تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

 [المجلد العشرون (سنة 261- 280) ]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الطبقة السابعة والعشرون
دخلت سنة إحدى وستين ومائتين
تُوُفيّ فيها:
أَحْمَد بْن سُلَيْمَان الرَّهاويّ الحافظ، وأحمد بْن عَبْد الله بْن صالح العِجْلي الحافظ نزيل طرابلس المغرب، وقاضي القضاة الحَسَن بْن محمد بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وشُعيب بْن أيّوب الصَّريفينيّ، وأبو شُعيب السُّوسيّ، وعليّ بْن أشكاب، ومحمد بْن سَعِيد بْن غالب العطّار، ومسلم صاحب «الصّحيح» ، وتمامُ خمسةٍ وخمسين رجلًا ضبطتُ وَفَيَاتهم فِي غير هَذِهِ البُقْعة.
[مَيْل الدَّيْلم إِلَى الصّفّار]
وفيها مالت الدَّيْلم إِلَى يعقوب بْن اللَّيْث الصّفّار، وتخلَّت عن الحَسَن بْن زَيْدٍ فأحرق الحَسَن منازلهم وصارَ إِلَى كرْمان [1] .
[كتاب المعتمِد لحُجّاج خراسان]
وفيها كتب المعتمد كتابًا قُرِئ على من ببغداد من حُجّاج خُراسان والرِّيّ، مضمونه: انّي لم أُوَلِّ يعقوبَ بْن اللَّيْث خُراسان، ويأمرهم بالبراءة منه [2] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 512، الكامل في التاريخ 7/ 288، البداية والنهاية 11/ 32.
[2] تاريخ الطبري 9/ 512، الكامل في التاريخ 7/ 288.

(20/5)


[وقعة الزَّنْج بالأهواز]
وفيها ولّي المعتمد أَبَا السّاج إمرة الأهواز وحرْب صاحب الزَّنْج، فسار إليها، فأقام بها. فبعث إليه قائد الزَّنْج عليّ بْن أبان، وبعث إليه أبو السّاج صهره عَبْد الرحمن، فاقتتلوا وكانت وقعة عظيمة، قُتِلَ فيها القائد عَبْد الرَّحْمَن، وانحاز أبو السّاج إِلَى عسكر مكْرم، ودخل الزَّنْج الأهواز، فقتلوا وسَبَوا [1] .
ثُمَّ ولي الزَّنْج إِبْرَاهِيم بْن سيما القائد [2] .
[ولاية أَحْمَد بْن أسد]
وفيها كتب المعتمد لأحمد بْن أسد بولاية بُخَارى وسَمَرْقَنْد وما وراء النّهر [3] .
[هزيمة ابنُ واصل أمام ابنُ اللَّيْث]
وفيها سار يعقوب بْن اللَّيْث إِلَى فارس، فالتقى هُوَ وابن واصل، فهزمه يعقوب وفَلّ عسكره، وأخذ من قلعة له أربعين ألف ألف درهم فيما بَلَغَنا [4] .
[بيعة المعتمد للمفوّض]
وفيها بايع المعتمد بولاية العهد بعده لابنه المفوّض إِلَى الله، وولّاه المغرب، والشّام، والجزيرة، وأرمينية، وضمّ إليه مُوسَى بْن بُغا [5] .
[توليه الموفّق العهد]
وولّى أخاه الموفق العهد، بعد ابنه المفوّض جَعْفَر، وولّاه المشرق، والعراق، وبغداد، والحجاز، واليمن، وفارس، وإصبهان، والرّيّ، وخراسان،
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 513، الكامل في التاريخ 7/ 276، نهاية الأرب 22/ 127، البداية والنهاية 11/ 32، النجوم الزاهرة 3/ 33.
[2] تاريخ الطبري 9/ 513.
[3] تاريخ الطبري 9/ 514، تاريخ بخارى للنرشخي 138.
[4] تاريخ الطبري 9/ 514، الكامل في التاريخ 7/ 276، 277، البدء والتاريخ 6/ 125، البداية والنهاية 11/ 32.
[5] تاريخ الطبري 9/ 514، الكامل في التاريخ 6/ 125، الإنباء في تاريخ الخلفاء 138، تاريخ مختصر الدول 148، مختصر التاريخ لابن الكازروني 162، البداية والنهاية 11/ 32، مآثر الإنافة 1/ 253، النجوم الزاهرة 3/ 33، تاريخ الخلفاء 364.

(20/6)


وطَبَرسْتان، وسجِسْتان، والسِّنْد. وعقد لكلّ واحدٍ منهما لواءين أبيض وأسود، وشرطَ إن حَدَث به حَدَثٌ أنّ الأمر لأخيه إن لم يكن ابنه جَعْفَر قد بلغ. وكتب العهد ونفذه مع قاضي القضاة الحَسَن بن أبي الشّوارب ليعلقه فِي الكعبة، فمات الحَسَن بمكّة بعد الصّدر [1] .
وقيل: توفّي ببغداد.
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 514، 515، الكامل في التاريخ 7/ 278، البداية والنهاية 11/ 32، النجوم الزاهرة 3/ 33، تاريخ الخلفاء 364.

(20/7)


ومن سنة اثنتين وستّين ومائتين
فيها تُوُفيّ: حاتم بْن اللَّيْث الجوهريّ، وسعَدان بْن يزيد البِزّاز، وعَبّاد بْن الْوَلِيد العَنَزِيّ، وعُمَر بْن شَيْبة النُّمَيْرِيّ، ومحمد بْن عاصم الثَّقَفِيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بَهْزاد، ومحمد بْن عَبْد الله بْن المستورد البغداديّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن ميمون البغداديّ نزيل الإسكندرية، ويعقوب بْن شَيْبة السَّدُوسيّ.
[محاربة ابنُ اللَّيْث للمعتمد وهزيمته]
وفيها أعيى [1] الخليفة أمرُ يعقوب بن اللَّيْث، فكتب إليه بولاية خراسان وجُرْجان، فلم يرضَ حَتَّى تَوَافى باب الخليفة، وأضمر فِي نفسه الحكم على الخليفة، والاستيلاء على العراق والبلاد. وعلم المعتمد قصده فارتحل من سُرَّ من رَأَى فِي شهر جمادى الآخرة، واستخلف عليها ابنه جعفرًا، وضمّ إليه محمدا المولّد. ثُمَّ نزل المعتمد بالزَّعْفرانيّة.
وسار يعقوب بْن اللَّيْث بجيشٍ لم يُرَ مثله، فَقِيلَ: كانوا سبعين ألفًا، وَقِيلَ: كَانَتْ خُرَّامِيَّة، وثِقَلُه على عشرة آلاف جمل، فدخل واسطًا فِي أواخر
__________
[1] في الأصل «أعيا» .

(20/8)


شهر جُمَادى الآخرة، فارتحل المعتمد من الزَّعفرانية إِلَى سيب بني كوما وإيّاه مسرور البلْخيّ والعسكر. ثُمَّ زحف يعقوب من واسط إِلَى دير العاقول نحو المعتمد. فجهّز المعتمد أخاه الموفّق إِلَى حرب يعقوب، ومعه مُوسَى بْن بُغا ومسرور، فالتقى الجمعان فِي ثالث رجب بقرب دير العاقول، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فكانت الهزيمة على الموفّق، ثُمَّ صارت على يعقوب، وولّى أصحابه مُدْبِرين. فَقِيلَ إنّهُ نهِبَ من عسكره عشرة آلاف فرس، ومن الذهب ألفا ألف دينار، ومن الدّراهم والأمتعة ما لا يُحصى. وخلّصوا محمد بْن طاهر، وكان مع يعقوب فِي القيود [1] .
ثُمَّ عاد المعتمد إِلَى سامُرّاء، وصار يعقوب إِلَى فارس.
ورد المعتمد على محمد بن طاهر عمله، وأعطاه خمسمائة ألف درهم [2] .
[نَهْب الزَّنْج للبطيحة]
وفيها بعث الخبيث رأس الزَّنْج جيوشه عند اشتغال المعتمد إِلَى البطيحة، فنهبوها وقتلوا وأسروا [3] .
[القضاء بسُرّ من رأي]
وفيها ولي قضاء سُرَّ مَن رَأَى عليّ بْن محمد بْن أبي الشّوارب [4] .
[قضاء بغداد]
وقضاء بغداد إسماعيل بْن إِسْحَاق القاضي [5] .
__________
[1] الخبر مطوّلا في: تاريخ الطبري 9/ 516- 519، وانظر: التنبيه والإشراف 319، ومروج الذهب 4/ 200- 202، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 77، 78، والكامل في التاريخ 7/ 290، 291، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 161، والعبر 2/ 24، ودول الإسلام 1/ 158، 159، ومرآة الجنان 2/ 175.
[2] تاريخ الطبري 9/ 519، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 78، العبر 2/ 25، دول الإسلام 1/ 159 وفيه: «وأعطاه عشرين ألف دينار» ، مرآة الجنان 2/ 175، البداية والنهاية 11/ 35.
[3] تاريخ الطبري 9/ 520- 526، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 79، الكامل في التاريخ 7/ 292، المختصر في أخبار البشر 2/ 51، تاريخ ابن الوردي 1/ 237، تاريخ ابن خلدون 3/ 341، النجوم الزاهرة 3/ 35، 36.
[4] تاريخ الطبري 9/ 526، الكامل في التاريخ 7/ 304، البداية والنهاية 11/ 35، النجوم الزاهرة 3/ 35.
[5] الكامل في التاريخ 7/ 305، البداية والنهاية 11/ 35، النجوم الزاهرة 3/ 35.

(20/9)


[غَلَبَةُ ابن اللَّيْث على فارس]
وفيها غلب يعقوب بْن اللَّيْث على فارس، وهرب عاملها ابنُ واصل إِلَى الأهواز، وتقوّى يعقوب [1] .
[وقوع قائد الزَّنْج فِي الأسر]
وفيها كَانَتْ وقعة بين الزَّنْج وبين الأمير أَحْمَد بْن [ليثَويْه] [2] صاحب مسرور البلْخيّ، فقتل خلقًا كثيرًا من الزَّنْج، وأسر قائدهم الَّذِي يُقَالُ له: الصُّعْلُوك [3] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 527، الكامل في التاريخ 7/ 292، النجوم الزاهرة 3/ 36.
[2] في الأصل بياض، استدركته من: تاريخ الطبري، وغيره.
[3] تاريخ الطبري 9/ 527- 529، الكامل في التاريخ 7/ 294، 295، نهاية الأرب 25/ 120، دول الإسلام 1/ 159.

(20/10)


وَفِي سنة ثلاثٍ وستين
تُوُفيّ فيها:
أبو الأزهر أَحْمَد بْن الأزهر، وأحمد بْن حرب الطائي، والحسن بْن أبي الرَّبِيع، ومحمد بْن عليّ بن ميمون الرَّقّيّ، ومعاوية بْن صالح الأشعريّ الحافظ.
[استيلاء ابنُ اللَّيْث على الأهواز]
وفيها سار يعقوب بْن اللَّيْث إِلَى الأهواز، وأسر الأمير ابنُ واصل، واستولى على الأهواز [1] .
[وزارة ابنِ مَخْلد]
وفيها استوزر الْحَسَن بْن مخلد بعد موت عُبَيْد الله بْن يحيى بن خاقان الوزير [2] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 530، الكامل في التاريخ 7/ 310، المختصر في أخبار البشر 2/ 51، نهاية الأرب 22/ 333، تاريخ ابن الوردي 1/ 237، النجوم الزاهرة 3/ 7.
[2] تاريخ الطبري 9/ 532، الكامل في التاريخ 7/ 310، الفخري 251، مختصر التاريخ لابن الكازروني 163، خلاصة الذهب المسبوك 234 وفيه «محمد بن الجراح» بدل: «الحسن بن مخلد» ، النجوم الزاهرة 3/ 37.

(20/11)


[وزارة ابنِ وهب]
ثُمَّ هرب الْحَسَن إِلَى بغداد خوفًا من مُوسَى بْن بُغا. فاستوزر سُلَيْمَان بْن وهْب [1] .
[إخراج ابنُ طاهر من نيسابور]
وفيها غلب [أخو] شركُب على نيسابور وأخرج عَنْهَا الْحُسَيْن بْن طاهر [2] .
[انتصار المسلمين بالأندلس]
وفيها كَانَتْ ملحمة كبيرة بالأندلس، نصر الله فيها الإسلام، واستشهد طائفة [3] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 532، الكامل في التاريخ 7/ 310، الفخري 252، مختصر التاريخ 163، خلاصة الذهب المسبوك 234، النجوم الزاهرة 3/ 37.
[2] تاريخ الطبري 9/ 532، الكامل في التاريخ 7/ 310، والزيادة منه، البداية والنهاية 11/ 36.
[3] الكامل في التاريخ 7/ 310، 311.

(20/12)


سنة أربعٍ وستّين
فيها تُوُفيّ:
أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن وهْب، وأحمد بْن يوسف السُّلَميّ، وأبو إِبْرَاهِيم المُرّيّ، والحافظ أبو زُرْعة الرّازيّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى.
[وفاة مُوسَى بْن بُغا]
وَفِي المُحرَّم خرج أبو أَحْمَد الموفق، ومعه مُوسَى بْن بُغا إِلَى قُتِلَ الزَّنْج.
فَلَمَّا نزلا بغداد مات مُوسَى وحُمِل إِلَى سامُرّاء، فَدُفِن بها [1] .
[وفاة قبيحة أمِّ المعتزّ]
وَفِي ربيع الأوّل تُوُفيّت قبيحة أمُّ المعتز باللَّه بسامُرّاء، وكان المعتمد قد أعادها إليها من مكّة وأكرمها [2] .
[أسر الروم لعبد الله بْن رشيد بْن كاوس]
وفيها أسرت الروم عَبْد الله بْن رشيد بْن كاوس، وكان قد دخل الروم فِي أربعة آلاف، فأوغلَ فيها وأسرَ وغنِم ورجع، فلمّا نزل البذندون أقام به ثمّ
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 533، مروج الذهب 4/ 206، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 83، البداية والنهاية 11/ 36، النجوم الزاهرة 3/ 38.
[2] تاريخ الطبري 9/ 533، الكامل في التاريخ 7/ 321، البداية والنهاية 11/ 37، النجوم الزاهرة 3/ 38.

(20/13)


رحل. وتَبِعَتْه البطارقة من كلّ صَوْب وأحْدَقوا به، فنزل جماعة من المسلمين فعرقبوا دوابّهم وقاتلوا إلّا خمسمائة من المسلمين انهزموا، وأُسِر عَبْد الله بعد ما جُرِح جراحات [1] .
[الوقعة بين محمد المولدّ والزنّج]
وفيها ولي واسطًا محمد المولّد، فحاربته الزَّنْج، فهزمهم محمد، ثُمَّ غلبت الزَّنْج ودخلت واسطًا، فهرب أهلُها حُفاةً عراةً، ونهبها الزَّنْج وأحرقوها [2] .
[غضب المعتمد على الوزير ابنِ وهْب]
وفيها غضب المعتمد على الوزير سُلَيْمَان بْن وهْب وقيّده وانتهب أمواله، واستوزر الْحَسَن بْن مَخْلَد [3] .
[عصيان الموفّق]
وفيها أظهر أبو أَحْمَد الموفَّق العصيان، فشخَصَ من بغداد ومعه عَبْد الله بْن سُلَيْمَان بْن وهْب، فَلَمَّا قَرُب من سامُرّاء، تحوّل المعتمد إِلَى الجانب الغربيّ، فعسكر به. فنزل أَحْمَد بظاهر سامُراء، ثُمَّ تراسلا واصطلحا فِي آخر السنة، وأطلق سُلَيْمَان بْن وهبْ، وهرب الْحَسَن بْن مَخْلد، وأحمد بْن صالح بْن شيرزاد [4] .
[محنة الصُّوفيّة]
وفيها كانت المحنة على الصّوفيّة بغلام خليل.
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 533، 534، الكامل في التاريخ 7/ 312، تاريخ الزمان لابن العبري 44، تاريخ مختصر الدول، له 148، نهاية الأرب 22/ 334، دول الإسلام 1/ 159، مرآة الجنان 2/ 176 وفيه «ابن كافور» بدل «ابن كاوس» .
[2] الخبر مطوّلا في: تاريخ الطبري 9/ 534، والكامل في التاريخ 7/ 312- 314، ونهاية الأرب 25/ 135، والعبر 2/ 27، ودول الإسلام 1/ 159، ومرآة الجنان 2/ 176.
[3] تاريخ الطبري 9/ 540، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 84، الكامل في التاريخ 7/ 316، نهاية الأرب 22/ 335، البداية والنهاية 11/ 36، تاريخ ابن خلدون 3/ 341، 342.
[4] تاريخ الطبري 9/ 540، 541، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 84، 85، الكامل في التاريخ 7/ 316، نهاية الأرب 22/ 335.

(20/14)


سنة خمسٍ وستّين
تُوُفيّ فيها:
أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ الرّماديّ، وإبراهيم بْن الْحَارِث البغداديّ، وإبراهيم بْن هانئ النَّيْسابوريّ، وسَعْدان بْن نصر، وصالح بن أحمد بن حنبل، وعبد الله بن محمد بْن أيّوب المُخَرّميّ، وعليّ بْن حرب الطائيّ، وأبو حَفْص النَّيسابوريّ الزّاهد عَمْرو بْن سَلْم، ومحمد بْن الحَسَن العسْكريّ من الأثني عشر، ومحمد بن هارون الفلّاس، وهارون بْن سُلَيْمَان الإصبهانيّ.
[إيقاع ابنِ طولون بسيما الطويل فِي أنطاكية]
وفيها خرج أَحْمَد بْن طولون أمير مصر إِلَى الشّام، فحصَر سيما الطّويل بأنطاكيّة إلى أن افتتحها وقتل سيما [1] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 543، سيرة ابن طولون للبلوي 95، مروج الذهب 4/ 211، 212، تاريخ حلب للعظيميّ 265، الكامل في التاريخ 7/ 316، زبدة الحلب 1/ 77، تاريخ مختصر الدول 148، المختصر في أخبار البشر 2/ 51، تاريخ ابن الوردي 1/ 237، 238، البداية والنهاية 11/ 37، تاريخ ابن خلدون 3/ 342، النجوم الزاهرة 3/ 40.

(20/15)


[التحاق المولدّ بابن الصّفّار]
وفيها خامر محمد المولّد ولِحق بيعقوب بْن اللَّيْث وصار من خواصّه [1] .
[القبض على سُلَيْمَان بْن وهب وابنه]
وفيها قبض المعتمد على سُلَيْمَان بْن وهْب وابنه عُبَيْد الله واصطفى أموالهما، ثُمَّ صُولحا على تسعمائة ألف دينار [2] .
[وزارة ابنِ بُلْبُل]
واستوزر إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل [3] .
[وفاة يعقوب بْن اللَّيْث]
وفيها مات يعقوب بْن اللَّيْث الصّفّار المتغلّب على خُراسان، وغيرها. تُوُفيّ بالأهواز، فخلفه أخوه عَمْرو بْن اللَّيْث، ودخل فِي الطاعة [4] .
[إطلاق ملك الروم لعبد الله بْن كاوس]
وفيها بعث ملك [الروم] بعبد الله بْن كاوس الَّذِي كان عامل الثغور فأسروه، مع عدّة مصاحف كانوا أخذوها من أَهْل أَذَنَة، إِلَى أحمد بْن طولون [5] .
[عصيان الْعَبَّاس على أَبِيهِ أَحْمَد بْن طولون]
ولما خرج أَحْمَد بْن طولون إِلَى الشّام قام ابنه الْعَبَّاس وجماعة من أمرائه فأخذ أموال أَبِيهِ وحَشَمه، وتوجّه نحو برقة إلى إفريقية، فنهب وفتك، فانتدب
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 543، الكامل في التاريخ 7/ 327.
[2] تاريخ الطبري 9/ 543، 544، الكامل في التاريخ 7/ 327 وفيه: «حبس الموفق سليمان بن وهب» ، نهاية الأرب 22/ 335، 336، النجوم الزاهرة 3/ 40.
[3] تاريخ الطبري 9/ 544، الإنباء في تاريخ الخلفاء 138، الكامل في التاريخ 7/ 328، الفخريّ 252، مختصر التاريخ لابن الكازروني 163، خلاصة الذهب المسبوك 234 وفيه «إسماعيل بن خليل» وهو تصحيف، تاريخ ابن خلدون 3/ 342، النجوم الزاهرة 3/ 40.
[4] تاريخ الطبري 9/ 544، تاريخ سنيّ ملوك الأرض 171، مروج الذهب 4/ 202، الكامل في التاريخ 7/ 300، وفيات الأعيان 6/ 419، المختصر في أخبار البشر 2/ 52، العبر 2/ 32، دول الإسلام 1/ 160، تاريخ ابن الوردي 1/ 238، مرآة الجنان 2/ 180، تاريخ ابن خلدون 3/ 342، مآثر الإنافة 1/ 259، النجوم الزاهرة 3/ 40.
[5] تاريخ الطبري 9/ 545، الكامل في التاريخ 7/ 328، البداية والنهاية 11/ 37، النجوم الزاهرة 3/ 40.

(20/16)


لحربه إلياس بْن مَنْصُورٌ النقرشيّ رأس الإباضيّة فِي اثني عشر ألفًا، وبعث صاحب إفريقية إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بن الأغلب جيشًا كثيفًا مع مولاه، فأطبق الجيشان على الْعَبَّاس فباشر الحرب بنفسه، وقُتِلت صناديده، ونُهِبَت خزائنه، وعاد إِلَى بَرْقَةَ. فبعث أَبُوهُ جيشًا فأسروه، وحملوه إِلَى أَبِيهِ، فقيَّده وحبسه، وقتل جماعة ممّن كان حسَّن له العصْيان [1] .
[دخول الزَّنْج النُّعمانيّة]
وفيها دخلت الزَّنْج النُّعمانيّة، فأحرقوا وسبوا وقتلوا [2] .
[استنابة الموفّق لعمرو بْن اللَّيْث على الولايات]
وفيها استناب الموفّق عَمْرو بْن اللَّيْث على خُراسان، وكَرْمان، وفارس، وبغداد، وإصبهان، والسِّنْد، وسِجِسْتان، وبعث إليه بالتّقليد والخِلَع العظيمة [3] .
وَقِيلَ: إنّ تَرِكَةَ أَخِيهِ يعقوب بْن اللَّيْث بلغت ألف ألف دينار [4] وخمسين ألف ألف درهم [5] .
ونُقل فَدُفِن بجُنْدَيْسابور وكُتِب على قبره: هَذَا قبر المسكين. وتحته:
أحسَنْتَ ظنَّك بالأيّام إذ حَسُنَتْ ... ولم تَخَفْ سُوء ما يأتي به القَدَر
فسالمَتْك اللّيالي فاغْتَرَرْت بها ... وعند صَفْوِ اللَّيَالِي يحدُثُ الكدر.
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 545، الكامل في التاريخ 7/ 324، 325، النجوم الزاهرة 3/ 40.
[2] تاريخ الطبري 9/ 545، الكامل في التاريخ 7/ 322، نهاية الأرب 25/ 136، تاريخ ابن الوردي 1/ 238، النجوم الزاهرة 3/ 40.
[3] تاريخ الطبري 9/ 545، تاريخ سنيّ ملوك الأرض 171، وفيات الأعيان 6/ 419، الكامل في التاريخ 7/ 326، البداية والنهاية 11/ 38، النجوم الزاهرة 3/ 40.
[4] وفي وفيات الأعيان 6/ 419: «أربعة آلاف ألف دينار» .
[5] دول الإسلام 1/ 160، مرآة الجنان 2/ 180.

(20/17)


ومن سنة ستٍّ وستّين
فيها تُوُفيّ:
إِبْرَاهِيم بْن أُورَمَة الحافظ، وصالح بْن أَحْمَد بْن حنبل بخُلْف، وهذا أصّح، ومحمد بْن شجاع الثلْجيّ الفقيه، ومحمد بْن عَبْد الملك الدّقيقيّ، وأبو السّاج الأمير.
[نيابة عُبَيْد الله بْن طاهر على شرطة بغداد]
وفيها كتب عَمْرو بْن اللَّيْث الصّفّار إِلَى عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بن طاهر بأن يكون نائبه على شرطة بغداد [1] .
[وصول الروم إِلَى ديار ربيعة]
وفيها وصلت عساكر الروم إِلَى ديار ربيعة، فقتلت جماعة من المسلمين، وهرب أَهْل الجزيرة والمَوْصِل [2] .
[استعمال ابنِ أبي الساج على الحَرَمَيْن]
وفيها استعمل الموفّق على الحَرَمَيْن محمد بْن أبي السّاج [3] .
__________
[1] تاريخ بغداد 9/ 549، تاريخ سنيّ ملوك الأرض 171، الكامل في التاريخ 7/ 332، والبداية والنهاية 11/ 38، تاريخ ابن خلدون 3/ 342.
[2] تاريخ الطبري 9/ 549، الكامل في التاريخ 7/ 332، 333 و 336، العبر 2/ 33، دول الإسلام 1/ 161 البداية والنهاية 11/ 38، تاريخ الخلفاء 364.
[3] تاريخ الطبري 9/ 549، الكامل في التاريخ 7/ 333.

(20/18)


[وقعة الزَّنْج بعسكر الخليفة]
وفيها كَانَتْ وقعة بين الزَّنْج وعسكر الخليفة، وظهرت الزَّنْج، لعنهم الله [1] .
[مقتل الكرخي أمير حمص]
وفيها قتل أَهْل حمص أميرهم الكرْخيّ [2] .
[دعوة الحسن الأصغر لنفسه]
وفيها دعا [3] الْحَسَن بْن محمد بْن جَعْفَر الأصغر أَهْل طَبَرِسْتان إِلَى نفسه [4] .
[هزيمة الْحَسَن بْن زَيْدٍ]
وفيها سار أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ إِلَى الْحَسَن بْن زَيْدُ، فهزمه أَحْمَد [5] .
[مقتل ابنِ الأصغر]
ثُمَّ سار الْحَسَن بْن زَيْدُ إِلَى الْحَسَن بن الأصغر، واحتال عليه حَتَّى قتله [6] .
[الحرب بين الخُجُسْتانيّ وابن اللَّيْث]
وفيها حارب أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ عَمْرو بن اللَّيْث، وظهر على عَمْرو، ودخل نَيْسابور، وقتل جماعة ممّن كان يميل إلى عمرو [7] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 550.
[2] تاريخ الطبري 9/ 551، الكامل في التاريخ 7/ 335، المختصر في أخبار البشر 2/ 52، تاريخ ابن الوردي 1/ 239 وفيه «الكرجي» ، البداية والنهاية 11/ 39، تاريخ ابن خلدون 3/ 342.
[3] في الأصل: «دعي» .
[4] تاريخ الطبري 9/ 552، البداية والنهاية 11/ 39.
[5] تاريخ الطبري 9/ 552، الكامل في التاريخ 7/ 335، تاريخ ابن خلدون 3/ 342.
[6] تاريخ الطبري 9/ 552، الكامل في التاريخ 7/ 335، تاريخ ابن خلدون 3/ 343.
[7] تاريخ الطبري 9/ 552، تاريخ سنيّ ملوك الأرض 171، الكامل في التاريخ 7/ 335، العبر 2/ 33، تاريخ ابن خلدون 3/ 343.

(20/19)


[انتهاب الأعراب كسوة الكعبة]
وفيها وثبت الأعراب على كُسْوَة الكعبة فانتهبوها، وأصاب الوفد شدّة منهم [1] .
[دخول الزَّنْج رامهُرْمُز]
وفيها دخلت الزَّنْج رامهُرْمُز، فاستباحوها قتْلًا وَسَبْيًا [2] ، فلا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 553، البدء والتاريخ 6/ 124، الكامل في التاريخ 7/ 335، البداية والنهاية 11/ 39، النجوم الزاهرة 3/ 42، تاريخ الخلفاء 364، شفاء الغرام 2/ 345.
[2] تاريخ الطبري 9/ 554، الكامل في التاريخ 7/ 330، نهاية الأرب 25/ 138، العبر 2/ 32، دول الإسلام 1/ 160، البداية والنهاية 11/ 39، تاريخ ابن خلدون 3/ 342، النجوم الزاهرة 3/ 42.

(20/20)


ومن سنة سبْعٍ وستّين
فيها تُوُفيّ:
إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وإسماعيل بن عَبْد الله سَمّوَيْه، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الفارسيّ شاذان، وبحر بن نصر الخولانيّ، وعبّاس الربعيّ، ومحمد بْن عزيز الَأيْليّ، ويحيى بْن الذُّهْليّ، ويونس بْن حبيب الإصبهانيّ.
[وقْعة الزَّنْج]
وفيها دخلت الزَّنْج واسطًا، فاستباحوها وأحرقوا فيها، فجهّز الموفّق ابنه أبا الْعَبَّاس فِي جيشٍ عظيم، فكان بينه وبين الزَّنْج وقْعة فِي المراكب فِي الماء، فهزمهم أبو الْعَبَّاس، وقتَل فيهم وأسر وغرَّق سُفُنَهم، وكان ذلك أوَّل النّصر.
فنزل أبو الْعَبَّاس واسطًا.
واجتمع قوّاد الخبيث صاحب الزَّنْج سُلَيْمَان بْن مُوسَى الشّعْرانيّ، وعليّ بْن أبان، وسليمان بْن جامع، وحشدوا وأقبلوا، فالتقاهم أبو الْعَبَّاس، فهزمهم وفرَّقهم، ثُمَّ واقَعَهم بعد ذلك، فهزمهم أيضًا ومزَّقهم. ثُمَّ دامت مُصابَرَة القتال بينهم شهرين، ثُمَّ قذف الله الرُّعْبَ فِي قلوب الزَّنْج من أبي العبّاس وهابوه.

(20/21)


وتحصّن سُلَيْمَان بْن جامع بمكان، وتحصّن الشّعْرانيّ بمكانٍ آخر. فسار أبو الْعَبَّاس وحاصر الشّعْرانيّ، وجَرَت بينهم حروب صعْبة، إِلَى أن انهزمت الزَّنْج، ورجع أبو الْعَبَّاس بجيوشه سالمًا غانمًا. وكان أكثر قتالهم فِي المراكب والسّماريّات، وغرق من الزَّنْج خلْق سوى من قُتِلَ وأُسِر.
ثُمَّ سار الموفَّق من بغداد فِي جيشه فِي السُّفُن والسّماريّات فِي هيئةٍ لم يُرَ مثلها إِلَى واسط. فتلّقاه ولده أبو الْعَبَّاس، ثُمَّ سارا إِلَى قتال الزَّنْج ليستأصلوهم، فواقعهم، فانهزم الزَّنْج واستُنْقِذ منهم من المسلمات نحو خمسة آلاف امْرَأَة [1] ، وهُدِمت مدينة الشَّعْرانيّ [2] [فهرب] [3] فِي نفرٍ يسير مسلوبًا من الأهل والمال، وَوَصَلَ إِلَى المذار، فكتب إِلَى الخبيث سلطان الزَّنْج بما جرى، فتردَّد الخبيث إِلَى الخلاء مرارًا فِي ساعة، ورجف قوّاده وتقطّعت كبدُه، وأيقن بالهلاك.
ثُمَّ إنّ الموفَّق سَأَلَ عن أصحاب الخبيث، فَقِيلَ له: مُعْظَمهُم مع سُلَيْمَان بْن جامع فِي بلد طَهِيثا [4] ، فسار الموفَّق إليها، وزحف عليها بجنوده، فالتقاه سُلَيْمَان بْن جامع وأحمد بْن مهديّ الْجُبائيّ فِي جموع الزَّنْج، ورتّب الكُمَنَاء واستحرَّ القتال، فرمى أبو الْعَبَّاس بْن الموفق لأحمد بْن مهديّ بسهمٍ فِي وجهه هلك منه بعد أيامٍ. وكان أبو الْعَبَّاس راميًا مذكورًا [5] .
ثُمَّ أصبح الموفَّق على القتال، وصلّى وابتهل إِلَى الله بالدّعاء، وزحف على البَلْدَة، وكان عليه خمسة أسوار، فَمَا كَانَتْ إلّا ساعة وانهزمت الزَّنْج، وعمل فيهم السّيف، وغرق أكثرهم. وهرب سُلَيْمَان بْن جامع [6] .
واستنقذ الموفَّق من طَهِيثا نحو عشرة آلاف [7] أسير، فسيّرهنّ إلى واسط،
__________
[1] العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 93، الكامل في التاريخ 7/ 344، نهاية الأرب 25/ 146، البداية والنهاية 11/ 40.
[2] التي سمّاها «المنيعة» . (العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 92) .
[3] ساقطة من الأصل.
[4] في الكامل في التاريخ 7/ 345 «طهثا» ، والمثبت يتفق مع الطبري وغيره.
[5] العيون والحدائق ج 4 ق 91.
[6] العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 94، 95.
[7] في الكامل في التاريخ 7/ 347 «أكثر من عشرين ألفا» .

(20/22)


وأخذ من المدينة تُحَفًا وأموالًا، بحيث استغنى عسكره، وأقام بها الموفَّق أيّامًا ثُمَّ هدَمها [1] .
[مسير الموفَّق إِلَى الأهواز]
وكان المهلَّبي مقيمًا بالأهواز فِي ثلاثين ألف من الزَّنْج، فسار إليها الموفَّق، فانهزم المهلَّبي وتفرَّق جَمْعُه، وانهزم بَهْبُوذ [2] الزَّنْجي، وبعثوا يطلبون الأمان، لأنه كان قد ظفر بطائفةٍ كبيرة من أصحاب الخبيث وهو بنهر أبي الخصيب [3] .
[تمهيد الموفَّق للبلاد]
ثُمَّ سار الموفَّق إِلَى جُنْدَيْسابور ثُمَّ إِلَى تُسْتَر فنزلَها، وأنفق فِي الْجُنْد والموالي، ثُمَّ رحل إِلَى عسكر مُكْرَم ومهّد البلاد، ثُمَّ رجع وبعث ابنه أَبَا الْعَبَّاس إِلَى نهر أبي الخصيب لقتال الخبيث. فبعث إليه الخبيث سُفُنًا، فاقتتلوا، فهزمهم أبو الْعَبَّاس، واستأمن إليه القائد مُنْتاب الزَّنْجيّ، فأحسنَ إليه [4] .
[موقعة المختارة]
وكتب الموفَّق كتابًا إِلَى الخبيث يدعوه إِلَى التوبة إِلَى الله والإنابة إليه ممّا فعل من سَفْك الدّماء وسبي الحريم وانْتِحال النُّبُوَّة والوحي، فَمَا زاده الكتاب إلّا تجبرًا وعُتُوًّا.
وَقِيلَ: إنه قَتَلَ الرَّسُول، فسار الموفَّق فِي جيوشه إِلَى مدينة الخبيث بنهر أبي الخّصِيب، فأشرف عليها، وكان قد سمّاها «المختارة» ، فتأمّلها الموفَّق ورأى حصانتها وأسوارها وخنادقها، فرأى شيئًا لم ير مثله، ورأى من كثرة المقاتلة ما استعظمه، ورفعوا أصواتهم، فارتجّت الأرض، فرشقهم ابنه أبو الْعَبَّاس بالنّشّاب، فرموه رميةً واحدة بالمجانيق والمقاليع والنّشّاب، فأذهلوا الموفَّق،
__________
[1] الكامل 7/ 347، نهاية الأرب 25/ 140- 149، البداية والنهاية 11/ 40، 41.
[2] في الكامل: «بهبود» ، وهو «بهبود بن عبد الوهاب» ، كما في الكامل 7/ 367.
[3] الخبر مطوّلا في: تاريخ الطبري 9/ 557- 574، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 64 و 95، 96، والكامل في التاريخ 7/ 338- 348، وانظر: المختصر في أخبار البشر 2/ 52، ونهاية الأرب 25/ 138 و 150، والعبر 2/ 34، 35.
[4] تاريخ الطبري 9/ 562- 564، الكامل في التاريخ 7/ 349.

(20/23)


فرجع عَنْهُمْ، وثبت أبو الْعَبَّاس.
واستأمنَ جماعة من أصحاب الخبيث إِلَى أبي الْعَبَّاس فأحسن إليهم، ثُمَّ استأمن منهم بشرٌ كثير، فخلع على مقدَّمهم [1] .
فَلَمَّا كان فِي اليوم الثّاني جهّز الخبيث بَهْبُوذ فِي السماريّات، فالتقاه أبو الْعَبَّاس، فاقتتلوا، فأصاب بهبوذ طعنتان ونشّاب، فهرب إِلَى الخبيث، ورجع أبو أَحْمَد إِلَى معسكره بنهر الْمُبَارَك ومعه خلق قد استأمنوا [2] .
فَلَمَّا كان في شعبان برز الخبيث في ثلاثمائة ألف فارس وراجل، فركب الموفَّق فِي خمسين ألفًا، وكان بينهم النَّهر، فنادى الموفَّق بالأمان لأصحاب الخبيث، فاستأمن إليه خلق كثير، ثُمَّ انفصل الجمعان عن غير قتال [3] .
[بناء الموفقيّة]
ثُمَّ بنى الموفق مدينة بإزاء مدينة الخبيث على دجلة وسمّاها الموفَّقيّة، وجمع عليها خلائق من الصُّنّاع، وبنى بها الجامع والأسواق والدُّور، واستوطنها النّاس للمعاش [4] .
وكان عدد من استأمن فِي شهرين خمسين ألفًا من جيش الخبيث، ما بين أبيض وأسود [5] .
[الوقعة بين أبي الْعَبَّاس والخبيث]
وَفِي شوّال كَانَت الوقعة بين أبي الْعَبَّاس والخبيث، قُتِلَ منهم خلْق كثير.
وذلك لأن الخبيث انتخب من قوّاده خمسة آلاف، وأمرهم أن يعدّوا فيتبيّنوا عسكر الموفَّق، فَلَمَّا عبروا بلغ الموفَّق الخبر من ملّاح، فأمر ابنه بالنّهوض إليهم، فَنُصِر عليهم وصلبهم على السّفن، ورمى برءوس القتلى في المناجيق
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 581- 583، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 97، الكامل في التاريخ 7/ 350، 351، نهاية الأرب 25/ 152.
[2] تاريخ الطبري 9/ 583، الكامل في التاريخ 7/ 351، نهاية الأرب 25/ 153.
[3] تاريخ الطبري 9/ 584، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 98، الكامل في التاريخ 7/ 352، نهاية الأرب 25/ 153، دول الإسلام 1/ 161، البداية والنهاية 11/ 41.
[4] تاريخ الطبري 9/ 585، 586، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 98، الكامل في التاريخ 7/ 352، 353، نهاية الأرب 25/ 145، البداية والنهاية 11/ 41، النجوم الزاهرة 3/ 43.
[5] تاريخ الطبري 9/ 588، وانظر: العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 99، الكامل في التاريخ 7/ 353، 354.

(20/24)


إِلَى مدينة الخبيث، فذُلّوا [1] .
[اقتحام الموفق مدينة الخبيث]
وَفِي ذي الحجة عبر الموفَّق بجيوشه إِلَى مدينة الخبيث، وكان الزَّنْج قبل ذلك قد ظهروا على أبي الْعَبَّاس، وقتلوا من أصحابه جماعة، فدخل الموفَّق بجميع جيوشه ودار حول المدينة، والزَّنْج يَرمونهم بالمجانيق وغيرها. فنصَبَ المسلمون السّلالم على السّور وطلعوا ونصبوا أعلام الموفَّق، فانهزم الزَّنْج، وملك أصحاب الموفَّق السّور، فأحرقوا المجانيق والسّتائر [2] .
وجاء أبو الْعَبَّاس من مكانٍ آخر، فاقتحم الخنادق، وثَلَم السُّور ثُلْمةً اتّسع منها الدّخول. وانهزم الخبيث وأصحابه، وجُنْدُ الموفَّق يتبعونهم إِلَى اللّيل.
ثُمَّ عاد الخبيث إِلَى المدينة، وعدّى الموفَّق إِلَى عسكره، وتراجع أصحاب الخبيث، واستأمن إِلَى الموفَّق خلْق من قوّاده وفُرسانه.
ثُمَّ رمّم الخبيث ما كان وَهَى من الأسوار والخنادق [3] .
[استيلاء الخُجُسْتانيّ على الولايات وضربه السكّة]
وفيها استولى أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ على خُراسان، وكرْمان، وسِجِسْتان، وعزم على قصْد العراق، وضربَ السِّكّة باسمه، وعادَ على الوجه الآخر اسم المعتمد [4] .
[حبْس ابنُ المدبّر ومصادرته]
وفيها حبس أَحْمَد بْن طولون أَحْمَد بْن المدبّر الكاتب وصادره، وأخذ منه ستّمائة ألف دينار. وكان يتولى خراج دمشق [5] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 589، الكامل في التاريخ 7/ 354، نهاية الأرب 25/ 155.
[2] الكامل في التاريخ 7/ 357، نهاية الأرب 25/ 159.
[3] تاريخ الطبري 9/ 594، الكامل في التاريخ 7/ 356، نهاية الأرب 25/ 159، 160.
[4] تاريخ الطبري 9/ 599 و 600، البدء والتاريخ 6/ 124، تاريخ حلب للعظيميّ 266، الكامل في التاريخ 7/ 363، تاريخ ابن خلدون 3/ 343، تاريخ الخلفاء 364.
[5] النجوم الزاهرة 3/ 43.

(20/25)


ومن سنة ثمانْ وستّين ومائتين
فيها تُوُفيّ:
أبو الْحَسَن أَحْمَد بْن سيّار المَرْوَزِيّ، وأحمد بْن شَيْبَان الرمليّ، وأحمد بْن يُونُس الضَّبّيّ الإصبهانيّ، وعيسى بْن أَحْمَد العسقلانيّ البلخيّ، والفضل بْن عَبْد الجبّار المَرْوَزِيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بن عبد الحَكَم الفقيه.
[استئمان جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم للموفقّ]
وَفِي المُحرّم استأمن إِلَى الموفَّق جَعْفَر بْن إِبْرَاهِيم السّجَان [1] ، وكان صاحب أسرار الخبيث وأحد خواصه، فخلع عليه الموفَّق وأعطاه مالًا كثيرًا، وأمر بحمله إِلَى قريب مدينة الخبيث. فَلَمَّا حاذى قصر الخبيث صاح: ويْحكم إِلَى مَتَى تصبرون على هَذَا الخبيث الكذّاب. وحدثهم بما اطَّلع عليه من كِذبه وفجوره، فاستأمن فِي ذلك اليوم خلْق كثير منهم. وتتابع النّاس فِي الخروج من عند الخبيث [2] .
[دخول جُند الموفَّق مدينة الزَّنْج]
وَفِي ربيع الآخر زحف الموفَّق على مدينة الخبيث، وَهدم مِن السّور أماكن، ودخل الْجُنْد من كلّ ناحية واغترّوا، فخرج عليهم أصحاب الخبيث،
__________
[1] وقع في الكامل (طبعة صادر) 7/ 364 «السحان» بالحاء المهملة.
[2] تاريخ الطبري 9/ 601، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 100، 101، تاريخ حلب للعظيميّ 266، الكامل في التاريخ 7/ 364، نهاية الأرب 25/ 160.

(20/26)


فتحيَّروا فِي الخروج، وبعض النّاس طلب الشّطّ فغرقوا [1] .
ورد الموفَّق إِلَى مدينة الموفّقيّة، وقد أُصيب أصحابه.
ثُمَّ ضيّق على الخبيث، وقطع عَنْهُ الميرة، فضاق بأصحابه الأمر حَتَّى أكلوا لحوم الكلاب والموتى، وهرب خلْق، فسألهم الموفَّق، فقالوا له: لنا سنة ما أكلنا الخبز [2] .
[مقتل بَهْبُوذ]
فَلَمَّا كان رجب قُتِلَ بَهْبُوذ، وكان أكبر قوّاد الخبيث [3] .
[دخول ابنِ حَوْشب اليمن]
فِي هَذَا العام دخل أبو القاسم الْحَسَن بْن فرح بْن حَوْشب اليمن داعيًا من قبل عُبَيْد الله الَّذِي ملك المغرب، وتسمّى بالمهديّ [4] .
[عصيان لؤلؤ لابن طولون]
وفيها عصى لؤلؤ مَوْلَى أَحْمَد بْن طولون وخامر على أستاذه، فنهب بالِس فِي الرَّقَّةِ وقَرْقِيسيا، وسار إِلَى العراق [5] .
[قَتْلُ ابْنِ صاحب الزَّنْج]
وبلغ الخبيث أنّ ابنه يريد الهروب إِلَى الموفَّق فقتله [6] .
[قَتْلُ الخُجُسْتانيّ]
وفيها قُتِلَ أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ الخارج بخراسان، قتله غلمان
__________
[1] الكامل في التاريخ 7/ 364، 365.
[2] تاريخ الطبري 9/ 602، 603، وانظر: مروج الذهب 4/ 207، الكامل في التاريخ 7/ 365، 366، نهاية الأرب 25/ 161، 162.
[3] تاريخ الطبري 9/ 609، العيون الحدائق ج 4 ق 1/ 101، الكامل في التاريخ 7/ 367، نهاية الأرب 25/ 163، البداية والنهاية 11/ 42.
[4] رسالة افتتاح الدعوة للقاضي النعمان 32، وانظر آخر حوادث هذه الطبقة حول الاختلاف في اسمه.
[5] تاريخ الطبري 9/ 611، الكامل في التاريخ 7/ 372 و 393، المختصر في أخبار البشر 2/ 53، تاريخ ابن خلدون 3/ 343.
[6] تاريخ الطبري 9/ 611.

(20/27)


له فِي آخر السنة [1] .
[غزوة خَلَف التركيّ ثغور الروم]
وفيها غزا خلف التُّرْكيّ نائب أَحْمَد بْن طولون على ثغور الشّام، فقتل من الروم بضعة عشر ألفًا وغنِم، فبلغ السّهم أربعين دينارا [2] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 612، تاريخ حلب للعظيميّ 266، الكامل في التاريخ 7/ 372 وفيه قتله غلام له، دول الإسلام 1/ 162، البداية والنهاية 11/ 42، النجوم الزاهرة 3/ 44، تاريخ الخلفاء 364 وفيه تحرّفت نسبته إلى «الحجابي» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 612، تاريخ حلب للعظيميّ 266، العبر 2/ 37، دول الإسلام 1/ 161 162، البداية والنهاية 11/ 42 وفيه «فقتل من الروم سبعة عشر ألفا» ، النجوم الزاهرة 3/ 44.

(20/28)


ومن سنة تسعٍ وستّين ومائتين
فيها تُوُفيّ:
أَحْمَد بْن عَبْد الحميد الحارثيّ، وحُذَيْفة بْن غِياث، وإبراهيم بْن منقذ الخَوْلانيّ، وعبد الله بْن حمّاد الآمُليّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم، أبو حَمْزَةَ الصُّوفيّ، وأبو فَروة يزيد بْن محمد بْن يزيد بْن سِنان.
[كسوف الشمس والقمر]
وَفِي المحرّم انكسفت الشمس والقمر [1] .
[غارة الأعراب على الحجّاج]
وفيها قطعت الأعراب الطريق على الحجّاج، فأخذت خمسمائة جمل بأحمالها [2] .
[وثوب خَلَف الفرغاني على يازمان الخادم]
وفيها وثب خلف الفرغانيّ على يازمان خادم الفتح بْن خاقان، فحبسه بالثّغْر فوثب أَهْل الثّغر فخلَّصوه، وَهَمُّوا بقتل خَلَف، فهرب إلى دمشق، ولعنوا
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 613، تاريخ حلب للعظيميّ 267، الكامل في التاريخ 7/ 396.
[2] تاريخ الطبري 9/ 613، البدء والتاريخ 6/ 125، تاريخ حلب للعظيميّ 267، الكامل في التاريخ 7/ 396، النجوم الزاهرة 3/ 45.

(20/29)


ابْنَ طولون على منابر الثَّغر، فسار أَحْمَد بْن طولون من مصر حَتَّى نزل أَذَنَةَ، وقد تحصّن بها يازمان الخادم، وفعل ذلك أَهْل طَرَسُوس، فأقام ابنُ طولون مدّة على أَذَنَة، فلم يظفْر بها بطائل، فعاد إِلَى دمشق [1] .
[أَخْذُ لؤلؤ قرقيسيا من العُقَيليّ]
وفيها افتتح لؤلؤ قرقيسيا عنوة، أخذها من ابن صفوان العقيلي، وسلمها إلى أحمد بن مالك بن طوق [2] .
[دخول الموفق مدينة صاحب الزنج]
وفيها دخل الموفَّق مدينة الخبيث عَنْوَة. وكان الخبيث عند قُتِلَ بَهْبُوذ أَخَذَ تَرِكَتَه وأمواله، وضربَ أقاربه بالسِّياط، ففسدت نيّات خواصّه لذلك، فعبر الموفَّق المدينة ونادى بالأمان فتسارع إليه أصحاب بَهْبُوذ، فأحسنَ إليهم، ثُمَّ دخل المدينة بعد حربٍ شديد، وقصدَ الدّار الّتي سماها الخبيث جامعًا، فقاتل أصحابه دونه أشدّ قتالٍ حَتَّى قُتِلَ منهم خلق، ثُمَّ هدم أصحاب الموفَّق فِي الدّار وهو يبذل الأموال فِي الْجُنْد لينصحوا، فهدموها وأتوا بالمِنْبَر الَّذِي للخبيث، ففرح وخرج إِلَى مدينته بعد أن نهب خزائن الخبيث، وأحرق الأسواق والدُّور.
وذلك فِي جمادى الأولى.
وَرُمِيَ يومئذٍ الموفَّق بسهم فجرحه، ثُمَّ أصبح على القتال، فزاد عليه الألم بالحركة، وخيف عليه، وخافوا قوّة الخبيث عليهم، وأشاروا عليه بالرحيل إِلَى بغداد، فأبى وتصبَّر حَتَّى عُوفي وعاد لحرب الخبيث، وقد رمّم الخبيث ما وَهَى من مدينته [3] .
[عزم المعتمد على اللّحاق بمصر]
وَفِي نصف جُمادى الأولى شخص المعتمد من سُرَّ من رَأَى يريد اللّحاق بابن طولون لأمر تقرّر بينهما.
__________
[1] تاريخ دمشق 9/ 613، 614، الكامل في التاريخ 7/ 396، النجوم الزاهرة 3/ 45.
[2] تاريخ الطبري 9/ 614.
[3] الخبر مطوّلا في تاريخ الطبري 9/ 614- 620، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 101، 102، الكامل في التاريخ 7/ 374- 377، نهاية الأرب 25/ 163- 166، العبر 2/ 39، دول الإسلام 1/ 162.

(20/30)


قَالَ أَحْمَد بْن يوسف الكاتب: خرج أَحْمَد بْن طولون من مصر، وحمل معه ابنه الْعَبَّاس معتَقَلًا، فقدِم دمشق، وخرج المعتمد من سامُراء على وجه التّنَزُّه، وقصْدُه دمشق لاتّفاقٍ جرى بينه وبين ابنُ طولون، فَلَمَّا بلغ ذلك الموفَّق كتب إِلَى إِسْحَاق بْن كُنْداج يقول: مَتَى استولى ابنُ طولون على المعتمد لم يبق منكم مَعْشَر الموالي اثنان [1] . فاجتهد فِي ردّه.
وكان ابنُ كُنْداج فِي نصِّيبين فِي أربعة آلاف، فصار إِلَى المَوْصِل، فوجد حرّاقات المعتمد وقُوّاده بموضعٍ يُقَالُ له الدَّواليب، فوكَّل بهم هناك، وسار فلقي المعتمد بين المَوْصِل والحديثة، فخرج إليه نحرير الخادم، وسلَّم عليه واستأذن فأُذِنَ له، فدخل ابنُ كنْداج ومعه ابنه محمد وجماعة يسيرة، فسلَّم ووقف، وقَالَ: يا إِسْحَاق لِمَ منعت الحَشَم من الدّخول إِلَى المَوْصِل؟ وكان ينزلها أَحْمَد بْن خاقان وخطارمِش، فقال: يا أمير المؤمنين أخوك فِي وجه العدوّ، وأنت تخرج عن مستقرّك ودار مُلْكك، ومتى صحّ عنده هَذَا رجع عن مقاومة الخارجيّ، فيغلب عدوّك على دار آبائك. وهذا كتاب أخيك يأمرنا بردّك.
فقال: أنت غلامي أو غلامه؟
فقال: كلُّنا غلمانك ما أطعت الله، فإذا عصيته فلا طاعة لك وقد عصيت الله فيما فعلت من خروجك، وتسليط عدوّك على المسلمين. ثُمَّ خرج من المضرب ووكّل به جماعة. ثُمَّ بعث إِلَى المعتمد يطلب ابنَ خاقان وخطارمِش لِيُنَاظِرهما. فبعث بهما إليه فقال: ما جنى أحد على الْإِسْلَام والخليفة ما جنيتم، فلِمَ أخرجتموه من دار مُلْكه فِي عدةٍ يسيرة، وهارون الشّاري بإزائكم فِي جمْعٍ كبير؟ فلو حضركم وأخذ الخليفة لكان عارًا وسُبَّةً على الْإِسْلَام. ثُمَّ رسّم عليهم، وبعث إِلَى الخليفة يقول: ما هَذَا المُقام، فارجع.
فقال المعتمد: فاحلف لي أنّك تنحدر معي ولا تسلّمني.
فحلف له، وانحدر إِلَى سامراء، فتلقّاه صاعد بْن مَخْلد كاتب الموفَّق، فسلّمه إِسْحَاق إليه، فأنزله فِي دار أَحْمَد بْن الخصيب، ومنعه من نزول دار الخلافة، ووكّل به خمسمائة رجل يمنعون من الدّخول إليه [2] .
__________
[1] في الأصل: «اثنين» .
[2] تاريخ الطبري 9/ 620، 621، وانظر: العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 108، 109، والكامل

(20/31)


وأمّا الموفَّق فبعث إِلَى إِسْحَاق بِخلعٍ وأموالٍ، وأقطعه ضياع القُوّاد الذين كانوا مع المعتمد.
وقَالَ الصُّوليّ: كان المعتمد قد [ضجر] [1] من أَخِيهِ الموفَّق، فكاتب ابنُ طولون واتّفقا، فذكر الحكاية.
وقَالَ المعتمد:
أليس من العجائب أنّ مثلي ... يَرَى ما قَلَّ ممتنعًا عليه؟
وتُوكَلُ [2] باسمه الدُّنيا جميعًا ... وما من ذاك شيءٌ فِي يديه [3] ؟
[تلقيب ذي الوزارتين وذي السَيفين]
ولقّب الموفَّق صاعدًا: ذا الوزارتين، ولقب ابنُ كُنْداج: ذا السَّيْفين [4] .
وأقام صاعد فِي خدمة المعتمد، ولكن ليس للمعتمد حلّ ولا ربْط.
[مصادرة ابنُ طولون للقاضي بكار بْن قُتَيْبَةَ]
ولمّا بلغ ابنُ طولون ذلك جمع القُضاة والأعيان وقَالَ: قد نكث الموفَّق أبو أَحْمَد بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد. فخلعوه إلّا القاضي بكّار بْن قُتَيْبة [5] ، فقال: أنت أوردت عليَّ كتابًا من المعتمد بولاية العهد، فأورِدْ عليَّ كتابًا آخر منه بخلْعه.
فقال: إنّه محجورٌ عليه ومقهور.
فقال: لا أدري.
فقال ابنُ طولون: أغرّك النّاس بقولهم: ما فِي الدُّنيا مثل بكّار، أنت شيخ قد خَرَّفْت. وحبسهُ وقيّدهُ، وأخذ منه جميع عطاياه من سنين، فكان عشرة آلاف
__________
[ () ] في التاريخ 7/ 394، 395، والمختصر في أخبار البشر 2/ 53، ونهاية الأرب 22/ 337، 338، والعبر 2/ 39، 40، ودول الإسلام 1/ 162، 163، وتاريخ ابن الوردي 1/ 239، والبداية والنهاية 11/ 43، وتاريخ الخلفاء 365.
[1] في الأصل بياض، والاستدراك من: الكامل 7/ 394.
[2] في مآثر الإنافة: «وتؤخذ» ، وكذا في: تاريخ الخلفاء.
[3] البيتان في: مآثر الإنافة 1/ 254، وتاريخ الخلفاء 365 وبه زيادة بيت:
إليه تحمل الأموال طرا ... ويمنع بعض ما يجبى إليه
[4] تاريخ الطبري 9/ 622، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 108 و 109.
[5] دول الإسلام 1/ 163.

(20/32)


دينار، فَقِيلَ: إنّها وُجدت فِي بيت بكّار بختمْها وحالها.
وبلغ الموفَّق فأمر بلعنة ابنُ طولون على المنابر [1] .
[سير ابنُ طولون إِلَى المصّيصة وتراجعه]
وفيها سار ابنُ طولون إِلَى المصَّيصة. وبها يازمان الخادم، فتحصّن ونزل ابنُ طولون بالمرج والبرد شديد. فشقّ عليه يا زمان نهر طَرَسُوس، فغرق المرج وهلك عسكر ابنُ طولون، فرحل وهو خائف، وخرج أَهْل طَرَسُوس فنهبوا بقايا عسكره، ومرِض فِي طريقه مرضته الّتي مات فيها مغبونًا [2] .
[ولاية ابنُ كُنْداج]
وولّي الموفَّق إِسْحَاق بْن كُنْداج المغرب كلّه والعراق كلّه، وما كان بيد أَحْمَد بْن طولون.
[إحراق قطعة من بلد الزَّنْج]
وفيها عبر الموفَّق إِلَى الخبيث وأحرق قطعة من البلد، وجرح ابنُ الخبيث وكاد يتلف [3] .
[الوقعة بين الموفق وبين الزنج]
وَفِي شوّال كَانَتْ بين الموفَّق والخبيث وقعةٌ عظيمة. ولمّا رَأَى الخبيث أنّ الميرة قد انقطعت عَنْهُ وصعُب أمره، وقلّ عنده الشيء، حَتَّى كان أحدهم إذا وقع بامرأة أو صبيّ ذبحه وأكله. وكان الخبيث يعاقب من يفعل ذلك لكنْ بحبسه.
ثُمَّ إنّ الموفَّق أحرق عامّة البلد وقصر الإمارة، وخافت الزَّنْج، فقاتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ انهزموا، وعبر الخبيث إِلَى الجانب الشرقيّ من نهر أبي الخصيب، واستأمن إِلَى الموفَّق جماعة من القُوّاد أصحاب الخبيث وخاصّته، وفتحوا سجنا
__________
[1] النجوم الزاهرة 3/ 45، تاريخ الخلفاء 365، 366.
[2] زبدة الحلب 1/ 80، المختار من تاريخ ابن الجزري 276، 277.
[3] تاريخ الطبري 9/ 622.

(20/33)


كبيرًا كان للخبيث فِيهِ خلْق من عساكر المسلمين وأصحاب الموفَّق، فأطلقوهم [1] .
[دخول المعتمد واسط]
وَفِي ذي القعدة دخل المعتمد إلى واسط [2] .
[دخول الموفَّق مدينة صاحب الزَّنْج وتخريب داره]
وفيه سارت السُّفن والسّماريات وجيوش الموفَّق على ترتيب لم يُرَ مثله كثْرةً وأُهْبة، فَلَمَّا رَأَى الخبيث ذلك بَهره وزال عقله. وزحف الجيش نحو الخبيث، فالتقاهم فِي جيشه، والْتحم القتال، وحمل الموفَّق وابنه والخواصّ، فهزموا الزَّنْج، وقتلوا منهم مقتلةً هائلة، وأسروا خلقًا، فَضُرِبَتْ أعناقهم. وقصد الموفَّق دار الخبيث، وقد التجأ إليها، وانتخب أنجاد أصحابه ليدافعوا عَنْهَا، فَلَمَّا لم يُغْنوا عَنْهُ شيئًا أسلمها، وتفرّق عَنْهُ أصحابه، ونُهِبَتْ داره وحُرَمُه وأولاده، فهرب الخبيث نحو دار المهلّبيّ قائده. وأُتِيَ بحريمه وذُرِّيّته فكان عددهم أكثر من مائة، فأمر الموفَّق بحملهم إِلَى الموفَّقيّة وأحسن إليهم، وأمر بإحراق دار الخبيث.
وكان عنده نساء علويّات وحرائر قد استباحهنّ، وجاءه منهنّ أولاد [3] .
__________
[1] تاريخ الطبري 9/ 628- 637، الكامل في التاريخ 7/ 377- 380، نهاية الأرب 25/ 166، 167.
[2] تاريخ الطبري 9/ 642.
[3] تاريخ الطبري 9/ 645- 652، العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 102، 103 و 105، 106، والكامل في التاريخ 7/ 383- 393، نهاية الأرب 25/ 167، 168 و 180.

(20/34)


سنة سبعين ومائتين
فيها تُوُفيّ:
أَحْمَد بْن طولون صاحب مصر، وأحمد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وأحمد بْن المقدام الهَرَويّ، وإبراهيم بْن مرزوق البصريّ، وأسد بْن عاصم، وبكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي، والحسن بْن عليّ بْن عفان العامريّ، وداود الظّاهريّ الفقيه، والربيع بْن سُلَيْمَان المراديّ، وزكريّا بْن يحيى المَرْوَزِيّ، وعبّاس بْن الْوَلِيد البَيروتيّ، وأبو البَخْتَرِيّ عَبْد الله بْن محمد بْن شاكر، ومحمد بن إِسْحَاق الصّغانيّ، ومحمد بْن ماهان، ومحمد بْن مُسْلِم بْن وَارَةَ، ومحمد بْن هشام بْن ملّاس،
[مقتل صاحب الزَّنْج]
وفيها وصل لؤلؤ الطُّولونيّ فِي جيشٍ عظيم نجدةً للموفق فِي المحرّم، فكانت بين الموفَّق وبين الخبيث وقعةٌ أوهنت الخبيث، ثُمَّ وَقْعَةٌ أخرى قُتِلَ فيها

(20/35)


الخبيث وعجل الله بروحه إِلَى النّار. وهو عليّ بْن محمد المدَّعي أنّه علويّ، وَقِيلَ: اسمه بَهْبُوذ. قد ذكرنا وقائعه مع الموفَّق وحصاره الزّمن الطّويل له، إِلَى أن اجتمع مع الموفّق زهاء ثلاثمائة ألف مقاتل مطَّوّعة وَفِي الديوان.
فَلَمَّا كان فِي ثاني صفر، وقد التجأ الخبيث إِلَى جبلٍ ثُمَّ تراجع هُوَ وأصحابه إِلَى مدينتهم خُفْية، وجاءت مقدّمات الموفَّق، فَلَمَّا وصلوا إِلَى المدينة لم يَدْرُوا أنّهم قد رجعوا إليها، فأوقعوا بهم، فانهزم الخبيث وأصحابه، وتبعهم أصحاب الموفَّق يأسرون ويقتلون، وانقطع الخبيث فِي جماعةٍ من قوّاده وفرسانه، وفارقه ابنه انكلائي، وسليمان بْن جامع، فظفر أبو الْعَبَّاس بن الموفَّق بابن جامع، فكبّر النّاس لمّا أتى به إِلَى أَبِيهِ.
ثُمَّ شدّ الخبيث وأصحابه، فأزال النّاس عن مواقفهم، فحمل عليه الموفَّق فانهزموا وتَبِعهم إِلَى آخر نهر أبي الخصيب، فبينا القتال يعمل إذ أتى فارس من أصحاب لؤلؤ إِلَى الموفَّق برأس الخبيث فِي يده، فلم يصدّقه فعرضه على جماعةٍ فعرفوه. فترجل الموفَّق وابنه والأمراء وخرّوا سُجَّدًا للَّه، وكبّروا وحمدوا الله تعالى.
وَقِيلَ: إنّ أصحاب الموفَّق لمّا أحاطوا به لم يبق معه إلّا المهلَّبيّ، ثُمَّ ولّى وتركه، فقذف نفسه فِي النّهر فقتلوه. وسار أبو الْعَبَّاس ومعه رأس الخبيث على رُمحٍ فدخل به بغداد، وعُمِلت قِباب الزّينة، وضجّ النّاس بالدّعاء للموفق وولده. وكان يومًا مشهودًا. وأمِن النّاس وتراجعوا إِلَى المدن الّتي أخذها الخبيث.
وكان ظهوره من سنة خمس وخمسين [1] .
قَالَ الصُّوليّ إنّه قتَل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدميّ [2] ، وقتل فِي يومٍ واحدٍ بالبصرة ثلاثمائة ألف [3] .
وكان له منبرٌ فِي مدينته يصعد عليه ويسبّ عُثْمَان وعليّ ومعاوية وطلحة والزَّبير وعائشة، وهو رأي الأزارقة.
__________
[1] وقيل من سنة أربع وخمسين ومائتين. (العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 112) .
[2] وقيل: إن عدد القتلى في تلك الوقائع كان ألفي ألف وخمسمائة ألف إنسان. (الفخري 251) ، دول الإسلام 1/ 164، تاريخ الخلفاء 364.
[3] دول الإسلام 1/ 164، تاريخ الخلفاء 364.

(20/36)


وكان ينادى على المرأة العلوية بِدرْهَمين وثلاثةٍ فِي عسكره [1] ، وكان عند الواحد من الزَّنْج العشرة من العلويّات يطئوهنّ وتخدمن نساءهنّ.
ومدح الشعراء الموفَّق [2] .
[عودة المعتمد إِلَى سامُرّاء]
وَفِي نصف شعبان أعيد المعتمد إِلَى سامراء، ودخل بغداد ومحمد بْن طاهر بْن يديه بالحربة والحسن فِي خدمته كأنْ لم يُحْجَر عليه [3] .
[انبثاق بثق بنهر عِيسَى]
وفيها انبثق ببغداد فِي الجانب الغربي فِي نهر عِيسَى [بثْقٌ] ، فجاء الماء إِلَى الكَرْخ، فهدم سبعة آلاف دار [4] .
[ظهور الحسني بالصعيد ومقتله]
وفيها ظهر أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن إبْرَاهِيم بْن إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بْن الحسني بالصعيد، وتبعه خلْق. فجهّز أَحْمَد بن طولون لحربه جيوشًا، وكانت بينهم وقعات وظفروا به وأتوا ابنُ طولون فقتله.
ومات بعده ابنُ طولون بيسير [5] .
[ظهور دعوة المهديّ باليمن]
وفيها ظهرت دعوة المهديّ باليمن، وكان قبلها بنحو سنين قد سيّر والدهُ عُبَيْد، جدّ بني عُبَيْد الخلفاء المصرييّن الرَّوافض المَلاحِدة الَّذِي زعم أنّه ابنُ محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن جَعْفَر الصادق، داعين لولده عبد الله المهديّ، أحدهما
__________
[1] مروج الذهب 4/ 208، تاريخ الخلفاء 364.
[2] الخبر مطوّلا في: تاريخ الطبري 9/ 654- 665، وانظر: التنبيه والإشراف 319، ومروج الذهب 4/ 207، 208، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 111، 112، والعقد الفريد 5/ 125، والإنباء في تاريخ الخلفاء 137، والكامل في التاريخ 7/ 399- 406، وتاريخ الزمان لابن العبري 44، والفخري 250، 251، والمختصر في أخبار البشر» 2/ 53، ونهاية الأرب 25/ 180- 186، والعبر 2/ 41- 43، 44، وتاريخ الخلفاء 364.
[3] تاريخ الطبري 9/ 666.
[4] تاريخ الطبري 9/ 6677، تاريخ حلب للعظيميّ 267، النجوم الزاهرة 3/ 47 وفيه «انشق ببغداد في الجانب الغربيّ شقّ من نهر عيسى» ، تاريخ الخلفاء 366.
[5] النجوم الزاهرة 3/ 47.

(20/37)


أبو القاسم بْن حَوْشَب الكوفي [1] ، والآخر أبو الْحَسَن، فَدَعَوْا إِلَى المهدي سرًّا.
ثُمَّ سيّر والد المهديّ داعيًا آخر يُسمّى أَبَا عَبْد الله، فأقام باليمن إِلَى سنة ثمانٍ وسبعين، فحجّ تلك السنة، واجتمع بقبيلة من كُتامة، فأعجبهم حاله، فصحبهم إلى مصر، ورأى منهم طاعة وقوّة، فصحبهم إِلَى المغرب، فكان ذلك أوّل شأن المهديّ [2] .
[هزيمة الروم عند طَرَسُوس]
وفيها نازلت الرّوم طَرَسُوس فِي مائة ألف وبها يازمان الخادم، فبيَّتهم ليلًا وقتل مقدّمهم وسبعين ألفًا. وأخذ منهم صليبهم الأكبر وعليه جواهر لا قيمة لها، وأخذ من الخيل والأموال والأمتعة ما لا ينحصر، ولم يُفِلت منهم إلّا القليل، وذلك فِي ربيع الأوّل [3] . وكان فتحا عظيما عديم المثيل مَنَّ الله به على الْإِسْلَام يوازي قتل الخبيث. والحمد للَّه وحده.
__________
[1] هو: أبو القاسم الْحَسَن بْن فرح بْن حَوْشب بن زاذان الكوفي، وسمّي المنصور باليمن. وقد وقع في الاسم تصحيف وتحريف واختلاف كثير، فهو في: الحور العين لنشوان بن سعيد الحميري (طبعة القاهرة 1948) ص 196 «الحسن بن فرج» ، وفي بلوغ المرام للعرشي، ص 22: «الحسن بن فرح بن جيوشب» ، وفي الكامل لابن الأثير 8/ 30، وتاريخ ابن خلدون 3/ 261: «رستم بن الحسين بن حوشب بن داذان النجار» ، وفي اتعاظ الحنفا للمقريزي 1/ 40 و 55 «رستم بن الحسين بن فرج بن حوشب بن زادان (ذاذان) » ، وفي الخطط، له 1/ 349، «الحسين بن فرج بن حوشب» و «الحسن بن حوشب» .
[2] رسالة افتتاح الدعوة للقاضي النعمان 32 و 62، 63 و 71، الاستبصار في عجائب الأمصار لكاتب مراكشيّ 202، 203، تاريخ الخلفاء 366.
[3] تاريخ الطبري 9/ 666، تاريخ حلب للعظيميّ 267، الكامل في التاريخ 7/ 406، 407، نهاية الأرب 22/ 339، البداية والنهاية 11/ 45، تاريخ الخلفاء 366.

(20/38)


تراجم أَهْل هَذِهِ الطبقة
حرف الألف
1- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [1] .
أبو الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ ورّاق خَلَف بن هشام البزّار.
سمع: خَلَفًا، ومسدّدًا، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم القعنبيّ، وطائفة.
وعنه: أبو عِيسَى بْن قَطَن، وإسحاق بْن أبي حسّان الأنماطيّ، وحمزة السِّمْسار.
قَالَ الخطيب [2] : كان ثقة. صنَّف فِي عدد الآي.
قلت: وكان أحد الحُذّاق فِي القراءة. تلا على خَلَف، وعلى أبي عُبَيْد، ومحمد بْن إِسْحَاق، وهشام بْن عمّار، وغيرهم.
2- أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو علي القُهسْتانيّ.
حافظ، نزل بغداد.
عن: يحيى بْن يحيى، وابن نُمَيْر، وإبراهيم بْن المنذر.
وعنه: ابنُ مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ، وجماعة.
وُثِّق [4] .
تُوُفيّ سنة سبْعٍ وستّين ومائتين.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في:
تاريخ بغداد 4/ 8 رقم 1587.
[2] في تاريخه.
[3] انظر عن (أحمد بن إبراهيم القهستاني) في:
تاريخ بغداد 4/ 9، 10 رقم 1591.
[4] قال الخطيب: «وأحاديثه مستقيمة حسان تدلّ على حفظه وتثبّته» .

(20/39)


3- أَحْمَد بْن الأزهر بْن مَنِيع بْن سَليِط [1]- ن. ق. - أبو الأزهر العبديّ النّيسابوريّ الحافظ.
حجّ ورأى سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وسمع: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأسباط بْن محمد، ومالك بْن سُعَيْر بن الخِمْس [2] ، ومحمدا، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ، وعبد الرّزّاق، ووهْب بْن جرير، وأبا ضَمرة، وطائفة.
وعنه: ن. ق.، ومحمد بْن يحيى، ومحمد بن رافع وهما من أقرانه، وابن خُزَيْمَة، وأبو حامد بْن الشَّرْقيّ، ومحمد بْن الْحُسَيْن القطان، وخلْق كثير.
قال ابن الشّرقيّ: سمعته يقول: كتب عنيّ يحيى بْن يحيى [3] .
وكان أبو الأزهر ثقة بصيرا بهذا الشّأن، روى عن عَبْد الرّزّاق حديثًا مُنْكَرًا هُوَ منه إنّ شاء الله بريء العهدة. وهو: أَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ:
«أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا سَيِّدٌ فِي الآخِرَةِ. مَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ. وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي، وَعَدُوِّي عَدُوُّ الله، والويل لمن أبغضك من بعدي» .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الأزهر) في:
مسند أبي عوانة 2/ 151، وصحيح ابن خزيمة 1/ 399، 350، والثقات لابن حبّان 8/ 43، والجرح والتعديل 2/ 41 رقم 11، وتاريخ بغداد 4/ 39- 43 رقم 1647، وفيه «أحمد بن زاهر» ، والمعجم المشتمل لابن عساكر 38 رقم 5، وتهذيب الكمال 1/ 255- 261 رقم 6، وسير أعلام النبلاء 12/ 363- 369 رقم 157، وتذكرة الحفاظ 2/ 545، 546، وميزان الاعتدال 1/ 82 رقم 294، والعبر 2/ 26، والكاشف 1/ 12 رقم 4، والمعين في طبقات المحدّثين 94 رقم 1044، ودول الإسلام 1/ 159، والبداية والنهاية 11/ 36، وتهذيب التهذيب 1/ 11- 13 رقم 6، وتقريب التهذيب 1/ 10 رقم 6، وطبقات الحفاظ 240، وخلاصة تذهيب التهذيب 3، وشذرات الذهب 2/ 146، 147، وقد أضاف السيد صالح السمر في تحقيقه لسير أعلام النبلاء، كتاب: لسان الميزان إلى مصادر الترجمة، فوهم بذلك، فالذي في لسان الميزان 1/ 136 رقم 423 هو «أحمد بن الأزهر البلخي أخو محمد بن الأزهر، يروي عن: يعلى بن عبيد، وحبيب بن علي الجعفي. قال ابن حبّان في الثقات:
يخطئ ويخالف» . فهذا غير صاحب الترجمة: العبديّ النيسابورىّ الّذي يروي عنه ابن خزيمة. وقد فرّق ابن حبّان بين الاثنين في الثقات 8/ 43 و 44 فليراجع، ويصحّح.
[2] في تاريخ بغداد 4/ 39، «مالك بن سعيد بن الحسن» ، وهو غلط.
[3] تاريخ بغداد 4/ 40.

(20/40)


قَالَ أَحْمَد بْن يحيى بْن زُهير السَّريّ: لمّا حدّث أبو الأزهر بهذا الحديث أُخْبِر يحيى بْن معين بِذَلِك، فقال: مَن هَذَا الكذاب النَّيْسابوريّ الَّذِي حدَّث بهذا؟
فقام أبو الأزهر فقال: هو ذا أَنَا.
فتبسَّم ابنُ معين وقَالَ: أما إنّك لست بكذّاب. وتعجّب من سلامته، وقَالَ: الذَّنْب لغيرك فِي هَذَا الحديث [1] .
قَالَ أبو حامد بْن الشَّرْقيّ، هَذَا حديث باطل، وكان لمعمر ابنُ أخٍ رافضيّ، وكان ابنُ مُعَمَّر [2] يمكِّنه من كُتُبه، فأدخل عليه هَذَا. وكان مُعَمَّر رجلًا مهيبًا، لا يقدر عليه أحد فِي السّؤال والمراجعة، فسمعه عَبْد الرّزّاق فِي كتابه [3] .
وقَالَ غير واحد، عن مكّيّ بْن عَبْدان: سمعت أَبَا الأزهر يقول: خرج عَبْد الرّزّاق إِلَى قريته، فبكَّرت إليه قبل الصُّبح، فَلَمَّا رآني قَالَ: كنت البارحة هنا؟ قلت: لا، ولكن خرجت فِي اللّيل.
فأعجبه ذلك. فَلَمَّا فرغ من صلاة الصُّبْح دعاني وقرأ عليّ هَذَا الحديث، وخصّني به دون أصحابي [4] .
وروى أبو محمد بْن الشَّرْقيّ، عن أبي الأزهر قَالَ: كان عَبْد الرّزّاق يخرج إِلَى قريته، فذهبت خلفه، فرآني أشتدّ، فقال: تعال. فأركبني خلفه على البغْل، ثُمَّ قَالَ لي: ألا أخبرك حديثًا غريبًا؟ قلت: بلى.
فَحَدَّثَنِي الحديث. فَلَمَّا رجعت إِلَى بغداد أنكر عليّ ابنُ مَعِين وهؤلاء، فحلفت أن لا أحدث به حتى أتصدق بدرهم.
وقد رواه محمد بْن عليّ بْن سُفْيَان النّجّار، عن عَبْد الرّزّاق.
قَالَ أبو حامد بْن الشّرْقيّ: قَيِل لي لِمَ لا ترحل إِلَى العراق؟ قلت: وما أصنع وعندنا من بنادرة [5] الحديث ثلاثة: محمد بن يحيى، وأبو الأزهر،
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 41، 42.
[2] في تاريخ بغداد: وكان معمر.
[3] تاريخ بغداد 4/ 42.
[4] تاريخ بغداد 4/ 42.
[5] بنادرة: مفردها بندار، وهو الحافظ في بلده. ووقع في: تاريخ بغداد: «نبادره» .

(20/41)


وأحمد بن يوسف السُّلَميّ [1] .
قَالَ النَّسائيّ: أبو الأزهر لا بأس به [2] .
وعن أبي الأزهر قَالَ: لمّا أنكر عليَّ ابنُ معين هَذَا الحديث حلفت أن لا أحدث به حتى أتصدق بدرهم [3] .
وقال الدّار الدّارقطنيّ: لا بأس به، قد أخرج فِي الصَّحيحين عمّن هُوَ دونه.
قَالَ الْحُسَيْن بْن محمد القبّانيّ: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستين [4] .
وقَالَ أبو حاتم [5] : صدوق [6] .
4- أَحْمَد بْن حرب بْن محمد بْن عليّ بْن حَيّان بْن شاذان بْن الغَضُوبة [7] .
أبو بَكْر الْمَوْصِلِيّ. أخو عليّ بْن حرب.
سمع: سُفْيان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاوِيَة، وطائفة.
وعنه: س.، وقَالَ: هُوَ أحبُّ إليَّ من أَخِيهِ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، ومكحول البَيْروتيّ، وآخرون.
وقَالَ الأزْديّ فِي تاريخه: كان ورِعًا فاضلًا، رابط بأَذَنَه، وبها مات [8] .
5- أحمد بن الحسن السّكّريّ الحافظ.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 42، وبه زيادة: فاستغنينا بهم عن أهل العراق.
[2] تاريخ بغداد 4/ 43.
[3] تقدّم هذا القول قبل قليل.
[4] وفي ثقات ابن حبّان 8/ 43: مات في أول سنة إحدى وستين ومائتين.
[5] وقال ابن أبي حاتم: أدركته ولم أكتب عنه، وكان صدوقا. (الجرح والتعديل) .
[6] وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال: «يخطئ» .
وقال محمد بن يحيى الذهلي: أبو الأزهر من أهل الصدق والأمانة، نرى أن نكتب عنه.
قالها مرتين.
وقال مكي بن عبدان: سألت مسلم بن الحجاج عن أبي الأزهر فقال: أكتب عنه. (تاريخ بغداد 4/ 43) .
[7] انظر عن (أحمد بن حرب) في:
عمل اليوم والليلة، رقم 725، والجرح والتعديل 2/ 49 رقم 44، والمعجم المشتمل 42 رقم 18، وتهذيب الكمال 1/ 288- 290 رقم 24، وسير أعلام النبلاء 12/ 253، 254 رقم 94، والكاشف 1/ 15 رقم 19، وتهذيب التهذيب 1/ 23 رقم 29، وتقريب التهذيب 1/ 13 رقم 25، وخلاصة التذهيب 5، وشذرات الذهب 2/ 150.
[8] في سنة 263 هـ. كما قال ابن حبّان.

(20/42)


تُوُفيّ بمصر سنة ثمانٍ وستّين.
لا أعرفه، وذكره مختصر.
6- أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مُجَالد الضرير.
مَوْلَى المعتصم.
أَخَذَ عن: جَعْفَر بْن مبشّر عِلْم الكلام. وكان من دُعاة المعتزلة.
هلك سنة تسعٍ وتسعين، وَقِيلَ: قبلها بعام.
7- أَحْمَد بْن حمدون.
أبو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الكاتب الإخباريّ، الشّاعر، أَحَدُ الموصوفين بالظُّرْف والأدب. نادَمَ الخلفاء، وقد مدحه البُحْتُريّ.
تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين.
روى عَنْهُ: ابنُ أَخِيهِ عليّ بْن بسّام، وجعفر بْن قُدامة، وأحمد بن الطَّيّب السّرْخَسيّ.
8- أَحْمَد بْن الخصيب بْن عَبْد الحميد [1] .
الوزير أبو الْعَبَّاس الْجَرْجَرائيّ. وَزَر للمنتصر وللمستعين، ثُمَّ نفاه المستعين إِلَى الغرب فِي سنة ثمانٍ وأربعين. وأبوه ولي إمرة الدّيار المصريّة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الخصيب) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 479، 481، 487، 493، 494، وتاريخ الطبري 9/ 75، 125، 128، 234، 235، 240، 243، 248، 251، 253، 256، 259، ومروج الذهب (طبعة الجامعة اللبنانية) 2834، 2985- 2988، 2992، 2998، 3006، 3009، 3017، وأخبار البحتري 112، 113، والهفوات النادرة 261، 265، 267، وذيل زهر الآداب 172، والأغاني (طبعة بولاق) 21/ 253، وتحفة الوزراء 121، والإعجاز والإيجاز 108، ونكت الوزراء للجاجرمي، ورقة 43 أ، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 250 و 2/ 63، 65، 66، 217 و 3/ 152- 154، والديارات 368، 369، ومعجم البلدان 3/ 246، وطبقات الشعراء لابن المعتزّ 373، والعقد الفريد 3/ 10 و 4/ 165، 170، 172، وتاريخ العظيمي 113، 259، 284، وتجارب الأمم 6/ 499، 547، 557، 558، 562، 564، والكامل في التاريخ 7/ 10، 103، 104، 111، 117، 119، ووفيات الأعيان 2/ 418، والتذكرة الحمدونية 2/ 105، 279 والفخري 239، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 153، وخلاصة الذهب المسبوك 228، 229، والعبر 2/ 29، 30، وسير أعلام النبلاء 12/ 553 رقم 211، ودول الإسلام 1/ 160، والوافي بالوفيات 6/ 372.

(20/43)


وَقِيلَ: إنّ أَحْمَد كان فِيهِ حِدة وتسُّرع.
قَالَ أَحْمَد بْن أبي طاهر الكاتب: كان يحتدّ علي من يُراجعه، ويُخْرِج رِجْله من الرِّكاب، فيرفس من يراجعه، ففيه أقول من أبيات:
قل للخليفة يا بْن عم محمد ... أَشْكِلْ [1] وزيركَ إنّه محلول [2]
فلِسانُهُ قد جال [3] فِي أعراضِنا ... وَالرِّجْلُ منه فِي الصُّدورِ تجول [4]
وذكر الصُّوليّ، عن الْحُسَيْن بْن يحيى، أنّ أَحْمَد بْن الخصيب كان يتصدّق كل يومٍ بخمسين دينارًا، إِلَى أن نُكِب، فكان يمنع نفسه القوت، ويتصدَّق بخمسين درهمًا.
تُوُفيّ أَحْمَد سنة خمسٍ وستين.
9- أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك [5] .
أبو الْحُسَيْن الرّهاويّ الحافظ، أحد الأئمّة.
رحل وطوَّف، وسمع: زَيْدَ بْن الحُباب، ويحيى بْن آدم، وجعفر بْن عَوْن، وهذه الطبقة.
وعنه: س. فأكثر، وأبو عَرُوبة، ومكحول، وآخرون.
تُوُفيّ سنة إحدى وستّين.
قَالَ س [6] : ثقة مأمون، صاحب حديث [7] .
__________
[1] في سير أعلام النبلاء، والوافي بالوفيات «شكّل» .
[2] وفي رواية: «إنه ركّال» .
[3] في الهفوات: «فلسانه للشتم» .
[4] البيتان في: الهفوات النادرة 261، والفخري 239 وروايته للبيت الثاني:
قد نال من أعراضنا بلسانه ... ولرجله عند الصدور مجال
[5] انظر عن (أحمد بن سليمان) في:
الجرح والتعديل 2/ 52، 53 رقم 59، والأنساب 6/ 205، والمعجم المشتمل 46 رقم 36، وتهذيب الكمال 1/ 320، 321 رقم 44، وسير أعلام النبلاء 12/ 475، 476 رقم 172، والعبر 2/ 21، والمعين في طبقات المحدّثين 94 رقم 1050، ودول الإسلام 1/ 158، وتذكرة الحفاظ 2/ 559، والكاشف 1/ 18 رقم 35، والوافي بالوفيات 6/ 401، والبداية والنهاية 11/ 33، وتهذيب التهذيب 1/ 33، 34 رقم 60، وتقريب التهذيب 1/ 16 رقم 53، وطبقات الحفاظ 25، وخلاصة التهذيب 6، وشذرات الذهب 2/ 141.
[6] المعجم المشتمل، تهذيب الكمال.
[7] وقال ابن أبي حاتم: أدركته ولم أكتب عنه، وكتب إليّ، ببعض حديثه، وهو صدوق ثقة.

(20/44)


10- أحمد بن سيّار بن أيّوب [1]- ن. - أبو الحسن المروزيّ الحافظ الفقيه، أحد الأعلام.
سمع: عفّان، وسليمان بْن حرب، وعَبْدان، ومحمد بْن كثير، وصَفْوان بْن صالح الدّمشقيّ، وإسحاق بْن راهويْه، ويحيى بْن بُكَيْر، وطبقتهم.
وعنه: ن. ووثّقه [2] ، وَقِيلَ: إنّ خ. روى عَنْهُ، عن محمد بْن أبي بَكْر المقدّميّ، وروى عَنْهُ: محمد بْن نصر المَرْوزيّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، ومحمد بْن عَقِيل البلْخيّ، وأبو الْعَبَّاس محمد بْن أَحْمَد بْن محبوب، وحاجب بْن أَحْمَد الطُّوسيّ، وطائفة.
وهو مصنّف «تاريخ مَرْو» .
وقَالَ عَبْد الرحمن بْن أبي حاتم [3] : ثنا عَنْهُ عليّ بْن الْجُنَيْد، ورأيت أبي يُطْنب فِي مدحه، ويذكره بالعِلم والفِقه.
قلت: وهو أحد أصحاب الوجوه من الشّافعية، أوجَب الأذان للجمعة دون غيرها، وأوجب رَفْع اليدين فِي تكبيرة الإحرام كداود الظَّاهريّ، وكان بعض العلماء يُشَبِّهه فِي زمانه بابن الْمُبَارَك عِلْمًا وفضلًا [4] .
__________
[ () ] (الجرح والتعديل) .
[1] انظر عن (أحمد بن سيّار) في:
الجرح والتعديل 2/ 53 رقم 61، والثقات لابن حبّان 8/ 54، وسؤالات السلفي لخميس الحوزي 92، 93، وتاريخ بغداد 4/ 187، 189 رقم 1875، والمعجم المشتمل 46، 47 رقم 38، وتهذيب الكمال 1/ 323- 326 رقم 46، والعبر 2/ 37، 38، وسير أعلام النبلاء 12/ 609- 611 رقم 234، وتذكرة الحفاظ 2/ 559، 560، والكاشف 1/ 19 رقم 37، والمعين في طبقات المحدّثين 94 رقم 1052، ودول الإسلام 1/ 162، ومرآة الجنان 2/ 181، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 183، والبداية والنهاية 11/ 42، وتهذيب التهذيب 1/ 35، 36 رقم 63، وتقريب التهذيب 1/ 16 رقم 54، والنجوم الزاهرة 3/ 44، وخلاصة تذهيب التهذيب 7، وشذرات الذهب 2/ 154، وديوان الإسلام 4/ 211 رقم 1948، وكشف الظنون 303، وهدية العارفين 1/ 50، ومعجم المؤلفين 1/ 241.
[2] تاريخ بغداد 4/ 188.
[3] في الجرح والتعديل 2/ 53.
[4] وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال: كان من الجمّاعين للحديث والرحّالين فيه، مع التيقّظ والإتقان، والذّبّ عن المذهب والتضييق على أهل البدع.
وقال الدار الدّارقطنيّ: أحمد بن سيار المروزي، يروي عن عبدان بن عثمان وغيره، رحل إلى

(20/45)


تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة ثمانٍ وستّين، وقد استكمل سبعين سنة.
11- أَحْمَد بْن طولون [1] .
الأمير أبو العبّاس التُّركيّ، صاحب مصر، وُلِد بسامرّاء.
ويقال: إنّ طولون تبنّاه، وكان ظاهر النّجابة من صِغره. وكان طولون قد أهداه نوح عامل بخارى إِلَى المأمون فِي جملة غلمان، وذلك فِي سنة مائتين.
فمات طولون فِي سنة أربعين ومائتين، ونشأ ابنه على مذهب جميلٍ فحفظ القرآن وأتْقنه. وكان مِن أطيب النّاس صوتًا به، مع كثرة الدّرس وطلب العلم.
__________
[ () ] الشام ومصر، وصنّف، وله كتاب في أخبار مرو، وهو ثقة في الحديث. (تاريخ بغداد 4/ 188) .
[1] انظر عن (أحمد بن طولون) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 503- 505، 507- 509، وتاريخ الطبري 9/ 363، 381، 543- 545، 599، 602، 611، 613، 620، 627، 650، 652، 653، 666، 667، ومروج الذهب 781، 787- 803، 826، 3059، 3189، 3190، 3194- 3198، 3431، 3575، والاستبصار 84، وتاريخ العظيمي 261، 262، 266، 267، وولاة مصر للكندي 234- 258، 275، 283، والولاة والقضاة 208، 212- 223، 248، 254، 264، 477، 478، 508، 509، 511- 514، 519، 520، 556، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 106، 108، 112، 116، 130، 131، 225، 268، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 211، 237 و 2/ 12، 307- 311 و 3/ 354، والبدء والتاريخ 6/ 125، والتذكرة الحمدونية 1/ 433، 434 و 2/ 222 و 349، وسيرة أحمد بن طولون للبلوي، والمستطرف 1/ 167، والأذكياء 56، 57 والمنتظم 5/ 71- 74 رقم 159، والكامل في التاريخ 7/ 173، 187، 217، 238، 249، 257، 263، 264، 273، 283، 284، 305، 309، 317، 318، 324، 325، 328، 336، 372، 393- 397، 408 و 8/ 668، ووفيات الأعيان 1/ 173، 174، 279، 281، 404 و 4/ 194 و 5/ 57 و 7/ 56، 311، والعبر 2/ 43، 44، ودول الإسلام 1/ 162- 164، وسير أعلام النبلاء 13/ 94- 96 رقم 53، والبداية والنهاية 11/ 42- 47، والوافي بالوفيات 6/ 419- 422، ومرآة الجنان 2/ 182، 183، والنجوم الزاهرة 3/ 1- 21، وحسن المحاضرة 2/ 9، 10، وشذرات الذهب 2/ 157، 158، وأحسن التقاسيم للمقدسي 122، وفيه ابن طيلون، والانتصار لابن دقماق 1/ 9، 11، 12، 29، 34، 36، 51، 58، 65، 67، 68، 99، 106، 109، 121، 123، 128 و 2/ 45 والبيان المغرب 1/ 118، 119، وآثار الأول للعباسي 81، 183، 228، 234، 353، ومآثر الإنافة 1/ 247، 253، 256، 258، والروض المعطار 102، 361، 442، وتاريخ مختصر الدول 148، ونهاية الأرب 22/ 332، 333، 335، 337، 338، 340، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة 21، 22، والمختصر في أخبار البشر 2/ 53، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 161- 169، وأخبار الدول 262، وتاريخ ابن الوردي 1/ 240، والمختار من تاريخ ابن الجزري 276، 277.

(20/46)


وحصل وتنقّلت به الأحوال إلى أن ولي إمرة الثغور، وولي إمرة دمشق وديار مصر. وأوّل دخوله مصر سنة أربعٍ وخمسين ومائتين وعمره أربعون سنة، فملكها بضع عشرة سنة.
وبَلَغَنا أنّه خلّف من الذَّهَب الأحمر عشرة آلاف ألف دينار، وأربعة وعشرين ألف مملوك [1] .
ويقال إنه خلف ثلاثة وثلاثين ولدا ذكورا وإناثا، وستّمائة بغل ثقل.
وقيل: إنّ خراج مصر بلغ فِي العام فِي أيّامه أربعة آلاف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار [2] .
وكان شجاعًا حازمًا مهيبًا خليقًا للمُلْك، جوادًا ممدَّحًا. وَقِيلَ: بلغت نفقته كلّ يوم ألف دينار. إلّا أنه كان سفّاكًا للدّماء، ذا سَطْوةٍ وجَبَرُوت.
قَالَ القُضاعيّ: أُحْصِيَ مَن قتله صبْرًا، فكان جملتهم مع من مات فِي سجنه ثمانية عشر ألفًا.
وأنشأ الجامع المشهور، وغرِم على بنائه أكثر من مائة ألف دينار [3] . وكان الخليفة مشغولًا عَنْهُ بحرب الزَّنْج.
وكان فيما قَيِل حسَّن له بعض التّجّار التّجارة، فدفع إليه خمسين ألف دينار، فرأى فِي النوم كأنّه يمشمش عظْمًا. فدعى المعَبّر وقصّ عليه فقال: لقد سَمَت هِمَّةُ مولانا إِلَى مكسبٍ لا يُشبَّه خَطَرُه.
فأمر صاحب صدقته أن يأخذ الخمسين ألف دينار من التّاجر ويتصدق بها.
وكان، سامحه الله تعالى، قد ضبط الثغور وعمّرها. وكان صحيح الْإِسْلَام معظِّمًا للحُرُمات، محبّا للجهاد والرّباط.
قَالَ أَحْمَد بْن خاقان، وكان تِرْبًا لأحمد بْن طولون: وُلِد أَحْمَد سنة أربع عشرة ومائتين، ونشأ فِي الفِقْه والتصوُّف، فانتشر له حُسْن الذّكر، وكان شديد الإزراء على الأتراك فيما يرتكبونه، إِلَى أن قَالَ لي يومًا: يا أخي، إِلَى كم نقيم على الإثم، لا نطأ مَوْطئًا إلّا كُتِب علينا فِيهِ خطيئة. والصّواب أن نسأل الوزير
__________
[1] في العبر 2/ 43: «أربعة عشر ألف مملوك» . وانظر: بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 169.
[2] المنتظم 5/ 73.
[3] في وفيات الأعيان 1/ 173 «وأنفق على عمارته مائة ألف وعشرين ألف دينار» .

(20/47)


عبيد الله بن يحيى أن يكتب لنا بأرزاقنا إِلَى الثّغر ونقيم به فِي ثوابه.
ففعلنا ذلك، فَلَمَّا صرنا بطَرَسُوس سُرَّ بما رَأَى من الأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر، ثُمَّ عاد إِلَى العراق وارتفع محلُّه.
قَالَ محمد بْن يوسف الهَرَوِيّ، نزيل دمشق: كنّا عند الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان سنة ثمانٍ وستّين، إذ جاء رسول أَحْمَد بْن طولون بكيسٍ فِيهِ ألف دينار، وقَالَ لي عَبْد الله القيروانيّ: بل كان سبعمائة دينار، وصرّة فيها ثلاثمائة دينار، لابنه أبي الطّاهر. فدعى الرَّبِيع ابنه حتّى جاءه فأمره بقبض المال [1] .
ذكر محمد بْن عَبْد الملك الهَمْدانيّ أنّ أَحْمَد بْن طولون جلس يأكل، فرأى سائلًا، فأمر له بدجاجةٍ ورغيفٍ وحلوى. فجاء الغلام وقَالَ: ناولته فَمَا هش له. فقال: عليَّ به. فَلَمَّا مَثُلَ بين يديه لم يضطّرب من الهيبة، فقال:
أحضِر الكُتُب الّتي معك وأصْدِقْني، فقد ثبت عندي أنّك صاحب خبر. وأحضر السِّياط فاعترف فقال بعض من حضر: هَذَا والله السِّحْر.
قَالَ: ما هُوَ بِسحْر، ولكنّه قياس صحيح. رَأَيْت سوء حاله، فسيّرت له طعامًا يُسَرُّ له الشَّبْعان، فَمَا هشَّ، فأحضرته فتلقّاني بقوَّة جأش، فعِلمت أنّه صاحب خبر.
قَالَ أبو الْحُسَيْن الرّازيّ: سمعت أَحْمَد بْن حميد بْن أبي العجائز وغيره من شيوخ دمشق قَالُوا: لمّا دخل أَحْمَد بْن طولون دمشق وقع فيها حريق عند كنيسة مريم، فركب إليه أَحْمَد ومعه أبو زُرْعة البصْريّ، وأبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد الواسطيّ كاتبه، فقال ابنُ طولون لأبي زُرْعة: ما يُسمّى هَذَا الموضع؟
فقال: كنيسة مريم.
فقال أبو عبد الله: وكان لمريم كنيسة؟
قَالَ: ما هِيَ من بناء مريم، إنّما بَنَوْها على اسمها.
فقال ابنُ طولون: ما لك والاعتراض على الشَّيْخ.
ثمّ أمر بسبعين ألف دينار من ماله، وأن يُعطى كلّ من احترق له شيء، ويُقبَل قوله ولا يُسْتَحْلف. فأعطوا وفضل من المال أربعة عشر ألف دينار.
ثُمَّ أمر ابن طولون بمالٍ عظيمٍ ففُرق فِي فقراء أَهْل دمشق والغوطة. وأقلّ
__________
[1] الخبر باختصار في: سير أعلام النبلاء 13/ 95.

(20/48)


من أصابه من المستورين دينار.
وعن محمد بْن عليّ المادَرَائي قَالَ: كنت أجتاز بتُربة أَحْمَد بْن طولون فأرى شيخًا ملازمًا للقبر، ثُمَّ إني لم أره مدّة. ثُمَّ رَأَيْته فسألته، فقال: كان له علينا بعض العدل إنْ لم يكن الكلّ فأحببت أن أصِله بالقراءة.
قلت: فلِمَ انقطعت؟
قَالَ: رَأَيْته في النَّوم وهو يقول: أحبّ أن لا يُقْرأ عندي، فَمَا آية إلّا قُرِعْتُ بها وَقِيلَ لي: ما سمعت هَذِهِ؟
تُوُفيّ بمصر فِي ذي القعدة سنة سبعين، وتملّك بعده ابنه خُمَارَوَيْه.
12- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن صالح بْن مُسْلِم [1] .
أبو الْحَسَن الكوفي العجلي الحافظ الطرابلسي المغربي.
سمع: الحسين بْن عليّ الْجُعْفيّ، ومحمدا، وَيَعْلَى بْن عُبَيْد الطّنافسيّ، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وشَبَابة بْن سَوّار، وخلْقًا سواهم.
روى عَنْهُ ابنه صالح كتابه المصنف بالجرح والتعديل، وهو كتاب مفيد يدلّ على إمامه الرجل وسعة حفظه.
قَالَ عبّاس [2] الدُّوريّ: إنّما كنّا نَعُدُّه مثل أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بن مَعِين [3] .
قلت: ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة. ونزح إِلَى الغرب أيّام المحنة بخلْق القرآن [4] .
وتُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين بطرابلس.
وآخر من روى عَنْهُ مُسْنِد الأندلسي محمد بن فطيس الغافقيّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في:
تاريخ الطبري 9/ 255، وتاريخ بغداد 4/ 214، 215 رقم 1906، والعبر 2/ 21، وسير أعلام النبلاء 12/ 505- 507 رقم 185، وتذكرة الحفاظ 2/ 560، 561، ودول الإسلام 1/ 158، والوافي بالوفيات 7/ 79 رقم 3019، ومرآة الجنان 2/ 173، والبداية والنهاية 11/ 33، وطبقات الحفاظ 242، وشذرات الذهب 2/ 141، وكشف الظنون 582، ومعجم المؤلّفين 1/ 294، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 222، 223 رقم 78.
[2] في الأصل: «ابن عباس» وهو وهم.
[3] تاريخ بغداد 4/ 214.
[4] تاريخ بغداد 4/ 215.

(20/49)


وروى عنه: سعيد بن عثمان، وسعيد بْن إِسْحَاق، وعثمان بن حديد الأكسريّ، وجماعة.
وكان يقول: مَن آمن بالرجعة فهو كافر، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو كافر.
وَقَالَ بعض الأئمة: لم يكن له عندنا شبيه بالمغرب، ولا نظير فِي زمانه فِي معرفة الحديث وإتقانه، وَفِي زُهْده وورعه [1] .
وقَالَ المؤرخ أبو العرب محمد بْن تميم الحافظ بالقيروان: سُئل مالك بْن عِيسَى القفصيّ الحافظ: مَن أعلم من رَأَيْت بالحديث؟ قَالَ: أمّا بالشيوخ فأحمد بْن عَبْد الله العِجْليّ [2] .
وقَالَ محمد بْن أَحْمَد بْن تميم الحافظ: سمعت أَحْمَد بن مغيث، مقريء ثقة، يقول: سُئل يحيى بْن مَعِين عن أَحْمَد بْن عَبْد الله العِجِليّ فقال:
هُوَ ثقة ابنُ ثقة ابنُ ثقة [3] .
وقَالَ بعضهم: إنّما سكن أَحْمَد بطرابلس طلبًا للتفرُّد والعبادة [4] .
وقبره هناك على الساحل، وقبر ابنه صالح بجنبه [5] .
وتوفّي صالح سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
وقَالَ أَحْمَد: رحلت إِلَى أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، فمات قبل قدومي بيوم.
وكان أَبُوهُ من أصحاب حَمْزَةَ الزّيّات.
13- أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن القاسم [6] .
أبو بَكْر التميمي الوراق الحافظ.
سمع: عُبَيْد الله بْن مُعاذ العنبريّ، وصالح بْن حاتم بْن وردان.
وعنه: ابنُ مَخْلَد العطّار، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ.
وكان بصْريًا يعرف بالرّغيف.
__________
[1] تاريخ بغداد 4/ 264.
[2] تاريخ بغداد 4/ 214.
[3] تاريخ بغداد 4/ 215.
[4] تاريخ بغداد 4/ 215.
[5] تاريخ بغداد 4/ 215.
[6] انظر عن (أحمد بن عبد الله بن القاسم) في:
تاريخ بغداد 4/ 218 رقم 1913.

(20/50)


تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين [1] .
14- أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ [2] .
الأمير المتغلّب على نيسابور. كان جبّارًا ظالمًا غاشمًا من أتباع يعقوب بْن اللَّيْث الَّذِي ستأتي أخباره. ثُمَّ خرج عن طاعته، فاستولى على نيسابور.
من أبناء سنة إحدى وستّين ومائتين. وأخذ يُظْهر المَيْل إِلَى بني طاهر ليستميل بِذَلِك قلوب الرعية. وبقي يكتب أَحْمَد بْن عَبْد الله الطّاهريّ [3] .
ثُمَّ كاتَب رافع بْن هَرْثمَة، فقدم عليه وتلقّاه وجعله أتابكه [4] .
وله حُروب وأمور، وهو الَّذِي قَتَلَ يحيى بْن الذُّهْليّ، فرآه بعضهم فِي النوم فقال: أَنَا لم أُقْتَلْ ولم أجد حرّ القتْل، ولكن الله أشقى الخُجُسْتانيّ بي.
قلت: اتفق على الخُجُسْتانيّ اثنان من غلمانه فذبحاه وهو سَكْران لستٍّ بقين من شوال سنة ثمانٍ وستّين [5] .
وقَالَ محمد بْن صالح بْن هانئ: لمّا قُتِلَ محمد بْن يحيى حيكان ترك أبو عَمْرو أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المستملي اللّباس الغضّة، فكان يَلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ فَرْوًا بِلا قَمِيصٍ، وَفِي الصَّيف مَسْحًا، فقدِم يوما إلى أحمد بن عبد الله فأخذ بعنانه وقَالَ: يا ظالم- قلت: الْإِمَام ابنُ الْإِمَام العالم ابن العالم- فارتعد أَحْمَد بْن عَبْد الله ونَفَرت دابّتُه فأتت الرّجّالة لتضربه فقال: دعوه دعوه.
قَالَ عن أبي حاتم نوح، قَالَ: قَالَ لي الخُجُسْتانيّ: والله ما فزعت من أحدٍ فَزَعي من صاحب الفَرْوَة، ولقد ندِمت حينئذٍ على قتِل حيكان.
خُجُسْتان: من جبل هَرَاة [6] .
ومن عسفه فِي مصادرته للرعيّة أنّه نصب رمحا لزمهم أن يغطّوا أسنانه بالدّراهم.
__________
[1] قال الخطيب: كان مذكورا في حفّاظ الحديث، موصوفا بالفهم.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الله الخجستاني) في:
تاريخ الطبري 9/ 544، 552، 557، 589، 599، 600، والكامل في التاريخ 7/ 296، 97 رقم 54، والوافي بالوفيات 7/ 80، 81 رقم 3022.
[3] وفيات الأعيان 6/ 423.
[4] أتابكه: أي قائد جيشه.
[5] وفيات الأعيان 6/ 424.
[6] وفيات الأعيان 6/ 423.

(20/51)


15- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم بْن سَعِيد [1] .
أبو بَكْر بْن البَرْقيّ المصريّ الحافظ، مَوْلَى بني زهرة.
سمع: عمرو بن أبي سلمة التّنّيسي، وأسد بْن مُوسَى، وعبد الملك بْن هشام، وطبقتهم.
وله كتاب فِي معرفة الصّحابة وأنسابهم، رواه عَنْهُ أَحْمَد بْن عليّ المدينيّ. وكان إمامًا حافظًا متقنًا، عاش بعد أَخِيهِ محمد مدّة، وعاش بعده أخوه عَبْد الرحيم أيضًا.
رَفَسته دابَّته فِي شهر رمضان سنة سبعين ومائتين فمات منها رحمه الله [2] .
وقد وَهِمَ الطَّبَرَانِيّ وَهْمًا مُنْكرًا، فسمع الكثير من عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، عن ابنِ هشام، وعبد الله بْن يوسف التِّنِّيسيّ، وغيرهما.
وسماه أحمد بن عبد الله [3] ، فنراه في معاجمه يقول: نبا أَحْمَد بْن عَبْد الله بْن البَرْقيّ، وهو عَبْد الرحيم بلا شكّ أنّه اشتُبه عليه هَذَا بهذا.
والطَّبَرَانِيّ لم يُدرك أَحْمَد. ويؤيّد هَذَا أنّ عَبْد الرحيم تُوُفيّ سنة ستٍّ وثمانين، ولم يقل أبدًا: نبا عَبْد الرحيم بْن عَبْد الله فوهِمَ كما ترى وسمّاه أَحْمَد.
16- أَحْمَد بْن القاسم بن عطيّة [4] .
أبو بكر الرازيّ البزّار الحافظ.
سمع: أَبَا بَكْر المُقَدّميّ، وهشام بْن عمّار، وجماعة كثيرة.
وأكثر الطواف.
وعنه: الْوَلِيد بْن أبان، وعبد الرَّحْمَن بْن حمدان الجلّاب،
__________
[1] انظر عن (أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرحيم) في:
الجرح والتعديل 2/ 61 رقم 93، والمنتظم 5/ 71 رقم 157، وسير أعلام النبلاء 13/ 47، 48 رقم 33، وتذكرة الحفاظ 2/ 570، والوافي بالوفيات 7/ 80 رقم 3020، وطبقات الحفاظ 253، وشذرات الذهب 2/ 158.
[2] قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وكان صدوقا. (الجرح والتعديل) .
[3] انظر: المعجم الصغير للطبراني 1/ 48، 49.
[4] انظر عن (أحمد بن القاسم) في:
الجرح والتعديل 2/ 67، 68 رقم 125.

(20/52)


وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي حاتم وقال: ثقة [1] .
17- أَحْمَد بْن محمد بْن عُثْمَان [2] .
أبو عَمْرو الثّقفيّ الدّمشقيّ.
عَنِ: الْوَلِيد بْن مُسْلِم، وَمحمد بْن شُعَيب.
وعنه: ابن جوصا، وأبو عَوانة فِي صحيحه، وجماعة.
وكان صدوقًا [3] .
تُوُفيّ فِي شوّال سنة إحدى وستّين.
18- أَحْمَد بْن محمد بْن هانئ الفقيه [4] .
أبو بَكْر الأثرم الطّائيّ، ويقال الكلبيّ الإسكافيّ الحافظ. صاحب الْإِمَام أَحْمَد.
سمع: عَبْد الله بْن بُكَيْر، وأبا نُعَيْم، وعفّان، وعبد الله بْن رجاء، وأبا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيُّ، وحَرَمي بْن حَفْص، ومعاوية بْن عَمْرو، والقعنبيّ، ومُسَدّدًا، وطبقتهم.
وعنه: مُوسَى بْن هارون الحافظ، والنِّسائيّ فِي سُنَنه، وأحمد بْن محمد بْن ساكن الزّنْجانيّ، وابن صاعد، وعليّ بْن أبي طاهر القَزْوينيّ، وعُمَر بْن محمد بن عيسى الجوهريّ.
__________
[1] عبارته في الجرح: كتبت عنه وهو صدوق ثقة.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عثمان) في:
مسند أبي عوانة 2/ 302، والجرح والتعديل 2/ 72 رقم 137، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 357، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 409 رقم 230.
[3] قَالَ ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو صدوق لا بأس به.
[4] انظر عن (أحمد بن محمد بن هانئ) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 36، والجرح والتعديل 2/ 72 رقم 134، والفهرست لابن النديم 285، وطبقات الحنابلة 1/ 66- 74 رقم 57، وتاريخ بغداد 5/ 110- 112 رقم 2520، والمنتظم 6/ 83 رقم 110، وتهذيب الكمال 1/ 476- 480 رقم 103، وسير أعلام النبلاء 12/ 623- 628 رقم 247، وتذكرة الحفاظ 2/ 570- 572، والعبر 2/ 22، والمعين في طبقات المحدّثين 95 رقم 1061، والكاشف 1/ 27 رقم 82، وتهذيب التهذيب 1/ 78، 79 رقم 133، وتقريب التهذيب 1/ 25 رقم 117، وطبقات الحفاظ 256، وخلاصة تذهيب التهذيب 12، وشذرات الذهب 2/ 141، 142، والتمهيد 1/ 13، والحثّ على العلم 44، وديوان الإسلام 1/ 62 رقم 63، والرسالة المستطرفة 27، ومعجم المؤلفين 2/ 167.

(20/53)


وجمع وصنَّف السُّنن، وخرَّج كتاب «العلل» . وله مسائل سألها الْإِمَام أَحْمَد [1] .
قَالَ أبو بَكْر الخلّال: كان الأثرم جليل القدر حافظًا. لمّا قدِم عاصم بْن عليّ بغداد طلبَ من يُخرج له فوائد. فلم يجد غير أبي بَكْر، فلم يقع منه بموقع لحداثة سِنَه، فقال لعاصم: أخرِجْ كُتُبَك. فجعل يقول له: هَذَا الحديث خطأ، وهذا غلط، وهذا كذا. فسُرَّ عاصم به، وأملى قريبًا من خمسين حديثًا [2] .
وكان مع الأثرم تَيَقُّظٌ عجيب حَتَّى نسبه يحيى بْن معين أو يحيى بْن أيوب المقابريّ، فقال: كان أحد أبويّ الأثرم جِنِّيًّا [3] .
وقد أخبرني أبو بَكْر بْن صدقة قَالَ: سمعت أَبَا القاسم الخُتّليّ قَالَ: قدِم رجلٌ فقال: أريد أن يُكتب لي فِي الصلاة ما ليس فِي كُتُب أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة. فقلنا له: ليس لك إلّا الأثرم.
قَالَ: فوجّهوا إليه ورقًا، فكتب ستّمائة ورقة من كتاب الصلاة.
قَالَ: فنظرنا فإذا ليس في كتاب أبي بكر بن أبي شَيْبَة منه شيء [4] .
وأخبرني أبو بَكْر بْن صَدَقَة: سمعت إِبْرَاهِيم الأصبهانيّ يقول: أبو بَكْر الأثرم أَحْفَظُ من أبي زُرْعة الرّازيّ وأتقن [5] .
وسمعت الْحَسَن بْن عليّ بْن عُمَر الفقيه يقول: قدِم شيخان من خُراسان للحج فحدَّثا، فقعد هَذَا ناحية معه خلْق ومستملي، وقعد الآخر ناحية كذلك، فجلس الأثرم بينهما، فكتب ما أمليا معًا.
تُوُفيّ الأثرم بإسكاف [6] .
19- أَحْمَد بْن محمد بْن أبي بَكْر المقدّميّ البصريّ [7] .
__________
[1] الجرح والتعديل 2/ 72، والثقات 8/ 36 وفيه: وكان من خيار عباد الله، من أصحاب أحمد بن حنبل، روى عنه المسائل.
[2] تاريخ بغداد 5/ 111 وفيه «قريبا من خمسين مجلسا» .
[3] تاريخ بغداد 5/ 110.
[4] تاريخ بغداد 5/ 111.
[5] تاريخ بغداد 5/ 111.
[6] وقال ابن أبي يعلى: جليل القدر حافظ إمام. نقل عن إمامنا مسائل كثيرة، وصنّفها ورتّبها أبوابا. (طبقات) .
[7] انظر عن (أحمد بن محمد بن أبي بكر) في:

(20/54)


أبو عثمان، نزل الحرم.
سمع: أباه، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وحَجّاج بْن مِنْهال، وأباهما محمد بْن مجيب.
وعنه: ابنُ أَبِي الدُّنيا، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم وقَالَ: صدوق [1] .
قلت: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ، أو أربعٍ وستّين.
وأمّا ولده:
20- محمد بْن أَحْمَد فولي قضاء مكّة.
روى عَنْهُ الطَّبَرَانِيّ.
21- أَحْمَد بْن محمد بْن أبي مُوسَى.
أبو بَكْر الوراق، أحد تلامذة أَحْمَد بن حنبل.
روى عن: يسار بْن أبي مُوسَى، وغيره.
تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين.
22- أَحْمَد بْن محمد بْن مجالد.
أبو حامد الهَرَويّ الفقيه.
كان ثقة صاحب سنة.
رحل وحمل عن: أبي نُعَيْم، وقَبِيصة.
توفي سنة تسع وستين.
23- أحمد بن محمد بن عُبَيْد الله بن المدبر [2] .
أبو الحسن الضّبّيّ الكاتب السّرّمرّائيّ.
__________
[ () ] الجرح والتعديل 2/ 73 رقم 143، والثقات لابن حبّان 8/ 54، ومسند أبي عوانة 1/ 89، 57/ و 2/ 382.
[1] وزاد: سمعت منه بمكة.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبيد الله) في:
مروج الذهب 3124- 3128، وتاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل) 337- 340 رقم 168، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 59، والوافي بالوفيّات 8/ 38- 3443، والوزراء والكتّاب للجهشياريّ 199، 200، 252، وإعتاب الكتّاب، رقم 41، والهفوات النادرة 92، 93، 261.

(20/55)


ولي مساحة الشام زمن المتوكل. وكان مفوها شاعرا مترسلا عالما يصلح للقضاء.
وله أَخٌ اسمه إِبْرَاهِيم، شاعر محسِن رئيس.
وللبُحْتُريّ فيهما مدائح.
ثُمَّ ولي أَحْمَد كما ذكرنا خَرَاج دمشق ومصر أيضًا. ثُمَّ قبض عليه أَحْمَد بن طولون وعذّبه فِي سنة خمسٍ وستّين. لأنّه سجنه ثُمَّ طلبه فقال: ما حالك؟ فقال: تسألني عن حالي وأنت عملت بي هَذَا يا عدوّ الله! أخذل الله من يأمنك.
فأمرَ بقتله، بل بقي فِي أضيق سجنٍ إِلَى أن مات سنة سبعين [1] .
24- أَحْمَد بْن محمد بْن عَبْد الكريم [2] .
أبو الْعَبَّاس الكاتب، مصنّف كتاب «الخراج» .
تُوُفيّ فِي هَذَا العام.
25- أَحْمَد بْن مَنْصُورٌ بْن سيار بن معارك [3] .
__________
[1] تاريخ دمشق 339، 340.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبد الكريم) في:
الفهرست لابن النديم 1/ 135، ووفيات الأعيان 1/ 101، 102 رقم 42، ومعجم الأدباء 4/ 143، وكشف الظنون 1415، ومعجم المؤلّفين 2/ 121.
[3] انظر عن (أحمد بن منصور) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ انظر فهرس الأعلام (ص 20) و 2/ انظر فهرس الأعلام (ص 465) و 3/ 54، 58، 68، 85، 109، 131، 144، 146، 147، 200، 219، 243، 304، 306، وتاريخ الطبري 1/ 501 و 2/ 293، 474 و 5/ 453، 476، وتاريخ وفاة الشيوخ للبغوي 87 رقم 258، وصحيح ابن خزيمة 1/ رقم 130 309 و 361 و 407 و 427 و 647، والجرح والتعديل 2/ 78 رقم 169، والثقات لابن حبّان 8/ 41، وتاريخ بغداد 5/ 151- 153 رقم 2586، والأنساب لابن السمعاني 6/ 163، واللباب لابن الأثير 2/ 36، والمعجم المشتمل 60، 61 رقم 87، وتهذيب الكمال 1/ 492- 495 رقم 113، وسير أعلام النبلاء 12/ 389- 391 رقم 170، والعبر 2/ 30، وميزان الاعتدال 1/ 158، والمعين في طبقات المحدّثين 95 رقم 1062، ودول الإسلام 1/ 160، ونهاية الأرب 22/ 333 وفيه «الزيادي» بدل «الرمادي» ، وتذكرة الحفاظ 2/ 564، 565، والكاشف 1/ 28، 29، رقم 90، والوافي بالوفيات 8/ 192، والبداية والنهاية 11/ 38، وتهذيب التهذيب 1/ 83، 84 رقم 142، وتقريب التهذيب 1/ 26 رقم 127، وطبقات الحفاظ 251، وخلاصة تذهيب التهذيب 13.

(20/56)


الحافظ أبو بَكْر الرّماديّ، أحد الثقات المشاهير.
سمع: أَبَا النّضر، ويزيد بْن هارون، وأبا دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ، وزيد بْن الحُبَاب، وأسود بْن عامر، وعبد الرّزّاق، رحل إليه، وعفّان، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وخلْقًا بالشام، والعراق، واليمن، ومصر.
ورحل مع يحيى بْن مَعِين، وكتبَ وصنَّف «المُسْنَد» .
وكان له حِفْظ ومعرفة.
وعنه: ق.، وإسماعيل القاضي، وأبو القاسم البغوي، وابن صاعد، والمحاملي، وابن أبي حاتم، وإسماعيل الصفار، وطائفة.
قال ابن أبي حاتم [1] : كان أبي يوثقه.
وعن إبراهيم بن أورمة قَالَ: لو أنّ رجلين قَالَ أحدهما: ثنا الرماديّ، وقَالَ الآخر: ثنا أبو بَكْر بْن أبي شَيْبَة، كانا سواء [2] .
قَالَ ابنُ المنادي: مات الرّماديّ سنة خمس وستّين، لأربع بقين من ربيع الآخر. وقد استكمل ثلاثًا وثمانين سنة [3] .
26- أَحْمَد بْن وهب الزَّيَّات [4] .
من كبار العارفين ببغداد.
صحب بِشْرًا، والسّريّ. وكان من أقران الجنيد، بل أكبر منه وأقدم موتًا.
وكانا يتجالسان ويتكالمان فِي رقائق التصوُّف.
وكان الْجُنَيْد يتأسَّف على فَقْده، ويفضلّه على نفسه.
27- أَحْمَد بْن يوسف بْن خالد بن سالم [5] .
__________
[1] في الجرح والتعديل.
[2] تاريخ بغداد 5/ 152، 153.
[3] تاريخ بغداد 5/ 153.
وقال أبو العباس محمد بن رجاء البصري: قلت لأبي داود السجستاني: لم أرك تحدّث عن الرماديّ؟ قال: رأيته يصحب الواقفة، فلم أحدّث عنه.
وقال الدار الدّارقطنيّ: أحمد بن منصور الرماديّ ثقة. (تاريخ بغداد) .
وذكره ابن حبّان في «الثقات» ، وقال: «مستقيم الأمر في الحديث» .
[4] انظر عن (أحمد بن وهب) في:
تاريخ بغداد 5/ 190 رقم 2647.
[5] انظر عن (أحمد بن يوسف) في:

(20/57)


أبو الْحَسَن السُّلَمّي النَّيْسابوريّ الحافظ، ويلقّب بحمدان.
قَالَ إِسْمَاعِيل بْن مجيد الزّاهد، وهو حفيده: كان جدّي أدرى من الأب سُلَميّ الأُمِّ، فغلب عليه السُّلَمّي.
قلت: سمع من: حَفْص بن عبد الرحمن، وحفص بن عبد الله، والجارود بْن يزيد، وطائفة بخُراسان.
وَفِي الرحلة رَأَى: النَّضر بْن هاشم، وموسى بْن دَاوُد، وجماعة ببغداد.
ومن: محمد بْن عُبَيْد، وطبقته بالكوفة.
ومن: عَبْد الرّزّاق [1] ، وغيره باليمن.
قَالَ الحاكم: سمع بالبصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشام، والجزيرة.
وعنه: م. س. ق.، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وأبو صاعد الشَّرْقيّ، وأبو حامد بْن بلال، ومُحَمَّد بْن الْحُسَيْن القطّان، وخلق.
قال مكّيّ بن عبدان: سمعته يقول: كتبتُ عن عُبَيْد الله بْن مُوسَى ثلاثين ألف حديث.
قَالَ ابنُ السَّرِيّ: تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين.
وقلت: عن اثنتين وثمانين سنة، وكان من خواصّ يحيى بْن يحيى، وبينهما مصاهرة.
28- أَحْمَد بْن يُونُس بْن المسيّب بن زهير بن العمير الضّبيّ [2] .
__________
[ () ] أخبار القضاة لوكيع 1/ 17، والجرح والتعديل 2/ 81 رقم 184، والثقات لابن حبّان 8/ 47، والمعجم المشتمل 63 رقم 99، وتهذيب الكمال 1/ 522- 525 رقم 130، والكاشف 1/ 30 رقم 101، والعبر 2/ 28، وسير أعلام النبلاء 12/ 384- 388 رقم 168، وتذكرة الحفاظ 2/ 565، 566، والمعين في طبقات المحدّثين 95 رقم 1065، ودول الإسلام 1/ 159، وتهذيب التهذيب 91، 92 رقم 161، وتقريب التهذيب 1/ 29 رقم 145، وخلاصة تذهيب التهذيب 14، وشذرات الذهب 2/ 147، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 122، 123.
[1] قال ابن حبّان في (الثقات) : كان راويا لعبد الرزاق ثبتا فيه.
[2] انظر عن (أحمد بن يونس) في:
الجرح والتعديل 2/ 81 رقم 183، وذكر أخبار أصبهان 1/ 81، 82، والثقات لابن حبّان 8/ 51، 52، وطبقات المحدّثين بأصبهان لأبي الشيخ 3/ 6- 8 رقم 237، وتاريخ بغداد 5/ 223، 224 رقم 2699، وسير أعلام النبلاء 12/ 595، 596 رقم 226، والبداية والنهاية

(20/58)


أبو الْعَبَّاس الكوفيّ، نزيل إصبهان.
سمع: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهْميّ، ويعقوب بْن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ، وحَجّاج بْن محمد، وجعفر بْن عَوْن، وأبا مُسْهِر الدّمشقيّ، وطائفة.
وعنه: عَبْد الرَّحْمَن بن أبي حاتم وقَالَ [1] : محلّه الصِّدق، ومحمد بْن عَبْد الله الصّفّار، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس.
وقَالَ محمد بْن الفرخان: سمعت أَحْمَد بْن يُونُس يقول: قدَّمني أَبِي إِلَى الفُضَيل بْن عياض فمسح رأسي وسمعته يقول: اللَّهمّ أحسِن خَلْقَهُ وخُلُقَهُ.
وثّقه الدّار الدّارقطنيّ [2] .
وهو ابنُ عم دَاوُد بْن عُمَر الضّبّيّ شيخ البَغَوي [3] .
تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين [4] .
قلت: وكان من أبناء التّسعين، صاحب رحلة ومعرفة [5] .
29- أبان بْن عِيسَى بْن دينار [6] .
أبو القاسم الغافقيّ القُرْطُبيّ.
رحل، وأخذ عن: سَحْنُون، وعن: عليّ بْن مَعْبَد.
وكان أحد العُبّاد.
روى عَنْهُ: محمد بْن وضاحّ، وقاسم بْن محمد، وغيرهما.
وتُوُفيّ فِي أحد الربيعَيْن سنة اثنتين وستّين، وقد حكى عن أبيه.
__________
[11] / 42، وشذرات الذهب 2/ 154.
[1] في الجرح والتعديل 2/ 81.
[2] تاريخ بغداد 5/ 223 وقال: كثير الحديث من الثقات.
[3] تاريخ بغداد 5/ 224.
[4] ورّخه أبو نعيم. وقال ابن حبّان في الثقات 8/ 52: مات بعد الثمانين والمائتين.
[5] قال أبو نعيم: كتب أهل بغداد بعدالته وأمانته. (ذكر أخبار أصبهان) .
وقال أبو الشيخ: قدم أصبهان فلم يعرفوه وكتبوا في أمره إلى بغداد فأثنوا عليه ووثّقوه وذكروا أنّ أباه كان له محلّا من السلطان، وكان المحدّثون يرحبوا له، وحدّث بأحاديث كثيرة عالية (طبقات المحدّثين 3/ 7) .
[6] انظر عن (أبان بن عيسى) في:
تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضيّ 1/ 22 رقم 51، وجذوة المقتبس للحميدي 161 رقم 318، وبغية الملتمس للضبي 238 رقم 567.

(20/59)


30- إِبْرَاهِيم [1] بْن أُورَمهْ [2] بْن سياوش.
أبو إِسْحَاق الإصبهانيّ، الحافظ، أحد الأعلام.
روى عن: محمد بْن بكّار، وعبّاس بْن عَبْد العظيم العنبري، وعاصم بْن النّضْر، وصالح بْن حاتم بن وردان، والفلّاس، وطبقتهم.
وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدُّنيا، وأبو الْعَبَّاس بْن مسروق، ومحمد بْن يحيى، وأبو بَكْر السّاعديّ، وغيرهم.
قَالَ الدّار الدّارقطنيّ: ثقة حافظ نبيل [3] .
وقَالَ ابنُ المنادي: ما رأينا فِي معناه مثله [4] .
وقَالَ أبو نُعَيم الحافظ [5] : فاق إِبْرَاهِيم أَهْل عصره فِي المعرفة والحِفَظ.
وأقام بالعراق [6] .
قلت: لم ينتشر حديثه لأنّه مات كهلًا وله خمسة وخمسون سنة.
قَالَ ابنُ نافع: تُوُفيّ فِي ذي الحجّة سنة ستّ وستّين [7] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن أورمة) في: الجرح والتعديل 2/ 88 رقم 218 و 9/ 186 في ترجمة «يحيى بن محمد بن السكن البزاز» رقم 771، وذكر أخبار أصبهان 1/ 184، وطبقات المحدّثين بأصبهان لأبي الشيخ 3/ 63- 66 رقم 293، وتاريخ بغداد 6/ 42- 44 رقم 3064، والمنتظم 5/ 56، 57 رقم 130، والأنساب 4/ 25، والتبصرة والتذكرة 2/ 234، وأخبار الحمقى والمغفّلين 73 وفيه «دومة» بدل «أورمة» وهو تصحيف، والحثّ على العلم 48، والعبر 2/ 33، وتذكرة الحفاظ 2/ 628، 629، وسير أعلام النبلاء 13/ 145، 146 رقم 77، وطبقات الحفاظ 45، وشذرات الذهب 2/ 151.
[2] قال الحافظ ابن حجر في «تبصير المنتبه» : أورمة: بهمزة مضمومة في أوله، وقد تمدّ الضّمة فيقال: اورمة فلا يلبس، ويجوز حينئذ فتح الراء وإسكانها.
[3] تاريخ بغداد 6/ 44،
[4] تاريخ بغداد 6/ 44.
[5] في أخبار أصبهان 1/ 184.
[6] زاد أبو نعيم: يكتبون بفائدته.
وقال أبو الشيخ: كان علّامة في الحديث لم يكن في زمانه مثله ولا تقدّمه في الحفظ والمعرفة أحد، وخرج إلى العراق وأقام بها ومات ببغداد سنة نيّف وسبعين ومائتين، وأصيب بكتبه أيام البصرة فلم يحدّث. ونفي ببغداد بعيدا عن المشايخ ببغداد والبصرة، وكان مقبول القول على المحدّثين والّذي حفظ من حديثه القليل. (طبقات المحدثين) .
[7] وقال أبو نعيم: توفي بعد سنة سبعين ومائتين بأصبهان. وقيل: توفي ببغداد سنة إحدى وسبعين ومائتين. أصيب بكتبه أيام فتنة البصرة، فلم يخرج له كثير حديث.
قال الخطيب: وفي تاريخ وفاة إبراهيم بن أورمة المذكور هاهنا وهم، لأن إبراهيم توفي قبل سنة سبعين عندنا ببغداد لا بأصبهان.

(20/60)


تابَعَه ابنُ المنادي، وما عداه خطأ.
31- إِبْرَاهِيم بْن أبي دَاوُد البَرَلُّسي [1] .
هُوَ إِبْرَاهِيم بن سليمان بن داود الَأسديّ [2] الكوفيّ الأصل، الحافظ.
وُلِد بِصور. وعني بهذا الشأن.
ورحل إِلَى العراق ومصر.
والبَرَلُسيّ قيّده ابنُ نُقْطة بفتحتين ثُمَّ ضمّ الّلام.
سمع: آدم بْن إياس، وسعد بْن مريم، وأبا مُسْهر الدّمشقيّ، وطبقتهم.
وعنه: أبو جَعْفَر الطّحاويّ، ومحمد بْن يوسف الهَرَويّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وأبو القاسم الصّابوني، وآخرون.
قَالَ ابنُ يُونُس: هُوَ أحد الحفّاظ المجوّدين.
تُوُفيّ بمصر فِي شعبان سنة سبعين [3] .
وقَالَ ابنُ جَوْصا: ذاكرْتُه، وكان من أوعية الحديث [4] .
32- إِبْرَاهِيم بْن عبد الله بن الجنيد [5] .
__________
[ () ] ونقل الخطيب قول ابن المنادي: إن ابن أورمة أصابه المطر آخر مجلس انتخب فيه على العباس بن محمد الدوري وذلك يوم الإثنين لثلاث بقين من شعبان سنة ست وستين، وكان مطرا شديدا فاعتلّ لذلك، ثم توفي يوم السبت صلاة المغرب، ودفن يوم الأحد بالكناس إلى جنب قبر أبي جعفر محمد بن عبد الملك الدقيقي، وتولّى الصلاة عليه علي بن محمد بن حميد لأربع خلون من عشر ذي الحجة وله حينئذ خمس وخمسون سنة. (تاريخ بغداد 6/ 43 و 44) .
[1] انظر عن (إبراهيم بن أبي داود) في:
تهذيب تاريخ دمشق 2/ 212، والمنتظم 5/ 85 رقم 186، والأنساب 76 أ، واللباب 1/ 142، وسير أعلام النبلاء 12/ 612، 613 رقم 237، وشذرات الذهب 2/ 162، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 223، 224 رقم 22.
[2] قال ياقوت: الأسدي، من أسد بن خزيمة، وأبوه أبو داود من أهل الكوفة. ذكره ابن يونس.
(معجم البلدان 1/ 402) .
[3] ورّخه الطحاوي.
أما ابن الجوزي فذكر وفاته في سنة 272 هـ. (المنتظم) .
[4] وزاد: ويقال انه كان يحفظ نحوا من مائة ألف حديث، وكان أحد الحفّاظ المجوّدين الثقات الأثبات. (تهذيب تاريخ دمشق) .
[5] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد) في:
الجرح والتعديل 2/ 110 رقم 325، وتاريخ بغداد 6/ 120 رقم 3150، وطبقات الحنابلة 1/ 96 رقم 100، وسير أعلام النبلاء 12/ 631، 632 رقم 251، وتذكرة الحفاظ 2/ 586،

(20/61)


أبو إِسْحَاق الخُتّليّ، نزيل سامرّاء.
له تصانيف وتاريخ ورحلة.
سمع: أَبَا نُعَيْم، وسعيد بْن أبي مريم، وأبا جَعْفَر النُّفَيليّ، وأبا الْوَلِيد، وسليمان بْن حرب، وعُمَر بْن مرزوق، ويحيى بْن بُكَيْر.
وعنده سؤالات عن يحيى بْن مَعِين فِي الجرح والتعديل.
روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن مسروق، ومحمد بْن القاسم الكوكبيّ، وأبو بَكْر الخريطيّ، وأحمد بْن محمد الأدميّ، وآخرون.
وثّقه أبو بَكْر الخطيب [1] ، وقَالَ: له كُتُب فِي الزُّهد والرّقائق. لم أجد له وفاةً [2] .
33- إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الدارميّ.
تُوُفيّ بسَمَرْقَنْد سنة ستٍّ وستّين، ودُفِن إِلَى جنْب أخيه الحافظ أبي محمد الدارميّ.
34- إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن عَبْد الحميد القُرَشيّ الهمْدانيّ [3] .
أبو إِسْحَاق ابنُ أخي سندول.
يروي عن: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأبي أُسامة، وأسباط بْن محمد، وجماعة.
وعنه: أبو عَوانَة الإسفرائينيّ، وأبو حاتم وقَالَ: صدوق، ومحمد بْن عَبْد الله بْن بُلْبُل، وغيرهم [4] .
35- إبراهيم بن هانئ النّيسابوريّ الزّاهد [5] .
__________
[ () ] وطبقات الحفاظ 260.
[1] في تاريخه.
[2] وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي ورأيته بسامرّاء ولم أكتب عنه. (الجرح والتعديل) .
[3] انظر عن (إبراهيم بن مسعود) في:
الجرح والتعديل 2/ 140 رقم 453، والثقات لابن حبّان 8/ 86، ومسند أبي عوانة 1/ 205 و 2/ 297 وفيه «إبراهيم بن مسعود المقدسي» ، ووقع فيه 2/ 140 «أحمد بن مسعود المقدسيّ» ، وسير أعلام النبلاء 12/ 529 رقم 203.
[4] وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو صدوق.
[5] انظر عن (إبراهيم بن هانئ) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 58، والجرح والتعديل 2/ 144 رقم 472، والثقات لابن حبّان

(20/62)


أبو إِسْحَاق، نزيل بغداد.
سمع: محمد بْن عُبَيْد، وأخاه يَعْلَى، وعليّ بْن عيّاش، وبُسْر بْن صَفْوان، وأبا المُغيرة عَبْد القُدُّوس بْن حجّاج، وعبد الله بن داود الخُرَيْبيّ، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى، وطائفة بمصر، والشام، والعراق.
وعنه: ابن أبي حاتم: سَمِعْتُ منه [1] ، وَهُوَ ثقة صدوق.
وكان الْإِمَام أَحْمَد يُجِلّ إِبْرَاهِيم بْن هانئ ويحترمه ويَغْشاه [2] .
وقَالَ أبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ: حَدَّثَنِي أبو مُوسَى الطَّرَسُوسيّ فِي جنازة إِبْرَاهِيم بْن هانئ: سمعت ابنُ زَنْجَوَيْه يقول: قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: إنْ كان ببغداد أحدٌ من الأبدال فَأَبُو إِسْحَاق النَّيْسابوريّ [3] .
وقَالَ الخلّال: أَنَا عليّ بْن الْحَسَن، ثنا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن هانئ قَالَ: كان أحمد بن حنبل مختفيا عندنا هاهنا، فقال لي يومًا: ليس أُطيق ما يطيق أبوك من العبادة [4] .
وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة خمسٍ وستّين.
وقَالَ أبو زكريا بْن زياد: حضرت إِبْرَاهِيم بْن هانئ عند وفاته فقال: أَنَا عطشان. فجاءه ابنه بماء، فقال: أغابت الشمس؟ قَالَ: لا. فردّه وقَالَ: لمثل هَذَا فليعمل العاملون. ثُمَّ مات رحمه الله [5] .
__________
[ () ] 8/ 83، وتاريخ بغداد 6/ 204- 206 رقم 3261، وطبقات الحنابلة 1/ 97، 98 رقم 105، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 304، والعبر 2/ 30، والوافي بالوفيات 6/ 156 رقم 2607، والمختصر في أخبار البشر 2/ 52، وتاريخ ابن الوردي 1/ 239.
[1] ببغداد في الرحلة الثانية. (الجرح والتعديل) .
[2] وقال ابن حبّان في (الثقات) : كان من إخوان أحمد بن حنبل ممّن مجالسه على الحديث والدين.
[3] تاريخ بغداد 6/ 205، طبقات الحنابلة 1/ 97.
[4] تاريخ بغداد 6/ 205، طبقات الحنابلة 1/ 97.
[5] تاريخ بغداد 6/ 206، طبقات الحنابلة 1/ 98.
وقال الدارقطنيّ: أبو إسحاق ثقة فاضل. (تاريخ بغداد 6/ 205) .
وقال ابن أبي يعلى: نقل عن إمامنا مسائل كثيرة، وكان ورعا صالحا، صبورا على الفقر.
(طبقات الحنابلة 1/ 97) .

(20/63)


36- إِبْرَاهِيم بْن يزيد [1] .
أبو إِسْحَاق القُرْطُبيّ، مَوْلَى بني أُميّة.
سمع: يحيى بْن يحيى اللَّيْثيّ.
ورحل وأخذ عن: أَصبغ بْن الفَرَج، وسَحْنُون.
وكان شريفًا، فطينًا، فقيهًا، مساويًا.
روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحُباب، وغيره.
وتُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة ثمانٍ وستّين.
37- إدريس بْن نصر بْن سابق الخَوْلانيّ المصريّ المعدّل.
أخو بحر بْن نصر.
تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين.
38- إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطَّلْقيّ الأستراباذيّ [2] .
أبو بَكْر الفقيه المؤذّن.
ثقة، سمع: يزيد بْن هارون، وأحمد بن أبي طيبة.
وعنه: عَبْد الملك بن عدي، ومحمد بن إبراهيم بن مطرّف، وأهل أستراباذ.
قَالَ عَبْد الملك: ما رَأَيْت فِي بلدنا أصلح منه [3] .
تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين.
39- إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم [4] .
أبو الأحوص الأسفرائينيّ.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن يزيد) في:
تاريخ علماء الأندلس 1/ 9 رقم 4، وجذوة المقتبس 158 رقم 293، وبغية الملتمس 227 رقم 530، وهو: إبراهيم بن يزيد بن قلزم بن أحمد بن إبراهيم بن مزاحم.
[2] انظر عن (إسحاق بن إبراهيم الطلقي) في:
الجرح والتعديل 2/ 211، 212 رقم 723، والثقات لابن حبّان 8/ 120 وفيه: «إسحاق بن إسماعيل القلقلي» يروي عن يزيد بن هارون» .
[3] وقال ابن أبي حاتم: كتب إلى أبي بأحاديث بيدي سعيد البردعي.
[4] انظر عن (إسماعيل بن إبراهيم) في:
مسند أبي عوانة 1/ 152 وفيه: «أبو الأحوض القاضي» ، و 1/ 308 و 2/ 69، 255، 375 وفيه «إسماعيل القاضي» ، و 371.

(20/64)


عن: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وأبي الْوَلِيد الطَّيالِسيّ.
وعنه: أَبُوهُ أبو الْحَسَن الزّاهد، وإبراهيم بْن محمد المَرْوزيّ. وكثيرًا ما يروى عَنْهُ أبو عَوَانةَ فيقول: نبا أبو الأحوص صاحبنا [1] .
40- إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله بْن مَسْعُود الحافظ [2] .
أبو بِشْر العبْديّ الإصبهانيّ سمّويْه.
سمع: الحُصَيْن بْن حَفْص، وبكر بْن بكّار، وأبا مُسْهِر، وأبا اليَمَان، وأبا نُعَيْم، وَعَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التنيسي، وسعيد بن أبي مريم، وخلْقًا كثيرًا بالشام ومصر، والعراق، وإصبهان.
وخرّج الفوائد، وعني بالفِقْه والحديث.
قَالَ أبو نُعَيْم الإصبهانيّ [3] : كان من الحفاظ والفُقهاء.
وقَالَ ابنُ أبي حاتم [4] : سمعنا منه، وهو صدوق، ثقة.
قلت: روى عَنْهُ محمد بْن أَحْمَد بْن ضرية، وأبو بكر بْن أبي دَاوُد، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وآخرون.
قَالَ أبو الشَّيْخ [5] : كان حافظًا متقنًا، يُذاكر بالحديث.
قلت: تُوُفيّ سنة سبْعٍ وستّين.
41- إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو بْن مسلم الفقيه [6] .
__________
[1] انظر ج 1/ 308 و 2/ 69، 255.
[2] انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 319، وذكر أخبار أصبهان 1/ 210، والجرح والتعديل 2/ 382 رقم 620، والإكمال لابن ماكولا 4/ 457، والأنساب 7/ 244، والتحبير 1/ 187، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 27، والسابق واللاحق 104، والعبر 2/ 35، وسير أعلام النبلاء 13/ 10- 12 رقم 6، وتذكرة الحفاظ 2/ 566، 567، واللباب 2/ 142، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 2/ ورقة 424 أ، ب، ومجمع الزوائد للهيثمي 1/ 179، وطبقات الحفاظ 65، وشذرات الذهب 2/ 152، والرسالة المستطرفة 71، والأعلام 1/ 118، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 226، 227 رقم 88، ومعجم المؤلّفين 2/ 278.
[3] في أخبار أصبهان.
[4] في الجرح والتعديل 2/ 182.
[5] في طبقات المحدّثين 3/ 13، 14 وعبارته: وكان ممن يحفظ ويذاكر، وكان قد دخل الشام ومصر والعراق، وكان ممن يتفقه ويكتب الشروط ... وكان حافظا متقنا، وغرائب حديثه تكثر.
[6] انظر عن (إسماعيل بن يحيى) في:

(20/65)


أبو إِبْرَاهِيم المُزَنيّ المصريّ، صاحب الشّافعيّ.
روى عن: الشّافعيّ، ونُعَيْم بْن حمّاد، وعليّ بْن مَعْبَد بْن شدّاد، وغيرهم.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن خُزَيْمة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وابن جَوْصَا، والطَّحَاويّ، وابن أبي حاتم، وأبو الفوارس بْن الصّابونيّ، وآخرون.
وتفقه به خلْق، وصنَّف التّصانيف.
أخبرنا أبو حَفْص الفوارس، أَنَا أبو اليُمْن الكِنْدي كتابة، أَنَا أبو الْحَسَن بْن عَبْد السّلام، ثنا أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ الفقيه قَالَ [1] : فأمّا الشّافعيّ رحمة الله فقد انتقل فِقْهُه إِلَى أصحابه، فمنهم أبو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن إِسْمَاعِيل بْن عَمْرو بْن إِسْحَاق المُزَنيّ. مات بمصر سنة أربعٍ وستّين ومائتين.
وكان زاهدًا عالمًا مجتهدًا مناظرا محجاجا غوّاصا على المعاني الدّقيقة، صنّف كُتُبًا كثيرة: «الجامع الكبير» ، «والجامع الصغير» ، «ومختصر المختصر» ، «والمنثور» ، و «المسائل المعتبرة» ، و «التّرغيب فِي العِلم» ، وكتاب «الوثائق» قَالَ الشّافعي: المُزَنيّ ناظر [2] مذهبي.
قلت: وردَ أنّ المُزَنيّ كان إذا فرغ من مسألة وأودعها مختصره صلّى ركعتين [3] .
__________
[ () ] الجرح والتعديل 2/ 204 رقم 688، ومروج الذهب 2736، 3178، وطبقات علماء إفريقية 237، وأدب القاضي للماوردي 1/ 11، 46، 75، 94، 135، 196، 310، 469، 521، 679، و 2/ 16، 107، 108، 370، 382، وتاريخ العظيمي 265، والفهرست لابن النديم 298، والإنتقاء لابن عبد البرّ 110، وطبقات الفقهاء للشيرازي 97، وطبقات فقهاء الشافعية للعبّادي 9، والأنساب 527 أ، ووفيات الأعيان 1/ 217- 219 رقم 93، والعبر 2/ 28، وسير أعلام النبلاء 12/ 492- 497 رقم 180، ودول الإسلام 1/ 160، واللباب 2/ 205، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 93- 109، والبداية والنهاية 11/ 36، ومرآة الجنان 2/ 177- 179، والوافي بالوفيات 9/ 238، 239 رقم 4145، والمختصر في أخبار البشر 2/ 51، وتاريخ ابن الوردي 1/ 238، والوفيات لابن قنفذ 186 رقم 264، والنجوم الزاهرة 3/ 39، وشذرات الذهب 2/ 148، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 20، ومفتاح السعادة 2/ 158، 159، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 207، والأعلام 1/ 329، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 34- 36 رقم 15، وديوان الإسلام 4/ 202، 203 رقم 1934.
[1] في طبقات الفقهاء 97.
[2] في طبقات الشافعية الكبرى 2/ 94: «لو ناظر الشيطان لغلبة» وفي وفيات الأعيان: «ناصر» .
[3] وفيات الأعيان 1/ 217، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 94.

(20/66)


وقِيلَ إنّ بكّار بْن قُتَيْبَة قدِم مصر على قضائها، وهو حنفيّ، فاجتمع بالمُزَنيّ مرّة، فسأله رَجُل من أصحاب بكّار فقال: قد جاء فِي الأحاديث تحريم النبيذ وتحليله، فلِم قدَّمتم التّحريم على التحليل؟
فقال المُزَنيّ: لم يذهب أحد إِلَى تحريم النبيذ فِي الجاهلّية، ثمّ حلّلَ لنا. ووقع الاتّفاق على أنّه كان حلالًا فحُرّم. فهذا يعضد أحاديث التّحريم على التّحليل.
فاستحسن بكّار ذلك منه [1] .
وقَالَ عَمْرو بْن تميم المكيّ: سمعتُ محمد بن إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ:
سمعت المُزَنيّ يقول: لا يصحُّ لأحدٍ توحيدٌ حَتَّى يعلم أنّ الله على العرش بصفاته.
قلت: مثل أيّ شيء؟
قَالَ: سميع بصير عليم [2] .
قَالَ السُّلَميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان: سمعت محمد بْن عليّ الكِنانيّ: سمعت عَمْرو بْن عُثْمَان المكّيّ يقول: ما رأيت أحدًا من المتعبّدين فِي كثرة من لقيت منهم أشدّ اجتهادًا من المُزَنيّ ولا أدْوَم على العِبادة منه. وما رَأَيْت أحدًا أشدّ تعظيمًا للعِلْمِ منه. وكان من أشدّ النّاس تضييقًا على نفسه فِي الورع، وأوسعه فِي ذلك على النّاس. وكان يقول: أَنَا خُلُق من أخلاق الشافعيّ [3] .
وبَلَغَنا أنّ المُزَنيّ كان مُجاب الدّعوة، ذا زُهدٍ وتقشُّف. أَخَذَ عَنْهُ خَلْق من علماء خُراسان، والشام، والعجم. وقِيلَ: كان إذا فاتته صلاة الجماعة صلّى الصّلاة خمسًا وعشرين مَرَّةً [4] .
وكان يُغَسِّل تعبُّدًا ودِيانة، فإنّه قَالَ: تعَانَيْت غسل الموتى ليرقّ قلبي،
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 218، طبقات الشافعية الكبرى.
[2] سير أعلام النبلاء 12/ 494.
[3] طبقات الشافعية الكبرى 2/ 94.
[4] وفيات الأعيان 1/ 218، طبقات الشافعية 2/ 94.

(20/67)


فصار بي عادة [1] . وهو الَّذِي غسّل الشافعيّ رحمه الله [2] . وكان رأسًا فِي الفقه، ولم يكن له معرفة بالحديث كما ينبغي.
تُوُفيّ لستٍّ بقين من رمضان سنة أربعٍ وستّين، عن تسعٍ وثمانين سنة.
وصلّى عليه الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان المراديّ [3] .
ومن أصحاب المُزَنيّ الْإِمَام أبو القاسم عُثْمَان بْن سَعِيد بْن بشّار الأنماطيّ، شيخ ابنِ سُرَيْج، وزكريّا بْن يحيى السّاجيّ، وإمام الأئمة ابنُ خُزَيْمة.
وثقه أبو سَعِيد بْن يُونُس وقَالَ: كان يَلْزم الرِّباط [4] .
وقَالَ ابنُ أبي حاتم [5] : سمعت منه، وهو صدوق.
42- إِسْمَاعِيل بْن يحيى بْن الْمُبَارَك اليَزيديّ [6] .
أخو إِبْرَاهِيم ومحمد.
أَخَذَ عن: أبي العتاهية، ومحمد بْن سلّام الْجُمَحيّ.
وصنَّف كتابًا فِي «طبقات الشّعراء» .
43- أَسِيد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثّقفيّ [7] .
مولاهم الأصبهانيّ.
__________
[1] طبقات الشافعية 1/ 94.
[2] وفيات الأعيان 1/ 218.
[3] وفيات الأعيان.
[4] سير أعلام النبلاء 12/ 495.
[5] في الجرح والتعديل 2/ 204 وأضاف: «سمعت أبا زرعة يقول: ما أعلم أني أتيت المزني إلّا مرة واحدة مررت به وهو قاعد فسلّم عليّ، فاستحييت منه، فجلست إليه ساعة، فقلت له:
سألته عن شيء أو جرى بينك وبينه شيء؟ قال: لا، لم يكن لي نهمة في الكلام والمناظرة في تلك الأيام وإنما كانت نهمتي في كتابة الحديث» .
[6] انظر عن (إسماعيل بن يحيى) في:
معجم الأدباء 2/ 359، والوافي بالوفيات 9/ 240 رقم 6146.
[7] انظر عن (أسيد بن عاصم) في:
الجرح والتعديل 2/ 318 رقم 1205، وذكر أخبار أصبهان 1/ 226، 227، وحلية الأولياء 10/ 364، وطبقات المحدّثين بأصبهان 1/ 78، والعبر 2/ 44، وسير أعلام النبلاء 12/ 378، 379 رقم 162، والبداية والنهاية 11/ 47، 48، والوافي بالوفيات 9/ 261 رقم 4182، وشذرات الذهب 2/ 158.

(20/68)


أبو الْحُسَيْن، أخو محمد بْن عاصم. ولهما أَخَوان: عليّ، والنُّعمان لم يشتهرا. سمع أَسِيد الكثير، وصنَّف «المُسَنْد» ، ورحل.
وسمع: سَعِيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وبشر بْن عُمَر الزّهرانيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهْميّ، وبكر بْن بكّار، وطبقتهم.
وعنه: أبو عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم، وعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن فارس، ومُحَمَّد بْن حَيَوَة الكَرْخيّ.
تُوُفيّ سنة سبعين.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [1] : سمعنا منه، وهو رِضى ثقة [2] .
44- أماجور التُّركيّ [3] .
وليّ نيابة دمشق للمعتمد فبقي عليها ثمان سنين. وكان شجاعًا مَهِيبًا ظالمًا. ولي دمشق من سنة ستٍّ وخمسين إِلَى سنة أربعٍ وستّين.
واستولى بعده على دمشق والشامات أَحْمَد بْن طولون.
قَالَ أبو يعقوب الَأذْرعيّ المحدّث: لمّا بنى [4] أماجور القبر الَّذِي فِي الخوّاصين كتب على بابه مائة سنة وسنة، فَمَا عاش بعد ذلك إلّا مائة يوم ويوم [5] .
__________
[1] في الجرح والتعديل 1/ 318.
[2] وأضاف ابن أبي حاتم فقال: قلت لأبي مسعود أحمد بن الفرات: من ترى أن أكتب عنه؟
قال: عن يونس بن حبيب، وأسيد بن عاصم، ونفسين سمّاهما.
[3] انظر عن (أماجور التركي) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 506- 508، وتاريخ الطبريّ 9/ 474، ومروج الذهب 3194، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 104- 106، والكامل في التاريخ 7/ 238، 316، ونهاية الأرب 22/ 335، وأمراء دمشق في الإسلام 13 رقم 42، والمختصر في أخبار البشر 2/ 51، وتاريخ ابن الوردي 1/ 237.
[4] في الأصل: «بنا» .
[5] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 106.

(20/69)


حرف الباء
45- بكّار بْن قُتَيْبَةَ بْن عُبَيْد الله [1] .
وقِيلَ: بكّار بْن قُتَيْبَةَ بن أسد بْن عُبَيْد الله بْن بِشْر بْن أبي بكرة بْن نُفَيْع بْن الْحَارِث.
القاضي أبو بكرة الثَّقفيّ البكْراويّ الْبَصْرِيّ الفقيه الحنفيّ، قاضي ديار مصر.
سمع: رَوْح بْن عُبَادة، وأبا دَاوُد الطَّيالِسيّ، وعبد الله بْن بَكْر السَّهْميّ، ووهب بْن جرير، وسعيد بْن عامر الضُّبَعيّ، وطبقتهم.
وعنه: أبو عَوَانَة فِي مسنده الصّحيح، وعبد الله بْن عتّاب الرَّقّيّ، وأبو الميمون بْن راشد، وأحمد بْن سُلَيْمَان بْن حَذْلَم، والحَسَن بْن عَبْد الملك الحصائري، ومحمد بْن محمد بْن أبي حُذَيْفة، وأحمد بْن محمد المّدِينيّ الحاميّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمْ، وخلْق من الدّمشقيّين، فإنّه قدِم إليها فِي الآخر، ومن المصريّين والرّحّالة.
__________
[1] انظر عن (بكار بن قتيبة) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 152، والولاة والقضاة للكندي 505- 514، ومسند أبي عوانة 1/ 7128 313 و 2/ 45، 78، 273، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 130، والولاة والقضاة 215، 221، 224، 226، 231، 475- 476، 505- 515، وولاة مصر 15، 241، 247، 248، 250، 252، 256، والأنساب 2/ 274، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 285- 287، واللباب 1/ 169، ووفيات الأعيان 1/ 279- 282 رقم 116 و 116 ب، والعبر 2/ 44، ودول الإسلام 1/ 164، وسير أعلام النبلاء 12/ 599- 605 رقم 229، والبداية والنهاية 11/ 48، ومرآة الجنان 2/ 185، 186، والوافي بالوفيات 10/ 185، 186 رقم 4668، والنجوم الزاهرة 3/ 18، 19، 47، 48، وحسن المحاضرة 1/ 463، ورفع الإصر للسخاوي 140، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 19، وشذرات الذهب 2/ 158، ومآثر الإنافة 1/ 247، 251، 253، 256، وطبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده 47، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 194، وطبقات الأولياء 119 رقم 27، وتاريخ ابن الوردي 1/ 238، وهدية العارفين 1/ 233، وديوان الإسلام 1/ 204، 205 رقم 309.

(20/70)


وكان من القُضاة العادلين.
قَالَ أبو بَكْر بْن المقرئ: نا محمد بْن بَكْر الشّعرانيّ بالقدس، نا أَحْمَد بْن سهل الهَرَويّ قَالَ: كنتُ ساكنًا فِي جوار بكّار بْن قُتَيْبَةَ، فانصرفت بعد العشاء، فإذا هُوَ يقرأ: يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ 38: 26 [1] الآية. ثُمَّ نزلت فِي السَّحَر، فإذا هُوَ يقرأها ويبكي، فعلمت أنّه كان يقرأها من أول اللّيل [2] .
وقَالَ محمد بْن يوسف الكِنْديّ [3] : قدِم بكّار قاضيًا من قِبل المتوكّل فِي جمادى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين، فلم يزل قاضيًا، يعنى على مصر إِلَى أن تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين. وأقامت مصر بلا قاضٍ بعده سبْع سنين، ثُمَّ ولّى خُمَارَوَيْه محمد بْن عَبْدة.
وكان أَحْمَد بْن طولون أراد بكارا على لعن الموفَّق فامتنع، فسجنه إِلَى أن مات أَحْمَد، فأُطِلقَ بكّار، وبقي يسيرًا ومات. فَغُسِّلَ ليلًا، وكَثُرَ النّاس فلم يُدْفَن إِلَى العصر.
قلت: وكان القاضي بكّار عظيم الحُرْمة كبير الشأن. كان ينزل السّلطان ويحضر مجالسه، فذكر الطّحاويّ قَالَ: استعظم بكّار بْن قُتَيْبَةَ قبيح حكم الْحَارِث بْن مسكين فِي قضيّة ابنُ السائح، يعني لمّا حكم عليه الْحَارِث وأخرج من يده دار الفيل، وتوجّه ابنُ السائح إِلَى العراق يغوث على الْحَارِث [4] .
قَالَ الطّحاويّ: وكان الْحَارِث إنّما حكم فيها على مذهب أَهْل المدينة، فلم يزل يُونُس بن عبد الأعلى يكلّم بكّارا ويجسّره حَتَّى جسر وردّ إِلَى ابني السائح ما كان أَخَذَ منهما.
قَالَ الطّحاويّ: ولا أحصي كم كان أَحْمَد بْن طولون يجيء إِلَى مجلس بكّار وهو على الحديث، ومجلسه مملوء بالناس، ويتقدم الحاجب ويقول: لا يتغّير أحد من مكانه، فَمَا يشعر بكّار إلّا وابن طولون إِلَى جانبه، فيقول له: أيّها
__________
[1] سورة ص، الآية 26.
[2] الولاة والقضاة 506.
[3] في الولاة والقضاة 506 و 512.
[4] الخبر ذكره الكندي في ترجمة «الحارث بن مسكين» . (الولاة والقضاة 504) وانظر: 506.

(20/71)


الأمير ألا تركتني كنت أقضي حقّك وأقوم [1] .
ثُمَّ فسد الحال بينهما حَتَّى حبسه، وفعل به ما فعل.
وقِيلَ إنّه صنَّف كتابًا نقض فِيهِ على الشّافعيّ ردّه على أبي حنيفة. وكان يأنس بيونس بْن عَبْد الأعلى، ويسأله عن أَهْل مصر وعُدولهم.
ولما حبسه ابنُ طولون لم يمكنه أن يعزله، لأنّ القضاء لم يكن أمره إليه.
وقِيلَ إنّ بكّارا كان يشاور فِي حكمه وأمره يُونُس بْن عَبْد الأعلى، والرجل الصّالح مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن القاسم. فبَلَغَنا أنّ مُوسَى سأله بكّار: من أَيْنَ المعيشة؟
قَالَ: من وقْفٍ لأبي أتكفّى به.
وقَالَ: أريد أن أسألك يا أَبَا بكرة هَلْ ركِبَك دَيْن بالبصرة؟
قَالَ: لا.
قَالَ: فهل لك ولد أو زَوْجَة؟
قَالَ: ما نكحت قطّ، وما عندي سوى غلامي.
قَالَ: فأكرهك السُّلطان على القضاء؟
قَالَ: لا.
قَالَ: فضربت آباط الإبِل لغير حاجة إلّا لتلي الذّمّة والفُرُوج؟ للَّه عليّ لا عُدْتُ إليك.
فقال بكّار: أقِلني يا أَبَا هارون.
قَالَ: أنت ابتدأت بمسألتي.
ثُمَّ انصرف عَنْهُ ولم يعُد إليه [2] .
وقَالَ الْحَسَن بْن زُولاق فِي ترجمة بكّار: لمّا اعتلَّ ابنُ طولون راسل بكّارًا وقَالَ: أَنَا أردُّك إِلَى منزلك، فأجِبْني.
فقال للرسول: قل له شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والقاضي الله. فأبلغ الرَّسُول ابنِ طولون، فأطرق ثُمَّ أقبل يقول: شيخٌ فانٍ وعليلٌ مُدْنَفٌ والملتقى قريب، والله القاضي. ثُمَّ أمر بنقله من السّجن إلى دار اكتريت له،
__________
[1] الولاة والقضاة 508.
[2] الولاة والقضاة 506، 507.

(20/72)


وفيها كان يُحدّث. فَلَمَّا مات ابنُ طولون قَيِل لبكّار: انصرف إِلَى منزلك.
فقال: الدّار بأُجرة وقد صلُحت لي. فأقام بها [1] .
قَالَ الطّحاويّ: أقام بها بعد ابنُ طولون أربعين يومًا ومات [2] .
ونقل ابنُ خلّكان [3] رحمه الله أنّ ابنُ طولون كان يدفع إِلَى بكّار فِي العام ألف دينار سوى المقرَّر له فيتركها بختمها. فَلَمَّا دعاه إِلَى خلْع الموفَّق من ولاية العهد امتنعَ، فاعتقله وطالبه بجملة الذَّهَب، فَحُمِل إليه بختومه، فكان ثمانية عشر كيسًا، فاستحى أَحْمَد بْن طولون عند ذلك، ثُمَّ أمره أن يسلِّم إِلَى محمد بْن شاذان الجوهريّ القضاء، ففعل، وجعله كالخليفة له. ثُمَّ سجنه أَحْمَد، فكان يُحَدِّث فِي السّجن من طاقة، لأنّ طَلَبَة الحديث سألوا ابنُ طولون فأذِن لهم على هَذِهِ الصورة.
قَالَ ابنُ خلّكان [4] : وكان بكّار بكّاءً تاليًا للقرآن، صالحًا ديّنًا، وقبره مشهور وقد عُرِف باستجابة الدّعاء عنده.
وقَالَ الطّحاويّ: كان على نهايةٍ فِي الحمد على ولايته. وكان ابنُ طولون على نهايةٍ فِي تعظيمه وإجلاله إِلَى أن أراد منه خلع الموفَّق ولعنه، فأبى فَلَمَّا رأى أنّه لا يسلم له منه ما يحاوله ألَّب عليه سُفهاء النّاس، وجعله لهم خصْمًا.
فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحُجّة بنفسه. ثُمَّ حبسه فِي دارٍ، فكان كلّ جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إِلَى الباب، فيقول له الموكّلون به: ارجع.
فيقول: اللَّهمّ أشهد.
قَالَ: ووُلِد سنة اثنتين وثمانين ومائة.
قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وشهده خلق أكثر ممّن شهِدَ العيد، وصلّى عليه ابنُ أَخِيهِ محمد بن الْحَسَن بْن قُتَيْبَةَ الثّقفيّ [5] .
__________
[1] الولاة والقضاة 514.
[2] الولاة والقضاة 514.
[3] في وفيات الأعيان 1/ 279.
[4] في وفيات الأعيان 1/ 280.
[5] وقال ابن حبّان: كان ينتحل مذهب أبي حنيفة في الفقه.

(20/73)


حرف الجيم
46- جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن بهرام [1] .
أبو حنيفة الباهليّ الأسْتراباذيّ الفقيه الشهيد، مفتي بلده. كان حنفيّ المذهب.
وسمع من: جَعْفَر بْن عَوْن، وأبي نُعَيْم، وجماعة.
وعنه: عَبْد الملك بْن عديّ، والحسن بْن الْحُسَيْن بْن عاصم، وغيرهما.
سَعَوْا به إِلَى الْحَسَن بْن يزيد العلويّ المتغلّب على جُرْجان بأنّه ناصبيّ، فسجنه، فَلَمَّا مات صلبه فِي جُرْجان [2] .
47- جَعْفَر بْن محمود الإسكافيّ الكاتب [3] .
الوزير، أحد كُتّاب المتوكّل. ولي الوزارة للمعتزّ باللَّه، قلم تُحمد سيرته، وظلم وعَسَف. ولمّا عُزِل قَيِل فِيهِ أبيات منها:
فِي غير حِفظ الله يا جَعْفَر ... ذلت قراك الْجَور والمُنْكَر
وعاش خاملًا إِلَى سنة ثمانٍ وستّين فتُوُفيّ فيها.
وطوّل ابن النّجّار ترجمته. وكان فيه رفض.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن أحمد) في:
تاريخ جرجان للسهمي 175 رقم 226 و 521 رقم 1083، وص 91، 179، 180، 252، 343، 521، 523.
[2] 521 رقم 1083.
[3] انظر عن (جعفر بن محمود) في:
تاريخ الطبري 9/ 287، 388، ومروج الذهب 3057، 3074، والكامل في التاريخ 7/ 216، والفخري 244، والوافي بالوفيات 11/ 152، 153 رقم 241، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 37، 38.

(20/74)


48- جِلْوان بْن سَمْرة [1] بْن خاقان بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْن الحكم.
أبو الطَّيِّب البانَبيّ [2] الأمويّ الْبُخَارِيّ المحدِّث.
سمع: المقرئ، والقعنبيّ، وعصامًا، وأبا مقاتل النّحْويّ، وأبا حَفْص الفقيه، وسعيد بْن مَنْصُورٌ، وطبقتهم.
وعنه: سهل بْن شَاذَوَيْه، والحسين بْن محمد بْن قريش، وغيرهما.
قيَّده الخطيب: جِلْوان، بكسر الجيم.
وقَالَ ابنُ ماكولا [3] : بل هُوَ بفتحها.
وكذا ذكره المسعوديّ، وغُنْجار.
ومن ذرِّيَّته: أَحْمَد بْن حُسَيْنِ بن أَحْمَد بْن محمد بْن يعقوب بن إبراهيم بن جنيد بن جلوان [4] .
__________
[1] انظر عن (جلوان بن سمرة) في:
تهذيب مستمر الأوهام لابن ماكولا 152، والإكمال لابن ماكولا 2/ 117، وسير أعلام النبلاء 12/ 519 رقم 194، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 245، وتبصير المنتبه 1/ 451، وتوضيح المشتبه 1/ 331، 332.
[2] البانبي: بباء منقوطة بواحدة مفتوحة بعد الألف في آخرها باء أخرى. هذه النسبة إلى قرية من قرى بخارى يقال لها: بانب، (الأنساب 1/ 272) .
[3] في الإكمال، وتهذيب الأوهام.
[4] تهذيب مستمر الأوهام 152.

(20/75)


حرف الحاء
49- حاتم بْن اللَّيْث بْن الْحَارِث [1] .
أبو الفضل الْبَغْدَادِيّ الجوهريّ الحافظ.
سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وحسين بْن محمد المَرْوَزيّ.
وعنه: أبو الْعَبَّاس السّرّاج، وأبو بَكْر الباغَنْديّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وآخرون.
تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين.
وكان ثقة مكثرًا [2] .
50- حاشد بْن إِسْمَاعِيل بْن عِيسَى الْبُخَارِيّ.
الغزّال الحافظ، نزيل الشّاش.
كان أحد من طوّف، وعني بهذا الشأن.
سمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، ومكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، ومن بعدهما.
وعنه: محمد بْن يوسف بْن مطر العزيزيّ، وبكر بْن منير، ومحمد بْن إِسْحَاق السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بْن آدم الشّاشيّ، وآخرون.
وتُوُفيّ بالشّاش سنة إحدى أو اثنتين وستّين.
51- حامد بن أبي حامد النّيسابوريّ [3] .
__________
[1] انظر عن (حاتم بن الليث) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 3، 9، والثقات لابن حبّان 8/ 211، وتاريخ بغداد 8/ 245، 246 رقم 4346، وسير أعلام النبلاء 12/ 519، 520 رقم 195.
[2] قال ابن حبّان: كان ممن صنّف وجمع التاريخ. (الثقات) .
وقال الخطيب: وبعض الرواة عنه يقول: حدّثنا حاتم بن أبي الليث، وكان ثقة ثبتا متقنا حافظا. (تاريخ بغداد) .
[3] انظر عن (حامد بن أبي حامد) في:
غاية النهاية 1/ 202 رقم 929 وهو: حامد بن محمود بن حرب.

(20/76)


أبو عليّ المقرئ.
كان مقدَّم القرّاء ببلده.
حدّث عن: إسحاق بن سليمان الرازي، ومكي بن إبراهيم البلْخيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الله الدَّشْتكيّ، ويحيى بْن يحيى، وجماعة.
وعنه: أبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن خُزَيْمَة، وأبو عبد الله بْن الأخرم، وآخر من روى عَنْهُ أَحْمَد بْن عليّ بْن حسُّونة أحد الضُّعفاء.
واسم أَبِيهِ محمود بْن حرب.
مات سنة ستٍّ ومائتين.
52- الْحَسَن بْن ثواب الفقيه [1] .
أبو عليّ الثعلبي [2] ، صاحب أَحْمَد بْن حنبل.
سمع: يزيد بْن هارون، وعمّار بْن عُثْمَان الحلبيّ.
وعنه: أبو جعفر بن البختريّ، وإسماعيل الصّفّار.
قال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: ثقة [3] .
وقَالَ: أبو بَكْر الخلّال: شيخ جليل القدر [4] .
قلت: مات سنة ثمانٍ وستّين.
53- الحسن بن زيد [5] بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحَسَن بْن زَيْدُ بْن
__________
[1] انظر عن (الحسن بن ثواب) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 180 وفيه قال محقّقه بالحاشية (3) : «لم نظفر به» ، وتاريخ بغداد 7/ 291، 292 رقم 3795، وطبقات الحنابلة 1/ 131، 132 رقم 163.
[2] في تاريخ بغداد: «التغلبيّ» ، بالغين المعجمة والثاء المثلّثة قبلها. والمثبت يتفق مع طبقات الحنابلة.
وهو يعرف أيضا بالمخرميّ.
[3] تاريخ بغداد 7/ 292، طبقات الحنابلة 1/ 132.
[4] تاريخ بغداد. وفيه شيخ كبير جليل القدر.
وقال الخلّال أيضا: وكان له بأبي عبد الله أنس شديد. قال لي: كنت إذا دخلت إلى أبي عبد الله يقول لي: إني أفشي إليك ما لا أفشيه إلى ولدي ولا إلى غيرهم، فأقول له: لك عندي ما قال العباس لابنه عبد الله «إن عمر بن الخطاب يكرمك ويقدّمك، فلا تفشينّ له سرّا» ، فإن أمت فقد ذهب. وإن أعش فلن أحدّث بها عنك يا أبا عبد الله. فيفشي إليه أشياء كثيرة. وكان عنده عن أبي عبد الله جزء كبير فيه مسائل كبار، لم يجيء بها غيره مشبعة.
يحتج عليه بقول المدنيين والكوفيين. (طبقات الحنابلة 1/ 132) .
[5] انظر عن (الحسن بن زيد) في:

(20/77)


الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
الْعَلَوِيُّ الحَسَنيّ الزَّيْديّ الأمير.
ظهر بطَبَرِستْان سنة خمسين، فغلب على جُرْجان وتلك الدّيار. واستفحل أمره، وهزم جيوش الخليفة، ودخل الرِّيّ.
ثُمَّ رجع إِلَى طَبَرِسْتان وصاهر الدَّيلم، وقويّ أمره، وامتدّت أيامه.
تُوُفيّ سنة سبعين فِي شعبان، وقام بالأمر بعده أخوه محمد بْن يزيد، فاتّصلت أيّامه إِلَى أن قُتِلَ سنة سبْعٍ وثمانين، وقِيلَ بعد ذلك.
54- الْحَسَن بْن سُلَيْمَان بْن سلام [1] .
أبو عليّ الغَزَاريّ البصْريّ الحافظ، المعروف بقُبَّيْطَة.
أحد الأثبات.
سمع: عَبْد الله بْن يوسف التّنّيسيّ، وأبا نُعَيْم، وطائفة.
وعنه: أبو خُزَيْمَة، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وجماعة.
واستوطن مصر، وبها تُوُفيّ سنة إحدى وستّين.
وثَّقة ابنُ يُونُس ووصفه بالحِفْظ.
55- الْحَسَن بْن عليّ المُسُوحيّ الزّاهد [2] .
__________
[ () ] تاريخ اليعقوبي 2/ 379، وتاريخ الطبري 9/ 271، 273- 275، 307، 309، 370، 382، 406، 407، 474، 501، 506، 508- 510، 512، 552، 553، ومروج الذهب 3036، 3038، 3039، 3094، 3112، 3158، 3170، 3517، 3581، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 72، 112، والكامل في التاريخ 7/ 407، وتاريخ ابن الوردي 1/ 330، ووفيات الأعيان 6/ 424، ونهاية الأرب 22/ 339، ومقاتل الطالبيين 615، والفهرست لابن النديم 288، والبداية والنهاية 11/ 46، والوافي بالوفيات 12/ 20- 22 رقم 14، وأعيان الشيعة 21/ 325، والمختصر في أخبار البشر 2/ 53، وتاريخ ابن الوردي 1/ 240.
[1] انظر عن (الحسن بن سليمان) في:
تهذيب تاريخ دمشق 4/ 184، وتذكرة الحفاظ 2/ 572، وسير أعلام النبلاء 12/ 508 رقم 87، والوافي بالوفيات 12/ 34 رقم 31، ولسان الميزان 2/ 212 رقم 938، وطبقات الحفاظ 253، وحسن المحاضرة 1/ 146.
[2] انظر عن (الحسن بن علي المسوحي) في:
تاريخ بغداد 7/ 366، 367 رقم 3887، والأنساب 530 ب، واللباب 3/ 213، وسير أعلام النبلاء 12/ 580، 581 رقم 218، والوافي بالوفيات 12/ 166 رقم 143، والنجوم الزاهرة 3/ 24، 25.

(20/78)


من كبار الصُّوفيّة ببغداد.
صحِب السَّرِيَّ السَّقَطيّ، وحكى عن بِشْر الحافي، وهو أوّل من عقد له حلقة ببغداد يتكلَّمَ فيها فِي الحقيقة [1] .
حكى عَنْهُ: الْجُنَيْد، وأبو الْعَبَّاس بْن مسروق، والقاضي المَحَامليّ، وغيرهم. وصحِبه أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ وأبو محمد الحريريّ.
وكان عذْبَ العبارة زاهدًا قانعًا، لم يكن له منزلٌ يأوي إليه، بل كان له بيت فِي المسجد [2] .
قَالَ السُّلَميّ: سمعت أَبَا الْعَبَّاس الْبَغْدَادِيّ: سمعتُ جَعْفَر الخُلْديّ:
سمعت الْجُنَيْد يقول: كلَّمتُ حَسَنًا المُسُوحيّ فِي شيء من الُأنْس، فقال لي:
ويْحك ما الأنْس؟ لو مات من تحت السّماء ما استوحشت [3] .
وقَالَ ابنُ الأعرابيّ: سمعت غير واحد أنّه سمع أَبَا حَمْزَةَ يقول كثيرًا:
حَسَن أستاذنا، رحِم الله حَسَنًا.
قَالَ ابنُ الأعرابي: فقال إنّ أول حلقةٍ كَانَتْ فِي جامع بغداد للصُّوفيّة حلقة المُسُوحيّ، ثُمَّ بعده حلقة أبي حَمْزَةَ. وكان المُسُوحي لا يجاوز عِلْم الأصول والعبادات والإدارات والأحوال دون العارف لا يجاوز ذلك.
تُوُفيّ المُسُوحيّ رحمة الله عليه بعد الستين.
56- الْحَسَن بْن محمد بْن سماعة الكوفيّ [4] .
نَسْفيٌّ كبير له تصانيف فِقهيّة عند الإماميّة.
تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستّين ومائتين.
57- الْحَسَن بْن أبي الرَّبِيع يحيى بْن الْجَعْد الجرجانيّ [5] .
__________
[1] تاريخ بغداد 7/ 367.
[2] تاريخ بغداد 7/ 367.
[3] تاريخ بغداد 7/ 367.
[4] انظر عن (الحسن بن محمد) في:
الفهرست للطوسي 81 رقم 193.
[5] انظر عن (الحسن بن أبي الربيع) في:
مسند أبي عوانة 2/ 126، 360، والجرح والتعديل 3/ 44 رقم 188، والثقات لابن حبّان 8/ 180، وتاريخ بغداد 7/ 453، 454 رقم 4025، وتاريخ جرجان للسهمي 183، رقم

(20/79)


أبو عليّ العبْديّ.
نزيل بغداد.
سمع: أَبَا يحيى الحِمّاني، وعبد الصمد بْن عَبْد الوارث، ووهْب بْن جرير، وعبد الرّزّاق، وشَبَابة، ويزيد بْن هارون، وجماعة.
وعنه ق.، وأبو بَكْر بْن أَبِي عاصم، وعبد الله بْن أبي دَاوُد، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، والقاضي المَحَاملِيّ، وآخرون.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [1] : صدوق.
وقَالَ ابنُ المنادي: مات فِي سَلْخ جُمَادى الأولى سنة ثلاثٍ وستّين، وبلغ فيما قَيِل ثلاثًا وثمانين سنة [2] .
قلت: كان صاحب حديث وحِفْظ ورحلة.
58- الْحَسَن بْن مَخْلَد بْن الجرَاح [3] .
الوزير أبو محمد الْبَغْدَادِيّ الكاتب.
__________
[244،) ] والمنتظم 5/ 44 رقم 99، والمعجم المشتمل 103 رقم 265، وتهذيب الكمال 6/ 334، 335 رقم 1279، وسير أعلام النبلاء 12/ 356، 357 رقم 149، والكاشف 1/ 167 رقم 1078، والبداية والنهاية 11/ 36، وتهذيب التهذيب 2/ 324، 325 رقم 563، وتقريب التهذيب 1/ 172 رقم 325، وخلاصة التذهيب 81.
[1] وقال أيضا: سئل أبي عنه، فقال: شيخ. (الجرح والتعديل) .
[2] وقيل: مات وله خمس وثمانون سنة. (تاريخ بغداد 7/ 454) و (تاريخ جرجان) .
وقال السهمي: كان والده أبو الربيع من مياسير أهل جرجان ووجوهها. (تاريخ جرجان) .
وقال أيضا: والحسن بن أبي الربيع أشهر من أن يعرّف من كثرة روايته وانتشار اسمه وكثرة الرواة عنه في الدنيا لا يمكن ضبطها.
[3] انظر عن (الحسن بن مخلد) في: تاريخ الطبري 9/ 209، 214- 217، 259، 324، 341، 342، 349، 380، 387، 388، 396- 399، 440، 441، 444، وتاريخ اليعقوبي 2/ 492، 504، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 206، 211، 212، 250، 284 و 2/ 11، 142، 216، 217، 218، 219، 220 و 3/ 26، والعقد الفريد 2/ 308 و 4/ 166، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 4/ 300- 301 ب، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 252، 253، والفخري 251، والكامل في التاريخ 7/ 316، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 25، 83- 85، 134، والتذكرة الحمدونية 1/ 347، 414، وسير أعلام النبلاء 13/ 7، 8 رقم 4، والوافي بالوفيات 12/ 267- 269 رقم 239، ولسان الميزان 2/ 256، والنجوم الزاهرة 3/ 45، ونثر الدرّ 3/ 49.

(20/80)


ومن أعجب الاتفاق أنّ أربعة وُلّوا الوزارة وُلِدوا فِي سنة تسعٍ ومائتين:
هَذَا، وعُبَيْد الله بن يحيى بْن خاقان، ومحمد بْن عَبْد الله بْن طاهر وأحمد بْن إِسْرَائِيل.
ولي الْحَسَن الوزارة للمعتمد مرَّتين، وصادره فِي الأولى، ثُمَّ استوزره مرّة ثالثة سنة خمسٍ وستّين، ثُمَّ سخط عليه فِي شعبان من السنة، فانسحب إِلَى مصر. فَأَقْبَلَ عليه أَحْمَد بْن طولون وولّاه قطر البلاد، وضمن له زيادة ألف ألف دينار فِي السنة مع العدل. فَخَافَهُ الكاتب، فقال لابن طولون: هَذَا عين للموفَّق عليك، وصبغوه بِذَلِك فحبسه، فقالوا: لا ينبغي أن يكون محبوسًا فِي جوارك، فربّما حَدَثَ به حدَثٌ فَيُنْسَب إليك. فبعثَ به إِلَى متولّي أنطاكية، وأمره أن يعذِّبه، فعَذَّبه حَتَّى هلك فِي سنة تسعٍ وستّين.
وكان مع ظُلْمه شاعرًا فصيحًا جوادًا ممدَّحًا نبيل الرأي. مدَحهُ البُحْتُريّ [1] ، وغيره.
ولم يذكره الخطيب.
وذكره ابنُ النّجّار، وأنّه جمع بين الوزارة وكتابة الموفَّق.
وكان آية فِي حساب الدّيوان، حتّى قيل: ما لا يعلمه الْحَسَن فَلَيْس من الدُّنيا.
وكان تامّ الشكل، مَهِيب البأس، عظيم التّجمُّل، سَرِيًّا. كان خدمه يركبون يوم الجمعة بالجنائب الكثيرة وغلمانه بالدّيباج المنسوج بالذَّهب. فإذا جلس فِي داره وقفت العين على فرش وسُتُور ونحو ذلك بمائة ألف دينار.
وقِيلَ: بل هلك سنة إحدى وسبعين ومائتين.
59- حمّاد بْن إِسْحَاق بْن حمّاد بن زيد بن درهم [2] .
__________
[1] انظر قصائده في ديوانه: 1/ 33- 35 و 438، 439 و 476- 478 و 498- 500 و 601- 606 و 4/ 2158- 2160.
[2] انظر عن (حمّاد بن إسحاق) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 268 و 3/ 280، وتاريخ الطبري 9/ 336، 392، وتاريخ بغداد 8/ 159 رقم 4262، والمنتظم 5/ 60 رقم 136، والعبر 2/ 35، وسير أعلام النبلاء 13/ 16

(20/81)


أبو إِسْمَاعِيل الأزْديّ الْبَغْدَادِيّ القاضي. أخو إِسْمَاعِيل القاضي.
كان فقيهًا كأخيه فِي مذهب مالك [1] .
تفقّه على: أَحْمَد بْن المعدّل.
وحدث عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، والقَعْنبيّ، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، وجماعة.
وصنف تصانيف في المذهب.
وعنه: ابنه إبراهيم، والمحاملي، وأبو بكر الخرائطي، وغيرهم.
وثقه الخطيب [2] .
وكان يصحب الخلفاء، فغضب عليه المهتدي باللَّه سنة خمس وخمسين وضربه وطوف به لشيء بلغه عنه. وعزل أخاه إسماعيل عن القضاء.
تُوُفيّ فِي جُمَادى سنة سبعٍ وستّين ببلد السُّوس، وله ثمان وستّون سنة [3] . وقد وليّ قضاء بغداد نوبة.
__________
[ () ] رقم 9، والديباج المذهب 1/ 41 ظ، وشذرات الذهب 2/ 152، 153، وترتيب المدارك 3/ 181، والفهرست لابن النديم 1/ 200، وطبقات المالكية 65، والوافي بالوفيات 13/ 151 رقم 163، والأعلام 2/ 271، ومعجم المؤلّفين 4/ 72.
[1] الديباج المذهب. وفي المنتظم 5/ 60: «وكان ثقة فصيحا يعرف مذهب مالك كثير التصانيف في فنون» .
[2] في تاريخه.
[3] وقال ابن المنادي: وكان قد بلغ السبعين، وكان ميلاده سنة ثمان وتسعين ومائة.
وقال أحمد بن كامل القاضي: وتوفي حمّاد بالسوس سنة تسع وستين ومائتين، وكان فصيحا، حسن القيام بمذهب مالك والاعتلال له، كثير التصنيف لفنون من علم الإسلام، وكان مولده في آخر سنة تسع وتسعين ومائة بالبصرة، وكان يخضب بالحمرة، وكان يقضي في جوانب بغداد في داره كثيرا، وكان قد أخذ عن أحمد بن المعدّل، واعتمد على تصنيف يعقوب بن أبي شيبة وكلامه فيما يقال. (تاريخ بغداد) .

(20/82)


حرف الخاء
60- خَالِد بن أَحْمَد بْن الهَيْثَم بْن الذُّهْليّ [1] .
أمير خُراسان فيما وراء النهر. له ببُخارى آثار ممدوحة. أقدَم إليها المحدِّثين وأكرمهم، وطلب أن يأتي أبو [2] عبد الله الْبُخَارِيّ إِلَى داره ليُسمِع أولاده «الصّحيح» ، فامتنع من المجيْء إليه، فأخرجه من بُخَارى [3] .
ثُمَّ إنّه فِي آخر أمره خرج على آل طاهر ومال إِلَى يعقوب بْن اللَّيْث بْن الصّفّار الَّذِي خرج بسِجِسْتان [4] .
ثُمَّ إنّه حجّ سنة تسعٍ وستّين فقُبِضَ عليه وسُجِنَ ببغداد فهلك فِي الحبس فِي هَذَا العام [5] .
وقد سمع من: إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وعُبَيْد الله بْن عُمَر القواريريّ، والحسن بن عليّ الخلّال، ومحمد بن عليّ بن شقيق، وطائفة.
ومن أَبِيهِ أَحْمَد بْن خَالِد بْن حمّاد بْن عَمْرو.
وروى عَنْهُ: سهل بْن شاذَويْه، ونصرك بْن أَحْمَد، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم [6] ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن محمد المكتّب، وأبو الْعَبَّاس بْن عقدة، وأبو حامد الأعشى، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (خالد بن أحمد) في:
الجرح والتعديل 3/ 322 رقم 1442، وتاريخ بغداد 8/ 314- 316 رقم 4409، والمنتظم 5/ 68 رقم 153، واللباب 1/ 536، والكامل في التاريخ 7/ 412، وسير أعلام النبلاء 13/ 137 رقم 68، والوفي بالوفيات 13/ 247 رقم 302، والأعلام 2/ 294.
[2] في الأصل: «أبا» ، وهو غلط نحوي.
[3] تاريخ بغداد 8/ 315.
[4] تاريخ بغداد 8/ 316.
[5] تاريخ بغداد 8/ 316، وذكره ابن الأثير في حوادث سنة 270 هـ (الكامل 7/ 412) .
[6] وهو قال: كتبت عنه بالري مع أبي وهو صدوق ثقة. (الجرح والتعديل) .

(20/83)


قَالَ الحاكم فِي ترجمته: وبلغنا أنه أنفق على طلب الحديث ألف ألف درهم.
وكان يمشي لطلب السّماع ولا يركب. تُوُفيّ سنة سبعين.
61- خَالِد بْن يزيد بْن الهيثم التميمي الكاتب [1] .
أحد الشعراء البُلَغاء.
تُوُفيّ ببغداد، وقد شاخ وهرِم.
وأصله من خُراسان.
حدَّث خَالِد الكاتب قَالَ: أُدْخِلْتُ على إِبْرَاهِيم بْن المهديّ وأنا غلام، فقال: أنت خَالِد؟ قلت: نعم.
قَالَ: أنشدني شيئًا.
قلت: أعزَ الله الأمير، أَنَا حَدَث أمْزَح، لا أهجو ولا أمدح، وإن رَأَى الأمير أن يعفيني.
قَالَ: والله لتقولّن، فإنّ الَّذِي تقوله فِي بيجور يظلّ أشدّ لدواعي البلاء.
فأنشدته:
رأت منه [عيني] منظرين كما رأت ... من البدر والشمس المنيرة [2] بالأرض
عشيّة حيّاني بوردٍ كأنّه ... خدودٌ صُفَّت [3] بعضهنّ إِلَى بعض
__________
[1] انظر عن (خالد بن يزيد) في:
ديوانه، وتاريخ بغداد 8/ 308- 314 رقم 4408، والمنتظم 5/ 35- 39 رقم 81، وطبقات الشعراء لابن المعتزّ 358، وبدائع البدائه 140، 290، 339، ومروج الذهب 2562، والديارات 15- 13، والأغاني 20/ 274- 287، ومعجم الأدباء 11/ 47- 52، ووفيات الأعيان 2/ 232- 237 رقم 215، وفوات الوفيات 1/ 401، 402 رقم 144، والزركشي 108، وبغية الطلب 6/ 121، وزهر الآداب 2/ 158، وشرح مقامات الحريري 1/ 33، وعنوان المرقصات والمطربات لابن سعيد المغربي- القاهرة 1286 هـ. - ص 36، والرسالة المصرية لأبي الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي (طبعها عبد السلام هارون في نوادر المخطوطات) 1/ 47، وخريدة القصر (شعراء مصر 3/ 206) ، وأمالي القالي 1/ 100، 218 و 2/ 300 و 3/ 89، 95، والجليس الصالح 2/ 176، 177، والوافي بالوفيات 13/ 278- 282 رقم 341، سمط للآلي 311، والنجوم الزاهرة 3/ 36، والأعلام 2/ 301، ومعجم المؤلّفين 4/ 98.
[2] في الديارات: «المضيئة» ، ومثله في: وفيات الأعيان 2/ 234.
[3] في الديارات: «أضيفت» ، ومثله في: وفيات الأعيان.

(20/84)


وناولني كأسًا كأن رُضابَها [1] ... دموعي لمّا صُدّ عن مقلتي غَمضي
وولّى وفِعْل السُّكْر فِي حرَكاته ... من الراح فِعْلَ الرّيح فِي الغُصن الغضّ [2]
قال: فزدني. وقال: يا بنيّ النّاس يشبِّهون الخدود بالورد، وأنت شبّهت الورد بالخدود. زدني.
فأنشدته:
عش فحبّيك سريعًا قاتلي ... والفَناء [3] إنْ لم تصلني واصلي
ظفر الحبّ [4] بقلبٍ دَنِفٍ ... فيك والسّقم بجسمٍ ناحلِ [5]
منهما بين اكتئابٍ وبِلًى [6] ... تركاني كالقضيب الذّابلِ
وبُكى [7] العاذل لي من رحمةٍ ... فبُكائي لبكاء العاذل [8]
قال: أحسنت. ووصلني بثلاثمائة وخمس دينار.
وعن أبي العَيْناء قَالَ: لقيت خالدًا الكاتب والصّبيان يعبثون به، فأخذته وأطعمته، وأنشدني:
ومُؤْنِسٌ كان لي وكنت له ... يرتع فِي دولةٍ من الدُّوَل
حَتَّى إذا ما الزّمان غيّره ... عنى بقول الوشاة والعذل
__________
[1] في وفيات الأعيان: «كأن حبابها» .
[2] الديارات 17، زهر الآداب 2/ 158، شرح مقامات الحريري 1/ 33، عنوان المرقصات والمطربات 36، وفي فوات الوفيات 1/ 402 بيتان فقط، والأخير عنده:
وراح وفعل الراح في حركاته ... كفعل النسيم الرطب في الغصن الغضّ
والأبيات في وفيات الأعيان 2/ 234 وفيه البيت الأخير مثل فوات الوفيات، والأبيات دون الأول في: التذكرة الفخرية 391، وقد نسبها إلى عبد الصمد بن المعدّل، انظر شعره 114، 115.
والأبيات في ديوان خالد بن يزيد 515، 516.
[3] في تاريخ بغداد: «والضنى» ، ومثله في المنتظم، والأغاني 20/ 281.
[4] في الأغاني: ظفر الشوق.
[5] في تاريخ بغداد، والمنتظم:
ظفر الشوق بقلب كمد ... فيك والسقم بجسم ناحل
[6] في المنتظم: «وضنى» .
[7] في الأصل: «بكا» .
[8] الديارات 18، تاريخ بغداد 8/ 314، المنتظم 5/ 39، فوات الوفيات 1/ 402، الوافي بالوفيات 13/ 280، وفي الأغاني 20/ 278 البيت الأخير فقط وهو:
وبكى العاذل من رحمتي ... فبكائي لبكا العاذل.

(20/85)


قلت له عن مقالةٍ سبقت ... يا مُنْتَهى غايتي ويا أملي
كنت صديقًا فصرت معرفةً ... بدَّلني الله شرَّ مبدلِ.
وأنشد أيضًا:
بالوجنتين اللَّتَين كالسّرج ... والحاجَبين اللَّتَين كالسَّبج
والمُقْلتين الّتي ألحاظهما ... سفّاكة النُّفوس والمُهَج
ألا ذللت الَّذِي يتّمه حُبُّك ... يا واحدي على الفرج
ولخالد:
عذّبني بالدّلال والتِّيهِ ... وصدّ عني فكيف أرقيه؟
ظَبْيٌ من التِّيه لا يكلّمني ... سُبحان من صاغ حُسْنَهُ فِي فِيهِ
الشّمس من وَجْنَتَيه طالعهٌ ... والدّرُّ فوق الجبين يحكيه
يا أحسن الوجه جُد لمكتّبٍ ... بقلبه منك كي أُهنيه
وله:
رقدتَ ولم [1] تَرْثِ للساهر [2] ... وليل المحبّ بلا آخر [3]
ولم تدر بعد ذهاب الرّقا ... دما فعل الدَّمْع بالنّاظر
أيا من يعيد لي حسنه [4] ... أجِرْني من طَرْفك الجائر
وَجُدْ للفؤادِ فداك الفؤادُ ... من طَرْفك الفاتن الفاتر [5]
وعن خالد الكاتب قال: طرق بابي بعد العتمة، فخرجت فإذا رجل على حمار مغطى الرأس معه خادم، فقال: أنت الَّذِي تقول:
ليت ما أصبح من رقّة ... خدَّيْك بقلبك [6]
قلت: نعم.
قال: فأنت الّذي تقول:
__________
[1] في تاريخ بغداد: «فلم» .
[2] في الأصل: «لساهر» .
[3] ورد هذا البيت في طبقات ابن المعتزّ 405، وخاص الخاص 115.
[4] في تاريخ بغداد: «أيا من تعبد في طرفه» . وفي المنتظم: «ايا من تعبدني طرفه» .
[5] تاريخ بغداد 8/ 311، المنتظم 5/ 37، والبيتان الأولان فقط في: فوات الوفيات 1/ 402، وأمالي القالي 1/ 100 وفيه: «ما صنع الدمع» ، ومثله في: وفيات الأعيان 2/ 233، والوافي بالوفيات 13/ 280.
[6] البيت في: تاريخ بغداد 8/ 311، والمنتظم 5/ 36، والأغاني 2/ 279.

(20/86)


أقول للسقم عُد إِلَى بدني ... حبًّا لشيء يكون من سببك [1]
قلت: نعم.
قَالَ: أنت الَّذِي تقول:
ترشَّفْت من شفتيه العُقارا [2] ... وقبّلْت من خدّه الْجُلَّنارا [3]
قلت: نعم.
قَالَ: يا غلام ادفع إليه ما معك.
فدفع إلي صرّة فيها ثلاثمائة دينار.
قلت: والله لا أقبلها حَتَّى أعرفك.
قَالَ: أَنَا إِبْرَاهِيم بْن المهديّ.
وقد وسوس خالد وكبر، وكان يركب قصبة.
وقَالَ بعضهم: فلو رَأَيْته والصّبيان يتبعونه ويقولون: يا بارد [4] .
ويقولون: ما الَّذِي صار بك إِلَى هَذَا؟ فيقول:
الهموم والسَّهَر ... والسُّهاد والفِكَر
سلّطت على جسدٍ ... فِيهِ للبَلْوى أثر
لا ومن كَلْفتُ به ... ما يُطيق ذا بَشر
وشعره مقطوع سائر [5] .
62- الخصّاف [6] .
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 313، المنتظم 5/ 38، الديارات 16، وفيات الأعيان 2/ 233، الجليس الصالح 2/ 177، مصارع العشاق 269.
[2] في بدائع البدائه: «عقارا» .
[3] بدائع البدائه 339.
[4] تاريخ بغداد 8/ 309، المنتظم 5/ 36، طبقات ابن المعتزّ 405، وفيات الأعيان 2/ 236.
[5] الوافي بالوفيات 13/ 280، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائتين ببغداد.
[6] انظر عن (الخصّاف) في:
تاريخ الطبري 9/ 371، والفهرست لابن النديم 290، 291، وطبقات الفقهاء للشيرازي 114، وأدب القاضي للماوردي 1/ 128، 206، 207، 262، 528، وسير أعلام النبلاء 13/ 123، 124 رقم 62، والوافي بالوفيات 7/ 266، 267 رقم 3233، وتاج التراجم 7، وأعلام الأخيار، رقم 137، والجواهر المضيّة 1/ 230- 232 رقم 160، ومفتاح السعادة 2/ 276، 277، والطبقات السنية، رقم 272، وكشف الظنون 1/ 21، 46، 695 و 2/ 1046، 1395، 1400، 1416، 1425، والفوائد البهيّة 29، 30.

(20/87)


شيخ الحنفيّة، الْإِمَام أبو بَكْر أَحْمَد بْن عَمْرو الخصّاف الشَّيْبانيّ.
له تصانيف.
يروي عَنْ: وهْب بْن جرير، والعبْديّ، والواقديّ، وأبي نُعَيْم، وخلْق.
ذكره ابنُ النّجّار، وما ذكر عَنْهُ راويًا.
وكان ذا زُهْدٍ ووَرَع.
مات سنة إحدى وستّين ومائتين.
63- الخَضِر بْن أبان [1] .
أبو القاسم الأياميّ الهاشميّ، مولاهم الكوفيّ.
سمع: أزهر السّمّان، ويحيى بْن آدم، وسيّار بْن حاتم، وإبراهيم بْن هندية الَّذِي زعم أنّه سمع من أَنَس.
وعنه: عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن زَيْدُ القاضي، وعليّ بْن محمد بْن محمد بْن عُقْبَةَ الشَّيْبانيّ، وابن الأعرابيّ، والأصمّ، وغيرهم.
ضعّفه الدّار الدّارَقُطْنِيّ.
وآخر من رَوَى عَنْهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي العزائم.
وضعّفه أيضًا الحاكم، وقال: سمعته، يعني الدّار الدّارَقُطْنِيّ، يقول عن شيوخه إنّهم رأوا الخضِر بْن أبان يروي عن أبي مُعَاوِيَة، وأبي بَكْر بْن عيّاش من كتاب، فاستلبوا الكتاب منه، فإذا هُوَ سماعه من أَحْمَد بْن يُونُس، عن هَؤُلَاءِ.
قلت: أصله دلّس عَنْهُمْ وحرّف أَحْمَد بْن يُونُس.
64- خطّاب بْن بِشْر بن مطر [2] .
أبو عمر البغداديّ الواعظ.
كان رأسا في التّذكير والواعظ.
سمع من: عَبْد الصّمد بْن النُّعمان، وأحمد بن حنبل.
__________
[1] انظر عن (الخضر بن أبان) في:
ميزان الاعتدال 1/ 654 رقم 2512، والمغني في الضعفاء 1/ 210 رقم 1913، ولسان الميزان 1/ 399 رقم 1634.
[2] انظر عن (خطّاب بن بشر) في:
تاريخ بغداد 8/ 337، 338 رقم 4439، وطبقات الحنابلة 1/ 152 رقم 204.

(20/88)


وسأل أَحْمَد مسائل فِي جزءٍ سمعناه.
روى عَنْهُ: محمد بْن مَخْلَد القطّان، وأحمد بْن محمد الأدميّ.
وتُوُفيّ ببغداد فِي المحرّم سنة أربع وستّين [1] .
__________
[1] وقال أبو بكر الخلّال: كان رجلا صالحا، يقصّ على الناس، وقد سمعت منه حديثا، وكنت إذا سمعت كلامه كأنه نذير قوم. وأحسب أنه كان آخر القصّاص الذين يفرح بهم ويعتدّ بقولهم.
وكان عنده عن أبي عبد الله مسائل حسان صالحة. (طبقات الحنابلة) .

(20/89)


حرف الدال
65- دَاوُد بْن عليّ بْن خَلَف [1] .
أبو سُلَيْمَان الْبَغْدَادِيّ الإصبهاني، مَوْلَى المهديّ، الفقيه الظّاهريّ، رأس أَهْل الظّاهر.
وُلِد سنة ثمانين، وسمع: سُلَيْمَان بْن حرب، والقَعْنَبيّ، وعَمْرو بْن مرزوق، ومحمد بْن بُكَيْر العبْديّ، ومُسَدّدًا، وأبا ثور الفقيه، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه رحل إليه إلى نيسابور فسمع منه «المسند» و «التّفسير» ، وجالس الأئمّة، وصنَّف الكُتُب.
قَالَ أبو بَكْر الخطيب [2] : كان إمامًا ورِعًا ناسكًا زاهدًا. وَفِي كُتُبه حديث كثير. لكنّ الرواية عَنْهُ عزيزة جدًا.
روى عَنْهُ: ابنه محمد، وزكريّا السّاجيُ، ويوسف بن يعقوب الداوديّ
__________
[1] انظر عن (داود بن علي) في:
ذكر أخبار أصبهان 1/ 312، 313، ومروج الذهب 3189، والفرج بعد الشدّة 5/ 55، والفهرست لابن النديم 317- 319، وتاريخ بغداد 8/ 369- 375 رقم 4473، وطبقات الفقهاء للشيرازي 92، والأنساب 8/ 296- 298 والمنتظم 5/ 75- 77 رقم 164، وتكملة تاريخ الطبري، ووفيات الأعيان 2/ 255- 257 رقم 223، وسير أعلام النبلاء 13/ 97- 108 رقم 55، والعبر 2/ 47، وتذكرة الحفاظ 2/ 572، ودول الإسلام 1/ 164، 165، وميزان الاعتدال 2/ 14- 16 رقم 2634، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 284- 293، والبداية والنهاية 11/ 47، 48، ولسان الميزان 2/ 422- 424 رقم 1842، والنجوم الزاهرة 3/ 47، 48، وطبقات الحفاظ 253، 254، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 166- 169 رقم 165، وشذرات الذهب 2/ 158، 159، ومرآة الجنان 2/ 184، ومفتاح السعادة 2/ 312، وديوان الإسلام لابن الغزّي 2/ 909، 910، والوافي بالوفيات 13/ 473- 477 رقم 579، والكامل في التاريخ 7/ 412، والتاج المكلّل للقنوجي 45 رقم 21، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 1/ 182، وروضات الجنات 276، وكشف الظنون 1839، وهدية العارفين 1/ 359، والأعلام 2/ 333، ومعجم المؤلفين 4/ 139.
[2] في تاريخه 8/ 369، 370.

(20/90)


الفقيه، وعبّاس بْن أَحْمَد المذكّر، وغيرهم.
قَالَ ابنُ حزم [1] : إنّما عُرِف بالإصبهانيّ لأنّ أمّه أصبهانيّة، وكان أَبُوهُ حنفيّ المذهب، يعني وكان عراقيًا.
قَالَ: وكتب دَاوُد ثمانية عشر ألف ورقة.
ومن أصحاب دَاوُد أبو الْحَسَن عَبْد الله بن أَحْمَد بْن رُوَيْم أحد الأئمة، وأبو بَكْر بْن النّجّار، وأبو الطّيّب محمد بْن جَعْفَر الدّيباجيّ، وأحمد بْن مَخْلَد الإياديّ، وأبو سَعِيد الْحَسَن بْن عُبَيْد الله له تواليف كثيرة، وأبو بَكْر محمد بْن أَحْمَد الدّجاجيّ، وأبو نصر رآه السّجِسْتانيّ.
ثُمَّ سمّى ابنُ حزم جماعةً كثيرة من الفقهاء من مَلاحدة دَاوُد.
وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ [2] : ولد سنة اثنتين ومائتين [3] ، وأخذ العلم عن إِسْحَاق، وأبي ثور. وكان زاهدًا متقلّلًا.
قَالَ أبو الْعَبَّاس ثعلب: كان دَاوُد عقله أكثر من علمه.
قَالَ أبو إسحاق وقيل: كان في مجلسه أربعمائة صاحب طَيْلَسان أخضر.
وكان من المتعصّبين للشّافعي، صنَّف كتابين فِي فضائله والثّناء عليه.
قَالَ أبو إِسْحَاق: وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد، وأصله من أصفهان ومولده بالكوفة، ومنشأه ببغداد وقبره بها [4] .
وقال أبو عَمْرو أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المُسْتَملي: رأيتُ دَاوُد بْن عليّ يردّ على إِسْحَاق بْن راهَوَيْه، وما رَأَيْتُ أحدًا قبله ولا بعده يردّ عليه هيبة له [5] .
وقال عمر بْن محمد بْن بُجَيْر: سمعت دَاوُد بْن عليّ يقول: دخلت على إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه وهو يحتجم، فجلست فرأيت كُتُب الشّافعيّ، فأخذت أنظر، فصاح: إيش تنظر؟ فقلت: مَعَاذ الله أن نأخذ إلّا من وجدنا متاعنا عنده [6] .
فجعل يضحك ويتبسّم.
__________
[1] في المحلّى 1/ 132.
[2] في طبقات الفقهاء 92.
[3] وقال أبو نعيم: ولد سنة إحدى ومائتين. (أخبار أصبهان 1/ 313) .
[4] في الشونيزية. كما في طبقات الفقهاء.
[5] تاريخ بغداد 8/ 370، 371.
[6] استعارة من سورة يوسف، الآية 75

(20/91)


وقَالَ سَعِيد البَرْذَعيّ: كُنَّا عِنْدَ أبي زُرْعة فاختلف رجلان فِي أمر دَاوُد المُزَنيّ، والرجلان فَضْلَك الرّازيّ، وابن خِراش، فقال: ابنُ خِراش: دَاوُد كافر.
وقَالَ فَضْلَك: المُزَنيّ جاهل.
فَأَقْبَلَ عليهما أبو زُرْعة يوبِّخهما وقَالَ: ما واحد منكما له بصاحب. ثُمَّ قَالَ: ترى دَاوُد هَذَا لو اقتصر عليه أَهْل العلم لظننت أنّه يحمد أَهْل البِدَع بما عنده من البيان والآلة [1] . ولكنّه تعدّى. لقد قدم علينا من نَيْسابور، فكتب إِلَيّ محمد بْن رافع، ومحمد بن يحيى، وعَمْرو بْن زُرَارة، وحسين بْن مَنْصُورٌ، ومشيخة نَيْسابور بما أحدث هناك، فكتمت ذلك لمّا خفت عواقبه، ولم أُبْدِ له شيئًا. فقدِم بغداد، وكان بينه وبين صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل حُسْن، فكلّم صالحًا أن يتلطّف له فِي الاستئذان على أَبِيهِ، فأتى وقَالَ: سألني رَجُل أن يأتيك.
قَالَ: ما اسمه؟
قَالَ: دَاوُد.
قَالَ: ابنُ من؟
قَالَ: هُوَ من أَهْل إصبهان.
وكان صالح يروغ عن تعريفه، فَمَا زال أَبُوهُ يفحص حَتَّى فطِن به فقال:
هَذَا كتب إليّ محمد بْن يحيى فِي أمره أنّه زعم أنّ القرآن مُحْدَث، فلا يقرَبنيّ.
قَالَ: إنّه ينفي هَذَا ويُنْكره.
قَالَ: محمد بْن يحيى أصدق منه، لا تأذَنْ له [2] .
قَالَ الخلّال: أنا الْحُسَيْن بْن عَبْد الله قَالَ: سَأَلت المرُّوذيّ عن قصّة دَاوُد الإصبهانيّ وما أنكر عليه أبو عبد الله فقال: كان دَاوُد خرج إِلَى خُراسان إِلَى ابنُ رَاهَوَيْه، فتكلم بكلامٍ شهِدَ عليه أبو نصر بْن عَبْد الحميد وآخر، شهدا عليه أنّه قَالَ: القرآن مُحْدَث.
فقال لي أبو عبد الله: مَن دَاوُد بْن عليّ لا فرّج عنه الله؟
__________
[1] في طبقات الشافعية الكبرى: «الأدلة» .
[2] تاريخ بغداد 8/ 373، 374، والمنتظم 5/ 76، طبقات الشافعية الكبرى 2/ 285، 286.

(20/92)


قلت: هَذَا من غلمان أبي ثور.
قَالَ: جاءني كتاب محمد بْن يحيى النَّيْسابوريّ أنّ دَاوُد الإصبهانيّ قَالَ ببلدنا أنّ القرآن مُحْدَث.
قَالَ المَرُّوذيّ: حَدَّثَنِي محمد بن إِبْرَاهِيم النَّيْسابوريّ أنّ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه لمّا سمع كلام دَاوُد فِي بيته وثب عليه إِسْحَاق فضربه وأنكر عليه [1] .
قَالَ الخلّال: سمعت أَحْمَد بْن محمد بْن صدقة: سمعت محمد بْن الْحُسَيْن بْن صَبِيح، سمعت دَاوُد الإصبهانيّ يقول: القرآن مُحْدَث ولفظي بالقرآن مخلوق [2] .
أَنَا سَعِيد بْن أبي مُسْلِم، سمعت محمد بْن عَبْدة يقول: دخلت إلى داود فغضب عليّ أَحْمَد بْن حنبل، فدخلت عليه فلم يكلّمني، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنّه رَدّ عليه مسألة.
قَالَ: وما هِيَ؟
قَالَ: قَالَ الخُشَنيّ: إذا مات من يغسّله؟
فقال دَاوُد: يغسّله الخَدَم.
فقال محمد بْن عَبْدة: الخدم رجال. ولكن يُيَمَّم.
فتبسَّم أَحْمَد وقَالَ: أصاب أصاب. ما أجْوَدَ ما أجابه [3] ! قلت: كان دَاوُد موصوفًا بالدّين والتّعبُّد مع هَذَا.
وقَالَ القاضي المَحَامِليّ: رَأَيْت دَاوُد بْن عليّ يصلّي، فَمَا رَأَيْت مسلمًا يشبهه فِي حُسن تواضعه.
وقد اخْتَلَفَ محمد بْن جرير مدّة إِلَى مجلس دَاوُد، وأخذ عَنْهُ.
وقَالَ أَحْمَد بْن كامل القاضي: أخبرني أبو عبد الله الورّاق أنّه كان يورّق على دَاوُد، فسمعته يُسأل عن القرآن، فقال: أمّا الَّذِي فِي اللّوح المحفوظ فغير مخلوق، وأمّا الّذي هو بين الناس فمخلوق [4] .
__________
[1] طبقات الشافعية الكبرى 2/ 286.
[2] طبقات الشافعية الكبرى 2/ 286.
[3] طبقات الشافعية 2/ 286، 287.
[4] تاريخ بغداد 8/ 374، المنتظم 5/ 76.

(20/93)


قلت: للعلماء قولان فِي دَاوُد هَلْ يُعْتَدُّ بخلافه أَمْ لا؟
فقال أبو إِسْحَاق الإسفرائينيّ: قَالَ الجمهور إنّهم، يعني قُضاة القياس، لا يبلغون رُتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء.
ونقل الأستاذ أبو مَنْصُورٌ الْبَغْدَادِيّ، عن أبي عليّ، عن أبي هُرَيْرَةَ، وطائفة فِي الشّافعيّين أنّه لا اعتبار بخلاف دَاوُد، وسائر نقْله القياس فِي الفروع دون الأصول.
وقَالَ أبو المعاليّ الْجُوَينيّ: الَّذِي ذهب إليه أَهْل التحقيق أنّ مُنْكري القياس لا يُعَدُّون من علماء الأئمّة ولا مِن حملة الشريعة، لأنّهم معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضةً وتواتُرًا، لأنّ مُعظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النّصوص بعُشْر معشارها، وهؤلاء يلتحقون بالعوامّ [1] .
قلت: قول أبي المعالي رحمه الله فِيهِ بعض ما فِيهِ، فإنّما قاله باجتهاد، ونَفْيهم للقياس أيضًا باجتهاد، فكيف يُرَدّ الاجتهاد بِمِثْلِهِ؟ نعم، وأيضًا فإذا لم يُعْتَدّ بخلافهم لَزِمنا أنْ نقول إنّهم خرقوا الإجماع، ومن خالف الإجماع يُكَفَّر وَيُقْتَل حدّ العنادة. فَإِن قلتم خالفوا الإجماع بتأويل سائغ، قُلْنَا: فهذا هُوَ المجتهد، فلا نقول يجوز تقليده، إنما يُحكى قوله، مع أَنّ مذهبه أن لا يحلّ لأحدٍ أن يقلّدهم ولا أن يقلّد غيرهم، فلأن نحكي خلافهم ونعدُّه قولًا أهْوَن وأسلم من تكفيرهم.
ونحن نحكي قول ابنِ عَبَّاس فِي الصرف، والمُتْعَة، وقول الكوفيين فِي النّبيذ، وقول جماعة من الصّحابة فِي ترك الغُسْلِ من الْجِماع بلا إنزال، ومع هَذَا فلا يجوز تقليدهم فِي ذلك [2] .
فهؤلاء الظّاهرية كذلك، يُعتدّ بخلافهم، فإنْ لم نفعل صار ما تفرّدوا به خارقًا للإجماع، ومن خرق الإجماع المتيقَّن فقد مَرَقَ مِن المِلَّة. لكنّ الإجماع المتيقَّن هُوَ ما عُلِم بالضرورة من الدّين: كوُجُوب رمضان، والحجّ، وتحريم الزِّنا، والسَّرِقة، والرِّبا، واللِّواط.
والظّاهرية لهم مسائل شنيعة، لكنّها لا تبلغ ذلك، والله أعلم.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 13/ 105.
[2] سير أعلام النبلاء 13/ 108، وانظر تخريج الأحاديث عن ابن عباس في الحواشي.

(20/94)


وقَالَ الْإِمَام أبو عَمْرو بْن الصّلاح: الَّذِي اختاره أبو مَنْصُورٌ وذكر أنّه الصّحيح من المذهب إنّه يعتبر خلاف دَاوُد.
قَالَ ابنُ الصّلاح: هَذَا هُوَ الَّذِي استقرّ عليه الأمر آخرًا هُوَ الأغلب الأعرف من صَفْو الأئمّة المتأخرين الذين أوردوا مذهب دَاوُد فِي مصنّفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد، والماوَرْديّ، وأبي الطّيّب، فلولا اعتدادهم به لَمَا ذكروا مذهبه فِي مصنَّفاتهم.
قَالَ: ورأى أن يُعتبر قوله إلّا فيما خالف فِيهِ القياس الجليّ، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه، أو بناه على أصوله الّتي قام الدّليل القاطع على بُطلانها، واتّفاق من سواه إجماع منعقد، كقوله التَّغَوُّط فِي الماء الرّاكد، وتلك المسائل الشنيعة، وقوله لا زنا فِي السنة المنصوص عليها، فخلافه فِي هَذَا ونحوه غير مُعْتَدّ به، لأنه مبنيّ على ما يقطع ببطلانه [1] ، والله أعلم.
تُوُفيّ فِي رمضان سنة سبعين ومائتين.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 13/ 106، 107.

(20/95)


حرف الراء
66- الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان بْن عَبْد الجبار بْن كامل [1] .
الفقيه أبو محمد المراديّ، مولاهم المصْريّ المؤذّن. صاحب الشّافعيّ وراوي كُتُبه.
وُلِد سنة أربعٍ أو ثلاثٍ وسبعين ومائة.
وسمع: عَبْد الله بْن وهْب، وشُعَيب بْن اللَّيْث بْن سعد، وبِشْر بْن بَكْر التِّنّيسيّ، وأيّوب بْن سُوَيْد الرمليّ، والشّافعيّ، ويحيى بْن حسّان، وأسد بن موسى، وجماعة.
وعنه: د. ن. ق.، وت.، عن رجلٍ، عَنْهُ، وهو محمد بن إِسْمَاعِيل السُّلَمّي، وأبو زُرْعة الرّازيّ، وأبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم [2] ،
__________
[1] انظر عن (الربيع بن سليمان) في: صحيح ابن خزيمة 1/ رقم 30 و 209 و 252 و 274 و 352 و 421 ومواضع كثيرة، والجرح والتعديل 3/ 464 رقم 2083، والثقات لابن حبّان 8/ 240، والعيون والحدائق 3/ 360، ج 4 ق 1/ 110، ومروج الذهب 2735، 3192، والفهرست 197، وطبقات الفقهاء للشيرازي 79، والمعجم المشتمل 119 رقم 235، وتهذيب الكمال 9/ 87- 94 رقم 1865، والمنتظم 5/ 77 رقم 165، والعقد الفريد 3/ 428، وأدب القاضي للماوردي 1/ 469 و 2/ 44، 270، 271، وطبقات الشافعية للعبادي 12، والتذكرة الحمدونية 1/ 204 و 2/ 340، والتقييد لابن نقطة 270 رقم 333، وتهذيب الأسماء واللغات ج 1 ق 1/ 188 رقم 165، ووفيات الأعيان 2/ 291، 292 رقم 333، وسير أعلام النبلاء 12/ 587- 591 رقم 222، والعبر 2/ 45، والمعين في طبقات المحدّثين 96 رقم 1082، وتذكرة الحفاظ 2/ 586، 587، والكاشف 1/ 236 رقم 1547، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 132- 139، والبداية والنهاية 11/ 48، والوافي بالوفيات 14/ 81، 82 رقم 96، وتهذيب التهذيب 3/ 245، 246 رقم 473، وتقريب التهذيب 1/ 245 رقم 43، والنجوم الزاهرة 3/ 48، وطبقات الحفاظ 252، وخلاصة تذهيب التهذيب 115، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 6، وشذرات الذهب 2/ 159، وانظر: تاريخ بغداد 14/ 299 في ترجمة البويطي، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 39، 40 رقم 18، وديوان الإسلام 2/ 319، 320 رقم 980، والأعلام 3/ 14.
[2] وهو قال: وهو صدوق ثقة، سئل أبي عنه فقال: صدوق. (الجرح والتعديل 3/ 464) .

(20/96)


وزكريّا بْن يحيى السّاجيّ، وأبو نُعَيْم بْن عديّ، وأبو جَعْفَر الطَّحاوي، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، والحسن بْن حبيب الحصائريّ، وأحمد بْن مَسْعُود العُكْبَريّ، وأحمد بْن بَهْزاد السِّيرافيّ، وابن صاعد، وأبو العبّاس الأصمّ، وآخرون.
وثَّقه أبو سَعِيد بْن يُونُس، وغيره.
وعن الرَّبِيع قَالَ: كلُّ محدِّثٍ حدَّثَ بمصر بعد ابن وهْب كنتُ مُسْتَمْليه [1] .
وقَالَ النِّسائيّ: لا بأس به [2] .
قال عليّ بْن قُدَيد: كان الرَّبِيع يقرأ بالألحان.
وقَالَ الطُّحاويّ: مات الرَّبِيع بْن سُلَيْمَان مؤذّن جامع الفُسْطاط يوم الإثنين ودُفِن يوم الثُّلاثاء لإحدى وعشرين ليلة خَلَت من شوّال من سنة سبعين [3] . وصلّى عليه الأمير خُمَارَوَيْه بْن أَحْمَد بْن طولون.
قلت: وقد روى عَنْهُ التّرمِذيّ بالإجازة.
وآخر من حدَّث عَنْهُ أبو الفوارس السِّنْديّ.
ويُروى عن الشّافعيّ أنّه قَالَ للربيع: لو أمكنني أنْ أطعمك العِلم أطعمتك [4] .
قَالَ ابنُ عَبْد البَرّ: قد ذَكَر محمد بْن إِسْمَاعِيل التّرمِذيّ من أَخَذَ عن الرَّبِيع كُتُب الشّافعيّ ورحل إليه فيها من الآفاق، فَذَكر نحو مائتي رَجُل [5] .
قَالَ ابنُ عَبْد البَرّ: كان الرَّبِيع لا يؤذّن فِي منارة جامع مصر أحدٌ قبله، وكانت الرحلة فِي كُتُب الشّافعيّ إليه، وكانت فِيهِ سلامة وغَفْلة، ولم يكن قائمًا بالفقه [6] .
وممّا ينسب إِلَى الرَّبِيع من الشِّعْر:
صبرًا جميلًا ما أسرع الفَرجَا ... من صدق الله فِي الأمور نجا
__________
[1] تهذيب الكمال 9/ 89.
[2] تهذيب الكمال 9/ 89.
[3] الثقات لابن حبّان 8/ 240.
[4] طبقات الشافعية للسبكي 2/ 134.
[5] طبقات الشافعية 2/ 134.
[6] سير أعلام النبلاء 12/ 589.

(20/97)


مَن خشي الله لم يَنَلْه أذى ... ومَن رجا الله كان حيثُ رجا [1]
قلت: كان الرَّبِيع أعرف من المُزَنيّ بالحديث، وكان المُزَنيّ أعرف بالفِقْه منه بكثير حَتَّى كان هَذَا لا يعرف إلّا الحديث، وهذا لا يعرف إلّا الفقه.
__________
[1] طبقات الشافعية 2/ 134.

(20/98)


حرف الزاي
67- زكريّا بْن دُوَيْد بْن محمد بْن الأشعث [1] .
أبو أَحْمَد الكِنْديّ.
زعم أنّه أَتَتْ عليه مائة وثلاثون سنة، وزعم أنّه سمع من سُفْيَان الثَّوْريّ، ومالك بْن أَنَس.
قَالَ عليّ بْن محمد بْن حاتم القُومِسيّ: سمعت منه بعَسْقلان سنة نيِّفٍ وستّين ومائتين.
قلت: وُجودُ روايته والعَدَم بالسّواء. وقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه [2] عن أَحْمَد بْن إِسْحَاق الدّميريّ، عَنْهُ.
قَالَ ابنُ حِبّان [3] : كان يضع الحديث.
68- زكريّا بْن يحيى بْن أسد بن يحيى المَرْوَزِيّ [4] .
المعروف بابن زَكْرَوَيْه. نزيل بغداد.
__________
[1] انظر عن (زكريا بن دويد) في:
المجروحين والضعفاء لابن حبّان 1/ 314، 315، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 294 رقم 1272، وميزان الاعتدال 2/ 72، 73، والمغني في الضعفاء 1/ 239 رقم 2191، والكشف الحثيث 383، 184 رقم 294، ولسان الميزان 2/ 479، 480 رقم 1929.
[2] المعجم الصغير 1/ 54.
[3] وعبارته في المجروحين: شيخ يضع الحديث عن حميد الطويل ... كان يدور بالشام ويحدّثهم بها ويزعم أن له مائة سنة وخمسة وثلاثين سنة، لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إِلا عَلَى سبيل القدح فيه.
[4] انظر عن (زكريا بن يحيى) في:
مسند أبي عوانة 1/ 37، 190 و 2/ 105، والثقات لابن حبّان 8/ 255، وتاريخ بغداد 8/ 460، 461 رقم 4576، والمنتظم 5/ 77 رقم 166، وسير أعلام النبلاء 12/ 347، 348 رقم 143، والعبر 2/ 45، وميزان الاعتدال 2/ 80 رقم 2901، وشذرات الذهب 2/ 160، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 227 رقم 89.

(20/99)


حدّث عن: سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وأبي مُعَاوِيَة، ومعروف الكَرْخيّ.
وعنه: القاضي المحاملي، وابن مخلد، وأبو الحسين بن المنادي، وإسماعيل الصفار، وأبو العبّاس الأصمّ.
قال الدّار الدارقطني: لا بأس به [1] .
قلت: تُوُفيّ فِي ربيع الآخر سنة سبعين.
وهو راوي جزء ابن عيينة الّذي عند سِبْط السِّلَفيّ. وقد احتجَّ به أبو عَوَانة فِي صحيحه [2] ، مِن قدماء شيوخه.
وذكره أبو الفتح الموصليّ في كتابه في الضُّعفاء فَمَا قدر يتعلّق عليه بشيء، أكثر ما قَالَ: زعم أنّه سمع من سُفْيَان بن عُيَيْنَة، فهذه قِلَّةُ وَرَع. بلى أبو الفتح مُتَكَلَّمٌ فِيهِ. وقد ذكر أبو الفتح أنّ زكريّا بْن يحيى هَذَا يُقال له جوذابه، وهذا ما رأيته لغيره [3] .
__________
[1] تاريخ بغداد 8/ 460.
[2] انظر مسند أبي عوانة 1/ 37، 190 و 2/ 105.
[3] سير أعلام النبلاء 12/ 348.

(20/100)


حرف السين
69- سَعْدان بْن نصر بْن مَنْصُور [1] .
أبو عُثْمَان الثَّقفيّ الْبَغْدَادِيّ البزّاز، واسمه سَعِيد، وسَعْدان لَقَبٌ له.
سمع: سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وأبا مُعَاوِيَة، ومُعاذ بْن مُعاذ، ووَكيعًا، ومسلم بْن سالم، ومَعْمَر بْن سُلَيْمَان، وطائفة.
وعنه: ابنُ أبي الدُّنيا، وابن صاعد، والقاضي المَحَامليّ، وابن البَخْتَرِيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو عَوَانة، وطائفة كبيرة.
قَالَ أبو حاتم: صدوق [2] .
وقَالَ أبو عبد الرحمن السّلميّ: سألت الدّار الدّارَقُطْنِيّ عَنْهُ فقال: ثقة مأمون [3] .
قلت: تُوُفيّ فِي ذي القعدة سنة خمسِ وستّين [4] ، وحديثه بِعُلُوٍّ عند أصحاب ابنُ ساسل.
70- سَعِيد بْن نمر الغافقيّ الأندلسيّ [5] .
__________
[1] انظر عن (سعدان بن نصر) في:
مسند أبي عوانة 1/ 372 و 2/ 80، 232، 347، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 38 و 2/ 187، 191، 192، 225، 237، 260، 261، 279، 286، 294، 297- 300، 303، 375، 382، 405، وتاريخ وفاة الشيوخ للبغوي 87 رقم 259، والجرح والتعديل 4/ 290، 291 رقم 1256، والثقات لابن حبّان 8/ 305، وتاريخ بغداد 9/ 205، 206 رقم 4783، وتاريخ داريّا 57، والمنتظم 5/ 51 رقم 120، ودول الإسلام 1/ 160، وسير أعلام النبلاء 12/ 357، 358 رقم 150، والبداية والنهاية 11/ 38، والنجوم الزاهرة 3/ 41، وشذرات الذهب 2/ 149، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 224 رقم 82.
[2] الجرح والتعديل.
[3] سير أعلام النبلاء 12/ 358.
[4] وكان ممّن عمّر. (الثقات 8/ 305) .
[5] انظر عن (سعيد بن نمر) في:
تاريخ علماء الأندلس 1/ 161 رقم 474، وجذوة المقتبس 234 رقم 483، وبغية الملتمس

(20/101)


سمع: يحيى بْن يحيى اللَّيْثيّ.
وعنه: جماعة من بلده.
وتفقَّه بسَحْنُون، وغيره.
تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين.
71- سهل بْن عمّار [1] العَتَكيّ النَّيْسابوريّ [2] .
أبو يحيى قاضي هَرَاة. كان شيخ أَهْل الرِّيّ فِي عصره بخُراسان. رحل فِي طلب العلم.
سمع: يزيد بْن هارون، وشَبَابة، وهذه الطبقة.
وليس بحُجّة.
قَالَ أبو عبد الله الحاكم: يُخْتَلف فِي عدالته، يعني فِي الاحتجاج بحديثه. نبا عَنْهُ أَحْمَد بْن شعيب الفقيه، وأبو الطّيّب محمد، ومحمد بن عليّ المذكِّر.
وتُوُفيّ سنة سبْعٍ وستّين فِي جُمَادى الأولى.
فلت لمحمد بْن صالح بْن هانئ: لِمَ لا تكتب عَنْهُ؟
قَالَ: كانوا يمنعون من السّماع عَنْهُ.
وسمعت محمد بْن يعقوب الحافظ يقول: كنّا نختلف إِلَى إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله السَّعْديّ، وسهل بْن عمّار مطروحٌ فِي سكنه فلا نتقدّم إليه.
وسمعت أَبَا سَعِيد بْن أبي بَكْر بْن عُثْمَان يقول: سمعت فاطمة بِنْت إِبْرَاهِيم السَّعْديّة تقول: سمعت أبي يقول: إنّ سهل بْن عمّار يتقرَّب إليَّ بالكّذِب، يقول: كنت معك عند يزيد بْن هارون، وو الله ما سمع معي منه.
قَالَ الحاكم: وسمع أيضًا الواقديّ، وجعفر بْن عَوْف، وعبد الرَّحْمَن بْن قَيْس، وعُبَيْد الله بْن مُوسَى.
حدث عَنْهُ: الْعَبَّاس بْن حَمْزَةَ، وأبو يحيى البزّاز، وإبراهيم بن
__________
[313] رقم 821.
[1] في الأصل: «عبّاد» ، والتصحيح من مصادر ترجمته، وما سيأتي.
[2] انظر عن (سهل بن عمّار) في:
المغني في الضعفاء 1/ 288 رقم 2680، وميزان الاعتدال 2/ 240 رقم 3589، ولسان الميزان 3/ 121 رقم 419.

(20/102)


محمد بْن سُفْيَان، ومحمد بْن سُلَيْمَان بْن فارس.
وقَالَ أبو إِسْحَاق الفقيه: كذِب واللِه سهل بْن عمّار على عَبْد الله بْن نافع فِي نقْله عن مالك فِي إباحة دبر المرأة.

(20/103)


حرف الشين
72- شجرة بْن عِيسَى بْن عَمْرو بْن شجرة [1] .
الفقيه أبو عَمْرو المعافِريّ المقرئ السُّوسيّ المالكيّ.
أَخَذَ عن: أَبِيهِ، وابن زياد، وابن اثبرس، وجماعة.
واستعمله سحنون على قضاء تونس.
وكان سحنون يثني على فهمه وفضله، وكان أبوه أبو شجرة عمرو رجلا صالحا عالما، ولي قضاء تونس بعد أبيه تسع عشرة سنة.
توفي شجرة سنة اثنتين وستين.
73- شعيب بن أيوب بن رزيق بن معبد بن شيطا [2] .
أبو بكر الصريفيني، صريفين واسط لا صَرِيفين بغداد.
كان فقيهًا، إمامًا مُقَدَّمًا، مقرئًا، محدِّثًا، قاضيًا، عالمًا.
سمع: يحيى بْن آدم، ويحيى القطّان، وحسين الجعفيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (شجرة بن عيسى) في:
العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 81، وفيه كنيته «أبو زيد» ، وترتيب المدارك 3/ 12، واللباب 1/ 188، والبيان المغرب 1/ 116، والديباج المذهب 127.
[2] انظر عن (شعيب بن أيوب) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 226 و 2/ 34، وتاريخ واسط لبحشل 252، والجرح والتعديل 4/ 342 رقم 1501، والثقات لابن حبّان 8/ 309، وفيه «زريق» بتقديم الزاي، وتاريخ بغداد 9/ 244، 245 رقم 4818، والمنتظم لابن الجوزي 5/ 28 رقم 63، ومعجم البلدان 1/ 474 و 3/ 386، واللباب 2/ 240، وتهذيب الكمال 12/ 505- 507 رقم 2743، والكاشف 2/ 11 رقم 2304، والمغني في الضعفاء 1/ 298 رقم 2772، وتذكرة الحفاظ 2/ 559، ومعرفة القراء الكبار 1/ 206 رقم 101 والمعين في طبقات المحدّثين 97 رقم 1090، والعبر 2/ 22، 198، 259، وميزان الاعتدال 2/ 275 رقم 3708، والوافي بالوفيات 16/ 164، 165 رقم 194، وغاية النهاية 1/ 327 رقم 1422، وتهذيب التهذيب 4/ 348، 349 رقم 584، وتقريب التهذيب 1/ 351 رقم 71، وخلاصة التهذيب 166.

(20/104)


وعنه: عَبْدان الَأهْوازيّ، وإبراهيم نِفْطَويْه النَّحْويّ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بن مخلد، وعبد الله بن عمر بن شَوْذَب الواسطيّ، وطائفة.
وتصدَّر للإقراء، فقرأ عليه: يُونُس بْن يعقوب الواسطيّ، وأبو بَكْر أَحْمَد بْن يوسف القافلاني، وأبو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن سَعِيد الضّرير، وغيرهم.
وعليه دارت قراءة أبي بَكْر، عن عاصم، أخذها عن يحيى بْن آدم، عنه.
وكان محقّقا لها.
قال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: ثقة [1] .
قلت: تُوُفيّ بواسط سنة إحدى وستّين.
قَالَ [2] : وإنّي لأخاف الله فِي الرواية عن شعيب بْن أيّوب.
قلت: له حديث مُنْكَر [3] أورده أبو بَكْر الخطيب فِي ترجمته [4] .
74- شُعيب بْن شُعيب بْن إِسْحَاق القُرَشي [5] .
مولاهم الدّمشقيّ أبو محمد.
ولد سنة تسعين ومائة بعد وفاة أَبِيهِ بيسير.
وسمع: زَيْدُ بْن يحيى بْن عُبَيْد، وأبا المغيرة عَبْد القُدُّوس، وأحمد بن خَالِد الذَّهَبيّ، وأبا اليَمَان، وأبا بَكْر الحُمَيْديّ، وجماعة.
وعنه: س.، وأبو عَوَانة، وابن جَوْصا، وأبو الدّحْداح أَحْمَد بْن محمد، وجماعة.
__________
[1] تاريخ بغداد 9/ 245.
[2] القائل هو: أبو داود سليمان بن الأشعث، كما في تاريخ بغداد 9/ 245.
[3] الحديث عن جابر، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «العين تدخل الرجل القبر، والجمل القدر» .
[4] قال ابن حبّان في «الثقات» : يخطئ ويدلّس. كل ما في حديثه من المناكير مدلّسة.
وقال ابن أبي حاتم: كتب إلى أبي وإليّ. (الجرح والتعديل) .
[5] انظر عن (شعيب بن شعيب) في:
عمل اليوم والليلة 284 رقم 326، و 369 رقم 477، وسنن النسائي 1/ 274، وتاريخ داريّا 70، 81، 98، ومسند أبي عوانة 1/ 295، 351، والجرح والتعديل 4/ 347، 348 رقم 1520، والمعجم المشتمل 141 رقم 422، وتهذيب الكمال 12/ 526- 528 رقم 2752، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 324، ومعجم البلدان 1/ 572 و 2/ 238، 580، وسير أعلام النبلاء 12/ 304، 305 رقم 114، وتهذيب التهذيب 4/ 353 رقم 593، وتقريب التهذيب 1/ 352 رقم 80، وخلاصة التذهيب 167.

(20/105)


قَالَ أبو حاتم [1] : صدوق.
قلت: وله شِعْر جيّد.
تُوُفيّ فِي جُمَادى الأولى سنة أربعٍ وستّين.
__________
[1] الجرح والتعديل 4/ 348.

(20/106)


حرف الصاد
75- صالح بْن أَحْمَد بْن محمد بن حنبل [1] .
القاضي أبو الفضل، ولد الْإِمَام أبي عَبْد الله الشَّيْبانيّ الْبَغْدَادِيّ. قاضي إصبهان.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ ومائتين.
وسمع: عفّان، وأبا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وإبراهيم بْن الفضل، وإبراهيم بْن أبي سُوَيد الذّراع، وأباه، وعليّ بْن المَدِينيّ، وطبقتهم.
وعنه: ابنه زُهَير، وأبو القاسم البَغَويّ، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، وأبو عليّ الحصائريّ، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم وهو من أقرانه، ومحمد بْن جَعْفَر الخرائطيّ، وعبد الرَّحْمَن بن أبي حاتم، وجماعة آخرهم موتًا أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى القصّار شيخ أبي نعيم الحافظ.
قال ابن أبي حاتم [2] : كتبتُ عَنْهُ بإصبهان، وهو صدوق، ثقة.
وقَالَ أبو بَكْر الخلال فِي كتاب «أدب القّضاة» : أخبرني محمد بْن الْعَبَّاس: حَدَّثَنِي محمد بْن عليّ قَالَ: لمّا صار صالح إِلَى إصبهان قُرِئ عهده بالجامع، فبكى كثيرًا، وبكى بعض الشيوخ. فَلَمَّا فرغ جعلوا يدعون له ويقولون: ما ببلدنا إلّا من يحبّ أَبَا عَبْد الله.
فقال: أبكاني أنّي ذكرت أبي يراني فِي هَذِهِ الحالة. وكان عليه السَّواد.
__________
[1] انظر عن (صالح بن أحمد) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 245، والجرح والتعديل 4/ 394 رقم 1724، وذكر أخبار أصبهان 1/ 348، 349، وطبقات الحنابلة 1/ 173- 176 رقم 232، والمنتظم 5/ 51 رقم 121، والعبر 2/ 30، وسير أعلام النبلاء 12/ 529، 530 رقم 204، والبداية والنهاية 11/ 40، وشذرات الذهب 2/ 149، 150، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 364، 365، وتاريخ الخميس 2/ 383.
[2] في الجرح والتعديل 4/ 394.

(20/107)


ثُمَّ قَالَ: كان أبي يبعث خلفي إن جاءه رَجُل زاهد ورجل متقشّف لا ينظر إليه يحبّ أن يكون مثله، ولكنّ الله يعلم ما دخلت فِي هَذَا الأمر إلّا لِدَيْنٍ غَلَبني وكثْرة عيال [1] .
قَالَ الخلّال: وكان صالح سخيًا جدًا [2] .
وقَالَ ابنُ المنادي: تُوُفيّ بإصبهان فِي رمضان سنة ستٍّ وستّين [3] .
وقَالَ أبو نُعَيْم [4] : سنة خمسٍ.
76- صالح بْن زياد بْن عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بن الجارود بْن مسرح [5] .
أبو شُعيب الرُّسْتُبيّ السّوسيّ المقرئ. شيخ الرَّقَّةِ وعالمها ومقرئها.
قرأ القرآن على يحيى اليَزِيديّ صاحب أبي عَمْرو.
وسمع بالكوفة من: عَبْد الله بْن نُمَيْر، وأسباط بْن محمد، وجماعة.
وبمكة من: ابنُ عُيَيْنَة، وغيره.
__________
[1] طبقات الحنابلة 1/ 174.
[2] وقال ابن الخلّال: سمع من أبيه مسائل كثيرة. وكان الناس يكتبون إليه من خراسان ومن المواضع يسأل لهم أباه عن المسائل، فوقعت إليه مسائل جياد. وكان أبو عبد الله يحبّه ويكرمه. وكان معيلا بلي بالعيال على حداثته، وكان أبو عبد الله يدعو له، وكان سخيّا يطول ذكر سخائه أن يرسم في كتاب. (طبقات الحنابلة 1/ 173) .
[3] طبقات الحنابلة 1/ 173.
[4] في أخبار أصبهان 1/ 348.
[5] انظر عن (صالح بن زياد) في:
الكنى والأسماء للدولابي 2/ 98، والجرح والتعديل 4/ 404 رقم 1766، والثقات لابن حبّان 8/ 319، وطبقات الحنابلة 1/ 176، 177 رقم 235، والأنساب 7/ 190، والمعجم المشتمل 142 رقم 427، وتهذيب الكمال 13/ 50- 52 رقم 2813، والعبر 2/ 25، وتذكرة الحفاظ 2/ 559، وسير أعلام النبلاء 12/ 380، 381 رقم 164، والكاشف 2/ 19 رقم 2362، والمعين في طبقات المحدّثين 97 رقم 1091، ومعرفة القراء الكبار 1/ 193 رقم 88، والوفيات لابن قنفذ 155، ومرآة الجنان 2/ 173، والوافي بالوفيات 16/ 258 رقم 286، وغاية النهاية 1/ 332، 333 رقم 1446، وتهذيب التهذيب 4/ 392 رقم 660، وتقريب التهذيب 1/ 360 رقم 24، وخلاصة التذهيب 170، وشذرات الذهب 2/ 143.
وقد أضاف الدكتور بشار عوّاد معروف إلى مصادر الترجمة كتاب «المغني في الضعفاء» (1/ الترجمة 2829) وذلك في تحقيقه لكتاب «تهذيب الكمال» (13/ 50 حاشية 5) .
يقول طالب العلم وخادمه محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمريّ» : لقد وهم الصديق الدكتور بشار في ذلك، فالذي في «المغني» : صالح بن زياد أخو عبد الواحد بن زياد.
يروي عن عمرو بن دينار. قال الدار الدّارقطنيّ: ليس بثقة. فليراجع ويصحّح.

(20/108)


حدَّث عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أبي عاصم، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الحفّاظ.
وقرأ عليه القرآن جماعة، منهم: أبو عِمران مُوسَى بْن جرير وهو أتقن أصحابه، وأبو الْحَسَن عليّ بْن الْحُسَيْن، وأبو عُثْمَان النَّحْويّ، وأبو الْحَارِث محمد بن أَحْمَد الرَّقّيُّون.
وحمل عَنْهُ الحروف: جَعْفَر بْن سُلَيْمَان الخُراسانيّ، وغيره.
قَالَ أبو حاتم: صدوق [1] .
قلت: تُوُفِّيَ فِي أوّل سنة إحدى وستّين ومائتين [2] وقد قارب التّسعين، وادعى الحافظ ابنُ عساكر أنّ النِّسائيّ روى عَنْهُ، وذكره فِي «مشايخ النُّبل» [3] .
وقَالَ أبو الحَجّاج الكلْبيّ: لم أقف على روايته عَنْهُ.
قلت: لم يروِ عَنْهُ النّسائيّ إلّا راوية عَمْرو، رواها الْحَسَن بْن رشيق، عن النِّسائيّ، عنه.
__________
[1] وكتب عنه بالرقة في رحلته الثانية.
(الجرح والتعديل 4/ 404) .
[2] وبها أرّخه ابن حبّان في «الثقات» .
[3] ص 142 رقم 427.

(20/109)


حرف الطاء
77- طَيْفُور بْن عِيسَى [1] .
أبو يزيد البَسْطامي [2] الزاهد العارف، مِن كبار مشايخ القوم. وهو بكُنْيته أشْهَر وأَعْرَف. وله أَخَوَان: آدم، وعلّي، كانا زاهدَيْن عابدين. وكان جَدُّهم أبو عِيسَى آدم بْن عِيسَى مجوسيًا فأسلم [3] .
ومن كلام أبي يزيد رحمه الله قَالَ: ما وجدتُ شيئًا أشدَّ عليَّ مِن العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت حائرًا [4] .
وقَالَ: هَذَا من فرحي بك وأنا أخافك، فكيف فرحي بك إذا أمنتك [5] ؟
__________
[1] انظر عن (طيفور بن عيسى) في:
طبقات الصوفية للسلمي 67- 74 رقم 8، وحلية الأولياء 10/ 33- 42 رقم 458، والرسالة القشيرية 1/ 100، والزهد الكبير للبيهقي، رقم 788، والمنتظم 5/ 28، 29 رقم 64، وتاريخ حلب للعظيميّ 265، وصفة الصفوة 4/ 89- 94، ومعجم البلدان 1/ 623، واللباب 1/ 152، 153، ووفيات الأعيان 2/ 531 رقم 312، والعبر 2/ 33، وسير أعلام النبلاء 13/ 86- 89 رقم 49، وميزان الاعتدال 2/ 346، 347 رقم 4035، وتاريخ ابن الوردي 1/ 237، ومرآة الجنان 2/ 273، والوافي بالوفيات 16/ 514- 516 رقم 563، والبداية والنهاية 11/ 35، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 245، 398- 402، والنجوم الزاهرة 3/ 35، وشذرات الذهب 2/ 143، 144، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 89، 90، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 104، والكواكب الدرّية 1/ 241، ودرر الأبكار 120، 121، وجامع كرامات الأولياء 2/ 40، والأنوار القدسية 97- 105، وكشف المحجوب 16- 8، 184- 188، وتوضيح المشتبه 1/ 506، والأنساب 2/ 213، وروضات الجنات 304، وهدية العارفين 11/ 434، وديوان الإسلام 1/ 306 رقم 479.
[2] البسطامي: بالباء المفتوحة المنقوطة بواحدة، وسكون السين المهملة وفتح الطاء المهملة، هذه النسبة إلى بسطام وهي بلدة بقومس مشهورة. (الأنساب 2/ 213) . أما ابن ماكولا فقال:
«البسطامي» بكسر الباء المعجمة بواحدة. (الإكمال 7/ 144) وكذا ورد اسم «بسطام» البلدة بالكسر في (معجم البلدان 1/ 623) .
[3] طبقات الصوفية 67.
[4] انظر: حلية الأولياء 10/ 36.
[5] طبقات الصوفية 71 رقم 16، حلية الأولياء 10/ 38.

(20/110)


وعنه قَالَ: ليس العجب من حبيّ لك وأنا عَبْد فقير، وإنّما العجب من حبّك لي وأنت ملكٌ قدير [1] .
وعنه، وقِيلَ له: إنّك تمرّ فِي الهواء، قَالَ: وأيّ أُعْجوبة هَذَا؟ طَيْرٌ يأكل الميتة يمرّ فِي الهواء، والمؤمن أشرف منه [2] .
وعنه قال: ما دام العبد يظن أنّ فِي الخَلْق من هُوَ شرٌّ منه فهو متكبّر [3] .
وعنه قَالَ: الجنّة لا خطر لها عند المحبّين، هُمْ محجوبون بمحبتهم [4] .
وقَالَ: ما ذكروه إلّا بالغَفْلة، ولا خدموه إلّا بالفَتْرة [5] .
وعنه قَالَ: اللَّهمّ لا تقطعْني [بك] عنك [6] .
وعنه قَالَ: العارف فوق ما يقول، والعالم دون ما يقول [7] .
وقِيلَ له: علِّمنا الاسم الأعظم. فقال: ليس له حَدّ، إنّما هُوَ فراغ قلبك لوحدانيته، فإذا كنت كذلك فارفع له أيَّ اسمٍ شئت [8] .
وعنه قَالَ: للَّه خلْقٌ كثير يمشون على الماء، وليس لهم عند الله قيمة [9] .
وكان يقول: لو نظرتم إِلَى رجلٍ أُعْطي من الكرامات حَتَّى يرتفع فِي الهواء، فلا تغترّوا به، حَتَّى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنّهْي وحِفْظ الحدود وأداء الشريعة [10] .
قلت: بل قد اغترّ أَهْل زماننا وخالفوا أَبَا يزيد، وأكبر من أبي يزيد، وَتَهَافَتُوا على كلّ مجنون بوّال على عَقِبيْه، له شيطان ينطق على لسانه بالمغيّبات، نسأل الله السّلامة.
__________
[1] حلية الأولياء 10/ 34.
[2] حلية الأولياء 10/ 35.
[3] حلية الأولياء 10/ 36.
[4] طبقات الصوفية 70 رقم 11، حلية الأولياء 10/ 36.
[5] حلية الأولياء 10/ 38.
[6] حلية الأولياء 10/ 38 والإضافة منه.
[7] حلية الأولياء 10/ 39.
[8] حلية الأولياء 10/ 39 وفيه زيادة: «فإنك تصير به إلى المشرق والمغرب ثم تجيء وتصف» .
[9] حلية الأولياء 10/ 39.
[10] حلية الأولياء 10/ 40.

(20/111)


قَيِل: إنّ أَبَا يزيد تُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين [1] .
وقد نقلوا عَنْهُ أشياء من متشابه القول، الشّأن فِي صحّتها عَنْهُ، ولا تصحّ عن مُسْلِمٍ، فضلًا عن مثل أبي يزيد، منها: سبحاني.
ومنها: ما النّار، لَأَسْتَنِدَنَّ إليها غدًا، وأقول: اجعلني لأهلها فِدَاء، ولا يلعنها. وما الجنّة، لُعبة صبيان ومراد أَهْل الدُّنيا. ما المحدِّثون إنّ خاطبهم رجلٌ عن رَجُل، فقد خاطبنا القلب عن الرّبّ.
وقَالَ فِي يهود: هَبْهم لي، ما هَؤُلَاءِ حَتَّى تعذّبهم [2] ؟! وهذا الشَّطْح إنْ صحّ عَنْهُ فقد يكون قاله فِي حالة سُكْره، وكذلك قوله عن نفسه: ما فِي الجبَّة إلّا الله.
وحاشى مُسْلِم فاسق من قول هَذَا واعتقاده، يا حيّ يا قيوم ثبِّتْنا بالقول الثّابت.
وبعض العلماء يقول: هَذَا الكلام مقتضاه ضلاله، ولكن له تفسير وتأويل يخالف ظاهره، فاللَّه أعلم.
قَالَ السُّلَميّ فِي تاريخه: مات أبو يزيد عن ثلاثٍ وسبعين سنة، وله كلام فِي حُسْنِ المعاملات.
قَالَ: ويُحكَى عَنْهُ فِي الشّطح أشياء، منها ما لا يصحّ، ويكون مَقُولا عليه. وكان يرجع إِلَى أحوال سيّئة.
ثُمَّ ساق بسنده عن أبي يزيد قَالَ: من لم ينظر إِلَى شاهدي بعين الاضطراب، وإلى أوقاتي بعين الاغتراب، وإلى أحوالي بعين الاستدراج، وإلى كلامي بعين الافتراء، وإلى عباراتي بعين الاجتراء، وإلى نفسي بعين الازدراء، فقد أخطأ النَّظَر فيَّ [3] .
وعن أبي يزيد قَالَ: لو صفا لي تهليلةٌ ما باليت بعدها [4] .
__________
[1] وبها أرّخه السلميّ في طبقات الصوفية 67، وقيل: مات سنة أربع وثلاثين ومائتين، والله أعلم.
[2] ميزان الاعتدال 2/ 346.
[3] حلية الأولياء 10/ 40.
[4] حلية الأولياء 10/ 40.

(20/112)


78- طَيْفُور بْن عِيسَى [1] .
أبو يزيد البَسْطاميّ الأصغر. كذا فرّق ببنه وبين الَّذِي قبله السُّلَميّ، فيما أورده ابنُ ماكولا.
وقال: روى عن: أبي مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وصالح بْن يُونُس، وشُرَيْح بْن عُقَيْل.
وروى عَنْهُ: يوسف بْن شدّاد، وجماعة من أَهْل بسْطام.
وقِيلَ: إنّ اسم جدّ الكبير شروسان [2] ، واسم جدّ هَذَا آدم. فاللَّه أعلم
__________
[1] انظر عن (طيفور الأصغر) في:
طبقات الصوفية 67 (في ترجمة طيفور الأكبر) ، والإكمال لابن ماكولا 7/ 144، والأنساب 2/ 213، واللباب 1/ 153، ومعجم البلدان 1/ 623، وتوضيح المشتبه 1/ 507، والوافي بالوفيات 16/ 516 رقم 564.
[2] في المنتظم 5/ 28 «سروشان» ، وكذلك في: الأنساب 2/ 213.

(20/113)


حرف العين
79- عاصم بْن عصام.
أبو عِصْمة القُشَيْريّ البَيْهقيّ.
عن: يَعْلَى بن عُبَيْد، وزيد بْن الْحُبَاب، وجماعة.
وعنه: مؤمّل الماسرْجِسيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن سُفْيَان الفقيه، وغيرهما.
وقِيلَ كان مُجاب الدَّعوة.
تُوُفيّ سنة إحدى وستّين.
قَالَ الحاكم: سمعتُ أَحْمَد بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن محمد بْن سُفْيَان يقول: سمعت عاصم بْن عصام يقول: بتُّ ليلةً عند أَحْمَد بْن حنبل، فجاء بالماء فوضعه. فَلَمَّا أصبح نظر إليّ فإذا هُوَ كما كان، فقال: سبحان الله، رَجُل يطلب العلم لا يكون له وِرْدٌ باللّيْل! 80- الْعَبَّاس بْن إِسْمَاعِيل [1] .
أبو الفضل الإصبهانيّ الطّامَذيّ [2] العابد.
عن: سهل بْن عُثْمَان، وعليّ بْن محمد الطّنافسيّ، وجماعة.
وعنه: ابنُ أبي بَكْر بْن أبي عاصم مع تقدُّمه، ومحمد بْن يحيى بْن مَنْدَه، وعبّاس بْن سهل، وعليّ بْن رُسْتم.
وكان لازما لبيته، خيّرا ناسكا.
__________
[1] انظر عن (العباس بن إسماعيل) في:
ذكر أخبار أصبهان 2/ 140، وحلية الأولياء 10/ 398- 400 رقم 682، وطبقات المحدّثين بأصبهان 3/ 88 رقم 322، والأنساب 8/ 179، 180، واللباب 2/ 270.
[2] الطّامذيّ: بفتح الطاء المهملة، والميم، بينهما الألف، وفي آخرها الذال المعجمة. نسبة إلى طامذ. قال ابن السمعاني: وظنّي أنها قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 8/ 170) .

(20/114)


كان يروي الحديث بعد الحديث.
قَالَ أبو نُعَيْم [1] : تُوُفيّ بَعْدَ السّتّين [2] .
81- عبّاس بْن عَبْد الله بْن أبي عِيسَى [3] بْن أبي محمد التَّرقُفِيّ [4] الباكُسائيّ [5] .
سمع: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وحفص بْن عُمَر العَدَنيّ، وزيد بْن يحيى بْن عُبَيْد الدّمشقيّ، وأبا عاصم النّبيل ومروان الطَّاطَريّ، وأبا مسْهِر الغسّانيّ، وأبا عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وطائفة.
وعنه: ق.، وأبو الْعَبَّاس بْن شُرَيْح الفقيه، وأبو بكر بن مجاهد المقرئ، وأبو عوانة الحافظ، والمحاملي، وإسماعيل الصفار، وطائفة.
قال الخطيب [6] : كان ثقة صالحا عابدا.
وقال محمد بن مخلد: ما رأيته ضحك ولا تبسم [7] .
قيل: توفي في آخر سنة سبع وستّين.
__________
[1] في أخبار أصبهان 2/ 140.
[2] وقال أبو الشيخ: كان عابدا زاهدا ملازما لداره، مات بعد الستين والمائتين، وكان همّته العبادة ولم يحدّث، حفظ عنه الحديث بعد الحديث.
[3] انظر عن (عباس بن عبد الله) في:
مسند أبي عوانة 1/ 24، 406، وتاريخ واسط 46، والثقات لابن حبّان 8/ 513، وتاريخ بغداد 12/ 143، 144 رقم 6598، وتاريخ دمشق 8/ 450 ب- 451 ب، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 228، والمعجم المشتمل 149 رقم 452، والمنتظم 5/ 61، وتهذيب الكمال 14/ 216- 219 رقم 3124، ومعجم البلدان 1/ 477، 709، 838، والأنساب 2/ 53 و 3/ 41، واللباب 1/ 113 و 212، والعبر 2/ 36، والمعين في طبقات المحدّثين 97 رقم 1092، وتذكرة الحفاظ 2/ 566، والكاشف 2/ 59 رقم 2623، وسير أعلام النبلاء 13/ 12- 14 رقم 7، والوافي بالوفيات 16/ 657 رقم 704، وتهذيب التهذيب 5/ 19، 120 رقم 209، وتقريب التهذيب 1/ 397 رقم 144، وخلاصة التهذيب 189، وشذرات الذهب 2/ 153، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 226 رقم 87، وقال ابن السمعاني: واسم أبي عيسى: أزداذ بنداذ. (الأنساب 3/ 41) .
[4] التّرقفي: بفتح التاء ثالث الحروف وسكون الراء وضم القاف، وفي آخرها الفاء، نسبة إلى ترقف.
قال ابن السمعاني: وظنّي أنها من أعمال واسط. (الأنساب 3/ 41) .
[5] الباكسائي بفتح الباء الموحّدة بعدها الألف وضم الكاف وفتح السين المهملة والياء آخر الحروف بعد الألف، وهذه النسبة إلى باكسايا وهي من نواحي بغداد. (الأنساب 2/ 53) .
[6] في تاريخه 12/ 143 وزاد: «ديّنا» بعد «ثقة» .
[7] تاريخ بغداد 12/ 143.

(20/115)


وقد وثّقه الدّار الدارقطني أيضا [1] ، وله خبر مشهور.
82- الْعَبَّاس بْن مُوسَى بْن مِسْكَوَيْه.
أبو الفضل الهمْدانيّ، أحد الأئمّة الحفّاظ.
رحل إِلَى العراق، والشّام، والثَّغْر.
وحدَّث عن: مسلم بن إبراهيم، وعمرو بن عون، ومسدد، وأبي مسلم التبوذكي، وهشام بن عمار، وأبي بكر بن أبي شيبة، وطبقتهم.
وروى عَنْهُ: محمد بْن التّمّار الهمْدانيّ، وهارون بْن مُوسَى، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جارود، وابن شِيَرَوَيْه فِي تاريخ همدان فقال: كان جليل القدْر سُنّيًا، له تصانيف غريبة سيَّما كتاب الإمامة، فإنّه ما سُبِقَ إليه.
وكان امتُحِنَ أيّام الواثق، ودخل بغداد وتوارى بها، ونزل على أبي بَكْر الَأعْيَن، فأُخِذَ من داره، وجرى عليه أمرٌ عظيم. ثُمَّ بعد ذلك رُفِع إِلَى أَذْرَبِيجَان وحدَّث بها. وكان صدوقًا.
ثُمَّ ساق شِيرَوَيْه ترجمته فِي ورقتين، وكيف امْتُحِن، وهي عجيبة إنّ صحّت.
83- عبّاس بن الوليد بن مزيد [2] .
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 144.
[2] انظر عن (العباس بن الوليد البيروتي) في:
المعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 143، 338، 353 و 2/ 293، 391، 392، 409، 470، 474، 477، 479، 726، 747 و 3/ 212، وتاريخ واسط لبحشل 71، 83، ومسند أبي عوانة 1/ 19، 25، 105، 106، 113، 151، 398 و 2/ 25، 180، 181، 235، 344، 350، 378، والجرح والتعديل 6/ 214، 215 رقم 1178، والثقات لابن حبّان 8/ 512، 513، وتاريخ الطبري 1/ 13، 224، 368، 369، 392، 489، 491 و 2/ 291، 550 و 3/ 421 و 8/ 75 وقد أضاف محقّقه في فهرس الأعلام (10/ 303) نسبة «الآملي» إليه، ولا أدري من أين أتى بهذه النسبة، والمحدّث الفاصل للرامهرمزيّ 432 رقم 489، وسنن النسائي 3/ 238 و 4/ 178، 205، 206، والآداب للبيهقي 96 رقم 127 و 134 رقم 202 و 188 رقم 311 و 509 رقم 1152، وبيان خطأ من أخطأ على الشافعيّ، للبيهقي 130، والسنن الكبرى، له 1/ 105، 106، 112، 164، 170، 227، 255، 290، 294، 327، 370، 456 و 2/ 50، 152، 183، 211، 266، 353، 430، 485، 499 و 3/ 159 و 10/ 13، 57، 70، 211، 218، 241، 247، 283، 311، وسنن الدارقطنيّ 111 رقم 2 و 135 رقم 136 رقم 111/ 172 رقم 263 و 173 رقم 266

(20/116)


أبو الفضل العُذْريّ البَيْرُوتيّ.
سمع: أَبَاهُ، ومحمد بْن شُعَيْب بْن شابور، وعُقْبَة بْن عَلْقَمة، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبا مُسْهِر، وجماعة.
وعنه: د. س.، وأبوا زُرْعة الرّازيّ والدّمشقيّ، وابن جَوْصا، وأبو بكر بن
__________
[ () ] و 194 و 199 و 287، و 383، و 2/ 190 رقم 48 و 3/ 41 رقم 169 و 52 رقم 211 و 66 رقم 250 و 104 رقم 77 باسم العباس بن يزيد، و 4/ 63 و 70، ومسند الشهاب للقضاعي 1/ 144 رقم 192، والمستدرك على الصحيحين 1/ 30، 63، 98، 113، 155، 166، 192، 300، 334، 427، 447، 520، والأسامي والكنى للحاكم (مخطوطة دار الكتب المصرية) 1/ 72 أ، و 73 أ، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 70، 84، 124، والأسماء والصفات للبيهقي 1/ 203، 238، 326، 327 و 2/ 74، 163، وجامع بيان العلم لابن عبد البر 2/ 144، وروضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبّان 46 وفيه «العباس بن الوليد بن زيد» و 62 و 79 و 176، والقصّاص والمذكّرين لابن الجوزي 185، والسابق واللاحق 317، 318، والجليس الصالح للجريري 1/ 189، 190 وفيه «العباس بن الوليد بن يزيد» وهو وهم، وحلية الأولياء 10/ 19 وفيه «العباس بن الوليد بن يزيد» وهو وهم، واليقين لابن أبي الدنيا 121 رقم 36، ورقم 37، و 122 رقم 38، والمنتقى من السنن المسندة لابن الجارود 22 رقم 40 و 75 رقم 256 و 134 رقم 508 و 266 رقم 1062، وتلخيص المتشابه للخطيب 2/ 636 رقم 1062، والأنساب 2/ 361، ومعجم البلدان 1/ 308، 496، 780، 786 و 2/ 145، 160، 217 و 3/ 382، والتدوين في أخبار قزوين 3/ 284، 476، 477، ومعرفة علوم الحديث للحاكم أبي عبد الله النيسابورىّ 65، وإثبات عذاب القبر للبيهقي 78 رقم 98 وص 126 وفي الموضعين: «العباس بن الوليد بن يزيد» وهو غلط، وتهذيب الكمال 13/ 254- 259 رقم 3144، والإكمال لابن ماكولا 2/ 260 و 6/ 151، 414 و 7/ 232، 284، وموضح أوهام الجمع 201، 2/ 309، والأنساب 42 ب و 86 أو 99 أو 123 أ، ب و 143 ب و 226 أو 386 أ، والمعجم الصغير للطبراني 1/ 198، 230 و 2/ 70، وبغية الطلب (المخطوط) 5/ ورقة 247، وأدب الإملاء لابن السمعاني 68، والكفاية في علم الرواية للخطيب 303، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 19/ 579 وما بعدها، والعبر 2/ 46، 224، 229، 233، 262، وسير أعلام النبلاء 12/ 471- 474 رقم 172، والكاشف 2/ 61 رقم 2637، والمعين في طبقات المحدّثين 97 رقم 1096، وأهل المائة فصاعدا 121، وتلخيص المستدرك 1/ 63، وآكام المرجان للشبلي 90، وغاية النهاية 1/ 355 رقم 1521، ومن حديث خيثمة الأطرابلسي 12/ 16، 23، 65، 67، 73، 76، 108، 134، 185، 187، 189، 202، 203، 207، والوافي بالوفيات 16/ 658 رقم 705، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 275، وتهذيب التهذيب 5/ 131- 133 رقم 230، وتقريب التهذيب 1/ 399 رقم 164، وخلاصة التذهيب 190، وشذرات الذهب 2/ 160، وأخبار الأعيان في جبل لبنان للشدياق 2/ 528، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 20- 33 رقم 735 وفيه مصادر أخرى.

(20/117)


أبي داود، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وخيثمة بن سليمان، وأبو العباس الأصم، وخلق.
ولد سنة تسع وستين ومائة في رجب، وعاش مائة سنة وسنة.
وفيه همة وجلادة فإن خيثمة قَالَ: مازح الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد جاريةً له، فَدَفعته فانكسرت رِجْلُه، فلم يحدِّثنا عشرين يومًا، وكُنّا نلقى الجارية ونقول:
حسبُكِ الله كما كسرتِ رِجْلَ الشّيخ وحَبَسْتِنا عن الحديث [1] .
وقَالَ أبو دَاوُد: سمع من أَبِيهِ ثُمَّ عرض عليه، وكان صاحب لَيْلٍ [2] .
وقَالَ إِسْحَاق بْن سيّار: ما رَأَيْت أحدًا أحسن سمتًا منه [3] .
وقَالَ النِّسائيّ: ليس به بأس [4] .
قلت: كان مقرئًا مجوّدًا [5] .
وقَالَ الْحُسَيْن بْن أبي كامل [6] : سمعت خيثمة يقول: أتيتُ أَبَا دَاوُد السّجِسْتانيّ، فأملى عليَّ حديثًا عن الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد بْن مَزْيَد.
قلت: وأتاني حديث الْعَبَّاس [7] .
فقال لي: رَأَيْته؟
قلت: نعم.
فقال: مَتَى مات؟
قلت: سنة إحدى وسبعين.
كذا قَالَ خيثمة [8] .
وأما عَمْرو بْن دُحَيْم فقال: مات فِي ربيع الآخر سنة سبعين [9] ، وضبط في
__________
[1] تاريخ دمشق 19/ 581.
[2] تاريخ دمشق 19/ 581.
[3] تاريخ دمشق 19/ 581.
[4] تاريخ دمشق 19/ 582.
[5] ومع ذلك لم يفرد له ترجمة في: معرفة القراء الكبار، مع أنّ المؤرّخ والمفسّر الطبري نزل بيروت وأخذ عليه القراءات العشر، وروى عنه في عدّة مواضع من تاريخه، وفي المنتخب من ذيل المذيّل.
[6] هو: الأطرابلسيّ.
[7] وفي تاريخ دمشق: «وأنا أيضا أحدّث عن العباس» .
[8] تاريخ دمشق 19/ 582.
[9] وبها ورّخه ابن حبّان في «الثقات» .

(20/118)


أيّ يومٍ وُلِدَ وأيّ يومٍ مات، فتحدّد أنّ عُمره مائة سنة وثمانية أشهر واثنين وعشرين يومًا.
وهو أحد الجماعة الّذين جاوزوا المائة بيقين [1] .
84- عَبْد الله بْن عَبْد السّلام بْن الرّذّاذ المصريّ.
المؤدِّب المعلّم، أمين القياس.
روى عن: بِشْر بْن بَكْر التِّنّيسيّ، وأبي زُرْعة، وهبة الله المؤذّن. وكان رجلًا صالحًا. قاله ابنُ يُونُس.
وقَالَ: هُوَ أوّل من قاس النّيل من المسلمين.
تُوُفيّ سنة ستٍّ وستّين.
85- عَبْد الله بْن عليّ بْن المَدِينيّ.
روى عن: أَبِيهِ تصانيفه.
وعنه: محمد بْن عِمران الصَّيْرَفيّ، ومحمد بْن عَبْد الله المستعين.
قال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: إنّما روى كُتُب أَبِيهِ مناولةً وإجازة.
86- عَبْد الله بْن محمد بْن أيّوب بْن صَبيح [2] .
أبو محمد المُخَرِّميّ.
سمع: سُفْيَان بْن عيينة، ويحيى بن سليم، وعبد الله بْن نُمَيْر، وعليّ بْن عاصم، وجماعة.
وعنه: ابنُ صاعد، وابن مَخْلَد، وابن عيّاش القطّان، وإسماعيل الصّفّار، وآخرون.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [3] : سمعت منه مع أبي، وهو صدوق. قلّد القضاء فلم
__________
[1] ولهذا ذكره المؤلّف- رحمه الله- في: أهل المائة فصاعدا.
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد بن أيوب) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 335، وتاريخ بغداد 10/ 81، 82 رقم 5195، والمنتظم 5/ 52 رقم 122، والأنساب 513 ب، وسير أعلام النبلاء 12/ 359 رقم 152، وتذكرة الحفاظ 2/ 565، والوافي بالوفيات 17/ 445 رقم 384، والنجوم الزاهرة 3/ 41، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 225 رقم 83.
[3] قوله ليس في الجرح والتعديل حيث لم يذكره.

(20/119)


يقبله، واختفى مدّة [1] .
قلت: مات سنة خمس وستّين، وقد جاوز السّبعين.
وآخر من روى حديثه عاليًا هُوَ جَسْر المَرْوَزِيُّ. والمخرّميّ مؤتَمَنٌ بمرّة.
87- عَبْد الله بْن محمد النَّيْسابوريّ.
الفقيه الزّاهد أبو الطَّيّب المكفوف، صاحب يحيى بْن يحيى والملازم له ليلًا ونهارًا.
سمع: حَفْص بن عبد الله السلمي، وعبدان بن عثمان.
وعنه: أبو عمر المستملي، وإبراهيم بْن عليّ الذُّهْليّ.
قَالَ المستملي: كان مُجاب الدَّعوة.
مات فِي ذي القعدة سنة سبع وستّين ومائتين.
وسمعته يقول: أتاني آتٍ فِي منامي، مولدك سنة اثنتين وثمانين ومائة.
رُويّ أنّ أَبَا الطَّيّب رئي فِي النَّوم أنّ الله غَفَرَ له.
88- عَبْد الله بْن مُوسَى بْن محمد بْن يحيى بْن أبي بَكْر الكرْمانيّ.
أبو محمد وأبو عَبْد الرَّحْمَن.
عن: جدّه، وأبي بَكْر بْن عيّاش، ورَوْح بْن عُبادة.
وعنه: أَحْمَد بْن جَعْفَر الثّعْلبيّ، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد البغداديوُّن، ويوسف بْن محمد، وأَحْمَد بْن يحيى بْن نصر، ومحمد بْن يزيد الزُّهْرِيّ الإصبهانيون.
وثّقه أبو بَكْر الخطيب.
وقَالَ أبو نُعَيْم: كان صدوقا.
89- عبد الله محمد بن سنان [2] الرّوحيّ [3] السّعديّ البصريّ.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 81، 82.
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد بن سنان) في:
المجروحين والضعفاء 2/ 45، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدّي 4/ 1573، والضعفاء والمتروكين للدار للدّارقطنيّ 115 رقم 324، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2/ 139 رقم 2107، والأنساب 6/ 186، واللباب 2/ 41، وميزان الاعتدال 2/ 489 رقم 4547، والمغني في الضعفاء 1/ 353 رقم 3329، والكشف الحثيث 242، 243 رقم 401، ولسان الميزان 3/ 336 رقم 1383.
[3] عرف بالرّوحي من كثرة ما روى لروح بن القاسم. كما في الكامل لابن عدّي.

(20/120)


قاضي الدينور.
عن: مسلم بن إبراهيم، وعبد الله بْن رجاء الغُدّانيّ.
وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وعبد الله بْن محمد الجمّال، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس الإصبهانيّان.
قَالَ أبو نُعَيْم: كان يضع كثيرًا [1] .
90- عَبْد الله بْن محمد بْن يزداد بْن سُوَيْد [2] .
الوزير أبو صالح المَرْوَزِيُّ الكاتب.
كان أَبُوهُ من وزراء المأمون. ووزر أبو صالح المستعين والمهتدي، وقدِم دمشق مع المتوكل.
مات سنة إحدى وستّين مختفيًا.
91- عَبْد الله بْن هلال [3] .
أبو محمد الرّبعيّ الروميّ الزّاهد، نزيل بيروت.
__________
[1] وقال ابن حبّان: يضع الحديث وبقلبه ويسرقه لا يحلّ ذكره في الكتب لكني ذكرته لأنه قدم الجبل فوضع لهم على روح بن القاسم مقدار مائتي حديث ما لشيء منها أصل يرجع إليه من حديث روح، وأقلب على روح بن القاسم أشياء كثيرة يطول الكتاب بذكرها. شهرته عند من شمّ رائحة العلم، تغني عن الاشتغال بأمره. (المجروحون 2/ 45) .
وقال ابن عديّ: يروي لروح بن القاسم عن قوم ثقات بالبواطيل، ويحدّث عن الثقات بغير أحاديث روح بمناكير ويسرق حديث الناس. (الكامل 4/ 1573) .
[2] انظر عن (عبد الله بن محمد بن يزداد) في:
تاريخ الطبري 9/ 264، وأخبار البحتري 113- 116، ومعجم الشعراء للمرزباني 389، وإعتاب الكتّاب لابن الأبّار 165، 166 رقم 44، والفهرست لابن النديم 138، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 31 ب- 32، أ، والكامل في التاريخ 7/ 123، وتحفة الوزراء للثعالبي 122، والفخري 242 وفيه «أبو صالح محمد بن يزيد» ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 153، وسير أعلام النبلاء 13/ 339، 340 رقم 137، والوافي بالوفيات 17/ 494، 495 رقم 422، والنجوم الزاهرة 3/ 35، والعقد الفريد 4/ 165، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 237، 238، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 34.
[3] انظر عن (عبد الله بن هلال) في:
الجرح والتعديل 6/ 193 رقم 392، والثقات لابن حبّان 8/ 339، وحلية الأولياء 8/ 114، والفقيه والمتفقه للخطيب 2/ 168، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 22/ 516، ومعجم البلدان 2/ 487، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 229، 230 رقم 921.

(20/121)


أخذ عن: أحمد بن عاصم الأنطاكيّ، وأحمد بن أبي الحواري، وجماعة.
وعنه: أبو حاتم الرّازيّ مع تقدُّمه، وأبو نُعَيْم الإستراباذيّ، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ [1] .
92- عَبْد الرَّحْمَن [2] بْن سَعِيد [3] .
أبو زَيْد التّميميّ الأندلُسيّ.
رحل، وأخذ عن: أَصبغ بْن الفرج، وأبي زَيْد بْن أبي الغَمْر المصريين.
وعنه: محمد بن فطيس، وغيره.
توفي سنة خمس وستين.
93- عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب الكندي.
مولاهم المصري.
عن: أبيه، وعمرو بن أبي سلمة التنيسي.
توفي في شعبان سنة سبع وستين.
94- عبد الرحمن بن عيسى بن دينار الأندلسي [4] .
الفقيه ابن الفقيه.
حج مرات، وأخذ عن: سَحْنُون بْن سعيد، وغيره.
__________
[1] وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو صدوق، وسئل أبي عنه فقال: صدوق. (الجرح والتعديل) . وذكر ابْنُ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ» : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هلال، دون أن ينسبه أو يكنّيه، وقال:
يروي عن رجل، عن سعيد بن جبير، روى عنه عبّاد بن عبّاد المهلّبيّ.
وقد أشار محقّقه في الحاشية (9) أنّ له ترجمة في الجرح والتعديل، وذكر الصفحة المرقومة، ولا شيء يؤكّد إن كان المذكور عند ابن حبّان هو المذكور في الجرح والتعديل، فسعيد بن جبير توفي سنة 95 هـ. ولا نعرف من هو الّذي روى عنه وبقي حتى روى عنه عبد الله بن هلال هذا.
[2] في الأصل: «عبد الله» والتصحيح من مصادر ترجمته الآتية.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن سعيد) في:
تاريخ علماء الأندلس 1/ 259 رقم 782، وجذوة المقتبس 273 رقم 599، وبغية الملتمس 364 رقم 1015.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن عيسى) في:
تاريخ علماء الأندلس 1/ 260 رقم 783، وجذوة المقتبس 276 رقم 608، وبغية الملتمس 367، 368 رقم 1028.

(20/122)


وكان فصيحًا بالفقْه، مُفْتِيًا بمذهب مالك.
روى عَنْهُ: ابنُ لُبَابة، وغيره.
وكان أخوه محمد بْن عِيسَى عالمًا زاهدًا، وأخوهما أبو القاسم أبان كان فاضلًا لاحقًا، ولي قضاء طُلَيْطلة وتُوُفيّ بعد السّتّين ومائتين.
وأخوهم عَبْد الواحد فقيه له ذِكر. وأمّا الوهْم فكان من كبار أصحاب أبي القاسم.
تُوُفيّ عَبْد الرَّحْمَن سنة سبعين.
95- عَبْد الرَّحْمَن بْن يوسف الحنفيّ المروزيّ.
رحل، وسمع من: يَعْلَى بْن سَعِيد، وأبي عَبْد الرَّحْمَن المقرئ، وجماعة.
وعنه: الْحَسَن بْن عِمران الحنظليّ المَرْوَزِيُّ.
تُوُفيّ سنة ستٍّ وستّين.
96- عَبْد السّلام بْن رغْبان دِيك الْجِنّ الحمصيّ [1] .
أحد فُحُول الشّعراء.
مرَّ، وإنّما نبَّهتُ عليه هنا لأنّ ابنُ عساكر ذكر أنّه قدِم دمشق ومدح بها أَحْمَد بْن المدبّر عاملها. وقد مرّ أَحْمَد بْن المدبّر فِي حرف الألف [2] .
97- عبد العزيز بن حاتم.
أبو عمر المَرْوَزِيُّ.
محدّث رحّال.
سمع: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وأبا نُعَيْم، وعبد الرَّحْمَن بن عَبْد الله الدَّشْتَكيّ، وعليّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، وطبقتهم.
ذكره السُّلَيمانيّ، وروى عَنْهُ.
98- عَبْد الْعَزِيز بْن حيّان.
__________
[1] تقدّمت ترجمة (عبد السلام ديك الجنّ) في الجزء الخاص بحوادث ووفيات (231- 240 هـ.) .
[2] وهو: أحمد بْن محمد بْن عُبَيْد الله بن المدبّر، مرّت ترجمته برقم (23) .

(20/123)


أبو زَيْد المِعْوليّ الأزْديّ المَوْصِليّ.
عن: أبان بْن سُفْيَان، وأحمد بْن يُونُس، وأبي جَعْفَر النُّفَيْليّ، وطبقتهم.
وصنَّف حديثه.
وكان خيّرًا صالحًا فاضلًا.
روى له: ابناه زَيْد، وإبراهيم، وأبو عوانة الإسفرائينيّ.
تُوُفيّ سنة إحدى وستّين.
وَمِنْ مفاريده فيما رواه عَنْهُ أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ: نَبا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «إِنَّ فِي جَهَنَّمَ رَحًى تَطْحَنُ عُلَمَاءَ السُّوءِ طَحْنًا شَدِيدًا» . 99- عَبْد الْعَزِيز بْن سلّام.
أبو الدَّرداء المَرْوَزِيُّ الحافظ.
عن: مكّيّ بْن إِبْرَاهِيم، وعليّ بْن الْحَسَن بْن واقد، وأصبغ بْن الفرج، وعثمان بْن الهيثم المؤذِّن، وعَبْدان، وخلْق.
وعنه: س. ق.، والحسن بْن سُفْيَان، ومحمد بْن عقيل البلْخي، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
وقَالَ غيره: تُوُفيّ بعد سنة سبْعٍ وستّين، أو فيها.
ذكر ابنُ عساكر أنّ س. ق.، رويا عَنْهُ. ولم يره، بل روى عَنْهُ س. فِي «اليوم والليلة» .
100- عُبَيْد الله بْن عبد الكريم بن يزيد بن فرّوخ [1] .
__________
[1] انظر عن (عبيد الله بن عبد الكريم أبي زرعة) في:
تاريخ الطبري 5/ 476، وتقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل 1/ 328- 349، والجرح والتعديل 5/ 324- 326 رقم 1543، والثقات لابن حبّان 8/ 407، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 2/ 14 رقم 1029، تاريخ بغداد 10/ 326- 337 رقم 5469، وطبقات الحنابلة 1/ 199- 203 رقم 271، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 306، 307 رقم 1172، ومناقب الإمام أحمد 122، وصفة الصفوة 4/ 88- 90 رقم 673، والمنتظم 5/ 47، 48 رقم 109، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 10/ ورقة 345 أ- 352 أ، و (مخطوطة التيمورية) 25/ ورقة 340- 343، والمعجم المشتمل 180 رقم 583، والتدوين

(20/124)


الحافظ أبو زُرْعة الْقُرَشِيّ المخزوميّ، مولاهم الرّازيّ. أحد الأعلام.
قَيِل: وُلِدَ سنة تسعين ومائة.
ويقال إنّه وُلِدَ سنة مائتين. وأظنّه وَهْمًا، فإنّ رحلته سنة إحدى عشرة، لأنّه سمع بالكوفة من: عَبْد الله بْن صالح العِجْليّ، والحسن بْن عطيّة بْن نجِيح، وتُوُفيّا عامئذٍ.
وسمع: أَبَا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وعبد الله بْن مَسْلَمَة القَعْنَبيّ، وقُرّة بْن حبيب، وأبا نُعَيْم، وخلّاد بْن يحيى، وقَبِيصَة، وعبد الْعَزِيز الأُوَيْسيّ، وقَالَون المقرئ، وعَمْرو بْن هاشم البيروتي، ومسلم بْن إِبْرَاهِيم، وإسحاق الفَرَويّ، ومحمد بْن سابق، وأبا عُمَر الحَوْضيّ، ويحيى بْن عَبْد الله بْن بُكَيْر، وخلْقًا كثيرًا بالرّيّ، والكوفة، والبصرة، والحرمَيْن، وبغداد، والشام، ومصر، والجزيرة.
وَفِي «تهذيب الكمال» [1] أنّه روى عن أبي عاصم النّبيل، وَفِي هَذَا نظر.
وقَالَ ابنُ أبي حاتم [2] : سُئِل أبو زُرْعة: فِي أيّ سنة كتبتم عن أبي نُعَيْم؟
قَالَ: فِي سنة أربع عشرة ومائتين. ورحلت من الرّيّ المرّة الثانية سنة سبعٍ وعشرين.
ولم يدخل خُراسان. كان من أفراد العالم ذكاءً وَحِفْظًا ودينًا وفضلًا.
روى عَنْهُ من شيوخه: محمد بْن حُمَيْد، وأبو حفص الفلّاس،
__________
[ () ] في أخبار قزوين 3/ 284، والكامل في التاريخ 7/ 321، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 883- 885، والكاشف 2/ 201 رقم 3619، ودول الإسلام 1/ 160، وكتاب العلوّ 137، 138، وتذكرة الحفاظ 2/ 557- 559، والعبر 2/ 28، 29، وسير أعلام النبلاء 13/ 65- 85 رقم 48، والبداية والنهاية 11/ 37، ومرآة الجنان 2/ 176، وشرح علل الترمذي 190- 192، وتهذيب التهذيب 70/ 30- 34 رقم 62، وتقريب التهذيب 1/ 536 رقم 1479، وطبقات الحفاظ 249- 250، وخلاصة التذهيب 251، 252، وشذرات الذهب 2/ 148، 149، وتاريخ الخميس 2/ 383، وعمل اليوم والليلة 433 رقم 711 ورقم 723، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 261- 264 رقم 977، والأعلام 4/ 350، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 226 رقم 86، والمنهج الأحمد 148- 151، وطبقات المفسّرين 1/ 369- 371، والرسالة المستطرفة 64، وتحفة الأحوذي 466- 468، ومقدّمة كتاب أبي زرعة.
[1] ج 2/ 883.
[2] في تقدمة المعرفة 339 و 340.

(20/125)


وحَرْمَلَة بْن يحيى، وإسحاق بْن مُوسَى الخطْميّ، ويونس بْن عَبْد الأعلى، والربيع بْن سُلَيْمَان، ومِن أقرانه: أبو حاتم ابنُ خالته، ومسلم بْن الحجاج، وأبو زرعة الدّمشقيّ، وإبراهيم الحربيّ.
ومن الحُفْاظ والمحدّثين خلْقٌ كثير.
وروى عَنْهُ: م. ت. ن. ق. فِي كتُبُهم، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو عَوَانَة، وقاسم بْن زكريّا المطرّز، وسعيد بْن عَمْرو البردعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم فأكثر، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وأحمد بْن محمد بْن أبي حَمْزَةَ الذّهبيّ، ومحمد بْن حمدون الأعشي، والحسن بْن محمد الدّاركيّ، ومحمد بْن الْحُسَيْن القطّان.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [1] : كان جدّه فَرُّوخ مَوْلَى عيّاش بْن مطرِّف القُرَشيّ.
وقَالَ جَعْفَر بْن محمد الكِنْديّ: ثنا أبو زُرْعَة قَالَ: قدِم علينا جماعة من أَهْل الرِّيّ دمشق منهم: أبو يحيى فرخويه. فلمّا انصرفوا إِلَى الرِّيّ، فيما أخبرني غير واحدٍ، منهم أبو حاتم، رأوْا هَذَا الفتي قد كاس فقالوا: نُكَنِّيك بكُنْية أبي زُرْعة الدّمشقيّ. ثُمَّ اجتمعت بأبي زُرْعة الرّازيّ فكان يذكرني بهذا ويقول:
بكُنْيَتِك اكتَّنَيْت [2] .
وقَالَ سَعِيد بْن عَمْرو: قَالَ أبو زُرْعة: لا أعلم أنّه صحّ لي رباط قطّ. أمّا قزوين فأردنا محمد بْن سَعِيد بْن سابق، وأمّا عسقلان فأردنا محمد بْن أبي السَّرِيّ، وأمّا بيروت فأردنا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد بْن مَزْيد [3] .
وقَالَ النّجّاد: سمعت عَبْد الله بْن أَحْمَد يقول: لمّا ورد علينا أبو زُرْعة نزل عندنا، فقال لي أبي: يا بُنيّ، قد اعْتَضْتُ بنوافلي مذاكرة هَذَا الشَّيْخ [4] .
وقَالَ صالح جَزَرَة: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعة يقول: كتبتُ عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى الرّازيّ مائة ألف حديث، وعن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة مائة ألف، فقلت له:
__________
[1] في الجرح والتعديل 324، 325.
[2] تاريخ دمشق (التيمورية) 25/ 341.
[3] كتاب أبي زرعة الرازيّ 2/ 770، 771، تقدمة المعرفة 1/ 333، 334، التدوين في أخبار قزوين 3/ 284، تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 10/ 245 ب، (مخطوطة التيمورية) 24/ 342.
[4] تاريخ بغداد 10/ 327، المنتظم 5/ 47.

(20/126)


بَلَغَني أنّك تحفظ مائة ألف حديث، تقدر أن تُملي عليّ ألف حديث من حفظك؟
قَالَ: لا، ولكن إذا أُلقي عليَّ عرفتُ [1] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ [2] : سَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ فقلت: يجوز ما كتبت عن إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى مائة ألف؟
قَالَ: مائة ألف كثير.
قلت: فخمسين ألف؟ قَالَ: نعم، وسبعين ألف.
أخبرني من عدَّ كتاب الوضوء والصلاة فبلغ ثمانية عشر ألفًا.
وقَالَ أبو عبد الله بْن مَنْدَه الحافظ: سمعت محمد بْن جَعْفَر بْن حَمْكَوَيْه بالرِّيّ يقول: سئل أبو زُرْعة عن رَجُل حَلَف بالطّلاق أنّ أَبَا زُرْعة يحفظ مائتي ألف حديث هَلْ حَنَث؟ فقال: لا.
ثُمَّ قَالَ: أحفظ مائتي ألف مثل قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1، وأحفظ في المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث [3] .
قلت: هَذِهِ حكاية منقطعة لا تثبُت، وهذه أصح منها: قَالَ الحافظ ابنُ عديّ: سمعت أبي يقول بالرَّيّ، وأنا غلام فِي البزّازين، فحلفَ رَجُل بالطلاق أنّ أَبَا زُرْعة يحفظ مائة ألف حديث، فذهب قوم إِلَى أبي زُرْعة وذهبت معهم، فذكروا له حلْف الرجل، فقال: ما حَمَله على ذلك؟ قيل: قد جرى ذلك منه.
فقال: يمسك امرأته فإنّها لم تَطْلُق، أو كما قَالَ [4] .
وقَالَ الحاكم: سمعت أَبَا جَعْفَر محمد بْن أَحْمَد الرَّازيّ يقول: سمعت محمد بْن مُسْلِم بْن وارة يقول: كنت عند ابنُ راهَوَيْه فقال رَجُل: سمعت أَحْمَد ابنُ حنبل يقول: صحّ من الحديث سبعمائة ألف حديث وكّسْر، وهذا الفتى- يعني أَبَا زرعة، يحفظ ستّمائة ألف [5] .
قلت: في إسنادها مجهول.
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 327، وانظر عن: تقدمة المعرفة 334، 335.
[2] في تقدمة المعرفة 334، 335.
[3] صفة الصفوة 4/ 88، المنتظم 5/ 47.
[4] تاريخ بغداد 10/ 324، 325.
[5] تاريخ بغداد 10/ 332، صفة الصفوة 4/ 88، المنتظم 5/ 47، طبقات الحنابلة 1/ 201.

(20/127)


وقَالَ غُنْجار فِي تاريخه: ثنا ناصر بْن محمد الأزْديّ بكرمينية: سمعت أَبَا يَعْلَى المَوْصِليّ يقول: رحلت إِلَى البصْرة، فبينا نَحْنُ فِي السّفينة إذا برجلٍ يسأل رجلًا: ما تقول فِي رَجُلٍ حَلَف بالطّلاق أنّك تحفظ مائتا ألف حديث؟
فأطرق رأسه ثُمَّ قَالَ: اذهب يا هَذَا وأنت بارُّ فِي يمينك.
فقلت: من هَذَا؟
فَقِيلَ لي: أبو زُرْعة الرَّازيّ ينحدر إِلَى البصرة.
وقال ابنُ عُقْدة عن مُطَيَّن، عن أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة قَالَ: ما رَأَيْت أحفظ من أبي زُرْعة [1] .
وقَالَ عَبْد اللَّه بْن محمد بْن جَعْفَر القَزْوينيّ، وهو ضعيف: سمعتُ محمد بْن إِسْحَاق الصّغانيّ يقول: كان أبو زُرْعة، يشبَّه بأحمد بْن حنبل [2] .
وقَالَ عليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد: ما رَأَيْت أعْلَمَ بحديثِ مالك من أبي زُرْعة، وكذلك سائر العلوم [3] .
وقَالَ عُمَر بْن محمد بْن إِسْحَاق القطّان: سمعت عَبْد الله بْن أَحْمَد:
سمعت أبي يقول: ما جاوز الجسْرَ أفْقَه من إِسْحَاق، ولا أحفظ من أبي زُرْعة [4] .
وقال أبو يَعْلَى المَوْصِليّ: ما سمعنا بذِكْر أحدٍ فِي الحِفْظ إلّا كان اسمه أكبر من رؤيته إلّا أبو زُرْعة، فإنّ مشاهدته كَانَتْ أعظم من اسمه. كان قد جمع حِفْظ الأبواب والشّيوخ والتّفسير [5] .
وقَالَ صالح جَزَرة: سمعت أَبَا زُرْعة يقول: أحفظ فِي القراءات عشرة آلاف حديث.
وقَالَ إِسْحَاق بْن راهَوَيْه: كلّ حديث لا يعرفه أبو زرعة الرّازيّ ليس له أصل [6] .
__________
[1] المنتظم 5/ 47، طبقات الحنابلة 1/ 200.
[2] تاريخ بغداد 10/ 332، 333.
[3] تقدمة المعرفة 330، الجرح والتعديل 5/ 326.
[4] تاريخ بغداد 10/ 328، صفة الصفوة 4/ 88.
[5] تاريخ بغداد 10/ 334 وفيه تتمّة: «كتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف حديث» .
[6] تاريخ بغداد 10/ 332، والمنتظم 5/ 47، طبقات الحنابلة 1/ 201.

(20/128)


وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: لمّا انصرف قُتَيْبَةُ إِلَى الرِّيّ من بغداد سألوه أن يحدّثهم، فقال: أحدّثكم بعد أن أحضر مجلسي أَحْمَد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعليّ ابن المَدِينيّ.
قَالُوا: فإنّ عندنا غلامًا يسرد كلُّ ما حدَّثت به مجلسًا مجلسًا، قم يا أَبَا زُرْعة. فقام فسَردَ كل ما حدَّث به قُتَيْبَةُ [1] .
وقَالَ فَضْلك الصّائغ: دخلت المدينة فصرت إِلَى باب أبي مُصْعَب، فخرج إليَّ شيخ مخضوب، وكنتُ أَنَا ناعسًا، فحرّكني وقَالَ: يا مردريك [2] من أَيْنَ أنت، إيش تنام؟
فقلت: أصلحك الله من الرِّيّ، من شاكرديّ [3] أبي زُرْعة.
فقال: تركتَ أَبَا زُرْعة وجئتني! لقيت مالكًا وغيرَه، فَمَا رأت عيناي مثلَه.
قَالَ فَضْلَك: فدخلت على الرَّبِيع بمصر فقال: إنّ أَبَا زُرْعة آية. وإنّ الله تعالى إذا جعل إنسانًا آية أبانه من شكْله حَتَّى لا يكون له ثانٍ [4] .
وقَالَ ابنُ أبي حاتم [5] : نا أَحْمَد بْن إِسْمَاعِيل ابنُ عمّ زُرْعة أنّه سمع أَبَا زُرْعة يقول فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ: اللَّهمّ إنّي أشتاق إِلَى رؤيتك، فإنْ قَيِل لي: بأيّ عمل اشتقت إليّ؟ قلت: برحمتك يا ربّ.
وقد كان أبو زُرْعة يحطّ على أَهْل الرّأي ويتكلّم فيهم.
قال ابن أبي حاتم [6] : سَمِعْتُ أَبَا زُرْعة يقول: قَالَ لي السَّريّ بْن مُعاذ، يعني الأمير: لو أنّي قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل اللّيل فيك وَفِي ابنُ مُسْلِم من غير أن أحبسكم ولا أضربكم، بل أمنعكم من التّحديث.
سمعت أبا زرعة يقول: لو كانت لي صحّةُ بَدَنٍ على ما أريد كنت أتصدَّق بمالي كلّه، وأخرج إلى الثُّغُور، وآكل من المباحات وألزمها. ثم قال: إنّي
__________
[1] تاريخ بغداد 10/ 332.
[2] مردريك: الشاب أو الفتى.
[3] الشاكردي: التابع والتلميذ.
[4] تاريخ بغداد 10/ 330.
[5] في تقدمة المعرفة 346.
[6] في تقدمة المعرفة 347.

(20/129)


لَألْبَس الثّياب لكي إذا نظر النّاس إليّ لا يقولون قد ترك أبو زُرْعة الدُّنيا ولبس الثياب الدُّون. وإنّي لآكل ما يُقدَّم إليّ من الطّيّبات لكيلا يقولوا: إنّه لا يأكل الطّيّبات لزُهْده [1] .
وقَالَ يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ما رَأَيْت أكثر تواضعًا من أبي زُرْعة.
وقَالَ عَبْد الله القَزْوينيّ، وهو ضعيف: ثنا يُونُس بْن عَبْد الأعلى: ثنا أبو زُرْعة. فَقِيلَ ليونس: من هَذَا؟
قَالَ: إنّ أَبَا زُرْعة أشهر فِي الدُّنيا من الدُّنيا [2] وقَالَ عَبْد الواحد بْن غَياث: ما رَأَى أبو زُرْعة مثَل نفسه [3] .
وقَالَ سَعِيد بْن عَمْرو البَرْدَعيّ: سمعت محمد بْن يحيى الذُهْليّ يقول:
لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زُرْعة يعلِّم النّاس [4] .
وقَالَ أبو أَحْمَد بْن عدّي: نا أَحْمَد بن محمد القطّان: نا أبو حاتم المراديّ: حَدَّثَنِي أبو زُرْعة عُبَيْد الله بْن عَبْد الكريم وما خلّف بعده مثله عِلْمًا وَفَهْمًا، ولا أعلم من المشرق إِلَى المغرب من كان يفهم هَذَا الشأن مثله [5] .
وقَالَ ابنُ عدّي: سمعت القاسم بْن صَفْوان، سمع أَبَا حاتم يقول: أزهد من رَأَيْت أربعة: آدم بْن أبي إياس، وثابت بْن محمد الزّاهد، وأبو زُرْعة، وسمّى آخر [6] .
وروى الخطيب بإسنادٍ، عن أبي زُرْعة قَالَ: ما سمعت أُذني شيئًا من العِلم إلّا وَعَاه قلبي، وإنّي كنت أمشي فِي السُّوق فأسمع صوت المُغَنّيات من الغُرَف، فَأَضَعُ إصبعي فِي أُذُنيَّ مخافة أن يَعِيَه قلبي [7] .
وَرُوِيَ أنّ أَبَا زُرْعة كان من الأبدال.
__________
[1] تقدمة المعرفة 348 وفيه زيادة.
[2] سير أعلام النبلاء 13/ 74.
[3] سير أعلام النبلاء 13/ 74.
[4] سير أعلام النبلاء 13/ 74 وفيه تتمة: «ما جهلوه» .
[5] تاريخ بغداد 10/ 333 وفيه زيادة: «ولقد كان من هذا الأمر بسبيل» .
[6] تهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 884.
[7] المنتظم 5/ 48.

(20/130)


قصة تلقين الميت رواها ابنُ أبي حاتم بخلاف هَذَا، فقال: سمعت أبي يقول: مات أبو زُرْعة مطعونًا مَبْطونًا يعرق الجبين منه فِي النَّزْع، فقلت لمحمد بْن مُسْلِم: ما تحفظ فِي تلقين الموتى: لا إله إلّا الله؟
قَالَ: يُروى عن مُعَاذ.
فرفع أبو زُرْعة رأسه، وهو فِي النَّزْع، فقال: رَوَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كان آخر كلامه لا إله إلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ [1] » . فصار فِي البيت ضجّة ببكاء من حضر [2] .
وقَالَ الحاكم، وأبو عليّ بْن فَضَالَةَ الحافظان: ثنا أبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله بْن شاذان الرَّازيّ- قلت: وليس ثقة- قَالَ: سمعت أَبَا جَعْفَر محمد بْن عليّ ورّاق أبي زُرْعة، فذكر حكاية تلقين أبي زُرْعة (لا إله إلّا الله) ، وإنّهم ذكروه بالحديث. فقال وهو فِي السِّياق: ثنا بُنْدَارٌ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الْجَنَّةَ» [3] . وتُوُفيّ رحمه الله.
وقَالَ أبو الْعَبَّاس السّراجّ: سمعت ابنُ وارة يقول: رَأَيْت أَبَا زُرْعة فِي النَّوْم، فقلت: ما حالك؟
قَالَ: أَحْمَد الله على الأحوال كلها. إنّي وقفت بين يدي الله تعالى فقال لي: يا عُبَيْد الله لِمَ تذرّعت فِي القول فِي عبادي؟ [4] قلت: يا ربّ إنّهم خاذِلوا دينك.
قال: صدقت.
__________
[1] حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد (916) ومن حديث أبي هريرة (917) ، وأخرجه الترمذي (976) وأبو داود (3117) ، والنسائي 4/ 5، وأحمد في المسند 5/ 233، والخطيب في تاريخ بغداد 10/ 335، وابن الجوزي في: صفة الصفوة 4/ 89 ووقع فيه «غريب» بالغين المعجمة وهو تحريف، والمنتظم 5/ 48.
[2] الخبر في: تقدمة المعرفة 345، 346، والمنتظم 5/ 48.
[3] أخرجه أحمد 5/ 233، وأبو داود (3116) في المستدرك 1/ 315.
[4] في تاريخ بغداد «بم» .

(20/131)


ثُمَّ أتى بطاهر الخلقانيّ [1] فاستعديت عليه إِلَى ربّي، فَضُرب الحَدّ مائة ثُمَّ أمر به إِلَى الحبْس، ثُمَّ قَالَ: أَلْحِقوا عُبَيْد الله بأصحابه، بأبي عبد الله، وأبي عبد الله سُفْيَان الثَّوْريّ، ومالك، وأحمد بْن حنبل [2] .
رواها عن ابنُ وَارة عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم أيضًا [3] .
تُوُفيّ فِي آخر يومٍ من سنة أربعٍ وستّين ومائتين [4] .
101- عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان التُّرْكيّ [5] ، ثُمَّ الْبَغْدَادِيّ.
أبو الْحَسَن، الوزير للمتوكّل. وما زال فِي الوزارة إِلَى أن قُتِلَ المتوكّل.
وقد جرت له أمور، وانخفاض وارتفاع، ونفاه المستعين إِلَى الرَّقَّةِ سنة ثمانٍ وأربعين. ثُمَّ قدِم بغداد بعد خمس سنين، ثُمَّ استوزره المعتمد سنة ستٍّ وخمسين.
قَالَ حُسَيْن الكواكبيّ: أنبا محرز الكاتب قَالَ: اعتلّ عُبَيْد الله بْن يحيى بْن خاقان فأمر المتوكّل، الفتحَ بْن خاقان أن يعوده، فأتاه فقال: إنّ أمير المؤمنين يسأل عن علّتك.
قال:
__________
[1] في تاريخ بغداد: «الحلقاني» بالحاء المهملة، وكذلك في الأصل، والتصويب من: سير أعلام النبلاء 13/ 76.
[2] تاريخ بغداد 10/ 336.
[3] في تقدمة المعرفة 346.
[4] وورّخ ابن حبّان وفاته بسنة 268 هـ. وقال: وكان أحد أئمّة الدنيا في الحديث، مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة، وترك الدنيا وما فيه الناس (كذا) .
[5] انظر عن (عبيد الله بن يحيى بن خاقان) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 488، 492، 495، 507، وتاريخ الطبري 9/ 171، 185، 200، 214- 217، 222، 223، 228، 234، 236، 258، 336، 342، 354، 357، 358، 474، 507، 517، 532، والتنبيه والإشراف 320، والجليس الصالح 1/ 471، 472، والديارات 82، والعقد الفريد 4/ 166 و 5/ 122، 406، وتجارب الأمم 6/ 552- 554، 556، 557، وطبقات الحنابلة 1/ 204 رقم 273، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 10/ 377 ب- 379 أ، والمنتظم 5/ 45 رقم 101، والتذكرة الحمدونية 1/ 264، والإيجاز والإعجاز 27، ولطائف الظرفاء 43، والتمثيل والمحاضرة 155، وثمار القلوب 164، 207، والكامل في التاريخ 7/ 310، والعبر 2/ 26، ودول الإسلام 1/ 159، وسير أعلام النبلاء 13/ 9، 10 رقم 5، والبداية والنهاية 11/ 36، ونهاية الأرب 22/ 334، وشذرات الذهب 2/ 147.

(20/132)


[عليل] من مكانَيْن ... من الأسقام والدَّيْن
وَفِي هذين لي شُغْلٌ ... وحسْبي شُغْلُ هَذين [1]
قَالَ: فأمر له المتوكّل بألف ألف درهم.
قَالَ الصُّوليّ: ثنا الْحَسَن بْن عليّ الكاتب قَالَ: لمّا قَتَلَ المتوكّل محمد بْن الفضل الْجَرْجَرائيّ قَالَ: قد مَلَلْتُ عرضَ المشايخ عليّ، فاطلبوا لي حديثًا من أولاد الكُتّاب. وبقي شهرين بلا وزير وأصحاب الدّواوين يعرضون عليه أعمالهم، ثُمَّ طلب عُبَيْد الله بْن يحيى، فلمّا خاطبه أعجبته حركته، وأمره أن يكتب فأعجبه أيضًا خطه.
فقال عمُّه الفتح: وَالَّذِي كتبت أحسن من خطّه. قَالَ: وما هُوَ؟ قَالَ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً 48: 1 [2] ، وقد تفاءلت ببركته كبركة ما كتب. فولَّاه العَرْض، فبقي سنة يؤرّخ الكُتُب عَنْهُ وعن وَصيف. وحظى عند المتوكل [3] ، فطرح اسم وصيف، ونفذت الكُتُب باسم عُبَيْد الله وحده.
قَالَ الصُّوليّ: كان عُبَيْد الله سمحًا جوادًا ممدحًا، حَدَّثَنِي أبو العَيْنَاء قَالَ:
دخلت على المتوكّل، فقال: ما تقول فِي عُبَيْد الله؟ قلت: نِعْمَ العبد للَّه، وكلٌّ منقسمٌ بين طاعته وخدمتك، يؤثر رِضاك على كلّ فائدة، وإصلاح رعيّتك على كلّ لذّة.
وقَالَ عليّ بْن عِيسَى الوزير: لم يكن لعُبَيْد الله بْن يحيى حظٌّ من الصّناعة، إلّا أنّه أُيِّد بأعْوانٍ وكتّاب، وكان واسع الحيلة، حسن المداراة.
وقَالَ الصُّوليّ: ولم يزل أعداء عُبَيْد الله يحرّضون المنتصر على قتله، وإنّه مائلٌ إِلَى المعتز، وأحمد بْن الخطيب يردعه عَنْهُ. ثُمَّ نفاه وأبعده إِلَى أقريطش [4] . فَلَمَّا استخلف المعتمد ذكر لوزارته سُلَيْمَان بْن وهْب، والحَسَن بْن مَخْلَد، وجمع الكُتّاب، فقال ابنُ مَخْلَد: هَذَا عُبَيْد الله بْن يحيى قد أصلح الجماعة ورأسهم، وهو ببغداد. فصدّقه الجماعة.
__________
[1] الشعر في: البصائر والذخائر 1/ 49 والزيادة منه. وفيه «من الإفلاس» بدل من «الأسقام» ، وتاريخ دمشق 10/ ورقة 377 ب.
[2] أول سورة الفتح.
[3] سير أعلام النبلاء 13/ 9.
[4] أقريطش: هي جزيرة كريت المعروفة.

(20/133)


وقَالَ المعتمد وأبو عِيسَى بْن المتوكّل: ما لنا حظٌّ فِي غيره.
فطلبوه إِلَى سُرَّ من رَأَى واستحثُّوه، ولم يذكروا له الوزارة لئلّا يمتنع زُهْدًا فيها. فشخص على كُرْه، وأُدْخِل على المعتمد، فخلع عليه الوزارة. فَلَمَّا خرج امتنع، فلاطَفُوه. وولي سنة ستٍّ وخمسين بعفاف ورأي ومروءة إِلَى أن مات، وعليه ستّمائة ألف دينار، مع كثرة ضياعه. وقد أدَّبته النُّكَب وهذَّبته، فزاد عَفافه وتَوَقّية.
قلت: ورد عن عُبَيْد الله أخبار فِي الحِلْم والجود.
حكى الصُّولّي، عن غير واحدٍ، أنّ عبيد الله نزل إلى الميدان ليضرب الصّوالجة [1] ، فصدمه خادمه رشيق، فسقط عن دابّته، فَحُمِل ومات ليومه [2] .
تُوُفيّ الوزير عُبَيْد الله سنة ثلاثٍ وستّين، وهو والد المعديّ أبي مزاحم الخاقانيّ.
102- عطيّة بْن بقيّة بْن الْوَلِيد الحمصيّ [3] .
روى عن أَبِيهِ كثيرًا.
وعنه: عَبْد الْعَزِيز بْن عِمران الإصبهانيّ، وعُبَيْد بْن أَحْمَد الصّفّار الحمصيّ، وأحمد بْن هارون الْبُخَارِيّ، وأبو عوانه الإسفرائينيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وجماعة.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [4] : كَانَتْ فِيهِ غفْلة، ومحلُّه الصِّدْق.
وقَالَ ابنُ قانع: مات سنة خمسٍ وستّين.
قَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد: سمعت عطيّة بْن بقيّة يقول: أَنَا عطيّة بْن بقيّة، وأحاديثي نقيّة، فإذا مات عطيّة، ذهب حديث بقيّة [5] .
__________
[1] الصوالجة: العصا المعقوفة من طرفها تضرب بها الكرة.
[2] الطبري 9/ 532.
[3] انظر عن (عطية بن بقيّة) في:
الجرح والتعديل 9/ 381 رقم 2120، والثقات لابن حبّان 8/ 527، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 28/ 124، وسير أعلام النبلاء 12/ 521، 522 رقم 198، ولسان الميزان 4/ 175.
[4] في الجرح والتعديل.
[5] ذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال: «يخطئ ويغرب، يعتبر حديثه إذا روى عن أبيه غير الأشياء المدلّسة» .

(20/134)


قَالَ الْخِلَعِيُّ: أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْبَزَّازُ: ثنا محمد بْن جَعْفَر:
سمعت محمد بْن خَالِد بْن يزيد بمكّة: سمعت عطيّة يقول:
يا عطيّة بْن بقيّة ... كأنْ قد أتتك المنيّة
غدوة أو عشيّه فتفكّر و ... تذكّر وتجنَّب الخَطِيَّهْ
واذكُرِ الله بتَقْوى ... واتْبع التّقوى بِنِيَّهْ.
وسمعته يقول:
أَنَا عطيّة بْن بقيّهْ ... ابنُ شيخ البَريّهْ
فاكتبوا عَنْهُ بِنِيّهْ ... فِي قَرَاطِيسَ نقيّهْ [1]
103- عليّ بْن إشكاب [2] .
واسم إشكاب حُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحرّ بْن علّان العامريّ الْبَغْدَادِيّ.
أبو الْحَسَن. كان أسنّ من أَخِيهِ محمد.
وسمع من: إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة، وإسحاق الأزرق، وأبا مُعَاوِيَة، وحَجّاج بْن محمد، وخلقًا.
وعنه: أبو دَاوُد، وابن ماجة، وابن شُرَيْح الفقيه، وابن صاعد، ومحمد بْن مَخْلَد، وابن أبي حاتم [3] ، وخلقًا آخرهم الْحُسَيْن بْن يحيى القطّان.
وقد وثَّقه النِّسائيّ [4] ، وغيره.
ومات فِي شوّال سنة إحدى وستّين، بعد أَخِيهِ بعشرة أشهر [5] .
__________
[1] تاريخ دمشق 28/ 124.
[2] انظر عن (علي بن إشكاب) في:
أخبار القضاة لوكيع 2/ 298، 320، 327، 382، 420، ومسند أبي عوانة 1/ 4، 205، 407 و 2/ 66، 200، 222، والجرح والتعديل 6/ 179 رقم 979، والثقات لابن حبّان 8/ 472، وتاريخ بغداد 11/ 392- 394 رقم 6269، والمعجم المشتمل 188، رقم 614، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 963، والكاشف 2/ 245 رقم 3957، وسير أعلام النبلاء 12/ 352، 353 رقم 146، وتهذيب التهذيب 7/ 302، 303 رقم 518، وتقريب التهذيب 2/ 34 رقم 319، وخلاصة التذهيب 72.
[3] وهو قال: روى عنه أبي، وكتبت عنه معه، وهو صدوق ثقة. سئل أبي عنه فقال: صدوق.
(الجرح والتعديل) .
[4] تاريخ بغداد 11/ 393.
[5] تاريخ بغداد.

(20/135)


104- عليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى بْن مُوسَى بْن ميسرة [1] .
أبو الْحَسَن الهلاليّ الدّارَابْجِرْدِيّ.
حجّ ورأى ابنَ عُيَيْنَة، وصلّى عليه، كذا نقل الحاكم فِي تاريخه بلا إسناد.
وسمع: عَبْد المجيد بْن أبي دَاوُد، وحرَميّ بْن عمّار، وَمُعَلَّى بْن عُبَيْد، وأبا عاصم النّبيل، وخلْقًا.
وعنه: الْبُخَارِيّ، ومُسْلِم، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، وخلْق.
قَالَ أبو عبد الله بْن الأخرم: ما رَأَيْت أفضل منه.
وعن مُسْلِم بْن الحجّاج، وذكره فقال: ذلك الطّيّب ابنُ الطّيّب.
وقَالَ الحاكم: سمعتُ محمد بْن يعقوب بْن الأخرم غير مرّة يقول:
استشهد عليّ بْن الْحَسَن برسْتاق أرْغِيان [2] فِي ضيعته.
قَالَ: وكان السبب أنّه زَبر العامل بها، فَلَمَّا جنّ عليه اللّيلُ أمر به، فأدْخِل مَتْبَنَةً، وأوقد النّار فِي تِبْنٍ، فمات فِي الدُّخان. ثُمَّ وُجِد مَيْتًا وقد أكل النّملُ عينيه [3] .
قَالَ الحاكم: هُوَ من أكابر علماء المسلمين، وابن عالمهم طلب الحديث بالحجاز، واليمن، والعراق، وخُراسان.
وقِيلَ: إنّه مات سنة سبْعٍ وستّين فِي رمضان [4] .
__________
[1] انظر عن (علي بن الحسن الدارابجردي) في:
الجرح والتعديل 6/ 181 رقم 991، والثقات لابن حبّان 8/ 476، وحلية الأولياء 10/ 143، 144 رقم 504، والمنتظم 5/ 60، رقم 137، والأنساب 5/ 292، والمعجم المشتمل 190 رقم 621، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 963، وسير أعلام النبلاء 12/ 526- 528 رقم 201، والكاشف 2/ 245 رقم 3954، وتذكرة الحفاظ 2/ 529، وتهذيب التهذيب 7/ 299، 300 رقم 511، وتقريب التهذيب 1/ 34 رقم 312، والنجوم الزاهرة 3/ 43، وخلاصة التذهيب 272.
[2] أرغيان: بالفتح، ثم السكون، وكسر الغين المعجمة، وياء وألف ونون، كورة من نواحي نيسابور، قيل: إنها تشتمل على إحدى وسبعين قرية. (معجم البلدان 1/ 153) .
[3] وقيل: أكله الذئب في قرية برستاق أرغيان، فلم يوجد سوى رأسه ورجليه. (المنتظم 5/ 60) وقيل: وجد ميتا بعد أسبوع من وفاته في مسجده.
[4] وقال ابن أبي حاتم: كتب إلى أبي، وأبي زرعة، وإليّ بأحاديث على يدي سعيد البردعي.
(الجرح والتعديل 6/ 181) .

(20/136)


105- عَلِيّ بْن حَرْب بْن محمد بْن عليّ بْن حيّان بْن المازن بْن الغضوبة [1] .
أبو الْحَسَن الطّائيّ المَوْصِليّ.
وُلِدَ بأذْرَبَيْجان سنة خمسٍ وسبعين ومائة، ونشأ بالمَوْصِل، ورأى المُعَافَى بْن عِمْرَانَ.
وسمع من: حَفْص بْن غياث، وسُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ووَكِيع، وأبي مُعَاوِيَة الضَّرير، وعبد الله بْن إدريس، وطبقتهم بالموصل، والبصرة، والكوفة، ومكة، وبغداد.
وعنه: س.، وقَالَ: صالح [2] ، وابن صاعد، ومحمد بْن جَعْفَر الطّيريّ، وأحمد بْن سُلَيْمَان العَبَّادانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم [3] .
ونافِلُتُه [4] محمد بْن يحيى بْن عَمْر بْن عليّ بْن حرب.
قَالَ أبو حاتم: صدوق [5] .
قَالَ الدّارَقُطْنِيّ: ثقة [6] .
وقَالَ يزيد فِي «تاريخ المَوْصِل» : رحل عليّ بْن حرب مع أبيه، وسمع
__________
[1] انظر عن (علي بن حرب) في:
تاريخ الطبري 1/ 160 و 2/ 166، 244، 248 و 6/ 113، ومسند أبي عوانة 1/ 17، 22، 28، 29، 37، 40، 41، 58، 59، 61، 64، 67، ومواضع كثيرة، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 55، 64، 81، 91، 102، 103، 125، 230 و 2/ 42، 52، 186، 229، 237، 287، 367، 385، 411، 421 و 3/ 4، 11، 24، 25، 28، 35، 55، 65، 79، 80، 81، 82، 95، 160، 326، والجرح والتعديل 6/ 183 6/ 183 رقم 1006، والثقات لابن حبّان 8/ 471، وتاريخ بغداد 11/ 418- 420 رقم 6296، وطبقات الحنابلة 1/ 223 رقم 311، والمنتظم 5/ 52 رقم 123، واللباب 2/ 271، 272، والمعجم المشتمل 189 رقم 618، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 961، 962، وسير أعلام النبلاء 2 پ/ 251- 253 رقم 93، ودول الإسلام 1/ 160، والعبر 2/ 30، والكاشف 2/ 244 رقم 3949، وتهذيب التهذيب 7/ 294- 296 رقم 505، وتقريب التهذيب 2/ 33 رقم 306، وخلاصة التذهيب 372، وشذرات الذهب 2/ 150، والأعلام 5/ 78، ومعجم المؤلّفين 7/ 57، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 225 رقم 84.
[2] تاريخ بغداد 11/ 419.
[3] وقال: كتبت عنه مع أبي وهو صدوق. (الجرح والتعديل 6/ 183) .
[4] نافلته: أي حفيده، وهو ولد الولد.
[5] الجرح والتعديل.
[6] تاريخ بغداد 11/ 419.

(20/137)


وصنَّف حديثه، وخرّج «المُسْنَد» .
قَالَ: وكان عالمًا بأخبار العرب وأنسابها، أديبًا شاعرًا، وَفَدَ على المعتزّ باللَّه فِي سنة أربعٍ وخمسين.
وكتب عَنْهُ المعتزّ بخطّه، ودقّق الكتاب، فقال: يا أمير المؤمنين، أخذتَ فِي شُؤْم أصحاب الحديث. فضحك المعتزّ [1] وأطلق له ضياعًا.
تُوُفيّ فِي شوّال سنة خمسٍ وستّين [2] بالمَوْصِل، وصلّى عليه أخوه مُعَاوِيَة [3] .
106- عليّ بْن محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] .
العبْديّ الخبيث لَعنَه الله.
رَجُل من عَبْد القَيْس افترى وزعم أنّه من وُلِدَ زَيْد بْن عليّ، فتبِعه أناس كثير، وكان خارجيًّا على رَأْيِ الحَرُوريّة، يقول: لا حُكم إلّا للَّه. والأظهر أنّه كما قَيِل دَهْرِيًّا زِنْدِيقًا يتستّر بمذهب الخوارج.
وظهر بالبصرة وتوثّب عليها، وهو طاغية الزَّنْج الّذين أخربوا البصرة واستباحوها قتْلًا ونَهْبًا وَسَبْيًا، وامتدّت أيّامه واستفحل شرّه، وخافته الخلفاء إِلَى أن هلك.
ونقل غير واحدٍ أنّ صَاحِبَ الزَّنْج المنعوت بالخبيث رَجُل من أَهْل وزربين.
مات إِلَى لعنة الله سنة سبعين.
وكان بلاء على الأمّة، قد سقنا أخباره ومعاناته فِي الحوادث. وكانت دولته خمس عشرة سنة. وافترى نَسَبًا إِلَى عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
قَالَ نِفْطَوَيْه: كان ربّما كتب العَوْذ. وكان قبل ذلك بواسط، فحبسه محمد
__________
[1] تاريخ بغداد 11/ 419.
[2] وبها ورّخه ابن حبّان في «الثقات» .
[3] قال الخطيب: وكان له أخوان يسمّى أحدهما أحمد، والآخر معاوية، وحدّثا جميعا، (تاريخ بغداد 11/ 419) .
[4] انظر عن (علي بن محمد) في:
الكامل في التاريخ 7/ 206، ومآثر الإنافة 1/ 249، 250 وفيهما «عبد الرحيم» بدل «عبد الرحمن» .

(20/138)


بن أبي عون، ثمّ أطلقه. [و] لم يلبث أن خرج واستغوى الزَّنْج الّذين يلبسون السمار، وقوي أمره.
107- عليّ بْن الموفَّق الزّاهد [1] .
أحد مشايخ الطريق. له أحوال ومقامات.
صحِب مَنْصُور بْن عمّار، وأحمد بْن أبي الحواري.
حكى عَنْهُ أبو الْعَبَّاس السّرّاج: سمعت عليّ بْن الموفَّق يقول: خرجت على رَحْلي ستّين سنة، وقرأت نحو اثنتي عشر ألف ختمة، وضحيّت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائة وسبعين أُضْحِيَّة، وجعلت من حجّاتي ثلاثين عن النَّبِيّ صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
قلتُ: وفد ناس فِيهِ أبو الْعَبَّاس السّرّاج فضحّى عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذا وكذا أُضْحِيَّة [3] .
وقَالَ أبو إِسْحَاق المولى: اقتديت بأبي العبّاس فحججت عن النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبْع حِجَج، وختمت عَنْهُ سبعمائة ختمة [4] .
وقال أبو عمر بْن السّمّاك: نا أَحْمَد بْن محمد المهديّ: سمعت عليّ بْن الموفَّق يقول: خرجت يومًا لأؤذِّن فأصبت قِرْطاسًا فأخذته ووضعته فِي كُمّي، فأذنت وأقمت وصليت، فَلَمَّا صلّيت قرأته، فإذا فِيهِ مكتوب: «بسم اللَّه الرَّحْمَن الرحيم يا عليّ بْن الموفَّق تخاف الفقر وأنا ربّك [5] » ؟
وقَالَ محمد بْن أَحْمَد الطّالْقانيّ: سمعت الفتح بْن شَخْرف يقول وقد رَأَى الَأرُزّ تُطْرح على جنازة ابنُ الموفَّق، فضحِك وقَالَ: ما أحسن هَذِهِ المزاحمات لو كَانَتْ على الأعمال [6] .
__________
[1] انظر عن (علي بن الموفّق) في:
حلية الأولياء 10/ 312 رقم 582، وتاريخ بغداد 12/ 110- 112 رقم 6550، وطبقات الحنابلة 1/ 230- 232 رقم 323، والمنتظم 5/ 53 رقم 124، والبداية والنهاية 1/ 38، وطبقات الأولياء 340- 342، ونفحات الأندلس 108، والكواكب الدرّية 1/ 255، وجامع كرامات الأولياء 2/ 158.
[2] تاريخ بغداد 12/ 111.
[3] تاريخ بغداد 12/ 111.
[4] تاريخ بغداد 12/ 111.
[5] تاريخ بغداد 12/ 112.
[6] تاريخ بغداد 12/ 112.

(20/139)


تُوُفيّ علي بْن الموفّق سنة خمسٍ وستّين ومائتين [1] .
108- عمّار بْن رجاء الإسْتَرَاباذيّ [2] .
أبو ياسر التَّغْلِبيّ، صاحب «المُسْنَد» .
رحل، وسمع، وصنّّف.
حدَّث عن: يحيى بْن آدم، ويزيد بْن هارون، وزيد بن الحباب، ومعاوية بْن هشام، وحسين الْجُعْفيّ، ومحمد بن بشر البغدادي، وطبقتهم.
وعنه: أبو نعيم عبد الملك بن عدي بن محمد، وأحمد بن محمد بن مطرف الإستراباذي، ومحمد بن الحسين الأديب.
وكان من علماء الحديث بجرجان [3] .
توفي سنة سبع أو ثمان وستين.
ترجمه أبو سعد الإدريسي، وقَالَ: كان شيخًا فاضلًا دَيِّنًا كثير العبادة والزُّهْد. ثقة فِي الحديث. رحل وهو ابنُ ثمانٍ وعشرين سنة [4] ، ومات سنة سبْعٍ وستّين على الصّحيح. وقبره يُزار رحمه الله [5] .
109- عُمَر بن الخطّاب السّجستانيّ [6] .
نزيل الأهواز.
__________
[1] ووقع في: طبقات الأولياء لابن الملقّن 340: مات سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
[2] انظر عن (عمّار بن رجاء) في:
مسند أبي عوانة 1/ 40، 108، 114، 116، 173، 220، 285، 313، 342، 346 ومواضع كثيرة، والجرح والتعديل 6/ 395 رقم 2202، والثقات لابن حبّان 8/ 519، وطبقات الحنابلة 1/ 247 رقم 345، وتاريخ جرجان 534 رقم 1133، 1134، وانظر:
فهرس الأعلام (629) ، والمنتظم 5/ 61 رقم 140، وسير أعلام النبلاء 13/ 35 رقم 20، وتذكرة الحفاظ 2/ 561، 562.
[3] ذكره السهميّ ووثّقه.
[4] تاريخ جرجان 535.
[5] قال ابن أبي حاتم: كتب إلينا وإلى أبي وأبي زرعة، وكان صدوقا. (الجرح والتعديل 6/ 395) .
[6] انظر عن (عمر بن الخطاب) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 447، والمعجم المشتمل 201 رقم 670، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 1007، والكاشف 2/ 268 رقم 4109، وتهذيب التهذيب 7/ 441، 442 رقم 725، وتقريب التهذيب 2/ 54 رقم 416، وخلاصة التذهيب 282.

(20/140)


سمع: أَبَا عاصم النَّبيل، ومحمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وسعيد بْن أبي مريم، وخلْقًا من طبقتهم.
وعنه: أبو دَاوُد، وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، ومحمد بْن نوح الْجُنْدَيْسَابُوريّ، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجماعة.
تُوُفيّ بكرْمان سنة أربعٍ وستّين [1] .
110- عُمَر بْن الخطّاب بن حليلة.
أبو الخطاب الإسكندرانيّ، صاحب التّاريخ.
كان فِي حدود العشرين ومائتين.
وقد ذكر فِي هَذِهِ الطبقة ممّن اسمه عُمَر بْن الخطّاب أيضًا ثلاثة.
111- عُمَر بْن عليّ الطّائيّ المَوْصليّ.
وُلِدَ سنة تسعٍ وتسعين ومائة أوّلها.
وسمع من أبي نُعَيْم، وقَبِيصَة بْن عُقْبَةَ.
وكان رجلًا صالحًا خيِّرًا عابدًا منقبضًا عن النّاس.
روى عَنْهُ: حفيده محمد بن يحيى بْن عُمَر، وغيره.
وتُوُفيّ فِي سنة تسعٍ وستّين، وله سبعون سنة.
112- عَمْرو بْن سَعِيد [2] .
أبو حَفْص الإصبهانيّ الحمّال، بالحاء.
عن: وهْب بْن جرير، وأبي عامر العَقَدي، وأبي دَاوُد الطَّيالِسيّ، والحسين بْن حَفْص، وطائفة.
وعنه: يوسف بْن محمد بْن المؤذّن، وأحمد بْن عليّ بْن الجارود، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وغيره.
وقد وثّقوه.
__________
[1] وقال ابن حبّان: «مستقيم الحديث» . (الثقات) .
[2] انظر عن (عمرو بن سعيد) في:
ذكر أخبار أصبهان 30 و 2/ 31، وطبقات المحدّثين بأصبهان 3/ 44 رقم 275، والإكمال لابن ماكولا 1/ 11، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 8، وتبصير المنتبه 1/ 51.

(20/141)


وتُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين.
ذكره أبو نُعَيْم الحافظ مرّتين [1] معتقدًا أنّهما اثنان.
والنّسخة الّتي سُمِعت عليه بتاريخه فيها الحمّال فِي المرّة الواحدة بشكل الحاء، وَفِي الثانية بنقطة الجيم [2] .
113- عَمْرو بْن سَلْم [3] .
وقِيلَ عَمْرو بْن سَلَمَةَ، وقِيلَ عُمَر بْن سَلْم.
الأستاذ أبو حَفْص النَّيْسابوريّ الزّاهد، شيخ الصّوفيّه بخُراسان.
روى عن: حَفْص بْن عَبْد الرَّحْمَن الفقيه.
وعنه: أبو عُثْمَان سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل الحِيريّ الزّاهد تلميذه، وأبو جَعْفَر أَحْمَد بْن حمدان، وحمدون القصّار، وآخرون.
قَالَ أبو نُعَيْم: نا أبو عَمْرو بْن حمدان: نا أبي قَالَ: قَالَ أبو حَفْص النَّيْسابوريّ: العاصي بريد الكُفْر كما أنّ الحُمَّى بريد الموت [4] .
وثنا أبو عَمْرو بْن حمدان قَالَ: كان أبو حَفْص حدّادًا، فكان غلامه ينفخ
__________
[1] ذكره في المرة الأولى باسم «عمرو بن سعيد بن علي» ، ثم ذكر حديثا بسنده وسمّاه:
«عمرو بن علي الحمّال» (2/ 30) .
[2] ج 2/ 31، ومثله في: طبقات المحدّثين 3/ 44.
[3] انظر عن (عمرو بن سلم) في:
طبقات الصوفية للسلمي 115- 122 رقم 15، وحلية الأولياء 10/ 229، 230 رقم 561، وصفة الصفوة 4/ 118- 121 رقم 684، والمنتظم 5/ 53، 54 رقم 125، وفيه: عمرو بن مسلم، وهو تصحيف، وسير أعلام النبلاء 12/ 510، 513 رقم 190، والعبر 2/ 31، والبداية والنهاية 11/ 38، ومرآة الجنان 2/ 179، وشرح الرسالة القشيرية 127، والنجوم الزاهرة 3/ 41 و 66، وشذرات الذهب 2/ 150، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 96، وطبقات الأولياء 248- 251 رقم 49، ونتائج الأفكار القدسية 127- 129، وكشف المحجوب 122- 124.
وقد أضاف السيد صالح السمر في تحقيقه للجزء (12) من سير أعلام النبلاء، كتاب الجرح والتعديل إلى مصادر صاحب الترجمة، مشيرا إلى الجزء 6 صفحة 235، 236، وهو وهم.
فالمذكور في الجرح والتعديل 6/ 235، 236 هو: «عمرو بن أبي سلمة أبو حفص التنّيسي، روى عن الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وزهير بن محمد ... روى عنه الحسن بن عبد العزيز الجروي، ومحمد وأحمد ابنا عبد الرحيم بن البرقي، ومحمد بن مسلم الرازيّ ... » ، فهذا ينسب إلى تنّيس بمصر وهو من أهل الحديث، وصاحب الترجمة نيسابوريّ كان شيخا للصوفية بخراسان. والتنّيسي توفي بتنّيس سنة 214 هـ. فليصحّح.
[4] طبقات الصوفية 116 رقم 1، حلية الأولياء 10/ 229.

(20/142)


عليه الكِير مرَّةً، فأدخل يده وأخرج الحديدة من النّار، فغُشِي على غلامه، وترك أبو حَفْص الحانوت، وأقبل على أمره [1] .
وقِيلَ: إنّ أَبَا حَفْص دخل على مريضٍ، فقال المريض: آه.
فقال أبو حَفْص: مِمَّنْ؟ فسكت، فقال: مع من؟
قَالَ المريض: فكيف أقول؟
قَالَ: لا يكن أَنِينُك شَكْوى، ولا سُكوتك تجلُّدًا، ولْيكُنْ [2] بين ذلك.
وعن أبي حَفْص قَالَ: حرست قلبي عشرين سنة، ثُمَّ حرسني عشرين سنة، ثُمَّ ورَدَ عليّ وعليه حالةٌ صِرْنا محروسين جميعًا [3] .
قَيِل لأبي حَفْص: من الوَليّ؟
قَالَ: من أُيِّدَ بالكرامات، وغُيِّبَ عَنْهَا [4] .
قَالَ الخُلْديّ: سمعت الْجُنَيْد ذكر أَبَا حَفْص قَالَ أبو نصر صاحب الحلّاج: نعم يا أَبَا القاسم، كانت له حال إذا لبسته مَكَثَ اليومين والثلاثة لا يمكن أحدٌ أنْ ينظر إليه. وكان أصحابه يخلّونه [5] حَتَّى يزول ذلك عَنْهُ.
وبلغني أنّه أنْفَذَ فِي يومٍ واحدٍ بضعةَ عشر ألف دينار يشتري بها الأسرى من الدَّيْلم، فَلَمَّا أمسى لم يكن له ما يأكله [6] .
ذكر المُرْتَعِشُ قَالَ: دخلنا مع أبي حَفْص على مريضٍ، فقال له: ما تشتهي؟
قَالَ: أن أبرأ.
فقال لأصحابه: احملوا عَنْهُ.
فقام المريض وخرج معنا، وأصبحنا كلّنا نُعادُ فِي الفِراش [7] .
قَالَ السُّلَمّي فِي «تاريخ الصُّوفيّة» : أبو حَفْص من قرية كورداباذ [8] على
__________
[1] حلية الأولياء 10/ 230.
[2] في سير أعلام النبلاء 12/ 511 «ولكن» ، ومثله في: صفة الصفوة 4/ 119.
[3] طبقات الصوفية 119 رقم 16، صفة الصفوة 4/ 120.
[4] طبقات الصوفية 121 رقم 25، صفة الصفوة 4/ 120.
[5] في سير أعلام النبلاء 12/ 511 «يدعونه» .
[6] سير أعلام النبلاء 12/ 511.
[7] الرسالة القشيرية 137، طبقات الأولياء 251 رقم 9، نتائج الأفكار القدسية 1/ 127.
[8] كورداباذ: بالضم وبعد الواو الساكنة راء، ودال وباء موحدة، وآخره ذال معجمة. (مراصد

(20/143)


باب نيسابور، وكان حدّادًا. وهو أوّل من أظهر طريقة التصّوّف بنَيْسابور [1] .
قَالَ أبو محمد البلاذُريّ: اسمه عَمْرو بْن سَلْم، وكذا سمّاه أبو عُثْمَان الحِيرِيّ.
وذكر السُّلَميّ أنّه كان ينفخ عليه غلامٌ له الكِيَر، فأدخل أبو حَفْص يده فِي النّار وأخرج الحديد، فغُشِي على الغلام، فترك أبو حَفْص الصَّنْعة وأقبل على شأنه [2] .
سمعت عَبْد الله بْن عليّ يقول: سمعت أَبَا عَمْرو بْن علْوان وسألته: هَلْ رَأَيْت أَبَا حَفْص عند الْجُنَيْد؟
قَالَ: كنتُ غائبًا، ولكنْ سمعت الْجُنَيْد يقول: أقام عندي أبو حَفْص سنة مع ثمانية أنْفُس، فكنت كلّ يومٍ أقدِّم لهم طعامًا طيبًا، وذكر أشياء من الثّياب، فَلَمَّا أراد أن يذهب [3] كَسْوتُهُم.
فَلَمَّا أراد أن يفارقني قَالَ: لو جئت إِلَى نيْسابور علّمناك السّخاء والفُتُوَّة.
ثُمَّ قَالَ: عملك هَذَا كان فِيهِ تكلُّف. إذا جاءك الفقراء فكنْ معهم بلا تكلف، إنْ جُعْت جاعوا، وإن شبعتْ شَبِعُوا [4] .
قَالَ الخُلْديّ: لمّا قَالَ أبو حَفْص للجُنَيْد: لو دخلت خُراسان علّمناك كيف الفُتُوة، قَالَ له البغداديّون: ما الَّذِي رَأَيْت منه؟
قَالَ: صيّر أصحابي مخنَّثين، كان يكلَّف لهم كل يومٍ ألوان الطعام وغير ذلك، وأما الفُتُوَّة تَرْكُ التّكلُّف [5] .
وقِيلَ: كان فِي خدمة أبي حَفْص شابٌّ يلزم السُّكُوتَ، فسأله الْجُنَيْد عَنْهُ فقال: هَذَا أنفقَ علينا مائة ألف درهم، واستدان مائة ألف درهم، ما سألني مسألة إجلالًا لي [6] .
وقَالَ أبو عليّ الثَّقفيّ: كان أبو حَفْص يقول: مَن لم يزِنْ أحواله كلّ وقت
__________
[ () ] الاطلاع 2/ 520) .
[1] سير أعلام النبلاء 12/ 511.
[2] تقدّم هذا الخبر قبل قليل.
[3] في سير أعلام النبلاء النبلاء 12/ 512 «فلما أرادوا أن يذهبوا كسوتهم» .
[4] طبقات الأولياء 250 رقم 7، وزاد: «حتى يكون مقامهم وخروجهم عندك شيئا واحدا» .
[5] سير أعلام النبلاء 12/ 512.
[6] السير 12/ 512.

(20/144)


بالكتاب والسنة ولم يتّهم خواطره، فلا تَعُدُّه [1] .
وَفِي «مُعْجَم بغداد» للسِّلَفيّ بإسناد منقطع: قدِم ولدان لأبي حَفْص النَّيْسابوريّ فحضرا عند الْجُنَيْد فسمعا قَوَّالَيْن [2] فماتا، فجاء أبوهما وحضر عند القوّالَيْن، فسقطا ميّتَيْن [3] .
وقَالَ ابنُ نُجَيْد: سمعت أَبَا عَمْرو الزّجّاجيّ يقول: كان أبو حَفْصٍ نور الْإِسْلَام فِي وقته [4] .
وعن أبي حَفْص قَالَ: ما استحقّ اسم السّخاء مَن ذَكَر العطاء، ولا لَمَحَه بقلبه [5] .
وعنه قَالَ: الكَرَم طرْحُ الدُّنيا لمن يحتاج إليها، والإقبال على الله لاحتياجك إليه [6] .
وعنه قَالَ: أحسن ما يتوسّل به العبد إِلَى مولاه دوام الفقر إليه على جميع الأحوال، وملازمة سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جميع الأفعال، وطلب القُوت جَهْده من وجهٍ حلال.
تُوُفيّ الزّاهد أبو حَفْص سنة أربعٍ وستّين، وقِيلَ سنة خمسٍ وستّين.
ووَهِمَ من قَالَ سنة سبعين ومائتين [7] .
114- عِيسَى بْن إبراهيم بْن مثرود الغافقيّ [8] .
__________
[1] حلية الأولياء 10/ 230، صفة الصفوة 4/ 120 وفيها: «فلا تعدّه في ديوان الرجال» ، ومثلهما في طبقات الأولياء 249 رقم 4، والرسالة القشيرية 23.
[2] في الأصل: «فكاقولين» .
[3] السير 12/ 512.
[4] السير 12/ 512.
[5] طبقات الصوفية 120 رقم 22 وفيه: «أو لمحه» ، والمثبت يتفق مع: صفة الصفوة، 4/ 121، وفيه زيادة: «وإنما يستحقّه من نسبه حتى كأنه لم يعط» .
[6] طبقات الصوفية 118، 119 رقم 14، حلية الأولياء 10/ 230، طبقات الأولياء 249 رقم 1.
[7] قال السلمي في: طبقات الصوفية 116: توفي سنة سبعين ومائتين، ويقال: سنة سبع وستين.
وانظر: صفة الصفوة 4/ 121.
[8] انظر عن (عيسى بن إبراهيم) في:
الجرح والتعديل 6/ 272 رقم 507، والمعجم المشتمل 210 رقم 708، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 1078، وسير أعلام النبلاء 12/ 362 رقم 155، وميزان الاعتدال 3/ 310 رقم

(20/145)


مولاهم المصريّ الفقيه.
أبو مُوسَى.
سمع: ابنُ عُيَيْنَة، وابن وهْب، وعبد الرَّحْمَن بْن القاسم، وجماعة.
وعنه: أبو دَاوُد، والنَّسائيّ وقَالَ: لا بأس به [1] ، وابن خُزَيْمَة، والطَّحاويّ، وأبو بَكْر بن أبي داود، وأبو الحسن بن جوصا، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وخلْق سواهم.
تُوُفيّ فِي صَفَر سنة إحدى وستّين [2] .
115- عِيسَى بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن وَرْدان [3] .
أبو يحيى الْبَغْدَادِيّ، ثُمَّ العسقلانيّ. عسقلان بلْخ، وهي محلّة معروفة.
رحل، وسمع: بقيَّةَ بْن الْوَلِيد، وعبد الله بْن وهْب، وحَمْزة بْن ربيعة، وعبد الله بْن نُمَيْر، وطائفة.
وعنه: التّرمِذيّ، والنَّسائيّ، وحامد بْن بلال، وأبو عوانه الإسفرائينيّ، ومحمد بْن عَقِيل البلْخي، والهَيْثَم بْن كُلَيْب الشّاشيّ فأكثر، وأبو حاتم الرَّازيّ وقَالَ: صدوق [4] .
وقَالَ النَّسائيّ: ثقة [5] .
وحدَّث عَنْهُ من أَهْل نَسْف خلْقٌ، منهم: حمّاد بْن شاكر، وإبراهيم بْن مَعْقِلٍ.
تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين [6] ، فِي عُشر المائة، ويقال: ولد سنة ثمانين ومائة.
__________
[6550،) ] والكاشف 2/ 314 رقم 4434، وتهذيب التهذيب 8/ 205 رقم 380، وتقريب التهذيب 2/ 97 رقم 868، وخلاصة التذهيب 301.
[1] المعجم المشتمل 210.
[2] قَالَ ابن أَبِي حاتم: تُوُفّي قبل قدومي مصر بقليل. (الجرح والتعديل) .
[3] انظر عن (عيسى بن أحمد) في:
مسند أبي عوانة 2/ 350، والجرح والتعديل 6/ 272 رقم 1509، والثقات لابن حبّان 8/ 496، ومعجم البلدان 4/ 122، واللباب 2/ 339، 340، والمعجم المشتمل 209 رقم 706، وتهذيب الكمال (المصوّر) 2/ 1078، والكاشف 2/ 314 رقم 4435، والبداية والنهاية 11/ 42، وتهذيب التهذيب 8/ 205، 206 رقم 381 وتقريب التهذيب 2/ 97 رقم 869، وخلاصة التذهيب 301.
[4] الجرح والتعديل 6/ 272.
[5] المعجم المشتمل 209، تاريخ بغداد 11/ 164.
[6] وبها ورّخه ابن حبّان في الثقات، وذلك في شهر رجب.

(20/146)


116- عِيسَى بْن الشَّيْخ [1] .
أحد الأمراء المذكورين. أبو مُوسَى الشَّيْبانيّ الذُّهْليّ الدِّمشقيّ. ولي إمرة دمشق فأظهر الخلاف والخروج عن الطاعة سنة خمسٍ وخمسين، وأخذ الأموال، وتغلَّب على دمشق، فوجَّه المعتمد لحربه جيشًا عليهم أماجُور. فجهّز الأمير عِيسَى لملتقاه وزيره ظفْر بْن اليمان وولده مَنْصُور بْن عِيسَى، فانكسروا وقُتِل ابنه فِي المعركة وأُسِر الوزير، وصُلِب فِي ظاهر البلد. وجرت له أمورٌ بعد ذلك [2] .
قَالَ الصُّوليّ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن فَهْم أنّ بعض الظُّرَفاء قصد عِيسَى بْن الشَّيْخ بآمِد فأنشده:
رأيتك بالمنام خلعتَ حقًّا ... عليَّ ببنفسجيّ وقضَيْت دَيْنِي
فعجِّلْ لي فِداك أَبِي وأُميّ ... مقالا في المنام رأته عيني
فقال: يا غلام، كل ما في الخزائن من الحرير.
فعرضه فوجد سبعين شقة بنفسجي، فدفعها إليه وقَالَ: كم دَيْنك؟ قَالَ:
عشرة آلاف درهم.
فأعطاه عشرين ألف درهم وقَالَ: لا تعود ترى منامًا آخر.
قَيِل: إنّ عِيسَى مات سنة تسعٍ وستّين.
117- عيسى بن مهران بن المستعطف [3] .
__________
[1] انظر عن (عيسى بن الشيخ) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 500، 501، 506- 508، وتاريخ الطبري 9/ 165، 308، 372، 474، 475، 553، 587، 627، ومروج الذهب 4/ 177، وتجارب الأمم 6/ 540، وولاة مصر 241/ 242، والولاة والقضاة 214، 215، ونشوار المحاضرة 2/ 249، وتاريخ الحكماء 77، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 34/ 25- 27، وسيرة ابن طولون للبلوي 50، والكامل في التاريخ 7/ 176، 238، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 292، 293، والمختصر في أخبار البشر 2/ 44، وأمراء دمشق 61، 62، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة لزامباور 1/ 18، وخطط الشام 1/ 167، وانظر مقالة لنا بعنوان: «أسرة عيسى بن الشيخ في صيدا وجنوب لبنان في القرنين 3 و 4 هـ» في: مجلّة «تاريخ العرب والعالم» ، العدد 23، سنة 1980، بيروت- ص 23- 30، وأخبار الأعيان في جبل لبنان 2/ 498، 499، وشذرات الذهب 2/ 155.
[2] تاريخ اليعقوبي 2/ 505- 507، الطبري 9/ 474، 475، الكامل في التاريخ 7/ 238.
[3] انظر عن (عيسى بن مهران) في:

(20/147)


من رءوس الرافضة.
حكى عَنْهُ: محمد بْن جرير الطبري، وغيره.
وله كتاب فِي تكفير الصّحابة وفسْقهم، ملأه بالكِذب والبُهْتان.
روى عَنْ: عُمَر بْن جرير البَجَليّ، وحسن بْن حُسَيْن المغربيّ، وسهل بْن عامر البَجليّ.
روى عَنْهُ: الْحُسَيْن بْن عليّ العلويّ نزيل مصر، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم الحنفيّ. قَالَ ابنُ عديّ: حدَّث بأحاديث موضوعة [1] ، كنْيته أبو مُوسَى [2] .
تُوُفيّ ببغداد فِي حدود السبعين ومائتين [3] .
118- عِيسَى بْن مُوسَى بْن أبي حرب الصّفّار [4] .
أبو يحيى البصْريّ الثّقة النّبيل. رواه يحيى بْن أبي بَكْر الكرْمانيّ. قدِم إِلَى بغداد وحدَّث بها.
فروى عَنْهُ: الْحَسَن بْن عليل، وابن الباغَنْديّ، وأبو عَوَانة الإسفرائينيّ وقَالَ: كان سيّد أَهْل البصرة، والمَحَامليّ، ومحمد بْن جَعْفَر المَطِيريّ، وحمزة الهاشميّ، وخلْق سواهم.
وثقه أبو بَكْر الخطيب [5] ، وغيره.
وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: سمعت ابنُ حسّان يقول:
كثّر الله فِي النّاس مثل عِيسَى بْن أبي حرب.
قَالَ الخطيب [6] : تُوُفيّ ماضيًا إِلَى كرْمان فِي صَفَر سنة سبع وستّين ومائتين.
__________
[ () ] الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 5/ 899، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 2/ 242 رقم 2661، وتاريخ بغداد 11/ 167، 168 رقم 5866، والمغني في الضعفاء 2/ 501 رقم 4831، وميزان الاعتدال 3/ 324، 325 رقم 6613، والكشف الحثيث 331 رقم 582، ولسان الميزان 4/ 406 رقم 241.
[1] وزاد: «مناكير محترق في الرفض» .
[2] وقال الدارقطنيّ: عيسى بن مهران المستعطف بغداديّ رجل سوء ومذهب سوء.
[3] لم يذكر الخطيب تاريخا لوفاته، بل ذكره بعد ترجمة «عيسى بن عفان بن مسلم» .
[4] انظر عن (عيسى بن موسى) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 495، وتاريخ بغداد 11/ 165، 166 رقم 5863، والمنتظم 5/ 60، 61 رقم 138.
[5] في تاريخه 11/ 165.
[6] في تاريخه 11/ 166.

(20/148)


حرف الفاء
119- الفضل بْن شاذان بْن عِيسَى [1] .
أبو الْعَبَّاس الرّازيّ المقرئ شيخ القرّاء بالرِّيّ.
أَخَذَ عن: أَحْمَد بن يزيد الحلْوانيّ، ومحمد بْن عِيسَى الإصبهانيّ، وغيرهما.
وسمع من: إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وسعيد بْن مَنْصُور، وطائفة.
وحدَّث عَنْهُ: أبو حاتم، وابنه عَبْد الرَّحْمَن وقَالَ: ثقة [2] .
وقرأ عليه: محمد بْن عَبْد الله بْن الْحَسَن بْن سَعِيد، وأحمد بْن محمد بْن عَبْد الله، وأحمد بْن محمد بن عمّار بْن شبيب الرّازيّون، وابنه الْعَبَّاس بْن الفضل.
قَالَ أبو عَمْرو الدّانيّ: لم يكن فِي دهْره مثله فِي عِلْمه وفَهْمه، وعدالته، وحُسْن اطِّلاعه [3] .
120- الفضل بْن الْعَبَّاس [4] .
الحافظ أبو بكر الرّازيّ، ولقبه: فضلك الصّائغ.
__________
[1] انظر عن (الفضل بن شاذان) في:
الجرح والتعديل 7/ 63 رقم 360، وتاريخ جرجان للسهمي 189، والفهرست لابن النديم 231، ومعرفة القراء الكبار 1/ 234، 235 رقم 133، غاية النهاية 2/ 10 رقم 2562، وطبقات المفسّرين 2/ 30.
[2] الموجود في (الجرح والتعديل) : كتب عنه أبي وكتبت عنه، وهو صدوق.
[3] غاية النهاية 2/ 10.
[4] انظر عن (الفضل بن العباس) في:
مسند أبي عوانة 1/ 20، 22، 162، 290 و 2/ 13، 208، 249، والجرح والتعديل 7/ 66 رقم 373، وتاريخ بغداد 12/ 367، 368 رقم 6803، والمنتظم 5/ 77، 78 رقم 168، وسير أعلام النبلاء 12/ 630، 631 رقم 249، وتذكرة الحفاظ 2/ 600، وطبقات الحفاظ 268، وشذرات الذهب 2/ 160.

(20/149)


رحل وطوّف، وحدَّث عن: عِيسَى بْن مينا قالون، وقُتَيْبَةَ بْنُ سَعِيدِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الُأوَيْسيّ، وخلْق كثير.
وعنه: محمد بْن مَخْلَد العطّار، وأبو عَوَانة، ومحمد بْن المطيريّ، أبو بَكْر الخرائطيّ، وجماعة.
تُوُفيّ فِي صفر سنة سبعين [1] .
قَالَ المَرُّوذِيّ: ورَد عليَّ كتابٌ من ناحية شيراز أنّ فَضْلَك قَالَ ببلدهم: إنّ الْإِيمَان مخلوق، فبلغني أنّهم أخرجوه من البلد بأعوان الوالي [2] .
وقَالَ لي أَحْمَد بْن أصرم المُزَنيّ: كنتُ بشيراز وقد أظهر فَضْلَك أنّ الْإِيمَان مخلوق وأفسد قومًا من المشيخة فحذَّرت منه، وأخبرتهم أنّ أَحْمَد بْن حنبل جهَّم من قَالَ بالعراق: إنّ القرآن مخلوق. وبيَّنا أمره حَتَّى أخرج. ودخلت إصبهان فإذا قد جاء إليهم، وأظهر عندهم أنّ الْإِيمَان مخلوق فأُخْرج منها.
وقَالَ المَرُّوذيّ: ما زلنا بهجر فضلك حَتَّى مات ولم يُظهر توبةً ولا رجوعًا.
وقَالَ الخطيب [3] : كان ثقة ثبتًا حافظًا، سكن بغداد.
وقَالَ محمد بْن حرث: سمعت الفضل بْن الْعَبَّاس وسألته: أيُّهما أحفظ:
أبو زرعة أو البخاريّ؟
فقال: أنْ أُغْرِب على الْبُخَارِيّ فلن أستطيع، وأنا أُغْرِب على أبي زُرْعة على عدد شَعْره [4] .
121- الفضل بْن الْعَبَّاس بْن مُوسَى الإستراباذيّ [5] .
الفقيه.
__________
[1] تاريخ بغداد 12/ 368.
[2] سير أعلام النبلاء 12/ 630.
[3] في تاريخ بغداد 12/ 367.
[4] وقال شعيب بن إبراهيم البيهقي: فضلك الرازيّ وهو الفضل بن العباس إمام عصره في معرفة الحديث. (تاريخ بغداد 12/ 368) .
[5] انظر عن (الفضل بن العباس الأستراباذي) في:
تاريخ جرجان للسهمي 329 رقم 598 وفيه: أبو نعيم الفضل بن العباس العدوي أخو أحمد بن العباس صاحب الكسائي قيل إنه قتله الحسن بن زيد. روى عن إسماعيل بن سعيد الكسائي و 535 رقم 1135 وفيه: الفضل بن موسى بن العباس بن موسى العدوي أبو نعيم الأستراباذي الشهيد.

(20/150)


سمع: أبا نُعَيْم، وأبا حُذَيْفة، وموسى بْن مَسْعُود المهْريّ، وغيرهم.
وعنه: أبو نُعَيْم عَبْد الملك بْن عديّ، وجماعة.
يُقَالُ: قتلهُ محمد بْن زَيْد العَلَويّ المتغلِّب على جُرْجان سنة سبعين، ألقاه فِي بئر.
وكان الفضل إمامًا ثقة، فقيهًا كبير القدر. وهو الَّذِي تقدَّم إِلَى أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ الطّاغية الَّذِي قصد أسْتَراباذ فاشترى منه البلد وأهله بثلاثمائة ألف درهم، ووزَّعها على النّاس. فسار أَحْمَد إلى جرجان وأغار على أهلها [1] .
__________
[1] تاريخ جرجان 535 وزاد إن أحمد قال: لم يكن بهذه البلدة رجل مثل أبي نعيم يشتري مني هذه البلدة كما اشترى أبو نعيم الأستراباذي حتى لم أكن أغير عليها.

(20/151)


حرف القاف
122- القاسم بْن محمد بْن الْحَارِث المَرْوَزِيُّ [1] .
الفقيه.
قدِم بغداد، وصحب الْإِمَام أَحْمَد مدّة.
وحدّث عن: عَبْدان بن عُثْمَان، وعليّ بْن الْحَسَن بْن شقيق، ومُسَدَّد بْن مُسَرْهَد، وطبقتهم.
وعنه: أبو حاتم الرَّازيّ، وابن صاعد، والمَحَامليّ، وجماعة.
وثقة أبو بكر الخطيب [2] .
وتوفي سنة ثلاث وستّين [3] .
123- القاسم بْن يزيد [4] .
أبو محمد الكوفيّ الوزّان المقرئ الحاذق.
قرأ على: خلّاد بْن خَالِد، وكان من أجلّةِ أصحابه.
قرأ عليه: الحسن بن الحسين الصّوّاف، وغيره [5] .
__________
[1] انظر عن (القاسم بن محمد) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 316، والثقات لابن حبّان 9/ 19 وفيه قال محقّقه بالحاشية (3) : «لم نظفر به» ، وتاريخ بغداد 12/ 431، 432 رقم 6886، وطبقات الحنابلة 1/ 258 رقم 364.
[2] في تاريخه 12/ 431.
[3] وقال ابن حبّان إنه: صاحب كتاب الردّ على النعمان.
[4] انظر عن (القاسم بن يزيد) في:
غاية النهاية 2/ 25 رقم 2609.
[5] وقال ابن الجزري: حاذق جليل ضابط مقريء مشهور، عرض على خلّاد وهو من جلّة أصحابه ... قال أبو عبد الله الحافظ وهو أجلّ أصحاب خلّاد: قديم الوفاة توفي قريبا من سنة خمسين ومائتين.

(20/152)


حرف الميم
124- محمد بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن عَبْد الله بْن يزيد [1] .
أبو يُونُس القُرَشيّ الْجُمَحيّ المدنيّ الفقيه. مفتي أَهْل المدينة. أخذ عن أصحاب مالك، وحدَّث عن: إِسْمَاعِيل بْن أُوَيْس، وأبي مُصْعَب، وإسحاق بْن محمد الفَرَويّ، وإبراهيم بْن المنذر الحزاميّ، وجماعة.
وعنه: زكريّا السّاجيّ، ويحيى بْن الحَسَن بْن جَعْفَر النَّسَّابة العلويّ، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم الدّيبليّ، وأبو عوانه الإسفرائيني، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وآخرون.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [2] : هُوَ صدوق، وكان مفتي أَهْل المدينة [3] .
125- محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص بْن الزِّبْرقان [4] .
أبو عبد الله الْبُخَارِيّ، عالِم أَهْل بُخَاري وشيخهم.
قَالَ ابنُ مَنْدَه: كان شيخ خُراسان سمعتُ محمد بْن يعقوب الشَّيبانيّ يقول: سمعتُ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ يقول: سُئِل محمد بْن إِسْمَاعِيل عن القرآن فقال: كلام الله. فقال: كيفما يُصرف؟
قال: والقرآن ينصرف إلّا بالسّنّة!
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن يزيد) في:
الجرح والتعديل 7/ 183 رقم 1040، والثقات لابن حبّان 9/ 154، وتهذيب التهذيب 9/ 24 رقم 37، وتقريب التهذيب 2/ 143 رقم 129.
[2] الجرح والتعديل.
[3] قال مسلمة في كتاب «الصلة» : مات سنة 255 هـ. (تهذيب التهذيب) .
[4] انظر عن (محمد بن أحمد بن حفص) في:
سير أعلام النبلاء 12/ 617، 618 رقم 240.

(20/153)


فأُخْبِرَ محمد بْن يحيى فقال: مَن ذهبّ إِلَى مجلسه فلا يدخل مجلسي.
وأخرَج جماعة من مجلسه. فخرج محمد بْن إِسْمَاعِيل إِلَى بُخَارَى، وكتب محمد بْن يحيى إِلَى خَالِد بْن أَحْمَد الأمير وشيوخ بخارى بأمره، فهمَّ خَالِد حَتَّى أَخْرَجَهُ أبو عبد الله محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص إِلَى بعض رِباطات بُخَارَى، فبقي إِلَى أن كتب إِلَى أَهْل سَمَرْقَنْد يستأذنهم بالقدوم عليهم، فامتنعوا عليه، ومات فِي قرية.
قَالَ ابنُ مَنْدَه: نسخة كتاب أَبِي عَبْد الله محمد بْن أَحْمَد بْن حَفْص فقيه أَهْل خُراسان وما وراء النَّهر في «الرّدّ على اللّفظيّة» : «الحمد للَّه الَّذِي حمد نفسه وأمر بالحمد عِباده» . ثُمَّ سرد الكتاب فِي ورقتين.
قلت: تُوُفيّ فِي رمضان سنة أربعٍ وستّين. أرّخه أبو عبد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَه.
وأبوه وَرَدَ أنّه سمع ورحل مع أبي عَبْد الله الْبُخَارِيّ، وكتب معه.
وروى عن: الحميدي، وأبي الْوَلِيد الطيالسيّ.
وأبوه فقيه بُخَارى، تفقّه على محمد بْن الْحَسَن.
قلت: وسمع محمد هَذَا أيضًا من عارٍم، وطبقته.
روى عَنْهُ: أبو عِصْمَة أَحْمَد بْن محمد اليَشْكُريّ، وعَبْدان بْن يوسف، وعليّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدة، وآخرون.
وتفقَّه عليه جماعة.
وقد تفقه على أَبِيهِ: أبو جَعْفَر، وانتهت إليه رئاسة الحنفيّة، ببُخَارَى.
تفقّه عليه جماعة، منهم: عَبْد الله بْن محمد بْن يعقوب الْبُخَارِيّ الحارثيّ الملقّب بالأستاذ فيما قَيِل. فَإِن كان لقِيَه فهو من صغار تلامذته.
قَالَ السُّلَيْمانيّ: هُوَ أبو عبد الله العْجِليّ ومولاهم. له كتاب «الأهواء والاختلاف» .
قال: وكان تقيّا ورعا زاهدا، ويُكَفِّر من قَالَ بخلْق القرآن. ويُثْبت أحاديث الرؤية والنّزول، ويحرِّم المُسْكر. أدرك أَبَا نُعَيْم، ونحوه.
126- محمد بن إبراهيم [1] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في:

(20/154)


أبو حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ الصُّوفيّ الزّاهد.
جالس بِشْر بْن الْحَارِث، وأحمد بْن حنبل.
وصحِبَ سرِيّ السَّقَطيّ، وغيره.
وكان عارفًا بالقرآن، كثير العدْو بالثَّغْر.
حكى عَنْهُ: خير النّسّاج، ومحمد بْن عليّ الكتّانيّ، وغيرهما.
فَمَنْ كلامه: علامة الصُّوفي الصّادق أن يفتقر بعد الغنى، ويُذَلّ بعد العزّ، ويُخفى بعد الشُّهْرة، وعلامة الصَّوفيّ الكاذب أن يستغني بعد الفقر، ويُعَزّ بعد الذّلّ، ويشتهر بعد الخفى.
وقَالَ إِبْرَاهِيم بْن عليّ المؤيّديّ: سمعت أَبَا حَمْزَةَ يقول: من المُحال أن نحبّه ثُمَّ لا نذكره، ومن المُحال أن نذكره ثُمَّ لا يوجد له ذِكْر، ومن المُحال أن يوجد له ذِكْر ثُمَّ نشتغل بغيره [1] .
قَالَ أبو نُعَيْم فِي «الحلية» [2] : حكى لي عَبْد الواحد بْن أبي بَكْر: حَدَّثَنِي محمد بْن عَبْد الْعَزِيز: سمعتُ أَبَا عَبْد الله الرمليّ يقول: تكلّم أبو حَمْزَةَ فِي جامع طَرسُوس فقتلوه. فبينما هُوَ يتكلَّم ذات يوم إذ صاح غرابٌ على سطح الجامع، فزعق أبو حَمْزَةَ: لَبَّيك لَبّيك. فنسبوه إِلَى الزَّنْدَقة وقَالَوا: حُلُوليّ زِنْديق. فشهدوا عليه، أُخرج وبيع فَرَسُهُ ونُودي عليه: هَذَا فرس الزِّنْديق.
وقَالَ أبو نصر السّراجّ صاحب اللُّمَع: بلغني عن أبي حَمْزَةَ أنّه دخل على الْحَارِث المحاسبيّ، فصاحت الشّاة: ماع. فشهق أبو حَمْزَةَ شهقة وقَالَ: لبْيك لَبَّيك يا سيّديّ.
فغضب الْحَارِث- رحمه الله. وعمدَ إِلَى السِّكّين، وقال: إن لم تتب ذبحتك.
__________
[ () ] طبقات الصوفية للسلمي 295- 298 رقم 10، والرسالة القشيرية 32، وحلية الأولياء 1/ 320- 322 رقم 590، وتاريخ بغداد 1/ 390- 394 رقم 364، وطبقات الحنابلة 1/ 268، 269 رقم 382، والمنتظم 5/ 68، 69 رقم 155 وسير أعلام النبلاء 13/ 165- 168 رقم 99، والوافي بالوفيات 1/ 344، 345، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 116، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 177 وسيعاد برقم (190) من هذا الجزء.
[1] طبقات الصوفية 296 رقم 1.
[2] ج 10/ 321.

(20/155)


وقَالَ إِبْرَاهِيم: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن محمد بن مقسم:
حَدَّثَنِي أبو بدْر الخيّاط: سمعتُ أَبَا حَمْزَةَ قَالَ: بينما أَنَا أسير فِي سفرة على التَّوكُّل والنّوم فِي عيني إذ وقعت فِي بئرٍ، فلم أقدر على الخروج لعُمْقها. فبينما أَنَا جالس إذ وقف على رأسها رجلان، فقال أحدهما لصاحبه: نجوز ونترك هَذِهِ فِي طريق السّابلة؟
قَالَ: فَمَا نصنع؟
قَالَ: نُطْبِقُها [1] .
فَبَدَرَتْ نفسي أن أقول: أَنَا فيها، فَنُودِيتُ: تتوكل علينا، وتشكو بلاءنا إِلَى سِوانا؟
فسكتُّ، وَمَضَيَا. ثُمَّ رجعا ومعهما شيء جعلاه على رأسها غطّوها به فقالت لي نفسي: أمِنْتَ طيَّها ولكن حصلت مسجونًا فيها.
فمكثت يومي وليلتي، فَلَمَّا كان من الغد ناداني شيء يهتف بي ولا أراه:
تمسّك بي شديدًا. فَمَددت يدي، فوقعت على شيءٍ خشِنٍ، فتمسّكت به، فَعَلاها وطرحني. فتأمَّلتُ فإذا هُوَ سَبُع. فَلَمَّا رَأَيْته لحِق من نفسي من ذلك ما يلحق من مثله. فهتف بي هاتف: يا أبا حَمْزَةُ استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكَفَيْناك ما تخاف [2] .
قَيِل: إنّ أَبَا حَمْزَةَ تكلَّم يوما على كُرْسِيِّه ببغداد، فتغيَّر عليه حاله وسقط عن كُرْسِيّه، ومات فِي الجمعة الثانية [3] .
نقل أبو بَكْر الخطيب [4] وفاته سنة تسْعٍ وستّين ومائتين.
وقَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ [5] : تُوُفيّ سنة تسع وثمانين.
قلت: تصحّفت ذي بذي.
__________
[1] في الحلية: «نطمسها» ، وفي تاريخ بغداد: «نطمها» .
[2] حلية الأولياء 10/ 320، 321، المنتظم 5/ 69، تاريخ بغداد 1/ 391، 392 وفيه «كفيناك بما تخاف» . ثم ذكر شعرا بعد خروجه من البئر.
[3] طبقات الصوفية 295.
[4] في تاريخه 1/ 393.
[5] في طبقات الصوفية 296.

(20/156)


127- محمد بْن إِسْحَاق [1] .
أبو بَكْر الصّاغانيّ الحافظ.
طوَّف وجال، وأكثر التّرْحال، وبرع فِي العِلَل والرجال.
سمع: يزيد بْن معروف، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، والأسود بْن العاص، وسعيد بْن أبي مريم، وطبقتهم.
وعنه: مُسْلِم، والأربعة، وأبو عُمَر الدُّوريّ المقرئ العراقيَّ، وهو أكبر منه، وموسى بْن هارون، وابن خُزَيْمَة ذكره، وابن صاعد، وعَبْدان، وأبو عَوَانة، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وإسماعيل الصّفّار، وأبو العبّاس الأصمّ، وخلْق آخرهم موتًا شجاع بن جعفر الأنصاريّ.
قال ابن أبي حاتم [2] : ثَبْتٌ، هُوَ صدوق.
وقَالَ ابنُ خراش: ثقة، مأمون [3] .
وقال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: ثقة، وفوق الثّقة [4] .
وعن أبي مُزَاحم الخاقانيّ قَالَ: كان الصّاغانيّ يشبه يحيى بْن مَعِين فِي وقته [5] .
وقَالَ الأصمّ: سأله أبي: إلى أيّ قبيلة تنتسب؟
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسحاق) في:
مسند أبي عوانة 1/ 4، 7، 13، 28، 29، 33، 34، 35، 54، 58، 59، 67، ومواضع كثيرة، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 80، 91، 92، 102، 103، 106- 108، 118، 125، 126، 169، 223، 271، 278، 295، 299، 303، 305- 307، 325، 330- 334، 359، 360، 372 و 2/ انظر فهرس الأعلام (ص 492) ، و 3/ فهرس الأعلام (364) ، والجرح والتعديل 7/ 195، 196 رقم 1099، والثقات لابن حبّان 9/ 136، وتاريخ بغداد 1/ 240، 241 رقم 57، والمنتظم 5/ 78 رقم 171، والأنساب 8/ 68، والمعجم المشتمل 225 رقم 757، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1165، والعبر 2/ 46، وسير أعلام النبلاء 12/ 592- 594 رقم 224، وتذكرة الحفاظ 2/ 573، والكاشف 3/ 17 رقم 4785، وتاريخ ابن الوردي 1/ 240، وتهذيب التهذيب 9/ 35، 36 رقم 47، وتقريب التهذيب 2/ 144 رقم 36، وطبقات الحفاظ 256، وخلاصة التذهيب 326، وشذرات الذهب 2/ 160.
[2] في الجرح والتعديل 7/ 196، وزاد: من الحفّاظ.
[3] تاريخ بغداد 1/ 241.
[4] تاريخ بغداد 1/ 240.
[5] تاريخ بغداد 1/ 240.

(20/157)


فقال: إنّ جدّي كان فِي الصّحراء فاستقبله رَجُل فقال له: أسلم. فأسلم وقطع الزّنّار [1] .
وقَالَ أبو بَكْر الخطيب [2] : كان أحد الأثبات المتقنين، مع صلابةٍ فِي الدّين واشتهارٍ بالسنة، واتِّساعٍ فِي الرّواية.
وقَالَ أَحْمَد بْن كامل، مات فِي سابع صَفَر سنة سبعين [3] .
128- محمد بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مِقْسَم الأسَدَيّ [4] .
الْإِمَام أبو بَكْر، وأبو عبد الله، وكذا الْإِمَام أبو عُلَيّة البصْريّ قاضي دمشق. لم يدرك الأخذْ عن أَبِيهِ، فإنّ أَبَاهُ تُوُفيّ وهو صغير.
فسمع من: محمد بْن بِشْر العبْديّ، ويحيى بْن آدم، وإسحاق الأزرق، وعبد الله بْن بَكْر، ووهْب بْن جرير، ويزيد بْن هارون، وطائفة.
وعنه: النَّسائيّ [4] وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وأبو بِشْر الدُّولابيّ، وأبو عَرُوبة، وابن جَوْصا، ومحمد بْن جَعْفَر بْن ملّاس، ومحمد بْن بكّار البَتَلْهِيّ قاضي داريّا، وأبو الدَّحْداح أَحْمَد بْن محمد التميمي، وآخرون.
قال س.: قاضي حافظ، دمشقيّ ثقة [5] .
قَالَ محمد بْن الغيض: لم يزل قاضيا بدمشق حَتَّى تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين.
وَوَلِيَ بعده القضاء أبو خازم عَبْد الحميد بْن عَبْد الْعَزِيز.
قلت: وهو أخو إِبْرَاهِيم بْن عُلَيّة الَّذِي ناظَرَه الشّافعيّ، وَالَّذِي كان من كبار الجهميّة.
129- محمد بن إشكاب [6] .
__________
[1] تاريخ بغداد 1/ 241.
[2] في تاريخه 1/ 240.
[3] تاريخ بغداد 1/ 241.
[4] انظر عن (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم) في:
المعجم المشتمل 226 رقم 761، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1172، وسير أعلام النبلاء 12/ 294، 295 رقم 106، والكاشف 3/ 18، 19 رقم 4791، وتهذيب التهذيب 9/ 55، 56 رقم 54، وتقريب التهذيب 2/ 144 رقم 44، وقضاة دمشق لابن طولون 20.
[5] قضاة دمشق 20.
[6] انظر عن (محمد بن إشكاب) في:

(20/158)


الحافظ أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ، أخو عليّ بْن إشكاب، واسم أبيهما الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيم بْن الحُرّ بْن زَعْلان [1] .
سمع: عَبْد الصّمد بْن عَبْد الوارث، وأبا النَّضْر هاشم بْن القاسم، وإسماعيل بْن عُمَر.
وعنه: الْبُخَارِيّ، والنَّسائيّ، وأبو دَاوُد، وابن صاعد، والقاضي المَحَامِليّ، ومحمد بْن مَخْلَد، وآخرون.
قَالَ أبو حاتم: صدوق [2] .
وقَالَ غيره: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات يوم عاشوراء سنة إحدى وستّين ومائتين [3] .
130- محمد بْن بجير.
أبو عبد الله الإسْفرائينيّ.
رحّال محدِّث.
سمع: المقري، والحُمَيْديّ، وسَلْمَان بْن حرب.
وعنه: أبو عَوَانَة الحافظ، ومحمد بْن شريك، وعبد الله بْن محمد بْن مُسْلِم الإسفرائينيّون.
131- محمد بْن أيوب بْن الْحَسَن.
الفقيه أبو عبد الله النّيسابوريّ.
__________
[ () ] أخبار القضاة لوكيع 1/ 41، 88، 303 و 2/ 15، 51، 57، 67، 185، 218، 234، 266، 270- 274، 293، 306- 308، 327، 369، 377 و 3/ 19، 63، 145، 190، 255، 257، 258، وتاريخ وفاة الشيوخ للبغوي 87 رقم 254، والجرح والتعديل 7/ 229، 230 رقم 1262، والثقات لابن حبّان 9/ 124، وتاريخ بغداد 2/ 223، 224 رقم 668، وأدب القاضي للماوردي 2/ 261، والمعجم المشتمل 235 رقم 798، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1188، والكاشف 3/ 30 رقم 4873، وسير أعلام النبلاء 12/ 352 رقم 145، والمعين في طبقات المحدّثين 99 رقم 1127، وتذكرة الحفاظ 2/ 574، 575، وتهذيب التهذيب 9/ 121، 122 رقم 166، وتقريب التهذيب 2/ 155 رقم 145، وطبقات الحفاظ 257، وخلاصة التذهيب 333، وشذرات الذهب 2/ 146.
[1] ويقال: «زغلان» بالغين المعجمة.
[2] وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي وهو ثقة. (الجرح والتعديل 7/ 230) .
[3] وقال البغوي: مات في المحرّم سنة 262 هـ. (تاريخ وفاة الشيوخ) .
وقال ابن حبّان: وكان صاحب حديث ويتعسّر. (الثقات) .

(20/159)


رحل وسمع: سَلْمان بْن حرب، وأحمد بْن يُونُس، وسعيد بْن مَنْصُور.
وعنه: إبراهيم بن محمد بن سفيان، وغيره.
وكان صالحا زاهدا.
مات في ذي الحجة سنة إحدى وستين.
132- محمد بن بجير البخاري [1] .
والد عمر الحافظ.
روى عن: [أبي] الْوَلِيد الطياليسي، وغارم، وجماعة.
وعنه: محمد بْن حاتم.
تُوُفيّ فِي شعبان سنة ثمانٍ وستّين.
133- محمد بْن بكّار بْن الْحَسَن بْن عُثْمَان العنْبريّ الفقيه الحنفيّ [2] .
من كبار الفقهاء بإصبهان.
سمع من: سهل بْن عُثْمَان، وأبي جَعْفَر الفلّاس.
وما كان روى شيئًا.
تُوُفيّ سنة خمسٍ وستّين كَهْلًا [3] .
134- محمد بْن الْحَسَن العسكريّ [4] بن عليّ الهادي بن محمد الجواد بْن عليّ الرضا بْن مُوسَى الكاظم.
__________
[1] انظر عن (محمد بن بجير البخاري) في:
الثقات لابن حبّان 9/ 143 وفيه: «محمد بن بحير (بالحاء المهملة) الهمدانيّ، من أهل خشوفغن، يروي عن القعنبي، وأبي الوليد، حدّثنا عنه أبو حفص عمر بن محمد بن بجير (بالجيم) مات في شعبان سنة ثمان وستين ومائتين» .
وقد أشار محقّق «الثقات» في الحاشية (2) أن له ترجمة في الأنساب 2/ 96، ولم أجده!
[2] انظر عن (محمد بن بكار) في:
ذكر أخبار أصبهان 2/ 200، وطبقات المحدّثين بأصبهان 3/ 41 رقم 272 و 3/ 96 رقم 334 مكرر.
[3] ذكره أبو الشيخ مرتين، فقال في المرة الأولى بأنه لم يحدّث. وفي المرة الثانية قال: كان يتفقّه على مذهب الكوفيين.
[4] انظر عن (محمد بن الحسن العسكري) في:
تاريخ حلب للعظيميّ 265، ورجال الطوسي 427- 438، ومروج الذهب 4/ 199، ووفيات الأعيان 4/ 176، والعبر 2/ 31، وسير أعلام النبلاء 13/ 119- 122 رقم 60، والوافي بالوفيات 2/ 336، وشذرات الذهب 2/ 150، والأئمة الاثنا عشر 117، 118.

(20/160)


أبو القاسم العلويّ الحُسينيّ، خاتم الاثني عشر إمامًا للشيعة.
وهو مُنْتَظَر الرّافضة الَّذِي يزعمون أنّه المَهْديّ.
وأنّه صاحب الزّمان، وأنّه الخَلَف الحجّة.
وهو صاحب السّرداب بسامرّاء، ولهم أربعمائة وخمسون سنة ينتظرون ظهوره. ويدَّعون أنّه دخل سِرْدابًا فِي البيت الَّذِي لوالده وأمّه تنظر إليه، فلم يخرج منه وَإِلَى الآن.
فدخل السّرداب وعدم وهو ابن تسع سنين.
وأمّا أبو محمد بْن حزْم فقال: إنّ أَبَاهُ الْحَسَن مات عن غير عَقِب. وثبَّت جُمْهور الرّافضة على أنّ للحسن ابنًا أخفاه.
وقِيلَ: بل وُلِدَ بعد موته من جاريةٍ اسمها «نرجس» أو «سَوْسَن» [1] .
والأظهر عندهم أنّها صقيل، لأنّها ادَّعت الحمْل به بعد سيّدها فوقف ميراثه لذلك سبْع سنين، ونازعها فِي ذلك أخوه جَعْفَر بْن عليّ، وتعصَّب لها جماعة، وله آخرون. ثُمَّ انْفَشَّ ذلك الحَمْل وبَطُلَ وأخذ الميراث جعفرُ وأخٌ له.
وكان موت الْحَسَن سنة ستّين ومائتين.
قَالَ: وزادت فتنة الرّافضة بصَقِيل هَذِهِ، وبِدَعْواها، إِلَى أن حبسها المعتضد بعد نيِّفٍ وعشرين سنة من موت سيّدها وبقيت فِي قصره إِلَى أن ماتت فِي زمن المقتدر [2] .
وذكره القاضي شمس الدّين بْن خلّكان فقال [3] : وقِيلَ: بل دخل السِّرْداب وله سبْع عشرة سنة فِي سنة خمسٍ وسبعين ومائتين. والأصح الأول، وأنّ ذلك كان سنة خمسٍ وستّين.
قُلْتُ: وَفِي الْجُمْلَةِ جَهْلُ الرَّافِضَةِ مَا عَلَيْهِ مَزِيدٌ. اللَّهمّ أَمِتْنَا عَلَى حُبِّ محمد وَآلِ محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي يَعْتَقِدُهُ الرَّافِضَةُ فِي هَذَا الْمُنْتَظَرِ لَوِ اعْتَقَدَ الْمُسْلِمُ فِي عَلِيٍّ بَلْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا أُقِرَّ عَلَيْهِ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ،
__________
[1] وقيل: «خمط» . (الأئمة الاثنا عشر) .
[2] سير أعلام النبلاء 12/ 121.
[3] في وفيات الأعيان 4/ 176.

(20/161)


فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ.
فإنهم يعتقدون فِيهِ وَفِي آبائه أنّ كلّ واحدٍ منهم يعلم علم الأوَّلين والآخرين، وما كان وما يكون، ولا يقع منه خطأ قطّ، وأنّه معصوم من الخطأ والسَّهْو. نسأل الله العفو والعافية، ونعوذ باللَّه من الاحتجاج بالكذِب وردّ الصِّدْق، كما هُوَ دأب الشيعة.
135- محمد بْن حمّاد بْن بَكْر المقرئ [1] .
صاحب خلف البزّار.
مقريء مجوِّد، وصالح عابد. كان الْإِمَام [أَحْمَد] [2] يجلُّهُ ويحترمه، ويُصلّي خلفه فِي رمضان.
روى عن: يزيد بْن هارون، وعبد الله بْن أبي بَكْر السَّهْميّ.
وعنه: ابنُ مَخْلَد، وأبو سعد بْن الأعرابيّ، وجماعة.
تُوُفيّ سنة سبْعٍ وستّين.
136- محمد بْن خَلَف [3] .
أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ الحدّاديّ المقرئ.
عن: حُسَيْن الْجُعْفيّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وأبي يحيى الحِمّانيّ، وطائفة.
وعنه: الْبُخَارِيّ، وأبو دَاوُد، وأحمد بْن الباغَنْدِيّ، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وابن مَخْلَد، وطائفة.
قال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: ثقة، فاضل، له حديث فِي «الصّحيح» [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن حمّاد) في:
تاريخ بغداد 2/ 270، 271 رقم 741، وطبقات الحنابلة 1/ 291، 292 رقم 399.
[2] إضافة على الأصل للتوضيح من المصدرين السابقين.
[3] انظر عن (محمد بن خلف) في:
الجرح والتعديل 7/ 245 رقم 1347، والثقات لابن حبّان 9/ 141، وتاريخ بغداد 5/ 234، 235 رقم 2723، والمعجم المشتمل 238 رقم 831، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1195، والكاشف 3/ 35 رقم 4906، وتهذيب التهذيب 9/ 149، 150 رقم 214، وتقريب التهذيب 2/ 159 رقم 191، وخلاصة التهذيب 335.
[4] تاريخ بغداد 5/ 235.

(20/162)


وقد روى القراءة عن أبي يوسف الأعشى.
مات فِي ربيع الأول سنة إحدى وستّين [1] .
137- محمد بْن الخليل [2] .
أبو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ الفلّاس المخرَّميّ.
عن: محمد بْن عُبَيْد، ورَوْح بْن عُبَادة، وحجّاج الأعور.
وعنه: أبو بَكْر بْن دَاوُد، وأبو عَوَانَة، ومحمد بْن مَخْلَد، ومحمد بْن جَعْفَر الطَّبَريّ، وجماعة.
وكان من خيار المسلمين.
تُوُفيّ فِي شعبان سنة تسعٍ وستّين.
ووثّقه الخطيب [3] .
ولم يصّح أنّ النَّسائيّ روى عَنْهُ.
138- محمد بْن سَحْنُون الفقيه [4] عَبْد السّلام بْن سلّام التَّنُوخيّ القَيْروانيّ المالكيّ، الحافظ أبو عبد الله.
سمع: أَبَاهُ، وأبا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وجماعة.
وكان خبيرًا بمذهب مالك، عالمًا بالآثار.
وقَالَ يحيى بْن عُمَر: كان ابنُ سَحْنُون من أكبر النّاس حُجَة وأتقنهم لها.
وكان يناظر أَبَاهُ، وما شبهّه إلّا بالسيف.
قَيِل لعيسى بْن مِسكين: مَن خير من رَأَيْت فِي العلم؟
قَالَ: محمد بْن سَحْنُون.
وقَالَ غيره: ألّف كتابه المشهور، جمع فِيهِ فنون العِلم والفِقْه، وكتاب «السِّيَر» وهو عشرون كتابًا، وكتاب «التاريخ» وهو ستّة أجزاء، وكتاب «الرّدّ على
__________
[1] وقال ابن أبي حاتم: سمعت منه ببغداد، ومحلّه الصدق. (الجرح والتعديل) .
[2] انظر عن (محمد بن الخليل) في:
مسند أبي عوانة 1/ 34، 295، والثقات لابن حبّان 9/ 136، وتاريخ بغداد 5/ 250، 251 رقم 2738.
[3] في تاريخه 5/ 250.
[4] انظر عن (محمد بن سحنون) في:
العيون والحدائق ج 4 ق 1/ 69، 318، وطبقات الفقهاء للشيرازي 157، وترتيب المدارك 3/ 104، والديباج المذهب 234، والوافي بالوفيات 3/ 86 رقم 1005.

(20/163)


الشّافعيّ وأهل العراق» ، وكتاب «الزُّهْد» ، وكتاب «الإمامة» ، وتصانيفه كثيرة.
ولما مات ضُرِبت الأخبية على قبره وأقام النّاس فيها شهورًا حَتَّى قامت الأسواق حول قبره. ورثاه غير واحدٍ من الشُّعراء. وكانت وفاته سنة خمسٍ وستّين بالقيروان. مات كهْلًا رحمه الله.
139- محمد بْن سَعِيد بْن غالب [1] .
أبو يحيى القطّان الضّرير. بغداديْ، ثقة.
روى عن: ابنُ عُيَيْنَة، وإسماعيل بْن عُلَيَّة، ومُعَاذ بْن مُعَاذ، ويحيى بْن آدم، وأبي أسامة، والشّافعيّ، وطائفة كثيرة.
وعنه: ابنُ ماجة فِي تفسيره، وابن شُرَيْح الفقيه، وأبو بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، ومُحَمَّد بْن مخلد، والمَحَامليّ، وابن أبي حاتم وقَالَ [2] : صدوق، وابن الأعرابيّ وهو آخر أصحابه موتًا.
تُوُفيّ فِي شوّال سنة إحدى وستّين.
140- محمد بْن سَعِيد بْن هنّاد بْن هنّاد [3] .
أبو حاتم الخُزاعيّ البُوسَنْجيّ.
حدّث ببغداد ونيسابور عن: أبي نُعَيْم، والقَعْنبيّ، وأبي الْوَلِيد الطَّيالِسيّ، وجماعة.
وعنه: محمد بْن مَخْلَد، وأبو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأبو بكر بن المنذر صاحب «الخلافيّات» ، ومحمد بْن عَقِيل البلْخيّ، ومكي بن عبدان، وعدد.
واستوطن بنيسابور.
__________
[1] انظر عن (محمد بن سعيد بن غالب) في:
صحيح ابن خزيمة 1/ رقم 23، والجرح والتعديل 7/ 266 رقم 1451، والثقات لابن حبّان 9/ 128، وتاريخ بغداد 5/ 306، 307 رقم 2816، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1202، وذيل الكاشف 248 رقم 1340، والمعين في طبقات المحدّثين 99/ رقم 1129، وسير أعلام النبلاء 12/ 345 رقم 140، والوافي بالوفيات 3/ 95 رقم 1028، وتهذيب التهذيب 9/ 189 رقم 283، وتقريب التهذيب 2/ 164 رقم 253، وخلاصة التذهيب 338.
[2] في الجرح والتعديل 7/ 266، وأضاف: سمعت عليّ بن الحسين بن الجنيد يقول: كتبنا عنه في تلك الأيام، يعني أيام رحلته أيام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.
[3] انظر عن (محمد بن سعيد بن هناد) في:
تاريخ بغداد 5/ 308 رقم 2820.

(20/164)


وقيل: لقي ابن عيينة.
توفي سنة سبع وستين ومائتين.
وقد ذكر الخطيب في تاريخه أنّه روى عن سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، وهذا بعيدٌ لا وجه لبُعْده.
141- محمد بْن شجاع [1] .
أبو عبد الله بْن الثَّلْجيّ [2] الْبَغْدَادِيّ، الفقيه الحنفيّ. أحد الأعلام الكبار. قرأ القرآن على أبي محمد اليزَّيْديّ.
وروى الحروف عن: يحيى بْن آدم.
وتفقَّه على: الْحَسَن بْن زياد اللُّؤْلؤيّ، وغيره.
وروى عن: إِسْمَاعِيل بْن عُلَيَّة، ووكيع، وأبي أسامة، ومحمد بْن عُمَر الواقديّ، ويحيى بن آدم، وجماعة.
وعنه: عبد الله بن أحمد بن ثابت البزاز، وعبد الوهاب بن أبي حية، ومحمد بن إبراهيم بن حبيش البغوي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة، وجده يعقوب.
قال ابن عدي [3] : كان يضع أحاديث في التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك.
رُوِي عَنْ حَسَّانِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أبي الهرم، عن
__________
[1] انظر عن (محمد بن شجاع) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 20، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 6/ 2292، 2293، والفهرست لابن النديم 259، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 109، وتاريخ بغداد 5/ 350- 352 رقم 2869، والأنساب 3/ 138، والمنتظم 5/ 57، 58 رقم 132، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3/ 70، 71 رقم 3035، واللباب 1/ 241، وسير أعلام النبلاء 12/ 379، 380 رقم 163، والعبر 2/ 33، 34، وميزان الاعتدال 3/ 577، 578 رقم 7664، والمغني في الضعفاء 2/ 591 رقم 5611، ودول الإسلام 1/ 161، والكشف الحثيث 379 رقم 678، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 55، والوافي بالوفيات 3/ 148 رقم 1101، والبداية والنهاية 11/ 40، وتهذيب التهذيب 9/ 220 رقم 343، وتقريب التهذيب 2/ 169 رقم 302، والنجوم الزاهرة 3/ 42، والفوائد البهيّة 271، وخلاصة التذهيب 341، وشذرات الذهب 2/ 151، والجواهر المضيئة 2/ 60.
[2] في الوافي بالوفيات 3/ 148 «البلخي» وهو تحريف.
[3] في الكامل 6/ 2292.

(20/165)


أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْفَرَسَ فَعَرِقَتْ، ثُمَّ خَلَقَ نَفْسَهُ مِنْهَا» . قُلْتُ: هَذَا كَذِبٌ لَا يَدْخُلُ فِي عَقْلِ الْمَجَانِينَ لِاسْتِحَالَتُهُ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ خَلَقَ شَيْئًا سَمَّاهُ نَفَسًا، وَأَضَافَهُ إِلَيْهِ إِضَافَةَ مِلْكٍ. وَبِكُلِّ حَالٍ هَذَا وَاللَّهِ كَذِبٌ بِيَقِينٍ.
وقد سَأَلَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان أَحْمَد بْن حنبل، عَنْهُ فقال:
مبتدع صاحب هوى [1] .
قلت: ومع مذهبه فِي الوقْف فِي القرآن كان متعبدًا كثير التّلاوة.
قَالَ أَحْمَد بْن الحَسَن البَغَويّ: سمعته يقول: ادفنوني فِي هَذَا البيت فإنه لم يبق فِيهِ طابق إلّا وقد ختمت عليه القرآن [2] .
قلت: وُلِدَ سنة إحدى وثمانين ومائة، ومات وهو ساجد فِي صلاة العصر فِي رابع ذي الحجة سنة ستٍّ وستّين [3] . وخُتِم له بخير إنّ شاء الله وأناب عند الموت.
قَالَ ابنُ عديّ [4] : سمعت مُوسَى بْن القاسم بْن الْحَسَن الأشيبْ يقول:
كان ابنُ الثّلْجيّ يقول: من كان الشّافعيّ؟ إنّما كان يصحب بربر المعنى. فلم يزل يقول هَذَا إِلَى أنْ حضرته الوفاة فقال: رحم الله أَبَا عَبْد الله الشّافعيّ. وذكر علمه وقَالَ: قد رجعت عمّا كنت أقول فِيهِ.
وقَالَ أبو عبد الله الحاكم: رَأَيْت عند محمد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى القُمّيّ الْحَارِث، عن أَبِيهِ، عن محمد بْن شجاع كتاب «المناسك» فِي نَيِّفٍ وستّين جزءًا كبارًا. روى هَذَا أبو عُمَر المدائني، عن عَبْد الملك الصِّقلّيّ، عن الحكم.
وقَالَ هارون بْن يعقوب الهاشميّ: سمعت أَبَا عَبْد الله وقِيلَ له إنّ ابنَ الثّلْجيّ كان ينال من أَحْمَد بْن حنبل وأصحابه ويقول: أيّ شيء قام به أحمد بن حنبل؟!
__________
[1] تاريخ بغداد 5/ 351.
[2] تاريخ بغداد 5/ 351.
[3] تاريخ بغداد 5/ 350، 351.
[4] في الكامل 6/ 2293.

(20/166)


قَالَ المَرُّوذيّ: أتيته ولمتُه، فقال: إنّما أقول كلام الله كما أقول سماء الله وأرض الله.
فقمت وما كلّمناه حَتَّى مات.
وكان المتوكّل قد همّ بتوليته القضاء، فَقِيلَ له: هُوَ مِن أصحاب بِشْر المَرِيسيّ، فقال: نحنُ بَعْدُ فِي بِشْر؟ فقطّع الكتاب الَّذِي كان كُتِب له فِي ذلك.
142- محمد بْن عاصم بْن عَبْد الله الثَّقفيّ [1] .
أبو جَعْفَر الإصبهانيّ.
سمع: ابنَ عُيَيْنَة، وحسين الْجُعْفيّ، ويحيى بْن آدم، وجماعة.
وعنه: أَحْمَد بْن عليّ بْن الجارود، وخلْق آخرهم موتًا عَبْد الله بْن جَعْفَر بْن فارس. رُوِيَ عن إِبْرَاهِيم بْن أُورَمَة الحافظ قَالَ: ما رَأَيْت مثل محمد بْن الأهوازيّ وما رَأَى هُوَ مثل نفسه [2] .
وقَالَ عليّ بْن محمد الثَّقفيّ: كنت أختلف إِلَى أبي بَكْر بْن أبي شَيْبَة، فَمَا رَأَيْت أحدًا يُشْبِهه فِي حُسْن روايته وحِفْظ لسانه إلّا محمد بْن عاصم [3] .
وقَالَ غيره: كان محمد وأسعد وعليّ والنُّعمان بنو عاصم من سكّان المدينة مدينة جيّ.
قلت: وهو صدوق [4] .
تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين.
143- محمد بْن العبّاس بن خالد [5] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عاصم) في:
الجرح والتعديل 8/ 46 رقم 212، وذكر أخبار أصبهان 2/ 189، وطبقات المحدّثين بأصبهان 2/ 257، 258 رقم 164، والعبر 2/ 25، وسير أعلام النبلاء 12/ 277، 278 رقم 291، والبداية والنهاية 11/ 35، والوافي بالوفيات 3/ 180 رقم 1157، وتذكرة الحفاظ 2/ 517، ودول الإسلام 1/ 159، وتهذيب التهذيب 9/ 240، 241 رقم 385، وتقريب التهذيب 2/ 173 رقم 341، ومعجم المؤلّفين 10/ 115، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 224 رقم 81.
[2] طبقات المحدّثين 2/ 257.
[3] طبقات المحدّثين 2/ 257.
[4] وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم قال: سألت أبا مسعود بن الفرات عمّن ترى أن أكتب؟ قال: يونس بن حبيب، بدأ به ثم ثنّى بمحمد بن عاصم. (الجرح والتعديل) .
[5] انظر عن (محمد بن العباس) في:

(20/167)


أبو عبد الله السُّلَميّ الإصبهانيّ، الرّجل الصالح.
رحل فِي العلم، وسمع: عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبا عاصم النّبيل، وجماعة.
وعنه: يُونُس بْن محمد المؤذّن، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وعبد الله بْن محمد ولده، وآخر من روى عَنْهُ عَبْد الله بْن فارس.
قَالَ ابنُ أبي حاتم [1] : صدوق من عباد الله الصّالحين، صاحب فضل وعبادة.
ولما توفي محمد بن العباس حضره أحمد بن عصام فقال: كان من ثقات إخواننا، وكان عندي ممن كان يخشى الله تعالى [2] .
قلت: توفي إلى رحمة الله تعالى سنة ست وستين.
144- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بن أعين بن ليث [3] .
الإمام أبو عبد الله المصري الفقيه، أخو عبد الرحمن وسعيد. ولد سنة
__________
[ () ] الجرح والتعديل 8/ 48 رقم 222، ذكر أخبار أصبهان 2/ 195، وطبقات المحدّثين بأصبهان 3/ 27، 28 رقم 254.
[1] في الجرح والتعديل 8/ 48.
[2] طبقات المحدّثين 3/ 27، 28.
وقال يونس بن حبيب: كان من إخواننا القدماء وكان من الأربعة المعدودين باليهودية في فضلهم هو وعبد الرحمن بن علي، والعباس الطامذي، وزكريا بن الصلت، وكان عنده الموطأ عن القعنبي.
[3] انظر عَنْ (مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ) في:
مسند أبي عوانة 1/ 22، 224، 272، 323، 349، 382، 400 و 2/ 185، 228، وصحيح ابن خزيمة 1/ رقم 185 و 499 و 648، وتاريخ الطبري 1/ 13 و 3/ 168، 197، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 110، والجرح والتعديل 7/ 300، 301 رقم 1630، والثقات لابن حبّان 9/ 132، والانتقاء لابن عبد البر 113، وطبقات الفقهاء للشيرازي 99، والمنتظم 5/ 65 رقم 148، ووفيات الأعيان 4/ 193- 195 رقم 571، والمعجم المشتمل 249 رقم 864، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1220، والكاشف 3/ 55 رقم 5036، وسير أعلام النبلاء 12/ 497- 501 رقم 181، وميزان الاعتدال 3/ 611، 612 رقم 7815، والعبر 2/ 38، 39، والمعين في طبقات المحدّثين 99/ 1132، ودول الإسلام 1/ 162، وتذكرة الحفاظ 2/ 546- 548، والوافي بالوفيات 3/ 338 رقم 1402، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 67- 71، والبداية والنهاية 11/ 42، وتقريب التهذيب 2/ 178 رقم 390، والنجوم الزاهرة 3/ 44، وطبقات الحفاظ 241، وحسن المحاضرة 1/ 124، وخلاصة التذهيب 345، وطبقات المفسّرين 2/ 174، ومفتاح السعادة 2/ 295، وشذرات الذهب 2/ 154، وطبقات العبادي 20، وطبقات الحسيبي 70.

(20/168)


اثنتين وثمانين ومائة.
وروى عن: عَبْد الله بْن وهب، وابن أبي فُدَيْك، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وبشر بن بكير، وأيوب بن سويد الرملي، وإسحاق بن الفراش، وأشهب بن عبد العزيز، وشعيب بن الليث بن سعد، وأبي عبد الرحمن المقري، وطائفة.
ولزم الشافعي مدة، وتفقه به، وبابنه عبد الله، وغيرهما.
وعنه: ن.، وابن خُزَيْمَة، وابن صاعد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وعمرو بن عثمان المكي الزاهد، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وإسماعيل بن داود بن وردان، وأبو العباس الأصم، وجماعة.
وثقه النسائي [1] ، وقَالَ مرّة: لا بأس به.
وقَالَ غيره: كان أَبُوهُ قد ضمّه إلى الشّافعيّ، فكان الشّافعيّ معجَبًا به لذكائه وحرصه على الفِقْه.
قَالَ أبو عُمَر الصَّدَفيّ: رَأَيْت أَهْل مصر لا يعدلون به أحدًا، ويصفونه بالعلم والفضل والتواضع.
وقَالَ إمام الأئمّة ابنُ خُزَيْمَة: ما رَأَيْت فِي فقهاء الْإِسْلَام أعرف بأقاويل الصّحابة والتابعين من مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ [2] .
وقَالَ مَرَّة: كان محمد بْن عَبْد الله أعلم مَن رَأيت على أديم الأرض بمذهب مالك، وأحفظهم. سمعته يقول: كنت أتعجّب ممّن يقول فِي المسائل:
لا أدري [3] .
قَالَ ابنُ خُزَيْمَة: وأمّا الإسناد فلم يكن يحفظه، وكان من أصحاب الشّافعيّ، وكان ممّن يتكلّم فِيهِ. فوقعت بينه وبين البُوَيْطي وحشة فِي مرض الشّافعيّ فحدَّثني أبو جعفر السّكّريّ صديق الرَّبِيع قَالَ: لمّا مرض الشّافعيّ جاء ابنُ عَبْد الحَكَم ينازع البُوَيْطيّ فِي مجلس الشافعي، فقال البويطي: أَنَا أحق بِهِ منك.
__________
[1] فقال: ثقة مأمون. وقال: صدوق لا بأس به. (المعجم المشتمل 249) .
[2] ميزان الاعتدال 3/ 611، وسير أعلام النبلاء 12/ 498، تذكرة الحفاظ 2/ 547.
[3] طبقات الشافعية للسبكي 2/ 68.

(20/169)


فجاء الحُمَيْديّ، وكان بِمصر، فقال: قَالَ الشّافعيّ، لَيْسَ أحدٌ أحقّ بمجلسي من البُوَيْطيّ، وليس أحد من أصحابي أعلمُ منه.
فقال الحُمَيْديّ: كذبت أنت وأبوك وأُمُّك.
وغضب ابنُ عَبْد الحكم فترك مجلس الشّافعيّ، فحدَّثني ابنُ عَبْد الحَكَم قَالَ: كان الحُمَيْديّ معي فِي الدّار نحوًا من سنة وأعطاني كتاب ابنُ عُيَيْنَة، ثُمَّ أَبَوْا إلّا أن يُوقِعُوا بيننا ما وقع.
روى هَذَا كله الحاكم عن حُسَيْنَك التَميميّ، عن ابنُ خُزَيْمَة [1] .
وعن المُزَنيّ قَالَ: نظر الشّافعيّ إلى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وقد ركَب دابّته فأتْبعه بصره وقَالَ: ودِدت أنّ لي ولدًا مثله وعليّ ألف دينار لا أجد قضاءها [2] .
وقَالَ أبو الشَّيْخ: ثنا عَمْرو بْن عُثْمَان المكّيّ قَالَ: رَأَيْت مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُصلّي الضُّحَى، فكان كلّما صلّى ركعتين سجد سجدتين، فسأله من يأنس به فقال: أسجد شكرا للَّه على ما أَنْعم به عليّ من صلاة الركعتين [3] .
وقَالَ ابنُ أبي حاتم [4] : صدوق، ثقه، أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك.
وقَالَ أبو إِسْحَاق الشّيرازيّ [5] : قد حُمِل محمد فِي محنة القرآن إِلَى ابنِ أبي دُؤاد، ولم يُجِب إِلَى ما طلب منه، ورُدَّ إِلَى مصر، وانتهت إليه الرئاسة بمصر، يعني فِي العِلْم.
وقَالَ غيره: إنّه ضُرِب فهرب واختفى، وقد نالْته محنةٌ أخرى صَعْبة مرَّت فِي ترجمة أَخِيهِ الشهيد سنة سبْعٍ وثلاثين [6] .
__________
[1] طبقات الشافعية للسبكي 2/ 68، 69، تذكرة الحفاظ 2/ 547، سير أعلام النبلاء 12/ 498، 499، ميزان الاعتدال 3/ 611.
[2] وفيات الأعيان 4/ 7193 194، سير أعلام النبلاء 12/ 499، الوافي بالوفيات 3/ 339.
[3] سير أعلام النبلاء 12/ 499.
[4] في الجرح والتعديل 7/ 300، 301.
[5] في طبقات الفقهاء 99.
[6] سير أعلام النبلاء 12/ 500.

(20/170)


نسب ابنُ الْجَوْزيّ [1] ، قَالَ أبو سَعِيد بْن يُونُس: كان محمد المفتي بمصر فِي أيّامه، تُوُفيّ يوم الأربعاء النِّصف من ذي القعدة سنة ثمانٍ وستّين وصلّى عليه بكّار بْن قُتَيْبَةَ القاضي.
قلت: آخر من روى حديثه عاليًا عَبْد الغفّار الشِّيرَويّ.
وله تصانيف كثيرة منها: كتاب «أحكام القرآن» ، وكتاب «الرّدّ على الشّافعيّ مما خالف فِيهِ الكتاب والسنة» ، وكتاب «الرّدّ على أَهْل العراق» ، وكتاب «أدب القضاة» .
وَفِي المحدثين.
145- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ [2] .
رحل وروى عن أَحْمَد بْن مَسْعُود المقدسيّ.
روى أبو نُعَيْم الحافظ حديثه فِي «الحلْية» فقال: ثنا أبو حامد أَحْمَد بن محمد بن الحسن: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.
146- محمد بْن عَبْد الله بْن المستورد [3] .
الحافظ أبو بَكْر الْبَغْدَادِيّ [4] .
عن: أبي نُعَيْم، ويحيى بْن بُكَيْر، والحسن بْن بُسْر، وجماعة.
حدَّث ببغداد، وإصبهان.
روى عَنْهُ: أبو عبد الله المحَامِليّ، وعبد الله بْن جَعْفَر بْن فارس، وآخرون [5] .
توفّي سنة ستّ وستّين [6] .
__________
[1] في المنتظم 5/ 65.
[2] وهو البالسيّ، متأخّر في طبقته عن الفقيه صاحب الترجمة. (تهذيب التهذيب 9/ 262 رقم 434) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله بن المستورد) في:
الثقات لابن حبّان 9/ 153، وتاريخ بغداد 5/ 427.
[4] ويعرف بأبي سيّار.
[5] قال أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي السرّاج: ثقة مأمون.
وقال إبراهيم بن أورمة: ما قدم عليكم مثل أبي سيّار.
[6] هكذا في الأصل، وفي تاريخ بغداد: سنة اثنتين وستين.

(20/171)


147- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الأشعث [1] .
أبو بَكْر الرَّبَعيّ العِجْليّ، إمام جامع دمشق.
روى عن: أبي مُسْهِر، ومحمد بن عِيسَى بْن الطّبّاع، وحَجّاج بْن أبي منيع، وغيرهم.
وعنه: النَّسائيّ، وابن صاعد، وأبو عَوَانةَ، وأبو بَكْر بْن أبي دَاوُد، وأبو بَكْر بْن زياد، والحسن بْن عَبْد الملك الحصائريّ، وجماعة.
وثّقه النَّسائيّ [2] .
مات سنة ستٍّ وستّين.
148- محمد بْن عَبْد الْعَزِيز بْن المَرْزُبان بْن جَعْفَر البَغَويّ.
والد أبي [3] القاسم البَغَويّ.
قَالَ محمد بْن أَحْمَد الإسكافيّ فِي تاريخه: وُلِدَ سنة ثمانٍ وثمانين ومائة، وهو أسنّ إخوته.
سمع من: عَبْد الله بْن بَكْر السَّهميّ، وغيره.
وكان يحبّه ويحبّ أخاه [4] عليّ ابني أَحْمَد بْن مَنِيع.
تُوُفيّ بسُرَّ مَنْ رَأَى سنة سبْعٍ وستّين ومائتين.
149- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ [5] .
أبو جَعْفَر الواسطيّ الدّمشقيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في:
تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 15/ ورقة 296 ب، والمعجم المشتمل 254 رقم 883، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1229، والكاشف 3/ 59 رقم 5062، وتهذيب التهذيب 9/ 291 رقم 484، وتقريب التهذيب 2/ 182 رقم 439، وخلاصة التذهيب 347.
[2] المعجم المشتمل.
[3] في الأصل: «أبو» ، وهو غلط.
[4] في الأصل: «أخيه» وهو غلط.
[5] انظر عن (محمد بن عبد الملك) في:
مسند أبي عوانة 1/ 52، 67، 77، 144، 159، 166، 181، 203 ومواضع كثيرة، والجرح والتعديل 8/ 5 رقم 19، والثقات لابن حبّان 9/ 131، وتاريخ بغداد 2/ 346، والمعين في طبقات المحدّثين 100 رقم 1138، وتهذيب التهذيب 9/ 318 رقم 525 وذكره للتمييز، وتقريب التهذيب 2/ 186 رقم 484.

(20/172)


عن: يزيد بن هارون، ووهب بن جرير، وَمُعَلَّى بْن عُبَيْد، وأبي أَحْمَد الزُّبَيْريّ، وطائفة.
وعنه: أبو دَاوُد، وابن ماجة، وإبراهيم الحربيّ، وإبراهيم بْن محمد بْن نِفْطَوَيْه، وابن صاعد، وابن أبي حاتم [1] ، وإسماعيل الصّفّار، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: صدوق.
ووثّقه الدّار الدّارَقُطْنِيّ [2] .
تُوُفيّ فِي شوّال سنة ستٍّ وستّين.
150- محمد بْن عُبَيْد الله بْن يزيد [3] .
أبو جَعْفَر الشَّيْبانيّ مولاهم الحرّانيّ، ويُعرف بالقَرْدُوانيّ [4] . قاضي حَرّان.
روى عن: أَبِيهِ، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الظَّرِيفيّ، وأبي نعيم الفضل بن دكين.
وعنه: النسائي، وأحمد بن عمرو البزاز، وأبو عروبة، وابن صاعد، وأبو عوانة، وعدة.
قال ابن عروبة: كان من عدول الحكام. ولم يكن يعرف الحديث. كان عنده كتب ذكر أنّه سمعها من أَبِيهِ [5] .
ومات لليالٍ بقين من شهر ذي الحجّة سنة ثمانٍ وستّين [6] .
151- محمد بْن عُثْمَان الهرويّ الحافظ متّويه.
__________
[1] وهو قال: كتبت عنه مع أبي بواسط.
[2] تاريخ بغداد 2/ 346.
[3] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في:
الثقات لابن حبّان 9/ 140، 141، ومسند أبي عوانة 2/ 236، والمعجم المشتمل 258 رقم 899، والأنساب 10/ 92، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1238، والكاشف 3/ 65 رقم 5106، وتهذيب التهذيب 9/ 325 رقم 537، وتقريب التهذيب 2/ 188 رقم 497، وخلاصة التذهيب 350.
[4] القردواني: بفتح القاف وسكون الراء وضم الدال وفتح الواو بعد الألف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى قردوان. (الأنساب) .
[5] تهذيب الكمال 3/ 1238.
[6] ورّخه بها ابن حبّان في «الثقات» وقال: حدّثنا عنه مكحول ببيروت وغيره.

(20/173)


سمع: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، والحَرَميّ.
تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين.
152- محمد بْن عليّ بْن بسّام [1] .
أبو جَعْفَر الحافظ، ولَقَبُه مَعْدان.
روى عن: عَبْد الصمد بْن النُّعمان، وقَبيِصة.
وعنه: مُطَيَّن، ومحمد بْن مَخْلَد.
تُوُفيّ سنة اثنتين وستّين [2] .
153- محمد بْن عليّ بْن ميمون الرَّقيّ القطّان [3] .
عن: عَبْد الله بْن جَعْفَر الرَّقّيّ، ومحمد بْن يوسف الفِرْيَابِيّ، والقعْنَبيّ، وطبقتهم.
وعنه: النِّسائيّ، وأبو عرُوبة، ومحمد بْن جرير الطَّبَريّ، وأبو الْعَبَّاس الأصغر، وجماعة.
قَالَ الحاكم: ثقة مأمون. كان إمام أَهْل الجزيرة فِي عصره [4] .
قلت: تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وستّين. وقِيلَ: سنة ثمانٍ وستّين [5] ، وهو أصحّ.
154- محمد بْن علي بْن دَاوُد الْبَغْدَادِيّ [6] .
الحافظ أبو بَكْر ابنُ أخت غزال.
سمع: عفّان، وسعيد بْن دَاوُد الزُّبَيْريّ، وطائفة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عليّ) في:
تاريخ بغداد 3/ 58، 59 رقم 1006.
[2] وثّقه الخطيب. وقال محمد بن عبد الله بن سليمان: كان من الحفّاظ.
[3] انظر عن (محمد بن عليّ بن ميمون) في:
الثقات لابن حبّان 9/ 144، والمعجم المشتمل 263 رقم 918، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1247، والكاشف 3/ 71 رقم 5147، وتهذيب التهذيب 9/ 356 رقم 588، وتقريب التهذيب 2/ 193 رقم 551، وخلاصة التذهيب 352.
[4] تهذيب الكمال 3/ 1247.
[5] وبها أرّخه ابن حبّان.
[6] انظر عن (محمد بن علي بن داود) في:
مسند أبي عوانة 1/ 222، 258 و 2/ 178، 179، 213، وتاريخ بغداد 3/ 59، 60 رقم 1009.

(20/174)


وعنه: أبو جَعْفَر الطّحاويّ، وعليّ بْن أَحْمَد علّان، وأبو عَوَانة.
وثّقه أبو بَكْر الخطيب [1] .
ومات سنة أربعٍ وستّين.
155- محمد بن عُمَر بْن يزيد [2] .
أبو عبد الله الزُّهْرِيّ الإصبهانيّ. أخو رُسْتَة.
عن: أبي دَاوُد الطَّيالِسيّ، وبكر بْن بكّار، ومحمد بن أبان العنْبريّ.
وعنه: ابنه عَبْد الله، وأحمد بْن الْحُسَيْن الْأَنْصَارِيّ، وعبد الله بن جعفر بن فارس.
توفي سنة ثلاثٍ وستّين [3] .
156- محمد بْن عُمَيْر [4] .
أبو بَكْر الطَّبَريّ الفقيه، جليس أبي زُرْعة الرَّازيّ، والمفتي فِي مجلسه.
روى عن الحُمَيْدي كتاب «التفسير» ، وكتاب «الرّد على النُّعمان» .
قَالَ ابنُ أبي حاتم: كان يفتى برأي أبي ثور.
سمعت منه، وهو ثقة صدوق.
157- محمد بْن محمد بن عيسى الزّاهد [5] .
الزّاهد أبو الْحَسَن بْن أبي الورد الْبَغْدَادِيّ المعروف بحَبشيّ.
صحب بِشْر بْن الْحَارِث، وغيره.
وروى عن: أبي النَّضْر هاشم بْن القاسم.
__________
[1] في تاريخه، وقال أبو سعيد بن يونس: كان يحفظ الحديث ويفهم. قدم مصر وحدّث وخرج إلى قرية من أسفل أرض مصر، فتوفي بها في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين، وكان ثقة حسن الحديث.
[2] انظر عن (محمد بن عمر بن يزيد) في:
ذكر أخبار أصبهان 2/ 187.
[3] وكانت وفاته في الوباء، وكان أصغر الإخوة.
[4] انظر عن (محمد بن عمير) في:
الجرح والتعديل 8/ 40 رقم 182.
[5] انظر عن (محمد بن محمد بن عيسى) في:
تاريخ بغداد 3/ 201، 202 رقم 1246.

(20/175)


وعنه: أبو القاسم البَغَويّ، وعليّ بْن الْجُنَيْد الغضائري، وغيرهما.
وله أخٌ اسمه أَحْمَد، كُنْيته أيضًا أبو الْحَسَن. زاهد كبير، تُوُفيّ قبل حَبَشيّ.
وتُوُفيّ حَبَشيّ سنة اثنتين وستّين.
وقَالَ ابنُ قانع: سنة ثلاثٍ وستّين [1] .
وقِيلَ: سنة اثنتين.
وكان من أعيان مشايخ القوم من موالي سَعِيد بْن العاص الأمويّ. وسُمّي حَبَشيّ لسُمْرته. وأبو الورد جدّه من أصحاب المنصور وإليه تُنْسَب سُوَيْقة أبي الورد [2] .
158- محمد بْن مُسْلِم بْن عُثْمَان بْن وارة [3] .
أبو عبد الله الرَّازيّ الحافظ.
طوّف وسمع الكثير.
وأخذ عن: محمد بْن يوسف الفِرْيابيّ، وأبي عاصم النّبيل، وهَوْذَة بْن خليفة، وأبي مُسْهِر، وأبي المغيرة الحمصيّ، وأبي نُعَيْم، وآدم بْن أبي إياس، وقَبِيصة، وبَشَرٍ كثير.
وعنه: ن.، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ مع تقدمة، والبخاري خارج «الصحيح» ، ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن صاعد، وأبو عوانة، والقاضي أبو عمر محمد بن يوسف، وأبو بكر بن مجاهد
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 202.
[2] تاريخ بغداد 3/ 201.
[3] انظر عن (محمد بن مسلم) في:
مسند أبي عوانة 1/ 251، 314، و 2/ 291، والجرح والتعديل 8/ 79، 80 رقم 332، والثقات لابن حبّان 9/ 150، وتاريخ بغداد 3/ 256- 260 رقم 1349، وطبقات الحنابلة 1/ 324 رقم 455، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 15/ ورقة 516 أ- 518 ب، والمعجم المشتمل 271 رقم 955، والمنتظم 5/ 55 رقم 127، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1270، 1271، والعبر 2/ 46، وسير أعلام النبلاء 13/ 28- 32 رقم 17، وتذكرة الحفاظ 2/ 575- 577، والمعين في طبقات المحدّثين 100 رقم 1145، والكاشف 3/ 85 رقم 5239، والوافي بالوفيات 5/ 27 رقم 1992، وتهذيب التهذيب 9/ 451- 453 رقم 733، وتقريب التهذيب 2/ 207 رقم 703، وطبقات الحفاظ 257، وخلاصة التذهيب 359، وشذرات الذهب 2/ 160.

(20/176)


المقري، والمحاملي، وابن أبي حاتم، وخلق من آخرهم أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم.
وقال ن: ثقة، صاحب حديث [1] .
وقَالَ ابنُ أبي حاتم [2] : ثقه، صدوق.
وكان أبو زُرْعة يجلّه ويُكْرمه.
وقَالَ عَبْد المؤمن بْن أَحْمَد: كان أبو زُرْعة لا يقوم لأحدٍ ولا يُجلِس أحدًا فِي مكانه إلّا ابنُ وَارَةَ [3] .
وقَالَ فَضْلَك الرَّازيّ: سمعت أَبَا بَكْر بْن أبي شَيْبَة يقول: أَحْفَظُ من رَأَيْت أَحْمَد بن الفُرات، وأبو زُرْعة، وابن وَارَةَ.
وقَالَ الطّحاويّ: ثلاثةٌ من علماء الزمان بالحديث اتّفقوا بالرِّيّ، لم يكن فِي الأرض فِي وقتهم أمثالهم. فذكر أَبَا زُرْعة، وابن وَارَةَ، وأبا حاتم [4] .
وعن عَبْد الرَّحْمَن بْن خِراش قَالَ: كان ابنُ وَارَةَ من أَهْل هَذَا الشأن المتقِنين الُأمناء. كنت ليلةً عنده، فذكر أَبَا إِسْحَاق السَّبِيعيّ، فذكر شيوخه، فذكر فِي طَلْق واحدٍ سبعين ومائتي رَجُل. ثُمَّ قَالَ: كان آيةً شيئًا عجبًا [5] .
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ خُرَّزَاذَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُونِيَّ يَقُولُ: جَاءَنِي محمد بْنُ مُسْلِمٍ، فَقَعَدَ يَتَقَعَّرُ فِي كَلامِهِ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ بَلَدٍ أَنْتَ؟
قَالَ: مِنْ أَهْلِ الرِّيِّ.
ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْتِكَ خَبَرِي، أَلَمْ تَسْمَعْ بِنَبَئِي، أَنَا ذُو الرِّحْلَتَيْنِ.
قُلْتُ: مَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنّ من الشّعر حكمة» [6] .
__________
[1] المعجم المشتمل 171 وقال أيضا: «لا بأس به» .
[2] في الجرح والتعديل 8/ 80.
[3] تاريخ بغداد 3/ 259.
[4] تاريخ بغداد 3/ 259.
[5] تاريخ بغداد 3/ 258 وفيه: «كان ابن مسلم غاية شيئا عجبا» .
[6] أخرجه البخاري في الأدب (10/ 448) باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء، وفي فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، وباب أيام الجاهلية، وفي الرقاق، باب الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، ومسلم في الشعر (2256، وأبو داود في الأدب، باب: ما جاء في الشعر (5011) ، والترمذي في الأدب، (1848) باب ما جاء إن من الشعر حكمة. والجريريّ في الجليس الصالح 217، ومعجم الشيوخ لابن جميع الصيدواي 294 رقم 255، ومسند الشهاب للقضاعي 2/ 98 رقم 961.

(20/177)


فَقَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا.
قُلْتُ: مَنْ أَصْحَابُكَ؟
قَالَ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَبِيصَةُ.
قُلْتُ: يَا غُلامُ، ائْتِنِي بِالدِّرَّةِ.
فَأَتَانِي بِهَا، فَأَمَرْتُهُ، فَضَرَبَهُ بِهَا خَمْسِينَ، وَقُلْتُ: أَنْتَ تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِي مَا آمَنُ أَنْ تَقُولَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ غِلْمَانِنَا [1] .
وقَالَ زكريا السّاجيّ: جاء ابنُ وَارَةَ إِلَى أبي كُرَيْب، وكان فِي ابنِ وارة بَأْوٌ، فقال لأبي كُرَيْب: ألم يبلغْك خبري، ألم يأتِك نبئي؟ أَنَا ذو الرّحلتين، أَنَا محمد بن مُسْلِم بْن وَارَةَ.
فقال: وَارَةُ، وما وَارَةُ؟ وما أدراك ما وارة؟ قُم، والله لا حدثتك، ولا حدَّثتُ قومًا أنت فيهم [2] .
وقَالَ ابنُ عُقْدة: دقَّ ابنُ وَارَةَ على أبي كُرَيْب، فقال: مَنْ؟
قَالَ: ابنُ وَارة أبو الحديث وأُمُّه.
ذكر أبو أَحْمَد الحاكم أنّ ابنُ وَارَةَ سمع من سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وهذا وَهْمٌ منه.
قَالَ: ابنُ مَخْلَد، وغيره: تُوُفيّ فِي رمضان سنة سبعين [3] .
وقَالَ المنادي: مات سنة خمسٍ وستّين. وهذا وهْم أيضًا [4] .
159- محمد بْن مُوسَى [5] .
أبو جَعْفَر الحرشيّ البغداديّ الحافظ، الملقّب: شاباص.
__________
[1] تاريخ بغداد 3/ 258، 259.
[2] تاريخ بغداد 3/ 259.
[3] تاريخ بغداد 3/ 260.
[4] وقال ابن حبّان: «كان صاحب حديث يحفظ على صلف فيه» . (الثقات) .
[5] انظر عن (محمد بن موسى) في:
صحيح ابن خزيمة 1/ 175، والجرح والتعديل 8/ 84 رقم 354، والثقات لابن حبّان 9/ 108، وتاريخ بغداد 3/ 240 رقم 1323، والمعجم المشتمل 274 رقم 970، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1279 وفيه «الجرشي» بالجيم، وهو تحريف، والكاشف 3/ 89 رقم 5263، والوافي بالوفيات 5/ 147 رقم 2163، وتهذيب التهذيب 9/ 482 رقم 778، وتقريب التهذيب 2/ 211 رقم 748، وخلاصة التذهيب 361 وفيه «الحرسي» بالسين المهملة، وهو تحريف.

(20/178)


حدَّث عن: يزيد بْن حيرة المدنيّ، وخليفة بْن خيّاط.
وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وإسماعيل الصّفّار.
وهو ثقة [1] .
160- محمد بْن هارون [2] .
أبو جَعْفَر المُخَرّميّ الْبَغْدَادِيّ الفلّاسي شيْطا الحافظ.
سمع: أَبَا نُعَيْم، وسليمان بْن حَرْب، وعَمْرو بْن حمّاد، وطبقتهم.
وعنه: المَحَامِليّ، وابن مَخْلَد، وابن أبي حاتم وقَالَ [3] : هُوَ مِن الحُفّاظ الثّقات، وأبو عَوَانة.
وكان من أحفظ النّاس [4] .
تُوُفيّ بالنِّهْروان سنة خمسٍ وستّين.
161- محمد بْن هشام بْن ملّاس [5] .
أبو جَعْفَر النُّمَيْريّ الدّمشقيّ.
عن: مروان بْن مُعَاوِيَة، وحَرْمَلَة بْن عَبْد الْعَزِيز.
وعنه: حفيده محمد بْن جَعْفَر بْن محمد الحافظ، وأبو عليّ الحصائريّ، وابن أبي حاتم وقَالَ [6] : صدوق، وأبو الْعَبَّاس الأصمّ، وجماعة.
وله جزء رواه أبو القاسم بْن رواحة عاليًا.
تُوُفيّ سنة سبعين، وله مائة سنة إلّا ثلاث سنين.
__________
[1] قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وروى عنه. سئل أبي عنه فقال: شيخ. قال الخطيب: وكان ثقة حافظا. (تاريخ بغداد 3/ 240) .
[2] انظر عن (محمد بن هارون) في:
الجرح والتعديل 8/ 118 رقم 526.
[3] في الجرح والتعديل 8/ 118، وأضاف: سمعت منه ببغداد مع أبي في منزلنا.
[4] وقال الخطيب: وكان من المذكورين بالمعرفة والحفظ.
وقال الدار الدّارقطنيّ: كان من الحفّاظ للمسند والمقطوع. وقال أيضا: ثقة حافظ.
وقال ابن المنادي: كان من الحفّاظ سيّما للمقطوع. (تاريخ بغداد 3/ 353 و 354) .
[5] انظر عن (محمد بن هشام) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 53، وتقدمة المعرفة 328، والجرح والتعديل 8/ 116 رقم 519، والثقات لابن حبّان 9/ 123، والعبر 2/ 46، وسير أعلام النبلاء 12/ 354 رقم 147، والوافي بالوفيات 5/ 166 رقم 2195، وشذرات الذهب 2/ 160.
[6] في الجرح والتعديل، وقال: سمعت منه بدمشق.

(20/179)


قَالَ: لقيت ابنُ عُيَيْنَة سنة اثنتين ومائتين، فكَثُرُوا عليه، فلم أكتب عَنْهُ.
162- محمد بْن وهب [1] .
أبو بكر الثّقفيّ المقرئ.
عن: أبي الْوَلِيد الطَّيالِسي، وجماعة.
وعنه: إِسْمَاعِيل الصّفّار، وأبو سَعِيد بن الأعرابيّ، وغيرهم.
وكان صدر القرَّاء فِي البصْرة فِي زمانه.
سمع الحروف من يعقوب. وقرأ القرآن على رَوْح صاحب يعقوب.
تلا عليه: محمد بْن يعقوب المعدّل، ومحمد بْن المؤمّل الصَّيْرفيّ، ومحمد بْن جامع الحلْوانيّ.
بقي إلى قرب السبعين ومائتين [2] .
163- محمد بْن يحيى بْن كثير [3] .
أبو عبد الله الكْلبيّ الحرّانيّ الحافظ لؤلؤ.
سمع: أَبَا قَتَادَة عَبْد الله بْن واقد، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن الطَّرائفيّ، وأبو النُّعمان الحَكَم بْن نافع، وأحمد بْن يُونُس، وطبقتهم.
وعنه: النَّسائيّ وقَالَ: هُوَ ثقة [4] ، وأبو عَروُبَة الحرّانيّ، وأبو عَوَانَة، وأبو عليّ محمد بْن سَعِيد الرَّقّيّ، وطائفة [5] .
تُوُفيّ فِي صَفَر سنة سبع وستّين [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن وهب) في:
تاريخ بغداد 3/ 332، 333 رقم 1440، ومعرفة القراء الكبار 1/ 257، 258 رقم 168، وغاية النهاية 2/ 276 رقم 3521.
[2] حدّث في مسجد رغبان سنة خمس وستين ومائتين. ولم يؤرّخ الخطيب لوفاته.
[3] انظر عن (محمد بن يحيى بن كثير) في:
مسند أبي عوانة 1/ 137، 207 و 2/ 174، والجرح والتعديل 8/ 125 رقم 563، والثقات لابن حبّان 9/ 142، 143، والأنساب 161 ب، والمعجم المشتمل 281 رقم 1000، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1288، والكاشف 3/ 95 رقم 5305، وسير أعلام النبلاء 12/ 605، 606 رقم 230، وتهذيب التهذيب 9/ 521، 522 رقم 850، وتقريب التهذيب 2/ 218 رقم 818، وخلاصة التذهيب 364.
[4] المعجم المشتمل 281.
[5] وقال ابن أبي حاتم: كتب إلينا بشيء من حديثه. (الجرح والتعديل) .
[6] ورّخه ابن حبّان.

(20/180)


164- محمد بْن أبي يحيى بْن زكريّا بْن يحيى الوقّاد.
المصريّ الفقيه أحد العالمين بمذهب مالك.
صنّف كتاب «السّنّة» ، و «مختصر فِي الفقه» ، وغير ذلك.
تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين.
165- محمد بْن يوسف [1] .
أبو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الجوهريّ.
الرجل الصالح الحافظ.
رحل وطوّف، وحدَّث عن عُبَيْد الله بْن مُوسَى، وأبي غسّان مالك بْن إِسْمَاعِيل، وعبد الْعَزِيز الُأوَيْسيّ، وبِشْر الحافي وصَحِبه، وَمُعَلَّى بْن أسَد، وطبقتهم.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن شَبَّة وهو أكبر منه، وابن صاعد، وابن أبي حاتم وقَالَ [2] : ثقة، وابن مَخْلَد، وآخرون.
قال الخطيب [3] : كان موصوفا بالدّين والسّنن.
وقال ابن قانع: مات في ربيع الآخر سنة خمس وستين [4] .
166- مالك بن علي بن مالك بن عبد العزيز [5] .
الإمام أبو خالد القرشي الفهري الأندلسي القرطبي الزاهد.
روى عن: يحيى بْن يحيى اللَّيْثيّ، والقعْنَبيّ، وأَصبغ بْن الفَرَج، وجماعة.
وعنه: محمد بْن عُمَر بْن لُبابة، ومُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن أعين، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يوسف) في:
الجرح والتعديل 8/ 120، 121 رقم 538، وتاريخ بغداد 3/ 394 رقم 1517.
[2] قوله في (الجرح والتعديل) : كتبت عنه مع أبي ببغداد وهو صدوق.
[3] في تاريخه 3/ 394.
[4] تاريخ بغداد 3/ 394.
[5] انظر عن (مالك بن علي) في:
تاريخ علماء الأندلس 2/ 1 رقم 1093، وجذوة المقتبس 346، 347 رقم 805، وبغية الملتمس 463، 464 رقم 1350.

(20/181)


تُوُفيّ سنة ثمانٍ وستّين ومائتين.
وصنَّف أيضًا فِي مذهب مالك مختصرًا [1] .
167- المُثَنَّى بْن جامع [2] .
أبو الْحَسَن بْن زياد الأنباريّ الزّاهر.
روى عن: سَعْدَوَيْه الواسطيّ، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن الصّبّاح، وسُرَيْج بْن يُونُس.
وعنه: أَحْمَد بن محمد بْن الهيثم، ويوسف الأزرق.
قَالَ الخطيب: كان ثقة مشهورًا بالسنة، من أصحاب أَحْمَد. يُقال كان مستجاب الدعوة. وكان بِشْر الحافي يُكرمه ويُجِلّه [3] .
168- مُسْلِم بْن الحجّاج بْن مُسْلِم [4] .
__________
[1] وكان محمد بن عمر بن لبابة يذكر فضله وتقدّمه على جميع من رأى من أهل العلم في الاجتهاد والعبادة. (بغية الملتمس 464) .
[2] انظر عن (المثنّى بن جامع) في:
تاريخ بغداد 13/ 173، 174 رقم 1750.
[3] وقال أبو بكر الخلّال: مثنّى بن جامع الأنباري رجل جليل جدا من أصحاب أبي عبد الله، جليل القدر عند بشر بن الحارث أيضا، وعبد الوهاب الورّاق، ويقال إنه كان مستجاب الدعوة، وكان أبو عبد الله يعرف له حقّه وقدره.
وقال أبو العباس أحمد بن أصرم بن خزيمة المغفّلي: إذا رأيت الأنباري يحبّ أبا جعفر الحذّاء، ومثنّى بن جامع الأنباري، فاعلم أنه صاحب سنّة.
[4] انظر عن (الإمام مسلم) في:
مسند أبي عوانة 1/ 344 و 2/ 78، 94. 316، 356، والجرح والتعديل 8/ 182، 183 رقم 797، والفهرست لابن النديم 286، وتاريخ بغداد 13/ 100- 104 رقم 7089، وطبقات الحنابلة 1/ 337- 339 رقم 488، والأنساب 453 ب، وتاريخ العظيمي 264، والفهرست لابن خير 470، 473، 481، 483، واللباب 3/ 38، وجامع الأصول 1/ 187، والمعجم المشتمل 291 رقم 1043، وتهذيب الأسماء واللغات ج 2 ق 1/ 89- 92 رقم 131، ووفيات الأعيان 5/ 194- 196 رقم 717، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1323، 1324، والمنتظم 5/ 32 رقم 75، والمختصر في أخبار البشر 2/ 51، وتاريخ الخميس 2/ 382، 383، وتاريخ ابن الوردي 1/ 237، وأدب القاضي (انظر فهرس الأعلام) 2/ 538، والكامل في التاريخ 8/ 123، والوفيات لابن قنفذ 185، 186 رقم 261، وشرح ألفية العراقي 1/ 10، 11، والكاشف 3/ 123 رقم 5509، وسير أعلام النبلاء 12/ 557- 580 رقم 217، والعبر 2/ 23، وتذكرة الحفاظ 2/ 588- 590، ودول الإسلام 1/ 158، ومرآة الجنان 2/ 174، 175، والبداية والنهاية 11/ 33- 35، وتهذيب التهذيب 10/ 126- 128 رقم 226، وتقريب التهذيب 2/ 245 رقم 1077، والنجوم الزاهرة 3/ 33، وطبقات

(20/182)


الْإِمَام أبو الْحُسَيْن القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ الحافظ صاحب «الصّحيح» .
قَالَ بعض النّاس: وُلِدَ سنة أربعٍ ومائتين. وما أظنّه إلّا وُلِدَ قبل ذلك.
سمع سنة ثمان عشرة ومائتين ببلده مِن: يحيى بن يحيى، وبشر بن الحكم، وإسحاق بْن راهَوَيْه.
وحجّ سنة عشرين، فسمع من: القَعْنَبيّ، وهو أقدم شيخ له، ومن:
إِسْمَاعِيل بْن أبي أُوَيْس، وأحمد بْن يُونُس، وعُمَر بْن حَفْص بْن غِياث، وسعيد بْن مَنْصُور، وخالد بْن خِدَاش، وجماعة يسيرة.
وردَّ إِلَى وطنه. ثُمَّ رحل فِي حدود الخمس وعشرين ومائتين فسمع من:
عليّ بْن الْجَعْد، ولم يروِ عَنْهُ فِي صحيحه لأجل بِدعةٍ ما.
وسمع من: أَحْمَد بْن حنبل، وشَيْبان بْن فرّوخ، وخلف البزّار، وسعيد بْن عَمْرو الأشْعثيّ، وعَوْن بْن سلّام، وإبراهيم بن موسى الفراء، ومحمد بن مهران الجمّال، ومحمد بْن الصَّبّاح الدُّولابيّ، وأبي نصر التّمّار، ويحيى بْن بِشْر الحريريّ، وقُتَيْبَة بْن سَعِيد، وأُميّة بْن بِسْطام، وجعفر بْن حُمَيْد، وحيّان بْن مُوسَى المَرْوَزِيّ، والحَكَم بْن مُوسَى القَنْطَريّ، وعبد الرَّحْمَن بْن سلّام الْجُمَحيّ، وخلْق كثير من العراقيّين، والحجازيّين، والشّاميّين، والمصريّين، والخُراسانيّين. فسمي شيخُنا فِي «تهذيب الكمال [1] » مائتين وأربعةً وعشرين شيخًا.
ورأيت بخطّ حافظ أنّه قد روى فِي صحيحه عن مائتين وسبعة عشر.
روى عَنْهُ: ت.، حديثًا واحدًا فِي «جامعه» [2] ، ومحمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء، وعليّ بْن الْحَسَن بْن أبي عِيسَى الهلاليّ، وهما أكبر منه، وصالح بن محمد جَزَرَة، وأحمد بْن سَلَمَةَ، وأحمد بْن الْمُبَارَك المستملي، وهم من أقرانه،
__________
[ () ] الحفاظ 260، وخلاصة التذهيب 375، وشذرات الذهب 2/ 144، 145، والفهرست لابن خير 212، والأعلام 8/ 117، ومعجم المؤلفين 12/ 232، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 210- 22 رقم 77، وديوان الإسلام لابن الغزّي 4/ 114، 115 رقم 1811، وكشف الظنون 175، وغيرها، وهدية العارفين 2/ 431.
[1] ج 3/ 1323.
[2] الحديث هو في الصوم، باب ما جاء في إحصاء هلال شعبان ورمضان (687) ونصّه: عن مسلم، حدّثنا يحيى بن يحيى، حدثنا أبو معاوية، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «أحصوا هلال شعبان لرمضان» .

(20/183)


وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وعليّ بْن الْحُسَيْن بْن الْجُنَيْد الرَّازيّ، وابن خُزَيْمَة، وأبو الْعَبَّاس السّرّاج، وابن صاعد، وأبو حامد بْن الشَّرْقيّ، وأبو عَوَانة الإسْفرائينيّ، وأبو حامد أَحْمَد بْن حمدون الْأَعْمَش، وسعيد بْن عَمْرو البَرْذَعيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ونَصْرَك بْن أَحْمَد بْن نصر الحُفّاظ، وأحمد بْن عليّ بْن الْحُسَيْن القلانسيّ، وإبراهيم بن محمد.
سُفْيَان الفقيه، وأبو بَكْر محمد بْن النَّضْر الجاروديّ، ومكّيّ بْن عَبْدان، ومحمد بْن مَخْلَد العطّار، وخلْق آخرهُم وفاةً أبو حامد أَحْمَد بْن عليّ بْن حَسْنَوية المقرئ أحد الضعفاء.
ذكر الحافظ ابنُ عساكر [1] فِي ترجمة مُسْلِم أنه سمع بدمشق من محمد بْن خَالِد السَّكْسكيّ، ولم يذكر أنّه سمع من غيره.
وهذا بعيد، ولعلّه لقي محمد بْن خَالِد فِي الموسم، لكن قَالَ ابنُ عساكر: حَدَّثَنِي أبو النَّصْر اليُونارْتيّ [2] قَالَ: دفع إليَّ صالح بْن أبي ورقة من لحاء شجرةٍ بخطّ مُسْلِم، قد كتبها بدمشق من حديث الْوَلِيد بْن مُسْلِم.
قلت: إنّ صح هَذَا فيكون قد دخل دمشق مجتازًا، ولم يُمْكنْه المُقام، أو مرض بها ولم يتمكّن من السّماع على شيوخها.
قَالَ أبو عَمْرو أحمد بْن الْمُبَارَك: سمعت إِسْحَاق بْن مَنْصُور يقول لمسلم بْن الحجّاج: لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين [3] .
وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: رَأَيْت أَبَا زُرْعة، وأبا حاتم يقدّمان مُسْلِم بْن الحَجّاج فِي معرفة الصّحيح على مشايخ عصرهما [4] .
وسمعت الْحَسَن بْن مَنْصُور يقول: سمعت إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، وذكر مُسْلِم بْن الحجّاج، فقال بالفارسيّة كلامًا معناه: أيّ رَجُل يكون هَذَا [5] ؟
قَالَ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ: وعُقِد لمسلم مجلس المذاكرة، فذُكِر له حديث لم
__________
[1] في تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 41/ 362.
[2] اليونارتي: بضم الياء، وسكون الواو، وفتح النون، وسكون الألف والراء، وفي آخرها تاء، نسبة إلى يونارت، قرية على باب أصبهان، ينسب إليها الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم، وهو توفي بأصبهان في حدود سنة 530 هـ. (الأنساب 12/ 433، 434) .
[3] سير أعلام النبلاء 12/ 563.
[4] تاريخ بغداد 13/ 101، طبقات الحنابلة 1/ 338، تهذيب الأسماء واللغات ج 2 ق 1/ 91.
[5] تاريخ بغداد 13/ 102، والكلام بالفارسية هو: «مرداكا بن بوذ» .

(20/184)


يعرفه، فانصرف إِلَى منزله وأوقد السراج، وقَالَ لِمن فِي الدّار: لا يدخل أحدٌ منكم. فَقِيلَ له: أُهْدِيَتْ لنا سلّة تمر.
فقال: قدِّموها.
فقدَّموها إليه، فكان يطلب الحديث، ويأخذ تمرة تمرة، فأصبح وقد فَنِي التّمرْ ووجد الحديث [1] .
رواها الحاكم ثُمَّ قَالَ: زادني الثّقة من أصحابنا أنّه منها مات [2] .
وقَالَ عَبْد الرحمن بن أبي حاتم: كان ثقة من الحفّاظ، كتبت عَنْهُ بالرِّيّ [3] ، وَسُئِلَ أبي عَنْهُ فقال: صدوق.
وقَالَ أبو قُرَيْش الحافظ: سمعت محمد بْن بشّار يقول: حُفاظ الدُّنيا أربعة: أبو زُرْعة بالرِّيّ، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدّارميّ بَسَمرْقَنْد، ومحمد بن إسماعيل ببخارى [4] .
وقَالَ أبو عَمْرو بْن حمدان: سَأَلت ابنُ عُقْدة الحافظ، عن الْبُخَارِيّ، ومسلم، أيُّهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالمًا ومسلم عالمًا.
فكرّرت عليه مِرارًا، ثُمَّ قَالَ: يا أَبَا عَمْرو قد يقع لمحمد بْن إِسْمَاعِيل الغلط فِي أَهْل الشّام، وذلك أنّه أَخَذَ كُتُبَهم فنظر فيها، فربّما ذكر الواحد منهم بكُنْيته، ويذكره فِي مواضِع أُخَر باسمه ويتوهَّم أنّهما اثنان، وأمّا مُسْلِم، فقلّ ما يقع له من الغَلَط فِي العِلَل، لأنّه كتب المسانيد، ولم يكتب المقاطيع ولا المراسيل [5] .
وقَالَ أبو عبد الله محمد بْن يعقوب بن الأخرم: إنّما أخْرَجَتْ نيسابور ثلاثة رجال: محمد بْن يحيى الذُّهْليّ، ومسلم بْن الحجّاج، وإبراهيم بْن أبي طَالِب [6] .
وقَالَ الْحُسَيْن بْن محمد الماسَرْجِسيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلما
__________
[1] تاريخ بغداد 13/ 103، وتهذيب الكمال 3/ 1324، المنتظم 5/ 32، 33.
[2] تاريخ بغداد 13/ 103، المنتظم 5/ 33، تهذيب الكمال 3/ 1324.
[3] وزاد: له معرفة بالحديث. (الجرح والتعديل 8/ 182) .
[4] تاريخ بغداد 2/ 16 في ترجمة الإمام البخاري.
[5] تاريخ بغداد 13/ 102، جامع الأصول 1/ 188.
[6] سير أعلام النبلاء 12/ 565.

(20/185)


يقول: صنّفت هذا «المسند الصّحيح» من ثلاثمائة ألف حديثٍ مسموعة [1] .
وقَالَ أَحْمَد بْن سَلَمة: كنت مع مُسْلِم فِي تأليف صحيحه خمسة عشر سنة. قَالَ: وهو اثنا عشر ألف حديث، يعني بالمكرَّر، بحيث أنّه إذا قَالَ: ثنا قُتَيْبَةُ وابن رُمْح يَعُدُّهُما حديثين، سواء اتّفق لفْظُهما أو اختلف [2] .
وقَالَ ابنُ مَنْدَه: سمعت الحافظ أَبَا عليّ النَّيْسابوريّ يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصّح من كتاب مُسْلِم [3] .
وقَالَ مكي بْن عَبْدان: سمعت مسلمًا يقول: عرضت كتابي هَذَا «المُسْنَد» على أبي زُرْعة فكلّ ما أشار عليّ فِي هَذَا الكتاب أنّ له علّة وسببًا تركته. وكلّ ما قَالَ إنّه صحيح ليس له علّة، فهو الَّذِي أخرجت. ولو أنّ أَهْل الحديث يكتبون الحديث مائتي سنة فَمَدَارُهُم على هَذَا المُسْنَد [4] .
وقَالَ مكي: سَأَلت مسلمًا عن عليّ بن الجعد فقال: ثقة، ولكنّه كان جهميّا.
فسألته عن محمد بْن يزيد فقال: لا تكتب عنه.
وسألته عن محمد بْن عَبْد الوهّاب وعبد الرَّحْمَن بْن بِشْر فوثُّقهما.
وسألته عن قَطَن بْن إِبْرَاهِيم فقال: لا يُكتَب حديثه [5] .
وممَّن صنف مستخرجًا على «صحيح مُسْلِم» أبو جَعْفَر بْن حمدان الحِيريّ، وأبو بَكْر محمد بْن محمد بْن رجاء النَّيْسابوريّ، وأبو عَوَانة يعقوب بْن إِسْحَاق الإسْفَرائينيّ، وأبو حامد الشّاركيّ الهَرَوِيّ، وأبو بَكْر محمد بْن عَبْد الله الشّافعيّ، وأبو عبد اللَّه محمد بْن عَبْد اللَّه الحاكم، وأبو الْحَسَن الماسَرِجسيّ، وأبو نُعَيْم الإصبهانيّ، وأبو الْوَلِيد حسّان بْن محمد الفقيه [6] .
وقَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: نا أبو بَكْر محمد بْن عليّ الْبُخَارِيّ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن أبي طَالِب يقول: قلت لمسلم: قد أكثرت فِي «الصّحيح» عن
__________
[1] تاريخ بغداد 13/ 101، طبقات الحنابلة 1/ 338، جامع الأصول 1/ 187، 188.
[2] سير أعلام النبلاء 12/ 566.
[3] تاريخ بغداد 3/ 101، جامع الأصول 1/ 188، وفيات الأعيان 5/ 194.
[4] مقدمة صحيح سلم بشرح النووي 15.
[5] سير أعلام النبلاء 12/ 568.
[6] سير أعلام النبلاء 12/ 569، 570.

(20/186)


أَحْمَد بن عَبْد الرَّحْمَن الوَهْبيّ، وحاله قد ظهر.
فقال: إنّما نقموا عليه بعد خروجي من مصر [1] .
وقال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: لولا الْبُخَارِيّ لمّا راح مُسْلِم ولا جاء [2] .
وقَالَ الحاكم: كان مَتْجَر مُسْلِم خان محْمَش، ومَعاشُه من ضِياعه بأُسْتُوا [3] أَتَتْ من أعقابه من جهة البنات فِي داره. وسمعت أبي يقول: رَأَيْت مُسْلِم بْن الحجّاج يحدّث فِي خان مَحْمِش، وكان تامّ القامة، أبيض الرأس واللّحية، يرخي طرف عمامته بين كتفيه [4] .
وقَالَ أبو قُرَيْش: كنّا عند أبي زُرْعة، فجاء مُسْلِم فسلّم عليه وجلس ساعة وتَذَاكَرا، فَلَمَّا ذهبَ قلتُ له: هَذَا جمع أربعة آلاف حديث فِي «الصّحيح» ! فقال أبو زُرْعة: لِمَ ترك الباقي؟
ثُمَّ قَالَ: ليس لهذا عقل لو داري محمد بن يحيى لصار رجلًا [5] .
وقَالَ مكّيّ بْن عَبْدان: وافى دَاوُد بْن عليّ نَيْسابور أيام إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه، فعقدوا له مجلس النّظر، وحضر مجلسه يحيى بْن محمد بْن يحيى، ومسلم بْن الحَجّاج، فجرت مسألة تكلَّم فيها يحيى فَزَبَره دَاوُد وقَالَ: اسكت يا صبيّ. ولم ينصرْه مُسْلِم. فرجع إِلَى أَبِيهِ وشكى إليه دَاوُد، فقال أَبُوهُ: ومَن كان؟ ثُمَّ قَالَ: مُسْلِم ولم ينصرْني.
قَالَ: قد رجعت عن كلّ ما حدّثته به.
فبلغ ذلك مسلمًا، فجمع ما كتب عَنْهُ فِي زِنْبِيلٍ وبعث به إليه، وقَالَ: لا أروي عنك أبدًا، ثُمَّ خرج إِلَى عَبْد بْن حُمَيْد.
قَالَ الحاكم: علَّقْت هَذِهِ الحكاية عن طاهر بْن أَحْمَد، عن مكّيّ. وقد
__________
[1] سير أعلام النبلاء 12/ 568.
[2] تاريخ بغداد 13/ 102، جامع الأصول 1/ 188.
[3] أستوا: بالضم ثم السكون، وضم التاء المثنّاة وواو، وألف. كورة من نواحي نيسابور معناه بلسانهم المضحاة والمشرقة، تشتمل على ثلاث وتسعين قرية وقصبتها خبوشان (معجم البلدان 1/ 175) .
[4] سير أعلام النبلاء 12/ 570.
[5] سير أعلام النبلاء 12/ 570، 571.

(20/187)


كان مُسْلِم يختلف بعد هَذِهِ الواقعة إِلَى محمد، وإنّما انقطع عَنْهُ من أجل قصّة الْبُخَارِيّ.
وكان أبو عبد الله بْن الأخرم أعْرَف بِذَلِك، فأخبر عن الوحشة الأخيرة.
وسمعته يقول: كان مُسْلِم بْن الحَجّاج يُظْهِر القول باللّفْظ ولا يكتمه. فَلَمَّا استوطن الْبُخَارِيّ نَيْسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقع بين الْبُخَارِيّ وبين محمد بْن يحيى ما وقع فِي مسألة اللّفظ، ونادى عليه، ومنعَ النّاس من الاختلاف إليه حَتَّى هجر وسافر من نَيْسابور، قَالَ: فقطعه أكثر النّاس من غير مُسْلِم، فبلغ محمد بْن يحيى فقال يومًا: ألا مَن قَالَ باللَّفْظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا.
فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته، وقام على رءوس النّاس، وبعثَ إليه بما كتب عَنْهُ على ظهر جَمّال.
وكان مُسْلِم يُظْهر القول باللَّفْظ ولا يكتمه [1] .
وقَالَ أبو حامد بْن الشَّرْقيّ: حضرت مجلس محمد بْن يحيى فقال: ألا مَن قَالَ: لفْظي بالقرآن مخلوق فلا يحضر مجلسَنا فقام مُسْلِم من المجلس [2] .
قَالَ أبو بَكْر الخطيب [3] : كان مُسْلِم يناضل عن الْبُخَارِيّ حَتَّى أوحش ما بينه وبين محمد بْن يحيى بسببه.
قَالَ أبو عبد الله الحاكم: ذكْر مصنَّفات مُسْلِم: كتاب «المُسْنَد الكبير على الرجال» ، ما أرى أنّه سمعه منه أحد، كتاب «الجامع على الأبواب» ، رَأَيْت بعضه، كتاب «الأسامي [4] والكنَى» ، كتاب «المُسْنَد الصّحيح» ، كتاب «التّمييز» ، كتاب «العِلَل» ، كتاب «الوحْدان» ، كتاب «الأفراد» ، كتاب «الأقران» ، كتاب «سؤالات [5] أَحْمَد بْن حنبل» كتاب [ «حديث] [6] عَمْرو بْن شُعَيْب» ، كتاب «الانتفاع بأُهُب السِّبَاع» ، كتاب «مشايخ مالك» ، كتاب «مشايخ الثَّوْريّ» ، كتاب
__________
[1] سير أعلام النبلاء 12/ 571، 572.
[2] تاريخ بغداد 13/ 103.
[3] في تاريخه 13/ 103، ووفيات الأعيان 5/ 194.
[4] في تذكرة الحفّاظ «الأسماء» ، والمثبت يتفق مع: المنتظم.
[5] في تذكرة الحفاظ «سؤالاته» ، والمثبت يتفق مع: المنتظم.
[6] إضافة من تذكرة الحفاظ.

(20/188)


«مشايخ شُعْبَة» ، كتاب «من ليس له إلّا راوٍ واحد» ، كتاب «المُخَضْرمين» ، كتاب «أفراد الشّاميّين» [1] .
وقَالَ ابنُ عساكر فِي أول كتاب «الأطراف» له بعد ذكر «صحيح الْبُخَارِيّ» ، ثُمَّ سلك سبيله مُسْلِم، فأخذ فِي تخريج كتابه وتأليفه، وترتيبه على قسمين، وتصنيفه. وقصد أن يذكر فِي القسم الأول أحاديث أَهْل الإتقان، وَفِي القسم الثّاني أحاديث أَهْل السّتْر والصِّدقَ الّذين لم يبلغوا درجة المثَبَّتِين. فحال حُلُولُ المَنِيَّة بينه وبين هَذِهِ الُأمْنية، فمات قبل استتمام كتابه. غير أنَّ كتابه مع إعْوازِهِ اشتهرَ وانتشر.
وذكر ابنُ عساكر كلامًا غير هَذَا.
وقَالَ أبو حامد بْن الشَّرْقيّ: سمعت مسلمًا يقول: ما وَضَعْتُ شيئًا فِي هَذَا «المُسْنَد» إلّا بحُجّة، وما أسْقَطتُ منه شيئًا إلّا بحُجّة [2] .
وقَالَ ابنُ سُفْيَان الفقيه: قلت لمسلم: حديث ابنُ عجلان، عن زَيْد بْن أسلم: وَإِذَا قُرئ [3] فأنصتوا. قَالَ صحيح.
قلت: لِمَ لمْ تضعْه فِي كتابك؟
قَالَ: إنّما وضعت ما أجمعوا عليه.
قَالَ الحاكم: أراد مُسْلِم أن يخرج «الصّحيح» على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الرُّواة.
وقد ذكر مُسْلِم هَذَا فِي صدر خُطْبته.
قَالَ الحاكم: فلم يُقَدَّر له إلّا الفراغ من الطبقة الأولى، ومات [4] .
ثُمَّ ذكر الحاكم ذاك القول الَّذِي هُوَ دعوى، وهو قَالَ أن لا يذكر من الحديث إلّا ما رواه صحابيٌ مشهور، له راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ يرويه عَنْهُ تابعيّ مشهور، له أيضًا راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ كذلك مَن بعدهم.
قَالَ أبو عليّ الْجَيّانيّ: المُراد بهذا أنّ الصحابيّ أو هَذَا التابعيّ، قد روى عَنْهُ رجلان خرج بهما عن حدّ الجهالة [5] .
__________
[1] المنتظم 5/ 32، تذكرة الحفاظ 2/ 590.
[2] تذكرة الحفّاظ 2/ 590، سير أعلام النبلاء 12/ 580.
[3] في الأصل: «قرأ» .
[4] سير أعلام النبلاء 12/ 574.
[5] سير أعلام النبلاء 12/ 574.

(20/189)


قَالَ عِياض: وَالَّذِي تأوّله الحاكم على مُسْلِم من اخترام المَنِيّة له قبل استيفاء غَرَضه إلّا من الطبقة الأولى. فأنا أقول إنّك إذا نظرت تقسيم مُسْلِم فِي كتابه الحديث كما قَالَ على ثلاث طبقات من النّاس على غير تكرار. فذكر أنّ القسم الأول حديث الحُفّاظ، ثُمَّ قَالَ: إذا انقضى هَذَا أتْبَعَه بأحاديث من لم يوصف بالحِذْق والإتقان، وذكر أنّهم لاحقون بالطبقة الأولى، فهؤلاء مذكورون فِي كتابه لمن تدبَّر الأبواب، والطبقة الثالثة قومٌ تكلَّم فيهم قومٌ وزكّاهم آخرون، فخرج حديثهم من ضُعِّف أو اتُّهِمَ بِبِدْعة. وكذلك فعل الْبُخَارِيّ.
قَالَ عياض: فعندي أنّه أتى بطبقاته الثلاث فِي كتابه، وطرح الطبقة الرابعة [1] .
ثُمَّ سرد الحاكم تصانيف أخَرَ تركتُها.
ثُمَّ قَالَ: سمعت أَبَا عَبْد الله محمد بْن يعقوب يقول: تُوُفيّ مُسْلِم يوم الأحد، ودُفِنَ يوم الإثنين لخمسٍ بقين من رجب سنة إحدى وستّين ومائتين، وهو ابنُ خمسٍ وخمسين سنة [2] .
قلت: وقبره مشهور بنَيْسابور ويُزار. تُوُفيّ وقد قارب السّتّين. وقد سمعت كتابه على زينب الكِنْدِيّة إِلَى «النّكاح» ، وعلى ابنُ عساكر من «النّكاح» إِلَى آخر «الصّحيح» . كلاهما عن المؤيَّد الطُّوسيّ كتابة: أنا العزيزي، أنا الفارسي، أنا ابن عروبة، عن ابن سفيان، عن مسلم.
وسمعه المزني، والبرزالي، وطبقتهما قبلنا على القاسم الإربلي منه إجازة، بسماعه نقوله عن الطّوسيّ، وهو عذْلٌ مقبول.
وسمعه النّاس قبل ذلك على الرّضى التّاجر، وابن عبد الدّائم، والمُزَنيّين.
وبِقَيْد الحياة منهم عددٌ كثير من الشّيوخ والكُهُول فِي وقتنا بمصر، والشّام.
وسمعه النّاس قبل ذلك بحين على ابنِ الصّلاح، والسَّخَاويّ، وتلك الحَلَبة بدمشق على رأس الأربعين وستّمائة، من المؤيّد وأقرانه، وبمصر على ابنُ الحُبَاب، والمُدْلِجيّ، عن المأمون. فأحسن ما يُسمع فِي وقتنا على من يبقى من أصحاب هَؤُلَاء لَتَقَدُّم سماعهم، فإنْ تعذر فعلى أجلّ أصحاب المذكورين
__________
[1] مقدّمة صحيح مسلم بشرح النووي 23.
[2] تهذيب الأسماء واللغات ج 2 ق 1/ 92.

(20/190)


قبلهم، وأجلّهم بالإقليمين علما وفضلا وثقة ونُبْلًا شيخ الْإِسْلَام أبو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن الفَزَاريّ الشّافعيّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وأرضاه.
169- مُصْعَب بْن أَحْمَد الْبَغْدَادِيّ القلانِسيّ الزّاهد [1] .
أبو أَحْمَد.
صحبه أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وجعفر الخُلْديّ، وغيرهما.
وكان من طبقة الْجُنَيْد، ولكن تقدَّم موته.
كان على قدمٍ عظيمٍ من العبادة والأوراد والورع والتّجريد والقناعة، يأوي المساجد والصّحراء.
تُوُفيّ سنة سبعين.
170- مُعَاوِيَة بْن صالح ابْن الوزير أبي عُبَيْد الله مُعَاوِيَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ الأَشْعَرِيُّ [2] .
الحافظ أبو عُبَيْد الله.
رحل وكتب الكثير، وقلّد يحيى بْن مَعِين.
وحدَّث عن: أبي مُسْهَر الغسّانيّ، وعبد الله بْن جَعْفَر الرَّقّيّ، وأبي غسان النهدي، وخالد بن مخلد القطواني. وأبي الوليد الطيالسي، وأبي عبد الرحمن المقري، وخلق.
وعنه: النسائي، وقَالَ: لا بأس به [3] .
وعنه: أبو زُرْعة الدّمشقي، وأبو حاتم، وابن جَوْصا، وأبو عوانة، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (مصعب بن أحمد) في:
تاريخ بغداد 13/ 114، 115 رقم 7097، الكامل في التاريخ 7/ 412.
[2] انظر عن (معاوية بن صالح) في:
عمل اليوم والليلة 333 رقم 462، ورقم 531، وتاريخ الطبري 1/ 16، 32، 48، 192 و 2/ 315، وصحيح ابن خزيمة 2/ رقم 1147 و 1202، وطبقات الحنابلة 1/ 389 رقم 500، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 16/ 336 أ، ب، والمعجم المشتمل 293 رقم 1053، والفهرست لابن خير 478، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1344، 1345، والكاشف 3/ 139 رقم 5626، والعبر 2/ 27، والمعين في طبقات المحدّثين 101 رقم 1155، وسير أعلام النبلاء 13/ 23، 24 رقم 14، وتهذيب التهذيب 10/ 212 رقم 390، وتقريب التهذيب 2/ 259 رقم 1232، وخلاصة التذهيب 381، وشذرات الذهب 2/ 147.
[3] المعجم المشتمل 293.

(20/191)


تُوُفيّ بدمشق سنة ثلاث وستّين ومائتين.
171- مُوسَى بْن بُغا الكبير [1] .
أحد قوّاد المتوّكل.
نُدِبَ سنة خمسين ومائتين لحرب أَهْل حمص حين قاتلوا واليهم. فأوقع بهم وقتل منهم خلْقًا، ورمى النّيران بحمص، وبالغ فِي العَسْف.
ثُمَّ ولي حرب الزَّنْج بالبصرة فنُصِر عليهم، وولي حرب الْحَسَن بْن أَحْمَد الكوكبيّ الحسينيّ الَّذِي استولى على قَزْوين وزنجان، فهزمه مُوسَى وقتل من عسكر الكوكبيّ نحو العشرة آلاف.
تُوُفيّ سنة أربعٍ وستّين ومائتين.
172- مُوسَى بْن سهل بْن قادم [2] .
أبو عِمْرَانَ الرَّمليّ. أخو عليّ بن سهل.
__________
[1] انظر عن (موسى بن بغا) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 197، وتاريخ اليعقوبي 2/ 496، 501، وفتوح البلدان 159، 386، 398، وتاريخ الطبري 9/ 110، 130، 226، 227، 258، 276، 279، 306، 314، 356، 362، 373، 378، 389، 394، 406- 409، 438- 468، 473، 501، 504، 506، 512- 514، 517، 518، 520، 526، 532، 533، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 26- 28، 30- 33، 36، 38، 68، 73- 76، 83، 135، ومروج الذهب 4/ 160، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 293 و 3/ 24- 27، والتذكرة الحمدونية 2/ 232، وتجارب الأمم 6/ 555، 563، 581، ونهاية الأرب 22/ 331، 333، 335، والكامل في التاريخ 7/ 98، 118، 135، 144، 149، 169، 172، 178، 184، 203، 218، 219، 222- 228، 230، 231، 235، 240، 257، 161، 275- 277، 291، 305، 310، وتاريخ الخميس 2/ 383، ودول الإسلام 1/ 159، ومآثر الإنافة 1/ 249، 251، وشذرات الذهب 2/ 147.
[2] انظر عن (موسى بن سهل) في:
تاريخ الطبري 1/ 32، والجرح والتعديل 8/ 146 رقم 660، وصحيح ابن خزيمة 1/ رقم 43 و 3/ رقم 1530، والمعجم المشتمل 297 رقم 1067، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 531 وانظر: ج 33/ 217، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1386، وسير أعلام النبلاء 12/ 242 رقم 86، والكاشف 3/ 163 رقم 5802، وتهذيب التهذيب 100، 347 رقم 618، وتقريب التهذيب 2/ 284 رقم 1466، وخلاصة التذهيب 391، وموسوعة علماء المسلمين 5/ 102 رقم 1718.

(20/192)


سمع: عليّ بْن عبّاس، وعَمْرو بْن هاشم البيروتيّ، وآدم بْن إياس، وطبقتهم.
وعنه: أبو داود، وابن خزيمة، ومحمد بن المسيّب الأرْغِيانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، وجماعة.
قَالَ أبو حاتم: صدوق [1] .
تُوُفّي فِي جُمَادى الأولى سنة اثنتين وستّين ومائتين.
173- مُوسَى بْن نصر بْن دينار [2] .
أبو سهل الرَّازيّ.
سمع: جرير بْن عَبْد الحميد، وعبد الرَّحْمَن بْن مغراء، وجماعة.
وعنه: أَهْل الرِّيّ.
لكن قَالَ أبو حاتم: هُوَ أكفر من إبليس. يقول: الجنّة والنّار لم يُخْلقا، وإن خُلِقتا فسَيَفْنَيَان.
نقله الخلّال فِي كتاب «السنة» له.
تُوُفيّ سنة إحدى وستّين ومائتين [3] .
__________
[1] وقال ابن أبي حاتم: كتبت عنه وهو صدوق ثقة. (الجرح والتعديل) .
[2] انظر عن (موسى بن نصر) في:
الثقات لابن حبّان 9/ 163، وتاريخ جرجان للسهمي 516، ولسان الميزان 6/ 134 رقم 461.
[3] وقال ابن حبّان: مات سنة ثلاث وستين ومائتين. وقال: وكان من عقلائهم، صدوق في الحديث.

(20/193)


حرف النون
174- النَّضْر بْن الْحَسَن.
الْمَوْصِلِيّ الفقيه الحنفيّ.
روى عَنْهُ: يزيد بْن هارون، ورَوْح بْن عُبادة، ويَعْلَى بْن عُبَيْد، وجماعة.
وعنه: إِبْرَاهِيم بْن محمد الْمَوْصِلِيّ.
تُوُفيّ سنة إحدى أو اثنتين وستّين ومائتين.
175- النَّضر بْن سلمة بْن الجارود بْن يزيد.
سمع: جدّه، ويحيى بْن يحيى، وأبو الْوَلِيد الطَّيَالِسيّ.
وعنه: ولده الحافظ أبو بَكْر الجاروديّ، والحسن بْن عليّ بْن مَخْلَد، وغيرهما.

(20/194)


حرف الهاء
176- الهيثم بْن سهل التُسْتَريّ [1] .
نزيل بغداد.
حدث عن: حمّاد بْن زَيْد، وأبي عَوَانه، وعليّ بْن مُسْهِر، وجماعة.
وعنه: عليّ بْن حَمَّاد، وجعفر والد أبي بَكْر القَطِيعيّ، ومحمد بْن يوسف الزّيّات، وأبو سَعِيد بْن الأعرابيّ، وآخرون.
ضعّفه الدّار الدّارَقُطْنِيّ [2] .
وقَالَ الحافظ عَبْد الغني الْمَصْرِيّ: ضرب القاضي إسماعيل على تحديث الهيثم بن سهل، عن حمّاد بْن زَيْد [3] ، وأنكر عليه.
وقَالَ الهيثم: وُلِدْتُ سنة اثنتين وخمسين ومائة.
وعاش نيّفا وستّين.
__________
[1] انظر عن (الهيثم بن سهل) في:
تاريخ بغداد 14/ 60، 61 رقم 7401، والضعفاء والمتروكين 3/ 179 رقم 3619، وميزان الاعتدال 4/ 323 رقم 9306، وسير أعلام النبلاء 12/ 158، 159 رقم 58، والمغني في الضعفاء 2/ 716 رقم 6803، ولسان الميزان 6/ 207 رقم 735.
[2] تاريخ بغداد 14/ 61.
[3] وردت العبارة هكذا في الأصل، وهي في تاريخ بغداد: إن إسماعيل بن إسحاق القاضي ضرب الهيثم بن سهل على تحديثه عن حمّاد بن زيد وأنكر عليه ذلك.

(20/195)


حرف الواو
177- وهْب بْن حَفْص بْن الْوَلِيد بْن المحتسب [1] .
الحرّانيّ الزّاهد.
عن: أَبِي قَتَادَة الحرّانيّ، وجعفر بْن عَوْن، وعبد الله بْن إِبْرَاهِيم الجدّيّ، وعثمان بْن عَبْد الرَّحْمَن، وجماعة.
وعنه: محمد بْن أَحْمَد بْن سهل الصّفّار، وأحمد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الصمد، وإسحاق بْن إِبْرَاهِيم النَّخَعيّ، وآخرون.
قَالَ أبو عَرُوبه: كذّاب يضع الحديث [2] .
وقَالَ أَحْمَد بْن خَالِد الحرّانيّ [3] : كان من الصّالحين. مكث عشرين سنة لا يكلّم أحدا [4] .
__________
[1] انظر عن (وهب بن حفص) في:
المجروحين والضعفاء لابن حبّان 3/ 76، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 7/ 2532، 2533، وفيه: «وهب بن حفص بن عمر ويعرف بأبي الوليد بن المحتسب» ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 3/ 188 رقم 3679 وفيه «وهب بن حفص بن عمرو أبو الوليد» ، والمغني في الضعفاء 2/ 726، رقم 6902، وميزان الاعتدال 4/ 351 رقم 9425، والكشف الحثيث 453 رقم 827، ولسان الميزان 6/ 229، 230 رقم 819.
[2] الكامل 7/ 2532، وقال ابن عديّ: فسألته مرة أخرى عنه فقال: يكذب كذبا فاحشا، وهو ابن أخي عبد الرحمن بن عمرو.
[3] الكامل 7/ 2532.
[4] وقال ابن حبّان: كان شيخا مغفلا يقلب الأخبار ولا يعلم ويخطئ فيها ولا يفهم، ولا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد.
وقال ابن عديّ: وكل أحاديثه مناكير غير محظوظة. (الكامل 7/ 2533) .

(20/196)


حرف الياء
178- ياسين بْن عَبْد الأحد بْن أبي زرارة [1] .
أبو اليُمْن القِتْبانيّ المصريّ.
عن: جدّه، وأيوب بْن سُوَيْد المصريّ الرمليّ، ونعيم بْن حَمَّاد، وجماعة.
وعنه: النَّسائيّ، وابن خُزَيْمَة، وعَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر القَزْوينيْ، وأبو بَكْر بْن زياد النَّيْسابوريّ، وجماعة.
قَالَ النَّسائيّ: لا بأس به [2] .
واسم جدّه: اللَّيْث بْن عاصم.
قَالَ: ابنُ خُزَيْمَة: كان ياسين ملكًا من الملوك.
وقَالَ ابنُ يُونُس: صدوق [3] .
مات فِي عاشر رمضان سنة تسعٍ وستّين.
179- يحيى بْن حجّاج الأندلسيّ [4] .
عَنْ: يحيى بْن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وعيسى بْن دينار، وسَحْنُون بْن سَعِيد، وغيرهم.
قُتِلَ فِي الوقعة التي كَانَتْ بالأندلس بين المسلمين والمشركين فِي سنة ثلاثٍ وستّين. واستشهد فيها جماعة.
__________
[1] انظر عن (ياسين بن عبد الأحد) في:
المعجم المشتمل 315 رقم 1130، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1484، 1485، والكاشف 3/ 218 رقم 6232، وتهذيب التهذيب 11/ 173 رقم 295، وتقريب التهذيب 2/ 341 رقم 2، وخلاصة التذهيب 420.
[2] المعجم المشتمل 315.
[3] وقال مسلمة بن القاسم: مصريّ صدوق. (تهذيب التهذيب 11/ 173) .
[4] انظر عن (يحيى بن حجّاج) في:
تاريخ علماء الأندلس 2/ 182 رقم 1560، وجذوة المقتبس 374 رقم 886، وبغية الملتمس 500 رقم 1466.

(20/197)


180- يحيى بْن محمد بْن يحيى بْن عَبْد الله بْن خَالِد بْن فارس [1] .
الشّهيد أبو زكريا الذُّهْليّ النَّيْسابوريّ. شيخ نَيْسابور بعد والده ومفتيها، ورأس المطَّوّعة.
من القرّاء.
سمع: يحيى بْن يحيى، وإسحاق بْن رَاهَوَيْه، وجماعة ببلده، وإبراهيم بْن مُوسَى بالرِّيّ، وأبا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، وسلمان بْن حرب، وعليّ بْن عُثْمَان اللّاحقيّ، ومسدّد بالبصرة.
وأحمد بْن حنبل، وعليّ بْن الْجَعْد، وطائفة ببغداد، وإسماعيل بْن أبي أُوَيْس، وسعيد بْن مَنْصُور، وجماعة بالحجاز.
روى عَنْهُ: أَبُوهُ، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وإبراهيم بن أبي طَالِب، وابن خُزَيْمَة، ومحمد بْن صالح بْن هانئ، ومحمد بن يعقوب بْن الأصرم، وآخرون.
وكان لقبه: حَيْكان.
قَالَ الحاكم: حيْكان الشّهيد إمام نيسابور فِي الفتوى والرئاسة، وابن أميرها، ورأس المطَّوَّعة بخُراسان. كان يسكن بدار أَبِيهِ ولكلٍّ منهما فيه صَوْمعة وآثار لعبادتهما [2] .
وكان أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ قد ورد نَيْسابور ويحيى رئيس بها والقرّاء يَصْدُرُون عن رأيه.
وكانت الظّاهرية قد رفعت من شأنه وصيَّرته مُطَاعًا، ولم يُحسِن أَحْمَد الصُّحبةَ معه، وقصد الوضْع منه. ومع هَذَا فكان أحمد مجتهدا في التّمكّن من
__________
[1] انظر عن (يحيى بن محمد بن يحيى) في:
الجرح والتعديل 9/ 186 رقم 774، وتاريخ بغداد 14/ 217- 219 رقم 7508، والكامل في التاريخ 7/ 300، 301، والمنتظم 5/ 62 رقم 143، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1516، 1517، وسير أعلام النبلاء 12/ 285- 294 رقم 105، والكاشف 3/ 234 رقم 6355، والعبر 2/ 36، وميزان الاعتدال 4/ 407 رقم 9624، والبداية والنهاية 11/ 42، ومرآة الجنان 2/ 180، وتهذيب التهذيب 11/ 276- 278 رقم 550، وتقريب التهذيب 2/ 357 رقم 170، والنجوم الزاهرة 3/ 43، وخلاصة التذهيب 428، وشذرات الذهب 2/ 152. وهو الّذي يقال له: «حيكان» أو «كيكان» .
[2] تذكرة الحفّاظ 2/ 607، سير أعلام النبلاء 12/ 285، النجوم الزاهرة 3/ 43.

(20/198)


الإمارة والاستبداد والأمور دون عِلْم يحيى، فكان لا يقدر، فَلَمَّا قدِم شِيرَوَيْه تمكّن. فَلَمَّا خرج عن البلد تشوّش النّاس. وعرض يحيى بضعة عشر ألفا، وحاربوا قوّاد الخجستانيّ وطردوهم. وقتلوا أمّ أَحْمَد. فَلَمَّا رجع طلب يحيى وقتله.
سمعت أَبَا عَبْد الله بْن خُزَيْمَة يقول: ما رَأَيْت مثل حيْكان لا رحِمَ الله قاتله [1] .
وسمعت محمد بْن يعقوب يقول: أَحْمَد بْن عَبْد الله الخُجُسْتانيّ هاربًا من نَيْسابور، فَلَمَّا خشي أهلُها رجوعَه اجتمعوا على باب حَيْكان يسألونه القيام لمنع الخُجُسْتانيّ، فامتنع. فَمَا زالوا به حَتَّى أجابهم. فعرضوا عليه زُهاء عشرة آلاف. ولمّا رجع الخُجُسْتانيّ تفرّقوا عن حَيْكان، فطُلِبَ، فخاف وهرب، فبينا هُوَ يسير فِي قافلة بين الحمّالين وهو بِزيِّهم إذ عرف. فأخذ وأتوا به إلى الخُجُسْتانيّ، فحبسه أيّامًا، ثُمَّ غُيِّب شخصهُ. فَقِيلَ: إنّه بنى عليه جدارًا، وقِيلَ: قتله سرًّا [2] .
سمعت أَبَا عليّ أَحْمَد بْن محمد بْن زَيْد خَتن حَيْكان على ابنته يقول:
دخلنا على أبي زكريّا بعد أن رُدّ من الطريق فقال: اشترك فِي دمي خمسة:
العبّاسان، وابن ياسين، وشِيرَوَيْه، وأحمد بْن نصر اللّبّاد [3] .
سمعت أَبَا بَكْر الضُّبَعيّ يقول: سمعت نوح بن أَحْمَد: سمعت الخُجُسْتانيّ يقول: دخلت على حيكان فِي مَحْبَسه على أن أضربه خشبتين وأُطْلقه، فلما قربت منه قبضت على لحيته، فعض على خصيتي حتى لم أشك أنّه قاتلي، فَذَكَرْت سِكِّينًا فِي خُفّي، فجررتها وشَقَقْتُ بطْنه [4] .
سَمِعْتُ محمد بْن صالح بْن هانئ يَقُولُ: حضرنا الإملاء عند يحيى بْن محمد فِي رمضان، وقُتِل فِي شوّال سنة سبْعٍ وستّين، فَرَبَضَتْ مجالسُ الحديث، وخُبِّئت المحابر، حَتَّى لم يقدر أحد يمشي بمحبرة ولا كراريس إلى
__________
[1] تاريخ بغداد 14/ 219.
[2] انظر: تاريخ بغداد 14/ 218.
[3] سير أعلام النبلاء 12/ 287.
[4] سير أعلام النبلاء 12/ 287، تذكرة الحفاظ 2/ 617، 618، تهذيب التهذيب 22/ 277.

(20/199)


سنة سبعين، فاحتال أبو سَعِيد بْن إِسْمَاعِيل فِي ورود السَّرِيّ بْن خُزَيْمَة وعقد له مجلس الإملاء، وعلَّى المحبرة بيده، واجتمع عنده خلقٌ عظيم حَتَّى حضر ذلك المجلس [1] .
قَالَ محمد بْن عَبْد الوهاب الفرّاء: حَتَّى لا نستطيع أن نسايره نَحْنُ ولا أعقابنا أنّ رجلًا جعل نحره لنا ونحن مطمئنون نعبد الله.
قَالَ صالح بْن محمد الحافظ فِي كتابه إِلَى أبي حاتم الرَّازيّ: كتبت تسألني عن أحوال أَهْل العلم بنَيْسابور وما بقي لهم من الإسناد فاعلم أنّ أخبار الدّين وعلم الحديث دون سائر العلوم اليوم مطروح مجفوّ حاله وأهل العناية به فِي شغل بالفِتَن الّتي دَهَمَتْهم وتواترت عليهم عند مقتل أبي زكريا يحيى بْن محمد بْن يحيى، وقد مضى لسبيله، ولم يخلف أحد مثله. ولزِم كلّ خاصّة نفسه. ومرقت طائفة ممّن كانوا يُظْهرون السنة فصارت تَدِين بدين ملوكها.
وقَالَ أبو عُمَر أَحْمَد بْن الْمُبَارَك المستملي: رَأَيْت يحيى فقلت: ما فعل الله بك؟
فقال: غُفِر لي.
فقلت: ما فعل الله بالخُجُسْتانيّ. بعده سنة واحدة، وقتله غلمانه كما تقدم [2] .
181- يزيد بْن سِنَان بْن يزيد [3] .
أبو خَالِد البصْريّ القزّاز، مَوْلَى قُرَيْش.
نزل مصر، وحدَّث عن: يحيى بْن سَعِيد القطّان، ومُعاذ بْن هشام،
__________
[1] تذكرة الحفاظ 2/ 617، سير أعلام النبلاء 12/ 288، 289.
[2] قَالَ ابن أَبِي حاتم: سمعتُ منه بالرّيّ بمحضر أبي وأبي زرعة، أملى علينا من حفظه، وهو صدوق. (الجرح والتعديل) .
وقال المزكّي: كان يحيى بن محمد له موضع من العلم والحديث. (تاريخ بغداد 14/ 218) .
[3] انظر عن (يزيد بن سنان) في:
مسند أبي عوانة (في مواضع كثيرة) ، والجرح والتعديل 9/ 267 رقم 1121، والثقات لابن حبّان 9/ 276، والمنتظم 5/ 49 رقم 115، والمعجم المشتمل 324 رقم 1169، وتهذيب الكمال (المصوّر) 3/ 1534، وميزان الاعتدال 4/ 428 رقم 9706، وسير أعلام النبلاء 12/ 554 رقم 212، والكاشف 3/ 244 رقم 6426، وتهذيب التهذيب 11/ 335 رقم 631، وتقريب التهذيب 2/ 366 رقم 365، وخلاصة التذهيب 432.

(20/200)


وعبد الرَّحْمَن بن مهديّ، وجماعة.
وعنه: النَّسائيّ، وأبو عوانة، والطّحاويّ، وابن أبي حاتم [1] ، وآخرون.
وهو أخو محمد بْن سِنان القزّاز صاحب الجزء المشهور، وعمّ محمد بْن خُزَيْمَة الَّذِي سكن معه مصر.
وكان ثقة نبيلًا عالمًا. خرّج لنفسه «المُسْنَد» .
وهو آخر من حدّث عن يحيى القطّان بديار مصر.
تُوُفيّ فِي جُمادى الأولى سنة أربعٍ وستّين [2] .
182- يعقوب بْن بختان [3] .
الفقيه، صاحب الْإِمَام أَحْمَد.
روى عن: مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم، وأحمد بْن حنبل.
وعنه: أبو بَكْر بْن أبي الدنيا، وأحمد بن محمد بن أبي شَيْبَة.
قَالَ الخطيب: كان أحد الصالحين الثّقات [4] .
183- يعقوب بْن شَيْبَة بْن الصَّلْت بْن عُصْفُور [5] .
الحافظ الكبير أبو يوسف السَّدُوسيّ البصْريّ، نزيل بغداد.
سمع: عليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وأزهر السَّمّان، وبِشْر بْن عُمَر الزّهْرانيّ، وجعفر بْن عَوْن، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهميّ، وأبا عامر العَقَديّ، وعبد الوهاب الخفّاف، ووهْب بْن جرير، ويعلى بن عبيد،
__________
[1] وهو قال: كتبت عنه وهو صدوق ثقة. (الجرح والتعديل) .
[2] وبها أرّخه ابن حبّان.
[3] انظر عن (يعقوب بن بختان) في:
تاريخ بغداد 14/ 280 رقم 7573 وفيه كنيته «أبو يوسف» .
[4] وقال ابن أبي الدنيا: كان من خيار المسلمين.
[5] انظر عن (يعقوب بن شيبة) في:
طبقات الحنابلة 1/ 416 رقم 543، وتاريخ بغداد 14/ 281- 283 رقم 7575، والمنتظم 5/ 43 رقم 94، والعبر 2/ 52، وسير أعلام النبلاء 12/ 476- 479 رقم 174، وتذكرة الحفاظ 2/ 577، 578، ودول الإسلام 1/ 159، والبداية والنهاية 11/ 35، والنجوم الزاهرة 3/ 37، وطبقات الحفاظ 254، وشذرات الذهب 2/ 146، ومعجم المؤلّفين 13/ 250، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 222 رقم 79، والديباج المذهب 355، والأعلام 9/ 6.

(20/201)


وخلْقًا من طبقتِهم.
ثُمَّ كتب عن طبقةٍ أخرى بعدهم، كعليّ بْن المدينيّ، ويحيى بْن معين، وأحمد بْن حنبل.
ثُمَّ كتب عن طبقةٍ أخرى بعدهم كالحسن بْن عليّ الحلْوانيّ، ومحمد بن يحيى الذُّهْليّ، وهارون الجمّال.
روى عَنْهُ: حفيده محمد بْن أَحْمَد بْن يعقوب، ويوسف بْن يعقوب الأزرق، وجماعة.
وثّقه الخطيب [1] ، وغيره.
وصنَّف مسندًا كبيرًا إِلَى الغاية القُصْوى لم يُتمّه. ولو تمّ لجاء فِي مائتي مجلّد.
قال الدّار الدّارَقُطْنِيّ: لو كان كتاب يعقوب بْن شَيْبَة مسطورًا على حرامٍ لَوَجَبَ أن يُكْتَب [2] .
وقَالَ أبو بَكْر الخطيب [3] : حَدَّثَنِي الأزهريّ قَالَ: بلغني أنّه كان فِي منزل يعقوب بْن شَيْبَة أربعون لحافًا أعدَّها لمن كان يكتب عنده من الورّاقين الّذين يبيّضون «المُسْنَد» ، ولَزِمَه على ما خرج منه عشرة آلاف دينار.
قَالَ: وقِيلَ لي: إنّ نسخةً بمُسْنَد أبي هُرَيْرَةَ شُوهِدت بمصر، فكانت مائتي جزء [4] .
قَالَ: وَالَّذِي ظهر له من «المُسْنَد» : مُسْنَد العشرة، وابن مَسْعُود، وعمّار، وعُقْبة بْن عَدْوان، وبعض الموالي.
قلت: وبلغني أنّ مُسْنَد عليّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه له فِي خمس مجلَّدات، وقع لنا الجزء الأول من مُسْند عمّار بُعُلوّ.
قَالَ أَحْمَد بْن كامل القاضي: كان يعقوب من كبار أصحاب أَحْمَد بْن المعدّل، والحارث بْن مِسْكين. فقيهًا ثريًّا. وكان يقف فِي القرآن [5] .
__________
[1] في تاريخه 14/ 281.
[2] تاريخ بغداد 14/ 281.
[3] في تاريخه 14/ 281.
[4] المنتظم 5/ 43.
[5] تاريخ بغداد 14/ 283.

(20/202)


وقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن خاقان: أمر المتوكل بمُسْنَد أَحْمَد بْن حنبل عمّن يتقلّد القضاء. قَالَ: فسألته، حَتَّى قلت: يعقوب بْن شَيْبَة؟
فقال: مبتدع صاحب هوى [1] .
قَالَ أبو بَكْر الخطيب [2] : وُصِف بِذَلِك لأجل الوقف، يعني يقول فِي القرآن فلا يقول: مخلوق ولا غير مخلوق.
قلت: أَخَذَ الوقف عن شيخه أَحْمَد بْن المعدل.
قَالَ المَرُّوذيّ: أظهر يعقوب بْن شَيْبَة الوقف فِي ذلك الجانب، فحذِر أبو عبد الله أَحْمَد بْن حنبل منه.
تُوُفيّ فِي ربيع الأول سنة اثنتين وستّين.
184- يعقوب بْن اللَّيْث الصّفّار [3] .
الأمير أبو يوسف السّجِسْتانيّ، المستولي على خُراسان.
ذكر عليّ بن محمد أنّ يعقوب وعمرا كانوا أخوين صفارين [4] يظهران الزهد.
وكان صالح بن النضر المطوعي مشهورا بقتال الخوارج، فصحباه إلى أن مات، فتولّى مكانه درهم بْن الحسين المطّوّعيّ، فصار معه يعقوب [5] .
__________
[1] تاريخ بغداد 14/ 282.
[2] في تاريخه 14/ 282، والمنتظم 5/ 43.
[3] انظر عن (يعقوب بن الليث) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 495، 504، وتاريخ الطبري 9/ 255، 382- 386، 409، 476، 502، 507- 512، 514- 520، 527، 530، 531، 533، 543، 544، والتنبيه والإشراف 319، وتاريخ سنيّ ملوك الأرض 170، 171، وصورة الأرض لابن حوقل 353، وتجارب الأمم 6/ 563، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 3/ 25، 28، 105، ومروج الذهب 3158- 3176، 3185، 3240، والبدء والتاريخ 6/ 121، 122، والعيون والحدائق ج 4 ق 1/ 46، 71- 73، 75- 79، 87، 226. والكامل في التاريخ 7/ 64، 120، 184، 185، 191، 193، 247. 261، 262، 266، 268، 276، 277، 280، 288، 296، 300، 310، 321، 325، 327، 367 و 8/ 277 و 11/ 345، والمنتظم 5/ 56 رقم 129، ووفيات الأعيان 6/ 402، 432، ونهاية الأرب 22/ 332، 333، والمختصر في أخبار البشر 2/ 52، ودول الإسلام 1/ 158- 160، والعبر 2/ 19، 24، 32، وسير أعلام النبلاء 12/ 513- 515 رقم 191، والبداية والنهاية 11/ 39، ومرآة الجنان 2/ 180، وتاريخ ابن الوردي 1/ 338، 339، ومآثر الإنافة 1/ 259، والنجوم الزاهرة 3/ 38، وشذرات الذهب 2/ 150، 151.
[4] يعملان في النحاس، كما في: سير أعلام النبلاء 12/ 513.
[5] الكامل في التاريخ 7/ 184، وفيات الأعيان 6/ 402.

(20/203)


ثُمَّ إنّ أمير خُراسان ظفر بدرهم، وبعث به إِلَى بغداد، فحبسوه ثُمَّ أطلقوه، فخدم السّلطان، ثُمَّ إنّه تنسّك ولزِم الحجّ، وأقام ببيته.
قَالَ ابنُ الأثير [1] : تغلب صالح بْن النَّضْر الكِنانيّ على سِجِسْتان ومعه يعقوب، فاستنقذها منه طاهر بْن عَبْد الله بْن طاهر. ثُمَّ ظهر بها درهم المطَّوِّعيّ فغلب عليها، وصار يعقوب قائد عسكره.
ورأى أصحاب دِرْهم عجزه وضَعْفه، فملكوا عليهم يعقوب لمّا رأوا من حُسْن سياسته. فلم ينازْعه دِرْهم. واستبدّ يعقوب بالإمرة، وقويت شوكته.
قَالَ عليّ بْن محمد: لمّا دخل درهم بغداد وَلِيَ يعقوب أمر المطّوّعة، وحارب الخوارج الشّراة حَتَّى أفناهم، وأطاعه جُنْدُه طاعة لم يطيعوها أحدًا.
واشتهرت صَوْلتُه، وغلب على سجِسْتان، وهَرَاة، وبُوشَنْج، ثُمَّ حضّهُ أَهْل سجِسْتان على حرب التّرْك الّذين بأطراف خُراسان مع رُتْبِيل لشدّة ضررهم، فغزاهم وظفر برُتْبيل فقتله، وقتل ثلاثة من ملوك التُّرْك، ثُمَّ ردّ إِلَى سِجِسْتان وقد حمل رءوسهم مع رءوس أُلوفٍ منهم، فرهبته الملوك الّذين حوله، ملك المُولتان، وملك الرُّخَّج، وملك الطّبْسين، وملوك السِّنْد [2] .
وكان على وجهه ضربة مُنْكَرَةَ من بعض قتال الشُّراة، سقط منها نصف وجهه، وَخَاطه ثُمَّ عُوفي [3] .
وقد أرسل إِلَى المعتز باللَّه هديّة عظيمة، من جملتها مسجد فضّة يسع خمسة عشر نَفْسًا يصلُّون فِيهِ [4] . وكان يُحمل على عدّة جِمال، ويُفَكَّك ثُمَّ يُركَّب.
ثُمَّ إنّه حارب عسكر فارس سنة خمسٍ وخمسين ومائتين، وقتل منهم أُلُوفًا. فكتب إليه وجُوه أَهْل فارس: إنّ كنت تريد الدّيانة والتّطَوُّع وقتل الخوارج فما ينبغي لك أن تتسرع فِي الدّماء [5] . واعتدّوا للحصار، ونازلهم ووقع القتال،
__________
[1] في الكامل في التاريخ 7/ 184، 185، واقتبسه ابن خلّكان في وفيات الأعيان 6/ 403.
[2] وفيات الأعيان 6/ 403، 404.
[3] وفيات الأعيان 6/ 405.
[4] وفيات الأعيان 6/ 405.
[5] وفيات الأعيان 6/ 407.

(20/204)


فظفر يعقوب بأميرهم عليّ بْن الْحُسَيْن بْن قُرَيْش وقد أُثْخِنَ بالجراح، وقتل من جُنْد فارس خمسة آلاف [1] .
ودخل يعقوب شِيراز، فأمَّن أهلها وأحسن إليهم. وأخذ من ابنُ قُرَيش أربعمائة بدرة، فأنفق في جيشه لكل واحد ثلاثمائة درهم [2] .
ثُمَّ بسط العذاب على ابنُ قُرَيْش حَتَّى أنّه عصره على أُنْثَيَيْه وصدْغَيْه، وقيّده بأربعين رطلًا، فاختلط عقله من شدّة العذاب [3] .
ورجع يعقوب إِلَى سِجِسْتان، وخلع المعتز، وبويع المعتمد على الله. ثُمَّ رجع يعقوب إِلَى فارس، فجبى خراجها ثلاثين ألف ألف درهم. واستعمل عليها محمد بْن واصل [4] .
وكان يحمل إِلَى الخليفة فِي العام نحو خمسة آلاف ألف درهم [5] .
وعجز الخليفة عَنْهُ، ورضي بمُدَاراته ومُهادنته. ودخل يعقوب إِلَى بَلْخ فِي سنة ثمانٍ وخمسين. ودخل إِلَى نَيْسابور بعد شهرين، وابن طاهر فِي أسْره ومعه ستُّون نفْسًا من أَهْل بيته، فقصد يعقوب جُرْجان وطَبَرِسْتان، فالتقاه المتغلِّب عليها حسن بْن زَيْد العلويّ فِي جيشٍ كبيرٍ، فحمل عليهم يعقوب فِي خمسمائة من غلمانه، فهزمهم. وغنم يعقوب ثلاثمائة وقرْ مالًا كَانَتْ خزانة الْحَسَن بْن زَيْد، وأسر جماعة من العلويّين وأساء إليهم.
وكانت هذه الوقعة في رجب في سنة ستّين [6] .
ثُمَّ دخل آمُل طَبَرِسْتان وقَصَد الرِّيّ، وأمر نائبها بالخروج عَنْهَا، وأظهر أنّ المعتمد على الله ولّاه الرِّيّ. فغضب المعتمد عند ما بلغه ذلك، وعاقب غلمان يعقوب الّذين ببغداد. فسار يعقوب في سنة إحدى وستّين نحو جرجان، فقصده الْحَسَن بْن زَيْد العلويّ فِي الدَّيْلم من ناحية البحر، فنال من يعقوب وهزمه إِلَى جُرْجان. فجاءت بجُرْجان زلزلة قتلت من جُنْد يعقوب ألفي نفس. وأقام يعقوب
__________
[1] وفيات الأعيان 6/ 409.
[2] وفيات الأعيان 6/ 410.
[3] وفيات الأعيان 6/ 410.
[4] وفيات الأعيان 6/ 411.
[5] وفيات الأعيان 6/ 411.
[6] وفيات الأعيان 6/ 411.

(20/205)


بها فظلم وعَسَف، واستعان مَن ببغداد مِن أَهْل خُراسان على يعقوب، فعزم المعتمد على حربه، ورجع يعقوب إِلَى جوار الرِّيّ وأخذ يستعدّ. ودخل نَيْسابور وصادر أهلها، ثُمَّ خرج إِلَى سِجِسْتان [1] .
وجاءت كُتُب المعتمد إِلَى أعيان خُراسان بالحطّ على يعقوب وبأنْ يهتمّوا له. فأخذَ يكاتب الخليفة ويُداريه، ويسأله ولاية خُراسان وفارس وشرطتي بغداد وسامرّاء، وأن يعقد أيضًا على الرِّيّ، وطَبَرِسْتان، وجُرْجان، وأَذْرَبِيجَان، وكرْمان، وسِجِسْتان، ففعل ذلك المعتمد بإشارة أَخِيهِ الموفَّق. وكان المعتمد مقهورًا مع أَخِيهِ الموفَّق، فاضطّربت الموالي بسامرّاء لذلك وتحرّكوا [2] .
ثُمَّ إنّ يعقوب لم يلتفت إِلَى ما أُجيبَ إليه من ذلك، ودخلَ خُوزستان وقارب عسكر مُكْرَم عازمًا على حرب المعتمد، وأخذ العراق منه. فوصلت طلائع المعتمد، وأقبلت جيوش يعقوب إِلَى قرب دير العاقول، ووقع المصافّ، فبرز بين الصّفَّين خشتج أحد قوّاد المعتمد وقَالَ: يا أَهْل خُراسان وسِجِسْتان ما عرفناكم إلّا بالطاعة والتّلاوة والحجّ، وإنّ دينكم لا يتّم إلّا بالإتّباع. وما نشك أنّ هَذَا الملعون قد موَّه عليكم، فَمَنْ تمسَّك منكم بالإسلام فلينفُرْ عَنْهُ. فلم يجيبوه [3] .
وقِيلَ: كان عسكر يعقوب ميلًا فِي ميل، ودوابُّهم على غاية الفراهة، فوقف المعتمد بنفسه، وكشف الموفَّق أخوه رأسه وقَالَ: أَنَا الغلام الهاشميّ.
وحمل وحمي الحرب، وقُتِل خلقٌ من الفريقين، فهُزِم يعقوب وأُخِذَتْ خزائنه، وما أفلت أحد من أصحابه إلّا جريحًا، وأدركهم الليل فوقعوا من الزّحمة وأثقلتهم الجراح [4] .
وقَالَ أبو السّاج ليعقوب: ما رأيتك، وما رَأَيْت منك شيئًا من تدبير الحرب، فكيف كنت تغلب النّاس؟ فإنّك جعلت ثِقَلَك وأسْراك أمامك، وقصَدت بلدًا على قلة معرفة منك بمَخَائضه وأنهاره، وسرت من السّوس إلى
__________
[1] وفيات الأعيان 6/ 412.
[2] وفيات الأعيان 6/ 413.
[3] وفيات الأعيان 6/ 414.
[4] الكامل لابن الأثير 7/ 290، 291، وفيات الأعيان 6/ 415.

(20/206)


واسط فِي أربعين يومًا، وأحوال عسكرك مُنْحَلَّة. فقال: لم أعلم أنّي محارب، ولم أشكّ فِي الظَّفر [1] .
وقَالَ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي طاهر: بعث يعقوب رُسُلَه إِلَى المعتمد، ثُمَّ سار إِلَى واسط فاستناب عليها، ووصل إِلَى دَيْر العاقول، فسار المعتمد لحربه [2] .
وقَالَ أبو الفَرَج الكاتب: نهض الخليفة لمحاربة الصّفّار، ولم تزل كُتُبه تصل إِلَى الخليفة بالمراوغة ويقول: إنّي قد علمت أنّ نهوض أمير المؤمنين يشرّفني وينبّه على موقعي منه. والخليفة يرسل إليه ويأمره بالانصراف، ويحذّره سوء العاقبة. ثمّ عبّأ الخليفة وجيشه، وأرسلوا المياه على طريق الصّفّار، فكان ذلك سبب هزيمته، فإنّهم أخذوا عليه الطّريق وهو لا يعلم. والتحم القتال، ثُمَّ انهزم الصّفّار وغنموا خزائنه. وتوهَّم النّاس أنّ ذلك حيلة منه ومكرًا، ولولا ذلك لاتّبعوه. ورجع المعتمد منصورًا مسرورًا [3] .
وخلص من أسر الصّفّار يومئذٍ محمد بْن طاهر أمير خُراسان، وجاء فِي قيوده إِلَى الخليفة، فخلع عليه خلْعةً سلطانية [4] .
وقِيلَ إنّ بعض جيش يعقوب كانوا نصارى على أعلامهم الصُّلْبان [5] .
وكانت الوقعة فِي ثاني عشر رجب سنة اثنتين وستّين [6] .
وانهزم الصّفّار إِلَى واسط، وعاث أصحابه فِي أعمال واسط، ثُمَّ سار إِلَى تُسْتَر، لم يهجمه أحد، ولا اقتحموا عليه، فحاصر تُسْتَر وأخذها. وتراجع جيشه وكثُر جمعه [7] .
وكان موته بالقُولَنْجٍ، فَقِيلَ: إنّ طبيبةُ أخبره أنّ لا دواء له إلّا الحُقْنة فامتنع، وبقي ستّة عشر يوما وهلك [8] .
__________
[1] وفيات الأعيان 6/ 415.
[2] وفيات الأعيان 6/ 416.
[3] وفيات الأعيان 6/ 416، 417.
[4] وفيات الأعيان 6/ 417.
[5] وفيات الأعيان 6/ 418.
[6] وفيات الأعيان 6/ 419.
[7] وفيات الأعيان 6/ 419.
[8] وفيات الأعيان 6/ 420.

(20/207)


وكان المعتمد قد أنفذ إليه رسولًا يترضاه فوجده مريضًا [1] .
وكان الْحَسَن بْن زَيْد العلويّ صاحب جُرْجان يسمّيه السّندان لثَباته. وكان قل أن يُرَى متبسّمًا [2] .
وولي بعده أخوه وأحسن السّيرة إِلَى الغاية، وامتدّت أيّامه [3] .
مات يعقوب فِي رابع عشر شوّال سنة خمسٍ وستّين بجُنْدَيْسابور.
185- يعقوب الزّيّات.
أحد مشايخ الطّريق بالعراق، صحب أَبَا تراب النَّخْشبيّ، وأبا حاتم العطّار، وأبا عليّ بْن الذّارع.
وذكر السُّلَميّ فقال: هُوَ من أقران الْجُنَيْد.
مات هُوَ وأخوه جَعْفَر مُحرِمَيْن فِي طريق الحجّ سنة اثنتين وستّين.
186- يوسف بْن بحر التّميميّ [4] .
أبو القاسم، قاضي حمص.
روى عن: عليّ بْن عاصم، ويزيد بْن هارون، وطبقتهما.
وعنه: ابنُ صاعد، ومحمد بن المسيّب الأرْغِيانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي حاتم، ومحمد بن سليمان بْن حيدرة.
وأمّا أخوه خيثمة بْن سُلَيْمَان [5] فأسرته الإفرنج، فلم يخلص من الأسر
__________
[1] وفيات الأعيان 6/ 421.
[2] وفيات الأعيان 6/ 421.
[3] وفيات الأعيان 6/ 421.
[4] انظر عن (يوسف بن بحر) في:
الجرح والتعديل 9/ 219، 220 رقم 915، والثقات لابن حبّان 9/ 282 وفيه «يوسف بن بحر الجبليّ، من أهل جبلة» ، وقال محقّقه بالحاشية (8) : «لم نظفر به» ، والأسامي والكنى للحاكم (مخطوطة دار الكتب المصرية) ج 1 ورقة 9 ب، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 7/ 2627، 2628، وتاريخ بغداد 14/ 305، 306 رقم 7617، وطبقات الحنابلة 1/ 420 رقم 549، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 19/ 586، وميزان الاعتدال 4/ 462، 463 رقم 9589، وسير أعلام النبلاء 13/ 122، 123 رقم 61، والمغني في الضعفاء 2/ 762 رقم 7229، ولسان الميزان 6/ 318، 319 رقم 1142، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 226، 227 رقم 1864.
[5] في الأصل: «خيثمة بن بحر» وهو وهم، والصواب ما أثبتناه فهو: خيثمة بن سليمان القرشيّ الأطرابلسي أخو محمد بن سليمان بن حيدرة، وكان أسره الفرنج أربعة أشهر. انظر حكاية

(20/208)


حَتَّى مات يوسف. وكان بغداديًا نزل الشّام.
قال ابن عديّ [1] : ليس بالقويّ، أتى عن الثّقات بمناكير [2] .
187- يوسف بْن محمد بْن صاعد [3] .
مَوْلَى بني هاشم، أخو الحافظ يحيى.
سمع: خلّاد بْن يحيى، وسليمان بْن حرب، وجماعة.
روى عَنْهُ: أخوه يحيى، وعليّ بْن إِسْحَاق المادَرَائيّ، وعبد الله الحامض.
وكان مُوَثَّقًا [4] .
تُوُفيّ سنة سبْعٍ وستّين [5] .
188- يُونُس بْن حبيب [6] .
أبو بِشْر العِجْليّ، مولاهم الإصبهانيّ.
روى عن: أبي دَاوُد الطيالسيّ جملة كثيرة من «المُسْنَد» .
وعن: عامر بن إبراهيم، وبكر بن بكّار، ومحمد بن كثير الصّنعانيّ [7] ، وجماعة.
__________
[ () ] أسره في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 12/ 582، وبغية الطلب لابن العديم (المخطوط) 5/ 250، وكتابنا: من حديث خيثمة الأطرابلسي 30، 31.
[1] في الكامل 7/ 2627 وفيه: «ليس بالقوي رفع أحاديث وأتى ... » .
[2] وذكره ابن حبّان في «الثقات» .
وقال الدارقطنيّ: ليس بالقويّ. (تاريخ بغداد 14/ 306) .
وقال الحاكم: ليس بالمتين عندهم. (الأسامي والكنى 1/ ورقة 9 ب) .
[3] انظر عن (يوسف بن محمد) في:
تاريخ بغداد 14/ 307 رقم 7621.
[4] وثّقه الدار الدّارقطنيّ.
[5] وقال البربهاري: وحدّث مجلسا واحدا.
[6] تاريخ الطبري 7/ 23، ومسند أبي عوانة (في مواضع كثيرة جدا) ، وذكر أخبار أصبهان 2/ 345، والجرح والتعديل 9/ 237، 238 رقم 1000، وطبقات المحدّثين بأصبهان 3/ 4- 6 رقم 236، والثقات 9/ 290، والأنساب 12/ 40، والتمهيد 2/ 299، والتقييد لابن الصلاح 2/ 309، وسير أعلام النبلاء 12/ 596، 597 رقم 227، والعبر 2/ 37، والبداية والنهاية 11/ 41، ودول الإسلام 1/ 161، وغاية النهاية 2/ 406 رقم 3948، وشذرات الذهب 2/ 152.
[7] في سير أعلام النبلاء 12/ 596: «محمد بن نشر- بالنون- الصنعاني» ، ويقول خادم العلم «عمر تدمري» : هذا وهم، محمد بن نشر هو حمداني كوفي مؤذّن ابن الحنفية، وليس بالصنعاني. (انظر: تهذيب التهذيب 9/ 488 رقم 796) .

(20/209)


وعنه: أبو بكر بن أبي داود، وعليّ بن رستم، وأبو بكر بن عاصم، جماعة.
آخرهم موتًا عَبْد الله بْن جَعْفَر بْن فارس.
قال ابن أبي حاتم [1] : كتبت عنه [بأصبهان] وهو ثقة. وحدَّثني ابنُ أبي عاصم أنّ أَحْمَد بْن الفُرات أمره بالكتابة عن يُونُس بْن حبيب.
وقَالَ غيره [2] : كان عظيم القدر بإصبهان، معروفًا بالسّتْر والصّلاح. تُوُفيّ سنة سبْعٍ وستّين أيضًا.
روى القراءة عن قتيبة بن مهران [3] .
__________
[1] في الجرح والتعديل، والإضافة منه.
[2] هو أبو نعيم الأصفهاني في: ذكر أخبار أصفهان 2/ 346.
[3] وكان يونس من الرواة عن أبي داود يقال إنه كان عنده ثلاثين ألفا عن أبي داود وكان من المعروفين بالستر والصلاح وكان مقبول القول، وكان كتب إليه المعتز باللَّه كتابا بالنظر في أمر متظلّم تظلّم إليه وحمله وأباه على الحق، وكان عظيم القدر خطيرا. (طبقات المحدّثين لأبي الشيخ) .

(20/210)


الكُنَى
189- أبو حاتم العطّار [1] .
الْبَصْرِيّ العارف، أحد مشايخ الطّريق بالبصرة.
قَالَ ابنُ الَأعرابي: لم يبلغنا أنّه كان في عصره أحد يُقَدَّم عليه فِي العلم بهذه المذاهب، وكان مع ذلك ملازمًا لسوقه وتجارته. يركب الحمار ويدلّل فِي العطّارين غير متمكن من الدُّنيا منحلّ، غير أنّه يرِد فِي هَذِهِ المذاهب حَتَّى ناب عن غيره، وتَلْمَذَ له من كان بالبصرة ممّن هُوَ أحسن منه.
وكان البغداديون يدخلون البصرة يقصدون كلٌّ منهم محمد بن وهب، ويعقوب الزَّيَّات، ورزيق النّفّاط، وغيرهم.
وكان ظاهره مظاهر التّجار والعامّة منبسطًا معهم، فإذا تكلم كان غير ذلك.
أخبرني محمد بْن عليّ: سمع أَبَا حَمْزَةَ الْبَغْدَادِيّ: ربّما ذكر أبو حاتم، وكان يتكلم يوم الجمعة، فيقول فِي كلامه: لا تسألوني عن حالي، واعْفوا لي عن نفسي. حسابي على غيركم. اجعلوني كالفتيل أحرق نفسي وأُضيء لكم.
وكان لا يظهر عليه خشوع ولا تنكيس رأس ولا لباس. وكان من أَهْل السنة والإتقان، يُزْري على الغسّانيّة وأهل الأوراد وأخْذِ المعلوم، كما يذمّ أَهْل الدُّنيا ومن يأوى إِلَى الأسباب.
يقول: من لم يعبد الله الغالب على قلبه، فإنّما يعبد هواه ونفسه.
وكان يقول: من ذكر الله نسي نفسه. ومن ذكر نعمة الله نسي عمله.
وكان عامّة فِي المعاني. ويقول: الأبطال فِي النُّجوم، والسّرائر فِي القلوب.
وتحتاج تتوب من توبتك وتعبد الله له لا لك.
ويْحَك كم تبكي وتصيح، صحّح واسترح.
__________
[1] انظر عن (أبي حاتم العطار) في:
طبقات الصوفية 146 في ترجمة أبي تراب النخشبي.

(20/211)


السيّاحة بالقلوب، وسَيْر الشّواتي سفر لا يقضي.
دع الإحصاء والعَدَد، وصُمِ الدُّنيا وأفطِر الآخرة.
وكان يقول، إذا رَأَى عليهم الفُوَط والّأبْراد والصوف، وهم يُصَلّون: قد نشرتم أعلامكم وضربتم طُبُولكم، فليت شعري فِي اللّقاء أيّ رجال أنتم؟
قَالَ رُزَيق النّفّاط، أو غيره: رَأَيْت أَبَا حاتم بيده عطْر يعرضه للبيع، فسألته عن مسألة، فقال: لكلّ مقامٍ مقال، ولكن اصْبِر حَتَّى أفرغ. وكان إذا فرغ جلس يوم الجمعة، اجتمع إليه الصُّوفية وأصحاب الحديث والغُرَباء، وعامّة، مسجد البصرة، وجميع الطبقات.
وكان الّذين يلزمون حلقته: ابنُ الشُّوَيْطيّ. وأبو سَعِيد الغَنَويّ، والمَرْزُوقيّ. وكان الغَنَويّ يميل إِلَى شيءٍ من الكلام ويعرفه.
وكان فِي المسجد طائفة من النّاس يُنْكِرون على أَهْل المحبّةِ لمّا يبلغهم من التّخليط، وكانوا أهل حديث، وكلّهم يستملي أَبَا حاتم ويُعْجبه كلامه لِرِقَّته، ولقَوْله بالسنة ومخالفته الغسّانيّة.
وكانوا يميلون إليه هُوَ وعبد الجبار السُّلَمّي، والحسن بْن المُثَنَّى، وأحمد بن أبي عُمَر، وابن أبي عاصم، والْجُذُوعيّ. كلّ هَؤُلَاء صوفيّة المسجد من أَهْل السنة والحديث يتحلّون النُّسُك والأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكَر.
وكان لهم بالبلد قدْرٌ وهَيْبة.
وقَالَ السُّلَمّي: كان أبو حاتم العطّار أستاذ الْجُنَيْد، وأبي سَعِيد الخرّاز.
وكان من جِلّة مشايخهم، مِن أقران أبي تراب النَّخْشبيّ. وهو أول من تكلّم بالعراق فِي علوم الإشارات.
وعن محمد بْن وهْب قَالَ: دخلت البصرة أَنَا ويعقوب الزَّيَّات، فأتينا أَبَا حاتم العطّار، فدقَقْنا الباب، فقال: من هَذَا؟
قلت: رَجُل يقول الله.
فخرج ووضع خدّه على الأرض، وقَالَ: بقي مَن يُحْسِن يقول الله! 190- أبو حَمْزَةَ البغداديّ الصوفيّ [1] .
__________
[1] انظر عن (أبي حمزة البغدادي) في:

(20/212)


أحد الكبار، اسمه محمد بْن إِبْرَاهِيم.
تُوُفيّ سنة تسعٍ وستّين [1] . قاله أبو سَعِيد بْن الأعرابيّ.
تحوَّل ترجمته إِلَى هنا من بعد الثمانين.
ومن أخباره: قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَابِ «طبقات النُّسَّاك» : قدم أبو حَمْزَةَ من طَرَسُوس إِلَى بغداد، فجلس واجتمع إليه النّاس. وما زال مقبولًا حَسَن الظّاهر والمنزلة إِلَى أن تُوُفيّ. وحضر جنازته أَهْل العلم والنُّسُك. وصلّى عليه بعض بنيه، وغسّله جماعة من بني هاشم.
وقُدِّم عليه الْجُنَيْد، يعني فِي الصّلاة، فامتنع، فتقدَّم ولده. وقام المكبرِّون يسمعون النّاس [2] .
وصعد الخطيب المعروف بالكاهليّ على سطح ليبلّغ النّاس.
قال ابن الأعرابيّ: وكنت أَنَا وأبو بَكْر غلام بُلْبل، ومحمد الدِّينَوريّ، بائتين فِي مسجد أبي حَمْزَةَ ليلة موته، فمات فِي السَّحَرِ. وأُخبرتُ أنَه كان يقرأ حزبه من القرآن حَتَّى ختم فِي تلك اللّيلة. وكان صاحب ليل، مقدَّمًا فِي علم القرآن وحِفْظه. خاصّة قراءة أبي عَمْرو. وقد حملها عَنْهُ جماعة. وأخذ عَنْهُ كتاب اليزيديّ [3] . وأخبرني مَرْدَويْه أبو عَبْد الرَّحْمَن المقرئ أنّه لم يَرَ أحدًا يقدّمه فِي قراءة أبي عَمْرو، والقيام بها على أبي حَمْزَةَ.
وقد قرأ ابنُ مجاهد على مَرْدَويْه.
وكان سبب عِلّته أنّ النّاس كثُروا، فأُتي أبو حَمْزَةَ بكُرسيّ، فجلس عليه، ثُمَّ مرّ فِي كلامه بشيءٍ أعجبه، فردّده وأُغمي عليه حَتَّى سقط عن الكرسيّ [4] .
__________
[ () ] طبقات الصوفية للسلمي 295- 298 رقم 10، وحلية الأولياء 10/ 320- 322 رقم 590، والرسالة القشيرية 432، والفهرست لابن النديم، المقالة 5، الفن 5، وتاريخ بغداد 1/ 390- 394 رقم 364، وطبقات الحنابلة 1/ 268، 269 رقم 380، والمنتظم 5/ 68، 69 رقم 155، وسير أعلام النبلاء 13/ 165- 168 رقم 99، والوافي بالوفيات 1/ 344، 345 رقم 229، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 116، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 177، وكشف المحجوب 194 وقد تقدم في المحمّدين برقم (126) .
[1] في طبقات الصوفية 296: توفي سنة تسع وثمانين ومائتين. قال ابن الجوزي: والأول أصح.
(المنتظم 5/ 69) .
[2] انظر: سير أعلام النبلاء 13/ 168.
[3] سير أعلام النبلاء 13/ 168.
[4] طبقات الصوفية 295.

(20/213)


وقد كان هَذَا يصيبه كثيرًا، فانصرف من المجلس بين اثنين يوم الجمعة، فتعلّل ودُفِن فِي الجمعة الثانية بعد الصّلاة.
وكان أستاذ البغداديّين، وهو أوّل من تكلّم ببغداد فِي هَذِهِ المذاهب من صفاء الذِّكْر وجمع الهمّة والمحبّة والشَّوْق والقُرب والُأنس [1] ، لم يسبقه بها على رءوس النّاس ببغداد أحد [2] .
وكان قد طاف البلاد، وصحِب النُّسَاك بالبصرة، وغيرهما.
وسافر مع أبي تراب وأشكاله طالبًا الحقائق.
وجالس أَبَا نصر التّمّار، وأحمد بن حنبل، وسَرِيّ السَّقَطيّ، وهو مَوْلَى لعيسى بْن أبان القاضي [3] .
وقد سمعت أَبَا حَمْزَةَ غير مرّة يقول: قَالَ لي أَحْمَد بْن حنبل: يا صوفيّ ما نقول فِي هَذِهِ المسألة [4] ؟
191- أبو السّاج [5] .
كان من كبار قُوّاد المعتمد على الله، وإليه تُنْسب الأجناد السّاجيّة ببغداد [6] .
مات بجُنْدَيْسابُور فِي ربيع الأول سنة ستٍّ وستّين ومائتين، وخلّف أموالا عظيمة.
__________
[1] حلية الأولياء 10/ 320.
[2] تاريخ بغداد 1/ 393، المنتظم 5/ 69.
[3] حلية الأولياء 10/ 320، تاريخ بغداد 1/ 390.
[4] طبقات الصوفية 295، تاريخ بغداد 1/ 390، طبقات الحنابلة 1/ 268، المنتظم 5/ 69.
[5] انظر عن (أبي الساج) في:
تاريخ الطبري 9/ 47، 51، 85، 206، 293، 314، 315، 317، 321، 327، 330، 332، 333، 335، 353، 370، 371، 513، 515، 516، 549، ومروج الذهب 3093، 4104، والمنتظم 5/ 56، والكامل في التاريخ 7/ 85، 151، 152، 157، 168، 176، 276، 278، 290، 292، 333، 362، 372، 396، ووفيات الأعيان 2/ 250، 251، وزبدة الحلب 1/ 74، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) ج 2/ 299.
واسمه ديوداد بن ديودست.
[6] وفيات الأعيان 2/ 251.

(20/214)


(بعون الله وتوفيقه تمّ إنجاز تحقيق هذا الجزء من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ «شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي» - رحمه الله- على يد الفقير إليه تعالى، طالب العلم وخادمه «أبو غازي» ، عمر عبد السلام تدمري، الحاج الأستاذ الدكتور، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، الطرابلسيّ مولدا وموطنا، وقد قام بتصحيحه، وضبط نصّه، وتخريج أحاديثه وأشعاره، والإحالة إلى مصادره، فكان الفراغ منه قبيل غروب شمس يوم الخميس الرابع من شهر شوّال 1411 هـ. الموافق للثامن عشر من شهر نيسان (أبريل 1991 م.) والرجاء من الله تعالى أن يفتح علينا فتوح العارفين ويوفّقنا لإنجاز هذا السّفر الجليل، ويجعل عملنا هذا خالصا لوجهه، وخدمة لتراث الأمّة، وهو المستعان والموفّق) .

(20/215)