصْحَابُهُ بِهِ فِتْنَةً،
وَتَغَالُوا فِيهِ حَتَّى تَعَاطُوا الْكُفْرَ، فَقُلْتُ: إِنَّا
للَّه، وَنَدِمْتُ عَلَى مَا صَنَعْتُ، فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي
ذَلِكَ، فَغُيِّبَ، قَالَ مَعْبَدٌ: فَلَمْ أَرَهُ بَعْدُ [5] .
قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ جَرِيرٍ [6] : وَوَجَّهَ الْمُخْتَارُ فِي ذِي
الْحِجَّةِ ابْنَ الْأَشْتَرِ لِقِتَالِ ابن زياد، وذلك بعد فراغ
الْمُخْتَارِ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ السَّبِيعِ وَأَهْلِ الْكُنَاسَةِ
الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْمُخْتَارِ، وَأَبْغَضُوهُ مِنْ أَهْلِ
الْكُوفَةِ، وَأَوْصَى ابْنَ الْأَشْتَرِ وَقَالَ:
هَذَا الْكُرْسِيُّ لَكُمْ آيَةٌ، فَحَمَلُوهُ عَلَى بَغْلٍ أَشْهَبَ،
وَجَعَلُوا يَدْعُونَ حَوْلَهُ ويَضَجُّونَ، وَيَسْتَنْصِرُونَ بِهِ
عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا اصْطَلَمَ أَهْلُ الشَّامِ
ازْدَادَ شِيعَةُ الْمُخْتَارِ بِالْكُرْسِيِّ فِتْنَةً، فَلَمَّا
رَآهُمْ كَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ تَأَلَّمَ وَقَالَ:
اللَّهمّ لَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا، سُنَّةُ
بَنِي إسرائيل إذ عَكَفُوا عَلَى العِجْلِ.
وَكَانَ الْمُخْتَارِ يَرْبِطُ أَصْحَابَهُ بِالْمُحَالِ وَالْكَذِبِ،
وَيَتَأَلَّفُهُمْ بِمَا أَمْكَنَ، وَيَتَأَلَّفُ الشِّيعَةُ بِقَتْلِ
قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي مَعَ الْمُخْتَارِ
مِنَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَنَا:
أَبْشِرُوا، فَإِنَّ شُرْطَةَ اللَّهِ قَدْ حَسُوهُمْ بالسيوف بنصيبين
أو بقرب نصّيبين،
__________
[1] في تاريخ الأمم والملوك 6/ 83 «عود نضار» .
[2] بالأصل «الأبواب» ، والتصحيح من تاريخ الطبري 4/ 83.
[3] في الأصل «السرائية» ، والتحرير مما عند ابن جرير 6/ 83.
[4] تاريخ الطبري 6/ 83.
[5] الطبري 6/ 83.
[6] تاريخ الطبري 6/ 81- 82.
(5/52)
فدخلنا المدائن، فو الله إنه ليخطبنا إذ
جَاءَتْهُ الْبُشْرَى بِالنَّصْرِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُمْ
بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى وَاللَّهِ.
قَالَ: يَقُولُ لِي رَجُلٌ هَمْدَانِيٌّ مِنَ الْفُرْسَانِ: أَتُؤْمِنُ
الْآنَ يَا شَعْبِيُّ؟
قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِأَنَّ الْمُخْتَارَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ،
أَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُمُ انْهَزَمُوا، قُلْتُ:
إِنَّمَا زَعَمَ أَنَّهُمْ هُزِمُوا بِنَصِيبِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ
ذَلِكَ بِالْخَازَرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَقَالَ لِي: وَاللَّهِ لَا
تُؤْمِنُ حَتَّى تَرَى الْعَذَابَ الْأَلِيمَ يَا شَعْبِيَّ [1] .
وَرُوِيَ أَنَّ أَحَدَ عُمُومَةِ الْأَعْشَى كَانَ يَأْتِي مَجْلِسَ
أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ وُضِعَ الْيَوْمَ وَحيُ مَا سَمِعَ
النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ [2] .
وَعَنْ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُمْ
ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفٍ وَيَقُولُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ
أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ الْمُخْتَارُ [3] .
وَفِي الْمُخْتَارِ يَقُولُ سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَارِقِيُّ
الْأَزْدِيُّ:
كَفَرْتُ بِوَحْيِكُمُ وَجَعَلْتُ نَذْرًا ... عَلَيَّ هِجَاكُمْ [4]
حَتَّى الْمَمَاتِ
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تُبْصِرَاهُ [5] ... كِلَانَا عَالِمٌ
بِالتُرَّهَاتِ [6]
وَفِيهَا وَقَعَ بِمِصْرَ طَاعُونٌ هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا
[7] .
وَفِيهَا ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
مَرْوَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الإسلام.
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 92، وانظر: الأخبار الطوال 289، 290.
[2] تاريخ الطبري 6/ 85.
[3] تاريخ الطبري 6/ 85.
[4] في تاريخ الطبري 6/ 55: «قتالكم» .
[5] كذا عند الطبري، وفي الأصل: «ما لم ترياه» .
[6] في تاريخ الطبري 4 أبيات (6/ 55) وفي الكامل 4/ 239 ثلاثة أبيات،
وكذلك في الأخبار الطوال 303.
[7] تاريخ خليفة 263.
(5/53)
وَفِي ذِي الْحِجَّةِ الْتَقَى عَسْكَرُ
الْمُخْتَارِ، وَكَانُوا ثلاثة آلاف، وعسكر ابن زياد، فقتل قائد
أَصْحَابُ ابْنِ زِيَادٍ، وَاتَّفَقَ أَنَّ قَائِدَ عَسْكَرِ
الْمُخْتَارِ كَانَ مَرِيضًا فَمَاتَ مِنَ الْغَدِ، فَانْكَسَرَ
بِمَوْتِهِ أَصْحَابِهِ وَتَحَيَّزُوا.
(5/54)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ
فِيهَا تُوُفِّيَ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَالْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي
عُبَيْدٍ الْكَذَّابُ، وَعُمَرُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَلِيِّ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَزَائِدَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ، قُتِلَ
هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ فِي حَرْبِ الْمُخْتَارِ، وَقُتِلَ عُبَيْدُ
اللَّهِ وَأَمُرَاؤُهُ فِي أَوَّلِ الْعَامِ.
ذِكْرُ وَقْعَةِ الْخَازَرِ [1]
فِي الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ: كَانَتْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ، بَيْنَ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَكَانَ فِي ثَمَانِيَةِ آلَافٍ مِنَ
الْكُوفِيِّينَ، وَبَيْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَكَانَ فِي
أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنَ الشَّامِيِّينَ، فَسَارَ ابْنُ الْأَشْتَرِ
فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْرِعًا يُرِيدُ أَهْلَ الشَّامِ قَبْلَ أَنْ
يَدْخُلُوا أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَسَبَقَهُمْ وَدَخَلَ الْمَوْصِلَ،
فَالْتَقَوْا عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنَ الْمَوْصِلِ بِالْخَازَرِ،
وَكَانَ ابْنُ الْأَشْتَرِ قَدْ عَبَّأَ جَيْشَهُ، وَبَقِيَ لَا
يَسِيرُ إِلَّا عَلَى تُقْيَةٍ [2] ، فَلَمَّا تَقَارَبُوا أَرْسَلَ
عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ السُّلَمِيُّ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ:
إِنِّي مَعَكَ.
قَالَ: وَكَانَ بِالْجِزِيرَةِ خَلْقٌ مِنْ قَيْسٍ، وَهِمْ أَهْلُ
خِلَافٍ لِمَرْوَانَ، وَجُنْدُ مَرْوَانَ يَوْمَئِذٍ كَلْبٌ،
وَسَيِّدُهُمُ ابْنُ بَحْدَلٍ، ثُمَّ أَتَاهُ عُمَيْرُ لَيْلًا
فَبَايَعَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ عَلَى مَيِسرَةِ ابْنِ زِيَادٍ،
وَوَعَدَهُ أَنْ يَنْهَزِمَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ:
مَا رأيك
__________
[1] في الأصل «الجازر» والتصحيح من الطبري وغيره.
[2] عند الطبري 6/ 86: «تعبية» .
(5/55)
أُخَندِقُ عَلَى نَفْسِي؟ قَالَ: لَا
تَفْعَلْ، إِنَّا للَّه، هَلْ يُرِيدُ الْقَوْمُ إِلَّا هَذِهِ، إِنْ
طاولوك وما ماطلوك فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، هُمْ أَضْعَافُكُمْ، وَلَكِنْ
نَاجِزِ الْقَوْمَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ مُلِئُوا مِنْكُمْ رُعْبًا،
وَإِنْ شَامُوا أَصْحَابَكَ وَقَاتَلُوهُمْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ
أَنِسُوا بِهِمْ وَاجْتَرَءُوا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: الْآنَ عَلِمْتُ
أَنَّكَ نَاصِحٌ لِي، وَالرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ، وَإِنَّ صَاحِبِي
بِهَذَا الرَّأْيِ أَمَدَّنِي، ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَيْرُ، وَأتْقَنَ
ابْنُ الْأَشْتَرِ أَمْرَهُ وَلَمْ يَنَمْ، وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ
بِغَلَسٍ، ثُمَّ زَحَفَ بِهِمْ حَتَّى أَشْرَفَ مِنْ تَلٍّ عَلَى
الْقَوْمِ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَإِذَا أُولَئِكَ لَمْ يَتَحَرَّكْ
مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَقَامُوا عَلَى دَهَشٍ وَفَشَلٍ، وَسَاقَ ابْنُ
الْأَشْتَرِ عَلَى أُمَرَائِهِ يُوصِيهِمْ وَيَقُولُ: يَا أَنْصَارَ
الدِّينِ وَشِيعَةَ الْحَقِّ، هَذَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْجَانَةَ
قَاتِلُ الْحُسَيْنِ، حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُرَاتِ أَنْ
يَشْرَبَ مِنْهُ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَنِسَاؤُهُ، وَمَنَعَهُ أَنْ
يَنْصَرِفَ إِلَى بَلَدِهِ، وَمَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَ ابْنَ عَمِّهِ
يَزِيدَ فَيُصَالِحُهُ حتى قتله، فو الله مَا عَمِلَ فِرْعَوْنُ
مِثْلَهُ، وَقَدْ جَاءَكُمُ اللَّهُ بِهِ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ
يَشْفِيَ صُدُورَكُمْ، وَيُسْفِكَ دَمَهُ عَلَى أَيْدِيكُمْ، ثُمَّ
نَزَلَ تَحْتَ رَايَتِهِ، فَزَحَفَ إِلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
زِيَادٍ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلَى
مَيْسَرَتِهِ عُمَيْرُ [1] بْنُ الْحُبَابِ، وَعَلَى الْخَيْلِ
شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلَاعِ، فَحَمَلَ الْحُصَيْنُ عَلَى
مَيْسَرَةِ ابْنِ الْأَشْتَرِ فَحَطَّمَهَا، وَقَتَلَ مُقَدِّمَهَا
عَلِيُّ بْنُ مَالِكٍ الْجُشَمِيُّ، فَأَخَذَ رَايَتَهُ قُرَّةُ بْنُ
عَلِيٍّ، فَقُتِلَ أَيْضًا، فَانْهَزَمَتِ الْمَيِسرَةُ، وَتَحَيَّزَتْ
مَعَ ابْنِ الْأَشْتَرِ، فَحَمَلَ وَجَعَلَ يَقُولُ لِصَاحِبِ
رَايَتِهِ: انْغَمِسْ بِرَايَتِكَ فِيهِمْ، ثُمَّ شُدَّ ابْنَ
الْأَشْتَرِ، فَلَا يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ رَجُلًا إِلَّا صَرَعَهُ،
وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى، فَانْهَزَمَ
أَهْلُ الشَّامِ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ: قَتَلْتُ رَجُلًا
وَجَدْتُ مِنْهُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، شَرَّقَتْ يَدَاهُ وَغَرَّبَتْ
رِجْلَاهُ، تَحْتَ رَايَةٍ مُنْفَرِدَةٍ عَلَى جَنْبِ النَّهْرِ،
فَالْتَمَسُوهُ فَإِذَا هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، قَدْ
ضَرَبَهُ فَقَدَّهُ بِنِصْفَيْنِ، وَحَمَلَ شَرِيكٌ التَّغْلِبِيُّ [2]
عَلَى الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ فَاعْتَنَقَا، فَقَتَلَ أَصْحَابُ
شَرِيكٍ حُصَيْنًا، ثُمَّ تَبِعَهُمْ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْتَرِ،
فَكَانَ مَنْ غَرِقَ فِي الْخَازَرِ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ، ثُمَّ
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْتَرِ دَخَلَ الْمَوْصِلَ،
وَاسْتُعْمِلَ عَلَيْهَا وَعَلَى نَصِيبِينَ ودارا وسنجار، وبعث
__________
[1] في الأصل «عمر» والتصحيح من السياق.
[2] في الأصل «الثعلبي» .
(5/56)
بِرُءُوسَ عُبَيْدِ اللَّهِ،
وَالْحُصَيْنِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلَاعِ إِلَى الْمُخْتَارِ،
فَأَرْسَلَهَا فنُصِبَتْ بِمَكَّةَ [1] .
وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ: هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ،
وَمِمَّنْ قَتَلَهُ الْمُخْتَارُ حَبِيبُ بْنُ صُهْبَانَ الْأَسَدِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ بِالْكُوفَةِ [2] .
وَفِيهَا وَجَّهَ الْمُخْتَارُ أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ، عَلَيْهِمْ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُدَلِيُّ [3] ، وَعُقْبَةُ بْنُ طَارِقٍ،
فَكَلَّمَ الْجُدَلِيُّ [3] عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ فِي
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الشِّعْبِ، وَلَمْ
يَقْدِرِ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَنْعِهِمْ، وَأَقَامُوا فِي
خِدْمَةِ مُحَمَّدٍ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، حَتَّى قُتِلَ الْمُخْتَارُ،
وَسَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى الشَّامِ.
فَأَمَّا ابْنُ الزُّبَيْرِ فَإِنَّهُ غَضَبَ عَلَى الْمُخْتَارِ،
وَبَعَثَ لِحَرْبِهِ أَخَاهُ مُصْعَبَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَوَلَّاهُ
جَمِيعَ الْعِرَاقِ، فَقَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ
وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ إِلَى البصرة يستنصران على المختار، فسيّر
المختار إلى البصرة أحمر [4] ابن شُمَيْطٍ، وَأَبَا عَمْرَةَ كَيْسَانَ
فِي جَيْشٍ مِنَ الْكُوفَةِ، حَتَّى نَزَلُوا الْمَدَارِ، فَسَارَ
إِلَيْهِمْ مُصْعَبُ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ
وَمَيْسَرَتِهِ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، الْأَسَدِيُّ.
وَعُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التيمي، فحمل عليهم المهلّب، فألجأهم
إلى القصر، حتى قتله طريف [5] وطرّف أَخَوَانِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةِ،
فِي رَمَضَانَ، وَأَتَيَا
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 86- 92.
[2] تاريخ خليفة 263.
[3] في الأصل «الحدلي» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير 6/ 103 والطبقات
الكبرى لابن سعد 5/ 101.
[4] في الأصل «أحمد» والتصحيح من (شذرات الذهب ج 1 ص 75 والطبري 6/ 95)
.
[5] عند الطبري 6/ 108: «طرفة» . والمثبت يتفق مع تاريخ خليفة 264.
(5/57)
بِرَأْسِهِ إِلَى مُصْعَبٍ، فَأَعْطَاهُمَا
ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقُتِلَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ سَبْعُمِائَةٍ.
وَيُقَالُ: كَانَ الْمُخْتَارُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَقُتِلَ
أَكْثَرُهُمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَتَلَ مُصْعَبٌ خَلْقًا بِدَارِ الْإِمَارَةِ غَدْرًا بَعْدَ أَنْ
أمَّنَهُمْ، وَقَتَلَ عَمْرَةَ بِنْتَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
الْأَنْصَارِيُّ امْرَأَةَ الْمُخْتَارِ صَبْرًا، لِأَنَّهَا شَهِدَتْ
فِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ عَبْدٌ صَالِحٌ [1] .
وَبَلَغَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ
لَمَّا بَلَغَهُمْ مَجِيءُ مُصْعَبٍ تَسَرَّبُوا إِلَيْهِ إِلَى
الْبَصْرَةِ، مِنْهُمْ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٌّ، وَتَحْتَهُ بَغْلَةٌ
قَدْ قَطَعَ ذَنَبَهَا وَأُذُنَهَا، وَشَقَّ قِبَاءَهُ، وَهُوَ
يُنَادِي: يَا غَوْثَاهْ، وَجَاءَ أَشْرَافُ أَهْلِ الْكُوفَةِ
وَأَخْبَرُوا مُصْعَبًا بِمَا جَرَى، وَبِوُثُوبِ عَبِيدُهُمْ
وَغُلْمَانُهُمْ عَلَيْهِمْ مَعَ الْمُخْتَارِ، ثُمَّ قَدِمَ
عَلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَلَمْ يَكُنْ شَهِدَ وَقْعَةَ
الْكُوفَةِ، بَلْ كَانَ فِي قَصْرٍ لَهُ بِقُرْبِ الْقَادِسِيَّةِ،
فَأَكْرَمَهُ مصعب وأدناه لِشَرَفِهِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْمُهَلَّبِ
بْنِ أَبِي صُفْرَةَ- وَكَانَ عَامِلُ فَارِسٍ- لِيَقْدُمَ، فَتَوَانَى
عَنْهُ، فبعث مصعب خلفه محمد ابن الْأَشْعَثِ، فَقَالَ لَهُ
الْمُهَلَّبُ: مِثْلُكَ يَأْتِي بَرِيدًا؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا
أَنَا بَرِيدُ أَحَدٍ، غَيْرَ أَنَّ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا
غَلَبَنَا عَلَيْهِمْ عِبْدَاؤُنَا [2] وَمَوَالِينَا، فَأَقْبَلَ
الْمُهَلَّبُ بِجُيُوشٍ وَأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَهَيْئَةٍ لَيْسَ
بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَلَمَّا انْهَزَمَ جَيْشُ
الْمُخْتَارِ انْهَدَّ لِذَلِكَ، وَقَالَ لِنَجِيٍّ لَهُ: مَا مِنَ
الْمَوْتِ بُدٌّ، وَحَبَّذَا مَصَارِعَ الْكِرَامِ، ثُمَّ حُصِرَ
الْقَصْرُ، وَدَامَ الْحِصَارُ أَيَّامًا، ثُمَّ فِي أَوَاخِرِ
الْأَمْرِ كَانَ الْمُخْتَارُ يَخْرُجُ فَيُقَاتِلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ
قِتَالًا ضَعِيفًا، ثُمَّ جَهَدُوا وَقَلَّ عَلَيْهِمُ الْقُوتُ
وَالْمَاءُ، وَكَانَ نِسَاؤُهُمْ يَجِئْنَ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ
خِفْيَةً، فَضَايَقَهُمْ جَيْشُ مُصْعَبٍ، وَفتَّشُوا النِّسَاءَ،
فَقَالَ الْمُخْتَارُ: وَيْحَكُمُ انْزِلُوا بِنَا نُقَاتِلُ حَتَّى
نُقْتَلَ كِرَامًا، وَمَا أَنَا بِآيِسٍ إِنْ صَدَقْتُمُوهُمْ أَنْ
تُنْصَرُوا، فَضَعُفُوا، فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا وَاللَّهِ لَا
أُعْطِي بِيَدِي، فَأَمَّلَسَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْدَةَ بْنِ
هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيُّ فَاخْتَبَأَ، وَأَرْسَلَ الْمُخْتَارُ
إِلَى امْرَأَتِهِ بِنْتِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، فَأَرْسَلَتْ
إِلَيْهِ بِطِيبٍ كَثِيرٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ وَتَحَنَّطَ وَتَطَيَّبَ،
ثُمَّ خَرَجَ حَوْلَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ رجلا، فيهم السائب بن مالك
الأشعريّ
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 112.
[2] عند الطبري 6/ 94: «عبداننا» .
(5/58)
خَلِيفَتُهُ عَلَى الْكُوفَةِ، فَقَالَ
السَّائِبُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَنَا أَرَى أَمِ اللَّهُ يَرَى! قَالَ:
بَلِ اللَّهُ يَرَى، وَيْحَكَ أَحْمَقُ أَنْتَ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ
مِنَ الْعَرَبِ، رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ انْتَزَى عَلَى
الْحِجَازِ، وَرَأَيْتُ نَجْدَةَ انْتَزَى عَلَى الْيَمَامَةِ،
وَرَأَيْتُ مَرْوَانَ انْتَزَى عَلَى الشَّامِ، فَلَمْ أَكُنْ
بِدُونِهِمْ، فَأَخَذْتُ هَذِهِ الْبِلَادَ، فَكُنْتُ كَأَحَدِهِمْ،
إِلَّا أَنِّي طَلَبْتُ بِثَأْرِ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَقَاتِلْ عَلَى
حَسَبِكَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ نِيَّةً، قَالَ: إنّا للَّه، وَمَا
كُنْتُ أَصْنَعُ بِحَسَبِي! وَقَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ:
أَتُؤَمِّنُونِي؟ قَالُوا: لَا، إِلَّا عَلَى الْحُكْمِ، قَالَ: لَا
أَحْكُمُكُمْ [1] فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ
أَمْكَنَ أَهْلَ الْقَصْرِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ
مُصْعَبٌ: عبّادَ بْنَ الْحُصْيَنِ، فَكَانَ يُخْرِجُهُمْ
مُكَتَّفِينَ، ثُمَّ قُتِلَ سَائِرُهُمْ. فَقِيلَ: إِنَّ رَجُلًا
مِنْهُمْ قَالَ لِمُصْعَبٍ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي ابْتَلَانَا
بِالْإِسَارِ، وَابْتَلَاكَ أَنْ تَعْفُوَ عَنَّا، فَهُمَا
مَنْزِلَتَانِ إِحْدَاهُمَا رِضَا اللَّهِ والثانية سخطه، من عفا عَفَا
اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ عَاقَبَ لَمْ يَأْمَن الْقِصَاصَ، يَا ابْنَ
الزُّبَيْرِ نَحْنُ أَهْلُ قِبْلَتِكُمْ وَعَلَى مِلَّتِكُمْ، لَسْنَا
تُرْكًا وَلَا دَيْلَمًا، فَإِنْ خَالَفْنَا إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ
الْمِصْرِ [2] ، فَإِمَّا أَنْ نَكُونَ [3] أَصَبْنَا وَأَخْطَأُوا،
وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَخْطَأْنَا وَأَصَابُوا. فَاقْتَتَلْنَا كَمَا
اقْتَتَلَ أَهْلُ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا
وَاجْتَمَعُوا، وَقَدْ مَلَكْتُمْ فَاسْجِحُوا، وَقَدْ قَدَرْتُمْ
فَاعْفُوا، فَرَقَّ لَهُمْ مُصْعَبٌ، وَأَرَادَ أَنْ يخلّي سبيلهم،
فقام عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ:
تُخَلِّي سَبِيلَهُمْ! اخْتَرْنَا وَاخْتَرْهُمْ، وَوَثَبَ مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: قُتِلَ أَبِي
وَخُمْسُمِائَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وَأَشْرَافِ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ
تُخَلِّهُمْ، وَوَثَبَ كُلُّ أَهْلِ بَيْتٍ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ،
فَنَادُوا: لَا تَقْتُلْنَا وَاجْعَلْنَا مُقَدِّمَتَكَ إِلَى أَهْلِ
الشَّامِ غَدًا، فو الله مَا بِكَ عَنَّا غَنَاءُ، فَإِنْ ظَفِرْنَا
فَلَكُمْ، وَإِنْ قُتِلْنَا لَمْ نُقْتَلْ حَتَّى نَرُقَّهُمْ لَكُمْ،
فَأَبَى، فَقَالَ مُسَافِرُ بْنُ سَعِيدٍ: مَا تَقُولُ للَّه غَدًا
إِذَا قَدِمْتَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَتَلْتَ أُمَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ
صَبْرًا، حَكَّمُوكَ فِي دِمَائِهِمْ [4] ، فَكَانَ الْحَقُّ فِي
دِمَائِهِمْ أَنْ لَا تَقْتُلَ
__________
[1] في الأصل «أحكم» ، والتحرير من تاريخ ابن جرير 6/ 107.
[2] عند الطبري «مصرنا» (6/ 109) .
[3] من هنا إلى «نكون» ساقط من الأصل، فاستدركته من تاريخ الطبري 6/
109.
[4] من هنا إلى «دمائهم» ساقط في الأصل، فاستدركته من تاريخ الطبري 6/
110.
(5/59)
نَفْسًا مُسْلِمَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ،
فَإِنْ كُنَّا قَتَلْنَا عِدَّةَ رِجَالٍ مِنْكُمْ، فَاقْتُلُوا
عِدَّةً مِنَّا، وَخَلُّوا سَبِيلَ الْبَاقِي، فَلَمْ يَسْتَمِعْ لَهُ،
ثُمَّ أَمَرَ بِكَفِّ الْمُخْتَارِ، فَقُطِعَتْ وَسُمِّرَتْ إِلَى
جَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلَادِ، وَكَتَبَ
إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ يَدْعُوهُ إِلَى طَاعَتِهِ وَيَقُولُ: إِنْ
أَجَبْتَنِي فَلَكَ الشَّامُ وَأَعِنَّةُ الْخَيْلِ.
وَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَيْضًا إِلَى ابْنِ
الْأَشْتَرِ: إِنْ بَايَعْتَنِي فَلَكَ الْعِرَاقُ، ثُمَّ اسْتَشَارَ
أَصْحَابَهُ فَتَرَدَّدُوا، ثُمَّ قَالَ: لَا أُؤْثِرُ عَلَى مِصْرِي
وَعَشِيرَتِي أَحَدًا، وَسَارَ إِلَى مُصْعَبٍ [1] .
قَالَ أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَ مُصْعَبُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ،
يَعْنِي لَمَّا وَفَدَ عَلَى أَخِيهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ:
أَيْ عَمِّ، أَسْأَلُكَ عَنْ قَوْمٍ خَلَعُوا الطَّاعَةَ وَقَاتَلُوا،
حَتَّى إِذَا غُلِبُوا تَحَصَّنُوا وَسَأَلُوا الْأَمَانَ، فَأُعْطُوا،
ثُمَّ قُتِلُوا بَعْدُ، قَالَ: وَكَمُ الْعَدَدُ؟ قَالَ: خَمْسَةُ
آلَافٍ، قَالَ:
فَسَبّحَ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ قَالَ: عَمْرَكَ اللَّهِ يَا مصعب، لو
أنّ امرأ أَتَى مَاشِيَةَ لِلزُّبَيْرِ، فَذَبَحَ مِنْهَا خَمْسَةَ
آلَافِ شَاةٍ فِي غَدَاةٍ، أَكُنْتَ تُعِدُّهُ مُسْرِفًا؟ قَالَ:
نَعَمْ، قَالَ: فَتَرَاهُ إِسْرَافًا فِي الْبَهَائِمِ، وَقَتَلْتَ
مَنْ وَحَّدَ اللَّهَ، أَمَا كَانَ فِيهِمْ مُسْتَكْرِهٌ أَوْ جَاهِلٌ
تَرْجَى تَوبَتُهُ! أَصِبْ يَا ابْنَ أَخِي مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ
مَا اسْتَطَعْتَ فِي دُنْيَاكَ [2] .
وَكَانَ الْمُخْتَارُ مُحْسِنًا إِلَى ابْنِ عُمَرَ، يَبْعَثُ إِلَيْهِ
بِالْجَوَائِزِ وَالْعَطَايَا، لِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ أُخْتِ
الْمُخْتَارِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَانَ أَبُوهُمَا
أَبُو عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ رَجُلًا صَالِحًا، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ
جِسْرِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَالْجِسْرُ مُضَافٌ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ
وَلَدَاهُ بِالْمَدِينَةِ.
فَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أُمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ [3] ، وَعْنَ
رَبَاحِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو
عبيد من الطائف، وندب عمر الناس
__________
[1] تاريخ الطبري 6/ 94- 111.
[2] انظر تاريخ الطبري 6/ 113.
[3] في الأصل «بنت المسعود» ، والتصحيح من الطبقات الكبرى لابن سعد 5/
148.
(5/60)
إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَخَرَجَ أَبُو
عُبَيْدٍ إِلَيْهِا فَقُتِلَ، وَبَقِيَ الْمُخْتَارُ بِالْمَدِينَةِ،
وَكَانَ غُلَامًا يُعْرَفُ بِالِانْقِطَاعِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ
خَرَجَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَأَقَامَ
بِهَا يُظْهَرُ ذِكْرَ الْحُسَيْنِ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عُبَيْدَ
اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، فَأَخَذَهُ وَجَلَدَهُ مِائَةً، وَبَعَثَ بِهِ
إِلَى الطَّائِفِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَامَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ [1] : كَانَتِ الشِّيعَةُ
تَكْرَهُ الْمُخْتَارَ، لِمَا كَانَ مِنْهُ فِي أَمْرِ الْحَسَنِ بْنِ
عَلِيٍّ يَوْمَ طُعِنَ، وَلَمَّا قَدِمَ مُسْلِمُ بْنُ عُقَيْلٍ
الْكُوفَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ نَزَلَ دَارَ الْمُخْتَارِ،
فَبَايَعَهُ وَنَاصَحَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ عُقَيْلِ يَوْمَ خَرَجَ
وَالْمُخْتَارُ فِي قَرْيَةٍ لَهُ، فَجَاءَهُ خَبَرُ ابْنِ عُقَيْلٍ
أَنَّهُ ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ، وَلَمْ يَكُنْ خُرُوجُهُ عَلَى مِيعَادٍ
مِنْ أَصْحَابِهِ، إِنَّمَا خَرَجَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ هَانِئَ بْنَ
عُرْوَةَ قَدْ ضُرِبَ وَحُبِسَ، فَأَقْبَلَ الْمُخْتَارُ فِي
مَوَالِيهِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ، فَلَمَّا رَأَى الْوَهْنَ نَزَلَ
تَحْتَ رَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: إِنَّمَا
جِئْتُ لِتَنْصُرَ مُسْلِمَ بْنَ عُقَيْلٍ، قَالَ:
كَلا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، وَضَرَبَهُ بِقَضِيبٍ شَتَرَ
عَيْنَيْهِ، وَسَجَنَهُ.
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ فِيهِ إِلَى يَزِيدَ،
لَمَّا بَكَتْ صَفِيةُ أُخْتُ الْمُخْتَارِ عَلَى زَوْجِهَا ابْنِ
عُمَرَ، فَكَتَبَ: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ حَبَسَ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ
صِهْرِي، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُعَافِيَ وَيُصْلِحَ، قَالَ: فَكَتَبَ
يَزِيدُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَخْرَجَهُ، وَقَالَ: إِنْ أَقَمْتَ
بِالْكُوفَةِ بَعْدَ ثَلَاثٍ بَرِئَتْ مِنْكَ الذِّمَّةُ، فَأَتَى
الْحِجَازَ، وَاجْتَمَعَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَضَّهُ عَلَى أَنْ
يُبَايِعَ النَّاسَ، فَلْمَ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَغَابَ عَنْهُ
بِالطَّائِفِ نَحْوَ سَنَةٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ فَرَحَّبَ بِهِ،
وَتَحَادَثًا، ثُمَّ إِنَّ الْمُخْتَارَ خَطَبَ وَقَالَ: إِنِّي جِئْتُ
لِأُبَايِعَكَ عَلَى أَنْ لَا تَقْضِيَ الْأُمُورَ دُونِي، وَإِذَا
ظَهَرْتَ اسْتَعَنْتَ بِي عَلَى أَفْضَلِ عَمَلِكِ، فَقَالَ ابْنُ
الزُّبَيْرِ: أُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسَنَّةِ نَبِيِّهِ،
فَبَايَعَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى مَا طَلَبَ، وَشَهِدَ مَعَهُ
حِصَارَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ لَهُ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا،
وَأَنْكَى فِي عَسْكَرِ الشام [2] .
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 569.
[2] تاريخ الطبري 6/ 569- 576.
(5/61)
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَتْهُ
الْأَخْبَارُ أَنَّ الْكُوفَةَ كَغَنَمٍ بِلَا رَاعٍ، وَكَانَ رَأْيُ
ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَهُ، فَمَضَى بِلَا أَمْرٍ
إِلَى الْكُوفَةِ، وَدَخَلَهَا مُتَجَمِّلًا فِي الزِّينَةِ
وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ، وَجَعَلَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى أَحَدٍ مِنَ
الشِّيعَةِ الْأَشْرَافِ قَالَ: أَبْشِرُ بِالنَّصْرِ وَالْيُسْرِ،
ثُمَّ يَعِدُهُمْ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهِمْ فِي دَارِهِ، قَالَ: ثُمَّ
أَظْهَرَ لَهُمْ أَنِ الْمَهْدِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْوَصِيَّ، يَعْنِي
ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ، بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ أَمِينًا وَوَزِيرًا
وَأَمِيرًا، وَأَمَرَنِي بِقِتَالِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَالطَّلَبِ
بِدِمَاءِ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَهَوِيَتْهُ طَائِفَةٌ، ثُمَّ حَبَسَهُ
مُتَوَلِّي الْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، ثُمَّ إِنَّهُ
قَوِيَتْ أَنْصَارُهُ، وَاسْتَفْحَلَ شَرُّهُ، وَأَبَادَ طَائِفَةً
مِنْ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَاقْتَصَّ اللَّهُ مِنَ الْظَّلَمَةِ
بِالْفَجَرَةِ، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَى الْمُخْتَارِ مُصْعَبًا، ثُمَّ
سَلَّطَ على مصعب عبد الملك: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ 7: 54
[1] .
وَاسْتَعْمَلَ مُصْعَبُ عَلَى أَذْرَبَيْجَانَ وَالْجِزِيرَةِ المهلّب
بن أبي صفرة الأزديّ [2] .
__________
[1] سورة الأعراف/ 54.
[2] تاريخ الطبري 6/ 116.
(5/62)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو شُرَيْحٍ
الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ [1] ، وَمَلِكُ الرُّومِ
قُسْطَنْطِينُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ، لَعَنَهُ اللَّهُ.
وَتُوُفِّيَ فِيهَا فِي قَوْلٍ: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ،
وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ.
وَفِيهَا عَزَلَ ابْنُ الزُّبْيَرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا عَنِ الْعِرَاقِ،
وَأَمَّرَ عَلَيْهَا وَلَدَه حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ [2] ،
وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ جَابِرَ بْنَ الْأَسْوَدِ
الزُّهْرِيَّ، فأراد من سعيد ابن الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لِابْنِ
الزُّبَيْرِ، فَامْتَنَعَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا [3] . كَذَا
قَالَ خَلِيفَةُ [4] .
وَقَالَ الْمُسَبِّحِيُّ: عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ،
لِكَوْنِهِ ضرب سعيد بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا فِي بَيْعَةِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَامَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ
وَعَزَلَهُ.
وَفِيهَا كَانَ مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إلى
العراق، حتى قاربوا
__________
[1] تاريخ خليفة 265.
[2] تاريخ الطبري 6/ 117.
[3] في (النجوم الزاهرة 1/ 181) : «سبعين سوطا» .
[4] تاريخ خليفة 265.
(5/63)
الْكُوفَةَ وَدَخَلُوا الْمَدَائِنَ،
فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَعَلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ بْنُ
الْمَاحُوزِ، وَقَدْ كَانَ قَاتَلَهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
التَّيْمِيُّ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ بِسَابُورَ. وَصَاحَ أَهْلُ
الْكُوفَةِ بِأَمِيرِهِمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
رَبِيعَةَ [1] ، الْمُلَقَّبُ بِالْقُبَاعِ [2] ، وَقَالُوا: انْهَضْ،
فَهَذَا عَدُوٌّ لَيْسَتْ لَهُ تُقْيَةٌ، فَنَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ،
فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَقَالَ: قَدْ سَارَ
إِلَيْنَا عَدُوٌّ يَقْتُلُ الْمَرْأَةَ وَالْمَوْلُودَ، وَيُخَرِّبُ
الْبِلَادَ، فَانْهَضْ بِنَا إِلَيْهِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَنَزَلَ
دَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى دَخَلَ شَبَثُ
بْنُ رِبعِيُّ، فَكَلَّمَهُ بِنَحْوِ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ،
فَارْتَحَلَ وَلَمْ يَكَدْ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ بُطْءَ سَيْرِهِ
رَجَزُوا فَقَالُوا:
سَارَ بِنَا الْقُبَاعُ سَيْرًا نُكْرًا ... يَسِيرُ يَوْمًا وَيُقِيمُ
شَهْرًا
فَأَتَى الصَّرَاةَ [3] ، وَقَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا الْعَدُوُّ،
فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ سَارُوا إِلَيْهِمْ،
قَطَعُوا الْجِسْرَ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِلْحَارِثِ
الْقُبَاعِ: انْدُبْ مَعِي النَّاسَ حَتَّى أَعْبُرَ إِلَى هَؤُلَاءِ
الْكِلَابِ، فأجيئك برءوسهم الساعة، فقال شبث ابن رِبْعِيُّ،
وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ: دَعْهُمْ فَلْيَذْهَبُوا، لَا تبدءوهم
بِقِتَالٍ، وَكَأَنَّهُمْ حَسَدُوا ابْنَ الْأَشْتَرِ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ عَمِلَ الْجِسْرَ، وَعَبَرَ النَّاسُ
إِلَيْهِمْ فَطَارُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَدَائِنَ، فَجَهَّزَ
خَلْفَهُمْ عَسْكَرًا، فَذَهَبُوا إِلَى إِصْبَهَانَ، وَحَاصَرُوهَا
شَهْرًا، حَتَّى أَجْهَدُوا أَهْلَهَا، فَدَعَاهُمْ مُتَوَلِّيهَا
عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى مُنَاجَزَةِ
الْأَزْارِقَةِ، فَأَجَأَبُوهُ، فَجَمَعَ النَّاسَ وَعَشَّاهُمْ
وَأْشَبَعَهُمْ، وَخَرَجَ بِهِمْ سَحَرًا، فَصَبَّحُوا الْأَزَارِقَةَ
بَغْتَةً، وَحَمَلُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ
الْمَاحُوزِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِصَابَتِهِ،
فَانْحَازَتِ الْأَزَارِقَةُ إِلَى قَطَريِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ،
فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَأَتَى نَاحِيَةَ
كِرْمَانَ، وَجَمَعَ الْأَمْوَالَ وَالرِّجَالَ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى
الْأَهْوَازِ، فسيّر مصعب لقتالهم، لما أكلبوا الناس،
__________
[1] في الأصل: «الحارث بن أبي ربيعة» ، وكذا في تاريخ الطبري 6/ 122.
[2] بضم أوله وتخفيف الموحدة، كما في (تاريخ الطبري 6/ 123) .
[3] بفتح الصاد، نهر ببغداد يصبّ في دجلة. (معجم البلدان 3/ 399) .
(5/64)
الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ،
فَالْتَقَوْا بِسُولَافَ [1] غَيْرَ مَرَّةٍ، وَدَامَ الْقِتَالُ
ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ [2] .
وَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُرِّ، وَكَانَ
صَالِحًا عَابِدًا كُوفِيًّا، فَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَقَاتَلَ مَعَ
مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
رجع إلى الْكُوفَةِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَتَبِعَهُ طَائِفَةٌ،
فَلَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ قَوِيَ وَصَارَ مَعَهُ سَبْعُمِائَةِ
رَجُلٍ، وَعَاثَ فِي مَالِ الْخَرَاجِ بِالْمَدَائِنِ، وَأَفْسَدَ
بِالسَّوَادِ فِي أَيَّامِ الْمُخْتَارِ، فَلَمَّا كَانَ مُصْعَبُ
ظَفِرَ بِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ شَفَعُوا فِيهِ فَأَخْرَجُوهُ، فَعَادَ
إِلَى الْفَسَادِ وَالْخُرُوجِ، فَنَدِمَ مُصْعَبُ وَوَجَّهَ عَسْكَرًا
لحربه، فكسرهم، ثم في الآخر قتل [3] .
__________
[1] بضم أوله وسكون ثانيه، آخره فاء، قرية في غربي دجيل من أرض خوزستان
(عربستان) .
(معجم البلدان 3/ 285) .
[2] انظر رواية الطبري 6/ 119 وما بعدها.
[3] تاريخ الطبري 6/ 128 وما بعدها.
(5/65)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ الْكُوفِيُّ، وَأَبُو
الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ صَاحِبِ النَّحْوِ [1] .
وَكَانَ فِي أَوَّلِهَا طَاعُونُ الْجَارِفِ بِالْبَصْرَةِ [2] ،
فَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ أَدْرَكَ الْجَارِفَ قَالَ:
كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَمَاتَ فِيهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوٌ
مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا.
قَالَ خَلِيفَةُ [3] : قَالَ أَبُو الْيَقْظَانِ: مَاتَ لِأَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ ثَمَانُونَ وَلَدًا، وَيُقَالُ:
سَبْعُونَ.
وَقِيلَ: مَاتَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَرْبَعُونَ
وَلَدًا، وَقَلَّ النَّاسُ جِدًّا بِالْبَصْرَةِ، وَعَجَزُوا عَنِ
الْمَوْتَى، حَتَّى كَانَتِ الْوُحُوشُ تَدْخُلُ الْبُيُوتَ فَتُصِيبَ
مِنْهُمْ.
وَمَاتَتْ أُمُّ أَمِيرِ الْبَصْرَةِ، فَلَمْ يَجِدُوا مَنْ
يَحْمِلُهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ.
وَمَاتَ لِصَدَقَةَ بْنِ عَامِرٍ المازني فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعَةُ
بنين، فقال: اللَّهمّ إني مسلم مُسْلِمٌ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ
الْجُمُعَةِ خَطَبَ الْخَطِيبُ بن عامر، وليس في
__________
[1] الكامل في التاريخ 4/ 305.
[2] تاريخ خليفة 265.
[3] تاريخ خليفة 265، النجوم الزاهرة 1/ 182.
(5/66)
الْمَسْجِدِ إِلَّا سَبْعَةُ أَنْفُسٍ
وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَتِ الْوُجُوهُ؟ فَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ:
تَحْتَ التُّرَابِ.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ عِشْرُونَ أَلْفِ عروس،
وأصبح الناس في رابع يوم ولم يَبْقَ حَيًّا إِلَّا الْقَلِيلُ،
فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْأَمْرُ.
وَمِمَّنْ قِيلَ إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِيهَا: يَعْقُوبُ بْنُ بُجَيْرِ
بْنُ أُسَيْدٍ، وَقَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، وَمَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ
السَّكْسَكِيُّ، وَالْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ، وَحَسَّانُ بْنُ فَائِدٍ
الْعَبْسِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ عَامِرٍ الوادعي، وَحُرَيْثُ بْنُ
قَبِيصَةَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حَبِيبِ
بْنِ فليح قال: ركبني دين، فجلست يوما إلى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،
فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّي أَخَذْتُ عَبْدَ
الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، فَوَتَدْتُ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ
أَوْتَادٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ ذَا، فَأَخْبِرْنِي مَنْ رَآهَا؟
قَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِهَا، قَالَ:
يَقْتُلُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، وَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ الْمَلِكِ
أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَةُ، فَرَكِبْتُ إِلَى عَبْدِ
الْمَلِكِ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، وَأَمَرَ لِي بِخَمْسِمِائَةِ دِيَنارٍ
وَثِيَابٍ.
وَفِيهَا أَعَادَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا إِلَى إِمْرَةِ
الْعِرَاقِ، لِضَعْفِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْأُمُورِ
وَتَخْلِيطِهِ، فَقَدِمَهَا مُصْعَبٌ، فَتَجَهَّزَ وَسَارَ يُرِيدُ
الشَّامَ فِي جَيْشٍ كَبِيرٍ، وَسَارَ إِلَى حَرْبِهِ عَبْدُ
الْمَلِكِ، فَسَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى آخِرِ وِلَايَتِهِ، وَهَجَمَ
عَلَيْهِمَا الشِّتَاءُ فَرَجَعَا [1] .
قَالَ خليفة [2] : كانا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى
قُتِلَ مصعب، واستناب مصعب على عمله إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ.
وَفِيهَا عَقَدَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ أَمِيرُ مِصْرَ
لِحَسَّانٍ الْغَسَّانِيِّ عَلَى غزو
__________
[1] انظر تاريخ الطبري 6/ 140.
[2] العبارة التالية ليست واردة في (تاريخ خليفة، المطبوع- ص 265) .
(5/67)
إِفْرِيقِيَّةَ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي
عَدَدٍ كَثِيرٍ، فَافْتَتَحَ قُرْطَاجَنَّةَ [1] ، وَأَهْلُهَا إِذْ
ذَاكَ رُومٌ عُبَّادُ صَلِيبٍ.
وَفِيهَا قُتِلَ نَجْدَةُ الْحَرُورِيُّ [2] ، مَالَ عَلَيْهِ
أَصْحَابُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقِيلَ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ
فَقَتَلُوهُ.
__________
[1] المدينة القديمة التي بنيت على أنقاضها مدينة تونس العاصمة.
[2] في تاريخ الطبري 6/ 174 كان مقتل نجدة سنة 72 هـ.
(5/68)
[حَوَادِثُ] سَنَةِ سَبْعِينَ
تُوُفِّيَ فِيهَا: عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَالِكُ
بْنُ يُخَامِرَ، وَبَشِيرُ بْنُ النَّضْرِ قَاضِي مِصْرَ، وَعَمْرُو
بْنُ سَعِيدٍ الْأَشْدَقِ، وَبِخُلْفٍ [1] الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ.
وَفِيهَا أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ سَهْلِ بْنِ الْأَبْرَدِ
الْأَنْصَارِيِّ، وَعُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَبَشِيرُ بْنُ
عَقْرَبَةَ، وَيُقَالُ: بِشْرُ الْجُهَنِيُّ صَحَابِيٌّ لَهُ
حَدِيثَانِ، وَأَبُو الْجَلْدِ.
وَيُقَالُ: إِنَّ طَاعُونَ الْجَارِفِ الْمَذْكُورَ كَانَ فِيهَا.
وَفِيهَا كَانَ الْوَبَاءُ بِمِصْرَ، فَهَرَبَ مِنْهُ عَبْدُ
الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى الشَّرْقِيَّةِ، فَنَزَلَ حُلْوَانَ
وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلًا، وَاشْتَرَاهَا مِنَ الْقِبْطِ بِعَشَرَةِ
آلَافِ دِيَنارٍ، وَبَنَى بِهَا دَارَ الْإِمَارَةِ وَالْجَامِعَ،
وَأَنْزَلَهَا الْجُنْدَ وَالْحَرَسَ [2] .
وَفِيهَا سَارَتِ [3] الرُّومُ وَاسْتَجَاشُوا عَلَى أَهْلِ الشَّامِ،
وَعَجَزَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنْهُمْ، لِاشْتِغَالِهِ
بِخَصْمِهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَصَالَحَ مَلِكَ الرُّومِ، عَلَى أَنْ
يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ أَلْفَ دِينَارٍ [4] .
وَفِيهَا وَفَدَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى
مَكَّةَ عَلَى أَخِيهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْد اللَّهِ
بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ، وَتُحَفٍ وَأَشْيَاءَ فَاخِرَةٍ [5] .
__________
[1] في الأصل: «متخلف» .
[2] كتاب الولاة والقضاة 49.
[3] هذا الخبر في تاريخ الطبري 6/ 150 وفيه «ثارت الروم» .
[4] الخبر أيضا في: تاريخ اليعقوبي 2، 269، وفتوح البلدان 1/ 189،
وأنساب الأشراف 5/ 300 و 335.
[5] تاريخ الطبري 6/ 150.
(5/69)
ذِكْرُ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ
[حَرْفُ الْأَلِفِ]
1- الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ [1] ، - ع- التَّمِيمِيُّ السَّعْدِيُّ.
أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ. وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّينَ
يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ [2] ، وَالْأَصَحُّ وَفَاتُهُ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ.
2- أُسَامَةُ بْنُ شَرِيكٍ [3] ، - الذُّبْيَانِيُّ الثَّعْلَبِيُّ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: زِيَادَةُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ الْأَقْمَرِ،
وَغَيْرُهُمَا.
حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَعِدَادُهُ فِي الكوفيين.
__________
[1] انظر ترجمة (الأحنف بن قيس) ومصادرها في الطبقة التالية، من هذا
الكتاب في وفيات سنة 72 هـ.
[2] المعرفة والتاريخ 3/ 330.
[3] انظر عن (أسامة بن شريك) في:
طبقات ابن سعد 6/ 27، والتاريخ الكبير 2/ 20 رقم 1553، والجرح والتعديل
2/ 283 رقم 1021، والاستيعاب 1/ 60، والمعرفة والتاريخ 1/ 304، ومشاهير
علماء الأمصار 46 رقم 293، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 99 رقم 215،
وطبقات خليفة 48 و 130، ومسند أحمد 4/ 278، وأسد الغابة 1/ 66، 67،
وتهذيب الكمال 2/ 351، 352 رقم 318، وتحفة الأشراف 1/ 62، 63 رقم 10،
والكاشف 1/ 57 رقم 264، والوافي بالوفيات 8/ 375 رقم 3811، وتهذيب
التهذيب 1/ 210 رقم 393، وتقريب التهذيب 1/ 53 رقم 359، والإصابة 1/ 31
رقم 90، وخلاصة تذهيب التهذيب 26، والمعجم الكبير 1/ 179- 188 رقم 12.
(5/71)
3- أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ [1] ، بْنِ
حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، أَبُو حَسَّانٍ،
وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو هِنْدٍ.
مِنْ أَشْرَافِ الْكُوفَةِ.
رَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.
وعنه: ابنه مالك، وعلي بن ربيعة.
وله وفادة على عبد الملك بن مروان، وفيه يَقُولُ الْقُطَامِيُّ [2] :
إِذَا مَاتَ ابْنُ خَارِجَةَ بْنُ حِصْنٍ ... فَلَا مَطَرَتْ عَلَى
الْأَرْضِ السَّمَاءُ
وَلَا رَجَعَ الْبَرِيدُ بِغُنْمِ جَيْشٍ ... وَلَا حَمَلَتْ عَلَى
الطُّهْرِ النِّسَاءُ [3]
__________
[1] انظر عن (أسماء بن خارجة) في:
المحبّر 154، والعقد الفريد 1/ 135 و 231 و 294 و 3/ 290، ومشاهير
علماء الأمصار 75 رقم 532، ومقاتل الطالبيين 99 و 108، والأخبار الطوال
236 و 303، وعيون الأخبار 1/ 226 و 2/ 112 و 3/ 56 و 139 و 169 و 265 و
4/ 87، 98، وربيع الأبرار 4/ 292، وجمهرة أنساب العرب 257، وأنساب
الأشراف ق 4 ج 1/ 254 و 381 و 385، وتاريخ خليفة 264، وثمار القلوب 91،
والتاريخ الكبير 2/ 55 رقم 1664، والجرح والتعديل 2/ 325 رقم 1243،
ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 2089، والشعر والشعراء 702،
والبخلاء للجاحظ 380، 381، والأمالي للقالي 3/ 20، والفرق بين الفرق
للبغدادي 34، 35، والأغاني 20/ 333- 345، والكامل في التاريخ 4/ 21-
24، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 44- 59 (وورد فيه: إسماعيل بن خارجة بن حفص
بن حذيفة) !، وتاريخ الطبري 4/ 404 و 5/ 270 و 351 و 364 و 365 و 367 و
380 و 6/ 31 و 124، والتذكرة الحمدونية 2/ 71 و 97 و 115 و 303 و 373،
والوافي بالوفيات 9/ 59- 61 رقم 3973، وفوات الوفيات 1/ 168، وسير
أعلام النبلاء 3/ 535- 537 رقم 141، والبداية والنهاية 9/ 43، والإصابة
1/ 104 رقم 450، والنجوم الزاهرة 1/ 179، وأمالي المرتضى 2/ 207- 210،
[2] هو: عمير بن شييم، من بني تغلب. ترجمته في (الأغاني 20/ 118، خزانة
الأدب 1/ 391، و 3/ 188 و 442، المؤتلف 166، معجم المرزباني 244، طبقات
ابن سلام 452- 457، الشعر والشعراء 2/ 609) .
[3] البيتان ليسا في ديوان القطامي، ولا في زيادته، وهما في: طبقات
الشعراء لابن سلام 539، والحماسة لابن الشجري 108، 109، والوحشيات رقم
904 وقد نسبا لعبد الله بن الزبير الأسدي، والأغاني 4/ 246، والعقد
الفريد 3/ 290 وهما غير منسوبين، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 42، والوافي
بالوفيات 9/ 60، وعين الأدب والسياسة 100 وهما منسوبان لعبد الله بن
الزبير الأسدي، ووردا في الأغاني أيضا 19/ 133 منسوبين لعويف القوافي،
وهما في التذكرة الحمدونية 2/ 115 وفيه:
(5/72)
قَالَ شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: فَاخَرَ أَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ
رَجُلًا فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الْأَشْيَاخِ الْكِرَامِ، فَقَالَ عَبْدُ
اللَّهِ: ذَاكَ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ [1]- ذبيح الله-
بن إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ.
إِسْنَادُهُ ثَابِتٌ.
وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ عُثْمَانَ
بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيُّ: أَتَيْتُ الْأَعْمَشُ،
فَانْتُسِبْتُ لَهُ فَقَالَ: لَقَدْ قَسَّمَ جَدُّكَ أَسْمَاءُ بْنُ
خَارِجَةَ قَسْمًا، فَنَسِيَ جَارًا لَهُ، فَاسْتَحْيَا أن يُعْطِيَهُ،
وَقَدْ بَدَأَ بِآخَرَ قَبْلَهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَصَبَّ عَلَيْهِ
الْمَالَ صَبًّا، أَفَتَفْعَلُ أَنْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؟.
قَالَ خَلِيفَةُ [2] : تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
4- أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ [3] ، - 4[ص:4] بْنِ السَّكَنِ، أُمُّ
عَامِرٍ، وَيُقَالُ: أُمُّ سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ
الْأَشْهَلِيَّةُ.
بَايَعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَتْ
جُمْلَةَ أَحَادِيثَ، وقتلت بعمود خبائها يوم
__________
[ () ]
«ولا رجع البشير بخير غنم» .
رقم 227، ونسبا لعويف أيضا في التذكرة 2/ 299 رقم 287، ولباب الآداب
لابن منقذ 95، وسير أعلام النبلاء 3/ 536، وفوات الوفيات 1/ 168.
[1] المعروف عن الصحابة والتابعين أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام
وليس إسحاق.
[2] تاريخ خليفة 264.
[3] انظر عن (أسماء بنت يزيد) في: طبقات ابن سعد 8/ 319. ومسند أحمد 6/
452، وطبقات خليفة 340، ومقدمة مسند بقي بن مخلد 83 رقم 42، والمعرفة
والتاريخ 2/ 447، والعقد الفريد 3/ 223، والاستيعاب 4/ 237 وفيه «بنت
زيد» ، والاستبصار 218، والمعجم الكبير 24/ 157- 186، وحلية الأولياء
2/ 76، وتحفة الأشراف 11/ 263- 268 رقم 862، وتهذيب الكمال (المصوّر)
3/ 1677، وسير أعلام النبلاء 2/ 296، 297 رقم 53، والمعين في طبقات
المحدّثين 29 رقم 156، والكاشف 3/ 420 رقم 6، وتاريخ الإسلام (المغازي)
327، و (السيرة النبويّة) 475، و (عهد الخلفاء الراشدين) 409، وأسد
الغابة 5/ 398، والوافي بالوفيات 9/ 54 رقم 963، ومجمع الزوائد 9/ 260،
وتهذيب التهذيب 12/ 399، 400 رقم 2727، وتقريب التهذيب 2/ 589 رقم 8،
والنكت الظراف 11/ 265- 267، والإصابة 4/ 234، 235 رقم 58، وخلاصة
تذهيب التهذيب 488، وتاريخ دمشق (تراجم النساء) 33- 39 رقم 4.
[4] في (خلاصة تذهيب التهذيب 488) : «خ 4» .
(5/73)
الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً مِنَ الرُّومِ [1] ،
وَسَكَنَتْ دِمَشْقَ.
رَوَى عَنْهَا: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمَوْلَاهَا
مُهَاجِرٌ، وَابْنُ أَخِيهَا مَحْمُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَإِسْحَاقُ بْنُ
رَاشِدٍ.
قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ هِيَ: أُمُّ
سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ.
قُلْتُ: وَقَبْرُ أُمِّ سَلَمَةَ بِبَابِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ هَذِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا شَهِدَتِ
الْحُدَيْبِيَةَ، وَبَايَعَتْ يَوْمَئِذٍ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، وَأَخُوهُ عَمْرٌو، عَنْ
أَبِيهِمَا، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بِنْتِ عَمِّ مُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ، قَالَتْ: قَتَلْتُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ تِسْعَةً [2] .
5- أُسَيْدُ بْنُ ظُهَيْرٍ [3] ، - 4- بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ
الْأَوْسِيُّ.
ابْنُ عَمِّ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقِيلَ ابْنُ أَخِيهِ، وَأَخُو
عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ لِأُمِّهِ.
شَهِدَ الْخَنْدَقَ وَغَيْرَهَا، وَأَبُوهُ عَقَبِيٌّ.
لِأُسَيْدٍ أَحَادِيثُ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ رَافِعٌ، وَمُجَاهِدٌ،
وَعِكْرِمَةُ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرُهُمْ.
عِدَادُهُ فِي أَهْلِ المدينة، وروى عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ.
6- أَفْلَحُ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ [4] ، - م-.
__________
[1] تاريخ دمشق 34.
[2] أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 34.
[3] انظر عن (أسيد بن ظهير) في:
سيرة ابن هشام 3/ 29 و 228- 230، وطبقات ابن سعد 4/ 369، والتاريخ
الكبير 2/ 47 رقم 1641، والجرح والتعديل 2/ 310 رقم 1164، والمغازي
للواقدي 21 و 216، وتاريخ الطبري 2/ 477 و 505 و 601، والمعجم الكبير
1/ 209، 210 رقم 19، وجمهرة أنساب العرب 340، ومقدّمة مسند بقيّ بن
مخلد 119 رقم 448، والمعارف 307، وأنساب الأشراف 1/ 242 و 288 و 316،
وأسد الغابة 1/ 94، 95، والكامل في التاريخ 4/ 524، وتهذيب الكمال 3/
255، 256 رقم 519، وتحفة الأشراف 1/ 74، 75 رقم 16، والثقات لابن حبّان
3/ 7، والإكمال 1/ 67، و (المغازي) من تاريخ الإسلام 334، والكاشف 1/
82 رقم 439، والوافي بالوفيات 9/ 261 رقم 4181، والنكت الظراف 1/ 75،
والإصابة 1/ 123 رقم 539، وتهذيب التهذيب 1/ 349 رقم 635، وتقريب
التهذيب 1/ 78 رقم 589، وخلاصة تذهيب التهذيب 38، والاستيعاب 1/ 56.
[4] انظر عن (أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري) في:
(5/74)
رَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ، وَعُمَرَ،
وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
روى عنه: محمد بن سيرين، وعبد الله بن الحارث، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
وثقه أحمد بن عبد الله العجلي [1] ، وقتل يوم الحرة هو وابنه كثير بن
أفلح.
قال الواقدي: هو من سبي عين التمر، في خلافة أبي بكر.
قال هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، إِنَّ أَبَا
أَيُّوبَ كَاتَبَ أَفْلَحَ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَجَعَلُوا
يُهَنِّئُونَهُ، فَنَدِمَ أَبُو أيوب وقال: أحبّ أن تردّ الكتاب
وَتَرْجِعَ كَمَا كُنْتَ، فَجَاءَهُ بِمُكَاتَبَتِهِ، فَكَسَرَهَا،
ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوبَ: أَنْتَ
حُرٌّ، وَمَا كَانَ لَكَ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لَكَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : كَانَ ثِقَةً، يُكْنَى أَبَا كَثِيرٍ [3] .
7- إِيَاسُ بْنُ قَتَادَةَ [4] الْعَبْشَمِيُّ [5] .
ابْنُ أُخْتِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، بَصْرِيٌّ نبيل، ولي قضاء
الريّ.
__________
[ () ] طبقات ابن سعد 5/ 86، 87، وطبقات خليفة 238، والتاريخ الكبير 2/
52 رقم 1653، وترتيب الثقات للعجلي 71، 72 رقم 112، والثقات لابن حبان
4/ 58، وتاريخ الطبري 3/ 415، وتهذيب الكمال 3/ 325، 326 رقم 549،
والتاريخ الصغير 65، والمغازي للواقدي 434، والجرح والتعديل 2/ 323 رقم
1231، والمعرفة والتاريخ 1/ 319، والكاشف 1/ 86 رقم 467، وتهذيب
التهذيب 1/ 368، 369 رقم 671، وتقريب التهذيب 1/ 83 رقم 626، والإصابة
1/ 110 رقم 481، وخلاصة تذهيب التهذيب 40.
[1] في الأصل «البجاني» ، وانظر له: ترتيب الثقات 71، 72 رقم 112.
[2] الطبقات الكبرى 5/ 86.
[3] الكنى والأسماء للدولابي 2/ 90.
[4] انظر عن (إياس بن قتادة) في:
طبقات خليفة 195، وطبقات ابن سعد 7/ 128، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 398
و 416 و 417 و 415 و 426، والوافي بالوفيات 9/ 463 رقم 4424، وجاء في
الإصابة 1/ 90 في ترجمة «إياس بن قتادة التميمي العنبري» . رقم 286:
«وفي بني تميم آخر يقال له: إياس بن قتادة لكنه مجاشعي لا صحبة له ذكر
المبرّد في (الكامل) أنّ الأحنف دفعه إلى الأزدي رهينة من أجل الديات
التي تحمّل بها في الفتنة الواقعة بين الأزد وتميم بعد عبيد الله بن
زياد سنة بضع وستين» .
[5] العبشمي: هو اختصار لنسبة «العبشمسي» أي «العبد شمسي» . انظر ابن
سعد 7/ 128.
(5/75)
[حرف الباء]
8- بريدة بن الحصيب [1] ، - ع- بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ،
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَسْلَمِيُّ.
نَزِيلُ الْبَصْرَةِ، أَسْلَمَ قَبْلَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَهُ عِدَّةُ
مَشَاهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَعِدَّةُ أَحَادِيثَ، سَكَنَ مَرْوَ فِي آخر عمره، وبها قبره.
__________
[1] عن (بريدة بن الحصيب) انظر:
مسند أحمد 5/ 346، وطبقات ابن سعد 4/ 241 و 7/ 365، والتاريخ لابن معين
2/ 57، وطبقات خليفة 109، وتاريخ خليفة 251، والتاريخ الكبير 2/ 141
رقم 1977، والمعارف 300، والجرح والتعديل 2/ 424 رقم 1684، وأنساب
الأشراف 1/ 262 و 531، والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1142،
والتاريخ الصغير 72، وترتيب الثقات للعجلي 79 رقم 142، والثقات لابن
حبان 3/ 29، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 82 رقم 23، وفتوح البلدان 507،
والمعجم الكبير 2/ 19- 23 رقم 99، والمعرفة والتاريخ 3/ 362،
والاستيعاب 2/ 173- 176، وأخبار القضاة 1/ 15، والمنتخب من ذيل المذيل
533، 534، وتاريخ اليعقوبي 2/ 79، وعيون الأخبار 1/ 215، ومشاهير علماء
الأمصار 60 رقم 414، وربيع الأبرار 4/ 84، وتاريخ الطبري 1/ 15 و 3/
11، وجمهرة أنساب العرب 240، والكامل في التاريخ 3/ 489، وأسد الغابة
1/ 175، 176، وتهذيب الكمال 4/ 53- 55 رقم 661، وتحفة الأشراف 2/ 69-
95 رقم 33، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 61، 62، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1/ ج 1/ 133 رقم 81، وسير أعلام النبلاء 2/ 469- 471 رقم 91،
والعبر 1/ 66، والكاشف 1/ 99 رقم 561، والمعين في طبقات المحدّثين 19
رقم 16، والوافي بالوفيات 10/ 124، 125 رقم 4584، ومرآة الجنان 1/ 137،
والإصابة 1/ 146 رقم 632، والنكت الظراف 2/ 69- 93، وتهذيب التهذيب 1/
433، 433 رقم 797، وتقريب التهذيب 1/ 96 رقم 28، ومجمع الزوائد 9/ 398،
وشذرات الذهب 1/ 70، وخلاصة تذهيب التهذيب 47.
(5/76)
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ،
وَسُلَيْمَانُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو الْمَلِيحِ بْنُ أُسَامَةَ،
وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : غَزَا خُرَاسَانَ زَمَنَ عُثْمَانَ.
أَنْبَأَ أَبُو النصر: ثنا شُعْبَةُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي
يَعْقُوبَ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيَّ وَرَاءَ
نَهْرِ بَلْخٍ وَهُوَ يَقُولُ:
لَا عَيْشَ إِلَّا طِرَادَ الْخَيْلِ بِالْخَيْلِ [2] وَقَالَ بُكَيْرُ
بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ خَيْبَرَ، فَكُنْتُ فِيمَنْ شَهِدَ
الثُّلْمَةَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ
أحمر، فما أعلم أني ركبت في الْإِسْلَامَ ذَنْبًا أَعْظَمَ عَلَيَّ
مِنْهُ لِلشُّهْرَةِ [3] .
قُلْتُ: رُوِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا.
9- بَشِيرُ بْنُ عَقْرَبَةَ [4] ، وَيُقَالُ بِشْرُ، أَبُو الْيَمَانِ
الجهنيّ.
صحابيّ له حديثان.
__________
[1] في الطبقات 7/ 8.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 243 و 7/ 265.
[3] قال المؤلّف- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 2/ 470) بعد أن ذكر
الحديث:
«بلى، جهّال زماننا يعدّون اليوم مثل هذا الفعل من أعظم الجهاد، وبكلّ
حال فالأعمال «بلى، جهال زماننا يعدّون اليوم مثل هذا الفعل من أعظم
الجهاد، وبكلّ حال فالأعمال بالنّيّات، ولعلّ بريدة رضي الله عنه
بإزرائه على نفسه، يصير له عمله ذلك طاعة وجهادا! وكذلك يقع في العمل
الصالح، ربّما افتخر به الغرّ ونوّه به، فيتحوّل إلى ديوان الرياء. قال
الله تعالى: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا من عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ
هَباءً مَنْثُوراً 25: 23 (سورة الفرقان- الآية 23) .
[4] انظر عن (بشير بن عقربة) في:
مسند أحمد 3/ 500، وطبقات خليفة 122، وطبقات ابن سعد 7/ 429، والجرح
والتعديل 2/ 376 رقم 1458، والمعرفة والتاريخ 3/ 330، والمعجم الكبير
2/ 42 رقم 116، والاستيعاب 1/ 152، وأسد الغابة 1/ 197، والوافي
بالوفيات 10/ 164، 165 رقم 4639.
(5/77)
قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: ثنا ابْنُ
الْحَارِثِ الرَّمْلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ
الْكِنَانِيِّ، عَامِلُ الرَّمْلَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
قَالَ: شَهِدْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ لِبِشْرِ بْنِ
عَقْرَبَةَ يَوْمَ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: قَدِ احْتَجْتُ يَا
أَبَا الْيَمَانِ إِلَى كَلَامِكَ الْيَوْمَ فَقُمْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ
قَامَ بِخُطْبَةٍ لَا يَلْتَمِسُ إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً وَقَفَهُ
اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ» [1] . 10-
بُشَيْرُ بْنُ النّضر [2] ، بن بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو.
قَاضِي مِصْرَ، تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعِينَ، وَوَلِيَ
الْقَضَاءَ بَعْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْخَوْلَانِيُّ، وَكَانَ
رِزْقَهُ فِي الْعَامِ أَلْفَ دينار.
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 3/ 500.
[2] انظر عن (بشير بن النضر) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 224، وكتاب الولاة والقضاة 313 و 314.
(5/78)
[حرف التَّاءِ
11- تَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ [1] ، أَبُو سَلَمَةَ الضَّبِّيُّ
الْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ.
عَرَضَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.
قَالَ جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ
حَذْلَمٍ قَالَ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم [2] .
__________
[1] انظر عن (تميم بن حذلم) في:
التاريخ لابن معين 2/ 67، والتاريخ الكبير 2/ 152 رقم 2020، وطبقات ابن
سعد 6/ 206، وطبقات خليفة 143، والجرح والتعديل 2/ 442 رقم 1766،
والمعرفة والتاريخ 2/ 547 و 549 و 590- 592 و 3/ 113 و 116، وتهذيب
الكمال 4/ 328، 329 رقم 801، والإكمال لابن ماكولا 2/ 16، وتهذيب
التهذيب 1/ 512 رقم 952، وتقريب التهذيب 1/ 113 رقم 10، والإصابة 1/
187 رقم 861، وخلاصة تذهيب التهذيب 55.
[2] جاء في (تاريخ البخاري 2/ 152، 153 رقم 2021) ترجمة لتميم بن حذيم
أبي حذيم، كوفي، وفي الترجمة أن تميم بن حذيم قرأ على عبد الله. وقال
البخاري: قال لنا أحمد بن يونس، قال: ثنا محمد بن عبد العزيز، عن
مغيرة، عن إبراهيم قال: قرأ تميم بن حذيم على عبد الله فقرأ السجدة.
وقال ابن طهمان، عن المغيرة، عن الزهري، عن تميم بن حذيم، قرأت على عبد
الله.
هكذا أفرده البخاري، وغيره يقول إنه هو الأول اختلف في اسم أبيه، وفي
كنيته. قال ابن أبي حاتم «تميم بن حذلم ... روى عن عبد الله بن مسعود،
روى عنه إبراهيم النخعي، والركين، وأبو الخير ابنه» .
وفي (الثقات) لابن حبّان: «تميم بن حذلم الضبّي، كنيته أبو سلمة ...
وقد قيل كنيته أبو حذلم» .
وقال ابن ماكولا في (الإكمال) : «تميم بن حذلم ... سمع أبا بكر، وعمر
بن الخطاب، قرأ
(5/79)
وَقَالَ هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ تَمِيمَ بْنَ حَذْلَمَ الضَّبِّيَّ قَرَأَ عَلَى
ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ إِلَّا قَوْلَهُ: وَكُلٌّ
أَتَوْهُ 27: 87 [1] مَدَّهُ تَمِيمٌ، وَقَصَرَه ابنُ مَسْعُودٍ،
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا 12: 110 [2] قَرَأَهَا ابْنُ
مَسْعُودٍ مُخَفَّفَةً.
وَقَدْ أَدْرَكَ تَمِيمَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ أَيْضًا: الْعَلَاءُ بْنُ بَدْرٍ، وَالرُّكَيْنُ بْنُ
عَبْدِ الْأَعْلَى، وَابْنُهُ أبو الخير [3] ابن تميم، وغيرهم.
__________
[ () ] على عبد الله بن مسعود. روى عنه أبو الخير، وإبراهيم النخعي ...
وقد يقال فيه ابن حذيم» .
وقال البخاري في «صحيحه» في أبواب سجود القرآن «باب من سجد لسجود
القارئ، وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم وهو غلام فقرأ عليه سجدة ... » .
وقال ابن حجر في (فتح الباري) : «حذلم بفتح المهملة واللام بينهما
معجمة ساكنة، ولم يذكر نسخة أخرى، لكن بهامش المتن المطبوع الإشارة إلى
أنه وقع في بعض النسخ «حذيم» .
«أقول» : يتبيّن مما سبق أن «تميم بن حذلم» و «تميم بن حذيم» واحد،
لاتفاقهما بعدّة أمور وقواسم. والله أعلم.
[1] سورة النحل- الآية 87.
[2] سورة يوسف- الآية 110.
[3] في: الكنى والأسماء 1/ 137، والجرح والتعديل، والإكمال: «أبو
الجبر» وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه، واسمه «عبد الرحمن» .
(5/80)
[حرف الثاء]
12- ثور بن معن [1] ، بن يَزِيدَ بْنِ الْأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ.
أَحَدُ الْأَشْرَافِ، قُتِلَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ الضَّحَّاكِ،
وَلِأَبِيهِ [2] صُحْبَةٌ، وَقَدْ عاش بعد ثور أبوه.
__________
[1] انظر عن (ثور بن معن) في:
تاريخ الطبري 5/ 533 و 538 و 542، ومروج الذهب (طبعة الجامعة
اللبنانية) 1827، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 386، والكامل في التاريخ 4/
147، والإصابة 1/ 205 رقم 974.
[2] ذكره ابن الأثير في ترجمة «ثور والد يزيد بن ثور» (1/ 251) .
(5/81)
[حرف الجيم]
13- جابر بن سمرة [1]- ع- بْنِ جُنَادَةَ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.
وَيُقَالُ: أَبُو خالد السّوائيّ [2] وَقِيلَ: اسْمُ جُنَادَةَ:
عَمْرٌو [3] ، وَلَهُ وَلأَبِيهِ سَمُرَةَ صحبة، نزل الكوفة.
__________
[1] الطبقات الكبرى 6/ 24، وطبقات خليفة 56 و 131 وفيه اسمه: جابر بن
سمرة بن عمرو بن جنادة بن جندب بن حجير..، والتاريخ لابن معين 2/ 73،
وتاريخ خليفة 273، والعلل لابن حنبل 1/ 106 و 211، والتاريخ الكبير
للبخاريّ 2/ 205 رقم 2204، والتاريخ الصغير له 69، 70، والمعرفة
والتاريخ 2/ 754، و 3/ 280 و 282 و 288، وتاريخ أبي زرعة 1/ 59 و 261،
والجرح والتعديل 2/ 493، والثقات لابن حبّان 3/ 52، ومشاهير علماء
الأمصار له 47 رقم 304، والمعارف لابن قتيبة 305 و 306، وجمهرة أنساب
العرب لابن حزم 273، وأنساب الأشراف للبلاذري 1/ 163 و 188 و 390 و 393
و 394، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 194- 257 رقم 194، والاستيعاب لابن
عبد البرّ 1/ 224، 225، والجمع بين رجال الصحيحين للقيسراني 1/ 72،
وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 388، 389، وأسد الغابة لابن الأثير 1/ 254،
وتهذيب الأسماء للنووي ج 1 ق 1/ 142، وتهذيب الكمال للمزّي 4/ 437- 440
رقم 867، وتحفة الأشراف له 2/ 146- 164 رقم 60، والعبر للذهبي 1/ 74،
والكاشف 1/ 121 رقم 736، وسير أعلام النبلاء 3/ 186- 188 رقم 36، ودول
الإسلام 1/ 50، والكامل في التاريخ 4/ 260، ومرآة الجنان 1/ 141،
والوافي بالوفيات للصفدي 11/ 27 رقم 44، وتاريخ ابن خلدون 2/ 120،
وتهذيب التهذيب لابن حجر 2/ 39، 40، وتقريب التهذيب 1/ 122 رقم 5،
والإصابة 1/ 212 رقم 1018، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 1/ 179،
وخلاصة تذهيب التهذيب 50، وشذرات الذهب 1/ 74، وتاج العروس 10/ 365.
[2] السّوائي: بضمّ السين وفتح الواو وبعدها الألف وفي آخرها الياء
نسبة إلى بني سواءة بن عامر بن صعصعة. (الأنساب 7/ 182) .
[3] في طبعة القدسي 3/ 2 (سنة 1368 هـ.) : «عمر» ، وهو غلط، وما
أثبتناه عن مصادر الترجمة.
(5/82)
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وَعَنْ:
خَالِهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي أيّوب [1] .
روى عَنْهُ: تَمِيمُ بْنُ طَرَفَةَ، وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَجَمَاعَةٌ، وَحَدِيثُهُ فِي الْكُتُبِ
كَثِيرٌ.
قِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ [2] .
14- جابر بن عتيك [3] بن قَيْسٍ، وَيُقَالَ جَبْرٌ، أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، أَحَدُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ مِنْ
كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا.
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ إِحْدَى
وَتِسْعُونَ سَنَةً.
وَرَّخَ مَوْتَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ زَبْرٍ، وَابْنُ
مَنْدَهْ، وَغَيْرُهُمْ. وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ بَنِي مُعَاوِيَةَ
بْنِ مَالِكِ بْنِ الأَوْسِ يَوْمَ الْفَتْحِ.
وَفِي «الْمُوَطَّإِ» [4] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ جَابِر بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ جدّه
__________
[1] أبو أيّوب: خالد بن زيد الأنصاري.
[2] اختلف في وفاته فقيل: 66 هـ. وقيل 73 وقيل 74 وقيل 76 هـ. (راجع
مصادر ترجمته) .
[3] طبقات خليفة 84 و 103، والتاريخ الكبير 2/ 208، 209 رقم 2212،
والجرح والتعديل 2/ 493، والثقات لابن حبّان 3/ 52، 53، والاستيعاب 1/
223، والإكمال لابن ماكولا 2/ 13، 14، وأسد الغابة 1/ 258، 259 و 266،
والكاشف للذهبي 1/ 122 رقم 742، وتهذيب الكمال 4/ 454، 455 رقم 872،
وتحفة الأشراف 2/ 402- 404 رقم 63، وطبقات ابن سعد 3/ 469، والكامل في
التاريخ 4/ 101، والوافي بالوفيات 11/ 28 رقم 46، وتهذيب التهذيب 3/
43، وتقريب التهذيب 1/ 63، والإصابة 1/ 214، 215 رقم 1030، والنجوم
الزاهرة 2/ 156، وتاج العروس: مادة جبر، وجمهرة أنساب العرب 335 (باسم:
جبر بن عتيك) ، ومشاهير علماء الأمصار 22 رقم 89 (باسم: جبر بن عتيك بن
الحارث بن قيس) ، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 189- 193 رقم 191،
والأسامي والكنى للحاكم (مخطوط) ورقة 306.
ويراجع في اسمه: حاشية للدكتور بشّار عوّاد معروف في (تهذيب الكمال 4/
455، 456) .
[4] الموطّأ للإمام مالك 155 رقم 554 كتاب الجنائز، باب النهي عن
البكاء على الميت.
والحديث أطول مما هنا: «أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء يعود
عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه، فصاح به، فلم يجبه، فاسترجع رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: «غلبنا عليك يا أبا الربيع» ، فصاح
النسوة وبكين، فجعل جابر يسكتهنّ، فقال رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم: «دعهنّ، فإذا وجب فلا تبكينّ باكية» . قالوا: يا رسول الله وما
الوجوب؟ قال: «إذا مات» ، فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون
شهيدا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إنّ الله قد أوقع أجره على قدر نيّته، وما تعدّون الشهادة» ؟، قالوا:
القتل في سبيل الله، فقال رسول الله
(5/83)
لأُمِّهِ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:
أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ
فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ، فَاسْتَرْجَعَ.
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ الْبَدْرِيِّينَ مَوْتًا.
15- جَرْهَدُ الأَسْلَمِيُّ [1]- د ت- الَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ
للَّه: «غَطِّ فَخْذَكَ» [2] .
__________
[ () ] صلّى الله عليه وسلّم: «الشهداء سبعة سوى القتيل في سبيل الله،
والمطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد،
والحرق شهيد، والّذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة» .
[1] الطبقات الكبرى 4/ 298، والتاريخ لابن معين 2/ 79، وطبقات خليفة
111، والنسب الكبير لابن الكلبي- مخطوطة الأسكوريال رقم 1698- ج 2 ص
310، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 248، 249 رقم 2354، ومشاهير علماء
الأمصار 42 رقم 259، وأنساب الأشراف 1/ 273، وجمهرة أنساب العرب 240،
والثقات لابن حبّان 3/ 62، والجرح والتعديل 2/ 539، 540، والاستيعاب 1/
254، 255، وحلية الأولياء 1/ 337، والمعجم الكبير للطبراني 2/ 271- 273
رقم 207، وأسد الغابة لابن الأثير 1/ 277، 278، والكاشف للذهبي 1/ 126
رقم 776، وتحفة الأشراف للمزّي 2/ 419، 420 رقم 70، وتهذيب الكمال 4/
523، 524 رقم 912، والكامل في التاريخ 4/ 43، وتهذيب التهذيب 2/ 69،
والتقريب 1/ 126، 127 رقم 50، والوافي بالوفيات 11/ 69 رقم 120، والنكت
الظراف 2/ 419، والإصابة 1/ 231 رقم 1131، ورياض النفوس 54، وحسن
المحاضرة 1/ 186، وتاج العروس 7/ 499.
[2] الحديث في (الموطّأ) برواية القعنبي، ورواه أبو داود من طريقه، عن
أبي النضر، عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه، قال: كان جرهد هذا
من أصحاب الصّفّة، قال:
جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندنا وفخذي منكشفة، فقال: «أما
علمت أنّ الفخذ عورة» ؟. وأخرجه الترمذي (2795) من طريق: زرعة بن مسلم
بن جرهد، عن جدّه، وأخرجه أيضا (2797) من طريق عبد الله بن جرهد
الأسلمي، عن أبيه جرهد، و (2798) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي
الزناد، أخبرني ابن جرهد، عن أبيه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وصحّحه ابن حبّان (353) ، والحاكم في المستدرك 4/ 180 مع أن في سنده
مجهولا، ولكن ضعّفه البخاري في التاريخ الكبير لاضطراب إسناده.
وللحديث شواهد تقوّيه: عن محمد بن جحش عند الإمام أحمد في المسند 5/
290، والحاكم في المستدرك 4/ 180 من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء
بن عبد الرحمن، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش، عنه. ورجاله رجال الصحيح
غير أبي كثير، فقد روى عنه جماعة ولا يعرف بجرح ولا تعديل، وعن ابن
عباس عند الترمذي (2798) و (2799) والحاكم في المستدرك 4/ 181 وفي سنده
يحيى القتّات، وهو ضعيف. وعن عليّ عند أبي داود (3140) وابن ماجة
(1460) والحاكم 4/ 180 وإسناده ضعيف. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير
2/ 271- 273 من عدّة طرق، وكلّها شواهد تقوّي الحديث وتصحّحه.
(5/84)
رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وحفيده زرعة.
توفّي سنة إحدى وستّين. له دار بالمدينة.
16- جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [1] قُتِلَ شَابًّا هُوَ
وَإِخْوَتُهُ مَعَ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم أجمعين.
17- جندب [2] بن عبد الله [3] ع- بن سفيان البجلي العلقي. وعلقه:
__________
[1] تاريخ الرسل والملوك للطبري 5/ 153 و 415 و 448 و 468، والأسامي
والكنى 1/ 301، وطبقات ابن سعد 4/ 34، وطبقات خليفة 4، ونسب قريش 80-
82، ومسند أحمد 1/ 201 و 5/ 290، وفضائل الصحابة له 40، والعلل 1/ 184،
وتاريخ خليفة 234، والتاريخ الكبير 2/ 185 رقم 2139، والتاريخ الصغير
2- 4 و 22، 23، والمعارف 120 و 137 و 163 و 203 و 205 و 211، والمعرفة
والتاريخ 1/ 260 و 536 و 2/ 535 و 3/ 167 و 259، والأسماء والكنى
للدولابي 2/ 77، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 255، والجرح والتعديل 2 رقم
1960، والولاة والقضاة للكندي 23، وجمهرة أنساب العرب 14 و 41 و 65 و
68، 69 و 391، وحلية الأولياء 1/ 114- 118، والاستيعاب 1/ 210- 213،
والثقات لابن حبان 3/ 49، والمحبّر لابن حبيب (راجع الفهرس) ، ومقاتل
الطالبيين لأبي الفرج 83، والكامل في التاريخ 4/ 92، وتهذيب الأسماء
واللغات ج 1 ق 1/ 148، 149 رقم 105، والمعجم الكبير 2/ 104- 112 رقم
176، وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي 174، وصفة الصفوة له 1/ 205،
ومعجم البلدان (مادّة مؤتة) 5/ 220، وأسد الغابة 1/ 286- 289، وسير
أعلام النبلاء 1/ 206- 217، والعبر 1/ 9، وتجريد أسماء الصحابة رقم
802، ومجمع الزوائد 9/ 271- 273، وتحفة الأشراف 2/ 437 رقم 73، والعقد
الثمين 3/ 424، وتهذيب الكمال 5/ 50- 64 رقم 944، والوافي بالوفيات 11/
90- 92 رقم 146، والإصابة 1/ 237، 238 رقم 1166، وتهذيب التهذيب 2/ 98،
99، وتقريب التهذيب 1/ 131 رقم 84، وخلاصة تذهيب التهذيب رقم 1041،
ومرآة الجنان 1/ 14، وغاية الأماني 1/ 65، وشذرات الذهب 1/ 48،
والوفيات لابن قنفذ 40 رقم 8، والأخبار المولقيّات 567، وترتيب الثقات
للعجلي 98 رقم 213، ويعرف بجعفر الطيار ذي الجناحين، قتل سنة 41 هـ.
[2] يقال: جندب: بضم الدال، وجندب: بفتحها.
[3] الطبقات الكبرى 6/ 35، وطبقات خليفة 117 و 139 و 188، والتاريخ
لابن معين 2/ 88، والعلل لابن المديني 55، ومسند أحمد 4/ 312، والعلل
له 1/ 391، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 221 رقم 2266، والتاريخ الصغير
له 1/ 151، والمعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 6 و 639 و 648 و 660 و 677 و
762، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/ 510 رقم 2102، والاستيعاب 1/
256، ومشاهير علماء الأمصار 47 رقم 300، وموضح أوهام الجمع والتفريق
للخطيب 2/ 22، وتاريخ بغداد له 7/ 249 رقم 3740، والجمع بين رجال
الصحيحين للقيسراني 1/ 76، والكامل في التاريخ 3/ 108 و 138 و 391،
وأسد الغابة
(5/85)
حَيٌّ مِنْ بَجِيلَةَ، أَقَامَ
بِالْبَصْرَةِ وَبِالْكُوفَةِ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَأَنَسُ [1]
بْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ [2] ، وَعَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، وَالأَسْوَدُ بْنِ
قَيْسٍ، وَآخَرُونَ.
18- جُنْدُبُ الْخَيْرِ [3] هُوَ جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ-
وَيُقَالُ ابْنُ كَعْبٍ- الأَزْدِيِّ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عَلِيٍّ، وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ.
رَوَى عَنْهُ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ
الْحَارِثِ، وَحَارِثَةُ بْنُ وَهْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
فَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَدُّ
السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بالسيف» [4] .
__________
[ () ] 1/ 304، والأسامي والكنى للحاكم 1 ورقة 407 أوب، والمعجم الكبير
للطبراني 2/ 158- 177 رقم 183، والأنساب للسمعاني 9/ 38، واللباب لابن
الأثير 2/ 353، وتلقيح الفهوم لابن الجوزي 174، 175 و 366، وتهذيب
الكمال للمزّي 5/ 137- 139 رقم 973، وتحفة الأشراف له 2/ 439- 446 رقم
76، وسير أعلام النبلاء 3/ 174، 175 رقم 30، والعبر 1/ 41، والكاشف 1/
132 رقم 826، وتجريد أسماء الصحابة رقم 854، والوافي بالوفيات 11/ 193،
194 رقم 286، وتهذيب التهذيب 2/ 117، 118، وتقريب التهذيب 1/ 134، 135
رقم 119، والإصابة 1/ 248 رقم 1223، وخلاصة تذهيب التهذيب 55، وتاج
العروس (مادّة: جدب ومكث) ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 86.
[1] في الأصل مهملة.
[2] الجوني: بفتح الجيم وسكون الواو، نسبة إلى الجون وهو بطن من الأزد.
(اللباب 1/ 254) .
[3] التاريخ الكبير 2/ 222 رقم 2268، والجرح والتعديل 2/ 511 رقم 2107،
والمعجم الكبير للطبراني 2/ 177 رقم 184، والأسامي والكنى للحاكم 1
ورقة 407 أوب، وجمهرة أنساب العرب 378، والاستيعاب 1/ 258، وتلقيح فهوم
أهل الأثر لابن الجوزي 175، والكامل في التاريخ لابن الأثير 3/ 106 و
144، وأسد الغابة 1/ 305، 306، والمعارف 402، وتحفة الأشراف للمزّي 2/
446 رقم 77، وتهذيب الكمال له 5/ 141- 148 رقم 975، والكاشف للذهبي 1/
133 رقم 828، وسير أعلام النبلاء 3/ 175- 177 رقم 31، وتجريد أسماء
الصحابة رقم 856، والوافي بالوفيات 11/ 195 رقم 290، وتهذيب التهذيب 2/
118، 119، والإصابة 1/ 250 رقم 1227، وتقريب التهذيب 1/ 135 رقم 120،
وخلاصة تذهيب التهذيب 55، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 410، وتاج العروس 2/
137.
[4] إسناده ضعيف لضعف إسماعيل بن مسلم. وقد أخرجه الترمذي في كتاب
الحدود، باب ما
(5/86)
وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ:
كَانَ سَاحِرٌ يَلْعَبُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي
مُعَيْطٍ، فَيَأْخُذُ سَيْفَهُ فَيَذْبَحُ نَفْسَهُ وَلا يَضُرُّهُ،
فَقَامَ جُنْدُبٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَرَأَ
أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ 21: 3 [1] . إسناده
صَحِيحٌ [2] .
وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ: إِنَّ الْوَلِيدَ
بْنَ عُقْبَةَ كَانَ بِالْعِرَاقِ يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاحِرٌ،
فَكَانَ يَضْرِبُ عُنُقَ الرَّجُلِ، ثُمَّ يَصِيحُ بِهِ، فَيَقُومُ،
فَتَرْتَدُّ إِلَيْهِ رَأْسُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ
يُحْيِي الْمَوْتَى! فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ صَالِحِي الْمُهَاجِرِينَ،
فَاشْتَمَلَ مِنَ الْغَدِ عَلَى سَيْفهِ، فَذَهَبَ السَّاحِرُ يَلْعَبُ
لُعْبَهُ ذَلِكَ، فَاخْتَرَطَ الرَّجُلُ سَيْفَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَقَالَ: إِنْ كَانَ صَادِقًا فَيُنَجِّي نَفْسَهُ، فَأَمَرَ بِهِ
الْوَلِيدُ فَسَجَنَهُ، فَأُعْجِبَ السَّجَّانُ نَحْوَ الرَّجُلِ
فَقَالَ: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَهْرُبَ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاخْرُجْ، لا يَسْأَلُنِي اللَّهُ عَنْكَ
أَبَدًا [3] .
19- جَنْدَرَةُ [4] بْنُ خَيْشَنَةَ [5] أَبُو قِرْصَافَةَ
الْكِنَانِيُّ، صَحَابِيٌّ نَزَلَ الشَّامَ
__________
[ () ] جاء في حدّ الساحر (1460) ، والدارقطنيّ في سننه 3/ 144،
والحاكم في المستدرك 4/ 360 وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا
إلّا من هذا الوجه، إسماعيل بن مسلم المكيّ يضعف في الحديث، والصحيح عن
جندب موقوف.
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في كتابه «الكبائر» - ص 46: الصحيح
أنه من قول جندب.
وأخرجه الطبراني في ترجمة «جندب بن عبد الله بن سفيان» من رواية الحسن
البصري، عن جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُفْيَانَ
الْبَجَلِيُّ.. فأخطأ بذلك. انظر المعجم الكبير 2/ 161 رقم (1665) و
(1666) .
[1] سورة الأنبياء- الآية 3.
[2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 2/ 177 رقم (1725) من طريق: محمد
بن عبد الله الحضرميّ، حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدّثنا هشيم، أخبرنا
خالد الحذّاء. ورواه ابن عساكر (تهذيب تاريخ دمشق 3/ 410) ، والمزّي في
تهذيب الكمال 5/ 143، والمؤلّف الذهبي في سير أعلام النبلاء 3/ 175،
176، والدارقطنيّ في السنن 3/ 114 ونسبه إلى «جندب البجلي» وهو وهم.
[3] ذكره المزّي في تهذيب الكمال 5/ 143، 144، والمؤلّف في سير أعلام
النبلاء 3/ 176، وابن حجر في الإصابة 1/ 250 ونسبه إلى البيهقي في
دلائل النّبوّة.
[4] التاريخ الكبير 2/ 250 رقم 2358، والمعرفة والتاريخ 2/ 101 و 3/ 28
و 168، ومقدّمة
[5] خيشنة: بفتح الخاء المعجمة وبعدها ياء معجمة وبعد الشين المعجمة
نون. (الإكمال 3/ 211) .
(5/87)
وَاسْتَوْطَنَ عَسْقَلانَ، لَهُ
أَحَادِيثُ.
رَوَى عَنْهُ: حَفِيدَتُهُ عَزَّةُ بِنْتُ عِيَاضِ بْنِ جَنْدَرَةَ،
وَيَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ الْفِلَسْطِينِيُّ، وَشَدَّادٌ أَبُو
عَمَّارٍ، وَزِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ سَعِيدٍ
الْكِنَانِيَّانِ، وَزِيَادُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ [1] .
لَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ شيء [2] .
__________
[ () ] مسند بقيّ بن مخلد 134 رقم 589، والكنى والأسماء 1/ 49، والجرح
والتعديل 2/ 545 رقم 2267، والمعجم الكبير للطبراني 3/ 1- 4 رقم 234،
وجمهرة أنساب العرب 189، والاستيعاب 1/ 274، وتلقيح فهوم أهل الأثر 176
و 379، وأسد الغابة 1/ 307، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 92 رقم 861،
وتهذيب الكمال 5/ 149، 150 رقم 976، والمشتبه للذهبي 1/ 278، وتهذيب
التهذيب 2/ 119 رقم 191، والتقريب 1/ 135 رقم 121، وخلاصة تذهيب
التهذيب 1 رقم 1092 وذكره ابن حجر مرتين في الإصابة دون ترجمة.
[1] في الأصل «ربان بن الجعد» .
[2] قال المزّي: «روى له البخاري في كتاب الأدب» (تهذيب الكمال 5/ 150)
.
(5/88)
[حرف الْحَاءِ]
20- الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [1] الْهَمْدَانِيُّ الأَعْوَرُ
الْكُوفِيُّ أَبُو زُهَيْرٍ، صَاحِبُ عَلِيٍّ. رَوَى عن: عليّ، وابن
__________
[1] الطبقات الكبرى 6/ 168، 169، والتاريخ لابن معين 2/ 93، وتاريخ
الدارميّ، رقم 233، والعلل لابن المديني 43، وطبقات خليفة 149، والعلل
لابن حنبل 1/ 26 و 84 و 147، والمحبّر لابن حبيب 303، والتاريخ الكبير
للبخاريّ 2/ 273 رقم 2437، والتاريخ الصغير له 1/ 149 و 155، 156 و
204، والضعفاء الصغير له 60، والبرصان والعرجان للجاحظ 363، وأحوال
الرجال للجوزجانيّ 41- 43 رقم 10، وترتيب الثقات للعجلي 103 رقم 233،
والضعفاء الكبير للعقيليّ 1/ 208- 210 رقم 257، والكامل في ضعفاء
الرجال لابن عدي 2/ 604، 605، والمعارف لابن قتيبة 210 و 587 و 624،
والجامع الصحيح للترمذي 1/ 73 و 168 و 4/ 416 و 5/ 80، والمعرفة
والتاريخ للفسوي 1/ 216، 217 و 2/ 534 و 557 و 617 و 624 و 3/ 117،
والضعفاء والمتروكين للنسائي 281 رقم 114، وأخبار القضاة لوكيع 2/ 228،
والكنى والأسماء للدولابي 1/ 183، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/
78، 79 رقم 363، والمجروحين لابن حبّان 1/ 222، 223، والضعفاء
والمتروكين للدارقطنيّ 75 رقم 153، وتاريخ جرجان للسهمي 514، والسابق
واللاحق للخطيب 167، والأنساب للسمعاني 5/ 9، 10، واللباب لابن الأثير
1/ 410، وسير أعلام النبلاء 4/ 152- 154 رقم 54، والكاشف له 1/ 138 رقم
868، والعبر له 1/ 73، وميزان الاعتدال له 1/ 435- 437 رقم 1627،
والمغني في الضعفاء له 1/ 141 رقم 1236، وطبقات الفقهاء للشيرازي 80،
وتهذيب الكمال للمزّي 5/ 244- 253 رقم 1025، والوافي بالوفيات للصفدي
11/ 253، 254 رقم 371، ومرآة الجنان لليافعي 1/ 141، وغاية النهاية
لابن الجزري 1/ 201 رقم 922، وتهذيب التهذيب لابن حجر 2/ 145- 147 رقم
248، وتقريب التهذيب له 1/ 74، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي 1/ 185،
وخلاصة تذهيب التهذيب 18، وشذرات الذهب 1/ 73، ومعجم رجال الحديث
للخوئي 4/ 190، 191 و 200، 201 و 215، ولسان الميزان 2/ 153 رقم 676،
ورجال الطوسي 38 رقم 4.
(5/89)
مَسْعُودٍ. وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلا مِنْ
عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ، وَلَكِنَّهُ لين الحديث.
روى عنه: الشعبي، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن مرة، وأبو إسحاق
السبيعي، وغيرهم.
قال أَبُو حَاتِمٍ [1] : لا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ [2]
: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ الْحَارِثُ: تَعَلَّمْتُ الْقُرْآنَ
فِي سَنَتَيْنِ، وَالْوَحْيَ [3] فِي ثَلاثِ سِنِينَ. وَقَالَ
الشَّعْبِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وأبو خيثمة: الحارث كذاب.
قلت: هذا محمول من الشعبي على أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكَذِبِ الْخَطَأَ
وَإلا فَلأَيِّ شَيْءٍ يَرْوِي عَنْهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ
النَّسَائِيَّ مَعَ تَعَنُّتِهِ فِي الرِّجَالِ قَدِ احْتَجَّ
بِالْحَارِثِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: لم يسمع أبو إسحاق بن الْحَارِثِ إِلَّا أَرْبَعَةَ
أَحَادِيثَ [4] .
وَرَوَى مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: الْحَارِثُ يَهِمُ.
وقَالَ النَّسَائِيُّ [5] أَيْضًا: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ. قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ
الْحَارِثُ أفْقَهَ النَّاسِ، وَأفْرَضَ النَّاسِ، وَأَحْسَبَ
النَّاسِ، تَعَلَّمَ الْفَرَائِضَ مِنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ
سِيرِينَ:
أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَهُمْ يُقَدِّمُونَ خَمْسَةً، مَنْ
بَدَأَ بِالْحَارِثِ الأَعْوَرِ ثَنَّى بِعُبَيْدَةَ، وَمَنْ بَدَأَ
بِعُبَيْدَةَ ثَنَّى بِالْحَارِثِ، ثُمَّ عَلْقَمَةَ، ثُمَّ مَسْرُوقٍ،
ثُمَّ شُرَيْحٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ [6] : الْحَارِثُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ
مَرَّةً: ثِقَةٌ.
21- الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْهُذَلِيُّ الْمَدَنِيُّ [7] وُلِدَ فِي
حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم،
__________
[1] في الجرح والتعديل 3/ 79.
[2] في الضعفاء والمتروكين 287.
[3] قال الجوزجاني في ترجمته: «وابن عبّاس يقول: لا وحي إلّا ما بين
اللوحين، وأجمع على ذلك المسلمون. وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ستّة لعنهم الله، وكلّ نبيّ مجاب ...
منهم الزائد في كتاب الله» . (أحوال الرجال 41) .
[4] قال الجوزجاني (ص 43) : الشائع في أهل الحديث أنّ أبا إسحاق لم
يسمع منه إلّا ثلاثة أو أربعة.
[5] في الضعفاء 287.
[6] في التاريخ 2/ 93 رقم 1751.
[7] الطبقات الكبرى 5/ 59، والجرح والتعديل 3/ 82 رقم 376، والتاريخ
الكبير 2/ 276 رقم 2447.
(5/90)
وَحَدَّثَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ [1] .
- الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ قَدْ ذُكِرَ.
22- حُبْشِيُّ بن جنادة [2]- د ت ق- أبو الجنوب السّلوليّ [3] ، نَزَلَ
الْكُوفَةَ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. رَوَى عَنْهُ الشَّعِبيُّ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ. وَقَدْ بَالَغَ ابْنُ عَدِيٍّ [4] فِي الثِّقَاتِ
لَهُ بِذِكْرٍ فِي الضُّعَفَاءِ، ثُمَّ طَرَّزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
أَرْجُو أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى: أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حُبْشِيِّ بْنِ جُنَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ اغْفِرْ
لِلْمُحَلِّقِينَ» - الْحَدِيثَ [5] . هَذَا
__________
[1] في طبقاته الكبرى، وقال: «وُلِدَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن عمر بن الخطاب أحاديث منها كتابه
إلى أبي موسى الأشعريّ في الصلاة. وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مسعود وغيره. ومات الحارث بن عمرو سنة سبعين» .
[2] الطبقات الكبرى 6/ 37، والتاريخ لابن معين 2/ 96، والعلل لابن حنبل
1/ 173، والمسند له 4/ 164، والتاريخ الكبير للبخاريّ 3/ 127، 128 رقم
427، وتاريخ الرسل والملوك للطبري 6/ 89، والمعرفة والتاريخ للفسوي 2/
225 و 624، 625 و 632، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/ 313 رقم 1395،
والاستيعاب لابن عبد البرّ 1/ 391، والكامل في الضعفاء لابن عديّ 2/
848، 849، والمعجم الكبير للطبراني 4/ 17- 20 رقم 319، والإكمال لابن
ماكولا 2/ 383، وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي 183، وأسد الغابة
لابن الأثير 1/ 366، 367، والكامل في التاريخ 4/ 263، وتحفة الأشراف
للمزّي 3/ 13، 14 رقم 93، وتهذيب الكمال له 5/ 349- 351 رقم 1075،
والمشتبه للذهبي 1/ 209، والكاشف له 1/ 144 رقم 910، والمغني في
الضعفاء له 1/ 146 رقم 1279، وتجريد أسماء الصحابة له رقم 1091،
والوافي بالوفيات 11/ 285 رقم 421، وطبقات خليفة 55 و 131، وتهذيب
التهذيب لابن حجر 2/ 176 رقم 318، والتقريب له 1/ 148 رقم 102،
والإصابة له 1/ 304 رقم 1558، وخلاصة تذهيب التهذيب رقم 1704، والمنتخب
من ذيل المذيل 570.
[3] السّلوليّ: بفتح السين المهملة وضم اللام وسكون الواو وفي آخرها
لام أخرى. نسبة إلى بني سلول، نزلوا الكوفة ولهم بها خطّة نسبت إليهم.
(اللباب 2/ 131) .
[4] في الكامل في ضعفاء الرجال 2/ 849.
[5] أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الحلق والتقصير (73)
رقم (916) وفي الباب عن ابن عباس، وابن أمّ الحصين، وما رب، وأبي سعيد،
وأبي مريم، وأبي هريرة.
وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد في المسند 4/ 165 من طريق يحيى بن
آدم أو ابن أبي بكير قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشيّ بن
جنادة، قال يحيى، وكان ممن شهد حجّة الوداع قال: قال رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم: «اللَّهمّ اغفر للمحلّقين» قالوا:
يا رسول الله والمقصّرين؟ قال: «اللَّهمّ اغفر للمحلّقين» . قالوا: يا
رسول الله والمقصرين؟
(5/91)
حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبيِّ، عَنْ حُبْشِيٍّ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ
بِعَرَفَةَ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فِي تَحْرِيمِ الْمسأَلَةِ [1] .
وَعَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُبْشِيٍّ
قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ، وَشَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ ثَلاثَةَ مَشَاهِدَ مَا
هُنَّ بِدُونِهَا [2] .
قُلْتُ: وَلِحُبْشِيٍّ أَحَادِيثُ أُخَرَ، وَمَا أَدْرِي لأَيِّ شَيْءٍ
قَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْنَادُهُ فِيهِ نَظَرٌ [3] .
23- حَسَّانُ بْنُ مَالِكِ [4] بْنِ بَحْدَلِ بْنِ أُنَيْفٍ الْأَمِيرُ
أَبُو سُلَيْمَانَ الْكَلْبِيُّ.
وَكَانَ عَلَى قُضَاعَةِ الشَّامِ يَوْمَ صِفِّينَ، وَهُوَ الَّذِي
قَامَ بأمر البيعة لمروان. وذكر
__________
[ () ] قال في الثالثة: «والمقصّرين» . ورواه الطبراني في المعجم
الكبير 4/ 18، 19 رقم 3510 وفيه: قال في الرابعة: «والمقصّرين» . وابن
عديّ في الكامل في الضعفاء 2/ 848.
[1] الحديث رواه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء من لا تحلّ له
الصدقة (23) رقم (648) قال: حدّثنا عليّ بن سعيد الكندي، أخبرنا عبد
الرحيم بن سليمان، عن مجالد، عن عامر، عن حبشيّ بن جنادة السّلوليّ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
حجّة الوداع، وهو واقف بعرفة أتاه أعرابيّ فأخذ بطرف ردائه فسأله إيّاه
فأعطاه وذهب، فعند ذلك حرمت المسألة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ المسألة لا تحلّ لغنيّ ولا لذي
مرّة سويّ إلّا لذي فقر مدقع أو غرم مفظع، ومن سأل الناس ليثرى به ماله
كان خموشاً في وجهه يوم القيامة ورضفا يأكله من جهنّم، فمن شاء فليقلّ،
ومن شاء فليكثر» . وأخرجه أحمد في المسند 4/ 165، والطبراني في المعجم
الكبير 4/ 17 رقم 3504، وابن معين في التاريخ 2/ 96 رقم (73) ، وابن
عديّ في الكامل 2/ 849، والمزّي في تحفة الأشراف 3/ 14 رقم 3291.
[2] الحديث رواه ابن عديّ في الكامل 2/ 848 وفيه: إبراهيم بن يوسف بن
أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سمعت حبشيّ بن جنادة يقول: شهدت
... ما هي بدونها.
قال: فقال أبو إسحاق: صدق أبو الجنوب.. إنّها لمنها.
[3] في التاريخ الكبير 3/ 128.
[4] انظر عن حسّان بن مالك في: تاريخ الرسل والملوك للطبري 5/ 531- 533
و 535 و 537 و 542 و 610 و 6/ 141 و 143، والعقد الفريد 4/ 395، وأنساب
الأشراف ق 4 ج 1/ 149 و 357 و 358 و 359 و 442 و 447، ومروج الذهب
(طبعة الجامعة اللبنانية) 1957 و 1961 و 1963 و 1969، وتهذيب تاريخ
دمشق 4/ 148، 149، ونهاية الأرب 21/ 101، والكامل في التاريخ 4/ 145-
148 و 152 و 298 و 299 و 539، ومعجم البلدان 1/ 203، وسير أعلام
النبلاء 3/ 537 رقم 142، والوافي بالوفيات 11/ 359 رقم 520، وتاج
العروس 7/ 222.
(5/92)
الْكَلْبِيُّ أَنَّهُمْ سَلَّمُوا
بِالْخِلافَةِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكٍ،
ثُمَّ سَلَّمَهَا إِلَى مَرْوَانَ وَقَالَ:
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَّا الْخَلِيفَةُ نَفْسُهُ فَمَا نَالَهَا إِلا
وَنَحْنُ شُهُودٌ [1] وَقَصْرُ حَسَّانٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ قَصْرُ
الْبَحَادِلَةِ، ثُمَّ صَارَ يُعْرَفُ بِقَصْرِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ
[2] .
24- الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ [3] ابْنِ أَبِي
طَالِبٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ رَيْحَانَةُ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن بنته فاطمة،
__________
[1] البيت في: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 149، وسير أعلام النبلاء 3/ 537.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 148.
[3] الحسين الشهيد رضي الله عنه له ذكر في جميع كتب التاريخ التي
تتناول العصر الأموي كتاريخ الطبري، وخليفة، والمسعودي، وابن الأثير،
وابن كثير، وابن شاكر، والنويري، وابن خلدون، واليافعي، والسيوطي،
وغيرهم. وسأكتفي بذكر بعض المصادر الحديثية أو التي تعنى بالتراجم
وغيره، مثل: ثمار القلوب للثعالبي 90 و 177 و 291 و 605 و 625 و 689 و
690، وأمالي المرتضى 1/ 118 و 219 و 532، والتذكرة الحمدونية 1/ 69 و
86 و 101 و 208 و 267 و 362 و 377 و 404 و 2/ 34 و 42 و 132 و 184 و
185 و 198 و 209 و 259 و 265 و 272 و 283 و 312 و 457 و 459 و 477 و
480، وأنساب الأشراف 1/ 387، 388 و 402 و 7404 405 وق 4 ج 1 (راجع
الفهرس 637) ، وترتيب الثقات 119 رقم 291، والجرح والتعديل 3/ 55 رقم
249، والتاريخ لابن معين 2/ 118، والعقد الفريد (انظر الفهرس 7/ 107)
وجمهرة أنساب العرب 52، وطبقات خليفة 5 و 189 و 230، والاستيعاب 1/
378- 122، والإرشاد في أسماء أئمة الهدى، للشيخ المفيد- طبعة طهران
1330 هـ.
ص 177، وتاريخ بغداد 1/ 241، وشرح شافية أبي فراس 132- طبعة الهند،
والفخري 103، وأبصار العين في أنصار الحسين، لمحمد بن طاهر السماوي-
النجف 1341 هـ.، والتاريخ الكبير 2/ 381 رقم 2846، والمسند لابن حنبل
1/ 201، 1/ 201، والمستدرك على الصحيحين 3/ 176- 180، والمعجم الكبير
3/ 98- 148 رقم 236، والمنتخب من ذيل المذيّل 548، والمحبّر (انظر فهرس
الأعلام 598) ، ونسب قريش (راجع فهرس الأعلام 455) ، ورجال الطوسي 37
رقم 1 و 71- 81، وصفة الصفوة 1/ 762- 764 رقم 121، والأخبار الموفقيّات
356، والمعارف (انظر فهرس الأعلام 720) ، والمراسيل 27 رقم 43، والعلل
لأحمد 1/ 143 و 234 و 319، والثقات لابن حبّان 3/ 68، وتهذيب الكمال 6/
396- 449 رقم 1323، وتحفة الأشراف 3/ 65- 67 رقم 106، وأسد الغابة 2/
18- 23، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 314- 346، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج
1/ 162، 163 رقم 123، ومجمع الزوائد 9/ 185- 201، ومرآة الجنان 1/ 131-
(5/93)
السَّعِيدُ الشَّهِيدُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ. اسْتُشْهِدَ بِكَرْبَلاءَ وَلَهُ سِتٌّ وَخَمْسُونَ سَنَةً.
وَقَدْ حَفِظَ عَنْ جَدِّهِ، وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبَوَيْهِ،
وَخَالِهِ هِنْدِ بْنِ أَبِي هَالَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوهُ الْحَسَنُ، وَابْنُهُ عَلِيٌّ، وَابْنُ ابْنِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ
الْحُسَيْنِ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْفَرَزْدَقُ هَمَّامٌ،
وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ [1] : مَوْلِدُهُ فِي
خَامِسِ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ
طُهْرٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَنْ هَانِئِ
بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرُونِي ابْنِي
مَا سَمَّيْتُمُوهُ» ؟ قُلْتُ حَرْبًا. قَالَ: «بَلْ هُوَ حَسَنٌ،
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ» وَفِيهِ: فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «إِنَّمَا
سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَرٍ وَشُبَيْرٍ
وَمُشْبِرٍ» [2] . قُلْتُ: وَكَانَ قَدْ وَلَدَتْ فَاطِمَةُ
بَعْدَهُمَا وَلَدًا فَسَمَّاهُ مُحْسِنًا وَرَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ
سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ أُحِبُّ
الْحَرْبَ، فَلَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ
حَرْبًا فسمَّاه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الْحَسَنَ، فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ هَمَمْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ
حَرْبًا فَسَمَّاهُ الْحُسَيْنَ، وَقَالَ:
«سَمَّيْتُ ابْنَيَّ هَذَيْنِ بِاسْمِ ابْنَيْ هَارُونَ شَبَرٍ
وَشُبَيْرٍ» [3] . رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ عِيسَى التَّمِيمِيُّ، عَنِ
الأَعْمَشِ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ منقطع.
__________
[ () ] 137، وسير أعلام النبلاء 3/ 280- 321 رقم 48، والأغاني 14/ 163،
والعبر 1/ 65، والكاشف 1/ 171 رقم 1105، والبداية والنهاية 8/ 149،
والعقد الثمين 4/ 202، وغاية النهاية رقم 1114، والوافي بالوفيات 12/
423- 429 رقم 383، وتهذيب التهذيب 2/ 345- 357 رقم 615، والتقريب 1/
177 رقم 375، والإصابة 1/ 332، وتاريخ الخلفاء 207، وشذرات الذهب 1/
66، وخلاصة تذهيب التهذيب 71، والنكت الظراف 3/ 66، 67، والبدء
والتاريخ 6/ 10- 13.
[1] نسب قريش 24.
[2] أسد الغابة 2/ 18، ورواه الطبراني في معجمه الكبير 3/ 100 رقم 2773
و 2774 و 2775، وتهذيب الكمال 6/ 223.
[3] رواه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 101 رقم (2777) .
(5/94)
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: لَمَّا وَلَدَتْ
فَاطِمَةُ حَسَنًا أَتَتْ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ حَسَنًا، فَلَمَّا وَلَدَتْ حُسَيْنًا أَتَتْ
بِهِ فَسَمَّاهُ، وَقَالَ: «هَذَا أَسَنُّ مِنْ هَذَا» فَشَقَّ لَهُ
مِنَ اسْمِهِ حُسَيْنٌ [1] . وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ هَانِئٍ،
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْحَسَنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا بَيْنَ الصَّدْرِ إِلَى
الرَّأْسِ، وَالْحُسَيْنُ أَشْبَهُ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ، مَا
كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ [2] . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: حَدَّثَنِي أَخِي مُوسَى، عَنْ أَبِي، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَالَ: مَنْ
أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأُمَّهُمَا كَانَ مَعِي
فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ [3] . أَخْرَجَهُ التّرمذيّ، وعبد
الله ابن أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ، عَنْ نَصْرِ بْنِ
عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ، عَنْهُ. وَفِي الْمُسْنَدِ بِإِسْنَادٍ
قَوِيٍّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ
أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ
أَبْغَضَنِي» [4] . وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«هَذَانِ ابْنَايَ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي» . لَهُ
عِلَّةٌ، وَهِيَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَرْسَلَهُ، وَأَسْقَطَ مِنْهُ
عَبْدَ اللَّهِ [5] .
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ أمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَّلَ عَلِيًّا، وَحَسَنًا،
وَحُسَيْنًا، وَفَاطِمَةَ، كِسَاءً، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهمّ هَؤُلاءِ
أهل بيتي وخاصّتي، اللَّهمّ
__________
[1] تهذيب الكمال 6/ 224 و 399.
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 316 وأخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب
مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب والحسين بْن عَلي بْن أَبِي
طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عنهما، رقم (3818) ، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وهو في تهذيب الكمال 6/ 226.
[3] تهذيب الكمال للمزّي 6/ 228 و 401.
[4] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 318، والحديث في مسند أحمد 2/ 531، والمستدرك
للحاكم 3/ 171، والسنن الكبرى للبيهقي 4/ 28، وتهذيب الكمال 6/ 228،
229.
[5] أقول: مع علّته فإنّ الّذي قبله يقوّيه.
(5/95)
أَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ
تَطْهِيرًا» . لَهُ طُرُقٌ صِحَاحٌ عَنْ شَهْرٍ، وَرُوِيَ مِنْ
وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [1] . وَقَالَ عَطِيَّةُ
الْعَوْفِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ
فِيهِمْ، يَعْنِي إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ 33: 33 [2] .
وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَنِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّ الْحَسَنَ
وَالْحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» [3] . رَوَاهُ
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ بِإِسْنَادَيْنِ جيّدين. وفي اللباب
عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمَالِكِ بْنِ
الْحُوَيْرِثِ [4] ، وَأَنَسٍ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانُبَةَ [5] ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبِي نُعْمٍ [6] ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَسَنُ
وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . رواه أحمد فِي
مُسْنَدِهِ [7] . وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ [8] ، عَنْ سعيد بن راشد، عن
يعلى بن مرة قَالَ: جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَصَلَ
أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ، فَجَعَلَ يَدَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، ثُمَّ
ضمّه
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 6/ 298 و 304، والطبراني في المعجم الكبير 3/
47، 48 رقم (2664) و (2665) و (2666) ، والطبري في تفسيره 22/ 67، وفي
الباب عن عائشة عند مسلم (2424) ، وعن وائلة عند أحمد في المسند 4/
107، وفي تهذيب الكمال للمزّي 6/ 229.
[2] سورة الأحزاب- الآية 33.
[3] أخرجه الترمذي المناقب رقم (3856) ، والنسائي في المناقب. والمزّي
في تهذيب الكمال 6/ 229، وابن عساكر في (تهذيب تاريخ دمشق 4/ 317) ،
والمؤلّف في السير 3/ 282.
[4] مهمل في الأصل.
[5] في الأصل «مردانة» ، والتصويب من الخلاصة حيث قيّده بنون مضمومة
بعد الألف وموحّدة.
[6] بضمّ النّون وإسكان العين، وفي الأصل مهمل، وهو عبد الرحمن البجلي
الكوفي.
[7] الجامع الصحيح للترمذي (3857) .
[8] في الأصل «خيثم» ، والتصحيح من الخلاصة حيث ضبطه بضمّ المعجمة.
(5/96)
إلى (إِبِطِهِ، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ
فَضَمَّهُ إِلَى إِبِطِهِ) [1] الأُخْرَى، ثُمَّ قَبَّلَ هَذَا، ثُمَّ
قَالَ:
«إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا» . وَقَالَ: «إِنَّ الْوَلَدَ
مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ» [2] . رَوَى بَعْضَهُ مَعْمَرٌ،
عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ
خَلَفٍ.
وَقَالَ كَامِلٌ أَبُو الْعَلاءِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي صَلاةِ الْعِشَاءِ، فَكَانَ إِذَا سَجَدَ رَكِبَ
الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ
رَفَعَ رَفْعًا رَفِيقًا، ثُمَّ إِذَا سَجَدَ عَادَا، فَلَمَّا صَلَّى
قُلْتُ:
أَلا أَذْهَبُ بِهِمَا إِلَى أُمِّهِمَا؟ قَالَ: «لا» [3] فَبَرَقَتْ
بَرْقَةٌ فَلَمْ يَزَالا [4] فِي ضَوْئِهَا حَتَّى دَخَلا عَلَى
أُمِّهِمَا [5] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ
عَرَفَةَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عثمان بْن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا
مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ
سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ
حَسَنٌ [6] .
وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ،
عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ،
فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
«صَدَقَ الله أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ 8: 28 [7]
رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي خطبته.
إسناده صحيح [8] .
__________
[1] ما بين القوسين ساقط من الأصل، والاستدراك من (ذخائر العقبي 124) .
[2] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 318.
[3] «لا» ساقطة من طبعة القدسي 3/ 7 (سنة 1368 هـ.) .
[4] في طبعة القدسي 3/ 7 «فلم تر إلا» . والتصويب من تهذيب الكمال.
[5] مسند أحمد 2/ 513، والمستدرك للحاكم 3/ 167، وتهذيب الكمال 6/ 229،
وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 319 بنحوه، ومجمع الزوائد للهيثمي 9/ 186،
والمؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 282.
[6] الجامع الصحيح 5/ 324 (3864) ، وأخرجه أحمد في المسند 4/ 172، وابن
ماجة (144) ، والحاكم في المستدرك 3/ 177 ووافقه المؤلّف.
[7] سورة الأنفال- الآية 28.
[8] أخرجه الترمذي في المناقب (3863) وقال: هذا حديث حسن غريب إنما
نعرفه من حديث
(5/97)
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ مَسْرُوقٌ، عَنِ
الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلْتُ
عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَمْشِي
عَلَى أَرْبَعٍ، وَعَلَى ظَهْرِهِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَهُوَ
يَقُولُ: «نِعْمَ الْحَمْلُ حَمْلُكُمَا وَنِعْمَ الْعَدْلانِ
أَنْتُمَا» . تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَهُوَ حَدِيثٌ
مُنْكَرٌ [1] .
مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ الْحَسَنِ ابن سعد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
شَدَّادٍ قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي صَلاةٍ فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ- قَالَ
مَهْدِيٌّ: وأكبر ظنّي أنّه الحسين- فركب عُنُقَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ،
فَأَطَالَ السُّجُودَ بِالنَّاسِ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ
أَمْرٌ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قَالُوا لَهُ، فَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي
هَذَا ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أَعْجَلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ
حَاجَتَهُ» [2] . مُرْسَلٌ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَخَلَ
الْحُسَيْنُ فَقَالَ جَابِرٌ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ
مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا، أَشْهَدُ إِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ
[3] . تَفَرَّدَ بِهِ الرَّبِيعُ، وَهُوَ صَدُوقٌ جُعْفِيٌّ.
أَبُو نُعَيْمٍ: ثنا سَلْمٌ الْحَدَّاءُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَالِمِ
بْن أَبِي الْجَعْدِ:
سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، «مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ
وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ
أَبْغَضَنِي» . إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ وَسَلْمٌ لَمْ يُضَعَّفْ وَلا
يَكَادُ يُعْرَفُ، وَلَكِنْ قَدْ رَوَى مِثْلَهُ أَبُو الْجَحَّافِ، عن
أبي حازم [4] .
__________
[ () ] الحسين بن واقد. وتهذيب الكمال 6/ 403، وتهذيب تاريخ دمشق 4/
320.
[1] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 182 وقال: رواه الطبراني، وفيه
مسروق أبو شهاب، وهو ضعيف، ورواه العقيلي في الضعفاء الكبير 4/ 247 رقم
(1842) ، وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 97، ولسان الميزان 6/ 21، ومناقب
علي لابن المغازلي 231، 232.
[2] أخرجه البيهقي بلفظ مقارب في السنن الكبرى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، وابن عساكر في (تهذيب تاريخ دمشق 4/ 320)
وقال: ورواه الإمام أحمد، والمزّي في تهذيب الكمال 6/ 402.
[3] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 187 وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله
رجال الصحيح غير الربيع بن سعد وقيل ابن سعيد، وهو ثقة.
[4] حديث أبي حازم، عن أبي هريرة مرفوعا، في مسند أحمد 2/ 531، والسنن
الكبرى للبيهقي
(5/98)
وَقَالَ أَبُو الْجَحَّافِ، عَنْ أَبِي
حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ،
وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ: «أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ سَلْمٌ لِمَنْ
سَالَمَكُمْ» [1] . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ [2] ، وَلَهُ
شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ.
وَقَالَ بقيّة، عن بحير [3] ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ
الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَسَنٌ مِنِّي وَحُسَيْنٌ مِنْ عَلِيٍّ»
[4] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يعقوب، عن ابن
أبي نعم [5] قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عن
دم البعوض، فقال: ممّن أنت؟ قال: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ:
انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ
قَتَلُوا ابْنَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» .
صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ [6] .
وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ
يَلْعَبَانِ عَلَى صَدْرِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ
أَتُحِبُّهُمَا؟ قَالَ: «وَكَيْفَ لا أُحِبُّهُمَا وهما ريحانتاي من
الدنيا» [7] .
__________
[ () ] 4/ 28، 29، والمستدرك للحاكم 3/ 171، ووافقه المؤلّف، وأورده
الهيثمي في مجمع الزوائد 3/ 31، وقال: رواه الطبراني في المعجم الكبير،
والبزّار برقم 814، والمؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 277 و 284.
[1] أخرجه ابن المغازلي في مناقب عليّ- ص 59 رقم چ.
[2] المسند 2/ 442 و 3/ 462.
[3] في طبعة القدسي 3/ 8 «بجير» . والتصحيح من تهذيب التهذيب 1/ 421
رقم 777 وهو بكسر الحاء المهملة، واسمه: بحير بن سعيد السّحولي، أبو
خالد الحمصي.
[4] أخرجه أحمد في المسند 4/ 132 ولفظه: «وفد المقدام بن معديكرب وعمرو
بن الأسود إلى معاوية، فقال معاوية للمقدام: أعلمت أن الحسن بن علي
توفي؟ فرجع المقدام فقال له معاوية: أتراها مصيبة؟ فقال: ولم لا أراها
مصيبة وَقَدْ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ وَقَالَ:
«هَذَا مِنِّي وَحُسَيْنٌ من علي» رضي الله تعالى عنهما.
[5] في طبعة القدسي 3/ 8 «نعيم» وهو غلط، والتصحيح من سنن الترمذي.
[6] في المناقب (3859) وقال: رواه شعبة عن محمد بن أبي يعقوب. وقد روى
أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نحو هذا.
[7] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 317.
(5/99)
وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ
بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى الْعَامِرِيِّ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسَبَاطِ، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ
حُسَيْنًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ [1] . وَعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ» [2] . وَيُرْوَى
مِثْلُهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَلْمَانَ،
وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللَّهَبِيُّ [3] ، عَنْ جَعْفَرِ
بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عليه وسلّم موضع الجنائز، فَطَلَعَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ
فَاعْتَرَكَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِيهًا حَسَنٌ خُذْ حُسَيْنًا» . فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَعَلَى حُسَيْنٍ تُؤَلِّبُهَ [4] وَحَسَنٌ أَكْبَرُ! فَقَالَ:
«هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ إيها حسين» [5] . ورواه الحسن بن سفيان في
مسندة بِإِسْنَادٍ آخَرَ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ
حُسَيْنٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: صَعِدْتُ الْمِنْبَرَ
إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي
وَاذْهَبْ إِلَى مِنْبَرِ أَبِيكَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَكُنْ
لَهُ مِنْبَرٌ، فَأَقْعَدَنِي مَعَهُ، فَلَمَّا نَزَلَ ذَهَبَ بِي
إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ من علّمك هذا؟ قلت: ما
عَلَّمَنِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَهَلْ أَنْبَتَ عَلَى
رُءُوسِنَا الشَّعْرَ إِلا أَنْتُمْ، لَوْ جَعَلْتَ تَأْتِينَا
وَتَغْشَانَا [6] . وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: إِنَّ عُمَرَ
جَعَلَ عَطَاءَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ مِثْلَ عَطَاءِ أبيهما خمسة آلاف [7]
.
__________
[1] ج 4/ 172، وحسّنه الترمذي (3864) .
[2] للحديث شواهد تقوّيه.
[3] اللهبيّ: نسبة إلى أبي لهب. بفتح اللام والهاء. (اللباب 3/ 136) .
[4] في الأصل «تواليه» .
[5] الحديث ضعيف لانقطاعه، وضعف عليّ بن أبي علي اللهبي. وقد رواه
المؤلّف في (سير أعلام النبلاء 3/ 284) .
[6] أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 1/ 141، وصحّح ابن حجر إسناده في
الإصابة 1/ 333، وذكره المؤلّف في سير أعلام النبلاء 3/ 285.
[7] سير أعلام النبلاء 3/ 285.
(5/100)
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَسَا عُمَرُ
أَبْنَاءَ الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْحَسَنِ
وَالْحُسَيْنِ، فَبَعَثَ إِلَى الْيَمَنِ فَأَتَى لَهُمَا بِكِسْوَةٍ،
فَقَالَ: الآنَ طَابَتْ نَفْسِي [1] .
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي
ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ نَجَبَةَ [2]
قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ
أَهْلِ بَيْتِي: أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فَصَاحِبُ
لَهْوٍ، وَأَمَّا الْحَسَنُ فَصَاحِبُ جَفْنَةٍ وَخِوَانُ فَتًى مِنْ
فِتْيَانِ قُرَيْشٍ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ لَمْ
يُغْنِ عَنْكُمْ فِي الْحَرْبِ شَيْئًا، وَأَمَّا أَنَا وَحُسَيْنٌ
فَنَحْنُ مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنَّا [3] . وَيُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ
كَانَ يَقُولُ لِلْحُسَيْنِ: أَيْ أَخِي وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ
لِي بَعْضَ شِدَّةِ قَلْبِكَ، فَيَقُولُ الْحُسَيْنُ: وَأَنَا
وَاللَّهِ وَدِدْتُ أَنَّ لِي بَعْضَ بَسْطِ لِسَانِكِ [4] . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَنَا [5] كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ [6] قَالَ: كُنَّا
فِي جِنَازَةِ امْرَأَةٍ، مَعَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَلَمَّا أقبلنا
أعيا
__________
[1] سير أعلام النبلاء 3/ 285.
[2] نجبة: بنون وجيم وباء بحركات. وهو أحد الأشراف. (المشتبه 1/ 113) .
[3] الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 107، 108 رقم (2801)
وهو أطول من هنا، وفيه: «ألا أحدّثكم عن خاصّة نفسي وأهل بيتي؟ قلنا:
بلى، قال: أما حسن فصاحب جفنة وخوان وفتى من الفتيان ولو قَدِ
الْتَقَتْ حَلَقَتَا الْبِطَانِ لَمْ يُغْنِ عَنْكُمْ في الحرب جبالة
عصفور، وأما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو وظلّ وباطل، ولا يغرّنكم ابنا
عباس، وأما أنا وحسين فأنا منكم وأنتم منّا، والله لقد خشيت أن يدال
هؤلاء القوم عليكم بصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم وبأدائهم الأمانة
وضيافتكم، وبطواعيّتهم إمامهم ومعصيتكم له واجتماعهم على باطلهم
وتفرّقكم على حقّكم حتى تطول دولتهم حتى لا يدعوا الله محرّما إلّا
استحلّوه، ولا يبقى مدر ولا وبر إلّا دخله ظلمهم، وحتى يكون أحدكم
تابعا لهم، وحتى يكون نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيّده إذا شهد
أطاعه وإذا غاب عنه سبّه، وحتى يكون أعظمكم فيها غناء أحسنكم باللَّه
ظنّا، فإن أتاكم الله بعافية فأقبلوا فإن ابتليتم فاصبروا فإنّ العاقبة
للمتّقين» . ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 191 وقال: رجاله ثقات.
[4] سير أعلام النبلاء 3/ 287.
[5] أنا: اختصار لكلمة «أخبرنا» .
[6] المهزّم: بتشديد الزاي المكسورة.
(5/101)
الْحُسَيْنُ، فَقَعَدَ فِي الطَّرِيقِ،
فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ قَدَمَيْهِ
بِطَرفِ ثَوْبِهِ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَنْتَ
تَفْعَلَ هَذَا! فقال: فو الله لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِثْلَ مَا
أَعْلَمُ لَحَمَلُوكَ عَلَى رِقَابِهِمْ [1] . وَقَالَ الإِمَامُ
أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ [2] : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا
شُرَحْبِيلُ بْنُ مُدْرَكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّهُ سَارَ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ صَاحِبَ مَطْهَرَتِهِ،
فَلَمَّا حَاذَى نِينَوَى وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى صِفِّينَ فَنَادَى:
اصْبِرْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِشَطِّ الْفُرَاتِ. قُلْتُ: وَمَا
ذَاكَ؟ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ تَفِيضَانِ فَقَالَ: «قَامَ مِنْ عِنْدِي
جِبْرِيلُ فَحَدَّثَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِشَطِّ الْفُرَاتِ
وَقَالَ:
هَلْ لَكَ أَنْ أَشُمَّكَ مِنْ تُرْبَتِهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَبَضَ
قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَعْطَانِيهَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ أَنْ
فَاضَتَا» . وَرَوَى نَحْوَهُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنِ الْمَدَائِنِيِّ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ أَنَّ
عَلِيًّا قَالَ وَهُوَ بِشَطِّ الْفُرَاتِ:
صَبْرًا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [3] . وقال عمارة
بن زاذان [4] : ثنا ثابت، عن أَنَسٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ مَلَكُ
الْقَطْرِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
يَوْمِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ احْفَظِي
عَلَيْنَا الْبَابَ لا يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَحَدٌ» ، فَبَيْنَا هِيَ
عَلَى الْبَابِ إِذْ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَاقْتَحَمَ الْبَابَ وَدَخَلَ،
فَجَعَلَ يَتَوَثَّبُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَلْثِمُهُ، فَقَالَ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ:
فَإِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، إِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ
الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قَالَ: «نَعَمْ» فجاءه بسهلة [5] أو تراب أحمر
[6] .
__________
[1] ذكر المؤلّف أول الحديث في (سير أعلام النبلاء 3/ 287) وهو في
تهذيب تاريخ دمشق 4/ 325.
[2] ج 1/ 85، وأخرجه الطبراني في معجمه 3/ 111 رقم (2811) ، والهيثمي
في مجمع الزوائد 9/ 187 ونسبه إلى البزّار، وقال: رجاله ثقات، ولم
ينفرد نجيّ بهذا، وقال المؤلّف: هذا غريب وله شويهد. وذكر الّذي بعده.
وتهذيب الكمال 6/ 407.
[3] سير أعلام النبلاء 3/ 288.
[4] في الأصل «زادان» .
[5] السّهلة: بالكسر، رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. (ذخائر العقبي في
مناقب ذوي القربى 147) .
[6] أخرجه أحمد في المسند 3/ 242 و 265، والطبراني في المعجم 3/ 112
رقم (2813)
(5/102)
قَالَ ثَابِتٌ: فَكُنَّا نَقُولُ: إِنَّهَا
كَرْبَلاءُ. عُمَارَةُ: صَالِحُ الْحَدِيثِ [1] ، رَوَاهُ النَّاسُ،
عَنْ شَيْبَانَ، عَنْهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي أَبِي،
ثَنَا أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنِسَائِهِ: «لا تُبْكُوا
هَذَا الصَّبِيَّ» يَعْنِي حُسَيْنًا، فَكَانَ يَوْمُ أُمِّ سَلَمَةَ،
فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لأُمِّ سَلَمَةَ: «لا تَدَعِي أَحَدًا يَدْخُلُ» . فَجَاءَ
حُسَيْنٌ فَبَكَى، فَخَلَّتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ يَدْخُلُ، فَدَخَلَ
حَتَّى جَلَسَ فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّ أُمَّتَكَ سَتَقْتُلُهُ، قَالَ:
«يَقْتُلُونَهُ وَهُمْ مُؤْمِنُونَ» ! قَالَ: نَعَمْ، وأراه تربته.
رواه الطَّبَرَانِيُّ [2] . وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ
عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، (ح) [3] وَقَالَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ،
وَاللَّفْظُ لَهُ: ثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ [4]
كِلاهُمَا عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْطَجَعَ ذَاتَ
يَوْمٍ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ [5] ، ثُمَّ اضْطَجَعَ ثُمَّ
اسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ دُونَ الْمَرَّةِ الأُولَى، ثُمَّ رَقَدَ
ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ، وَهُوَ
يُقَلِّبُهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ؟ قَالَ: «أَخْبَرَنِي
جِبْرِيلُ أَنَّ الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ
تُرْبَتُهَا» [6] . وَقَالَ وَكِيعٌ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة- أو أمّ سلمة
__________
[ () ] والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 187 ونسبه إلى أبي يعلى والبزّار،
وفيه عمارة بن زاذان، وثّقه جماعة، وفيه ضعف، وبقية رجال أبي يعلى رجال
الصحيح، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 328، وتهذيب الكمال 6/ 408.
[1] التاريخ لابن معين 2/ 425، والتاريخ الكبير 6/ 505، والجرح
والتعديل 6/ 365، والضعفاء الكبير 3/ 315 رقم (1329) ، وميزان الاعتدال
3/ 176، وتهذيب التهذيب 7/ 416.
[2] سير أعلام النبلاء 3/ 289 وقال: إسناده حسن.
[3] (ح) : تحويلة للسند.
[4] في طبعة القدسي 3/ 11 «الرومي» ، وهو وهم. والتصويب من معجم
الطبراني.
[5] خاثر: ثقيل النفس غير نشيط. (ذخائر العقبي- ص 148) .
[6] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3/ 116 رقم (2821) من طريق جعفر
بن مسافر التنّيسي، عن ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب الزمعي. وتهذيب
الكمال 6/ 289.
والزمعي سيّئ الحفظ، ولكنه صدوق. (تقريب التهذيب 2/ 289 رقم 1521) .
(5/103)
شَكَّ عَبْدِ اللَّهِ- أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «دَخَلَ عَلَيَّ
الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي إِنَّ
ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنًا مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ
تُرْبَةِ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا» [1] .
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ
أَبِي هِنْدٍ مِثْلَهُ، إِلا أَنَّهُ قَالَ أُمُّ سَلَمَةَ وَلَمْ
يَشُكَّ. وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّاسُ.
وَرُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، وَأَبِي وَائِلٍ، كِلاهُمَا عَنْ
أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ.
وَرَوَى الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ شَدَّادٍ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ أُمِّ
الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ. وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ [2] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِتُرَابٍ مِنْ تُرَابِ
الْقَرْيَةِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا الْحُسَيْنُ، وَقِيلَ لَهُ:
اسْمُهَا كَرْبَلاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «كَرْبٌ وَبَلاءٌ» [3] . كِلا الإِسْنَادَيْنِ مُنْقَطِعٌ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ،
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَيُقْتَلَنَّ الْحُسَيْنُ قَتْلا، وَإِنِّي
لأَعْرِفُ تُرْبَةَ الأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، يُقْتَلُ
بِقَرْيَةٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّهْرَيْنِ [4] . وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ
[5] : وَفَدَ الْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَغَزَا
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ يَزِيدَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلَ الْحَسَنُ
وَالْحُسَيْنُ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ لَهُمَا فِي وقته بمائتي
ألف درهم [6] .
__________
[1] إسناده صحيح. أخرجه أحمد في المسند 6/ 294، والهيثمي في المجمع 9/
187 عن أحمد، وقال: ورجاله رجال الصحيح. والمؤلّف في سير أعلام النبلاء
3/ 290.
[2] في الأصل «حمهان» .
[3] الحديث مرسل، والإسنادان منقطعان كما يقول المؤلّف. ويقوّيه ما
أخرجه الطبراني في المعجم (2812) و (2819) و (2902) ، والهيثمي في مجمع
الزوائد 9/ 189، وذكره المؤلف في سير أعلام النبلاء 3/ 290.
[4] أخرجه الطبراني في المعجم 3/ 117 رقم (2824) ، والهيثمي في مجمع
الزوائد 9/ 190 ورجاله ثقات.
[5] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 314.
[6] تهذيب تاريخ دمشق 4/ 315 وفيه «فأمر لهما في وقته بمائة ألف درهم
وقال: خذاها وأنا
(5/104)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ
أَنَسٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ زِيَادٍ حَيْثُ أُتِيَ بِرَأْسِ
الْحُسَيْنِ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: أَمَا
إِنَّهُ كَانَ أَشْبَهَهَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ [1] . رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، وَجَرِيرُ بْنُ
حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ [2] : رَأَيْتُ
الْحُسَيْنَ أَسْوَدَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إِلا شَعَرَاتٍ فِي
مُقَدَّمِ لِحْيَتِهِ [3] .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَطَاءٍ يَقُولُ:
رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَصْبُغُ بِالْوَسْمَةِ، أَمَّا
هُوَ فَكَانَ ابْنَ سِتِّينَ سَنَةٍ، وَكَانَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ
شَدِيدَي السَّوَادِ [4] .
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ الْحُسَيْنُ
يَتَخَتَّمُ فِي الْيَسَارِ [5] . الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ: عَنِ
السُّدِّيِّ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَلَهُ جُمَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ
تَحْتِ عِمَامَتِهِ [6] .
يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَيْزَارِ [7] بْنِ حُرَيْثٍ:
رَأَيْتُ عَلَى الْحُسَيْنِ مِطْرَفًا مِنْ خَزٍّ، قَدْ خَضَبَ
رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ [8] .
الشَّعْبِيُّ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عَلَى الْحُسَيْنِ جُبَّةً مِنْ
خَزٍّ [9] .
وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: أُصِيبَ الْحُسَيْنُ وَعَلَيْهِ
جُبَّةُ خَزٍّ. إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: رأيت
الحسين يخضب بالوسمة
__________
[ () ] ابن هند، ما أعطاها أحد قبلي ولا يعطيها أحد بعدي» .
[1] أخرجه الطبراني في المعجم 3/ 135 رقم (2879) من طريق: النضر بن
شميل، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سيرين، عن
أنس.
[2] في طبعة القدسي 3/ 11 «عبيد الله بن زياد» ، والتصويب من تقريب
التهذيب 1/ 540 رقم (1522) وهو مولى آل قارظ بن شيبة، ثقة، كثير
الحديث، من الرابعة، مات سنة 26 وله 86 سنة.
[3] أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 200، 201 وهو أطول من هنا. وقال:
رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح.
[4] الحديث باختصار في معجم الطبراني 3/ 104 رقم (2792) .
[5] أخرجه الطبراني 3/ 106 رقم (2798) .
[6] أخرجه الطبراني 3/ 105 رقم (2796) .
[7] مهمل في الأصل.
[8] أخرج بعضه الطبراني 3/ 105 رقم (2795) وانظر رقم (2781) .
[9] أخرج نحوه الطبراني 3/ 105 رقم (2797) .
(5/105)
يَتَخَتَّمُ [1] فِي شَهْرِ رَمَضَانَ [2]
.
وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْحُسَيْنَ كَانَ يَخْضِبُ
بِالْوَسْمَةِ.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ [3] ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ
قَالَ: رَأَيْتُ الْحُسَيْنَ يَخْضِبُ بِالْوَسْمَةِ.
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ [3] ، عَنْ قَيْسٍ مَوْلَى خَبَّابٍ
قَالَ: رَأَيْتُ الحسين يخضب بالسّواد [4] .
وقال طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَشَارَنِي الْحُسَيْنُ فِي
الْخُرُوجِ، فَقُلْتُ: لَوْلا أَنْ يُزْرَى بِي وَبِكَ لَنَشَبْتُ
يَدِي فِي رَأْسِكَ، فَقَالَ: لأَنْ أُقْتَلَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذا
أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَسْتَحِلَّ حُرْمَتَهَا- يَعْنِي الْحَرَمَ-
فَكَانَ ذَلِكَ الَّذِي سَلَى نَفْسِي عَنْهُ [5] . وَقَالَ سَعِيدُ
بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَوْ أَنَّ الْحُسَيْنَ لَمْ يَخْرُجْ لَكَانَ
خَيْرًا لَهُ [6] .
قُلْتُ: وَهَذَا كَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَابْنِ
عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ، وَجَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ، وَكلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ
كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَصْرَعِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْحَوَادِثِ
مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ الرَّأْسَ قُدِمَ بِهِ عَلَى يَزِيدَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي حَمْزَةُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ:
رَأَيْتُ امْرَأَةً مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَعْقَلِهِنَّ يُقَالُ
لَهَا رَيَّا [7] حَاضِنَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، يُقَالُ:
بَلَغَتْ مِائَةَ سنة،
__________
[1] في طبعة القدسي 3/ 12 «يختم» ، وهو غلط.
[2] أخرج الطبراني بعضه برقم (2788) .
[3] مهمل في الأصل.
[4] أخرجه الطبراني (2782) وفيه: رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما
يخضبان بالسواد.
[5] أخرجه الطبراني (2782) رقم (2859) ورجاله ثقات، وهم رجال الصحيح.
[6] سير أعلام النبلاء 3/ 296.
[7] ترجم لها ابن عساكر في تاريخ دمشق بالجزء الخاص بالنساء، وقد نشرته
الصديقة الباحثة سكينة الشهابي بدمشق 1982 ص 101- 104 رقم (25) ، وهي
امرأة شاعرة، عاشت إلى أن أدركت دولة بني العباس، وحكت أنّ أمّها أدركت
النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وسمعت من عمر بن الخطاب.. يحكي عنها حمزة
بن يزيد الحضرميّ والد يحيى بن حمزة.
وفي الحديث عنها ما لم يورده المؤلّف هنا، وذكره ابن عساكر، قال: كان
بنو أميّة يكرمونها، وكان هشام يكرمها، وكانت إذا جاءت إلى هشام تجيء
راكبة، فكلّ من رآها من بني أميّة
(5/106)
قَالَتْ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيدَ،
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ فَقَدْ مَكَّنَكَ
اللَّهُ مِنَ الْحُسَيْنِ، فَحِينَ رَآهُ خَمَّرَ وَجْهَهُ كَأَنَّهُ
يَشُمُّ منه رَائِحَةٍ [1] ، قَالَ حَمْزَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أَقْرَعَ
ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟ قَالَتْ: إِيْ وَاللَّهِ [2] .
ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ كَانَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِهَا
أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الْحُسَيْنِ مَصْلُوبًا بِدِمَشْقَ ثَلاثَةَ
أَيَّامٍ [3] ، وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا أَنَّ الرَّأْسَ مَكَثَ فِي
خَزَائِنِ السِّلاحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ الْخِلافَةَ، فَبَعَثَ
إِلَيْهِ [4] فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَظْمًا أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ
فِي سَفَطٍ وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ،
فَلَمَّا دخلت الْمُسَوِّدَةَ [5] سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ
فَنَبَشُوهُ وَأَخَذُوهُ، فاللَّه أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ [6] .
وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ وَهِيَ طَوِيلَةٌ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ.
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْمَذْكُورِ [7] .
وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْتَزُّوا
رَأْسَهُ وَقَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةِ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ،
فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ
بِسَطْرِ دَمٍ:
أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ... شَفَاعَةَ جَدِّهِ يوم
الحساب
فهربوا وتركوا الرأس [8] .
__________
[ () ] أكرمها. ويقولون: «ريّا حاضنة يزيد بن معاوية» ، فكانوا يقولون:
قد بلغت من السّنّ مائة سنة وحسن وجهها وجمالها باق بنضارته، فلما كان
من الأمر الّذي كان استترت في بعض منازل أهلنا، فسمعتها وهي تقول وتعيب
بني أميّة مداراة لنا. (ص 101) .
[1] في تاريخ دمشق زيادة هنا: «وقال الحمد للَّه الّذي كفانا المئونة
بغير مئونة. كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله 5:
64 (سورة المائدة- من الآية 63) ، قالت ريّا: فدنوت منه فنظرت إليه وبه
ردع من حنّاء» . (ص 102) .
[2] انظر بقية الحديث في تاريخ دمشق (تراجم النساء- ص 102) .
[3] تاريخ دمشق 103.
[4] في طبعة القدسي 3/ 13 «في» ، والتصويب من تاريخ دمشق.
[5] في طبعة القدسي «المسورة» بالراء، وهو غلط. فالمسوّدة هم أتباع آل
البيت والعبّاسيون الذين اتخذوا السواد شعارا لهم.
[6] الحديث في تاريخ دمشق (تراجم النساء- ص 103) .
[7] انظر سند الحديث في تاريخ دمشق (ص 101) .
[8] أخرجه الطبراني في المعجم 3/ 132، 133 رقم (2873) .
(5/107)
وَسُئِلَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ
دُكَيْنٍ عَنْ قَبْرِ الْحُسَيْنِ، فَلَمْ يَعْلَمْ أَيْنَ هُوَ.
وَقَالَ الْجَمَاعَةُ: قُتِلَ يَوْمَ عَاشُورَاءِ، زَادَ بَعْضُهُمْ
يَوْمَ السَّبْتِ [1] . قُلْتُ: فَيَكُونَ عُمْرُهُ عَلَى مَا
ذَكَرْنَا مِنْ تَارِيخِ مَوْلِدِهِ سِتًّا وَخَمْسِينَ سَنَةً
وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ [2] يَرْثِيهِ:
وَإِنَّ قَتِيلَ الطَّفِّ [3] مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... أَذَلَّ رِقَابًا
مِنْ قُرَيْشٍ فَذَلَّتِ
فَإِنْ يَتَّبِعُوهُ عَائِذَ الْبَيْتِ يُصْبِحُوا ... كَعَادٍ
تَعَمَّتْ عَنْ هُدَاهَا فَضَلَّتِ
مَرَرْتُ عَلَى أَبْيَاتِ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَأَلْفَيْتُهَا
أَمْثَالَهَا حِينَ حَلَّتِ
وَكَانُوا لَنَا غَنَمًا فَعَادُوا رَزِيَّةً ... لَقَدْ عَظُمَتْ
تِلْكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتِ
فَلا يُبْعِدُ اللَّهُ الدِّيَارَ وَأهْلَهَا ... وَإِنْ أَصْبَحَتْ
مِنْهُمْ بِرَغْمِي تَخَلَّتِ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأَرْضَ أَضْحَتْ مَرِيضَةً ... لِفَقْدِ حُسَيْنٍ
وَالْبِلادُ اقْشَعَرَّتِ [4]
يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: أَذَلَّ رِقَابًا، أَيْ ذَلَّلَهَا، يَعْنِي
أَنَّهُمْ لا يزعمون عَنْ قَتْلِ قُرَشِيٍّ بَعْدَ الْحُسَيْنِ،
وَعَائِذُ الْبَيْتِ هو عبد الله بن الزبير.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 3/ 318.
[2] في الأصل مهمل، والتحرير من (تبصير المنتبه 3/ 1122) و (غاية
النهاية 1/ 314 رقم 1385) وهو بفتح القاف ومثناة من فوق مشدّدة. ذكره
البخاري في التاريخ الكبير 4/ 32 رقم (1870) ، وابن أبي حاتم في (الجرح
والتعديل 4/ 136 رقم (595) ، وابن معين في التاريخ 2/ 233، والزبير بن
بكار في (الأخبار الموفّقيات- ص 545) ، والطبري في تاريخه 7/ 141،
والبلاذري في (أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 147 و 148 و 376) ، وابن جني في
(المبهج- ص 67) ، والفيروزآبادي في (القاموس) مادة ق ت ت، وتصحّف في
(تعجيل المنفعة- ص 167 رقم (420) إلى «قنة» .
[3] الطّفّ: بالفتح والفاء المشدّدة. أرض من ضاحية الكوفة في طريق
البرية فيها. (معجم البلدان 4/ 35، 36) .
[4] الأبيات بتقديم وتأخير واختلاف ببعض الألفاظ في: الاستيعاب لابن
عبد البرّ 1/ 379، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 345، 346، والكامل في التاريخ
4/ 91 (وقد سقط اسم سليمان بن قتة من النسخة المطبوعة بدار صادر) ،
والبداية والنهاية 8/ 211، وسير أعلام النبلاء 3/ 318، 319.
ووردت الأبيات: الأول والثالث والرابع والخامس في (حماسة أبي تمام 2/
961، 962 بشرح المرزوقي) . وقد نسب ياقوت الحموي الأبيات إلى أبي دهبل
الجمحيّ في (معجم البلدان 4/ 36) .
(5/108)
25- حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ
[1] أَحَدُ أُمَرَاءِ الشَّامِ، وَهُوَ الَّذِي حَاصَرَ ابْنَ
الزُّبَيْرِ، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَخْبَارِهِ فِي الْحَوَادِثِ وَأنَّهُ
قُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ بِضْعٍ وَسِتِّينَ.
26- الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيُّ [2] تُوُفِّيَ سَنَةَ
سَبْعٍ وَسِتِّينَ.
27- حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَسْلَمِيُّ [3]- م د ن- الَّذِي لَهُ
صحبة ورواية.
وروى أيضا عن: أبي بكر، وَعُمَرَ.
روى عنه: عروة بن الزبير، وسليمان بن سياه، وحنظلة بن علي الأسلمي،
وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وابنه محمد بن حمزة.
__________
[1] انظر عن: حصين بن نمير في: تاريخ الطبري، راجع فهرس الأعلام 10/
226) ، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 374- 376، والكامل في التاريخ (راجع فهرس
الأعلام 13/ 103) ، ومروج الذهب 3/ 71 و 82 و 94 و 97، وفتوح البلدان
للبلاذري- ص 54، والمحاسن والمساوئ للبيهقي 1/ 103، والمعارف 343 و
351، والعقد الفريد 4/ 390- 392، وتاريخ خليفة 249، وتهذيب التهذيب 2/
392، والعبر 1/ 74، وميزان الاعتدال 1/ 554 رقم 2099، وتقريب التهذيب
1/ 184 رقم 427، والبداية والنهاية 8/ 224- 226، واللباب 1/ 550،
والأنساب 7/ 100، وجمهرة أنساب العرب 429، والوافي بالوفيات 13/ 88، 89
رقم (82) ، وأنساب الأشراف- ق 3/ 79.
[2] مرّت ترجمته ومصادرها.
[3] انظر عن (حمزة بن عمرو) في:
طبقات ابن سعد 4 ج 315، مسند أحمد 3/ 494، طبقات خليفة 111، تاريخ
خليفة 235، التاريخ الكبير 3/ 46 رقم 173، مقدّمة مسند بقي بن مخلد 98
رقم 201، الجرح والتعديل 3/ 212 رقم 928، الثقات لابن حبّان 3/ 70،
مشاهير علماء الأمصار 16 رقم 51، المغازي للواقدي 584، 752، 1043،
1054، المعجم الكبير 3/ 167- 178 رقم 238، الاستيعاب 1/ 276 وفيه «حمزة
بن عمر» ، المستدرك 3/ 520، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 106، الأسامي
والكنى للحاكم، ورقة 280، تهذيب تاريخ دمشق 4/ 450- 452، الكامل في
التاريخ 4/ 101، أسد الغابة 2/ 50، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 169
رقم 132، تحفة الأشراف 3/ 80- 83 رقم 116، تهذيب الكمال 7/ 333- 336
رقم 1510، مرآة الجنان 1/ 137، البداية والنهاية 8/ 213، العبر 1/ 65،
الكاشف 1/ 190 رقم 1247، تجريد أسماء الصحابة 1/ 139، تلخيص المستدرك
3/ 520، الوافي بالوفيات 13/ 172 رقم 195، تهذيب التهذيب 3/ 31، 32 رقم
46، تقريب التهذيب 1/ 200 رقم 573، الإصابة 1/ 354 رقم 1827 (حمزة بن
عمر) ، النكت الظراف 3/ 82، حسن المحاضرة 1/ 191 رقم 73، رياض النفوس
49 رقم 11، طبقات علماء إفريقية 14- 16، خلاصة تذهيب التهذيب 93، شذرات
الذهب 1/ 69.
(5/109)
وهو كان البشير إلى أبي بكر بوقعة أجنادين،
أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وتوفي سنة إحدى وستين، وَقَدْ
أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
سَرِيَّةٍ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا يَسْرُدُ الصَّوْمَ [1] .
ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ [2] .
وَقَالَ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ الأَسْلَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَتَفَرَّقْنَا فِي لَيْلَةٍ
ظَلْمَاءَ دِحْمَسَةٍ، فَأَضَاءَتْ أَصَابِعِي حَتَّى جَمَعُوا
عَلَيْهَا ظَهْرَهُمْ، [وَمَا هَلَكَ مِنْهُمْ] [3] ، وَإِنَّ
أَصَابِعِي لَتُنِيرُ [4] .
28- حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ [5] أَبُو الْمُثَنَّى الهلالي، شاعر مشهور
إسلاميّ.
__________
[1] الأسامي والكنى للحاكم، ورقة 280.
[2] الطبقات الكبرى 4/ 315.
[3] إضافة من: التاريخ الكبير.
[4] التاريخ الكبير 3/ 46، تهذيب ابن عساكر 4/ 451، تهذيب الكمال 7/
335، المعجم الكبير 3/ 175 رقم 2990 وفيه: «وما سقط من متاعهم» .
[5] انظر عن (حميد بن ثور) في:
الأخبار الموفقيات 162 و 381، والبرصان والعرجان 200 و 296 و 336،
وطبقات الشعراء لابن سلام 192، والاقتضاب للبطليوسي 458، 459، وكنايات
الجرجاني 7، والحيوان الجاحظ (انظر فهرس الأعلام) ، والأمالي للقالي 1/
133 و 139 و 169 و 235 و 248 و 277 و 2/ 42 و 113 و 146، و 322 و 3/
59، وذيل النوادر 78 و 86، والشعر والشعراء 1/ 306- 310 رقم 59، وعيون
الأخبار 4/ 104، وأمالي المرتضى 1/ 319 و 322 و 511 و 512 و 581 و 2/
32، و 213، والأغاني 4/ 356- 358، والمعجم الكبير للطبراني 4/ 54، 55
رقم 357، وثمار القلوب 400 رقم 637، وجمهرة أنساب العرب 274، وتهذيب
ابن عساكر 4/ 459- 463، والاستيعاب 1/ 367، 368، ومعجم الأدباء 11/ 8-
13 رقم 2، وأسد الغابة 2/ 53، 54، ووفيات الأعيان 7/ 73، والتذكرة
السعدية 247 رقم 153، والوافي بالوفيات 13/ 193، 194 رقم 221، وسمط
اللآلي 376، وتخليص الشواهد 69 و 79 و 214، والمصون في الأدب،
للعسكريّ، تحقيق عبد السلام هارون- طبعة الكويت 1960- ص 74، وشرح
الشواهد للعيني 1/ 562، وشرح الألفيّة للأشموني- تحقيق محمد محيي الدين
ج 1/ 222، وشرح المفصّل، لابن يعيش- طبعة مصر 1928- ج 4/ 131،
والمقرّب، لابن عصفور- تحقيق أحمد عبد الستار الجواري وعبد الله
الجبوري، طبعة بغداد 1971- 1972- ج 2/ 47، وهمع الهوامع، للسيوطي-
مطبعة السعادة بمصر 1327 هـ.
ج 1/ 49، والدرر اللوامع، للشنقيطي- طبعة مصر 1328 هـ. - ج 1/ 21،
والتصريح بمضمون التوضيح- للشيخ خالد- طبعة مصر 1344 هـ. - ج 1/ 78،
والإصابة 1/ 356 رقم 1834، ومعجم الشعراء في لسان العرب 132، 133 رقم
286، وديوان حميد بن
(5/110)
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّنِّ، وَقَالَ الشِّعْرَ فِي أَيَّامِ
عُمَرَ، وَوَفَدَ عَلَى مَرْوَانَ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ
يُشَبِّبُ بِجَمَلٍ، وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ
الْمَذْكُورِينَ.
رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّ حُمَيْدَ بْنَ
ثَوْرٍ وَفَدَ عَلَى بَعْضِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟
فَقَالَ:
أَتَاكَ بِيَ اللَّهُ الَّذِي فَوْقَ عَرْشِهِ [1] ... وَخَيْرٌ
وَمَعْرُوفٌ عَلَيْكَ دَلِيلُ
وَمَطْوِيَّةُ الأَقْرَابِ أَمَّا نَهَارُها ... فَسَيْبٌ [2] وَأَمَّا
لَيْلُهَا فَذَمِيلُ [3]
وَيَطْوِي عَلَيَّ اللَّيْلُ حِصْنَيْهِ إِنَّنِي ... لِذَاكَ إذا هاب
الرجال فعول [4]
__________
[ () ] ثور- جمعه وحقّقه عبد العزيز الميمني- طبعة دار الكتب المصرية
1951.
[1] في «الأغاني» ، وتهذيب ابن عساكر، والإصابة «أتاك بي الله الّذي
فوق من ترى» .
[2] هكذا في تهذيب ابن عساكر، والسيب: المشي السريع. وفي بعض النسخ:
«فسبت» وهو ضرب من سير الإبل.
(انظر الأغاني 4/ 358) .
[3] الذميل: السير اللّيّن.
[4] في الأصل:
«وقطعي إليك الليل حضنه إنني ... أليق إذا هاب الجبان فحول»
وما أثبتناه عن: الأغاني. وانظر تهذيب ابن عساكر 4/ 460، ولسان العرب
(مادّة قرب) .
(5/111)
[حرف الذَّالِ]
29- ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ [1]- ع- رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ
الْحُسَيْنِ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وجماعة.
وكان قارئا، فصيحا، عالما.
__________
[1] انظر عن (ذكوان مولى عائشة) في:
التاريخ الصغير 81، والتاريخ الكبير 3/ 261 رقم 896، وأنساب الأشراف ق
4 ج 1/ 264، وطبقات ابن سعد 5/ 295، وترتيب الثقات للعجلي 150 رقم 405،
والثقات لابن حبّان 4/ 222، والجرح والتعديل 3/ 451 رقم 2040، 554،
والأسماء والكنى للدولابي 2/ 85، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 133،
وتهذيب الكمال 8/ 517، 518 رقم 1815، والكاشف 1/ 229 رقم 1503، والوافي
بالوفيات 14/ 41 رقم 40، وتهذيب التهذيب 3/ 220 رقم 418، وتقريب
التهذيب 1/ 238 رقم 3، وخلاصة تذهيب التهذيب 112.
(5/112)
[حرف الرَّاءِ]
30- رَبِيعَةُ بْنُ عَمْرٍو [1] وَيُقَالُ: ابْنُ الْحَارِثِ
الْجُرَشِيُّ، أَبُو الْغَازِ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ لَهُ
صُحْبَةٌ.
وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَعَلِيُّ [2] بْنُ رَبَاحٍ،
وَأَبُو هِشَامٍ الْغَازُ بْنُ رَبِيعَةَ ولده.
__________
[1] انظر عن (ربيعة بن عمرو) في:
طبقات ابن سعد 7/ 438، والتاريخ لابن معين 2/ 164، وطبقات خليفة 308،
والتاريخ الكبير 3/ 281 رقم 963، والمعرفة والتاريخ 2/ 318 و 384، 385،
وتاريخ أبي زرعة 233- 235 و 692، والجرح والتعديل 3/ 472، 473 رقم
2116، والثقات لابن حبّان، تراجم الصحابة 3/ 130، وتراجم التابعين 65،
ومشاهير علماء الأمصار 115 رقم 884، وترتيب الثقات للعجلي 159 رقم 433،
وحلية الأولياء 6/ 105 رقم 341، والاستيعاب 2/ 510، 511، والمعجم
الكبير 5/ 61، 62 رقم 451، والإكمال 7/ 4، والأنساب 3/ 228، وأسد
الغابة 2/ 170، 171، والكاشف 1/ 328 رقم 1567، وتاريخ الإسلام (عهد
الخلفاء الراشدين) 185، وجامع التحصيل 210 رقم 185، وتجريد أسماء
الصحابة 1/ 181، والوافي بالوفيات 14/ 89، 90 رقم 111، وتهذيب التهذيب
3/ 261 رقم 495، وتقريب التهذيب 1/ 247 رقم 64، وتهذيب الكمال 9/ 137-
139 رقم 1885، والإصابة 1/ 510 رقم 2618، وخلاصة تذهيب التهذيب 116،
وشذرات الذهب 1/ 72، والزيارات 12، ومرآة الجنان 1/ 140.
[2] بالتصغير، وفي الأصل «علا بن رباح» ، والتصحيح من: الاستيعاب،
والإصابة، وتذكرة الحفّاظ للذهبي، ومشتبه النّسبة، له، وكان هو يقول:
لا أجعل في حلّ من سمّاني عليّا.
(5/113)
قَالَ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِي:
سَأَلْتُ عَنْ رَبِيعَةَ الجرشيّ- وكان فقيه النَّاسُ فِي زَمَنِ
مُعَاوِيَةَ [1] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: فُقِئَتْ عَيْنُ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ يَوْمَ
صِفِّينَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ مَعَ
الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ [2] .
وَقَالَ عَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ، إِنَّهُ
كَانَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ:
إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْخَيْرَ مِنْ أَحَدِكُمْ كَشِرَاكِ نَعْلِهِ،
وَجَعَلَ الشَّرَّ مِنْهُ مُدَّ بَصَرِهِ.
31- رَبِيعَةُ بْنُ كعب [3]- م 4- أبو فراس الأسلميّ المدني، مِنْ
أَصْحَابِ الصُّفَّةِ.
خَدَمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ بَعْدَ
مَوْتِهِ عَلَى بَرِيدٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لَهُ أَحَادِيثُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَنُعَيْمٌ
الْمُجْمِرُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، وَأَبُو
عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ.
تُوُفِّيَ أَيَّامَ الْحَرَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ مُرَافَقَتَكَ فِي
الْجَنَّةِ، فَقَالَ: «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»
[4] .
__________
[ () ] وكان بنو أُمَّية إذا سمعوا بمولودٍ اسمه عليّ قتلوه، فبلغ
ذَلِكَ رباحًا فَقَالَ هُوَ «عُلَيّ» . قاله العلّامة الكوثري.
[1] الجرح والتعديل 3/ 473، وتهذيب الكمال 9/ 139، والإصابة 1/ 510.
[2] طبقات ابن سعد 7/ 438.
[3] انظر عن (ربيعة بن كعب) في:
طبقات ابن سعد 4/ 313، وتاريخ خليفة 251، وطبقات خليفة 111، ومسند أحمد
4/ 57، والمعرفة والتاريخ 2/ 466، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 22،
والجرح والتعديل 3/ 472 رقم 2111، والثقات لابن حبّان 3/ 128،
والاستيعاب 1/ 506، 507، وأنساب الأشراف 1/ 273، والمعجم الكبير 5/ 50،
ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 95 رقم 171، وحلية الأولياء 2/ 31، 32 رقم
129، والإكمال 7/ 57، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 136، وأسد الغابة 2/
171، 172، وتهذيب الكمال 9/ 139- 142 رقم 1886، وتحفة الأشراف 3/ 168
رقم 149، والكاشف 1/ 238 رقم 1568، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 181،
والوافي بالوفيات 14/ 88 رقم 107، وتهذيب التهذيب 3/ 262، 263 رقم 496،
وتقريب التهذيب 1/ 248 رقم 65، والإصابة 1/ 511 رقم 2623، وخلاصة تذهيب
التهذيب 116.
[4] أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (1218) باب: ما يقول إذا
استيقظ بالليل، من
(5/114)
32- الربيع بن خثيم [1] ع إلّا د أبو يزيد
[2] الثّوريّ الكوفي. مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ وَفُضَلائِهِمْ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي أَيُّوبَ
الأَنْصَارِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ.
روى عنه: إبراهيم النخعي، والشعبي، وهلال بن يساف، وآخرون.
وكان يعد من عقلاء الرجال، توفي قبل سنة خمس وستين.
وعن أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ
الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَبِي لَمْ يَكُنْ
عَلَيْهِ إِذْنٌ لأَحَدٍ حَتَّى يَفْرُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ
صَاحِبِهِ، فقال
__________
[ () ] طريق: معاذ بن فضالة، عن هشام الدستوائي، عن يحيى. ومسلم في
الصلاة (489) باب:
فضل السجود والحثّ عليه، من طريق: الحكم بن موسى، وأبو داود في الصلاة
(1320) باب: وقت قيام النبي صلّى الله عليه وسلّم. والنسائي في
الافتتاح 2/ 227 باب فضل السجود. وكلاهما عن: هشام بن عمّار، عن الهقل
بن زياد، عن الأوزاعي. والترمذي في الدعوات (3416) باب: ما جاء في
الدعاء إذا انتبه من الليل. وابن ماجة في الحدود (2540) باب: إقامة
الحدود، مختصرا من حديث شيبان، عن يحيى. والطبراني في المعجم الكبير 5/
50 رقم (4570) .
[1] انظر عن (الربيع بن خثيم) في:
طبقات ابن سعد 6/ 182- 193، وطبقات خليفة 141، العلل لأحمد 1/ 27 و 269
رقم 917، والبيان والتبيين للجاحظ 1/ 363 و 2/ 105 و 3/ 146 و 158 و
160 و 174 و 193 و 4/ 39، وفتوح البلدان 396، وترتيب الثقات للعجلي
154- 156 رقم 419، والثقات لابن حبّان 4/ 224، وعيون الأخبار 2/ 308 و
312 و 372 و 3/ 180، والمعارف 74 و 497، وتاريخ أبي زرعة 11/ 655- 657
و 663 و 682، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 162، والجرح والتعديل 3/ 459
رقم 2068، والعقد الفريد 1/ 275 و 2/ 424 و 3/ 150 و 171 و 179،
ومشاهير علماء الأمصار 99، 100 رقم 737، وجمهرة أنساب العرب 201، وحلية
الأولياء 2/ 105- 118 رقم 166، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 134،
والزيارات 79، والكامل في التاريخ 4/ 122، والكاشف 1/ 235 رقم 1542،
وسير أعلام النبلاء 4/ 258- 262 رقم 95، وتهذيب الكمال 9/ 70- 76 رقم
1859، وتذكرة الحفّاظ 1/ 57، والوافي بالوفيات 14/ 80 رقم 92، وغاية
النهاية 1/ 283 رقم 1263، وتهذيب 1/ 244 رقم 37، وخلاصة تذهيب التهذيب
115، والبداية والنهاية 8/ 217، والتذكرة الحمدونية 1/ 208.
[2] في الأصل «أبو زيد» والتصحيح من مصادر الترجمة.
(5/115)
عبد اللَّهِ: يَا أَبَا يَزِيدَ، لَوْ
رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَحَبَّكَ
وَمَا رَأَيْتُكَ إِلا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ [1] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ: كَانَ
الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ قَالَ: اتَّقِ
اللَّهَ فِيمَا عَلِمْتَ، وَمَا اسْتُؤْثِرَ بِهِ عَلَيْكَ، فَكِلْهُ
إِلَى عَالِمِهِ، لأَنَا عَلَيْكُمْ فِي الْعَمْدِ أخْوَفُ مِنِّي
عَلَيْكُمْ فِي الْخَطَإِ [2] .
وَعَنِ الرَّبِيعِ قَالَ: مَا لا نَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ
يَضْمَحِلُّ [3] .
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أشدّ أصحاب
عبد الله ورعا [4] .
__________
[1] المخبتون: المطمئنّون، وقيل: المتواضعون الخاشعون لربهم. والخبر
في: طبقات ابن سعد 6/ 182، 183، وتهذيب الكمال 9/ 72، وحلية الأولياء
2/ 106.
[2] الخبر في: حلية الأولياء 2/ 108، وطبقات ابن سعد 6/ 185، وتهذيب
الكمال 9/ 72، 73، وهو أطول مما هنا.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 186، تهذيب الكمال 9/ 72.
[4] حلية الأولياء 2/ 107، تهذيب الكمال 9/ 72.
(5/116)
[حرف الزاي]
33- زيد بن أرقم [1] ع ابن زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ،
أَبُو عَمْرٍو، ويقال: أبو عامر، ويقال: أبو
__________
[1] انظر عن (زيد بن أرقم) في:
سيرة ابن هشام 3/ 237، والمغازي للواقدي 21 و 216 و 420 و 757 و 759،
وطبقات ابن سعد 6/ 18، وتاريخ خليفة 264، وطبقات خليفة 94 و 136، ومسند
أحمد 4/ 366، والعلل له 1/ 80 و 94 و 120 و 233 و 256 و 262 و 305 و
386، ومصنّف ابن أبي شيبة 13 رقم (15714) ، والتاريخ الكبير 3/ 385 رقم
1283، والمعارف 499، والتاريخ الصغير 93 و 153، وأنساب الأشراف 1/ 288
و 316 و 230، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 84 رقم 48، وتاريخ الطبري 1/
42 و 2/ 310 و 605 و 607 و 3/ 38 و 158، 159 و 5/ 425 و 456، والأسامي
والكنى للحاكم، ورقة 218، 219، والمعرفة والتاريخ 1/ 303، وتاريخ واسط
103 و 171 و 288، والجرح والتعديل 3/ 554 رقم 2508، والمعجم الكبير 5/
183- 242 رقم 485، وجمهرة أنساب العرب 365، ومشاهير علماء الأمصار 47
رقم 296، والثقات لابن حبّان 3/ 139، والمعرفة والتاريخ 1/ 303،
والاستيعاب 1/ 556- 558، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 143، وتهذيب ابن
عساكر 5/ 439- 442، والأخبار الموفّقيات 578، والمستدرك 3/ 532، 533،
ومعجم البلدان 1/ 879، وأسد الغابة 2/ 319، 320، والكامل في التاريخ 2/
57 و 192 و 235 و 303 و 4/ 62 و 81، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/
199 رقم 184، والعبر 1/ 73 و 76، وسير أعلام النبلاء 3/ 165- 168 رقم
27، والكاشف 1/ 263 رقم 1738، وتحفة الأشراف 3/ 191- 205 رقم 163،
وتهذيب الكمال 10/ 9- 12 رقم 2087، وتاريخ الإسلام (المغازي) 202 و 264
و 265 و 266 و 267 و 491 و 496 و 497 و 710، و (عهد الخلفاء الراشدين)
45 و 204 و 626 و 629 و 632، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 196، وتلخيص
المستدرك 3/ 532، 533، والوافي بالوفيات 15/ 22 رقم 26، ومجمع الزوائد
9/ 381، وتهذيب
(5/117)
سَعِيدٍ، وَيُقَالُ أَبُو أُنَيْسَةَ،
الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، نَزِيلُ الْكُوفَةِ.
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ
صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ» ، وَكَانَ قَدْ نُقِلَ إِلَيْهِ أَنَّ ابْنَ
أُبَيٍّ قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى
الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ 63: 8،
فَتَوَقَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
نَفْلِهِ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِتَصْدِيقِهِ [1] .
وَقَالَ زَيْدٌ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سبع عَشْرَةَ غَزْوَةً [2] .
وَلِزَيْدٍ رِوَايَةٌ كَثِيرَةٌ، رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ- وَاسْمُهُ
سَعْدُ بْنُ إِيَاسٍ- وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَيَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ
[3] التَّيْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ،
عَنْ بَعْضِ قَوْمِهِ، عَنْ زَيْدِ بْن أَرْقَمَ قَالَ: كُنْتُ
يَتِيمًا فِي حِجْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَخَرَجَ بِي
مَعَهُ إِلَى مُؤْتَةَ مُرْدِفِي عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ [4] .
وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ نَفَرًا اسْتَصْغَرَهُمْ، مِنْهُمُ ابْنُ
عُمَرَ، وَأُسَامَةُ، وَالْبَرَاءُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَزَيْدُ
بْنُ أَرْقَمَ، وَجَعَلَهُمْ حَرَسًا لِلذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ
بِالْمَدِينَةِ [5] .
وَرَوى يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدٍ
قَالَ: رَمَدْتُ، فَعَادَنِي
__________
[ () ] التهذيب 3/ 394، 395 رقم 717، وتقريب التهذيب 1/ 272 رقم 156،
والإصابة 1/ 560 رقم 2873، والنكت الظراف 3/ 192- 197، وخلاصة تذهيب
التذهيب 126، والتذكرة الحمدونية 1/ 54، وشذرات الذهب 1/ 74، وخزانة
الأدب 1/ 363، ودول الإسلام 1/ 50، والمعين في طبقات المحدثين 21 رقم
41، ومرآة الجنان 1/ 143.
[1] أخرجه البخاري في تفسير سورة المنافقين 8/ 494 و 496 و 497، ومسلم
في أول صفات المنافقين (2772) ، والترمذي (3314) ، وأحمد في المسند 4/
373، والطبراني (5050) ، وابن هشام في السيرة 3/ 237.
[2] الأسامي والكنى للحاكم، ورقة 218.
[3] في الأصل «حبان» والتصحيح من خلاصة تذهيب التهذيب.
[4] الوافي بالوفيات 15/ 22، الإصابة 1/ 560.
[5] انظر سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 3/ 29 وليس بين الأسماء زيد بن
أرقم. والطبراني في المعجم الكبير (4962) .
(5/118)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا زَيْدُ إِنْ كَانَتْ عَيْنَكَ عَمِيَتْ لِمَا
بِهَا كَيْفَ تَصْنَعُ» ؟
قُلْتُ: أَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ، قَالَ: «إِنْ فَعَلْتَ دَخَلْتَ
الْجَنَّةَ» [1] . وَرُوِيَ نَحْوُهُ بِإِسْنَادٍ آخَرَ [2] .
وَفِي «مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى» مِنْ طَرِيقِ أُنَيْسَةَ بِنْتِ زَيْدِ
بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ أَبَاهَا عَمِيَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو الْمِنْهَالِ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ عَنِ الصَّرْفِ،
فَقَالَ: سَلْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنِّي،
وَأَعْلَمُ.
قَالَ خَلِيفَةُ، وَالْمَدَائِنِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ
وَسِتِّينَ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ:
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
34- زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ [3] صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ.
__________
[1] أخرجه أحمد في المسند 4/ 375، والطبراني (5052) ، وأبو داود مختصرا
(3102) ، والحاكم في المستدرك 1/ 342 وصحّحه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
[2] أخرجه الطبراني (5126) من طريق:
أميّة بن بسطام، حدّثنا معتمر بن سليمان، حدّثتنا نباتة بنت بريد، عن
حمادة، عن أنيسة بنت زيد بن أرقم، عن أبيها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ على زيد بن أرقم يعوده من مرض كان
به قال: «ليس عليك من مرضك هذا بأس، ولكن كيف بك إذا عمّرت بعدي فعميت»
؟ قال:
إذا أحتسب وأصبر. قال: «إذا تدخل الجنة بغير حساب» . قال: فعمي بعد ما
مات النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ رَدَّ الله
عليه بصره، ثم مات رحمه الله.
[3] انظر عن (زيد بن خالد) في:
طبقات ابن سعد 4/ 344، ومسند أحمد 4/ 114 و 5/ 192، والعلل له 1/ 80،
والعلل لابن المديني 66، وطبقات خليفة 120، وتاريخ خليفة 265 و 277،
والتاريخ الكبير 3/ 384، 385 رقم 1282، والمعارف 279، ومقدّمة مسند
بقيّ بن مخلد 83 رقم 41، والمعرفة والتاريخ 1/ 422 و 432، 433 و 2/ 28
و 271، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 79، والجرح والتعديل 3/ 562 رقم
2540، والمغازي للواقدي 589 و 681، ومشاهير علماء الأمصار 16 رقم 54،
وجمهرة أنساب العرب 445، والمعجم الكبير 5/ 259- 298 رقم 500،
والاستيعاب 1/ 558، 559، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 142، والتبيين
206، وأسد الغابة 2/ 228، والكامل في التاريخ 3/ 471 و 4/ 449،
والمستدرك على الصحيحين 3/ 566، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 203
رقم 188، وتحفة الأشراف 3/ 229- 244 رقم 167، وتهذيب الكمال 10/ 63، 64
رقم 2104، والزيارات 94، والكاشف
(5/119)
قَالَ خَلِيفَةُ [1] : تُوُفِّيَ سَنَةَ
ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
سَيُعَادُ.
__________
[ () ] 1/ 265 رقم 1751، والعبر 1/ 76 و 89، والمعين في طبقات
المحدّثين 21 رقم 43، وتاريخ الإسلام (المغازي) 435، و (عهد الخلفاء
الراشدين) 411 و 426، ودول الإسلام 1/ 56، ومرآة الجنان 1/ 158،
والوافي بالوفيات 15/ 41 رقم 42، وتلخيص المستدرك 3/ 566، وتهذيب
التهذيب 3/ 410، 411 رقم 748، وتقريب التهذيب 1/ 274 رقم 177، والنكت
الظراف 3/ 234- 243، والإصابة 1/ 565 رقم 2895، وخلاصة تذهيب التهذيب
128.
[1] في الطبقات 120.
(5/120)
[حرف السِّينِ]
35- السَّائِبُ بْنُ الأَقْرَعِ [1] بْنِ جَابِرِ بْنِ سُفْيَانَ
الثَّقَفِيُّ.
ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ [2] أَنَّ لَهُ صُحْبَةً، وَأَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَوَلاهُ عُمَرُ
قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ نَهَاوَنْدَ، وَاسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَلَى أَصْبَهَانَ [3] ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ
بِأَصْبَهَانَ [4] ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي
الْعَاصِ، الثَّقَفِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَوْنٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
36- سَعِيدُ بْنُ مَالِكِ [5] بْنِ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيُّ، أَخُو
حَسَّانٍ الْمَذْكُورِ.
وَلِيَ إِمْرَةَ الْجِزِيرَةِ وَقِنَّسْرِينَ لِيَزِيدَ بْنِ
مُعَاوِيَةَ، وَإِلَيْهِ يُنْسَبُ دَيْرُ ابْنِ بَحْدَلٍ
__________
[1] انظر عن (السائب بن الأقرع) في:
طبقات ابن سعد 7/ 102، ونسب قريش 333، والتاريخ الكبير 4/ 151 رقم
2288، والبرصان والعرجان 329، وتاريخ خليفة 148 و 150، والمعارف 91،
والأخبار الطوال 133 و 135، وعيون الأخبار 1/ 311، وفتوح البلدان 371 و
373 و 377 و 383، والجرح والتعديل 4/ 240 رقم 1030، وتاريخ الطبري 4/
116 و 117 و 127 و 133- 135 و 330 و 422 و 5/ 269، والاستيعاب 2/ 104،
وأسد الغابة 2/ 249، والكامل في التاريخ 3/ 14- 16 و 19 و 147 و 187،
وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) 224 و 225 و 227 و 669، والوافي
بالوفيات 15/ 102 رقم 145، والإصابة 2/ 8 رقم 3056.
[2] في الأصل «الحاسي» ، وما قيّدناه عن مصادر الترجمة.
[3] تاريخ خليفة 147، 148، وفتوح البلدان 2/ 373، وتاريخ الإسلام (عهد
الخلفاء الراشدين) 224، 225 و 227، وتاريخ الطبري 4/ 116، 117،
والأخبار الطوال 133.
[4] انظر فتوح البلدان 383.
[5] انظر عن (سعيد بن مالك) في:
تهذيب تاريخ دمشق 6/ 173، 174.
(5/121)
مِنْ إِقْلِيمِ بَيْتِ الْمَالِ [1] ،
وَكَانَ شَرِيفًا مُطَاعًا في قومه.
37- سليمان بن صرد [2]- ع- بن الجون الخزاعي، أبو مطرّف الكوفي.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
ورَوَى أَيْضًا عَنْ: أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ.
ورَوَى عَنْهُ: يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَعَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ صالحا ديّنا، من أشراف قومه، خرج في جَمَاعَةٍ تَابُوا إِلَى
اللَّهِ مِنْ خِذْلانِهِمُ الْحُسَيْنَ وَطَلَبُوا بِدَمِهِ، كَمَا
تَقَدَّمَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وستّين، فقتل إلى
__________
[1] كذا في الأصل، وفي تهذيب تاريخ دمشق 6/ 173 «إقليم بيت الآبار» .
وبيت الآبار في: معجم البلدان 1/ 519: قرية يضاف إليها كورة من غوطة
دمشق فيها عدة قرى. وليس في المعجم «بيت المال» .
[2] انظر عن (سليمان بن صرد) في:
مسند أحمد 4/ 262، و 5/ 124، والمحبّر 291، وطبقات ابن سعد 4/ 292 و 6/
25، وطبقات خليفة 107 و 136، وتاريخ خليفة 194 و 262، والتاريخ الصغير
75، والتاريخ الكبير 4/ 1 رقم 1752، والأخبار الطوال 171 و 186 و 197 و
229، والمعرفة والتاريخ 2/ 622، وتاريخ الطبري 5/ 179 و 352 و 552- 555
و 557- 561 و 563 و 579 و 580 و 582 و 584 و 593 و 579 و 580 و 584 و
586 و 595 و 598 و 599 و 605 و 609 و 6/ 67، والكنى والأسماء للدولابي
2/ 117، والجرح والتعديل 4/ 123 رقم 536، والمنتخب من ذيل المذيّل 522،
523، و 577، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 277 و 530، ومقدمة مسند بقيّ بن
مخلد 93 رقم 146، والاستيعاب 2/ 63- 65، ومروج الذهب (طبعة الجامعة
اللبنانية) 1976 و 1979 و 1982، ومشاهير علماء الأمصار 47 رقم 305،
وجمهرة أنساب العرب 238، والمعجم الكبير 7/ 114- 117 رقم 645 والمستدرك
3/ 530، وتاريخ بغداد 1/ 200- 202 رقم 41، والجمع بين رجال الصحيحين 1/
176، والتبيين في أنساب القرشيين 465، وأسد الغابة 2/ 351، والكامل في
التاريخ 3/ 424 و 4/ 20 و 159- 162 و 165 و 172 و 175- 182 و 186 و 188
و 189 و 211 و 244 و 309، وتحفة الأشراف 4/ 57- 59 رقم 209، وتهذيب
الكمال 11/ 454- 457 رقم 2531، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 234
رقم 232، وتجريد أسماء الصحابة 1 رقم 2488، وتاريخ الإسلام (المغازي)
304، و (عهد الخلفاء الراشدين) 541- 545 وسير أعلام النبلاء 3/ 394،
395 رقم 61، والعبر 1/ 72، ودول الإسلام 1/ 50، وتلخيص المستدرك 3/
530، ومرآة الجنان 1/ 141، والبداية والنهاية 8/ 254، والوافي بالوفيات
15/ 392، 393 رقم 538، والعقد الثمين 4/ 607، وتهذيب التهذيب 4/ 200،
201 رقم 340، وتقريب التهذيب 1/ 326 رقم 453، والإصابة 2/ 75، 76 رقم
3457، والنكت الظراف 4/ 59، وخلاصة تذهيب التهذيب 129، وشذرات الذهب 1/
73.
(5/122)
رَحْمَةِ اللَّهِ هُوَ وَعَامَّةُ
جُمُوعِهِ، وَسُمُّوا «جَيْشَ التَّوَّابِينَ» ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ
حَوْشَبًا ذَا ظُلَيْمٍ يَوْمَ صِفِّينَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ [1] ، وَقَالَ: كَانَ مِمَّنْ كَاتَبَ الْحُسَيْنَ يَسْأَلُهُ
الْقُدُومَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيُبَايِعُوهُ، فَلَمَّا عَجَزَ عَنْ
نَصْرِهِ نَدِمَ.
قِيلَ عَاشَ ثَلاثًا وَتِسْعِينَ سَنَةً.
38- سَوَادُ بْنُ قَارِبٍ [2] الأَزْدِيُّ، وَيُقَالُ: السَّدُوسِيُّ.
وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
نَوَاحِي الْبَلْقَاءِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [3] : لَهُ صُحْبَةٌ رَوَى عَنْهُ: أَبُو
جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَعْدُ بْنُ جُبَيْرٍ، سَمِعْتُ
أَبِي يَقُولُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وروى ابْنُ عَسَاكِرَ حَدِيثَ إِسْلامِهِ، وَقِصَّتَهُ مَعَ
رِئْيِهِ من الجنّ من طريق: سعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْهُ، وَأَرْسَلَهُ
أَبُو جَعْفَرٍ، وَإِسْنَادُ الْحَدِيثِ ضَعِيفٌ [4] .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ [5] : كَانَ يَتَكَهَّنُ وَيَقُولُ
الشِّعْرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ، وَقَدْ دَاعَبَهُ عُمَرُ يَوْمًا فَقَالَ:
مَا فَعَلَتْ كَهَانَتُكَ يَا سَوَادُ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا كُنَّا
عَلَيْهِ مِنْ جَاهِلِيَّتِنَا وَكُفْرِنَا شَرٌّ مِنَ الْكَهَانَةِ،
فَاسْتَحْيَا عُمَرُ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِهِ فِي بِدْءِ
الإِسْلامِ، وَمَا أَتَاهُ بِهِ رِئْيُهُ مِنْ ظُهُورِ النَّبِيِّ صلّى
الله عليه وسلّم.
__________
[1] في الاستيعاب 2/ 64.
[2] عن (سواد بن قارب) انظر:
التاريخ الكبير 4/ 202 رقم 2497، والجرح والتعديل 4/ 303 رقم 1316،
والاستيعاب 2/ 123، 124، والمعجم الكبير 7/ 109- 112 رقم 642، وأسد
الغابة 2/ 375، والوافي بالوفيات 16/ 35، 36 رقم 48، والمقاصد النحوية،
للعيني، على حاشية خزانة الأدب للبغدادي، طبعة بولاق 1299- ج 2/ 114،
وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 204 و 206 و 207 و 208، والإصابة 2/
96، 97 رقم 3583.
[3] في الجرح والتعديل 4/ 303.
[4] أخرج ابن عديّ في «الكامل في الضعفاء» 2/ 628 عن الوليد بن حمّاد،
عن سليمان بن عبد الرحمن، عن الحكم بن يعلى بن عطاء المحاربي، عَنْ
أَبِي مَعْمَر عباد بْن عَبْد الصمد، قال:
سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي سَوَادُ بْنُ
قَارِبٍ قَالَ: كُنْتُ نَائِمًا عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الشَّرَاةِ،
فَأَتَانِي آتٍ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ: قُمْ يَا سَوَادُ،
أَتَى رَسُولٌ مِنْ لؤيّ بن غالب، فذكر الحديث.
انظر الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من هذا التاريخ 208.
[5] في الاستيعاب 2/ 123، وانظر: دلائل النبوّة للبيهقي 2/ 29، 30،
وعيون الأثر 1/ 72، 74، والسيرة النبويّة للذهبي (بتحقيقنا) - ص 206.
(5/123)
[حرف الشِّينِ]
39- شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدْ مَرَّ.
وَقِيلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
40- شُرَحْبِيلُ بْنُ ذِي الْكَلاعِ الْحِمْيَرِيُّ [1] مِنْ كِبَارِ
أُمَرَاءِ الشَّامِ. قُتِلَ مَعَ ابْنِ زِيَادٍ.
41- شقيق بن ثور [2]- ن- أبو الفضل السّدوسي البصري، رَئِيسُ بَكْرِ
بْنِ وَائِلٍ فِي الإِسْلامِ، وَكَانَ حَامِلُ رَايَتِهِمْ يَوْمَ
الْجَمَلِ، وَشَهِدَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
__________
[1] انظر عن (شرحبيل بن ذي الكلاع) في: المحبّر 491، والأخبار الطوال
295، وتاريخ خليفة 263، وتاريخ الطبري 5/ 535 و 594 و 597 و 598 و 604
و 6/ 89 و 91، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1979، و 1984،
وجمهرة أنساب العرب 434، والكامل في التاريخ 4/ 149 و 180- 182 و 185 و
262 و 264، والوافي بالوفيات 16/ 130 رقم 151، والعبر 1/ 74 و 76،
وشذرات الذهب 1/ 74.
[2] انظر عن (شقيق بن ثور) في:
التاريخ الكبير 4/ 246 رقم 2683، وعيون الأخبار 1/ 298، وأنساب الأشراف
ق 4 ج 1/ 176 و 390 و 419، والعقد الفريد 4/ 49، وتاريخ الطبري 4/ 501
و 522 و 5/ 33 و 37 و 146، والجرح والتعديل 4/ 372 رقم 1617، ومشاهير
علماء الأمصار 92 رقم 669، وجمهرة أنساب العرب 318، وتهذيب تاريخ دمشق
6/ 335، 336، وتهذيب الكمال 588، والكامل في التاريخ 3/ 236 و 4/ 174،
والكاشف 2/ 13 رقم 2324، وسير أعلام النبلاء 3/ 538 رقم 143، والوافي
بالوفيات 16/ 172 رقم 204، وتهذيب التهذيب 4/ 361 رقم 608، وتقريب
التهذيب 1/ 354 رقم 95، وحسن المحاضرة 1/ 117، وخلاصة تذهيب التهذيب
142.
(5/124)
رَوَى عَنْهُ: خَلادُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيُّ، وَأَبُو وَائِلٍ.
وَلَهُ وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَقُتِلَ أَبُوهُ بِتُسْتَرَ مَعَ
أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ.
وَقَالَ غَسَّانُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، إِنَّ
شَقِيقَ بْنَ ثَوْرٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: لَيْتَهُ لَمْ
يَكُنْ سَيِّدَ قَوْمِهِ، كَمْ مِنْ بَاطِلٍ قَدْ حَقَّقْنَاهُ وَحَقٍّ
قَدْ أَبْطَلْنَاهُ [1] .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ ظَنًّا.
42- شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ [2] الضَّبَّابِيُّ الَّذِي احْتَزَّ
رَأْسَ الْحُسَيْنِ عَلَى الْأَشْهَرِ، كَانَ مِنْ أُمَرَاءِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَعَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُخْتَارِ
فَبَيَّتُوهُ [3] ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ
هَارُونَ الْكُوفِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي
إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ يُصَلِّي مَعَنَا
الْفَجْرَ، ثُمَّ يَقْعُدُ حَتَّى يُصْبِحَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيَقُولُ:
اللَّهمّ إِنَّكَ شَرِيفٌ تُحِبُّ الشَّرَفَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي
شَرِيفٌ، فَاغْفِرْ لِي، فَقُلْتُ: كَيْفَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ،
وَقَد خَرَجْتَ إِلَى ابْنُ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأعَنْتَ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ: وَيْحَكَ،
فَكَيْفَ
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 6/ 336.
[2] انظر عن (شمر بن ذي الجوشن) في:
البرصان والعرجان 82، وتاريخ خليفة 235، والأخبار الطوال 239 و 254 و
255 و 256 و 260 و 300 و 302 و 305، والمعارف 401 و 582، والأخبار
الموفقيّات 167، وتاريخ الطبري 5/ 28 و 270 و 369 و 392 و 414 و 415 و
417 و 422 و 425 و 426 و 436 و 438 و 441 و 450 و 453 و 454 و 456 و
460 و 463 و 468 و 6/ 18 و 29 و 44 و 46 و 52 و 53، وجمهرة أنساب العرب
287، والعقد الفريد 4/ 379، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 255، وتهذيب تاريخ
دمشق 6/ 340- 432، والكامل في التاريخ 3/ 303 و 4/ 31 و 55- 57 و 60 و
62 و 63 و 68- 71 و 76- 81 و 83 و 84 و 91 و 217 و 224 و 231 و 232 و
236 و 237، والمحبّر 301، واللباب (مادة الضبابي) ، ووفيات الأعيان 7/
68، وميزان الاعتدال 2/ 280 رقم 3742، والوافي بالوفيات 16/ 180 رقم
211، ولسان الميزان 3/ 152 رقم 546.
[3] مهملة في الأصل. والتقييد من: النهاية في غريب الحديث حيث قال:
تبييت العدوّ هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة.
(5/125)
نَصْنَعُ، إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ
أَمَرُونَا بِأمرٍ، فَلَمْ نُخَالِفْهُمْ، وَلَوْ خَالَفْنَاهُمْ
كُنَّا شَرًّا مِنْ هَذِهِ الْحُمُرِ [1] .
قُلْتُ: وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، اسْمُهُ شُرَحْبِيلُ [2] ، وَيُقَالُ:
أَوْسٌ، وَيُقَالُ عُثْمَانُ الْعَامِرِيُّ الضَّبَابِيُّ،
وَكُنْيَتُهُ- أَعْنِي شِمْرَ: أَبُو السَّابِغَةِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ:
رَأَيْتُ قَاتِلَ الْحُسَيْنِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ، مَا
رَأَيْتُ بِالْكُوفَةِ أَحَدًا عَلَيْهِ طَيْلَسَانَ غَيْرَهُ [3] .
وَذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى يَزِيدَ
مَعَ آلِ الحسين رضي الله عنه.
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 6/ 340.
[2] وسمّي ذا الجوشن لأنّ صدره كان ناتئا، كما في (اللباب في الأنساب
لابن الأثير ج 2 ص 68) ، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 340.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 6/ 340، 341.
(5/126)
حرف الصَّادِ
43- صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ [1] أَبُو الصَّهْبَاءِ الْعَدَوِيُّ
الْبَصْرِيُّ، الْعَابِدُ مِنْ سَادَةِ التَّابِعِينَ.
يُرْوَى لَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ وَاحِدٌ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ-
وَهِيَ زَوْجَتُهُ-، وَثَابِتُ الْبُنَانِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ،
وَغَيْرُهُمْ حِكَايَاتٍ.
رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي «الزُّهْدِ» [2] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ:
بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صِلَةُ، يَدْخُلُ
الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِ كَذَا وَكَذَا» . حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ كما ترى
[3] .
__________
[1] انظر عن (صلة بن أشيم) في:
تاريخ خليفة 236، وطبقات خليفة 192، وتاريخ الثقات للعجلي 229 رقم 703،
والثقات لابن حبّان 4/ 380، وتاريخ الطبري 5/ 472، والمعرفة والتاريخ
2/ 77- 79 و 110، وطبقات ابن سعد 7/ 134- 137، وفتوح البلدان 490،
والتاريخ الكبير 4/ 321 رقم 2987، والجرح والتعديل 4/ 447 رقم 1965،
والكامل في التاريخ 4/ 96، 97، وحلية الأولياء 2/ 237- 243 رقم 184،
وأسد الغابة 4/ 34، وسير أعلام النبلاء 3/ 497- 500 رقم 113، والوافي
بالوفيات 16/ 330، 331 رقم 363، وصفة الصفوة 3/ 139، والبداية والنهاية
9/ 15، والتذكرة الحمدونية 1/ 207، والإصابة 2/ 200 رقم 4132، وطبقات
الشعراني 1/ 39، وربيع الأبرار 4/ 185، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة
288 أ، والزهد لابن المبارك 198 رقم 565 و 295 رقم 863، والملحق بكتاب
الزهد 62 رقم 216.
[2] ص 297 رقم 864.
[3] قال المؤلّف- رحمه الله في: سير أعلام النبلاء 3/ 497: هذا حديث
معضل.
(5/127)
جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ
الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: كَانَ أَبُو الصَّهْبَاءِ يُصَلِّي
حَتَّى مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْتِيَ فِرَاشَهُ إِلا زَحْفًا [1] .
وَقَالَتْ مُعَاذَةُ: كَانَ أَصْحَابُ صِلَةَ إِذَا الْتَقَوْا عَانَقَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا [2] .
وَقَالَ ثَابِتٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ يَنْعِي
أَخَاهُ [3] فَقَالَ لَهُ: أَدْنُ فَكُلْ، فَقَدْ نُعِيَ إِلَيَّ أَخِي
مُنْذُ حِينٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّكَ مَيِّتٌ، وَإِنَّهُمْ
مَيِّتُونَ 39: 30 [4] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: أنبأ ثَابِتٌ أَنَّ صِلَةَ كَانَ فِي
الْغَزْوِ، وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ
فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ، فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ،
ثُمَّ تَقَدَّمَ هُوَ فَقُتِلَ، فَاجْتَمَعَ النِّسَاءُ عِنْدَ
امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، فقالت: إن كنتنّ جئتنّ
لتهنّئنني فَمَرْحَبًا بِكُنَّ، وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ
ذَلِكَ فارجعن [5] .
وفي «الزهد» [6] لابن المبارك، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ صِلَةَ بْنِ أَشْيَمَ قَالَ: خَرَجْنَا فِي
بَعْضِ قُرَى نَهْرِ تِيرَى وَأَنَا عَلَى دَابَّتِي فِي زَمَنِ
فُيُوضِ الْمَاءِ، فَأَنَا أَسِيرُ عَلَى مُسَنَّاةٍ فَسِرْتُ يَوْمًا
لا أَجِدُ شَيْئًا آكُلُهُ فَلَقِيَنِي عِلْجٌ يَحْمِلُ عَلَى
عَاتِقِهِ شَيْئًا، فَقُلْتُ: ضَعْهُ، فَوَضَعَهُ، فَإِذَا هُوَ خُبْزٌ
[7] ، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، قَالَ: إنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ فِيهِ
شَحْمَ خِنْزِيرٍ، فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ لَقِيتُ آخَرَ يَحْمِلُ
طَعَامًا فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي، فَقَالَ: تَزَوَّدْتُ بِهَذَا لِكَذَا
وَكَذَا مِنْ يَوْمٍ، فَإِنْ أَخَذْتَ مِنْهُ شَيْئًا أَجَعْتَنِي [8]
، فَتَرَكْتُهُ ومضيت، فو الله إنّي لأسير،
__________
[ () ] والحديث المعضل: هو الّذي سقط من إسناده اثنان على التوالي.
والخبر أيضا في «حلية الأولياء» 2/ 241 من طريق ابن المبارك.
[1] طبقات ابن سعد 7/ 136.
[2] حلية الأولياء 2/ 238.
[3] في طبعة القدسي 3/ 19 «أخيه» .
[4] حلية الأولياء 2/ 238 والآية من سورة الزمر- الآية 30.
[5] طبقات ابن سعد 7/ 137، حلية الأولياء 2/ 239.
[6] ص 297 رقم 865.
[7] في «الزهد» 297 «جبن» .
[8] في «الزهد» : «أضررت بي وأجعتني» .
(5/128)
إِذْ سَمِعْتُ خَلْفِي وَجْبَةً [1]
كَوَجْبَةِ [2] الطَّيْرِ فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا هُوَ شَيْءٌ مَلْفُوفٌ
فِي سِبٍّ [3] أَبْيَضَ- أَيْ خِمَارٍ- فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا
هُوَ دَوْخَلَّةٌ [4] مِنْ رُطَبٍ فِي زَمَانٍ لَيْسَ فِي الأَرْضِ
رُطَبَةٌ، فَأَكَلْتُ مِنْهُ، ثُمَّ لَفَفْتُ مَا بَقِيَ، وَرَكِبْتُ
الْفَرَسَ وَحَمَلْتُ مَعِي نَوَاهُنَّ.
قَالَ جَرِيرٌ: فَحَدَّثَنِي أَوْفَى [5] بْنُ دَلْهَمٍ قَالَ:
رَأَيْتُ ذَلِكَ السِّبَّ مَعَ امْرَأَتِهِ مَلْفُوفًا فِيهِ مُصْحَفٌ،
ثُمَّ فُقِدَ بَعْدُ [6] .
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَى نَحْوَهُ عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ،
عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ نَضْلَةَ [7] .
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: ثنا الْمُسْلِمُ بْنُ سَعِيدٍ
الْوَاسِطِيُّ، أنا حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ
أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا فِي غُزَاةٍ إِلَى كَابِلَ، وَفِي
الْجَيْشِ صِلَةُ بْنُ أَشْيَمَ، فَنَزَلَ النَّاسُ عِنْدَ
الْعَتْمَةِ، فَقُلْتُ: لأَرْمِقَنَّ عَمَلَهُ، فَصَلَّى، ثُمَّ
اضْطَجَعَ، فَالْتَمَسَ غَفْلَةَ النَّاسِ، ثُمَّ وَثَبَ فَدَخَلَ
غَيْضَةً، فَدَخَلْتُ فِي أَثَرِهِ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي
فَافْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَجَاءَ أَسَدٌ حَتَّى دَنَا مِنْهُ فَصَعِدْتُ
فِي شَجَرَةٍ قَالَ: أَفَتَرَاهُ الْتَفَتَ إِلَيْهِ أَوِ اعْتَدَّ
بِهِ حَتَّى سَجَدَ؟ فَقُلْتُ: الآنَ يَفْتَرِسُهُ فَلا شَيْءَ،
فَجَلَسَ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّهَا السَّبْعُ، اطْلُبْ
رِزْقَكَ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ، فَوَلَّى وَإِنَّ لَهُ لزئيرا، أقول:
تصدّع منه الجبال، فَمَا زَالَ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ
الصُّبْحِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ بِمَحَامِدَ لَمْ أَسْمَعْ
بِمِثْلِهَا، إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهمّ إِنِّي
أَسْأَلُكَ أَنْ تُجِيرَنِي مِنَ النَّارِ أَوْ مِثْلِي يَجْتَرِئُ
أَنْ يَسْأَلَكَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ رجع، فأصبح كأنّه بات على الحشايا
وقد أصبحت وبي من
__________
[1] الوجبة: السقطة مع الهدّة أو صوت الساقط.
[2] في الزهد «كخواية» . وهو خفيف الجناح، كما في النهاية لابن الأثير.
[3] سبّ: بالكسر، شقّة كتّان رقيقة.
[4] دوخلّة: بتشديد اللام، سقيفة من خوص يوضع فيه التمر.
[5] في «الزهد» : «عوف» .
[6] الزهد 297، 298 وفي آخره: «فلا يدرون أسرق، أم ذهب، أم ما صنع به»
.
[7] قال المؤلّف- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 3/ 499: «فهذه
كرامة ثابتة» .
(5/129)
الْفَتْرَةِ شَيْءٌ اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ
[1] .
رَوَى نَحْوَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي «الْحِلْيَةِ» [2] بِإِسْنَادٍ
لَهُ، إِلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ.
وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ السَّرِيِّ [3] بْنِ يَحْيَى،
حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ هِلالٍ الْبَاهِلِيُّ أَنَّ رَجُلا قَالَ
لِصِلَةَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاءِ، إِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أُعْطِيتُ
شَهَادَةً، وَأُعْطِيتَ شَهَادَتَيْنِ، فَقَالَ: تُسْتَشْهَدُ،
وَأُسْتَشْهَدُ أَنَا وَابْنِي، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ يَزِيدَ [4]
بْنِ زِيَادٍ لَقِيَهُمُ التُّرْكُ بسِجِسْتَانَ، فَكَانَ أَوَّلُ [5]
جَيْشٍ انْهَزَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ صِلَةُ: يَا بُنَيَّ
ارْجِعْ إِلَى أُمِّكَ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ تُرِيدُ الْخَيْرَ
لِنَفْسِكَ وَتَأْمُرُنِي بِالرُّجُوعِ! ارْجِعْ أَنْتَ، قَالَ:
وَأَمَّا إِذْ قُلْتَ هذا فتقدّم فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى
أُصِيبَ، فَرَمَى صِلَةُ عَنْ جَسَدِهِ، وَكَانَ رَجُلا رَامِيًا،
حَتَّى تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَأَقْبَلَ حَتَّى أَقَامَ عَلَيْهِ
فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ [6] .
قُلْتُ: وَذَلِكَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وستين.
__________
[1] الزهد لابن المبارك 295، 296 رقم 863.
[2] حلية الأولياء 2/ 240.
[3] في طبعة القدسي «السدي» .
[4] في طبعة القدسي «بدر» .
[5] في طبعة القدسي «الّذي» ، والتصحيح من: الأسامي والكنى للحاكم.
[6] أخرجه الحاكم في: الأسامي والكنى، الورقة 288 ورجاله ثقات.
(5/130)
[حرف الضَّادِ]
44- الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ [1] الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ، أَخُو
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وعنه، وكانت
__________
[1] انظر عن (الضّحّاك بن قيس) في:
طبقات ابن سعد 7/ 410، وطبقات خليفة 29 و 127 و 185 و 301، وتاريخ
خليفة 219 و 222 و 224 و 226 و 259 و 260، والأخبار الموفقيات 509،
والمعارف 68 و 292 و 353 و 412 و 576، والبرصان والعرجان 23، وتاريخ
الطبري 4/ 249 و 5/ 12 و 49 و 71 و 98 و 135 و 298 و 300 و 304 و 308 و
309 و 314 و 323 و 332 و 504 و 530- 535 و 537 و 538 و 541 و 6/ 39 و
7/ 244، والتاريخ الصغير 58، والتاريخ الكبير 4/ 332 رقم 3018،
والمحبّر 295، والمعرفة والتاريخ 1/ 312 و 363 و 2/ 381 و 384 و 632 و
698، ومسند أحمد 3/ 453، والجرح والتعديل 4/ 457 رقم 2019، ومشاهير
علماء الأمصار 54 رقم 368، والمراسيل 94 رقم 337، والمعجم الكبير 8/
356- 358 رقم 738، والأخبار الطوال 154 و 171 و 173 و 180 و 225 و 226،
ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 968 و 1827 و 1828 و 1961 و 1964
و 1968، وحذف من نسب قريش 33، ونسب قريش 447، وجمهرة أنساب العرب 178 و
197، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 120، وأنساب الأشراف ق 4 ج
1/ 51 و 67 و 77 و 146 و 155 و 159 و 161 و 285 و 308 و 350 و 352 و
356 و 358 و 359 و 443 و 458، والمستدرك 3/ 524، 525، والاستيعاب 2/
205، والوفيات لابن قنفذ 75، وجامع التحصيل 242 رقم 303، والكامل في
التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 181، وأسد الغابة 3/ 37، وتهذيب
الكمال 617، وفتوح البلدان 383 و 384 و 437 و 461 و 499 و 502 و 503 و
504، وتحفة الأشراف 4/ 203 رقم 244، ووفيات الأعيان 1/ 116، والمعين في
طبقات المحدّثين 22 رقم 63، وتلخيص المستدرك 3/ 524، 525، والكاشف 2/
33 رقم 2458، وسير أعلام النبلاء 3/ 241- 245 رقم 46، والعبر 1/ 70،
وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 7- 12، ومرآة الجنان 1/ 140، والبداية والنهاية
8/ 241، والوافي بالوفيات 16/ 351، 352 رقم 381، والتذكرة الحمدونية
(5/131)
أَكْبَرُ مِنْهُ بِعَشْرِ سِنِينَ، لَهُ
صُحْبَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرِوَايَةٌ، يُكْنَى أَبَا أُمَيَّةَ،
وَيُقَالُ:
أَبَا أُنَيْسٍ، وَيُقَالُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ:
أَبَا سَعِيدٍ.
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: حَبِيبِ بْنِ مُسْلِمَةَ.
رَوَى عَنْهُ: مُعَاوِيَةُ- وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ-، وَالشَّعْبِيُّ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ سُوَيْدٍ الْفِهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ،
وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
السَّبِيعِيُّ.
وَشَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ وَسَكَنَهَا، وَكَانَ عَلَى عَسْكَرِ أَهْلِ
دِمَشْقَ يَوْمَ صِفِّينَ.
وَقَالَ حَجَّاجٌ الأَعْوَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ
أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ
قَيْسٍ- وَهُوَ عَدْلُ عَلَى نَفْسِهِ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَزَالُ وَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ
عَلَى النَّاسِ» [1] . وَفِي «مُسْنَدِ أَحْمَدَ» : ثنا حَمَّادٌ، أنا
عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ
كَتَبَ إِلَى قَيْسِ بْنِ الْهَيْثَمِ حِينَ مَاتَ يَزِيدُ: سَلامٌ
عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ. فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ
فِتَنًا كَقِطَعِ الدُّخَّانِ، يَمُوتُ فِيهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا
يَمُوتُ بَدَنُهُ» . وَإِنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ قَدْ مَاتَ،
وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا وَأَشِقَّاؤُنَا، فَلا تَسْبِقُونَا بشيءٍ
حَتَّى نَخْتَارَ لأَنْفُسِنَا [2] .
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ
مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَوَلاهُ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي صَلَّى
عَلَى مُعَاوِيَةَ وَقَامَ بِخِلافَتِهِ حَتَّى قَدِمَ يَزِيدُ،
وَكَانَ- يَعْنِي بَعْدَ مَوْتِ يَزِيدُ- قَدْ دَعَا إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ وَبَايَعَ لَهُ، ثُمَّ دَعَا لِنَفْسِهِ، وَفِي بيت
__________
[1] / 407، والوزراء والكتّاب للجهشياريّ 25، والعقد الثمين 5/ 48،
والنكت الظراف 4/ 203، والإصابة 2/ 207 رقم 4169، وتهذيب التهذيب 4/
448، 449 رقم 781، وتقريب التهذيب 1/ 373 رقم 15، وأمراء دمشق 44،
وشذرات الذهب 1/ 72، وخلاصة تذهيب التهذيب 149، والأسامي والكنى،
للحاكم، ورقة 52 ب.
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 7.
[2] أخرجه أحمد في المسند 3/ 453، وابن سعد في الطبقات 7/ 410، وابن
عساكر في (تهذيب دمشق) 7/ 8، وابن الأثير في أسد الغابة 3/ 50، وإسناده
ضعيف لضعف عديّ بن زيد بن جدعان.
(5/132)
أُخْتِهِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الشُّورَى،
وَكَانَتْ نَبِيلَةُ [1] ، وَهِيَ رَاوِيَةُ حَدِيثِ الْجَسَّاسَةِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: وُلِدَ الضَّحَّاكُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَتَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ سَمِعَ مِنْهُ.
وَذَكَرَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، فَغَلَطَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [2] : مَاتَ زِيَادُ بْنُ أَبِيهِ سَنَةَ ثَلاثٍ
وَخَمْسِينَ بِالْكُوفَةِ، فَوَلاهَا مُعَاوِيَةُ الضَّحَّاكَ بْنَ
قَيْسٍ، ثُمَّ عَزَلَهُ مِنْهَا، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى دِمَشْقَ،
وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْكُوفَةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أُمِّ
الْحَكَمِ، وَبَقِيَ الضَّحَّاكُ عَلَى دِمَشْقَ حَتَّى هَلَكَ
يَزِيدُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ الضَّحَّاكَ
خَطَبَ بِالْكُوفَةِ قَاعِدًا فَقَامَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ:
لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِمَامُ قَوْمٍ مُسْلِمِينَ يَخْطُبُ
قَاعِدًا [3] .
وَكَانَ الضَّحَّاكُ أَحَدَ الأَجْوَادِ، كَانَ عَلَيْهِ بُرْدٌ
قِيمَتُهُ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ لا يَعْرِفُهُ
فَسَاوَمَهُ بِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَقَالَ: شُحٌّ بِالرَّجُلِ
أَنْ يَبِيعَ عِطَافَهُ [4] ، فَخُذْهُ فَالْبَسْهُ [5] .
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: أَظْهَرَ الضَّحَّاكُ بَيْعَةَ ابْنِ
الزُّبَيْرِ بِدِمَشْقَ وَدَعَا لَهُ، فَسَارَ عَامَّةُ بَنِي
أُمَيَّةَ وَحَشَمُهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ حَتَّى لَحِقُوا
بِالأُرْدُنِّ، وَسَارَ مَرْوَانُ وَبَنُو بَحْدَلٍ إِلَى الضَّحَّاكِ
[6] .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أنا الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ
بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ مُسْلِمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ، عَنْ
حَرْبِ بْنِ خَالِدٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ
يَزِيدَ لَمَّا مَاتَ دَعَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ بِحِمْصَ إِلَى
ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَدَعَا زُفَرُ بْنُ الحارث
__________
[1] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 8.
[2] في تاريخه 219.
[3] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 8، 9.
[4] سمّي عطافا لوقوعه على عطفي الرجل وهما ناحيتا عنقه. (النهاية لابن
الأثير) .
[5] تهذيب تاريخ دمشق 7/ 9.
[6] انظر: تهذيب تاريخ دمشق 7/ 9.
(5/133)
أَمِيرُ قِنَّسْرِينَ إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَدَعَا الضَّحَّاكُ [1] بدمشق إلى ابْنِ الزُّبَيْرِ
سِرًّا لِمَكَانِ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي كَلْبٍ، وَبَلَغَ حَسَّانَ
بْنَ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ وَهُوَ بِفِلَسْطِينَ، وَكَانَ هَوَاهُ فِي
خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، فَكَتَبَ إِلَى الضَّحَّاكِ كِتَابًا يُعَظِّمُ
فِيهِ حَقَّ بَنِي أُمَيَّةَ وَيَذُمُّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ
لِلرَّسُولِ إِنْ قَرَأَ الْكِتَابَ، وَإِلا فَاقْرَأْهُ أَنْتَ عَلَى
النَّاسِ، وَكَتَبَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ يُعْلِمُهُمْ، فَلَمْ
يَقْرَأِ الضَّحَّاكُ كِتَابَهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ اخْتِلافٌ،
فَسَكَّنَهُمْ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، وَدَخَلَ الضَّحَّاكُ الدَّارَ،
فَمَكَثُوا أَيَّامًا، ثُمَّ خَرَجَ الضَّحَّاكُ فَصَلَّى بِالنَّاسِ،
وَذَكَرَ يَزِيدَ فَشَتَمَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ
فَضَرَبَهُ بِعَصًا، فَاقْتَتَلَ النَّاسُ بِالسُّيُوفِ، وَدَخَلَ
الضَّحَّاكُ داره، وَافْتَرَقَ النَّاسُ ثَلاثَ فِرَقٍ، فِرْقَةٌ
زُبَيْرِيَّةٌ، وَفِرْقَةٌ بَحْدَلِيَّةٌ هَوَاهُمْ فِي بَنِي
أُمَيَّةَ، وَفِرْقَةٌ لا يُبَالُونَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُبَايِعُوا
الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَبَى وَهَلَكَ
تِلْكَ اللَّيَالِي، فَأَرْسَلَ الضَّحَّاكُ إِلَى مَرْوَانَ،
فَأَتَاهُ هُوَ وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ الأَشْدَقُ، وَخَالِدٌ،
وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا يَزِيدَ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ:
اكْتُبُوا إِلَى حَسَّانٍ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَابِيَةَ وَنَسِيرُ
إِلَيْهِ، وَنَسْتَخْلِفُ أَحَدُكُمْ، فَكَتَبُوا إِلَى حَسَّانٍ،
فَأَتَى الْجَابِيَةَ، وَخَرَجَ الضَّحَّاكُ وَبَنُو أُمَيَّةَ
يُرِيدُونَ الْجَابِيَةَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّتِ الرَّايَاتُ
مُوَجَّهَةً قَالَ مَعْنُ بْنُ ثَوْرٍ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَشْرَافِ
قَيْسِ لِلضَّحَّاكِ: دَعَوْتَنَا إِلَى بَيْعَةِ رَجُلٍ أَحْزَمِ
النَّاسِ رَأْيًا وَفَضْلا وَبَأْسًا، فَلَمَّا أَجَبْنَاكَ خَرَجْتَ
إِلَى هَذَا الأَعْرَابِيِّ تُبَايِعُ لابْنِ أَخِيهِ؟
قَالَ: فَمَا الْعَمَلُ؟ قَالُوا: تَصْرِفُ الرَّايَاتِ، وَتَنْزِلُ
فَتُظْهِرُ الْبَيْعَةَ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَفَعَلَ وَتَبِعَهُ
النَّاسُ، وَبَلَغَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ
بِإِمْرَةِ الشَّامِ، وَنَفْيِ مَنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ
الأُمَوِيِّينَ، فَكَتَبَ الضَّحَّاكُ إِلَى الأُمَرَاءِ الَّذِينَ
دَعَوْا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَتَوْهُ، فَلَمَّا رَأَى مَرْوَانُ
ذَلِكَ سَارَ يُرِيدُ ابْنَ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَ لَهُ وَيَأْخُذَ
الأَمَانَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَلَقِيَهُمْ بِأذْرِعَاتٍ عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مُقْبِلا مِنَ الْعِرَاقِ، فَحَدَّثُوهُ، فَقَالَ
لِمَرْوَانَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أرَضِيتَ لنفسك بهذا، أتبايع لِأَبِي
خُبَيْبٍ [2] وَأَنْتَ سَيِّدُ قُرَيْشٍ وَشَيْخُ بَنِي عَبْدِ
مَنَافٍ! وَاللَّهِ لأَنْتَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ، قال: فما ترى؟ قال:
__________
[1] في الأصل «ابن الضحاك» .
[2] بمعجمة مضمومة.
(5/134)
الرَّأْيُ أَنْ تَرْجِعَ وَتَدْعُو إِلَى
نَفْسِكَ، وَأَنَا أُكْفِيكَ قُرَيْشًا وَمَوَالِيهَا، فَرَجَعَ
وَنَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِبَابِ الْفَرَادِيسِ، فَكَانَ يَرْكَبُ
إِلَى الضَّحَّاكِ كُلَّ يَوْمٍ، فَعَرضَ لَهُ رَجُلٌ فَطَعَنَهُ
بِحَرْبَةٍ فِي ظَهْرِهِ، وَعَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ الدِّرْعِ،
فَانْثَنَتِ الْحَرْبَةُ، فَرَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَنْزِلِهِ،
فَأَتَاهُ الضَّحَّاكُ يَعْتَذِرُ، وَأَتَاهُ بِالرَّجُلِ فَعَفَا
عَنْهُ، وَعَادَ يَرْكَبُ إِلَى الضَّحَّاكِ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا:
يَا أَبَا أُنَيْسٍ، الْعَجَبُ لَكَ، وَأَنْتَ شَيْخُ قُرَيْشٍ،
تَدْعُو لابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنْتَ أَرْضَى عِنْدَ النَّاسِ مِنْهُ،
لِأَنَّكَ لَمْ تَزَلْ مُتَمَسِّكًا بِالطَّاعَةِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ
مُشَاقٌّ مُفَارِقٌ لِلْجَمَاعَةِ! فَأَصْغِي إِلَيْهِ وَدَعَا إِلَى
نَفْسِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَقَالُوا: قَدْ أَخَذْتَ عُهُودَنَا
وبيعتنا لرجل، ثم تدعو إلى خَلْعِهِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحْدَثَ!
وَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ، فعاد إلى الدُّعَاءِ لابْنِ الزُّبَيْرِ،
فَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ عِنْدَ النَّاسِ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
زِيَادٍ: مَنْ أَرَادَ مَا تُرِيدُ لَمْ يَنْزِلِ الْمَدَائِنَ
وَالْحُصُونَ، بَلْ يَبْرُزُ وَيَجْمَعُ إِلَيْهِ الْخَيْلَ فَاخْرُجْ
عَنْ دِمَشْقَ وَضُمَّ إِلَيْكَ الْأَجْنَادَ، فَخَرَجَ وَنَزَلَ
الْمَرْجَ، وَبَقِيَ ابْنُ زِيَادٍ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ مَرْوَانُ
وَبَنُو أُمَيَّةَ بِتَدْمُرَ، وَابْنَا يَزِيدَ بِالْجَابِيَةِ عِنْدَ
حَسَّانٍ، فَكَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مَرْوَانَ: ادْعُ النَّاسَ
إِلَى بيعتك، ثم سر إلى الضَّحَّاكِ، فَقَدْ أَصْحَرَ لَكَ، فَبَايَعَ
مَرْوَانُ بَنُو أميّة، وتزوّج بأمّ خالد ابن يَزِيدَ بْنِ
مُعَاوِيَةَ، وَهِيَ بِنْتُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ،
وَاجْتَمَعَ خَلْقٌ عَلَى بَيْعَةِ مَرْوَانَ، وَخَرَجَ ابْنُ زِيَادٍ
فَنَزَلَ بِطَرَفِ الْمَرْجِ، وَسَارَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ فِي خَمْسَةِ
آلافٍ، وَأَقْبَلَ مِنْ حُوَّارِينَ [1] عَبَّادُ بْنُ زِيَادٍ فِي
أَلْفَيْنِ مِنْ مَوَالِيهِ، وَكَانَ بِدِمَشْقَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي
النِّمْسِ [2] فَأَخْرَجَ عَامِلُ الضَّحَّاكِ مِنْهَا، وَأَمَرَ
مَرْوَانُ بِسِلاحٍ وَرِجَالٍ، فَقَدِمَ إِلَى الضَّحَّاكِ زُفَرُ بْنُ
الْحَارِثِ الْكِلابِيُّ مِنْ قِنَّسْرِينَ، وَأَمَدَّهُ النُّعْمَانُ
بْنُ بَشِيرٍ بِشُرَحْبِيلَ بْنِ ذِي الْكَلاعِ فِي أَهْلِ حِمْصَ،
فَصَارَ الضَّحَّاكُ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَمَرْوَانُ فِي ثَلاثَةَ
عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرِهِمْ مِنْ رِجَالِهِ [3] وَلَمْ يَكُنْ فِي
عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرَ ثَمَانِينَ عَتِيقًا نِصْفُهَا لِعَبَّادِ
بْنِ زِيَادٍ، فَأَقَامُوا بِالْمَرْجِ عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ
فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وعلى
__________
[1] في الأصل «جوار بن» .
[2] مهمل في الأصل، والتحرير من تاريخ ابن جرير 5/ 532 و 537.
[3] في سير أعلام النبلاء 3/ 244 «أكثرهم رجّالة» .
(5/135)
مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ
الأَشْدَقُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: إِنَّا لا نَنَالُ مِنَ
الضَّحَّاكِ إلا بِمَكِيدَةً، فَادْعُ إِلَى الْمُوَادَعَةِ، فَإِذَا
أَمِنُوا فَكِرَّ عَلَيْهِمْ، فَرَاسَلَهُ مَرْوَانُ، فَأَمْسَكَ
الضَّحَّاكُ وَالْقَيْسِيَّةُ عَنِ الْقِتَالِ، وَهُمْ يَطْمَعُونَ
أَنَّ مَرْوَانَ يُبَايِعُ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَعَدَّ مَرْوَانُ
أَصْحَابَهُ وَشَدَّ عَلَى الضَّحَّاكِ، فَفَزِعَ قَوْمُهُ إِلَى
رَايَاتِهِمْ، وَنَادَى النَّاسُ:
يَا أَبَا أُنَيْسٍ أعَجْزًا بَعْدَ كَيْسٍ! فَقَالَ الضَّحَّاكُ:
نَعَمْ أَنَا أَبُو أُنَيْسٍ عَجْزٌ لَعَمْري بَعْدَ كَيْسٍ،
وَالْتَحَمَ الْحَرْبُ، وَصَبَرَ الضَّحَّاكُ، فَتَرَجَّلَ مَرْوَانُ
وَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مَنْ يُوَلِّيهِمُ الْيَوْمَ ظَهْرَهُ حَتَّى
يَكُونَ الأَمْرُ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ،
وَصَبَرَتْ قَيْسُ عَلَى رَايَتِهَا يُقَاتِلُونَ عندها،
فَاعْتَرَضَهَا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، فَكَانَ إِذَا سَقَطَتِ الرَّايَةُ
تَفَرَّقَ أَهْلُهَا، ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَنَادَى مُنَادِي مَرْوَانَ
لا تَتَّبِعُوا مُوَلِّيًا [1] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: قُتِلَتْ قَيْسُ بِمَرْجِ رَاهِطٍ مَقْتَلَةً
لَمْ يُقْتَلْ مِنْهَا قَطُّ، وَذَلِكَ في نصف ذي الحجّة سنة أربع ستين
[2] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ
الْكَلْبِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شَهِدَ مَقْتَلَ الضَّحَّاكِ
قَالَ: مَرَّ بِنَا زَحْنَةُ [3] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكَلْبِيُّ، لا
يَطْعَنُ أَحَدًا إِلا صَرَعَهُ، إذ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ فَطَعَنَهُ
فَصَرَعَهُ، فَأَتَيْتُهُ فِإذَا هُوَ الضَّحَّاكُ، فَاحْتَزَزْتُ
رَأْسُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ مَرْوَانَ، فَكَرِهَ قَتْلَهُ، وَقَالَ:
الآنَ حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي واقترب أجلي، أقبلت بالكتائب أضرب بعضها
ببعض، وأمر لي بجائزة [4] .
__________
[1] الخبر بطوله في تهذيب تاريخ دمشق 7/ 10- 12، وانظر: تاريخ الطبري
5/ 531- 534.
[2] تاريخ الطبري 5/ 534.
[3] في الأصل «زحمة» والتصحيح من تاريخ الطبري 5/ 538 والقاموس المحيط.
[4] تاريخ الطبري 5/ 538، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 12.
(5/136)
[حرف الْعَيْنِ]
45- عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْخَطَّابِ [1] ت م ق أبو عمر العدوي.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ حفص، وعبيد الله، وعروة بن الزبير.
__________
[1] عن (عاصم بن عمر) انظر:
نسب قريش 353 و 355 و 361، ومسند أحمد 3/ 478، والمحبّر 418 و 448،
وطبقات ابن سعد 5/ 15، وطبقات خليفة 234، وتاريخ خليفة 267، والتاريخ
الكبير 6/ 477، 478 رقم 3038، وتاريخ الثقات للعجلي 242 رقم 642،
والثقات لابن حبان 5/ 223، والجرح والتعديل 6/ 346 رقم 1912، والمعارف
184 و 187 و 188، والعقد الفريد 6/ 8 و 349، والمعرفة والتاريخ 1/ 221،
وأنساب الأشراف 1/ 427 و 428، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية)
1561، فتوح البلدان 226، معجم الشعراء للمرزباني 271، ومشاهير علماء
الأمصار رقم 442، والاستيعاب 3/ 136، 137، وعيون الأخبار 1/ 322،
وجمهرة أنساب العرب 152 و 155 و 333، وتاريخ الطبري 2/ 642 و 4/ 99 و
6/ 566، وربيع الأبرار 4/ 285، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 255
رقم 277، ووفيات الأعيان 6/ 302، 303، والكامل في التاريخ 2/ 210 و 3/
54 و 4/ 308 و 5/ 59 و 325 و 394، وأسد الغابة 3/ 76، والجمع بين رجال
الصحيحين 1/ 383، وتهذيب الكمال 2/ 636، والعبر 1/ 78، وسير أعلام
النبلاء 4/ 97 رقم 30، والكاشف 2/ 46 رقم 2534، وتاريخ الإسلام (عهد
الخلفاء الراشدين) 268، والوافي بالوفيات 16/ 570، 571 رقم 604، ومرآة
الجنان 1/ 271، والإصابة 3/ 56 رقم 6154، وتهذيب التهذيب 5/ 52، 53 رقم
83، وتقريب التهذيب 1/ 385 رقم 19، وخلاصة تذهيب التهذيب 183، والنجوم
الزاهرة 1/ 185، وشذرات الذهب 1/ 77.
(5/137)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لا يُرْوَى عَنْهُ
إِلا حَدِيثٌ وَاحِدٌ [1] .
وَأُمُّهُ هِيَ جَمِيلَةُ [2] بِنْتُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ
الأَنْصَارِيَّةُ الَّتِي كَانَ اسْمُهَا عَاصِيَةُ، فَغَيَّرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَهَا، وَتَزَوَّجَتْ
بَعْدَ عُمَرَ يَزِيدَ بْنَ جَارِيَةَ [3] الأَنْصَارِيَّ، فَوَلَدَتْ
لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَ عَاصِمٌ طَوِيلا جَسِيمًا، يُقَالُ إِنَّ ذِرَاعَهُ كَانَ
ذِرَاعًا وَنَحْوًا مِنْ شِبْرٍ [4] ، وَكَانَ خَيِّرًا فَاضِلا
دَيِّنًا شَاعِرًا مُفَوَّهًا فَصِيحًا، وَهُوَ جَدُّ الْخَلِيفَةِ
الْعَادِلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لأُمِّهِ.
وَلَقَدْ رَثَاهُ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
فَقَالَ:
فَلَيْتَ الْمَنَايَا كُنَّ خَلَّفْنَ عَاصِمًا فَعِشْنَا جَمِيعًا
أَوْ ذَهَبْنَ بِنَا مَعًا [5] وَقِيلَ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَمْرِو،
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ.
46- عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ [6] التَّمِيمِيُّ الْعَنْبَرِيُّ
الْبَصْرِيُّ الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ الله، ويقال: أبو عمرو، عابد
زمانه.
__________
[1] الجرح والتعديل 3/ 346.
[2] في الأصل «حملة» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3] في الأصل «حارثة» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] الاستيعاب 3/ 137، الوافي بالوفيات 16/ 570، تهذيب الأسماء ق 1 ج
1/ 255.
[5] الاستيعاب 3/ 137، الإصابة 33/ 56، الوافي 16/ 570.
[6] انظر عن (عامر بن عبد قيس) في:
طبقات ابن سعد 7/ 103، وطبقات خليفة 459، والزهد لأحمد 218، والمعرفة
والتاريخ 2/ 69، والتاريخ الكبير 6/ 447 رقم 2948، وتاريخ الثقات
للعجلي 245 رقم 755، والثقات لابن حبّان 5/ 187، والجرح والتعديل 6/
325 رقم 1808، وتاريخ الطبري 4/ 19 و 85 و 302 و 327 و 333، وجمهرة
أنساب العرب 208، وعيون الأخبار 1/ 308 و 2/ 370 و 3/ 184، والمعارف
438، وحلية الأولياء 2/ 87- 95 رقم 163، والعقد الفريد 3/ 151 و 171 و
172 و 414 و 283، ومشاهير علماء الأمصار 89 رقم 647، والزهد لابن
المبارك 95 و 294 و 295 و 299 و 529 و 544 والملحق 77، وأنساب الأشراف
ق 4 ج 1/ 547، والبدء والتاريخ 1/ 76، وتاريخ دمشق (عاصم- عائذ) 323-
370 رقم 47، وأسد الغابة 3/ 88، والكامل في التاريخ 2/ 547 و 3/ 145 و
149، وسير أعلام النبلاء 4/ 15- 19 رقم
(5/138)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَسَلْمَانَ
الْفَارِسِيِّ.
وعنه: الحسن، وابن سيرين، وأبو عبد الرحمن الحبلي [1] وغيرهم.
قال أحمد العجلي [2] : كان ثقة من كبار التابعين.
وقال أبو عبيد في (القراءات) : كان عامر بن عبد الله الذي يعرف بابن
عبد قيس يقرئ الناس.
ثنا عَبَّادٌ [3] ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ عَامِرًا
كَانَ يَقُولُ: مَنْ أُقْرِئُ؟
فَيَأْتِيهِ نَاسٌ، فَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي
إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ يُقْرِئُ
النَّاسَ إِلَى الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ
الْعِشَاءَيْنِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيَأْكُلُ
رَغِيفًا وَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ لِصَلاتِهِ،
ثُمَّ يَتَسَحَّرُ رَغِيفًا.
وَقَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ وُشِيَ
بِهِ إِلَى زِيَادٍ، وَقِيلَ:
إِلَى ابْنِ عَامِرٍ، فَقَالُوا لَهُ: هَا هُنَا رَجُلٌ قِيلَ لَهُ:
مَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَ وَقَدْ
تَرَكَ النِّسَاءَ، قَالَ فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ
إِلَيْهِ: أَنِ انْفِهِ إِلَى الشَّامِ عَلَى قَتَبٍ [4] ، فَلَمَّا
جَاءَهُ الْكِتَابُ أَرْسَلَ إِلَى عَامِرٍ فَقَالَ: أَنْتَ قِيلَ
لَكَ: مَا إِبْرَاهِيمُ خَيْرًا مِنْكَ، فَسَكَتَّ؟ فَقَالَ: أَمَا
وَاللَّهِ مَا سُكُوتِي إِلا تَعَجُّبًا لَوَدِدْتُ إِنِّي غُبَارُ
قَدَمَيْهِ، فَيَدْخُلُ بِي الْجَنَّةَ، قَالَ: وَلِمَ تَرَكْتَ
النِّسَاءَ؟
قَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُهُنَّ إِلا إِنِّي قَدْ عَلِمْتَ
أَنَّهَا مَتَى تَكُونُ امْرَأَةٌ فَعَسى أن يكون
__________
[ () ] 4، والوافي بالوفيات 16/ 585، 586 رقم 624، والتذكرة الحمدونية
1/ 178 و 200، ونثر الدر 7/ 62 رقم 8، والبيان والتبيين 3/ 143، و 162،
وشرح نهج البلاغة 2/ 95، والنمر والثعلب، لسهل بن هارون، تحقيق عبد
القادر المهيري، تونس 1973- ص 112 رقم 69، وغاية النهاية 1/ 350 رقم
1502، والإصابة 3/ 85 رقم 6284، وخلاصة تذهيب التهذيب 185، وتهذيب
التهذيب 5/ 77، ورغبة الآمل للمرصفي 2/ 37.
[1] الحبلي: بضم الحاء المهملة والباء الموحّدة، نسبة إلى بطن من
المعافر. (اللباب 1/ 275) .
[2] تاريخ الثقات 245 رقم 755.
[3] في طبعة القدسي 4/ 26 «عياد» ، وهو تحريف.
[4] القتب: الرّحل الصغير على قدر سنام البعير.
(5/139)
وَلَدٌ، وَمَتَى يَكُونُ وَلَدٌ
تَشَعَّبَتِ الدُّنْيَا قَلْبِي، فَأَحْبَبْتُ التَّخَلِّي مِنْ
ذَلِكَ، فَأَجْلاهُ عَلَى قَتَبٍ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ
أَنْزَلَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَهُ الْخَضْرَاءَ [1] ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ
بِجَارِيَةً، وَأَمَرَهَا أَنْ تُعْلِمَهُ مَا حَالُهُ، فَكَانَ
يَخْرُجُ مِنَ السَّحَرِ، فَلا تَرَاهُ إِلا بَعْدَ الْعَتْمَةِ،
فَيَبْعَثُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِطَعَامٍ، فَلا يَعْرِضُ لَهُ،
وَيَجِيءُ مَعَهُ بِكِسْرٍ فَيَبِلُّهَا وَيَأْكُلُ مِنْهَا، ثُمَّ
يَقُومُ إِلَى أَنْ يَسْمَعَ النِّدَاءَ فَيَخْرُجَ، وَلا تَرَاهُ
إِلَى مِثْلِهَا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عُثْمَانَ يَذْكُرُ
حَالَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ: أَنِ اجْعَلْهُ أَوَّلَ دَاخِلٍ
وَآخِرَ خَارِجٍ، وَمُرْ لَهُ بِعَشَرَةٍ مِنَ الدَّقِيقِ وَعَشَرَةٍ
مِنَ الظَّهْرِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
أَمَرَ لَكَ بِكَذَا، قَالَ: إِنَّ عَلَيَّ شَيْطَانًا قَدْ غَلَبَنِي،
فَكَيْفَ أَجْمَعُ عَلَى عَشَرَةٍ [2] .
وَكَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَرَوَى بِلالُ بْنُ سَعْدٍ عَمَّنْ رَآهُ
بِأَرْضِ الرُّومِ يَرْكَبُهَا عُقْبَةُ، وَيَحْمِلُ الْمُهَاجِرُ
عُقْبَةَ [3] .
قَالَ بِلالُ بْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ إِذَا فَصَلَ [4] غَازِيًا
يَتَوَسَّمُ- يَعْنِي مَنْ يُرَافِقَهُ- فَإِذَا رَأَى رِفْقَةً
تُعْجِبُهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْدُمَهُمْ، وأن يؤذّن، وأن
ينفق عليهم طَاقَتَهُ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِطُولِهِ فِي
«الزُّهْدِ» [5] .
وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ عَامِرٌ يَسْأَلُ
رَبَّهُ أن يَنْزَعَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ مِنْ قَلْبِهِ، فَكَانَ لا
يُبَالِي إِذَا لَقِيَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَسَأَلَ رَبَّهُ أن
يَمْنَعَ قَلْبَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلَمْ
يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ ذَهَبَ عَنْهُ [6] .
وَعَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمُجَاشِعِيِّ قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ
عَبْدِ قَيْسٍ: أَتُحَدِّثُ نَفْسَكَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ،
أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تعالى ومنصرفي
[7] .
__________
[1] هي دار الإمارة بدمشق.
[2] تاريخ دمشق (عاصم- عائذ) 332، الزهد لابن المبارك 299، 300 رقم
867.
[3] الزهد لابن المبارك 300 وعقبة: نوبة.
[4] فصل: أي خرج من منزله وبلده.
[5] ص 299، 300 رقم 867، تاريخ دمشق 333، 334.
[6] تاريخ دمشق 345، والزهد لابن المبارك 295 رقم 861.
[7] تاريخ دمشق 349.
(5/140)
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: لَمَّا رَأَى كَعْبُ الأَحْبَارِ
عَامِرًا بِالشَّامِ قَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ عَبْدِ
قَيْسٍ، فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا رَاهِبُ هَذِهِ الأُمَّةِ [1] .
وَرَوَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ
قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: إِنَّكَ تَبِيتَ خَارِجًا،
أَمَا تَخَافُ الأَسَدَ! قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحْيِ مِنْ رَبِّي أن
أَخَافَ شَيْئًا دُونَهُ [2] .
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ قَتَادَةَ.
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ: لَقِيَ
رَجُلٌ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا هَذَا، أَلَمْ يَقُلِ
اللَّهُ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً 13: 38 [3] يَعْنِي:
وَأَنْتَ لا تَتَزَوَّجُ، فَقَالَ: أَفَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ تَعَالَى:
وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ 51: 56 [4] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى
الأَزْدِيُّ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحِ، أنبأ أَبُو وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ
عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْعَابِدِينَ،
فَفَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ رَكْعَةٍ، يَقُومُ عِنْدَ
طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَلا يَزَالُ قَائِمًا إِلَى الْعَصْرِ، ثُمَّ
يَنْصَرِفُ وَقَدِ انْتَفَخَتْ سَاقَاهُ فَيَقُولُ: يَا نَفْسُ إنّما
خلقت للعبادة، يا أمّارة بالسّوء، فو الله لأعلمنّ بِكِ عَمَلا
يَأْخُذُ الْفِرَاشُ مِنْكِ نَصِيبًا [5] .
وَهَبَطَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ وَادِي السِّبَاعِ، وَفِيهِ عَابِدٌ
حَبَشِيٌّ، فَانْفَرَدَ يُصَلِّي فِي نَاحِيَةٍ وَالْعَابِدُ فِي
نَاحِيَةٍ، أَرْبَعِينَ يَوْمًا لا يَجْتَمِعَانِ إلا فِي صَلاةِ
الْفَرِيضَةِ [6] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنِ وَاسِعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ الشِّخِّيرِ: إِنَّ عامرا كان
__________
[1] تاريخ دمشق 339.
[2] الزهد لابن المبارك 294، 295 رقم 860، تاريخ دمشق 347.
[3] سورة الرعد- الآية 38.
[4] سورة الذاريات- الآية 56، والخبر في: طبقات ابن سعد 7/ 106، 107.
[5] حلية الأولياء 2/ 88، 89، تاريخ دمشق 348.
[6] حلية الأولياء 2/ 89، تاريخ دمشق 348 في حديث أطول مما هنا.
(5/141)
يأخذ عطاءه، فيجعله فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ،
فَلا يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْمَسَاكِينَ إِلا أَعْطَاهُ، فِإِذَا
دَخَلَ بَيْتِهِ رَمَى بِهِ إِلَيْهِمْ، فَيَعُدُّونَهَا
فَيَجِدُونَهَا سَوَاءً كَمَا أُعْطِيهَا [1] .
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ: ثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ
أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ بَعَثَ إليه أمير البصرة: مالك لا
تَزَوَّجُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُهُنَّ، وَإِنِّي لدائب في
الخطيئة، قال: ومالك لا تَأْكُلُ الْجُبْنَ؟ قَالَ: أَنَا بِأَرْضٍ
فِيهَا مَجُوسٌ، فَمَا شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ
لَيْسَ فِيهِ مَيْتَةٌ أَكَلْتَهُ، قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ
تَأْتِيَ الأُمَرَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ لَدَى أَبْوَابِكُمْ طُلَّابَ
الْحَاجَاتِ، فَادْعُوهُمْ وَاقْضُوا حَوَائِجَهُمْ، وَدَعُوا مَنْ لا
حَاجَةَ لَهُ إِلَيْكُمْ [2] .
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: حَدَّثَنِي فُلانٌ أَنَّ عَامِرًا
مَرَّ فِي الرَّحَبَةِ وَإِذَا ذِمِّيٌّ، يُظْلَمُ، فَأَلْقَى
رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ: لا أَرَى ذِمَّةَ اللَّهِ تُخْفَرُ وَأَنَا
حَيٌّ، فَاسْتَنْقَذَهُ [3] .
وَيُرْوَى أَنَّ سَبَبَ إِرْسَالِهِ إِلَى الشَّامِ كَوْنُهُ أَنْكَرَ
وَخَلَّصَ هَذَا الذِّمِّيَّ، فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: ثنا
الْجُرَيْرِيُّ قَالَ: لَمَّا سُيِّرَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ قَيْسٍ شَيَّعَهُ إِخْوَانُهُ، وَكَانَ بِظَهْرِ
الْمِرْبَدِ، فَقَالَ: إِنِّي دَاعٍ فأمِّنوا، قَالَ:
اللَّهمّ مَنْ وَشَى بِي وَكَذَبَ عَلَيَّ وَأَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرِي
وَفَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي، فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ،
وَأَصِحَّ جِسْمَهُ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ [4] .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: بُعِثَ بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ
إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ:
الْحَمْدُ للَّه الَّذِي حَشَرَنِي رَاكِبًا [5] .
وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ
لَمَّا احْتُضِرَ جَعَلَ يَبْكِي، فَقِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ:
وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصًا عَلَى
الدُّنْيَا، وَلَكِنْ أَبْكِي على ظمأ الهواجر وقيام الليل [6] .
__________
[1] الزهد لابن المبارك 295 رقم 862، تاريخ دمشق 356.
[2] حلية الأولياء 2/ 90، تاريخ دمشق 334، 335.
[3] حلية الأولياء 2/ 91.
[4] حلية الأولياء 2/ 91، تاريخ دمشق 339.
[5] حلية الأولياء 2/ 91.
[6] تاريخ دمشق 368، 369.
(5/142)
رَوَى ضَمْرَةُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَبْرَ عَامِرِ بْنِ
عَبْدِ قَيْسٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ [1] .
وَقِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ.
47- عَامِرُ بْنُ مَسْعُودٍ [2] أَبُو سَعْدٍ، وَقِيلَ: أَبُو سَعِيدٍ
الزُّرَقِيُّ الْأَنْمَارِيُّ، مُختَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ
عَائِشَةَ.
وَعَنْهُ: يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ [3] وَمَكْحُولٌ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ زَوْجُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ
السَّكَنِ، سَكَنَ دِمَشْقَ.
48- عائذ بن عمرو [4]- خ م ن- بن هلال أبو هبيرة المزني، لَهُ صُحْبَةٌ
وَرِوَايَةٌ، شَهِدَ بَيْعَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَنَزَلَ البصرة.
__________
[1] تاريخ دمشق 370.
[2] انظر عن (عامر بن مسعود) في:
تاريخ خليفة 261، وتاريخ دمشق (عاصم- عائذ) 452- 456 رقم 58، وأسد
الغابة 5/ 209، 210، وتهذيب الكمال 3/ 1609، والوافي بالوفيات 16/ 586
رقم 625، والاستيعاب 4/ 92، والإصابة 4/ 86 رقم 515، وتهذيب التهذيب
12/ 110 رقم 509، وتقريب التهذيب 2/ 428 رقم 35.
وقيل اسمه: سعد بن عمارة، وقيل: عمارة بن سعد. وقد ذكرته أكثر المصادر
بكنيته.
انظر: الجرح والتعديل 9/ 377، 378 رقم 1755.
[3] في الأصل «حلس» . والتصحيح من مصادر الترجمة.
[4] انظر عن (عائذ بن عمرو) في:
تاريخ خليفة 99 و 251، والتاريخ الكبير 7/ 58، 59 رقم 266، والجرح
والتعديل 7/ 16 رقم 74، وأنساب الأشراف 1/ 488، ومشاهير علماء الأمصار
41 رقم 251، والمعرفة والتاريخ 1/ 218 و 220 و 3/ 63 و 73، وطبقات ابن
سعد 7/ 20، وطبقات خليفة 84، والمعارف 298، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد
99 رقم 221، ومسند أحمد 5/ 64، والاستيعاب 3/ 152، وتهذيب الكمال 2/
648، وتحفة الأشراف 4/ 237، 238 رقم 264، والمستدرك 3/ 587، 588،
والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 404، وأسد الغابة 3/ 98، والكامل في
التاريخ 4/ 174، والوافي بالوفيات 16/ 595 رقم 643، والكاشف 2/ 53 رقم
2581، وتهذيب التهذيب 5/ 89 رقم 144، وتقريب التهذيب 1/ 390 رقم 78،
والإصابة 2/ 262 رقم 4449، وخلاصة تذهيب التهذيب 186، وتلخيص المستدرك
3/ 587، 588، والمعجم الكبير 18/ 16- 21.
(5/143)
رَوَى عَنْهُ: الْحَسَنُ، وَمُعَاوِيَةُ
بْنُ قُرَّةَ، وَأَبُو جَمْرَةَ الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو شِمْرٍ
الضَّبُعِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ.
وَكَانَ مِنْ فُضَلاءِ الصَّحَابَةِ وَصَالِحِيهِمْ، وَأَوْصَى أن
يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الأَسْلَمِيُّ. وَقَدْ دَخَلَ عَلَى
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَوَعَظَهُ، وَقَالَ: إِنَّ الدُّعَاءَ
الْحُطَمَةُ [1] .
49- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ [2] ابْنِ أَبِي عَامِرٍ عَبْدُ
عَمْرِو بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَيُقَالُ: أبو بكر ابن الْغَسِيلِ غَسِيلُ الْمَلائِكَةِ يَوْمَ
أُحُدٍ، وَيُعْرَفُ أَبُو عَامِرٍ بِالرَّاهِبِ، الأَنْصَارِيُّ
الأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبَهُ،
وَرَوَى عَنْهُ، وهو من صغار الصحابة.
__________
[1] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 18/ 18 رقم 27 من طريق: يحيى بن
أبي بكير، عن شعبة، عن يونس، عن الحسن، أن عائذ بن عمرو قال لزياد.
[2] انظر عن (عبد الله بن حنظلة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 65، والمحبّر 403 و 424، وطبقات خليفة 236، وتاريخ
خليفة 237 و 238 و 245، ومسند أحمد 5/ 222، والتاريخ الكبير 5/ 68 رقم
170، والمعرفة والتاريخ 1/ 261 و 263 و 3/ 326، والأخبار الطوال 265،
وعيون الأخبار 1/ 1، والعقد الفريد 4/ 388 و 389، وسيرة ابن هشام 3/
158، وتاريخ الطبري 2/ 537 و 5/ 480 و 482 و 487 و 489 و 495، ومقدّمة
مسند بقيّ بن مخلد 102 رقم 259، والجرح والتعديل 5/ 29 رقم 131، ومروج
الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1925، والاستيعاب 2/ 286، 287، وأنساب
الأشراف ق 4 ج 1/ 320 و 324- 328 و 333 و 334 و 353، وتهذيب تاريخ دمشق
7/ 370- 374، وتاريخ دمشق (عبد الله بن جابر- عبد الله بن زيد) 199-
215 رقم 262، وجمهرة نسب قريش 4333 (وفيه اسمه: عبيد الله) ،
والاستبصار 289، وتلقيح فهوم أهل الأثر 371، وأسد الغابة 3/ 147،
والكامل في التاريخ 4/ 102 و 111 و 115، وتحفة الأشراف 4/ 314، 315 رقم
286، وتهذيب الكمال 676، والكاشف 2/ 73 رقم 2722، وسير أعلام النبلاء
3/ 321- 325 رقم 49، والوافي بالوفيات 17/ 155 رقم 140، والبداية
والنهاية 8/ 224، وجامع التحصيل 255 رقم 350، والإصابة 2/ 299، 300 رقم
4637، وتهذيب التهذيب 5/ 193 رقم 332، وتقريب التهذيب 1/ 266، وخلاصة
تذهيب التهذيب 165، وشذرات الذهب 1/ 71.
(5/144)
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ
الْخَطْمِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَضَمْضَمُ [1] بْنُ جَوْسٍ
[2] ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، وَلَهُ رِوَايَةٌ
عَنْ عُمَرَ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَكَانَ رَأْسُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّة.
قَالَ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ
ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ [2] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ
الرَّاهِبِ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى نَاقَةٍ [3] . تَفَرَّدَ بِهِ
الْحَسَنُ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سَبْعِ سِنِينَ [4] ،
وَأُصِيبَ يَوْمَ الْحَرَّةِ [5] ، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَقْتَلِ
أَبِيهِ.
50- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَيْثَمَةَ [6] الأَنْصَارِيُّ السَّالِمِيُّ
الْخَزْرَجِيُّ. قَالَ ابن سعد: شهد أحدا وبقي إلى دَهْرِ يَزِيدَ بْنِ
مُعَاوِيَةَ.
51- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيد [7] بن عاصم بن كعب الأنصاري النّجّاري
المازني
__________
[1] في الأصل «ضمضمة» .
[2] قيّدها القدسي «جوش» بالشين المعجمة.
[3] قال المؤلّف في: سير أعلام النبلاء 3/ 322 «إسناده حسن» . وفي
تاريخ دمشق 200 «على ناقته» .
والحديث في: سنن الدارميّ 2/ 62، والنسائي 5/ 270، والترمذي 3/ 264،
وابن ماجة 2/ 1009.
[4] تاريخ دمشق 204.
[5] كانت الحرّة في سنة 63 هـ.
[6] انظر عن (عبد الله بن خيثمة) في:
طبقات ابن سعد 3/ 627، والمغازي للواقدي 998 و 1075، والإصابة 2/ 303
رقم 4655.
[7] انظر عن (عبد الله بن زيد) في:
السير والمغازي لابن إسحاق 298، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 67،
وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 267، 268 رقم 298، والمعرفة والتاريخ
1/ 260، 261، والكامل في التاريخ 4/ 117، وأسد الغابة 3/ 167، 168،
ومشاهير علماء الأمصار 19 رقم 71، وأنساب الأشراف 1/ 325، وفتوح
البلدان 107، والتاريخ لابن معين 2/ 308، 309، والجرح والتعديل 5/ 57
رقم 266، والمغازي للواقدي 270 و 272 و 341، وطبقات
(5/145)
الْمَدَنِيُّ، أَخُو حَبِيبٍ الَّذِي
قَتَلَهُ [1] مُسَيْلَمَةُ الْكَذَّابُ، وَعَمِّ عَبَّادٍ بْنِ
تَمِيمٍ، وَهُوَ الَّذِي حَكَى وُضُوءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
وَلَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَقِيلَ: إِنَّهُ الَّذِي قَتَلَ
مُسَيْلَمَةَ مَعَ وَحْشِيٍّ، اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ، وَأَخَذَ
بِثَأْرِ أَخِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيهِ عَبَّادٌ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمَسيِّبِ،
وَوَاسِعُ بْنِ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمْ.
وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
52- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ [3]- م- بن أبي السائب صيفي بن
عابد
__________
[ () ] خليفة 92، وتاريخ خليفة 110 و 248، والتاريخ الصغير 72، ومسند
أحمد 4/ 38، والمستدرك 3/ 520، 521، والاستيعاب 2/ 312، وتحفة الأشراف
4/ 335- 343 رقم 294، وتهذيب الكمال 684، والاستبصار 81، وطبقات ابن
سعد 5/ 531، وسير أعلام النبلاء 2/ 377، 378 رقم 80، والعبر 1/ 68،
والكاشف 2/ 79 رقم 2760، وتلخيص المستدرك 3/ 520، 521، والوافي
بالوفيات 17/ 184 رقم 166، وتهذيب التهذيب 5/ 223 رقم 385، وتقريب
التهذيب 1/ 417 رقم 317، والإصابة 2/ 312، 313 رقم 4688، والنكت الظراف
4/ 336 و 341، وخلاصة تذهيب التهذيب 198، وشذرات الذهب 1/ 71.
[1] في الأصل «قطعه» ، والتصحيح من: الإصابة.
[2] أخرجه البخاري 1/ 251، 252، ومسلم (235) ومالك في الموطأ 1/ 18 من
طريق:
عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري
قال: قيل له:
توضّأ لنا وضوء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدعا بإناء، فأكفأ
منها على يديه، فغسلهما ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض واستنشق
من كفّ واحدة، ففعل ذلك ثلاثا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثا.
ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين، مرتين مرتين. ثم أدخل
يده فاستخرجها فمسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر، ثم غسل رجليه إلى
الكعبين. ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله.
[3] انظر عن (عبد الله بن السائب) في: التاريخ الصغير 66، وطبقات خليفة
20 و 277، والمحبّر 174، وطبقات ابن سعد 5/ 445، والمغازي للواقدي
1098، ومسند أحمد 3/ 410، وجمهرة أنساب العرب 143، ومقدّمة مسند بقيّ
بن مخلد 100 رقم 235 و 120 رقم 466، والتاريخ الكبير 5/ 8، 9 رقم 15،
والجرح والتعديل 5/ 65 رقم 301، والمعرفة والتاريخ 1/ 222 و 247 و 704
و 2/ 23 و 3/ 96، وتحفة الأشراف 4/ 346- 348 رقم 296، وتهذيب الكمال
685، والاستيعاب 2/ 380- 382، وتاريخ بغداد 9/ 460- 463 رقم 5092، وأسد
الغابة 3/ 170، والكاشف 2/ 80 رقم 2767، وسير
(5/146)
الْمَخْزُومِيُّ الْعَابِدِيُّ، أَبُو
السَّائِبِ وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرحمن، المكّي، قَارِئُ أَهْلِ
مَكَّةَ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ أَبُو السَّائِبِ شَرِيكَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ،
وَأَسْلَمَ السَّائِبُ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَجَاءَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ
أمَّ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي رَمَضَانَ زَمَنَ عُمَرَ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: رَأَيْتُ
ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ قَبْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
السَّائِبِ، وَقَامَ النَّاسُ عَنْهُ، قَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَقَفَ
عَلَى قَبْرِهِ، فَدَعَا لَهُ وَانْصَرَفَ [1] .
روى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ،
وَسِبْطُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَآخَرُونَ. قَرَأَ
عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [2] .
وَقَرَأَ عَلَيْهِ: مُجَاهِدٌ، وَغَيْرُهُ، وَآخِرُ مِنْ رَوَى عَنْهُ
الْقُرْآنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ.
تُوُفِّيَ بَعْدَ السَّبْعِينَ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ الصَّحَابَةِ.
وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ.
53- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ [3] أَبُو مَعْمرٍ الأَزْدِيُّ
الْكُوفِيُّ، تَابِعِيٌّ مَشْهُورٌ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم.
__________
[ () ] أعلام النبلاء 3/ 388- 390 رقم 59، والوافي بالوفيات 17/ 187،
188 رقم 171، ومعرفة القراء الكبار 1/ 42، 43، والجمع بين رجال
الصحيحين 1/ 246، وغاية النهاية 1/ 419، 420 رقم 1775، ومجمع الزوائد
9/ 409، والعقد الثمين 5/ 163، والإصابة 2/ 314 رقم 4698، وتهذيب
التهذيب 5/ 229 رقم 393، وتقريب التهذيب 1/ 417 رقم 324، وخلاصة تذهيب
التهذيب 168.
[1] طبقات ابن سعد 5/ 445.
[2] في طبقات القراء لابن الجزري: روى القراءة عرضا عن أبيّ بن كعب
وعمر بن الخطاب.
[3] انظر عن (عبد الله بن سخبرة) في:
طبقات ابن سعد 6/ 73، والتاريخ الكبير 5/ 97، 98 رقم 280، والمعرفة
والتاريخ 2/ 553، 554 و 695 و 3/ 119 و 207، والجرح والتعديل 5/ 68 رقم
321، وطبقات خليفة 149، والكاشف 2/ 81 رقم 2770، والوافي بالوفيات 17/
188 رقم 172، وتهذيب التهذيب 5/ 230، 231 رقم 397، وتقريب التهذيب 1/
418 رقم 328، وخلاصة تذهيب التهذيب 199.
(5/147)
وَرَوَى عَنْ: عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مَسْعُودٍ، والمقداد بن الأسود، وخبّاب ابن الأَرَتِّ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ، وَمُجَاهِدٌ، وَعُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ
التَّيْمِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
54- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ [1] ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ
هَاشِمٍ، الْحَبْرُ الْبَحْرُ أَبُو الْعَبَّاسِ، ابْنُ عَمِّ
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن عباس) في:
طبقات ابن سعد 2/ 365- 372، والزهد لأحمد 236، والمسند له 1/ 214،
والمغازي للواقدي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 1196، 1197، والأخبار
الموفقيّات (انظر فهرس الأعلام) 673، وطبقات خليفة 3 و 126 و 189 و
284، وتاريخ خليفة (انظر فهرس الأعلام) 559، والتاريخ الصغير 69،
والتاريخ الكبير 5/ 3- 5 رقم 5، والبرصان والعرجان (انظر فهرس الأعلام)
409، والمحبّر (انظر فهرس الأعلام) 658، وفتوح البلدان 15 و 24 و 32 و
89، وأنساب الأشراف 1/ 57 و 317 و 368 و 446- 448 و 517 و 545، وج 3
(انظر فهرس الأعلام) 341، وج 4 ق 1 (انظر فهرس الأعلام) 651، والأخبار
الطوال (انظر فهرس الأعلام) 432، وأخبار القضاة (انظر فهرس الأعلام) 1/
33، و 2/ 483 و 3/ 356، ومشاهير علماء الأمصار 9 رقم 17، ونسب قريش 26
و 27 و 264 و 439، والسير والمغازي لابن إسحاق (انظر فهرس الأعلام)
349، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) انظر فهرس الأعلام 1/ 388 و 2/ 398 و
3/ 327 و 4/ 331، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 641، 642،
وعيون الأخبار (انظر فهرس الأعلام) 4/ 206، 207، والتاريخ لابن معين 2/
315- 317، وتاريخ الطبري (انظر فهرس الأعلام) 10/ 309، 310، والمنتخب
من ذيل المذيّل 523- 525، وتاريخ الثقات للعجلي 263- 265 رقم 834،
والثقات لابن حبّان 3/ 207، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 80 رقم 5،
والفصل لابن حزم 4/ 4/ 152، وثمار القلوب (انظر فهرس الأعلام) 584،
وحلية الأولياء 1/ 314- 329 رقم 45، ورياض النفوس للمالكي 1/ 41 رقم 1،
تحقيق حسين مؤنس- القاهرة 1951، وجمهرة أنساب العرب 18- 20 و 24 و 69 و
71 و 74 و 311 و 451، وربيع الأبرار 1/ 38 و (انظر فهرس الأعلام) 4/
532، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 34 و 173 و 286 و 1625 و
1627 و 1652 و 1955، 1956 (وانظر فهرس الأعلام) 2/ 473، 474، والزهد
لابن المبارك (انظر الفهرس) (و) ، (م) ، رقم 312، والجرح والتعديل 5/
116 رقم 527، والمستدرك 3/ 533- 546، والاستيعاب 2/ 350- 357، وتحفة
الأشراف 4/ 362 و 5/ 3- 281 رقم 302، وتهذيب الكمال 698، وتاريخ بغداد
1/ 173- 175 رقم 14، والزاهر (انظر فهرس الأعلام) 2/ 611، والزيارات
19، ووفيات الأعيان 2/ 62- 64، والجمع بين رجال الصحيحين 15/ 239،
وجامع الأصول 9/ 63، وأسد الغابة 3/ 290، والكامل في التاريخ (انظر
فهرس الأعلام)
(5/148)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وأبو الخلفاء.
__________
[ () ] 13/ 204، والمعارف 121- 123 و 196 و 209 و 267 و 282 و 589،
وتاريخ العظيمي 87 و 174 و 175 و 184 و 189 و 274، ومختصر التاريخ لابن
الكازروني (انظر فهرس الأعلام) 323، والحلّة السيراء 1/ 20- 24 رقم 3،
وأخبار مكة (انظر فهرس الأعلام) 1/ 407 و 2/ 350، والشعر والشعراء 286
و 410 و 615 و 732، وأمالي المرتضى (انظر فهرس الأعلام) 2/ 586، وشفاء
الغرام (بتحقيقنا) (انظر فهرس الأعلام) 2/ 538، 539، والبدء والتاريخ
5/ 105، 106، ومسند أبي عوانة (انظر فهرس الأعلام) 2/ 420، ولباب
الآداب (انظر فهرس الأعلام) 490، وصفة الصفوة 1/ 314- 319، وطبقات
الفقهاء للشيرازي 48، 49، ونكت الهميان 180- 182، والوافي بالوفيات 17/
231- 234 رقم 215، والبداية والنهاية 8/ 295- 307، ومرآة الجنان 1/
143، وسير أعلام النبلاء 3/ 331- 359 رقم 51، وتذكرة الحفّاظ 1/ 40، 41
رقم 18، ومعرفة القراء الكبار 1/ 45، 46 رقم 9، وطبقات علماء إفريقية
وتونس 74، لأبي العرب القيرواني، تحقيق علي الشابي ونعيم حسن اليافي-
تونس 1968، والعبر 1/ 76، والكاشف 2/ 90 رقم 2832، وتلخيص المستدرك 3/
533- 546، والمعين في طبقات المحدّثين 23 رقم 77، والمغازي (من تاريخ
الإسلام) انظر فهرس الأعلام 763، والسيرة النبويّة (من تاريخ الإسلام)
الفهرس 631، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) الفهرس 714،
715، والوفيات لابن قنفذ 76، 77 رقم 68 و 84 رقم 87 والتذكرة الحمدونية
(انظر فهرس الأعلام) 1/ 479 و 2/ 506، ودول الإسلام 1/ 51، والفائق في
غريب الحديث للزمخشري- تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل
إبراهيم- القاهرة 1945- 1947- ج 1/ 642، 643، وشمائل الرسول لابن كثير-
تحقيق مصطفى عبد الواحد- القاهرة 1967- ص 50، 51، ونثر الدرّ للآبي-
تحقيق محمد علي القرني- مطبعة الهيئة المصرية العامة، القاهرة 1980،
1981- ج 1/ 404 و 405 و 408، 409 و 415 وعيون أخبار الرضا- للشيخ
الصدوق- طبعة قم 1377 هـ- ج 1/ 317، ومكارم الأخلاق، للطبرسي- مصر 1303
هـ. - ص 5 و 10، والبصائر والذخائر، لأبي حيّان التوحيدي- تحقيق د.
إبراهيم الكيلاني- دمشق 1964- 1968 ج 2/ 194 و 431 و 461 و 3/ 608،
والحكمة الخالدة (جاويدان خرد) لمسكويه- تحقيق د. عبد الرحمن بدوي-
القاهرة 1952- ص 132، ومحاضرات الأبرار لابن عربي- طبعة دار اليقظة
العربية 1968- ج! / 150، 151، والبيان والتبيين 1/ 123 و 235 و 2/ 94 و
3/ 257 وأدب الدنيا والدين للماوردي- تحقيق مصطفى السقا- القاهرة 1955-
ص 33 و 104، وأخبار الدولة العباسية، لمؤرّخ مجهول- تحقيق د. عبد
العزيز الدوري ود.
عبد الجبار المطلبي- طبعة دار الطليعة، بيروت 1971 ص 120، والكامل
للمبرّد 1/ 177 و 265 و 2/ 312، والزهرة لابن داود الأصفهاني- تحقيق د.
إبراهيم السامرائي ود. نوري حمودي القيسي- بغداد 1975- ج 1/ 264، وبهجة
المجالس لابن عبد البر- تحقيق محمد مرسي الخولي- طبعة دار الكتاب
العربيّ، القاهرة- ج 1/ 43 و 343 و 394 و 402 و 427، و 428 و 458
والمستطرف للإبشيهي 1/ 89، و 121، ونهاية الأرب للنويري 6/ 16، وغرر
الخصائص، للوطواط- طبعة بيروت 2- ص 441، وبرد الأكباد في الأعداد
للثعالبي- ضمن
(5/149)
وُلِدَ فِي شِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ قَبْلَ
الْهِجْرَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، وَذَكَر ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَوْمَ
حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَ قَدْ نَاهَزَ الاحْتِلامَ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ
قَرَأْتُ «الْمُحْكَمَ» [1] ، فَتَحَقَّقَ هَذَا.
وَصَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا لَهُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ
مرّتين [2] .
__________
[ () ] مجموعة خمس رسائل- طبعة الجوائب 1301 هـ. - ص 114، وكتاب الآداب
لجعفر بن شمس الخلافة- القاهرة 1931- ص 28، وشرح نهج البلاغة لابن أبي
الحديد- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- القاهرة 1969- 1976- ج 6/ 357،
وسراج الملوك للطرطوشي- طبعة الإسكندرية 1289 هـ. - ص 203، وعين الأدب
والسياسة، لابن هذيل- طبعة مصر 1302 هـ. ص 154، ومحاضرات الأدباء
ومحاورات الشعراء للراغب الأصبهاني- طبعة بيروت- ج 1 و 526 و 692، و 2/
365، وكتاب ألف باء للبلوي- طبعة القاهرة 1287 هـ. - ج 1/ 19 و 22 و
25، والتمثيل والمحاضرة للثعالبي- تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو-
القاهرة 1961- ص 30، وشرح مقامات الحريري للشريشي- تحقيق محمد أبو
الفضل إبراهيم- القاهرة 1969- 1976 ج 286، 287، والصداقة والصديق، لأبي
حيّان التوحيدي- تحقيق د. إبراهيم الكيلاني- دمشق 1964- ص 45، والعقد
الثمين 5/ 190، وغاية النهاية 1/ 425، 426 رقم 1791، والإصابة 2/ 330-
334 رقم 4781، وتهذيب التهذيب 5/ 276- 279 رقم 474، وتقريب التهذيب 1/
425 رقم 404، والنكت الظراف 4/ 364 و 5/ 4- 279، والمطالب العالية 4/
114، والنجوم الزاهرة 1/ 182، وخلاصة تذهيب التهذيب 172، والتحفة
اللطيفة 2/ 430، وتدريب الراويّ للسيوطي 2/ 217، وحسن المحاضرة 1/ 214،
وطبقات الحفاظ 10، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 332، 233، وشذرات
الذهب 1/ 75، 76.
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 253 و 287 و 337 و 357، والطيالسي في
مسندة 2/ 148، والطبراني (10577) .
[2] أخرج البخاري في العلم (1/ 155) باب قول النبي صلّى الله عليه
وسلّم: «اللَّهمّ علّمه الكتاب» و 7/ 78 في فضائل الصحابة، باب ذكر ابن
عباس، و 13/ 208 في أول كتاب الاعتصام، والترمذي (3824) ، وابن ماجة
(166) ، والطبراني (10588) ، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 29 وكلهم
من طريق: خالد الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ضمّني النبي صلّى
الله عليه وسلّم 7 لي صدره وقال: «اللَّهمّ علّمه الحكمة» . وأخرجه ابن
سعد في طبقاته 2/ 365 من طريق: عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس
قال: دعاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمسح على ناصيتي وقال:
«اللَّهمّ علّمه الحكمة وتأويل الكتاب» .
(5/150)
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: نِعْمَ
تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ.
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي
بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَأَبِيهِ
الْعَبَّاسِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ،
وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
رَوَى عَنْهُ: أَنَسٌ، وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَابْنُهُ
عَلِيٌّ، وَمَوَالِيهِ الْخَمْسَةُ:
كريب، وعكرمة، ومقسم، وأبو معبد نافذ [1] ، وَدَفِيفٌ، وَمُجَاهِدٌ،
وَطَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَعُرْوَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ [2] ،
وَالْقَاسِمُ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ،
وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ
يَسَارٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَأَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ،
وَأَبُو صَالِحٍ بَاذَامُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ
الْبَصْرِيُّ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ،
وَالضَّحَّاكُ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي
يَزِيدَ، وَإِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الْمُزَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: جَمَعْتُ الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُبِضَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ
حِجَجٍ [3] ، قُلْتُ: وَمَا «الْمُحْكَمُ» ؟ قَالَ: «الْمُفَصَّلُ» .
خَالَفَهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ: فَرَوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ
سَنَةً، وَأَنَا خَتِينٌ [4] .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ، وَأَنَا قَدْ نَاهَزْتُ
الاحْتِلامَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى [5] .
__________
[1] في الأصل «ناقد» والتصحيح من: خلاصة التذهيب.
[2] في الأصل «أبو حمزة» والتصحيح من مصادره.
[3] انظر تخريج هذا الحديث قبل قليل.
[4] أخرجه الطيالسي في المسند 2/ 149، والحاكم في المستدرك 3/ 533،
والطبراني (10578) ، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 285.
[5] أخرجه البخاري في سترة المصلّي 1/ 472 باب الإمام سترة من خلفه،
وفي صفة الصلاة باب وضوء الصبيان، وفي الحج: باب حجّ الصبيان، وفي
العلم. باب: متى يصحّ سماع
(5/151)
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لا خِلافَ بَيْنَ
أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَنَا أَنَّهُ وُلِدَ فِي الشِّعْبِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدِيثَ أَبِي بِشْرٍ
الْمَذْكُورَ فَقَالَ: هَذَا عِنْدِي حَدِيثٌ وَاهٍ، وَحَدِيثُ أَبِي
إِسْحَاقَ يُوَافِقُ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: غَزَا ابْنُ عَبَّاسٍ إِفْرِيقِيَّةَ مَعَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ
خَمْسَةَ عَشَرَ نَفْسًا.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ [1] : وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ،
قَالَ: وَكَانَ أَبْيَضَ طَوِيلا مشربا صفرة، جسيما، وَسِيمًا،
صَبِيحًا، لَهُ وَفْرَةٌ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لَنَا عَطَاءٌ: مَا رَأَيْتُ الْقَمَرَ
لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ إِلا ذَكَرْتُ وَجْهَ ابن عباس.
وقال إبراهيم بن الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ إِذَا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ
قَالَتِ النِّسَاءُ عَلَى الْحِيطَانِ: أَمَرَّ الْمِسْكُ أَمْ مَرَّ
ابْنُ عَبَّاسٍ؟.
وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ [2] ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ
خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَوَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ غُسْلا، فَقَالَ:
«مَنْ وَضَعَ هَذَا» ؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ: «اللَّهمّ
عَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ وَفَقِّهْهُ فِي الدِّينَ» [3] . وَقَالَ
وَرْقَاءُ: ثَنَا عُبْيَدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قال: وضعت
__________
[ () ] الصغير، ومسلم في الصلاة (504) باب سترة المصلّي، ومالك في
الموطّأ (1/ 155) في قصر الصلاة في السفر، باب الرخصة في المرور بين
يدي المصلّي، وأحمد في المسند 1/ 264، والطبري في المنتخب من ذيل
المذيّل 524.
[1] في الأصل «ابن منذة» .
[2] في الأصل «خيثم» .
[3] إسناده صحيح، أخرجه أحمد في المسند 1/ 266 و 314 و 328 و 335،
والفسوي في المعرفة والتاريخ 1/ 494 وابن سعد في الطبقات 2/ 365،
والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 28، والطبراني (10587) ، والحاكم في
المستدرك 3/ 534 وصحّحه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
(5/152)
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَضُوءًا فَقَالَ: «اللَّهمّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ
وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ» [1] . وَرَوَى أَبُو مَالِكٍ عَبْدُ
الْمَلِكِ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّخَعِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ
مَرَّتَيْنِ، وَدَعَا لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِالْحِكْمَةِ مَرَّتَيْنِ [2] .
أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ زَاجٌ: ثَنَا سَعْدَانُ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا
عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَالِدٍ الْحَنَفِيُّ [3] ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي
أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَطْلُبُ الْإِدَامَ، وَعِنْدَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: «هُوَ ابْنُ
عَبَّاسٍ» ، قَالَ:
بَلَى، قَالَ: فَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا فَإِنَّهُ حَبْرُ أُمَّتِكَ،
أَوْ قَالَ: حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ [4] . هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ،
وَعَبْدُ الْمُؤْمِنِ ثِقَةٌ، رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَكَمِ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْهُ.
قُلْتُ: جَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عِنْدَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُوَرَةِ
دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، فَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لَنْ يَمُوتَ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى يَذْهَبَ
بَصَرُهُ» ، فَكَانَ كَذَلِكَ [5] .
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنَ حُكَيْمٍ، عَنْ
عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَا تُوُفِّيَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ
الأَنْصَارِ: هَلُمَّ نَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ، فَقَالَ:
يَا عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ
إِلَيْكِ، وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله من ترى! فترك
الرَّجُلَ [6] وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمُسَألَةِ، فَإِنْ كَانَ
لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثَ عَنِ الرَّجُلِ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ
فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى
التُّرَابِ فيخرج فيراني، فيقول:
__________
[1] أنساب الأشراف 3/ 37.
[2] أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 365، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/
28، والترمذي (3823) .
[3] في الأصل «الحنيفي» .
[4] حلية الأولياء 1/ 316.
[5] أخرجه الطبراني في أطول مما هنا (10586) والهيثمي في مجمع الزوائد
9/ 276.
[6] في الطبقات، والمستدرك «فتركت» ، وفي سير أعلام النبلاء 3/ 343
«فترك ذلك» وكذا في البداية والنهاية، أما في مجمع الزوائد «فركبت» وهو
تحريف.
(5/153)
يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، أَلا
أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيكَ؟ فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ
فَأَسْأَلُكَ، قَالَ: فَعَاشَ الرَّجُلُ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ
اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذَا الْفَتَى أَعْقَلُ منّي
[1] .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ وَجَدُوا عَلَى
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي إِدْنَائِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ
دُونَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي
سَأُرِيكُمُ الْيَوْمَ مِنْهُ مَا تَعْرِفُونَ فَضْلَهُ بِهِ،
فَسَأَلَهُمْ عَنْ هَذِهِ السُّوَرَةِ إِذا جاءَ نَصْرُ الله
وَالْفَتْحُ 110: 1 [2] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمْرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ
إِذَا رَأَى النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا أَنْ
يَحْمَدَهُ وَيَسْتَغْفِرَهُ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ،
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعْلَمَهُ مَتَّى يَمُوتُ.
قَالَ: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ
يَدْخُلُونَ في دِينِ الله أَفْواجاً 110: 1- 2 [3] فَهِيَ آيَتُكَ
مِنَ الْمَوْتِ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ 110: 3 [4] .
وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْذَنُ لِي مَعَ أَهْلِ بَدْرٍ.
وَقَالَ الْمُعَافَى بْنُ عِمَرانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،
عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ عَنِ الأَمْرِ الْوَاحِدِ ثَلاثِينَ مِنْ
أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كان ابن
عباس من الإسلام
__________
[1] طبقات ابن سعد 2/ 367، 368، والمعرفة والتاريخ 1/ 542، والمستدرك
3/ 538 وإسناده صحيح، وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي في التلخيص، وذكره
الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 277 وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال
الصحيح.
[2] أول سورة النصر.
[3] سورة النصر، الآيتان 1 و 2.
[4] سورة النصر، الآية 3، والحديث أخرجه بسنده البلاذري 3/ 33، وأخرجه
البخاري في المغازي 8/ 99 باب منزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم
الفتح، وباب مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم ووفاته، وفي التفسير، باب
قوله فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ 110: 3، وأخرجه أحمد
في المسند 1/ 337، 338، والترمذي (3362) ، والطبراني (10616) و (10617)
، وابن جرير الطبري في التفسير 30/ 333، والحاكم في المستدرك 3/ 539،
وأبو نعيم في الحلية 1/ 316، 317، والسيوطي في الدرّ المنثور 6/ 407.
(5/154)
بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرْآنِ
بِمَنْزِلٍ، وَكَانَ يَقُومُ [1] عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا، فَيَقْرَأُ
الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَيُفَسِّرُهَا آيَةً آيَةً، وَكَانَ
عُمَرُ إِذَا ذَكَرَهُ قَالَ: ذَاكُمْ فَتَى الْكُهُولِ، لَهُ لِسَانٌ
سَئُولٌ، وَقَلْبٌ عَقُولٌ [2] .
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُلُّ الْقُرْآنِ
أَعْلَمُهُ إِلا الرَّقِيمَ، وَغِسْلِينَ، وَحَنَانًا [3] .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ:
لَقَدْ عَلِمْتَ عِلْمًا مَا عَلِمْنَاهُ [4] . سَنَدُهُ صَحِيحٌ.
وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ قال: كَانَ عُمَرُ يَسْتَشِيرُ ابْنَ
عَبَّاسٍ فِي الأَمْرِ يَهُمُّهُ وَيَقُولُ: غَوَّاصٌ [5] .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ عُمَرُ: لا يَلُومُنِي أَحَدٌ
عَلَى حُبِّ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي أَبِي: يَا
بُنَيَّ إِنَّ عُمَرَ يُدْنِيكَ، فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلاثًا: لا
تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلا
يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذِبًا [6] .
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَرَّقَ عَلَيَّ نَاسًا ارْتَدُّوا، فَبَلَغَ
ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ
بِالنَّارِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: «لا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» وَلَقَتَلْتُهُمْ، لِقَوْلِهِ
عَلَيْهِ السَّلامُ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ، فَبَلَغَ
ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ:
وَيْحَ ابْنَ أُمِّ الْفَضْلِ، إِنَّهُ لَغَوَّاصٌ على الهنات [7] .
__________
[1] في طبعة القدسي 33 «يقدم» .
[2] أخرجه الطبراني (10620) ، وأبو نعيم في الحلية 1/ 318، والبلاذري
في أنساب الأشراف 3/ 37، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 277 إلى
الطبراني، وقال: وأبو بكر الهذلي ضعيف.
[3] زاد في: البداية والنهاية «والأواه» والحديث أخرجه الطبراني 15/
199 من طريق عبد الرزاق.
[4] أنساب الأشراف 3/ 37.
[5] في: سير أعلام النبلاء 3/ 346: «غص غوّاص» .
[6] نسب قريش 36، أنساب الأشراف 3/ 51، المعرفة والتاريخ 1/ 533، 534،
المعجم الكبير (1069) ، حلية الأولياء 1/ 318.
[7] إسناده صحيح، وهو في المعرفة والتاريخ 1/ 516، وأخرجه البخاري في
الجهاد 6/ 106
(5/155)
وَعَنْ سَعْدِ [1] بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْضَرَ فَهْمًا، وَلا أَلَبَّ لُبًّا،
وَلا أَكْثَرَ عِلْمًا، وَلا أَوْسَعَ حِلْمًا مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ،
وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يَدْعُوهُ لِلْمُعْضِلاتِ، فَلا يُجَاوِزُ
قَوْلَهُ، وَإِنَّ حَوْلَهُ لأَهْلُ بَدْرٍ [2] .
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: لَقَدْ أُعْطِيَ ابْنُ
عَبَّاسٍ فَهْمًا وَلَقَنًا [3] وَعِلْمًا، وَمَا كُنْتُ أَرَى عُمَرَ
يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحَدًا [4] .
هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ قَالَ: لَوْ أَدْرَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْنَانَنَا مَا
عَشِرَهُ مِنَّا أَحَدٌ [5] .
وَفِي لَفْظٍ: مَا عَاشَرَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَكَذَا قَالَ جَعْفَرُ
بْنُ عَوْنٍ، وَغَيْرُهُ، وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ:
لَو أَنَّ هَذَا الْغُلامَ أَدْرَكَ مَا أَدْرَكْنَا، مَا تَعَلَّقْنَا
مَعَهُ بِشَيْءٍ.
قَالَ الأَعْمَشُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ
قَالَ: وَلَنِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ [6] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أبيه، عن
بسر [7] بن سعيد، عن
__________
[ () ] باب: لا يعذّب بعذاب الله، و 12/ 237 في استتابة المرتدّين، باب
حكم المرتدّ والمرتدّة، والنسائي في تحريم الدم 7/ 104، باب الحكم في
المرتدّ، وأبو داود في أول الحدود (4351) ، والحاكم في المستدرك 3/
538، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/ 35 من طرق وألفاظ مختلفة.
[1] في طبعة القدسي 33 «سعيد» وهو غلط.
[2] طبقات ابن سعد 2/ 369.
[3] في الأصل مهملة.
[4] طبقات ابن سعد 2/ 370.
[5] إسناده صحيح، وهو في: طبقات ابن سعد 2/ 366، والمعرفة والتاريخ 1/
495، والمستدرك 3/ 537.
[6] طبقات ابن سعد 2/ 366، المعرفة والتاريخ 1/ 495، المستدرك 3/ 537
وفيه قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في
التلخيص.
[7] في طبعة القدسي 34 «بشر» بالشين المعجمة، وهو تحريف.
(5/156)
مُحَمَّدِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ، وَكَانَ عِنْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَامَ
فَقَالَ: هَذَا يَكُونُ حَبْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ، أَرَى عَقْلا
وَفَهْمًا، وَقَدْ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ.
وقال الواقدي: ثنا أبو بكر ابن أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ:
مَوْلاكَ [1] وَاللَّهِ أَفْقَهُ مَنْ مَاتَ وَمَنْ عَاشَ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَمُ مَنْ بَقِيَ
بِالْحَجِّ [2] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ،
لَقَدْ مَاتَ يَوْمَ مَاتَ، وَإِنَّهُ لَحَبْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ،
كَانَ يُسمَّى الْبَحْرَ لِكَثْرَةِ عِلْمِهِ [3] .
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ
عَبَّاسٍ قَدْ فَاتَ النَّاسَ بِخِصَالٍ: بِعِلْمِ مَا سُبِقَ
إِلَيْهِ، وَفِقْهٍ فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ، وَحِلْمٍ وَنَسَبٍ
وَنَائِلٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمُ بِمَا سَبَقَهُ مِنْ
حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا
بِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، مِنْهُ، وَلا أَعْلَمُ
بِمَا مَضَى، وَلا أَثْقَبَ رَأْيًا فِيمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ مِنْهُ،
وَلَقَدْ كُنَّا نَحْضُرُ عِنْدَهُ، فَيُحَدِّثُنَا الْعَشِيَّةَ
كُلَّهَا فِي الْمَغَازِي، وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي النَّسَبِ،
وَالْعَشِيَّةَ كُلَّهَا فِي الشِّعْرِ.
رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ [4] ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ [5] ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ.
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ:
أَجْمَلُ النَّاسِ، وَإِذَا نَطَقَ قُلْتُ: أَفْصَحُ النَّاسِ، وَإِذَا
تَحَدَّثَ قُلْتُ: أَعْلَمُ النَّاسِ [6] .
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مَا رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ ابن
عباس باطلا قطّ.
__________
[1] في طبعة القدسي 34: «سمعت معاوية يقول: مات» . وهو يعتمد على:
البداية والنهاية لابن كثير، وما أثبتناه عن: طبقات ابن سعد 2/ 370.
[2] طبقات ابن سعد 2/ 369، المعرفة والتاريخ 1/ 495.
[3] أنساب الأشراف 3/ 33، المستدرك 3/ 535، حلية الأولياء 1/ 316.
[4] في طبقاته 2/ 368.
[5] في الأصل «الزياد» .
[6] أنساب الأشراف 3/ 30.
(5/157)
وَقَالَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ
أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ مَكَّةَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا نَزَلَ قَامَ
شَطْرَ اللَّيْلِ، وَيُرَتِّلُ الْقُرْآنَ حَرْفًا حَرْفًا، وَيُكْثِرُ
فِي ذَلِكَ مِنَ النَّشِيجِ وَالنَّحِيبِ.
وَقَالَ مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ دِرْهَمٍ، عَنْ
أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَسْفَلَ مِنْ
عَيْنَيْهِ [1] مِثْلَ الشِّرَاكِ الْبَالِي مِنَ الْبُكَاءِ [2] .
وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ.
وَقَدْ وَلِيَ الْبَصْرَةَ لِعَلِيٍّ، وَشَهِدَ مَعَهُ صِفِّينَ،
فَكَانَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ، وَقَدْ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ
فَأَكْرَمَهُ وَأَجَازَهُ. وَجَاءَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ حِلَّةً
بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَبُو جَنَابٍ [3] الْكَلْبِيُّ، عَنْ شَيْخٍ،
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ الْجَمَلَ مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَقَامَ عَلِيٌّ بَعْدَ
الْجَمَلِ خَمْسِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْكُوفَةِ،
وَاسْتَخْلَفَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَلَمَّا قُتِلَ
عَلِيٌّ حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَبْلَغًا مِنَ الْمَالِ وَلَحِقَ
بِالْحِجَازِ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْبَصْرَةِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ
كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يعتم [4] بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ
خُرْقَانِيَّةٍ، وَيُرْخِيهَا شِبْرًا.
مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ
إِذَا اتَّزَرَ أَرْخَى مُقَدَّمَ إِزَارِهِ، حَتَّى تَقَعَ
حَاشِيَتَهُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ: أنبأ الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَنْهَى عَنْ كِتَابِ الْعِلْمِ،
وَأنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَضَلَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْكُتُبُ.
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي الْعَطَّافِ- وَهُوَ وَاهٍ-، عَنْ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: قيّدوا
العلم بالكتب.
__________
[1] في الأصل «وأسفل بن عيينة» .
[2] أنساب الأشراف 3/ 38.
[3] في الأصل: «أبو خباب» .
[4] في طبعة القدسي 35 «يقيم» وهو تحريف.
(5/158)
نَافِعُ بْنُ عُمَرَ: ثنا عَمْرُو بْنُ
دِينَارٍ، أَنَّهُمْ كَلَّمُوا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْ يَحِجَّ بِهِمْ
وَعُثْمَانَ مَحْصُورٌ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ
يَحِجَّ بِالنَّاسِ، فَحَجَّ بِالنَّاسِ، فَلَمَّا قَدِمَ وَجَدَ
عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: إنْ أَنْتَ قُمْتَ بِهَذَا
الأَمْرِ الآنَ أَلْزَمَكَ النَّاسُ دَمَ عُثْمَانَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ.
مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ عَرَّفَ
بِالْبَصْرَةِ [1] ابْنُ عَبَّاسٍ، كَانَ مَثِجًا [2] ، كَثِيرَ
الْعِلْمِ، قَالَ: فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَفَسَّرَهَا آيَةً
آيَةً [3] .
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ فِي
الْقُرْآنِ أَوِ السُّنَّةِ أَخْبَرَ بِهِ، وَإِلا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ
[4] .
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ [5] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ، وَيُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ قَالا: مَا نُحْصِي مَا
سَمِعْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ مِنَ الْقُرْآنِ،
فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا، أَمَا سَمِعْتَ الشَّاعِرَ يَقُولُ: كَذَا
وَكَذا [6] .
أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ صَوْمُكَ؟ قَالَ:
أَصُومُ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسَ.
مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ
يَلْبَسُ الْخَزَّ، وَيَكْرَهُ الْمُصْمَتَ مِنْهُ [7] .
أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ: رَأَيْتُ إزار ابن عباس
إلى أنصاف ساقيه [8] .
__________
[1] كان يصعد المنبر يوم عرفة، ويجتمع أهل البصرة حوله، فيفسّر شيئا من
القرآن ويذكّر الناس من بعد العصر إلى الغروب، ثم ينزل فيصلّي بهم
المغرب، كما في البداية والنهاية.
[2] أي كان يصبّ الكلام صبّا.
[3] أنساب الأشراف 3/ 34، طبقات ابن سعد 2/ 367.
[4] أنساب الأشراف 3/ 32، طبقات ابن سعد 2/ 366.
[5] في طبعة القدسي 35 «الحمادان عن علي بن زيد» ، والتصويب من أنساب
الأشراف.
[6] أنساب الأشراف 3/ 32 وفيه «أما سمعتم الشاعر» ، وكذا في طبقات ابن
سعد 2/ 367.
[7] المصمت: الّذي جميعه إبريسم لا يخالطه قطن ولا غيره.
[8] الحديث في سير أعلام النبلاء 3/ 355 بأطول مما هنا.
(5/159)
شَريِكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ
ابْنَ عَبَّاسٍ طَوِيلَ الشَّعْرِ أَيَّامَ مِنًى، أَظُنَّهُ قَصَّرَ،
وَرَأَيْتُ فِي إِزَارِهِ بَعْضَ الْإِسْبَالِ.
ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُصَفِّرُ،
يَعْنِي لِحْيَتَهُ.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُثْمَانُ عَلَى الْحَجِّ
وَهُوَ مَحْصُورٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَلَمَّا صَدَرَ عَنِ الْمَوْسِمِ
إِلَى الْمَدِينَةِ، بَلَغَهُ وَهُوَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَتْلُ
عُثْمَانَ، فَجَزِعَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: يا ليتني لا أصل حتى يأتيني
قَاتِلُهُ فَيَقْتُلُنِي، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عَلِيٍّ خَرَجَ مَعَهُ
إِلَى الْبَصْرَةِ، يَعْنِي فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَلَمَّا سَارَ
الْحُسَيْنُ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لابْنِ
الزُّبَيْرِ، وَقَدْ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ: خَلا لك والله يا بن
الزُّبَيْرِ الْحِجَازُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا تَرَوْنَ إِلا
أَنَّكُمْ أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، وتكالما
حتى علت أصواتهما، حَتَّى سكَّنَهُمَا رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةَ قَدْ نَزَلا بِمَكَّةَ فِي
أَيَّامِ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَطَلَبَ مِنْهُمَا أَنْ
يُبَايِعَاهُ، فَامْتَنَعَا وَقَالا: أَنْتَ وَشَأْنُكَ لا نَعْرِضُ
لَكَ وَلا لِغَيْرِكَ.
وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَلَحَّ
عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعَةِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُبَايِعَنَّ أَوْ
لأَحُرِّقَنَّكُمْ بِالنَّارِ، فَبَعَثَا أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ
بْنَ وَاثِلَةَ إِلَى شِيعَتِهِمْ بِالْكُوفَةِ، فَانْتَدَبَ
أَرْبَعَةَ آلافٍ، وَسَارُوا فَلَبِسُوا السِّلاحَ حَتَّى دَخَلُوا
مَكَّةَ، وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةً سَمِعَهَا النَّاسُ، وَانْطَلَقَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنَ الْمَسْجِدِ هَارِبًا، وَيُقَالُ:
تَعَلَّقَ بِالأَسْتَارِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذُ اللَّهِ، قَالَ
بَعْضُهُمْ: فَمَثُلْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ،
وَقَدْ عَمِلَ حَوْلَ دُورِهِمُ الْحَطَبَ لِيَحْرَقَهَا، فَخَرَجْنَا
بِهِمْ حَتَّى نَزَلْنَا بِهِمُ الطَّائِفَ.
قُلْتُ: فَأَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ سَنَةً أَوْ سنَتَيْنِ
لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا.
وَقَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا دُفِنَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْيَوْمُ
مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ [1] .
رَوَاهُ سَالِمُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي كُلْثُومٍ، عنه.
__________
[1] طبقات ابن سعد 2/ 368، أنساب الأشراف 3/ 54، المستدرك 3/ 543.
(5/160)
وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ الْمَكِّيُّ:
لَمَّا مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ فَدَخَلَ فِي
أَكْفَانِهِ [1] .
وَرَوَى عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نحوه،
وزاد: فما رئي تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ. قَالَهُ غَيْرُ
وَاحِدٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً.
رَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ
سَنَةً، وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ يَسَارٍ
قَالَ: لَمَّا أدرج ابن عباس في كفنه دخل فيه طائر أبيض، فما رئي
حَتَّى السَّاعَةِ.
عَفَّانُ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ
بُجَيْرِ [بْنِ] [3] أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَاتَ
بِالطَّائِفِ، فَلَمَّا أُخْرِجَ بِنَعْشِهِ، جَاءَ طَائِرٌ عَظِيمٌ
أَبْيَضُ مِنْ قِبَلِ وَجٍّ [4] حَتَّى خَالَطَ أَكْفَانَهُ، فَلَمْ
يُدْرَ أَيْنَ ذَهَبَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
55- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ [5] ابْنِ وَائِلِ بْنِ
هَاشِمٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرحمن، القرشي
__________
[1] أنساب الأشراف 3/ 54، المستدرك 3/ 543 وكانوا يرون أن الطائر هو
علمه.
[2] المنتخب من ذيل المذيّل 524 و 525.
[3] ساقطة من طبعة القدسي 37.
[4] وجّ: بالفتح ثم التشديد. الوجّ هو يوم الطائف. وسمّيت وجّا بوج بن
عبد الحق من العمالقة، وقيل من خزاعة. (معجم البلدان 5/ 361) .
[5] انظر عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) في:
طبقات ابن سعد 2/ 373 و 4/ 261- 268 و 7/ 494، ونسب قريش 411، والمحبّر
293، والتاريخ لابن معين 2/ 322، 323، وسيرة ابن هشام (بتحقيقنا) 1/
131، و 2/ 230 و 4/ 136 و 289، والبرصان والعرجان 37 و 154 و 286 و
344، وعيون الأخبار 2/ 95 و 3/ 21 و 23، والمعارف 286 و 287 و 592،
وتاريخ خليفة 159 و 195 و 218، وطبقات خليفة 26 و 139 و 299، والتاريخ
الكبير 5/ 5 رقم 6، والمعرفة والتاريخ 1/ 251، والمغازي للواقدي 203 و
313 و 850 و 1021 و 1042 و 1114، ومسند أحمد 2/ 158، ومقدّمة مسند بقيّ
بن مخلد 80 رقم 9، وأنساب الأشراف 1/ 168 و 169 و 313، و 3/ 5،
(5/161)
السَّهْمِيُّ مِنْ نُجَبَاءِ الصَّحَابَةِ
وَعُلَمَائِهِمْ.
كَتَبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَثِيرَ،
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: حَفِيدُهُ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ
وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَعَطَاءٌ،
__________
[ () ] وق 4 ج 1/ 60 و 63 و 95 و 126 و 127 و 493، وفتوح البلدان 65 و
165 و 166 و 249 و 264 و 267، وأخبار القضاة 3/ 223، 224، والأخبار
الطوال 157 و 172 و 196، وتاريخ الطبري 1/ 76 و 142 و 262 و 401 و 2/
332 و 333 و 501 و 3/ 86 و 92 و 188 و 4/ 109 و 144 و 270 و 357 و 558
و 560 و 563 و 5/ 41 و 166 و 181 و 229 و 335 و 387 و 476، والعقد
الفريد 2/ 217 و 375 و 376 و 4/ 341، والجرح والتعديل 5/ 116 رقم 529،
ومشاهير علماء الأمصار 55 رقم 377، وحلية الأولياء 1/ 283- 292 رقم 43،
وتاريخ الثقات للعجلي 270 رقم 857، والثقات لابن حبّان 3/ 210، ومروج
الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1677 و 1705 و 1816، وجمهرة أنساب
العرب 163، وثمار القلوب 88، والزيارات 51، والاستيعاب 2/ 346- 349،
والمستدرك 3/ 526- 528، وطبقات الفقهاء 50، والجمع بين رجال الصحيحين
1/ 399، وتاريخ دمشق (مصوّرة المجمع العلمي عن نسخة موسكو) 205- 272،
وصفة الصفوة 1/ 270- 273، وتلقيح فهوم أهل الأثر 363، وأسد الغابة 3/
233- 235، والكامل في التاريخ 2/ 78 و 136 و 3/ 109 و 163 و 274 و 275
و 279 و 311 و 413 و 455 و 4/ 210، ووفيات الأعيان 3/ 265 و 7/ 215،
والزاهر للأنباري 1/ 522 و 556، والحلّة السيراء لابن الأبّار 1/ 17-
20 رقم 2، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 281، 282 رقم 242، والزهد
لابن المبارك 46 و 130 و 2/ 212 و 245 و 267 و 281 و 426 و 488 و 522 و
558 و 561 وانظر فهرس الأعلام أيضا (ن) ، وتهذيب الكمال 716، وتحفة
الأشراف 6/ 278- 400 رقم 310، وتاريخ العظيمي 77- 179، والبدء والتاريخ
5/ 107، والمعين في طبقات المحدّثين 24، ودول الإسلام 1/ 50، وتاريخ
الإسلام (المغازي) 21 و 596، و (السيرة) 545، (وعهد الخلفاء الراشدين)
57 و 367 و 385 و 406 و 479 و 578، والعبر 1/ 72، وسير أعلام النبلاء
3/ 79- 94 رقم 17، وتذكرة الحفاظ 1/ 39، وتلخيص المستدرك 3/ 526- 528،
ومرآة الجنان 1/ 141، والبداية والنهاية 8/ 263، 264، والوفيات لابن
قنفذ 75 رقم 65، والوافي بالوفيات 17/ 380- 382 رقم 311، ومجمع الزوائد
9/ 354، والعقد الثمين 5/ 223، وغاية النهاية 1/ 439 رقم 1835،
والإصابة 2/ 351، 352 رقم 4847، وتهذيب التهذيب 5/ 327، 328 رقم 575،
وتقريب التهذيب 1/ 436 رقم 502، والنكت الظراف 6/ 278- 399، والكاشف 2/
101 رقم 2913، وحسن المحاضرة 1/ 215 رقم 161، وخلاصة تذهيب التهذيب
176، وشذرات الذهب 1/ 73، وطبقات الحفاظ 118 رقم 19، والنجوم الزاهرة
1/ 171.
(5/162)
وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَأَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ [1] ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة،
وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ،
وَوَهْبُ بْنُ مُنَبَّهٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَأَسْلَمَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَصْغَرَ مِنْ أَبِيهِ إِلا
بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ:
بِإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَانَ وَاسِعَ الْعِلْمِ، مُجْتَهِدًا
فِي الْعِبَادَةَ، عَاقِلا يَلُومُ أَبَاهُ عَلَى الْقِيَامِ مَعَ
مُعَاوِيَةَ بِأَدَبٍ وَتُؤَدَةٍ.
قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ رجُلا سَمِينًا.
وقال علي بن زيد بن جدعان [2] ، عن الْعُرْيَانِ [3] بْنِ الْهَيْثَمِ
قَالَ: وَفَدْتُ مَعَ أَبِي إِلَى يَزِيدَ، فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ،
أَحْمَرُ، عَظِيمُ الْبَطْنِ، فَقُلْتُ: مَنْ ذَا؟
قِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو [4] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ
اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «نِعْمَ أَهْلُ الْبَيْتِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو عَبْدِ
اللَّهِ، وَأُمُّ عَبْدِ اللَّهِ» [5] . وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ،
عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي
لَيْلَةٍ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي
أَسْتَمْتِعُ من قوّتي وشبابي، فأبى [6] .
__________
[1] مهمل في الأصل.
[2] في الأصل «جذعان» .
[3] مهمل في الأصل.
[4] طبقات ابن سعد 4/ 265 و 266 و 7/ 495، تاريخ دمشق (مصوّرة المجمع)
219.
[5] أخرجه أحمد في المسند 1/ 161 من طريق: وكيع، حدثنا نافع بن عمر،
وعبد الجبار بن الورد، بهذا الإسناد، ورجاله ثقات، لكنه منقطع، لأن ابن
أبي مليكة لم يدرك طلحة، وأخرجه الترمذي (3845) مختصرا، وذكره ابن
عساكر 220.
[6] أخرجه البخاري في فضائل القرآن 9/ 84، ومسلم (1159/ 184) من طريق
أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«اقْرَأْ القرآن في كل شهر» قال:
قلت: إني أجد قوّة، قال: «فاقرأه في عشرين ليلة» ، قال: قلت: إني أجد
قوّة، قال: «فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك» .
(5/163)
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي: «مُسْنَدِهِ» : ثنا
قُتَيْبَةُ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ وَاهِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
الْمَعَافِرِيِّ [1] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنَّ فِي أَحَدِ إِصْبَعَي سَمْنًا، وَفِي الأُخْرَى
عَسَلا، وَأَنَا أَلْعَقُهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ
لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «تَقْرَأُ
الْكِتَابَيْنِ: التَّوْرَاةَ وَالْفُرْقَانَ» ، فَكَانَ يَقْرَأُهُمَا
[2] . وَعَنْ شُفَيٍّ [3] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَفِظْتُ عَنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ مَثَلٍ [4]
.
وَقَالَ أَبُو قَبِيلٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ:
كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
نَكْتُبُ مَا يَقُولُ [5] .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكْتُبُ مَا
أَسْمَعُ مِنْكَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَإِنِّي
لا أَقُولُ إِلا حَقًّا» [6] . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكُنْ
أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أكثر حديثا منّي، إلّا ما كان من عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَكُنْتُ لا أَكْتُبُ [7] .
وَقَالَ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ،
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
فَتَنَاوَلْتُ صَحِيفَةً تَحْتَ رَأْسِهِ، فَتَمَنَّعَ عَلَيَّ،
فَقُلْتُ:
تَمْنَعُنِي شَيْئًا مِنْ كُتُبِكَ! فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصحيفة
الصادقة التي سمعتها من
__________
[1] في الأصل «الغافري» ، والتصحيح من الخلاصة.
[2] أخرجه أحمد في المسند 2/ 222، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 286،
وابن عساكر في تاريخ دمشق (المصوّر) 228.
[3] بفاء، مصغّرا، هو ابن ماتع الأصبحي.
[4] تاريخ دمشق 230.
[5] تاريخ دمشق 230.
[6] أخرجه أحمد في المسند 2/ 207 و 215، والرامهرمزيّ في المحدّث
الفاضل رقم (316) ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم 89، وأبو زرعة في
تاريخه 1516، والخطيب في تقييد العلم 77، وابن عساكر في تاريخ دمشق
231، 232، والحاكم في المستدرك 1/ 105، 106، والدارميّ 1/ 125، وأبو
داود (3646) .
[7] أخرجه البخاري في العلم 1/ 184 باب كتابة العلم، والرامهرمزيّ في:
المحدّث الفاصل، رقم 328، والخطيب في: تقييد العلم 82، وابن عساكر في
تاريخ دمشق 235.
(5/164)
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، ليس بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ، فَإِذَا سَلِمَ لِي كِتَابُ
اللَّهِ، وَسَلِمَتْ لِي هَذِهِ الصَّحِيفَةُ وَالْوَهْطُ، لَمْ
أُبَالِ مَا ضَيَّعْتُ [1] الدُّنْيَا [2] .
الْوَهْطِ: بُسْتَانُه بِالطَّائِفِ.
وَقَالَ عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لأَنْ أَكُونَ
عَاشِرَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَبُّ إِلَيَّ
مِنْ أَنْ أَكُونَ عَاشِرَ عَشَرَةَ أَغْنِيَاءَ، فَإِنَّ
الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلا مَنْ قَالَ
هَكَذَا وَهَكَذَا، يَقُولُ: يَتَصَدَّقُ يَمِينًا وَشِمَالا [3] .
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كُنْتُ أَصْنَعُ الْكُحْلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَكَانَ
يُطْفِئُ السِّرَاجَ ثُمَّ يَبْكِي، حَتَّى رَسِعَتْ [4] عَيْنَاهُ [5]
.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي فَقَالَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ
تَكَلَّفْتَ قِيَامَ اللَّيْلِ وَصِيَامَ النَّهَارِ» ؟ قُلْتُ: إِنِّي
لأَفْعَلُ. قَالَ: «إِنَّ مَنْ حَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ
شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ» ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [6] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [7] : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ عَلَى مَيْمَنَةِ
مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ، وَقَدْ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ
__________
[1] في طبعة القدسي 38 «صنعت» .
[2] اختصره ابن سعد في الطبقات 2/ 73) و 4/ 262، وهو في تاريخ دمشق
لابن عساكر 236.
[3] حلية الأولياء 1/ 288، تاريخ دمشق 241، 242.
[4] في الأصل «راسعت» ، والتصويب من تاج العروس، حديث قال: رسعت عينه:
التصقت أجفانها.
[5] حلية الأولياء 1/ 290، تاريخ دمشق 243.
[6] أخرجه أحمد في المسند 2/ 200 من طريق: عبد الوهاب بن عطاء. وتمامه:
«فالحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله» . قلت: يا رسول الله
إني أجد قوّة، وإني أحبّ أن تزيدني، فقال: «فخمسة أيام» . قلت: إني أجد
قوّة. قال: «سبعة أيام» . فجعل يستزيده، ويزيده حتى بلغ النصف. وأن
يصوم نصف الدهر: «إنّ لأهلك عليك حقّا، وإنّ لعبدك عليك حقّا، وإنّ
لضيفك عليك حقّا» فكان بعد ما كبر وأسنّ يقول: ألا كنت قبلت رخصة النبي
صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليّ من أهلي ومالي. ولهذا الحديث طرق
مشهورة، في الصحيحين وغيرهما.
[7] في التاريخ 195.
(5/165)
الْكُوفَةَ، ثُمَّ عَزَلَهُ بِالْمُغِيرَةِ
بْنِ شُعْبَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» : ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا
الْعَوَّامُ، حَدَّثَنِي أَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ
بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، إِذْ
جَاءَهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، كُلُّ وَاحِدٍ
يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو:
لِيَطِبْ أَحَدُكُمَا بِهِ نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا عَمْرُو
أَلا تَرُدَّ عَنَّا مَجْنُونَكَ، فَمَا بَالُكَ مَعَنَا! قَالَ: إِنَّ
أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي «أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا» ، فَأَنَا
مَعَكُمْ، وَلَسْتُ أُقَاتِلُ [1] . وَقَالَ ابْنُ أبي مليكة: قال ابن
عمرو: ما لي ولصفّين، ما لي وَلِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَوَدِدْتُ
أَنِّي مِتُّ قَبْلَهَا بِعِشْرِينَ سَنَةً، أَمَّا وَاللَّهِ عَلَى
ذَلِكَ مَا ضَرَبْتُ بِسَيْفٍ، وَلا رَمَيْتُ بِسَهْمٍ، وَذَكَرَ
أَنَّهُ كَانَتِ الرَّايَةُ بِيَدِهِ [2] .
وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ:
انْطَلَقْتُ فِي رَهْطٍ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى
مَكَّةَ، فَقُلْنَا: لَوْ نَظَرْنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحَدِّثُنَا،
فَدُلِلْنَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَتَيْنَا
مَنْزِلَهُ، فَإِذَا قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ رَاحِلَةٍ، فَقُلْنَا:
عَلَى كُلِّ هَؤُلاءِ حَجَّ عَبْدُ اللَّهِ! قَالُوا:
نَعَمْ، هُوَ وَمَوَالِيهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى
الْبَيْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، بَيْنَ
بُرْدَيْنِ قِطْريَّيْنِ، عَلَيْهِ عِمَامَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ
[3] .
رَوَاهُ حُسَيْنُ الْمُعَلِّمُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ فَقَالَ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْغَنَوِيِّ.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ،
وَتُوُفِّيَ بمصر على الصحيح [4] .
__________
[1] مسند أحمد 2/ 164، وتاريخ دمشق 248.
[2] طبقات ابن سعد 4/ 266، تاريخ دمشق 257.
[3] طبقات ابن سعد 4/ 267.
[4] كتاب الولاة للكندي 645.
(5/166)
وَقِيلَ: مَاتَ بِالطَّائِفِ. وَقِيلَ:
مَاتَ بِمَكَّةَ. وَقِيلَ: مَاتَ بِالشَّامِ.
56- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيُّ [1] وَيُقَالُ:
ابْنُ مَسْعُودٍ، وَيُدْعَى صَاحِبَ الْجُيُوشِ، لِأَنَّهُ كَانَ
أَمِيرًا عَلَى غَزْوِ الرُّومِ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: له صحبة.
وقال الحافظ ابن عَسَاكِرَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَنَزَلَ دِمَشْقَ
وَبَعَثَهُ يَزِيدُ مُقَدَّمًا عَلَى جُنْدِ دِمَشْقَ فِي جُمْلَةِ
مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ إِلَى الْحَرَّةِ، ثُمَّ بَايَعَ مَرْوَانَ
بِالْجَابِيَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعَدَةَ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَا فِي صَلاةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ مَسْعَدَةَ مِنْ سَبْيِ فَزَارَةَ، وَهَبَهُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابْنَتِهِ فَاطِمَةَ،
فَأَعْتَقَتْهُ.
وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ ابْنُ
مَسْعَدَةَ شَدِيدًا فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَجَرَحَهُ
مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَمَا عَادَ لِلْحَرْبِ
حَتَّى انْصَرَفُوا [2] .
57- عَبْدُ الله بن يزيد [3] ع ابْنِ زَيْدِ بْنِ حِصْنٍ
الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ الْخَطْمِيُّ [4] ، أبو موسى، شهد
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن مسعدة) في:
تاريخ خليفة 209، والمغازي للواقدي 565، وأنساب الأشراف 1/ 349 وق 4 ج
1/ 308 و 338 و 342 و 351 و 352، وتاريخ الطبري 2/ 643 و 5/ 134 و 135
و 287 و 334، والكامل في التاريخ 3/ 376 و 377 و 491، وأسد الغابة 3/
367، 368، والوافي بالوفيات 17/ 604 رقم 514، والإصابة 2/ 367، 368 رقم
4952، والتاريخ لابن معين 2/ 330، والاستيعاب 2/ 327.
[2] أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 351.
[3] انظر عن (عبد الله بن زيد) في:
مسند أحمد 4/ 307، وطبقات ابن سعد 6/ 18، وتاريخ خليفة 125 و 259،
والمعارف 422 و 450، والتاريخ الكبير 5/ 12، 13 رقم 21، والمعرفة
والتاريخ 1/ 216 و 217
[4] في الأصل «الحطمي» ، والتصحيح من: اللباب 1/ 379.
(5/167)
الْحُدَيْبِيَةَ وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ
سَنَةً.
وَرَوَى أَحَادِيثَ عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن حُذَيْفَةَ،
وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ بِنْتِهِ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَالشَّعْبِيُّ
وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ،
وَآخَرُونَ.
وَكَانَ مِنْ نُبَلاءِ الصَّحَابَةِ، كَانَ الشَّعْبِيُّ كَاتِبَهُ
وَشَهِدَ أَبُوهُ يَزِيدَ أُحُدًا، وَمَاتَ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَشَهِدَ
أَبُو مُوسَى مَعَ عَلِيٍّ صِفَّينَ وَالنَّهْرَوانِ، وَوَلَّى
إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لابْنِ الزُّبَيْرِ، فَاسْتَكْتَبَ الشَّعْبِيَّ،
وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، ثُمَّ صُرِفَ بِعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مُطِيعٍ.
مِسْعَرٌ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَطَيْلَسَانًا مُدبَّجًا
[1] .
الْوَاقِدِيُّ: ثنا جَحَّافُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ
بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، أن الْفِيلَ
لَمَّا بَرَكَ عَلَى أَبِي عُبَيْدِ يَوْمَ الْجِسْرِ فَقَتَلَهُ،
هَرَبَ النَّاسُ، فَسَبَقَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ
الْخَطْمِيُّ فَقَطَعَ الْجِسْرَ وَقَالَ: قَاتِلُوا عَنْ أَمِيرِكُمْ،
ثُمَّ قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَأَسْرَعَ السَّيْرُ،
وَأَخْبَرَ عُمَرَ خَبَرَهُمْ.
__________
[ () ] و 261 و 262 و 348، و 2/ 360، وتاريخ الثقات للعجلي 283 رقم
910، والثقات لابن حبان 3/ 225، ومشاهير علماء الأمصار 45 رقم 279،
والجرح والتعديل 5/ 197 رقم 916، والتاريخ لابن معين 2/ 338، والمحبّر
379، وتاريخ الطبري 3/ 158 و 5/ 529 و 560 و 561 و 563 و 580 و 582 و
586 و 587 و 591 و 606 و 622 و 6/ 8- 10 و 34، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/
353 و 400، والاستيعاب 2/ 391، والكامل في التاريخ 4/ 144 و 163 و 164
و 172 و 174 و 177- 179 و 211 و 212، وأسد الغابة 3/ 274، وتهذيب
الكمال 755، وتحفة الأشراف 7/ 184- 186 رقم 323، ومقدّمة مسند بقيّ بن
مخلد 107 رقم 311، والكاشف 2/ 127 رقم 3094، والوافي بالوفيات 17/ 677،
678 رقم 573، والتذكرة الحمدونية 2/ 34، والنكت الظراف 7/ 185،
والإصابة 2/ 382، 383 رقم 5033، وتهذيب التهذيب 6/ 78، 79 رقم 155،
وتقريب التهذيب 1/ 461 رقم 742، وخلاصة تذهيب التهذيب 185، وسير أعلام
النبلاء 3/ 197، 198 رقم 40، وجامع التحصيل 265 رقم 405.
[1] المدبّج هو الّذي زيّنت أطرافه بالديباج. والخبر في فتح الباري 10/
267 ونسبه إلى ابن أبي شيبة.
(5/168)
58- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ
[1] ابْنِ جَحْشِ بْنِ رَبَابٍ الأَسَدِيُّ، اسْمُ أَبِيهِ عَبْدٌ.
أَدْرَكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ
عَنْ: أَبِيهِ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبِ الأَحْبَارِ، وَغَيْرِهِمْ.
رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَحُسَيْنُ بْنُ
السَّائِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الأَشَجِّ.
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ سَمْحًا جَوَّادًا، وَكَانَ
أَبُوهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
الْحَسَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ:
قَدِمْتُ مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ بِثِلاثِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ،
فَأَقَمْتُ سَنَةً، وَحَاسَبْتُ قَوَّامِي فَوَجَدْتُنِي قَدْ
أَنْفَقْتُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، لَيْسَ بِيَدِي مِنْهَا إِلا
رَقِيقٌ وَغَنَمٌ وَقُصُورٌ، فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَقِيتُ كَعْبَ
الأَحْبَارِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنَ
النَّخْلِ.
قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَيُقَوِّي وَهْنَهُ أَنَّهُ يَقُولُ
فِيهِ: فَلَقِيتُ كَعْبًا، وَكَعْبُ قَدْ مَاتَ فِي خِلافَةِ
عُثْمَانَ، قَبْلَ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بِسِنِينَ.
59- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَزْهَرَ الزُّهْرِيُّ [2] ابْنُ عَمِّ
عَبْدِ الرحمن بن عوف.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن أبي أحمد) في:
المحبّر 69، وأنساب الأشراف 1/ 436، وتاريخ الثقات للعجلي 249 رقم 776،
والجرح والتعديل 5/ 5 رقم 24، وطبقات ابن سعد 5/ 62، وتهذيب التهذيب 5/
143، 144 رقم 247، وتقريب التهذيب 1/ 401 رقم 180، وخلاصة تذهيب
التهذيب 190.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أزهر) في:
التاريخ الكبير 5/ 240 رقم 792، والتاريخ الصغير 65، ومشاهير علماء
الأمصار 28 رقم 140، والجرح والتعديل 5/ 208، 209 رقم 983، والمغازي
للواقدي 922، وطبقات خليفة 96، ومسند أحمد 4/ 88 و 350، ومقدّمة مسند
بقيّ بن مخلد 118 و 142 رقم 442 و 688، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 343،
وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 324، وأخبار القضاة 1/ 21 و 121 و 122، وتهذيب
الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 294 رقم 342، والاستيعاب 2/ 406، والمعرفة
والتاريخ 1/ 283، 284 و 356 و 357 و 368 و 414، والكاشف 2/ 138 رقم
3177، وتحفة الأشراف 7/ 190- 193 رقم 329، والنكت الظراف 7/ 191- 92،
وتهذيب التهذيب 6/ 135، 136، وتقريب التهذيب 1/ 472 رقم 863،
(5/169)
وَلَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَشَهِدَ
حُنَيْنًا.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَعْبَدُ الْحَمِيدِ،
وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ.
وَأُمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وهُوَ مُقِلٌّ مِنَ
الرِّوَايَةِ، لَهُ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ.
60- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأسود [1] خ د ق ابْنِ عَبْدِ يَغُوث
بْنِ وَهْبٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ القرشيّ الزّهري المدني.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
رَوَى عَنْهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ،
وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ- وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ- وَأَبُو
سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ. قِيلَ: إِنَّهُ شَهِدَ فَتْحَ
دِمَشْقَ، وَأنَّهُ مِمَّنْ عُيِّنَ فِي حُكُومَةِ الْحَكَمَيْنِ،
فَقَالُوا: لَيْسَ لَهُ وَلا لِأَبِيهِ هِجْرَةٌ، وَكَانَ ذَا
مَنْزِلَةٍ مِنْ عَائِشَةَ، وَأَبُوهُ مِمَّنْ نَزَلَ فيه إِنَّا
كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 15: 95 [2] .
قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ [3] : هُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ
التَّابِعِينَ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ: ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن
أبيه
__________
[ () ] والإصابة 2/ 389، 390 رقم 5078، والمستدرك 3/ 431، وتلخيص
المستدرك 3/ 431، وتهذيب الكمال 2/ 773، 774، وخلاصة تذهيب التهذيب
224، والمنتخب من ذيل المذيل 557، ونسب قريش 274.
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن الأسود) في:
المحبّر 64 و 69، وطبقات خليفة 233، وتاريخ الثقات للعجلي 288 رقم 931،
والثقات لابن حبان 3/ 258 و 5/ 76، وتاريخ الطبري 4/ 363- 365 و 5/
344، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 36 و 90 و 259 و 554، والمعرفة والتاريخ
1/ 369، 370 و 403 و 2/ 560 و 659 و 685 و 3/ 73، وتهذيب الكمال 2/
774، 775، وتحفة الأشراف 7/ 193 رقم 327، والاستيعاب 2/ 427، والجرح
والتعديل 5/ 209 رقم 987، وطبقات ابن سعد 5/ 7، والتاريخ الكبير 5/
253، 254 رقم 816، والكاشف 2/ 139 رقم 3180، وجامع التحصيل 269 رقم
421، والإصابة 2/ 390، 391 رقم 5081، وتهذيب التهذيب 6/ 139، 140 رقم
284، وتقريب التهذيب 1/ 472 رقم 866، وخلاصة تذهيب التهذيب 224.
[2] سورة الحجر- الآية 95.
[3] في تاريخ الثقات 288.
(5/170)
قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ، اطَّلَعَ
مِنْ فَوْقِ دَارِهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ [1] عَلَى
الْعِرَاقِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ
لَرَكْعَتَيْنِ أَرْكَعُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَةِ
الْعِرَاقِ.
61- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ [2] بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ بْنِ
عَمْرٍو، وَأَبُو يَحْيَى اللَّخْمِيُّ.
رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْ:
أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ،
وَوَالِدِهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ يَحْيَى، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ.
وَكَانَ فَقِيهًا ثِقَةً. ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
62- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانِ [3] ابْنِ ثَابِتِ بْنِ
الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو سَعْدٍ
الأَنْصَارِيُّ
__________
[1] في طبعة القدسي 41 «يعقوب» .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن حاطب) في:
طبقات خليفة 233، وتاريخ الثقات للعجلي 290 رقم 944، وتاريخ الطبري 4/
366، والمعرفة والتاريخ 1/ 410، 411 و 3/ 329، وطبقات ابن سعد 5/ 64،
والمعارف 318، والتاريخ الكبير 5/ 271 رقم 876، ومشاهير علماء الأمصار
84 رقم 609، والجرح والتعديل 5/ 222 رقم 1050، والاستيعاب 2/ 427،
والكاشف 2/ 143 رقم 3211، وجامع التحصيل 269 رقم 425، والإصابة 2/ 394
رقم 5103، وتهذيب التهذيب 6/ 158، 159 رقم 321، وتقريب التهذيب 1/ 476
رقم 903، وخلاصة تذهيب التهذيب 225، وتهذيب الكمال 782.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن حسّان) في:
طبقات ابن سعد 5/ 266، والمحبّر 76 و 89 و 110، وعيون الأخبار 1/ 321 و
2/ 198 و 3/ 172، والبرصان والعرجان 69 و 156 و 276 و 350، وأنساب
الأشراف 1/ 45 و 151 و 452 وق 4 ج 1/ 17 و 59 و 299، والعقد الفريد 4/
40 و 5/ 321 و 6/ 6 و 7، والأخبار الموفقيات 223- 226 و 228 و 230- 235
و 238 و 239 و 243 و 245 و 246 و 249 و 250 و 252 و 253 و 256 و 258 و
261 و 264- 266 و 273 و 282، وسيرة ابن هشام 1/ 184 و 3/ 252 و 4/ 199،
والجرح والتعديل 5/ 222 رقم 1047، والتاريخ الكبير 5/ 270 رقم 871،
والمعارف 143 و 312، والمعرفة والتاريخ 1/ 235 و 2/ 462، وتاريخ الطبري
2/ 619 و 3/ 22 و 172، وطبقات خليفة 251، ونسب قريش 325، والتبيين في
أنساب
(5/171)
الْخَزْرَجِيُّ الْمَدَنِيُّ، الشَّاعِرُ
الْمَشْهُورُ، ابْنُ شَاعِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
يُقَالُ: إِنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَلَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِيهِ.
وَأُمُّهُ شِيرِينُ الْقِبْطِيَّةُ أُخْتُ مَارِيَةَ سَرِيَّةِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُّ إِبْرَاهِيمَ.
حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ
قَالَ لَهُ ابْنُهُ يَزِيدَ: أَلا تَرَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
حَسَّانٍ يُشَبِّبُ بِابْنَتِكَ؟ فَقَالَ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ:
يَقُولُ:
هِيَ زَهْرَاءُ مِثْلَ لُؤْلُؤَةِ ... الْغَوَّاصِ مِيزَتْ مِنْ
جَوْهَرٍ مَكْنُونِ
فَقَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولَ:
فإذا مَا نسبتها لَمْ تجدها ... فِي سناء من المكارم دون
قَالَ: صَدَقَ، قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُولُ:
ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلَى القبّة الخضراء ... راء أَمْشِي فِي مَرْمرٍ
مَسْنونِ [1]
وَفِيهِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ:
فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانٍ وَابْنِهِ ... وَمَنْ
لِلْمَثَانِي بعد زيد بن ثابت
__________
[ () ] القرشيّين 310، وجمهرة أنساب العرب 347، والتذكرة الحمدونية 2/
495، والزاهر للأنباري 2/ 381، والكامل في التاريخ 2/ 199 و 226 و 5/
117، والشعر والشعراء 225 و 226 و 394 و 529 و 543 و 583، ووفيات
الأعيان 5/ 193، والكاشف 2/ 144 رقم 3218، والمغازي (من تاريخ الإسلام)
280، وتخليص الشواهد 417، 418، والكتاب 1/ 475، لسيبويه- تحقيق عبد
السلام هارون- طبعة دار الكاتب العربيّ 1388 هـ.، وخزانة الأدب 2/ 104،
وهمع الهوامع 2/ 3، والدرر اللوامع- الشنقيطي- طبعة مصر 1328 هـ. - ج
2/ 3، وتهذيب التهذيب 6/ 162، 163 رقم 329، وتقريب التهذيب 1/ 477 رقم
912، والأغاني 21/ 269، في ترجمة هدبة، وتزيين الأسواق 319، وخلاصة
تذهيب التهذيب 226، وانظر: شعر عبد الرحمن بن حسّان- تحقيق د. سامي مكي
العاني- طبعة بغداد، والأغاني 15/ 106، 107 و 109- 121، والأمالي
للقالي 2/ 221 و 3/ 188 و 216 والذيل 23.
[1] الأبيات في الأغاني 15/ 109.
(5/172)
63- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ [1]
ابْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو حَرْبٍ، وَيُقَالُ: أَبُو
الْحَارِثِ الأُمَوِيُّ، أَخُو مَرْوَانَ.
شَاعِرٌ مُحْسِنٌ، شَهِدَ يَوْمَ الدَّارِ مَعَ عُثْمَانَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
وَأَكْرَمُ مَا تَكُونُ عَلَيَّ نَفْسِي ... إِذَا مَا قَلَّ فِي
الْكُرُبَاتِ مَالِي
فَتَحْسُنُ سِيرَتِي وَيَصُونُ عِرْضِي ... وَيَجْمُلُ عِنْدَ أَهْلِ
الرَّأْيِ حَالِي [2]
وَقَدْ عَاشَ إِلَى يَوْمِ مَرْجِ رَاهِطٍ، فَقَالَ ابْنُ
الأَعْرَابِيّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ:
لَحَا اللَّهُ قَيْسًا قَيْسُ عَيْلانَ إِنَّهَا ... أَضَاعَتْ فُرُوجَ
الْمُسْلِمِينَ وَوَلَّتِ
أَتَرْجِعُ كَلْبٌ قَدْ حَمَتْهَا رماحها ... وتترك قتلى راهط ما أحنت
[3]
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن الحكم) في:
الأخبار الموفّقيّات 179 و 227 و 228 و 250 و 258 و 262 و 264،
والأغاني 13/ 259- 269 و 111- 121، ووفيات الأعيان 6/ 359، وجمهرة
أنساب العرب 87 و 110، والتذكرة الحمدونية 1/ 388، ومجالس ثعلب- تحقيق
عبد السلام هارون- طبعة القاهرة 1960- ص 411، والبصائر والذخائر لأبي
حيّان 7 رقم 325، ومحاضرات الأدباء للراغب 1/ 37، والمحاسن والمساوئ
للبيهقي 432، وربيع الأبرار 1/ 503 و 4/ 49 و 253، ومروج الذهب (طبعة
الجامعة اللبنانية) 1776 و 1783 و 1962 و 1966، والحيوان 1/ 146، ونسب
قريش 159، والبيان والتبيين 3/ 348، والكامل للمبرّد 109 و 224 و 225 و
444، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 107، وتاريخ الطبري 4/ 535 و 5/
336 و 544، والعقد الفريد 2/ 469 و 3/ 61 و 83 و 4/ 492 و 493 و 5/ 281
و 321 و 322 و 6/ 34 و 125، والشعر والشعراء 1/ 394 و 73 و 197 و 600،
ولباب الآداب 389- 391، والبرصان والعرجان 69 و 276 و 350، والمحبّر
305، وتخليص الشواهد 440، والمقرّب لابن عصفور 1/ 121، وشذور الذهب
لابن هشام، بعناية محمد محيي الدين عبد الحميد- مصر 1365 هـ. / 1946 م.
- ص 375، وشرح المفصّل، لابن يعيش- مصر 1928- ص 6/ 27، ومعجم بني أمية
8.- 90 رقم 177، وتاريخ أبي زرعة 1/ 56 و 65، وذيل الأمالي 23. (
[2] تاريخ دمشق (نسخة الظاهرية) 9/ 462 أ.
[3] تاريخ دمشق 9/ 462 أوورد هذا البيت فيه بلفظ:
وتترك قتلى راهط يا أحبّتي
(5/173)
فَشَاوِلْ بِقَيْسٍ فِي الطِّعَانِ وَلا
تَكُنْ ... أَخَاهَا إِذَا مَا الْمَشْرَفِيَّةُ سُلَّتِ [1]
أَلا إِنَّمَا قَيْسُ بْنُ عَيْلانَ قِلَّةٌ [2] ... إِذَا شَرِبَتْ
هَذَا الْعَصِيرَ تَغَنَّتِ
64- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ [3] ن ابن نفيل
بن عبد العزّى العدوي.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَ
عَنْ: أَبِيهِ، وَعَمِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، وَحُسَيْنُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَبُو جَنَابٍ [4]
الْكَلْبِيُّ.
وَوَلَّى إِمْرَةَ مَكَّةَ لِيَزِيدَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِيمَا زَعَمُوا مِنْ
أَطْوَلِ الرِّجَالِ وَأَتَمِّهِمْ، وَكَانَ شَبِيهًا بِأَبِيهِ،
وَكَانَ عُمَرُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ:
أَخُوكُمْ غَيْرُ أَشْيَبَ قَدْ أَتَاكُمْ ... بِحَمْدِ اللَّهِ عَادَ
لَهُ الشَّبَابُ
وَزَوَّجَهُ عُمَرُ بِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ
اللَّهِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [5] : قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ سِتُّ سِنِينَ، وَجَدُّهُ أَبُو لُبَابَةَ
بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ. وَتُوُفِّيَ أَيَّامَ عبد الله بن الزبير.
__________
[1] هذا البيت ليس في تاريخ دمشق.
[2] في تاريخ دمشق «نملة» .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن زيد) في:
المحبّر 101، ونسب قريش 263، وأنساب الأشراف 1/ 428، وتاريخ خليفة 251،
وطبقات خليفة 234، وفتوح البلدان 267، والتاريخ الكبير 5/ 284 رقم 920،
والجرح والتعديل 5/ 233 رقم 1106، ومشاهير علماء الأمصار 21 رقم 88،
والمعارف 180، والمعرفة والتاريخ 2/ 809، والاستيعاب 2/ 425، وتهذيب
الكمال 2/ 789، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 34 و 132 و 133 و 318 و 325 و
498، وجمهرة أنساب العرب 151، وطبقات ابن سعد 5/ 49، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1 ج 1/ 296 رقم 348، ووفيات الأعيان 5/ 247 و 6/ 274،
والكاشف 2/ 146 رقم 3238، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 59
و 268، وتهذيب التهذيب 6/ 179، 180 رقم 359، وتقريب التهذيب 1/ 480 رقم
942، وخلاصة تذهيب التهذيب 227.
[4] في الأصل «أبو خباب» .
[5] في الطبقات 5/ 50.
(5/174)
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلاهُ يَزِيدُ مَكَّةَ
سَنَةَ ثَلاثٍ وستين.
65- عبد الرحمن بن أبي عميرة [1]- ت- المزني، صَحَابِيٌّ، لَهُ
أَحَادِيثُ، وَقَدْ سَكَنَ حِمْصَ وَتَاجَرَ.
رَوَى عَنْهُ: خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الْقَصِيرُ.
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ تَابِعِيٌّ.
66- عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ [2] ابْنِ عُبَيْدِ الْمَعْرُوفُ
أبوه بِزِيَادِ بْنِ أَبِيهِ عند الناس، وعند بني أميّة بزياد
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي عميرة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 417، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 110 رقم 355،
والمعرفة والتاريخ 1/ 287، والتاريخ الكبير 5/ 240 رقم 791، والاستيعاب
2/ 407، وتحفة الأشراف 7/ 204 رقم 338، وتهذيب الكمال 2/ 808، وتجريد
أسماء الصحابة 1/ 353، وجامع التحصيل 274 رقم 448، والكاشف 2/ 159 رقم
3324، والإصابة 2/ 414، 415 رقم 5177 وتهذيب التهذيب 6/ 243، 244 رقم
488، وتقريب التهذيب 1/ 493 رقم 1068، وخلاصة تذهيب التهذيب 234.
[2] انظر عن (عبيد الله بن زياد) في:
الأخبار الطوال 225 و 227 و 231- 235 و 237- 239 و 241 و 242 و 251 و
253 و 259 و 260 و 269 و 270 و 281- 285 و 293 و 295، ومختصر التاريخ
لابن الكازروني 3 چ و 84 و 108، والمحبّر 303 و 443 و 447 و 455،
وتاريخ اليعقوبي 2/ 236 و 242- 245 و 257- 259 و 265 و 269، والبرصان
والعرجان 70 و 82 و 285 و 279 و 363، والتاريخ لابن معين 2/ 382، ونسب
قريش 40 و 58 و 127 و 128 و 196 و 244 و 245، وعيون الأخبار 1/ 41 و 45
و 147 و 163 و 165 و 168 و 229 و 337 و 2/ 44 و 258 و 3/ 275 و 4/ 19 و
36 و 97 و 98، وأنساب الأشراف 3/ 298، والعقد الفريد 1/ 117 و 148 و
149 و 191 و 234 و 2/ 175 و 399 و 477 و 3/ 60 و 4/ 83 و 87 و 163 و
207 و 379 و 381 و 382 و 396 و 397 و 403 و 404 و 410 و 411 و 5/ 7، 8،
وتاريخ خليفة 21 و 184 و 219 و 222- 225 و 227 و 231 و 236 و 251 و 256
و 258 و 259 و 262 و 263، والمعارف 188 و 204 و 213 و 243 و 297 و 298
و 347 و 351 و 401 و 410 و 416 و 563 و 571 و 586 و 622، والمعرفة
والتاريخ 1/ 218 و 220 و 262 و 3/ 25 و 325 و 329، وتاريخ الطبري (انظر
فهرس الأعلام) 10/ 327، 328، وثمار القلوب 92 و 160 و 648، وجمهرة
أنساب العرب 113 و 227 و 228 و 406، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 161 و 173
و 178- 183 و 189 و 198 و 214
(5/175)
ابن أبي سفيان، فقد ذكرنا أنّ زيادا
استلحقه معاوية وجعله أخاه، ولّى أَبُو حَفْصٍ عُبَيْدَ اللَّهِ
إِمْرَةَ الْكُوفَةِ لِمُعَاوِيَةَ، ثُمَّ لِيَزِيدَ، ثُمَّ وَلاهُ
إِمْرَةَ الْعِرَاقِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ: سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَغَيْرِهِ.
قَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: ذَكَرُوا أن عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
زِيَادٍ كَانَ لَهُ وَقْتَ قُتِلَ الحسين ثمان وعشرون سنة.
وقال ابن مَعِينٍ [1] : هُوَ ابْنُ مَرْجَانَةَ وَهِيَ أُمَةٌ.
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى زِيَادٍ: أَنْ أَوْفِدْ
عَلَيَّ ابْنَكَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَفَعَلَ، فَمَا سَأَلَهُ
مُعَاوِيَةُ عَنْ شَيْءٍ إِلا أَنْفَذَهُ [2] لَهُ، حَتَّى سَأَلَهُ
عَنِ الشِّعْرِ، فَلَمْ يَعْرِفْ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا
مَنَعَكَ مِنْ رِوَايَةِ الشِّعْرِ؟ قَالَ: كَرِهْتُ أَنْ أَجْمَعَ
كَلامَ اللَّهِ وَكَلامَ الشَّيْطَانِ فِي صَدْرِي، فَقَالَ: أُغْرُبْ،
وَاللَّهِ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الرِّكَابِ يَوْمَ صِفِّينَ
مِرَارًا، مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهَزِيمَةِ إِلا أَبْيَاتُ ابْنِ
الإِطْنَابَةَ [3] ، حيث يقول:
__________
[ () ] و 219 و 241 و 278 و 283 و 291 و 293- 296 و 299 و 304 و 306 و
320 و 345 و 353 و 370 و 373- 405 و 409- 412 و 418- 422، وتاريخ
العظيمي 182 و 184 و 185 و 187، ووفيات الأعيان 2/ 502- 504 و 3/ 165 و
6/ 344 و 345 و 347- 350 و 353 و 362 و 7/ 60 و 69، والكامل في التاريخ
(انظر فهرس الأعلام) 13/ 226، 227، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ
الإسلام) 485، وفتوح البلدان 119 و 378 و 412 و 428 و 429 و 433 و 436
و 439 و 440 و 444 و 455 و 457 و 463 و 507 و 510 و 535 و 575، والخراج
وصناعة الكتابة 405 و 416، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 1891-
1901 و 1958- 1961 وانظر: 1779 و 1886 و 1905 و 1917 و 1920 و 1921 و
1979 و 1984- 1986 و 2015 و 2300 و 2758 و 2901، والبدء والتاريخ و 6/
12، والزيارات 78، وربيع الأبرار 4/ 316 و 241 و 267 و 476، والهفوات
النادرة 84 و 96 و 97 و 117، والتذكرة الحمدونية 1/ 406 و 424 و 2/ 34
و 243 و 268 و 393 و 472 و 479 و 480، ونثر الدر 5/ 13، والبصائر
والذخائر 4/ 48 رقم 52، ومعجم بني أمية 118- 120 رقم 225، وتاريخ دمشق
(نسخة الظاهرية) 10/ 328 أ- 335 ب، ومرآة الجنان 1/ 142، والبداية
والنهاية 8/ 283- 287.
[1] في تاريخه 2/ 382.
[2] كذا، وفي البداية والنهاية 8/ 283 «إلّا نفذ منه» .
[3] هو: عمرو بن الإطنابة.
(5/176)
أَبَتْ لِي عِفَّتِي [1] وَأَبَى بَلائِي
... وَأَخْذِي الْحَمْدَ بِالثَّمَنِ الرَّبِيحِ
وَإِعْطَائِي عَلَى الإِعْدَامِ مَالِي [2] ... وَإِقْدَامِي عَلَى
الْبَطَلِ الْمُشِيحِ [3]
وَقُولِي كُلَّمَا جَشَأَتْ وَجَاشَتْ ... مكَانَكِ [4] تُحْمَدِي أَوْ
تَسْتَرِيحِي [5]
وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ فَرَوَّاهُ الشِّعْرَ، فَأَسْقَطَ عَلَيْهِ
مِنْهُ بَعْدَ شَيْءٍ.
قَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: وَلَّى مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ
اللَّهِ الْبَصْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ، فَلَمَّا وَلِيَ
يَزِيدُ الْخِلافَةَ ضَمَّ إِلَيْهِ الْكُوفَةَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [6] : وَفِي سَنَةِ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَلَّى
مُعَاوِيَةُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ خُرَاسَانَ، وَفِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ غَزَا عُبَيْدُ اللَّهِ خُرَاسَانَ وَقَطَعَ النَّهْرَ إِلَى
بخارى على
__________
[1] في الأصل «عقبي» .
[2] في التذكرة الحمدونية:
«وإحشامي على المكروه نفسي» .
[3] في أمالي القالي، والتذكرة:
«وضربي هامة البطل المشيح» .
[4] في الأمالي: «رويدك» .
[5] الأبيات باختلاف في بعض الألفاظ، في: الكامل في الأدب للمبرّد 4/
68، والشعر والشعراء لابن قتيبة 1/ 126، والعقد الفريد 1/ 104، وعيون
الأخبار 1/ 126، وتاريخ الطبري 5/ 24، ووقعة صفّين لابن مزاحم 449،
والكامل في التاريخ 4/ 68، ولباب الآداب لابن منقذ 223، 224، وديوان
الحماسة للبحتري 9، وخزانة الأدب للبغدادي 1/ 423، وحلية المحاضرة في
صناعة الشعر لمحمد بن الحسن الحاتمي- تحقيق د. جعفر الكتاني- بغداد
1979- ج 1/ 298، 299، وتهذيب الألفاظ لابن السّكّيت، نشره الأب لويس
شيخو- بيروت 1895- ص 443، والأشباه والنظائر (حماسة الخالديين) -
تحقيق- السيد محمد يوسف- القاهرة 1958- 1965- ج 1/ 18، والحيوان
للجاحظ- تحقيق- عبد السلام هارون- القاهرة 1938- 1945- ج 6/ 425،
والمقاصد النحوية للعيني (على هامش خزانة الأدب للبغدادي) 4/ 415،
وديوان المعاني، لأبي هلال العسكري- القاهرة 1352 هـ. - ص 114،
والريحان والريعان لابن خيرة الأندلسي- نسخة الفاتح بإسطنبول رقم 3909-
ج 1/ 119، ونهاية الأرب 3/ 226، ومعجم الشعراء للمرزباني 9، ومجالس
ثعلب- تحقيق عبد السلام هارون- القاهرة 1960- ص 83، والمجتنى لابن
دريد- طبعة حيدرآباد 1362 هـ. - ص 41، وبغداد، لابن أبي طاهر طيفور-
القاهرة 1949- ص 135، والتذكرة الحمدونية 2/ 66 رقم 124، والبداية
والنهاية 8/ 283، 284.
[6] في تاريخه 219 و 222.
(5/177)
الإِبِلِ، فَكَانَ أَوَّلُ عَرَبِيٍّ
قَطَعَ النَّهْرَ، فَافْتَتَحَ رَامِينَ ونَسْفَ وَبِيكَنْدَ مِنْ
عَمَلِ بُخَارَى.
وَقَالَ أَبُو عَتَّابٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلا أَحْسَنَ وَجْهًا مِنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ.
وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ أُمَّ عُبَيْدِ اللَّهِ- يَعْنِي
مَرْجَانَةَ- كَانَتْ بِنْتُ بَعْضِ مُلُوكِ فَارِسٍ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ زِيَادٍ بِالْبَصْرَةِ،
فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ تَلُّ مِنْ وَرَقٍ، ثَلاثَةُ آلافِ أَلْفٍ
مِنْ خَرَاجِ أَصْبَهَانَ، فَقَالَ: مَا ظَنُّكَ بِرَجُلٍ يَمُوتُ
وَيَدَعُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقُلْت: فَكَيْفَ إِذَا كَانَ غُلُولٌ! قَالَ:
ذَاكَ شَرٌّ عَلَى شَرٍّ.
وَرَوَى السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَمَّرَهُ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ،
غُلامًا، سَفِيهًا، يَسْفِكُ الدِّمَاءَ سَفْكًا شَدِيدًا، فَدَخَلَ
عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ فَقَالَ: انْتَهِ عَمَّا أَرَاكَ
تَصْنَعُ، فَإِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطْمَةُ، قَالَ:
مَا أَنْتَ وَذَاكَ، إِنَّمَا أَنْتَ مِنْ حُثَالَةِ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: وَهَلْ
كَانَ فِيهِمْ حُثَالَةٌ، لا أُمَّ لَكَ، بَلْ كَانُوا أَهْلَ
بُيُوتَاتٍ وَشَرَفٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ إِمَامٍ وَلا وَالٍ بَاتَ
لَيْلَةً غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
الْجَنَّةَ» [1] . ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ،
فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ فِي وَجْهِهِ مَا قَدْ لَقِيَ
مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَبَا زِيَادٍ، مَا
كُنْتَ تَصْنَعُ بِكَلامِ هَذَا السَّفِيهِ عَلَى رُءوسِ النَّاسِ!
فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ عِنْدِي عِلْمٌ خَفِيٌّ مِنْ عَلِمَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لا
أَمُوتَ [2] حَتَّى أَقُولَ بِهِ عَلانِيَةَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّ
دَارَهُ وَسِعَتْ أَهْلَ الْمِصْرِ، حَتَّى سَمِعُوا مَقَالَتِي
وَمَقَالَتَهُ، قَالَ: فَمَا لَبِثَ الشَّيْخُ أَنْ مَرِضَ، فَأَتَاهُ
الْأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعُودُهُ، قَالَ: أَتَعْهَدُ إِلَيْنَا
شَيْئًا نَفْعَلُ فِيهِ الَّذِي تُحِبَّ؟ قَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ لا
تُصَلِّيَ عَلَيَّ، وَلا تقوم [3] على قبري.
__________
[1] أخرجه البخاري في الأحكام 8/ 107 باب من استرعى رعيّة فلم ينصح.
ومسلم في الإيمان، (227/ 142) و (228) باب استحقاق الوالي الغاشّ
لرعيّته النار، وفي الإمارة (21/ 142) باب فضيلة الإمام العادل،
والدارميّ في الرقاق 77، وأحمد في المسند 5/ 25.
[2] في الأصل «أقول حتى أقول» .
[3] في الأصل «لا تقم» .
(5/178)
قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ
رَجُلا جَبَانًا فَرَكِبَ، فَإِذَا النَّاسُ فِي السِّكَكِ، فَفَزِعَ
وَقَالَ: مَا هَؤُلاءِ؟ قَالُوا: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ،
فَوَقَفَ حَتَّى مَرَّ بِسَرِيرِهِ، فَقَالَ: أَمَا إنه لَوْ كَانَ
سَأَلَنَا شَيْئًا فَأَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ لَسِرْنَا مَعَهُ.
لَهُ إِسْنَادٌ آخَرُ، وَإِنَّمَا الصَّحِيحُ كَمَا أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ [1] أَنَّ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ وَكَلَّمَهُ عَائِذُ بْنُ
عَمْرٍو الْمُزَنِيُّ، وَلَعَلَّهُمَا وَاقِعَتَانِ، فَقَالَ جَرِيرُ
بْنُ حَازِمٍ: ثنا الْحَسَنُ، أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو دَخَلَ عَلَى
ابْنِ زِيَادٍ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «شَرُّ الرِّعَاءِ
الْحُطْمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» ، فَقَالَ:
اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ،
فَقَالَ: هَلْ هَؤُلاءِ كَانَ لَهُمْ نُخَالَةٌ! إِنَّمَا كَانَتِ
النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ.
الْمُحَارِبيُّ: ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ مُغَفَّلٍ أَحَدَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ عُمَرُ إِلَى الْبَصْرَةِ
لِيُفَقِّهُوهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ
يَعُودُهُ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيْنَا أَبَا زِيَادٍ، فَإِنَّ اللَّهَ
قَدْ كَانَ يَنْفَعُنَا بِكَ، قَالَ: هَلْ أَنْتَ فَاعِلٌ مَا آمُرُكَ
بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
إِذَا مُتُّ لا تُصَلِّ عَلَيَّ، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ [2] .
وَقْد ذَكَرْنَا مَقْتَلَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ
وَسِتِّينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. كَذَا وَرَّخَهُ أَبُو الْيَقْظَانِ.
وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عن أبي الطفيل قال: عزلنا سبعة
رءوس وَغَطَّيْنَاهَا، مِنْهَا رَأْسُ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ،
وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، فَجِئْتُ فَكَشَفْتُهَا، فَإِذَا
حَيَّةٌ فِي رَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ تَأْكُلُهُ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ نحوه، وصحّحه مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ، عَنْ
عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: جِيءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
زِيَادٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَتَيْتُ وَهُمْ يَقُولُونَ:
جَاءَتْ، فَإِذَا حَيَّةٌ قد جاءت تخلّل الرءوس حتى دخلت في منخري
عُبَيْدِ اللَّهِ، فَمَكَثَتْ هُنَيْهَةً، ثَمَّ خَرَجَتْ، فَذَهَبَتْ
حَتَّى تَغَيَّبَتْ ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءَتْ قَدْ
__________
[1] انظر تخريج الحديث قبل قليل.
[2] سبق تخريجه.
(5/179)
جَاءَتْ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ
أَوْ ثَلاثًا [1] .
67- عَبْدُ [2] المطّلب بن ربيعة [3]- م ت د ن- بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ بن عبد مناف.
لَهُ صُحْبَةٌ وَحَدِيثٌ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بن الحارث بن
نوفل، وروى عن عَلِيٌّ حَدِيثًا.
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَدَارَهُ بِزُقَاقِ الْهَاشِمِيِّينَ، وَكَانَ
شَابًّا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
بَعَثَهُ أَبُوهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَيُوَلِّيَهُ عُمَّالَهُ، وَالْحَدِيثُ فِي «مسلم» [4] .
وفي «المسند» [5] و «الترمذيّ» قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: أَمَرَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
[1] حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي في المناقب (3869) ، باب مناقب الحسن
والحسين بن علي رضي الله عنهما.
[2] من حقّ هذه الترجمة أن تتقدّم الترجمة السابقة، حسب الترتيب
الأبجدي، وأبقيناها حسب ترتيب المؤلّف- رحمه الله-.
[3] انظر عن (عبد المطّلب بن ربيعة) في:
تاريخ خليفة 251، وجمهرة أنساب العرب 71، وطبقات ابن سعد 4/ 57، وطبقات
خليفة 6/ 297، والتاريخ الكبير 6/ 131، 132 رقم 1937، والجرح والتعديل
6/ 68 رقم 357، والاستيعاب 2/ 447، وأنساب الأشراف 3/ 24 و 25 و 295 و
296، والمغازي للواقدي 696، 697، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 308
رقم 371، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 329، وأسد الغابة 3/ 331،
والكامل في التاريخ 4/ 110، وتهذيب الكمال 852، وتحفة الأشراف 7/ 219
رقم 343، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 99 رقم 211، وعهد الخلفاء الراشدين
(من تاريخ الإسلام) 287، والعبر 1/ 66، والكاشف 2/ 182 رقم 3484، وسير
أعلام النبلاء 3/ 112، 113 رقم 22، ومرآة الجنان 1/ 137، والعقد الثمين
5/ 494، وتهذيب التهذيب 6/ 383، 384 رقم 723، والإصابة 2/ 2/ 430 رقم
5254، وتقريب التهذيب 1/ 517 رقم 1291، وخلاصة تذهيب التهذيب 269،
وشذرات الذهب 1/ 70.
[4] في الزكاة (1072) باب: ترك استعمال آل النبيّ على الصدقة. وأخرجه
أبو داود في الخراج (1285) باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي
القربى، وابن سعد في الطبقات 4/ 58، 59 من طريق: الزهري، عن عبد الله
بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب، عن المطّلب بن ربيعة،
أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الصدقة لا تنبغي لآل محمد
إنما هي أوساخ الناس» .
[5] مسند أحمد 4/ 166.
(5/180)
أبا سفيان ابن الْحَارِثِ أَنْ يُزَوِّجَ
بِنْتَهُ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ، فَفَعَلَ وَسَكَنَ
الشَّامَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [1] . تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي دَوْلَةِ
يَزِيدَ.
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ.
68- عبيد الله بن علي [2] بن أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ، وَأُمُّهُ
لَيْلَى بِنْتُ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ التَّمِيمِيِّ، أُخْتُ نُعَيْمِ
بْنِ مَسْعُودٍ.
قَدِمَ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَوَصَلَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ
دِرْهَمٍ، ثُمَّ قُتِلَ مَعَهُ فِي مُحَارَبَةِ الْمُخْتَارِ سَنَةَ
سَبْعٍ وَسِتِّينَ.
69- عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ [3] ع ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ
الْحَشْرَجِ بْنِ امرئ القيس بن عديّ، أبو
__________
[1] في تاريخه 251.
[2] انظر عن (عبيد الله بن علي) في:
تاريخ خليفة 234، ونسب قريش 43، 44، وطبقات ابن سعد 5/ 117، وجمهرة
أنساب العرب 230، والمعارف 124 و 210 و 374 و 401، ومروج الذهب (طبعة
الجامعة اللبنانية) 1908 و 1990 والبدء والتاريخ 5/ 76 و 6/ 23، وتاريخ
اليعقوبي 2/ 213 و 263، ومرآة الجنان 1/ 142، وتاريخ الطبري 5/ 154 و
6/ 104 و 115، والكامل في التاريخ 3/ 397 و 4/ 272 و 277.
[3] انظر عن (عديّ بن حاتم) في:
طبقات ابن سعد 6/ 22، وطبقات خليفة 463 و 904، وتاريخ خليفة 93 و 98 و
195 و 264، والبرصان والعرجان 363، والأخبار الموفقيات 409، 410،
والمحبّر 126 و 156 و 233 و 241 و 261، والمعارف 313، والتاريخ الكبير
7/ 43 رقم 189، والجرح والتعديل 7/ 2 رقم 1، والسير والمغازي 287، 288،
وأنساب الأشراف 1/ 522 و 528 و 530، وق 4 ج 1/ 50 و 51 و 92 و 119 و
247 و 248 و 250 و 252 و 529 و 569، وتاريخ الطبري 3/ 112- 115 و 140 و
147 و 247 و 253 و 254 و 348 و 366 و 382 و 486 و 4/ 485 و 488 و 493 و
521 و 523 و 525 و 5/ 5 و 9/ 10 و 75 و 79 و 88 و 89 و 188 و 267 و 281
و 284 و 6/ 63 و 64، والزاهر للأنباري 2/ 242، وإمتاع الأسماع للمقريزي
1/ 509، وجمهرة أنساب العرب 402، ومشاهير علماء الأمصار 44 رقم 271،
وربيع الأبرار 4/ 342 و 393، وفتوح البلدان 336، ومقدّمة مسند بقيّ بن
مخلد 84 رقم 51، والعقد الفريد 1/ 288 و 289 و 309 و 2/ 286 و 3/ 399 و
434 و 4/ 28 و 35 و 52 و 73 و 5/ 294 و 6/ 338، وعيون الأخبار 1/ 225 و
335 و 337 و 338، والأخبار الطوال 21 و 114 و 146
(5/181)
طريف الطّائي، ويكنّى أبا واهب، وَلَدُ
حَاتِمٍ الْجُودِ.
وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ، فَأَكْرَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ سَيِّدُ قَوْمِهِ.
لَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن عمر.
__________
[ () ] و 149 و 150 و 172 و 177 و 186 و 205، وتاريخ اليعقوبي 2/ 76 و
79 و 122 و 165 و 195 و 233، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية)
1214 و 1517 و 1525 و 1678 و 1775 والاستيعاب 3/ 141- 143، والبدء
والتاريخ 5/ 112 و 178، وسيرة ابن هشام 4/ 220 و 222 و 243، ومسند أحمد
4/ 255 و 377، وتاريخ بغداد 1/ 189- 191 رقم 29، والجمع بين رجال
الصحيحين 1/ 398، وثمار القلوب 98 و 379، والمعرفة والتاريخ 2/ 429 و
813 و 3/ 80 و 313 و 315، ووفيات الأعيان 6/ 105، وأسد الغابة 3/ 392،
والكامل في التاريخ 1/ 636 و 2/ 285 و 286 و 301 و 345- 347 و 385 و
386 و 3/ 320 و 232 و 235 و 250 و 289 و 292 و 293 و 336 و 340 و 348 و
429 و 478 و 481- 483 و 4/ 242 و 296، وتحفة الأشراف 7/ 271- 284 رقم
364، وتهذيب الكمال 2/ 925، ولباب الآداب 239 و 243 و 298 و 341،
والأمالي للقالي 3/ 22 و 27 و 155، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/
327، 328 رقم 398، والمغازي للواقدي 987- 989، والمعجم الكبير 17/ 68-
106، والزهد لابن المبارك 227 و 460. وأمالي المرتضى 1/ 297، 298،
ومرآة الجنان 1/ 142، والعبر 1/ 74، والمعين في طبقات المحدّثين 24 رقم
8.، والكاشف 2/ 226، 227 رقم 3814، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 687،
688، والسيرة النبويّة 377، وعهد الخلفاء الراشدين 541 و 545، ودول
الإسلام 1/ 51، وسير أعلام النبلاء 3/ 162- 165 رقم 26، وجامع الأصول
9/ 111، والتذكرة الحمدونية 2/ 19 و 286 و 289، وأخلاق الوزيرين لأبي
حيّان التوحيدي- تحقيق محمد بن تاويت الطنجي- دمشق 1965- ص 92، وعين
الأدب والسياسة لابن هذيل- طبعة مصر 1302 هـ. - ص 101، وتخليص الشواهد
490، 491، والفاخر للمفضّل بن سلمة- تحقيق عبد العليم الطحاوي- مصر
1380 هـ. - ص 230، والجمل للزجّاجي- طبعة الجزائر- الثانية- باريس
1376/ 1957- ص 131، والخصائص لابن جني- تحقيق محمد على النجّار- طبعة
دار الكتب 1376 هـ. ج 1/ 294، والعمدة لابن رشيق- مصر 1344 هـ. - ج 1/
94، وأمالي ابن الشجري- طبعة حيدرآباد 1349 هـ. - ج 1/ 102، وشرح
المفصّل لابن يعيش- مصر 1928- ج 1/ 76، وشذور الذهب لابن هشام 137،
وشرح شواهد العيني (على هامش خزانة- الأدب) 2/ 487، والتصريح بمضمون
التوضيح- للشيخ خالد- مصر 1344 هـ. - ج 1/ 283، وهمع الهوامع 1/ 66،
والدرر اللوامع 1/ 44، والنكت الظراف 7/ 272- 283، وتهذيب التهذيب 7/
166، 167 رقم 330، وتقريب التهذيب 2/ 16 رقم 136، والإصابة 2/ 468، 469
رقم 5475، وخلاصة تذهيب التهذيب 223، وشذرات الذهب 1/ 74، والمنتخب من
ذيل المذيل 548.
(5/182)
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَمُحِلُّ [1]
بْنُ خَلِيفَةَ الطَّائِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَخَيْثَمَةُ
بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ
الْمُزَنِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ طُرْفَةَ، وَهَمَّامُ بْنُ الْحَارِثِ،
وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَآخَرُونَ.
قَدِمَ الشَّامَ مَعَ خَالِدٍ مِنَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ وَجَّهَهُ
خَالِدٌ بِالأَخْمَاسِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَسَكَنَ الْكُوفَةَ
مَرَّةً، ثُمَّ قَرْقِيسِيَاءَ.
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ:
كُنْتُ أَسْأَلُ النَّاسَ عَنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَهُوَ
إِلَى جَنْبِي لا آتِيهِ، فَأَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: بُعِثَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بُعِثَ
فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ، حَتَّى كُنْتُ فِي
أَقْصَى أَرْضٍ مِمَّا يَلِي الرُّومَ، فَكَرِهْتُ مَكَانِي ذَلِكَ،
فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ
يَخْفَ عَلَيَّ، وَإنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُهُ فَأَقْبَلْتُ،
فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ، وَقَالُوا:
جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ،
فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: «يَا عَدِيُّ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، قُلْتُ:
بَلَى. قَالَ: «أَلَسْتَ رُكُوسِيًّا [2] تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ؟» [3]
؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ»
. فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَدِيُّ أسْلِمْ
تَسْلَمْ، فَأَظُنُّ مِمَّا يَمْنَعُكَ أَنْ تُسْلِمَ خَصَاصَةٌ
تَرَاهَا بِمَنْ حَوْلِي، وَأَنَّكَ تَرَى النَّاسَ عَلَيْنَا إِلْبًا
وَاحِدًا، هَلْ أَتَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قُلْتُ: لَمْ آتِهَا وَقَدْ
عَلِمْتُ مَكَانَهَا، قَالَ: «تُوشِكُ الظَّعِينَةُ أَنْ تَرْتَحِلَ
مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جَوَارٍ حَتَّى تَطُوفَ بِالْبَيْتِ،
وَلَتُفْتَحَنَّ عَلَيْنَا كُنُوزُ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ» ، قُلْتُ:
كِسْرى بْنُ هُرْمُزَ؟! قَالَ:
«كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، «وَلَيَفِيضَنَّ
الْمَالُ حَتَّى يُهِمَّ الرَّجُلُ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُ مَالَه
صَدَقَةً» . قَالَ عَدِيٌّ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَتَيْنِ، وَأَحْلِفُ
باللَّه لَتَجِيئَنَّ الثَّالِثَةَ، يعني فيض المال [4] .
__________
[1] بضم أوّله وكسر المهملة.
[2] الركوسية: دين بين النصارى والصّابئين، كما في النهاية.
[3] أي يأخذ الربع من الغنيمة دون أصحابه.
[4] إسناده قويّ، وهو في مسند أحمد 4/ 377، 378 من طريق: محمد بن أبي
عديّ، عن ابن
(5/183)
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ،
وَغَيْرُهُ، إِنَّ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ جَاءَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ:
أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ [1] : أَعْرِفُكَ، آمَنْتَ إِذَا كَفَرُوا
[2] ، وَوَفَّيْتَ إِذَا غَدَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذَا أَدْبَرُوا.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَانَ قَدْ أَتَى عُمَرَ
يَسْأَلُهُ مِنَ الْمَالِ [3] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بن زيد، عن نافع مولى بن
أُسَيْدٍ، عَنْ نَائِلِ مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ
حَاتِمٍ إِلَى بَابِ عُثْمَانَ وَأَنَا عَلَيْهِ، فَمَنَعْتُهُ،
فَلَمَّا خَرَجَ عُثْمَانُ إِلَى الظُّهْرِ عَرَضَ لَهُ، فَلَمَّا
رَآهُ عُثْمَانُ رَحَّبَ بِهِ وَانْبَسَطَ لَهُ، فَقَالَ عَدِيٌّ:
انْتَهَيْتُ إِلَى بَابِكَ وَقَدْ عَمَّ إِذْنَكَ النَّاسَ،
فَحَجَبَنِي هَذَا، فَالْتَفَتَ عُثْمَانُ إِلَيَّ فَانْتَهَرَنِي
وَقَالَ: لا تَحْجُبْهُ وَاجْعَلْهُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ،
فَلَعَمْرِي إِنَّا لَنَعْرِفُ حَقَّهُ وَفَضْلَهُ وَرَأْيَ
الْخَلِيفَتَيْنِ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ، فَقَدْ جَاءَنَا بِالصَّدَقَةِ
يَسُوقُهَا، وَالْبِلادُ كَأَنَّهَا شُعَلُ النَّارِ، مِنْ أَهْلِ
الرِّدَّةِ، فَحَمِدَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا رَأَوْا مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حُدِّثْتُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ
قَالَ: مَا دَخَلَ وَقْتُ صَلاةٍ حَتَّى أَشْتَاقَ إِلَيْهَا.
وَعَنْ عَدِيٍّ قَالَ: مَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلا
وَأَنَا عَلَى وُضُوءٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كَانَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَلَى طيِّئ
يَوْمَ صِفِّينَ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ:
لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: لا تَنْتَطِحُ
فِيهَا عَنْزَانِ، فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ صِفِّينَ، فقيل له:
__________
[ () ] عون، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن
حذيفة، عن عديّ. وذكره ابن الأثير في:
أسد الغابة 4/ 8 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، به.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 17/ 69 رقم 138.
[1] زاد ابن عبد البر في الاستيعاب 3/ 141 هنا: «كيف لا أعرفك، وأول
صدقة بيّضت وَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صدقة طيِّئ» .
[2] زاد في الإصابة 2/ 468: «وعرفت إذ أنكروا» .
[3] تاريخ دمشق (الظاهرية) 11/ 239 أ.
(5/184)
أَلَيْسَ قُلْتَ: لا تَنْتَطِحُ فِيهَا
عَنْزَانِ؟ فَقَالَ: بَلَى، وَتُفْقَأُ عُيُونٌ كَثِيرَةٌ [1] .
وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: رَأَيْتُ عَدِيًّا رَجُلا جَسِيمًا أَعْوَرَ،
فَرَأَيْتُهُ يَسْجُدُ عَلَى جِدَارٍ ارْتِفَاعُهُ مِنَ الأَرْضِ
ذِرَاعٌ أَوْ نَحْوُ ذِرَاعٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ: قَالُوا: وَعَاشَ عَدِيُّ
بْنُ حَاتِمٍ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَسَنَّ
اسْتَأْذَنَ قَوْمَهُ فِي وِطَاءٍ يَجْلِسُ فِيهِ فِي نَادِيهِمْ،
وَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَظُنَّ أَحَدُكُمْ أَنِّي أَرَى أَنَّ لِي
عَلَيْهِ فَضْلا، وَلَكِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَرَقَّ عَظْمِي.
وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: خَرَجَ
عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ،
وَحْنَظَلَةُ الْكَاتِبُ، مِنَ الْكُوفَةِ، فَنَزَلُوا قَرْقِيسِيَاءَ
وَقَالُوا: لا نُقِيمُ بِبَلَدٍ يُشْتَمُ فِيهِ عُثْمَانُ [2] .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تُوُفِّيَ عَدِيٌّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ
وَسِتِّينَ، وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.
70- عُرْوَةُ بْنُ الْجَعْدِ [3]- ع- ويقال ابن أبي الجعد، البارقي [4]
__________
[1] تاريخ دمشق 11/ 241 ب. المعجم الكبير 17/ 70 رقم 139.
[2] تاريخ بغداد 1/ 191، تاريخ دمشق 11/ 243 أ.
[3] انظر عن (عروة بن الجعد) في:
طبقات ابن سعد 6/ 34، وطبقات خليفة 112 و 137، والتاريخ الكبير 7/ 31
رقم 137، وتاريخ الطبري 3/ 379 و 381، ومشاهير علماء الأمصار 48 رقم
316، والمعجم الكبير 17/ 154- 160، وأخبار القضاة 1/ 299 و 2/ 184 و
186 و 187 و 282، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 331 رقم 404، وتهذيب
الكمال 2/ 927، والكامل في التاريخ 2/ 397 و 3/ 144، والمعرفة والتاريخ
2/ 707، وتحفة الأشراف 7/ 293- 295 رقم 371، وعيون الأخبار 1/ 153،
ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 95 رقم 164، والجرح والتعديل 6/ 395 رقم
2203، والكاشف 2/ 228 رقم 3827، وتهذيب التهذيب 7/ 178 رقم 348، وتقريب
التهذيب 2/ 18 رقم 154، والإصابة 3/ 476 رقم 5518، وخلاصة تذهيب
التهذيب 264.
[4] انظر عن البارقي في: اللباب 1/ 86.
(5/185)
الأسدي، وَبَارِقٌ جَبَلٌ نَزَلَهُ
قَوْمُهُ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ ثَلاثَةِ أَحَادِيثَ.
اسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ
رَبِيعَةَ (قَبْلَ شُرَيْحٍ) [1] .
قَالَهُ الشَّعْبِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَلَمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ،
وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَشَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ [2] ،
وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدْ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَةً، فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ،
فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكان لو اشترى التراب ريح فِيهِ
[3] .
وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ: رَأَيْتُ فِي دَارِ عُرْوَةَ يَعْنِي
الْبَارِقِيَّ سَبْعِينَ فَرَسًا مَرْبُوطَةً.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [4] : كَانَ عُرْوَةُ مُرَابِطًا، وَلَهُ
أَفْرَاسٌ، فِيهَا فَرَسٌ أَخَذَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
71- عطيّة القرظيّ [5]- 4- له صحبة ورواية قليلة.
__________
[1] الكلمتان مهملتان في الأصل.
[2] في الأصل «عروة» .
[3] أخرجه البخاري (3642) ، وأحمد في المسند 4/ 375 و 376، والحميدي في
المسند (843) ، والطبراني في: المعجم الكبير 17/ 158 رقم 412.
[4] في الطبقات 6/ 34.
[5] انظر عن (عطية القرظي) في:
طبقات خليفة 123، والتاريخ الكبير 7/ 8 رقم 34، والجرح والتعديل 6/ 384
رقم 2132، والاستيعاب 3/ 146، وسيرة ابن هشام 3/ 193، وتحفة الأشراف 7/
298 رقم 377، وتهذيب الكمال 2/ 941، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/
335 رقم 412، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 116 رقم 425، والمغازي (من
تاريخ الإسلام) 314، وعهد الخلفاء الراشدين 388 و 433 و 470، والكاشف
2/ 235 رقم 3882، والمعجم الكبير 17/ 163- 165، وتهذيب التهذيب 7/ 229
رقم 421، وتقريب التهذيب 2/ 25 رقم 224، والإصابة 2/ 485 رقم 5579،
وخلاصة تذهيب التهذيب 268، ومسند أحمد 4/ 310 و 383 و 5/ 311.
(5/186)
رَوَى عَنْهُ: مُجَاهِدٌ، وَكَثِيرُ بْنُ
السَّائِبِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ.
وَقَالَ: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ
قُتِلَ، فَكُتِبْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، فَتُرِكْتُ [1] .
72- عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ [2] خ د ت ن [3] ابن عَامِرِ بْنِ
نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قصيّ أبو سروعة القرشيّ النّوفليّ
المكّي.
أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
وَعُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَكِّيُّ، وَابْنُ أَبِي
مُلَيْكَةَ، وَغَيْرُهُمْ.
وَهُوَ قَاتِلُ خُبَيْبٌ [4] .
وَأَمَّا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي
رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، فَإِنَّ أَبَا سًرْوَعَةَ
قَدِيمُ الوفاة [5] .
__________
[1] أخرجه عبد الرزاق في المصنّف (18742) و (18743) ، وأحمد في المسند
4/ 310، والحميدي في المسند (888) و (889) ، والترمذي (1634) ، وأبو
داود (4381) ، والنسائي (6/ 155) ، وابن ماجة (2541) ، والطبراني في
المعجم الكبير 17/ 163 رقم 128 و 435.
[2] انظر عن (عقبة بن الحارث) في:
مسند أحمد 4/ 7 و 383، ونسب قريش 204، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 101
رقم 241 و 123 رقم 506، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 148، وطبقات خليفة 9،
ومشاهير علماء الأمصار 36 رقم 210، وجمهرة أنساب العرب 116، والمستدرك
3/ 432، وتهذيب الكمال 2/ 944، وتحفة الأشراف 7/ 299- 301 رقم 378،
والتاريخ الكبير 6/ 309 رقم 2886، وطبقات ابن سعد 5/ 447، والمعرفة
والتاريخ 1/ 345، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 336 رقم 413، وتاريخ
الطبري 2/ 539، والجرح والتعديل 6/ 309 رقم 1722، وسيرة ابن هشام 3/
126 و 128، والاستيعاب 3/ 107، والمعجم الكبير 17/ 351- 355، والمغازي
(من تاريخ الإسلام) 232 و 234، والكاشف 2/ 237 رقم 3891، والنكت الظراف
7/ 301، والإصابة 2/ 488 رقم 5592، وتهذيب التهذيب 7/ 238، 239 رقم
431، وتقريب التهذيب 2/ 26 رقم 235، وخلاصة تذهيب التهذيب 268، والكنى
والأسماء للدولابي 1/ 71.
[3] في الأصل «س» بدل «ن» .
[4] أي «خبيب بن عديّ» .
[5] عبارة أبي حاتم ليست في: الجرح والتعديل 6/ 309.
(5/187)
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: ثنا أَيُّوبُ، عَنِ
ابْنِ أَبِي مُليْكَةَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ الْحَارِثِ،
وَحَدَّثَنِي صاحب لي، وأن لِحَدِيثِ صَاحِبِي أَحْفَظُ، قَالَ
عُقْبَةُ: تَزَوَّجْتُ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إِهَابٍ، فَدَخَلَتْ
عَلَيْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَزَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْنَا
جَمِيعًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ،
قَالَ: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ! وَقَدْ قَالَتْ مَا
قَالَتْ، دَعْهَا عَنْكَ» [1] . قُلْتُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِ
الشُّبُهَاتِ، وَفِيهِ الرُّجُوعِ مِنَ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ
احْتِيَاطًا وَوَرَعًا، وَاسْتِبْرَاءً لِلْعِرْضِ وَالدِّينِ.
73- عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ [2] ابْنِ عَبْدِ قَيْسِ بْنِ لَقِيطٍ
الْقُرَشِيِّ الْفِهْرِيُّ الْأَمِيرُ.
قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ: يُقَالُ إِنَّ لَهُ صُحْبَةً،
وَلَمْ يَصِحَّ، شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَاخْتَطَّ بِهَا، وَوَلَّى
الْمَغْرِبَ لِمُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ الَّذِي
بَنَى قَيْرَوَانَ إِفْرِيقِيَّةَ وَأَنْزَلَهَا الْمُسْلِمِينَ،
قَتَلَتْهُ الْبَرْبَرُ بِهَوْذَةَ مِنْ أَرْضِ الْمَغْرِبِ سَنَةَ
ثَلاثٍ وَسِتِّينَ، وَوَلَدُهُ بِمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ [3] : وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ،
وحكى عن معاوية، روى
__________
[1] أخرجه الطبراني 17/ 353 رقم (974) .
[2] انظر عن (عقبة بن نافع) في:
تاريخ خليفة 204- 206 و 210 و 251 و 279، والمعرفة والتاريخ 1/ 162،
وجمهرة أنساب العرب 163 و 187، وفتوح البلدان 264 و 268- 271 و 274 و
280، والوفيات لابن قنفذ 59 رقم 41، والبيان المغرب 1/ 19، والاستقصاء
1/ 36، والخراج وصناعة الكتابة 344 و 345 و 347 و 352، والتاريخ الكبير
6/ 435 رقم 2901، وفتوح مصر 194 و 197، وتاريخ الطبري 5/ 240، ورياض
النفوس 1/ 62، والولاة والقضاة 22 و 190، وتاريخ اليعقوبي 2/ 156 و
229، وأنساب الأشراف 1/ 397، والكامل في التاريخ 3/ 20 و 89 و 419 و
458 و 465- 467 و 4/ 105 و 107، والاستيعاب 3/ 108، وتاريخ دمشق
(الظاهرية) 11/ 358 ب، وأسد الغابة 4/ 759 ومعالم الإيمان 1/ 164 و
167، وسير أعلام النبلاء 3/ 532- 534 رقم 138، والبداية والنهاية 8/
217، والعقد الثمين 6/ 111، وحسن المحاضرة 2/ 220.
[3] تاريخ دمشق 11/ 358 ب.
(5/188)
عَنْهُ قَوْلَهُ: ابْنُهُ أَبُو عُبَيْدَةَ
مَرَّةً وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ،
وَعَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَزِيدَ
بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ
الْمُسْلِمُونَ مِصْرَ بَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى الْقُرَى
التي حولها الخيل يطئوهم، فَبَعَثَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ
قَيْسٍ، وَكَانَ نَافِعٌ أَخَا الْعَاصِ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ
لأُمِّهِ، فَدَخَلَتْ خُيُولُهُمْ أَرْضَ النُّوبَةِ غَزَاةً غَزْوًا
كَصَوَائِفِ الرُّومِ، فَلَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ النُّوبَةِ
قِتَالا شَدِيدًا، رَشَقُوهُمْ بِالنَّبْلِ، فَلَقَدْ جُرِحَ
عَامَّتُهُمْ، وَانْصَرَفُوا بِحَدَقٍ مُفَقَّأَةٍ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمَّا وُلِّيَ مُعَاوِيَةُ وَجَّهَ عُقْبَةَ
بْنَ نَافِعٍ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ،
فَافْتَتَحَهَا وَاخْتَطَّ قَيْرَوَانَهَا، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعُهُ
غَيْضَةً لا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ، فَدَعَا
عَلَيْهَا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا خَرَجَ هَارِبًا
بِإِذْنِ اللَّهِ، حَتَّى إِنْ كَانَتِ السِّبَاعُ وَغَيْرُهَا
لَتَحْمِلُ أَوْلادَهَا، فحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ
أَبِيهِ قَالَ:
نَادَى عُقْبَةُ: «إِنَّا نَازِلُونَ فَأَظْعِنُوا» فَخَرَجْنَ مِنْ
جُحُورِهِنَّ هَوَارِبَ [1] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ
إِفْرِيقِيَّةَ وَقَفَ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الوادي إنا حالون إن شاء
الله، فاظعنوا، ثلاث مرات، قال: فما رأينا حجرا ولا شجرا إلا يخرج من
تحته دابة، حتى هَبَطْنَ بَطْنَ الْوَادِي، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ:
انْزِلُوا بِاسْمِ اللَّهِ [2] .
وَعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ، وَغَيْرِهِ قَالُوا: كَانَ عُقْبَةُ
بْنِ نَافِعٍ مُجَابُ الدَّعْوَةِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ: قَدِمَ عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ
عَلَى يَزِيدَ، فَرَدَّهُ وَالِيًا عَلَى إِفْرِيقِيَّةِ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، فَخَرَجَ سَرِيعًا لِحِينِهِ عَلَى أَبِي
الْمُهَاجِرِ دِينَارٍ- هُوَ مَوْلَى مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ-
فَأَوْثَقَ أَبَا الْمُهَاجِرِ فِي الحديد، ثُمَّ غَزَا إِلَى السُّوسِ
الأَدْنَى، وَأَبُو الْمُهَاجِرِ مَعَهُ مُقَيَّدٌ، ثُمَّ رَجَعَ
وَقَدْ سَبَقَهُ أَكْثَرُ الجيش، فعرض له
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 240 وتاريخ دمشق 11/ 359 أ، و 360 ب.
[2] تاريخ دمشق 11/ 360 أب، ورياض النفوس 1/ 9، وطبقات علماء إفريقية
8، ومعالم الإيمان 1/ 9، ومعجم ما استعجم 3/ 1105، وحسن المحاضرة 2/
220، 221.
(5/189)
كُسَيْلَةُ فِي جَمْعٍ مِنَ الْبَرْبَرِ
وَالرُّومِ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ عُقْبَةُ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو
الْمُهَاجِرِ.
74- عَلْقَمَةُ بْنُ قيس [1] ع ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ،
أَبُو شِبْلٍ النّخعيّ الكوفي، الْفَقِيهُ الْمَشْهُورُ، خَالُ
إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَشَيْخُهُ، وَعَمُّ الأَسْوَدِ بْنِ
يَزِيدَ.
أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ، وَسَمِعَ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا،
وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، وَسَعْدَ بْنَ أَبِي
وَقَّاصٍ، وَعَائِشَةَ، وَأَبَا مُوسَى، وَحُذَيْفَةَ، وَتَفَقَّهَ
بِابْنِ مَسْعُودٍ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ.
رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ،
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ النّخَعِيُّ، وَهَنِيُّ بْنُ نُوَيْرَةَ،
وَأَبُو الضُّحَى مُسْلِمٌ، وعبد الرحمن بن يزيد النّخعيّ أخو
__________
[1] انظر عن (علقمة بن قيس) في:
أخبار القضاة 3/ 42، وتاريخ الطبري 1/ 115 و 343 و 2/ 419 و 575 و 583
و 587 و 592 و 593، و 4/ 305 و 306 و 309 و 323 و 520 و 5/ 32، والولاة
والقضاة 24، والوفيات لابن قنفذ 95 رقم 62، وتاريخ بغداد 12/ 396- 300
رقم 6743، وحلية الأولياء 2/ 98- 102 رقم 164، وجامع التحصيل 293 رقم
534، وطبقات ابن سعد 6/ 86، والتاريخ الكبير 7/ 41 رقم 177، والجرح
والتعديل 6/ 404 رقم 2258، والعقد الفريد 2/ 233 و 437 و 3/ 168،
وتاريخ أبي زرعة 1/ 616 و 651 و 652 و 654 و 655 و 665 و 667، والزاهر
1/ 186 و 414، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 235 و 380 و 517 و 518 و 534 و
536 و 545، والكامل في التاريخ 3/ 132 و 134 و 138 و 307 و 4/ 101 و
392، وجمهرة أنساب العرب 416، والمعرفة والتاريخ 2/ 552، وطبقات
الفقهاء 79، وتاريخ دمشق (الظاهرية) 11/ 404 ب، والمعارف 431 و 213 و
582، وتاريخ خليفة 196 و 236، وطبقات خليفة 147، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1 ج 1/ 342، 343 رقم 425، ومشاهير علماء الأمصار 100 رقم
741، والتاريخ لابن معين 2/ 415، وتاريخ الثقات للعجلي 339- 341 رقم
1161، والزيارات 79، وتهذيب الكمال 957، وتذكرة الحفاظ 1/ 45، والعبر
1/ 66، 67، ودول الإسلام 1/ 47، والكاشف 2/ 242 رقم 3930، وسير أعلام
النبلاء 1/ 516 4/ 53- 61 رقم 14، ومرآة الجنان 1/ 137، والبداية
والنهاية 8/ 218، وغاية النهاية 1/ 516 رقم 2135، والإصابة 3/ 110 رقم
6454، وتهذيب التهذيب 7/ 276- 278، والنجوم الزاهرة 1/ 157، والأسامي
والكنى للحاكم، ورقة 377 أ، وطبقات الحفاظ 12، وخلاصة تذهيب التهذيب
271، وشذرات الذهب 1/ 70، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 7.
(5/190)
الأَسْوَدِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ
مُخَيْمِرَةَ [1] وَالْمُسَيَّبُ بْنُ رَافِعٍ، وَأَبُو ظَبْيَانَ.
وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ: يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ
نَضْلَةَ [2] ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ فَقِيهًا إِمَامًا مُقْرِئًا، طَيِّبَ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ،
ثَبَتًا حُجَّةً، وَكَانَ أَعْرَجَ [3] ، دَخَلَ دِمَشْقَ وَاجْتَمَعَ
بِأَبِي الدَّرْدَاءِ بِالْجَامِعِ، وَكَانَ الأَسْوَدُ أَكْبَرَ
مِنْهُ، فَإِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ قَالَ: قَالَ الأْسَوَدُ: إِنِّي
لَأذْكُرُ لَيْلَةَ بُنِيَ بِأُمِّ عَلْقَمَةَ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [4] وَغَيْرُهُ: إِنَّهُ شَهِدَ صِفِّينَ مَعَ
عَلِيٍّ.
وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَنَّى
عَلْقَمَةَ أَبَا شِبْلٍ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ عَقِيمًا لا يُولَدُ لَهُ
[5] .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفَقِيهُ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ سَنَتَيْنِ.
وَقَالَ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ إنّ الأسود وعلقمة كانا
يُسَافِرَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ
الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:
كَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي
هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ [6] .
وَقَالَ الأَعْمَشُ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي
مَعْمَرٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَخْبَرَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ
عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ فَقَالَ: اذهبوا بنا إلى أَشْبَهِ النَّاسِ
هَدْيًا وَدَلًا وَأَمْرًا بِعَبْدِ اللَّهِ، فَقُمْنَا مَعَهُ لَمْ
نَدْرِ مَنْ هُوَ، حَتَّى دَخَلَ بِنَا عَلَى عَلْقَمَةَ [7] .
وَقَالَ دَاوُدُ الأَوْدِيُّ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: أَخْبِرْنِي عَنْ
أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ كأنّي
__________
[1] مهمل في الأصل، والتحرير من «الخلاصة» .
[2] في الأصل «فضلة» ، والتصحيح من طبقات القراء لابن الجزري. ويقال له
«ابن نضيلة» كما في طبقات ابن سعد 6/ 117 وأسد الغابة 3/ 354.
[3] لم يذكره الجاحظ في: البرصان والعرجان.
[4] في تاريخه 196، وانظر طبقات ابن سعد 6/ 91.
[5] طبقات ابن سعد 6/ 86.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 86.
[7] طبقات ابن سعد 6/ 86، حلية الأولياء 2/ 98.
(5/191)
أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: كَانَ
عَلْقَمَةُ أبْطَنَ [1] الْقَوْمِ بِهِ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ قَدْ خَلَطَ
مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ أَسَدَّهُمِ
اجْتِهَادًا، وَكَانَ عَبِيدَةَ يُوَازِي شُرَيْحًا فِي الْعِلْمِ
وَالْقَضَاءِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ
يَقْرَءُونَ وَيُفْتُونَ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ،
وَعَبِيدَةُ، وَالْحَارِثُ بن قيس، وعمرو بن شرحبيل.
وقال مرّة بن شراحبيل: كَانَ عَلْقَمَةُ مِنَ الرَّبَّانِيِّينَ [2] .
وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
عَلْقَمَةَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلا
وَعَلْقَمَةُ يَقْرَأُ [3] .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ عَلْقَمَةَ
وَالأَسْوَدِ، أيُّهُمَا أَفْضَلُ؟
فَقَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ مَعَ البطيء وَيُدْرِكُ السَّرِيعَ [4] .
وَقَالَ أَبُو قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ: قُلْتُ لِأَبِي: كَيْفَ
تَأْتِي عَلْقَمَةَ، وَتَدَعُ أَصْحَابَ مُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: يَا بَنِي إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ
كَانُوا يَسْأَلُونَهُ [5] .
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي
خَمْسٍ، وَالأَسْوَدُ فِي سِتٍّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ
فِي سَبْعٍ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا لِلْجَنَّةِ
فَهُمْ أَهْلُ هَذَا الْبَيْتِ:
عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ:
قُلْنَا لِعَلْقَمَةَ: لَوْ صَلَّيْتَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ
وَنَجْلِسُ مَعَكَ فَتُسْأَلُ، قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقَالُ هَذَا
عَلْقَمَةُ، قَالُوا: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى الأمراء فعرفوا لك شرفك،
قال:
__________
[1] في طبعة القدسي 3/ 51 «أبطن انظر القوم» ، وما أثبتناه هو الصحيح.
وأبطن: يقال بطن من فلان وبه إذا صار من خواصّه، واستبطن أمره إذا وقف
على دخيلته، فهو أبطن.
[2] انظر حلية الأولياء 2/ 98، وطبقات ابن سعد 6/ 91.
[3] حلية الأولياء 2/ 99.
[4] طبقات ابن سعد 9/ 89.
[5] حلية الأولياء 2/ 98.
(5/192)
أَخَافُ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ
مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُمْ [1] .
وَقَالَ عَلْقَمَةُ لِأَبِي وَائِلٍ وَقَدْ دَخَلَ عَلَى ابْنِ
زِيَادٍ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ مِنْ دُنْيَاهُمْ شَيْئًا إلا أَصَابُوا
مِنْ دِينِكَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، مَا أَحَبَّ أَنَّ لِي مَعَ
ألْفَيَّ أَلْفَيْنِ، وَإِنِّي مِنْ أَكْرَمِ الْجُنْدِ عَلَيْهِ [2)
.] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ أَبَا بُرْدَةَ كَتَبَ عَلْقَمَةَ فِي
الْوَفْدِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ عَلْقَمَةُ: امْحُنِي امْحُنِي
[3] .
وَقَالَ عَلْقَمَةُ: مَا حَفِظْتُ وَأَنا شَابٌّ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ
إِلَيْهِ فِي قِرْطَاسٍ [4] .
قَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ عَلْقَمَةُ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَخَلِيفَةُ، وَابْنُ
مَعِينٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ
الْفَلاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ
اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ، وهو غلط.
75- عمر بن سعد [5] ن ابْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْقُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ،
أَبُو حَفْصٍ المدني نزيل الكوفة.
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 88، وانظر بعضه في حلية الأولياء 2/ 100.
[2] تاريخ دمشق 11/ 412 ب.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 89.
[4] طبقات ابن سعد 6/ 87 بلفظ «ورقة» بدل «قرطاس» .
[5] انظر عن (عمر بن سعد) في:
طبقات ابن سعد 5/ 168، وتاريخ خليفة 263 و 264، وطبقات خليفة 243،
والتاريخ الكبير 6/ 158 رقم 2016، والبرصان والعرجان 82، والمعارف 243،
وفتوح البلدان 345 و 349، والجرح والتعديل 6/ 111 رقم 592، ومروج الذهب
(طبعة الجامعة اللبنانية) 1901 و 1906 و 1938 و 1960 و 2300، ونسب قريش
264، والبدء والتاريخ 5/ 88 و 6/ 11 و 12 و 25، وتاريخ الطبري 3/ 341 و
4/ 53 و 5/ 66 و 67 و 269 و 356 و 376 و 393 و 409- 412، و 414 و 415 و
417 و 422 و 427- 429 و 434- 438 و 441 و 444 و 445 و 452 و 454 و 455
و 467 و 524 و 580 و 586 و 587 و 6/ 47 و 236 و 7/ 184 و 417، والعقد
الفريد 4/ 379 و 380 و 5/ 405، وتاريخ اليعقوبي 2/ 243 و 259، وتاريخ
العظيمي 170، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 109، وأنساب الأشراف ق 4 ج
1/ 35
(5/193)
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ ابْنِهِ أَبُو بَكْرِ
بْنُ حَفْصٍ، وَالْعَيْزَارُ بْنُ حُرَيْثٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ
السَّبِيعِيُّ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ.
وَلِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ جَمَاعَةٌ إِخْوَةٌ: عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ،
أَحَدُ مِنْ قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
وَعُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ: قُتِلَ أَيْضًا يَوْمَ الْحَرَّةِ.
وَمُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَامِرُ بْنُ سَعْدٍ: مَاتَا بَعْدَ
الْمِائَةِ.
وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَلَهُ رِوَايَةٌ.
وَإِسْمَاعِيلُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَيَحْيَى: ذَكَرَ
تَرَاجِمَهُمُ ابنُ سَعْدٍ [1] .
وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ الَّذِي قَاتَلَ الْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، وَشَهِدَ دُومَةَ الْجَنْدَلِ مَعَ أَبِيهِ.
وَقَالَ بُكَيْرِ بْنُ مِسْمَارٍ: سَمِعْتُ عَامِرَ بْنَ سَعْدٍ
يَقُولُ: كَانَ سَعْدُ فِي إبِلِهِ أَوْ غَنَمِهِ، فَأَتَاهُ ابْنُهُ
عُمَرُ، فَلَمَّا لاحَ قَالَ: أَعُوذُ باللَّه مِنْ شَرِّ هَذَا
الرَّاكِبِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَبَتِ أَرَضِيتَ
أَنْ تَكُونَ أعرابيّا في إبلك والناس يتنازعون
__________
[ () ] و 136 و 137 و 254 و 280 و 384، والأخبار الطوال 241 و 247 و
253- 256 و 259 و 298 و 300 و 301، وعيون الأخبار 3/ 185، والكامل في
التاريخ 2/ 533 و 3/ 330 و 4/ 34 و 52- 57 و 59 و 60 و 64- 69 و 71- 73
و 78- 81 و 143 و 172 و 177 و 5/ 245، والمعرفة والتاريخ 3/ 330،
وجمهرة أنساب العرب 129 و 365، وتهذيب الكمال 2/ 1010، والكاشف 2/ 270
رقم 4121، وتاريخ الثقات 357 رقم 1230، والعبر 1/ 73 وسير أعلام
النبلاء 3/ 349، 350 رقم 123، والبداية والنهاية 8/ 273، والإصابة 3/
172 رقم 6827، وتهذيب التهذيب 7/ 450- 452 رقم 746، وتقريب التهذيب 2/
56 رقم 433، وخلاصة تذهيب التهذيب 283، والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة
121 أوب، والمثلّث 2/ 155، والفائق في غريب الحديث، لجار الله
الزمخشريّ- تحقيق محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم- دار إحياء
الكتب العربية، القاهرة 3/ 49، والنهاية في غريب الحديث 4/ 106
والمحاسن 61، 12.
[1] في طبقاته- ج 5/ 168.
(5/194)
فِي الْمُلْكِ! فَضَرَبَ صَدْرَهُ بِيَدِهِ
وَقَالَ: اسْكُتْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ
الْخَفِيَّ الْغَنِيَّ» [1] . وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَمَّنْ
حَدَّثَهُ، عَنْ سَالِمٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ ابن
سَعْدٍ لِلْحُسَيْنِ: إِنَّ قَوْمًا مِنَ السُّفَهَاءِ يَزْعُمُونَ
إِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: لَيْسُوا بِسُفَهَاءَ وَلَكِنَّهُمْ
حُلَمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَيَقَرُّ عَيْنِي [2]
أَنَّكَ لا تَأْكُلُ بُرَّ الْعِرَاقِ بَعْدِي إِلا قَلِيلا. وَرَوَى
هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ
قَالَ: قَالَ عَلِيُّ لِعُمَرَ بْنِ سَعْدٍ: كَيْفَ أَنْتَ إِذَا
قُمْتَ مَقَامًا تُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ،
فَتَخْتَارُ النَّارَ. وَيُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ:
كَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ قَدْ جَهَّزَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ فِي
أَرْبَعَةِ آلافٍ لِقِتَالِ الدَّيْلَمِ، وَكَتَبَ لَهُ عَهْدَهُ عَلَى
الرَّيِّ، فَلَمَّا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ طَالِبًا لِلْكُوفَةِ دَعَا
عُبَيْدُ اللَّهِ عُمَرًا وَقَالَ: سِرْ إِلَى الْحُسَيْنِ، قَالَ:
إِنْ تُعْفِينِي، قَالَ: فَرُدَّ إِلَيْنَا عَهْدَنَا، قَالَ:
فَأَمْهِلْنِي الْيَوْمَ أَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَانْصَرَفَ
يَسْتَشِيرُ أَصْحَابَهُ، فَنَهَوْهُ [3] .
وَقَالَ أَبُو مِخْنَفٍ [4]- وَلَيْسَ بِثِقَةٍ لَكِنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ
بِالأَخْبَارِ-: حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، وَالصَّقْعَبُ بْنُ زُهَيْرٍ
أَنَّهُمَا الْتَقَيَا مِرَارًا- الْحُسَيْنَ، وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ-
قَالَ: فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ: أَمَّا بَعْدُ،
فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَطْفَأَ الثَّائِرَةَ، وَجَمَعَ الْكَلِمَةَ،
وَأَصْلَحَ أَمْرَ الأُمَّةِ، فَهَذَا حُسَيْنٌ قَدْ أَعْطَانِي أَنْ
يَرْجِعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَضَعُ يَدَهُ فِي يَدِهِ، أَوْ أَنْ يَسِيرَ
إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ، فَيَكُونُ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ،
لَهُ مَا لَهْمُ وَعَلَيْهِ، وَفِي هَذَا لَكُمْ رِضًا، وَلِلأُمَّةِ
صَلاحٌ. فَلَمَّا قَرَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْكِتَابَ قَالَ: هذا كتاب
ناصح
__________
[1] أخرجه مسلم في الزهد (11/ 2965) .
[2] في الأصل «بعيني» .
[3] تاريخ الطبري 5/ 409.
[4] في الأصل «أبو فخرف» ، وهو لوط بن يحيى الأخباري المشهور.
(5/195)
لِأَمِيرِهِ، مُشْفِقٌ عَلَى قَوْمِهِ،
نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ، فَقَامَ إِلَيْهِ شِمْرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ
فَقَالَ: أَتَقْبَلُ هَذَا مِنْهُ وَقَدْ نَزَلَ بِأَرْضِكَ وَإِلَى
جَنْبِكَ: وَاللَّهِ لَئِنْ خَرَجَ مِنْ بِلادِكَ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ
فِي يَدِكَ لَيَكُونَنَّ أَوْلَى بِالْقُوَّةِ وَالْعِزِّ،
وَلْتَكُونَنَّ أَوْلَى بِالضَّعْفِ وَالْعَجْزِ، فَلا تُعْطِهِ هَذِهِ
الْمَنْزِلَةَ فَإِنَّهَا مِنَ الْوَهَنِ، وَلَكِنْ لِيَنْزِلْ عَلَى
حُكْمِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَإِنْ عَاقَبْتَ فَأَنْتَ وَلِيَّ
الْعُقُوبَةِ، وَإِنْ غَفَرْتَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ، وَاللَّهِ لَقَدْ
بَلَغَنِي أَنَّ حُسَيْنًا وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يَجْلِسَانِ بَيْنَ
الْعَسْكَرَيْنِ فَيَتَحَدَّثَانِ عَامَّةَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ:
نِعْمَ مَا رَأَيْتُ الرَّأْيَ رَأْيَكَ [1] .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي «تَارِيخِهِ» [2] : ثنا مُوسَى بْنُ
إسماعيل، ثنا سليمان بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ
الْعِجْلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ طُعِنَ فِي
سُرَادِقِ الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، فَرَأَيْتُ عُمَرَ
وَوَلَدَيْهِ قَدْ ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، ثُمَّ عُلِّقُوا عَلَى
الْخَشَبِ، ثُمَّ أُلْهِبَ فِيهِمُ النَّارُ.
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرِ الْبَاقِرِ: إِنَّمَا أَعْطَاهُ الْمُخْتَارُ
أَمَانًا بِشَرْطِ أَلا يُحْدِثُ- وَنَوَى بِالْحَدَثِ دُخُولَ
الْخَلاءِ- ثُمَّ قَتَلَهُ [3] . وَقَالَ عِمْرَانُ بْنِ مِيثَمٍ [4] :
أَرْسَلَ الْمُخْتَارُ إِلَى دَارِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ مَنْ قَتَلَهُ
وَجَاءَهُ بِرَأْسِهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمَّنَهُ، فَقَالَ ابْنُهُ
حَفْصٌ لَمَّا رَأَى ذَلِكَ: إِنَّا للَّه وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ، فَقَالَ الْمُخْتَارُ: اضْرِبْ عُنُقَهُ، ثُمَّ قَالَ:
عُمَرُ بِالْحُسَيْنِ، وَحَفْصُ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَلا
سَوَاءٌ [5] .
قُلْتُ: هَذَا عَلِيٌّ الأَكْبَرُ لَيْسَ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ.
قَالَ خَلِيفَةُ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ قُتِلَ عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ
على فراشه [6] .
__________
[1] تاريخ الطبري 5/ 414، الكامل في التاريخ 4/ 55.
[2] لم أجد قول البخاري لا في ترجمة عمر بن سعد، ولا في ترجمة الحسين
بن علي.
[3] البداية والنهاية 8/ 273.
[4] في الأصل مهمل، وهو بكسر الميم وفتح الثاء.
[5] زاد ابن كثير في «البداية والنهاية» 8/ 274: «والله لو قتلت به
ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله» .
[6] هذه العبارة ليست في طبقات خليفة، ولا في تاريخه، ففي الطبقات 243
أنه قتل سنة 65، وفي التاريخ ذكر مقتله في سنتي 66 و 67 هـ.
(5/196)
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سَنَةَ سَبْعٍ.
76- عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ [1]- 4- بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، وَهَذَا عُمَرُ الأَكْبَرُ قُتِلَ مَعَ الْمُخْتَارِ
بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عَلِيٌّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمُحَمَّدٌ،
وَأَبُو زُرْعَةَ عَمْرُو بْنُ جَابِرٍ الْحَضْرَمِيُّ، وَلابْنِهِ
مُحَمَّدٍ حَدِيثٌ عَنْهُ فِي السُّنَنِ.
قُتِلَ إِلَى رَحْمَةِ الله سنة سبع.
77- عمرو بن الحارث [2]- ع- بن أبي ضرار الخزاعي المصطلقي، أَخُو أُمِّ
الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ.
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْكُوفَةَ، وَرَوَى أَيْضًا عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَوْجَتِهِ زَيْنَبَ.
رَوَى عَنْهُ: مَوْلاهُ دِينَارٌ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود،
__________
[1] انظر عن (عمر بن عليّ) في:
طبقات خليفة 230، وتاريخ خليفة 264، والمعارف 204 و 210 و 217، وتاريخ
الطبري 3/ 383 و 5/ 154، 155، وجمهرة أنساب العرب 42 و 66، والخراج
وصناعة الكتابة 286، وتاريخ الثقات للعجلي 360 رقم 1243، وطبقات ابن
سعد 5/ 117، والتاريخ الكبير 6/ 179 رقم 2096، وفتوح البلدان 131،
والجرح والتعديل 6/ 124 رقم 676، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية)
418 و 1908 و 1909، ونسب قريش 42 و 43، والتنبيه والإشراف للمسعوديّ
259، والبدء والتاريخ 5/ 76، وتاريخ اليعقوبي 2/ 213، والأخبار الطوال
306، 307، والعقد الفريد 4/ 401، وتهذيب الكمال 2/ 1020، وتاريخ دمشق
13/ 172، وسير أعلام النبلاء 4/ 134 رقم 41، والكاشف 2/ 276 رقم 4163،
والكامل في التاريخ 2/ 399 و 408 و 3/ 397، وتهذيب التهذيب 7/ 485 رقم
806، وتقريب التهذيب 2/ 61 رقم 490، وخلاصة تذهيب التهذيب 285.
[2] انظر عن (عمرو بن الحارث) في:
طبقات ابن سعد 6/ 196، والتاريخ الكبير 6/ 308 رقم 2486، والجرح
والتعديل 6/ 225 رقم 1249، وطبقات خليفة 107 و 137 و 150، والمعرفة
والتاريخ 2/ 621، ومسند أحمد 4/ 278، وأسد الغابة 4/ 96، 97، والمعجم
الكبير 17/ 44، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 26 رقم 12، وتحفة
الأشراف 8/ 141، 142 رقم 401، وتهذيب الكمال 2/ 1028، والكاشف 2/ 281
رقم 4203، وأنساب الأشراف 1/ 519، والاستيعاب 2/ 515، 516، والإصابة 2/
530، 531 رقم 5800، وتهذيب التهذيب 8/ 14 رقم 21، وتقريب التهذيب 2/ 67
رقم 553، وخلاصة تذهيب التهذيب 287.
(5/197)
وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
وَهُوَ صِهْرُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
78- عمرو بن الزبير [1] ابن الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيُّ،
وأمه أُمُّ خَلِدِ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيَّةِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ وَأَخَاهُ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً، وَلَهُ
وِفَادَةٌ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَابْنِهِ، وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ خُصُومَةٌ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عُثْمَانَ
قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ
بْنِ عَفَّانٍ الْمُطَرِّفَ لِأَنَّ النَّاسَ لَمَّا اسْتَشْرَفُوا
جَمَالَهُ قَالُوا: هَذَا حَسَنٌ مُطْرَّفٌ بَعْدَ عَمْرِو بْنِ
الزُّبَيْرِ [2] .
وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الزُّبَيْرِ مُنْقَطِعَ الْجَمَالِ، وَكَانَ
يُقَالُ: مَنْ يُكَلِّمُ عَمْرَو بْنَ الزُّبَيْرِ يَنْدَمُ، كَانَ
شَدِيدَ الْعَارِضَةِ، مَنِيعَ الْحَوْزَةِ، وَكَانَ يَجْلِسُ
بِالْبِلادِ وَيَطْرَحُ عَصَاهُ، فَلا يَتَخَطَّاهَا أَحَدٌ إِلا
بِإِذْنِهِ، وَكَانَ قَدِ اتَّخَذَ مِنَ الرَّقِيقِ مِائَتَيْنِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عن
عمته أم بكر، وحدثني شرحبيل بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَابْنِ
أَبِي الزِّنَادِ قَالُوا: كَتَبَ يَزِيدُ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ
أَنْ يُوَجِّهَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ جُنْدًا، فسأل: من أعدى الناس
له،
__________
[1] انظر عن (عمرو بن الزبير) في:
طبقات ابن سعد 5/ 185، 186، ونسب قريش 178 و 214 و 215، وتاريخ
اليعقوبي 2/ 264، وجمهرة نسب قريش 344، والعقد الفريد 4/ 377، وتاريخ
الطبري 4/ 460 و 5/ 330 و 343- 346، وأنساب الأشراف 3/ 112 وق 4 ج 1/
67 و 89 و 311- 316 و 319 و 382- 384 و 7604 والكامل في التاريخ 4/ 11
و 18 و 19، والتذكرة الحمدونية 2/ 211، والأغاني 14/ 224، والعقد
الثمين 6/ 383، وغرر الخصائص الواضحة، للوطواط- طبعة بيروت؟ - ص 402،
وتاريخ دمشق 13/ 220 أ، والمحبر 304 و 410 و 481، ومروج الذهب (طبعة
الجامعة اللبنانية 1940، 1941، والمعارف 222، وفتوح البلدان 14،
والبرصان والعرجان 364، وجمهرة أنساب العرب 125، وسير أعلام النبلاء 3/
472، 473 رقم 99.
[2] أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 604 رقم 1560.
(5/198)
فَقِيلَ: عَمْرُو أَخُوهُ، فَوَلاهُ
شُرْطَةَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَ نَاسًا مِنْ قُرْيَشٍ وَالأَنْصَارِ
بِالسِّيَاطِ وَقَالَ: هَؤُلاءِ شِيعَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الزُّبَيْرِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ فِي أَلْفٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى
قِتَالِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَنَزَلَ بِذِي طُوَى، فَأَتَاهُ
النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: جِئْتُ لِأَنْ يُعْطِيَ
أَخِي الطَّاعَةَ لِيَزِيدَ وَيَبَرَّ قَسَمَهُ، فَإِنْ أَبَى
قَاتَلْتُهُ، فَقَالَ لَهُ جُبَيْرُ بْنُ شَيْبَةَ: كَانَ غَيْرُكَ
أَوْلَى بِهَذَا مِنْكَ، تَسِيرُ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ وَأَمْنِهِ،
وَإِلَى أَخِيكَ فِي سِنِّهِ وَفَضْلِهِ، تَجْعَلُهُ فِي جَامِعَةٍ!
مَا أَرَى النَّاسَ يَدْعُونَكَ وَمَا تُرِيدُ، قَالَ: إِنِّي
أُقَاتِلُ مَنْ حَالَ دُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَنَزَلَ دَارَهُ
عِنْدَ الصَّفَا، وَجَعَلَ يُرْسِلُ إِلَى أَخِيهِ، وَيُرْسِلُ
إِلَيْهِ أَخُوهُ، وَكَانَ عَمْرُو يَخْرُجُ يُصَلِّي بِالنَّاسِ،
وَعَسْكَرَهُ بِذِي طُوَى، وَابْنُ الزُّبَيْرِ أَخُوهُ مَعَهُ
يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ وَيُكَلِّمُهُ فِي الطَّاعَةِ، وَيَلِينُ لَهُ،
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ، إِنِّي لَسَامِعٌ
مُطِيعٌ، أَنْتَ عَامِلُ يَزِيدَ، وَأَنَا أُصَلِّي خَلْفَكَ مَا
عِنْدِي خِلَافٌ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ فِي عُنُقِي جَامِعَةً، ثُمَّ
أُقَادُ إِلَى الشَّامِ، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي ذَلِكَ، فَرَأَيْتُ لا
يَحِلُّ لِي أَنْ أَحُلَّهُ بِنَفْسِي، فَرَاجِعْ صَاحِبَكَ وَاكْتُبْ
إِلَيْهِ، قَالَ: لا وَاللَّهِ، مَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَهَيَّأَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ قَوْمًا وَعَقَدَ لَهُمْ لِوَاءً،
وَأَخَذَ بِهِمْ مِنْ أَسْفَلِ مكة، فلم يشعر أنيس الأسلميّ إِلا
بِالْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى عَسْكَرِ عُمَرَ، فَالْتَقَوْا، فَقُتِلَ
أُنَيْسٌ، وَرَكِبَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي
طَائِفَةٍ إِلَى عَمْرِو، فَلَقَوْهُ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ
وَالْعَسْكَرُ أَيْضًا، وَجَاءَ عُبَيْدَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهِ،
فَقَالَ: يَا أَخِي أَنَا أُجِيرُكَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَاءَ بِهِ
أَسِيرًا وَالدَّمُ يَقْطُرُ عَلَى قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ
أَجَرْتُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا حَقِّي فَنَعَمْ، وَأمَّا
حَقُّ النَّاسِ فَلأَقْتَصَّنَّ مِنْهُ لِمَنْ آذَاهُ بِالْمَدِينَةِ،
وَقَالَ: مَنْ كَانَ يَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ فَلْيَأْتِ، فَجَعَلَ
الرَّجُلُ يَأْتِي فَيَقُولُ: قَدْ نَتَفَ شُفَارِيَ، فَيَقُولُ: قُمْ
فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قَدْ نَتَفَ لِحْيَتِي، فَيَقُولُ:
انْتِفْ لِحْيَتَهُ، فَكَانَ يُقِيمُهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَدْعُو
النَّاسَ لِلْقَصَاصِ مِنْهُ، فَقَامَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ فَقَالَ: قَدْ جَلَدَنِي مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَأَمَرَهُ
فَضَرَبَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَمَاتَ، وَأَمَرَ بِهِ عَبْدُ
الْمُطَّلِبِ فَصُلِبَ. رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ [1] ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ
وَقَالَ: بَلْ صَحَّ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبُ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ ابْنُ
الزبير بعد إخراجه من
__________
[1] في الطبقات 5/ 185، 186.
(5/199)
السِّجْنِ، فَرآهُ جَالِسًا بِفِنَاءِ
مَنْزِلِهِ فَقَالَ: أَلا أَرَاهُ حَيًّا، فَأَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ
إِلَى السِّجْنِ، فَلَمْ يَبْلُغْهُ حَتَّى مَاتَ، فَأَمَرَ بِهِ
عَبْدُ اللَّهِ، فَطُرِحَ فِي شِعْبِ الْخَيْفِ [1] ، وَهُوَ
الْمَوْضِعُ الّذي صلب فيه عبد الله بعد.
79- عمرو [2] بن شرحبيل [3] سوى ق أبو ميسرة الهمدانيّ الكوفي.
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ سَيِّدًا
صَالِحًا عَابِدًا، إِذَا جَاءَهُ عَطَاءٌ تَصَدَّقَ بِهِ رَحِمَهُ
اللَّهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ
مُخَيْمِرَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ هَمْدَانيًا أَحَبَّ
إِليَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلاخِهِ [4] ، مِنْ عَمْرِو بْنِ
شُرَحْبِيلَ [5] .
شَريِكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: مَا اشْتَمَلَتْ
هَمْدَانِيَّةُ عَلَى مِثْلِ أَبِي مَيْسَرَةَ، قِيلَ: وَلا مَسْرُوقَ؟
فَقَالَ: وَلا مَسْرُوقَ [6] .
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، وَقِيلَ لَهُ: مَا يَحْبِسُكَ
عِنْدَ الإِقَامَةِ؟ قال:
__________
[1] في الطبقات 5/ 186 «الجيف» .
[2] في الأصل «عمر» والتصحيح من مصادر ترجمته.
[3] انظر عن (عمرو بن شرحبيل) في:
طبقات ابن سعد 6/ 106- 109، وتاريخ اليعقوبي 2/ 241، والتاريخ الصغير
81، والتاريخ الكبير 6/ 341، 342 رقم 2576، وتاريخ أبي زرعة 1/ 651 و
653، والجرح والتعديل 6/ 237، 238 رقم 1320، والمعرفة والتاريخ 1/ 217
و 223- 225 و 714، وطبقات خليفة 149، وجامع التحصيل 299 رقم 571، وحلية
الأولياء 4/ 141- 147 رقم 257، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 534، والكاشف
2/ 286 رقم 4236، وتهذيب الكمال 2/ 1040، وسير أعلام النبلاء 4/ 135،
136 رقم 42، وغاية النهاية 1/ 601 رقم 2453، والإصابة 3/ 114 رقم 6488،
وتهذيب التهذيب 8/ 47 رقم 78، وتقريب التهذيب 2/ 72 رقم 605، وخلاصة
تذهيب التهذيب 290، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 135.
[4] مسلاخه: أي هديه وطريقته.
[5] طبقات ابن سعد 6/ 106، حلية الأولياء 4/ 142.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 106، حلية الأولياء 4/ 142.
(5/200)
إِنِّي أُوتِرُ. وَلَمَّا احْتُضِرَ
أَوْصَى أَنْ لا يُؤْذَنَ بِجِنَازَتِهِ أَحَدٌ [1] ، وَكَذَلِكَ
أَوْصَى عَلْقَمَةَ.
إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ
فِي جِنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ آخِذًا بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ حَتَّى
أُخْرِجَ، ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَبَا مَيْسَرَةَ
[2] .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [3] : تُوُفِّيَ فِي وِلَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ زِيَادٍ بِالْكُوفَةِ.
80- عمرو [4] بن عبسة م 4 ابْنِ عَامِرِ بْنِ خَالِدٍ، أَبُو نَجِيحٍ
السُّلَمِيُّ، نزيل حِمْصَ، وَأَخُو أَبِي ذَرٍّ لأُمِّهِ، قدِم عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَكَانَ
رَابِعَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرَجَعَ ثُمَّ هَاجَرَ فِيمَا بَعْدُ إِلَى
الْمَدِينَةِ، لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهُ: جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ، وَشَدَّادٌ أَبُو عُمَارَةَ،
وَشُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ وَكَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ، وَمَعْدَانُ
بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَالْقَاسِمُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
وَسُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، وَحَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ
حَبِيبٍ، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ، وَخَلْقٌ.
__________
[1] في الأصل «أحدا» .
[2] طبقات ابن سعد 6/ 109.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 109.
[4] انظر عن (عمرو بن عبسة) في:
طبقات ابن سعد 4/ 214، و 7/ 403، والتاريخ الكبير 6/ 302، 303 رقم
2474، وطبقات خليفة 49 و 302، والتاريخ لابن معين 2/ 249، والمحبّر
237، ومشاهير علماء الأمصار 51 رقم 330، والمعارف 290، وتاريخ اليعقوبي
2/ 23، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 31، 32 رقم 19، وتاريخ أبي
زرعة 1/ 608، ومروج الذهب 1465، والاستيعاب 2/ 1498- 501، وتحفة
الأشراف 8/ 159- 165 رقم 409، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 87 رقم 86،
والمستدرك 3/ 616، 617، وتهذيب الكمال 2/ 1040، 1041 وفيه «ابن عنبسة»
وهو غلط، والمعرفة والتاريخ 1/ 327، 328 و 2/ 339، 340، وتاريخ الطبري
2/ 315 و 317 و 3/ 397 و 4/ 67، والمعين في طبقات المحدّثين 25 رقم 98،
والكاشف 2/ 289 رقم 4256، ومسند أحمد 4/ 111 و 384 و 385، والكامل في
التاريخ 2/ 59، 60، وأسد الغابة 4/ 130، 131، والجرح والتعديل 6/ 241
رقم 1339، والنكت الظراف 8/ 164، 165، والإصابة 3/ 5، 6 رقم 5903،
وتهذيب التهذيب 8/ 69 رمق 107، وتقريب التهذيب 2/ 74 رقم 629، وخلاصة
تذهيب التذهيب 291، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 90.
(5/201)
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَسْعُودٍ-
مَعَ جَلالَتِهِ- وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيُّ.
وَلا أَعْلَمُ هَلْ مَاتَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ أَوْ فِي خِلافَةِ
يَزِيدَ، وَكَانَ أَحَدُ الأُمَرَاءِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ.
رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو
السَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي سَلامٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ
عَبْد اللَّهِ، سَمِعَا أَبَا أُمَامَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ
قَالَ: رَغِبْتُ عَنْ آلِهَةِ قَوْمِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، رَأَيْتُ
أَنَّهَا آلِهَةٌ بِاطِلَةٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ [1] .
81- عَمْرُو [2] بن سعيد [3] م ت ن ق ابْنِ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ
الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الأمويّ، أبو أميّة المعروف بالأشدق.
__________
[1] طبقات ابن سعد 4/ 217.
[2] من حقّ هذه الترجمة أن تتقدّم على سابقتها حسب الترتيب الأبجدي.
[3] انظر عن (عمرو بن سعيد الأشدق) في:
طبقات خليفة 11 و 298، والسير والمغازي لابن إسحاق 227، والمحبّر 104 و
304 و 377 و 378، والمغازي للواقدي 845 و 925 و 932، ونسب قريش 175-
180 و 251، وتاريخ اليعقوبي 2/ 76 و 133 و 253 و 255- 258 و 264 و 270
و 274، والمعارف 145 و 296 و 615، والمراسيل 143 رقم 262، ومشاهير
علماء الأمصار 20 رقم 81، وتاريخ خليفة 97 و 120 و 130 و 229 و 231 و
233 و 235 و 454 و 256 و 266، وفتوح البلدان 40 و 135 و 142، والتاريخ
الكبير 6/ 338 رقم 2570، والتاريخ الصغير 20 و 82، والجرح والتعديل 6/
236 رقم 1308، وطبقات ابن سعد 5/ 237، 238، والبرصان والعرجان 274،
275، وجمهرة أنساب العرب 81، وأنساب الأشراف 1/ 142 و 199 و 368 و 482
و 3/ 72 و 112 وق 4 ج 1/ 6 و 38 و 94 و 98 و 131 و 134 و 135 و 148 و
153 و 154 و 159 و 286 و 299 و 301 و 304 و 307 و 309 و 311- 314 و 316
و 318 و 322 و 429 و 431- 433 و 435- 437 و 441- 451 و 454 و 455 و 463
و 470 و 571، والكامل في التاريخ 2/ 414 و 418 و 3/ 508 و 4/ 14 و 17 و
18 و 39 و 40 و 43 و 880 و 89 و 148- 151 و 154 و 189 و 190 و 252 و
257- 304 و 323 و 329 و 340 و 513 و 522 و 5/ 220 و 582، وتاريخ
العظيمي 89 و 104 و 185 و 187 و 188، والعقد الفريد 1/ 79 و 2/ 189 و
4/ 23 و 46 و 132 و 168 و 370 و 376 و 377 و 394 و 397 و 407- 409،
وثمار القلوب 75 و 130 و 164، وتاريخ الطبري 5/ 474- 478، وجامع
التحصيل 298 رقم 565، والأخبار الموفقيات 152
(5/202)
وَلِيَ الْمَدِينَةَ لِيَزِيدَ، ثُمَّ
سَكَنَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ،
وَقَدْ رَامَ الْخِلافَةَ، وَغَلَبَ عَلَى دِمَشْقَ، وَادَّعَى أَنَّ
مَرْوَانَ جَعَلَهُ وَلِيَّ الْعَهْدِ بَعْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ مُوسَى، وَأُمَيَّةُ، وَسَعِيدٌ، وَخُثَيْمُ [1]
بْنُ مَرْوَانَ.
وَكَانَ زَوْجَ أُخْتِ مَرْوَانَ أُمِّ الْبَنِينِ شَقِيقَةِ
مَرْوَانَ.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا
احْتُضِرَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ بَنِيهِ
فَقَالَ: أيُّكُمُ يَكْفُلُ دَيْنِي؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: مَا لَكُمْ
لا تُكَلِّمُونِ؟ فَقَالَ عَمْرُو [2] الْأَشْدَقُ، وَكَانَ عَظِيمَ
الشِّدْقَيْنِ: وَكَمْ دَيْنُكَ يَا أَبَتِ؟
قَالَ: ثَلاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، قَالَ: فِيمَ اسْتَدَنْتَهَا؟
قَالَ: فِي كَرِيمٍ سَدَدْتُ فَاقَتَهُ وَلَئِيمٍ فَدَيْتُ عِرْضِي
مِنْهُ، فَقَالَ: هِيَ عَلَيَّ [3] .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَاءِ قُرْيَشٍ
فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ:
الأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو،
وَسُئِلَ عَنْ خُطَبَائِهِمْ فِي الإِسْلامِ فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ،
وَابْنُهُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَابْنُهُ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ.
وَفِي «مُسْنَدِ أَحْمَدَ» [4] ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ
بْنِ جدعان قال:
__________
[ () ] و 561، وسيرة ابن هشام 1/ 292 و 3/ 308، والأخبار الطوال 244 و
286، ومروج الذهب 1960 و 1962 و 1970 و 1997- 1201 و 2191 و 2428 و
2429، و 3634، والمعرفة والتاريخ 3/ 326 و 330، وتاريخ أبي زرعة 1/ 72
و 74 و 217، وعيون الأخبار 2/ 171، وتاريخ دمشق 13/ 226 ب، وتهذيب
الكمال 1035، وسير أعلام النبلاء 3/ 449، 450 رقم 88، والكاشف 2/ 285
رقم 4226، ومختصر التاريخ 110، ولباب الآداب 35 و 338، وتحفة الأشراف
8/ 151، 152 رقم 406، والتذكرة الحمدونية 389، وتهذيب التهذيب 8/ 37-
39 رقم 60، وتقريب التهذيب 2/ 70 رقم 589، والإصابة 3/ 175 رقم 6848،
وخلاصة تذهيب التهذيب 289، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 76 و
77، وربيع الأبرار 4/ 166 و 214 و 231، والكنى والأسماء 1/ 113.
[1] في طبعة القدسي «خيثم» وهو تحريف.
[2] في الأصل «عمر» .
[3] انظر نسب قريش 177.
[4] ج 2/ 522.
(5/203)
أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ
يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: «لَيُرْعَفَنَّ عَلَى مِنْبَرِي جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ
بَنِي أُمَيَّةَ» . قَالَ عَلِيٌّ فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى عَمْرَو
بْنَ سَعِيدٍ رَعِفَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ عَمْرُو
بْنُ سَعِيدٍ وَلاهُ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ وَلاهُ يَزِيدُ،
فَبَعَثَ عَمْرُو بَعْثًا لِقِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. وَكَانَ
عَمْرُو يَدَّعِي أَنَّ مَرْوَانَ جَعَلَ إِلَيْهِ الأَمْرَ بَعْدَ
عَبْدِ الْمَلِكِ، ثُمَّ نَقَضَ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ إِلَى عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ، فَلَمَّا شَخَصَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى
حَرْبِ مُصْعَبٍ إِلَى الْعِرَاقِ، خَالَفَ عَلَيْهِ عَمْرَو بْنَ
سَعِيدٍ، وَغَلَّقَ أَبْوَابَ دِمَشْقَ، فَرَجَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ
وَأَحَاطَ بِهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ أَمَانًا، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ
فَقَتَلَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَمِّ عَبْدِ
الْمَلِكِ:
أَعَيْنَيَّ جُودِي بِالدُّمُوعِ عَلَى عَمْرِو ... عَشِيَّةَ
تُبْتَزُّ الْخِلافَةُ بِالْغَدْرِ
كَأَنَّ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ يَقْتُلُونَهُ ... بِغَاثٍ مِنَ الطّير
اجتمعن على صقر
غدرتم بعمرو يَا بَنِي خَيْطِ بَاطِلٍ ... وَأَنْتُمْ ذَوُو
قُرَبَائِهِ وَذَوُو صِهْرِ
فَرُحْنَا وَرَاحَ الشَّامِتُونَ عَشِيَّةً ... كَأَنَّ عَلَى
أَكْتَافِنَا فِلَقُ الصَّخْرِ
لَحَا اللَّهُ دُنْيَا يَدْخُلُ النَّارَ أَهْلُهَا ... وَتَهْتِكُ مَا
دُونَ الْمَحَارِمِ مِنْ سِتْرِ [1]
وَكَانَ مَرْوَانَ يُلَقَّبُ بِخَيْطِ بَاطِلٍ [2] .
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ [3] بِإِسْنَادٍ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ لَمَّا
سَارَ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ، جَلَسَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ
مُعَاوِيَةَ، وَعَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ، فَتَذَاكَرَا مِنْ أَمْرِ عَبْدِ
الْمَلِكِ وَمَسِيرِهِمَا مَعَهُ عَلَى خَدِيعَةٍ مِنْهُ لَهُمَا،
فَرَجَعَ عَمْرُو إِلَى دِمَشْقَ فَدَخَلَهَا وَسُورُهَا وَثِيقٌ،
فَدَعَا أَهْلَهَا إِلَى نَفْسِهِ، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، وَفَقَدَهُ
عَبْدُ الْمَلِكِ، فَرَجَعَ بِالنَّاسِ
__________
[1] الأبيات بتقديم وتأخير، واختلاف بعض الألفاظ، بعضها في: مروج الذهب
6/ 218- 219 (طبعة باريس) ، والأخبار الطوال 295، والحيوان 6/ 315،
والحماسة للبحتري، رقم 713، وأنساب الأشراف 3/ 72 و 73 وق 4 ج 1/ 449،
450، وفي سير أعلام النبلاء 3/ 450 وهي أكثر مما هنا، وتاريخ دمشق 13/
229 ب، وأخبار الدولة العباسية 144.
[2] كان مروان بن الحكم يقال له خيط باطل لأنه كان طويلا مضطربا، قال
الشاعر:
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع
انظر: مروج الذهب 3/ 32، ولطائف المعارف للثعالبي- طبعة عيسى الحلبي
1960- ص 36، وثمار القلوب 76 رقم 103.
[3] في الطبقات 5/ 238 وهو مختصر عمّا هنا.
(5/204)
إِلَى دِمَشْقَ، فَنَازَلَهَا سِتَّ
عَشْرَةَ لَيْلةً حَتَّى فَتَحَهَا عَمْرُو لَهُ وَبَايَعَهُ، فَصَفَحَ
عَنْهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَجْمَعَ عَلَى قَتْلِهِ، فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِ يَوْمًا يَدْعُوهُ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهَا رِسَالَةُ
شَرٍّ، فَزَلَفَ إِلَيْهِ فِيمَنْ مَعَهُ، لَبِسَ دِرْعًا مُتَكَفِّرًا
بِهَا [1] ، ثُمَّ دَخَلَ إِلَيْهِ، فَتَحَدَّثَا سَاعَةً، وَقَدْ
كَانَ عَهِدَ إِلَى يَحْيَى بْنِ الْحَكَمِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ
إِذَا خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ
عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، مَا هَذِهِ الْغَوَائِلُ
وَالزُّبَى الَّتِي تُحْفَرُ لَنَا! ثُمَّ ذَكَّرَهُ مَا كَانَ مِنْهُ،
وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ، وَلَمْ يُقْدِمْ عَلَيْهِ يَحْيَى،
فَشَتَمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ أَقْدَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ
عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ.
قَالَ خَلِيفَةُ [2] : وَفِي سَنَةِ سَبْعِينَ خَلَعَ عَمْرُو بْنُ
سَعِيدٍ عَبْدَ الْمَلِكِ، وَأَخْرَجَ عَامِلَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
بْنَ أُمِّ الْحَكَمِ عَنْ دِمَشْقَ، فَسَارَ إِلَيْهِ عَبْدُ
الْمَلِكِ، ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَلِيفَةُ مِنْ
بَعْدِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى أَنَّ لِعَمْرٍو مَعَ كُلِّ عَامِلٍ
عَامِلًا، وَفَتَحَ دِمَشْقَ، وَدَخَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ غَدَرَ
بِهِ فَقَتَلَهُ، فَحَدَّثَنِي أَبُو الْيَقْظَانِ قَالَ: قَالَ لَهُ
عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، لَوْ أعْلَمْ أَنَّكَ تَبْقَى
وَتُصْلِحُ قَرَابَتِي لَفَدَيْتُكَ وَلَوْ بِدَمِ النَّوَاظِرِ،
وَلَكِنَّهُ قَلَّمَا اجْتَمَعَ فَحَلانِ فِي إِبِلٍ إِلا أَخْرَجَ
أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: قُتِلَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
82- عَمْرُو الْبِكَالِيُّ [3] أَبُو عُثْمَانَ، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ
الْيَرْمُوكَ.
وَرَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي الأَعْوَرِ السُّلَمِيِّ،
وَغَيْرِهِمَا.
__________
[1] في «أساس البلاغة» : كفّر نفسه بالسلاح وتكفّر به. وفي تاريخ
الطبري 6/ 142 «لبس عمرو درعا حصينة بين قباء قوهيّ وقميص قوهي» .
[2] في تاريخه 266، وانظر ربيع الأبرار 4/ 214 (باختصار) .
[3] انظر عن (عمرو البكالي) في:
طبقات ابن سعد 7/ 421، والتاريخ الكبير 6/ 313 رقم 2498، والجرح
والتعديل 6/ 270 رقم 1495، والمراسيل 141 رقم 256، وتاريخ الثقات
للعجلي 372 رقم 1294، والثقات لابن حبّان 3/ 278، وجامع التحصيل 303
رقم 588، والاستيعاب 2/ 533، 534، وطبقات خليفة 123، والمعجم الكبير
17/ 43، 44، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 138 رقم 636، وتجريد أسماء
الصحابة 1/ 401، وأسد الغابة 4/ 89، والإصابة 3/ 23، 24 رقم 5990.
(5/205)
وَعَنْهُ: مَعْدَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ،
وَأَبُو تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيُّ طَرِيفٌ، وَأَبُو أَسْمَاءَ
الرَّحَبِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَأَمَّ النَّاسَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ، رَوَى الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ
أَبِي تَمِيمَةَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَإِذَا بِهِمْ يَطُوفُونَ
بِرَجُلٍ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا أَفْقَهُ مَنْ بَقِيَ
مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
هَذَا عَمْرُو الْبِكَالِيُّ، وَرَأَيْتُ أَصَابِعَهُ مَقْطُوعَةً،
فَقِيلَ: قُطِعَتْ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ [1] .
وَقَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ: قَدِمَ عَمْرُو الْبِكَالِيُّ
مِصْرَ مَعَ مَرْوَانَ، فَرَوَى عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
جُبَيْرَةَ. وَقِيلَ: هُوَ أَخُو نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ.
وَقَالَ أحمد العجليّ [2] : هو تابعيّ ثقة.
__________
[1] الاستيعاب 2/ 533 و 534.
[2] في تاريخ الثقات 372 رقم 1294
(5/206)
[حرف القاف]
83- قباث بن أشيم [1] ت اللّيثي، صَحَابِيٌّ، شَهِدَ الْيَرْمُوكَ
أَمِيرًا، وَطَالَ عُمْرُهُ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَأَبُو
الْحُوَيْرِثِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا مُشْرِكًا، وَشَهِدَ
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ
الْمَشَاهِدِ، وَكَانَ عَلَى مُجَنَّبَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ
الْيَرْمُوكِ.
وَقَالَ دُحَيْمٌ: مَاتَ بِالشَّامِ، وَأَدْرَكَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ
بْنُ مَرْوَانَ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِنِّهِ، فَقَالَ: أَنَا أَسَنُّ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن سعيد وغيره.
__________
[1] انظر عن (قباث بن أشيم) في:
طبقات خليفة 30، والتاريخ الكبير 7/ 192، 193 رقم 856، وتاريخ خليفة
52، والجرح والتعديل 7/ 143 رقم 797، وتاريخ أبي زرعة 1/ 70، وطبقات
ابن سعد 7/ 411، وتاريخ الطبري 2/ 155 و 3/ 397 و 404 و 405 و 4/ 390،
والمغازي للواقدي 97، 98، والمعجم الكبير 19/ 35- 37، والكامل في
التاريخ 2/ 412، وأسد الغابة 4/ 189، 190، والاستيعاب 3/ 168- 270،
وفتوح الشام للأزدي 189، وتحفة الأشراف 8/ 273، 274 رقم 443، وتهذيب
الكمال 2/ 1118، والمستدرك 3/ 625، وتلخيص المستدرك 3/ 625، 626،
وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) 23، 24، و (عهد الخلفاء الراشدين)
142، والكاشف 2/ 340 رقم 4611، وتهذيب التهذيب 8/ 342، 343 رقم 623،
وتقريب التهذيب 2/ 122 رقم 69، والإصابة 3/ 221، 222 رقم 7056، وخلاصة
تذهيب التهذيب 314.
[2] في الطبقات 7/ 411.
(5/207)
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ:
ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ
مُوسَى، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ
مَرْوَانَ يَقُولُ لِقُبَاثِ بْنِ أشْيَمَ اللَّيْثِيِّ: يَا قُبَاثُ،
أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرُ، وَأَنَا أَسَنُّ مِنْهُ، وُلِدَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ
وَوَقَفَتْ بِي أُمِّي عَلَى رَوَثِ الْفِيلِ مُحِيلًا [1] أَعْقِلُهُ
[2] .
اسْمُ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ
دُرَيْكٍ، عَنْ قُبَاثٍ قَالَ: انْهَزَمْتُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقُلْتُ
فِي نَفْسِي: لَمْ يُرَ مِثْلَ هَذَا الْيَوْمِ قَطُّ، فَلَمَّا
أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِأَسْتَأْمِنَهُ قَالَ: قُلْتُ: لَمْ أَرَ مِثْلَ أَمْرِ اللَّهِ
قَطُّ فَرَّ مِنْهُ إِلا النِّسَاءَ [3] ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ
رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَمْرَمَتْ بِهِ شَفَتَايَ، وَمَا كَانَ إِلا
شَيْءٌ عَرَضَ لِي فِي نَفْسِي.
84- قَبِيصَةُ بْنُ جابر [4] ن ابْنِ وَهْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَسَدِيُّ
الْكُوفِيُّ، أَبُو العلاء، من كبار التابعين.
__________
[1] في أسد الغابة: أخضر محيلا. والمحيل: المتغيّر.
[2] سبق تخريج هذا الحديث في الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من هذا
التاريخ. انظر ص 23، 24.
[3] في أسد الغابة: أنت الّذي قلت: لو خرجت نساء قريش بأكمتها ردّت
محمدا وأصحابه.
قال: والّذي بعثك بالحقّ ما تحرّك به لساني ولا ترمرمت به شفتاي ...
[4] انظر عن (قبيصة بن جابر) في:
طبقات ابن سعد 6/ 145، وتاريخ خليفة 268، وطبقات خليفة 141 و 152،
والتاريخ الكبير 7/ 175، 176 رقم 785، وتاريخ أبي زرعة 1/ 592،
والمعرفة والتاريخ 1/ 457- 459 و 3/ 313، والجرح والتعديل 7/ 125 رقم
712، وتاريخ الثقات للعجلي 388 رقم 1376، والثقات لابن حبّان 5/ 318،
وتاريخ اليعقوبي 2/ 282، ومشاهير علماء الأمصار 106 رقم 800، وأنساب
الأشراف ق 4 ج 1/ 42 و 119 و 279 و 534، وتاريخ الطبري 3/ 579 و 580 و
5/ 337، والمحبّر 235 و 379، وأسد الغابة 4/ 191، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1 ج 2/ 55، 56 رقم 63، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ
الإسلام) 129 و 134 و 526، والكاشف 2/ 340 رقم 4613، وتهذيب الكمال 2/
1119، وتهذيب التهذيب 8/ 344، 345 رقم 626، وتقريب التهذيب 2/ 122 رقم
72، وخلاصة تذهيب التهذيب 314، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 49.
(5/208)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مَسْعُودٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّعْبِيُّ، وَالْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ،
وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ.
وَشَهِدَ خُطْبَةَ عُمَرَ بِالْجَابِيَةِ، وَكَانَ أَخَا مُعَاوِيَةَ
مِنَ الرَّضَاعَةِ وَقَدْ وَفَدَ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَاتِبَ سَعِيدِ
بْنِ الْعَاصِ بِالْكُوفَةَ، وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْفُصَحَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : كَانَ ثِقَةً لَهُ أَحَادِيثُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ
عَمَّنْ صَحِبْتُ؟ صَحِبْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَا
رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْقَهَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْهُ، وَلا أَحْسَنَ
مُدَارَسَةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَمَا
رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْطَى لِجَزِيلٍ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ مُسَأَلَةٍ،
وَصَحِبْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْصَعَ
ظَرْفًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ مُعَاوِيَةَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا
أَكْثَرَ حُلْمًا وَلا أَبْعَدَ أَنَاةً مِنْهُ، وَصَحِبْتُ زِيَادًا،
فَمَا رَأَيْتُ أَكْرَمَ جَلِيسًا مِنْهُ، وَصَحِبْتُ الْمُغِيرَةَ
بْنَ شُعْبَةَ، فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا أَبْوَابٌ لا يَخْرُجُ
مِنْ كُلِّ بَابٍ مِنْهَا إِلا بِالْمَكْرِ لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا
كُلِّهَا [2] .
قَالَ خَلِيفَةُ [3] : مَاتَ قَبِيصَةُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
85- قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ [4] أَبُو يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ الشاعر
الْمَشْهُورُ، من بادية الحجاز، وهو الّذي كان
__________
[1] في الطبقات 6/ 145.
[2] انظر: تاريخ الطبري 2/ 215، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 102 رقم 312
(وفيه: قبيصة بن ذؤيب) و 119 رقم 347، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 413،
والبداية والنهاية 8/ 135، وسير أعلام النبلاء 3/ 21 و 49، وتهذيب
التهذيب 8/ 345، والنجوم الزاهرة 1/ 64 و 72، وسراج الملوك للطرطوشي-
طبعة مصر 1935- ص 127، والبصائر والذخائر لأبي حيّان 3/ 337، 338.
[3] في طبقاته 141، وفي تاريخه يذكر وفاته سنة 72 هـ.
[4] انظر عن (قيس بن ذريح) في:
الشعر والشعراء 475 وترجمته 524، 525 رقم 116، وأمالي القالي 1/ 136 و
187
(5/209)
يُشَبِّبُ بِأُمِّ مَعْمَرَ لُبْنَى بِنْتِ
الْحُبَابِ الْكَعْبِيَّةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا، وَقِيلَ
إِنَّهُ كَانَ أَخَا الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ
الرَّضَاعَةِ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا مُوسَى بْنُ
عِيسَى الْجَعْفَرِيُّ:
أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي جَهْمَةَ اللَّيْثِيُّ، وَكَانَ
مُسِنًّا، قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ رَجُلا مَنًّا، وَكَانَ
ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونُ بِقُدَيِدٍ بِسَرِفَ وَبِوَادِي
مَكَّةَ، وَخَطَبَ لُبْنَى مِنْ خُزَاعَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي كَعْبٍ
فَتَزَوَّجَهَا وَأُعْجِبَ بِهَا، وَبَلَغَتْ عِنْدَهُ الْغَايَةَ،
ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ أُمِّهِ وَبَيْنَهَا فَأَبْغَضَتْهَا، وَنَاشَدَتْ
قَيْسًا فِي طَلاقِهَا، فَأَبَى، فَكَلَّمَتْ أَبَاهُ، فَأَمَرَهُ
بِطَلاقِهَا، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: لا جَمَعَنِي وَإيِّاكَ
سَقْفٌ أَبَدًا حَتَّى تُطَلِّقَهَا، ثُمَّ خَرَجَ فِي يَوْمٍ قَيْظٍ
فقَالَ: لا أَسْتَظِلُّ حَتَّى تُطَلِّقَهَا، فَطَلَّقَهَا وَقَالَ:
أَمَا إِنَّهُ آخِرُ عَهْدِكَ بِي، ثُمَّ إِنَّه اشْتَدَّ عَلَيْهِ
فِرَاقُهَا وَجَهِدَ وَضَمُرَ، وَلَمَّا طَلَّقَهَا أَتَاهَا
رِجَالُهَا يَتَحَمَّلُونَهَا، فَسَأَلَ: مَتَى هُمْ رَاحِلُونَ؟
قَالُوا: غَدًا نَمْضِي، فَقَالَ:
وَقَالُوا غَدًا أَوْ بَعْدَ ذَاكَ ثَلاثَةٌ ... فِرَاقُ حَبِيبٍ لَمْ
يَبِنْ وَهُوَ بَائِنُ
فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بِكَفِّي إِلا أَنَّ
مَا حَانَ حَائِنُ [1]
ثُمَّ جَعَلَ يَأْتِي مَنْزِلَهَا وَيَبْكِي، فَلامُوهُ، فَقَالَ:
كَيْفَ السُّلُوُّ وَلا أَزَالُ أرى لها ... ربعا كحاشية اليماني
المخلّق
__________
[ () ] و 2/ 75 و 76 و 176 و 219 و 314 والذيل 52، وأخبار القضاة 1/
128 و 3/ 105، ومروج الذهب 3049- 3052، والأغاني 9/ 180- 220، والمؤتلف
والمختلف للآمدي 120، والموشّح للمرزباني- طبعة السلفية بمصر 207،
ووفيات الأعيان 6/ 371، 372، والمنازل والديار لابن منقذ 1/ 353 و 2/
68 و 128 و 157 و 234، وسير أعلام النبلاء 3/ 534، 535 رقم 140، وسمط
اللآلي 379 و 701 و 710، وتاريخ دمشق 14/ 221 أ، وفوات الوفيات 3/ 204-
208 رقم 400، والبداية والنهاية 8/ 313، والنجوم الزاهرة 1/ 182،
والتذكرة السعدية 346- 348 و 351 و 353 و 368، والحماسة البصرية لابن
أبي الفرج البصري (ت 659 هـ.) طبعة حيدرآباد 1383 هـ. - 1964 م- ج 2/
198، وتزيين الأسواق 1/ 53 و 62، وعصر المأمون 2/ 152، ورغبة الآمل 5/
242، ومعجم الشعراء في لسان العرب 337، 338 رقم 869، وتاريخ الأدب
العربيّ 1/ 194 و 200 و 201، والمثلّث للبطليوسي 2/ 35.
[1] البيتان في الأغاني 9/ 185، وفوات الوفيات 3/ 207.
(5/210)
ربعا لواضحة الجبين به فِي عِزَّةٍ ...
كَالشَّمْسِ إِذ طَلَعَتْ رَخِيمَ الْمَنْطِقِ
قَدْ كُنْتُ أَعْهَدُهَا بِهِ فِي عِزَّةٍ ... وَالْعَيْشُ صَافٍ
وَالْعِدَى لَمْ تَنْطِقِ
حَتَّى إِذَا هَتَفُوا وَأذَّنَ فِيهِمُ ... دَاعِي الشَّتَاتِ
بِرِحْلَةٍ وَتَفَرُّقِ
خَلَتِ الدِّيَارُ فَزُرْتُهَا فَكَأَنَّنِي ... ذُو حَيَّةٍ مِنْ
سِمِّهَا لَمْ يَفْرُقِ [1]
وَهُوَ الْقَائِلُ:
وَكُلُّ مُلِمَّاتِ الزَّمَانِ وَجَدْتُهَا ... سِوَى فُرْقَةِ
الأَحْبَابِ هَيِّنَةَ الْخَطْبِ [2]
وَمِنْ شعره:
ولو أنّني أسطيع صَبْرًا وَسُلْوةً ... تَنَاسَيَتُ لُبْنَى غَيْرَ مَا
مُضْمِرٍ حِقْدَا
وَلَكِنَّ قَلْبِي قَدْ تَقَسَّمَهُ الْهَوَى ... شَتَاتًا فَمَا
أَلْفَى صَبُورًا وَلا جَلَدًا
سَلِ اللَّيْلَ عَنِّي كَيْفَ أَرْعَى نُجُومَهُ ... وَكَيْفَ أُقَاسِي
الْهَمَّ مُسْتَخْلِيًا فَرْدَا
كَأَنَّ هُبُوبُ الرِّيحِ مِنْ نَحْوِ أَرْضِكُمْ ... تُثِيرُ قَنَاةَ
الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ النَّدَا
وَعَنْ أبي عمرو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ
إِلَى مُعَاوِيَةَ فَامْتَدَحَهُ، فَأَدْنَاهُ وَأَمَرَ لَهُ
بِخْمَسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَيْ وَقَالَ: كَيْفَ وَجْدُكَ
بِلُبْنَى؟
قَالَ: أشدّ وجد، قال: فترضى زواجها؟ قال: ما لي فِي ذَلِكَ مِنْ
حَاجَةٍ قَالَ:
فَمَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَأْذَنُ لِي فِي الإِلْمَامِ بِهَا،
وَتَكْتُبُ إِلَى عَامِلِكَ، فَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يُفَرِّقَ الْمَوْتُ
بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَأَنْشَدَهُ:
أَضَوْءُ سَنَا بَرْقٍ بَدَا لَكَ لَمْعُهُ ... بِذِي الأَثْلِ مِنْ
أَجْرَاعِ بثنة تَرْقُبُ
نَعَمْ إِنَّنِي صَبٌّ هُنَاكَ مُوَكَّلٌ ... بِمَنْ لَيْسَ
يُدَنِّينِي وَلا يَتَقَرَّبُ
مَرِضْتُ فَجَاءُوا بِالْمُعَالِجِ وَالرُّقَى ... وَقَالُوا: بَصِيرٌ
بِالدَّوَاءِ مُجَرَّبُ
فَلَمْ يُغْنِ عَنِّي مَا يَعْقِدُ طَائِلا ... وَلا مَا يُمَنِّينِي
الطَّبِيبُ الْمُجَرِّبُ
وَقَالَ أُنَاسٌ وَالظُّنُونُ كَثِيرَةً ... وَأَعْلَمُ شَيْءٍ
بِالْهَوَى مَنْ يُجَرِّبُ
أَلا إِنَّ فِي الْيَأْسِ الْمُفَرِّقُ رَاحَةً ... سَيُسْلِيكَ
عَمَّنْ نَفْعُهُ عَنْكَ يَعْزُبُ
فَكُلُّ الَّذِي قَالُوا بَلَوْتُ فَلَمْ أَجِدْ ... لِذِي الشَّجْوِ
أَشْفَى مِنْ هَوَى حِينَ يقرب
__________
[1] انظر الحكاية وأبياتا أخرى في: الأغاني 9/ 181- 185.
[2] البيت في: الأغاني 9/ 189، ومجالس ثعلب 1/ 237، وحماسة أبي تمّام
بشرح التبريزي 3/ 222.
(5/211)
عَلَيْهَا سَلامُ اللَّهِ مَا هَبَّتِ
الصِّبَا ... وَمَا لاحَ وَهْنًا فِي دُجَى اللَّيْلِ كَوْكَبُ
فَلَسْتُ بِمُبْتَاعٍ وِصَالًا بَوَصْلِهَا ... وَلَسْتُ بِمُفْشِ
سِرَّهَا حِينَ أَغْضَبُ
وَقَالَ:
يَقُولُونَ لُبْنَى فِتْنَةٌ، كُنْتَ قَبْلَهَا ... بِخَيْرٍ فَلا
تَنْدَمْ عَلَيْهَا وَطَلِّقِ
فَطَاوَعْتُ أَعْدَائِي وَعَاصَيْتُ نَاصِحِيَّ ... وَأَقْرَرْتُ
عَيْنَ الشَّامِتِ الْمُتَخَلِّقِ [1]
وَدِدْتُ وَبَيْتِ اللَّهِ أَنِّي عَصَيْتُهُمْ ... وَحَمَلْتُ فِي
رِضْوَانِهَا كُلَّ مُوبِقِ [2] .
وَكُلِّفْتُ خَوْضَ الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ زَاخِرٌ ... أَبِيتُ عَلَى
أَثْبَاجِ مَوْجٍ مُغَرَّقِ
كَأَنِّي أَرَى النَّاسَ الْمُحِبِّينَ بَعْدَهَا ... عُصَارَةَ مَاءِ
الْحَنْظَلِ الْمُتَفَلِّقِ
فَتُنْكِرُ عَيْنِي بَعْدَهَا كُلَّ مَنْظَرٍ ... وَيَكْرَهُ سَمْعِي
بَعْدَهَا كُلَّ مَنْطِقِ [3]
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: هَذَا وَأَبِيكَ الْحُبُّ، وَأَذِنَ لَهُ فِي
زِيَارَتِهَا، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالْمَدِينَةِ
يُقَالُ لَهَا بُرَيْكَةُ، وَأَهْدَى لَهَا وَلِلُبْنَى هَدَايَا
وَأَلْطَافًا، وَأَخْبَرَهَا بِكِتَابِ معاوية، فقالت: يا بن عَمِّ مَا
تُرِيدُ إلى الشُّهْرَةِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا، فَبَلَغَ زَوْجَ
لُبْنَى قُدُومُهُ، فَمَنَعَ لُبْنَى بُرَيْكَةَ، وَأَيَسَ قَيْسٌ مِنْ
لِقَائِهَا، فَبَقِيَ مُتَرَدِّدًا فِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ، فَرَآهُ
ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ يَوْمًا، فقال: يا أعرابيّ ما لي أَرَاكَ
مُتَحَيِّرًا؟ قَالَ:
دَعْنِي بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، قَالَ: أَخْبَرْنِي بِشَأْنِكَ،
فَإِنِّي عَلَى مَا تُرِيدُ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ
وَقَالَ: لا أَرَانِي إِلا فِي طَلَبِ مِثْلِكَ، وَانْطَلَقَ بِهِ،
فَأَقَامَ عِنْدَهُ لَيْلَةً يُحَدِّثُهُ وَيُنْشِدُهُ، فَلَمَّا
أَصْبَحَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ رَكِبَ فَأَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، ارْكَبْ
مَعِي فِي حَاجَةٍ، فَرَكِبَ مَعَهُ، وَاسْتَنْهَضَ ثَلاثَةً أَوْ
أَرْبَعَةً مِنْ وُجُوهِ قُرَيْشٍ، وَلا يَدْرُونَ مَا يُرِيدُ، حَتَّى
أَتَى بِهِمْ بَابَ زَوْجِ لُبْنَى، فَخَرَجَ فَإِذَا وُجُوهُ
قُرَيْشٍ، فَقَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكُمْ، مَا جَاءَ بِكُمْ؟
قَالُوا:
حَاجَةٌ لابْنِ أَبِي عَتِيقٍ اسْتَعَانَ بِنَا عَلَيْكَ، فَقَالَ:
اشْهَدُوا أَنَّ حُكْمَهُ جَائِزٌ عَلَيَّ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي
عَتِيقٍ: اشْهَدُوا أَنَّ امْرَأَتَهُ لُبْنَى مِنْهُ طَالِقٌ،
فَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بِرْأَسِهِ ثُمَّ قَالَ:
لِهَذَا جِئْتَ بِنَا! فَقَالَ: جعلت فداكم، يطلّق هذا امرأته ويتزوّج
__________
[1] المتخلّق: الّذي يتكلّف ما ليس في خلقه.
[2] في طبعة القدسي 62 «موثق» .
[3] الأبيات في: الأغاني 9/ 185.
(5/212)
بِغَيْرِهَا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمُوتَ
رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَا إِذْ فَعَلَ مَا
فَعَلَ فَلَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي
عَتِيقٍ: وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ حَتَّى تَنْقُلَ مَتَاعَهَا،
فَفَعَلَتْ، وَأَقَامَتْ فِي أَهْلِهَا، حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا
وَتَزَوَّجَ بِهَا قَيْسٌ، وَبَقِيَا دَهْرًا بِأَرْغَدِ عَيْشٍ،
فَقَالَ قَيْسٌ:
جَزَى الرَّحْمَنُ أَفْضَلَ مَا يُجَازِي ... عَلَى الإِحْسَانِ
خَيْرًا مِنْ صَدِيقِ
فَقَدْ جَرَّبْتُ إِخْوَانِي جَمِيعًا ... فَمَا ألْفَيْتُ كَابْنِ
أَبِي عَتِيقِ
سَعَى فِي جَمْعِ شَمْلِي بَعْدَ صَدْعٍ ... وَرَأَيٍ حِدْتُ [1] فِيهِ
عَنِ الطَّرِيقِ
وَأَطْفَأَ لَوْعَةً كَانَتْ بِقَلْبِي ... أغصَّتني حَرَارَتُهَا
بِرِيقِي [2]
هَذِهِ رِوَايَةٌ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَبَايَةَ
قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى الْمَدِينَةِ يَبِيعُ
نَاقَةً، فَاشْتَرَاهَا زَوْجُ لُبْنَى وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ
لِقَيْسٍ:
انْطَلِقْ مَعِي لِتَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَمَضَى مَعَهُ، فَلَمَّا
فَتَحَ الْبَابَ إِذَا لُبْنَى اسْتَقْبَلَتْ قَيْسًا، فَلَمَّا رَآهَا
وَلَّى هَارِبًا، وَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ: لا
تَرْكَبْ لِي مَطِيَّتَيْنِ أَبَدًا، قَالَ: وَأَنْتَ قَيْسُ بْنُ
ذَرِيحٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ لُبْنَى، فَقِفْ حَتَّى
أُخَيِّرُهَا، فَإِنِ اخْتَارَتَكَ طَلَّقْتُهَا، وَظَنَّ الزَّوْجُ
أَنَّ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَوْضِعًا، فَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ
قَيْسًا، فَطَلَّقَهَا فَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ [3] .
وَلَقَدْ قِيلَ لِقَيْسٍ: إِنَّ مِمَّا يُسْلِيكَ عَنْهَا ذِكْرُ
مَعَايِبَهَا، فَقَالَ:
إِذَا عِبْتُهَا شَبَّهْتُهَا الْبَدْرَ طَالِعًا ... وَحَسْبُكُ مِنْ
عَيْبٍ بِهَا شِبْهُ الْبَدْرِ
لَهَا كَفَلٌ يَرْتَجُّ مِنْهَا إِذَا مَشَتْ ... وَمتْنٌ كَغُصْنِ
الْبَانِ مُضْطَمِرُ الْخِصْرِ [4]
وَلِقَيْسٍ:
أُرِيدُ سُلُوًّا عَنْ لبينى وذكرها ... فيأبى فؤادي المستهام المتيّم
__________
[1] في طبعة القدسي «جرت» ، وهو تحريف.
[2] الأبيات في: الأغاني 9/ 220.
[3] انظر: الأغاني 9/ 205.
[4] البيتان في الأغاني 9/ 95 والأول منهما بلفظ:
إذا ما مشت شبرا من الأرض أرجفت ... من البهر حتى ما تزيد على شبر
(5/213)
إِذَا قُلْتُ أَسْلُوهَا تَعَرَّضَ
ذِكْرُهَا ... وَعَاوَدَنِي مِنْ ذَاكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ
صَحَا كُلُّ ذِي وِدٍّ عَلِمْتُ مَكَانُه ... سِوَايَ فَإِنِّي ذَاهِبُ
الْعَقْلِ مُغْرَمُ
وَلَهُ:
هَلِ الْحُبُّ إِلا عَبْرةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ ... وَحِزٌ عَلَى
الأَحْشَاءِ لَيْسَ لَهُ بُرْدُ
وَفَيْضُ دُمُوعِ تَسْتَهِلُّ إِذَا بَدَا ... لَنَا عَلَمٌ مِنْ
أَرْضِكُمْ لَمْ يَكُنْ يَبْدُو [1]
86- قَيْسُ بْنُ السكن [2]- م ن- الأسدي الكوفي.
سَمِعَ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَالْأَشْعَثَ بْنَ قيس.
روى عَنْهُ: عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ،
وَالْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَبُو إِسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ [3] : تُوُفِّيَ فِي زَمَنِ مُصْعَبٍ.
87- قَيْسُ الْمَجْنُونُ [4] وَمَنْ بِهِ يُقَاسُ الْمُحِبُّونَ. هُوَ
قَيْسُ بْنُ الْمُلَوِّحِ بْنِ مُزَاحِمٍ. وقيل:
__________
[1] البيتان في الأغاني 9/ 196.
[2] انظر عن (قيس بن السكن) في:
طبقات ابن سعد 6/ 176، وطبقات خليفة 92 و 140، والتاريخ الكبير 7/ 145،
146 رقم 649، والجرح والتعديل 7/ 98، 99 رقم 557، ومشاهير علماء
الأمصار 103 رقم 767، والكاشف 2/ 348 رقم 4674، وتهذيب التهذيب 8/ 397،
398 رقم 703، وتقريب التهذيب 2/ 129 رقم 145، وخلاصة تذهيب التهذيب
317، وتهذيب الكمال 2/ 1135.
[3] في الجرح والتعديل 7/ 98.
[4] انظر عن (قيس المجنون) في:
الشعر والشعراء 2/ 467- 477 رقم 10، والمؤتلف والمختلف 188، ومعجم
الشعراء للمرزباني 476، والأغاني 2/ 1- 95، وسمط اللآلي 350، وجمهرة
أنساب العرب 288، 289، والمنازل والديار 1/ 51 و 129 و 164 و 181 و 354
و 7/ 3 و 2/ 16 و 46 و 134 و 147 و 164 و 232 و 354، ولباب الآداب 410
و 411 و 413- 415، ونشوار المحاضرة 5/ 102، وسرح العيون 195، وشرح
الشواهد 238، وفوات الوفيات 3/ 208- 213 رقم 401، والتذكرة السعدية 349
و 355 و 364 و 365، وسير أعلام النبلاء 4/ 5- 7 رقم 1،
(5/214)
قَيْسُ بْنُ مُعَاذٍ، وَقِيلَ: اسْمُهُ
الْبُحْتُرِيُّ [1] بْنُ الْجَعْدِ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ
مَجْنُونُ لَيْلَى بِنْتِ مَهْدِيٍّ أُمِّ مَالِكٍ الْعَامِرِيَّةِ،
وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَقِيلَ: مِنْ بَنِي
كَعْبٍ بْنِ سَعْدٍ.
سَمِعْنَا أَخْبَارَهُ فِي جُزْءٍ أَلَّفَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ،
وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ النَّاسِ لَيْلَى وَالْمَجْنُونَ، وَهَذَا
دَفَعَ بِالصَّدْرِ، فَلَيْسَ مَنْ لا يَعْلَمُ حُجَّةً عَلَى مَنْ
عَلِمَ، وَلا الْمُثْبِتُ كَالنَّافِي، فَعَنْ لَقِيطِ بْنِ بُكَيْرٍ
الْمُحَارِبِيِّ: أن الْمَجْنُونَ عَلِقَ لَيْلَى عَلاقَةَ الصِّبَا،
وَذَلِكَ لأنّهما كانا صَغِيرَيْنِ يَرْعَيَانِ أَغْنَامًا
لِقَوْمِهِمَا، فَعَلِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ، وَكَبُرَا
عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَبُرَا حُجِبَتْ عَنْهُ، فَزَالَ عَقْلُهُ،
وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ:
تَعَلَّقْتُ لَيْلَى وَهِيَ ذَاتُ ذُؤَابَةٍ ... وَلَمْ يَبْدُ
لِلأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى
الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ الْبَهْمُ [2]
وَذَكَرَ ابْنُ دَآبٍ [3] ، عَنْ رَبَاحِ بْنِ حَبِيبٍ الْعَامِرِيِّ
قَالَ: كَانَ فِي بَنِي عَامِرٍ جَارِيَةٌ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ،
لَهَا عَقْلٌ وَأَدَبٌ، يُقَالُ لَهَا لَيْلَى بِنْتُ مَهْدِيٍّ،
فَبَلَغَ الْمَجْنُونَ خَبَرُهَا، وَكَانَ صَبًّا بِمُحَادَثَةِ
النِّسَاءِ، فَلَبِسَ حُلَّةً ثُمَّ جَلَسَ إِلَيْهِا وَتَحَادَثَا،
فَوَقَعَتْ بِقَلْبِهِ، فَظَلَّ يَوْمَهُ يُحَادِثُهَا، فَانْصَرَفَ
فَبَاتَ بِأَطْوَلِ لَيْلَةٍ، ثُمَّ بَكَّرَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلْ
عِنْدَهَا حَتَّى أَمْسَى، وَلَمْ تَغْمُضْ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ
عَيْنٌ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ
هَزّتْنِي إِلَيْكِ الْمَضَاجِعُ
__________
[ () ] والنجوم الزاهرة 1/ 170، وتزيين الأسواق 1/ 97، وثمار القلوب
111 رقم 158، وأمالي القالي 1/ 136 و 137 و 162 و 203 و 207 و 208 و
215 و 216 و 221 و 2/ 61 و 262 و 3/ 63 والذيل 47 و 118، وشذرات الذهب
1/ 277، وخزانة الأدب 2/ 170، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 199، ومعجم
الشعراء في لسان العرب 342 رقم 878، وديوانه بتحقيق عبد الستار فرّاج،
ونشوار المحاضرة 5/ 1108، وبدائع البدائه 32 رقم 109، 19.
[1] في طبعة القدسي 64 «البحتري» وهو تحريف.
[2] البيتان باختلاف بعض الألفاظ في: الديوان 238، والأغاني 2/ 11 و
12، والشعر والشعراء 2/ 468، وسير أعلام النبلاء 4/ 6.
[3] ابن دأب: بتشديد الهمزة المضمومة. هو: عِيسَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ
بَكْرِ بْنِ دَابٍ. كان عالما بأخبار العرب وأشعارهم، وشاعرا، انظر عنه
في كتاب «التاج» للجاحظ 116، 117.
(5/215)
أُقَضِّي نَهَارِي بِالْحَدِيثِ
وَبِالْمُنَى ... وَيَجْمَعُنِي وَالْهَمُّ بِاللَّيْلِ جَامِعُ [1]
وَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا مِثْلُ الَّذِي وَقَعَ بِقَلْبِهِ، فَجَاءَ
يَوْمًا يُحَدِّثُهَا، فَجَعَلَتْ تُعْرِضُ عَنْهُ، تُرِيدُ أن
تَمْتَحِنَهُ، فَجَزِعَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَخَافَتْ عَلَيْهِ
وَقَالَتْ:
كِلانَا مُظْهِرٌ لِلنَّاسِ بُغْضًا ... وَكُلٌّ عِنْدَ صَاحِبِهِ
مَكِينُ [2]
فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَقَالَتْ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أن أَمْتَحِنَكَ،
وَأَنَا مُعْطِيَةٌ للَّه عَهْدًا: لا جَالَسْتُ بَعْدَ الْيَوْمِ
أَحَدًا سِوَاكَ، فَانْصَرَفَ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَظُنُّ هَوَاهَا تَارِكِي بِمَضَلَّةٍ ... مِنَ الأَرْضِ لا مَالٌ
لَدَيَّ وَلا أَهْلُ
وَلا أَحَدٌ أُفْضِي إِلَيْهِ وَصِيَّتِي ... وَلا وَارِثٌ إِلا
الْمَطِيَّةُ وَالرَّحْلُ
مَحَا حُبُّهَا حُبَّ الأُلَى كُنَّ قَبْلَهَا ... وَحلَّتْ مَكَانًا
لَمْ يَكُنْ حُلَّ مِنْ قَبْلُ [3]
قُلْتُ: ثُمَّ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ بِهَا، وَشَغَفَتْهُ حبّا، ووسوس في
عقله، فذكر أبو عبيدة:
أن الْمَجْنُونَ كَانَ يَجْلِسُ فِي نَادِي قَوْمِهِ وَهُمْ
يَتَحَدَّثُونَ، فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ بَاهِتَ
يَنْظُرُ إِلَيْهِ لا يَفْهَمُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ، ثُمَّ يَثُوبُ
إِلَيْهِ عَقْلُهُ، فَيُسْأَلُ عَنِ الْحَدِيثِ فَلا يَعْرِفُهُ،
حَتَّى قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّكَ لَمَخْبُولٌ، فَقَالَ:
إِنِّي لَأَجْلِسُ فِي النَّادِي أُحَدِّثُهُمْ ... فَأَسْتَفِيقُ
وَقَدْ غَالَتْنِي الْغُولُ
يَهْوِي بِقَلْبِي حَدِيثُ النّفس نحوكم ... حتى يقول جليسي أَنْتَ
مَخْبُولُ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَتَزَايَدَ بِهِ الأَمْرُ حَتَّى فُقِدَ
عَقْلُهُ، فَكَانَ لا يَقِرُّ فِي مَوْضِعٍ، وَلا يُؤْوِيهِ رَحْلٌ،
وَلا يَعْلُوهُ ثَوْبٌ، إِلا مَزَّقَهُ، وَصَارَ لا يَفْهَمُ شَيْئًا
مِمَّا يُكَلَّمُ بِهِ إِلا أن تُذْكَرَ لَهُ لَيْلَى فَإِذَا ذُكِرَتْ
لَهُ أَتَى بِالْبَدَائِهِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْمَ لَيْلَى شَكَوْا مِنْه إِلَى السُّلْطَانِ،
فَأَهْدَرَ دَمَهُ، ثُمَّ إِنَّ قَوْمَهَا تَرَحَّلُوا مِنْ تِلْكَ
النَّاحِيَةِ، فَأَشْرَفَ فَرَأَى دِيَارَهُمْ بَلاقِعَ، فَقَصَدَ
مَنْزِلَهَا، وَأَلْصَقَ صَدْرَهُ بِهِ، وَجَعَلَ يُمَرِّغُ خدّيه على
التراب ويقول:
__________
[1] الأغاني 2/ 45.
[2] الأغاني 2/ 14، و 16، و 31، الشعر والشعراء 2/ 469، فوات الوفيات
3/ 209.
[3] الأغاني 2/ 46، سير أعلام النبلاء 4/ 6.
(5/216)
أَيَا حَرَجَاتِ الْحَيِّ حَيْثُ [1] ...
تَحَمَّلُوا بِذِي سَلَمٍ لاجادكنّ رَبِيعُ
وَخَيْمَاتُكِ اللَّاتِي بمُنْعَرَجِ اللِّوَى ... بَلِينَ بَلَى لَمْ
تَبْلَهُنَّ رُبُوعُ
نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي نَدَامَةً ... كَمَا نَدِمَ
الْمَغْبُونُ حِينَ يَبِيعُ [2]
قال ابن المرزبان: قال أبو عمرو الشَّيْبَانِيُّ: لَمَّا ظَهَرَ مِنَ
الْمَجْنُونِ مَا ظَهَرَ، وَرَأَى قَوْمُهُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ
اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِيهِ وَقَالُوا: يَا هَذَا، تَرَى مَا بِابْنِكَ،
فَلَوْ خَرَجْتَ، بِهِ إِلَى مَكَّةَ فَعَاذَ بِبَيْتِ اللَّهِ،
وَزَارَ قَبْرَ رَسُولِهِ، وَدَعَا اللَّهَ رَجَوْنَا أن يُعَافَى،
فَخَرَجَ بِهِ أَبُوهُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، فَجَعَلَ يَطُوفُ بِهِ
وَيَدْعُو لَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
دَعَا الْمُحْرِمُونَ اللَّهَ يَسْتَغْفِرُونَهُ ... بِمَكَّةَ وَهْنًا
أَنْ تُحَطَّ ذُنُوبَهَا [3]
فَنَادَيْتُ أَنْ يَا رَبُّ أَوَّلُ سُؤْلَتِي [4] ... لِنَفْسِي
لَيْلَى [5] ثُمَّ أَنْتَ حَسِيبُهَا
فَإِنْ أُعْطَ لَيْلَى فِي حَيَاتِي لا يَتُبْ ... إِلَى اللَّهِ
خَلْقٌ تَوْبَةً لا أَتُوبُهَا [6]
حَتَّى إِذَا كَانَ بِمِنًى نَادَى مُنَادٍ مِنْ بَعْضِ تِلْكَ
الْخِيَامِ: يَا لَيْلَى، فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَ
النَّاسُ حَوْلَهُ، وَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ، وَأَبُوهُ
يَبْكِي، فَأَفَاقَ وَهُوَ يَقُولُ:
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ... فَهَيَّجَ
أَطْرَافَ [7] الْفُؤَادِ وَمَا يَدْرِي
دَعا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى
طَائِرًا كَانَ فِي صَدْرِي [8]
وَنَقَلَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ قَالَ: لَمَّا شَبَّبَ الْمَجْنُونُ
بِلَيْلَى وَشَهَّرَ بِحُبِّهَا اجْتَمَعَ أَهْلُهَا وَمَنَعُوهُ
مِنْهَا وَمِنْ زِيَارَتِهَا، وَتَوَعَّدُوهُ بِالْقَتْلِ، وَكَانَ
يَأْتِي امْرَأَةً تَتَعَرَّفُ لَهُ خَبَرَهَا، فَنَهَوْا تِلْكَ
الْمَرْأَةَ، وَكَانَ يَأْتِي غَفَلاتِ الْحَيِّ فِي اللَّيْلِ،
فَسَارَ أَبُو ليلى
__________
[1] في الديوان: 190 «حين» .
[2] الديوان 190، الأغاني 2/ 27، سير أعلام النبلاء 4/ 6، 7.
[3] في الشعر والشعراء: «بمكة ليلا أن تمحّى ذنوبها» .
[4] في الشعر والشعراء «سالتي» .
[5] في طبعة القدسي 66 «ليلى» .
[6] الديوان 67، الشعر والشعراء 2/ 473، 474، خزانة الأدب 4/ 593،
والمثلث 2/ 424، ولسان العرب 20/ 370.
[7] في الشعر والشعراء: «أحزان» . وكذا في الأغاني.
[8] الشعر والشعراء 2/ 472، الأغاني 2/ 55.
(5/217)
فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَكَوْا إِلَى
مَرْوَانَ مَا يَنَالُهُمْ مِنْ قَيْسِ بْنِ الْمُلَوِّحِ، وَسَأَلُوهُ
الْكِتَابَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَيْهِمْ يَمْنَعُهُ عَنْهُمْ
وَيَتَهَدَّدُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَهْدَرَ دَمَهُ، فَلَمَّا
وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَى عَامِلِ مَرْوَانَ، بَعَثَ إِلَى قَيْسٍ
وَأَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، فَجَمَعَهُمْ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ
الْكِتَابَ، وَقَالَ لِقَيْسٍ: اتَّقِ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ،
فَانْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَلا حُجِبَتْ لَيْلَى وَآلَى أَمِيرُهَا ... عليّ يمينا جاهدا لا
أزورها
وَأَوْعَدَنِي فِيهَا رِجَالٌ أَبُوهُمُ ... أَبِي وَأَبُوهَا
خُشِّنَتْ [1] لِي صُدُورُهَا
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ [2] غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّهَا ... وَأَنَّ
فُؤَادِي عِنْدَ لَيْلَى أَسِيرُهَا [3]
فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهَا صَارَ شَبِيهًا بِالتَّائِهِ، وَأَحَبَّ
الْخَلْوَةَ وَحَدِيثَ النَّفْسِ، وَجَزِعَتْ هِيَ أَيْضًا لِفِرَاقِهِ
وَضَنِيَتْ [4] .
وَيُرْوَى أن أَبَا الْمَجْنُونِ قَيَّدَهُ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ لَحْمَ
ذِرَاعَيْهِ وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَكَانَ يَدُورُ فِي
الْفَلاةِ عُرْيَانًا.
وَلَهُ:
كَأَنَّ الْقَلْبَ لَيْلَةً قِيلَ يُغْدَى ... بِلَيْلَى
الْعَامِرِيَّةِ أَوْ يُرَاحُ
قَطَاةٌ عَزَّهَا [5] شَرَكٌ فَبَاتَتْ ... تُجَاذِبُهُ وَقَدْ عَلِقَ
الْجَنَاحُ [6]
وَقِيلَ: إِنَّ لَيْلَى زُوِّجَتْ، فَجَاءَ الْمَجْنُونُ إِلَى
زَوْجِهَا فَقَالَ:
بِرَبِّكَ هَلْ ضَمَمْتَ إِلَيْكَ لَيْلَى ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ أَوْ
قَبَّلْتَ فَاهَا
وَهَلْ رَفَّتْ عَلَيْكَ قُرُونُ لَيْلَى [7]
فَقَالَ: اللَّهمّ إِذْ حلَّفْتُنِي فَنَعَمْ، وَكَانَ بَيْنَ يَدَيِ
الزَّوْجِ نَارٌ يَصْطَلِي بها،
__________
[1] في طبعة القدسي 67 «حشيت» ، والتصحيح عن الأغاني.
[2] في الأغاني: «جرم» .
[3] في الأغاني 2/ 68 «وأنّ فؤادي رهنها وأسيرها» .
[4] القصة في: نشوار المحاضرة 5/ 108، 109، والأغاني 2/ 68، و 288،
289، وذم الهوى لابن الجوزي- طبعة مصر- ص 388، ومصارع العشاق للسراج 2/
287.
[5] في طبعة القدسي 67 «غرها» ، والتصحيح من الأغاني. و «عزّها» :
غلبها.
[6] الأغاني 2/ 48.
[7] الأغاني 2/ 24، خزانة الأدب 4/ 210 و 211 و 213.
(5/218)
فَقُبِضَ الْمَجْنُونُ بِكِلْتَيْ يَدَيْهِ
مِنَ الْجَمْرِ، فَلْمَ يَزَلْ حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ [1]
.
وَكَانَتْ لَهُ داية يَأْنَسُ بِهَا، فَكَانَتْ تَحْمِلُ إِلَيْهِ
إِلَى الصَّحْرَاءِ رَغِيفًا وَكُوزًا، فَرُبَّمَا أَكَلَ وَرُبَّمَا
تَرَكَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ يَوْمًا فَوَجَدَتْهُ مُلْقًى بَيْنَ
الأَحْجَارِ مَيِّتًا، فَاحْتَمَلُوهُ إِلَى الْحَيِّ فَغَسَّلُوهُ
وَدَفَنُوهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ،
وَاشْتَدَّ نَشِيجُهُمْ [2] .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي «الْمُنْتَظِمِ» [3] : رُوِينَا أَنَّهُ
كَانَ يَهِمُ فِي الْبَرِّيَّةِ مَعَ الْوَحْشِ يَأْكُلُ مِنْ بَقْلِ
الأَرْضِ، وَطَالَ شَعْرُهُ، وَأَلِفَهُ الْوَحْشُ، وَسَارَ حَتَّى
بَلَغَ حُدُودَ الشَّامِ، فَكَانَ إِذَا ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ،
سَأَلَ مَنْ يَمُرُّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَنْ نَجْدٍ، فَيُقَالُ
لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ نَجْدٍ، أَنْتَ قَدْ شَارَفْتَ الشَّامَ،
فَيَقُولُ: أَرُونِي الطَّرِيقَ، فَيَدُلُّونَهُ [4] .
وَشِعْرُ الْمَجْنُونِ كَثِيرٌ سَائِرٌ، وَهُوَ فِي الطَّبَقَةِ
الْعُلْيَا فِي الْحُسْنِ وَالرِّقَّةِ، وَكَانَ مُعَاصِرًا لِقَيْسِ
بْنِ ذَرِيحٍ صَاحِبِ لُبْنَى، وَكَانَ في إمرة ابن الزبير، والله
أعلم.
__________
[1] الأغاني 2/ 25.
[2] انظر: الأغاني 2/ 90.
[3] في القسم الّذي لم ينشر بعد.
[4] انظر: الأغاني 2/ 52.
(5/219)
[حرف الْكَافِ]
88- كَثِيرُ بْنُ أَفْلَحَ [1]- ن- مَوْلَى أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ،
أَحَدُ كُتَّابِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي أَرْسَلَهَا عُثْمَانُ إِلَى
الأَمَصَارِ.
رَوَى عَنْ: عُثْمَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
روى عنه: محمد بن سيرين.
وقال النسائي: روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه، فإن كثيرا أصيب يوم
الحرة، وروى عنه ابنه.
__________
[1] انظر عن (كثير بن أفلح) في:
طبقات ابن سعد 5/ 198، والتاريخ الصغير 65، والتاريخ الكبير 7/ 207 رقم
904، وطبقات خليفة 239 و 252، وتاريخ خليفة 250، وتاريخ الثقات 396 رقم
1405، والثقات لابن حبان 5/ 330، والمعرفة والتاريخ 1/ 418 و 641،
والجرح والتعديل 7/ 149 رقم 833، ومشاهير علماء الأمصار 71 رقم 494،
والكاشف 3/ 3 رقم 4697، وتهذيب التهذيب 8/ 411، 412 رقم 736، وتقريب
التهذيب 2/ 131 رقم 4، وخلاصة تذهيب التهذيب 319، وتهذيب الكمال 3/
1141.
(5/220)
[حرف الميم]
89- محمد [1] بن الأشعث [2]- د ن- بن قيس بن معديكرب، أبو القاسم
الكندي الكوفي، ابْنُ أُمِّ فَرْوَةَ أُخْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
لِأَبِيهِ، تَزَوَّجَ بِهَا الأَشْعَثُ فِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ.
روى عنه: الشعبي، ومجاهد، وسليمان بن يسار، وابنه قيس بن محمد، وغيرهم.
__________
[1] في طبعة القدسي 68 «محمد بن محمد بن الأشعث» .
[2] انظر عن (محمد بن الأشعث) في:
طبقات ابن سعد 5/ 65، والكنى والأسماء 2/ 84، ونسب قريش 44 و 150 و
273، والأخبار الموفقيّات 195، وتاريخ خليفة 264، وطبقات خليفة 146،
والتاريخ الكبير 1/ 22 رقم 16، والأخبار الطوال 223 و 236 و 239 و 240
و 247 و 298 و 306 و 387، والمعارف 401، وفتوح البلدان 220 و 412،
والمعرفة والتاريخ 1/ 120، والجرح والتعديل 7/ 206 رقم 1143، ومشاهير
علماء الأمصار 103 رقم 769، ومروج الذهب 1892 و 1894، 1895 و 990 و
2109 و 3445، والبيان والتبيين 4/ 76، وتاريخ الطبري (انظر فهرس
الأعلام) 10/ 393، والعقد الفريد 1/ 68 و 3/ 68 والمحبّر 244 و 245 و
452 و 481، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 48 و 49 و 250 و 251 و 254 و 271 و
380، وأسد الغابة 4/ 311، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/
313، والكاشف 3/ 20 رقم 4803، ونثر الدر 3/ 10، وشرح نهج البلاغة 17/
94، 95، والتذكرة الحمدونية 1/ 406 و 2/ 35، وتهذيب التهذيب 9/ 64، 65
رقم 69، وتقريب التهذيب 2/ 146 رقم 59، والإصابة 3/ 509 رقم 8502.
(5/221)
ووفد على معاوية. ومولده في حدود سنة ثلاث
عشرة، وكان شريفا مطاعا في قومه، قتل مع مصعب في سنة سبع وستين، فأقام
ابنه مقامه.
90- محمد بن أبي بن كعب [1] أبو معاذ الأنصاري.
وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وحدث عن:
أَبِيهِ، وَعُمَرَ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَضْرَمِيُّ بْنُ لاحِقٍ، وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ.
وَكَانَ ثِقَةً، قُتِلَ بِالْحَرَّةِ.
91- محمد بن ثابت [2] بن قيس بن شماس الأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ.
حَنَّكَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِيقِهِ.
وَرَوَى عَنْ: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَأَبِيهِ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حذيفة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبيّ بن كعب) في:
التاريخ الكبير 1/ 727 28 رقم 33، وتاريخ خليفة 248، وطبقات ابن سعد 5/
76، والجرح والتعديل 7/ 208 رقم 1153، والاستيعاب 3/ 325، وجامع
التحصيل 321 رقم 665، والمعارف 261، ومسند أحمد 5/ 139، وطبقات خليفة
236، وأسد الغابة 4/ 310، وتهذيب الكمال 1160، وتهذيب التهذيب 9/ 719
20 رقم 27، وتقريب التهذيب 2/ 142 رقم 21 (باسم محمد بن كعب) ، وخلاصة
تذهيب التهذيب 325، والإصابة 3/ 471، 472 رقم 8291.
[2] انظر عن (محمد بن ثابت) في:
طبقات ابن سعد 5/ 781 وتاريخ خليفة 247 و 249، وطبقات خليفة 238،
والتاريخ الكبير 1/ 51، 52 رقم 107، والمعرفة والتاريخ 2/ 127،
والمغازي للواقدي 273، وجامع التحصيل 322 رقم 671، والاستيعاب 3/ 321،
وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 326، والمحبّر 275 و 424، والكامل في التاريخ
4/ 117، وأسد الغابة 4/ 313، والكاشف 3/ 24 رقم 4827، وتهذيب التهذيب
9/ 84 رقم 107، وتقريب التهذيب 2/ 149 رقم 88، والإصابة 3/ 473 رقم
8295، وتهذيب الكمال 1180، وخلاصة تذهيب التهذيب 329.
(5/222)
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ إِسْمَاعِيلُ،
وَيُوسُفُ، وَعَاضِمُ بْنُ عَمِّهِ بْنِ قَتَادَةَ، وَأَرْسَلَ عَنْهُ
الزُّهْرِيَّ.
قُتِلَ يَوْمَ الْحَرَّةَ.
92- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ [1] ن ابن زيد الأنصاري
النّجّاري. وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ
الْمَلِكِ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعُمَرَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ
أَفْلَحَ.
أُصِيبَ يَوْمَ الحرّة.
الواقدي، عن ملك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
أَنَّهُ اشْتَرَى مِطْرَفَ خَزٍّ بِسَبْعِمِائَةٍ، فَكَانَ يَلْبَسُهُ
[2] .
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَلَّى
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بن حزم
__________
[1] انظر عن (محمد بن عمرو بن حزم) في:
المغازي 1 و 143 و 384، والمحبّر 275، وطبقات خليفة 237، وتاريخ خليفة
237، 247، وطبقات ابن سعد 5/ 69، وأنساب الأشراف 1/ 538، والتاريخ
الكبير 1/ 189 رقم 576، والمعرفة والتاريخ 1/ 379، وأنساب الأشراف ق 4
ج 1/ 326 و 334، وتاريخ خليفة 237 و 247، وطبقات خليفة 237، والمحبّر
275، والسير والمغازي 284 و 328، وسيرة ابن هشام 1/ 94 و 2/ 83 و 149 و
160 و 3/ 13 و 137، والجرح والتعديل 8/ 29 رقم 132، والكامل في التاريخ
3/ 507 و 4/ 117 و 121، وأسد الغابة 4/ 327، وجامع التحصيل 328 رقم
702، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 89 رقم 21، وتهذيب الكمال 3/
1251، والعقد الفريد 4/ 369، والكاشف 3/ 74 رقم 63/ 5، وتاريخ الطبري
5/ 490، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 700، وتهذيب التهذيب 9/ 370، 371
رقم 610، وتقريب التهذيب 2/ 195 رقم 575، وخلاصة تذهيب التهذيب 353،
والاستيعاب 3/ 353، والوثائق السياسية 178 رقم 106 أ، ب، والمحاسن
والمساوئ 63، 64.
[2] طبقات ابن سعد 5/ 69.
(5/223)
يَوْمَ الْحَرَّةِ وَجِرَاحُهُ تَثْعَبُ
[1] دَمًا، وَمَا قُتِلَ إِلا نَظْمًا بِالرِّمَاحِ [2] .
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ: يَا
مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَصْدِقُوهُمُ الضَّرْبَ، فَإِنَّهُمْ
يُقَاتِلُونَ عَلَى طَمَعِ دُنْيَاهُمْ، وَأَنْتُمْ تُقَاتِلُونَ عَلَى
الآخِرَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَحْمِلُ على الكتيبة مِنْهُمْ فَيَفُضَّهَا
حَتَّى قُتِلَ [3] .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: وَأَكْثَرَ مُحَمَّدُ
بْنُ عَمْرٍو فِي أَهْلِ الشَّامِ الْقَتْلَ يَوْمَ الْحَرَّةِ، كَانَ
يَحْمِلُ عَلَى الْكُرْدُوسِ مِنْهُمْ فَيَفُضَّهُ، وَكَانَ فَارِسًا،
ثُمَّ حَمَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَّمُوهُ بِالرِّمَاحِ، فَلَمَّا
وَقَعَ انْهَزَمَ النَّاسُ [4] .
93- مَالِكُ بْنُ عِيَاضٍ الْمَدَنِيُّ [5] يُعْرَفُ بِمَالِكِ
الدَّارِ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنَاهُ عَوْنٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَأَبُو صَالِحٍ
السَّمَّانِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ.
وَكَانَ خَازِنًا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
94- مَالِكُ بْنُ هُبَيْرَةَ [6] السّكوني.
__________
[1] مهملة في الأصل.
[2] طبقات ابن سعد 5/ 70.
[3] طبقات ابن سعد 5/ 70.
[4] طبقات ابن سعد 5/ 70.
[5] انظر عن (مالك بن عياض) في:
التاريخ الكبير 7/ 304، 305 رقم 1295، والجرح والتعديل 8/ 213 رقم 944.
[6] انظر عن (مالك بن هبيرة) في:
طبقات ابن سعد 7/ 420، وتاريخ خليفة 208 و 209، وطبقات خليفة 72 و 292،
وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 16 و 41 و 257 و 261 و 308، وتاريخ أبي زرعة
1/ 233 و 595 و 596، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240، والتاريخ الكبير 7/ 302،
303 رقم 1288، وتاريخ الطبري 5/ 227 و 229 و 231 و 274 و 278 و 535 و
536 و 539 و 544، والكامل في التاريخ 3/ 453 و 455 و 457 و 484 و 486 و
487 و 4/ 147 و 154، وأسد الغابة 4/ 296، والاستيعاب 3/ 377، والجرح
والتعديل 8/ 217 رقم 968، والمعجم الكبير 19/ 299، وجمهرة أنساب العرب
430، ومشاهير علماء الأمصار 53 رقم 357، والأخبار الطوال 224، وتهذيب
الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 82 رقم 112، وتحفة الأشراف 8/ 348، 349
(5/224)
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةُ حَدِيثٍ
وَاحِدٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدُ [1] بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
اليزني [2] ، وَأَبُو الأَزْهَرِ الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةَ.
وَوَلِيَ لِمُعَاوِيَةَ حِمْصَ، وَكَانَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ
مَرْجِ رَاهِطٍ مع مروان.
95- مالك بن يخامر السّكسكي [3]- خ 4- الحمصي، يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ،
وَكَانَ ثِقَةً كَبِيرَ الْقَدْرِ مُتَأَلِّهًا.
رَوَى عَنْ: مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
حدث عنه: معاوية على المنبر، وجبير بن نفير، وعمير بن هانئ، ومكحول،
وسليمان بن موسى، وخالد بن معدان، وآخرون.
قال أبو مسهر: أكبر أصحاب معاذ: مالك بن يخامر، كان رأس القوم.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ [4] : تَابِعِيٌّ
ثِقَةٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: توفّي سنة تسع وستين.
__________
[ () ] رقم 481، وتهذيب الكمال 3/ 1300، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 108
رقم 322، ومسند أحمد 4/ 79، ومروج الذهب 1964، والكاشف 3/ 103 رقم
5362، والإصابة 3/ 357، 358 رقم 7697، وتهذيب التهذيب 10/ 24 رقم 39،
وتقريب التهذيب 2/ 227 رقم 894، وخلاصة تذهيب التهذيب 368.
[1] مهمل في الأصل.
[2] مهمل في الأصل.
[3] انظر عن (مالك بن يخامر) في:
طبقات ابن سعد 7/ 441، وتاريخ أبي زرعة 1/ 499، وتاريخ الثقات 419 رقم
1531، والثقات لابن حبان 5/ 383، ومشاهير علماء الأمصار 119 رقم 918،
وأنساب الأشراف 1/ 4، والمعرفة والتاريخ 2/ 297 و 312، وأسد الغابة 4/
297، والكاشف 3/ 103 رقم 5363، وجامع التحصيل 335 رقم 733، وتهذيب
التهذيب 10/ 24، 25 رقم 40، وتقريب التهذيب 2/ 227 رقم 895، والإصابة
3/ 358، 359 رقم 7701، وخلاصة تذهيب التهذيب 368، وتهذيب الكمال 1301.
[4] في تاريخ الثقات 419 رقم 1531.
(5/225)
96- الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ [1]
الثَّقَفِيُّ الكّذَّابُ، الَّذِي خَرَجَ بِالْكُوفَةِ، وَتَتَبَّعَ
قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ يقتلهم.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ فِي
ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ» [2] فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْمُخْتَارُ،
كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَادَّعَى أَنَّ الْوَحْيَ يَأْتِيهِ، وَالآخَرُ:
الْحَجَّاجُ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» : ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، ثنا عِيسَى
بْنُ عُمَرَ، ثنا السُّدِّيُّ، عَنْ رِفَاعَةَ الْفِتْيَانِيِّ [3]
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَأَلْقَى لِي وِسَادَةً وَقَالَ:
لَوْلا أَنَّ جِبْرِيلَ قَامَ عَنْ هَذِهِ لأَلْقَيْتُهَا لَكَ،
فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَذَكَرْتُ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ
عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَمَّنَ مُؤْمِنًا عَلَى
__________
[1] انظر عن (المختار بن أبي عبيد) في:
تاريخ خليفة 262- 264 و 268، والبرصان والعرجان 14 و 81 و 134 و 230 و
312 و 326 و 363، والأخبار الطوال 205 و 231 و 288 و 293 و 295 و 297 و
299- 303 و 305- 307، والمحبّر 70 و 302 و 491، والمعارف 400، وتاريخ
الطبري 5/ 569 و 6/ 7 و 38 وما بعدها و 93، ومروج الذهب 30 و 1930 و
1935- 1938 و 1942 و 1954 و 1961 و 1976 و 1984 و 1989- 1991 و 2003 و
2004 و 2015 و 2929، وفتوح البلدان 307 و 387، وتاريخ اليعقوبي 2/ 258
و 259 و 261 و 263 و 265 و 267، والأخبار الموفقيّات 531، وعيون
الأخبار 1/ 103 و 201 و 203 و 2/ 207، والمعرفة والتاريخ 1/ 219 و 233
و 537 و 2/ 31 و 32 و 55، و 112 و 255 و 617 و 618 و 771 و 772 و 775 و
802، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 255 و 317 و 340 و 341 و 343 و 352 و 384
و 385 و 463 و 602، ونسب قريش 43 و 44 و 189 و 264 و 265 و 269، وجمهرة
أنساب العرب 268، وثمار القلوب 85 و 90- 92، والعقد الفريد (انظر فهرس
الأعلام) 7/ 149، وربيع الأبرار 4/ 335 و 393، والاستيعاب 3/ 533- 536،
وأسد الغابة 4/ 336، والكامل في التاريخ 4/ 211 و 267، وتاريخ العظيمي
104 و 181 و 183، ووفيات الأعيان 3/ 71 و 165 و 4/ 172، 173، ومختصر
التاريخ 86، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 137، وسير أعلام
النبلاء 3/ 538- 544 رقم 144، والبداية والنهاية 8/ 289، والتذكرة
الحمدونية 2/ 34 و 35 و 456، ومحاضرات الأدباء 1/ 445، والبصائر
والذخائر 2/ 64، والإصابة 3/ 518، 519 رقم 8545، وشذرات الذهب 1/ 74،
75. والمثلّث للبطليوسي 2/ 155، والمختصر لأبي الفداء 1/ 194 و 195،
وابن الوردي 1/ 176.
[2] أخرجه مسلم في فضائل الصحابة (2545) من حديث أسماء بنت أبي بكر.
وأخرجه أحمد في المسند 2/ 26، والترمذي في الجامع الصحيح (2220) و
(3944) من حديث ابن عمر، والحميدي في المسند 1/ 156، 157 رقم 326.
[3] في الأصل «القتباني» والتصحيح من: اللباب 2/ 196.
(5/226)
ذِمَّةٍ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا مِنَ
الْقَاتِلِ بَرِيءٌ» [1] . مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
أَقْرَأَنِي الأَحْنَفُ كِتَابَ الْمُخْتَارِ إِلَيْهِ، يَزْعُمُ فِيهِ
أَنَّهُ نَبِيٌّ.
قُلْتُ: قُتِلَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ مُقْبِلا
غَيْرَ مُدْبِرٍ فِي هَوَى نَفْسِهِ، كَمَا قَدَّمْنَا.
97- مَرْوَانُ بن الحكم [2] خ 4 ابن أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ
بْنِ عَبْدِ شَمْسِ أبو عبد الملك القرشي
__________
[1] المسند 5/ 223، وأخرجه ابن ماجة من طريقين (2688) عن عبد الملك بن
عمير، عن رفاعة بن شدّاد الفتياني قال كنت أقوم على رأس المختار، فلما
تبيّنت كذابته، هممت وايم الله أن أسلّ سيفي، فأضرب عنقه، حتى ذكرت
حديثا حدّثنيه عمرو بن الحمق قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «من أمّن رجلا على نفسه، فقتله،
أعطي لواء الغدر يوم القيامة» . إسناده صحيح.
[2] انظر عن (مروان بن الحكم) في:
طبقات ابن سعد 5/ 35، ونسب قريش 159، 160، والمحبّر 22 و 55 و 228 و
377، وطبقات خليفة 231، وتاريخ خليفة (انظر فهرس الأعلام) 583، وتاريخ
اليعقوبي 2/ 166 و 172 و 178 و 182 و 186 و 223 و 225 و 238 و 239 و
241 و 247 و 250 و 253 و 255- 257 و 264 و 269 و 305 و 310، وسيرة ابن
هشام 158 و 256 و 4/ 30، والمعارف 353، والمغازي للواقدي 95 و 192 و
193 و 720، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 769، وتاريخ أبي
زرعة 1/ 191- 193 و 233- 236 و 354 و 190 و 391 و 308 و 312- 314 و 413
و 493 و 494 و 584 و 591- 593 و 595 و 614 و 645 و 2/ 692، والأخبار
الموفقيّات 117 و 175 و 200 و 257 و 258 و 261 و 389 و 390 و 470 و
501- 503 و 564، والسير والمغازي 251، والتاريخ الكبير 7/ 368، 369 رقم
1579، وأنساب الأشراف 1/ 22، و 24 و 151 و 362 و 400 و 404 و 420 و 427
و 428 و 436 و 440 و 442، و 3/ 297 وق 4 ج 1/ 141- 144 و 302- 305 و
441- 443 و 557- 560 وانظر فهرس الأعلام 665، والمراسيل 198 رقم 360،
والجرح والتعديل 8/ 271 رقم 1238، وعيون الأخبار 1/ 36 و 73 و 94 و 99
و 138 و 183 و 197 و 246 و 277 و 315 و 2/ 53 و 54 و 249 و 4/ 16 و
124، والأخبار الطوال 148 و 222 و 224 و 227 و 228 و 285 و 286، وفتوح
البلدان 5 و 37 و 59 و 63 و 142 و 189 و 267 و 270، وتاريخ الطبري 5/
530 وما بعدها، ومروج الذهب 1961- 1971 وانظر فهرس الأعلام 7/ 677،
وجمهرة أنساب العرب 87، والبرصان والعرجان 23 و 30 و 47 و 208 و 274 و
290 و 350، والاستيعاب 3/ 425- 429، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 501،
وتاريخ دمشق 16/ 170 أ، والكامل في
(5/227)
الأموي، وَقِيلَ: أَبُو الْقَاسِمِ،
وَيُقَالُ: أَبُو الْحَكَمِ. وُلِدَ بمكّة بعد ابن الزبير
__________
[ () ] التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 338، وربيع الأبرار 4/ 176 و
209 و 242، والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 150، ومسند أحمد 4/
322، والحلّة السيراء 1/ 28، 29 رقم 5، وأخبار مكة 2/ 225 و 239،
والولاة والقضاة 42- 48 و 311 و 312، والمنتخب من تاريخ المنبجي
(بتحقيقنا) 68 و 75- 77، وأخبار القضاة 1/ 113 و 114 و 116 و 118 و 120
و 127، والزاهر 1/ 188 و 2/ 380، وتهذيب الكمال 3/ 1316، وتحفة الأشراف
8/ 371- 374 رقم 509، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 87، 88 رقم 126،
والتذكرة الحمدونية 1/ 424 و 2/ 43 و 44 و 149 و 309، وبلاغات النساء
لابن أبي طاهر طيفور- صحّحه أحمد الألفي- طبعة القاهرة 1908- ص 129،
وشرح نهج البلاغة 6/ 165، ومحاضرات الأدباء 2/ 213، وأسد الغابة 4/
348، 349، والوفيات لابن قنفذ 76 رقم 65، والبدء والتاريخ 6/ 19، 20،
ومعجم الشعراء 396، وثمار القلوب 15 و 76 و 90 و 111 و 243، وجامع
التحصيل 340 رقم 748، والبداية والنهاية 8/ 239 و 257، ودول الإسلام 1/
48، والكاشف 3/ 116 رقم 5460، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 127 و 366 و
367 و 375 و 389 و 392 و 397 و 400 و 564، وسير أعلام النبلاء 3/ 476-
479 رقم 102، وعهد الخلفاء الراشدين 326 و 430 و 432 و 452 و 453 و 459
و 460 و 481 و 485- 488 و 527 و 528، وتاريخ العظيمي 46 و 88 و 97 و
129 و 130 و 177- 179 و 182 و 183 و 187، ومختصر التاريخ 73 و 85 و 86
و 88 و 98 و 105 و 111، ووفيات الأعيان 1/ 437 و 2/ 66- 68 و 178 و 415
و 456 و 3/ 18 و 71 و 275 و 5/ 189 و 221 و 6/ 91 و 92 و 94 و 374 و
343 و 359، وتخليص الشواهد 347 و 413، والكتاب لسيبويه 1/ 349،
والمقتضب للمبرّد- تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة- مصر 1388 هـ. - ج 4/
372، وشرح المفصّل لابن يعيش- طبعة مصر 1928- ج 2/ 101 و 110، وهمع
الهوامع 2/ 143، وشرح الشواهد للعيني 2/ 355، والتصريح بمضمون التوضيح-
للشيخ خالد- مصر 1344 هـ. - ج 1/ 243، وخزانة الأدب 2/ 102، وشفاء
الغرام 2/ 174 و 259، والعقد الثمين 7/ 165- 168، ومرآة الجنان 1/ 141،
والإصابة 3/ 477، 478 رقم 8318، والنكت الظراف 8/ 371- 374، وتهذيب
التهذيب 10/ 91، 92 رقم 166، وتقريب التهذيب 2/ 238، 239 رقم 1016،
ومعجم بني أميّة 158، 159 رقم 330، والنجوم الزاهرة 1/ 164- 169،
وخلاصة تذهيب التهذيب 373، وشذرات الذهب 1/ 73، وخاص الخاص 86، ونهاية
الأرب 21/ 96، 97، والتنبيه والإشراف 266- 270، ومختصر تاريخ الدول
لابن العبري 111، ومآثر الإنافة للقلقشندي 1/ 124- 126، وفوات الوفيات
4/ 125، 126 رقم 518، والفخري لابن طباطبا 109، وتاريخ الخميس 2/ 306،
وبلغة الظرفاء في ذكر تواريخ الخلفاء، لعلي بن محمد بن أبي السرور
الرّوحي- طبعة القاهرة 1327 هـ. - ص 21، والفرج بعد الشدّة 4/ 389،
ونشوار المحاضرة 5/ 108- 110 و 288، 289، وبدائع البدائه 192، 193،
وأخبار الدول للقرماني 132، 133، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 212، والكامل
للمبرّد 2/ 154، 155 والمعجم الكبير
(5/228)
بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَصِحَّ
لَهُ سَمَاعٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
لَكِنَّ لَهُ رِوَايَةً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث
الْحُدَيْبِيَةِ بِطُولِهِ، وَفِيهِ إِرْسَالٌ، لكن أَخْرَجَهُ
الْبُخَارِيُّ [1] .
وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ.
رَوَى عَنْهُ: سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين، وعروة
بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَابْنُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ،
وَمُجَاهِدٌ.
وَكَانَ كَاتِبُ ابْنِ عَمِّهِ عُثْمَانَ، وَوَلَّى إِمْرَةَ
الْمَدِينَةِ وَالْمَوْسِمِ لِمُعَاوِيَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ،
وَبَايَعُوهُ بِالْخِلافَةِ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ،
وَحَارَبَ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، فَقُتِلَ الضَّحَّاكُ فِي
الْمَصَافِّ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَعَلَى
الشَّامِ، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْحِجَازِ
كُلِّهِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَرْوَانَ ثَمَانِ سِنِينَ، وَلَمْ يَحْفَظْ
عَنْهُ شَيْئًا. وَأُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْكِنَانِيَّةُ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ الْحَكَمُ فِي الْفَتْحِ وَقَدِمَ
الْمَدِينَةَ، فَطَرَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ الطَّائِفَ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، وَمَاتَ زَمَنَ
عُثْمَانَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَضَرَبَ عَلَى قَبْرِهِ فُسْطًاطًا.
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَرْوَانَ كَانَ مِنْ أَكْبَرِ الأَسْبَابِ
الَّتِي دَخَلَ بِهَا الدَّاخِلُ عَلَى عُثْمَانَ، لِأَنَّهُ زَوَّرَ
عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا فِي شَأْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر [3] .
__________
[ () ] 20/ 359، ومسند الحميدي 1/ 171 و 199 و 2/ 326 وأدب القاضي
للماوردي 1/ 436 و 461 و 500، والمختصر في أخبار البشر 1/ 194، وتاريخ
ابن الوردي 1/ 175، 176، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 71، والمحاسن
والمساوئ 58.
[1] في كتاب المغازي 5/ 64 باب عروة، عن مروان والمسور بن مخرمة.
[2] في الطبقات 5/ 36.
[3] راجع الجزء الخاص بعهد الخلفاء الراشدين من هذا الكتاب- ص 458،
459.
(5/229)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: كَانَ
مَرْوَانُ قَصِيرًا، أَحْمَرَ الْوَجْهِ، أَوْقَصَ الْعُنُقِ [1] ،
كَبِيرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ «خَيْطَ بَاطِلٍ»
[2] لِدِقَّةِ عُنُقِهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجَمَلِ:
كَانَ عَلِيٌّ يَسْأَلُ عَنْ مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْهُ! قَالَ: تَعْطِفُنِي
عَلَيْهِ رَحِمٌ مَاسَّةٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَيِّدٌ مِنْ شَبَابِ
قُرَيْشٍ [3] . وَقَالَ عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جَابِرٍ قَالَ:
بَعَثَنِي زِيَادُ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَوَائِجَ، فَقُلْتُ: مَنْ
تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ مِنْ بَعْدِكَ؟ فَسَمَّى جَمَاعَةً، ثُمَّ
قَالَ: وَأَمَّا الْقَارِئُ لِكِتَابِ اللَّهِ، الْفَقِيهُ فِي دِينِ
اللَّهِ، الشَّدِيدُ في حدود الله:
مَرْوَانُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُقَالُ: كَانَ عِنْدَ مَرْوَانَ
قَضَاءٌ، وَكَانَ يَتْبِعُ قَضَاءَ عُمَرَ.
وَقَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ:
أَنَّ امْرَأَةً نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ ابْنَهَا عِنْدَ الْكَعْبَةِ،
وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَسْتَفْتِي، فَجَاءَتِ ابْنَ عُمَرَ،
فَقَالَ: لا أَعْلَمُ فِي النَّذْرِ إِلا الْوَفَاءَ، قَالَتْ:
أَفَأَنْحَرُ ابْنِي؟ قَالَ: قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ،
فَجَاءَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ
النَّذْرِ، وَنَهَاكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ، وَقَدْ كَانَ
عَبْدُ الْمُطَّلِبِ نَذَرَ إِنْ تَوَافَى لَهُ عَشَرَةُ رَهْطٍ أَنْ
يَنْحَرَ أَحَدَهُمْ، فَلَمَّا تَوَافَوْا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ،
فَصَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ أَحَبَّهُمْ
إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهمّ، أَهُوَ أَوْ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ،
ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَ الْمِائَةِ وَبَيْنَهُ، فَصَارَتِ الْقُرَعَةُ
عَلَى الإِبِلِ، فَأَرَى أَنْ تَنْحَرِي مِائَةً مِنَ الإِبِلِ مَكَانَ
ابْنِكِ، فَبَلَغَ الْحَدِيثُ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ
فَقَالَ: مَا أَرَاهُمَا أَصَابَا، إِنَّهُ لا نذر في معصية الله،
فاستغفري الله
__________
[1] أي قصيره.
[2] كان مروان يقال له «خيط باطل» لأنه كان طويلا مضطربا، قال الشاعر:
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع
انظر: لطائف المعارف 36، وثمار القلوب 76 رقم 103، ومروج الذهب 3/ 72،
وراجع ترجمة: عمرو بن سعيد الأشدق قبل قليل من هذا الجزء.
[3] تاريخ دمشق 16/ 173 أ.
(5/230)
تَعَالَى وَتُوبِي إِلَيْهِ، وَاعْمَلِي
مَا اسْتَطَعْتِ مِنَ الْخَيْرِ، فَسُرَّ النّاسُ بِذَلِكَ
وَأَعْجَبَهُمْ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يُفْتُونَ بِأَنَّهُ
لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي شُرَحْبيلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ، عَنْ
عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ [1] قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ ابْنَ
النَّبَّاعِ اللَّيْثِيَّ يَوْمَ الدار يبادر مروان فكأنّي انظر إلى
قِبَائِهِ قَدْ أَدْخَلَ طَرَفَيْهِ فِي مَنْطِقَتِهِ، وَتَحْتَ
الْقِبَاءِ الدِّرْعُ، فَضَرَبَ مَرْوَانُ عَلَى قَفَاهُ ضَرَبَةً
قَطَعَ عِلابِيَّ [2] عُنُقِهِ، وَوَقَعَ لِوَجْهِهِ، فَأَرَادُوا أَنْ
يُدَفِّفُوا عَلَيْهِ، فَقِيلَ:
أَتُبَضِّعُونَ اللَّحْمَ، فَتُرِكَ [3] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَذَكَرَ
مروان فقال: والله لقد ضربت كَعْبُهُ، فَمَا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ
مَاتَ، وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ أَحْفَظَتْنِي، قَالَتْ: مَا تَصْنَعُ
بِلَحْمِهِ أَنْ تُبَضِّعَهُ، فَأَخَذَنِي الْحُفَّاظُ، فَتَرَكْتُهُ
[4] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [5] : إِنَّ مَرْوَانَ وَلِيَ الْمَدِينَةَ سَنَةَ
إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ.
وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ
إِسْحَاقَ قال: كان مروان أميرا علينا سِتَّ سِنِينَ، فَكَانَ يَسُبُّ
عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ،
ثُمَّ عُزِلَ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَبَقِيَ سَعِيدٌ سَنَتَيْنِ،
فَكَانَ لا يَسُبُّهُ، ثُمَّ أُعِيدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يَسُبُّهُ،
فَقِيلَ لِلْحَسَنِ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ هَذَا! فَجَعَلَ لا
يَرُدُّ شَيْئًا، قَالَ: وَكَانَ الْحَسَنُ يَجِيءُ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ، وَيَدْخُلُ فِي حُجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقْعُدُ فِيهَا، فَإِذَا قُضِيَتِ الْخُطْبةُ
خَرَجَ فَصَلَّى، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى أَهْدَاهُ لَهُ فِي
بَيْتِهِ، قَالَ: فَإِنَّا لَعِنْدَهُ إِذْ قِيلَ: فُلانٌ بِالْبَابِ،
قَالَ: ائْذَنْ له، فو الله إنّي
__________
[1] هو القتباني بكسر القاف وسكون التاء ... نسبة إلى قتبان، بطن من
رعين نزلوا مصر، كما في (اللباب في الأنساب لابن الأثير ج 2 ص 242) .
[2] مهملة في الأصل، والتصحيح من «النهاية» حيث قال: العلابي: جمع
علباء وهو عصب في العنق يأخذ إلى الكاهل وهما علباوان. انظر (جني
الجنّتين في تمييز المثنيين للمحبّي ص 80) .
[3] طبقات ابن سعد 5/ 37.
[4] ابن سعد 5/ 37.
[5] في تاريخه 205.
(5/231)
لأَظُّنُهُ قَدْ جَاءَ بِشَرٍّ، فَأَذِنَ
لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ
سُلْطَانٍ وَجِئْتُكَ بِعَزْمِهِ، قَالَ: تَكَلَّمْ، قَالَ: أَرْسَلَ
مَرْوَانُ وَيْكَ بِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ، وَيْكَ وَيْكَ
وَيْكَ، وَمَا وَجَدْتُ مِثْلَكَ إِلا مِثْلَ الْبَغْلَةِ، يُقَالُ
لَهَا: مَنْ أَبُوكِ، فتَقُولُ: أُمِّي الْفَرَسُ، قَالَ: ارْجِعْ
إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ: إِنِّي وَاللَّهِ لا أَمْحُو عَنْكَ شَيْئًا
مِمَّا قلت، فَلَنْ أَسُبَّكَ، وَلَكِنَّ مَوْعِدِي وَمَوْعِدُكَ
اللَّهَ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَجَزَاكَ اللَّهُ بِصِدْقِكَ، وَإِنْ
كُنْتَ كَاذِبًا فاللَّه أَشَدُّ نَقْمَةً، وَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ
جَدِّي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ- أَوْ قَالَ مِثْلِي- مِثْلُ
الْبَغْلَةِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْحُجْرَةِ لقي
الحسين، فَقَالَ: مَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: رِسَالَةٌ. قَالَ: وَاللَّهِ
لَتُخْبِرُنِي أَوْ لَآمُرَنَّ بِضَرْبِكَ، فَقَالَ: ارْجِعْ،
فَرَجَعَ، فَلَمَّا رَآهُ الْحَسَنُ قَالَ: أَرْسِلْهُ، قَالَ: إِنِّي
لا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: إِنِّي قَدْ حَلَفْتُ، قَالَ:
قَدْ لَجَّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: أَكَلَ فُلانٌ بَظْرَ أُمِّهِ إِنْ
لَمْ يَبْلُغْهُ عَنِّي مَا أَقُولُ لَهُ، قُلْ لَهُ: وَيْلٌ لَكَ
وَلِأَبِيكَ وَقَوْمِكَ، وَآيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنِكَ أَنْ يَمْسِكَ
مَنْكِبَيْكَ مِنْ لَعْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ وَزَادَ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى قَالَ: كُنْتُ
بَيْنَ الْحَسْنِ وَالْحُسَيْنِ وَمَرْوَانَ، وَالْحُسَيْنُ يُسَابُّ
مَرْوَانَ، فَجَعَلَ الْحَسْنُ يَنْهَاهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ:
إِنَّكُمْ أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ، فغضب الحسين وقال: ويلك، قلت
هذا، فو الله لقد لعن الله أباك على لسان نبيه وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ.
رَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى النَّخَعِيِّ [1] .
وَقَالَ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ،
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ كَانَا يُصَلِّيَانِ
خَلْفَ مَرْوَانَ، فقيل: أما كانا يُصَلِّيَانِ إِذَا رَجَعَا إِلَى
مَنَازِلِهِمَا؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ [2] . وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ
عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم:
__________
[1] تقدّم هذا الخبر في ترجمة الحكم بن مروان، وفيه زيادة: أبو يحيى
مجهول. وهو في تاريخ دمشق 16/ 174 ب.
[2] تاريخ دمشق 16/ 175 أ، البداية والنهاية 8/ 358.
(5/232)
«إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ
ثَلاثِينَ رَجُلا اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلا، وَدِينَ اللَّهِ
دَغَلا، وَعِبَادَ اللَّهِ خَوَلا» [1] . سَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَكَانَ
عَطِيَّةُ [2] مَعَ ضَعْفِهِ شِيعِيًّا غَالِيًا، لَكِنَّ الْحَدِيثُ
مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي
مَرْيَمَ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«إِذَا بَلَغَتْ بَنُو أُمَيَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلا اتَّخَذُوا
عِبَادَ اللَّهِ خَوَلا، وَمَالَ اللَّهِ دُوَلا، وَكِتَابَ اللَّهِ
دَغَلًا» . إِسْنَادُهُ مُنْقطِعٌ.
وَذَكَرَ عَوَانَةُ بْنُ الْحَكَمِ، أَنَّ مَرْوَانَ قَدِمَ بِبَنِي
أُمَيَّةَ عَلَى حَسَّانِ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَحْدَلٍ وهو بالجابية
فقال: أتيتني بنفسك إذ أَبَيْتُ أَنْ آتِيكَ، وَاللَّهِ لَأُجَادِلَنَّ
عَنْكَ فِي قبائل اليمن، أو أسلّمها إِلَيْكَ، فَبَايَعَ حَسَّانُ
أَهْلِ الأُرْدُنِّ لِمَرْوَانَ، عَلَى أَنْ يُبَايِعَ مَرْوَانُ
لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَلَهُ إِمْرَةُ حِمْصَ، وَلِعَمْرِو بْنِ
سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ، وَذَلِكَ فِي نِصْفِ ذِي الْقَعْدَةِ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: بَايَعَ مَرْوَانَ أَهْلُ الأُرْدُنِّ
وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَسَائِرُ النَّاسِ زُبَيْرِيُّونَ،
ثُمَّ اقْتَتَلَ مَرْوَانُ وشيعة ابْنِ الزُّبَيْرِ يَوْمَ رَاهِطٍ
فَظَفِرَ مَرْوَانُ وَغَلَبَ عَلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَبَقِيَ
تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ.
قَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ مَرْوَانَ يَوْمًا،
فَقَالَ: قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ
أصبحت فِيمَا أَنَا فِيهِ مِنْ هَرْقِ الدِّمَاءِ، وَهَذَا الشَّأْنُ
[3] .
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [4] : كَانُوا يَنْقِمُونَ عَلَى عُثْمَانَ
تَقْرِيبَ مَرْوَانَ وَتَصَرُّفَهُ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، وَسَارَ مَعَ
طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ يطلبون بدم عثمان، فقاتل يوم الجمل
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 176 ب.
[2] هو: عطيّة العوفيّ.
[3] تاريخ دمشق 16/ 179 أ.
[4] في الطبقات 5/ 36.
(5/233)
أَشَدَّ قِتَالٍ، فَلَمَّا رَأَى
الْهَزِيمَةَ رَمَى طَلْحَةَ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَقَدْ أَصَابَتْهُ
جِرَاحٌ يَوْمَئِذٍ، وَحُمِلَ إِلَى بَيْتِ امْرَأَةٍ، فَدَاوُوهُ
وَاخْتَفَى، فَأَمَّنَهُ عَلِيٌّ، فَبَايَعَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى
الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ بِهَا حَتَّى اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ، وَقَدْ
كَانَ يَوْمَ الْحَرَّةِ مَعَ مُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ، وَحَرَّضَهُ
عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ
يَزِيدَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، وَعَقَدَ لِوَلَدَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ
وَعَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَخَذَ يَضَعُ مِنْهُ وَيُزْهِدُ النَّاسَ
فِيهِ، وَكَانَ يَجْلِسُ مَعَهُ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَزَبَرَهُ وَقَالَ:
تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةِ الاسْتَ، وَاللَّهِ مَالَكَ عَقْلٌ،
فَأَضْمَرَتْ أُمُّهُ السُّوءَ لِمَرْوَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا
فَقَالَ:
هَلْ قَالَ لَكِ خَالِدٌ شَيْئًا؟ فَأَنْكَرَتْ، وَكَانَ قَدْ
تَزَوَّجَ بِهَا، فَقَامَ، فَوَثَبَتْ هي وجواريها فعمدت إلى وِسَادَةٍ
فَوَضَعَتْهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَرَتْهُ هِيَ وَالْجَوَارِي حَتَّى
مَاتَ، ثُمَّ صَرَخْنَ وَقُلْنَ: مَاتَ فَجْأَةً [1] .
وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ: مَاتَ مَطْعُونًا بِدِمَشْقَ.
98- مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ [2]- الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مُسْرِفُ بْنُ
عُقْبَةَ- بْنِ رَبَاحِ بْنِ أسَعْدَ، أَبُو عُقْبَةَ الْمُرِّيُّ.
أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ
صِفِّينَ عَلَى الرَّجَّالَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ
وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، وَدَارُهُ بِدِمَشْقَ مَوْضِعُ فندق الخشب الكبير
قبليّ دار البطّيخ،
__________
[1] طبقات ابن سعد 5/ 42، 43.
[2] انظر عن (مسلم بن عقبة) في:
تاريخ خليفة 195 و 237- 239 و 254، 255، وتاريخ الطبري 5/ 12 و 323 و
483- 496 و 498، وأنساب الأشراف 3/ 79 وق 4 ج 1/ 146 و 175 و 299 و 308
و 322- 328 و 330- 337 و 348 و 602، والأخبار الطوال 172 و 226 و 263-
265، والمعارف 351، وتاريخ اليعقوبي 2/ 250، 251، وجمهرة أنساب العرب
119 و 157 و 249 و 254، ومروج الذهب 1923 و 1925 و 1927- 1929،
والزيارات 51، ووفيات الأعيان 3/ 438 و 6/ 276، وتاريخ العظيمي 186،
وعيون الأخبار 1/ 197، ومختصر التاريخ 83، والكامل في التاريخ 3/ 294 و
381 و 4/ 6 و 112- 123، والمعرفة والتاريخ 3/ 325، ونسب قريش 127 و 222
و 283 و 371 و 373 و 390، والعقد الفريد 1/ 149 و 297 و 298 و 2/ 391 و
4/ 87 و 207 و 299 و 372 و 387- 392 و 5/ 403، والتذكرة الحمدونية 2/
272 و 286 و 287، والبصائر والذخائر 8/ 244، ونثر الدر 1/ 340، وعهد
الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 450، وأخبار القضاة 1/ 123،
والمحبّر 303، والمحاسن والمساوئ 64- 67.
(5/234)
هَلَكَ بِالْمُشَلَّلِ بَيْنَ مَكَّةَ
وَالْمَدِينَةِ، وَهُوَ قَاصِدٌ إِلَى قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ،
لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
وَرَوَى الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، أَظُنُّهُ
الْوَاقِدِيَّ قَالَ: قَالَ ذَكْوَانُ مَوْلَى مَرْوَانَ: شَرِبَ
مُسْلِمٌ دَوَاءً بَعْدَ مَا نَهَبَ الْمَدِينَةَ، وَدَعَا
بِالْغَدَاءِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: لا تَعَجَّلْ، قَالَ: وَيْحَكَ
إِنَّمَا كُنْتُ أُحِبُّ الْبَقَاءَ حَتَّى أُشْفِيَ نَفْسِي مِنْ
قَتَلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَقَدْ أَدْرَكْتُ مَا
أَرَدْتُ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى
طَهَارَتِي، فَإِنِّي لا أَشُكُّ أَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَنِي مِنْ
ذُنُوبِي بِقَتْلِ هَؤُلاءِ الأَرْجَاسِ.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ
جَعْفَرِ بْنِ خَارِجَةَ قَالَ:
خَرَجَ مُسْرِفُ بْنُ عُقْبَةَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَتَبِعَتْهُ أُمُّ
وَلَدٍ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ تَسِيرُ
وَرَاءَهُمْ، وَمَاتَ مُسْرِفٌ فَدُفِنَ بِثَنِيَّةِ الْمُشَلَّلِ،
فَنَبَشَتْهُ ثُمَّ صَلَبَتْهُ عَلَى الْمُشَلَّلِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: وَكَانَ قَدْ قُتِلَ مَوْلاهَا أَبَا
وَلَدِهَا.
وَقِيلَ: إِنَّهَا نَبَشَتْهُ، فَوَجَدَتْ ثُعْبَانًا يَمُصُّ
أَنْفَهُ، وَأنَّهَا أَحْرَقَتْهُ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَشَكَرَ
سَعْيَهَا.
99- مَسْرُوقُ بْنُ الأْجَدَعِ [1] ع- وَاسْمُ الأَجْدَعِ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ- بْنُ مَالِكِ بْنِ أُمَيَّةَ، أَبُو عَائِشَةَ
الْهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الوادعيّ الكوفي.
__________
[1] في الأصل «الأجرع» والتصحيح من مصادر ترجمته، وهي:
الكنى والأسماء 2/ 20، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 19 و 40 و 51- 53 و 109
و 2/ 213 و 217 و 228 و 229 و 234 و 236 و 237 و 247 و 251 و 255 و 262
و 272 و 274 و 276 و 292 و 297 و 298، والتاريخ لابن معين 560، وجمهرة
أنساب العرب 394، وتاريخ أبي زرعة 1/ 329 و 494 و 647- 649 و 651- 655،
وتاريخ الثقات للعجلي 426 رقم 1561، وطبقات خليفة 149، وتاريخ خليفة
176 و 228 و 251، والتاريخ الكبير 8/ 735 36 رقم 2065، والتاريخ الصغير
65، وطبقات ابن سعد 6/ 76، وتاريخ اليعقوبي 2/ 241، والمعارف 105 و 432
و 490 و 537 و 578، وتاريخ الطبري 1/ 144 و 267 و 3/ 326 و 4/ 352 و
482، وأنساب الأشراف 1/ 176 و 264 و 418 و 419 و 427 و 550
(5/235)
مُخَضْرَمٌ، سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ،
وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذًا،
وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَخَبَّابَ بْنَ الأَرَتِّ، وَعَائِشَةَ،
وَطَائِفَةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو وَائِلٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو
الضُّحَى، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ،
وَأبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُرَّةَ،
وَآخَرُونَ.
وَقَدِمَ الشَّامَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَشَهِدَ الْحَكَمَيْنِ،
فَقَالَ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ:
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى الْقَصِيرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْتَشِرِ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى
أَيَّامِ الْحَكَمَيْنِ، وَفُسْطَاطِي إِلَى جَنْبِ فُسْطَاطِهِ،
فَيُصْبِحُ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ لَحِقُوا بِمُعَاوِيَةَ مِنَ
اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو مُوسَى رَفَعَ رَفْرَفَ
فُسْطَاطِهِ، فَقَالَ: يَا مَسْرُوقُ بْنَ الأَجْدَعِ، قُلْتُ:
لَبَّيْكَ أَبَا مُوسَى، قَالَ: إِنَّ الإِمَارَةَ مَا أُؤْتُمِرَ
فِيهَا، وَإِنَّ الْمُلْكَ مَا غُلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : كَانَ مَسْرُوقٌ ثِقَةً، لَهُ أَحَادِيثُ
صَالِحَةٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيٍّ، وَعَبْدِ
اللَّهِ، وَلَمْ يرو عن عثمان شيئا.
__________
[ () ] و 552 و 555، و 3/ 30 وق 4 ج 1/ 130 و 199 و 238 و 263 و 277 و
521 و 536 و 597، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 88 رقم 7128
والزيارات 79، 80، وأسد الغابة 4/ 354، والوفيات لابن قنفذ 96 رقم 63،
والكامل في التاريخ 1/ 109 و 2/ 296 و 3/ 160 و 228 و 279 و 4/ 110 و
5/ 284، والجرح والتعديل 8/ 396، 397 رقم 1820، وعيون الأخبار 1/ 61 و
2/ 199، وربيع 4/ 149 و 363، والعقد الفريد 2/ 301 و 2/ 467 و 3/ 168 و
171، والمعرفة والتاريخ (انظر فهرس الأعلام) 3/ 771، وحلية الأولياء 2/
95- 98 رقم 163، وطبقات الفقهاء 79، وتاريخ بغداد 13/ 232- 235 رقم
7302، وتهذيب الكمال 1320، 1321، والعبر 1/ 68، وتذكرة الحفاظ 1/ 49
رقم 26، وسير أعلام النبلاء 4/ 63- 69 رقم 17، والكاشف 3/ 120 رقم
5488، ودول الإسلام 1/ 47، ومرآة الجنان 1/ 139، وغاية النهاية 2/ 294
رقم 3591، والإصابة 3/ 492، 493 رقم 8406، وتهذيب التهذيب 10/ 109- 111
رقم 205، وتقريب التهذيب 2/ 242 رقم 1055، والنجوم الزاهرة 1/ 161،
وطبقات الحفاظ 14، وخلاصة تذهيب التهذيب 374، وشذرات الذهب 1/ 71،
والزهد لابن المبارك 32 و 92 و 347 و 382 والملحق رقم 102، ومسند
الحميدي 1/ 11، وأدب القاضي 1/ 120 و 149، وتهذيب الآثار للطبري 1/
190.
[1] في الطبقات 6/ 84.
(5/236)
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ [1] : رَأَى أَبَا
بَكْرٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ [2] : رَوَى عَنْ:
أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: قَدِمْتُ عَلَى
عُمَرَ فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ،
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ:
«الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ» [3] . أَنْتَ مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ [4] . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: كَانَ
الْأَجْدَعُ أَفْرَسَ فَارِسٍ بِالْيَمَنِ. وَابْنُهُ مَسْرُوقُ ابْنُ
أُخْتِ عَمْرِو بْنِ معديكرب.
وقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَائِذٍ الطَّائِيُّ
قَالَ: قُلْتُ لِلشَّعْبِيِّ: رَجُلٌ نَذَرَ أَنْ يَنْحَرَ ابْنَهُ،
قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الْقَيَّاسِينَ، مَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنَ
النَّاسِ كَانَ أطْلَبَ للعلم فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ مِنْ مَسْرُوقٍ
[5] ، قَالَ: لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: مَا أُقَدِّمُ عَلَى مَسْرُوقٍ
أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ،
وَلَقِيَ عُمَرَ، وَعَلِيًّا، وَلَمْ يَرْوِ عَنْ عُثْمَانَ شَيْئًا
[6] .
وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ مِنْ
رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ، مَا أَغُبُّهُ يَوْمًا.
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَتْ
عَائِشَةُ: يَا مَسْرُوقُ إِنَّكَ مِنْ وَلَدِي، وَإِنَّكَ لَمِنْ
أَحَبَّهُمْ إِلَيَّ، فَهَلْ عِنْدَكَ علم بالمخدج. فذكر الحديث [7] .
__________
[1] في التاريخ الكبير 8/ 35.
[2] في الجرح والتعديل 8/ 396.
[3] أخرجه أحمد في المسند 1/ 31، وأبو داود في الأدب (4957) باب: تغيير
الاسم القبيح.
[4] طبقات ابن سعد 6/ 76، تاريخ بغداد 13/ 232.
[5] حلية الأولياء 2/ 95، تاريخ بغداد 3/ 233.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 77، تاريخ بغداد 13/ 233.
[7] هو في صحيح مسلم 155/ 1066، وتاريخ دمشق 16/ 210 أ.
(5/237)
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: سَمِعْتُ
أَبَا السَّفَرِ يَقُولُ: مَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةُ مِثْلَ
مَسْرُوقٍ [1] .
وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ
اللَّهِ الَّذِينَ يُقْرِئُونَ النَّاسَ وَيُعَلِّمُونَهُمُ
السُّنَّةَ: عَلْقَمَةُ، وَالأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ، وَمَسْرُوقٌ،
وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ [2] .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبْجَرَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
كَانَ مَسْرُوقٌ أَعْلَمَ بِالْفَتْوَى مِنْ شُرَيْحٍ، وَشُرَيْحٌ
أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ، وَكَانَ شُرَيْحُ يَسْتَشِيرُ
مَسْرُوقًا [3] ، وَكَانَ مَسْرُوقُ لا يَسْتَشِيرُ شُرَيْحًا.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: بَقِيَ مَسْرُوقُ بَعْدَ عَلْقَمَةَ
لا يُفَضِّلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ [4] .
وَقَالَ عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
زِيَادٍ حِينَ قَدِمَ الْكُوفَةَ قَالَ: أَيُّ أَهْلِ الْكُوفَةِ
أَفْضَلُ؟ قَالُوا: مَسْرُوقٌ.
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِنْ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ خُلِقُوا
لِلْجَنَّةِ فَهَؤُلاءِ: الأَسْوَدُ، وَعَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ.
وَقَالَ خَلِيفَةُ [5] : لَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَلَى قَضَاءِ
الْكُوفَةِ، فَأَحْدَرَهُ مَعَهُ زِيَادٌ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَضَى
مَسْرُوقٌ حَتَّى رَجَعَ شُريْحٌ، وَذَكَرَ أَنَّ شُرَيْحًا غَابَ
سَنَةً.
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ لا
يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا [6] .
عَارِمٌ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ مُجَالِدٍ: أنّ مسروقا قال: لأن أقضي
بقضيّة
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 79، تاريخ الثقات 426، تاريخ بغداد 13/ 233.
[2] تاريخ بغداد 13/ 233، أخبار القضاة 2/ 228.
[3] حتى هنا في طبقات ابن سعد 6/ 82، وهو بتمامه في تاريخ بغداد 13/
233، 234.
[4] في طبعة القدسي 76 «أحدا» . والخبر في طبقات ابن سعد 6/ 84، وتاريخ
بغداد 13/ 234.
[5] في تاريخه 228.
[6] حلية الأولياء 2/ 96 وفيه «أجرا» . وفي طبقات ابن سعد 6/ 82 «جزاء»
.
(5/238)
فَأُوَافِقُ الْحَقَّ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ
رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [1] .
وَقَالَ مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ: لأَنْ أُفْتِيَ
يَوْمًا بِعَدْلٍ وَحَقٍّ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْزُوَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ سَنَةً.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
الْمُنْتَشِرِ ابْنِ أَخِي مَسْرُوقٍ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ عَامِلَ الْبَصْرَةِ أَهْدَى إِلَى مَسْرُوقٍ
ثَلاثِينَ أَلْفًا، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُحْتَاجٌ، فَلَمْ يَقْبَلْهَا
[2] .
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصْبَحَ
مَسْرُوقٌ يَوْمًا وَلَيْسَ لِعِيَالِهِ رِزْقٌ، فَجَاءَتْهُ
امْرَأَتُهُ قَمِيرُ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ، إِنَّهُ مَا
أَصْبَحَ لِعِيَالِكَ الْيَوْمَ رِزْقٌ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ:
وَاللَّهِ لَيَأْتِيَنَّهُمُ اللَّهُ بِرِزْقٍ [3] .
وَقَالَ سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ: كَلَّمَ مَسْرُوقٌ زِيَادًا
لِرَجُلٍ فِي حَاجَةٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِوَصِيفٍ، فَرَدَّهُ،
وَحَلَفَ أَنْ لا يكلّم له فِي حَاجَةٍ أَبَدًا.
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: انْتَهَى
الزُّهْدُ إِلَى ثَمَانِيَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ: عامر بن عبد قَيْسٍ،
وَهَرِمِ بْنِ حَيَّانَ، وَأُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ، وَأَبِي [4]
مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَالأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَالْحَسَنِ
الْبَصْرِيِّ، وَالرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ [5] .
وَقَالَ إِسْرَائِيلُ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ مَسْرُوقًا زَوَّجَ
بِنْتَهُ بِالسَّائِبِ بْنِ الأَقْرَعِ عَلَى عَشَرَةِ آلافٍ
اشْتَرَطَهَا لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: جَهِّزْ أَنْتَ امْرَأَتَكَ مِنْ
عِنْدِكَ، وَجَعَلَهَا مَسْرُوقٌ فِي الْمُجَاهِدِينَ وَالْمَسَاكِينَ
[6] .
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قال: غاب مسروق في السلسلة
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 82.
[2] طبقات ابن سعد 6/ 79.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 79.
[4] في الأصل «أبو» .
[5] مهمل في الأصل.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 82.
(5/239)
سَنَتَيْنِ [1]- يَعْنِي عَامِلا
عَلَيْهَا- فَلَمَّا قَدِمَ نَظَرَ أَهْلُهُ فِي خَرْجِهِ فَأَصَابُوا
فَأْسًا بِغَيْرِ عُودٍ، فَقَالُوا: غِبْتَ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ
جِئْتَنَا بِفَأْسٍ بِغَيْرِ عُودٍ! قَالَ: إِنَّا للَّه، تِلْكَ
فَأْسٌ اسْتَعَرْنَاهَا، نَسِينَا نَرُدُّهَا.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: بَعَثَهُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى السِّلْسِلَةِ،
فَانْطَلَقَ، فَمَاتَ بِهَا.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:
وَاللَّهِ مَا عَمِلْتُ عَمَلا أَخْوَفَ عِنْدِي أَنْ يُدْخِلَنِي
النَّارَ مِنْ عَمَلِكُمْ هَذَا، وَمَا بِي أَنْ أَكُونَ ظَلَمْتُ
فِيهِ مُسْلِمًا وَلا مُعَاهِدًا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّ
مَا أَدْرِي مَا هَذَا الْجَعْلُ [2] الَّذِي لَمْ يَسُنَّهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَبُو بَكْرٍ، وَلا
عُمَرُ، قِيلَ: فَمَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: لَمْ يَدَعْنِي زِيَادٌ، وَلا
شُرَيْحٌ، وَلا الشَّيْطَانُ، حَتَّى دَخَلْتُ فِيهِ [3] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَالَ لِي مَسْرُوقٌ: مَا بَقِيَ
شَيْءٌ يُرْغَبُ فِيهِ إِلا أَنْ نُعَفِّرَ وُجُوهَنَا فِي التُّرَابِ
[4] وَمَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلا السُّجُودَ للَّه تَعَالَى.
وَقَالَ إِسْحَاقُ: حَجَّ مَسْرُوقٌ، فَمَا نَامَ إِلا سَاجِدًا حَتَّى
رَجِعَ [5] .
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ امْرَأَةِ
مَسْرُوقٍ قَالَتْ: مَا كَانَ مَسْرُوقٌ يُوجَدُ إِلا وَسَاقَاهُ قَدِ
انْتَفَخَتا مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَجْلِسُ
خَلْفَهُ، فَأَبْكِي رَحْمَةً لَهُ [6] .
وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، عَنِ امْرَأَةِ مَسْرُوقٍ.
وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْتِ
شِعْرٍ فَقَالَ: أَكْرَهُ أن أجد في صحيفتي شعرا [7] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 83.
[2] في الطبقات: «الحبل» .
[3] طبقات ابن سعد 6/ 83.
[4] تاريخ الثقات للعجلي 426، طبقات ابن سعد 6/ 80، حلية الأولياء 2/
96، وتتمة الخبر في الزهد لابن المبارك 347 رقم 974.
[5] طبقات ابن سعد 6/ 79 وفيه: «إلا ساجدا على وجهه» ، الزهد لابن
المبارك 347 رقم 975.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 81، الزهد لابن المبارك 32.
[7] طبقات ابن سعد 6/ 80.
(5/240)
وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ
أَبِيهِ قَالَ: شُلَّتْ يَدُ مَسْرُوقٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ،
وَأَصَابَتْهُ آمَّةُ [1] .
وَقَالَ أَبُو الضُّحَى، عَنْ مسَرْوُقٍ، وَكَانَ رَجُلا مَأْمُومًا
[2] ، فَقَالَ: مَا أَحَبَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِي، لَعَلَّهَا لَوْ
لَمْ تَكُنْ بِي، كُنْتُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْفِتَنِ [3] .
وَقَالَ وَكِيعٌ: لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ
إِلا سَعْدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمَةَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ،
وَابْنِ عُمَرَ، وَمِنَ التَّابِعِينَ: مَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ،
وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ [4] ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ
السُّلَمِيُّ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ
مَسْرُوقٌ إِذَا قِيلَ لَهُ: أَبْطَأْتَ عَنْ عَلِيٍ وَعَنْ
مَشَاهِدِهِ- وَلَمْ يَكْنُ شَهِدَ مَعَهُ- يَقُولُ: أُذَكِّرُكُمُ
اللَّهَ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّهُ صَفَّ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ،
وَأَخَذَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضِ السِّلاحِ، يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ
بَعْضًا، فَنَزَلَ مَلَكٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ هَذِهِ الآيَةَ:
وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً 4:
29 [5] أَكَانَ ذَلِكَ حَاجِزًا لَكُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فو
الله لَقَدْ نَزَلَ بِهَا مَلَكٌ كَرِيمٌ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ،
وَإِنَّهَا لَمُحْكَمَةٌ مَا نَسَخَهَا شَيْءٌ [6] .
وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ أَبِي النُّجُودِ: ذُكِرَ أَنَّ مَسْرُوقًا أَتَى
صِفَّينَ، فَوَقَفَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ
لَوْ أَنَّ مُنَادِيًا، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: شَهِدَ مَسْرُوقٌ النَّهْروَانَ
مَعَ عَلِيٍّ.
وَقَالَ شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: مَا مَاتَ
مَسْرُوقٌ حَتَّى اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ تَخَلُّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ مَسْرُوقٌ سَنَةَ اثنتين وستّين [7] .
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 77.
[2] أي به ضربة في رأسه، كما في طبقات ابن سعد.
[3] طبقات ابن سعد 6/ 77.
[4] في الأصل «خيثم» والتصحيح من تذكرة الحفاظ للذهبي.
[5] سورة النساء- الآية 29.
[6] طبقات ابن سعد 6/ 77، 78، تاريخ دمشق 16/ 215 أ.
[7] تاريخ بغداد 13/ 235.
(5/241)
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَابْنُ
نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ [1] : سَنَةَ ثَلاثٍ.
وَقَالَ أَبُو شِهَابٍ الْخَيَّاطُ: هُوَ مدفون بالسلسلة بواسط [2] .
100- مسلمة بن مخلّد [3] د ابن الصامت الأنصاري الخزرجي، أبو معن،
وَيُقَالُ: أَبُو سَعِيدٍ، وَيُقَالُ: أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَيُقَالُ
أَبُو مَعْمَرٍ، لَهُ صُحَبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلِي عَشْرُ سِنِينَ [4] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ مَعَ جَلالَتِهِ،
وَمَحْمُودُ بن لبيد، ومحمد
__________
[1] طبقات ابن سعد 6/ 784 تاريخ بغداد 13/ 235.
[2] طبقات ابن سعد 6/ 84.
[3] انظر عن (مسلمة بن مخلد) في:
مسند أحمد 4/ 104، وطبقات ابن سعد 7/ 504، وتاريخ اليعقوبي 2/ 148 و
188، والتاريخ الكبير 7/ 387 رقم 1682، وطبقات خليفة 98 و 292، وتاريخ
خليفة 195 و 210 و 223 و 227، وفتوح البلدان 270، وأنساب الأشراف ق 4 ج
1/ 146 و 160، والمعرفة والتاريخ 2/ 494 و 506 و 510 و 529، ومقدّمة
مسند بقيّ بن مخلد 147 رقم 749، وتاريخ الطبري 4/ 430 و 550 و 553 و
554 و 5/ 99 و 240، وأخبار القضاة 3/ 223، 224، والخراج وصناعة الكتابة
345، وتاريخ أبي زرعة 1/ 189 و 309 و 565، ومروج الذهب 1621، وفتوح مصر
67 و 69 و 71، والاستيعاب 3/ 463، 464، وجمهرة أنساب العرب 366،
والمستدرك 3/ 495، ووفيات الأعيان 7/ 215، والمراسيل 197، 198 رقم 359،
والجرح والتعديل 8/ 265، 266 رقم 1212، ومشاهير علماء الأمصار 56 رقم
394، وأسد الغابة 4/ 364، 365، والكامل في التاريخ 3/ 191 و 269 و 272
و 355 و 464- 466 و 4/ 110، وتاريخ العظيمي 180 و 185 و 186، وتحفة
الأشراف 8/ 380 رقم 515، وتهذيب الكمال 3/ 1330، ومختصر التاريخ 82،
وجامع التحصيل 345 رقم 766، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 77، وعهد الخلفاء
الراشدين (من تاريخ الإسلام) 542 و 547، وسير أعلام النبلاء 3/ 424-
426 رقم 73، والعبر 1/ 66، والكاشف 3/ 128 رقم 5543، والمعين في طبقات
المحدّثين 26 رقم 117، وتلخيص المستدرك 3/ 495، وتهذيب التهذيب 10/
148، 149 رقم 282، وتقريب التهذيب 2/ 249 رقم 1129، والإصابة 3/ 418
رقم 7989، والنجوم الزاهرة 1/ 132 وما يليها، وخلاصة تذهيب التهذيب
377، وشذرات الذهب 1/ 70، والولاة والقضاة 15 و 21 و 27 و 37- 40 و 54
و 310 و 311 و 426 و 503 و 504، ومسند الحميدي 1/ 189.
[4] طبقات ابن سعد 7/ 504، تاريخ دمشق 16/ 229 ب.
(5/242)
ابن سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَلِيُّ بْنُ
رَبَاحٍ [1] ، وَأَبُو قَبِيلٍ حُيَيُّ بْنُ هَانِئٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ شُمَاسَةَ، وَشَيْبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ وَآخَرُونَ.
وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ يَوْمَ صِفِّينَ، كَانَ عَلَى
أَهْلِ فِلَسْطِينَ، وَقِيلَ: لَمْ يَفِدْ عَلَى مُعَاوِيَةَ إِلا
بَعْدَ انْقِضَاءِ صِفَّينَ، وَلَّى إِمْرَةَ مِصْرَ لِمُعَاوِيَةَ
وَلِيَزِيدَ، وَذَكَرَ أنَّ لَهُ صُحْبَةً جَمَاعَةً مِنْهُمْ: ابْنُ
سَعْدٍ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [2] : كَانَ الْبُخَارِيُّ كَتَبَ أَنَّ
لِمَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ صُحْبَةً، فَغَيَّرَ أَبِي ذَلِكَ،
وَقَالَ: لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ
عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُسْلِمَةَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَأَنَا ابْنُ
أَرْبَعِ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ [3] .
وَقَالَ وَكِيعٌ، عَنْ مُوسَى بِخِلافِ ذَلِكَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
مَسْلَمَةَ فَقَالَ:
وُلِدْتُ حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ.
وَرَجَعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَهْدِيٍّ،
وَقَالَ: هُوَ أَقْرَبُ عَهْدًا بِالْكِتَابِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ
نُزِعَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ مِصْرَ، وَوُلِّيَ مُسْلِمَةُ،
فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ [4] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَلَّيْتُ خَلْفَ مُسْلِمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ،
فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَمَا تَرَكَ وَاوًا وَلا أَلِفًا [5]
.
وَقَالَ اللَّيْثُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ [6] .
__________
[1] في الأصل «علا بن رباح» .
[2] في الجرح والتعديل 8/ 266.
[3] طبقات ابن سعد 7/ 504.
[4] الولاة والقضاة للكندي 38.
[5] الولاة والقضاة بتقديم وتأخير 39.
[6] الولاة والقضاة 40.
(5/243)
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِي ذِي
الْقَعْدَةِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ [1] .
101- المسور بن مخرمة [2] ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زُهْرَةَ
بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلابٍ، أَبُو عَبْدِ الرحمن، ويقال: أبو عثمان
الزّهريّ ابن عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف.
__________
[1] الولاة والقضاة- بالحاشية 40 رقم 1.
[2] انظر عن (المسور بن مخرمة) في:
نسب قريش 262 و 263، وطبقات خليفة 15، وتاريخ خليفة 177 و 255،
والمحبّر 68، والتاريخ الكبير 7/ 410 رقم 1798، وتاريخ اليعقوبي 2/ 240
و 282، ومسند أحمد 4/ 322، وتاريخ أبي زرعة 1/ 190 و 309 و 417 و 418 و
499، والعقد الفريد 4/ 35 و 278 و 392 و 393 و 6/ 47 و 348، والجرح
والتعديل 8/ 297 رقم 1366، وتاريخ الطبري 2/ 620 و 625 و 637 و 638 و
3/ 43 و 4/ 190 و 230 و 231 و 234 و 237 و 365 و 5/ 494 و 497 و 575،
ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 91 رقم 126، وجوامع السيرة 283، والزهد لابن
المبارك 60 و 486، ومشاهير علماء الأمصار 21 رقم 87، وعيون الأخبار 1/
54 و 2/ 372 و 3/ 51، وربيع الأبرار 4/ 101، وتهذيب الأسماء واللغات ق
1 ج 2/ 94 رقم 134، والخراج وصناعة الكتابة 323، وتاريخ العظيمي 186،
187، والاستيعاب 3/ 416، 417، والمنتخب من ذيل المذيل 556، والمغازي
للواقدي 209 و 319، والمعارف 429، والمعرفة والتاريخ 1/ 358، والمستدرك
3/ 523، 524، وجمهرة أنساب العرب 129، وأنساب الأشراف 1/ 327 و 405 وق
4/ 1/ 36 و 47 و 143 و 144 و 313 و 320 و 340 و 344 و 347- 350 و 503 و
507 و 515 و 535 و 561 و 575 و 577 و 590، وفتوح البلدان 267، والكامل
في التاريخ 2/ 42 و 3/ 49 و 68 و 69 و 72 و 4/ 122 و 124 و 174، وأسد
الغابة 4/ 365، 366، وتهذيب الكمال 3/ 1330، وتحفة الأشراف 8/ 380- 386
رقم 516، والجمع بين رجال الصحيحين 2/ 515، وتاريخ دمشق 16/ 251 أ،
ومرآة الجنان 1/ 140، والكاشف 3/ 128 رقم 556، والمغازي من (تاريخ
الإسلام) 127 و 364 و 366 و 367 و 375 و 389 و 392 و 397 و 400 و 605،
وعهد الخلفاء الراشدين 44 و 75 و 238 و 280 و 290 و 296 و 303 و 394 و
450 و 451، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 118، وتلخيص المستدرك 3/
523، 524، وسير أعلام النبلاء 3/ 390- 394 رقم 60، والعقد الثمين 7/
197، والنكت الظراف 8/ 381- 386، وتهذيب التهذيب 10/ 151، 152 رقم 288،
وتقريب التهذيب 2/ 249 رقم 1136، والإصابة 3/ 419، 420 رقم 7993،
والتذكرة الحمدونية 2/ 43، وخلاصة تذهيب التهذيب 377، وشذرات الذهب 1/
72، والمسند للحميدي 1/ 112 و 187، 188، وأدب القاضي 1/ 347 و 379 و
500 و 631، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 79.
(5/244)
له صحبة ورواية، وروى أيضا عن: أبي بَكْرٍ،
وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَخَالِهِ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعُرْوَةُ، وَسُلَيْمَانُ
بْنُ يَسَارٍ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَوَلَدَاهُ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ بَكْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ،
وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
وَقَدِمَ بَرِيدًا لِدِمَشْقَ مِنْ [1] عُثْمَانَ إِلَى مُعَاوِيَةَ
أَيَّامَ حَصْرِ عُثْمَانَ، وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي
خِلافَتِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ يَلْزَمُ عُمَرَ وَيَحْفَظُ عَنْهُ،
وَانْحَازَ إِلَى مَكَّةَ كَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَرِهَ إِمْرَةَ
يَزِيدَ، وَأَصَابَهُ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ لَمَّا حَاصَرَ الْحُصَيْنُ
بن نمير ابن الزبير [2] .
قال الزبير بن بكار [3] : وكانت الْخَوَارِجُ تَغْشَاهُ وَتُعَظِّمُهُ
وَيَنْتَحِلُونَ رَأْيَهُ، حَتَّى قُتِلَ تِلْكَ الأَيَّامَ.
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: أَنْبَأَ عبد الله بن جعفر، عن أم
بكر أَنَّ أَبَاهَا احْتَكَرَ طَعَامًا، فَرَأَى سَحَابًا مِنْ سَحَابِ
الْخَرِيفِ فَكَرِهَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى السُّوقِ
فَقَالَ: مَنْ جَاءَنِي وَلَّيْتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ،
فَأَتَاهُ بِالسُّوقِ فَقَالَ: أَجُنِنْتَ يَا مِسْوَرُ! قَالَ: لا
وَاللَّهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ سَحَابًا مِنْ سَحَابِ الْخَرِيفِ،
فَكَرِهْتُهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْبَحَ فِيهِ، وَأَرَدْتُ أَنْ لا
أَرْبَحَ فِيهِ فَقَالَ عُمَرُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَقَالَ
إِسْحَاقُ الْكَوْسَجُ: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: مِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ
ثِقَةٌ، إِنَّمَا كَتَبْتُ هَذَا لِلتَّعَجُّبِ، فَإِنَّهُمْ
مُتَّفِقُونَ عَلَى صُحْبَةِ الْمِسْوَرِ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ثنا حَيْوَةُ، ثنا عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ الْمِسْوَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِمَ
عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ خَلا بِهِ فَقَالَ:
يَا مِسْوَرُ، مَا فَعَلَ طَعْنُكَ عَلَى الأَئِمَّةِ؟ قَالَ: دَعْنَا
مِنْ هَذَا، وَأَحْسِنْ فِيمَا قَدِمْنَا لَهُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ:
وَاللَّهِ لَتُكَلِّمُنِي بِذَاتِ نَفْسِكَ بِالَّذِي تَعِيبُ عَلَيَّ،
قَالَ: فَلَمْ أَتْرُكْ شَيْئًا أَعِيبُهُ عَلَيْهِ إِلا بَيَّنْتُهُ
لَهُ، فَقَالَ: لا أَبْرَأُ مِنَ الذَّنْبِ، فَهَلْ تَعُدُّ لَنَا يَا
مِسْوَرُ بِمَا نَلِي مِنَ الإِصْلاحِ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، فإنّ
الحسنة بعشر أمثالها، أم
__________
[1] في الأصل «مع عثمان» .
[2] نسب قريش 263.
[3] في نسب قريش 263.
(5/245)
تَعُدُّ الذُّنُوبَ وَتَتْرُكُ
الإِحْسَانَ! قُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا نَذْكُرُ إِلا مَا نَرَى مِنَ
الذُّنُوبِ، فَقَالَ: فَإِنَّا نَعْتَرِفُ للَّه بِكُلِّ ذَنْبٍ
أَذْنَبْنَاهُ، فَهَلْ لَكَ يَا مِسْوَرُ ذُنُوبٌ فِي خَاصَّتِكَ
تَخْشَى أَنْ تَهْلِكَكَ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ؟ قَالَ:
نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يَجْعَلُكَ بِرَجَاءِ المغفرة أحق منّي فو الله
مَا أَلِي مِنَ الإِصْلاحِ أَكْثَرَ مِمَّا تَلِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ
لا أُخَيَّرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، بَيْنَ اللَّهِ وَغَيْرِهِ إِلا
اخْتَرْتُ اللَّهَ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنِّي لَعَلَى دِينٍ يُقْبَلُ
فِيهِ الْعَمَلُ، ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب، إِلا أَنْ
يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا، وَإِنِّي أَحْتَسِبُ كُلَّ حَسَنَةٍ
عَمِلْتُهَا بِأَضْعَافِهَا مِنَ الأَجْرِ، وَأَلِي أُمُورًا عِظَامًا
مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ، وَالْجِهَادِ، وَالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ خَصَمَنِي لَمَّا ذَكَرَ
ذَلِكَ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمْ أَسْمَعِ الْمِسْوَرَ ذَكَرَ
مُعَاوِيَةَ إِلا صَلَّى عَلَيْهِ [1] .
وَعَنْ أمِّ بَكْرٍ بِنْتِ الْمِسْوَرِ أَنَّ الْمِسْوَرَ كَانَ
يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ لِكُلِّ يَوْمٍ
غَابَ عَنْهَا سَبْعًا، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ [2] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ
عَمَّتِهِ أُمِّ بَكْرِ بِنْتِ الْمِسْوَرِ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ
وَجَدَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ إِبْرِيقَ ذَهَبٍ عَلَيْهِ الْيَاقُوتُ
وَالزَّبَرْجَدُ، فَلَمْ يَدْرِ مَا هُوَ، فَلَقِيَهُ فَارِسيٌّ
فَقَالَ: آخُذُهُ بِعَشَرَةِ آلافٍ، فَعَرَفَ أَنَّهُ شَيْءٌ، فَبَعَثَ
بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَنَفَلَهُ إِيَّاهُ، وَقَالَ:
لا تَبِعْهُ بِعَشَرَةَ آلافٍ، فَبَاعَهُ لَهُ سَعْدٌ بِمِائَةِ
أَلْفٍ، وَدَفَعَهَا إِلَى الْمِسْوَرِ وَلَمْ يُخَمِّسْهَا [3] .
وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: لَحِقَ بِابْنِ
الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يَقْطَعُ أَمْرًا
دُونَهُ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي شُرَحْبيِلُ بْنُ أَبِي عَوْنٍ،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا دَنَا الْحُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ أَخْرَجَ
الْمِسْوَرُ سِلاحًا قَدْ حَمَلَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَدُرُوعًا،
فَفَرَّقَهَا فِي مَوَالٍ لَهُ كُهُولٍ فُرُسٍ جُلُدٍ، فَدَعَانيِ،
ثُمَّ قَالَ لي: يا مولى
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 253 أ.
[2] تاريخ دمشق 16/ 253 ب.
[3] تاريخ دمشق 16/ 254 أ.
(5/246)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِسْوَرٍ، قُلْتُ:
لَبَّيْكَ، قَالَ: اخْتَرْ دِرْعًا، فَاخْتَرْتُ دِرْعًا وَمَا
يُصْلِحُهَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ حَدَثٌ، فَرَأَيْتُ أُولَئِكَ
الْفُرْسَ غَضِبُوا وَقَالُوا: تُخَيِّرُهُ عَلْيَنَا! وَاللَّهِ لَوْ
جَدَّ الْجِدُّ تَرَكَكَ، فَقَالَ: لَتَجِدَنَّ عِنْدَهُ حَزْمًا،
فَلَمَّا كَانَ الْقِتَالُ أَحْدَقُوا بِهِ، ثُمَّ انْكَشَفُوا عَنْهُ،
وَاخْتَلَطَ الناس، والمسور يَضْرِبُ بِسَيْفِهِ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ
فِي الرَّعِيلِ الأَوَّلِ يَرْتَجِزُ قَدَمًا، وَمَعَهُ مُصْعَبُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَفْعَلانِ الأَفَاعِيلَ، إِلَى أَنْ
أَحْدَقَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِالْمِسْوَرِ، فَقَامَ دُونَهُ
مَوَالِيهِ، فَذَبُّوا عنه كلّ الذّبّ، وجعل يصيح بهم، فما خَلُصَ
إِلَيْهِ، وَلَقَدْ قَتَلُوا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يَوْمَئذٍ نَفَرًا.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عبدَ اللَّهِ بْن جَعْفَر، عَنْ أمِّ بَكْرٍ،
وَأَبِي عَوْنٍ قَالا: أَمَاتَ الْمِسْوَرَ حَجَرُ الْمَنْجِنيقِ،
ضُرِبَ الْبَيْتُ فَانْفَلَقَ مِنْهُ فَلْقَةٌ، فَأَصَابَتْ خَدَّ
الْمِسْوَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَمَرِضَ مِنْهَا أَيَّامًا،
ثُمَّ مَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ نَعْيُ يَزِيدَ [1] ،
وَابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ لا يُسَمَّى بِالْخِلافَةِ، بَلِ
الأَمْرُ شُورَى.
زَادَتْ أمُّ بَكْرٍ: كُنْتُ أَرَى الْعِظَامَ تُنْزَعُ مِنْ
صَفْحَتِهِ، وَمَا مَكَثَ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَمَاتَ.
فَذَكَرْتُهُ لِشُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ فَقَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي قَالَ: قَالَ لِي الْمِسْوَرُ: هَاتِ دِرْعِي، فَلَبِسَهَا،
وَأَبِي أَنْ يَلْبَسَ الْمِغْفَرَ، قَالَ: وَتُقْبِلُ ثَلاثَةُ
أَحْجَارٍ، فَيَضْرِبُ الأَوَّلُ الرُّكْنَ الَّذِي يَلِي الْحَجَرَ
فَخَرَقَ الْكَعْبَةَ حَتَّى تَغَيَّبَ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ الثَّانِي
فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ الثَّالِثُ فِينَا، وَتَكَسَّرَ مِنْهُ
كَسْرَةٌ، فَضَرَبَتْ خَدَّ الْمِسْوَرِ وَصُدْغَهُ الأَيْسَرِ،
فَهَشَّمَتْهُ هَشْمًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَاحْتَمَلْتُهُ أَنَا
وَمَوْلًى لَهُ، وَجَاءَ الْخَبَرُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ
يَعْدُو، فَكَانَ فِيمَنْ حَمَلَهُ، وَأَدْرَكَنَا مُصْعَبُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُبيدُ بْنُ عُمَيْرٍ، فَمَكَثَ يَوْمَهُ لا
يَتَكَلَّمُ، فَأَفَاقَ مِنَ اللَّيْلِ، وَعَهِدَ بِبَعْضِ مَا
يُرِيدُ، وَجَعَلَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ: يَا أَبَا عَبْدِ
الرَّحْمَنِ كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ هَؤُلاءِ؟ فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ
قُتِلْنَا، فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لا يُفَارِقُهُ بِمَرَضِهِ
حَتَّى مَاتَ، فَوَلِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ غُسْلَهُ، وَحَمَلَهُ
فِيمَنْ حَمَلَهُ إِلَى الْحَجُونِ [2] ، وَإِنَّا لَنَطِأَ بِهِ
الْقَتْلَى [3] وَنَمْشِي بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ، فَصَلَّوْا مَعَنَا
عَلَيْهِ.
__________
[1] تاريخ دمشق 16/ 254 ب، 255 أ.
[2] الحجون: جبل بأعلى مكة عند مدافن أهلها.
[3] في الأصل «وانا لنطأ به القبلي» .
(5/247)
قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا يَوْمَئِذٍ
بِمَوْتِ يَزِيدَ، وَكَلَّمَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ الزُّبَيْرِ فِي أَنْ يُبَايِعَهُ بِالْخِلافَةِ، وَبَطُلَ
الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ.
وَعَنْ أُمِّ بَكْرٍ قَالَتْ: وُلِدَ الْمِسْوَرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ
الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَبِهَا تُوُفِّيَ لِهِلَالِ رَبِيعِ
الآخَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ الْهَيْثَمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعِينَ، وَهُوَ غَلَطٌ
مِنْهُ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ مِنْ حَجَرِ
الْمَنْجَنِيقِ، فَوَهِمَ أَيْضًا، اشْتُبِهَ عَلَيْهِ بِالْحِصَارِ
الأَخِيرِ. وَتَابَعَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. وَعَلَى الْقَوْلِ
الأَوَّلِ جَمَاعَةٌ منهم: يحيى بن بكير، وأبو عبيد، وَالْفَلَّاسُ،
وَغَيْرُهُمْ.
102- ت [1] الْمُسَيَّبُ بْنُ نَجَبَةَ [2] بْنِ رَبِيعَةَ
الْفَزَارِيُّ صَاحِبُ عَلِيٍّ.
سَمِعَ: عَلِيًّا، وَابْنَهُ الحسن، وحذيفة.
وروى عَنْهُ: عُتْبَةُ بْنُ أَبِي عُتْبَةَ، وَسَوَّارُ أَبُو
إِدْرِيسَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ.
وَقَدِمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْعِرَاقِ، وَشَهِدَ
حِصَارَ دِمَشْقَ، وَكَانَ أَحَدُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْكِبَارِ فِي
جَيْشِ التَّوَّابِينَ الَّذِينَ خَرَجُوا يَطْلُبُونَ بِدَمِ
الْحُسَيْنِ، وَقُتِلَ بِالْجِزِيرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ كَمَا
ذَكَرْنَا بعد ما قاتل قتالا شديدا.
__________
[1] الرمز ساقط من الأصل، استدركته من «الخلاصة» .
[2] انظر عن (المسيّب بن نجبة) في:
طبقات ابن سعد 6/ 216، وفتوح البلدان 302 و 342، والأخبار الطوال 220،
وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 277 و 530، والمعرفة والتاريخ 2/ 649،
والمعارف 435، ومروج الذهب 1976 و 1979، ومعجم الشعراء للمرزباني 386،
والتاريخ الصغير 75، والتاريخ الكبير 7/ 407، وتاريخ خليفة 262، وتاريخ
اليعقوبي 2/ 196 و 257، وجمهرة أنساب العرب 258، ومشاهير علماء الأمصار
108 رقم 819، وتاريخ الطبري 4/ 488 و 5/ 135 و 352 و 552 و 553 و 562 و
584 و 590 و 593 594 و 596- 600 و 605، والجرح والتعديل 8/ 293 رقم
1346، والكامل في التاريخ 3/ 232 و 376 و 377 و 4/ 20 و 158 و 159 و
164 و 175 و 179 و 181 و 183 و 186 و 189، والكاشف 3/ 129 رقم 5551،
والإصابة 3/ 495 رقم 8423، وتهذيب التهذيب 10/ 154 رقم 293، وتقريب
التهذيب 2/ 250 رقم 1141، وخلاصة تذهيب التهذيب 377.
(5/248)
103- مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [1]
بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، أَحَدُ الْكِبَارِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ
ابْنِ الزُّبَيْرِ، وقتل معه فِي الْحِصَارِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
وَسِتِّينَ.
كَانَ مُصْعَبٌ هَذَا قَدْ وُلِّيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةَ وَشُرْطَتَهَا
فِي إِمْرَةِ مَرْوَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ لَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ،
وَكَانَ بَطَلا شُجَاعًا، لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُورَةٌ، قَتَلَ عِدَّةً
مِنَ الشَّامِيِّينَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَلَمَّا مَاتَ هُوَ
وَالْمِسْوَرُ دَعَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى نَفْسِهِ.
104- مُعَاذُ بْنُ الْحَارِثِ [2] أَبُو حَلِيمَةَ [3] الأَنْصَارِيُّ
الْمَدَنِيُّ الْقَارِئُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سِيرِينَ، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.
قَالَتْ عَمْرَةُ: مَا كَانَ يُوقِظُنَا مِنَ اللَّيْلِ إِلا قِرَاءَةُ
مُعَاذٍ الْقَارِئِ.
قُتِلَ مُعَاذٌ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
105- مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيُّ [4]- 4- جدّ بهز بن
حكيم، له صحبة
__________
[1] انظر عن (مصعب بن عبد الرحمن) في:
طبقات خليفة 232، وتاريخ خليفة 222 و 228 و 255، وطبقات ابن سعد 5/
157، والتاريخ الكبير 7/ 350 رقم 1511، والتاريخ الصغير 65، والمعارف
237- 239، وتاريخ الطبري 5/ 345 و 497 و 575، وأخبار القضاة 1/ 118 و
120، والجرح والتعديل 8/ 303 رقم 1402، وتاريخ أبي زرعة 1/ 583،
والمعرفة والتاريخ 1/ 282، ونسب قريش 219 و 220 و 267- 269 و 289 و 371
و 372 وجمهرة أنساب العرب 119، والكامل في التاريخ 4/ 19 و 68 و 71 و
124، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 391، ومشاهير علماء
الأمصار 68 رقم 461، والمحبّر 228.
[2] انظر عن (معاذ بن الحارث) في:
تاريخ الطبري 3/ 459، والتاريخ الكبير 7/ 361 رقم 1558، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1 ج 2/ 100، 101 رقم 144، والمعرفة والتاريخ 1/ 314، 315،
وأسد الغابة 4/ 378، والمستدرك 521، وتهذيب الكمال 3/ 1339، وتهذيب
التهذيب 10/ 188، 189 رقم 349، وتقريب التهذيب 2/ 256 رقم 1193، وغاية
النهاية 2/ 301، 302 رقم 3621، وخلاصة تذهيب التهذيب 380.
[3] ويقال: أبو الحارث. (غاية النهاية 301) .
[4] انظر عن (معاوية بن حيدة) في: الزهد لابن المبارك 254 و 350
والملحق به 382، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 156.
وطبقات ابن سعد 7/ 35، وطبقات خليفة 58 و 184، والتاريخ الكبير 7/ 329
رقم 1408، وتاريخ الثقات 432 رقم 1592، والثقات لابن حبان 3/ 374،
وأنساب الأشراف 1/ 20، ومشاهير علماء الأمصار 42 رقم 258، ومقدّمة مسند
بقيّ بن مخلد 86 رقم 77، ومسند
(5/249)
وَرِوَايَةٌ، نَزَلَ الْبَصْرَةَ ثُمَّ
غَزَا خُرَاسَانَ وَمَاتَ بِهَا.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ حَكِيمٌ، وَحُمَيْدٌ الْمُرِّيُّ رَجْلٌ
مَجْهُولٌ.
حَدِيثُهُ فِي السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ، أَعْنِي مُعَاوِيَةَ.
106- مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ [1] ابْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي
سُفْيَانَ الأُمَوِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو
يَزِيدَ، وَيُقَالُ: أَبُو لَيْلَى. استُخْلِفَ بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيهِ
عِنْدَ مَوْتِهِ فِي رَبِيعِ الأَوَّلِ، وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا لَمْ
تَطُلْ خِلافَتُهُ، وَأُمُّهُ هِيَ أُمُّ هَاشِمٍ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ
بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاثٍ
وَأَرْبَعِينَ.
__________
[ () ] أحمد 5/ 4، والمعرفة والتاريخ 1/ 305 و 3/ 364، والجرح والتعديل
8/ 376 رقم 1721، والمعجم الكبير 19/ 403، والمستدرك 3/ 642، وأسد
الغابة 4/ 385، وتهذيب الكمال 1343، وتهذيب الأسماء ق 1 ج 2/ 102 رقم
148، والكاشف 3/ 138 رقم 5619، وتلخيص المستدرك 3/ 642، وتحفة الأشراف
8/ 427- 433 رقم 529، والنكت الظراف 8/ 428 و 433، وتهذيب التهذيب 10/
205، 206 رقم 382، وتقريب التهذيب 2/ 259 رقم 1225، والإصابة 3/ 432
رقم 8065، وخلاصة تذهيب التهذيب 381، ومرآة الجنان 1/ 138.
[1] انظر عن (معاوية بن يزيد) في:
نسب قريش 128، وتاريخ أبي زرعة 1/ 358، وتاريخ الطبري 5/ 499 و 500 و
503 و 536 و 545 و 546 و 610 و 6/ 180، وجمهرة أنساب العرب 178، وأنساب
الأشراف ق 4 ج 1/ 157 و 290- 293 و 308 و 344 و 354- 359 و 364 و 386 و
418 و 442، ومروج الذهب 30 و 756 و 1932- 1934 و 1954 و 1958 و 1963 و
1972 و 2276 و 3114 و 3625، والتنبيه والإشراف 265، والمعارف 353،
والفخري 163، وتاريخ اليعقوبي 2/ 252- 254، وتاريخ خليفة 255 و 325،
والمحبّر 22 و 45 و 58 و 405، والمعرفة والتاريخ 3/ 326 و 329، وفتوح
البلدان 270، والخراج وصناعة الكتابة 345 و 398، وتاريخ دمشق 16/ 395
ب، والعقد الفريد 1/ 306 و 4/ 376 و 391 و 393 و 394، وتاريخ العظيمي
46 و 88 و 97 و 187، والكامل في التاريخ 1/ 335 و 4/ 125 و 129 و 130 و
148 و 155 و 191، ونهاية الأرب 20/ 499، ومختصر تاريخ الدول 111، ومرآة
الجنان 1/ 139، ودول الإسلام 1/ 47، وسير أعلام النبلاء 4/ 139 رقم 46،
والعبر 1/ 69، والبداية والنهاية 8/ 237، ومختصر التاريخ 84 و 85 و 87،
ومآثر الإنافة 1/ 121، 122، والنجوم الزاهرة 1/ 163، وتاريخ الخلفاء
211، وأخبار الدول 131، 132، ومعجم بني أميّة 177، 178 رقم 362،
والمختصر في أخبار البشر 1/ 193، وتاريخ ابن الوردي 1/ 175.
(5/250)
قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ [1] :
رَأَيْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابٍ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ شَدِيدًا،
كَثِيرَ الشَّعْرِ، كَبِيرَ الْعَيْنَيْنِ، أَقْنَى الأَنْفِ، جَمِيلَ
الْوَجْهِ، مُدَوَّرَ الرَّأْسِ [2] .
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَلِيَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ
ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَى النَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ
مَرِيضًا، وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.
وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ
اسْتَخْلَفَهُ أَبُوهُ، فَوَلِيَ شَهْرَيْنِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ
قِيلَ: لَوِ استَخْلفْتَ، فَقَالَ: كَفَلْتُهَا حَيَاتِي،
فَأَتَضَمَّنُهَا بَعْدَ مَوْتِي.
وَأَبَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَأَبُو حَفْصٍ الْفَلاسِ: مَلَكَ أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ.
وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، وَغَيْرُهُ: عَاشَ عِشْرِينَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ.
107- مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ [3] لَهُ صُحْبَةٌ
وَرِوَايَةٌ، وَكَانَ حَامِلَ لِوَاءِ قَوْمِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ،
وهو راوي
__________
[1] الخطبيّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة، نسبة إلى الخطب
وإنشائها. انظر:
اللباب 1/ 379.
[2] تاريخ دمشق 16/ 397 ب.
[3] انظر عن (معقل بن سنان) في:
العقد الفريد 4/ 390، ومسند أحمد 3/ 474 و 480، وأنساب الأشراف ق 4 ج
1/ 324 و 328 و 329، وتاريخ خليفة 237 و 250، وطبقات ابن سعد 4/ 282 و
6/ 55، والتاريخ الصغير 72، والتاريخ الكبير 7/ 391 رقم 170، وعيون
الأخبار 4/ 23، وجمهرة أنساب العرب 249، وتاريخ الطبري 5/ 487 و 492،
ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 105 رقم 293، ومشاهير علماء الأمصار 45 رقم
281، والمغازي للواقدي 799 و 820 و 896، وتاريخ العظيمي 186، والأخبار
الطوال 266، والمعين في طبقات المحدّثين 26 رقم 122، والمعرفة والتاريخ
1/ 310 و 2/ 637 و 3/ 326، وأسد الغابة 4/ 397، 398، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1 ج 2/ 105 رقم 152، والمستدرك 3/ 522، وتهذيب الكمال 3/
1353، وتحفة الأشراف 8/ 55 ط- 459 رقم 532، والكاشف 3/ 143 رقم 5653،
والجرح والتعديل 8/ 284 رقم 1305، والنكت الظراف 8/ 456- 458، وتهذيب
التهذيب 10/ 233 رقم 426، وتقريب التهذيب 2/ 264 رقم 1271، والإصابة 3/
446 رقم 8136، وخلاصة تذهيب التهذيب 383.
(5/251)
حَدِيثِ بَرْوَعَ [1] .
رَوَى عَنْهُ: عَلْقَمَةُ، وَمَسْرُوقٌ، وَالأَسْوَدُ، وَسَالِمُ بْنُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَكَانَ يَكُونُ بِالْكُوفَةِ، فَوَفَدَ عَلَى يَزِيدَ، فَرَأَى مِنْهُ
قَبَائِحَ، فَسَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَخَلَعَ يَزِيدَ، وَكَانَ مِنْ
رُءُوسِ أَهْلِ الْحَرَّةِ.
قَالَ الْحَاكِمُ أَبُو أَحْمَدَ: كُنْيَتَهُ أَبُو سِنَانٍ،
وَيُقَالُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُقَالُ: أَبُو مُحَمَّدٍ،
وَيُقَالُ: أَبُو يَزِيدَ، مِنْ غَطْفَانَ، قُتِلَ صَبْرًا يَوْمَ
الْحَرَّةِ، فَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا تِلْكُمُ الأَنْصَارُ تَبْكِي سَرَاتَهَا ... وَأَشْجَعُ تَبْكِي
مَعْقِلَ بْنَ سِنَانٍ [2]
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ زِيَادٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ
مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَمَلَ لِوَاءَ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ،
وَكَانَ شَابًّا طَرِيًّا، وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَبَعَثَهُ
الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ بِبَيْعَةِ يَزِيدَ،
فَقَدِمَ الشَّامَ فِي وَفْدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَ
مَعْقِلُ وَمُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ فَقَالَ، وَكَانَ قَدْ آنَسَهُ
وَحَادَثَهُ: إِنِّي خَرَجْتُ كُرْهًا بِبَيْعَةِ هَذَا، وَقَدْ كَانَ
مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خُرُوجِي إِلَيْهِ رَجُلٌ يَشْرَبُ
الْخَمْرَ وَيَنْكِحُ الْحُرُمَ، ثُمَّ نَالَ مِنْهُ وَاسْتَكْتَمَهُ
ذَلِكَ، فَقَالَ: أَمَّا أَنْ أَذْكُرَ ذَلِكَ لِأَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ يَوْمِي هَذَا فَلا وَاللَّهِ، وَلَكِنْ للَّه عَلَيَّ
عَهْدٌ وَمِيثَاقٌ إِنْ مُكِّنْتُ مِنْكَ [3] لأَضْرِبَنَّ الَّذِي
فِيهِ عَيْنَاكَ، فَلَمَّا قَدِمَ مُسْلِمٌ الْمَدِينَةَ وَأَوْقَعَ
بهم، كان معقل يومئذ على
__________
[1] مهملة في الأصل، وهي: بروع بنت واشق، نكحت رجلا وفوضت إليه، فتوفي
قبل الدخول بها، فقضى لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بصداق نسائها.
(أسد الغابة 4/ 397) . وانظر الحديث وتخريجه في: تحفة الأشراف 8/ 456،
فهو عند أبي داود في النكاح، والترمذي في النكاح، والنسائي في النكاح
3/ 68، والسنن الكبرى للنسائي، وابن ماجة في النكاح.
[2] أسد الغابة 4/ 398، تهذيب التهذيب 10/ 233، وطبقات ابن سعد 4/ 283
وفيه «تنعي» مرتين بدل «تبكي» ، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 329، والإصابة
3/ 446، ووفاء ألوفا للسمهودي 93.
[3] في الأصل «منه» .
(5/252)
الْمُهَاجِرِينَ، فَأُتِيَ بِهِ
مَأْسُورًا، فَقَالَ: يَا مَعْقِلُ أَعَطِشْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
أحْضِرُوا لَهُ شَرْبَةً بِبَلَّوَرٍ، فَفَعَلُوا، فَشَرِبَ، وَقَالَ:
أَرُويِّتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:
أَمَّا وَاللَّهِ لا تَتَهَنَّأُ بِهَا، يَا مُفَرِّجُ قُمْ فَاضْرِبْ
عُنُقَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ عَوَانَةَ، وَأَبِي زَكَرِيَّا
الْعَجْلانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ: إِنَّ مُسْلِمًا لَمَّا
دَعَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَيْعَةِ، يَعْنِي بَعْدَ وَقْعَةِ
الْحَرَّةِ، قَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ،
وَكَانَ لَهُ مُصَافِيًا، فَخَرَجَ نَاسٌ مِنْ أَشْجَعَ، فَأَصَابُوهُ
فِي قَصْرِ الْعَرَصَةِ، وَيُقَالُ: فِي جَبَلِ أُحُدٍ، فَقَالُوا
لَهُ: الأَمِيرُ يُسْأَلُ عَنْكَ فَارْجِعْ إِلَيْهِ، قَالَ: أَنَا
أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ، إِنَّهُ قَاتِلِي، قَالُوا: كَلا، فَأَقْبَلَ
مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: مَرْحبًا بِأَبِي مُحَمَّدٍ، أَظُنُّكَ
ظَمْآنَ [1] ، وَأَظُنُّ هَؤُلاءِ أَتْعَبُوكَ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ:
شَوِّبُوا لَهُ عَسَلا بِثَلْجٍ، فَفَعَلُوا وَسَقَوْهُ، فَقَالَ:
سَقَاكَ اللَّهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ مِنْ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ،
قَالَ: لا جَرَمَ وَاللَّهِ لا تَشْرَبُ بَعْدَهَا حَتَّى تَشْرَبَ
مِنْ حَمِيمِ جَهَنَّمَ، قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ،
قَالَ: أَلَسْتَ قُلْتَ لِي بِطَبَرِيَّةَ وَأَنْتَ مُنْصَرِفٌ مِنْ
عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ أَحْسَنَ جَائِزَتَكَ: سِرْنَا
شَهْرًا وَخَسِرْنَا ظَهْرًا، نَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَخْلَعُ
الْفَاسِقَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، عَاهَدْتُ اللَّهَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ
لا أَلْقَاكَ فِي حَرْبٍ أَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلا قَتَلْتُكَ، وَأَمَرَ
بِهِ فَقُتِلَ [2] .
108- معقل بن يسار [3]- ع- المزني البصري، ممّن بايع تحت الشجرة.
__________
[1] في الأصل «ظمآنا» .
[2] الخبر في: الأخبار الطوال 266، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 328، 329،
وتاريخ الطبري 5/ 418- 421، والكامل 4/ 99، وطبقات ابن سعد 4/ 283.
[3] انظر عن (معقل بن يسار) في:
طبقات ابن سعد 7/ 14، وطبقات خليفة 37 و 176، وتاريخ خليفة 251، وأنساب
الأشراف ق 4 ج 1/ 219، ومسند أحمد 5/ 25، وتاريخ الثقات للعجلي 434 رقم
1607، ومشاهير علماء الأمصار 38 رقم 219، والتاريخ الكبير 7/ 391 رقم
1705، والتاريخ الصغير 67 و 72، والمعارف 75 و 177 و 181 و 298 و 311 و
548، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 36، 37، ومروج الذهب 1563 و 1566، ومقدّمة
مسند بقيّ بن مخلد 87 رقم 88، وجمهرة أنساب العرب 202، والجرح والتعديل
8/ 285 رقم 1306، والاستيعاب 3/ 409، 410، والمستدرك 3/ 577، 578،
وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 106 رقم 254، وفتوح البلدان 371 و 372
و 431 و 440 و 450 و 480، وتحفة الأشراف 8/ 460- 466 رقم 534، وتهذيب
الكمال 3/ 1353، والمعرفة والتاريخ 1/ 310 و 2/ 70
(5/253)
رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن النّعمان بن مقرن.
روى عنه: عمران بْنُ حُصَيْنٍ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو الْمَلِيحِ
بْنُ أُسَامَةَ الْهُذَلِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُعَاوِيَةُ
بْنُ قُرَّةَ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيَّانِ،
وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [1] : لا نَعْلَمُ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ
يُكَنَّى أَبَا عَلِيٍّ سِوَاهُ.
109- مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ [2] ابن الأَخْنَسِ بْنِ حَبِيبٍ
السُّلَمِيُّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ وَجَدِّهِ الأَخْنَسِ صُحْبَةٌ.
وَرَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا
أَوْ حَدِيثَيْنِ [3] .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ حِطَّانُ بْنُ خُفَافٍ
الْجَرْمِيُّ، وَسُهَيْلُ بن ذرّاع، وغيرهما.
__________
[ () ] و 72 و 3/ 63، وأسد الغابة 4/ 398، 399، والمعين في طبقات
المحدّثين 26 رقم 123، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 365 و 385، وعهد
الخلفاء الراشدين 225 و 240 و 628، والكاشف 3/ 144 رقم 5657، وتهذيب
التهذيب 10/ 235، 236 رقم 430، وتقريب التهذيب 2/ 265 رقم 1275، والنكت
الظراف 8/ 460- 466، والإصابة 3/ 447 رقم 8142، وخلاصة تذهيب التهذيب
383.
[1] يقول خادم العلم وطالبه الفقير إليه تعالى محقّق هذا الكتاب، عمر
عبد السلام تدمري الطرابلسي: لقد وهم المؤلّف- رحمه الله- بقوله: قال
ابن سعد، وقد أراد: قال العجليّ، إذ أن قول ابن سعد ليس في طبقاته، وهو
يكنى معقل بأبي عبد الله، (7/ 14) ، وهذا القول هو للعجلي في تاريخ
الثقات 434 رقم 1607 فليراجع.
[2] انظر عن (معن بن يزيد) في:
العقد الفريد 2/ 231، ومسند أحمد 3/ 470 و 4/ 259، وطبقات خليفة 50 و
130، والأخبار الطوال 170، وتاريخ الطبري 5/ 7 و 66 و 293 و 392،
ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 105 رقم 291، والجرح والتعديل 8/ 276 رقم
1262، والمعجم الكبير 19/ 440- 443، وطبقات ابن سعد 6/ 36، والتاريخ
الكبير 7/ 389 رقم 1694، والكامل في التاريخ 3/ 291 و 379 و 497، وأسد
الغابة 4/ 401، 402، وتحفة الأشراف 8/ 468 رقم 536، وتهذيب الكمال
1358، 1359، والكاشف 3/ 147 رقم 5678، وتهذيب التهذيب 10/ 253، 254 رقم
455، وتقريب التهذيب 2/ 268 رقم 1301، وخلاصة تذهيب التهذيب 384.
[3] قال بقيّ بن مخلد: له حديثان في مسند أحمد. (المقدّمة 205 رقم 291)
.
(5/254)
وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ قَيْسٍ، شَهِدَ
فَتْحَ دِمَشْقَ، وَلَهُ بِهَا دَارٌ، وَشَهِدَ صِفَّينَ مَعَ
مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ
يَزِيدَ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَا وَأَبِي، وَجَدِّي، فَأَنْكَحَنِي، وَخَطَبَ عَلَيَّ
[1] .
وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: إِنَّ مَعْنَ
بْنَ يَزِيدَ بْنِ الأَخْنَسِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، كَانَ هُوَ
وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ تَمَامُ عِدَّةِ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَلا أَعْلَمُ
رَجُلا وَابْنَهُ وَابْنَ ابْنِهِ شَهِدُوا بَدْرًا مُسْلِمِينَ
غَيْرَهُمْ [2] .
قُلْتُ: لا نَعْلَمُ لِيَزِيدَ مُتَابِعٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَضَّلُ الْغِلابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُمْ
صُحْبَةٌ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ الْجُمَحِيُّ: سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ
مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خيرا لها في
دينها مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا
وَلَدَتْ قُرَشَيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ خَيْرًا لَهَا فِي دُنْيَاهَا منّي،
فقال معن بن يزيد: ما وَلَدَتْ قُرَشِيَّةٌ لِقُرَشِيٍّ شَرًّا لَهَا
فِي دُنْيَاهَا مِنْكَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّكَ عَوَّدْتَهُمْ
عَادَةً كَأَنِّي بِهِمْ قَدْ طَلَبُوهَا مِنْ غَيْرِكَ، فَكَأَنِّي
بِهِمْ صَرْعَى فِي الطَّرِيقِ، قَالَ:
وَيْحَكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُكَاتِمُهَا نَفْسِي مُنْذُ كَذَا
وَكَذَا [3] .
قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ وَغَيْرُهُ: قُتِلَ مَعْنُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ
الأَخْنَسِ، وَأَبُوهُ بِرَاهِطٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَقِيَ مَعْنٌ
يَسِيرًا بَعْدَ رَاهِطٍ.
110- الْمُغِيرَةُ بْنُ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيُّ [4] قَالَ
يَحْيَى الذِّمَارِيُّ: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ، وَقَرَأَ ابْنُ
عَامِرٍ عَلَى الْمُغِيرَةَ بْنِ أَبِي شِهَابٍ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ
عَلَى عُثْمَانَ بن عفّان.
__________
[1] أسد الغابة 4/ 402، طبقات ابن سعد 6/ 36، 37.
[2] أسد الغابة 4/ 402.
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 19/ 440 رقم (1068) وقال الهيثمي
في مجمع الزوائد 9/ 355 إسناده منقطع، ومحمد بن سلام الجمحيّ ضعيف.
[4] انظر عن (المغيرة بن أبي شهاب) في:
معرفة القراء الكبار 1/ 48، 49 رقم 11، وغاية النهاية 2/ 305، 306 رقم
3635، وتاريخ أبي زرعة 1/ 349.
(5/255)
111- الْمُنْذِرُ بْنُ الْجَارُودِ
الْعَبْدِيُّ [1] لِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَكَانَ سَيِّدًا جَوَّادًا
شَرِيفًا وَلِيَ إِصْطَخْرَ لِعَلِيٍّ، ثُمَّ وَلِيَ ثَغْرَ الْهِنْدِ
مِنْ قِبَلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَمَاتَ هُنَاكَ سَنَةَ
إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَلَهُ سِتُّونَ سَنَةٌ.
وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الطَّبَقَةِ الآتِيَةِ.
112- الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ [2] ابْنِ الْعَوَّامِ بْنِ
خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، أَبُو عُثْمَانَ الأَسَدِيُّ، ابْنُ
حَوَارِيِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمُّهُ
أَسْمَاءُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ.
وُلِدَ فِي آخِرِ خِلافَةِ عُمَرَ، وَغَزَا القُسْطَنْطِينِيَّةَ مَعَ
يَزِيدَ، وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ يَزِيدُ وَفَدَ عَلَيْهِ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: فَحَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ
عُثْمَانَ أَنَّ الْمُنْذِرَ بْنَ الزُّبَيْرِ غَاضَبَ أَخَاهُ عَبْدَ
اللَّهِ، فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ،
فَأَجَازَهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَقْطَعَهُ، فَمَاتَ
مُعَاوِيَةُ قَبْلَ أَنْ يقبض المنذر الجائزة، وأوصى
__________
[1] انظر عن (المنذر بن الجارود) في:
الأخبار الطوال 231 و 232 و 305، والمعارف 339، والأخبار الموفقيات
328، وفتوح البلدان 439، والمعرفة والتاريخ 3/ 313، وتاريخ اليعقوبي 2/
204 و 264، ومروج الذهب 1631، والشعر والشعراء 621، وشرح نهج البلاغة
4/ 230، 231، والكامل في التاريخ 4/ 18، وربيع الأبرار 4/ 197 والخراج
وصناعة الكتابة 279 و 345، وعيون الأخبار 1/ 228، وأنساب الأشراف 1/
500 وق 4 ج 1/ 30 و 375 و 376، وتاريخ خليفة 236، وتاريخ الطبري 4/ 80
و 505 و 5/ 318 و 319 و 357، والعقد الفريد 3/ 415 و 4/ 39، ووفيات
الأعيان 2/ 538 و 6/ 349، والإصابة 3/ 480 رقم 8334.
[2] انظر عن (المنذر بن الزبير) في:
طبقات ابن سعد 5/ 182، وجمهرة أنساب العرب 119، وعيون الأخبار 3/ 143،
ومروج الذهب 1777، ونسب قريش 236 و 244 و 245، والمعارف 221 و 223 و
246، والبدء والتاريخ 5/ 86، وتاريخ اليعقوبي 2/ 223، والكامل في
التاريخ 3/ 483 و 4/ 18 و 102 و 124، والأخبار الموفقيّات 629، وفتوح
البلدان 446، وأنساب الأشراف 1/ 422، وق 4 ج 1/ 254 و 311 و 319 و 320
و 338 و 339 و 342 و 343 و 350 و 383 و 384، وتاريخ الطبري 4/ 460 و 5/
269 و 344 و 346 و 480 و 575، والمحبّر 70 و 100 و 448، والعقد الفريد
4/ 392 و 393، وثمار القلوب 294.
(5/256)
مُعَاوِيَةُ أَنْ يَدْخُلَ الْمُنْذِرُ فِي
قَبْرِه [1] .
وَفِي «الْمُوَطَّأِ» [2] عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا زَوَّجَتْ حَفْصَةَ بِنْتَ
أَخِيهَا الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخُوهَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الشَّامِ قَالَ: وَمِثْلِي يُصْنَعُ بِهِ
هَذَا وَيُفْتَاتُ عَلَيْهِ! فَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ الْمُنْذِرَ،
فَقَالَ:
إِنَّ ذَلِكَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ:
مَا كُنْتُ لِأَرُدَّ أَمْرًا قَضَيْتِيه، فَقَرَّتْ حَفْصَةُ عِنْدَ
الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَلاقًا.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [3] : فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ،
وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَرِيبَةُ. ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْحَسَنُ بْنُ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: لَمَّا وَرَدَ عَلَى يَزِيدَ
خِلافُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ
يَسْتَوْثِقَ مِنَ الْمُنْذِرِ وَيَبْعَثَ بِهِ، فَأَخْبَرَهُ
بِالْكِتَابِ، وَقَالَ: اذْهَبْ وَأَنَا أَكْتُمُ الْكِتَابَ ثَلاثًا،
فَخَرَجَ الْمُنْذِرُ، فَأَصْبَحَ اللَّيْلَةَ الثَّامِنَةَ بِمَكَّةَ
صَبَاحًا، فَارْتَجَزَ حَادِيَهُ:
قَاسَيْنَ قَبْلَ الصُّبْحِ لَيْلا مُنْكَرَا ... حَتَّى إِذَا
الصُّبْحُ انْجَلَى وَأَسْفَرَا
أَصْبَحْنَ صَرْعَى بِالْكَثِيبِ حُسَّرَا ... لَوْ يَتَكَلَّمْنَ
شَكَوْنَ الْمُنْذِرَا [4]
فَسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ صَوْتَ الْمُنْذِرِ عَلَى
الصَّفَا، فَقَالَ: هَذَا أَبُو عُثْمَانَ حَاشَتْهُ الْحَرْبُ [5]
إِلَيْكُمْ [6] .
فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ الْمُنْذِرُ
بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ
حِزَامٍ يُقَاتِلانِ أَهْلَ الشَّامِ بِالنَّهَارِ، وَيُطْعِمَانهمْ
بِاللَّيْلِ.
وَقُتِلَ الْمُنْذِرُ فِي نَوْبَةِ الْحُصَيْنِ، وَلَهُ أربعون سنة.
__________
[1] نسب قريش 244.
[2] في كتاب الطلاق 378 رقم 1171 باب ما لا يبين من التمليك.
[3] قول ابن سعد ليس في ترجمة المنذر. انظر ج 5/ 182.
[4] البيت في نسب قريش:
تركن بالرمل قياما حسّرا ... لو يتكلّمن اشتكين المنذرا
[5] في نسب قريش «حاشية العرب» .
[6] نسب قريش 245.
(5/257)
[حرف النُّونِ]
113- النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ [1] الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ أَبُو
لَيْلَى، لَهُ صُحْبَةٌ وَوِفَادَةٌ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ
صَعْصَعَةَ. فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ قَالَ: عَاشَ
النَّابِغَةُ مِائَةَ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَاتَ بِأَصْبَهَانَ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّابِغَةَ قَالَ هَذِهِ الأبيات:
__________
[1] انظر عن (النابغة الجعديّ) في:
سيرة ابن هشام 3/ 198، والشعر والشعراء 1/ 208- 214، وطبقات الشعراء
لابن سلام 103- 109، ومعجم الشعراء للمرزباني 321، والموشح 64،
والمحبّر 8 و 238 و 304 و 329، والمعارف 90، وأنساب الأشراف 1/ 62، و
3/ 263، وجمهرة أنساب العرب 289، وتاريخ خليفة 177، ومروج الذهب 1258 و
2066، وتاريخ الطبري 6/ 185 و 8/ 476، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 136
رقم 612، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 100، والبرصان والعرجان 284، والعقد
الفريد 2/ 52 و 96 و 97 و 5/ 271 و 6/ 8، والأمالي للقالي 1/ 71 و 89 و
155 و 157 و 173 و 2/ 2 و 8 و 178 و 238 و 247 و 251 والذيل 26،
والأغاني 5/ 1- 34، وأمالي المرتضى 1/ 95 و 202 و 263- 269 و 616،
وربيع الأبرار 4/ 258، والهفوات النادرة 10 و 13، وخاصّ الخاص 101،
والاستيعاب 3/ 581- 593، وأسد الغابة 5/ 2- 4، والكامل في التاريخ 2/
10 و 3/ 280 و 281، وتاريخ العظيمي 87، ووفيات الأعيان 2/ 50 و 177 و
214 و 5/ 193، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 120، 121 رقم 179،
ومختصر التاريخ لابن الكازروني 56، والتذكرة السعديّة 142، والمنازل
والديار 1/ 133 و 166 و 2/ 100 و 318 و 319 و 321 و 322، وفحول الشعراء
103، والمعمّرين 81، وسمط اللآلي 247، والتذكرة الحمدونية 1/ 263،
ورسائل الجاحظ 1/ 364 تحقيق عبد السلام هارون- القاهرة 1964 و 1979،
وأدب الدنيا والدين للماوردي 249، والتذكرة الفخرية 40، وتخليص الشواهد
64 و 176 و 207 و 227 و 294 و 298 و 299 و 427، وشرح شواهد المغني 208،
وخزانة الأدب 1/ 512، وهمع الهوامع 1/ 72 و 125، والدرر اللوامع 1/ 47
و 98، وشرح الأشموني 1/ 185 و 2/ 253، وشرح الشواهد للعيني 1/ 504 و 2/
141، و 374 وأمالي ابن الشجري 1/ 282، ومعجم الشعراء في لسان العرب
417- 419 رقم 1077، وجمهرة أشعار العرب 145، وتاريخ الأدب العربيّ 1/
232، وتاريخ آداب اللغة العربية 1/ 152، وديوان النابغة الجعديّ- جمعته
ماريا نلينو، ونشره محقّقا المكتب الإسلامي ببيروت، وذكر أخبار أصبهان
1/ 73، 74، والمثلث 1/ 510 و 2/ 261 و 282 و 293 و 336 و 375.
(5/258)
الْمَرْءُ يَهْوَى أَنْ يَعِيشَ ...
وَطُولُ عُمْرٍ قَدْ يَضُرُّهْ
وَتَتَابُعُ الأَيَّامِ ... حَتَّى مَا يَرَى شَيْئًا يَسُرُّهْ
تَفْنَى بَشَاشَتُهُ وَيَبْقَى ... بَعْدَ حُلْوِ الْعَيْشِ مرّه [1]
ثم دخل بيته فلم يخرج حتى مات.
وَقَالَ يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، وَلَيْسَ بِثِقَةٍ: سَمِعْتُ
النَّابِغَةَ يَقُولُ: أَنْشَدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:
بَلَغَنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو
فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا [2]
فَقَالَ: «أَيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أَبَا لَيْلَى» ؟ قُلْتُ:
الْجَنَّةُ، قَالَ «أَجَلْ [3] إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، ثُمَّ قُلْتُ:
وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي
صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا
أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا [4]
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَفْضُضِ
اللَّهُ فَاكَ، مَرَّتَيْنِ [5] . قُلْتُ: كَانَ النَّابِغَةُ
يَتَنَقَّلُ فِي الْبِلادِ وَيَمْدَحُ الْكِبَارَ، وَعُمِّرَ دَهْرًا،
وَمَاتَ فِي أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ [6] : اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَدَسِ بْنِ رَبِيعَةَ بن جعدة [7] .
__________
[1] الأبيات بتقديم وتأخير واختلاف ألفاظ في: الأمالي للقالي 2/ 8،
والمرتضى 1/ 266.
[2] البيت في الأغاني 5/ 8، ولسان العرف- مادة: ظهر، والاستيعاب 3/
583، والإصابة 3/ 539، وجمهرة أشعار العرب- طبعة بولاق، والتذكرة
الفخرية 40، وديوان النابغة 68، 69، والشعر والشعراء 1/ 208 وأمالي
المرتضى 1/ 266، وأخبار أصبهان 1/ 74.
[3] في الأغاني: «قل» .
[4] البيتان في: الشعر والشعرا 1/ 208، 209، سمط اللآلي 247، والأغاني
5/ 8، وشرح شواهد المغني 209، والاستيعاب 3/ 584، وأمالي المرتضى 1/
266، والتذكرة الفخرية 41، والزاهر 1/ 274، والإصابة 3/ 539، والديوان
68، 69، وذكر أخبار أصبهان 74، وأسد الغابة 5/ 3، والتذكرة الحمدونية
1/ 263، ورسائل الجاحظ 1/ 364، وأدب الدنيا 249.
[5] قال أبو نعيم: رواه داود بن رشيد، وهاشم بن القاسم الحرّاني، وعروة
العرقي، وأبو بكر الباهلي، كلهم عن يعلى بن الأشدق، وزاد داود بن رشيد:
ولا خير في حلم، البيت، ولم يذكر داود عمر النابغة وسقوط أسنانه.
[6] في: طبقات الشعراء 103.
[7] وانظر الخلاف في نسبه عند المرزباني في معجم الشعراء 321.
(5/259)
رُوِيَ عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ
بْنِ الزبير أنّ نابغة بني جَعْدَةَ لَمَّا أَقْحَمَتِ [1] السَّنَةُ
أَتَى ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ،
فَأَنْشَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ:
حَكَيْتَ لَنَا الصِّدِّيقَ لَمَّا وَلِيتَنَا ... وَعُثْمَانَ
وَالْفَارُوقَ فَارْتَاحَ مُعْدَمُ
وَسَوَّيْتَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْحَقِّ فَاسْتَوَوْا ... فَعَادَ
صَبَاحًا حَالِكُ اللَّيْلِ مُظْلِمُ [2]
فِي أَبْيَاتٍ، فَأَمَرَ لَهُ بِسَبْعِ قَلائِصَ وَرَاحِلَةِ تَمْرٍ
وَبُرٍّ، وَقَالَ لَهُ: لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ، حَقٌّ
لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَحَقٌّ لِشَرِكَتِكَ أَهْلَ الإِسْلامِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [3] .
114- نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ [4] الْحَنَفِيُّ [5] الْحَرُورِيُّ، مِنْ
رُءُوسِ الْخَوَارِجِ، مَالَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْنِ الزُّبَيْرِ
فَقَتَلُوهُ بِالْجِمَارِ.
وَقِيلَ: اخْتَلَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَتَلُوهُ فِي سَنَةِ
تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
115- النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرِ [6] ابْنِ سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ،
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ-، وَيُقَالَ: أبو محمد- الأنصاري
__________
[1] أقحمت: ألقته ورمت به.
[2] البيتان في: الاستيعاب 3/ 587 والأول في: الأغاني 5/ 28.
[3] الحديث في الاستيعاب 3/ 588.
[4] انظر عن (نجدة بن عامر) في:
تاريخ خليفة 253 و 263 و 267، وأنساب الأشراف 1/ 517، وق 4 ج 1/ 318 و
338 و 394 و 395 و 401، وتاريخ اليعقوبي 2/ 263 و 268 و 272، والأخبار
الطوال 307، وتاريخ الطبري 5/ 479 و 497 و 566 و 6/ 107 و 138 و 139 و
174، ومروج الذهب 1737 و 1994 و 2190 و 2258، والفرق بين الفرق 87- 90
والفصل للشهرستاني 1/ 165- 169، ومواقف للشهرستاني 1/ 165- 169، ومواقف
الإيجي 629، ومقالات الإسلاميين للأشعري 1/ 162 وما بعدها، والمواعظ
والاعتبار للمقريزي 2/ 354، والعبر 1/ 74 و 77، والكامل للمبرّد 2/
251، وثمار القلوب 90 و 485، وتاريخ العظيمي 189، والعقد الفريد 2/ 394
و 396 و 398 (وفيه: نجدة بن عاصم) ، والكامل في التاريخ 4/ 102 و 123 و
167 و 201- 206 و 345 و 362 و 487، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/
125 رقم 189، وشذرات الذهب 1/ 74- 76، والمسند للحميدي 1/ 244 رقم 532.
[5] في الأصل «الجعفي» ، والتصحيح من مصادر ترجمته.
[6] انظر عن (النعمان بن بشير) في:
طبقات ابن سعد 6/ 53 و 7/ 322، ومسند أحمد 4/ 267 و 375، وتاريخ خليفة
65
(5/260)
الْخَزْرَجِيُّ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ.
شَهِدَ أَبُوهُ بَدْرًا. وَوُلِدَ النُّعْمَانُ سنة اثْنَتَيْنِ مِنَ
الْهِجْرَةِ، وَحَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَحُمَيْدُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
__________
[ () ] و 252، وطبقات خليفة 94 و 136 و 327، والمعرفة والتاريخ 1/ 381
و 2/ 229 و 446 و 622 و 624 و 3/ 19، والأخبار الطوال 225 و 227 و 229
و 231 و 233 و 263، والعقد الفريد 3/ 66 و 4/ 136 و 259 و 300 و 382 و
394 و 396 و 5/ 321 و 322 و 6/ 29 و 118، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 83
رقم 36، والتاريخ الكبير 8/ 75 رقم 2223، والتاريخ الصغير 58 و 60،
والبرصان والعرجان 21، والأخبار الموفقيات 228 و 258 و 260، وسيرة ابن
هشام 3/ 170، ومشاهير علماء الأمصار 51 رقم 332، والجرح والتعديل 8/
444 رقم 2033، والتاريخ لابن معين 2/ 606، 607، والزهد لابن المبارك
251 و 459 و 475، وتاريخ الطبري 2/ 401 و 4/ 430 و 562 و 5/ 133 و 273
و 315 و 321 و 329 و 338 و 347 و 352 و 355 و 359 و 360 و 462 و 481 و
531 و 535 و 539 و 7/ 244 و 248، وأنساب الأشراف 1/ 244 و 272 و 379 و
580 وق 4 ج 1/ 14، و 138 و 142 و 160 و 161 و 299 و 307 و 308 و 311 و
321 و 352 و 379 و 579، والمعارف 294، وعيون الأخبار 1/ 191 و 321 و 2/
12، وتاريخ الثقات 450 رقم 1693، والثقات لابن حبّان 3/ 409، وأخبار
القضاة لوكيع 2/ 410 و 3/ 42 ز 201، 202، وتاريخ اليعقوبي 2/ 188 و 195
و 234 و 253 و 255 و 256، وفتوح البلدان 156، والمغازي للواقدي 216،
والمحبّر 276 و 294 و 421، ومروج الذهب 1621 و 1623 و 1885 و 1891 و
1968، والكامل في التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 376، وأسد الغابة 5/
32- 34، وتاريخ أبي زرعة 1/ 199 و 659، 660، والأسامي والكنى، للحاكم،
ورقة 1/ 306، 307 أ، والخراج وصناعة الكتاب 297 و 356، وجمهرة أنساب
العرب 364، والاستيعاب 3/ 550- 555، وتاريخ العظيمي 159 و 186 و 187،
وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 129 رقم 194، ووفيات الأعيان 1/ 116،
وتهذيب الكمال 3/ 1414، 1415، وتحفة الأشراف 9/ 15- 32 رقم 552،
والمستدرك 3/ 530، والأغاني 16/ 28- 54، والجمع بين رجال الصحيحين 2/
531، وتاريخ دمشق 17/ 293 ب، ودول الإسلام 1/ 49، والمعين في طبقات
المحدّثين 27 رقم 129، والمغازي من (تاريخ الإسلام) 496، وعهد الخلفاء
الراشدين 341 و 451 و 539 و 547، والكاشف 3/ 181 رقم 5947، وسير أعلام
النبلاء 3/ 411، 412 رقم 66، وتلخيص المستدرك 3/ 530، والبداية
والنهاية 8/ 244، ومرآة الجنان 1/ 140، وربيع الأبرار 4/ 110، وتخليص
الشواهد 431 و 433، وخزانة الأدب 1/ 461، والمزهر 2/ 481، وهمع الهوامع
1/ 148، والدرر اللوامع 1/ 130، وتهذيب التهذيب 10/ 447- 449 رقم 816،
وتقريب التهذيب 2/ 303 رقم 107، والنكت الظراف 9/ 15- 29، والإصابة 3/
559 رقم 8728، وخلاصة تذهيب التهذيب 345، وشذرات الذهب 1/ 72، وقد جمع
شعره: يحيى الجبوري- بغداد 1388 هـ. / 1968 م.
(5/261)
وَأَبُو سَلامِ الأَسْوَدِ، وَسِمَاكُ بْنُ
حَرْبٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَمَوْلاهِ حَبِيبُ [1] بْنُ سَالِمٍ،
وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، وَأَبُو قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ،
وَغَيْرُهُمْ.
وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى مُعَاوِيَةَ فَوَلاهُ الْكُوفَةَ مُدَّةً،
وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ [2] بَعْد فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ،
وَوَلِيَ إِمْرَةَ حِمْصَ مُدَّةً.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ [3] : وُلِدَ عَامَ الْهِجْرَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ
مَوْلُودٍ وُلِدَ لِلأَنْصَارِ.
وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَعْشَى هَمْدَانَ وَفَدَ عَلَى النُّعْمَانِ
وَهُوَ أَمِيرُ حِمْصَ فَقَالَ لَهُ.
مَا أقَدَمَكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتَصِلَنِي، وَتَحْفَظُ، قَرَابَتِي،
وَتَقْضِيَ دَيْنِي، فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا شَيْءٌ،
ثُمَّ قَالَ: هَهْ، كَأنَّهُ ذَكَرَ شَيْئًا، فَقَامَ فَصَعِدَ
الْمِنْبَرَ، فَقَالَ:
يَا أَهْلَ حِمْصَ- وَهُمْ فِي الدِّيُوانِ عِشْرُونَ أَلْفًا- هَذَا
ابْنُ عَمِّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ [4] وَالشَّرَفِ قَدِمَ
عَلَيْكُمْ يَسْتَرْفِدُكُمْ، فَمَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: أَصْلَحَ
اللَّهُ الأَمْيِرَ احْتَكَمَ لَهُ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، قَالُوا:
فَإِنَّا قَدْ حَكَمْنَا لَهُ عَلَى أَنْفُسِنَا مِنْ كُلِّ رَجُلٍ فِي
الْعَطَاءِ بِدِينَارَيْنِ دِينَارَيْنِ، فَعَجَّلَهَا [5] لَهُ مِنْ
بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَبَضَهَا [6] .
حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: كَانَ
النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ وَاللَّهِ مِنْ أَخْطَبَ مَنْ سَمِعْتُ مِنْ
أَهْلِ الدُّنْيَا يَتَكَلَّمُ.
وَرُوِيَ أَنَّ النُّعْمَانَ لَمَّا دَعَا أَهْلَ حِمْصَ إِلَى ابْنِ
الزُّبَيْرِ احْتَزُّوا رَأْسَهُ.
وَقِيلَ: قُتِلَ بِقَرْيَةِ بِيرِينَ [7] ، قَتَلَهُ خَالِدُ بْنُ
خَلِيٍّ بَعْدَ وَقْعَةِ مَرْجِ رَاهِطٍ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ
وَسِتِّينَ.
116- نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيُّ [8]- خ م ن- لَهُ صحبة
ورواية وشهد
__________
[1] الاسم محرّف في نسخة دار الكتب.
[2] أخبار القضاة 3/ 201.
[3] في التاريخ الكبير 8/ 75.
[4] وفي نسخة الأصل «العراق» .
[5] في الأصل «فنعجلها» .
[6] سير أعلام النبلاء 3/ 412.
[7] معجم البلدان.
[8] التاريخ الكبير 8/ 108 رقم 2371، وطبقات خليفة 34، وتاريخ خليفة 60
و 251، ومسند
(5/262)
الْفَتْحَ، وَغَزَا وَحَجَّ مَعَ
الصِّدِّيقِ سَنَةَ تِسْعٍ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُطِيعٍ، وَعِرَاكُ بْنُ
مَالِكٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ
هِشَامٍ، وَنَزَلَ الْمَدِينَةَ فِي بَنِي الدِّيلِ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأُحُدًا
وَالْخَنْدَقَ، وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَنِكَايَةٌ، قَالَ: وَتُوُفِّيَ
فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ [1] .
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ يَزِيدَ.
وَقِيلَ: عَاشَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ فِي
الإِسْلامِ [2] .
وَكَانَ سَلْمَى بْنُ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ جَوَّادًا
مُمَدَّحًا، وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْفَرِيُّ:
يَسُودُ أَقْوَامٌ وَلَيْسُوا بِسَادَةٍ ... بَلِ السيّد المحمود سلمى
بن نوفل [3]
__________
[ () ] أحمد 5/ 429، والمنتخب من ذيل المذيّل 535 و 565، والمغازي
للواقدي 32 و 55 و 95 و 124 و 146 و 202 و 309 و 360 و 470 و 702 و 730
و 731 و 783 و 784 و 786 و 790 و 791 و 937 و 1102، والمعارف 314، 315،
وأنساب الأشراف 1/ 296 و 333، وتاريخ الطبري 3/ 44 و 84 و 421، والجرح
والتعديل 8/ 487، 488 رقم 2231، ومشاهير علماء الأمصار 34 رقم 191،
وسيرة ابن هشام 4/ 135، والاستيعاب 3/ 538، والكامل في التاريخ 2/ 239
و 267 و 4/ 174، وأسد الغابة 5/ 47، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/
134 رقم 202، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 522 و 598، والكاشف 3/ 187
رقم 6001، وتهذيب الكمال 3/ 1428، وتحفة الأشراف 9/ 61- 63 رقم 562،
وتهذيب التهذيب 10/ 492 رقم 884، وتقريب التهذيب 2/ 309 رقم 178،
والنكت الظراف 9/ 62، والإصابة 3/ 578 رقم 8831، وخلاصة تذهيب التهذيب
405.
[1] رواية الواقدي عند الطبري في: المنتخب من ذيل المذيّل 535 أنه توفي
في خلافة يزيد بن معاوية.
[2] المنتخب من ذيل المذيّل 535.
[3] البيت في: المنتخب من ذيل المذيل 535 وفيه:
«نسوّد أقواما» .
(5/263)
[حرف الْهَاءِ]
117- هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ [1]- 4- أَبُو الْحَارِثِ الشِّبَامِيُّ
[2] وَيُقَالُ: الْخَارِفِيُّ [3] الْكُوفِيُّ.
روى عَنْ: عَلِيٍّ، وَطَلْحَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأبو فاختة.
وقال الإمام أحمد: لا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: ضَعِيفٌ [4] .
__________
[1] انظر عن (هبيرة بن مريم) في:
التاريخ لابن معين 2/ 615، وتاريخ الثقات للعجلي 455 رقم 1719، والثقات
لابن حبّان 5/ 511، ومشاهير علماء الأمصار 107 رقم 811، وأخبار القضاة
لوكيع 2/ 195 وفيه (هبيرة بن مريم) ، وتاريخ خليفة 263، وطبقات خليفة
149، والمعرفة والتاريخ 2/ 587 و 114 و 617 و 624 و 797 و 800 و 802،
وطبقات ابن سعد 6/ 170، والكامل في التاريخ 4/ 280 وفيه (هبيرة بن
مريم) ، والجرح والتعديل 9/ 109 رقم 458، والتاريخ الكبير 8/ 241 رقم
2860، والتاريخ الصغير 79، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 143 ب، وتهذيب
الكمال 3/ 1435، والكاشف 3/ 193 رقم 6045، وعهد الخلفاء الراشدين (من
تاريخ الإسلام) 652، وتهذيب التهذيب 11/ 23، 24 رقم 52، وتقريب التهذيب
2/ 315 رقم 51، وخلاصة تذهيب التهذيب 413، والكنى والأسماء للدولابي 1/
1045.
[2] في طبعة القدسي 89 وفي غيره من المصادر «الشيبانيّ» ، وهو تصحيف،
وما أثبتناه هو الصحيح كما في طبقات ابن سعد.
[3] في الأصل «الخارقي» والتصحيح من: اللباب 1/ 235.
[4] زاد المؤلّف- رحمه الله- في:
ميزان الاعتدال: «كان يجهز على قتلى صفّين» . وانظر: الكامل في الضعفاء
لابن عديّ
(5/264)
118- هَمَّامُ بْنُ قَبِيصَةَ [1] بْنِ
مَسْعُودِ بْنِ عُمَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ، أَحَدُ الأَشْرَافِ.
كَانَ مِنْ أَبْطَالِ مُعَاوِيَةَ، كَانَ عَلَى قَيْسِ دِمَشْقَ يَوْمَ
صِفِّينَ، وَكَانَ لَهُ بِدِمَشْقَ دَارٌ صَارَتْ لابْنِ جَوْصَا
الْمُحَدِّثِ، عِنْدَ حَمَّامِ الْجُبْنِ.
قُتِلَ يَوْمَ مَرْجِ رَاهِطٍ. وَلَهُ شِعْرٌ.
119- هِنْدُ بْنُ هِنْدِ [2] بْنِ أَبِي هَالَةَ التَّمِيمِيُّ، سِبْطُ
أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، خَدِيجَةَ رَضِيَ الله عنها.
قُتِلَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ.
وَقِيلَ: مَاتَ فِي الطَّاعُونِ بِالْبَصْرَةِ.
__________
[ () ] 7/ 2593، 2594، وأحوال الرجال للجوزجانيّ 46 رقم 12، والمغني في
الضعفاء 2/ 708 رقم 6734.
[1] انظر عن (همّام بن قبيصة) في:
الأخبار الموفقيّات 509، والأخبار الطوال 172، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/
63 و 64 و 74 و 307 و 308، وتاريخ خليفة 252، وتاريخ أبي زرعة 1/ 234 و
677 و 2/ 685، 686 و 692، وتاريخ الطبري 5/ 397 و 542، ومروج الذهب
1967، وديوان الحماسة للبحتري 309، وجمهرة أنساب العرب 279، ولباب
الآداب 194، ومعجم الشعراء في لسان العرب 437 رقم 1124.
[2] انظر عن (هند بن هند) في:
أنساب الأشراف 1/ 506، وجمهرة أنساب العرب 210 و 493، وتهذيب الأسماء
واللغات ق 1 ج 2/ 141 (في ترجمة أبيه) رقم 219، وأسد الغابة 5/ 73،
وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 536، والإصابة 3/ 612 رقم
9908.
(5/265)
[حرف الْوَاوِ]
120- الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ [1] ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ
الأُمَوِيُّ، وَلاه عَمُّهُ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ
جَوَّادًا حَلِيمًا فِيهِ دِينٌ وَخَيْرٌ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: كَانَ مُعَاوِيَةُ يُوَلِّي على المدينة
مرّة مروان ومرّة
__________
[1] انظر عن (الوليد بن عتبة) في:
سيرة ابن هشام 1/ 155، ونسب قريش 132، 133 و 433، والمحبّر 2 و 21 و 85
و 441، وتاريخ خليفة 224 و 225 و 228 و 229 و 232 و 233 و 235 و 254 و
255، والمعرفة والتاريخ 1/ 200 و 212 و 215 و 240 و 2/ 8 و 346 و 347 و
382 و 383 و 409 و 480 و 786 و 3/ 200، والأخبار الطوال 168 و 175 و
227 و 228، وأنساب الأشراف 1/ 421 و 432 وق 4/ ج 1/ 135 و 159 و 299-
304 و 306 و 307 و 309 و 310 و 318 و 356 و 364 و 613، وتاريخ اليعقوبي
2/ 239 و 253، وأخبار القضاة 1/ 220، وعيون الأخبار 1/ 40 و 2/ 14،
وتاريخ الطبري 5/ 301 و 308 و 309 و 314 و 321 و 338- 340 و 343 و 347
و 399 و 474 و 479 و 481 و 532، ومروج الذهب 1830 و 1934 و 1941 و 3634
و 3635، والبيان والتبيين 1/ 392، والبدء والتاريخ 4/ 238 و 177 و 178،
و 6/ 9، وجمهرة أنساب العرب 111، والعقد الفريد 1/ 66 و 2/ 106 و 4/ 23
و 376، وتاريخ دمشق 17/ 431 ب 433 أ، والكامل في التاريخ 2/ 42 و 125 و
3/ 503 و 514 و 520 و 525 و 4/ 14- 18 و 98 و 100 و 102 و 110 و 130 و
147 و 174، والجرح والتعديل 9/ 12 رقم 54، وسير أعلام النبلاء 3/ 534
رقم 139، والعقد الثمين 7/ 391، وشذرات الذهب 1/ 72، ومعجم بني أمية
191 رقم 392، ولباب الآداب 346، والمحاسن والمساوئ 57- 59.
(5/266)
الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، وَكَذَا وَلاهُ
يَزِيدُ عَلَيْهَا مَرَّتَيْنِ، وَأَقَامَ الْمَوْسِمَ غَيْرَ مَرَّةٍ،
آخِرُهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ الْوَلِيدُ رَجُلَ بَنِي
عُتْبَةَ، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا، تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ فَقَدِمَ
عَلَيْهِ رَسُولُ يَزِيدَ، فَأَخَذَ الْبَيْعَةَ عَلَى الْحُسَيْنِ
وَابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا سِرًّا، فَقَالا:
نُصْبِحُ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنْ خَرَجَا
مِنْ عِنْدَكَ لَمْ نَرَهُمَا، فَنَافَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ،
وَتَغَالَظَا حَتَّى تَوَاثَبَا، وَقَامَ الْوَلِيدُ يُحَجِّزُ
بَيْنَهُمَا، فَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِيَدِ الْحُسَيْنِ وَقَالَ:
امْضِ بِنَا، وَخَرَجَا، وَتَمَثَّلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
لا تَحْسبَنِّي يَا مُسَافِرُ شَحْمَةً ... تَعَجَّلَهَا مِنْ جَانِبِ
الْقِدْرِ جَائِعُ
فَأَقْبَلَ مَرْوَانُ عَلَى الْوَلِيدِ يَلُومُهُ فَقَالَ: إِنِّي
أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ، مَا كُنْتُ لأَسْفِكُ دِمَاءَهُمَا، وَلا
أَقْطَعُ أَرْحَامَهُمَا [1] .
وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ
أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجَادٍ، وَغَيْرِهِمَا قَالُوا:
لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَرَادُوا
الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَأَبَى وَهَلَكَ تِلْكَ
اللَّيَالِي.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ: أَرَادَ أَهْلُ الشَّامِ الْوَلِيدَ
بْنَ عُتْبَةَ عَلَى الْخِلافَةِ، فَطُعِنَ فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِهِ
[2] .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ يَصِحَّ إِنَّهُ قَدِمَ لِلصَّلاةِ عَلَى
مُعَاوِيَةَ فَأَصَابَهُ الطَّاعُونُ فِي صَلاتِهِ عَلَيْهِ، فَلَمْ
يرفع إلّا وهو ميت [3] .
__________
[1] نسب قريش 133.
[2] أي بعد موت معاوية.
[3] تاريخ دمشق 17/ 433 أ.
(5/267)
[حرف الياء]
121- يزيد بن زياد [1] ابن رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَريُّ
الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ. كَانَ أحد الشعراء الإسلاميين، وكان كثير
الهجو والشرّ للنّاس.
__________
[1] انظر عن (يزيد بن زياد) في:
الأخبار الموفقيّات 179، والبرصان والعرجان 118 و 217، وفحول الشعراء
686 و 693، والشعر والشعراء 1/ 276- 280 رقم 48، وأمالي الزجّاجي 229،
وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 303 و 342 و 374- 377 و 399 و 403 و 614،
وتاريخ الطبري 5/ 317، ومروج الذهب 1783، والأغاني 18/ 254- 298،
وأمالي المرتضى 1/ 52 و 440، وجمهرة أنساب العرب 436، وتاريخ دمشق 18/
138 ب، ولباب الآداب 135- 137 و 389، ومعجم الأدباء 20/ 43- 46 رقم 24،
والكامل في التاريخ 3/ 522، ووفيات الأعيان 6/ 342- 362 رقم 821،
والإكليل للهمذاني 2/ 266، والبداية والنهاية 8/ 95 و 314، وسير أعلام
النبلاء 3/ 522، 523 رقم 129، وتخليص الشواهد 150 و 151، وأمالي ابن
الشجري 2/ 170، والمحتسب لابن جني 2/ 94، والإنصاف لابن الأنباري-
تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- مصر 1380 هـ. - ص 717، وشذور الذهب
147، وهمع الهوامع 1/ 14، وشرح الشواهد للعيني 1/ 442 و 3/ 216 و 4/
314، والتصريح للشيخ خالد 1/ 139 و 140 و 281 و 2/ 202، وشرح المفصل
لابن يعيش 2/ 16 و 4/ 33 و 34 و 79، والتذكرة الحمدونية 2/ 114 و 115 و
157 و 297 و 298 و 446، والمستجاد من فعلات الأجواد، للتنوخي- تحقيق
محمد كردعلي- دمشق 1946- ص 93- 98، وخزانة الأدب 2/ 210 و 514،
والحيوان للجاحظ 1/ 146، وقد جمع شعره الدكتور داود سلوم- بغداد 1968،
ولسان العرب 4/ 54 و 19/ 156، والتنبيه والإشراف للمسعوديّ 270، والعقد
الفريد 4/ 404، 6/ 133، والأضداد لابن الأنباري- طبعة ليدن 1881- ص 47،
والحيوان للجاحظ 1/ 67، والبدء والتاريخ 6/ 22.
(5/268)
فَذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ
اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ أَرَادَ قَتْلَ ابْنِ مُفَرِّغٍ لِكَوْنِهِ هَجَا
أَبَاهُ زِيَادًا ونِفَارُهُ مِنْ أَبِي سُفْيَانَ، فَمَنَعَهُ
مُعَاوِيَةُ مِنْ قَتْلِهِ، وَقَالَ: أَدِّبْهُ، فَسَقَاهُ مُسْهِلا،
وَأَرْكَبَهُ عَلَى حِمَارٍ، وَطَوَّفَ بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي
الأَسْوَاقِ عَلَى الْحِمَارِ، فَقَالَ:
يَغْسِلُ الْمَاءُ مَا صَنَعْتَ وَشِعْرِي ... رَاسِخٌ مِنْكَ فِي
الْعِظَامِ الْبَوَالِي [1]
وَقَالَ يُخَاطِبُ مُعَاوِيَةَ:
أَتَغْضَبُ أَنْ يُقَالَ أَبُوكَ حُرٌّ [2] ... وَتَرْضَى أَنْ يُقَالَ
أَبُوكَ زَانِي
فَأَشْهَدُ أَنَّ رَحِمَكَ [3] مِنْ زِيَادٍ ... كَرَحِمِ الْفِيلِ
مِنْ وَلَدِ الأَتَانِ [4]
مَاتَ ابْنُ مُفَرِّغٍ فِي طَاعُونِ الجارف أيام مصعب.
122- يزيد بن معاوية [5] ابن أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ
أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مناف، أبو
__________
[1] البيت، والخبر في: الأغاني 18/ 263، 264 و 267، وأنساب الأشراف ق 4
ج 1/ 375، ووفيات الأعيان 6/ 350، وخزانة الأدب 2/ 215، وديوان ابن
مفرّغ 127، وسير أعلام النبلاء 3/ 522.
والبيت من قصيدة مطلعها:
دار سلمى بالخبت ذي الأطلال ... كيف نوم الأسير في الأغلال
[2] في: الموفقيّات «عفّ» ، وكذا في: الشعر والشعراء، والأغاني، ووفيات
الأعيان، والمختصر لأبي الفداء، وتاريخ ابن الوردي، وأنساب الأشراف.
[3] في: الشعر والشعراء:
«فأشهد أنّ إلّك» .
[4] البيتان في: الأخبار الموفقيّات 179، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 375،
والشعر والشعراء 1/ 279، والحيوان 1/ 146، والديوان 152، وينسبان إلى
عبد الرحمن بن الحكم في:
مروج الذهب 3/ 17، والأغاني 18/ 265 و 271، والمختصر في أخبار البشر 1/
185، وتاريخ ابن الوردي 1/ 168، وفي العقد الفريد نسبا لعبد الرحمن بن
حسّان، وانظر:
الموشّح 273، وخزانة الأدب 2/ 518، ووفيات الأعيان 6/ 350، وبعضهم يقول
إن البيتين لابن قتّة. (انظر: أنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 376) .
[5] انظر عن (يزيد بن معاوية) في:
نسب قريش 57 و 58 و 82 و 83 و 87 و 127- 129 و 133 و 150 و 155 و 178 و
222 و 239 و 244 و 245 و 263 و 268 و 282 و 283 و 313 و 327 و 332 و
360 و 371 و 373
(5/269)
خَالِدٍ الأُمَوِيُّ، وَأُمُّهُ مَيْسُونَ
بِنْتُ بَحْدَلٍ الْكَلْبِيَّةُ.
__________
[ () ] و 390 و 441، تاريخ اليعقوبي 2/ 220 و 221 و 229 و 239- 253 و
258 و 271 و 310، وعيون الأخبار 1/ 95 و 108 و 110 و 186 و 196 و 197 و
202 و 260 و 284 و 2/ 117 و 210 و 211 و 213 و 238 و 249 و 256 و 343 و
3/ 68 و 92 و 97 و 4/ 17، والأخبار الطوال 56 و 125 و 226 و 227 و 231
و 242 و 245 و 260- 264 و 281 و 285، والشعر والشعراء 43 و 279 و 394 و
455 و 543 و 546، وأخبار القضاة 1/ 120 و 123 و 153 و 154 و 296 و 3/
224، والأخبار الموفقيّات 152 و 197 و 227- 229 و 346 و 509 و 564،
وأنساب الأشراف 1/ 442 و 473 و 3/ 79 و 102 و 104 و 298 وق 4 ج 1/ 17 و
21 و 22 و 24 و 26 و 28 و 38 و 41 و 50 و 52 و 54 و 58- 60 و 75 و 77-
79 و 81 و 94 و 100 و 101 و 107 و 109 و 119 و 138 و 139 و 141- 144 و
146 و 156 و 160 و 161 و 224 و 284- 344 و 347 و 348 و 350 و 353- 359
و 368 و 371 و 372 و 374 و 378 و 382 و 384- 386 و 389 و 390 و 395-
397 و 401 و 402 و 410 و 418 و 419 و 441- 443 و 615، والبرصان
والعرجان 65 و 70 و 82 و 123 و 206 و 274 و 330، والمعرفة والتاريخ 3/
324- 326، والمحبّر 20- 22 و 45 و 57 و 99 و 257 و 259 و 373 و 378 و
404 و 478 و 480 و 482 و 490 و 491، وتاريخ خليفة 211 و 213 و 214 و
216- 218 و 223 و 226 و 229 و 231- 233 و 236- 239 و 251- 258 و 261 و
262، وتاريخ أبي زرعة 1/ 188 و 191 و 192 و 226 و 229 و 232 و 306 و
308 و 583 و 596 و 690، وتاريخ الطبري 5/ 302- 305 و 327- 329 و 338-
501 و 503- 507 و 558- 560 وانظر فهرس الأعلام 10/ 458، وفتوح البلدان
54 و 80 و 156 و 182 و 187 و 224 و 253 و 270، والمعارف 188 و 240 و
246 و 260 و 274 و 286 و 298 و 300 و 315 و 345 و 347 و 348 و 350- 452
و 356 و 406 و 426 و 439، والتنبيه والإشراف 262- 265، ومروج الذهب
1882- 1932، وجمهرة أنساب العرب 1137112، والولاة والقضاة 39 و 40 و
310 و 311 و 475، وأمالي القالي 1/ 160 و 161 و 2/ 41 و 71 و 3/ 180
والذيل 117، وأمالي المرتضى 1/ 275 و 277 و 286، والمحاسن والمساوئ 63،
والعقد الفريد (انظر فهرس الأعلام) 7/ 164، والفرج بعد الشدّة 1/ 84 و
169 و 2/ 102 و 103 و 250 و 335 و 338 و 339 و 3/ 209 و 210 و 4/ 285 و
286 و 385 و 390، وربيع الأبرار 1/ 81 و 4/ 74 و 168، وثمار القلوب
648، والخراج وصناعة الكتابة 272 و 273 و 319 و 338 و 345 و 351 و 395
و 402 و 406، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) 69 و 74- 77،
وتاريخ العظيمي 30 و 46 و 88 و 97 و 170 و 180 و 183- 187، ولباب
الآداب 40 و 90 و 108 و 338، ومختصر تاريخ الدول 110، 111، والكامل في
التاريخ (انظر فهرس الأعلام) 13/ 400، ووفيات الأعيان 2/ 415 و 500 و
3/ 195 و 287 و 288 و 438 و 4/ 87 و 354 و 6/ 110 و 275 و 276 و 347-
349 و 353 و 359 و 7/ 355، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 81- 84 و 98
و 109، والمختصر في أخبار البشر 1/ 192، 193، وتاريخ دمشق 18/ 195 أ،
ومنهاج السنّة 2/ 237، والعبر 1/ 69، ودول الإسلام 1/ 47، ومرآة الجنان
1/ 131- 136 و 138 و 139، والبداية والنهاية 8/ 226، وسير أعلام
النبلاء 2/ 35- 40
(5/270)
وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ خَالِدٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ.
بُويِعَ بِعَهْدِ أَبِيهِ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتٍّ
وَعِشْرِينَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ: كَانَ يَزِيدُ كَثِيرَ اللَّحْمِ،
ضَخْمًا، كَثِيرَ الشِّعْرِ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهَرٍ: حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ الْكَلْبِيُّ قَالَ:
تَزَوَّجَ مُعَاوِيَةُ مَيْسَونَ بِنْتَ بَحْدَلٍ، وَطَلَّقَهَا وَهِيَ
حَامِلٌ بِيَزِيدَ، فَرَأَتْ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ قَمَرًا خَرَجَ
مِنْ قِبَلِهَا، فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى أُمِّهَا، فَقَالَتْ:
لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَتَلِدِيَنَّ مَنْ يُبَايَعُ لَهُ
بِالْخِلافَةِ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِينَ غَزَا يَزِيدُ أَرْضَ الرُّومِ وَمَعَهُ أَبُو
أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ [1] .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: حَجَّ بِالنَّاسِ يَزِيدُ سَنَةَ
إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَسَنَةَ اثْنَتَيْنِ، وَسَنَةَ ثَلاثٍ.
وَقَالَ أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ،
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عُقْبَةَ السَّدُوسِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، عُمَرُ
الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، ابْنُ عَفَّانَ
ذُو النُّورَيْنِ قُتِلَ مَظْلُومًا يُؤْتَى كِفْلَيْنِ مِنَ
الرَّحْمَةِ، مُعَاوِيَةُ وَابْنُهُ مَلَكَا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ،
وَالسَّفَّاحُ، وَسَلامٌ، وَمَنْصُورٌ، وَجَابِرٌ وَالْمَهْدِيُّ،
وَالأَمِينُ، وَأَمِيرُ الْعُصَبِ [2] ، كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي كَعْبِ
بْنِ لُؤَيٍّ، كلّهم صالح، لا يوجد مثله [3] .
__________
[ () ] رقم 8، وتهذيب التهذيب 11/ 360، 361 رقم 295 رقم 1050، وتاريخ
ابن الوردي 1/ 171- 175، والقلائد الجوهرية 262، وعهد الخلفاء الراشدين
(من تاريخ الإسلام) 75 و 243 و 313 و 513، والتذكرة الحمدونية 1/ 147 و
366 و 407 و 408 و 420 و 421 و 2/ 34 و 209 و 259 و 265 و 272، وشفاء
الغرام (بتحقيقنا) 1/ 157 و 158 و 195 و 2/ 260- 264 و 266، وتاريخ
الخميس 2/ 300، وتاريخ الخلفاء 205- 210، وشذرات الذهب 1/ 71، ورغبة
الآمل 4/ 83 و 5/ 129، وأخبار الدول 130، 131، والبصائر والذخائر 1/
266، والبيان والتبيين 1/ 301 و 2/ 151، ونثر الدر 5/ 12 وشرح نهج
البلاغة 15/ 96، والأغاني 7/ 120، والكامل للمبرّد 2/ 168 ونهاية الأرب
3/ 205.
[1] تاريخ خليفة 211.
[2] في طبعة القدسي 91 «العضب» .
[3] الخبر منكر لأن عبد الله بن عمرو لم يدرك السّفّاح والخلفاء
العباسيّين.
(5/271)
رَوَى نَحْوَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ
بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ
الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
سِيرِينَ.
وَلَهُ طَرِيقٌ آخَرَ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ. وَقَالَ يَعْلَى بْنُ
عَطَاءٍ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ:
كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِينَ بَعَثَهُ يَزِيدُ إِلَى
ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لابْنِ الزُّبَيْرِ:
تَعْلَمُ: إِنِّي أَجِدُ فِي الْكِتَابِ أَنَّكَ سَتُعَنَّى وتُعَنَّى
وَتَدَّعِي الْخِلافَةَ وَلَسْتَ بِخَلِيفَةَ، وَإِنِّي أَجِدُ
الْخَلِيفَةَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ.
وَرَوَى زَحْرُ بْنُ حِصْنٍ، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ
قَالَ: زُرْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الحسن، فَخَلَوْتُ بِهِ فَقُلْتُ:
يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَرَى مَا النَّاسُ فِيهِ؟ فَقَالَ لِي:
أَفْسَدَ أَمْرَ النَّاسِ اثْنَانِ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ
أَشَارَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ، فَحُمِلَتْ،
وَقَالَ: أَيْنَ الْقُرَّاءُ، فَحَكَمَ الْخَوَارِجُ، فَلا يَزَالُ
هَذَا التَّحْكِيمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ
شُعْبَةَ فَإِنَّهُ كَانَ عَامِلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْكُوفَةِ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ: إِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا
فَأَقْبِلْ مَعْزُولا، فَأَبْطَأَ عَنْهُ، فلما وَرَدَ عَلَيْهِ قَالَ:
مَا أَبْطَأَ بِكَ؟ قَالَ: أَمْرٌ كُنْتُ أُوَطِّئُهُ وَأُهَيِّئُهُ،
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: الْبَيْعَةُ لِيَزِيدَ مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: أَوَ فَعَلْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ، قال: ارجع إلى عَمَلِكَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ لَهُ
أَصْحَابُهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَضَعْتُ رِجْلَ مُعَاوِيَةَ فِي
غَرْزِ غَيٍّ لا يَزَالُ فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ
الْحَسَنُ: فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَايَعَ هَؤُلاءِ لِأَبْنَائِهِمْ،
وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَتْ شُورَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَرَوَى هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ
وَفَدَ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ لَهُ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي
أُمَّةِ مُحَمَّدٍ بِمَنْ تَسْتَخْلِفُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: نَصَحْتَ
وَقُلْتُ بِرَأْيِكَ، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلا ابْنِي
وَأَبْنَاؤُهُمْ، وَابْنِي أَحَقُّ.
وقال أبو بكر بن أبي مريم، عن عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَ
مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: اللَّهمّ إِنْ كُنْتُ إِنَّمَا عَهِدْتُ
لِيَزِيدَ لَمَّا رأيت من فضله، فبلغه ما أملت وأعنه، وَإِنْ كُنْتُ
إِنَّمَا حَمَلَنِي حُبُّ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَأنَّهُ لَيْسَ
لِمَا صَنَعْتُ بِهِ أَهْلا، فَاقْبِضْهُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ السَّعِيدِيُّ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ
بْنُ سُلَيْمَانَ الْخُزَاعِيُّ، عن
(5/272)
أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ
بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَةُ
يُعْطِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ كُلَّ عَامٍ أَلْفَ أَلْفٍ،
فَلَمَّا وَفَدَ عَلَى يَزِيدَ أَعْطَاهُ أَلْفَ أَلْفٍ، فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فأمر له بألفي ألف أُخْرَى،
فَقَالَ لَهُ:
عَبْدُ اللَّهِ: وَاللَّهِ لا أَجْمَعُهُمَا لِأَحَدٍ بَعْدَكَ.
مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، ثنا
عَوْفٌ الأَعْرَابِيُّ، ثنا مُهَاجِرٌ أَبُو مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي
أَبُو الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ أَبُو
الدَّرْدَاءِ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«أَوَّلُ مَنْ يُبَدِّلُ سُنَّتِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ
لَهُ يَزِيدُ» .
أَخْرَجَهُ الرُّويَانِيُّ فِي مُسْنَدِه» عَنْ بُنْدَارٍ، وَرُوِيَ
مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عَوْفٍ، وَلَيْسَ فِيهِ أَبُو مُسْلِمٍ. وَفِي
«مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى» : ثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، ثنا
الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي
عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالْقِسْطِ، حَتَّى
يَكُونَ أَوَّلُ مَنْ يَثْلَمُهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالَ
لَهُ يَزِيدُ [1] . وَرَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ الْغَازِ [2] ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ
الْخَشْنِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ [3] .
لَمْ يَلْقَ مَكْحُولٌ أَبَا ثَعْلَبَةَ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ
وَصَدَّقَةُ السَّمِينُ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ
الْحِزَامِيُّ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ سَمِعَ جُوَيْرِيَةَ تَلْعَبُ
وَتُغَنِّي فِي يَزِيدَ بِقَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ:
لَسْتَ مِنَّا وَلَيْسَ خَالُكَ مِنَّا ... يا مضيع الصّلاة للشهوات
[4]
__________
[1] لسان الميزان 6/ 294.
[2] في الأصل «الغار» . وهو بالزاي، الصيداوي الجرشي. انظر ترجمته
ومصادرها في كتابنا:
«موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان» - ج 5/ 146- 148 رقم 1771.
[3] الحديث مرفوع ومنقطع بين أبي ثعلبة وأبي عبيدة بن الجراح، وهو لا
يصح.
[4] البيت في المعارف 246.
(5/273)
فَدَعَا بِهَا وَقَالَ: لا تَقُولِي
«لَسْتَ مِنَّا» قُولِي «أَنْتَ مِنَّا» .
وَقَالَ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمَّا خَلَعَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَزِيدَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ بَنِيهِ وَأَهْلَهُ،
ثُمَّ تَشَهَّدَ وَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَا
هَذَا الرَّجُلَ عَلَى بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ
الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ: هَذِهِ
غَدْرَةُ [1] فُلانٍ، وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْغَدْرِ أَلا أَنْ
يَكُونَ [2] الإِشْرَاكُ باللَّه أَنْ يُبَايِعَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى
بَيْعِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَنْكُثُ» فَلا يَخْلَعَنَّ أَحَدٌ
مِنْكُمْ يَزِيدَ [3] .
وَزَادَ فِيهِ الْمَدَائِنِيُّ، عَنْ صَخْرٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَشَى
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَأَصْحَابُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَنَفِيَّةِ، فَأَرَادُوهُ عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ، فَأَبَى، وَقَالَ
ابْنُ مُطِيعٍ: إِنَّ يَزِيدَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَتْرُكُ
الصَّلاةَ، وَيَتَعَدَّى حُكْمَ الْكِتَابِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ مِنْهُ مَا تَذْكُرُونَ، وَقَدْ أَقَمْتُ عِنْدَهُ،
فَرَأَيْتُهُ مُوَاظِبًا لِلصَّلاةِ، مُتَحَرِيًّا لِلْخَيْرِ،
يَسْأَلُ عَنِ الْفِقْهِ، قَالَ: كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَنُّعًا لَكَ
وَرِيَاءً [4] .
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: أَنْشَدَنِي عَمِّي لِيَزِيدَ:
آبَ [5] هَذَا الْهَمُّ فَاكْتَنَعَا ... وَأَمَرَ النَّوْمَ
فَامْتَنَعَا
رَاعِيًا لِلنَّجْمِ أَرْقُبُهُ ... فَإِذَا مَا كَوْكَبٌ طَلَعَا
حَامَ حَتَّى إِنَّنِي لأَرَى ... أَنَّهُ بِالْغَوْرِ قَدْ وَقَعَا
وَلَهَا بِالْمَاطِرُونَ [6] إِذَا ... أكل النّمل الّذي جمعا
__________
[1] في الأصل «غارة» .
[2] هكذا في الأصل، وفي مسند أحمد: «الغدر أن لا يكون» .
[3] أخرجه أحمد في المسند 2/ 48 وتتمّته: «ولا يشرفن أحد منكم في هذا
الأمر فيكون صلّى الله عليه وسلّم بيني وبينه» .
[4] البداية والنهاية 8/ 233.
[5] في الكامل للمبرّد «طال» .
[6] الماطرون: بكسر الطاء. موضع بالشام قرب دمشق. (معجم البلدان 5/ 42)
ذكره الشاعر ابن منير الطرابلسي في شعره. انظر ديوانه من جمعنا- ص 174
طبعة دار الجيل، بيروت 1986.
(5/274)
نَزْهَةٌ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ ...
نَزَلَتْ مِنْ جِلَّقٍ بِيَعَا [1]
فِي قِبَابٍ وَسْطَ دَسْكَرةٍ [2] ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ
يَنَعَا [3]
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ
الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غُنْيَةٍ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ
قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ رَجُلٌ
يَزِيدَ فَقَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ
مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: تَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! وَأَمَرَ بِهِ
فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَغَيْرُهُ: مَاتَ يَزِيدُ فِي
نِصْفِ رَبِيعِ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
123- يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ [4] وَالِدُ الْحَجَّاجِ.
قَدِمَ مِنَ الطَّائِفِ إِلَى الشَّامِ، وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ وَإِلَى
الْمَدِينَةِ.
لَهُ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقِيلَ:
عَنِ ابْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
وَكَانَ مَعَ مَرْوَانَ. وَتُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعٍ وستّين.
__________
[1] في الكامل للمبرّد:
«خرفة حتى إذا ريعت ... سكنت من جلّق بيعا»
وفي أنساب الأشراف:
«منزل حتى إذا ارتبعت ... سكنت من جلّق بيعا»
[2] في الكامل: «حول دسكرة» . وفي أنساب الأشراف:
«في جنان ثمّ مؤنقة» .
[3] الأبيات في: الكامل للمبرّد 1/ 384، وقال إنها تنسب أيضا للأحوص،
وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 288، ومعجم البلدان 5/ 42، والبداية والنهاية
8/ 234، وشرح الشواهد للعيني 1/ 149، وخزانة الأدب 3/ 278، 279، ولسان
العرب 5/ 371 و 10/ 297، وتاج العروس 3/ 546.
[4] انظر عن (يوسف بن الحكم) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 256، وتاريخ الثقات للعجلي 485 رقم 1875، والتاريخ
الكبير 8/ 376 رقم 3383، والمعرفة والتاريخ 1/ 401، وتاريخ الطبري 5/
612، والجرح والتعديل 9/ 220 رقم 919، والمعارف 395، 396، والكامل في
التاريخ 4/ 191، والكاشف 3/ 260 رقم 6547، وتهذيب الكمال 3/ 1558،
وتهذيب التهذيب 11/ 410 رقم 800، وتقريب التهذيب 2/ 380 رقم 428،
وخلاصة تذهيب التهذيب 438.
(5/275)
[الكنى]
124- أبو الأسود الدّؤليّ [1] ع ويقال: الدّيلي [2] ، قَاضِي
الْبَصْرَةِ، اسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى الأشهر [3] .
__________
[1] انظر عن (أبي الأسود الدؤلي) في:
التاريخ لابن معين 2/ 692، والبرصان والعرجان 122 و 279، والمعرفة
والتاريخ 2/ 149 و 3/ 69 و 200، وتاريخ الثقات 238 رقم 733، وطبقات
خليفة 191، وتاريخ خليفة 200 و 202، وتاريخ اليعقوبي 2/ 205، والشعر
والشعراء 2/ 615، 616 و 623، ومعجم الشعراء للمرزباني 240، وسرح العيون
191، وأخبار النحويين البصريين 13، وإنباه الرواة 1/ 12- 23، وسمط
اللآلي 66 و 642، وطبقات الزبيدي 5، ونزهة الألباء 1- 8، ومراتب
النحويين 11، والأخبار الطوال 166 و 205، وعيون الأخبار 1/ 300 و 332 و
2/ 25 و 31 و 121 و 158 و 164 و 165، و 3/ 68 و 228 و 4/ 19 و 50 و
122، والمعارف 6 د و 115 و 434 و 435 و 498 و 586، وتاريخ أبي زرعة 1/
481، وسيرة ابن هشام 1/ 161، وأنساب الأشراف 3/ 27 وق 4 ج 1/ 26 و 35 و
109 و 194 و 214 و 231 و 390 و 400، والمحبّر 235، وطبقات ابن سعد 7/
99، وتاريخ الطبري 4/ 461 و 462 و 466 و 5/ 76 و 79 و 93 و 136 و 141 و
150 و 155، وجمهرة أنساب العرب 185، ومروج الذهب 1738 و 1921 و 2681،
والهفوات النادرة 397، والأمالي للقالي 2/ 12 و 202 والذيل 44 و 111،
والعقد الفريد 1/ 239 و 2/ 214 و 485 و 490 و 3/ 49 و 4/ 346 و 349 و
354 و 6/ 185 و 193 و 195 و 196 و 199، وأمالي المرتضى 1/ 292- 294 و
384، 385، ومشاهير علماء الأمصار 94 رقم 694، وبدائع البدائه 88،
والزاهر 1/ 283 و 335 و 349 و 455 و 492 و 519 و 602، وثمار القلوب
484، والفرج بعد الشدّة 4/ 46، ولباب الآداب 22 و 26 و 286 و 384 و 404
و 405، والكامل في التاريخ 3/ 211 و 338 و 386 و 395 و 398
[2] انظر حول هذه النسبة في: المثلث لابن البطليوسي 2/ 11- 13،
والاقتضاب في شرح أدب الكتاب لابن البطليوسي أيضا، نشرة عبد الله
البستاني- المطبعة الأدبية 1901- ص 226، وأدب الكاتب لابن قتيبة 474،
والصحاح للجوهري 4/ 1700، ولسان العرب 13/ 270 (مادّة: ديل) ، واللباب
1/ 429، والاشتقاق 347، وجمهرة أنساب العرب 312، وتاج العروس 7/ 327
(مادة: دول) ، وإصلاح المنطق لابن السّكّيت 165 حيث قيّد أبا الأسود
الدؤليّ مفتوحة مهموزة: وعنه في: تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري-
تحقيق جماعة من الأساتذة- طبعة الهيئة المصرية- العامة للكتاب، القاهرة
1964- 1975- ج 14/ 174، وتاريخ دمشق 8/ 300 ب.
[3] راجع الخلاف حول اسمه في:
طبقات ابن سعد 7/ 99، وطبقات خليفة 191، والتاريخ الكبير 6/ 334، ومعجم
الأدباء 2/ 34، واللباب 1/ 429، 430، وإنباه الرواة 1/ 3، والمزهر 2/
263، وبغية الوعاة 2/ 22.
(5/276)
رَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ
بْنِ كَعْبٍ، وابن مسعود، وأبي ذرّ، وَالزُّبَيْرِ.
قال الداني: وقرأ القرآن على: عثمان، وعليّ.
قرأ عليه: ابنه أبو حرب، ونصر بن عاصم، وحمران بن أعين، ويحيى بن يعمر.
روى عنه: ابنه أبو حرب، ويحيى بن يعمر، وعبد الله بن بريدة، وعمر مولى
غفرة [1] .
__________
[ () ] و 4/ 305 و 548 و 5/ 376، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 175،
176 رقم 277، ومختصر التاريخ 78، ومرآة الجنان 1/ 144، ووفيات الأعيان
2/ 535- 538، والتاريخ الكبير 6/ 334 رقم 2563، والجرح والتعديل 4/ 503
رقم 2214، والأغاني 12/ 297- 334، والفهرست 39، وتاريخ دمشق 8/ 303 أ،
ومعجم الأدباء 12/ 34- 38 رقم 14، وأسد الغابة 3/ 69، وتهذيب الكمال 2/
632 و 3/ 1580، والعبر 1/ 77، وسير أعلام النبلاء 4/ 81- 86 رقم 28،
وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 622، والكاشف 3/ 271 رقم 17،
والأسامي والكنى، للحاكم، ورقة 39 ب، والكنى والأسماء للدولابي 1/ 107،
وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 104، والبداية والنهاية 8/ 312، وغاية النهاية 1/
345، 346 رقم 1493، وجامع التحصيل 246 رقم 316، والإصابة 2/ 241، 242
رقم 4329 و 2/ 243 رقم 4333، وتهذيب التهذيب 12/ 10، 11 رقم 52، وتقريب
التهذيب 2/ 391 رقم 52، وتخليص الشواهد 92 و 360 و 489، وتهذيب اللغة
15/ 362، وهمع الهوامع 2/ 32، والدرر اللوامع 2/ 32، وديوان أبي
الأسود- تحقيق عبد الكريم الدجيلي- بغداد 1372 هـ. / 1954، وخزانة
الأدب 1/ 136، والتذكرة الحمدونية 2/ 281 و 82 و 313 و 315 و 328 و 329
و 336، والكامل للمبرّد 2/ 171، وفصل المقال 367، ومحاضرات الأدباء 2/
546، وعين الأدب والسياسة 64، ونور القبس 146، والمستطرف 1/ 171،
والبخلاء للخطيب البغدادي 151، والمحاسن والمساوئ 252، وحياة الحيوان
للدميري 1/ 395، والشريشي 5/ 249، والنجوم الزاهرة 1/ 184، وبغية
الوعاة 2/ 22، وخلاصة تذهيب التهذيب 443 والتذكرة السعدية 137 و 222،
والمثلّث 2/ 12 و 285، والاشتقاق 175 و 325، ولسان العرب 13/ 270،
وإصلاح المنطق لابن السّكّيت 165، وأدب الكاتب لابن قتيبة- تحقيق محمد
محيي الدين عبد الحميد- طبعة السعادة بمصر- ص 474، والصحاح لإسماعيل
الجوهري- تحقيق أحمد عبد الغفور عطار- القاهرة 1956- ج 4/ 1700 مادة
(دول) ، وتحسين القبيح 51، والتمثيل والمحاضرة 442، وزهر الآداب 832.
[1] في طبعة القدسي 3/ 94 «عفرة» .
(5/277)
قال أحمد العجلي [1] : ثقة، وهو أول من
تكلم في النحو.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: قَاتَلَ يَوْمَ الْجَمَلِ مَعَ عَلِيٍّ، وَكَانَ
مِنْ وُجُوهِ شِيعَتِهِ، وَمِنْ أَكْمَلَهُمْ رَأْيًا وَعَقْلا. وَقَدْ
أَمَرَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِوَضْعِ النَّحْوِ، فَلَمَّا
أَرَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ مَا وَضَعَ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا
النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ، وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْوًا.
وَقِيلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
زِيَادٍ.
وَذَكَرَ ابْنُ دَأْبٍ أَنَّ أَبَا الأْسَوَدِ وَفَدَ عَلَى
مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَأَدْنَى
مَجْلِسَهُ وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
وَمَا طَلَبُ الْمَعِيشَةِ بِالتَّمَنِّي ... وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ
في الدّلاء
نجيء بِمِلْئِهَا طَوْرًا وَطَوْرًا ... تَجِيءُ بِحِمْأَةٍ [2]
وَقَلِيلِ مَاءٍ [3]
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ [4] : أَبُو الأَسْوَدِ أَوَّلُ مَنْ
وَضَعَ بَابَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَالْمُضَافَ، وَحَرْفَ
الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ وَالْجَزْمِ، فَأَخَذَ عَنْهُ ذَلِكَ
يحيى بن يعمر.
وقال أبو عبيدة ابن الْمُثَنَّى: أَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ الْعَرَبِيَّةَ
أَبُو الأَسْوَدِ، فَسَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ 9: 3 [5] فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ
أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا، فَقَالَ لِزِيَادِ الأَمِيرِ:
ابْغِنِي كَاتِبًا لَقِنًا، فَأَتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو
الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتَ فَمِي بِالْحَرْفِ
فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاهُ، وَإِذَا رَأَيْتَنِي ضَمَمْتُ فَمِي
فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الْحَرْفِ، وَإِنْ كَسَرْتُ
فَانْقُطْ تَحْتَ الْحَرْفِ، فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
غُنَّةً فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ. فَهِذِهِ نقط أبي
الأسود [6] .
__________
[1] في تاريخ الثقات 238.
[2] الحمأة: الطين الأسود المنتن.
[3] البيتان في: الأغاني 12/ 330، ومعجم الأدباء 12/ 36 من أبيات أخرى.
[4] في طبقات الشعراء 12.
[5] أي بكسر اللام بدل ضمّها. (سورة التوبة- الآية 3) .
[6] صبح الأعشى 3/ 160.
(5/278)
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ [1] ثنا
الْمَازِنِيُّ قَالَ: السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبَّوَابُ
النَّحْوِ، أَنَّ ابْنَةَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ: مَا أَشَدُّ
الْحَرِّ؟ قَالَ: الْحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ، قَالَتْ:
إِنَّمَا تَعَجَّبْتُ مِنْ شِدَّتِهِ، فَقَالَ: أوَ قَدْ لَحَنَ
النّاسُ! فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ الرُّضْوَانُ،
فَأَعْطَاهُ أُصُولا بَنَى مِنْهَا، وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمَصَاحِفَ. وأخذ عنه النَّحْوِ
عَنْبَسَةُ الْفِيلِ، وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ مَيْمُونٌ الأَقْرَنُ،
ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُونٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
الْحَضْرِميُّ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ:
عِيسَى بْنُ عُمَرَ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيسَى الْخَلِيلُ، وَأَخَذَهُ
عَنِ الْخَلِيلِ: سِيبَوَيْهِ، وَأَخَذَهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ: سَعِيدُ
بْنُ مَسْعَدَةَ الأَخْفَشُ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سَلْمٍ
الْبَاهِلِيُّ: ثنا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقًا، فَقُلْتُ فِيمَ
تُفَكِّرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُمْ
لَحْنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَابًا فِي أُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ،
فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا أَحْيَيْتَنَا، فَأَتَيْتُهُ بَعْد
أَيَّامٍ، فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيفَةٍ فِيهَا: الْكَلامُ كُلُّهُ:
اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ مَا أَنْبَأَ عَنِ الْمُسَمَّى،
وَالْفِعْلُ مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ الْمُسَمَّى، وَالْحَرْفُ مَا
أَنْبَأَ عَنْ مَعْنًى لَيْسَ بِاسْمٍ وَلا فِعْلٍ. ثُمَّ قَالَ:
تَتَبَّعْهُ وَزِدْ فِيهِ مَا وَقَعَ لَكَ، فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ،
ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ [2] : ثنا
حَيَّانُ بْنُ بِشْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ،
عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى زِيَادٍ فَقَالَ:
أَرَى الْعَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ الْعَجَمَ، فَتَغَيَّرَتْ
أَلْسِنَتُهُمْ، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَصْنَعَ لِلْعَرَبِ كَلامًا
يُقِيمُونَ بِهِ كَلامَهُمْ؟ قَالَ: لا، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ
فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ
بَنُونٌ، فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ، فَقَالَ: ضَعْ
لِلنَّاسِ الَّذِي نَهَيْتُكَ عَنْهُ أَنْ تَضَعَ لَهُمْ.
قَالَ الْجَاحِظُ [3] : أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ
النَّاسِ، كَانَ معدودا في
__________
[1] قوله في: الأغاني 12/ 298، وطبقات النحويين 21.
[2] في الأصل «شيبة» .
[3] انظر: البيان والتبيين 1/ 324، والأغاني 2 پ/ 99، ومعجم الأدباء
12/ 34، وبغية الوعاة 2/ 22، وخزانة الأدب 1/ 136.
(5/279)
الْفُقَهَاءِ، وَالشُّعَرَاءِ،
وَالْمُحَدِّثِينَ، وَالأَشَّرَافِ، وَالْفُرْسَانِ، وَالأُمَرَاءِ،
وَالزُّهَّادِ،.
وَالنُّحَاةِ، وَالْحَاضِرِي الْجَوَابِ، وَالشِّيعَةِ، وَالْبُخَلاءِ،
وَالصُّلَعِ الأَشَّرَافِ.
تُوُفِّيَ فِي طَاعُونِ الْجَارِفِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، وله خمس
وثمانون سنة وقيل: قبل ذَلِكَ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ
تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
125- أَبُو بَشِيرٍ الأنصاري [1]- خ م د- السَّاعِدِيُّ، وَقِيلَ:
الْمَازِنِيُّ، اسْمُهُ: قَيْسٍ الأَكْبَرُ بْنُ عبيد.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، وَضَمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ،
وَسَعِيدُ بْنُ نَافِعٍ.
لَهُ حَدِيثُ: «لا تَبْقَى فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلادَةٌ إِلا
قُطِعَتْ» [2] ، وَحَدِيثَانِ آخَرَانِ. وَقَدْ جُرِحَ يَوْمَ
الْحَرَّةِ جِرَاحَاتٍ.
126- أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ [3] الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ،
الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«ائْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جهم،
__________
[1] انظر عن (أبي بشير الأنصاري) في:
مسند أحمد 5/ 216، وطبقات ابن سعد 6/ 236، والتاريخ الكبير 9/ 15 رقم
107، والمغازي للواقدي 235 و 244 و 877 و 1085، والجرح والتعديل 9/ 347
رقم 1555، وتاريخ خليفة 251، وطبقات خليفة 105، والاستيعاب 4/ 24،
والكنى والأسماء 1/ 17، 18، وتهذيب الكمال 3/ 1580، وتحفة الأشراف 9/
29. رقم 603، وأسد الغابة 5/ 148، والكاشف 3/ 274 رقم 37، والإصابة 4/
20، 21 رقم 131، وتهذيب التهذيب 12/ 21، 22 رقم 109، وتقريب التهذيب 2/
395 رقم 21، وخلاصة تذهيب التهذيب 444.
[2] أخرجه البخاري في الجهاد 4/ 18 باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق
الإبل، ومسلم في اللباس (105/ 2115) باب كراهة قلادة الوتر في رقبة
البعير، وأبو داود في الجهاد (2552) باب في تقليد الخيل بالأوتار،
ومالك في الموطّأ، كتاب صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، باب ما جاء
في نزع المعاليق والجرس من العين- ص 670 رقم 1700، وأحمد في المسند 5/
216.
[3] انظر عن (أبي جهم بن حذيفة) في:
طبقات ابن سعد 5/ 451، والسيرة النبويّة 1/ 172 و 199، و 3/ 273، و 4/
134، والبرصان والعرجان 98، وتاريخ خليفة 227، والمغازي للواقدي 513 و
633، والمحبّر 298 و 474، والزهد لابن المبارك 185، والتاريخ لابن معين
2/ 700، والأخبار الطوال 198، وعيون
(5/280)
وَاذْهَبُوا بِهَذِهِ الْخَمِيصَةِ
إِلَيْهِ» [1] ، وَكَانَ لَهَا أَعْلامٌ.
وَاسْمُهُ عُبَيْدٌ، وَهُوَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ، أُحْضِرَ فِي
تَحْكِيمِ الْخَصْمَيْنِ، وَكَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ، وَقَدْ
بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا،
وَكَانَ مُعَمَّرًا، بَنَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعَهُمُ الْكَعْبَةَ،
ثُمَّ بَقِيَ حَتَّى بَنَى فِيهَا مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ
أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] ابْتَنَى أَبُو جَهْمٍ بِالْمَدِينَةِ دَارًا
وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ أَخَافَهُ وَأَشْرَفَ
عَلَيْهِ حَتَّى كَفَّ مِنْ غَرْبِ لِسَانِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ
عُمَرُ سُرَّ بِمَوْتِهِ، وَجَعَلَ يَوْمَئِذٍ يَحْتَبِشُ فِي
بَيْتِهِ، يَعْنِي يَقْفِزُ عَلَى رِجْلَيْهِ.
وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ: طَلَّقَنِي زَوْجِي الْبَتَّةَ،
فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ أَبْتَغِي النَّفَقَةَ، فَقَالَ: رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ،
وَعَلَيْكِ الْعِدَّةٌ، انْتَقِلِي إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ وَلا
تُفَوِّتِينِي بِنَفْسِكِ» ثُمَّ قَالَ: «أُمُّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ
عَلَيْهَا إِخْوَتُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ
ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» . فَلَمَّا حَلَلْتُ خَطَبَنِي مُعَاوِيَةُ
وَأَبُو جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَعَائِلٌ لا شيء له،
وأمّا أبو جهم فإنّه ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ، أَيْنَ أَنْتُمْ عَنْ
أُسَامَةَ» ، فَكَأَنَّ أهلها كرهوا ذلك، فنكحته [3] .
__________
[ () ] الأخبار 1/ 283، وأنساب الأشراف 1/ 57، وق 4 ج 1/ 21 و 55 و 67
و 551 و 575 و 577- 578 و 593، وتاريخ الطبري 4/ 198 و 359 و 413 و 5/
67، والعقد الفريد 4/ 286، وجمهرة أنساب العرب 5 و 156، والاستيعاب 4/
32، 33، وأسد الغابة 5/ 162، 163، والكامل في التاريخ 2/ 206 و 3/ 53 و
162 و 180 و 330 و 4/ 45، والأسامي والكنى للحاكم، ورقة 108 ب، وتهذيب
الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 206 رقم 314، والمغازي من تاريخ الإسلام 512،
وعهد الخلفاء الراشدين 460 و 481، وشفاء الغرام 1/ 567 و 1/ 9 و 11- 13
و 32 والتذكرة الحمدونية 2/ 268 و 383، وربيع الأبرار 1/ 476، 477،
والمستجاد 153، وشرح نهج البلاغة 17/ 9، ومطالع البدور 1/ 16، وحياة
الحيوان للدميري 1/ 395، والإصابة 4/ 35، 36 رقم 207.
[1] أخرجه البخاري في الصلاة 1/ 99 باب إذا صلّى في ثوب له أعلام ونظر
إلى علمها، وأبو داود في اللباس (4052) باب من كره لبس الحرير.
[2] في الطبقات 5/ 451.
[3] أخرج نحوه ابن ماجة في النكاح (1869) باب لا يخطب الرجل على خطبة
أخيه، وأحمد في المسند 6/ 412.
(5/281)
وَقَدْ شَهِدَ أَبُو جَهْمٍ الْيَرْمُوكِ،
وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يَرْوِ شَيْئًا مَعَ
أَنَّهُ تَأَخَّرَ.
وَحَكَى سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ أَنَّ أَبَا جَهْمِ بْنَ
حُذَيْفَةَ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى
السَّرِيرِ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ فِيكَ كَمَا
قَالَ عَبْدُ الْمَسِيحِ:
نَمِيلُ عَلَى جَوَانِبِهِ كَأَنَّا ... نَمِيلُ إِذَا نَمِيلُ على
أبينا [1] .
نقلّبه لنخبر حالتيه ... فنخبر منهما كَرَمًا وَلِينًا [2] .
فَأَعْطَاهُ مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ.
وَرَوَى الأَصْمَعِيُّ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَفَدَ أَبُو
جَهْمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَكْرَمَهُ وَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ،
وَاعْتَذَرَ فَلَمْ يَرْضَ بِهَا، فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ وَفَدَ
عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ أَلْفًا، فَقُلْتُ: غُلامٌ نَشَأَ فِي
غَيْرِ بَلَدِهِ، وَمَعَ هَذَا فَابْنُ كَلْبِيَّةٍ، فَأَيُّ خَيْرٍ
يُرْجَى مِنْهُ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَتَيْتُهُ
وَافِدًا، فَقَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا مُؤَنًا وَحِمَالاتٍ، وَلَمْ
أَجْهَلْ حَقَّكَ، فَإِنِّي غَيْرُ مُخَيِّبِ سَفَرَكَ، هَذِهِ أَلْفُ
دِرْهَمٍ فَاسْتَعِنْ بِهَا، فَقُلْتُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمْرِكَ يَا
أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لَمْ تَقُلْ هَذَا لِمُعَاوِيَةَ
وَابْنِهِ، وَقَدْ نِلْتَ مِنْهُمَا مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا،
قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قُلْتُ هَذَا، وَخِفْتُ إِنْ
أَنْتَ هَلَكْتَ أَنْ لا يَلِي أَمْرَ النَّاسِ بَعْدَكَ إِلا
الْخَنَازِيرُ.
127- أمَّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ [3] هندَ بنتَ أَبِي أُمَيّة
بْن المُغِيرة بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْر بْن مخزوم المخزوميّة
__________
[1] في عيون الأخبار 1/ 284:
«إذا ملنا نميل على أبينا» .
[2] البيتان لعبد المسيح في ابن عبد كلال، وهما في:
عيون الأخبار 1/ 284، وأمالي القالي 1/ 237، والعقد الفريد 1/ 52
بتقديم وتأخير.
[3] انظر عن (أمّ سلمة) في:
طبقات ابن سعد 8/ 86- 96، والتاريخ الصغير 32، والمحبّر 83 و 84 و 92 و
98- 100 و 102 و 107 و 177 و 274 و 289 و 449، والمغازي للواقدي (انظر
فهرس الأعلام) 1179، وسيرة ابن هشام 1/ 21 و 185 و 354 و 360 و 2/ 20 و
110 و 138 و 3/ 314 و 4/ 291 و 292 و 296، وتاريخ اليعقوبي 2/ 84 و 180
و 197 و 245، والمعرفة والتاريخ 1/ 215 و 246 و 271 و 365 و 416 و 510
و 680 و 2/ 107 و 204 و 273 و 274، والعقد الفريد
(5/282)
بِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ، وَبِنْتُ عَمِّ
خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.
بَنَى بِهَا النَّبِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاثٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَتْ
قَبْلَهُ عِنْدَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الأَسَدِ، وَهُوَ أَخُو النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنَ الرَّضَاعَةِ.
رَوَتْ عِدَّةَ أَحَادِيثَ.
رَوَى عَنْهَا: الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ،
وَأَبُو وَائِلٍ شَقِيقٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ
السَّمَّانُ، وَشَهْرُ بْنُ حوشب، ومجاهد، ونافع بن
__________
[ () ] 3/ 222 و 224 و 4/ 316 و 317 و 4/ 341 و 342 و 366 و 383 و 6/
105، ونسب قريش 329، وأنساب الأشراف (انظر فهرس الأعلام) 1/ 618 و 3/
311، 312، و 4 ق 1/ 129 و 274 و 328 و 538 و 583 و 584، والأخبار
الطوال 265، والتاريخ لابن معين 2/ 740، والزهد لابن المبارك 38 و 421
و 563، وفتوح البلدان 551 و 581، والمعارف 128 و 136 و 137 و 146، و
440 و 460 و 528، وعيون الأخبار 1/ 316، ومسند بقيّ بن مخلد 81 رقم 12،
ومروج الذهب 1489، والبدء والتاريخ 4/ 200 و 5/ 11 و 14 و 6/ 6،
والبرصان والعرجان 80 و 114، وجمهرة أنساب العرب 119 و 137 و 144 و
146، وربيع الأبرار 4/ 196، وطبقات خليفة 334، وتاريخ العظيمي 81 و 160
و 184، تهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 361، 362 رقم 769، وأخبار
القضاة 1/ 31 و 45 و 149 و 252، وتاريخ أبي زرعة 1/ 431 و 491، 492 و
495، والجرح والتعديل 9/ 464 رقم 2375، وتاريخ الطبري 2/ 271 و 330 و
561 و 585 و 637 و 3/ 42 و 50 و 83 و 164 و 171 و 175 و 195 و 330 و 4/
447 و 451 و 5/ 139، ومسند أحمد 6/ 288، والاستيعاب 4/ 454، 455، وتحفة
الأشراف 13/ 3- 67 رقم 922، وتهذيب الكمال 1698، والمستدرك 4/ 16- 19،
وأسد الغابة 5/ 588، 589، والكامل في التاريخ 2/ 76 و 88 و 176 و 205 و
243 و 254 و 306 و 308 و 312 و 378 و 3/ 54 و 383 و 4/ 5 و 4/ 93 و
525، ومختصر التاريخ 26 و 49 و 51 و 53، ومرآة الجنان 1/ 137، ودول
الإسلام 1/ 46، والكاشف 3/ 436 رقم 146، والسيرة النبويّة (من تاريخ
الإسلام) 184 و 190 و 192 و 271 و 391 و 424 و 470 و 489 و 500 و 557 و
567 و 593، والمغازي (انظر فهرس الأعلام) 805، والخلفاء الراشدون 43 و
44 و 55 و 394 و 465، وسير أعلام النبلاء 2/ 201- 210 رقم 20، والعبر
1/ 65، ومجمع الزوائد 9/ 245، والبداية والنهاية 8/ 214، والمعين في
طبقات المحدّثين 30 رقم 177، ووفيات الأعيان 2/ 69 و 399 و 5/ 368 و 6/
275، والهفوات النادرة 102 و 105، والزيارات 14، والوفيات لابن قنفذ 36
رقم 60، وذيل المذيل 71، وشفاء الغرام 1/ 307 و 310 و 2/ 118 و 119 و
133، والنكت الظراف 13/ 4- 65، والإصابة 4/ 458- 460 رقم 1309، وتهذيب
التهذيب 2/ 55 ط- 457، وتقريب التهذيب 2/ 617 رقم 2، وخلاصة تذهيب
التهذيب 496، وكنز العمال 13/ 699، وشذرات الذهب 1/ 69.
(5/283)
جُبَيْرٍ بْنِ مُطْعِمٍ، وَنَافِعٌ
مَوْلاهَا، وَنَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ،
وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ، وَطَالَ عُمْرُهَا، وَعَاشَتْ
تِسْعِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَهِيَ آخِرُ أُمَّهَاتِ
الْمُؤْمِنِينَ وَفَاةً، وَقَدْ حَزِنَتْ عَلَى الْحُسَيْنِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ وَبَكَتْ عَلَيْهِ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ
فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ
غَلَطٌ، لِأَنَّ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» [1] أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ
صَفْوَانَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي خِلافَةِ يَزِيدَ.
وَأَبُوهَا أَبُو أُمَيَّةَ يُقَالُ: اسْمُهُ حُذَيْفَةُ وَيُلَقَّبُ
بِزَادِ الرَّاكِبِ، وَكَانَ أَحَدَ الأَجْوَادِ، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ
اسْمَهَا رَمْلَةَ.
وَرَوَى عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ إن
أُمَّ سَلَمَةَ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ
زَيْدٍ، وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ
بِالْبَقِيعِ [2] . وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سَعِيدًا وَأَبَا
هُرَيْرَةَ تُوُفِّيَا قَبْلَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي
الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ
قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ حَزِنْتُ حُزْنًا شَدِيدًا- لَمَّا ذَكَرُوا
لَهَا مِنْ جَمَالِهَا- فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى رَأَيْتُهَا وَاللَّهِ
أَضْعَافَ مَا وُصِفَتْ لِي فِي الْحُسْنِ وَالْجَمَالِ، فَذَكَرْتُ
ذَلِكَ لِحَفْصَةَ- وَكَانَتَا يَدًا وَاحِدَةً- فَقَالَتْ: لا
وَاللَّهِ إِنَّهَا الْغَيْرَةُ وَمَا هِيَ كَمَا تَقُولِينَ إِنَّهَا
لَجَمِيلَةٌ، فَرَأَيْتُهَا بَعْدُ فَكَانَتْ كَمَا قَالَتْ حَفْصَةُ،
ولكنّ كنت غيري [3] .
__________
[1] في الفتن وأشراط الساعة، رقم (2882) باب الخسف بالجيش الّذي يؤم
البيت. من طريق عبيد الله بن القبطية، قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة
وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين، فسألاها عن
الجيش الّذي يخسف به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير، فقالت: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يعوذ عائذ
بالبيت، فيبعث إليه بعث، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم» ، فقلت:
يا رسول الله، فكيف بمن كان كارها؟ قال: «يخسف به معهم» ، ولكنه يبعث
يوم القيامة على نيّته» .
[2] طبقات ابن سعد 8/ 96.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 94.
(5/284)
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ خَالِد الزَّنْجِيُّ،
عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ
قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: «إِنِّي قَدْ أهديت إلى
النّجاشيّ أواق مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً، وَإِنِّي أَرَاهُ قَدْ مَاتَ،
وَلا أَرَى الْهَدِيَّةَ إِلا سَتُرَدُّ، فَإِذَا رُدَّتْ فَهِيَ لَكِ»
. قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَأَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ
نِسَائِهِ أُوقِيَّةً مِنْ مِسْكٍ، وَأَعْطَى سَائِرَهُ أُمَّ
سَلَمَةَ، وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ [1] . الْقَعْنَبِيُّ: ثنا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ
أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِمَكَّةَ يَوْمَ
النَّحْرِ، وَكَانَ يَوْمُهَا، فَأَحَبَّ أَنْ تُوَافِيَهُ [2] .
الْوَاقِدِيُّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: صَلَّى أَبُو
هُرَيْرَةَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ [3] .
قُلْتُ: هَذَا مِنْ غلط الواقديّ، أبو هريرة مات قبلها.
127 ب- أبو رهم السّماعيّ [4]- د ن ق- ويقال: السمعيّ [5] . اسمه أحزاب
بن أسيد [6] ، ويقال: أسيد، ويقال: أسد، الظّهريّ، ويقال: بِكَسْرِ
الظَّاءِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ أَوْلادِ السَّمَعِ- وَيُقَالُ:
السَّمَعُ بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ- بْنِ مالك بن زيد
بن سهل.
__________
[1] طبقات ابن سعد 8/ 94.
[2] أخرجه أحمد في المسند 6/ 291، من طريق أبي معاوية، عَنْ هِشَامِ
بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، وهو
مرسل في طبقات ابن سعد 8/ 95.
[3] طبقات ابن سعد 8/ 96.
[4] انظر عن (أبي رهم السماعي) في:
طبقات ابن سعد 7/ 438 (دون ترجمة) ، وسيرة ابن هشام 2/ 140، وتاريخ
الثقات 498 رقم 1951، والثقات لابن حبان 5/ 585، والمعرفة والتاريخ 2/
345، وطبقات خليفة 293، ومشاهير علماء الأمصار 112 رقم 855، وتاريخ أبي
زرعة 1/ 389، وجامع التحصيل 169 رقم 15، والمراسيل 15 رقم 15، وأسد
الغابة 5/ 196، وتهذيب الكمال 1/ 280، 281 رقم 283، والتاريخ الكبير 2/
64، 65 رقم 1700، والجرح والتعديل 2/ 348 رقم 1321، والكاشف 1/ 53 رقم
234، وتهذيب التهذيب 1/ 190 رقم 354، وتقريب التهذيب 1/ 49 رقم 324،
والإصابة 4/ 75 رقم 440.
[5] السّمعيّ: بكسر السين وفتح الميم. كما في: اللباب 2/ 140.
[6] مثل أمير.
(5/285)
رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، فَمَنْ قَالَ:
لا صُحْبَةَ لَهُ جَعَلَ الْحَدِيثَ مُرْسَلا.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، وَالْعِرْبَاضِ بْنِ
سَارِيَةَ.
رَوَى عَنْهُ: الْحَارِثُ بْنُ زِيَادٍ، وَخَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ،
وَأَبُو الْخَيْرِ مَرْثَدٌ الْيَزَنِيُّ، وَمَكْحُولٌ الشَّامِيُّ،
وَشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى لَهُ دَاوُدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
128- أَبُو الرَّبَابِ الْقُشَيْرِيُّ [1] وَاسْمُهُ مُطَرِّفُ بْنُ
مَالِكٍ، بَصْرِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَثِقَاتِهِمْ.
لَقِيَ أَبَا الدَّرْدَاءِ، وَكَعْبَ الأَحْبَارِ، وَأَبَا مُوسَى،
وَشَهِدَ فَتْحَ تُسْتَرَ.
رَوَى عَنْهُ: زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى، وَأَبُو عُثْمَانَ
النَّهْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ.
فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الدرداء نعوده،
وهو يومئذ أَمِيرٌ، وَكُنْتُ خَامِسَ خَمْسَةٍ فِي الَّذِينَ وُلُّوا
قَبْضَ السُّوسِ، فَأَتَانِي رَجُلٌ بِكِتَابٍ فَقَالَ:
بِيعُونِيهِ، فإنّه كتاب الله أحسن أقرأه ولا تُحْسِنُونَ، فَنَزَعْنَا
دَفَّتَيْهِ، فَاشْتَرَاهُ بِدِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ
ذَلِكَ خَرَجْنَا إِلَى الشَّامِ، وَصَحِبَنَا شَيْخٌ عَلَى حِمَارٍ
بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُهُ ويبكي، فقلت: ما أشبه هذا المصحف
بمصحف شأنه كذا وكذا، فقال: إنه ذاك، قلت: فَأَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ:
أَرْسِلْ إِلَيَّ كَعْبُ الأَحْبَارِ عَامَ أَوَّلَ فَأَتَيْتُهُ،
ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَيَّ، فَهَذَا وَجْهِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: فَأَنَا
مَعَكَ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا الشَّامَ، فَقَعَدْنَا عِنْدَ
كَعْبٍ، فَجَاءَ عِشْرُونَ مِنَ الْيَهُودِ فِيهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ
يَرْفَعُ حَاجِبَيْهِ بِحَرِيرَةٍ فَقَالُوا: أَوْسَعُوا أَوْسَعُوا،
وَرَكِبْنَا أَعْنَاقَهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فَقَالَ كَعْبٌ: يَا
نُعَيْمُ، أَتُجِيبُ هَؤُلاءِ أَوْ أُجِيبُهُمْ؟ قَالَ: دَعُونِي
حَتَّى أَفْقَهَ هَؤُلاءِ مَا قَالُوا، ثُمَّ أُجِيبُهُمْ، إِنَّ
هَؤُلاءِ أَثْنَوْا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا خَيْرًا، ثُمَّ قَلَبُوا
أَلْسِنَتَهُمْ، فَزَعَمُوا أَنَّا بِعْنَا الآخِرَةَ بِالدُّنْيَا،
هَلُمَّ فَلْنُوَاثِقْكُمْ، فَإِنْ جئتم بأهدى
__________
[1] انظر عن (أبي الرباب القشيري) في:
طبقات خليفة 197، والتاريخ الكبير 7/ 396 رقم 1729، والجرح والتعديل 8/
312 رقم 1445 (وفيه: أبو الرئاب) .
(5/286)
مِنْهُ لَتَتَّبِعُنَّا، قَالَ:
فَتَوَاثَقُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: أَرْسِلْ إِلَيَّ ذَلِكَ الْمُصْحَفَ،
فَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أن يَكُونَ هَذَا بَيْنَنَا؟
قَالُوا: نَعَمْ، لا يُحْسِنْ أَحَدٌ يَكْتُبُ مِثْلَهُ الْيَوْمَ،
فَدَفَعَ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ كَأَسْرَعِ قَارِئٍ،
فَلَمَّا بَلَغَ إلى مكان منه نظر إلى أصحابه كَالرَّجُلِ يُؤْذِنُ
صَاحِبَهُ بِالشَّيْءِ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ بِهِ،
فَنَبَذَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: آهِ، وَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ،
فَقَرَأَ، فَأَتى عَلَى آيَةٍ مِنْهُ، فَخَرُّوا سُجَّدًا، وَبَقِيَ
الشَّيْخُ يَبْكِي، فَقِيلَ: وما يبكيك؟ فقال: وما لي لا أَبْكِي،
رَجُلٌ عَمِلَ فِي الضَّلالَةِ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، وَلَمْ أَعْرِفِ
الإِسْلامَ حَتَّى كَانَ الْيَوْمَ.
هَمَّامٌ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ: أَصَبْنَا دَانِيَالَ بِالسُّوسِ [1] فِي بَحْرٍ مِنْ صَفَرٍ،
وَكَانَ أَهْلُ السُّوسِ إذا استقروا اسْتَخْرَجُوهُ فَاسْتَسْقَوْا
بِهِ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ ريطتي كِتَّانٍ، وَسِتِّينَ جَرَّةً
مَخْتُومَةً، فَفَتَحْنَا جَرَّةً، فَوَجَدْنَا فِي كُلِّ جَرَّةِ
عَشْرَةَ آلافٍ، وَأَصَبْنَا مَعَهُ رَبْعَةً فِيهَا كِتَابٌ، وَكَانَ
مَعَنَا أَجِيرٌ نَصْرَانِيُّ يُقَالُ لَهُ نُعَيْمٌ، فَاشْتَرَاهَا
بِدِرْهَمَيْنِ.
قَالَ هَمَّامٌ: قَالَ قَتَادَةُ: وَحَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانٍ أَنَّ
مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ حُرْقُوصٌ، فَأَعْطَاهُ
أَبُو مُوسَى الرَّيْطَتَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، ثُمَّ إِنَّهُ
طَلَبَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الرَّيْطَتَيْنِ، فَأَبَى،
فَشَقَّقَهُمَا عَمَائِمَ، فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى فِي ذَلِكَ إِلَى
عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَعَا اللَّهَ أَنْ
لا يَرِثَهُ إِلا الْمُسْلِمُونَ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَادْفِنْهُ.
قَالَ هَمَّامٌ: وثنا فَرْقَدٌ، ثنا أَبُو تَمِيمَةَ أَنَّ كِتَابَ
عُمَرَ جَاءَ: أَنِ اغْسِلْهُ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ مُطَرِّفٍ قَالَ: فَبَدَا لِي أَنْ آتِيَ
بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الطَّرِيقِ إِذَا أَنَا
بِرَاكِبٍ شَبَّهْتُهُ بِذَلِكَ الْأَجِيرِ النَّصْرَانِيِّ، فَقُلْتُ:
نُعَيْمٌ، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: مَا فَعَلَتْ نَصْرَانِيَّتُكَ؟
قَالَ: تحنّفت بعدك، ثم أتينا دمشق،
__________
[1] السّوس: بضم أوله وسكون ثانيه، وسين مهملة أخرى. بلدة بخوزستان
فيها قبر دانيال النبيّ، عليه السلام. قال حمزة: السوس تعريب الشوش،
بنقط الشين، ومعناه: الحسن والنّزه والطيّب واللطيف. (معجم البلدان 3/
280) .
(5/287)
فَلَقِينَا كَعْبًا، فَقَالَ: إِذَا
أَتَيْتُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَاجْعَلُوا الصَّخْرَةَ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا ثَلاثِينَ، حَتَّى أَتَيْنَا
أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ لِكَعْبٍ:
أَلا تُعْدِينِي عَلَى أَخِيكَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ
النَّهَارَ، فَجَعَلَ لَهَا مِنْ كُلِّ ثَلاثِ لَيَالٍ لَيْلَةً، ثُمَّ
انْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَسَمِعَتِ
الْيَهُودُ بِنُعَيْمٍ وَكَعْبٍ، فَاجْتَمَعُوا، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّ
هَذَا كِتَابٌ قَدِيمٌ، وَإِنَّهُ بلغتكم فاقرءوه، فَقَرَأَهُ
قَارِئُهُمْ، فَأَتَى عَلَى مَكَانٍ مِنْهُ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ،
فَغَضِبَ نُعَيْمٌ، فَأَخَذَهُ وَأَمْسَكَهُ، ثم قَرَأَ قَارِئُهُمْ
حَتَّى أَتَى عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانَ وَمن يَبْتَغِ غَيْرَ
الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الْآخِرَةِ من
الْخاسِرِينَ 3: 85 [1] فَأَسْلَمَ مِنْهُمُ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ
حَبْرًا، وَذَلِكَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ، فَفَرَضَ لَهُمْ
مُعَاوِيَةُ وَأَعْطَاهُمْ.
قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنِي بِسْطَامُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا
مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، أَنَّهُمْ تَذَاكَرُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ،
فَمَرَّ بِهِمْ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ فَقَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ
سَقَطْتُمْ، إِنَّ كَعْبًا لَمَّا احْتُضِرَ قَالَ: أَلا رجل آتمنه
عَلَى أَمَانَةٍ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَلِكَ
الْكِتَابَ وَقَالَ: ارْكَبِ الْبُحَيْرَةَ، فَإِذَا بَلَغْتَ مَكَانَ
كَذَا وَكَذَا فَاقْذِفْهُ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِ كَعْبٍ فَقَالَ:
هَذَا كِتَابٌ فِيهِ عِلْمٌ، وَيَمُوتُ كَعْبٌ، لا أُفَرِّطُ بِهِ،
فَأَتَى كَعْبًا وَقَالَ: فَعَلْتُ مَا أَمَرْتَنِي، قَالَ: وَمَا
رَأَيْتَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئًا، فَعَلِمَ كَذِبَهُ، فَلَمْ يَزَلْ
يُنَاشِدُهُ وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى رَدَّ عَلَيْهِ الْكِتَابَ،
فَلَمَّا أَيْقَنَ كَعْبٌ بِالْمَوْتِ قَالَ:
أَلا رَجُلٌ يُؤَدِّي أَمَانَتِي؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، فَرَكِبَ
سَفِينَةً، فَلَمَّا أَتَى ذَلِكَ الْمَكَانَ ذَهَبَ لِيَقْذِفَهُ،
فَانْفَرَجَ لَهُ الْبَحْرُ حَتَّى رَأَى الأَرْضَ، فَقَذَفَهُ
وَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنَّهَا التَّوْرَاةُ كَمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ، مَا غُيِّرَتْ وَلا
بُدِّلِتْ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى مَا فِيهَا،
وَلَكِنْ قُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلَقِّنُوهَا مَوْتَاكُمْ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ
هُدْبَةَ، ثنا هَمَّامٌ.
129- أَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ [2] الْعَدَوِيُّ الْكَعْبِيُّ،
مِنْ عَرَبِ الحجاز، في
__________
[1] سورة آل عمران- الآية 85.
[2] انظر عن (أبي شريح الخزاعي) في:
التاريخ الصغير 82، والتاريخ الكبير 3/ 224 رقم 756، والجرح والتعديل
3/ 398 رقم
(5/288)
اسْمِهِ أَقْوَالٌ، أَشْهَرُهَا خُوَيْلِدُ
بْنُ عَمْرٍو.
أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ
الْمَقْبُرِيُّ، وَابْنُهُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، وَسُفْيَانُ بْنُ
أَبِي الْعَوْجَاءِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ بِالْمَدِينَةِ.
130- أُمُّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةُ [1] نُسَيْبَةُ، الَّتِي
أَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أن تغسّل بنته
زينب [2] .
__________
[ () ] 1828، وطبقات خليفة 108 (وفيه: أبو شريح الكعبي اسمه عمرو بن
خويلد) ، والمعرفة والتاريخ 1/ 398، وطبقات ابن سعد 4/ 295، ومشاهير
علماء الأمصار 27 رقم 129، والمغازي للواقدي 616 و 845 و 896، ومسند
أحمد 4/ 31 و 6/ 384، وسيرة ابن هشام 4/ 57، 58، والاستيعاب 4/ 101-
103، وتاريخ خليفة 265، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 91 رقم 124، وتاريخ
الطبري 4/ 272 و 5/ 346، والأخبار الموفقيات 512، والأسامي والكنى،
للحاكم، ورقة 274 ب، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 243 رقم 364،
وأسد الغابة 5/ 225، 226، والكامل في التاريخ 3/ 105 و 4/ 18، وتحفة
الأشراف 9/ 223- 226 رقم 635، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 147،
والكاشف 3/ 305 رقم 210، والمغازي (من تاريخ الإسلام) 556، وشفاء
الغرام 2/ 190 و 191 و 247، والنكت الظراف 9/ 223، 224، والإصابة 4/
101، 102 رقم 613، وتهذيب التهذيب 12/ 125، 126 رقم 581، وتقريب
التهذيب 2/ 434 رقم 3.
[1] انظر عن (أم عطية الأنصارية) في:
المغازي للواقدي 685، والجرح والتعديل 9/ 465 رقم 2379، وطبقات ابن سعد
8/ 455، ومسند أحمد 6/ 407، وطبقات خليفة 340، ومقدّمة مسند بقيّ بن
مخلد 87 رقم 81، والكامل في التاريخ 2/ 291، وأسد الغابة 5/ 603 وتهذيب
الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 364 رقم 773، وتاريخ الطبري 3/ 124، والتاريخ
لابن معين 2/ 742، والاستيعاب 4/ 471، 472، والمغازي من تاريخ الإسلام
520، والمعين في طبقات المحدّثين 30 رقم 176، والكاشف 3/ 436 رقم 145،
والإصابة 4/ 476، 477 رقم 1415.
[2] أخرج ابن الأثير في أسد الغابة 5/ 603 من طريق: الترمذي، حدثنا
أحمد بن منيع، أخبرنا هشيم، أخبرنا خالد ومنصور وهشام، فأما خالد وهشام
فقالا عن محمد وحفصة، وقال منصور، عن محمد، عن أم عطية، قالت: توفيت
إحدى بنات النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «اغسلنها وترا ثلاثا أو
خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن، واغسلنها بماء وسدر واجعلن في الآخرة
كافورا أو شيئا من كافور، فإذا فرغتنّ فآذنني» ، فلما فرغنا آذناه
فألقى إلينا حقوه وقال:
«أشعرنها إيّاه» .
(5/289)
رَوَى عَنْهَا: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ،
وَأُخْتُهُ حَفْصَةُ، وَأُمُّ شَرَاحِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ الأَقْمَرِ،
وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن عمير.
هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ
عَطِيَّةَ قَالَتْ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سبع غَزَوَاتٍ، فَكُنْتُ أَصْنَعُ لَهْمُ طَعَامَهُمْ،
وَأَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى، وَأَقُومُ
عَلَى الْمَرْضَى [1] .
وَعَنْ أُمِّ شَرَاحِيلَ مَوْلاةِ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كَانَ عليّ
رضي الله عنه يقيل عِنْدِي، فَكُنْتُ أَنْتِفُ إبْطَهُ بِوَرْسَةٍ [2]
.
131- أَبُو كَبْشَةَ [3]- د ت ق- الْأَنْمَارِيُّ الْمَذْحِجِيُّ،
اسْمُهُ عُمَرُ، وَقِيلَ:
عَمْرُو بْنُ سعد [4] .
له صحبة ورواية، نزل الشام.
روى عنه: ثَابِتُ بْنُ ثَوْبَانَ، وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ،
وَأَبُو الْبَخْتَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ الطَّائِيُّ، وَعَبْدُ
اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ الْحَبْرَانِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يحيى أبو
عامر الهوزني.
__________
[ () ] قال: أخرجها ها هنا أبو عمر وأخرجها الثلاثة في النون من
الأسماء.
والحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/ 35 من طريق معن بن عيسى، عن مالك
بن أنس، عن أيوب، عن محمد بن سيرين.
[1] طبقات ابن سعد 8/ 455.
[2] طبقات ابن سعد 8/ 456.
[3] انظر عن (أبي كبشة) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 87، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 96 رقم 176، والمعارف
148، وتاريخ خليفة 156، والزهد لابن المبارك 354 رقم 999، والمغازي
للواقدي 24 و 153، والمعرفة والتاريخ 24/ 357 و 3/ 191، وطبقات ابن سعد
7/ 416، ومسند أحمد 4/ 230، وطبقات خليفة 73 و 306، ومشاهير علماء
الأمصار 54 رقم 367، وتحفة الأشراف 9/ 273، 274 رقم 652، والتاريخ لابن
معين 2/ 721، وأسد الغابة 5/ 281، 282، والاستيعاب 4/ 166، 167،
والكاشف 3/ 327 رقم 341، والنكت الظراف 9/ 274، والإصابة 4/ 164 رقم
958، وتهذيب التهذيب 209 رقم 972، وتقريب التهذيب 2/ 465 رقم 5، وخلاصة
تذهيب التهذيب 458.
[4] وقيل: سعد بن عمرو، وقيل عمير بن سعد.
(5/290)
132- أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ [1] لَهُ
صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ. وَاسْمُهُ مختلف فيه، فقيل، كعب بن عاصم،
وَقِيلَ:
عَامِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَقِيلَ: عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ.
رَوَى أَحَادِيثُ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن غنم، وأم الدرداء، وربيعة الجرشي،
وأبو سلام الأسود، وشهر بن حوشب، وعطاء بن يسار، وشريح بن عبيد.
وكان يكون بالشام.
قَالَ ابْنُ سُمَيْعٍ: أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، قَدِيمُ الْمَوْتِ
بِالشَّامِ، اسْمُهُ كَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ [2] : تُوُفِّيَ أَبُو مَالِكٍ فِي خِلافَةِ
عُمَرَ.
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ غَنْمٍ قَالَ: طُعِنَ
مُعَاذٌ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا رِوَايَةِ أَبِي سَلامٍ وَمَنْ بَعْدَهُ، عَنْ
أَبِي مالك مرسلة منقطعة، وهذا الإرسال كثير في حديث الشاميّين.
روى صفوان بن عمرو، عَنْ شُرَيْحٍ [3] عَنْ عُبَيْدٍ، أَنَّ أَبَا
مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا
سَامِعَ الأَشْعَرِيِّينَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«حُلْوَةٌ الدُّنْيَا مُرَّةٌ الآخِرَةُ ومرّة الدنيا حلوة الآخرة» [4]
[5] :
__________
[1] انظر عن (أبي مالك الأشعري) في:
مسند أحمد 5/ 341، وطبقات خليفة 68 و 304، وطبقات ابن سعد 4/ 358 و 7/
400، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 102، والكاشف 3/ 330 رقم 357،
وأسد الغابة 5/ 288، وتحفة الأشراف 9/ 280- 284 رقم 655، والتاريخ
الكبير 7/ 221، 222 رقم 956، والجرح والتعديل 7/ 160 رقم 898، والنكت
الظراف 9/ 280- 284، والإصابة 3/ 294 و 4/ 175، وتهذيب التهذيب 12/
218، 219 رقم 1002، وتقريب التهذيب 2/ 134 رقم 46، وخلاصة تذهيب
التهذيب 459.
[2] قول ابن سعد غير موجود في ترجمة أبي مالك الأشعري.
[3] في طبعة القدسي 3/ 102 «شريح بن عبيد» والتصويب من مسند أحمد.
[4] أخرجه أحمد في المسند 5/ 342.
[5] جاء في الأصل هنا، بخط المؤلّف: «ينبغي أن تحوّل ترجمته إلى طبقة
معاذ» ، وتحته أيضا:
(5/291)
133- أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ [1]
الدَّارَانِيُّ الزَّاهِدُ، سَيِّدُ التَّابِعِينَ بِالشَّامِ. اسْمُهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثُوَبٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقِيلَ: ابْنُ ثَوَابٍ، وَقِيلَ: ابْنُ
عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: ابْنُ مُسْلِمٍ وَقِيلَ: اسْمُهُ يَعْقُوبُ بْنُ
عَوْفٍ [2] .
قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدِمَ المدينة في خلافة أبي بكر.
__________
[ () ] حوّلت إلى طبقة معاذ أخصر من هذا فليعلم. فمن أراد أن يكملها من
هنا فليفعل» .
[1] انظر عن: (أبي مسلم الخولانيّ) في:
التاريخ لابن معين 2/ 725، والزهد لابن المبارك 158 و 338 و 528،
والملحق به 215، وتاريخ الطبري 4/ 352، وطبقات ابن سعد 7/ 448، وطبقات
خليفة 307، ومشاهير علماء الأمصار 112 رقم 856، والمعارف 439، والأخبار
الموفقيّات 299، 300، والتاريخ الصغير 67 و 70، والتاريخ الكبير 5/ 58،
59 رقم 133، وأنساب الأشراف ق 4 ج 1/ 354، وتاريخ الثقات 511 رقم رقم
2043، والجرح والتعديل 5/ 20 رقم 90، وتاريخ داريا 59، وحلية الأولياء
2/ 122- 131 رقم 168، والإكمال 1/ 568، وجمهرة أنساب العرب 418 (وفيه
أبو مسلم الخولانيّ عبد الله بن أيوب) وهو تصحيف، والأخبار الطوال 162،
163، والعقد الفريد 1/ 247 و 3/ 171، والمعرفة والتاريخ 2/ 308 و 382 و
384 و 478 و 772 و 3/ 199، وثمار القلوب 688، وعيون الأخبار 2/ 117،
وتاريخ أبي زرعة 1/ 226 و 227 و 386 و 2/ 690، والاستيعاب 2/ 272،
وتاريخ دمشق (تراجم عبادة بن أوفى- عبد الله بن ثوّب) 483- 525 رقم
206، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 314- 322، وأسد الغابة 3/ 395، وصفة الصفوة
4/ 179- 185 و 5/ 297، 298 وسير أعلام النبلاء 4/ 7- 14 رقم 2، وتذكرة
الحفاظ 1/ 46، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 539، 540،
والكاشف 3/ 333 رقم 385، والوفيات لابن قنفذ 97 رقم 63، وجامع التحصيل
252 رقم 341، وفوات الوفيات 2/ 169 رقم 217، والبداية والنهاية 8/ 146،
ومرآة الجنان 1/ 138، والوافي بالوفيات 17/ 99، 100 رقم 81، وتهذيب
الكمال 170 و 1654، وتهذيب التهذيب 12/ 235، 236 رقم 1068، وتقريب
التهذيب 2/ 473 رقم 71، والإصابة 3/ 87 رقم 6302 و 4/ 190 رقم 1117،
والتذكرة الحمدونية 1/ 195، وربيع الأبرار 1/ 398، والبيان والتبيين 3/
127، والبصائر والذخائر 2/ 201، والعزلة لأبي سليمان الخطابي- القاهرة
1352- ص 85، والإيجاز والإعجاز 9، وطبقات الحفاظ 13، وشذرات الذهب 1/
70.
[2] انظر الأقوال في اسمه في: تاريخ دمشق 483.
(5/292)
وَرَوَى عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذٍ، وَأَبِي
عُبَيْدَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ الْخَوْلانِيُّ،
وَأَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ [1] ، وَجُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ،
وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَأَبُو
قِلابَةَ الْجَرْمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ،
وَعُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، وَعَطِيَّةُ بْنُ قَيْسٍ، وَيُونُسُ بْنُ
مَيْسَرَةَ، وَفِي بَعْضِ هَؤُلاءِ مِنْ رِوَايَتُهُ عَنْهُ
مُرْسَلَةٌ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٌ
قَالَ: أتى أبو مُسْلِمٌ الْخَوْلانِيُّ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو
بَكْرٍ [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: ثنا شُرَحْبِيلُ أَنَّ الأَسْوَدَ تَنَبَّأَ [3]
بِالْيَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ
عَظِيمَةٍ، ثُمَّ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ فِيهَا، فَلَمْ تَضُرَّهُ،
فَقِيلَ لِلأَسْوَدِ:
إِنْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ أَفْسَدَ عليك من اتّبعك، فأمره بالرحيل،
فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ
يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ، فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: مِمَّنِ
الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي
حَرَّقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ؟ قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
ثُوبٍ، قَالَ: فَنَشَدْتُكَ باللَّه أَنْتَ هُوَ؟
قَالَ: اللَّهمّ نَعَمْ، فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ
بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيقِ وَقَالَ:
الْحَمْدُ للَّه الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ
[4] .
رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ،
وَهُوَ ثِقَةٌ، ثنا إِسْمَاعِيلُ، فذَكَرَهُ.
وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ كَعْبًا رَأَى أَبَا
مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو
مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ قَالَ: هَذَا حَكِيمُ هَذِهِ الأمّة [5] .
__________
[1] مهمل في الأصل.
[2] تاريخ دمشق 492.
[3] في الأصل «ثنا» بدل «تنبّأ» والتصويب من أسد الغابة، والسياق.
[4] تاريخ دمشق 493.
[5] أخرجه ابن عساكر من طريق الخضر بن أبان، عن سيار بن حاتم، عن جعفر
بن مالك بن دينار.
(5/293)
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهري قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
أَلا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوتِيَ
حِكْمَةً؟ قَالَ: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ،
سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُونَ مِنْ عَائِشَةَ فَقَالَ: أَلا
أُخْبِرُكُمْ بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ، كَمَثَلِ
عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ يُؤْذِيانِ صَاحِبَهُمَا، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ
يُعَاقِبَهُمَا إِلا بالذي هو خير لهما، فَسَكَتَ [1] .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيهِ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيُّ،
عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةَ: عَلّقَ أَبُو مُسْلِمٍ
سَوْطًا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ
مِنَ الْبَهَائِمِ، فَإِذَا دَخَلَتْهُ فَتَرَةٌ مَشَقَ سَاقَيْهِ
سَوْطًا أَوْ سَوْطَيْنِ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الْجَنَّةَ عِيَانًا وَالنَّارَ
مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ [2] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ: إِنَّ
رَجُلَيْنِ أَتِيَا أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ فِي مَنْزِلِهِ،
فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَأَتِيَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ،
فَانْتَظَرَا انْصِرَافَهُ، وَأَحْصَيَا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ
رَكَعَ ثَلاثَمِائَةِ رَكْعَةٍ، وَالآخَرُ: أَرْبَعَمِائَةِ رَكْعَةٍ،
قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ [3] .
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
الْعَاتِكَةَ أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ سَمِعَ رَجُلا يقول: من
سبق اليوم؟ فقل: أَنَا السَّابِقُ، قَالُوا: وَكَيْفَ يَا أَبَا
مُسْلِمٍ؟ قَالَ: أُدْلِجْتُ مِنْ دَارِنَا [4] ، فَكُنْتُ أَوَّلَ
مَنْ دَخَلَ مَسْجِدَكُمْ [5] .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ
قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي
مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جورة في
__________
[1] تاريخ دمشق 497.
[2] تاريخ دمشق 498، وحلية الأولياء 2/ 127.
[3] حلية الأولياء 2/ 127، تاريخ دمشق 498.
[4] في تاريخ دمشق «من داريا» وفي نسخة أخرى كما هنا.
[5] تاريخ دمشق 499.
(5/294)
فُسْطَاطِهِ، وَجَعَلَ فِيهَا نَطْعًا،
وَأَفْرَغَ فِيهِ الْمَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلِّقُ [1] فِيهِ، قَالُوا:
مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟ قَالَ: لَوْ حَضَرَ
قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ
الْخَيْلَ لا تَجْرِي الْغَايَاتَ وَهِيَ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي
وَهِيَ ضُمْرٌ، أَلا وَإِنَّ أَمَامَنَا بَاقِيَةً جَائِيَةً لَهَا
نَعْمَلُ [2] .
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ
الْخَوْلانِيُّ يُكْثِرُ أَنْ يُرْفَعَ صَوْتُهُ بِالتَّكْبِيرِ،
حَتَّى مَعَ الصِّبْيَانِ، وَيَقُولُ: اذْكُرِ اللَّهَ حَتَّى يَرَى
الْجَاهِلُ أَنَّكَ مَجْنُونٌ [3] .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ
الْخَوْلانِيِّ- وَأَرَاهُ مُنْقَطِعًا- أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا
أَرْضَ الرُّومِ، فَمَرُّوا بِنَهْرٍ قَالَ: أَجِيزُوا بِاسْمِ
اللَّهِ، وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَيَمُرُّونَ بِالنَّهْرِ
الْغَمْرِ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلا
الرَّاكِبُ، فَإِذَا جَازُوا قَالَ: هَلْ ذَهَبَ لَكُمْ شَيْءٌ،
فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ مِخْلَاتَهُ، فَلَمَّا جَاوَزُوا قَالَ:
مِخْلاتِي وَقَعَتْ، قَالَ: اتَّبِعْنِي، فَاتّبَعْتُهُ، فَإِذَا بِهَا
مُعَلَّقَةٌ بِعُودٍ فِي النَّهْرِ، فَقَالَ:
خُذْهَا [4] .
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ:
إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ، وَهِيَ تَرْمِي
بِالْخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مسيرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ
ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ الْمَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ
حَتَّى قَطَعُوا، ثُمَّ قَالَ: فَقَدْتُمْ شَيْئًا، فَأدَعُو اللَّهَ
أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟ [5] . وَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ
الْوَاحِدِ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَبُو
مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ إِذَا استسقى سقي [6] .
__________
[1] تصلّق: تقلّب على جنبه. (لسان العرب- مادّة: صلق) . وفي النهاية في
غريب الحديث لابن الأثير: تصلّق الحوت في الماء إذا ذهب وجاء.
[2] تاريخ داريا 61، تاريخ دمشق 500، حلية الأولياء 2/ 127، وانظر:
الزهد لابن المبارك 528 رقم 1501.
[3] تاريخ دمشق 501.
[4] تاريخ دمشق 503.
[5] تاريخ دمشق 503.
[6] تاريخ دمشق 505.
(5/295)
وَقَالَ بَقِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
زِيَادٍ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: إِنَّ امْرَأَةً
خَبَّبَتْ [1] عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، فَدَعَا عَلَيْهَا، فَذَهَبَ
بَصَرُهَا، فَأَتَتْهُ، فَاعْتَرَفَتْ وَقَالَتْ:
إِنِّي لا أَعُودُ، فَقَالَ: اللَّهمّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً
فَارْدُدْ بَصَرَهَا، فَأَبْصَرَتْ [2] .
وَقَالَ ضَمْرَةُ بن ربيعة، عن بلال بن كعب قال: قَالَ الصِّبْيَانُ
لِأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَ
عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ فَنَأْخُذُهُ، فَدَعَا اللَّهَ فَحَبَسَهُ
عَلَيْهِمْ حَتَّى أَخَذُوهُ [3] .
وَرَوَى عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ:
قَالَتِ امْرَأَةُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيّ: لَيْسَ لَنَا
دَقِيقٌ. فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا
بِهِ غَزْلًا، قَالَ: ابْغِنِيهِ، وَهَاتِي الْجِرَابَ، فَدَخَلَ
السُّوقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ وَأَلَحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ،
وَمَلأَ الْجِرَابَ مِنْ نُحَاتَةِ النَّجَّارَةِ مَعَ التُّرَابِ،
وَأَتَى وَقَلْبُهُ مَرْعُوبٌ مِنْهَا، فَرَمَى الْجِرَابَ وَذَهَبَ،
فَفَتَحَتْهُ، فَإِذَا بِهِ دَقِيقٌ حُوَّارَى [4] فَعَجَنَتْ
وَخَبَزَتْ، فَلَمَّا ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ هَوِيٌّ [5] جَاءَ
فَنَقَرَ الْبَابَ، فَلَمَّا دَخَلَ وَضَعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ خِوَانًا
وَأَرْغِفَةً، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيقِ
الَّذِي جِئْتَ بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَبْكِي [6] .
رَوَاهَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عُثْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَغَيْرُهُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ
بِأَرْضِ الرُّومِ، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، إِذْ دَخَلَ
طَائِرٌ فَوَقَعَ وَقَالَ: أَنَا رَتَبَايِيلُ [7] مُسِلُّ الْحُزْنَ
مِنْ صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ ذَلِكَ
__________
[1] يقال: خبّب فلان على فلان صديقه أي أفسده عليه.
[2] تاريخ دمشق 506، حلية الأولياء 2/ 129.
[3] تاريخ دمشق 507.
[4] الحوّاري: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق وأجوده وأخلصه. (لسان
العرب- مادّة: حور) .
[5] الهويّ: كغنيّ، ويضمّ، من الليل ساعة. (القاموس المحيط) . وفي
تاريخ دمشق:
«الهديء» .
[6] تاريخ دمشق 509.
[7] في تاريخ داريا: «أرز بابيل» .
(5/296)
الْجَيْشَ، فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا
جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ [1] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ
الْخَوْلانِيُّ يَرْتَجِزُ يَوْمَ صِفَّينَ وَيَقُولُ:
مَا عِلَّتِي مَا عِلَّتِي ... وَقَدْ لَبِسْتُ دِرْعَتِي
أَمُوتُ عَبْدَ طَاعَتِي [2]
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ،
حَدَّثَنِي يُونُسُ الْهَرِمُ، أن أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيَّ قَامَ
إِلَى مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: يَا
مُعَاوِيَةُ، إِنَّمَا أَنْتَ قَبْرٌ مِنَ الْقُبُورِ، إِنْ جِئْتَ
بِشَيْءٍ كَانَ لَكَ شَيْءٌ، وَإِلا فَلا شَيْءَ لَكَ، يَا
مُعَاوِيَةُ، لا تَحْسَبُ أَنَّ الْخِلافَةَ جَمْعُ الْمَالِ
وَتفْرِقَتُهُ، إِنَّمَا الْخِلافَةُ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ،
وَالْعَمَلُ بالْمَعْدَلَةُ، وَأَخْذُ النَّاسِ فِي ذَاتِ اللَّهِ، يَا
مُعَاوِيَةُ، إِنَّا لا نُبَالِي بِكَدَرِ الأَنْهَارِ إِذَا صَفَا
لَنَا رَأْسُ عَيْنِنَا، إِيَّاكَ أَنْ تَمِيلَ عَلَى قَبِيلَةٍ،
فَيَذْهَبُ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ، ثُمَّ جَلَسَ. فَقَالَ لَهُ
مُعَاوِيَةُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ [3] .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ
قَالَ: دَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَامَ بَيْنَ
السِّمَاطَيْنِ فَقَالَ: السَّلامُ عَلْيَكَ أَيُّهَا الأَجِيرُ،
فَقَالُوا:
مَهْ. قَالَ: دعوه فَهُوَ أَعْرَفُ بِمَا يَقُولُ، وَعَلَيْكَ
السَّلامُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، ثُمَّ وَعَظَهُ وَحَثَّهُ عَلَى
الْعَدْلِ [4] .
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ: ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ
الْخَوْلانِيُّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الرُّومَ لا يَزَالُ فِي
الْمُقَدِّمَةِ، حَتَّى يُؤْذَنَ لِلنَّاسِ، فَإِذَا أُذِنَ لَهُمْ
كَانَ فِي السَّاقَةِ، وَكَانَتِ الْوُلاةُ يُتَيَمَّنُونَ بِهِ،
فَيُؤَمِّرُونَهُ عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ [5] .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تُوُفِّيَ أَبُو مُسْلِمٍ
بأرض الروم، وكان قد شتّى
__________
[1] تاريخ داريا 61، تاريخ دمشق 511.
[2] في تاريخ دمشق 514:
ما علّتي ما علّتي ... أموت عند طاعتي
وقد لبست درعتي
[3] تاريخ دمشق 516.
[4] انظر بقية الخبر في تاريخ دمشق 516. وحلية الأولياء 2/ 125.
[5] تاريخ دمشق 522.
(5/297)
مَعَ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَأَةَ،
فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ، فَأَتَاهُ بُسْرٍ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ لَهُ
أَبُو مُسْلِمٍ:
اعْقُدْ لِي عَلَى مَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ مِنَ
الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ بِهِمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عَلَى لِوَائِهِمْ [1] .
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ: حُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ
[2] عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَةِ دِمَشْقَ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ
الرُّومِ، فَمَرَرْنَا بِالْعُمَيْرِ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ
حِمْصَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَاطَّلَعَ الرَّاهِبُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ
فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُونَ أَبَا مُسْلِمٍ الخولانيّ؟ قلنا: نعم. قال:
إذا أتيتموه فأقرءوه السَّلامَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الْكُتُبِ
رَفِيقَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، أَمَّا إِنَّكُمْ لا تَجِدُونَهُ
حَيًّا، فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْغُوطَةِ بَلَغَنَا مَوْتُهُ [3]
.
قَالَ الحافظ ابن عَسَاكِرَ [4] : يَعْنِي سَمِعُوا ذَلِكَ. وَكَانَتْ
وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الرُّومِ كَمَا حَكَيْنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ
بْنِ هَانِئٍ قَالَ:
قَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّمَا الْمُصِيبَةُ كُلُّ الْمُصِيبَةِ بِمَوْتِ
أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، وَكُرَيْبِ بْنِ سَيْفٍ الأنصاري [5] .
هذا حديث حسن الإسناد، يعطي أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ تُوُفِّيَ قَبْلَ
مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ قَالَ الْمُفَضِّلُّ بْنُ غَسَّانَ: تُوُفِّيَ
عَلْقَمَةُ وَأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
وَسِتِّينَ [6] .
- أَبُو مَيْسَرَةَ الهمدانيّ هو عمرو بن شرحبيل، مرّ.
__________
[1] تاريخ دمشق 523.
[2] هو محمد بن شعيب بن شابور الدمشقيّ البيروتي الّذي يروي عن الإمام
الأوزاعي.
[3] حلية الأولياء 2/ 128، تاريخ دمشق 524.
[4] في تاريخ دمشق 524.
[5] تاريخ أبي زرعة 1/ 227 و 2/ 690، وتاريخ داريا 63، وتاريخ دمشق
524.
[6] تاريخ دمشق 525.
(5/298)
134- أَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِي [1] ع لَهُ
صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَرَوَى أَيْضًا عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ،
وَشَهِدَ فنح مَكَّةَ، وَكَانَ يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ وَبِمَكَّةَ،
وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ.
رَوَى عَنْهُ: عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ،
وَعُرْوَةُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ،
وَبُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو مُرَّةَ مولى عقيل المدنيّون.
__________
[1] انظر: (أبي واقد الليثي) في:
سيرة ابن هشام 4/ 89، والتاريخ لابن معين 2/ 731، والمعرفة والتاريخ 3/
374، والتاريخ الكبير 2/ 258 رقم 2384، والجرح والتعديل 3/ 82، 83 رقم
379 في الحاشية رقم 4، والتاريخ الصغير 53، وجمهرة أنساب العرب 182،
ومشاهير علماء الأمصار 25 رقم 111، وتاريخ خليفة 265، وطبقات خليفة 29،
ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد 89 رقم 111، والمغازي للواقدي 453 و 820 و
890 و 896 و 990، وثمار القلوب 296، والمحبّر 237، ومسند أحمد 5/ 217،
والاستيعاب 4/ 215، 266، وأسد الغابة 5/ 319، 320، وتحفة الأشراف 11/
110- 112 رقم 664، وتهذيب الكمال 1657، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج
2/ 271 رقم 438، والمعين في طبقات المحدّثين 28 رقم 153، والكاشف 3/
343 رقم 438، والوفيات لابن قنفذ 78، والإصابة 4/ 215، 216 رقم 1211،
وتهذيب التهذيب 12/ 270، 271 رقم 1235، وتقريب التهذيب 2/ 486 رقم 1،
وخلاصة تذهيب التهذيب 68 و 462.
(5/299)
|