تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

 [المجلد الرابع والثلاثون (سنة 491- 500) ]
[الطبقة الخمسون]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سنة إحدى وتسعين وأربعمائة
[ابتداء دولة الإفرنج]
قَالَ ابن الأثير: [1] ابتداء دولة الإفرنج، لعنهم اللَّه، في سنة ثمان وسبعين [2] فملكوا طُلَيْطُلَة وغيرها من الأندلس. ثمّ قصدوا صِقِلّية في سنة أربع وثمانين فملكوها، وأخذوا بعض أطراف إفريقية.
[بدء حملات الإفرنج إلى بلاد الشام]
وخرجوا في سنة تسعين إلى بلاد الشّام، فجمع ملكهم بردويل جَمْعًا كثيرًا، وبعث إلى الملك رُجَار [3] صاحب صِقِلّية يَقُولُ: أَنَا واصل إليك وسائرٌ من عندك إلى إفريقية أفتحها، وأكون مجاورًا لك. فاستشار رُجَار [3] أكابر دولته، فقالوا: هذا جيّد لنا وله، وتصبح البلاد بلاد النّصرانيّة. فضرط ضرطةً [4] وقال:
وحقّ ديني هذا خيرٌ من كلامكم.
قَالُوا: ولِمَ ذلك؟
قال: إذا وصل احتاج إلى كلْفة كبيرة ومراكب وعساكر من عندي، فإن فتحوا إفريقية كانت لهم ويأخذون أكثر مُغَلّ بلادي، وإن لم يفتحوا رجعوا إلى بلادي وتأذَّيْت. ويقول تميم، يعني ابن باديس: غدرت ونقضت العهد. ونحنُ إنْ وجدنا قوة أخذنا إفريقية.
ثمّ أحضر الرَّسُول، إذا عزمتم على حرب المسلمين فالأفضل فتح بيت
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 272.
[2] في الأصل: «سبعون» ، وهو غلط.
[3] في الأصل: «رجال» .
[4] في الكامل 10/ 272 «فرفع رجله وحبق حبقة عظيمة» ، ومثله في: نهاية الأرب 28/ 249.

(34/7)


المقدس، تخلّصونه من أيديهم، ويكون لكم الفخر. وأمّا إفريقيّة فبيني وبين صاحبها عُهُود وأَيْمان.
فتركوه وقصدوا الشّام [1] .
وقيل: إنّ صاحب مصر لمّا رأى قوّة [2] السَّلْجُوقيّة واستيلائهم عَلَى الشام ودخول أَتْسِز إلى القاهرة وحصارها، كاتب الإفرنج يدعوهم إلى المجيء إلى الشّام ليملكوه [3] .
[عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية]
وقيل: إنّهم عبروا خليج القسطنطينيّة وقدموا بلاد قليج [4] أرسلان بْن سلمان بْن قُتُلْمش السَّلْجوقيّ، فالتقاهم، فهزموه في رجب سنة تسعين. واجتازوا ببلاد ليون الأرمني فَسَلكوها. وخرجوا إلى أنطاكية فحاصروها [5] ، فخاف ياغي سِيان [6] من النَّصارى الذين هُمْ رعيته، فأخرج المسلمين خاصّة لعمل الخندق أيضًا، فعملوا فيه إلى العصر، ومنعهم من الدخول، وأغلق الأبواب، وأَمِن غائلة النّصارى [7] .
وحاصرته الإفرنج تسعة أشهر، وهلك أكثر الإفرنج قتلًا وموتًا بالوباء وظهر من شجاعة ياغي سيان وحزْمه ورأيه ما لم يُشاهد من غيره، وحفظ بيوت رعيّته النّصارى بما فيها [8] .
__________
[1] نهاية الأرب 28/ 250.
[2] في الأصل: «قوت» .
[3] الكامل في التاريخ 10/ 272، 273، نهاية الأرب 28/ 249، 250.
[4] في الكامل 10/ 274: «قلج» .
[5] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 134، نهاية الأرب 28/ 251.
[6] في الأصل: «سنان» ، والصحيح كما أثبتناه.
[7] الخبر هنا ناقص، وهو في الكامل 10/ 274: «خاف من النصارى الذين بها، فأخرج المسلمين من أهلها، ليس معهم غيرهم، وأمرهم بحفر الخندق، ثم أخرج من الغد النصارى لعمل الخندق أيضا، ليس معهم مسلم، فعملوا فيه إلى العصر، فلما أرادوا دخول البلد منعهم، وقال لهم: أنطاكية لكم تهبونها لي حتى انظر ما يكون منّا ومن الفرنج..» .
وانظر الخبر في: تاريخ ابن خلدون 5/ 20، والإعلام والتبيين للحريري 8، والحروب الصليبية لوليم الصوري 1/ 349، 350.
[8] الكامل في التاريخ 10/ 274، تاريخ الزمان لابن العبري 123، زبدة الحلب 2/ 133، نهاية

(34/8)


ثمّ إنّ الإفرنج راسلوا الزّرّاد أحد المقدَّمين، وكان متسلّمًا برجًا من الوادي، فبذلوا لَهُ مالًا، فعامد عَلَى المسلمين يطلعوا إلى أنّ تكاملوا خمسمائة، فضربوا البوق وقت السَّحَر، ففتح ياغي سيان [1] الباب، وهرب في ثلاثين فارسًا، ثمّ هرب نائبه [2] في جماعة [3] .
[استباحة الإفرنج أنطاكية]
واستُبيحت أنطاكية، فإنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون. وذلك في جُمَادَى الأولى من سنة إحدى وتسعين. وأسقط في يد يغيسيان [4] صاحبها، وأكل يديه ندمًا حيث لم يعد ويقاتل عَنْ حُرَمه حتّى يقتل. فلشدة ما لحقه سقط مغشيا عَلَيْهِ، وأراد أصحابه أنّ يُرْكِبُوه، فلم يكن فيه حَيْلٌ يتماسك بِهِ، بل قد خارت قوّته، فتركوه ونجوا. فاجتاز بِهِ أَرمنيّ حطّاب، فرآه بآخر رَمَق، فقطع رأسه، وحمله إلى الإفرنج [5] .
[رواية سبط ابن الجوزيّ]
وقال صاحب «المرآة» : وكثر النّفير عَلَى الإفرنج، وبعث السّلطان بَرْكِيارُوق إلى العساكر يأمرهم بالمسير إلى عميد الدّولة للجهاد.
وتجهّز سيف الدّولة، فمنعه ابن مُزْيَد. فجاءت الأخبار إلى بغداد بأنّ
__________
[ () ] الأرب 28/ 251، دول الإسلام 2/ 19، تاريخ ابن الوردي 3/ 10، الإعلام والتبيين 9.
[1] في الأصل: «سنان» ، والتصحيح من: زبدة الحلب 2/ 130.
[2] في الأصل: «هرب في أمية» .
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 359 و (تحقيق سويّم) 25، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 135 و 136، الكامل في التاريخ 10/ 274، 275، تاريخ الزمان لابن العبري 124، زبدة الحلب 2/ 133، 134، نهاية الأرب 28/ 252، دول الإسلام 2/ 19، الإعلام والتبيين 9، الحروب الصليبية لوليم الصوري 1/ 334، 335، أعمال الفرنجة (لمؤرّخ مجهول) 66 وما بعدها، الألكسياد لأنّا كومينا 156.
[4] في الأصل: «يغيسنان» ، وفي البداية والنهاية 12/ 155 «باغيسيان» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 275، تاريخ الزمان لابن العبري 124، نهاية الأرب 28/ 252، 253، المختصر في أخبار البشر 2/ 210، العبر 3/ 330، دول الإسلام 2/ 19، 20، مرآة الجنان 3/ 154، البداية والنهاية 12/ 155، تاريخ ابن خلدون 5/ 20، تاريخ ابن الوردي 2/ 10، النجوم الزاهرة 5/ 146 و 147، الإعلام والتبيين 9، تاريخ الأزمنة 85، الحروب الصليبية لوليم الصوري 359، 360، أعمال الفرنجة (لمؤرّخ مجهول) 70.

(34/9)


أنطاكية أُخذت، وأنّ الإفرنج صاروا إلى المَعَرَّة. وكانوا في ألف ألف إنسان، فنصبوا عليها السّلالم، ودخلوها، وقتلوا منها مائة ألف إنسان، وسبوا مثل ذَلِكَ، وفعلوا بكَفَرْطَاب كذلك.
قلت: دافع أهل المَعَرّة عَنْهَا، وقاتلوا قتال الموت حتّى خُذِلوا، فقتل بها عشرون ألفًا، فهذا أصحّ.
[رواية ابن القلانسي]
وقال أبو يَعْلَى بْن قلانسيّ [1] : وأمّا أنطاكيّة فقُتِل بها [2] وسُبِي بها من الرجال والنّساء [3] والأطفال ما لم [4] يدركه حصر. وهرب إلى القلعة تقديرُ ثلاثة آلاف تحصنوا [5] .
قَالَ أبو يَعْلَى: [6] وبعد ذَلِكَ أخذوا المَعَرّة في ذي الحجّة [7] .
[رواية ابن الأثير]
قَالَ ابن الأثير: ولمّا سمع قوام [8] الدّولة كبربوقا [9] صاحب الموصل بذلك،
__________
[1] في ذيل تاريخ دمشق 135.
[2] في ذيل تاريخ دمشق: «منها وأسر» .
[3] في ذيل تاريخ دمشق: «النسوان» .
[4] في ذيل تاريخ دمشق: «ما لا» .
[5] في ذيل تاريخ دمشق: زيادة: «بها وسلم من كتب الله سلامته» .
[6] في ذيل تاريخ دمشق 135.
[7] لم يكن أخذ الإفرنج للمعرّة في شهر ذي الحجّة كما ذكر المؤلّف- رحمه الله- هنا نقلا عن «ابن القلانسي» ، فرواية ابن القلانسي تقول إنّ أخذهم لها كان في شهر المحرّم:
«وفيها توجّه الإفرنج إلى معرّة النعمان بأسرهم، ونزلوا عليها في اليوم التاسع والعشرين من ذي الحجّة، وقاتلوها ونصبوا عليها البرج والسلالم.. وأهلّت سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة في المحرّم منها زحف الإفرنج إلى سور معرّة النعمان من الناحية الشرقية والشمالية، وأسندوا البرج إلى سورها وهو أعلى منه فكشفوا المسلمين عن السور. ولم يزل الحرب عليه إلى وقت المغرب من اليوم الرابع عشر من محرّم، وصعدوا السور، وانكشف أهل البلد عنه وانهزموا بعد أن تردّدت إليهم رسل الإفرنج في التماس التقرير والتسليم وإعطاء الأمان على نفوسهم وأموالهم ودخول الشحنة إليهم، فمنع من ذلك الخلف بين أهلها وما قضاه الله تعالى وحكم به، وملكوا البلد بعد صلاة المغرب ... » .
[8] في الأصل: «تواما» .
[9] في الكامل 10/ 276 «كربوقا» ، ومثله في نهاية الأرب 28/ 253، وفي المختصر في أخبار

(34/10)


جمع الجيوش، وسار إلى الشّام، ونزل بمرج دابق. فاجتمعت معه عساكر الشام، تُرْكُها وعَرَبُها، سوى جُنْد حلب. فاجتمع معه دقاق وطغتكين أتابك، وجناح الدّولة صاحب حمص، وأرسلان صاحب سُنْجار، وسليمان بْن أُرْتُق وغيرهم، فعظمت المصيبة عَلَى الإفرنج، وكانوا في وهْن وقَحْط [1] وسارت الجيوش فنازلتهم. ولكن أساء السّيرةَ كبربوقا [2] في المسلمين، وأغضب الأمراء وتحامق، فأضمروا لَهُ الشّرّ. وأقامت الإفرنج في أنطاكيّة بعد أنّ ملكوها ثلاثة [3] عشر يومًا، وليس لهم ما يأكلونه، وأكل ضعفاؤهم [4] الميتة [5] وورق الشجر، فبذلوا البلد بشرط الأمان، فلم يعطهم كبربوقا [6] .
[حربة المسيح عليه السّم المزعومة]
وكان بردويل [7] ، وصنجيل، وكندفري، والقمّص صاحب الرُّها وبَيْمُنْت [8] صاحب أنطاكيّة، ومعهم راهب يراجعون إلَيْهِ، فقال: إنّ المسيح كانت لَهُ حَرْبَةٌ مدفونة بأنطاكية، فإن وجدتموها نُصِرْتُم. ودفن حرْبةً في مكانٍ عفّاه، وأمرهم بالصَّوم والتّوبة ثلاثة أيّام، ثمّ أدخلهم في مكانٍ، وأمر بحفْره، فإذا بالحربة، فبشّرهم بالظّفر [9] .
__________
[ () ] البشر 2/ 210: «كربوغا» .
[1] النجوم الزاهرة 5/ 147، تاريخ الأزمنة 85، تاريخ الرهاوي (نشره الدكتور سهيل زكار) 2/ 457.
[2] في الكامل 10/ 276: «كربوقا» .
[3] في الكامل: «اثني» .
[4] في الأصل: «ضعفائهم» .
[5] في الأصل: «الميتت» .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 276 وفيه: «كربوقا» ، نهاية الأرب 28/ 253، 254، المختصر في أخبار البشر 2/ 210، 211، دول الإسلام 2/ 20، تاريخ ابن الوردي 2/ 10، الإعلام والتبيين 9، تاريخ الأزمنة 86.
[7] هكذا في الأصل، وهو «بلدوين» أمير الرها.
[8] هكذا. وهو «بوهيموند» .
[9] الكامل في التاريخ 10/ 277، نهاية الأرب 28/ 254، دول الإسلام 2/ 20، النجوم الزاهرة 5/ 147، 148، الإعلام والتبيين 10، تاريخ الأزمنة 86، الحروب الصليبية لوليم الصوري 1/ 396، أعمال الفرنجة 82، 83، تاريخ الرهاوي 2/ 457.
وقال ابن العبري: ورأى أحد ملوك الفرنج حلما فحفروا موضعا في بيعة القسيان عثروا فيه

(34/11)


وخرجوا للقاء، وعملوا مصافًا، فولّى بعض العساكر حرب كبربوقا، لِما في قلبهم منه. وما كَانَ ذا وقت ذا، فاشتغل بعضهم ببعض، ومالت عليهم الإفرنج، فهزمتهم، وهربوا من غير أن يقاتلوا، فظنت الإفرنج أنّها مكيدة، إذ لم يجر قتال يوجب الهزيمة. وثبت جماعة من المجاهدين، وقاتلوا خشية، فحطمتهم الإفرنج، واستشهد يومئذ ألوف، وغنمت الإفرنج من المسلمين معظم ثقلهم، ودوختهم [1] .
[دخول الإفرنج المَعَرّة]
ثمّ ساروا إلى المَعَرّة، فحاصروها أيامًا، ثمّ دخل المسلمين فشلٌ وهلعٌ، وظنوا أنهم إذا تحصنوا بالدُّور الكبار امتنعوا بها، فنزلوا من السور إلى الدور، فرآهم طائفة أخرى، ففعلوا كفعلهم، فخلا مكانهم من السُّور، فصعدت الإفرنج عَلَى السّلالم، ووضعوا فيهم السيف ثلاثة أيّام، وقتلوا ما يزيد عَلَى مائة ألف، وملكوا جميع ما فيها [2] .
__________
[ () ] على مسامير صليب ربّنا يسوع، فصاغوا منها صليبا وسنان رمح واتخذوهما بمثابة راية وزحفوا إلى الأتراك. (تاريخ الزمان 124) .
وقال في موضع آخر: وكان مع الإفرنج راهب مطاع فيهم وكان داهية من الرجال، فقال لهم:
إن فطروس السليح كان له عكازة ذات زجّ مدفونة بكنيسة القسيان، فإن وجدتموها فإنكم تظفرون، وإلا فالهلاك متحقّق، وأمرهم بالصوم والتوبة ففعلوا ذلك ثلاثة أيام. فلما كان اليوم الرابع أدخلهم الموضع جميعهم ومعهم عامّتهم وحفروا عليها في جميع الأماكن فوجدوها كما ذكر. (تاريخ مختصر الدول 196) .
[1] الكامل في التاريخ 10/ 277، 278، نهاية الأرب 28/ 255، المختصر في أخبار البشر 2/ 211، العبر 3/ 331، دول الإسلام 2/ 20، البداية والنهاية 12/ 155، تاريخ ابن خلدون 5/ 20، النجوم الزاهرة 5/ 148.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ 360 (تحقيق زعرور) و 26 (بتحقيق سويّم) ، الكامل في التاريخ 10/ 278، تاريخ الزمان لابن العبري 124، تاريخ مختصر الدول، له 197، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 82، زبدة الحلب 2/ 141، 142، نهاية الأرب 28/ 255، 256، المختصر في أخبار البشر 2/ 211، العبر 3/ 330، دول الإسلام 2/ 20، مرآة الجنان 3/ 154، البداية والنهاية 12/ 155، تاريخ ابن خلدون 5/ 20، تاريخ ابن الوردي 2/ 10 وفيه: وفي ذلك يقول بعض المعرّيّين، وأما أحسن ما جاءت تورية الإثنين والخميس والأحد:
معرّة الأذكياء قد مردت ... عنّا وحقّ المليحة الحرد
في يوم الإثنين كان موعدهم ... فما نجا من خميسهم أحد
الدرّة المضيّة 452، مآثر الإنافة 2/ 15، اتعاظ الحنفا 3/ 23، النجوم الزاهرة 5/ 146

(34/12)


[محاصرة الإفرنج عرقة]
وساروا إلى عرقة، فحصروها أربعة أشهر، ونقّبوا أماكن. ثمّ صالحهم عليها صاحب شيزر [1] ابن منقذ [2] .
[منازلة الإفرنج حمص]
فساروا ونازلوا حمص، ثمّ صالحهم جناح الدولة عَلَى طريق إلى عكا [3] .
[شغب الْجُنْد عَلَى السلطان بَركيَارُوق]
وفيها شغب الْجُنْد عَلَى السلطان بَركيَارُوق [4] وقالوا: لا نسكت لك حتّى تسلّم لنا مجد المُلْك القُمّيّ المستوفي [5]- وكان قد أساء السّيرة، وضيّق الأرزاق-.
فقال: واللَّه لا أمكنهم منك.
وعزم عَلَى إخفائه، فقيل لَهُ: متي خرج عنك قتلوه، ولكن اشفع فيه.
فبعثه وقال للأمراء: السلطان يشفع إليكم فيه. فثاروا بِهِ وقتلوه. ثمّ جاءوا وقبلوا الأرض بين يدي بركياروق، فسكت [6] .
__________
[ () ] و 161، الإعلام والتبيين 9، شذرات الذهب 3/ 396، تاريخ الأزمنة 87 وفيه: قتلوا منهم نحو عشرة آلاف.
[1] في الأصل: «شيراز» وهو وهم.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 278، تاريخ الزمان لابن العبري 124، نهارية الأرب 28/ 256، تاريخ ابن خلدون 5/ 20، اتعاظ الحنفا 3/ 23 الإعلام والتبيين 10، تاريخ الأزمنة 87، أعمال الفرنجة 110.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 278 وفيه: «على طريق النواقير» ، تاريخ الزمان 124، نهاية الأرب 28/ 256، المختصر في أخبار البشر 2/ 211، تاريخ ابن خلدون 5/ 20، تاريخ ابن الوردي 2/ 11، مآثر الإنافة 2/ 15، اتعاظ الحنفا 3/ 23، الإعلام والتبيين 10، شذرات الذهب 3/ 396، أعمال الفرنجة 109.
[4] بركياروق: بفتح الباء الموحّدة، وسكون الراء والكاف، وفتح الياء المثناة من تحتها، وبعد الألف راء مضمومة وواو ساكنة وقاف. (وفيات الأعيان 1/ 268، 269) .
[5] في الكامل: «مجد الملك البلاساني» .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 289، 290.

(34/13)


[خروج بيت المقدس من يد ابن أُرْتُق]
وقال أبو يَعْلَى: [1] سار أمير الجيوش أحمد حتّى نازل بيت المقدس وحاصره، وأخذه من سقمان بن أرتق [2] .
__________
[1] في ذيل تاريخ دمشق.
[2] والخبر في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 38، والكامل في التاريخ 10/ 282، 283، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 82، ووفيات الأعيان 1/ 179، ونهاية الأرب 28/ 246، 247 و 256، والمختصر في أخبار البشر 2/ 209 (حوادث سنة 489 هـ.) ، ودول الإسلام 2/ 20، وتاريخ ابن الوردي 2/ 9 (حوادث سنة 489 هـ.) ، الدرّة المضيّة 450، تاريخ سلاطين المماليك 229، اتعاظ الحنفا 3/ 22، النجوم الزاهرة 5/ 159 (489 هـ) .، تاريخ الأزمنة 81 (حوادث سنة 489 هـ.) ، تاريخ الرهاوي (نشر في الحروب الصليبية للدكتور سهيل زكار) 2/ 453.
وقال ابن خلّكان: «وكان الأفضل شاهنشاه المنعوت بأمير الجيوش قد تسلّمه من سكمان بن أرتق في يوم الجمعة لخمس بقين من شهر رمضان سنة إحدى وتسعين، وقيل: في شعبان سنة تسع وثمانين، والله أعلم بالصواب، وولي فيه من قبله، فلم يكن لمن فيه طاقة بالفرنج فتسلّموه منه، ولو كان في يد الأرتقية لكان أصلح للمسلمين. (وفيات الأعيان 1/ 179) .

(34/14)


سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة
[مقتل أُنَرْ عامل بَركيَارُوق]
لمّا سار السلطان بَركيَارُوق إلى خُراسان، استعمل [1] أُنَرْ [2] عَلَى فارس وبلادها، وكان قد تغلب عليها خوارج الأعراب، واعتضدوا بصاحب كرْمان ابن قاروت [3] ، فالتقاهم أُنَرْ، فهزموه وجاءَ مَفْلُولًا.
ثمّ ولي إمارة العراق، يعني قبل بَركيَارُوق، فأخذ يكاتب الأمراء المجاورين لَهُ، وعسكر بأصبهان، ثمّ سار منها إلى إقطاعه بأذربيجان، وقد عاد، وانتشرت دعوة الباطنية بأصبهان، فانتدب لقتالهم، وحاصر قلعةً لهم بأرض أصبهان. واتّصل به مؤيّد الملك ابن نظام المُلْك، وجرت لَهُ أمور.
ثمّ كاتب غياث الدّين محمد بن ملك شاه، وهو إذ ذاك بكنجة، ثمّ سار إلى الرّيّ في نحو عشر آلاف، وهَمَّ بالخروج عَلَى بَركيَارُوق، فوثب عَلَيْهِ ثلاث فقتلوه في رمضان بعد الإفطار. فوقعت الصيحة، ونهبت خزائنه، وتفرق جَمْعُه.
ثمّ نقل إلى إصبهان، فدفن في داره [4] .
[استيلاء الإفرنج عَلَى بيت المقدس]
وفيها أحدق الإفرنج ببيت المقدس.
لما كَسَرَت الإفرنج، خذلهم اللَّه، المسلمين عَلَى أنطاكية في العام
__________
[1] في الأصل: «واستعمل» .
[2] في الأصل: «أنز» بالزاي، وفي نهاية الأرب 26/ 342 «أتسن» .
[3] في الكامل 10/ 281 «إيران شاه بن قاورت» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 281، 282، تاريخ ابن خلدون 5/ 20، 21.

(34/15)


الماضي، قووا وطغوا، وكان تاج الدّولة تتش قد استولى عَلَى فلسطين وغيرها، وانتزع البلاد من نُوّاب بني عُبَيْد، فأقطع الأمير سُقْمان بْن أُرْتُق التُّرْكيّ بيتَ المقدس، فرتبه وحصّنه، فسار الأفضل بْن بدر أمير الجيوش، فحاصر الأمير سُقْمان وأخاه إيلغازي [1] ، ونصبوا عَلَى القدس نيفًا وأربعين منجنيقًا، فهدموا في سوره.
ودام الحصار نيفًا وأربعين يومًا، وأخذوه بالأمان في شَعْبان سنة تسع [2] وثمانين [3] .
وأنعم الأفضل عَلَى سُقْمان وأخيه، وأجزل لهم الصِّلات [4] . فسار سُقْمان واستولى عَلَى الرُّها، وذهب أخوه إلى العراق. ووُلّي عَلَى القدس افتخار الدّولة، فدام فيه إلى هذا الوقت.
وسارت جيوش النّصرانيّة من حمص، ونازلت عكّا أيّامًا، ثمّ ترحّلوا وأتوا القدس، فحاصروه شهرًا ونصف، ودخلوا من الجانب الشمالي ضحوة نهار الجمعة لسبع بقين من شَعْبان، واستباحوه، فإنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون.
واحتمى جماعة ببرج دَاوُد، ونزلوا بعد ثلاثٍ بالأمان، وذهبوا إلى عَسْقَلان [5] .
[رواية ابن الأثير عَنْ دخول الإفرنج بيت المقدس]
قَالَ ابن الأثير: [6] قتلت الإفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين
__________
[1] في الأصل: «بلغازي» ، والتصحيح من الكامل 10/ 283.
[2] في الأصل: «تسعة» .
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 360 (وتحقيق سويّم) 26، أخبار مصر لابن ميسر 2/ 39، الكامل في التاريخ 10/ 282، 283، المختصر في أخبار البشر 2/ 211.
[4] في الأصل: «الصلاة» .
[5] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 137، تاريخ الفارقيّ 7268 الكامل في التاريخ 10/ 283، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 82، نهاية الأرب 28/ 257، المختصر في أخبار البشر 2/ 211، دول الإسلام 2/ 21، تاريخ ابن خلدون 5/ 21، تاريخ سلاطين المماليك 229، 230، اتعاظ الحنفا 3/ 24.
[6] في الكامل في التاريخ 10/ 283، 284.

(34/16)


ألفًا [1] ، منهم جماعة من العلماء والعبّاد والزُّهّاد، وممّا أخذوا: أربعين قِنْديلًا من الفضّة، وزن القنديل ثلاثة آلاف وستّمائة درهم. وأخذوا تنُّورًا من فضة، وزنه أربعون رِطْلًا بالشّاميّ، وغنموا ما لا يُحْصَى [2] .
وورد المستنفرون من الشّام إلى بغداد صحبة القاضي أَبِي [3] سعْد الهَرَوِيّ [4] ، فأوردوا في الديوان كلامًا أبكى العيون وجرح القلوب. وبعث الخليفة رُسُلًا، فساروا إلى حلوان، فبلغهم قتل مجد الملك الباسلانيّ [5] ، فردّوا من غير بلوغ أرب، ولا قضاء حاجة. واختلف السلاطين، وتمكنت الإفرنج من الشّام [6] .
وللأبيورديّ:
__________
[1] في الأصل: «ألف» . والخبر في: المنتظم 9/ 105 (17/ 47) ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، ووفيات الأعيان 1/ 179، والمختصر في أخبار البشر 2/ 211، والعبر 3/ 332، ودول الإسلام 2/ 21، ومرآة الجنان 3/ 154 و 158، والجوهر الثمين 199، تاريخ ابن خلدون 5/ 21، تاريخ ابن الوردي 1/ 11، مآثر الإنافة 2/ 15 وفيه «تسعين ألف نفس» ، اتعاظ الحنفا 3/ 23، تاريخ الخلفاء 427، الإعلام والتبيين 11 وفيه إنهم قتلوا من المسلمين في الحرم مائة ألف وسبوا مثلهم، شذرات الذهب 3/ 397، أخبار الدول 2/ 167، تاريخ الأزمنة 89، ويعترف مؤرّخ صليبيّ مجهول شهد احتلال الإفرنج لبيت المقدس، فيقول: «فلما ولج حجّاجنا المدينة جدّوا في قتل الشرقيين ومطاردتهم حتى قبة عمر، حيث تجمعوا واستسلموا لرجالنا الذين أعملوا فيهم أفظع القتل طيلة اليوم بأكمله، حتى لقد فاض المعبد كله بدمائهم» . (أعمال الفرنجة 118، 119) وانظر: الألكسياد لأنّا كومينا 166، وفي تاريخ الرهاوي 2/ 459: «قتل في المدينة ثلاثون ألف مسلم» .
[2] المنتظم 9/ 108 (17/ 47) ، تاريخ الزمان لابن العبري 124، 125، تاريخ مختصر الدول، له 197، وفيات الأعيان 1/ 179، نهاية الأرب 28/ 257، المختصر في أخبار البشر 2/ 211، مرآة الجنان 3/ 158 (حوادث سنة 495 هـ.) ، البداية والنهاية 12/ 156، تاريخ ابن خلدون 3/ 21، اتعاظ الحنفا 3/ 23، النجوم الزاهرة 5/ 149، الإعلام والتبيين 11، شذرات الذهب 3/ 397، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 220.
[3] في الأصل: «أبو» وهو غلط.
[4] في نهاية الأرب 28/ 258 «القروي» . والصحيح ما أثبتناه.
[5] في الكامل: «البلاساني» و «البلاسلاني» .
[6] نهاية الأرب 28/ 258، المختصر في أخبار البشر 2/ 211، ودول الإسلام 2/ 21، تاريخ ابن خلدون 5/ 21، النجوم الزاهرة 5/ 150، أخبار الدول 2/ 167.

(34/17)


مزجنا دماء [1] بالدموع السواجم ... فلم يبق [2] منا عرضة [3] للمراحم [4]
وشر سلاح المرء دمع يفيضه [5] ... إذا الحرب شبت نارها بالصوارم
فإيها بني الإسلام، إنّ وراءكم ... وقائع يلحقن الذرى [6] بالمناسم
أتهويمةٌ في ظل أمْنٍ وغبطةٍ ... وعيش كنوار الخميلة ناعم
وكيف تنام العين ملء جفونها ... عَلَى هفوات [7] أيقظت كلّ نائم؟
وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم ... ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومهم الرّوم الهوان وأنتم [8] ... تجرّون ذيل الخفض فعل المسالم
فكم [9] من دماءٍ قد أبيحت، ومن دمي [10] ... توارى [11] حياءً حسنها بالمعاصم
بحيث السيوف البيض محمرة الظبا ... وسمر العوالي داميات اللهاذم
يكاد [12] لهن المستجن [13] بطيبة ... ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم
أرى أُمتي لا يشرعون إلى العدى ... رماحهم، والدين واهي الدعائم
ويجتنبون النار خوفًا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى، ... وتغضي [14] عَلَى ذلٍ كماة الأعاجم
__________
[1] في البداية والنهاية 12/ 156: «دمانا» .
[2] في الأصل: «يبقى» وهو غلط.
[3] في الأصل: «عوضه» ، والمثبت عن: الكامل 10/ 284، وتاريخ ابن الوردي 2/ 11، وفي المختصر في أخبار البشر 2/ 211: «عرصة» .
[4] في النجوم الزاهرة 5/ 151: «للمراجم» .
[5] في البداية والنهاية: «يريقه» .
[6] في الأصل: «الردى» ، والتصحيح من الكامل.
[7] في الأصل: «هوان» . وفي المنتظم: «هنوات» . والمثبت في الكامل 100/ 285، والمختصر 2/ 211، وفي تاريخ ابن الوردي 2/ 11: «هبوات» .
[8] في الأصل: «وأنتموا» .
[9] في الكامل: «وكم» ومثله في المختصر.
[10] في المختصر: «ومن دم» .
[11] في الأصل: «تواري» .
[12] في المنتظم: «وكاد» ، ومثله في النجوم الزاهرة 5/ 151.
[13] في البداية والنهاية 12/ 156 «المستجير» .
[14] في الكامل 10/ 285: «ويفضي» ، وكذا في البداية والنهاية. وفي تاريخ ابن الوردي 2/ 11 «تقضي» .

(34/18)


فليتهم إنّ لم يردوا [1] حمية ... عَنِ الدين، ضنّوا غيرة بالمحارم [2]
[رواية سبط ابن الجوزي]
قَالَ أَبُو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ [3] : سارت الإفرنج ومقدمهم كُنْدفْري [4] في ألف ألف، بينهم خمسمائة ألف مقاتل، عملوا برجين من خشب مطلين عَلَى السور، فأحرق المسلمون البرج الّذي كَانَ بباب صهيون، وقتلوا من فيه. وأمّا الآخر فزحفوا بِهِ حتى ألصقوه بالسور وحكموا بِهِ عَلَى البلد، وكشفوا من كَانَ بإزائهم، ورموا بالمجانيق والسّهام رمية رجلٍ واحدٍ، فانهزم المسلمون من السور.
قلت: هذه مجازفة بينة، بل قَالَ ابن منقذ: إنّ جزءًا كَانَ بخيل، وإن قومًا وقفوا عَلَى سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلّا واحدٌ بعد واحد.
قَالَ: فكان عدد خيلهم ستة آلاف [5] ومائة فارس، والرجالة ثمانية وأربعون ألفًا. ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عُمَر رضى الله عنه.
وكان الأفضل لما بلغه نزولهم عَلَى القدس تجهز وسار من مصر في عشرين ألف، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم. وراسل الإفرنج [6] .
__________
[1] في المنتظم: «يذودوا» ، وكذا في: الكامل 10/ 285، وفي المختصر: «فليتهم إذا لم يذودوا» ، وكذا في البداية والنهاية 12/ 157، وتاريخ ابن الوردي 2/ 11، والنجوم الزاهرة 5/ 151 وفيه «وليتهم» .
[2] وردت الأبيات: الخامس والسادس والسابع، والعاشر إلى آخرها ما عدا الأخير في: المنتظم، 9/ 108 (13/ 47، 48) ، وكلها في: الكامل في التاريخ 10/ 284، 285 وفيه أبيات أخرى، وفي المختصر في أخبار البشر 2/ 11 سبعة أبيات، ومثله في تاريخ ابن الوردي 2/ 11، وفي النجوم الزاهرة 5/ 151 ستة أبيات، وزيادة بيت لم يذكره المؤلّف، وكلّها في:
تاريخ الخلفاء للسيوطي 427، 428.
[3] في مرآة الزمان.
[4] في الأصل: «كندهري» ، وهو تصحيف. وهو «غودفري دي بويّون» .
[5] في الأصل: «ألف» .
[6] دول الإسلام 2/ 21، النجوم الزاهرة 5/ 149 و 150، الإعلام والتبيين 11، تاريخ الأزمنة 89.

(34/19)


قَالَ ابن الأثير [1] : فأعادوا الرَّسُول بالجواب، ولم يعلم المصريّون بشيء، فبادروا السلاح والخيل، وأعجلتهم الإفرنج فهزموهم، وقتلوا منهم من قُتِل، وغنموا خيامهم بما فيها. ودخل الأفضل عسقلان، وتمزق أصحابه. فحاصرته الإفرنج بعسقلان، فبذل لهم ذهبًا كثيرا، فردّوا إلى القدس [2] .
قَالَ أبو يعْلى ابن القلانسيّ [3] : قتلوا بالقدس خلقًا كثيرًا، وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم [4] ، وهدموا المشاهد.
[ابتداء دولة محمد بن ملك شاه]
وفيها ابتداء دولة محمد بن ملك شاه. لمّا مات أبوه ببغداد سار مَعَ أخيه محمود والخاتون تركان إلى إصبهان. ثمّ إنّ أخاه بَركيَارُوق أقطعه كنجة [5] ، وجعل لَهُ أتابكًا، فلمّا قوي محمد قتل أتابك قتلغ تكين، واستولى عَلَى مملكة أرّان، وطلع شهمًا شجاعًا مهيبًا، قطع خطبة أخيه، واستوزره مؤيد الملك عبد الله ابن نظام المُلْك [6] . فإنه التجأ إِلَيْهِ بعد قتل مخدومه أُنَرْ [7] .
واتفق قتل مجد الملك الباسلاني [8] ، واستيحاش العسكر من بَركيَارُوق، ففارقوه وقدموا عَلَى محمد، وكثر عسكره، فطلب الرّيّ. وعرّج أخوه إلى إصبهان، فعصوا عَلَيْهِ، ولم يفتحوا لَهُ. فسار إلى خوزستان.
وأما محمد فاستولى عَلَى الرّيّ وبها زبيدة والدة السّلطان بركياروق،
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 286.
[2] تاريخ الزمان لابن العبري 125، الجوهر الثمين 199، النجوم الزاهرة 5/ 149، الإعلام والتبيين 12، أعمال الفرنجة 124.
[3] في ذيل تاريخ دمشق 137.
[4] دول الإسلام 2/ 21، الإعلام والتبيين 12.
[5] في المنتظم: «جنزة» وهما واحد. وفي الطبعة الجديدة «كنجة» دون الإشارة إلى ما ورد في الطبعة الأولى.
[6] المنتظم 9/ 109 (17/ 48) ، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، العبر 3/ 333، دول الإسلام 2/ 21، تاريخ ابن خلدون 3/ 482.
[7] في الأصل: «أنز» ، وفي نهاية الأرب 26/ 342: «أتسز» .
[8] في الكامل 10/ 288 «البلاساني» ، والمثبت يتفق مع: نهاية الأرب 26/ 342، والأصل. وفي تاريخ ابن خلدون 3/ 482 «البارسلاني» ، و 5/ 22 كما هو مثبت أعلاه.

(34/20)


فسجنها مؤيد الملك الوزير، وصادرها وأمر بخنقها. ولكن أظفر اللَّه بَركيَارُوق بالمؤيد فقتله [1] .
[الخطبة للسلطان محمد]
وسار سعْد الدولة كوهرائين من بغداد إلى خدمة السلطان محمد، فخلع عَلَيْهِ، وردّه إلى بغداد نائبًا لَهُ، وأقيمت الخطبة ببغداد، ولقب «غياث الدنيا والدين» في آخر السنة [2] .
[الغلاء والوباء بخراسان]
وفيها، وفي العام الماضي، كَانَ بخراسان الغلاء المفرط، والوباء، حتّى عجزوا عن الدّفن، وعظم البلاء [3] .
[نقل المُصْحَف العُثْمانيّ من طبرية إلى جامع دمشق]
وفيها نقل الأتابك طغتكين من طبرية المُصْحَف العُثْمانيّ خوفًا عَلَيْهِ إلى دمشق، وخرج النّاس لتلقيه، فأقره في خزانةٍ بمقصورة الجامع [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 287، 288، نهاية الأرب 26/ 342، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، دول الإسلام 2/ 22، مرآة الجنان 3/ 154، البداية والنهاية 12/ 157، تاريخ ابن خلدون 3/ 482.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 289، تاريخ الزمان لابن العبري 125، نهاية الأرب 26/ 343، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، العبر 3/ 333، دول الإسلام 2/ 22، تاريخ ابن الوردي 2/ 11، تاريخ الخلفاء 428.
[3] في المنتظم: «وفيها زادت الأسعار ومنع القطر وبلغ الكر تسعين دينارا ببغداد وواسط، ومات الناس على الطرقات واشتدّ أمر العيّارين في المحالّ» (9/ 109) . البداية والنهاية 12/ 157 (17/ 48) ، والخبر في: الكامل في التاريخ 11/ 291.
[4] جاء في الدرّة المضية 452 أن المسلمين نقلوا مصحف عثمان من المعرة إلى دمشق. ولم ينبّه محقّقه إلى هذا الوهم.
وجاء في: أخبار الدول للقرماني 2/ 167:
«وفي هذه السنة أو في حدود ثماني عشرة وخمسمائة نقل المصحف العثماني من مدينة طبرية إلى جامع دمشق خوفا عليه من الكفار» .

(34/21)


سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
[دخول عسكر بَركيَارُوق الحلة]
لما سار بَركيَارُوق إلى خوزستان دخلها بجميع من معه وهم في حال سيئة. ثمّ سار عسكره إلى واسط، فظلموا النّاس، ونهبوا البلاد وسار إلى خدمته الأمير صدقة بْن مُزْيَد صاحب الحلة [1] .
[إعادة الخطبة لبركياروق ببغداد]
ثمّ سار ودخل بغداد في سابع عشر [2] صَفَر، وأعيدت خطبته [3] ، وتراجع إِلَيْهِ بعض الأمراء، ولم يؤاخذ كوهرائين، وخلع عَلَيْهِ [4] ، وقبض عَلَى وزير بغداد عميد الدولة ابن جهير، والتزم بحمل مائة وستين ألف دينار [5] .
[هزيمة بَركيَارُوق أمام أخيه محمد]
ثمّ سار بالعساكر إلى شهرزور، وانضم إِلَيْهِ عسكرٌ لجب، فالتقى الأخوان فكان محمد في عشرين ألفًا، وكان عَلَى ميمنته أمير آخر، وعلى مسيرته مؤيّد الملك، والنّظاميّة [6] .
__________
[1] المنتظم 9/ 111 (17/ 52) ، الكامل في التاريخ 10/ 293، دول الإسلام 2/ 22.
[2] في الأصل: «في اثنا» .
[3] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 293، نهاية الأرب 26/ 343، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، دول الإسلام 2/ 22، تاريخ ابن خلدون 3/ 482، تاريخ ابن الوردي 2/ 11، مآثر الإنافة 2/ 12، النجوم الزاهرة 5/ 165.
[4] العبر 3/ 335.
[5] المنتظم 9/ 113 (17/ 52، 53) ، الكامل في التاريخ 10/ 293، 294.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 360 (تحقيق سويّم) 26، نهاية الأب 26/ 344، 345، تاريخ ابن خلدون 3/ 483 و 5/ 23.

(34/22)


وكان على ميمنة بَركيَارُوق كوهرائين [1] ، والأمير صدقة، وعلى ميسرته كبربوقا صاحب المَوْصِل. فهزم كوهرائين مَيْسَرة محمد، وهزم أميرٌ آخر بميسرة محمد ميمنة بَركيَارُوق، فعاد كوهرائين فكبا به الفرس، فأتاه فارس فقتله، وانهزمت عساكر بركياروق وذل، وبقي في خمسين فارسًا [2] . وأسر وزيره الجديد الأعز أبو المحاسن، فبالغ مؤيد الملك وزير محمد في احترامه، وكفله عمادة بغداد، وإعادة الخطبة لمحمد، فساق إلى بغداد، وخطب لمحمد ثاني مرة في نصف رجب [3] .
[ترجمة سعْد الدولة كوهرائين]
وكان سعْد الدولة كوهرائين خادمًا كبيرًا محتشمًا، ولي بغداد وخدم ملوكها، ورأى ما لم يره أميرٌ من نفوذه الكلمة والعزّ. وكان حليمًا كريمًا حَسَن السيرة. وكان خادما تركيّا للملك أبي كاليجار ابن سلطان الدولة بْن بهاء الدولة بْن عضد الدّولة ابن بويه. وبعث بن أَبُوهُ مَعَ ابنه أَبِي نَصْر إلى بغداد، فلم يزل معه حتّى قدِم السلطان طغرلبك بغداد، فحبسه مَعَ مولاه. ثمّ خدم السلطان ألب أرسلان، وفداه بنفسه. وثب عَلَيْهِ يوسف الخوارزمي، وكان صاحب صلاة، وتهجد، وصيام، ومعروف، رحمه اللَّه [4] .
[مسير بَركيَارُوق إلى نيسابور وغيرها]
وأما السلطان بَركيَارُوق، فسار بعد الوقعة إلى إسفرائين، ثمّ دخل نَيْسابور، وضيق عَلَى رؤسائها. وعمل مصافًا مَعَ أخيه سنجر، فانهزمت الفتيان.
وسار بَركيَارُوق إلى جُرجان، ثمّ دخل البريّة في عسكر يسير، وطلب أصبهان،
__________
[1] في تاريخ ابن خلدون 5/ 24 «كوهراس» .
[2] المنتظم 9/ 113 (17/ 53) ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، نهاية الأرب 26/ 345، العبر 3/ 335، دول الإسلام 2/ 22.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 194، 195، نهاية الأرب 26/ 345، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، تاريخ ابن خلدون 3/ 483 و 5/ 23، 24، تاريخ ابن الوردي 2/ 11.
[4] انظر ترجمة (سعد الدولة كوهرائين) في: المنتظم 9/ 115، 116 رقم 173 (17/ 56، 57 رقم 3694) ، والكامل في التاريخ 10/ 295، 296، دول الإسلام 2/ 22، تاريخ ابن خلدون 3/ 483 و 5/ 24 وفيه «كوهراس» .

(34/23)


فسبقه أخوه محمد إليها [1] .
[فتح ابن باديس مدينة سفاقس]
وفيها فتح تميم بْن المعز بْن باديس مدينة سفاقس، وغيرها، واتسع سلطانه [2] .
[وقوع بيمند الإفرنجي في أسر كمشتكين]
وفيها لقي كمشتكين ابن الدنشمند [3] صاحب مَلَطْية، وسيواس، بيمند الإفرنجي صاحب أنطاكية، بقرب مَلَطْية، فأسر بيمند [4] .
[أخذ الإفرنج قلعة أنكورية]
ووصل في البحر سبعة قوامص [5] ، فأخذوا قلعة أنكورية [6] ، وقتلوا أهلها.
ثمّ التقاهم ابن الدنشمند [7] .
قال ابن الأثير [8] : فلم يفلت أحد من الإفرنج، وكانوا ثلاثمائة ألف، غير ثلاثة آلاف هربوا ليلًا. كذا قَالَ، والعهدة عَلَيْهِ.
ثمّ سار الإفرنج من أنطاكية، فالتقاهم وكسرهم.
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 296، نهاية الأرب 26/ 345، 346، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، العبر 3/ 335، دول الإسلام 2/ 22، تاريخ ابن خلدون 3/ 483، 484 و 5/ 24.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 298، البيان المغرب 1/ 302.
[3] في نهاية الأرب 28/ 359 «الدانشمند» ، ومثله في: المختصر في أخبار البشر 2/ 212 وفيه:
وقيل له ابن الدانشمند لأن أباه كان معلّم التركمان، والمعلّم عندهم اسمه الدانشمند.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 360 (وتحقيق سويّم) 26، الكامل في التاريخ 10/ 300، نهاية الأرب 28/ 259، المختصر في أخبار البشر 2/ 212، العبر 3/ 335، مرآة الجنان 3/ 155، تاريخ ابن الوردي 2/ 11.
[5] قوامص: مفردها «قمص» ، وتجمع على «قمامصة» ، كما في: نهاية الأرب 28/ 259.
[6] أنكوريّة: هي مدينة أنقرة الآن عاصمة الجمهورية التركية.
[7] العبر 3/ 335، 336.
[8] في الكامل 10/ 300، وعنه ينقل النويري في نهاية الأرب 28/ 259، والمؤلّف في العبر 3/ 336، وابن كثير في البداية والنهاية 12/ 158.

(34/24)


[وزارة الدهستانيّ]
ووزر للخليفة أبو المحاسن عَبْد الجليل بْن عليّ [1] الدهستانيّ [2] جلال الدولة، فجاء كتاب بَركيَارُوق يحثه عَلَى اللحاق بِهِ. فاستوزر الخليفة المستظهر باللَّه سديد الملك أبا المعالي الفضل بن عبد الرزاق الأصفهانيّ. قاله صاحب «المرآة» .
[رواية فيها مجازفة لصاحب مرآة الزمان]
وفيها خرج سعْد الدولة الطواشيّ [3] من مصر، فالتقى الإفرنج عَلَى عسقلان، وقاتل بنفسه حتّى قتل، وحمل المسلمون عَلَى النصاري فهزموهم إلى قيسارية.
قَالَ: فيقال أنهم قتلوا من الإفرنج ثلاثمائة ألف [4] .
قلت: هذه مجازفة عظيمة من نوع المذكورة آنفًا.
[القحط بالشام]
وفيها كَانَ القحط بالشّام، والخوف من الإفرنج [5] .
__________
[1] في الأصل: «عبد الجليل عبد الجليل» ، والتصحيح من: نهاية الأرب 26/ 344.
[2] في نهاية الأرب: «الدهشاني» . والمثبت عن الأصل، والكامل في التاريخ. وفي تاريخ ابن خلدون 5/ 23 «الرهستاني» بالراء.
و «الدّهستاني» : بكسر الدال المشدّدة والهاء، وسكون السين المهملة.
[3] في الأصل: «القرامسي» ، والمثبت عن: اتعاظ الحنفا 3/ 32، وفي النجوم الزاهرة 5/ 152 «القواسي» .
[4] المنتظم 9/ 114 (17/ 55) وفيه: «خرج الإفرنج ثلاثمائة ألف، فهزمهم المسلمون وقتلوهم فلم يسلم منهم سوى ثلاثة آلاف هربوا ليلا، وباقي الفلّ هربوا مجروحين» . دول الإسلام 2/ 22، 23 وفيه: قيل قتل منهم مائة ألف، النجوم الزاهرة 5/ 152، ومثله في: الإعلام والتبيين 12.
[5] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 39، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 138، زبدة الحلب 2/ 143، اتعاظ الحنفا 3/ 25.

(34/25)


سنة أربع وتسعين وأربعمائة
[هزيمة السلطان محمد وذبح وزيره مؤيد الملك]
في وسطها كَانَ مصاف كبير بين السلطانين: محمد، وبركياروق. كَانَ مَعَ بَركيَارُوق خمسون ألفًا، فانهزم محمد، وأسر وزيره مؤيد الملك، فذبحه بركياروق بيده. وكان بخيلا، سيّئ الخلق، مذموم السيرة، إلّا أَنَّهُ كَانَ من دهاة العالم، عاش خمسين سنة [1] .
[دخول بَركيَارُوق الرّيّ]
ودخل بَركيَارُوق الرّيّ وسجد للَّه، وجاء إلى خدمته صاحب المَوْصِل كبربوقا، ونور الدولة دُبَيْس ولد صَدَقَة [2] .
[تحالف السلطان محمد وأخيه سنجر]
وانهزم محمد إلى خراسان، فأقام بجرجان، وراسل أخاه لأبَوَيْه الملك سَنْجار [3] يطلب منه مالًا وكسوة، فسيَّر إِلَيْهِ ما طلب. ثمّ تحالفا وتعاهدا واتّفقا.
ولم يكن بقي مَعَ محمد غير ثلاثمائة فارس، فقدم إِلَيْهِ أخوه سَنْجَر وانضمّ إليهما عسكرٌ كثير، وتضرّر بالعسكر أهل خراسان [4] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 139، الكامل في التاريخ 10/ 303، 304 نهاية الأرب 26/ 347، المختصر في أخبار البشر 2/ 213، العبر 3/ 337، دول الإسلام 2/ 23، تاريخ ابن خلدون 3/ 484 و 5/ 24، 25، النجوم الزاهرة 5/ 167.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 305، تاريخ ابن خلدون 5/ 25.
[3] هكذا في الأصل، وهو «سنجر» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 305، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، نهاية الأرب 36/ 347، العبر 3/ 337، تاريخ ابن خلدون 5/ 25.

(34/26)


[تراجع بَركيَارُوق إلى هَمَذَان]
وأمّا السّلطان بَركيَارُوق، فسار جيشه قريبًا من مائة ألف، فغلت الأسعار، واستأذنته الأمراء في التّفرّق بالفلاة، فبقي في عسكر قليل، فبلغ ذَلِكَ أخَوَيْه، فقصداه وطَوَيا المراحل، فتقهقر ونقصت هيبته، وقصد هَمَذَان، فبلغه أنّ إياز متولّيها قد راسل محمدًّا ليكون معه، فسار إلى خُوزِسْتان، ثمّ خرج إلى حُلْوان [1] .
[مرض بَركيَارُوق]
وأمّا إياز فلم يقبله محمد، فخاف وهرب إلى عند بَركيَارُوق، فدخلت أصحاب محمد، ونهبوا حواصله، فيقال إنّهم الخمسمائة فرس العربيّة. وتكامل مَعَ بَركيَارُوق خمسة آلاف ضعيف، قد ذهبت خيامهم وثقلهم، وقدم بهم بغداد، ومرض، وبعث يشكو قلّة المال إلى الدّيوان، فتقرَّر الأمر عَلَى خمسين ألف دينار حُمِلت إِلَيْهِ، ومد أصحابه أيديهم إلى أموال الرّعية وظلموهم [2] .
[خروج صاحب الحلّة عَنِ الطاعة]
وخرج عَنْ طاعته صاحب الحلّة، وخطب لأخيه محمد [3] .
[دخول السلطان محمد بغداد]
وفي آخر العام وصل محمد وسَنْجَر إلى بغداد، وجاء إلى خدمته إيلغازي بْن أُرْتُق. وتأخر بَركيَارُوق وهو مريض إلى واسط، وأصحابه ينهبون القُري والمؤنة [4] . وفرح الخليفة والنّاس بالسّلطان محمد [5] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 306، نهاية الأرب 26/ 348، العبر 3/ 337، 338، دول الإسلام 2/ 23، تاريخ ابن خلدون 5/ 25.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 307، نهاية الأرب 26/ 348، المختصر في أخبار البشر 2/ 213، العبر 3/ 338، دول الإسلام 2/ 23.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 308، نهاية الأرب 26/ 348، البداية والنهاية 12/ 160.
[4] في الأصل: «وبالمونة» .
[5] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 140، الكامل في التاريخ 10/ 309، 310، نهاية الأرب 26/ 347، 348، المختصر في أخبار البشر 2/ 213، دول الإسلام 2/ 23، تاريخ ابن خلدون 3/ 485، تاريخ ابن الوردي 2/ 12.

(34/27)


[ظهور الباطنيّة ببغداد]
وفي حدودها ظهرت الباطنيّة ببغداد ونواحيها، وكثروا [1] .
[رواية ابن الْجَوْزيّ عَنِ الباطنية]
قال أبو الفرج ابن الْجَوْزيّ: [2] وأوّل ما عُرف من أخبار الباطنيّة، يعني الإسماعيليّة، أنّهم اجتمعوا فَصَلُّوا العيد في ساوَة، ففِطن بهم الشِّحْنَة، فأخذهم وحبسهم، ثمّ أطلقهم، [ثمّ اغتالوا] [3] مؤذنًا من أهل ساوة [فاجتهدوا] [4] أنّ يدخل في مذهبهم، فامتنع [5] ، فخافوا أنّ ينمّ عليهم، فقتلوه [6] . فرُفِع ذَلِكَ إلى نظام المُلْك، فأخذ رجلًا نجارًا اتّهمه بقتله، وهو أوّل من فتكوا بِهِ. وكانوا يقولون: قتلتم منّا نجّارًا، فقتلنا بِهِ نظام المُلْك [7] .
ثمّ استفحل أمرهم بأصبهان.
ولمّا مات السّلطان ملك شاه، آل أمرهم إلى أنّهم كانوا يسرقون النّاس فيقتلونهم ويُلْقُونهم بالآبار. فكان الإنسان إذا دنا [8] وقتٌ ولم يعد إلى منزله يئسوا [9] منه [10] . وبلغ من حيلهم امرأة [11] عَلَى حصير لا تبرح منها، فدخلوا الدّار، يعني الأخَوان، فأزالوها، فوجدوا تحت الحصير بئرًا فيها أربعون [12] قتيلًا. فقتلوا المرأة، وهدموا الدّار.
وكانوا يجلسون ضريرًا عَلَى باب زُقاقهم، فإذا مرّ بِهِ إنسان سأله أن يقوده
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 313، العبر 3/ 338.
[2] في المنتظم 9/ 120 (17/ 63) وما بعدها.
[3] في الأصل: «فسئلهم» ، والمثبت بين الحاصرتين عن المنتظم.
[4] إضافة من المنتظم.
[5] في المنتظم: «أن يدخل معهم فلم يفعل» .
[6] في المنتظم: «فاغتالوه فقتلوه» .
[7] الكامل في التاريخ 10/ 313، نهاية الأرب 26/ 351.
[8] في الأصل: «دنى» .
[9] في الأصل: «يأسوا» .
[10] نهاية الأرب 26/ 352.
[11] في المنتظم 9/ 120: «وفتش الناس المواضع فوجدوا امرأة في دار لا تبرح فوق حصير ... » .
[12] في الأصل: «أربعين» .

(34/28)


إلى رأس الزُّقاق، فإذا فعل جذبه من في الدار إليها فقتلوه. فجدّ أهل إصبهان فيهم، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا [1] .
وأوّل قلعة ملكوها بناحية إصبهان، تسمّى الرُّوذَبار [2] ، وكانت لقراج [3] صاحب ملك شاه، وكان متّهما بمذهبهم. فلمّا مات ملك شاه أعطوه ألفًا ومائتي دينار، فسّلمها إليهم في سنة ثلاث وثمانين. وقيل: لم يكن ملك شاه مات.
[مقدَّم الباطنيّة]
وكان مقدَّمهم يقال لَهُ الحَسَن بْن الصّبّاح، وأصله من مَرْو. وكان كاتبًا لبعض الرؤساء، ثمّ صار إلى مصر وتلقّى من دعاتهم، وعاد داعيةً للقوم، وحصّل هذه القلعة، وكان لا يدعو إلّا غنيا [4] ، ثمّ يذكر لَهُ ما تمّ عَلَى أهل البيت من الظلم، ثمّ يَقُولُ لَهُ: إذا كانت الأزارقة والخوارج سمحوا بنفوسهم في القتال مَعَ بني أُميّة، فما سبب تخلُّفك بنفسك عَنْ إمامك؟ فيتركه بهذه المقالة طُعْمةً للسِّباع.
[طاعة الباطنيّة لمقدّمهم]
وكان ملك شاه نفَّذ إِلَيْهِ يتهدّده ويأمره بالطّاعة، ويأمره أنّ يكفّ أصحابه عَنْ قتل العلماء والأمراء، فقال للرسول: الجواب ما تراه. ثمّ قَالَ لجماعةٍ بين يديه:
أريد أنّ أُنْفذكم إلى مولاكم في حاجةٍ، فمن ينهض بها؟ فاشرأبّ كلُّ واحدٍ منهم، وظنّ الرَّسُول أنّها حاجة [5] ، فأومى إلى شابّ فقال: اقتل نفسك. فجذب سكّينًا، فقال بها في عاصمته [6] ، فخرَّ ميتًا.
وقال لآخر: إرمِ نفسَك من القلعة. فألقى نفسه فتقطّع. فقال للرسول:
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 315، دول الإسلام 2/ 23.
[2] في الأصل: «الدور نار» ، وفي المنتظم 9/ 121 «الروذناذ» ، والمثبت عن: الفخري 300.
[3] هكذا في الأصل، وفي المنتظم 9/ 121: «لقماج» .
[4] هكذا في الأصل، وفي المنتظم 9/ 121، والكامل في التاريخ: «غبيا» .
[5] في المنتظم: «رسالة» .
[6] هكذا في الأصل. وفي المنتظم، والكامل في التاريخ: «غلصمته» ، ومثله في البداية والنهاية 12/ 160.

(34/29)


قل لَهُ عندي من هَؤُلَاءِ عشرون ألفًا، هذا حدّ طاعتهم [1] .
فعاد الرسول وأخبر ملك شاه، فعجب، وأعرض عَنْ كلامهم.
[حيلة للباطنية في الاستيلاء عَلَى قلعة]
وصار بأيديهم قلاعٌ كثيرة، منها قلعةٌ عَلَى خمسة فراسخ من إصبهان، وكان حافظها رجلًا تركيا، فصادقه نجار منهم، وأهدى لَهُ جارية، وقوسًا [2] ، فوثق بِهِ، وكان يستنيبه في حفظ القلعة. فاستدعى النّجّار ثلاثين [3] رجلا من أصحاب ابن عطّاش [4] ، وعمل دعوة، ودعا التُّرْكيّ وأصحابه، وسقاهم الخمر، فلمّا سكروا تسلّق الثّلاثون [5] بحبال إِلَيْهِ [6] ، فقتلوا أصحاب التُّرْكيّ، وسلم هُوَ وحده، فهرب. وتسلموا القلعة.
وقطعوا الطُّرقات ما بين فارس وخوزستان.
ثمّ ظفر جاولي بثلاثمائة منهم، فأحاط هُوَ وجنده بهم فقتلوهم. وكان جماعة منهم في عسكر بَركيَارُوق، فاستغووا خلقًا منهم، فوافقهم، فاستشعر أصحاب السلطان منهم، ولبسوا السّلاح، ثمّ قتلوا منهم مائة رَجُل.
[من خُزَعْبَلات الباطنيّة]
وكان بنواحي المشان رَجُل منهم يتزهد ويدّعي الكرامات. أحضر مرّةً جَدْيا مَشْوِيًّا لأصحابه، وأمر بردّ عظامه إلى التّنّور، فردت، وجعل عَلَى التّنّور طبقًا. رفع الطبق فوجدوا جديا يرعى حشيشًا، ولم يروا نارًا ولا رمادًا. فتلطف بعض أصحابه حتّى عرف بأن التنور كَانَ يفضي إلى سرداب، وبينهما شقُّ [7] من
__________
[1] البداية والنهاية 12/ 159، 160.
[2] هكذا في الأصل. وفي المنتظم: «وفرسا» .
[3] في الأصل: «ثلاثون» ، وهو غلط.
[4] في المنتظم: «عطاس» ، بالسين المهملة: والمثبت يتفق مع: الكامل 10/ 316، واسمه:
«أحمد بن عبد الملك بن عطاش» . (تاريخ دولة آل سلجوق 90) .
[5] في الأصل: «الثلاثين» .
[6] في المنتظم 9/ 122: «فلما توسّطوا الشعب عاد عليهم ومن معه من أصحابه، فقتلوهم فلم يفلت إلّا ثلاثة نفر تسلّقوا في الجبال..» .
[7] في المنتظم: «طبق» .

(34/30)


حديد يدور بلَوْلَب، فيفرك اللَّوْلَب، فتدور النّار، ويجيء بدلها الجدْيُ والمَرْعَى.
وقال «الغزالي» في كتاب «سرّ العالمين» : شاهدتُ قصة الحَسَن بْن الصّبّاح لمّا تزهّد تحت حصن أَلَمُوت، فكان أهل الحصن يتمنون صعوده إليهم، ويمتنع ويقول: أما ترون المُنْكَر كيف فشا؟ وفسد النّاس. فبعثنا إِلَيْهِ خلقًا [1] .
فخرج أمير الحصن يتصيّد، وكان أكثر تلامذته في الحصن، فأصعدوه إليهم وملّكوه، وبعث إلى الأمير من قتله.
ولمّا كثرت قلاعهم، واشتغل عنهم أولاد ملك شاه باختلافهم اغتالوا جماعةً من الأمراء والأعيان.
وللغزاليّ رحمه اللَّه- كتاب «فضائح الباطنيّة» ، ولابن الباقِلّانيّ، والقاضي عَبْد الجبّار، وجماعة: ردّ عَلَى الباطنيّة. وهم طائفة خبيثة، ويظهرون الزهد، والمراقبة، والكشف، فيضلّ بهم كلّ سليمِ الباطن.
[رواية ابن الأثير عَن الباطنيّة]
قَالَ «ابن الأثير» [2] وفي شَعْبان سنة أربعٍ وتسعين أمر السّلطان بَركيَارُوق بقتل الباطنيّة، وهم الإسماعيليّة، وهم القرامطة.
قَالَ: [3] وتجرّد بأصبهان للانتقام منهم أبو القاسم مسعود بْن محمد الخُجُنْديّ الفقيه الشّافعيّ، وجمع الْجَمَّ الغفير بالأسلحة، وأمر بحفر أخاديد أوقدوا فيها النيران، وجعل فيها رجلًا لقّبوه مالكًا، وجعلت العامّة يأتون ويلقونهم في النار، إلى أنّ قتلوا منهم خلقًا كثيرًا.
إلى أنّ قَالَ: [4] وكان الحَسَن بْن الصّبّاح رجلًا شهمًا، كافيا، عالمًا بالهندسة، والحساب، والنّجوم، والسحر، وغير ذَلِكَ [5] .
__________
[1] في الأصل: «خلق» .
[2] في الكامل في التاريخ 10/ 313، وانظر: تاريخ ابن خلدون 5/ 26، 27.
[3] في الكامل 10/ 315.
[4] في الكامل 10/ 316 وما بعدها.
[5] المختصر في أخبار البشر 2/ 214.

(34/31)


وكان رئيس الرّيّ أبو مُسْلِم، فاتهم ابن الصّبّاح بدخول جماعة من دعاة المصريّين عَلَيْهِ، فخافه ابن الصّبّاح وهرب، فلم يُدركْه أبو مُسْلِم.
وكان ابن الصّبّاح من جملة تلامذة أحمد بْن عطّاش الطّبيب الّذي ملك قلعة إصبهان. وسافر ابن الصّبّاح فطاف البلاد، ودخل عَلَى المستنصر صاحب مصر [1] ، فأكرمه وأعطاه مالًا، وأمره أنّ يدعو النّاس إلى إمامته، فقال لَهُ الحَسَن بْن الصّبّاح: فَمَن الْإِمَام بعدك؟ فأشار إلى ابنه نِزَار [2] .
[الدَّعوة للمستعلي ونِزار]
ولمّا هلك المستنصر واستخْلف ولده المُسْتعلي صار نزار هذا إلى الإسكندريّة، ودعى إلى نفسه، فاستجاب لَهُ خلْقٌ، ولُقّب بالمصطفى لدين اللَّه.
وقام بأمر دولته ناصر الدّولة أفتكين مَوْلَى أمير الجيوش بدر. وهذا في سنة سبْعٍ وثمانين وأربعمائة [3] .
[حصار المصريّين للإسكندرية]
فسار عسكر مصر لحصار الإسكندريّة في سنة ثمانٍ، فخرج ناصر الدولة وطرهم، فردّوا خائبين [4] ثمّ سار الأفضل فحاصر الإسكندريّة وأخذها، وأسر نِزار، وأفتكين وعدّة.
وجَرَت أمور [5] .
__________
[1] لفخري لابن طباطبا 300، المختصر في أخبار البشر 2/ 214.
[2] المغرب في حلى المغرب 81.
[3] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 35، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 128، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23، تاريخ الفارقيّ 267 (حوادث سنة 489 هـ.) ، الكامل في التاريخ 10/ 237، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 195، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 83، المغرب في حلى المغرب 81، وفيات الأعيان 1/ 179، نهاية الأرب 28/ 245، مرآة الجنان 3/ 158، الدرّة المضيّة 443، 444، اتعاظ الحنفا 3/ 12، 13.
[4] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 36، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 128، تاريخ الفارقيّ 267، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 83، 84، المغرب في حلى المغرب 81، نهاية الأرب 28/ 245، اتعاظ الحنفا 3/ 14، شذرات الذهب 3/ 402.
[5] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 36، 37، نهاية الأرب 28/ 245، 246، مرآة الجنان 3/ 158، الدرّة المضيّة 444 و 446، 447، اتعاظ الحنفا 3/ 14، 15، شذرات الذهب 3/ 402.

(34/32)


[إقامة ابن الصبّاح بقلعة أَلَمُوت]
ودخل ابن الصّبّاح خراسان، وكاشغر، والنّواحي، يطوف عَلَى قومٍ يضلهم. فلمّا رأى قلعة أَلَمُوت [1] بقزوين أقام هناك، وطمع في إغوائهم.
ودعاهم في السر، وأظهر الزُّهد، ولبس المُسُوح، فتبعه أكثرهم.
وكان نائب أَلَمُوت رجلًا أعجميًّا عَلَويًّا، فيه بَلَهٌ وسلامة صدرٍ، وكان حَسَن الظن بالحسن، يجلس إليه، ويتبرّك فيه. فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي فقال: أخرج من هذه القلعة. فتبسم، وظنه يمزح، فأمر الحَسَن بعض أصحابه فأخرجوه، وأعطاه ماله.
فبعث نظام الملك لمّا بلغه الخبرُ عسكرًا، فنازلوه ضايقوه، فبعث من قتل نظام الملك، وترحّل العسكر عَنْ أَلَمُوت.
ثمّ بعث السّلطان محمد بن ملك شاه العسكر وحاصروه [2] .
ومن جملة ما استولوا عَلَيْهِ من القلاع: قلعة طَبَس [3] ، وزُوزَن [4] ، وفاين [5] ، وسيمكوه [6] . وتأذّى بهم أهل البلد، واستغاثوا بالسّلطان، فبعث عسكرًا حاصروه ثمانية أشهر، وفُتحت، وقُتِل كلّ من فيها. ولهم عدّة قلاع سوى ما ذكرنا [7] .
__________
[1] قلعة ألموت: معناها بالديلم: تعليم العقاب. (نهاية الأرب 26/ 353) ، وقال أبو الفداء: إن بعض ملوك الديلم أرسل عقابا على الصيد فقعد على موضع ألموت، فرآه حصينا، فبنى عليه قلعة وسماها أله الراموت ومعناه بلسان الديلم: تعليم العقاب. ويقال لذلك الموضع وما يجاوره: طالقان. (المختصر في أخبار البشر 2/ 214) (وتاريخ ابن الوردي 2/ 13) .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 317.
[3] طبس: بفتح أوله وثانيه. مدينة في برّيّة بين نيسابور وأصبهان وكرمان. (معجم البلدان 4/ 20) .
[4] في الأصل: «روزن» . بالراء في أولها، والتصحيح من: معجم البلدان 3/ 158 وفيه: «زوزن:
بضم أوله وقد يفتح، وسكون ثانيه، وزاي أخرى، ونون، كورة واسعة بين نيسابور وهراة، ويحسبونها في أعمال نيسابور» .
[5] قاين: بعد الألف ياء مثنّاة من تحت، وآخره نون. بلد قريب من طبس بين نيسابور وأصبهان.
وقال البشّاري: قاين قصبة قوهستان، صغيرة ضيّقة غير طيبة. (معجم البلدان 4/ 301) .
[6] في الكامل 10/ 318 «وسنمكوه» ، وفي نهاية الأرب 26/ 353 «سنملوه» ، وفي المختصر في أخبار البشر 2/ 214 «وستمكوه» وقال: وهي بقرب أبهر.
[7] الكامل في التاريخ 10/ 318، نهاية الأرب 26/ 353، المختصر في أخبار البشر 2/ 214 وفيه

(34/33)


قال: [1] وكان تيران شاه ابن توران شاه بْن قاروت [2] بك السَّلْجُوقيّ بكرْمان قد قتل الإسماعيليّة الأتراك أصحاب الأمير إسماعيل، وكانوا قومًا سُنّة. قتلَ منهم ألفي رَجُل صبْرًا، وقطع أيدي ألفَيْن. ونفق عَلَيْهِ أبو زُرْعة الكاتب، فحسّن لَهُ مذهب الباطنيّة، فأجاب. وكان عنده الفقيه أحمد بْن الحُسين البلْخيّ الحنفيّ، وكان مُطاعًا في النّاس، فأحضره عنده ليلةً، وأطال الجلوس، فلما خرج أَتْبَعه من قتله فلمّا أصبح دخل عَلَيْهِ النّاس، وفيهم صاحب جيشه، فقال: أيُّها الملك، من قتل هذا الفقيه؟
فقال: أنت شِحْنةُ البلد، تسألني مَن قتل هذا! وأنا أعرف قاتله!، ونهض.
ففارقه الشِّحْنَة في ثلاثمائة فارس، وسار من كرْمان إلى ناحية إصبهان.
فجهّز الملك خلفه ألفي فارس، فقاتلوهم وهزمهم. وقدم إصبهان وبها السلطان محمد، فأكرمه.
وأمّا عسكر كرمان، فخرجوا على تيران شاه، وطردوه عَنْ مدينة بردشير [3] الّتي هِيَ قصبة كرمان، وأقاموا عليهم ابن عمّه أرسلانشاه.
وأمّا تيران شاه فالتجأ إلى مدينة صغيرة، فمنعه [4] أهلها وحاربوه، وأخذوا خزائنه، ثمّ تبعه عسكره، فأخذوه، وأخذوا أبا زُرْعة، فقتلهما أرسلان شاه [5] .
[لباس الدروع تحت الثياب خوفًا من الباطنيّة]
واستفحل أمر الباطنيّة وكثروا، وصاروا يتهدّدون من لا يوافقهم بالقتل،
__________
[ () ] أسماء عدّة قلاع أخرى، ومثله في تاريخ ابن الوردي 2/ 13.
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 320.
[2] في الكامل: «قاورت» .
[3] في الأصل: «بزدشر» ، والمثبت عن: الكامل 10/ 321، ومعجم البلدان 1/ 377 وفيه:
بردسير بكسر السين، وياء ساكنة، وراء. أعظم مدينة بكرمان مما يلي المفازة التي بين كرمان وخراسان. وقال الرهني الكرماني: يقال إنها من بناء أردشير بابكان. وقال حمزة الأصبهاني:
بردسير تعريب أردشير، وأهل كرمان يسمّونها كواشير، وفيها قلعة حصينة.
[4] في الأصل: «فمنعوه» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 321.

(34/34)


حتّى صارت الأمراء يلبسون الدّروع تحت أثيابهم [1] . وكان الوزير الأعزّ أبو المحاسن يلبس زَرَدِيّةً تحت ثوبه. وأشارت الأمراء إلى بَركيَارُوق السّلطان بقصْدهم قبل أنّ يعجز عَنْ تلافي أمرهم. فأذن في قتلهم. وركب هُوَ والعسكر وطلبوهم، وأخذوا جماعة من خيامهم.
وممّن اتُّهم وقُتِل بأنه مقدَّمهم الأمير محمد بْن كاكَوَيْه صاحب يزد. وقتل جماعة برءاء سعى بهم أعداؤهم [2] .
[الباطنيّة في عهد المقتدي باللَّه]
وقد كَانَ أهالي عانة نسبوا إلى هذا المذهب قديمًا في أيّام المقتدي باللَّه، فأنهي حالهم إلى الوزير أَبِي شجاع، فطلبهم، فأنكروا وجحدوا، فأطلقهم [3] .
[اتّهام الهراسيّ بالباطنية]
واتُّهم إلكيّا الهَرَاسّي مدرْس النّظَاميّة بأنّه باطنيّ فأمر السّلطان محمد بالقبض عَلَيْهِ، ثمّ شهد لَهُ ببراءة السّاحة، فأُطْلِق [4] .
[حصار الأمير بزغش حصن طَبَس]
وفيها حاصر الأمير بزغش [5] ، وهو أكبر أمراء الملك سَنْجَر، حصن طبس الّذي فيه الإسماعيليّة، وضيّق عليهم، وخرّب كثيرًا من أسوارها بالمنجنيق، ولم يبق إلّا أخذها، فرحل عَنْهُمْ وتركهم، فبنوا السّور، وملئوا القلعة ذخائر.
ثمّ عاودهم بزغش [5] سنة سبْعٍ وتسعين [6] .
__________
[1] هكذا في الأصل، والصحيح: «ثيابهم» كما في: تاريخ الخلفاء 428.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 322، 323، نهاية الأرب 26/ 354، 355، المختصر في أخبار البشر 2/ 214، تاريخ ابن الوردي 2/ 13، النجوم الزاهرة 5/ 166.
[3] الكامل 10/ 323.
[4] الكامل 10/ 323.
[5] في الأصل «برغش» بالراء. والتصحيح من الكامل 10/ 324.
[6] الكامل في التاريخ 10/ 324.

(34/35)


[مقتل كُنْدفْري صاحب القدس]
وفيها سار كُنْدفْري [1] صاحب القدس إلى عكّا فحاصرها، فأصابه سهمٌ فقتله [2] .
[انكسار بغدوين]
فسار أخوه بَغْدَوِين، ويُقال: بردويل [3] ، إلى القدس في خمسمائة، فبلغ الملك دُقَاق صاحب دمشق، فنهض إِلَيْهِ هُوَ وجَنَاح الدّولة صاحب حمص، فانكسرت الإفرنج [4] .
[مَلْك الإفرنج سَرُوج]
وفيها ملكت الإفرنج سَرُوج، من بلاد الجزيرة، لأنّهم كانوا قد مَلَكوا الرُّها بمكاتبةٍ من أهلها النّصارى، وليس بها من المسلمين إلّا القليل، فحاربهم سُقْمان، فهزموه في هذه السنة. وساروا إلى سروج، فأخذوها بالسّيف، وقتلوا وسبوا [5] .
[ملك الإفرنج حيفا]
وفيها ملكوا مدينة حَيْفا، وهي بقرب عكّا عَلَى البحر. أخذوها بالأمان [6] .
__________
[1] هكذا في الأصل. وهو الدوق غودفري
Godfirey من مقاطعة بويون Bouillon في بلجيكا (قصة الحضارة لول ديورنت 4/ 20، 21) .
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 360 (وتحقيق سويّم) 26، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 138، الكامل في التاريخ 10/ 324، نهاية الأرب 28/ 260، العبر 3/ 338، دول الإسلام 2/ 24، البداية والنهاية 12/ 160، تاريخ سلاطين المماليك 231، الإعلام والتبيين 12، شذرات الذهب 3/ 400.
[3] وهو «بلدوين» صاحب الرها.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 360 (وتحقيق سويّم) 26، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 138، الكامل في التاريخ 10/ 324، نهاية الأرب 28/ 260، العبر 3/ 338، دول الإسلام 2/ 24، الإعلام والتبيين 12، 13.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 325، نهاية الأرب 23/ 255 و 28/ 260، 261، المختصر في أخبار البشر 2/ 214، دول الإسلام 2/ 24، البداية والنهاية 12/ 160، تاريخ الخلفاء 428، الإعلام والتبيين 13، تاريخ الرهاوي 2/ 463.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 361 (وتحقيق سويّم) 26، ذيل تاريخ دمشق لابن

(34/36)


[مَلْكهم أرسوف]
وأخذوا أَرْسُوف بالأمان [1] .
[مَلْكهم قيسارية]
وفي رجب أخذوا قَيْساريّة بالسّيف، وقتلوا أهلها [2] .
[إعادة صلاة التراويح والقنوت]
وفي رمضان أمر المستظهر باللَّه بفتح جامع القصر، وأن تُصلَّى فيه التّراويح، وأن يُجْهَر بالبَسْمَلَة، ولم يجر لهذا عادة. وإنّما تركوا الجهر بالبسملة في جوامع بغداد مخالفةً للشّيعة أصحاب مصر. وأمر أيضًا بالقنوت عَلَى مذهب الشّافعيّ [3] .
[حكاية ابن قاضي جَبَلة أَبِي محمد عُبَيْد اللَّه [4] بْن صُلَيْحَة]
كانت جَبَلَة تحت حكم ابن عمّار صاحب طرابُلُس، فتعانى ابن صليحة الجندية. وكان أَبُوهُ قاضيا، فطلع هُوَ فارسًا شجاعًا، فأراد ابن عمّار أنّ يمسكه، فعصى عَلَيْهِ، وأقام الخطبة العبّاسيّة، وحوصر، فلم يقدروا عليه لمّا غلبت
__________
[ () ] القلانسي 139 وفيه: أخذوها بالسيف، وكذا في: الكامل في التاريخ 10/ 325، نهاية الأرب 23/ 255 و 28/ 260، العبر 3/ 338، دول الإسلام 2/ 24، اتعاظ الحنفا 3/ 26، تاريخ الخلفاء 428.
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 139، الكامل في التاريخ 10/ 325، نهاية الأرب 23/ 256 و 28/ 260، المختصر في أخبار البشر 2/ 214، العبر 3/ 338، دول الإسلام 2/ 24، مرآة الجنان 3/ 156، اتعاظ الحنفا 3/ 26، النجوم الزاهرة 5/ 167، تاريخ الخلفاء 428.
[2] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 139، الكامل في التاريخ 10/ 325، نهاية الأرب 23/ 256 و 28/ 260، المختصر في أخبار البشر 2/ 214، العبر 3/ 339، دول الإسلام 2/ 24، مرآة الجنان 3/ 156، البداية والنهاية 12/ 160، الدرّة المضيّة 453، تاريخ سلاطين المماليك 238، اتعاظ الحنفا 3/ 26 و 27، النجوم الزاهرة 5/ 167، تاريخ الخلفاء 428، الإعلام والتبيين 13.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 361 (وتحقيق سويّم) 26، الكامل في التاريخ 10/ 325، نهاية الأرب 23/ 256، البداية والنهاية 12/ 160.
[4] في تاريخ ابن خلدون 3/ 385: «عبد الله» .

(34/37)


الإفرنج إلى الشام، فرحلت الإفرنج. ثمّ عاودوه، فأرجفهم بمجيء [المصريين] ، فرحلوا [1] . ثمّ عادوا لحصاره، فقرّر مَعَ رعيّته النّصارى أنّ يراسلوا الإفرنج، ويَعِدُوهُم إلى بُرْجٍ ليطلعوا منه، فبادروا وندبوا ثلاثمائة من شجعانهم، فلم يزالوا يطلعون في الحبال واحدًا واحدًا، وكلّما طَلَع واحدٌ قتله ابن صُلَيْحة، إلى أنّ قتلهم أجمعين، فلمّا طلع الضّوء صفّف الرّؤوس عَلَى السّور.
ثمّ إنّهم هدموا بُرجًا، فأصبح وقد عمله. وكان يخرج من الباب بفوارسه يقاتل. فحملوا مرةً عَلَيْهِ، فانهزموا، وجاء النصر عَلَيْهِ، وأسر مقدّم الإفرنج.
ثمّ علم ابن صُلَيْحة أنّ الإفرنج لا ينامون عَنْهُ، فسلّم البلد إلى صاحب دمشق [2] .
وسار إلى بغداد بأمواله وخزائنه، وأخذ لَهُ السّلطان بَركيَارُوق شيئًا كثيرًا [3] .
[كسرة الإفرنج أمام قِلِج أرسلان]
وفيها أقبل جيش الإفرنج، نحو خمسين ألف، فمرّوا ببلاد قلج أرسلان،
__________
[1] الخبر هنا مضطرب وفيه نقص، وهو في (الكامل في التاريخ 10/ 310) : «وأقام الخطبة العباسية، فبذل ابن عمّار لدقاق بن تتش مالا ليقصده ويحصره، ففعل، وحصره، فلم يظفر منه بشيء، وأصيب صاحبه أتابك طغتكين بنشّابة في ركبته وبقي أثرها.
وبقي أبو محمد مطاعا إلى أن جاء الفرنج، لعنهم الله، فحصروها. فأظهر أن السلطان بركياروق قد توجّه إلى الشام، وشاع هذا، فرحل الفرنج، فلما تحقّقوا اشتغال السلطان عنهم عاودوا حصاره، فأظهر أنّ المصريّين قد توجّهوا لحربهم، فرحلوا ثانيا، ثم عادوا..» .
وانظر رواية مضطربة أخرى ينقلها ابن تغري بردي عن ياقوت الحموي في (معجم البلدان 2/ 105) ، وذكرها في: النجوم الزاهرة 5/ 111، وفيها اسم القاضي: «أبو محمد عبد الله بن منصور بن الحسين التنوخي المعروف بابن ضليعة» ، وأنه وثب على جبلة واستعان بالقاضي «جلال الدين» (كذا) ابن عمار صاحب طرابلس فتقوّى به على من بها من الروم، فأخرجهم منها ونادى بشعار المسلمين، وانتقل من كان بها من الروم إلى طرابلس فأحسن ابن عمّار إليهم. وصار إلى ابن ضليعة منها مال عظيم القدر.
انظر كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ عبر العصور (الطبعة الثانية) ج 1/ 380- 382.
[2] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 139، الكامل في التاريخ 10/ 310، 311، المختصر في أخبار البشر 2/ 213، تاريخ ابن خلدون 3/ 485 و 5/ 25، تاريخ ابن الوردي 2/ 12.
[3] ذيل تاريخ دمشق 139، الكامل 100/ 311، مرآة الزمان ج 12 ق 3/ ورقة 234 أ، المختصر في أخبار البشر 2/ 214، تاريخ ابن خلدون 3/ 485، تاريخ ابن الوردي 2/ 12.

(34/38)


فحشد وجمع وعَرَض ستة آلاف فارس، وعمل لَهُ كمينًا، فكسر الإفرنج كسْرةً مشهورة، وغنم ما لا يوصف [1] .
[جموع الإفرنج حسب وصف المستوفي]
قال «ابن منقذ» : حدّثني محمد المستوفي رسول جناح الدّولة إلى ملك الروم، أنّهم اعتبروا عدّتهم، فكانوا ثلاثمائة ألف وخمسة وأربعين ألف إنسان، ومعهم خمسون حِمْل ذهب وفضّة وديباج، فانضاف إليهم الذين انهزموا من الوقعة المذكورة، فجمع قلج رسلان التَّرْك ببلاده، فزادوا عَلَى خمسين ألفًا.
وغوّر الماء الّذي في طريقهم، وأحرق العُشْب، وأخلى [2] القُرى، فأقبلوا في أرضٍ بلا ماء ولا مَرْعَى.
[رواية رسول رضوان عَنْ جموع الإفرنج]
قَالَ: حدَّثني رسول رضوان إلى ملك الإفرنج طتكين [3] أَنَّهُ اجتمع مَعَ الملك تنين [4] صاحب هذا الجمع، فقال: خرجت من بلادي في أربعمائة ألف، منهم ألفا شرابيّ، وألف طبّاخ، وألف فرّاش، وسبعمائة بغْل ديباج، ومال، والخيّالة تزيد عَلَى خمسين ألفًا، ولمّا سرتُ عَن القسطنطينيّة أيّامًا لم أجد مرفقًا، ولا قبلت من صَنْجيل في هذه الطّريق، ولا أتمكن من العودة لضعف النّاس والعَطَش والجوع، فعند اليأس خرجت في ثلاثة نفر، معنا كلاب ديارات، وأوهمت أنّي أتصيّد، وسرت إلى البحر، ونزلت في مركب، وتركت العسكر.
وبَلَغَني أنّ التُّرْك دخلوه، فلم يمنع أحدٌ عَنْ نفسه، وهلكوا بالموت والقتْل.
وغنم التُّرْكمان ما لا يوصف. ثمّ سار تنين وحجّ القدس، ورجع إلى بلاده في الفجر.
__________
[1] يذكر النويري في حوادث سنة 495 هـ. أن صنجيل لقي الملك قلج أرسلان صاحب قونية، وصنجيل في مائة ألف مقاتل وقلج في عدد يسير، واقتتلوا، فانهزم الفرنج وأسر كثير منهم، وفاز قلج بالظفر والغنيمة. ومضى صنجيل مهزوما في ثلاثمائة. (نهاية الأرب 28/ 261) .
وانظر ما سيأتي في حوادث السنة التالية 495 هـ. عن موقعة صنجيل عند طرابلس.
[2] في الأصل: «وأخلا» .
[3] هكذا في الأصل.
[4] هكذا في الأصل.

(34/39)


[انهزام المصريين والإفرنج عند عسقلان]
وفيها قدِم عسكر المصريين، فالتقاهم الإفرنج، فانهزم الفريقان بعد معركة كبيرة بقرب عسقلان [1] ، والله أعلم.
__________
[1] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 40، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 140، وجاء في الدرّة المضيّة 453: «وقتل سعد الدولة على عسقلان» ، اتعاظ الحنفا 3/ 26.

(34/40)


سنة خمس وتسعين وأربعمائة
[وفاة المستعلي باللَّه العُبَيْديّ]
فيها تُوُفّي المستعلي باللَّه أحمد بْن المستنصر باللَّه مَعَدّ العُبَيْديّ الشيعي صاحب مصر [1] .
[خلافة الآمر بأحكام اللَّه العُبَيْديّ]
وقام بعده ولده الآمر بأحكام اللَّه منصور، طفلٌ لَهُ خمسُ سنين. والأمور كلها إلى أمير الجيوش الأفضل. أقام هذا الصّغير ليتمكّن من جُمَيْع الأمور، وذلك في سابع عشر صَفَر [2] .
[المصافّ الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق]
وكان المصاف الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق [3] . كان محمد ببغداد
__________
[1] انظر عن (وفاة المستعلي باللَّه) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 141، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 40، والكامل في التاريخ 10/ 328، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 85، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 1، 2، والمختصر في أخبار البشر 2/ 214، والعبر 3/ 341، ودول الإسلام 2/ 24، ومرآة الجنان 3/ 158، والبداية والنهاية 12/ 162، وتاريخ ابن الوردي 2/ 13، والدرّة المضيّة 453، والإشارة إلى من نال الوزارة 60، واتعاظ الحنفا 3/ 27، 28، والنجوم الزاهرة 5/ 153، 154 و 168، وحسن المحاضرة 2/ 14، وتاريخ الخلفاء 428، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 221، وأخبار الدول للقرماني (الطبعة الجديدة) 2/ 244، 245، وتاريخ الأزمنة 92.
[2] ذيل تاريخ دمشق 141، الكامل في التاريخ 10/ 328، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 87، المختصر في أخبار البشر 2/ 215، دول الإسلام 2/ 24، تاريخ ابن الوردي 2/ 13، الدرّة المضيّة 461، الإشارة إلى من نال الوزارة 60.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 361 (وتحقيق سويّم) 27، نهاية الأرب 26/ 349.

(34/41)


أوّل [السنة] [1] ، ورحل منها هُوَ وأخوه سَنْجَر، فقصد سَنْجَر بلاده بخراسان، وقصد هَمَذَان السلطان محمد. وسار بَركيَارُوق معه أربعة آلاف، وكان معه مثلها. فالتقوا بروذراور [2] ، وتصافوا، ولم يجر بينهم قتالٌ لشدّة البرد.
وتصافوا من الغد، فكان الرجل يبرز، فيبارزه آخر، فإذا تقابلا اعتنق كلٌّ منهما صاحبه، وسلّم عليه، ويعود عنه [3] .
[مصالحة الأخوين]
ثمّ سعت الأمراء في الصُّلْح لِمَا عمّ المسلمين من الضّرَر والوهْن، فتقرّرت القاعدة عَلَى أنّ يكون بَركيَارُوق [السلطان] [4] ، ومحمد الملك، ويضرب لَهُ ثلاث نوب، ويكون لَهُ جنزة [5] وأعمالها وأذْرَبَيْجان، وديار بَكْر، والموصل، والجزيرة. وحَلَف كلٌّ واحدٍ منهما لصاحبه. وانفصل الْجَمْعان من غير حربٍ، وللَّه الحمد.
وسار كلّ أميرٍ مَعَ أقطاعه، هذا في ربيع الأوَّل [6] .
[المصافّ الرابع بين الأخوين]
فلمّا كَانَ في جُمَادَى الأولى كَانَ بينهما مصافّ رابع. وذلك أنّ السّلطان محمدًا سار إلى قَزْوين، ونسب الأمراء الذين سعوا في صورة الصُّلْح إلى المخامرة، فكحل الأمير أيدكين [7] ، وقتل الأمير سمل [8] . وجاء إلى محمد الأمير
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2] في الأصل: «بدون ذود» ، والمثبت عن: الكامل في التاريخ 10/ 329، وزبدة التواريخ للحسيني 164، والمختصر في أخبار البشر 2/ 215، ودول الإسلام 2/ 24.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 329- 331، زبدة التواريخ 163، 164، المختصر في أخبار البشر 2/ 215، العبر 3/ 340، تاريخ ابن خلدون 3/ 486 و 5/ 27.
[4] إضافة من (الكامل 10/ 331) .
[5] في الأصل: «خيرة» ، والتصحيح من (الكامل) .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 331، نهاية الأرب 26/ 349، المختصر في أخبار البشر 2/ 215، العبر 3/ 340، دول الإسلام 2/ 24، تاريخ ابن خلدون 3/ 486 و 5/ 27.
[7] في: الكامل 10/ 332: «أيتكين» ، وفي تاريخ ابن خلدون 5/ 28 «أفتكين» .
[8] في: الكامل: «بسمل» . وانظر: دول الإسلام 2/ 24، وفي تاريخ ابن خلدون 5/ 28:

(34/42)


ينال، وتجمع العسكر، وقصده بَركيَارُوق، وكانت الوقعة عند الرّيّ، فانهزم عسكر محمد، وقصدوا نحو طَبَرِسْتان، ولم يُقتل غير رجلٍ واحد، قُتِل صبْرًا [1] .
ومضت قطعةٌ منهم نحو قَزْوين، ونهبت خزائن محمد. وانهزم في نفر يسير إلى إصبهان في سبعين فارسًا، وحصنها ونصب مجانيقها، وكان معه بها ألف فارس [2] . وتبعه بَركيَارُوق بجيوش كثيرة تزيد عَلَى خمسة عشر ألف [3] ، فحاصره وضيّق عَلَيْهِ.
وكان محمد يدور كلّ ليلةٍ عَلَى السّور ثلاث مرّات. وعدمت الأقوات، فأخرج من البلد الضُّعفاء [4] .
واستقرض محمد من أعيان البلد أموالًا عظيمة، وعثرهم وصادرهم، واشتد عليهم القحط، وهانت فيهم الأمتعة. وكانت الأسعار عَلَى بَركيَارُوق رخيصة.
ودام البلاء إلى عيد الأضحى، فلمّا رأى محمد أموره في إدبار، فارق البلد، وساق في مائة وخمسين فارسًا، ومعه الأمير ينال، فحمل بَركيَارُوق وراءه عسكرًا، فلم ينصحوا في طلبه، وزحف جيش بَركيَارُوق عَلَى إصبهان ليأخذوها، فقاتلهم أهل البلد قتال الحريم [5] ، فلم يقدروا عليهم. فأشار الأمراء عَلَى بركياروق بالرحيل، فرحل إلى همذان [6] .
__________
[ () ] «يشمك» .
[1] الكامل في التاريخ 10/ 332، 333، زبدة التواريخ للحسيني 164، نهاية الأرب 26/ 349، المختصر في أخبار البشر 2/ 215، العبر 3/ 340، دول الإسلام 2/ 24، 25.
[2] في الكامل 10/ 333: «وكان معه في البلد ألف ومائة فارس وخمسمائة راجل» .
[3] زاد في الكامل: «ومعها مائة ألف من الحواشي» .
[4] دول الإسلام 2/ 25، تاريخ ابن خلدون 5/ 28.
[5] في الكامل 10/ 335: «قتال من يريد أن يحمي حريمه وماله» .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 333- 335، نهاية الأرب 26/ 349، 350، المختصر في أخبار البشر 2/ 215، العبر 3/ 340، دول الإسلام 2/ 25، البداية والنهاية 12/ 162، 163، تاريخ ابن خلدون 3/ 487 و 5/ 28، تاريخ ابن الوردي 2/ 13.

(34/43)


[منازلة ابن صَنْجيل طرابلس]
وفيها نازل ابن صَنْجيل الإفرنجي طرابلس، فسار عسكر دمشق مَعَ صاحب حمص جناح الدولة، فالتقوا، فانكسر المسلمون ورجعوا [1] .
[انهزام بردويل أمام عسكر المصريّين]
قَالَ «ابن المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ» [2] : جهّز الأفضل عساكر مصر فوصلوا في رجب إلى عسقلان مَعَ الأمير نُصَيْر الدّولة يمن. وخرج بردويل من القدس في سبعمائة، فكبس المصريّين، فثبتوا له، وقتلوا معظم رجاله، وانهزم هُوَ في ثلاثة أنفار، واختبأ في أَجَمَةِ قَصَب. فأحاط المسلمون بِهِ وأحرقوا القَصَب، فهرب إلى يافا [3] .
[نجدة عسكر دمشق لطرابلس]
وأمّا عسكر دمشق، فعادوا وكشفوا عَنْ طرابلس الإفرنج [4] .
[وفاة جناح الدولة صاحب حمص]
ومات صاحب حمص جناح الدولة حسين بْن ملاعب، وكان بطلًا شجاعًا مذكورًا. قفز عَلَيْهِ ثلاثةٌ من الباطنيّة يوم الجمعة في جامع حمص، فقتلوه، وقتلوا [5] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 361 (تحقيق سويّم) 27، ذيل تاريخ دمشق 140، 141، الكامل في التاريخ 10/ 343، 344 وسيعيد الخبر مفصّلا كما سيأتي قريبا، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 1، العبر 3/ 341، دول الإسلام 2/ 25، اتعاظ الحنفا 3/ 28 وفيه أن صنجيل أخذ طرابلس، وهذا وهم، لم يتنبّه إليه محقّقه. وورد في (الإعلام والتبيين 13، 14) : «وفي سنة خمس وتسعين وأربعمائة نازل الفرنج طرابلس الشام، فتوجه لنصرتها عسكر مصر وعسكر دمشق وحمص، فبرز لهم بردويل صاحب القدس، فقتلوا معظم فرسانه وانهزم» .
[2] في (مرآة الزمان) ج 12 ق 3/ 248 أ.
[3] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 141، الكامل في التاريخ 10/ 345، 346، دول الإسلام 2/ 25.
[4] مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي- ج 12/ ق 3/ 246 أ، والمطبوع ج 8 ق 1/ 3 طبعة حيدرآباد 1951، تاريخ الحريري (مخطوط) 5 أ، والمطبوع 14، دول الإسلام 2/ 25.
[5] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 142 (حوادث سنة 496 هـ.) ، دول الإسلام 2/ 25، النجوم الزاهرة 5/ 168، 169، الإعلام والتبيين 14.

(34/44)


[تسلّم شمس الملوك دُقَاق مدينة حمص]
فنازَلَها صاحب أنطاكيّة الّذي تملّكها بعد أسْر بَيْمُنت [1] بالإفرنج، فصالحوه عَلَى مال. وجاء شمس الملوك دُقَاق فتسلّمها [2] .
[مقتل الوزير الدّهسْتاني]
وفيها قُتِل الوزير الأعزّ أبو المحاسن عَبْد الجليل الدّهسْتاني وزير بَركيَارُوق. جاءه شابٌ أشقر، وقد ركب إلى خيمة السّلطان وهو نازل عَلَى إصبهان، فقيل: كَانَ مملوكًا لأبي سَعِيد الحدّاد الّذي قتله الوزير عام أوّل، وقيل: كَانَ باطنيا، فأثخن الوزير بالجراحات [3] .
[وزارة المَيْبُذِيّ]
ووَزَرَ بعده الخطير أبو منصور المَيْبُذِيّ [4] الّذي كَانَ وَزَرَ للسّلطان محمد.
وكان في حصار إصبهان متسلّمًا بعض السّور، وطالبه محمد بمالٍ للجند، ففارقه في اللّيل وخرج إلى مدينة مَيْبُذ [5] ، وتحصّن بها، فبعث بَركيَارُوق من حاصره، فنزل بالأمان. ثمّ رضي عَنْهُ بَركيَارُوق واستوزره [6] .
[الفتنة بين شحنة بغداد إيلغازي والعامّة]
وفيها كانت فتنة كبيرة بين شحنة بغداد إيلغازي بْن أُرْتُق وبين العامّة.
أتى جُنْديٌ من أصحابه ملّاحًا ليعبر به وبجماعة، فتأخّر، فرماه بنشّابة
__________
[1] في الأصل: «بيميت» ، وهو «بوهموند» .
[2] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 142 (حوادث سنة 496 هـ.) ، دول الإسلام 2/ 25، الإعلام والتبيين 14.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 335، تاريخ ابن خلدون 3/ 487 و 5/ 28.
[4] في تاريخ ابن خلدون 5/ 28 «البذي» .
[5] ميبذ: بالفتح ثم السكون، وضم الباء الموحّدة، وذال معجمة. بلدة من نواحي أصبهان بها حصن حصين. وقيل إنها من نواحي يزد. وقال الإصطخري: ومن نواحي كورة إصطخر ميبذ، فهي على هذا من نواحي فارس بينها وبين أصبهان. (معجم البلدان 5/ 240، 241) .
[6] زبدة التواريخ للحسيني 166، تاريخ دولة آل سلجوق 96- 114، الكامل في التاريخ 10/ 336، 337، تاريخ ابن خلدون 5/ 28.

(34/45)


فقتله، فأخذت [1] العامّة القاتل، فجروه إلى باب النّوبيّ، فلقيهم ابن إيلغازي فخلّصه، فَرَجمتهم العامّة. فتألم إيلغازي، وعبر بأصحابه إلى محلّة الملّاحين، فنهبوها، وانتشرت الشُّطّار، فعاثوا هناك وبدَّعوا، وغرق جماعة، وقتل آخرون.
وجمع إيلغازي التُّركمان، وأراد نَهْب الجانب الغربيّ من بغداد، ثمّ لَطَفَ اللَّه تعالى [2] .
[وفاة قِوام الدولة كبربوقا التركيّ]
وفيها ساق صاحب المَوْصِل قِوامُ الدّولة كبربوقا [3] التُّركيّ في ذي القعدة عند مدينة خُوَيّ [4] .
وكان السلطان بَركيَارُوق قد أرسله في العام الماضي إلى أذْرَبَيْجان، فاستولى عَلَى أكثرها، ومرض ثلاثة عشر يوما، ودفن بخُوَيّ. وأوصى أمراءه بطاعة سُنْقُرجاه [5] . فسار بهم ودخل المَوْصِل، وأقام ثلاثة أيّام [6] .
[مقتل سُنْقُرجاه صاحب المَوْصِل]
وكان كبيروها قد كاتبوا الأمير موسى التُّركمانيّ، وهو بحصن كَيْفا [7] ، ينوب عَنْ كبربوقا. فسار مجدًا، فظن سُنْقُرجاه أَنَّهُ قدِم إلى خدمته، فخرج يتلقاه، ثمّ ترجل كلٌّ واحدٍ منهما للآخر، واعتنقا، وبكيا عَلَى كبربوقا، ثمّ ركبا، فقال سُنْقُرجاه: أَنَا مقصودي المِخَدّةُ والمنصب، وأمّا الأموال والولايات فلكم.
فقال موسى: الأمر في هذا إلى السلطان.
ثمّ تنافسا في الحديث، فجذب سُنْقُرجاه سيفه، وضرب موسى صفحا
__________
[1] في الأصل: «فأخذه» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 337، 338، تاريخ ابن خلدون 3/ 487، 488.
[3] في الكامل 10/ 341 «كربوقا» ، وفي المختصر 2/ 215 «كربوغا» ، وهو كربوقا في: دول الإسلام 2/ 25، و «كربوغا» في: تاريخ ابن الوردي 2/ 13، وفي الروضتين 1/ 67 «كربوقا» .
[4] خويّ: بلفظ تصغير خوّ. بلد مشهور من أعمال أذربيجان. (معجم البلدان 2/ 408) .
[5] في الكامل 10/ 342 «سنقرجه» .
[6] الكامل 10/ 341، 342، التاريخ الباهر 16 وفيه يجعل وفاته في سنة 494 هـ.
[7] كيفا: ويقال: كيبا، الظّنّ أنّها أرمنية. وهي بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر. (معجم البلدان 2/ 265) .

(34/46)


عَلَى رأسه فجرحه، فألقى موسى نفسه، وجذب سُنْقُرجاه إلى الأرض ألقاه، وجذب بعض خواص موسى سكينًا قتل بها سُنْقُرجاه. ودخل موسى البلد، وخلع عَلَى أصحاب سُنْقُرجاه، وطيّب قلوبهم، وحكم عَلَى المَوْصِل [1] .
[مقتل الأمير موسى التركماني]
ثمّ غدر بِهِ عسكره، وانضموا إلى شمس الدّولة جَكَرْمِش، فافتتح نصيبين، ثمّ نازل المَوْصِل، وحاصر موسى مدة، فأرسل موسى إلى سُقْمان بْن أُرْتُق يستنجد بِهِ، عَلَى أنّ أطلق لَهُ حصن كيفا [2] وعشرة آلاف دينار. فسار من ديار بَكْر ونَجَدَه، فرحل عَنْهُ جكرمش.
فخرج موسى يتلقّى [3] سُقْمان، فوثب عَلَيْهِ جماعة فقتلوه، [4] وهرب خواصُّه. وملك سُقْمان حصن كيفا، فبقيت بيد ذريته إلى سنة بضع وعشرين وستّمائة [5] . وكان بها في دولة الملك ابن العادل محمود [6] بن محمد بن قرا أرسلان [7] بْن دَاوُد بْن سُقْمان بْن أُرْتُق صاحبها [8] .
[استيلاء جَكَرْمِش عَلَى المَوْصِل والخابور]
ثمّ سار جكرمِش وحاصر المَوْصِل، فتسلّمها صُلْحًا، وأحسن السيرة، وقتل الذين وثبوا عَلَى موسى. واستولى بعد ذلك على الخابور، وغيره، وقوي أمره [9] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 342، تاريخ ابن خلدون 5/ 29، 30، تاريخ ابن الوردي 2/ 14، الروضتين 1/ 67.
[2] تصحّف في تاريخ ابن خلدون 5/ 30 إلى «كبيعا» .
[3] في الأصل: «يتلقا» .
[4] وكان مقتله عند قرية كانت تسمّى كواثا. (المختصر في أخبار البشر 2/ 215) ، تاريخ ابن خلدون 5/ 30، تاريخ ابن الوردي 2/ 14.
[5] في الكامل 10/ 343: «سنة عشرين وستمائة» ، وفي نسخة أخرى مخطوطة منه: «سنة خمس وعشرين وستمائة» .
[6] في الكامل: «غازي بن قرا» .
[7] في الكامل: «أرسلان» .
[8] الكامل في التاريخ 10/ 343.
[9] الكامل في التاريخ 10/ 343، المختصر في أخبار البشر 2/ 215، تاريخ ابن خلدون 5/ 30،

(34/47)


[موقعة صَنْجيل الإفرنجي عند طرابلس]
قَالَ «ابن الأثير» [1] : وكان صَنْجيل الإفرنجي، لعنه اللَّه، قد لقي قلج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب الروم، فهزمه ابن قُتُلْمش، وأسر خلقًا من الإفرنج، وقتل خلقًا، وغنم شيئًا كثيرًا. وبقي مع صنجيل ثلاثمائة، فوصل بهم إلى الشام [2] ، فنازل طرابلس، فجاءت نجدةُ دمشق نحو ألفي فارس، وعسكر حمص، وغيرهم [3] ، فالتقوا عَلَى باب طرابلس، فرتب صَنْجيل مائة في وجه أهل البلد، ومائةً لملتقى عسكر دمشق، وخمسين فارسًا للحمصيّين، وبقي هُوَ في خمسين.
فأمّا عسكر حمص، فلم يثبتوا للحملة، وولّوا مهزومين، وتَبِعَهم عسكر دمشق.
وأمّا أهل البلد، فقتلوا المائة الّذين بارزتهم، فحمل صنجيل بالمائتين، فكسروا أهل طرابلس، وقتل منهم مقتلة [4] ، وحاصرهم، وأعانه أهل البَرّ، فإنّ أكثرهم نصارى. ثمّ هادنهم على مال [5] .
__________
[ () ] تاريخ ابن الوردي 2/ 14، الروضتين 1/ 67.
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 343، 344، وانظر: تاريخ ابن الراهب، لأبي شاكر بطرس بن أبي الكرم بن المهذّب، بتحقيق لويس شيخو ص 72، طبعة بيروت 1903، ونهاية الأرب 28/ 261، 262.
[2] راجع ما تقدّم في حوادث سنة 494 هـ. بعنوان (انكسار بغدوين) .
[3] يضيف ابن الراهب إليهم: «جند حلب» .
[4] في الكامل 10/ 344: «وقتلوا منهم سبعة آلاف رجل» .
[5] هذا الخبر يستدعي التوقف لأمرين، الأول: أن الموقعة ربّما جرت عند أنطرطوس وليس طرابلس. والثاني: تغلّب خمسين من الإفرنج على ألفين من العسكر الحمصي، وتغلّب مائة آخرين على عسكر دمشق، ثم تغلّب مائتين من الإفرنج على عسكر طرابلس وقتل سبعة آلاف رجل! يقول ابن العبري: «كان سان جيل في طرسوس، وبلغ العرب أنّ جنوده قليلون، فأجمعوا على مبارزته وأقبلوا من طرابلس ودمشق وحمص، ولم يكن مع سان جيل إلا ثلاثمائة فارس لا غير وجّه المائة منهم نحو الدماشقة، والمائة نحو الطرابلسيين، والخمسين نحو الحمصيين، وأبقى الخمسين لمؤازرته. ولما التقى الصفّان لاذ الحمصيّون والدمشقيون بالفرار نحو الجبال، وكانوا أكثر من خمسة آلاف، وظلّ الطرابلسيون وهم ثلاثة آلاف، فشدّ عليهم سان جيل في من معه

(34/48)


ونازل أَنْطرسَوُس، فافتتحها وقتل أهلها [1] .
[إطلاق سراح بيمند صاحب أنطاكية]
وفيها أطلق ابن الدانشمند بيمند [2] الإفرنجي صاحب أنطاكية، وكان أسَرَه كما تقدم، فباعه نفسه بمائة ألف دينار، وبإطلاق ابنه ياغي سِنان [3] صاحب أنطاكية، وكان أسرها لمّا أخذ أنطاكية من أبيها. فقدم أنطاكية، وقويت نفوسُ أهلها بِهِ. وأرسل إلى أهل قِنَّسْرين والعواصم يطالبهم بالإمارة، وانزعج المسلمون [4] .
[حصار صَنْجيل لحصن الأكراد]
وفيها سار صَنْجيل إلى حصن الأكراد فحصره، فجمع جناح الدّولة عسكرًا ليسير إليه وليكبسهم، فقتله كما قلت باطنيّ، بالجامع.
__________
[ () ] وهم خمسون، وطحطحهم، وتتبّع المنهزمين، وقتل من العرب نحو سبعة آلاف، وغادر قيليقية إلى طرابلس وشدّ عليها واحتلّ انطرطس وفتك بكل من بها من العرب. ودوخ عدّة قلاع» .
(تاريخ الزمان 127) .
ويذكر كلّ من «ابن القلانسي» و «سبط ابن الجوزي» أن القتال مع الإفرنج كان عند أنطرطوس، وليس عند طرابلس. وقد جاء عند ابن القلانسي:
«ووردت مكاتبات فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابلس يلتمس فيها المعونة على دفع ابن صنجيل النازل في عسكره من الإفرنج على طرابلس ويستصرخ بالعسكر الدمشقيّ، ويستغيث بهم، فأجيب إلى ما التمس، ونهض العسكر نحوه، وقد استدعى الأمير جناح الدولة صاحب حمص، فوصل أيضا في عسكره، فاجتمعوا في عدد دثر وقصدوا ناحية أنطرطوس، ونهد الفرنج إليهم في جمعهم وحشدهم، وتقارب الجيشان والتقيا هناك، فانفلّ عسكر المسلمين من عسكر المشركين وقتل منهم الخلق الكثير، وقفل من سلم إلى دمشق وحمص بعد فقد من فقد منهم ووصلوا في الثاني والعشرين من جمادى الآخرة» . (ذيل تاريخ دمشق 140، 141، مرآة الزمان (المخطوط) ج 12 ق 3/ ورقة 246 أ) .
وانظر: تاريخ الحروب الصليبية، لستيفن رنسيمان 2/ 97، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ- الطبعة الثانية- ج 1/ 402- 404، وقد جاء في: الإعلام والتبيين 14 أن صنجيل وصل إلى بلاد الشام في ثلاثمائة ألف وحاصر طرابلس.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 344، نهاية الأرب 28/ 262، المختصر في أخبار البشر 2/ 216، تاريخ ابن الوردي 2/ 14.
[2] في الأصل: «بيمد» .
[3] في الكامل: «باغي سيان» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 345.

(34/49)


وقيل: إنّ ربيبه الملك رضوان جهّز عَلَيْهِ من قتله [1] .
[منازلة صَنْجيل حمص]
وأصبح صَنْجيل حمص فنازلها [2] .
[محاصرة القُمص عكّا]
ونزل القُمّص عَلَى عكّا، وجَدَّ في حصارها وكاد أنّ يأخذها، فكشف عَنْهَا المسلمون [3] .
[محاصرة صاحب الرُّها لبيروت]
وفيها سار القُمّص صاحب الرُّها إلى أنّ نازل بيروت، فحاصرها مدّةً، ثمّ عجز عَنْهَا وترحل [4] .
[طمع صاحب سمرقنْد في خراسان]
وأمّا سنجر، فإنه لمّا عاد من بغداد إلى خُراسان خطب لأخيه محمد بجميع خراسان. وطمع صاحب سمرقنْد جبريل بْن عُمَر في خراسان، وجمع عسكرًا تملأ الأرض- قِيلَ: كانوا مائة ألف، فيهم خلْقٌ من الكفار- وقصد خُراسان. وكان قد كاتبه كُنْدُغدي [5] أحد أمراء سَنْجَر، وأعلمه بمرض سَنْجَر، وبأن السلطانين في شُغلٍ بأنفسهما.
وعُوفي سَنْجَر، فسار لقصده في ستّة آلاف فارس، إلى أنّ وصل بلْخ، فهرب كُنْدُغدي إلى خدمة قدرخان، وهو صاحب سَمَرْقَنْد جبريل بْن عُمَر، ففرح بمَقْدَمِه، وسار معه فملك تِرْمِذ، وقرُب قدرخان بجيوشه إلى بلخ، فجاءت
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 345، نهاية الأرب 28/ 263، المختصر في أخبار البشر 2/ 216.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 345، نهاية الأرب 28/ 263، المختصر في أخبار البشر 2/ 216، دول الإسلام 2/ 25، تاريخ ابن الوردي 2/ 14، الإعلام والتبيين 14.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 345، دول الإسلام 2/ 25، تاريخ سلاطين المماليك 232، الإعلام والتبيين 14.
[4] ذيل تاريخ دمشق 140، الكامل في التاريخ 10/ 345، دول الإسلام 2/ 25، الإعلام والتبيين 14.
[5] في الأصل: «كندغري» بالراء، والتصحيح من: الكامل 10/ 347.

(34/50)


العيون إلى سَنْجَر، أنّ قدرخان ذهب يتصيّد في ثلاثمائة فارس، فندب الأمير بزغش [1] لقصْده، فساق ولحقه وقاتله، فانهزم أصحاب قدرخان لقلّتهم، وأسر قدرخان وكُنْدُغْدي [2] ، وأُحضرا بين يدي سَنْجَر، فقبَّل قدرخان الأرض واعتذر، فأمر بِهِ فقُتِل، وتملّس كُنْدُغدي [2] ، ونزل في قناة مشى فيها قدْر فرسَخَيْن تحت الأرض، عَلَى ما بِهِ من النِّقْرِس، وقتل فيها حَيَّتين، وطلع من القناة، فصادف أصحابه، فسار في ثلاثمائة فارس إلى غَزْنَة [3] .
[وفاة كُنْدُغدي]
قَالَ «ابن الأثير» : [4] وقيل: بل جمع سَنْجَر عساكر كثيرة، والتقى بصاحب سَمَرْقَنْد، وكثُر القْتلُ بين النّاس، وانهزم قدرخان صاحب سَمَرْقَنْد، وأسر، ثمّ قتل.
وحاصر سَنْجَر تِرْمِذ، وفيها كُنْدُغدي، [2] فنزل بالأمان، وأمره بمفارقة بلاده، فسار إلى غَزْنَة، فأكرمه صاحبها علاء الدّولة وبالغ، ثمّ خاف منه كُنْدُغدي [2] ، ثمّ هرب، فمات بناحية هَرَاة [5] .
[تملُّك سَنْجَر بْن محمد على سَمَرْقَنْد]
وأحضر السلطان سَنْجَر محمد بْن سليمان بْن بُغْراخان نائب مَرْو، وملّكه سَمَرْقَنْد، وبعثه إليها. وهو من أولاد الخانيّة بما وراء النّهر، وأُمُّه ابنة [6] السّلطان ملك شاه، وسنجر خاله، فدفع عَنْ مملكة آبائه، فقصد مَرْو، وأقام بها إلى الآن، فعظم شأنُه، وكثرت جموعه، إلّا أنّه انتصب له هاغوابك [7] ، وزاحمه في المُلْك، وجرت لَهُ معه حروب [8] .
__________
[1] في الأصل: «برغش» بالراء، والتصحيح من: الكامل 10/ 348.
[2] في الأصل: «كندغري» .
[3] الكامل في التاريخ 10/ 347، 348، دول الإسلام 2/ 25، 26 (باختصار) .
[4] في الكامل 10/ 348.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 348، 349.
[6] في الأصل: «ابنة» .
[7] في الأصل: «صاغوابك» ، وفي: الكامل 10/ 350 «هاغوبك» .
[8] الكامل في التاريخ 10/ 350.

(34/51)


[استرجاع بَلَنْسِيَة من النصارى]
وفيها نازل المسلمون بَلَنْسِيَة [1] ، واسترجعوها من النصارى بعد أنّ بقيت بأيديهم ثمانية أعوام، فجدد محراب جامعها.
ودامت دار إسلام إلى أنّ أخذتها النّصارى المرة الثّانية سنة ستّ وثلاثين وستّمائة [2] .
__________
[1] بلنسية: السين مهملة مكسورة، وياء خفيفة، كورة ومدينة مشهورة بالأندلس، متصلة بحوزة كورة تدمير، وهي شرقي تدمير وشرقي قرطبة، وهي برية بحرية.
[2] البيان المغرب 4/ 41، 42، دول الإسلام 2/ 26، الإعلام والتبيين 14 (معجم البلدان 1/ 490) .

(34/52)


سنة ست وتسعين وأربعمائة
[خلعة المستظهر باللَّه عَلَى ينّال بْن أنوشتكين]
كَانَ يَنّال بْن أنُوشْتِكِين الحُساميّ من أمراء السلطان محمد، فسار هُوَ واخوه عليّ من جهة محمد إلى الرّيّ، فورد إِلَيْهِ الأمير برسق من جهة السلطان بَركيَارُوق، فاقتتلا بظاهر الرّيّ، فانهزم ينّال وسلك الجبال، وقُتِل خلْقٌ من أصحابه، فقدم بغداد في سبعمائة فارس، فأكرمه المستظهر باللَّه وخلع عَلَيْهِ، واجتمع هُوَ، وإيلغازي، وسقمان ابنا أُرْتُق، وتحالفوا عَلَى مناصحة محمد، وساروا إلى سيف الدولة صدقة، فحلف لهم [1] .
[ظلم ينّال ببغداد]
ورجع ينّال فظلم ببغداد وعَسَف، واستطال عسكرُه عَلَى العامّة بالضَّرْب والأذِيّة البالغة والمصادرة. وتزوَّج هُوَ بأخت إيلغازي، فبعث الخليفة إِلَيْهِ ينهاه عَن الظلم، فلم ينته [2] .
[إفساد ينّال في البلاد]
وسار بعد أشهرُ إلى أوانا، فنهب وقطع الطّريق، وأقطع القرى لأصحابه، ثمّ شغب باجسرى، وقصد شهربان، فمنعه أهلُها، فقاتلهم، فقتل منهم طائفة، وسار، لا سلّمه اللَّه، إلى أذْرَبَيْجان قاصدا مخدومه السّلطان محمد [3] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 353، تاريخ ابن خلدون 3/ 488، 489 و 5/ 31.
[2] في الأصل: «ينتهي» . والخبر في: المنتظم 9/ 135 (17/ 80، 81) ، والكامل في التاريخ 10/ 354، تاريخ ابن خلدون 3/ 489.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 354، 355، تاريخ ابن خلدون 3/ 489.

(34/53)


[الفتنة في بغداد]
وكان قد ورد قبله إلى بغداد كَمُشْتِكِين شِحْنةً من قبل بَركيَارُوق، وكان بها أيضًا شحنة لمحمد، وهو إيلغازي بن أرتق، فحرّك الفتنة، وترك الخطبة والدّعوة للسلطان، واقتصروا عَلَى الدّعوة للخليفة لا غير [1] .
وجاء سُقْمان نجدةً لأخيه، فعاث وأفسد ونهب، واجتمع بأخيه فيها، ونهبا دجيلًا، ولم يبقيا على أحد، وافتضّت الأبكار، وعملا ما لا تعمله التّتار، وغَلَت الأسعار [2] .
[مقاتلة سيف الدولة لكمشتكين]
وسار القيصريّ، وهو كَمُشْتِكِين، إلى واسط، فتِبعه سيف الدّولة بالعرب وهزمهم [3] .
[المصافّ الخامس بين بَركيَارُوق وأخيه]
وفي جُمَادَى الآخرة، كَانَ المصافّ الخامس بين بَركيَارُوق ومحمد عَلَى باب خُوَيّ، فانهزم عسكر محمد، وانهزم هُوَ إلى أَرْجِيش [4] من أعمال خِلاط، ثمّ سار إلى خِلاط. واتصل بِهِ الأمير عليّ صاحب أَرْزَن الرُّوم [5] .
[القبض عَلَى الوزير سديد الملك]
وفي رجب قبض الخليفة عَلَى وزيره سديد الملك أبي المعالي، وحبس [6] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 355، 356، البداية والنهاية 12/ 163، تاريخ الخلفاء 428.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 356.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 357، 358.
[4] أرجيش: بالفتح ثم السكون، وكسر الجيم، وياء ساكنة، وشين معجمة. مدينة قديمة من نواحي أرمينية الكبرى قرب خلاط. وأكثر أهلها أرمن نصارى. (معجم البلدان 1/ 144) .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 359- 361، المختصر في أخبار البشر 2/ 216، العبر 3/ 343، دول الإسلام 2/ 26، البداية والنهاية 12/ 163، تاريخ ابن خلاط 3/ 489، 490 و 5/ 31، تاريخ ابن الوردي 2/ 14.
وفي الأصل وقع: «أرزن الرومي» ، والتصحيح من الكامل، ومعجم البلدان 1/ 150 وفيه:
أرزن بالفتح ثم السكون، وفتح الزاي، ونون. وهي بلدة من بلاد أرمينية.
[6] الكامل في التاريخ 10/ 362، تاريخ ابن خلدون 3/ 490.

(34/54)


[وزارة ابن الموصلايا]
وولى النّظر في الوزارة أبو سَعِيد بْن الموصلايا [1] الملقب بأمين الدّولة [2] .
[تسلُّم الملك دُقَاق الرحبة وحمص]
وفيها سار الملك دُقَاق إلى الرَّحْبة وحاصرها، وتسلّمها وحصّنها، ورجع وتسلّم أيضًا حمص بعد صاحبها جناح الدّولة [3] .
[انهزام الإفرنج أمام عسكر مصر في يافا]
وفيها قِدمت عساكرُ مصر، فحاصرت يافا وفيها الإفرنج، ثمّ التقوا هُمْ والإفرنج، فهزموهم وقتلوهم، وقتلوا من الإفرنج أربعمائة. ودخلوا في ثلاثمائة.
أسير [4] .
[زيارة الإفرنج لبيت المقدس]
ثمّ جاء الخلق من الإفرنج في البحر لزيارة بيت المقدس [5] .
[استمرار حصار طرابلس]
وفيها كَانَ الحصار مستمرًا عَلَى طرابلس، والناس في بلاء من الإفرنج بالشّام [6] .
__________
[1] في الأصل: «الموصلا» ، والتصحيح من: الكامل، ونهاية الأرب.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 362، نهاية الأرب 23/ 256، تاريخ ابن خلدون 3/ 490.
[3] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 142، الكامل في التاريخ 10/ 363، زبدة الحلب 2/ 147، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 4، نهاية الأرب 27/ 73، المختصر في أخبار البشر 2/ 216، العبر 3/ 343، دول الإسلام 2/ 26، مرآة الجنان 3/ 159، البداية والنهاية 12/ 163، تاريخ ابن الوردي 2/ 14، الدرّة المضيّة 462، تاريخ سلاطين المماليك 3.
[4] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 142، 143، الكامل في التاريخ 10/ 364، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 5، العبر 3/ 343، دول الإسلام 2/ 26، اتعاظ الحنفا 3/ 26 و 32، الإعلام والتبيين 14، 15.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 365.
[6] الكامل في التاريخ 10/ 365، 366 وفيه: «وكان صنجيل يحاصر مدينة طرابلس الشام، والمواد تأتيها، وبها فخر الملك ابن عمّار، وكان يرسل أصحابه في المراكب يغيرون على البلاد التي بيد الفرنج، ويقتلون من وجدوا، وقصد بذلك أن يخلوا السواد ممّن يزرع لتقلّ المواد من الفرنج فيرحلوا عنه» .

(34/55)


[استيلاء الإفرنج عَلَى كثير من الشام]
وفيها نازلت الإفرنج الرّستن، ثمّ ترحّلوا، وجرت لهم وقعات، واستولوا عَلَى شيء كثير من الشام، وهادنهم أمراء البلاد عَلَى مالٍ يؤدُّونه كلّ عام، فلا قوة إلّا باللَّه.

(34/56)


سنة سبع وتسعين وأربعمائة
[الصلح بين بَركيَارُوق وأخيه محمد]
في ربيع الآخر، وقع الصلح بين السلطانين بَركيَارُوق ومحمد، وسببه أنّ الحرب لما تطاولت بينهما وعم الفساد، وصارت الأموال منهوبة، والدّماء مسفوكة، والبلاد مخرَّبة، والسلطنة مطموعًا فيها، محكومًا عليها، وأصبح الملوك مقهورين بعد أنّ كانوا قاهرين.
وكان بَركيَارُوق حاكمًا حينئذٍ عَلَى الرّيّ، والجبال، وطبرستان، وفارس، وديار بَكْر، والجزيرة، والحَرَمين، وهو بالرَّيّ.
وكان محمد بأذربيجان وهو حاكم عليها وعلى أرمينية، وأرّان [1] ، وأصبهان، والعراق جميعه سوى تكريت، وبعض البطائح.
وأما خراسان، فإن السلطان سَنْجَر كَانَ يخطب لَهُ فيها جميعها، ولأخيه محمد، وبقي بَركيَارُوق ومحمد كفَّتي رهان، فدخل العقلاء بينهم بالصلح، وكتبت بينهم أَيْمان وعُهُود ومواثيق، فيها ترجيح جانب بَركيَارُوق، وأُقيمت لَهُ الخطبة ببغداد، وتسلم إصبهان بمقتضى الصُّلْح. وأرسل الخليفة خلع السّلطنة إلى بركياروق [2] .
__________
[1] أرّان: بالفتح وتشديد الراء وألف ونون. اسم أعجمي لولاية واسعة وبلاد كثيرة، منها جنزة، قال نصر: أرّان من أصقاع أرمينية، وهو أيضا اسم لحرّان البلد المشهور من ديار مضر.
(معجم البلدان 1/ 136) .
[2] المنتظم 9/ 138 (17/ 80- 85، الكامل في التاريخ 10/ 369، 370، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 8، نهاية الأرب 26/: 35. 351، المختصر في أخبار البشر 2/ 216، 217، العبر 3/ 345، دول الإسلام 2/ 26، تاريخ ابن خلدون 3/ 490، 491 و 5/ 32، تاريخ ابن الوردي 2/ 14، مآثر الإنافة 2/ 13، النجوم الزاهرة

(34/57)


[حصار الإفرنج لطرابلس ورفعه]
وفيها جاءت الإفرنج في البحر، فأعانوا صَنْجيل عَلَى حصار طرابلس، وبالغوا في الحصار أيامًا، فلم يغن شيئًا، ففارقوه [1] .
[استيلاء الإفرنج عَلَى جبيل]
ونازلوا مدينة جبيل أيامًا، وجدوا في القتال، فعجز أهلُها وتسلموها بالأمان، فغدروا بأهلها، وأخذوا أموالهم وعذبوهم [2] .
[استيلاء الإفرنج عَلَى عكّا]
ثمّ ساروا إلى عكا نجدةً لبردوين صاحب القدس، فحاصروها برًّا وبحرًا، وأميرها زهر الدّولة بنا [3] الجيوشي، فزحفوا عليها مرّةً غير مرّة، إلى أنّ عجز بنا عن عكّا، ففارقها ونزل في البحر، وأخذتها الإفرنج بالسيف، فإنّا للَّه وإليه راجعون. وقدم واليها إلى دمشق، ثمّ رحل إلى مصر، وعفا عنه أمير الجيوش الأفضل [4] .
__________
[ () ] 5/ 187، 188، تاريخ الخلفاء 428، 429.
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 143، الكامل في التاريخ 10/ 372، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9، نهاية الأرب 28/ 263، المختصر في أخبار البشر 2/ 217، دول الإسلام 2/ 27، تاريخ ابن الوردي 2/ 14، الإعلام والتبيين 15، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج 1/ 406.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362 (وتحقيق سويّم) 28، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 143، معجم البلدان 4/ 59، الكامل في التاريخ 10/ 372، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9، نهاية الأرب 23/ 256 و 28/ 263، المختصر في أخبار البشر 2/ 217، العبر 3/ 345، دول الإسلام 2/ 27، تاريخ ابن الوردي 2/ 14، 15، مآثر الإنافة 2/ 16، الإعلام والتبيين 15، شذرات الذهب 3/ 404 وفيه «جبل» ، وانظر كتابنا: تاريخ طرابلس 1/ 406، 407.
[3] في تاريخ ابن الوردي 2/ 95، «نبا» بتقديم النون. وفي شذرات الذهب 3/ 404 «زهر الدولة بن الجيوشي» .
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 362 (تحقيق سويّم) 28، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 144، أخبار مصر لابن ميسّر 41، الكامل في التاريخ 10/ 373، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 87، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9، نهاية الأرب 23/ 256 و 28/ 263، المختصر في أخبار البشر 2/ 217، العبر 3/ 345، ودول الإسلام 2/ 27، البداية والنهاية

(34/58)


[وقعة نهر البَلِيخ]
وفيها نازلت الإفرنج حران، فسار لجهادهم سُقْمان [1] وجَكَرْمِش في عشرة آلاف فارس، فكانت الوقعة عَلَى نهر البَلِيخ [2] ، فانهزم المسلمون أوّلًا، وتبعتهم الإفرنج فرسخين، ثمّ عاد المسلمون عليهم فقتلوهم كيف شاءوا، وغنموا أسلابهم، وكان فتحًا عظيمًا أذلّ نفوس الإفرنج بالمرة [3] .
[هرب صاحب أنطاكية وصاحب الساحل]
وكان بيمند صاحب أنطاكيّة وتنكري [4] صاحب السّاحل قد كمنا وراء جبل، فلما خرجا رَأيا أصحابهم منهزمين، فتسحبّا باللّيل، وفطن بهم المسلمون فتبعوهم، وقتلوا وأسروا. وأَفْلَت المَلِكان في ستة فرسان [5] .
[وقوع قُمْص الرُّها في الأسر]
وأسروا قُمْص الرُّها، وحاز الغنيمة عسكرُ سُقْمان، ولم يَظْفِرْ عسكرُ جَكَرْمِش صاحب المَوْصِل بطائل [6] .
[تملك سُقْمان الحصون من الإفرنج]
ورحل سُقْمان وألبس أصحابه أسلاب الإفرنج، ورفع أعلامهم، وكان يأتي الحصن فتخرج الإفرنج منه، ظنًّا أنّ هؤلاء أصحابهم، فيقتلونهم، وتملّك
__________
[ () ] 12/ 163، تاريخ ابن الوردي 2/ 15، الدرّة المضيّة 463، مآثر الإنافة 2/ 16، تاريخ سلاطين المماليك 3 و 2، 23، اتعاظ الحنفا 3/ 34 و 36، النجوم الزاهرة 5/ 188، الإعلام والتبيين 15، شذرات الذهب 3/ 404، تاريخ الأزمنة 95، تاريخ الرهاوي 2/ 467- 469.
[1] يقال: سقمان (بالقاف) ، وسكمان (بالكاف) .
[2] البليخ: الخاء معجمة. نهر بالرقّة. (معجم البلدان 1/ 493) .
[3] تاريخ الفارقيّ 274 (حوادث سنة 479 هـ.) ، الكامل في التاريخ 10/ 373- 375، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 10، المختصر في أخبار البشر 2/ 237، العبر 3/ 345، 346، دول الإسلام 2/ 27، مرآة الجنان 3/ 160، تاريخ ابن خلدون 5/ 33، تاريخ ابن الوردي 2/ 15، الإعلام والتبيين 15، شذرات الذهب 3/ 404، تاريخ الأزمنة 97.
[4] في الأصل: «فتكري» . وهو «تنكريد» ، وفي مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9: «طنكري» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 374، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9، تاريخ ابن خلدون 5/ 33.
[6] الكامل في التاريخ 10/ 374، 375، المختصر في أخبار البشر 2/ 217، تاريخ ابن خلدون 5/ 33.

(34/59)


سُقْمان الحصن فعل ذَلِكَ بعدّة حصون [1] .
[سير جَكَرْمِش إلى حران ومحاصرته الرُّها]
وأمّا جَكَرْمِش فإنّه سار إلى حَرّان وتسلّمها، وقرّر بها نائبه، وسار فحاصر الرُّها خمسة عشر يومًا وبها الإفرنج. [2]
[مفاداة القُمص بالمال والأسرى]
ثمّ ترحّل إلى المَوْصِل وفي أسره القُمْص، ففاداه بخمسة وثلاثين ألف دينار، ومائة وستّين أسيرًا من المسلمين.
حكاها ابن الأثير [3] ، وقال: كَانَ عدّة القَتْلَى تُقارب اثني عشر ألف قتيل.
[وفاة شمس الملوك دُقَاق صاحب دمشق]
وفيها مات صاحب دمشق شمس الملوك دُقاق [4] بْن تتش، وأقيم ولده بتدبير الأتابك طغتكين [5] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 375.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 375، تاريخ ابن خلدون 5/ 33.
[3] في الكامل 10/ 375، وعنه ينقل ابن خلدون في تاريخه 5/ 33.
[4] هكذا في الأصل والمصادر الأخرى. وقال ابن تغري بردي: «وسمّاه الذهبي وصاحب مرآة الزمان دقاقا بلا ميم. ولعلّ الّذي قلناه هو الصواب، فإننا لم نسمع باسم قبل ذلك يقال له دقاق، وأيضا فإن جدّ السلجوقيين الأعلى اسمه دقماق، هذا من أكبر الأدلّة على أن اسمه دقماق» . (النجوم الزاهرة 5/ 189) .
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362 (وتحقيق سويّم) 28، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 144، تاريخ الفارقيّ 271 (حوادث سنة 498 هـ.) ، الكامل في التاريخ 10/ 375، 376، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9 و 11، زبدة الحلب 2/ 150، نهاية الأرب 27/ 74، المختصر في أخبار البشر 2/ 217، العبر 3/ 347، دول الإسلام 2/ 27، البداية والنهاية 12/ 163، 164، تاريخ ابن الوردي 2/ 15، الدرّة المضيّة 463، النجوم الزاهرة 5/ 189 وفيه «دقماق» ، الإعلام والتبيين 15، مرآة الجنان 3/ 160 وفيه: وكان شمس الملك مسجونا ببعلبكّ، فذهب بجهله إلى صاحب القدس (في المرآة: المدس) لكي ينصره فلم يلو عليه، فتوجّه إلى الشرق، فهلك.

(34/60)


[وفاة أرتاش أخي دُقاق]
وقيل: بل لمّا مات دُقَاق أحضر طُغْتِكِين [1] أرتاش أخا دُقَاق من بَعْلَبَكّ، وكان أخوه حَبَسه بقلعتها، فلمّا قدِم سَلْطَنَه طُغْتِكِين، فبقي في المُلْك ثلاثة أشهر، ثمّ هرب سرًّا لأمرٍ توهَّمه من طُغْتِكِين. فذهب إلى بَغْدَوِين [2] الّذي ملك القدس مستنصرًا بِهِ، فلم يحصل منه عَلَى أملٍ، فتوجه إلى العراق عَلَى الرَّحْبة فهلك في طريقه [3] .
[حصن صَنْجيل ومهاجمة ابن عمّار لَهُ]
وأمّا صَنْجيل- لعنه اللَّه- فطال مُقامُه عَلَى طرابلس، حتّى أَنَّهُ بنى [4] عَلَى ميلٍ منها حصنًا صغيرًا [5] ، وشحنه بالرّجال والسّلاح. فخرج صاحب طرابلس ابن عمّار في ذي الحجّة، فهجم أهل الحصن وملكه، وقتل كل من فيه، وهدم بعضه، ودخل البلد بالغنائم منصورًا. وكان بطلًا، شجاعًا، مهيبًا، برز إلى الإفرنج مرّات، وينصر عليهم، وبذل وسعه في الجهاد [6] .
[تخريب المقدّم بزغش حصون الإسماعيلية]
وفيها جمع بزغش [7] مقدّم جيش سنجر عسكرا كثيرا وخلقا من المطّوّعة،
__________
[1] في نهاية الأرب 27/ 74 «طغرتكين» .
[2] في الأصل: «بردوين» ، والمثبت عن الكامل 10/ 376 ونهاية الأرب 27/ 74. ويقصد ببلدوين: بلدوين الأول وهو ملك مملكة بيت المقدس الصليبي (1100- 1118 م) .
[3] في الكامل 10/ 376: «فملكها بكتاش وعاد عنها» ، وفي نهاية الأرب 27/ 75 «بلتاش» ، ومثله في: المختصر في أخبار البشر 2/ 217.
[4] في الأصل: «بنا» .
[5] الألكسياد لأنّا كومينا 169، تاريخ الرهاوي 460.
[6] ذيل تاريخ دمشق 146، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي (المخطوط) - ج 12 ق 3/ ورقة 264، والمطبوع ج 8 ق 1/ 9، الكامل في التاريخ 10/ 412، المختصر في أخبار البشر 2/ 220، دول الإسلام 2/ 18، الإعلام والتبيين بخروج الفرنج الملاعين، للحريري (مخطوط) ورقة 16 (المطبوع) 15، معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 ق 3/ 265، النجوم الزاهرة 5/ 178، و 188.
[7] في الأصل: «برغش» بالراء.

(34/61)


وسار إلى قتال الإسماعيليّة، وقدم طَبَس، وهي لهم، فخربها وما جاء وراءها [1] من القلاع والقرى، وأكثر فيهم النَّهْب والسَّبْي والقتْل، وفعل بهم الأفعال العظيمة [2] .
[تأمين الإسماعيليّة وسخط النّاس عَلَى السلطان]
ثمّ إنّ أصحابه أشاروا بأن يؤمَّنُوا، ويشترط عليهم أن لا يَبْنُوا حصنًا، ولا يشترون سلاحًا، ولا يَدْعُون أحدًا إلى عقائدهم، فسخط كثيرٌ من النّاس هذا الأمان، ونقموه عَلَى السّلطان سَنْجَر.
ومات بزغش [3] ، وخُتِمَ له بغزو هؤلاء الكلاب الزّنادقة [4] .
__________
[1] في الأصل: «وما جاء ورائها» . ويحتمل أن الصحيح: «وما جاورها» كما في: الكامل 10/ 378.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 378، دول الإسلام 2/ 37.
[3] في الأصل: «برغش» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 378، 379.

(34/62)


سنة ثمان وتسعين وأربعمائة
[وفاة السلطان بَركيَارُوق]
في ربيع الآخر، مات السّلطان بَركيَارُوق، وملّكت الأمراء بعده ولَدَه جلالَ الدّولة ملك شاه، وخطب لَهُ ببغداد وهو صبيّ لَهُ دون الخمس سِنين [1] .
[دخول جَكَرْمِش في طاعة السلطان محمد]
وأمّا السّلطان محمد، فكان مقيمًا بتبريز، فسار إلى مراغة يريد جَكَرْمِش، فحصّن جَكَرْمِش المَوْصِل، وجعل أهل الضِّياع إلى البلد، فنازله محمد، وجَدّ في قتاله، وقاتل في جَكَرْمِش أهل المَوْصِل لمحبّتهم فيه، ودام القتال مدّةً، فلمّا بلغت جَكَرْمِش وفاة بَركيَارُوق، أرسل إلى محمود يبذل الطّاعة، فدخل إِلَيْهِ وزير محمد سعْد المُلْك، وخرج معه جَكَرْمِش، فقام لَهُ محمد واعتنقه وقال: ارجع إلى رعيّتك، فإن قلوبهم إليك. فقبّل الأرض وعاد، فقدّم للسّلطان وللوزير تُحَفًا سَنِيّة، ومدّ سِماطًا عظيمًا بظاهر الموصل [2] .
__________
[1] انظر عن (وفاة بركياروق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 362 (تحقيق سويّم) 28، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، والمنتظم 9/ 141 (17/ 90) ، والكامل في التاريخ 10/ 380، وتاريخ الزمان لابن العبري 127، وتاريخ مختصر الدول، له 197، 198، وزبدة التواريخ للحسيني 165، وتاريخ دولة آل سلجوق 87، 88، ونهاية الأرب 23/ 256، 257 و 26/ 355، 356، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 ق 4/ 819 رقم 3110 وفيه وفاته سنة 494 هـ.، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 12، 13، والمختصر في أخبار البشر 2/ 218، والعبر 3/ 349، ودول الإسلام 2/ 27، والبداية والنهاية 12/ 164، وتاريخ ابن خلدون 3/ 491 و 5/ 33، وتاريخ ابن الوردي 2/ 15، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 34، والنجوم الزاهرة 5/ 191، وتاريخ الخلفاء 429، وشذرات الذهب 3/ 407، 408.
[2] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، الكامل في التاريخ 10/ 382، 383، دول الإسلام 2/ 27، 28، تاريخ ابن خلدون 5/ 34.

(34/63)


[سلطنة محمد على بغداد]
ثمّ أسرع محمد إلى بغداد وفي خدمته صاحب المَوْصِل. وكان ببغداد ملك شاه بْن بَركيَارُوق الصّبيّ الّذي سَلْطَنه الخليفة، وأتابك الصّبيّ إياز. فبرز وأمّن بغداد، وتحالفوا عَلَى حرب محمد، ومَنْعه من السّلطنة [1] .
وجاء محمد ونزل بالجانب الغربيّ، وخُطِب لديه. ثمّ ضعُف إياز والأمراء، فراسلوا محمدًا في الصُّلْح- وليُعطي إيازَ أمانًا عَلَى ما سَلَفَ منه. وتمّ الدَّسْتُ لمحمّد، واجتمعت الكلمة عَلَيْهِ، فاستحلف السّلطانَ إلْكِيا الهرّاسيّ، وأقام السّلطان محمد ببغداد ثلاثة أشهر، وتوجّه إلى أصبهان [2] .
[مقتل إياز أتابك ملك شاه]
وأمّا أياز أتابك [3] ملك شاه، فإنّه لمّا سلّم السّلطنة إلى محمد عمل دعوةً عظيمة، في داره ببغداد، دعى إليها محمدًا، وقدّم لَهُ تُحَفًا، منها الحبل البُلخُشيّ [4] الّذي أخذه من ترِكة مؤيّد المُلْك ابن النّظّام. وحضر مَعَ السّلطان الأمير سيف الدّولة صَدَقَة بْن مَزْيَد. فاعتمد إياز اعتمادًا رديئًا، وهو أَنَّهُ ألبس مماليكه العُدَد والسّلاح ليعرضوا عَلَى محمد، فدخل عليهم رَجُلٌ مَسْخَرَة فقالوا:
لا بُدَّ أنّ نُلْبسك دِرْعًا. وعبثوا بِهِ يصفعونه، حتّى كَلّ وهرب، والْتجأ إلى غلمان السّلطان، فرآه السّلطان مذعورًا وعليه لباسٌ عظيم، فارتاب. ثمّ جسّه غلام، فإذا درْع تحت الثياب الفاخرة، فاستشعر، وقال محمد: إذا كَانَ أصحاب
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، نهاية الأرب 26/ 357.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 384- 387، نهاية الأرب 26/ 358، المختصر في أخبار البشر 2/ 218، دول الإسلام 2/ 28، البداية والنهاية 12/ 164، تاريخ ابن خلدون 3/ 492 و 5/ 34، 35، ابن الوردي 2/ 15، مآثر الإنافة 2/ 14.
[3] أتابك: مصطلح تركي لقّب به أحد كبار أصحاب المناصب ففي عهد السلاجقة: أطلق أوّلا على الوصيّ أو المؤدّب لأمراء الترك الذين كان يعهد بأمر تربيتهم- لحداثة سنّهم إلى بعص الأمراء البارزين الذين يمتّون إليهم بصلة القرابة من جهة الأب، ومن ثمّ كان لقبا ثابتا يطلق على الأمراء الأقوياء. (دائرة المعارف الإسلامية 2/ 45) .
[4] في الكامل في التاريخ 10/ 387 «الحمل البلخش» ، ومثله في نهاية الأرب 26/ 359، وتاريخ ابن خلدون 3/ 493 والبلخش: جوهر يجلب من بلخشان. (معجم الألفاظ الفارسية المعرّبة، لأدي شير 26) .

(34/64)


العمائم قد لبسوا السّلاح، فكيف الأجناد؟ وتحيّل لكونه في داره، فنهض وخرج [1] .
فلمّا كَانَ بعد أربعة أيّام استدعى إياز وجَكَرْمِش صاحب المَوْصِل وجماعة وقال: بَلَغَنَا أنّ المُلْك قِلِج أرسلان بن سليمان بن قتلمش قصد ديار بَكْر ليأخذها، فانظروا من يُنْتَدب لَهُ.
فقالوا: ما لَهُ إلّا الأمير إياز.
فطلب إيازًا إلى بين يديه لذلك، وأعدّ جماعةً ليفتكوا بِهِ إذا دخل، فضربه واحدٌ أبان رأسه، فغطّى صدقة وجهه بكُمّه. وأما الوزير فغشي عَلَيْهِ. ولُفّ إياز في مسح، وألقي عَلَى الطّريق. فركب أجناده وشغبوا، ثمّ تفرقوا. وهذا أمر عدّة المزاح، نسأل اللَّه السّلامة. ثمّ أخذه قوم من المطّوّعة، وكفنوه ودفنوه [2] .
وعاش نحو الأربعين سنة.
وكان من مماليك السّلطان ملك شاه. وكان شجاعًا غزير [3] المروءة، ذا خبرة بالحروب.
ثمّ قتلوا وزيره بعد شهرين [4] .
[هلاك صَنْجيل]
وفيها هلك الطّاغية صَنْجيل [5] الّذي حاصر طرابلس في هذه المدّة، وبنى [6] بقربها قلعة [7] وكان من شياطين الإفرنج ورءوسهم. ووصل إلى الشّام
__________
[1] نهاية الأرب 26/ 359، تاريخ ابن خلدون 3/ 493، تاريخ ابن الوردي 2/ 15، 16.
[2] المنتظم 9/ 142، 143 (17/ 90، 91) ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، الكامل في التاريخ 10/ 387- 389، تاريخ الزمان لابن العبري 127، 128، نهاية الأرب 26/ 359، 360، المختصر في أخبار البشر 2/ 218، تاريخ ابن خلدون 3/ 493 و 5/ 35، مآثر الإنافة 2/ 14.
[3] في الأصل: «عزيز» ، والمثبت عن الكامل، ونهاية الأرب، والمختصر.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 389، نهاية الأرب 26/ 390، المختصر في أخبار البشر 2/ 218، تاريخ ابن خلدون 5/ 35.
[5] هو: «ريموند دي سان جيل التولوزي» .
[6] في الأصل: «وبنا» .
[7] ينفرد المؤلّف- رحمه الله- بقوله: «قلعة» ، وفي بقيّة المصادر «حصن» . وقد بدأ ببنائه في سنة

(34/65)


ليحجّ القدس، فأُخِذ بأرض صيداء وذهبت حينئذ عينُه.
ودار في بلاد الشّام بزيّ التُّجّار [1] ، فلمّا توفّي السّلطان ملك شاه واختلفت الكلمة دخل إلى بلاده، وجمع الإفرنج للحجّ، ودخل أنطاكيّة، وحارب المسلمين مرّات، وتمكّن. ثمّ شنّ الغارة من حصنه، فبرز لَهُ ابن عمّار من طرابُلُس، وكبس الحصن بغتةً، فقتل من فيه، ورمى النّيران في جوانبه، ورجع صَنْجيل، فدخل الحصن، فانخسف بِهِ سقفُهُ، ثمّ مرض وغُلِب، فصالح صاحبَ طرابُلُس. ثمّ مات في سنة ثمانٍ [2] .
فقام بعده ابن أخيه [3] ، وجَد في حصار طرابُلُس، والأمر بيد اللَّه تعالى.
[وفاة الأمير سقمان بن أرتق]
وفيها توفي الأمير سُقْمان بْن أُرْتُق، وقد كان فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابُلُس كاتبه واستنجد بِهِ، فتهيأ لذلك، فأتاه وهو عَلَى العزْم كتاب طُغْتِكِين صاحب دمشق: بأنّي مريض أخاف إنّ متّ أن تملك الإفرنج دمشق، فأقدم
__________
[497] هـ. وأقيم فوق أطلال «حصن سفيان بن مجيب الأزدي» الصحابي الّذي فتح طرابلس في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهما.
[1] وجاء في (ذيل مرآة الزمان لليونيني 3/ 93) ما نصّه: «وكان ابن صنجيل خرج وركب في البحر فتوقف عليه الريح ونفذ زاده، وكاد يهلك هو ومن معه، وقرب من طرابلس فسيّر إلى صاحبها إذ ذاك وسأله أن يأذن له في النزول في أرضه والإقامة في البر بمقدار ما يستريح ويتزوّد، فأذن له، فنزل بمكان الحصن المعروف به الآن وهو حيث بنيت طرابلس الجديدة، وباع واشترى.
فنزل إليه أهل جبّة بشري وسائر تلك النواحي وجميعهم نصارى وأطعموه في البلد وعرّفوه ضعف صاحبه وعجزه عن دفعه. فأقام وبنى الحصن المعروف به، وتكثّر بأهل بلاد طرابلس» .
[2] في الكامل في التاريخ 10/ 412 «فمرض صنجيل من ذلك عشرة أيام ومات، وحمل إلى القدس فدفن فيه» .
وانظر: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362 (وتحقيق سويّم) 28، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي (مخطوط) ج 12 ق 3/ ورقة 264، (والمطبوع ج 8 ق 1/ 13 وفيه خبر موته دون الغارة) ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 221، ودول الإسلام 2/ 28، والإعلام والتبيين للحريري (المخطوط) ورقة 16، (المطبوع) في 15، 16، النجوم الزاهرة 5/ 190، تاريخ الأزمنة 97، الألكسياد لأنّا كومينا 172 وهي تقول إن مرضا قاتلا نزل به، ولا تشير إلى سبب مرضه وانخساف سقف الحصن به.
[3] في تاريخ الحروب الصليبية لستيفن رنسيمان 1/ 362 «ابن خالته» وهو «وليم جوردان» . وانظر كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ- الطبعة الثانية- ج 1/ 413.

(34/66)


عليّ. فبادر إلى دمشق، ووصل القريتين، وأسقط في يد طُغْتِكِين وندم، فلم يلبث أنّ أتاه الخبر بموت سُقْمان بالقريتين بالخوانيق، وكانت تعتريه كثيرًا، فمات في صَفَر، ورجع بِهِ عسكره، ودُفن بحصن كَيْفا.
وكان دينًا حازمًا مجاهدا، فيه خيرٌ في الجملة [1] .
[قتل الإسماعيليّة للحجّاج الخُراسانيّين]
وأمّا الإسماعيليّة فثاروا بخراسان، ولم يقفوا عَلَى الهدنة فعاثوا بأعمال بَيْهق، وبيَّتوا الحُجّاج الخُراسانيّين بنواحي الرَّيّ ووضعوا فيهم السيف، ونجا بعضهم بأسوأ حال [2] .
[قتل الإسماعيليّة ابن المشّاط]
وقتلوا الْإِمَام أبا جعفر المشّاط أحد شيوخ أحد شيوخ الشّافعيّة، وكان يعظ بالرَّيّ، فلمّا نزل عَن الكرسيّ وثب عَلَيْهِ باطنيّ قتله [3] .
[استيلاء الإفرنج عَلَى حصن أرتاح]
وفيها كانت وقعة بين الإفرنج ورضوان بْن تُتُش صاحب حلب، فانكسر رضوان [4] . وذلك أنّ تنكري [5] صاحب أنطاكيّة نازل حصنًا، فجمع رضوان عسكرًا ورجّالة كثيرة، فوصلوا إلى تبريز. فلمّا رأى تنكري [5] كثرة سوادهم راسل بطلب الصُّلْح، فامتنع رضوان، فعملوا مصافّات [6] ، فانهزمت الإفرنج من غير قتال. ثمّ قَالُوا: نعود ونحمل حملة صادقة، ففعلوا، فانخطف المسلمون، وقتل
__________
[1] انظر عن وفاة (سقمان) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 146، 147، والكامل في التاريخ 10/ 389، 390، و 412، والمختصر في أخبار البشر 2/ 219، وتاريخ ابن الوردي 2/ 16، والأعلاق الخطيرة لابن شداد ج 3 ق 2/ 533 و 555.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 392، 393، المختصر في أخبار البشر 2/ 220، تاريخ ابن الوردي 2/ 16.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 393.
[4] ورد في الدرّة المضيّة 465 هـ. «استولى الملك رضوان صاحب حلب على فامية، وكسر الفرنج على أرتاح» .
[5] في الأصل: «تبكري» ، وهو تحريف. وفي الكامل 10/ 393 «وطنكري» ، وهو «تنكريد» .
[6] في الأصل: «مصافاة» .

(34/67)


منهم بَشَرٌ كثير. ولم ينْجُ من الأسر إلّا الخيّالة، وافتتح الإفرنج الحصن. ويقال لَهُ حصن أرتاح. وذلك في شَعْبان [1] .
[الموقعة بين المسلمين والإفرنج بين يافا وعسقلان]
وفيها قدِم المصريّون في خمسة آلاف، وكاتَبُوا طُغْتِكِين صاحب دمشق، فأرسل ألفا وثلاثمائة فارس، عليهم الأمير إصْبَهْبَذ [2] صَبَاوَة [3] فاجتمعوا، وقصدهم بغدوين صاحب القدس وعكّا في ألف وثلاثمائة فارس، وثمانية آلاف راجل، فكان المصافّ بين يافا وعسقلان، وثبت الفريقان، حتّى قُتِل من المسلمين ألفٌ ومائتان، ومن الإفرنج مثلُهم، فقُتِل نائب عسقلان جمال المُلْك.
ثمّ قطعوا القتال وتحاجزوا. وقلّ أنّ يقع مثل هذا. ثمّ ردّ عسكر دمشق، ودخل المصريّون إلى عسقلان [4] .
[شِحْنكيّة بغداد]
وفيها عزل عَنْ شِحْنكيّة بغداد إيلغازي بْن أُرْتُق، وجعل السّلطان محمد عَلَى بغداد قسيم المُلْك سُنْقُر البُرْسُقيّ، وكان ديِّنًا عاقلًا من خوّاص محمد [5] .
[دخول السّلطان محمد إصبهان]
ودخل محمد إصبهان سلطانًا متمكنًا، مهيبًا، كثير الجيوش، بعد أن كان
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362 (وتحقيق سويّم) 28، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 148، الكامل في التاريخ 10/ 393، 394، بغية الطلب (تراجم تاريخ السلاجقة) 145، 146، زبدة الحلب 2/ 150، المختصر في أخبار البشر 2/ 220، العبر 3/ 349، دول الإسلام 2/ 28، تاريخ ابن الوردي 2/ 16، الإعلام والتبيين 16 وفيه «قلعة أو تاج» وهو تصحيف.
[2] أصبهبذ: اسم يطلق على كل من يتولّى بلاد طبرستان. (معجم البلدان 4/ 14، 15) وهو أمير الأمراء، وتفسيره: حافظ الجيش، لأنّ الجيش «أصبه» و «بذ» حافظ. وهذه ثالثة المراتب العظيمة عند الفرس. (التنبيه والإشراف للمسعوديّ 91) .
[3] في الأصل: «صباوو» ، والمثبت عن الكامل 10/ 394.
[4] أخبار مصر لابن ميسّر 41، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 149، الكامل في التاريخ 10/ 394، 395، العبر 3/ 350، دول الإسلام 2/ 28، اتعاظ الحنفا 3/ 35، الإعلام والتبيين 16، 17، تاريخ الأزمنة 97.
[5] المنتظم 9/ 143 (17/ 92) ، الكامل في التاريخ 10/ 395، 396.

(34/68)


خرج منها خائفًا يترقب. وبسط العدل، وأحسن إلى العامّة [1] .
[الْجُدَريّ والوباء في بغداد]
وفيها كَانَ ببغداد جُدَريّ مُفْرِط، مات فيه خلْقٌ من الصّبيان لا يحصون، وتبعه وباءٌ عظيم [2] .
[مواصلة حصار طرابُلُس]
وكان الحصار متواترًا عَلَى طرابُلُس. وكتب أهلها متواصلة إلى طُغْتِكِين يستصرخونه لإنجادهم وعونهم، فأهلك اللَّه تعالى صَنْجيل مقدّم [3] الإفرنج، وقام غيره كما سبق [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 396.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 396، تاريخ الخلفاء 429.
[3] في الأصل: «وقدم» .
[4] انظر خبر «هلاك صنجيل» الّذي تقدّم قبل قليل. وهو مكرّر في: دول الإسلام 2/ 28.

(34/69)


سنة تسع وتسعين وأربعمائة
[قتل متنبئ بنهاوند]
وفيها ظهر بنواحي نَهَاوَنْد ولدٌ فادّعى النُّبُوة، وكان يُمَخْرق بالسِّحْر والنجوم، وتبعه الخلْق، وحملوا إِلَيْهِ أموالهم، فكان لا يدّخر شيئًا. وسمّى أصحابه بأسماء الصّحابة أَبِي بَكْر، وعُمَر [1] .
[قتل خارج يطلب المُلْك بنهاوند]
وخرج أيضًا بنهاوند من ولد ألْب أرسلان السّلطان رجلٌ يطلب المُلْك، فأُخذا وقُتِلا في وقتٍ واحد [2] .
[استرجاع طُغْتِكِين حصنين من الإفرنج]
وفيها شرع الإفرنج وعملوا في حصنٍ بين طَبَريّه والبثنيّة [3] يقال لَهُ عال [4] ، فبلغ طُغْتِكِين صاحب دمشق، فسار وأخذ الحصن، وأعاد [5] الأسارى والغنائم، وزيّنت دمشق أسبوعا [6] .
__________
[1] المنتظم 9/ 145، 146 (17/ 95) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 16، العبر 3/ 353، مرآة الجنان 3/ 161، البداية والنهاية 12/ 165، النجوم الزاهرة 5/ 192، تاريخ الخلفاء 429، شذرات الذهب 3/ 409.
[2] المنتظم 9/ 146 (17/ 195) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 16، العبر 3/ 353، البداية والنهاية 12/ 165، النجوم الزاهرة 5/ 192.
[3] هكذا في الأصل ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 16.
[4] في: ذيل تاريخ دمشق 149 «علعال» ، والمثبت يتفق مع: مرآة الزمان.
[5] في الأصل: «وعاد» .
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 363 (وتحقيق سويّم) 29، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 149، الكامل في التاريخ 10/ 399، 400 وفيه: «فزيّن البلد أربعة أيام» ، العبر.

(34/70)


ثمّ سار إلى حصن [1] رفنية، وصاحبه ابن أخت صَنْجيل، فحاصره طُغْتِكِين وملكه، وقتل بِهِ خمسمائة من الإفرنج [2] .
[امتلاك الإسماعيليّة حصن فامية]
وفيها مَلَك الإسماعيليّة حصنَ فامِيَة [3] وقتلوا صاحبه خلف بْن مُلاعب الكِلَابيّ. وكان خَلَف قد تغلّب عَلَى حمص، وقطع الطّريق، وعمل أنْحَس ممّا تعمله الإفرنج فطرده تُتُش عَنْ حمص، فذهب إلى مصر، فما التفتوا إِلَيْهِ. فاتّفق أنّ نقيب فَامِيَة من جهة رضوان بْن تُتُش أرسل إلى المصريّين، وكان عَلَى مذهبهم، يستدعى منهم من يسلّم إِلَيْهِ الحصن، فطلب ابن مُلاعب منهم أنّ يكون واليا عَلَيْهِ لهم. فلمّا ملك خلع طاعتهم. فأرسلوا من مصر يتهدّدونه بما يفعلونه بولده الّذي عندهم رهينة، فقال: لا أنزل من قلعتي، وابعثوا إليَّ بعض أعضاء ابني حتّى آكُله.
وبقي بفامية يقطع الطّريق، ويخيف السّبيل، وانضمّ إِلَيْهِ كثير من المفسدين [4] .
[قتل ابن مُلاعب بحيلة قاضي سرمين]
ثمّ أخذت [5] الإفرنج سَرْمِين [6] ، وأهلها رافضة، فتوجّه قاضيها إلى ابن مُلاعب فأكرمه وأحبّه، ووثق بِهِ، فأعمل القاضي الحيلة، وكتب إلى أبي طاهر
__________
[3] / 353، البداية والنهاية 12/ 165، اتعاظ الحنفا 3/ 37، النجوم الزاهرة 5/ 192، الإعلام والتبيين 17، شذرات الذهب 3/ 409.
[1] في الأصل: «صن» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 400، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 16، دول الإسلام 2/ 28.
[3] يقال: فامية، وأفامية.
[4] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 150، الكامل في التاريخ 10/ 408، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 16، نهاية الأرب 28/ 264، دول الإسلام 2/ 28، تاريخ ابن الوردي 2/ 17.
[5] في الأصل: «أخذة» .
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 363 (وتحقيق سويّم) 28، 29، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 41، نهاية الأرب 28/ 264.
و «سرمين» : بفتح أوله، وسكون ثانيه، وكسر ميمه، ثم ياء مثنّاة من تحت ساكنة، وآخره نون. بلدة مشهورة من أعمال حلب. (معجم البلدان 3/ 215) .

(34/71)


الصّائغ، أحد رءوس الباطنيّة ومن الواصلين عند رضوان صاحب حلب، واتفق معه عَلَى الفتك بابن ملاعب. وأحسّ ابن ملاعب فأحضر القاضي، فجاء وفي كمه مصحف، وتنصل وخدع ابن ملاعب، فسكت عَنْهُ، وكتب إلى الصّائغ يشير إليه بأن يحسّن لرضوان إنفاذ ثلاثمائة رجلٍ من أهل سَرْمِين الذين نزحوا إلى حلب، ويُنفذ معهم خيلًا من خيول الإفرنج، وسلاحًا من سلاحهم، ورءوسًا [1] ، من رءوس الإفرنج، فيأتون ابن مُلاعب في صورة أنّهم غُزاة، ويشكون من سوء معاملة رضوان المُلْك لهم، وأنّهم فارقوه، فلقيتهم طائفة من الإفرنج، فنصروا عَلَى الإفرنج، وهي رءوسهم. ويحملون جُمَيْع ما معهم إِلَيْهِ، فإذا أذِن لهم في المقام عنده اتّفق عَلَى إعمال الحيلة.
ففعل الصّائغ جُمَيْع ذَلِكَ، وجاءوا بتلك الرءوس [2] ، وقدّموا لابن مُلاعب ما معهم من خيل وغيرها، فانزلهم ابن مُلاعب في رَبَض فَامِيَة. فقام القاضي ليلةً هُوَ ومن معه بالحصن، فدلوا حبالًا، وأصعدوا أولئك من الرَّبَض، ووثبوا عَلَى أولاد ابن مُلاعب وبني عمّه فقتلوهم، وأتوا ابن مُلاعب وهو مع امرأته فقال: من أنت؟ قَالَ: مَلَك الموت جئت لقبْض روحك. ثمّ قتله [3] .
ثم وصل الخبر إلى أَبِي طاهر الصّائغ، فسار إلى فَامِيَة، وهو لا يشكّ أنّها لَهُ. فقال القاضي: إنّ وافقتَني وأقمتَ معي، وإلّا فارجع.
فآيس ورجع [4] .
[قتْلُ الإفرنج قاضي سَرْمِين]
وكان عند طُغْتِكِين الأتابك ولدٌ لابن ملاعب، فولّاه حصنا، فقطع
__________
[1] في الأصل: «رؤساء» ، والتصحيح من: الكامل 10/ 409.
[2] في الأصل: «الرؤساء» .
[3] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 41، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 150، الكامل في التاريخ 10/ 409، 410، بغية الطلب لابن العديم (تراجم تاريخ السلاجقة) 129، 130، زبدة الحلب 2/ 151، 152، اتعاظ الحنفا 3/ 36، النجوم الزاهرة 5/ 192، شذرات الذهب 3/ 409.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 410.

(34/72)


الطّريق، وأخذ القوافل كأبيه. فهَمّ بالقبض عَلَيْهِ طُغْتِكِين، فهرب إلى الإفرنج، واستدعاهم إلى فَامِيَة، وقال: ما فيها إلّا قُوت شهر. فنازلوه وحصروه، وجاع أهله، ومَلَكَتْه الإفرنج، فقتلوا القاضي المذكور [1] .
وظفروا بالصّائغ فقتلوه، وهو الّذي أظهر مذهب الباطنيّة بالشّام، فقيل: لم يقتلوه وإنّما بقي إلى سنة سبع وخمسمائة، فقتله ابن بديع رئيس حلب بعد موت رضوان صاحبها [2] .
[إفساد ربيعة والعرب في البصرة ونواحيها]
وفيها ملك ضيف [3] الدّولة صدقة بْن مَزْيَد الأَسَديّ البصرة، وحكم عليها، وأقام بها نائبًا، وجعل معه مائة وعشرين فارسًا. فاجتمعت ربيعة، والعرب، في جَمْعٍ كبير، وقصدوا البصرة، فقاتلهم النّائب، فأسروه، ودخلوا البلد بالسّيف، فنهبوا وأحرقوا، وما أبقوا ممكِنًا، وانتشر أهلُها بالسّواد.
وأقامت العرب تُفْسد شهرًا، فأرسل صدقة عسكرًا وقد فات الأمر [4] .
[اشتداد الحصار عَلَى طرابُلُس]
وأمّا ابن عمّار فكان يخرج من طرابُلُس وينال من الإفرنج، وخرّب الحصن الّذي أقامه صَنْجيل، وحرق فيه، فرجع صَنْجيل ومعه جماعة من القمامصة والفرسان، فوقف عَلَى بعض السُّقُوف المحترقة، فانخسف، فمرض صَنْجيل عشرة أيّام ومات، لعنه اللَّه تعالى، وحملت جيفةُ الملعون إلى القدس، فدفنت بِهِ [5] . ولم يزل الحرب بين أهل طرابُلُس والإفرنج خمسَ سِنين إلى هذا الوقت،
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 2/ 220، دول الإسلام 2/ 28، تاريخ ابن الوردي 2/ 17.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 410.
[3] في الأصل «صيف» ، وهو تحريف.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 411.
[5] العبر 3/ 353، تاريخ ابن الوردي 2/ 17 وفيه قال ابن الوردي:
نقلوا صنجيل من نار ... إلى نار تضرّم
قبره إن كان في القدس ... ففي وادي جهنّم
ووقع في شذرات الذهب 3/ 409: «صخيل» . وجاء في تاريخ الأزمنة للدويهي 97 أن ريموند الصنجيلي دفن عند جبل الغرب بشرق طرابلس.

(34/73)


فعدموا الأقوات، وافتقر [1] الأغنياء، وجلا الفُقراء، وظهر من ابن عمّار ثَباتٌ، وشجاعة عظيمة، ورأيٌ، وحزْم.
وكانت [2] طرابُلُس من أعظم بلاد الإسلام وأكثرها تجمُّلًا وثروة، فباع أهلُها من الحُلي والآلات الفاخرة ما لا يوصف بأقلّ ثمن، ولا أحد يغيثهم، ولا يكشف عَنْهُمْ [3] .
وامتلأت الشّام من الإفرنج.
__________
[1] في المختصر في أخبار البشر 2/ 221: «وافتقد» .
[2] في الأصل: «وكان» .
[3] الكامل في التاريخ 10/ 411- 413 وقد تقدّم هذا الخبر قبل قليل، وهو باختصار في:
المختصر في أخبار البشر 2/ 220، 221، وتاريخ ابن الوردي 2/ 17.

(34/74)


سنة خمسمائة
[وفاة يوسف بْن تاشفين]
فيها تُوُفّي أمير المغرب والأندلس يوسف بْن تاشَفِين [1] .
[سلطنة عليّ بْن يوسف بْن تاشَفِين]
وولي المُلْك بعده ابنه عليُّ بْنُ يوسف. وكان قد بعث فيما تقدَّم تقدمةً جليلة، ورسولًا [2] إلى المستظهر باللَّه، يلتمس أنّ يُوَلَّى السَّلْطَنَة، وأن يُقَلَّدَ ما بيده من البلاد، فكتب لَهُ تقليدًا [3] ، ولقب أمير المسلمين، وبعث لَهُ خِلَع السّلطنة، ففرح بذلك، وسُرَّ فُقهاء المغرب بذلك.
وهو الّذي أنشأ مدينة مَرّاكُش [4] .
[مقتل فخر المُلْك ابن نظام المُلْك]
ويوم عاشوراء قُتِلَ فَخْرُ المُلْك عليّ ابن نظام المُلْك. وثب عَلَيْهِ واحدٌ من الإسماعيلية في زيّ متظلّم، فناوله قَصَّةً، ثمّ ضربه بسكِّينٍ فقتله. وعاش ستًّا وستّين سنة [5] .
__________
[1] الدرّة المضيّة 465 (حوادث سنة 499 هـ.) ، النجوم الزاهرة 5/ 195.
[2] في الأصل: «رسول» .
[3] في الأصل: «تقليد» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 417، المختصر في أخبار البشر 2/ 221، العبر 3/ 356، 357، دول الإسلام 2/ 28، 29، تاريخ ابن الوردي 2/ 17، الحلل الموشية 67، البيان المغرب 4/ 45- 48، الإستقصاء 1/ 123- 136، آثار الأول للعباسي 126.
[5] المنتظم 9/ 148 (17/ 99) ، الكامل في التاريخ 10/ 418، 419، المختصر في أخبار البشر 2/ 221، البداية والنهاية 12/ 167، تاريخ ابن الوردي 2/ 17، 18، النجوم الزاهرة 5/ 194.

(34/75)


ونقل «ابن الأثير» [1] أَنَّهُ كَانَ أكبر أولاد النّظّام، وأنّه وَزَرَ للسّلطان بَركيَارُوق، ثمّ انفصل عَنْهُ. وقصد نَيْسابور، فأقام عند السّلطان سَنْجَر، ووَزَر لَهُ. فأصبح يوم عاشوراء صائمًا، فقال لأصحابه: رأيت اللّيلة الحُسين بْن عليّ رضي الله عَنْهُمَا وهو يَقُولُ: عجّل إلينا، ولْيكُنْ إفطارُك عندنا. وقد اشتغل فكري، ولا محيد عَنْ قضاء اللَّه وقدره.
فقالوا: يكفيك اللَّه، والصّواب، أنْ لا تخرج اليومَ واللّيلة. فأقام يومَه كلّه يُصلّي ويقرأ، وتصدّق بشيءٍ كثير، ثمّ خرج وقت العصر يريد دار النّساء، فسمع صياح مُتَظَلِّم، شديد الحُرْقة، وهو يَقُولُ: ذهب المسلمون، فلم يبق من يكشف كُرْبةً، ولا يأخذ بيد ملْهوف. فطلبه رحمةً لَهُ، وإذا بيده قَصّة، وذكر الحكاية [2] .
[القبض عَلَى الوزير سعد الملك وصلبه]
وفيها قبض السلطان محمد علي وزيره سعد الملك أبي المحاسن، وصلبه عَلَى باب إصبهان، وصلب أربعةً من أصحابه نُسِبوا أنّهم باطنيّة. وأمّا الوزير فَاتهم بالخيانة، وكانت وزارته سنتين وتسعة أشهر. وكان عَلَى ديوان الاستيفاء في أيّام وزارة مؤيّد المُلْك ابن نظام المُلْك، ثمّ خدم السّلطان محمد وقام معه، فاستوزره. ثمّ نَكَبَه وصَلَبَه [3] .
[وزارة قِوام المُلْك]
ثمّ استوزر قِوام المُلْك أبا ناصر أحمد ابن نظام المُلْك [4] .
[انتزاع قلعة إصبهان من الباطنيّة وقتل صاحبها]
وفيها انتزع السّلطان محمد قلعة إصبهان من الباطنيّة، وقتل صاحبها أحمد بْن عَبْد المُلْك بْن غطّاس [5] وكانت الباطنيّة بأصبهان قد ألبسوه تاجا،
__________
[1] في الكامل 10/ 418، 419.
[2] المنتظم 9/ 148، 149 (17/ 99) ، المختصر في أخبار البشر 2/ 221.
[3] المنتظم 9/ 150 (17/ 100) ، الكامل في التاريخ 10/ 437، نهاية الأرب 26/ 363، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 437، نهاية الأرب 26/ 364.
[5] في المنتظم 9/ 150: «عطاش» و (17/ 101) ، وكذا في: الكامل في التاريخ 10/ 430،

(34/76)


وجمعوا له الأموال، وقدّموه لأنّ أباه عَبْد المُلْك كَانَ من علمائهم لَهُ أدب وبلاغة، وحُسْن خَطّ، وسُرعة جواب، مَعَ عِفّةٍ ونزاهة، وطلع ابنه أحمد هذا جاهلًا.
قِيلَ لابن الصّبّاح صاحب أَلَمُوت [1] : لماذا تعظم ابن غطّاس [2] عَلَى جَهْله؟
قَالَ: لمكان أَبِيهِ، فإنه كَانَ أستاذي.
وكان ابن غطاس [2] قد استفحل أمرُه، واشتد بأسُه، وقطعت أصحابُه الطَّرُقَ، وقتلوا النّاس [3] .
[رواية ابن الأثير عَنْ قتل ابن غطاس]
قَالَ ابن الأثير: [4] قتلوا خلقًا كثيرًا لا يمكن إحصاؤهم [5] ، وجعلوا لهم عَلَى القُرى والأملاك ضرائب [6] يأخذونها، ليكفوا أَذَاهم عَنْهَا. فتعذَّر بذلك انتفاعُ النّاس بأملاكهم، والدّولة بالضّياع. وتمشّى لهم الأمر بالخُلْف الواقع.
فلمّا صفا الوقت لمحمد لم يكن همّه سِواهم. فبدأ بقلعة إصبهان، لتسلُّطها عَلَى سرير مُلْكه، فحاصرهم بنفسه، وصعد الجبل الّذي يقابل القلعة، ونصب لَهُ التَّخْت. واجتمع من إصبهان وأعمالها لقتالهم الأُممُ العظيمة، فأحاطوا بجبل القلعة، ودَوْرُهُ أربعةُ فَرَاسخ، إلى أنّ تعذّر عليهم القوت، وذلّوا، فكتبوا فتيا:
__________
[ () ] وزبدة التواريخ للحسيني 168، والخبر باختصار في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 363 (وتحقيق سويّم) 29، وفي مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17 «عطاس» ، وهو في نهاية الأرب 26/ 361، 362 وفيه «عطاش» و «غطاس» ، المختصر في أخبار البشر 2/ 222 وفيه «عطاش» ، وكذا في: آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 396، 397، والعبر 3/ 354، ودول الإسلام 2/ 29، ومرآة الجنان 3/ 162، وتاريخ ابن الوردي 2/ 18، وشذرات الذهب 3/ 410، وتاريخ الأزمنة 98 وفيه «غطاش» .
[1] في الأصل: «الأموات» .
[2] في المنتظم: «عطاش» ، وكذا في الكامل 10/ 431.
[3] المنتظم 9/ 150، 151 (17/ 102) ، الكامل في التاريخ 10/ 431، نهاية الأرب 26/ 362، تاريخ الخلفاء 429.
[4] في الكامل 10/ 431.
[5] في الأصل: «إحصاءهم» .
[6] في الأصل: «ضرائبا» .

(34/77)


ما يَقُولُ السادة الفُقَهاء [1] في قوم يؤمنون باللَّه وكُتُبه ورُسُلِه واليوم الآخر [2] ، وإنّما يخالفون في الْإِمَام، هَلْ يجوز للسّلطان مهادنتهم ومُوادعتهم، وأن يقبل طاعتهم [3] ؟ فأجاب الفُقهاء بالجواز، وتوقّف بعض الفُقَهاء. فجُمعوا للمناظرة، فقال أبو الحَسَن عليّ بْن عَبْد الرحمن السّمنجانيّ [4] : يجب قتالهم، [5] ولا ينفعهم اللَّفْظ [6] بالشّهادتين، فإنّهم يقال لهم: أَخْبِرُونا عَنْ إمامكم إذا أباح لكم ما حذّره الشّارع [7] أيقبلون منهم [8] ؟ فإنّهم يقولون: نعم، وحينئذ تُباح دماؤهم [9] بالإجماع.
وطالت المناظرة في ذَلِكَ.
ثمّ بعثوا يطلبون من السّلطان من يناظرهم، وعيّنوا أشخاصًا، منهم شيخ الحنفيّة القاضي أبو العلا صاعد بْن يحيى قاضي إصبهان، فصعدوا إليهم، وناظروهم، وعادوا كما صعدوا. وإنّما كَانَ قصدهم التَّعَلُّل، فلجّ السّلطان حينئذٍ في حصْرهم. فأذعنوا بتسليم القلعة عَلَى أنّ يُعطون قلعة خالنجان، وهي عَلَى مرحلةٍ من إصبهان. وقالوا: إنّ نخاف عَلَى أرواحنا [10] من العامّة، ولا بُدّ من مكانٍ نأوي إِلَيْهِ. فأُشير عَلَى السّلطان بإجابتهم، فسألوا أنّ يؤخّرهم [11] إلى يوم النَّوْرُوز، ثمّ يتحوّلون. فأجابهم إلى ذَلِكَ. هذا، وقصْدُهُم المطاولة إنتظارًا لفَتْقٍ يَنْفَتِق، أو حادث يتجدّد.
ورتّب لهم الوزير سعْد المُلْك راتبًا كلّ يوم. ثمّ بعثوا مَن وثب على أمير
__________
[1] في الكامل 10/ 432 زيادة: «أئمة الدين» .
[2] في الكامل 10/ 432 زيادة: «وإنّ ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلّم حقّ وصدق» .
[3] زاد في الكامل 10/ 432: «ويحرسهم من كل أذى، فأجاب أكثر الفقهاء» .
[4] في الأصل: «السخاوي» . وزاد في الكامل بعدها: «وهو من شيوخ الشافعية، فقال بمحضر من الناس» .
[5] زاد في الكامل: «ولا يجوز إقرارهم بمكانهم» .
[6] في الكامل: «التلفّظ» .
[7] في الكامل: «ما حظره الشرع» .
[8] في الكامل: «أتقبلون أمره» .
[9] في الأصل: «دماءهم» .
[10] في الكامل 10/ 433: «دمائنا وأموالنا» .
[11] في الأصل: «يأخرهم» .

(34/78)


كَانَ جدّ في قتالهم، فجُرِح وسَلِم، فحينئذ خرّب السّلطان قلعة خالنجان، وجدّد الحصار عليهم. فطلبوا أنّ ينزل بعضهم، ويرسل السّلطان معهم من يحميهم إلى قلعة الناظر بأَرَّجَان، وهي لهم، وإلى قلعة طَبَس، وأن يقيم باقيهم في ضرس [1] القلعة، إلى أنّ يصل إليهم من يخبرهم بوصول أصحابهم. فأجابهم إلى ذَلِكَ، وذهبوا، ورجع من أخبر الباقين بوصول أولئك إلى القلعتين. فلم يسلّم ابن غطاس [2] النّاس الذين احتموا فيه [3] ، ورأى السّلطان منه الغدر [4] والرجوع عما تقرر، فزحف الناس عليه عامة، في ثاني ذي القعدة. وكان قد قل عنده من يمنع أو يقاتل، وظهر منه بأسٌ شديد، وشجاعة عظيمة، وكان قد استأمن إلى السّلطان إنسانٌ من أعيانهم فقال: أَنَا أدلكم عَلَى عورة لهم، فأتى بهم إلى جانب السّنّ لا يُرام فقال: اصعدوا من هاهنا. فقيل: إنّهم قد ضبطوا هذا المكان وشحنوه بالرجال. فقال: إنّ الّذي ترون أسلحة وكُزاغنْدات [5] قد جعلوها كهيئة الرجال، وذلك لقلّتهم.
وكان جُمَيْع من بقي ثمانين رجلًا. فصعد النّاس من هناك، وملكوا الموضع، وقتلوا أكثر الباطنيّة، فاختلط جماعة منهم عَلَى من دخل فسلموا، وأُسِر ابن غطاس [6] ، فشهر بأذربيجان، وسُلِخ، فتجلّد حتّى مات، وَحُشِيَ جِلْدُهُ تبْنًا، وقتل ولدُه، وبُعث برأسيهما إلى بغداد. وألْقَتْ زوجته نفسها [7] من رأس القلعة فهلكت. وضرب محمد القلعة [8] .
__________
[1] الضرس: الأكمة الخشنة التي كأنها مفرشة. وقيل: الضرس قطعة من القف ما ارتفع من الأرض مشرفه سيئا، وإنها حجر واحد لا يخالجه طين. (تاج العروس 4/ 164) .
[2] في الكامل 10/ 434 «عطاش» ، والمثبت يتفق مع نهاية الأرب 6/ 363، وهو «عطاش» كما في المختصر 2/ 222.
[3] في نهاية الأرب 26/ 363 «فلم يسلّم السّن الّذي بيده» .
[4] في نهاية الأرب: «العذر» . وهو تحريف.
[5] كزاغندات: مفردها: كزاغند.
[6] في الكامل 10/ 434 «عطّاش» .
[7] في الكامل 10/ 434: «رأسها» .
[8] الكامل في التاريخ 10/ 430- 434، نهاية الأرب 26/ 362، 363، المختصر في أخبار البشر 2/ 222، البداية والنهاية 12/ 167، النجوم الزاهرة 5/ 194.

(34/79)


وكان والده السّلطان جلال الدولة هُوَ الّذي بناها. يقال: إنّه غرم عَلَى بنائها ألفي ألف دينار ومائتي ألف دينار، فاحتال عليها ابن غطّاس حتّى ملكها، وأقام بها اثنتي عشر سنة [1] .
[عزل الوزير ابن جهير]
وفي صَفَر عُزِل الوزير أبو القاسم عليّ بْن جهير، وكان قد وزر للخليفة ثلاثة أعوام وخمسة أشهر. فهرب إلى دار سيف الدولة صدقة بْن مُزْيَد ببغداد ملتجئًا إليها، وكانت ملجأ لكلّ ملهوف. فأرسل إِلَيْهِ صدقة من أحضره إلى الحلة، وأمر الخليفة بأن تُخَرَّب داره [2] .
[وزارة أَبِي المعالي ابن المطّلب]
ثمّ تقرّرت الوزارة في أوّل سنة إحدى وخمسمائة لأبي المعالى هبة اللَّه بْن المطّلب [3] .
[غرق قلج أرسلان]
وفيها غرق قِلِج أرسلان بْن سليمان بْن قُتُلْمش صاحب قونية، سقط في الخابور فغرق. ووجد بعد أيّام منتفخًا [4] ، والحمد للَّه عَلَى العافية.
[استنجاد طُغْتِكِين وابن عمّار بالسلطان السَّلْجوقيّ]
وتتابعت كُتُب أتابك طُغْتِكِين وفخر الملك ابن عمّار ملك الشّام [5] وإلى
__________
[1] الكامل 10/ 434.
[2] المنتظم 9/ 149 (17/ 100) ، الكامل في التاريخ 10/ 438، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 18، نهاية الأرب 23/ 257، البداية والنهاية 12/ 167.
[3] المنتظم 9/ 155 (17/ 100) وفيه: «هبة الله بن محمد بن المطّلب» ، ومثله في: الكامل في التاريخ 10/ 438، نهاية الأرب 23/ 257.
[4] تاريخ الفارقيّ 273 (حوادث سنة 499 هـ) ، الكامل في التاريخ 10/ 430، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 199، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 171، المختصر في أخبار البشر 2/ 222، العبر 3/ 355، البداية والنهاية 12/ 167، تاريخ ابن الوردي 2/ 79، اتعاظ الحنفا 3/ 37، شذرات الذهب 3/ 410.
[5] هكذا في الأصل: والصحيح أن طغتكين صاحب دمشق، وفخر الملك ابن عمّار صاحب طرابلس الشام.

(34/80)


السّلطان غياث الدّين محمد بن ملك شاه، بعظيم ما حلّ بالشّام وأهله من الإفرنج، ويستصرخون بِهِ، ويستنجدون بِهِ لِيُدركهم، فندب جيشًا عليهم جاولي سقاوو، وكاتب صَدَقَةَ بْن مَزْيَد، وصاحب المَوْصِل وغيرهما لينهضوا إلى حرب الكُفّار. فثقُل ذَلِكَ عَلَى المكاتبين ونكلوا على الجهاد، وأقبلوا عَلَى حظوظ الأنفس [1] ، فلا قوة إلّا باللَّه.
[استظهار الروم عَلَى الإفرنج]
وكان ابن قُتُلْمش نَفَذَ بعض جيشه لإنجاد صاحب قسطنطينيّة عَلَى بَيْمُنْد وإفرنج الشام، فلمّا التقى الْجَمْعان استظهر الرّوم وكسروا الإفرنج شرّ كسْرَة، أتت عَلَى أكثرهم بالقتل والأسْر. وفصل الأتراك جُنْد ابن قُتُلْمش بعد أنّ خلع عليهم طاغية الرّوم وأكرمهم.
انتهت الوقائع وللَّه الحمد والمنّة. ويتلوها طبقات المتوفّين في هذه السّنين إن شاء [2] الله تعالى، وبه أستعين، والحمد للَّه رب العالمين، وصلّى الله على محمد وآله وصحبه، وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين.
وكان الفراغ من هذا الكتاب يوم الثّلاثاء السّاعة الثّالثة ونصف من شهر ربيع الثّاني من شهور سنة الخامسة والثّلاثين بعد الثّلاثمائة وألف من الهجرة النّبويّة، على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام، وأزكى التّحية. والله أعلم.
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 156.
[2] في الأصل: «إنشاء» .

(34/81)


بسم الله الرحمن الرحيم
[تراجم رجال هذه الطبقة]
سنة إحدى وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد [1] .
أبو العبّاس بْن الحَطّاب [2] الرّازيّ، ثمّ الْمَصْرِيّ الفقيه الشّافعيّ.
سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار بدمشق، وشُعَيب بْن المنهال، وإسماعيل بْن عَمْرو الحدّاد، وعليّ بْن منير الخلّال بمصر، وجماعة كثيرة.
روى عَنْهُ: ابنه أبو عَبْد اللَّه الرّازيّ صاحب «المشيخة» و «السّداسيّات» ، وغيث بْن عليّ.
وكتب عَنْهُ من القدماء: أبو زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، ومكّيّ الرُّمَيْليّ.
قال ابنه: قَالَ أَبِي في سَكْرَة الموت: ما لي في الدّنيا حسْرة إلّا أنّي مشيت في ركاب الشّيوخ، وسافرت إليهم باليمن [3] والشّام، ومصر، وها أَنَا أموت، ولم يؤخذ عنّي ما سَمِعْتُهُ عَلَى الوجه الّذي أردت [4] .
قَالَ أَبِي: وحججت سنة أربع عشرة وأربعمائة، وقرأت بمكّة بروايات على
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: الإكمال لابن ماكولا 3/ 165 (بالحاشية) ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 98، رقم 7، وتذكرة الحفاظ 4/ 1228، وسير أعلام النبلاء 19/ 190، 191 رقم 111، وتبصير المنتبه 2/ 507، وتاج العروس (مادّة: حطب) ، وانظر: المشتبه في الرجال 1/ 241 ففيه ابنه.
[2] في الأصل: «الخطاب» بالخاء المعجمة، والمثبت عن: الإكمال والتبصير، والمشتبه وفيه ابنه «أبو عبد الله» .
[3] في مختصر تاريخ دمشق 3/ 9: «وسافرت إلى أماكنهم بالحجاز واليمن» .
[4] في المختصر: «أردته» .

(34/83)


أَبِي عَبْد اللَّه الكارِزينيّ [1] .
2- أحمد بْن الحُسين بْن أحمد بْن جعفر [2] .
أبو حامد الفقيه الهمذانيّ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، ومحمد بْن عيسى، وأبي نَصْر أحمد بن الحسين الكسّار، وجعفر بن محمد الحسيني.
قال شيرويه: سمعته، وكان أحد مشايخ البلد ومفتيه.
مات في صفر في سادس وعشرين، وكان من جلة الشافعية.
3- أحمد بن سهل [3] .
أبو بكر النيسابوري السراج [4] .
روى عَنْ: محمد بْن موسى الصَّيْرفيّ، وأبي بكر الحيري، وعلي بن محمد الطرازي، وكان فقيهًا ورعًا، عابدًا صالحًا.
وُلِد سنة ثمان وأربعمائة، وكان يتكلّم عَلَى الحديث وشرحه.
حدَّثَ عَنْهُ: أبو سعْد محمد بْن أحمد الخليليّ النَّوقانيّ [5] الحافظ،
__________
[1] وقال ابنه: وكان أبي من الثقات، خيّرا، كثير المعروف.. وأنه دخل اليمن وسمع بها، وقرأ القرآن بمكة ودمشق وغيرهما، وانتقل إلى الإسكندرية في قحط مصر.
وقال ابن عساكر: قرأت بخط غيث بن علي بن عبد السلام الصوري: سألت شيخنا أبا العباس أحمد بن إبراهيم الرازيّ عن مولده، فذكر أن له نيّفا وستين سنة. قال: وكان سؤالي إياه في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين بإسكندرية. (مختصر تاريخ دمشق 3/ 9) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن سهل) في: المنتخب من السياق 114 رقم 247.
[4] وقال عبد الغافر الفارسيّ: الفقيه أبو بكر السرّاج الكوشكي الدّيّن، الصاين، العفيف، الورع، أحد عباد الله الصالحين من جملة المداخلين لبيت القشيرية، وأبوه سهل المعروف بقتادة من أهل الاحتياط في المعيشة.
اختلف إلى الفقه وسمع التفسير وقرأه على زين الإسلام.. وعقد له مجلس الإملاء، فأملى سنين في آخر عمره وكان يتكلّم على الأحاديث بكلام ظاهر يليق بالفقهاء.
وقد خرّج لنفسه الأربعين وعاش عيشا حميدا في عفاف وكفاف وأعقب. ولد سنة ثمان وأربع. (المنتخب 114) .
[5] في الأصل: «التوقاني» بالتاء المنقوطة من فوقها باثنتين. والتصحيح من: توضيح المشتبه

(34/84)


وعمر بن أحمد الصفار، وعبد اللَّه بْن الفُرَاويّ [1] ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر، وأبوه زاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وجماعته.
تُوُفّي فِي ليلة السّابع والعشرين من رمضان.
4- أحمد بْن عَبْد الغفار بْن أحمد بْن علي بْن أحمد بْن أَشْتَه [2] .
أبو العبّاس الأصبهاني الكاتب.
شيخ مكثِر مُسْنِد.
سمع: أبا سَعِيد النّقّاش، [3] وعليّ بن ميلة الفقيه، وابن عقيل الباورديّ،
__________
[1] / 460 وفيه: «النّوقاني» بنونين الأولى مفتوحة. قال ابن ناصر الدين: وقيّدها ابن الصلاح وغيره بالضم، تليها واو ساكنة. قال: نوقان: هي قصبة طوس. وذكر غير المصنّف أنها إحدى مدينتي طوس. ونوقان أيضا: قرية من قرى نيسابور. وأبو سعد الخليلي من نوقان الأولى التي هي قصبة طوس. حدّث عن أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وغيره. توفي سنة 548 بنوقان.
وورد في «طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي 4/ 114، 115 أن أبا سعد محمد بن أبي العباس الخليلي أنشد إملاء ببوقان في الجامع. (كذا بوقان: بالباء الموحّدة) . وقال ياقوت: بوقان:
آخره نون. قال الحازمي: بوقان بالباء، من نواحي سجستان. ثم ذكر بعض من نسب إليها. ثم قال: وهذا غلط لا ريب فيه، إنما هو النوقاني بالنون في أوله والتاء المثنّاة من فوقها في آخره، كذا قرأته بخط أبي عمر النوقاني المذكور، وكذا ضبطه أبو سعد في تاريخ مرو الّذي قرأته بخطه. (معجم البلدان 1/ 510) وانظر: نوقات. (ج 5/ 311) .
[1] الفراوي: بضم الفاء وفتح الراء المخفّفة. نسبة إلى فراوة، بليدة على الثغر مما يلي خوارزم، يقال لها: رباط فراوة. (الأنساب 9/ 256) .
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الغفار) في: التقييد لابن نقطة 148 رقم 170، والمعين في طبقات المحدّثين 143 رقم 1563، والإعلام بوفيات الأعلام 202، والعبر 3/ 331، وسير أعلام النبلاء 19/ 183 رقم 104، وتذكرة الحفاظ 4/ 1228، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 83، ومرآة الجنان 3/ 154، وتبصير المنتبه 1/ 20 وشذرات الذهب 3/ 396.
و «أشته» : بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة، وبفتح المثنّاة، تليها هاء. (توضيح المشتبه 1/ 238) .
[3] قال ابن نقطة: حدّث عن أبي سعيد محمد بن علي النقاش بمسند الحارث بن أبي أسامة، سوى جزء واحد، هكذا ذكر أبو طاهر السلفي في أسانيد الكتب التي رواها. نقلت من خط أحمد بن طارق قد كتبه عن السلفي.
وذكر السلفي أيضا أنه أخبر بكتاب «السنن» لأبي مسلم الكشي، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الذكوانيّ، وأبي الحسن علي بن يحيى بن عبدكويه الشرابي جميعا عن أبي حفص الفاروق بن عبد الكبير بن عمر الخطابي، عن أبي مسلم.

(34/85)


والفضل بْن شَهْرَيار، وغيرهم.
وتُوُفّي في ذي الحجّة عَن اثنتين وثمانين سنة [1] .
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وأبو سَعِيد البغداديّ.
5- أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرحيم التَّيْميّ [2] .
المعروف بابن اللّبّان المتكلّم.
يروي عَنْ: أَبِي نُعَيْم، وغيره.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وورخه.
6- أحمد بْن عَبْد العزيز [3] .
الْإِمَام أبو سعْد [4] البردعي [5] الحنفيّ الفقيه.
كَانَ عَلَيْهِ مَدَار الفتوى بنَيْسابور. وكان يعقد مجالس الوعظ من غير تكلُّف عَلَى طريقة أهل الورع، ويذكر مسائل أهل الفقه مما ينفع العوامّ. وكان يميل إلى الاعتزال. ثمّ صار يحضر مجالس الشّافعيّة، يستطيب طريقة أهل السُّنَّة ويظهر أَنَّهُ تاركٌ لما كَانَ عَلَيْهِ. ومال إلى التصوّف.
تُوُفّي في ثامن عشر ذي القعدة. وما أظنه حدَّثَ.
7- أحمد بْن المبارك [6] .
أبو سعْد البغداديّ الأكفانيّ المقرئ.
شيخ معمّر.
__________
[1] قال يحيى بن مندة: كثير السماع، واسع الرواية. قال لي: ولدت في سنة عشر وأربعمائة.
ومات سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة. (التقييد) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد العزيز) في: المنتخب من السياق 118 رقم 261، والجواهر المضيّة 1/ 191، 192 رقم 131، والطبقات السنية، رقم 231.
[4] في المنتخب «أبو سعيد» .
[5] البرذعي: بفتح الباء الموحّدة وسكون الراء وفتح الدّال المهملة وفي آخرها العين المهملة.
هذه النسبة إلى بردعة، وهي بلدة من أقصى بلاد أذربيجان. (الأنساب 2/ 137، 138) .
ويقال لهذه البلدة: برذعة بالذال المعجمة، وهو الأكثر، فالنسبة إليها تصح على الوجهين:
(البرذعي) و (البردعي) . انظر تعليق العلّامة اليماني على (الإكمال 1/ 479، 480) .
[6] انظر عن (أحمد بن المبارك) في: غاية النهاية 1/ 99 رقم 452.

(34/86)


قرأ عَلَى: أَبِي الحَسَن الحمّاميّ إلى سَورَة سبأ.
قرأ عَلَيْهِ: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ [1] .
وروى عَنْ: بِشْر بْن القاسم.
روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر.
وكان سمسارًا.
8- أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بْن بِشْرُوَيْه [2] .
أبو العبّاس الأصبهاني الحافظ.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن حَسَنْكُوَيْه، ومحمد بْن عليّ بْن مُصْعَب، وأبا نُعَيْم الحافظ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، والهيثم بْن محمد الخرّاط، وإبراهيم بْن محمد بْن إِبْرَاهِيم الجلّاب، وأبا ذَرّ محمد بْن إِبْرَاهِيم الصّالحانيّ، ومن بعدهم.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أهل المعرفة بالحديث والفقه والفرائض، كتبنا بانتخابه كثيرًا، وأكثرنا عَنْهُ لثبته ومعرفته. وسمعته يَقُولُ: ولدت سنة خمس عشرة [3] .
قلت: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وروى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن طاوس.
وقيل: مات سنة سبْعٍ.
9- إِبْرَاهِيم [4] بْن خَلَف بْن إِبْرَاهِيم بْن لُبّ.
أبو إِسْحَاق التُّجَيْبيّ القُرْطُبيّ، ويعرف بابن الحاجّ.
__________
[1] وقال ابن الجزري: قرأ بالقراءات إلى سورة سبإ على أبي الحسن الحمامي فمات الحمامي قبل إكماله الختمة، ثم طال عمره حتى قرأ عليه أبو الكرم الشهرزوريّ. توفي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة في ذي الحجة.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد) في: الإستدراك ج 1/ 36 أ، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 218، 219 رقم 135، وتبصير المنتبه 1/ 91، والنجوم الزاهرة 5/ 163.
[3] الإستدراك 1/ 36 أ.
[4] هكذا في الأصل. ولم أجده بهذا الاسم. ووجدت في (الصلة لابن بشكوال 2/ 580 رقم 1278) «مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خلف بْن إِبْرَاهِيم بن لب بيطير التجيبي، يعرف بابن الحاج» . قتل سنة 529 هـ. ولم أجد من اسمه: «أحمد بن خلف» أيضا.

(34/87)


سمع من: بَكْر بْن عيسى الكِنْديّ.
وحجّ ورأى أبا ذَرّ الهَرَوِيّ، ولم يسمع منه.
وأجاز لابن أخيه محمد بْن أحمد بْن خَلَف في هذا العام، وانقطع خبره بعد.
10- إِبْرَاهِيم بْن سُلَيْم بْن أيّوب [1] .
أبو سعْد الرّازيّ.
سمع من والده، ومن أَبِي الحُسين ابن الطّبّال بمصر، ومن عَبْد الوهاب بْن بُرهان الغزال بصور، ومن كريمة بمكّة، ومن الجوهريّ ببغداد.
وتُوُفّي بدمشق في ذي الحجّة.
سمع منه: غَيْث [2] ، وأبو محمد بْن صابر [3] .
11- إِبْرَاهِيم بْن يحيى بْن موسى [4] .
أبو إِسْحَاق الكَلاعيّ القُرْطُبيّ. ويُعرف بابن العطّار.
سمع من: أَبِي محمد الشَّنْتَجاليّ.
وحجّ، وسمع من: أَبِي زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، وغيره.
قَالَ أبو بحر الأَسَديّ: لقيته في سنة إحدى وتسعين بالجزائر، وكان ثقة نبيها.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن سليم) في: الفقيه والمتفقّه للخطيب البغدادي 1/ 39، 78، 236 و 2/ 74، 146، 205، وتبيين كذب المفتري 262، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 57 رقم 59، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 214، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) 1/ 224، 225 رقم 23.
[2] هو غيث بن علي الأرمنازي الصوري.
[3] وكان إبراهيم يتردّد على مجلس الحديث الّذي يعقده الخطيب البغدادي في جامع صور، فسمع منه الجزء الأول من كتابه «الفقيه والمتفقه» في شهر ربيع الأول سنة 459 هـ.
وقال ابن عساكر: سمع الحديث من أبي بكر الخطيب، وغيره. وطاف البلاد في طلبه. وسمع منه ابن صابر بدمشق، وذكر أنه صدوق.
وروى ابن عساكر من طريقه وقال: حدّثني إبراهيم بن سلم عن أبيه سليم. (تبيين كذب المفتري 262) .
[4] انظر عن (إبراهيم بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 97، 98 رقم 220.

(34/88)


12- إِبْرَاهِيم بْن يونس بْن محمد [1] .
أبو إِسْحَاق المَقْدِسيّ الخطيب الأصبهاني الأصل.
سمع بدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن محمد الحِنّائيّ، وأبا القاسم عليّ بْن محمد السُّمَيْساطيّ.
وبالقدس: الفقيه أبا محمد عَبْد اللَّه بْن الوليد الأندلسيّ، وعليّ بْن طاهر، وعبد الرحيم بْن أحمد الْبُخَارِيّ الحافظ، وخزرون بن الحسن، وجماعة.
روى عنه: أبو محمد بْن الأكفاني، والخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد بْن مقاتل.
وكان تلا القرآن.
تُوُفّي بدمشق في ذي الحجّة، وله سبعون سنة [2] .
13- إسماعيل بْن عليّ بْن طاهر [3] .
أبو القاسم الرّازيّ السِّلَفيّ [4] .
من شيوخ إصبهان.
روى عن: أبي بكر بن أبي علي الذّكوانيّ المعدّل، وأبي بكر بن محمد بن حمّويه، وعليّ بن أحمد الجرجانيّ.
وعنه: أبو طاهر السّلفيّ، وقال: تُوُفّي في ربيع الآخر.
- حرف الجيم-
14- جعفر بْن حيدر بْن محمد [5] .
الشَّيْخ أبو المعالي العَلَويّ الهَرَوِيّ، شيخ الصُّوفيّة.
كَانَ ورعًا زاهدا.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن يونس) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 183 رقم 194، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 314.
[2] وكان مولده سنة 421 هـ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد هذه النسبة.
[5] انظر عن (جعفر بن حيدر) في: المنتخب من السياق 176 رقم 463 وفيه طوّل نسبه.

(34/89)


سمع بنَيْسابور: شيخ الإسلام أبا عثمان الصابوني، وأبا سَعِيد الكَنْجَرُوذيّ.
وتُوُفّي بهراة [1] .
ذكره السمعاني في «الذِّيل» .
- حرف الحاء-
15- حاتم بْن محمد بْن عليّ بْن أَبِي محمد حاتم محمد بْن يعقوب بْن إِسْحَاق بْن محمود [2] .
أبو محمد الهَرَوِيّ الحاتميّ.
شيخ صالح.
سمع: أبا منصور محمد بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم الفارسيّ صاحب حامد الرّفّاء.
روى عَنْهُ: عليّ بْن حمزة الموسويّ، وعبد الفتّاح بْن عطاء، وعبد الواسع بْن أَبِي بَكْر السَّقَطيّ.
مات بهَرَاة في جُمَادَى الأولى عَنْ نيفٍ وثمانين سنة.
16- حُدَيْد بْن حَسَن [3] .
المؤدِّب الشَّّيبانيّ.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ.
تُوُفّي في شوّال.
17- الحَسَن بْن أحمد بْن محمد [4] .
الحافظ أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ صاحب الحافظ جعفر بْن محمد
__________
[1] سمع صحيح مسلم من أبي الحسين عبد الغافر.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: التحبير لابن السمعاني (انظر فهرس الأعلام) 2/ 511، والمنتخب من السياق 188 رقم 531، وتذكرة الحفاظ 4/ 1230، 1231، والمعين في طبقات المحدّثين 143 رقم 1564، وسير أعلام النبلاء 19/ 205، 206 رقم 125، وشذرات الذهب 3/ 394، 395، والرسالة المستطرفة 165، ومعجم المؤلفين 3/ 203.

(34/90)


المُسْتَغِفريّ. تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور عَن اثنتين وثمانين سنة. [1] كَانَ مكثِرًا فاضلًا، وغيره أتقن وأحفظ منه.
وقال ابن السّمعانيّ: سألتُ إسماعيل الحافظ عَن الحَسَن السَّمَرْقَنْديّ فقال: إمام حافظ. سمع وجمع وصنَّف.
سمع من: المُسْتَغِفريّ، وعبد الصَّمد العاصمي، وشيوخ بُخاري، وبلْخ، ونيسابور. وأكثر السّماع عَنْهُمْ.
قلت: روى عَنْهُ خلْقٌ من شيوخ عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ.
وقال عُمَر بْن محمد بْن لُقمان النَّسَفيّ في كتاب «القنْد» [2] : ذكر الْإِمَام الحافظ قوامُ السُّنَّة أبو [3] محمد الحَسَن بْن أحمد بْن محمد بْن القاسم بْن جعفر السَّمَرْقَنْديّ اللّوخميتنيّ [4] نزيل نَيْسابور: لم يكن في زمانه في فنّه مثله في الشرق والغرب، لَهُ كتاب «بحر الأسانيد في صحاح المسانيد» ، جمع فيه مائة ألف حديث، ورتَّب وهذّب، لم يقع في الإسلام مثله، وهو ثمانمائة جزء.
وذكر عَبْد الغافر فقال: [5] عديم النظير في حفظه. قدِم نَيْسابور، وسمع ابن مسرور، وأبا عثمان الصابونيّ، والكَنْجَرُوذيّ [6] . وطائفة. وعاد إلي سمرقند. ثمّ قدم نيسابور واستوطنها. وهو مكثر عَن المستغفريّ.
قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن القُشَيْريّ، ومحمد بْن جامع خيّاط الصُّوف، والْجُنَيْد القائنيّ [7] . وأكبر شيخ له منصور [8] الكاغذيّ [9] .
__________
[1] ومولده سنة 409 هـ. (المنتخب) .
[2] هو كتاب: «القند في تاريخ سمرقند» .
[3] في الأصل: «أبي» وهو غلط.
[4] لم أجد هذه النسبة.
[5] ليس في (المنتخب) العبارة التالية (عديم النظير في حفظه) ، وهي في (السياق) .
[6] الكنجروذي: بفتح الكاف وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء بعدها الواو وفي آخرها الدال المعجمة. هذه النسبة إلى كنجروذ، وهي قرية على باب نيسابور في ربضها، وتعرّب فيقال لها: جنزروذ. (الأنساب 10/ 479) .
[7] تحرّف في الأصل إلى «العايني» ، والمثبت عن (الأنساب 10/ 36، 37) .
[8] ورّخ المؤلّف الذهبي- رحمه الله- وفاته في سنة 490 هـ. (المعين في طبقات المحدّثين 143) وكذا في شذرات الذهب 3/ 394.
[9] في الأصل: «الكاغدي» بالدال المهملة. والمثبت عن (الأنساب 10/ 326) ففيه: بفتح الغين

(34/91)


18- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيّوب بْن مُعَافَى [1] .
أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ.
سمع: أبا الحُسين بْن بِشْران، ومحمود بْن عُمَر العُكْبَريّ.
وعنه: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، وعُمَر بْن ظفر.
مات في شوّال، وقيل: في رمضان عَنْ ثمانٍ وثمانين سنة.
19- الحُسين بْن الحَسَن [2] .
الفقيه أبو عَبْد اللَّه الشِّهْرستانيّ الشّافعيّ.
قاضي دمشق.
سمع بنَيْسابور من: أَبِي القاسم القُشَيْريّ، وبجرجان من إسماعيل بْن مَسْعَدَة، وبالعراق من ابن هزارمرد [3] الصَّرِيفينيّ.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، وكان حَسَن السيرة في الأحكام. ولي قضاء دمشق سنة سبْعٍ وسبعين في أيّام تتش، وكان شديدا عَلَى من خالف الحقّ. واستُشْهد بظاهر أنطاكيّة بيد الإفرنج يوم المصافّ.
20- الحُسين بْن عليّ الدّمشقيّ [4] .
المقرئ. ويُعرف بالدّمنْشيّ.
سمع: أبا الحُسين بْن أَبِي الحديد.
وكان رافضيًّا. سعى بالحافظ أَبِي بَكْر الخطيب إلى أمير الجيوش وقال:
هُوَ ناصبيّ يروي فضائل الصّحابة، وفضائل بني العبّاس في جامع دمشق. فكان ذَلِكَ سبب نفي الخطيب من دمشق [5] .
__________
[ () ] وكسر الذال المعجمة. نسبة إلى عمل الكاغذ الّذي يكتب عليه وبيعه.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] في الأصل: «هزامرد» والمثبت عن: الأنساب 8/ 59 براء قبل الميم.
[4] انظر عن (الحسين بن علي) في: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 352، وغاية النهاية 1/ 246 رقم 1119.
[5] وقيل: كان لا يقرئ سورة الفاتحة لأحد، يزعم أنه قرأها على جبريل. وهذا بهتان لم يصل أحد إليه، كما قال ابن الجزري.

(34/92)


- حرف الراء-
21- رَوْح بْن محمد بْن عَبْد الواحد بن عبّاس [1] .
أبو طاهر الرازاميّ [2] الصُّوفيّ.
سمع: أبا الحَسَن عليّ بْن عَبْدكُوَيْه، وأبا بكر بن أبي علي الذكواني، وعبد الواحد منصور الكاغذي الباطرقانيّ [3] ، وعليّ بْن أحمد الْجُرْجانيّ.
وتُوُفّي في شَعْبان.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
- حرف السين-
22- سَعِيد بْن محمد بْن يحيى [4] .
أبو الحُسين الأصبهاني الجوهريّ، من كبار شيوخ السلفي.
يروي عن: علي بن ميلة الفرضي، وأبي نُعَيْم الحافظ.
تُوُفّي في المحرَّم. وكان فقيهًا عالمًا، وأبوه يروي عَن ابن المقرئ.
حدَّثَ عَنْهُ: أبو سعْد المُطَرِّزِيّ.
قِيلَ: ظهر لسعيد سماع من ابن مَرْدَوَيْه.
23- سهل بْن بشر بن أحمد بن سعيد [5] .
__________
[1] انظر عن (روح بن محمد) في: معجم السفر للسلفي 1/ 264، 265 رقم 144.
[2] هكذا رسمت في الأصل.
[3] الباطرقاني: بفتح الباء وكسر الطاء المهملة وسكون الراء وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى باطرقان، وهي إحدى قرى أصبهان. (الأنساب 2/ 40) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته. وقد وردت هذه الترجمة في الأصل بعد: «الحسن بن أحمد بن محمد السمرقندي» التي تقدّمت برقم (17) ، فأخّرتها إلى هنا لتنتظم مع حرف السين المهملة.
[5] انظر عن (سهل بن بشر) في: التحبير 2/ 250، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/ 444 و 18/ 72 و 271 و 28/ 466 و 500 و 37/ 107 و 150 و 41/ 530، والكامل في التاريخ 10/ 280، واللباب 1/ 29، ومعجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 ق 2/ 1127، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 10/ 220 رقم 121، والمعين في طبقات المحدّثين 143، رقم 1565، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 162، 163 رقم 88، والعبر 3/ 231، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 17/ 329، وشذرات الذهب 3/ 396، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 328، 329 رقم 666.

(34/93)


أبو الفَرَج الإسْفَرائينيّ [1] الصُّوفيّ المحدّث، نزيل دمشق.
سمع عَلَى: حِمِّصَة، وعليّ بْن منير، وعليّ بْن ربيعة، ومحمد بْن الحُسين الطّفّال، والحَسَن بْن خَلَف الواسطيّ صاحب الرّياشيّ بمصر.
وسمع بجُرْجان: محمد بْن عَبْد الرّحيم.
وببغداد: الجوهريّ.
وبدمشق: رشأ بْن نظيف، وابن سلْوان، وهذه الطّبقة.
وبالرملة: ابن التّرجمان الصُّوليّ.
وبصور: سُلَيْم بْن أيّوب [2] .
وبتنِّيس: عليّ بْن الحُسين بْن جابر.
روى عنه: ابناه طاهر والفضل، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وهبة اللَّه بْن طاوس، ومحفوظ النّجّار، ونصر اللَّه المصِّيصيّ الفقيه، وأحمد بْن سلامة، وحمزة بْن عليّ بْن الحُبُوبيّ، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحَسَن الدّارانيّ، وجماعة.
وقال: وُلِدت سنة تسعٍ وأربعمائة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وقال غَيْث: سألت أبا بَكْر الحافظ عَنْ سهل بْن بِشْر فقال: كيّس صدوق.
__________
[1] الإسفراءيني: بكسر الألف وسكون السين المهملة وفتح الفاء والراء وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى إسفرايين وهي بليدة بنواحي نيسابور على منتصف الطريق من جرجان. (الأنساب 10/ 235) .
[2] وسمع بصور أيضا: إمام جامعها أبا القاسم سعيد بن محمد بن الحسن الإدريسي، وأبا القاسم طاهر بن محمد بن القاسم بن كاكويه المرورّوذي الواعظ المتوفى سنة 463 هـ. وأبا شيبة الضحّاك بن عبد الله الهندي مولى أبي جعفر المنصور، وأبا المعالي مشرّف بن مرجى بن إبراهيم المقدسي الفقيه الّذي كان يقرئ بصور سنة 438، وأبا بكر محمد بن إسماعيل بن أحمد الجوهري، وأبا الحسن علي بن بكار بن أحمد بن بكار الصوري المتوفى سنة 459، وأبا محمد عَبْدِ الله بن علي بن عِياض بن أبي عقيل قاضي صور المتوفى سنة 450 هـ. وقرأ بها على أبي الحسن علي بن القاسم بن أحمد المعدّل. (انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين 2/ 328، 329) .

(34/94)


- حرف الطاء-
24- طِرَاد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد [1] .
النّقيب، الكامل، أبو الفوارس بْن أَبِي الحَسَن بْن أبي القاسم بْن أَبِي تمّام الهاشْميّ العبّاسيّ الزينبي البغداديّ، نقيب النُّقَباء.
قَالَ السّمعانيّ: ساد الدَّهْر رُتْبةً وعُلُوًّا وفضلًا ورأيا وشهامة. ولي نقابة العباسيّين بالبصرة، ثمّ انتقل إلى بغداد. وكان من أكفى أهل الدَّهْر، متّعه اللَّه بسمعه وبصره وقوّته وحواسِّه. وكان يترسّل من الدّيوان إلى الملوك، وحدَّثَ بأصبهان كذلك، وصارت إِلَيْهِ الرحلة من الأقطار.
وأملى بجامع المنصور، وكان يحضر مجلسَ إملائه جميعُ أهل العلم من الطوائف وأصحاب الحديث والفُقهاء. ولم يُرَ ببغداد عَلَى ما ذُكِر مثل مجالسه بعد أَبِي بَكْر القَطِيعيّ [2] .
وأملى سنة تسعٍ وثمانين بمكّة، والمدينة، وألحق الصّغار بالكبار.
__________
[1] انظر عن (طراد بن محمد) في: الإكمال 4/ 202، والأنساب 6/ 346، والتحبير لابن السمعاني (انظر فهرس الأعلام) 2/ 521، والمنتظم 9/ 106 رقم 154 (17/ 43، 44 رقم 3675) ، والكامل في التاريخ 10/ 280، وكتاب الروضتين لأبي شامة 2/ 72، وزبدة الحلب لابن العديم 2/ 17، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 158، والمعين في طبقات المحدثين 143 رقم 1566، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 37- 39 رقم 24، ودول الإسلام 2/ 20، والعبر 3/ 331، وتذكرة الحفاظ 4/ 1228، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 132، 133 رقم 90، والوافي بالوفيات 16/ 419 رقم 456، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 81، 82، ومرآة الجنان 3/ 154، والبداية والنهاية 12/ 155، والجواهر المضيّة 2/ 281، 282 رقم 674، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (نشر في مجلّة معهد المخطوطات بالكويت) مجلّد 28 ق 2/ 345، ومجلّد 29 ق 1/ 29، وتاريخ ابن خلدون 3/ 470، والنجوم الزاهرة 5/ 162، والطبقات السنية، رقم 1017، وكشف الظنون 2/ 1178، وشذرات الذهب 3/ 396، 397، وتاج العروس 2/ 409، وديوان الإسلام 3/ 224 رقم 1351، وهدية العارفين 1/ 432، والأعلام 3/ 225، ومعجم المؤلفين 5/ 40.
[2] القطيعيّ: بفتح القاف وكسر الطاء المهملة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى القطيعة، وهي مواضع وقطائع في محالّ متفرّقة ببغداد. وهو من قطيعة الدقيق، محلّة في أعلى غربيّ بغداد. كان يروي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل «المسند» عن أبيه. توفي سنة 368 هـ. (الأنساب 10/ 202، 203) .

(34/95)


سمع: هلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن حَسْنُون النَّرْسيّ [1] ، وأبا الحُسين بْن بِشْران، والحسين بْن عُمَر [2] بْن برهان، وأبا الفَرَج أحمد بْن المقرّب الكَرْخيّ، ويحيى بْن ثابت البقّال. وشُهْدَة بنت الإبريّ [3] ، وخلْق كثير آخرهم وفاة أبو الفضل خطيب المَوْصِل.
وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: كَانَ أعلى أهل بغداد منزلة عند الخليفة، وكنّا نكرّر إليه، فيتعذّر علينا السّماع منه والوصول إِلَيْهِ، وعند بابه الحُجّاب، ولعلّ زِيّ بعضهم فوق زِيّه.
وكنّا نقرأ عَلَيْهِ وهو يركع، إذ لَيْسَ عند مثله ما يردّ. وربّما اتّبعناه ونحن نقرأ عَلَيْهِ إلى أنّ يركب.
وقال السِّلَفيّ: [4] كَانَ حنفيًّا من جِلّة النّاس وكُبَرائهم، ثقة فاضلًا، ثبتًا، لم أَلْحَقْه.
وقال أبو الفضل بْن عطّاف: كَانَ شيخنا طِراد شيخًا حَسَنًا، حَسَن اليقظة، سريع الفِطْنة، جميل الطّريقة في الرّواية، فَقِه في جُمَيْع ما حدَّث بِهِ.
وقال غيره: وُلِد في شوّال سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة [5] .
وقال ابن ناصر: توفّي في سلخ شعبان، ودُفن بداره، ثمّ نُقِل في السّنة الآتية إلى مقابر الشّهداء [6] .
__________
[1] النّرسيّ: بفتح النون وسكون الراء وكسر السين المهملة. هذه النسبة إلى النّرس، وهي نهر من أنهار الكوفة عليه عدّة من القرى. (الأنساب 12/ 69) .
[2] في المنتظم 9/ 106 «عمرو» ، و (17/ 44) مع أنه ورد في الأصل «عمر» . والمثبت يتفق مع:
أصل المنتظم، والمستفاد 132.
[3] في الأصل: «الأثري» والتصحيح من (المستفاد 133) وقال: وهي آخر من حدّث عنه.
[4] وهو قال: سألت شجاع الذهلي عن طراد فقال: حدّث ببغداد وبغيرها من البلاد، وأملى عدّة سنين في جامع المنصور، وكان صدوقا، قد سمعت منه. (المستفاد 133) .
[5] الأنساب 6/ 346، المنتظم 17/ 44.
[6] وقال ابن الجوزي: «ورحل إليه من الأقطار، وأملى بجامع المنصور، واستملى له أبو علي البرداني، وكان يحضر مجلسه جميع المحدّثين والفقهاء، وحضر إملاءه قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغانيّ، وحج سنة تسع وثمانين فأملى بمكة والمدينة، وبيته معروف في الرئاسة.
ولي نقابة العباسيّين بالبصرة، ثمّ انتقل إلى بغداد، وترسّل من الديوان العزيز إلى الملوك، وساد الناس رتبة ورأيا، ومتّع بجوارحه، وقد حدّث عنه جماعة من مشايخنا، وقد تورّع قوم عن

(34/96)


أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا أَبُو محمد بن قدامة: أخبرتنا شهدة بقراءتي عَلَيْهَا: أَنَا طِرادُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ عُمَرَ تَوَضَّأَ مِنْ بَيْتِ نَصْرَانِيَّةٍ.
- حرف العين-
25- عَبْد الرّزّاق بْن حسّان بْن سَعِيد بْن حسان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن منيع بْن خَالِد بْن عَبْد الرَّحْمَن ابن سيف اللَّه خَالِد بْن الوليد المخزوميّ المَنِيعيّ [1] .
أبو الفتح بْن أَبِي عليّ المَرْوَرُّوذِيّ، الحاجّيّ، الخطيب، محتشم خُراسان كوالده. وكان زاهدًا، عابدًا، عاملًا، متبتلًا، ورعًا، فقيهًا، قُدْوة.
تفقّه عَلَى القاضي حسين، وعلّق عَنْهُ المذهب.
وكان خطيب جامع والده.
وقد حجّ وسمع ببغداد، وصار رئيس نَيْسابور. وقعد للتّدريس بالجامع، واجتمع عَلَيْهِ الفُقهاء.
وعقد مجلس الإملاء، وحدَّث عَنْ: أَبِي الحُسين بْن النَّقُّور، وأبي بَكْر البَيْهقيّ، وسعد الزّنْجانيّ، وأبي مسعود أحمد بْن محمد البجليّ [2] .
__________
[ () ] الرواية عنه لتصرّفه وصحبته للسلاطين. ولما احتضر بكى أهله فقال: صيحوا وا مختلساه إنما يبكى على من سنّه دان، فأمّا من عمره مترام فما فائدة البكاء عليه؟» .
وقال ابن العديم الحلبي إن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس صاحب حلب راسل السلطان ألب أرسلان في سنة 462 هـ. واستقرّ الأمر بينهما على أن يخطب محمود للإمام القائم خليفة بغداد، وبعده للسلطان العادل ألب أرسلان وبعده لنفسه، فوصل إليه نقيب النقباء أبو الفوارس طراد بن علي الزينبي لإقامة الدعوة العباسية، ومعه الخلع من القائم بأمر الله ومن السلطان.
(زبدة الحلب 2/ 17) .
وقال الدمياطيّ: انفرد بالرواية عن أكثر شيوخه، وحدّث بالكثير، وأملى خمسة وعشرين مجلسا بجامع المنصور، وأملى بمكة والمدينة مجالس.
[1] انظر عن (عبد الرزاق بن حسّان) في: الأنساب 11/ 510، والمنتخب من السياق 357 رقم 1183.
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ: الإمام الرئيس العابد الزاهد الحاجي العامل المجتهد الخطيب الدّين

(34/97)


روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو شحمة [1] مُحَمَّد بْن عليّ المعلّم المَرْوَزِيّ، وإسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن العصائديّ [2] ، وآخرون.
تُوُفّي فِي ثامن عشر ذي القعدة وله ثمانون سنة [3] .
26- عَبْد الأحد بْن أحمد بْن الفضل [4] .
أبو الحارث العَنْبريّ الأصبهاني.
سمع: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب، وأحمد بْن فاذشاه الوزير.
ولي رُنْدَة [5] .
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
27- عَبْد اللَّه بْن المبارك بْن عَبْد اللَّه [6] .
أبو مُحَمَّد المَدِينيّ.
سمع: عليّ بْن أحمد بْن مِهْران الصّحّاف.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ وقال: تُوُفّي في شوّال.
28- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بَلِّيزَة [7] .
__________
[ () ] الورع، من وجوه كبار عصره وأفراد دهره، نشأ في حجر الرئاسة، وتربّى في الحشمة والثروة والنعمة، وتفقّه على القاضي الإمام أبي علي الحسين بن محمد المروالروذي إمام عصره وتخرّج به، وعلّق عنه المذهب، وكان عقد مجلس الإملاء بنيسابور في الكرّة الأولى وكذلك في الكرّة الثانية. سمع على كبر السّن من متأخّري مشايخ نيسابور، وسمع بالعراق والحجاز، وسمع من أبيه.. (المنتخب) .
[1] في الأصل: «سحمة» بالسين المهملة، والمثبت عن (الأنساب 11/ 510) .
[2] العصائدي: بفتح العين والصاد المهملتين، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الدال. هذه النسبة إلى عمل العصيدة. (الأنساب 80/ 463) .
[3] كانت ولادته في سنة 412 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] رندة: بضم أوله، وسكون ثانيه. ومعقل حصين بالأندلس من أعمال تاكرّنا، وهي مدينة قديمة على نهر جار وبها زرع واسع وضرع سابغ. (معجم البلدان 3/ 73) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: المشتبه في الرجال 1/ 90، وغاية النهاية 1/ 407 رقم 1731، وتوضيح المشتبه 1/ 595 وفيه: «بلّيزة» : بفتح أوله، وكسر اللام المشدّدة، ثم مثنّاة تحت ساكنة، ثم زاي مفتوحة، ثم هاء.

(34/98)


أبو القاسم الخِرَقيّ [1] الأصبهاني المقرئ.
سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَمَهْ [2] .
وقرأ القرآن عَلَى أحمد بْن مُحَمَّد المِلَنْجيّ [3] ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن زَنْجَوَيْه.
وتلاوته عَلَى ابن زنجوَيْه في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
سمع منه: السِّلَفيّ، وتلا عَلَيْهِ ختّمة لقُنْبُل في هذا الوقت، ولم يورّخ وفاته.
29- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن هارون [4] .
أبو نَصْر الخُراسانيّ النّاسخ [5] .
سمع: أبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث التَّميميّ النَّحْويّ، وأبا بَكْر الحِيّريّ. وُلِد سنة ثلاثِ عشرة، وأملى مدّة.
ومات في المحرَّم.
روى عَنْهُ: أبو سعْد مُحَمَّد بْن أحمد بْن مُحَمَّد الخليليّ النَّوْقانيّ [6] الحافظ، ومحمد بْن أحمد الْجُنَيْد الخطيب، وعُمَر بْن أحمد بْن الصّفّار، وأبو البركات بْن الفُرَاويّ [7] ، وعبد الخالق بْن الشّحّاميّ، وشافع بْن عليّ، وآخرون.
__________
[ () ] وقد شكّل أوله بالكسر في (القاموس المحيط) وقال الفيروزآبادي: ضبطه السمعاني بالمثنّاة فوق.
[1] تصحّف في (تاج العروس) إلى «الخرتي» بالتاء المثنّاة.
[2] تحرّف في (تاج العروس) إلى «شمتة» .
[3] في الأصل: «المليحي» ، والتصحيح من: الأنساب 473810 وفيه: «الملنجيّ» بكسر الميم وفتح اللام، وسكون النون. وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى قرية بأصبهان، يقال لها ملنجة، قد قيل إنها محلّة بأصبهان. ومنها أحمد هذا. توفي سنة 437 هـ.
[4] انظر عن (عبد الله بن الحسين) في: المنتخب من السياق 289 رقم 956، وغاية النهاية 1/ 418 رقم 1764 وسيعاد قريبا برقم (31) .
[5] قال عبد الغافر الفارسيّ: الفقيه الصوفي الورّاق، صالح، من أهل بيت الحديث. سمع من أصحاب الأصمّ، وعقد له مجلس الإملاء في الجامع المنيعي بعد الصلاة في صفّة محمد عبد الكريم.
[6] النّوقاني: بفتح النون المشدّدة. وفي آخره نون أيضا. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة في ترجمة: «أحمد بن سهل» رقم (3) .
[7] الفراوي: بضم الفاء وتخفيف الراء. تقدّم التعريف بهذه النسبة.

(34/99)


30- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن عتّاب بْن محسن [1] .
أبو القاسم القُرْطُبيّ أخو عَبْد الرَّحْمَن.
روى عَنْ: أَبِيهِ كثيرًا، وعن: حاتم الطَّرَابُلُسيّ.
وأجاز له أبو حفص الزّهْراويّ، وأبو عُمَر بْن الحذّاء، وجماعة.
وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بالفتوى، مقدمًا في الشُّروط، لَهُ عناية بالحديث ونقله.
وكان مهيبًا، وقورًا، معظمًا عند الخاصّة والعامّة [2] .
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى عَنْ إحدى وخمسين سنة [3] .
روى اليسير.
31- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن هارون [4] .
أبو نَصْر الخُراسانيّ النّاسخ.
سمع: أبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث التَّميميّ النَّحْويّ، وأبا بكر الحيري.
ولد سنة ثلاث عشرة.
32- عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن المحسِّن [5] .
أبو غانم بن أَبِي حصن التّنُوخيّ المَعَرّيّ القاضي.
سمع: أَبَاهُ، وأبا صالح مُحَمَّد بْن المهذّب، وأبا عثمان إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن الصّابونيّ، والسُّمَيْساطيّ [6] ، وأبا إِسْحَاق الحبّال الحافظ، وطائفة
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 371، 372 رقم 795.
[2] وقال ابن بشكوال: وكان حسن الخط، جيّد الضبط، ولا أعلمه حدّث إلّا بيسير لقصر سنّه، وكان، رحمه الله، فاضلا، متصاونا، وقورا، مسمتا، مهيبا.. كريم العناية بمن اختلف إليه وتكرّر عليه، قاضيا لحوائجهم، مبادرا إلى رغباتهم، نهّاضا بتكاليفهم، حافظا لعهدهم، وصفه لنا بهذا غير واحد ممن لقيه وجالسه.
[3] مولده سنة 440 هـ.
[4] هو المتقدّم برقم (29) .
[5] انظر عن (عبد الرزاق بن عبد الله) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 93، 94 رقم 73.
[6] السّميساطيّ: بضم السين المهملة بعدها ميم، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها،

(34/100)


بدمشق، والقدس ومصر.
روى عَنْهُ: الخطيب مَعَ تقدُّمه شيئًا ممّا سمعه، وأبو البيان مُحَمَّد بْن أَبِي غانم، وغيرهما [1] .
وتُوُفّي بالمَعَرَّة [2] .
33- عَبْد السّميع بْن عليّ بْن عَبْد السَّميع [3] .
أبو الحُسين الهاشْميّ.
من أهل البصرة ببغداد.
سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد.
روى عَنْهُ: أبو البركات الأَنْماطيّ، وأبو بَكْر الزّاغُوانيّ.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
ومولده سنة تسعٍ.
34- عَبْد الواحد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم [4] .
أبو طاهر المغازليّ الأصبهاني الشّرابيّ.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ.
وعنه: السِّلَفيّ، وقال: مات في صَفَر.
35- عُمَر بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الخليل [5] .
أبو حفص البغويّ [6] .
__________
[ () ] وبعدها سين أخرى مفتوحة وفي آخرها الطاء. هذه النسبة إلى سميساط، وهي من بلاد الشام.
(الأنساب 7/ 153) .
[1] ومما أنشده لنفسه يصف كوز الفقّاع:
ومحبوس بلا جرم جناه ... له سجن بباب من رصاص
يضيّق بابه خوفا عليه ... ويوثق بعد ذلك بالعفاص
إذا أطلقته خرج ارتقاصا ... وقبّل فاك من فرح الخلاص
[2] قيل توفي سنة 489 وقيل 491، وكان مولده سنة 418 هـ. بالمعرّة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] البغوي: هذه النسبة إلى بلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة يقال لها: بغ وبغشور. (الأنساب 2/ 254) .

(34/101)


سمع «مُسْنِد» إِسْحَاق الكَوْسَج، من أَبِي الهنديّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن البَغَويّ.
ومات بعد شَعْبان في هذا العام أو بعده.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن المظفّر البنّاء، وأسعد بْن أحمد الخطيب، وأبو أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نَصْر البَغَويُّون.
36- عَبْد الواحد بْن عُلْوان بْن عَقِيل بْن قيس الشِّيبانيّ [1] .
أبو الفتح السَّقْلاطُونيّ [2] البغداديّ النَّصْريّ من النَّصْريّة.
شيخ ثقة صَدُوق.
سمع: أبا نَصْر بن حسنون، وأبا القاسم الحرفيّ، وعثمان بْن دُوَسْت، وهو أخو عَبْد الرَّحْمَن بْن عُلْوان.
روى عَنْهُ: عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الْأَنْصَارِيّ، ووالده أبو بَكْر، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وآخرون.
وآخر من روى عَنْهُ فخر النّساء شُهْدَة.
تُوُفّي في رجب [3] .
37- عَبْد الوهّاب بْن رزق اللَّه بْن عَبْد الوهّاب [4] .
أبو الفضل التَّميميّ، أخو عَبْد الواحد.
سمع: أَبَاهُ، وأبا طَالِب بْن غَيْلان.
وكان حَسَن الصورة، ظريفًا بارعًا في الوعظ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عبد الواحد الدّقّاق، وعبد الوهّاب الأنماطيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن علوان) في: المنتظم 9/ 106 رقم 156 (17/ 45 رقم 3677) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 128 رقم 65، وتذكرة الحفاظ 4/ 1228، ذيل تاريخ بغداد 1/ 260- 262 رقم 143.
[2] السقلاطوني: نسبة إلى سقلاطون بلد بالروم تنسب إليه الثياب. (القاموس المحيط) .
[3] قال ابن النجار: قرأت في كتاب عبد المحسن بن محمد الشيجي بخطه قال: سمعت عبد الواحد بن علوان بن عقيل الشيبانيّ يقول: ولدت سنة ثلاث وأربعمائة. وورّخ شجاع بن فارس الذهلي وفاته.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن رزق الله) في: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 85 رقم 82.

(34/102)


38- عليّ بْن مُحَمَّد بْن الحُسين خِذَام [1] .
أبو الحَسَن الخِذاميّ [2] الْبُخَارِيّ الواعظ.
كَانَ معمّرًا مكثِرًا من السّماع.
تفرَّد بشيوخ.
روى عَنْ: القاضي أَبِي عليّ الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، ومنصور الكاغدي، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن القاسم الفارسيّ، وأحمد بْن الحَسَن المراجليّ [3] ، وخلْق أخذ عَنْهُم الكبار.
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ [4] ، وأبو ثابت الحَسَن بْن عليّ البَرْدعيّ [5] وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ [6] ، وعدّة.
وعُمِّر تسعين سنة.
مات في هذا العام.
- حرف الفاء-
39- فارس بْن الحُسين بن فارس بن حسين بن غرب [7] .
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: الأنساب 5/ 56، 57، واللباب 1/ 426، والمشتبه في الرجال 1/ 146، وسير أعلام النبلاء 19/ 180، 181 رقم 101، والجواهر المضيّة 2/ 605 رقم 1009، والطبقات السنية، رقم 1505.
[2] في الأصل: «خدام» و «الخدامي» بالخاء المعجمة، والدال المهملة. والمثبت عن: المشتبه، والأنساب، واللباب. وهي بكسر الخاء المعجمة.
[3] في الأصل: «المراحلي» بالحاء المهملة. والتصحيح من (الأنساب 11/ 221) وفيه:
«أحمد بن الحسين بن الحسن المراجلي من أهل بخارى» . والمراجلي: بفتح الجيم، والراء، وكسر الجيم بعد الألف، وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى المراحل وعملها، وهي جمع مرجل) .
[4] البيكنديّ: ضبطها في الأنساب بفتح الباء الموحّدة. وفي معجم البلدان بكسرها. وفتح الكاف وسكون النون، بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى.
[5] تقدّم القول في هذه النسبة إنه يصحّ فيها: «البردعي» بالدال المهملة، و «البرذعي» بالذال المعجمة.
[6] السّنجي: بكسر السين المهملة، وسكون النون، وفي آخرها جيم، هذه النسبة إلى سنج، وهي قرية كبيرة من قرى مرو، على سبعة فراسخ منها. (الأنساب 7/ 165) .
[7] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/103)


أبو شجاع الذُّهْليّ [1] السَّهْرُوَرْديّ، ثمّ البغداديّ.
شيخ فاضل، صالح، ثقة، لُغَوِيّ، شاعر.
سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وعبد المُلْك بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: قاضي المَرِسْتان، وإسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر.
تُوُفّي في ربيع الآخر وقد جاوز التّسعين رحمه اللَّه.
وابنه شجاع حافظ معروف.
40- الفضل بْن علي بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [2] .
أبو سعْد الأصبهاني المقرئ.
سمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وعليّ بْن ميْلة، ومَعْمَر بْن زياد.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في رجب. وكنّاه أبا نَصْر.
- حرف الميم-
41- المحسن بْن المحسن بْن مُحَمَّد بْن جُمْهُور [3] .
أبو الرِّضا الْأَنْصَارِيّ الدّمشقيّ الفرّاء المعدّل.
إمام الجامع الأموي، ثمّ ولي نظر الأوقاف وعمادة الأملاك السُّلطانيّة، فظلم وجار.
وحدَّثَ عَنْ: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: عُمَر الرُّؤاسيّ [4] .
42- مُحَمَّد بْن أحمد بن محمد [5] .
__________
[1] الذّهليّ: بضم الذال المعجمة وسكون الهاء وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى قبيلة معروفة وهو ذهل بن ثعلبة. (الأنساب 6/ 30) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (المحسن بن المحسن) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 24/ 113، 114 رقم 84.
[4] قال ابن عساكر: كان مستورا في أول أمره، وصلّى بالناس إماما في جامع دمشق في ولاية المصريين، ثم خلّط في آخر آمره، وتولّى الأوقاف، وعمارة الأملاك السلطانية، وفعل في ذلك ما أدّى إلى الإضرار بارتفاع الوقف، وطمع الجند فيه.
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الميبذي) في: الأنساب 11/ 558، والمنتظم 9/ 107 رقم 157 (17/ 45 رقم 3678) .

(34/104)


أبو عَبْد اللَّه المَيْبُذِيّ [1] البغداديّ اللُّغَويّ.
من كبار أئمّة العربيّة.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة.
روى عنه: ابن ناصر.
43- مُحَمَّد بْن جامع بْن مُحَمَّد بْن عليّ [2] .
أبو بَكْر القطّان الهمذاني الجوهريّ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، والزَّنْجانيّ.
قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان كَيِّسًا صدوقًا.
44- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [3] .
أبو سعْد الحرمي الْمَكِّيّ [4] الحافظ، نزيل هَرَاة.
أحد الحفّاظ والزُّهّاد.
سمع بمصر: مُحَمَّد بْن الحُسين الطّفّال، وأبا الفتح بْن بابشاذ، وعليّ بْن حِمّصة، وعليّ بْن بُغَا الورّاق.
وبمكّة: أبا نَصْر السِّجْزيّ الحافظ، وعبد العزيز بْن بُنْدار الشِّيرازيّ.
وببغداد: أبا بَكْر الخطيب، والموجودين.
قَالَ مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ الهَمَذانيّ: كَانَ أبو سعْد الحَرَميّ من العُبّاد، ولم أربعيني أحفظ منه.
__________
[1] الميبذيّ: بفتح الميم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وضم الباء المنقوطة بواحدة، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى ميبذ وهي بلدة بنواحي أصبهان من كور إصطخر فارس، قريبة من يزد. (الأنساب 11/ 557) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين الحرمي) في: الأنساب 4/ 116، والمنتظم 9/ 107 رقم 158 وفيه (المخرمي) ، (17/ 45 رقم 3679) ، واللباب 1/ 359، والمعين في طبقات المحدّثين 143 رقم 1567، وتذكرة الحفاظ 4/ 1228 وفيه: «محمد بن الحسن» ، وسير أعلام النبلاء 19/ 202، 203 رقم 122، والعقد الثمين 2/ 7، 8، وطبقات الحفاظ 449، وشذرات الذهب 2/ 397.
[4] هكذا في الأصل وتذكرة الحفاظ. وفي سير أعلام النبلاء «المزكّي» .

(34/105)


وقال الواعظ أبو حامد الخيّام: إنّ كَانَ للَّه بهَرَاة أحدٌ من أوليائه فهو هذا.
وأشار إلى أَبِي سعْد.
مات فِي شَعْبان [1] .
45- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد [2] .
أَبُو المحاسن المَحْمِيّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
أحد الرؤساء والأكابر.
خالف أهل بيته لأنّ المَحْمية [3] شافعيّون.
وقد سمع من أصحاب الأصمّ. وكان يضيف الطَّلبة [4] .
تُوُفّي في شَعْبان عَنْ ثمانين سنة.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن أحمد بْن الصّفّار، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ.
46- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [5] .
أبو سعْد الخداشيّ [6] .
تُوُفّي بنسف وله ثمان وثمانون سنة.
سمع بهراة: إسحاق الفرات، وأبا عثمان القرشي.
47- مروان بن عبد الملك [7] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: في رمضان. وقال: رحل إلى البلاد في طلب العلم وسمع الكثير، وكان من الزّهّاد الورعين، لا يخالط أحدا، وكانوا يعدّونه من الأبدال. (المنتظم) .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله المحمي) في: المنتخب من السياق 65 رقم 133.
[3] في الأصل: «المحية» .
[4] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «من أولاد الرؤساء والمشايخ المنظورين ومن أهل المروة والثروة متلفّع بالضيافة والديانة، يخالف مذهبه بيته إذ المحمية كلهم من أصحاب الشافعيّ، وكان هذا على مذهب أبي حنيفة وله سبب كان يذكره والّذي من جهة جدّه من قبل الأم ولكنه كان حسن الاعتقاد، متصاون النفس.. وكان من عادته الجميلة أنه إذا حضرت الطلبة وقراء الحديث لا يدعهم يتفرقون إلا عن مائدة نظيفة لا تكلّف فيها كما يليق بحاضر الوقت. ولد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة» .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] لم أجد هذه النسبة.
[7] انظر عن (مروان بن عبد الملك) في: الغنية للقاضي عياض 258- 260، وسير أعلام النبلاء

(34/106)


أبو محمد اللواتي الطنجي، الفقيه المالكي، نزيل مصر.
كان متفننًا في العلوم، بارعا في المذهب.
قرأ القراءات على أبى العباس أحمد بن نفيس، وسمع منه.
ومن: أَبِي هاشم، وأبي مُحَمَّد بْن الوليد.
قَالَ القاضي عِيَاض [1] : كَانَ ذا عِلمٍ بالقراءات، والنَّحْو، واللّغة، خطيبًا مفَوَّهًا مِصْقَعًا، ولي القضاء والخطبة بسَبْتَة في دولة البرغواطيّ، وسمع منه كثيرًا. وكان ذا هَيْبة وسَطْوة.
سمع عَلَيْهِ: القاضي عَبُّود بْن سَعِيد، وأبو إِسْحَاق بْن جعفر، وخالاي أبو عَبْد اللَّه وأبو مُحَمَّد ابنا الْجَوْزيّ.
وله بَنُون نُجَباء أئمّة.
وكان أخوه أبو الحَسَن من كبار الأئمّة.
وله ابنان، أحدهما عَبْد اللَّه ولي قضاء غُرْناطة وغيرها، وعبد الرَّحْمَن ولي قضاء مِكْناسة مدّة، ثمّ ولي قضاء تِلمْسان بعد الثّلاثين وخمسمائة عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن.
48- المظفّر بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [2] .
الصّدر أبو الفتح ابن رئيس الرؤساء أَبِي القاسم ابن المسلمة.
ناب في الوزارة في خلافة المقتدي باللَّه بعد عزل الوزير عميد الدولة أَبِي منصور بْن جهير، إلى أنّ ولي أبو شجاع الوزارة.
وكانت دار أَبِي الفتح مجمعًا لأهل العلم والدّين.
ومن جملة من أقام في داره ومرض عنده ومات أبو إِسْحَاق مصنّف «التّنبيه» . وممّن كَانَ يقيم عنده أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ.
سمع الحديث من: أَبِي الطّيّب الطّبريّ، وأبي محمد الجوهريّ بإفادة
__________
[ () ] 19/ 191، 192 رقم 112، وغاية النهاية 2/ 293 رقم 3588.
[1] في الغنية 258.
[2] انظر عن (المظفر بن علي) في: المنتظم 9/ 107 رقم 160 (17/ 46 رقم 3681) ، والكامل في التاريخ 10/ 280، والبداية والنهاية 12/ 156.

(34/107)


الخطيب. كُتُب عَنْهُ: الحُمَيْديّ، وغيره.
وتُوُفّي في ذي القعدة وله أربعٌ وخمسون سنة.
49- مكّيّ بْن منصور بْن مُحَمَّد بْن عِلّان السّلّار [1] .
الرئيس أبو الحَسَن الكَرَجيّ [2] . رئيس كَرَج ومعتَمَدُها.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، ومُحَمَّد بْن القاسم الفارسيّ، وأبي الحسين ابن بشران المعدل، وأبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وأبي القاسم هبة الله اللالكائي [3] .
قال شيرويه: رحلت إليه إلى الكرج، وسمّعتُ [4] منه ولديَّ، وكان شيخًا لا بأس بِهِ، محمودًا بين الرؤساء، محسِنًا إلى الفقراء والعلماء [5] .
قلت: روى عَنْهُ: أبو الحَسَن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك الكَرَجيّ الفقيه، وأبو المكارم أحمد بْن محمد بن علّان البلديّ، وأبو بكر أحمد بْن نَصْر بْن دُلَف، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، ورجاء بْن حامد المَعدّانيّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن ماشاذة، وأبو زُرْعة طاهر المَقْدِسيّ، والقاسم بْن الفضيل الصَّيْدلانيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
قَالَ ابن طاهر: دخلت بابني أَبِي زُرْعة الكَرَج حتّى سمع «مُسْنِد الشّافعيّ» من السّلّار مكّيّ، وكان قد سمعه بنَيْسابور، وورَّق لَهُ ابن هارون، وكانت أصوله صحيحة جيّدة.
وقال السِّلَفيّ: كَانَ السّلّار جليل القدْر، نافذ الأمر، محبوبًا إلى رعيّته
__________
[1] انظر عن (مكيء بن منصور) في: التقييد لابن نقطة 451 رقم 602، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1568، وسير أعلام النبلاء 19/ 71، 72 رقم 39، والعبر 3/ 331، 332، والمشتبه في الرجال 2/ 546، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 83، 84، ومرآة الجنان 3/ 154، وتبصير المنتبه 3/ 1209، وشذرات الذهب 3/ 397.
[2] الكرجي: بفتح الكاف والراء، وجيم في آخرها. هذه النسبة إلى الكرج، وهي بلدة من بلاد الجبل بين أصبهان وهمذان. (الأنساب 10/ 379) .
[3] لم أجد هذه النسبة.
[4] في التقييد تحرّفت إلى: «سمّت» .
[5] التقييد 451.

(34/108)


بجود سَجِيِّته. وآخر ما قدِم إصبهان كنت أوّل من قرأ عَلَيْهِ.
وقال السّمعانيّ: هُوَ من رؤساء الكَرَج، كانت لَهُ الثّروة الكبيرة والدُّنيا العريضة الواسعة، والتّقدُّم ببلده. عُمّر حتّى صار يُرحل إِلَيْهِ. ونُقل عَنْهُ الكثير، لأنّه لحِقَ إسناد العراق وخُراسان.
وقال أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ: تُوُفّي بأصبهان في سَلْخ جُمَادَى الأولى، ووُلِد سنة سبْعٍ [1] أو تسعٍ وتسعين وثلاثمائة.
- حرف النون-
50- نَصْر بْن عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن منقذ [2] .
الأمير الجليل عزّ الدّولة أبو المُرْهَف الكِنَانيّ، صاحب شَيْزَر تملّكها بعد أَبِيهِ. ولمّا قدِم إلى الشام السّلطان ملك شاه سلّم إليه أبو المرهف اللّاذقيّة، وفامية، وكفر طاب، وبقيت لَهُ شَيْزَر.
وكان سمحًا، كريمًا، شاعرًا، فارسًا، عاقلًا، ديِّنًا، عابدًا، خيّرًا، وكان بارًّا أَبَاهُ [3] ، وأحسن إلى أخوته وربّاهم. وله برٌّ كثيرُ وصَدَقات، رحمه اللَّه.
ويُحكَى عَنْهُ أنّه كَانَ يقوم عامّة اللّيل.
تُوُفّي في شَيْزَر في جمادى الآخرة [4] .
__________
[1] هكذا في الأصل. وفي التقييد: «سنة ست وتسعين» .
[2] انظر عن (نصر بن علي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 451، والاعتبار لأسامة بن منقذ 53- 55، 108، وزبدة الحلب 2/ 40، 105، 106، 267، 306، والكامل في التاريخ 10/ 149، 168، والتاريخ الباهر في الدولة الأتابكية 99، ومفرّج الكروب لابن واصل 1/ 78، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 134، 135 رقم 95، والمنازل والديار 2/ 112، وبغية الطلب التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة 125، 126.
[3] في الأصل: «بارّا أبيه» .
[4] أقول: هو ابن الأمير «سديد الملك» ، وعمّ الأمير «أسامة بن منقذ» . أقام بطرابلس الشام مع أبيه في كنف «جلال الملك ابن عمّار» ، وكان مندوبا من «جلال الملك» إلى الأمير «حصن الدولة حيدرة بن منزو الكتامي» الّذي ولي دمشق، حيث خطب منه ابنته لجلال الملك، وأحضرها من دمشق إلى طرابلس لما تزوّجها. (تاريخ دمشق 43/ 451) .
وحين نزل الشاعر «ابن حيّوس» طرابلس أشار عليه «سديد الملك» بمغادرتها لأنّ بني عمّار لا يميلون إليه، ونصحه بأن يقصد محمود بن نصر المرداسي صاحب حلب، فخرج «ابن حيّوس»

(34/109)


__________
[ () ] من طرابلس وبصحبته عزّ الدولة أبو المرهف وذلك حول سنة 465 هـ. (زبدة الحلب 2/ 40) .
وقد جرى خلف بين أهل لطمين وبين أبي المرهف في سنة 481 هـ. فخرج آقسنقر إلى شيزر وقاتل أهلها، فقتل منهم مائة وثلاثين رجلا، وعاد إلى حلب بعد أن نهب ربضها، واستقرّت الموادعة بينه وبين أبي المرهف. (زبدة الحلب 2/ 105) .
ونزل قسيم الدولة على أفامية في سنة 483 فأخذها من خلف بن ملاعب وسلّمها إلى أبي المرهف. (زبدة الحلب 2/ 106، الدرّة المضيّة 6/ 431 وفيه سنة 481 هـ) .
وذكر «أسامة بن منقذ» أن أبا المرهف جرح في حرب ابن ملاعب سنة 497 عدّة جراح منها طعنة طعنها في جفن عينه السفلاني من ناحية المأق. وكان هو وأخوه مرشد والد أسامة من أشجع قومهما. فقال أسامة: لقد شهدتهما يوما وقد خرجا إلى الصيد بالبزاة نحو تلّ ملح وهناك طير ماء كثير، فما شعرنا إلّا وعسكر قد أغار على البلد ووقفوا عليه، فرجعنا، وكان الوالد من أثر مرض. فأما عمّي فخفّ بمن معه من العسكر وسار حتى عبر المخاض إلى الإفرنج وهم يرونه. (الاعتبار 55) .
وسيّر «سديد الملك» ابنه عزّ الدولة أبا المرهف إلى خدمة تاج الدولة وهو معسكر بظاهر حلب، فقبض عليه واعتقله ووكّل به من يحفظه. وكان لا يدخل إليه سوى مملوكه شمعون الملقّب بموفّق الدولة، والموكّلون حول الخيمة، فكتب عزّ الدولة إلى أبيه يقول: «تنفّذ لي في الليلة الفلانية- وعيّنها- قوما من أصحابه، ذكرهم، وخيلا أركبها إلى الموضع الفلاني. فلما كانت تلك الليلة دخل شمعون خلع ثيابه فلبسها مولاه وخرج على الموكّلين في الليل، فما أنكروه، ومضى إلى أصحابه، وركب وسار، ونام شمعون في فراشه.
وجرت العادة أن يجيئه شمعون في السّحر بوضوئه، فكان- رحمه الله- من الزهّاد القائمين ليلهم يتلون كتاب الله تعالى، فلما أصبحوا ولم يروا شمعون دخل كعادته دخلوا الخيمة، فوجدوا شمعون وعزّ الدولة قد راح. فأنهوا ذلك إلى تاج الدولة، فأمر بإحضاره، فلما حضر بين يديه قال: كيف عملت؟ قال: أعطيت مولاي ثيابي لبسها، وراح، ونمت أنا في فراشه.
(الإعتبار 57) .
أنشده أخوه أبو سلامة قول الشاعر:
كنت أستعمل السواد من الأمشاط ... والشّعر في سواد الدّياجي
أتلقّى مثلا بمثل فلمّا ... صار عاجا سرّحته بالعاج
فلما كان من غد أنشد لنفسه:
كنت أستعمل البياض من الأمشاط ... عجبا بلمّتي وشبابي
فاتّخذت السواد في حالة الشّرب ... سلوّا عن الصّبا بالتّصابي
(تاريخ دمشق 43/ 451، المختصر 26/ 134، 135) .
ومن شعره:
لهفي لدار عفاها كلّ منهمر ... جون ملثّ عليها رائح ساري
وما عفا ذكر أحبابي الذين لهم ... حزني مقيم ودمعي إثرهم جاري
(المنازل والديار 2/ 112) .

(34/110)


- حرف الهاء-
51- هبة اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بن محمد بن عبد الله بن الليث [1] .
أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ الأشهليّ السَّعْديّ البغداديّ، من ولد سعد بن معاذ رضي الله عنه.
سمع: هلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا الحُسين بْن بِشْران، وأبا الفضل عَبْد الواحد بْن عَبْد العزيز التَّميميّ.
وتفرّد بالرواية عَن التَّميميّ. وكان أحد قرّاء المواكب، ومن ذوي الهيئات النُّبلاء، وأرباب الدّيانات، صحيح السِّماع [2] .
قَالَ ابن السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البركات الأَنْماطيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وجماعة كبيرة.
وسمعتُ بعض مشايخي يَقُولُ: إنّ الشّريف هبة اللَّه الْأَنْصَارِيّ كَانَ يأخذ عَلَى جزء الحفار دينارًا صحيحًا.
وُلِد هبة اللَّه في سنة اثنتين وأربعمائة، وتُوُفّي فِي الحادي والعشرين من ربيع الآخر.
قلت: وروى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن مُحَمَّد الطُّوسيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس الحرّانيّ، وجماعة.
وللسِّلَفيّ منه إجازة، ولكنّه ما درى بأنّ عنده مثل جزء الحفّار، ولا خَرَّج عَنْهُ شيئًا.
52- هبة اللَّه بن محمد بن هارون بن محمد [3] .
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن عبد الرزاق) في: المنتظم 9/ 107، 108 رقم 491 (17/ 46 رقم 3682) ، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1569، وتذكرة الحفاظ 4/ 1229، والإعلام بوفيات الأعلام 202، والعبر 3/ 332، وسير أعلام النبلاء 19/ 44، 45 رقم 28، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 84، وشذرات الذهب 3/ 397.
[2] المنتظم.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/111)


الأديب أبو غالب الهارونيّ التّانيّ [1] الأصبهاني.
سمع من: جدّه هارون صاحب الطَّبَرانيّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في رجب، وكان لَهُ حظٌّ وافر من الأدب، وإذا قرأ الحديث أطْرب.
- حرف الياء-
53- ياسين بْن سهل [2] .
أبو روح القائنيّ [3] الخشّاب الصّوفيّ، شيخ الصُّوفيّ، شيخ الصُّوفيّة ببيت المقدس طوَّفَ البلاد، وسمع: أَبَاهُ، وأبا الحَسَن بْن الطّفّال، ورشأ بْن نظيف، وأبا الحَسَن بْن صخر، وطبقتهم.
روى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن الأكفانيّ، وأبو المعالي مُحَمَّد بْن يحيى الْقُرَشِيّ، وإسماعيل بْن أَبِي سَعِد النَّيْسابوريّ، وابن السَّمَرْقَنْديّ، ويحيى بْن عَبْد الرَّحْمَن الطُّوسيّ.
تُوُفّي في آخر السنة.
وكان كبير القدر، زاهدا.
قال غيث الأرمنازيّ: تحدّث ياسين الصُّوفيّ، وكان عندهم محتشمًا مميَّزًا قدم علينا [4] ، ومات بالقدس في ذي الحجّة [5] .
54- يحيى بن محمد [6] .
__________
[1] التاني: بالتاء المشدّدة المعجمة من فوقها بنقطتين والنون بعد الألف. هذه النسبة إلى التناية وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التاني. (الأنساب 3/ 13) .
[2] انظر عن (ياسين بن سهل) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 46/ 19، 20، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 27/ 198 رقم 94، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 189 رقم 1803.
[3] في الأصل: «الفاسي» .
[4] في الأصل: «قدم عليها» . وما أثبتناه هو الصحيح، فقد كان «غيث» يذكر في تراجم من دخل صور: قدم علينا. أي قدم علينا بصور. وجاء في (تاريخ دمشق) : قدم علينا عدّة دفعات.
[5] أقول: وسمع بصور: أبا الفرج عبد الوهاب بن غزّال، وأبا الحسين محمد بن الحسين بن علي بن الترجمان، وأبا الحسين بن عمر بن برهان، وله سماع بمصر، ودمشق، وآمد.
[6] انظر عن (يحيى بن محمد) في: بغية الوعاة 2/ 344 رقم 2145.

(34/112)


أبو بَكْر بْن الفَرَضِيّ الدّاني النَّحْويّ. نزيل المَرِيّة.
وكان رأسًا في العربيّة واللّغة.
أخذ عَنْهُ: أبو الحَجّاج بْن سبْعون، وأبو عَبْد الله بن سعيد ابن غلام الْقُرَشِيّ، وأبو بَكْر بْن خطاب، وجماعة.
كَانَ حيًّا في سنة إحدى هذه.

(34/113)


سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
55- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ بن طاوس بْن موسى [1] .
أبو البَرَكات [2] المقرئ.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ببغداد، وقرأ القراءات عَلَى أَبِي الحَسَن عَليّ بْن الحَسَن العطّار، وعلى: مُحَمَّد بْن عليّ بْن فارس الخيّاط.
وسمع: أبا عُبَيْد اللَّه الأزهريّ، وأبا طَالِب بْن بُكَيْر بْن غَيْلان، والعَتِيقيّ، وجماعة.
قدِم دمشق، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة فسكنها، وسمع من: أَبِي القاسم الحِنّائيّ، وجماعة.
وصنَّف في القراءات. وأقرأ النّاس.
وكان إمامًا ماهرًا، مجوِّدًا، ثقة، ديِّنًا.
روى عَنْهُ: الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ وهو أكبر منه، وابنه هبة اللَّه بْن طاوس، والفقيه نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، وحمزة بْن أحمد، وكردوس.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة [3] .
وقرأ عليه ابنه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 136 رقم 154، وغاية النهاية 1/ 74 رقم 327.
[2] تحرّفت في (المختصر) إلى: «الركاب» .
[3] وقيل: ختم القرآن في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وعمره عشر سنين أو أقلّ.

(34/114)


56- أحمد بن عَبْد القادر بن مُحَمَّد بن يوسف [1] .
أَبُو الحُسين البغداديّ.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، جليل القدر، خيّر، مرضيّ الطريقة، حَسَن السّيرة. سافر الكثير ووصل إلى الغرب.
وسمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عَمْرو بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بْن بِشْران، وجماعة.
وبمكة: أبا الحَسَن بْن صخر، وأبا نَصْر السِّجْزيّ، وبالرملة: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان، وبمصر: أبا الحَسَن بْن حِمِّصَة.
روى عَنْهُ: بنوه عَبْد اللَّه، وعبد الخالق، وعبد الواحد، وأبو الفضل بْن ناصر، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
قَالَ ابن ناصر: كَانَ صالحًا ثقة.
وقال عَبْد الخالق ابنه: حدَّثني أخي قَالَ: رأيتُ أَبِي في النّوم، فقلت: يا سيّدي، ما فعل اللَّه بك؟
قَالَ: غُفِر لي.
تُوُفّي فِي شَعْبان، وله إحدى وثمانون سنة [2] .
57- أحمد بْن مُسْلِم مُحَمَّد بْن عليّ [3] .
الشَّيْخ أبو منصور الشَّعيِريّ [4] الأصبهاني.
قَالَ السِّلَفيّ: روى عَنْهُ عَبْد الواحد بْن أحمد الباطرقانيّ، وأبو [5] نعيم،
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد القادر) في: المنتظم 9/ 109 رقم 162 (17/ 48، 49 رقم 3683) ، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1570، وتذكرة الحفاظ 4/ 1230، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 163، 164 رقم 89، والعبر 3/ 333، ومرآة الجنان 3/ 154، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 90، وشذرات الذهب 3/ 397.
[2] مولده سنة 412 هـ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الشعيري: بفتح الشين المعجمة، وكسر العين المهملة، وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الراء. نسبة إلى بيع الشعير. (الأنساب 7/ 352) .
[5] في الأصل: «أبي» .

(34/115)


كَتْبنا عَنْهُ، ومات في شوّال سنة اثنتين.
58- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [1] .
أبو القاسم الخليليّ [2] الدُّهْقان.
حدَّثَ ببلْخ بمُسْنِد الهَيْثَم بْن كُلَيْب، عَنْ أَبِي القاسم الخُزاعيّ [3] ، عَنْهُ.
وعاش مائة سنة وسنة، فإن أبا نَصْر اليُونَارتيّ [4] قَالَ: سألته عَنْ مولده، فقال: في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. وأنّه سمع من الخِزاعيّ [3] لمّا قدِم عليهم بلخ في سنة ثمان وأربعمائة [5] .
وقال السّمعانيّ [6] : تُوُفّي في صَفَر [7] .
قلت: حدَّثَ عنه بالمسند أبو شجاع عمر البسطاميّ، ومسعود بن مُحَمَّد الغانميّ، ومُحَمَّد بْن إسماعيل الفُضَيْليّ [8] ، واليُونارتيّ، وآخرون.
قَالَ: وكان ثقة، صحيح السّماع. روى «الشّمائل» أيضا [9] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد) في: الأنساب 5/ 170، 171، والتقييد لابن نقطة 173، 174 رقم 194، واللباب 1/ 458، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1571، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 73، 74 رقم 41، والعبر 3/ 333، وتذكرة الحفاظ 4/ 1230، والجواهر المضيّة 1/ 310، 311، والطبقات السنية، رقم 355، وشذرات الذهب 3/ 397، 398.
[2] في الأصل: «الجيلي» . والمثبت هو الصحيح.
[3] في الأصل: «الجراعي» .
[4] اليونارتي: بضم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفتح النون وسكون الراء، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى يونارت وهي قرية على باب أصبهان.
(الأنساب 12/ 434) .
[5] التقييد 174.
[6] في الأنساب 5/ 171.
[7] وقال ابن السمعاني: من أهل بلخ، شيخ صدوق ثقة، قيل له الخليلي لأنه كان يخدم القاضي الخليل بن أحمد السجزيّ شيخ الإسلام ببلخ، وكان وكيلا له، فقيل له الخليلي لهذا. هكذا سمعت عبد الرشيد بن أبي حنيفة الولوالجي يقوله بقطوان.
[8] الفضيلي: بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى الفضيل، وهو اسم لجدّ المنتسب إليه. (الأنساب 9/ 315) .
[9] وقال ابن نقطة: حدّث ببلخ بمسند الهيثم بن كليب الشاشي، عن أبي القاسم علي بن أحمد الخزاعي، وذكر أنه له فوتا في الكتاب. وأما أبو سعد السمعاني فلم يذكره. (التقييد 173،

(34/116)


59- إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن سُبُكْتِكِين [1] .
السّلطان أبو المظفّر.
تُوُفّي بغَزْنَة في شوّال. وكان عادلًا، منصفًا، شجاعًا، جوادًا، منقادًا إلى الخير، محبوبًا إلى الرَّعيّة، واسع المملكة [2] .
عاش أكثر من سبعين سنة.
وتُوُفّي في السَّلْطَنَة أكثر من أربعين سنة [3] .
60- أسعد بْن عليّ [4] .
أبو القاسم الزَّوْزَنيّ، الشّاعر المشهور.
تُوُفّي ليلة الأضحى بنيسابور.
__________
[ () ] 174) .
أقول: أي لم يذكر الفوت في الكتاب. لأن ابن نقطة عاد وقال: ذكر أبو سعد السمعاني في (معجم شيوخه) أنه سمع أبا الفتح عبد الرشيد بن النُّعمان بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد الملك الوالوالجي يذكر أنه سمع من أبي القاسم الخليلي كتاب «شمائل النبي صلى الله عليه وسلم» لأبي عيسى الترمذي ببلخ في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. ومات الشيخ أبو القاسم بعد سماعنا بسبعة أشهر أو ثمانية أشهر.
[1] انظر عن (إبراهيم بن مسعود) في: المنتظم 9/ 109، 110 رقم 163 (17/ 49 رقم 3684) ، والكامل في التاريخ 10/ 5، 6، 167، وسير أعلام النبلاء 19/ 156 رقم 82، والعبر 3/ 225، ودول الإسلام 2/ 10، وتاريخ ابن الوردي 2/ 9، وعيون التواريخ (مخطوط) ج 13/ 89، 90، والبداية والنهاية 12/ 157، والنجوم الزاهرة 5/ 164.
[2] وقال ابن الجوزي: حكى أبو الحسن الطبري الفقيه الملقّب بالكيّا قال: أرسلني إليه السلطان بركياروق، فرأيت في مملكته ما لا يتأتّى وصفه، فدخلت عليه وهو جالس في طارقة عظيمة بقدر رواق المدرسة النظامية، وباب فضّة بيضاء بطول قامة الرجل وفوق ذلك إلى السقف صفائح الذهب الأحمر، وعلى باب الطارق الستور التنّيسي، وللمكان شعاع يأخذ بالبصر عند طلوع الشمس عليه، وكان تحته سرير ملبّس بصفائح الذهب، وحواليه التماثيل المرصّعة من الجوهر واليواقيت، فسلّمت عليه، وتركت بين يديه هدية كانت معي، فقال: نتبرّك بما يهديه العلماء. ثم أمر خادمه أن يطوف بي في داره، فدخلنا إلى خركاه عظيمة قد ألبست قوائمها من الذهب، وفيها من الجواهر واليواقيت شيء كثير، وفي وسطها سرير من العود الهندي، وتمثال طيور بحركات، إذا جلس الملك صفّقت بأجنحتها، إلى غير ذلك من العجائب. فلما عدت رويت له الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا» . فبكى.
قال: وبلغني أنه كان لا يبني لنفسه منزلا حتى يبني للَّه مسجدا أو مدرسة.
[3] ملك اثنتين وأربعين سنة كما قال ابن الجوزي. (المنتظم) .
[4] انظر عن (أسعد بن علي) في: الأنساب 6/ 321، والمنتخب من السياق 166 رقم 404.

(34/117)


ذكره عَبْد الغافر فقال: شاعر عصره وواحد دهره في فنّه، وديوان شِعْره أكبر من [أن] يحصيه مجموع، وهو في الفضل ينبوع. لَهُ القصائد الفريدة قديمًا وحديثًا، والمعاني الغريبة.
شاع ذِكْره، وسار في البلاد شْعره، ومدح عميد المُلْك الكُنْدُرِيّ وأركان دولة السّلطان طُغْرُلْبَك، ثمّ أركان الدولة الملكشاهيّة. وكان مَعَ ذَلِكَ سمع الحديث وكتبه [1] .
61- الأَطْهَرُ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زيد [2] .
الحُسَينيّ العَلَويّ أبو الرِّضا ابن السّيّد الأجلّ الحافظ المعروف، مُسْنِد بغداد، نزيل سَمَرْقَنْد.
كَانَ أبو الرِّضا يلقَّب بسيّد السّادات.
ذكره عَبْد الغافر فقال: سيّد السّادات، الفائق حشمته ودولته ومالُه وجاهُه، مُطَّرِد العادات. وأبوه كَانَ من أفاضل السّادة وأكثرهم ثروة. وله السّماع العالي والتصانيف الحسان في الحديث والشِّعر وهذا النّحل السّريّ.
ورد نَيْسابور بعد وفاة أَبِيهِ، وطلب ما كَانَ لَهُ من الودائع والبضائع، وأخذها وعاد. ولم يزل يعلو شأنُه ويرتفع إلى أنّ بلغت درجتُه المُلْك، وناصب الخان وباض شيطان الولاية في رأسه، وفرّخ.
وكان في نفسه وهمّته متكبّرًا أبلج [3] . ما كَانَ همّته تسمح إلّا بالمُلْك، حتّى سَمِعْتُ أَنَّهُ أمر بضرب السُّكَّة عَلَى اسمه، ورتّب أُلُوفًا من الأعوان والشّاكريّة والأتباع. وكان يضبط الولاية ويجبي المال ويجمع ويفرّق، إلى أنّ انتهت أيّامه وامتلا صاعُ [4] عُمره، واستعلى عَلَيْهِ من ناصَبَه، فسَعَى في دمه وقدّه
__________
[1] وزاد عبد الغافر الفارسيّ: «سمع بقراءاتي» .
وقال ابن السمعاني: وكان على كبر سنّه يكتب الحديث ويسمع ويحضر مجالس الإملاء إلى آخر عمره.
[2] انظر عن (الأطهر بن محمد) في: المنتخب من السياق 166، 167 رقم 405.
[3] في المطبوع من (المنتخب) : «أملح» .
[4] في الأصل: «وابتلا ضاع» ، والمثبت عن: المنتخب.

(34/118)


نصفَيْن، وعلّقه في السّوق [1] ، وأغار عَلَى أمواله وخَدمه [2] ، وسار حديثًا يُسْمَرُ بِهِ، ولم يبق منهم نافخٌ نار.
قتل سنة اثنتين وتسعين.
62- إِبْرَاهِيم بْن أَبِي نَصْر بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو إِسْحَاق الأصبهاني الْبُخَارِيّ، نزيل بَلْخ.
شيخ صالح، تاجر متموّل.
سمع من: منصور الكاغَديّ صاحب الهيثم بن كليب جزءين، وسمع من جماعة.
تُوُفّي ببلْخ.
حدَّثَ عَنْهُ: أبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، وغيره.
ورّخه السّمعانيّ.
- حرف الباء-
63- بَرَكة بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه [4] .
أبو غالب الواسطيّ البزّار.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأحمد بْن المقرئ، وهبة اللَّه بْن هلال الدّقّاق، وإسماعيل بْن الحافظ.
وتُوُفّي في ذي الحجّة وله نيِّفٌ وثمانون سنة.
وثّقه عَبْد الوهّاب.
64- بَكْر بْن نَصْر بْن أحمد [5] .
أبو محمد البخاريّ الخيّاط.
__________
[1] زاد في المنتخب: «عبرة للمعتبرين» .
[2] في المطبوع من (المنتخب) : «وحرمه» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته. ولعلّه في (ذيل الأنساب) .
[4] انظر عن (بركة بن أحمد) في: المنتظم 9/ 110 رقم 165 (17/ 50 رقم 3686) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/119)


شيخ صالح، سمع ببُخَارى: عُمَر بْن منصور بْن خبّ، وبالرّيّ: عَبْد الكريم بْن أحمد الوزّان، وببغداد: أبا يَعْلَى بْن الفرّاء، وهناد بْن إِبْرَاهِيم، وطائفة.
تُوُفّي ببخارى بعد هذه السنة أو فيها.
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ بْن البِيكَنْديّ، وصاعد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
- حرف الحاء-
65- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن عليّ [1] .
العلّامة أبو عليّ ابن الشَّيْخ أَبِي جعفر الطُّوسيّ رأس الرّافضة.
وُلِد ببغداد.
وسمع من: أَبِي مُحَمَّد الخلّال، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ.
وأمَّ بالمشهد بالكوفة.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ، وهبة اللَّه بْن السَّقَطيّ، وجماعة.
بَقِيّ إلى هذه السّنة، وكان متديّنًا قاعر النَّسَب.
66- الحُسين بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَلِيّ بْن أيوب [2] .
أبو عَبْد اللَّه العُكْبَريّ أحد الأذكياء النُّدمَاء.
وُلِد سنة ثلاث وأربعمائة.
وسمع: أحمد بْن عليّ بْن أيّوب العُكْبَريّ، وأبا الحُسين بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر بْن ظفر، ومُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السلام، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطاف.
ومات في رمضان.
وقد أجاز للسِّلَفيّ، وذكره ولم يترجمْه ولا عَرَفَه.
67- الحُسين بْن عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْدُوس [3] .
أبو عَبْد الله الهمذانيّ التّانيّ [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] تقدم التعريف بهذه النسبة.

(34/120)


روى عَنْ: أَبِي نَصْر الكسّار، ومُحَمَّد بْن عيسى، وحمد بْن سهل، ومنصور بْن ربيعة، وجماعة.
قَالَ الحافظ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان صدوقًا.
تُوُفّي في المحرَّم، ودفن بجنب والده.
- حرف الزاي-
68- زَيْد بْن الحَسَن بْن زيد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد [1] .
أبو مُحَمَّد بْن أميرك الحُسَينيّ الهَرَوِيّ الوضّاع الدّجّال [2] .
قَالَ السّمعانيّ: سافر إلى الشام، ومصر، والعراق، وفرّق حيَّاته وعقاربه بها، واختلق أربعين حديثًا تقشعرّ منها [3] الْجُلُود [4] . وكان يترك الجمعة فيما قِيلَ.
وأكثر شيوخه مجاهيل [5] .
__________
[1] انظر عن (زيد بن الحسن) في: الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي رقم 323 و 1/ 305 المنتخب من السياق 228 رقم 718 (من غير ترجمة) ، والمغني في الضعفاء 1/ 246 رقم 2268، وميزان الاعتدال 2/ 17 رقم 3000، والكشف الحثيث 188 رقم 301، ولسان الميزان 2/ 504- 506 رقم 2026.
[2] قال ابن الجوزي: كان وضّاعا دجّالا كذّابا. (الضعفاء والمتروكون) .
[3] في الأصل: «منه» ، والمثبت عن (لسان الميزان) .
[4] قيل وضعها في أيام طراد الزينبي.
[5] فقيل: حدّث عن جماعة من المصريين لم يلحقهم. وساق ابن السمعاني نسبه. وقال: وكان يقال له أبو محمد الموسوي، وكان وضّاعا أفّاكا دجّالا لا يعتمد على نقله، وروى المناكير عن المجاهيل منفردا بها وأكثرها من فسح خاطره. وكان جمع أربعين حديثا ما كنت رأيتها، فدخلت على الحافظ أبي نصر أحمد بن عمر المفازي فنظرت في جزء عنده بخط الموسوي فإذا بخط شيخنا: أن الأحاديث التي في هذه الأربعين بواطيل كذب لا أصل لها وضعها الكذاب الموسوي. قال: وامتنع الحسين بن عبد الملك الخلال من الرواية عنه وقال إنه كذّاب. وذكره أبو زكريا بن مندة في تاريخ أصبهان وقال: قدم أول مرة سنة 63 فكتبوا عنه، وقدم هبة الله الشيرازي فنظر في أحاديثه فكذّبه. ثم قدم الموسوي مرة أخرى فامتنع من التحديث بتلك الأحاديث، فبلغ ذلك عمّي أبا القاسم بن مندة وأمر بالرجوع عن التحديث بها.
قال: وكذّبه أبو إسماعيل الهروي، وأشار أبو القاسم إلى أنّ تلك الأحاديث المناكير في الصفات. قال: وكذّبه الحافظ أبو العلاء صاعد بن سيار الهروي وقال: لا يعتمد على روايته ولا يقبل شهادته ولا يوثق في دينه. قال عبد الجليل بن الحسن الحافظ: كان متحيّرا في دينه.
وحدّث أبو الفتيان الرؤاسي في معجمه عنه، عن الحسن بن علي بن أبي طالب الهروي، عن منصور الخالديّ بحديث منكر.

(34/121)


مات في ذي القعدة بنَيْسابور [1] .
- حرف السين-
69- سعْد بْن أحمد بْن مُحَمَّد [2] القاضي أبو القاسم النَّسَويّ.
سكن دمشق [3] .
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن بْن صخر، وعبد الواحد بْن يوسف.
وعنه: نَصْر اللَّه المصِّيصيّ، والخضر بْن عَبْدان، وأبو العشائر مُحَمَّد بْن خليل الكُرْديّ.
وُلِد سنة عشرين وأربعمائة. وقُتِل إلى رحمة اللَّه فيما قِيلَ يوم أخذت الفرنج البيت المقدس.
70- سعْد بْن زيد بْن أَبِي نَصْر الهَرَوِيّ [4] .
عاش إلى هذه الحدود.
وحدّث عَنْ: عليّ بْن أَبِي طَالِب الخوارزمي.
- حرف الصاد-
71- صاعد بْن سهل بْن بِشْر [5] .
أبو رَوْح الإسْفَرائينيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
سمع: أبا القاسم الحنّائيّ، وأبا بكر الخطيب، وغيرهما.
وحدّث.
__________
[1] قيل: وفاته سنة 491 أو 492.
وله قرين اسمه: زيد بن الحسن بن زيد الموسوي. وافقه في اسمه واسم أبيه وجدّه ونسبته وكنيته، ولكنه ثقة متأخّر عن ابن أميرك، فإنه مات سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. أرّخه ابن السمعاني، ويجتمع مع ابن أميرك في: محمد بن أحمد بن القاسم. (لسان الميزان) .
[2] انظر عن (سعد بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/ 231 رقم 108، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 82.
[3] روى بها سنة 480 أو 481 هـ. عن أبي الحسن بن صخر.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (صاعد بن سهل) في: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 262.

(34/122)


سمع منه: أبو مُحَمَّد، وأبو القاسم [1] ابنا صابر.
وتُوُفّي في الكهولة فِي رَمَضَان [2] .
- حرف العين-
72- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق بْن عَبْد اللَّه بْن الحَسَن [3] .
أبو مُحَمَّد الكَلاعيّ الدّمشقيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف، ورشأ بْن نظيف، والعَتِيقيّ، وطبقتهم.
قَالَ ابن عساكر: سمع منه خالي، وكان يكثر الرواية عَنْهُ لأجل خدمته بعض الْجُنْد. وثنا عَنْهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر ووثَّقهُ [4] .
73- عَبْد الأعلى بْن عَبْد الواحد [5] .
أبو عطاء بْن أَبِي عُمَر المَلِيحيّ [6] الهَرَوِيّ.
تُوُفّي في هذه السنة في رمضانها.
روى عن: القاضي أبي عمر محمد بْن الحُسين البسْطاميّ، وإسماعيل بْن إِبْرَاهِيم المقرئ السَّرْخَسيّ، مصنف كتاب «درجات التّائبين» ، والقاضي أَبِي منصور مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ.
وعنه: عليّ بْن حمزة المُوسَويّ، وأبو النَّضْر عَبْد الرَّحْمَن الفاميّ، وأبو صالح ذَكْوان بْن سيّار، وابن أخته مُحَمَّد بْن المفضل بْن سيّار، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد الرحيم الدّارميّ، وعبد السّلام بْن مُحَمَّد المؤدّب، وأهل هَرَاة.
وعاش نحوًا من تسعين سنة، فإن مولده في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة.
__________
[1] وهو وثّقه.
[2] وكانت ولادته سنة 448 هـ.
[3] انظر عن (عبد الله بن عبد الرزاق) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 13/ 21 رقم 8.
[4] وزاد: ولد سنة 421، ولم يكن الحديث من شأنه.
[5] انظر عن (عبد الأعلى بن عبد الواحد) في: الأنساب 11/ 476.
[6] المليحي: بفتح الميم، والياء المنقوطة باثنتين من تحتها الساكنة بعد اللام وفي آخرها الحاء المهملة.

(34/123)


74- عَبْد الباقي بْن يوسف بْن عليّ بْن صالح بْن عَبْد المُلْك بْن هارون [1] .
أبو تراب المراغي التَّبْرِيزيّ.
نزيل نَيْسابور.
ذكره السّمعانيّ [2] فقال: الْإِمَام، عديم النظير في فنّه [3] ، بهيّ المنظر، سُلَيْم النّفس، عاملٌ بعِلْمه، حَسَن الخُلُق، نفّاع للخَلق، فقيه النّفس، قويّ الحِفْظ. تفقّه ببغداد عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ [4] .
وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا عليّ بْن شاذان، وجماعة. وبأصبهان:
أبا طاهر بْن عَبْد الرحيّم، وبالرَّيّ ونيسابور.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ بْن سهل الدّامغانيّ، وأبو عثمان العصائديّ، وزاهر الشّحّاميّ، وابنه عَبْد الخالق بْن زاهر، وآخرون.
وقرأت بخطّ أَبِي جعفر مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ بهمذان قَالَ: سَمِعْتُ أبا بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد البسْطاميّ وغيره يَقُولُ: كنّا عند الْإِمَام أَبِي تراب المراغيّ حين دخل عَلَيْهِ عَبْد الصَّمد، ومعه المنشور بقضاء هَمَذَان، فقام أبو تراب، وصلّى ركعتين، وأقبل علينا وقال: أَنَا بانتظار المنشور من اللَّه تعالى عَلَى يد عبده مَلَك الموت، وقدومي عَلَى الآخرة، أَنَا بهذا المنشور أَلْيَق من منشور القضاء.
ثمّ قال: قعودي في هذا المسجد ساعة عَلَى فراغ القلب، أحب إليَّ من
__________
[1] انظر عن (عبد الباقي بن يوسف) في: المنتظم 9/ 110، 111 رقم 166 (17/ 50، 51 رقم 3687) ، والسياق (المخطوط) 57 أ، ب، والمنتخب من السياق 363 رقم 1197، واللباب 3/ 190 و 306، 307، والعبر 3/ 333، وسير أعلام النبلاء 19/ 170، 171 رقم 93، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 90، ومرآة الجنان 3/ 155، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 219، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 415، والبداية والنهاية 12/ 157، والجواهر المضيّة 2/ 356، والنجوم الزاهرة 5/ 164، والطبقات السنية، رقم 1133، وشذرات الذهب 3/ 398.
[2] كذا في الأصل. والنص لعبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب) .
[3] في المنتخب: «وقته» .
[4] زاد في (المنتخب) : «وتخرّج به واشتهر بالعراق ثم دخل نيسابور قديما في أيام الموفق وأقام عنده، فكان يتكلّم على طريقة العراق» .

(34/124)


أنّ أكون ملك العراقين. ومسألة في الفقه يستفيدها منّي طالبٌ عالِم أحب إليَّ من عمل الثَّقَلْين [1] .
سألت إسماعيل الحافظ عَنْ أَبِي تراب المراغي فقال: كَانَ مفتي نَيْسابور.
أفتى سنين عَلَى مذهب الشّافعيّ، وكان حَسَن الهيئة، بهيّا، عالما [2] .
وقيل: ولد سنة إحدى [3] وأربعمائة، وتُوُفّي في رابع عشر ذي القعدة.
وقيل: عاش ثلاثًا وتسعين سنة [4] .
75- عَبْد الجليل الرّازيّ [5] .
الزّاهد القدوة.
ممّن قتل بالقدس يوم أخذها.
76- عَبْد العزيز [6] .
أخو أَبِي نَصْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الزَّيْنَبيّ.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن أحمد الحمّاميّ بشيء يسير.
ويُعرف بالشريف أَبِي الهيجاء.
مات في المحرَّم.
روى عَنْهُ: ابن ظفر الغادنيّ [7] .
77- عَبْد الكريم بن أحمد بن محمد بن خشنام [8] .
__________
[1] المنتظم.
[2] وقال ابن الجوزي: سمع بالموصل، وبأصبهان، ونيسابور، ونزلها، وتشاغل بالتدريس والمناظرة والفتوى، وكان يقول: أحفظ أربعة آلاف مسألة في الخلاف، وأحفظ الكلام فيها، ويمكنني أن أناظر في جميعها. وكان يحفظ من الحكايات والأشعار والملح الكثير، وكان صبورا على الكفاف معرضا عن كسب الدنيا على طريق السلف (المنتظم) .
[3] في المنتظم: «ولد سنة ثلاث» .
[4] وفي المنتخب: له إحدى وتسعون سنة.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] هكذا رسمت في الأصل، ولم أتبيّن صحّتها.
[8] في المنتخب من السياق 336 رقم 1106: «عبد الكريم بن علي بن أحمد بن محمد بن خشنام.
الخشنامي، أبو نصر الأديب» .

(34/125)


أبو نَصْر الخُشْناميّ [1] .
تُوُفّي في ذي القعدة بنَيْسابور.
سمع: أبا بَكْر الحِيّريّ.
وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر [2] .
78- عليّ بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [3] .
القاضي أبو الحُسين [4] المَوْصِليّ الأصل، الْمَصْرِيّ، الفقيه الشّافعيّ المعروف بالخِلْعيّ [5] .
ولد بمصر في أوّل سنة خمس وأربعمائة.
وسمع: أبا مُحَمَّد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر النّحّاس، وأبا الحَسَن أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحاجّ الإشبيليّ، وأبا الحَسَن الخصيب بْن عَبْد الله بن محمد القاضي،
__________
[1] الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى بعض أجداده وهو خشنام. (الأنساب) .
[2] قال عبد الغافر الفارسيّ: سليم الجانب، من المختلفة إلى الإمام علي الواحدي. كتب تصانيفه وقرأها عليه.
سمع من أصحاب الأصمّ وما وراء النهر، وتوفي ليلة الأحد الثالث عشر من ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وكانت له الإجازة عن أبي إسحاق الثعلبي المفسّر.
[3] انظر عن (علي بن الحسن) في: أدب الإملاء والاستملاء لابن السمعاني (طبعة دار اقرأ 1984) 123، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 39، ووفيات الأعيان 3/ 317، 318، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1572، وسير أعلام النبلاء 19/ 74- 79 رقم 42، ودول الإسلام 2/ 22، والعبر 3/ 334، وتذكرة الحفاظ 4/ 1230، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 88، 89، ومرآة الجنان 3/ 255، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 296، 297، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 479، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 276، 277 رقم 235، واتعاظ الحنفا 3/ 24، وتبصير المنتبه 2/ 550، والنجوم الزاهرة 5/ 164، وحسن المحاضرة 1/ 404، 405، وكشف الظنون 722، 1297، وشذرات الذهب 3/ 398، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 221، وتاج العروس 5/ 323، وهدية العارفين 1/ 694، والرسالة المستطرفة 91، وديوان الإسلام 2/ 232، 233 رقم 869، والأعلام 4/ 273، ومعجم المؤلفين 7/ 62.
[4] في الأصل: «أبو الحسين» .
[5] الخلعيّ: بكسر الخاء وفتح اللام وبعدها عين مهملة، هذه النسبة إلى الخلع، ونسب إليها أبو الحسن لأنه كان يبيع بمصر الخلع لأملاك مصر، فاشتهر بذلك وعرف به. (وفيات الأعيان 3/ 318) .

(34/126)


وأبا سعد أحمد بن محمد الماليني، وأبا العبّاس بْن منير بْن أحمد بْن الخشّاب، وأبا مُحَمَّد إسماعيل بْن رجاء الأديب، والحَسَن بْن جعفر الكِلَليّ [1] ، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف الفرّاء، وجماعة.
وكان مُسْنِد ديار مصر.
رَوَى عَنْهُ: الحَمِيدِيُّ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ، فَقَالَ فِي «تَارِيخِهِ» : أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ، أَنَا ابْنُ الْحَاجِّ، أَنَا غُنْدَرٌ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو نُوَاسٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، مَرْفُوعًا: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحْسِنَ باللَّه» .. [2] الْحَدِيثَ.
روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سكرة، وأبو الفضل بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو الفتح سلطان بْن إِبْرَاهِيم الفقيه، وسليمان بْن مُحَمَّد بن أبي دَاوُد الفارسيّ، وعليّ بْن مُحَمَّد بْن سلامة الرَّوِحاني [3] ، وعبد الكريم بْن سَوَّار التِّكَكيّ [4] ، وعبد الحقّ بْن أحمد البايناسيّ الكاتب، ومُحَمَّد بْن حمزة العِرْقيّ [5] اللُّغَويّ. وبقي إلى سنة ( ... ) وخمسين [6] ، وطائفة سواهم [7] .
وآخر من حدَّثَ عَنْهُ عَبْد اللَّه بْن رفاعة السَّعْديّ خادمه.
وقال فيه ابن سُكَّرَة: فقيه لَهُ تصانيف، ولي القضاء وحكم يوما واحدا
__________
[1] في الأصل: «العكلي» . والتصحيح من: سير أعلام النبلاء 19/ 75.
[2] أخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (81/ 2877) باب الأمر بحسن الظنّ باللَّه تعالى عند الموت، و (82/ 2877) ، وأبو داود في الجنائز (3113) باب ما يستحب من حسن الظنّ باللَّه عند الموت، وابن ماجة في الزهد (4167) باب التوكل واليقين، وأحمد في المسند 3/ 193 و 315 و 325 و 330 و 344 و 390.
[3] الروحانيّ: نسبة إلى روحا، قرية من قرى الرحبة.
[4] التككي: بكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفتح الكاف وفي آخرها كاف أخرى. هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكة. (الأنساب 3/ 68) .
[5] العرقي: بكسر العين المهملة، وسكون الراء، وقاف. نسبة إلى عرقة بلدة وحصن في الشمال الشرقي من طرابلس على مسافة 18 كلم. زالت معالمها في أوائل العصر العثماني.
[6] هكذا في الأصل.
[7] ومنهم: علي بن عبد الرحمن بن عياض الصوري، وكنيته أبو طالب، ويلقّب بهجة الملك.
توفي سنة 537 هـ. (معجم السفر للسلفي- المصوّر-) ق 1/ 203، (أدب الإملاء 123) .

(34/127)


واستعفى، وانزوى بالقرافة [1] . وكان مُسْنِد مصر بعد الحبّال.
وقال الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ: شيخ معتزل في القرافة، لَهُ عُلُوٌّ في الرّواية، وعنده فوائد. وقد حدَّثَ عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه الحُمَيْديّ، وكنّى عَنْهُ بالقرافيّ [2] .
وقال غيره: كَانَ يبيع الخِلَع لملوك مصر.
قَالَ ابن الأَنْماطيّ: سَمِعْتُ أبا صادق عَبْد الحقّ بْن هبة اللَّه القضاعيّ المحدث بمصر: سَمِعْتُ العالم الزّاهد أبا الحَسَن عليّ بْن إِبْرَاهِيم ابن بِنْت أَبِي سعْد يَقُولُ: كَانَ القاضي أبو الحَسَن الخِلَعيّ يحكم بين الْجِنّ، وأنّهم أبطئوا عَلَيْهِ قدر جُمعة، ثمّ أتوه وقالوا: كَانَ في بيتك شيء من هذا الأُتْرُجّ، ونحن لا ندخل مكانًا [يكون] [3] فيه.
قَالَ المحدث أبو الميمون عَبْد الوهّاب بْن وردان، فيما حكى عَنْ والده أَبِي الفضل، قَالَ: حدَّثني بعض المشايخ، عن أبي الفضل الجوهريّ ابن الواعظ قَالَ: كنت أتردّد إلى الخِلَعيّ، فقمت في ليلة مُقْمرة ظننت أنّ الفجر قد طلع، فلمّا جئت باب مسجده وجدت فَرَسًا حَسَنَة عَلَى بابه، فصعدت، فوجدت بين يديه شابًا لم أر أحسن منه، يقرأ القرآن، فجلست أسمع، إلى أن قرأ جزءًا، ثمّ قَالَ للشيخ: آجرك اللَّه. فقال لَهُ: نفعك اللَّه.
ثمّ نزل، فنزلت خلفه من علو المسجد، فلمّا استوى عَلَى الفرس طارت بِهِ، فغشي عليَّ من الرُّعْب، والقاضي يصيح بي: اصْعَدْ يا أبا الفضل.
فصعدت، فقال: هذا من مؤمني الجنّ الذين آمنوا بنصيبين، وإنّه يأتي في الأسبوع مرةً يقرأ جزءًا ويمضي [4] .
قَالَ ابن الأَنْماطيّ: قبر الخِلَعيّ بالقرافة، يُعرف بقبر قاضي الجن والإنس، ويُعرف بإجابة الدّعاء عنده.
__________
[1] القرافي: نسبة إلى القرافة، وهي المقبرة الكبرى بظاهر القاهرة بسفح المقطّم.
[2] وفيات الأعيان 3/ 317.
[3] إضافة على الأصل من: سير أعلام النبلاء 19/ 76.
[4] سير أعلام النبلاء 19/ 76.

(34/128)


وسألت شجاعًا المُدْلجيّ وغيره من شيوخنا عَن الخِلَعيّ، نسبة إلى أيّ شيء؟ فما أخبرني أحدٌ شيء. وسألت السديد الرَّبَعِيّ، وكان عارفًا بأخبار المصريين وكان معدّلًا، فقال: كَانَ أَبُوهُ يُزار، وكانت أمراء المصريّين وأهل القصر يشترون الخِلَع من عنده. وكان يتصدق بثُلُث مَكْسَبه.
وذكر ابن رفاعة أَنَّهُ سمع من الحبّال، وأنّه أتى إلى الخِلَعيّ، فطرده مدّة.
وكان بينهما شيء أظن من جهة الاعتقاد.
وقال أبو الحَسَن عليّ بْن أحمد العابد: سَمِعْتُ الشَّيْخ ابن بَخِيسَاه [1] قَالَ:
ندخل عَلَى القاضي أَبِي الحَسَن الخِلَعيّ في مجلسه، فنجده في الشتاء والصَّيف وعليه قميص واحد، فسألته عَنْ ذَلِكَ، وقلت، يا سيدنا، إنّا لنُكْثِر من الثّياب في هذه الأيّام، وما يُغْني ذَلِكَ عنّا من شدّة البرد، ونراك عَلَى حالةٍ واحدة في الشّتاء والصيف لا يرتدّ عَلَى قميص واحد، فباللَّه يا سيّدي أَخْبِرْني.
فتغيرّ وجهه، ودَمَعَتْ عيناه، ثمّ قَالَ: أتكتم عليَّ ما أقول؟ قلت: نعم.
فقال: غشِيَتْني حُمّاه يومًا، فنمت في تِلْكَ الليلة، فهتف بي هاتف، فناداني باسمي، فقلت: لبيك داعيَ اللَّه. فقال: لا. قل: لَبَّيْك رَبّيَ اللَّه. مَا تجد من الألم؟.
فقلت: إلهي وسيّدي، قد أَخَذَتْ منّي الحُمّى ما قد علمت.
فقال: قد أمرتها أنّ تُقْلِع عنك.
فقلت: إلهي والبرد أيضًا.
فقال: قد أمرت البرد أيضًا أنّ يُقْلع عنك، فلا تجد ألم البرد ولا الحَرّ.
قال: فو الله ما أحسّ ما أنتم منه من الحر ولا من البرد.
قَالَ ابن الأكفانيّ: تُوُفّي بمصر في السادس والعشرين من ذي الحجّة [2] .
__________
[1] في طبقات الشافعية للسبكي «نحيساه» . وفي عيون التواريخ: «بختشاه» .
[2] وقال ابن ميسّر: توفي يوم السبت ثامن عشر ذي الحجة، وإليه نسب مسجد الخلعي بالقرافة، وبه دفن، وكان محدّثا مقريا، سمع على جماعة كثيرة، وجمع له الحافظ أبو نصر أحمد بن الحسن الشيرازي عشرين جزءا سمّاها «الخلعيات» . وكانت ولايته في محرّم سنة خمسين

(34/129)


79- عليّ بْن الحُسين بْن عليّ بْن أيّوب [1] .
البغداديّ البزّاز.
كَانَ يسكن باب المراتب.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ من خيار البغداديّين ومميَّزيهم، ومن بيت الصَّوْن، والعفاف، والنزاهة، والثّقة، والدّيانة.
سمع: أبا عليّ بن شاذان، وأبا القاسم الحرفيّ، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب، وغيرهم.
سأله أبو مُحَمَّد بْن السَّمَرْقَنْديّ عَنْ مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة [2] .
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والفضل بْن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو الفتح بْن البطّيّ، وشُهْدَة.
وآخر من حدث عَنْهُ أبو الفضل خطيب المَوْصِل.
تُوُفّي يوم عَرَفَة يوم الخميس، ودُفن ليومه.
ومولده سنة 411.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، ثقة.
وقال ابن العربيّ: ثقة عدْل.
80- عليّ بْن الفضيل بْن عبد الرّزّاق [3] .
__________
[ () ] وأربعمائة بمصر، وقبره أحد المزارات بقرب النقعة من القرافة. وولي جدّه قضاء فامية. (أخبار مصر 2/ 39) .
وورّخ المقريزي وفاته في 18 ذي الحجة أيضا. (اتعاظ الحنفا 3/ 24) .
وقال السلفي: كان أبو الحسن الخلعي إذا سمع عليه الحديث يختم مجالسه بهذا الدعاء:
اللَّهمّ ما مننت به فتمّمه، وما أنعمت به فلا تسلبه، وما سترته فلا تهتكه، وما علمته فاغفره.
وكانت ولادة الخلعي في المحرم سنة خمس وأربعمائة بمصر.
[1] انظر عن (علي بن الحسين البزّاز) في: المنتظم 9/ 111 رقم 167 (17/ 51 رقم 3688) ، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 145، 146 رقم 75، والعبر 3/ 334، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 91، وشذرات الذهب 3/ 398.
[2] وكذا قال ابن الجوزي في (المنتظم) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/130)


القاضي أبو طاهر اليَزْديّ [1] الأصبهاني.
روى عَنْ: أبي بكر بن أبي عليّ الذّكوانيّ، والجمّال، وأبي حفص الزّعفرانيّ.
روى عنه: السّلفيّ، وقال: تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وسمعته يَقُولُ:
ولدت [سنة] سبع وأربعمائة.
81- عليّ بْن مُحَمَّد [2] .
أبو الحَسَن النَّيْسابوريّ المطرز، الزّاهد، العابد، الفقيه.
ذكره عَبْد الغافر فقال: عديم النظير في زهده، وتُوُفّي في عاشر صفر، وولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
ولم يذكر لَهُ رواية.
- حرف الغين-
82- الغضنفر بْن فارس بْن حَسَن [3] .
أبو الوحش البلْخيّ، ثمّ الدّمشقيّ البتلهيّ [4] .
سمع: ابن سلوان، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ.
وعنه: أبو مُحَمَّد بْن صابر.
- حرف الفاء-
83- فضلان بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن هُدْبَة بْن خَالِد بْن قيس بْن ثوبان، وليس هُدْبَة بهدبة بْن خَالِد بْن الأسود صاحب حمّاد بن سلمة [5] .
__________
[1] اليزدي: بفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الزاي وفي آخرها الذال المهملة. نسبة إلى يزد مدينة من كور إصطخر فارس بين أصبهان وكرمان. (الأنساب 12/ 399) .
[2] انظر عن (علي بن محمد المطرّز) في: المنتخب من السياق 388 رقم 309، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 67 أ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] البتلهيّ: بفتح أوله وثانيه، وسكون اللام. نسبة إلى بيت لهيا. قرية مشهورة بغوطة دمشق.
(معجم البلدان 1/ 522) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/131)


أبو أحمد القَيْسيّ الأصبهاني.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر بْن أَبِي بَكْر بن أَبِي عليّ، وعليّ بن عبد كويه، وعبد الواحد الباطرقانيّ.
وعنه: السّلفيّ، وقال: مات في ربيع الأوَّل. وكان أَبُوهُ عثمان من طلبة الحديث.
- حرف الكاف-
84- كامل بْن ديسم بْن مجاهد [1] .
أبو الحَسَن العسقلاني، الفقيه المعروف بالمقدسيّ [2] .
سمع: مُحَمَّد بْن الحُسين بْن التّرجُمان، وأبا نَصْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الهارونيّ، وعليّ بْن صالح العسقلانيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه أبو الحُسين، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما.
قتلته الفرنج يوم دخولهم القدس وهو يصلّي، رحمه اللَّه.
- حرف الميم-
85- المبارك عليّ بْن الحَسَن [3] .
أبو سعْد الْبَصْرِيّ البزّاز، ويسمّى أيضًا: عليًّا.
سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وغيره.
86- المبارك بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه [4] .
أبو الحُسين بن السّواديّ [5] الواسطيّ الفقيه.
__________
[1] انظر عن (كامل بن ديسم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 132 رقم 91.
[2] قدم دمشق مرتين: في سنة 84 وسنة 485 هـ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (المبارك بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 19/ 212، 213 رقم 131، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 11.
[5] السّواديّ: بفتح السين المهملة. نسبة إلى السّواد. والأصل فيه: سواد العراق. (الأنساب 7/ 180) .

(34/132)


نزيل نَيْسابور.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ كبير فاضل، من أركان الفُقَهاء المكثِرين، الحافظين للمذهب والخلاف. تفقَّه بواسط، وقدم بغداد، فتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي الطَّيِّب.
وكان قويّ المناظرة، ينقل طريقة العراقيّين.
درّس بالمدرسة الشّطبيّة بنَيْسابور، وكان متجملًّا قانعًا.
وقد سمع الحديث بواسط، والبصرة، وبغداد، ومصر. وأضرّ في آخر عمره، وسُرِقت أصوله.
سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا عَبْد اللَّه بْن نظيف.
روى عَنْهُ: طاهر بْن مهديّ الطّبريّ بمرو، وإسماعيل الحافظ بأصبهان، وشافع بْن عليّ بنَيْسابور.
وكان يُلْقي الدّرس فتُوُفّي فجأةً فِي ربيع الآخر، وله سبْعٌ وثمانون سنة.
وقال السّمعانيّ فيما انتخب لولده: إمامٌ فاضل، ومُفْتٍ مُصْلب، عديم النظير، وورِع، حَسَن السّيرة، متجمّل، قانع بقليل من التّجارة. ثنا عَنْهُ عَبْد الخالق بْن زاهر، وعُمَر الصّفّار، وجماعة.
87- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ [1] .
أَبُو بَكْر الطُّوسيّ، الصُّوفيّ المقرئ، إمام صخرة بيت المقدس.
روى عَنْ: عُمَر بْن أحمد الواسطيّ.
وعنه: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ.
قتلته الفرنج في شَعْبان فيمن قتلوا.
88- مُحَمَّد بْن سليمان بْن لوبا [2] .
البغداديّ.
سمع: عَبْد المُلْك بن بشران.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 291 رقم 211.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/133)


89- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن عُبَيْد اللَّه بْن بُرْدَة [1] .
القاضي أبو طاهر الفَزَاريّ [2] ، قاضي شيراز.
حدَّثَ بأصبهان عَنْ: أَبِي بكر محمد بن الحسن بن الليث الصفار، وجماعة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر بشيراز.
90- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين [3] .
أبو سعْد ابن المؤذِّن، الشِّيرازيّ ثمّ البغداديّ.
روى عَنْ: أَبِي عليّ بْن دوما، وبِشْر بْن الفاتنيّ [4] .
روى عَنْهُ: المبارك بْن المبارك بْن السّرّاج.
وتُوُفّي في رجب.
91- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الواحد بن جعفر [5] .
أبو غالب ابن الصّبّاغ البغداديّ.
سمع من: أَبِي الحَسَن أحمد بن محمد الزعفراني، وأحمد بن محمد بن قفرجل، وأبي إِسْحَاق البَرْمكيّ.
وتفقّه عَلَى ابن عمه القاضي أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ.
روى عَنْهُ: ابنه أبو المظفّر عَبْد الواحد، وهزارست الهَرَوِيّ.
ومات في شَعْبان. وقد شهد عَنْهُ قاضي القضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدّامغانيّ وقبله.
92- مجد المُلْك [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الفزاري: بفتح الفاء والزاي والراء في آخرها بعد الألف، هذه النسبة إلى فزارة وهي قبيلة.
(الأنساب 9/ 297) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الفاتني: بفتح الفاء وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فاتن مولى أمير المؤمنين المطيع للَّه. (الأنساب 9/ 207) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (مجد الملك) في: الكامل في التاريخ 10/ 289- 291، والمناقب المزيدية 427، وسير أعلام النبلاء 19/ 180 رقم 100.

(34/134)


أبو الفضل البلاشانيّ الوزير، واسمه أسعد بْن موسى [1] .
وَزَرَ للسلطان بَركيَارُوق.
من أولاد الكُتّاب، فيه دين وخير وقلّة ظُلْم وعدم سفْكٍ للدّماء.
عاش إحدى وخمسين سنة.
تقدّم في الدّولة الملكشاهيّة، وعظُم محلُّه، وصار يعتضد بالباطنية في مقاصده، فقيل إنّه وضع باطنيا عَلَى قتل الأمير بُرسْقُ سنة تسعين، واتهمه أولاده بذلك، ونفرت الأُمراء منه، واختلفوا عَلَى بَركيَارُوق، وصعدوا فوق تلٍّ، وهم طُغْرُلْ، وأمير آخر، وبنو برسق، وراسلوا السّلطان في أن يسلّمه إليهم، فمنعهم سنةً، ثمّ اضطرّ إلى أن يسلّمه إليهم، واستوثق منهم بالأَيْمان، عَلَى أن يحبسوه لأنّه كَانَ عزيزًا عَلَيْهِ، فلمّا توثّق منهم وبعثه إليهم لم يدعه غلمانهم أن يصل إليهم حتّى قتلوه، سامحه اللَّه.
وكان شيعيًّا قد أعدّ كَفَنَه فيه تربة وسعْفَة، فلمّا أُحضر بين يديه تفكّر وقال: ما أصنع بهذا؟ ومن يحفظه؟، واللَّه ما أبقى إلّا لقًا وطريحًا. فأنطقه اللَّه بما يصير وأحس قلبه. وكان لَهُ وردٌ باللّيل يقومه، ولا يتعاطى مُسْكِرًا، ومولاته دارّة عَلَى العلويّين.
قتلوه في ثاني عشر رمضان بطَرَف خُراسان.
93- مُحَمَّد بْن الفَرَج بْن منصور بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أبو الغنائم الفارقيّ [3] الفقيه.
قدِم بغداد مَعَ أَبِيهِ سنة نيِّفٍ وأربعين، فسمع من: عبد العزيز الأزجيّ [4] ، وأبي إسحاق البرمكيّ،
__________
[1] في الكامل، والمناقب المزيدية: «أسعد بن محمد» ، والمثبت يتفق مع: سير أعلام النبلاء.
[2] انظر عن (محمد بن الفرج) في: الكامل في التاريخ 10/ 291.
[3] الفارقيّ: بفتح الفاء والراء المكسورة بينهما الألف وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى ميافارقين. (الأنساب 9/ 217) .
[4] في الأصل: «الأرجي» بالراء. والتصحيح من (الأنساب 10/ 197) وفيه: بفتح الألف والزاي وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى باب الأزج وهي محلّة كبيرة ببغداد.

(34/135)


وتفقّه عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق، وبرع في المذهب، وعاد إلى ديار بَكْر، ثمّ قدِم بعد حين.
وحدَّثَ ودرس. ثمّ عاد فسكن جزيرة ابن عُمَر.
روى عَنْهُ: أبو الفتح بْن البطّيّ.
وتُوُفّي في مستهل شَعْبان سنة اثنتين وتسعين. وكان موصوفًا بالزهد والورع.
94- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنِ عَلِيِّ [1] .
أبو بَكْر الشِّبْليّ [2] القصّار المدبّر.
شيخ مُسْنِد، من أهل باب البصرة.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا بَكْر البَرْقانيّ.
وعنه: إسماعيل بْن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، والمبارك بن أحمد الكِنْديّ.
تُوُفّي في ثامن عشر صَفَر.
قَالَ الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا ثقة، خيّرًا.
95- مقرّن بْن عليّ بْن مقرّن [3] .
العلّامة أبو القاسم الأصبهاني الحنفيّ.
من أعيان المناظرين.
روى عَنْ: ابن رندة، وغيره.
حدَّثَ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر سنة اثنتين.
96- مكّيّ بْن عَبْد السّلام بن الحسين بن القاسم [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الشبلي: بكسر الشين المعجمة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى قرية من قرى أسروشنة يقال لها: الشبلية. (الأنساب 7/ 281، 282) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته. وسيعاد ثانية برقم (97) .
[4] انظر عن (مكي بن عبد السلام) في: الإكمال لابن ماكولا 4/ 226، والفقيه والمتفقه للخطيب 1/ 158 و 197، والأنساب 126، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 366، ومعجم

(34/136)


أبو القاسم ابن الرُّمَيْليّ [1] ، المقدسيّ الحافظ.
قَالَ السّمعانيّ: أحد الجوّالين في الآفاق. وكان كثير النَّصَب والسَّهَر والتِّعَب، تغرّب، وطلب، وجمع. وكان ثقة، متحرِّيا، ورِعًا، ضابطًا [2] . شرع في «تاريخ بيت المقدس وفضائله» جمع فيه شيئًا وحدَّث باليسير، لأنّه قُتِل قبل الشيخوخة.
سمع بالقدس: مُحَمَّد بْن يحيى بْن سلْوان المازنيّ، وأبا عثمان بْن ورقاء، وعبد العزيز بْن أحمد النَّصِيبيّ.
وبمصر: عَبْد الباقي بْن فارس، وعبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب.
وبدمشق: أبا القاسم إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعليّ بْن الخضر.
وبعسقلان: أحمد بْن الحُسين الشّمّاع.
وبصور: أبا بَكْر الخطيب [3] ، وعبد الرَّحْمَن بْن عليّ الكامليّ.
وبأطْرابُلُس: الحُسين بْن أحمد.
وببغداد: أبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، وطبقتهما.
وسمع بالبصرة، والكوفة، وواسط، وتكريت، والموصل، وآمِد، وميّافارِقين.
سمع منه: هبة اللَّه الشّيرازيّ، وعمر الرّؤاسيّ.
__________
[ () ] البلدان 3/ 73، واللباب 2/ 38، والإعلام والتبيين في خروج الفرنج الملاعين 12، والمعين في طبقات المحدّثين 144، رقم 1573، وتذكرة الحفاظ 3/ 1229، والإعلام بوفيات الأعلام 203، ودول الإسلام 2/ 22، والعبر 3/ 334، وسير أعلام النبلاء 19/ 178، 179 رقم 99، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 91، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 20، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 583، ومرآة الجنان 3/ 155، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (نشر في مجلّة معهد المخطوطات) مجلّد 29 ق 1/ 37، والنجوم الزاهرة 5/ 164، وطبقات الحفاظ 449، والأنس الجليل 1/ 264، وشذرات الذهب 3/ 398، 399، وهدية العارفين، 2/ 471، والأعلام 8/ 215، ومعجم المؤلفين 13/ 4، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 176 رقم 1011، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 92- 94 رقم 1703.
[1] الرميلي: بضم الراء وفتح الميم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى الرميلة، وهي من قرى الأرض المقدّسة. (الأنساب 6/ 166) .
[2] تكررت في الأصل.
[3] سمع منه الجزء الرابع من كتاب «الفقيه والمتفقه» بجامع صور في شهر جمادى الآخرة سنة 459 هـ. (1/ 158 و 197) .

(34/137)


وروى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد المهرجانيّ بمَرْو، وأبو سعْد عمّار [1] بْن طاهر التّاجر بهمذان، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ بمدينة السّلام، وجمال الإسلام، والسُّلَميّ، وحمزة بْن كَرَوَّس [2] ، وغالب بْن أحمد بدمشق.
وُلِد يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين.
قال السمعاني: أَنَا عمّار بهمذان: ثنا مكّيّ الرُّمَيْليّ ببيت المقدس، ثنا موسى بْن الحُسين: حدَّثني رَجُل كَانَ يؤذّن في مسجد الخليل عَلَيْهِ السّلام قَالَ:
كنت أُؤَذّن الأَذَان الصّحيح، حتّى جاء أمير من المصريين، فألزمني بأنْ أؤذّن الأذان الفاسد، فأذّنت كما أمرني، ونمت تِلْكَ الليلة، فرأيت كأنّي أذَّنت كما أمرني الأمير، فرأيت عَلَى باب القبة الّتي فيها قبر الخليل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا شيخًا قائمًا، وهو يستمع أذاني. فلمّا قلت: مُحَمَّد وعليّ خير البشر، قَالَ لي: كذبت، لعنك اللَّه. فجئت إلى رَجُل آخر غريب صالح، فقلت [3] : ما تحتشم من اللَّه تلعن رجلًا مسلمًا. فقال لي: واللَّه ما أَنَا لعنتك، إِبْرَاهِيم الخليل لعنك.
قَالَ ابن النّجّار: مكّيّ بن عَبْد السّلام الْأَنْصَارِيّ المقدسيّ من الحفاظ، رحل وحصّل، وكان مفتيا عَلَى مذهب الشّافعيّ.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان.
قَالَ المؤتمن السّاجيّ: كانت الفتاوى تجيئه من مصر، والسّاحل، ودمشق.
وقال أبو البركات السَّقَطيّ: جمعت بيني وبينه رحلةُ البصرة، وواسط. وقد عرّض نفسه ليُخْرج «تاريخ بيت المقدس» ، ولمّا أخذ الفرنج القدس، وقُبِض عَلَيْهِ أسيرًا، نُودي عَلَيْهِ في البلاد ليُفْتَدَى بألف مثقال، لمّا علموا أَنَّهُ من علماء المسلمين، فلم يَفْتَدِه أحدٌ، فقُتِل بظاهر [باب] أنطاكية، رحمه اللَّه.
وكان صدوقًا، متحريا، عالمًا، ثبتًا، كاد أنّ يكون حافظًا.
__________
[1] في الأصل: «عماد» .
[2] كروّس: بفتح الكاف والراء والواو المشدّدة، وآخره سين مهملة.
[3] في الأصل: «فقال» وهو غلط لا يستقيم مع المعنى.

(34/138)


وقال مكّيّ: وُلِدت يوم عاشوراء سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
وقال غَيْث الأرمنازيّ: حدَّثني مُحَمَّد بْن خَلَف الرَّمْليّ قَالَ: قُتِل مكّيّ بْن عَبْد السّلام، قَتَلَتْه الإفرنج بالحجارة في ثاني عشر سنة اثنتين وتسعين عند النّزول [1] ، وكنت معهم إذ ذاك مأسورًا.
97- مقرّن بن عليّ بْن مقرّن بْن عَبْد العزيز [2] .
أبو القاسم الحنفيّ الفقيه.
أحد أعيان فقهاء إصبهان.
روى عَنْ: ابن رندة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في صَفَر.
- حرف النون-
98- نجاح بْن عليّ بْن زقاقيم [3] .
أبو القاسم البغداديّ الطّحّان.
سمع: أبا علي بن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي.
__________
[1] هكذا هنا. وفي تاريخ دمشق 43/ 366 «عند بيروت» . وفي سير أعلام النبلاء 19/ 179 «عند البثرون» . والاثنان وهم، فهو قتل في بيت المقدس عند نزول الإفرنج عليها كما هو مثبت هنا.
فقد قال ابن السمعاني: «ورجح إلى بيت المقدس وسكنها إلى أن قتل بها شهيدا متقدّما محاربا غير فار وقت استيلاء الإفرنج على بيت المقدس، والله تعالى يرحمه. (الأنساب 6/ 166) .
وقال أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ: وحدّث ببغداد وسمع منه أبي أحاديث كتبها له بخطّه، وصنّف كتابا في تاريخ بيت المقدس، وسمع من الخطيب بالشام وببغداد، وكان فاضلا صالحا ثبتا، وعاد إلى بيت المقدس فأقام بها يدرّس الفقه على مذهب الشافعيّ ويروي الحديث إلى أن غلبت الإفرنج على بيت المقدس، فحكى لي من رآه وهو يحمل عليهم حتى يخرجهم من المسجد وقتل منهم، ثم قتل شهيدا في سنة تسعين وأربعمائة. قال ابن السمعاني: وهم في التاريخ، كان استيلاء الإفرنج على بيت المقدس سنة اثنتين وتسعين.
وروى لي عن مكي بن عبد السلام الرميلي أبو عبد الله محمد بن علي الأسفرائيني بمرو، وأبو سعد عمار بن طاهر التاجر بهمذان، ولم يحدّثنا عنه سواهما. (الأنساب 6/ 166، 167) .
[2] تقدّم برقم (95) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/139)


تُوُفّي في ربيع الآخر.
99- نَصْر بْن أحمد بْن الفتح [1] .
أبو القاسم الهَمَذانيّ المؤدِّب.
قدِم دمشق وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، وجماعة.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ محفوظ بْن الحَسَن بْن صَصَرَى، وأبو القاسم بْن عَبْدان، وعبد الرَّحْمَن الدّارانيّ.
- حرف الهاء-
100- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد السّميع [2] .
أبو تمام الهاشْميّ.
أحد الأشراف ببغداد.
سمع: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد، والبزّار.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وأبو بَكْر بْن الزّاغُونيّ.
- حرف الياء-
101- يوسف بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو الفتح الزّنْجانيّ الصُّوفيّ.
ممّن قُتِل بالقدس.
102- يوسف بْن عليّ [4] .
أبو الحَجّاج ابن الملجوم الْأَزْدِيّ الفاسيّ.
أحد الأعلام.
تفقّه بأبيه، وولي قضاء الجماعة لابن تاشَفين وغزا معه مرّات. وكان رأسًا في الفقه والحديث والآداب.
روى عَنْهُ: ابنه أبو موسى.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر عن (نصر بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 124 رقم 81.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/140)


سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
103- أحمد بن الحسن بن الحسين بْن كيلان [1] .
أبو بَكْر البغداديّ المقرئ الخبّاز.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ.
روى عَنْهُ.
104- أحمد بْن عَبْد الوهّاب [2] .
أبو منصور الشِّيرازيّ الواعظ الشّافعيّ الفقيه المغسّل، نزيل بغداد.
تفقّه عَلَى: أَبِي إِسْحَاق.
وسمع من: أحمد بْن مُحَمَّد الزَّعْفرانيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ.
سمع منه: ابن طاهر، وعبد اللَّه بْن أحمد بْن السَّمَرْقَنْديّ.
ذكره ابن الصّلاح في «طبقات الشّافعيّة» .
105- أحمد بْن سُليمان بْن خَلَف بْن سعْد بْن أيّوب بن أيّوب [3] .
الأستاذ أبو القاسم ابن القاضي أَبِي الوليد الباجيّ.
سكن سَرَقُسْطَة وغيرها.
وروى عَنْ أَبِيهِ مُعْظَم عِلْمُه، وخلفه في حلقته بعد وفاته. وأخذ عن:
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن سليمان) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 71 رقم 153، والوافي بالوفيات 6/ 404 رقم 2918، والديباج المذهب 40، وكشف الظنون 836، وإيضاح المكنون 1/ 550، وشجرة النور الزكية 1/ 121 رقم 342، ومعجم المؤلفين 1/ 237.

(34/141)


حاتم بن محمد، وابن جيّان، ومحمد بن عتاب، ومعاوية بن محمد العقيلي، ويوسف بن الفرج.
وغلب عليه علم الأصول والنظر. وله تصانيف تدل على حذقه وتوسعه في المعارف [1] . وله كتاب «العقيدة في المذاهب السديدة» ورسالة «الاستعداد للخلاص في المعاد» . وكان غاية في الورع، معدودا في الأذكياء. توفي بجدة بعد منصرفه.
ودخل بغداد ولم يقم بها. وتحول منها إلى البحرين، وإلى اليمن، وأجاز للقاضي عياض.
وقال ابن بشكوال [2] : أَخْبَرَنَا عَنْهُ غير وأحد من شيوخنا، ووصفوه بالنّباهة والجلالة. وكان من كبار المالكيّة.
وقال القاضي عِيَاض: خَلَف أَبَاهُ في الحلقة، وكان حافظًا للخلاف والمناظرة، أديبا، ناظما، ورعا، تخلّى عَنْ تَرِكَة أَبِيهِ لقبوله جوائز السّلطان، وكانت وافرة. وخرج عَنْ جميعها، حتّى احتاج بعد ذَلِكَ رحمه اللَّه.
106- أَحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن محمود بْن علّكان [3] .
الفقيه أبو بَكْر الهَمَذانيّ الشروطيّ [4] البيّع [5] . ويُعرف بابن المحتسب.
روى عَنْ: عَبْد اللَّه بْن عبدان، وأبي عبد الله التّوثيّ [6] ، وأبي سعد بن
__________
[1] انظر: الصلة 1/ 71.
[2] في الصلة 1/ 71.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الشروطي: بضم الشين المعجمة، والراء، وبعدهما الواو، وفي آخرها الطاء المهملة. هذه النسبة لمن يكتب الصّكاك والسّجلّات لأنها مشتملة على «الشروط» فقيل لمن يكتبها:
الشروطي. (الأنساب 7/ 321) .
[5] البيّع: بفتح الباء الموحّدة وكسر الياء المشدّدة آخر الحروف وفي آخرها العين المهملة. هذه اللفظة لمن يتولّى البياعة والتوسّط في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للأمتعة.
(الأنساب 2/ 370) .
[6] في الأصل: «التوني» ، والتصحيح من: الأنساب 3/ 100 وفيه: التوثي: بضم التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها الثاء المنقوطة بثلاث، هذه النسبة إلى توث وهي قرية من قرى مرو على خمسة فراسخ منها.

(34/142)


زيرك، وحمد بن المأمون، وبندار بن الحسين الزاهد، وأبي عبد الله بن خرجة النهاوندي، وغيرهم.
قال شيرويه إنه سمع منه، وإنّه كَانَ صدوقًا صالحًا، مثابرًا للمتعلّمين.
تُوُفّي في رمضان.
قلت: روى عَنْهُ شهردار بْن شِيرُوَيْه كتاب «الألقاب» لأبي بَكْر الشِّيرازيّ، وقد وقع لنا.
107- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سميكة [1] .
البغداديّ: أحد وكلاء الخليفة.
روى عن: أبي علي بن شاذان.
روى عنه: أبو القاسم بن السّمرقنديّ، وغيره.
مات في شوال.
108- أحمد بْن محمد بْن أحمد بن يوسف بن دينار [2] .
أبو طالب الكندلاني.
وكندلان [3] من قرى إصبهان.
روى عَنْ: أبي بكر بن أبي عليّ المعدّل، وغلام محسّن، والجمّال.
روى عنه السّلفيّ، وغيره.
وقيل إنّه سمّع لنفسه في شيء [4] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الكندلاني) في: الأنساب 10/ 485، 486، واللباب 3/ 115.
[3] كندلان: بضم الكاف وسكون النون وضم الدال المهملة وفي آخرها النون. (الأنساب) .
[4] قال ابن السمعاني: سمع الحديث الكثير، وخلط ما لم يسمع بما سمع، وسقطت روايته.
ذكره أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو بن مندة الحافظ في كتاب أصبهان، فقال: أبو طالب الكندلاني، حدّث عن أبي بكر بن أبي علي، وأبي عبد الله الجمّال، وغلام محسّن، وأبي علي الصيدلاني، وروى عن أبي بكر بن مردويه، ولم يسمع منه، ولم تكن الرواية والحديث من صنعته، إن أخطأ لا يعتمد على روايته إلا ما كتب عنه أهل الرواية والمعرفة. ومات في التاسع عشر من المحرّم سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. وكان شيخنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: أبو طالب الكندلاني فيه لين.

(34/143)


قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: وُلِدت سنة اثنتين وأربعمائة. ونا [1] عَن النّقّاش.
قَالَ السّمعانيّ: نا عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المَغَازليّ.
109- أحمد بْن مُحَمَّد [2] .
أبو القاسم الأصبهاني الباغبان [3] .
والد أَبِي الخير، وأبي بَكْر.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مَنْدَهْ.
ومات كهْلًا [4] .
110- إِبْرَاهِيم بْن يحيى [5] .
أبو إِسْحَاق التُّجَيْبيّ الطُّلَيْطُليّ، النّقّاش. المعروف بابن الزرقالة.
كان واحد عصره في علم العدد والرصد، وعلل الأزياج. لم تخرج الأندلس أحدًا مثله، مع ثقوب الذهن والبراعة في عمل الآلات النّجوميّة. وله رصد بقرطبة.
وتوفى في ذي الحجّة.
111- إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم بْن عُبَيْد اللَّه [6] .
أبو الفَرَج البَردِيّ [7] .
سمع: الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسْنَوَيْه.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وقال: مات في شَعْبان سنة 493.
112- أحمد بْن عَبْد الرحيم بن القاضي [8] .
__________
[1] اختصار لكلمة: «وأخبرنا» .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الباغبان) في: المنتظم 9/ 114 رقم 169 (17/ 55 رقم 3690) .
[3] في الأصل: «الباغيان» .
[4] قال ابن الجوزي: سمع الحديث الكثير تحت ضرّ شديد، وكان رجلا صالحا.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] البردي: في الأنساب 2/ 141: «البردي» بفتح الباء وسكون الراء. و «البردي» بضم الباء وسكون الدال. ولا أدري إلى أيّهما ينسب صاحب الترجمة.
[8] تأخّرت ترجمته في الأصل بعد (ثابت بن روح رقم 115) .

(34/144)


أبو نَصْر الْبُخَارِيّ الحمّال الواعظ.
سمع: أَبَاهُ، وأحمد بْن القاسم، وطاهر بْن حسين المطَّوِّعيّ.
وأملى مدّة.
وُلِد سنة أربع عشر.
حدَّثَ عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي بَكْر الصّابونيّ، وأبو رجاء مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الْبُخَارِيّ.
- حرف الباء-
113- بُرَيْدَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُرَيْدَةَ [1] .
أبو سهل الأسْلَميّ المَرْوَزِيّ.
سمع: إسماعيل بْن يَنال المحبوبيّ [2] صاحب مُحَمَّد بْن أحمد بْن محبوب ومولاه، وأبا بَكْر مُحَمَّد الحَسَن بْن عبوَيْه.
قَالَ ابن السّمعانيّ: هُوَ الشَّيْخ الصّالح بُرَيْدَةُ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن مُحَمَّد بْن بُرَيْدَةَ بْن أحمد بْن عَبَّاس بْن خَلَف بْن بُرْد بْن سرجس بْن عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ بْن الخصيب، كَانَ صالحًا، جميل الأمر، فقيه أهل بيته.
تُوُفّي فِي ذي الحجة، وكان مولده فِي سنة ثمانٍ وأربعمائة، روى لنا عَنْهُ:
مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السِّنْجيّ، وجماعة.
- حرف الثاء-
114- ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [3] .
أبو الفتح الرَّارَانّي [4] الأصبهاني، جدّ خليل بْن أَبِي الرجاء.
سمع: أبا بَكْر بْن رنْدة، وأبا طاهر عبد الرحيم.
__________
[1] انظر عن (بريدة بن محمد) في: التحبير 1/ 217، 541.
[2] المحبوبي: بفتح الميم، وسكون الحاء المهملة، وضم الباء الموحّدة، وفي آخرها باء أخرى، بعد الواو، هذه النسبة إلى محبوب وهو اسم لجدّ المنتسب إليه. (الأنساب 11/ 159) .
[3] انظر عن (ثابت بن روح) في: الأنساب 6/ 39.
[4] في الأصل: «الرازاني» بالزاي. والتصحيح من: الأنساب، وفيه: «الراراني» : راران بالراءين المفتوحتين المنقوطتين من تحتهما بنقطة واحدة قرية من قرى أصبهان.

(34/145)


روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر المَقْدِسيّ، وأبو عامر العبْدريّ [1] ، والسِّلَفيّ.
صوفي كبير.
- حرف الجيم-
115- جعفر بْن مُحَمَّد بْن الفضل [2] .
أبو طاهر الْقُرَشِيّ العَبَّادانيّ [3] الْبَصْرِيّ.
حدَّثَ عَنْ أَبِي عُمَر الهاشمي بأجزاء من «مُسْنِد» عليّ بْن إِبْرَاهِيم المادرائيّ [4] ، وشيء من إملاء أَبِي عُمَر الهاشْميّ، وغير ذَلِكَ.
روى عَنْهُ: أبو غالب مُحَمَّد بْن أَبِي الحَسَن الماوَرْدِيّ [5] ، وعلي بْن عَبْد المُلْك الواعظ، وطلحة بْن عليّ المالكيّ، وعبد اللَّه بْن عليّ الطّامَذِيّ [6] ، ومُحَمَّد بْن طاهر المَقْدِسيّ، وعبد اللَّه بن عمر بن سليخ [7] ، وآخرون.
وآخر من حدَّثَ عَنْهُ: ابن سَلِيخ.
وآخر من حدَّثَ عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ.
وأمّا قول أَبِي نَصْر اليُونَارتيّ [8] إنّه روى عَنْ أَبِي دَاوُد عَن الهاشْميّ، فقولٌ لا يُتَابَع عَلَيْهِ، فإنّ النّاس ازدحموا عَلَى أَبِي عليّ التُّسْتَريّ [9] ، ورحل إليه ابن
__________
[1] العبدري: بفتح العين المهملة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، وفتح الدال المهملة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى «عبد الدار» .
[2] انظر عن (جعفر بن محمد) في: الأنساب 8/ 336، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1574، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 41- 43 رقم 27، والعبر 3/ 336، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 98، وشذرات الذهب 3/ 399.
[3] العبّاداني: بفتح العين المهملة، وتشديد الباء المنقوطة بواحدة والدال المهملة بين الألفين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى عبّادان، وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر.
(الأنساب 8/ 335) .
[4] المادرائي: بفتح الميم والدال المهملة بعد الألف، وبعدها الراء، هذه النسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة. (الأنساب 11/ 64) .
[5] الماوردي: بفتح الميم والواو، وسكون الراء، وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى بيع الماورد وعمله. (الأنساب 11/ 104) .
[6] الطامذي: بفتح الطاء المهملة، والميم، بينهما الألف، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى طامذ، قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 80/ 179) .
[7] سليخ: بالسين المهملة المفتوحة، وفي آخرها خاء معجمة. (المشتبه 1/ 367) .
[8] تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[9] التّستري: بالتاء المضمومة المنقوطة من فوق بنقطتين وسكون السين المهملة وفتح التاء

(34/146)


طاهر، والمؤتَمَن السّاجيّ، وعبد اللَّه بْن السَّمَرْقَنْديّ، ومُحَمَّد بْن مرزوق الزَّعْفرانيّ، وطائفة سواهم. وقد مات من سنة تسع وسبعين، فلو كَانَ العَبَّادانيّ يروي الكتاب إلى عامنا هذا، لرحل النّاس إليه أكثر ممّا رُحِل إلى التُّسْتَريّ، وأيضًا، فلا نعلم أحدًا حدَّثَ بالسُّنَن عَن العَبَّادانيّ إلّا ما قاله أبو نَصْر واثبته لأهل إصبهان، ولو كَانَ هذا معروفًا بالعراق لسمعوا «السُّنَن» عَلَى ابن سَلِيخ بالإجازة من العَبَّادانيّ، وأسمعه أهل مصر، عَلَى السِّلَفيّ، عَن العَبَّادانيّ، مَعَ أنّ الاحتمال باقٍ.
قرأتُ عَلَى عَبْد المؤمن الحافظ: أخبركم ابن روَاج، أَنَا السِّلَفيّ، كُتُب إلينا أبو طاهر جعفر بن محمد بن البصرة، وحدثني عَنْهُ شجاع الكِنَانيّ: أَنَا أبو عمر الهاشميّ، ثنا عليّ بن إسحاق، ثنا عليّ بن حرب، ثنا عبد الله [1] بن إدريس، عَن الأعمش، عَنْ شقيق قَالَ: كَانَ ابن مسعود يَقُولُ: إنّي لأُخْبَرُ بمكانكم، فما يمنعني أنّ أخرج إليكم إلّا كراهية أنّ أُمِلَّكُم. أَنّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يتخَولُّنا بالموعظة كراهية السّامة علينا [2] ، قَالَ ابن سُكَّرَة: أبو طاهر رَجُل صالح أُمّيّ.
قلت: قَالَ السِّلَفيّ في «مُعْجَم إصبهان» [3] : سَمِعْتُ يحيى بْن مُحَمَّد البَحْرانيّ يَقُولُ: تُوُفّي العَبَّادانيّ في جُمَادَى الأولى سنة ثلاثٍ. ونودي في البصرة عَلَى ابن العَبَّادانيّ الزّاهد فليحضُرْ، فلعلّه لم يتخلّف من أهل البلد إلّا القليل.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ يروي عَن الهاشْميّ، وأبي الحَسَن النّجّاد. ومن مَرْوِيّاته كتاب «السُّنَن» لأبي دَاوُد، يرويه عَنْ أَبِي عُمَر الهاشْميّ. كذا قال السّلفيّ.
__________
[ () ] المعجمة أيضا بنقطتين من فوق والراء المهملة. هذه النسبة إلى تستر بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان، يقولها الناس شوشتر، وبها قبر البراء بن مالك رضي الله عنه. (الأنساب 3/ 54) .
[1] في الأصل: «ثنا علي بن حرب، نا عبد الله، ثنا عبد الله» .
[2] السند صحيح. وقد أخرجه البخاري في العلم (68) ، وفي الدعوات (6411) ، ومسلم في صفات المنافقين (2821) ، والترمذي (2855) ، وأحمد في المسند 1/ 377 و 378 و 425 و 443 و 462 من عدّة طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
[3] في الأصل: «قال السلفي في الثامن معجم أصبهان» . ولعلّ «الثامن» مقحمة، أو لعلّها: «في الجزء الثامن من معجم أصبهان» . والله أعلم.

(34/147)


- حرف الحاء-
116- الحَسَن بْن تميم [1] .
أبو عليّ الْبَصْرِيّ.
سمع كتاب «الشّهاب» من القُضاعيّ.
وسمع ببغداد من ابن النَّقُّور، وبالبصرة من أَبِي عليّ التُّسْتَريّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ في مشيخته.
وسمع منه السِّلَفيّ بأصبهان بعض «الشّهاب» .
تُوُفّي في رجب.
117- حمزة بْن مكّيّ [2] .
أبو طاهر الخبّاز.
بغداديّ يروي عَنْ: عبد المُلْك بْن بِشْران.
وعنه: عُمَر بْن ظَفَر المَغَازليّ [3] .
تُوُفّي في رجب.
118- الحُسين بْن أَحْمَدَ بْن مُحَمَّد بْن طَلْحَةَ [4] .
أبو عَبْد اللَّه النِّعَاليّ [5] .
شيخ مَعْمَر من كبار المُسْنَدين ببغداد.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، إلّا أَنَّهُ ما كَانَ يُعرف شيئًا. وكان حمّاميا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] المغازلي: بفتح الميم والغين المعجمة، وكسر الزاي بعد الألف، وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى المغازل وعملها. (الأنساب 11/ 416) .
[4] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: التحبير لابن السمعاني 2/ 426، والأنساب 12/ 114، والمنتظم 9/ 115 رقم 179 (17/ 56 رقم 3692) ، واللباب 3/ 317، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1575، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 101- 103 رقم 57، ودول الإسلام 2/ 23، والعبر 3/ 336، والوافي بالوفيات 12/ 339، وتبصير المنتبه 1/ 166، ولسان الميزان 2/ 268، وشذرات الذهب 3/ 399، وأعيان الشيعة 25/ 165.
[5] النّعالي: بكسر النون وفتح العين المهملة وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى عمل النعال.
(الأنساب 12/ 113) .

(34/148)


قلت: ولهذا يقال لَهُ الحافظ، لأنّه كَانَ قعّادًا لحِفْظ ثياب النّاس في الحمّام [1] .
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: صحيح السَّماع، خالٍ من العِلْم والفَهْم. سَمِعْتُ منه. وبخطّ أَبِي عامر العَبْدَريّ قَالَ: الحُسين بن طلحة عامّيّ، أُمّيّ، رافضيّ، لا يحلّ أن يحمل عنه حرف.
وبخطّه أيضًا: كَانَ أُمّيًّا، لا يدري ما يُقرأ عَلَيْهِ. لم يكن أهلًا أنّ يؤُخْذ عَنْهُ.
وكذا نعته بعضُ شيوخ السّمعانيّ بعدم الفهم، وقال: لا أروي عَنْهُ.
سمعه جَدّه من أَبِي عُمَر بْن مَهْديّ، وأبي سعْد المالينيّ، وأبي الحسين مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه الحِنّائيّ، وأبي سهل العُكْبَريّ، وأبي القاسم بْن المنذر القاضي وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ جماعة ببلاد. وسألت إسماعيل الحافظ بأصبهان عَنْهُ، فقال: هُوَ من أولاد المحدثين، سمع الكثير.
وسألت أبا الفَرَج إِبْرَاهِيم بْن سليمان عَنْهُ، فقال: سَمِعْتُ منه، ولا أدري عَنْهُ. كَانَ لا يُعرف ما يُقرأ عَلَيْهِ.
وسمعت عَبْد الوهّاب الأَنْماطي يَقُولُ: دلَّنا عَلَيْهِ أبو الغنائم بْن أَبِي عثمان، فمضينا إِلَيْهِ، فقرأت عَلَيْهِ الجزء الّذي فيه اسمه وسألناه: هَلْ عندك من الأُصوُل شيء؟ فقال: كَانَ عندي شَدَّة بعتها ابن الطُيُوريّ، ما أدري إيش فيها.
فمضينا إلى ابن الطُّيُوريّ [2] ، فأخرج لنا شدة فيها سماعاته من المالينيّ وغيره، فقرأناها عَلَيْهِ.
قلت: روى عَنْهُ خلق كثير منهم: أبو الفتح بْن البطّيّ، ويحيى بْن ثابت بْن بُنْدار، وهبة اللَّه بْن الحَسَن الدّقّاق، والقاضي أبو المعالي حَسَن بْن أحمد بْن
__________
[1] لسان الميزان 2/ 268.
[2] هو المبارك بن عبد الجبّار الطيوري. وستأتي ترجمته في وفيات سنة 500 هـ. في هذا الجزء.

(34/149)


مُحَمَّد بْن جعفر الكَرْخيّ، والقاضي أبو مُحَمَّد عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة الثَّقْفي، وأبو القاسم هبة اللَّه بْن الفضل القطّان، ومسعود بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وأبو البركات سعْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن حمدي البزّاز، وأبو الغمْر خُرَيْفَة، والهاطر أو المبارك بْن هبة اللَّه بْن العقاد، وأبو المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد بْن مُحَمَّد عَبْد الوهّاب بْن الدّبّاس، والمبارك بْن المبارك السِّمْسار، وعبد اللَّه بْن منصور الموصليّ، ومحمد بن إسحاق بن الصّابيء، ومحمد بن عليّ بن محمد ابن العلّاف، وصالح بْن الرِّخْلَة [1] ، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ [2] ، وتركناز [3] بنت عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الدّامغانيّ [4] ، وكمال بنت عَبْد الله بن السّمرقنديّ، وشهدة الكاتبة، ونفيسة البزّازة [5] ، وتجني [6] الوهبانية، وأحمد بْن المقرّب [7] .
ومات في صَفَر [8] .
- حرف الخاء-
119- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [9] .
أبو الحزن العبدريّ [10] السّرقسطيّ.
__________
[1] الرّخلة: بكسر الراء المشدّدة وسكون الخاء وفتح اللام. (المشتبه 1/ 311) .
[2] الرّحبي: بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى الرحبة، وهي بلدة من بلاد الجزيرة في آخر حدّ هاب على أول حدّ الشام يقال لها رحبة بن مالك بن طوق على شرط الفرات. (الأنساب 6/ 89) .
[3] في الأصل: «تركنار» براءين مهملتين. والصحيح ما أثبتناه. بالزاي آخر الحروف.
[4] الدّامغانيّ: بالدال المفتوحة المشدّدة المهملة والميم المفتوحة والغين المنقوطة. بلدة من بلاد قومس: (الأنساب 5/ 259) .
[5] في الأصل: «البزارة» براء قبل الهاء. وما أثبتناه هو الصحيح.
[6] تجنّي: بفتح التاء المثنّاة بنقطتين من فوق، والجيم، وكسر النون المشدّدة، وياء. وهي معمّرة من طبقة شهدة. توفيت سنة 575 هـ. (المشتبه 1/ 110) .
[7] في الأصل: «المقرن» .
[8] وقال ابن الجوزي: وعاش تسعين سنة، فاحتاج الناس إلى إسناده مع خلوّه من العلم، حدّثنا عنه أشياخنا. (المنتظم) .
[9] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 173 رقم 393.
[10] هكذا ورد في هامش الأصل من كتاب (الصلة) وفيه عبارة: «نقلته من خط بن الدباغ» . أما في متن الترجمة ورد أنه يعرف ب: القروذي.

(34/150)


أجاز لَهُ جَدّه أبو الحزْم خَلَف بْن أحمد بْن هاشم [1] قاضي وشقة [2] . وسمع من خاله موسى بْن خَلَف، وولي الأحكام.
وكان فقيها صالحا.
مات في ذي الحجة عَنْ نيف وثمانين سنة. وكانت جنازته مشهودة.
توفّي جدّه سنة إحدى وعشرين [3] .
- حرف السين-
120- سعْد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك [4] .
أبو منصور البغداديّ النَّحْويّ.
سمع الكثير، ونسخ، وحدَّثَ عَنْ: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، والجوهري.
روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ.
ومات في ربيع الأوَّل، وكان صحيح النَّقْل.
121- سلمان بْن أَبِي طَالِب عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الفتى [5] .
أبو عَبْد اللَّه النَّهْروانيّ [6] النَّحْويّ.
من كبار أئمّة العربيّة. صنَّف كُتُبًا في اللُّغة من ذَلِكَ كتاب «القانون» في عشرة أسفار في اللّغة، قليل المثل. وصنَّف كتابًا في تفسير القرآن، وشرح
__________
[1] في الصلة 1/ 165 رقم 369: «خلف بن أحمد بن هشام» .
[2] في الصلة: قاضي سرقسطة.
[3] لم يرد في (الصلة) تاريخ لوفاته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (سلمان بن أبي طالب) في: معجم الأدباء 11/ 234- 236 رقم 74، والمنتظم 9/ 115 رقم 172 (17/ 56 رقم 3693) ، وإنباه الرواة 4/ 239، 240، رقم 267، ونزهة الألباء 268، 269، ومرآة الجنان 3/ 156 وفيه «سليمان» ، والوافي بالوفيات 15/ 311- 313 رقم 435، وشذرات الذهب 3/ 399، وبغية الوعاة 1/ 595 رقم 125، وطبقات المفسرين للسيوطي 13، وكشف الظنون 163، 212، 446، 812، 1160، 1313، وروضات الجنات 322، 323، ومعجم المؤلفين 4/ 239، 240، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 234 رقم 188.
[6] النهرواني: بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى بليدة قديمة على أربعة فراسخ من الدجلة يقال لها النهروان. (الأنساب 12/ 174) .

(34/151)


«الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ.
وصنَّف في عِلَل القراءات.
ونزل إصبهان، وتخرّج بِهِ أهلها.
قرأ الأدب عَلَى: أَبِي الخطّاب الجيليّ، والثمانينيّ.
وقدم بغداد بعد الثّلاثين وأربعمائة.
وله شعر جيد.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا الطَّيِّب الطَّبَريّ.
روى عَنْهُ: أبو زكريّا بْن مَنْدَهْ، وأبو القاسم إسماعيل الطّلْحيّ [1] ، وأبو طاهر السّلفيّ [2] .
__________
[1] الطّلحي: بفتح الطاء المهملة، وسكون اللام، وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه. (الأنساب 8/ 246) .
[2] ذكره ابن الأنباري باسم «سليمان» . وقال: ثقة، نشأ بالمدرسة النظامية ببغداد، ونزل بأصبهان وسكنها، وأكثر فضلائها قرءوا عليه وأخذوا عنه الأدب. وذكره أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب في تاريخ أصبهان، واستوطن فيها، وكان جميل الطريقة، فاضلا، أديبا، حسن الأخلاق.
ودخل بغداد سنة ثلاثين وأربعمائة. وتشاغل بالأدب على أبي القاسم الثمانيني، وغيره. من أدباء وقته، وكان مليح الشعر، ومنه قوله:
تذلّل لمن إن تذلّلت له ... رأى ذاك الفضل لا للبله
وجانب صداقة من لم يزل ... على الأصدقاء يرى الفضل له
(نزهة الألباء 268، 269) وقال ابن النجار: قدم بغداد وقرأ بها النحو على الثمانيني، واللغة على ابن الدهان، وغيره، وبرع في النحو وكان إماما فيه وفي اللغة. وسمع الحديث من القاضي أبي الطيب الطبري، وغيره. وجال في العراق ونشر بها النحو، واستوطن أصبهان، وروى عنه السلفي. وصنّف تفسير القرآن، وكتابا في القراءات و «القانون في اللغة» عشر مجلّدات لم يصنّف مثله، وشرح «الإيضاح» لأبي علي الفارسيّ، وشرح «ديوان المتنبّي» و «الأمالي» وغير ذلك. مات في ثاني عشر من صفر سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وقيل سنة أربع وتسعين وأربعمائة. ومن شعره:
إن خانك الدهر فكن عائذا ... بالبيض والإدلاج والعيس
ولا تكن عبد المنى إنّها ... رءوس أموال المفاليس
وقال:
تقول بنيّتي: أبتي تقنّع ... ولا تطمح إلى الأطماع تعتد
وروض باليأس نفسك فهو أحرى ... وأزمن في الورى وعليك أعود
فلو كنت الخليل وسيبويه ... أو الفرّاء أو كنت المبرّد
لما ساويت في حيّ رغيفا ... ولا تبتاع بالماء المبرّد

(34/152)


وهو والد مدرّس النّظاميّة أَبِي عليّ الحُسين [1] بْن سلمان.
قَالَ السِّلَفيّ: هُوَ إمامٌ في اللُّغة. أخذ عَن ابن برهان، وطائفة.
- حرف الصاد-
122- صالح ابن الحافظ أَبِي صالح أحمد بْن عَبْد المُلْك النَّيْسابوريّ [2] .
المؤذِّن أبو الفضل.
تُوُفّي في شَعْبان.
روى اليسير، ومات في الكُهُولة [3] .
- حرف الطاء-
123- طاهر بْن الحُسين بْن عليّ بْن عَبْد المطلب بْن حَمْد [4] .
أبو المظفّر النَّسَفيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كان من العلماء الزّهاد.
__________
[ () ] (معجم الأدباء 11، 234- 236) ومن شعره أيضا:
يا ظبية حلّت بباب الطاق ... بيني وبينك أوكد الميثاق
فو حقّ أيام. الحمى ووصالنا ... قسما بها وبنعمة الخلّاق
ما مرّ من يوم ولا من ليلة ... إلّا إليك تجدّدت أشواقي
سقيا لأيام جنى لي طيبها ... ورد الخدود ونرجس الأحداق
(الوافي بالوفيات 15/ 312) .
[1] في نزهة الألباء: «الحسن» ، ومثله في: الوافي بالوفيات. وهو توفي سنة 525 هـ. وله ابن آخر يقال له أبو الحسن علي. كان أديبا فاضلا، وكان وجيها بالري إمّا وزيرا لبعض أمراء السلجوقية أو شبيها بالوزير. مدحه أبو يعلى ابن الهبارية.
[2] انظر عن (صالح بن أبي صالح) في: المنتخب من السياق 260 رقم 840 وقد وردت ترجمته في الأصل عقب ترجمة «كامكار» الآتية برقم (139) .
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «شاب سنّي متعصّب للسّنّة، فاضل محصّل، سمّعه أبوه الكثير، ولم يفته كثير أحد من مشايخي. وأدرك أسانيد المخلدي، والخفّاف، وأصحاب السيد والأصمّيّات.
توفي عصر يوم الجمعة السابع من شعبان سنة تسع وتسعين وأربعمائة» . «أقول» : ينبغي لهذا أن تؤخّر ترجمته من هنا إلى وفيات سنة 499 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/153)


سمع: الحُسين بْن عَبْد الواحد الشِّيرازيّ الحافظ، وميمون بْن عليّ النَّسَفيّ الأديب.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، ومات في رابع رمضان عَنْ ثمانين سنة.
- حرف العين-
124- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور [1] .
الحافظ أبو مُحَمَّد الطَّبَسيّ [2] .
يوصف بالفهم والحفظ.
سمع: ابن النَّقُّور، وعبد الوهّاب بْن مسور.
وكان مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات.
مات بخُراسان.
125- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن علي بْن صابر بن عُمَر [3] .
أبو القاسم السُّلَميّ الدمشقي أخو عَبْد الرحمن. ويُعرف بابن سيده.
محدِّث مشهور، كُتُب الكثير، وسمع واستنسخ [4] .
وروى عَنْ: الحافظ عَبْد العزيز الكتّانيّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن [أَبِي] الحديد، وأبي القاسم بْن أَبِي العلاء.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن مقاتل [5] .
وعاش إحدى وأربعين سنة [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الطّبسيّ: بفتح الطاء المهملة والباء المنقوطة بواحدة، والسين المهملة. هذه النسبة إلى طبس، وهي بلدة في برّيّة بين نيسابور وأصبهان وكرمان. (الأنساب 8/ 209) .
[3] انظر عن (عبد الله بن أحمد) في: تاريخ دمشق (عبادة بن أوفى- عبد الله بن ثوب) 333، 334 رقم 153، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 12/ 21 رقم 22، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 287، 288.
[4] وحدّث باليسير.
[5] وأنشد قول ابن صابر السلمي:
صبرا لحكمك أيّها الدهر ... لك أن تجور ومنّي الصبر
آليت لا أشكوك مجتهدا ... حتى يردّك من له الأمر
[6] وسئل عن مولده فقال: ولدت ليلة الثلاثاء العتمة لتسع بقين من ذي القعدة من سنة اثنتين

(34/154)


126- عَبْد اللَّه بْن جَابِر بْن ياسين بْن الحُسين [1] .
أبو مُحَمَّد العسْكريّ [2] الحِنّائيّ [3] ، الفقيه الحنبليّ.
تفقّه عَلَى: القاضي أَبِي يَعْلَى، وكان خال أولاده.
وسمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابن أخيه أبو الحُسين بْن أَبِي يَعْلَى، وعُمَر بْن ظفر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صدوقًا. مليح المحاضرة، حَسَن الخط، بهيّ المنظر.
كَانَ يستملي للقاضي أَبِي يَعْلَى بجامع المنصور [4] .
وقال السِّلَفيّ: كَانَ من مشاهير المحدثين وثقاتهم.
وقال أبو الحُسين: تُوُفّي خالي في العشرين من شوّال. وكان مولده سنة تسع عشرة [5] .
127- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن العربيّ [6] .
أبو محمد المعافريّ الإشبيليّ.
__________
[ () ] وخمسين وأربعمائة.
[1] انظر عن (عبد الله بن جابر) في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2/ 252، 253 رقم 691، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 87، 88 رقم 36 وفيه: «الحسن» بدل «الحسين» .
[2] العسكري: بفتح العين، وسكون السين المهملتين وفتح الكاف، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى مواضع وأشياء. فأشهرها المنسوب إلى عسكر مكرم وهي بلدة من كور الأهواز يقال لها بالعجمية الشكر (الأنساب 8/ 452) .
[3] الحنّائيّ: بكسر الحاء المهملة وفتح النون المشدّدة وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى بيع الحنّاء، وهو نبت يخضبون به الأطراف. (الأنساب 4/ 244) .
[4] طبقات الحنابلة 2/ 252 وفيه: «علّق عنه قطعة من المذهب والخلاف، وكتب أشياء من تصانيفه» .
[5] وقال أيضا: وسمعت منه عدّة أجزاء، وكان صادق اللهجة، حسن الوجه، مليح المحاضرة، كثير القراءة للقرآن، مليح الخط، حسن الحساب.
وذكر القاضي عياض أنه سأل أبا علي بن سكّرة عنه، فقال: كان شيخا مستورا، فاضلا. وقال ابن السمعاني: وكان أبوه أبو الحسن جابر بن ياسين ثقة، من أهل السّنّة. توفي سنة 464 هـ.
(ذيل طبقات الحنابلة 1/ 88) .
[6] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 288 رقم 635، ووفيات الأعيان 4/ 297، وسير أعلام النبلاء 19/ 130، 131 رقم 68، والوفيات لابن قنفذ 262، 263 رقم 493، والوافي بالوفيات 3/ 330 في ترجمة ابنه «محمد بن عبد الله بن محمد» .

(34/155)


قَالَ ابن بَشْكُوال [1] : هُوَ والد شيخنا القاضي أَبِي بَكْر بْن العربيّ. سمع ببلده من مُحَمَّد بْن أحمد بْن منظور، ومن أَبِي مُحَمَّد بْن خزرج.
وبقرطبة من مُحَمَّد بْن عتّاب.
وأجاز لَهُ أبو عُمَر بْن عَبْد البر.
ورحل مَعَ [2] ابنه سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة، وحجّ. وسمعا بالشّام والعراق. وكان أبو مُحَمَّد من أهل الآداب الواسعة، واللّغة، والبراعة، والذكاء، والتقدم في معرفة الخبر والشعر والافتتان بالعلوم وجمعها.
تُوُفّي بمصر في المحرَّم منصرفًا عَن المشرق [3] . وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
وقال ابن عساكر [4] في ترجمته: أنبأني أبو بَكْر مُحَمَّد بْن طَرْخان قَالَ: قَالَ لي أبو مُحَمَّد بْن العربيّ: صَحِبْتُ الْإِمَام أبا مُحَمَّد بْن حزْم سبعة أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مصنفاته سوى المجلَّد الأخير من كتاب «القصد» ، وسوى أكثر كتاب «الإيصال» .
قلت: مدح الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير بعدّة قصائد [5] .
128- عَبْد الجليل بْن مُحَمَّد بن الحسين [6] .
__________
[1] في الصلة 1/ 288.
[2] في الأصل: «عن» ، والمثبت عن: الصلة.
[3] وقد ذكر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في ترجمة ابنه: «محمد بن عبد الله بن محمد» أنه رجع إلى الأندلس بعد أن دفن أباه في رحلته- أظنّ ببيت المقدس-. (سير أعلام النبلاء 20/ 199) . أما ابن خلّكان فيقول إنه توفي بمصر. (وفيات الأعيان 4/ 297) .
[4] لم أجد قوله في تاريخ دمشق، ولا في تبيين كذب المفتري. ولعلّه في بعض مصنّفاته الأخرى. أو لعلّه ذكره في ترجمة ابنه محمد.
[5] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في ترجمة ابنه أبي بكر محمد: وكان أبوه أبو محمد- أي صاحب الترجمة- من كبار أصحاب أبي محمد بن حزْم الظاهري بخلاف ابنه القاضي أبي بكر، فإنه منافر لابن حزم، محطّ عليه بنفس ثائرة. (سير أعلام النبلاء 20/ 198) .
[6] انظر عن (عبد الجليل بن محمد) في: تاريخ دمشق (عبد الله بن مسعود- عبد الحميد بن بكار) 39/ 448، 449، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 166 رقم 101.

(34/156)


أبو سعْد السّاوي [1] التّاجر.
كَانَ يتاجر إلى مصر والشام، ويسمع ويكتب. وشهد عند قاضي القضاة الدّامغانيّ في سنة خمس وستّين وأربعمائة. ثمّ ارتفع شأنه، ورتب في أعمال جليلة.
سمع بمصر: القاضي أبا عَبْد اللَّه القُضاعيّ، وعبد العزيز بْن الحَسَن الضّرّاب. وبآمِد: أحمد بْن عَبْد الباقي بْن طوق المَوْصِليّ.
وبتنيس: رمضان بْن عليّ.
وبدمياط: عَبْد اللَّه بْن عبد الوهّاب.
وبدمشق: أبا القاسم الحُسين بْن مُحَمَّد الحِنّائيّ، وعبد الصَّمد بْن تميم.
وبالبصرة: أبا عليّ التُّسْتَريّ.
وببغداد: أبا الحُسين بْن المهتدي باللَّه. وخلقًا سواهم.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن البطّيّ، وشُهْدَة، وغيرهم [2] .
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: مات في رجب.
129- عَبْد الصَّمد بْن عليّ بْن الحُسين بْن البدن [3] .
أبو القاسم الصّفّار البغداديّ.
والد الشَّيْخ عَبْد الخالق.
سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان.
روى عَنْهُ: ابنه، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
كَانَ سُنِّيًّا قويّ النَّفس، يَضرب ويُعاقب بمحلّته [4] .
__________
[1] الساوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى ساوة بلدة بين الري وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
وفي الأصل تصحفت إلى: «البساوي» .
[2] وقال ابن عساكر: وحدّث بدمشق، فسمع منه بها طاهر الخشوعي في سنة ثمان وخمسين، وسكن بغداد، وشهد بها. (تاريخ دمشق) .
[3] انظر عن (عبد الصمد بن علي) في: المنتظم 9/ 116، 117 رقم 176 (17/ 58 رقم 3698) .
[4] في المنتظم: «المحملة» .

(34/157)


130- عَبْد العزيز بْن عُمَر بْن أحمد الزَّعْفرانيّ [1] .
الأصبهاني.
روى عن: أبي بكر بن أبي عليّ.
وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
131- عَبْد الغفّار بْن طاهر بْن أحمد بْن جعفر بْن دوّاس [2] .
البزّار، أبو أحمد.
تُوُفّي في أواخر رمضان.
روى عَنْ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ [3] «صحيح الْبُخَارِيّ» ، وروى عَنْ أَبِي مسعود البَجَليّ.
قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه ولم يكن التّحديث من شأنه.
132- عَبْد القاهر بْن عَبْد السّلام بْن عليّ [4] .
أبو الفضل العبّاسيّ الشّريف النُّقيب الْمَكِّيّ.
تلميذ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحُسين الكارَزِينيّ [5] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ فقيه الهاشميّين. وكان من سراة النّاس، استوطن بغداد، وتصدّر للإقراء، وصار قدوة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأردستاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الدال، وسكون السين المهملتين وفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أردستان وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرّية عند ازوارة بينهما، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
وقال ابن السمعاني: ورأيت بخط والدي- رحمه الله- وكان ضبطها عن الحافظ الدقاق بكسر الألف والدال. (الأنساب 1/ 177) .
[4] انظر عن (عبد القاهر بن عبد السلام) في: المنتظم 9/ 117 رقم 178 (17/ 58 رقم 3700) ، والعبر 3/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 203، ومرآة الجنان 3/ 156، وشذرات الذهب 3/ 400.
[5] الكارزيني: بفتح الكاف والراء وكسر الزاي بعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى كارزين، وهي من بلاد فارس بنواحيها مما يلي البحر. (الأنساب 10/ 316) .

(34/158)


وكان قيّما بالقراءات، أخذها عَن الكارَزِينيّ.
وسمع من: أَبِي الحَسَن بْن صخر، وسعد الزّنْجانيّ.
قرأ عَلَيْهِ بالرّوايات: أبو مُحَمَّد سِبْط الخيّاط، وصنّف كتاب «المبهجي» في رواياته عَنْهُ.
وقرأ عَلَيْهِ أيضًا: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، ودعوان بْن عليّ.
وقرأت بخطّ أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عطّاف قَالَ: رحمة اللَّه عَلَى هذا الشريف، فلقد كَانَ عَلَى أحسن طريقةٍ سلكها الأشراف من دين مكين، وعقل رزين، قدِم من مكّة وأقام بالمدرسة النظامية، فأقرأ بها القرآن عَنْ جماعة، وحدَّث. جميل الأمر.
وقال غيره: تُوُفّي في يوم الجمعة من جُمَادَى الآخرة، وقال: وُلِدت سنة خمس وعشرين.
133- عَبْد الكريم بْن المؤمِّل بْن المحسن بْن عليّ [1] .
أبو الفضل السُّلَميّ الكفرطابيّ [2] ، ثمّ الدّمشقيّ البزار.
سمع جزءًا من عبد الرحمن بن أبي نصر التميمي.
روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن صابر، وطاهر الخشوعي، وعُمَر الدهستاني [3] ، وأبو المكارم عَبْد الوهّاب.
ووثَّقهُ ابن صابر وقال: سألته عَنْ مولده فقال: سنة عشر وأربعمائة. وتوفّي في المحرّم.
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن المؤمّل) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 185 رقم 179.
[2] الكفرطابي: بفتح الكاف والفاء وسكون الراء وفتح الطاء المهملة وفي آخرها الباء الموحّدة.
هذه النسبة إلى كفر طاب وهي بلدة من بلاد الشام عند معرّة النعمان بين حلب وحماة.
(الأنساب 107/ 448) .
[3] الدّهستاني: بكسر الدال المهملة والهاء، وسكون السين المهملة وفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى دهستان، وهي بلدة مشهورة عند مازندران وجرجان.
(الأنساب 5/ 378، 379) .

(34/159)


ووقع لنا ذَلِكَ الجزء.
134- عليّ بْن سَعِيد بْن محرز [1] .
العلّامة أبو الحَسَن العَبْدَريّ الميورقي [2] ، نزيل بغداد.
من كبار الشافعية.
سمع من: القاضيين أَبِي الطَّيِّب، والماورديّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ.
وتفقّه بالشيخ أَبِي إِسْحَاق.
وصنَّف في المذهب والخلاف كتبًا. وكان ديِّنًا حَسَن الطّريقة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وسعد الخير، وعبد الخالق بْن يوسف.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة سنة ثلاثٍ [3] .
ذكره ابن النّجّار.
135- عَبْد الهادي بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [4] .
أبو عَرُوبَة ابن شيخ الإسلام الأنصاريّ الهرويّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 422، 423 رقم 906، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 298، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 277، 278 رقم 236، وهدية العارفين 1/ 694، وكشف الظنون 1499، ومعجم المؤلفين 7/ 100.
[2] الميورقي: بفتح الميم وضم الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وراء مهملة وقاف. نسبة إلى ميورقة. وهي جزيرة شرقي الأندلسي.
[3] وقال ابن بشكوال: من أهل جزيرة ميورقة، سمع بها قديما من أبي محمد بن حزم، وأخذ عنه أيضا ابن حزم. ورحل إلى المشرق وحجّ، ودخل بغداد وترك مذهب ابن حزم وتفقّه عند أبي بكر الشاشي، وله تعليق في مذهب الشافعيّ.
وسمع من الخطيب أبي بكر بن ثابت البغدادي، وغيره. أخبرني بذلك أبو بكر بن العربيّ وذكر أنه صحبه ببغداد وأخذ عنه وأثنى عليه، وقال لي: تركته حيّا ببغداد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وتوفي بعد ذلك.
وذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا وقال: صديقنا أبو الحسن الفقيه العبدري رجل من أهل الفضل والمعرفة والأدب وهو من جزيرة ميورقة. (الصلة) .
وقال السبكي: له «مختصر الكفاية» في خلافيات العلماء، وقد وقفت عليها بخطّه من بني عبد الدار ومن أهل موقة (هكذا) من بلاد الأندلس. كان رجلا عالما مفتيا عارفا باختلاف العلماء وقال أيضا: وحدّث باليسير. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 298) .
[4] ذكره هكذا دون ترجمة. ولم أجد مصدر ترجمته.

(34/160)


136- عليّ بْن المبارك بْن عُبَيْد اللَّه [1] .
أبو القاسم الوقاياتي [2] .
مات ببغداد في شَعْبان.
روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن بِشْران.
وكان صالحًا ضريرا فقيرا [يسكن] [3] ترب الرصافة.
137- علي بن محمد بن حسين [4] .
أبو الحسن البخاري، ويعرف بابن خذام [5] .
روى عَنْ: أَبِي الفضل منصور الكاغدي.
وقيّده أبو العلاء الفَرَضِيّ بالكسر وبدال مهملة [6] ، وقال: روى عَنْ:
منصور، وعن: جَدّه لأمّه الحُسين بْن الخضر النَّسَفيّ، وأبي نَصْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُسْلِم.
وعنه: صاعد بْن مُسْلِم، وأبو جعفر الخُلْميّ [7] ، وأبو المعالي بن أبي اليسر
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الوقاياتي: بكسر الواو وفتح القاف والياء المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة. ويقال لمن يبيعها:
الوقاياتي. (الأنساب 12/ 282) .
[3] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[4] انظر عن (علي بن محمد) في: الأنساب 56، 57، واللباب 1/ 426، والمشتبه في الرجال 1/ 146، وسير أعلام النبلاء 19/ 180، 181 رقم 101، والجواهر المضيّة 2/ 605، والطبقات السنية، رقم 1505.
[5] هكذا قيّده المؤلّف- رحمه الله- هنا، والمشتبه 1/ 146.
[6] وكذا في الأنساب 5/ 56، واللباب 1/ 426) ، أما في (الإستدراك لابن نقطة) في باب:
الجذامي والخذامي.. وأما الخذامي بكسر الخاء المعجمة والباقي مثله فهو: أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن خذام الخذامي الواعظ، بخارى. حدّث عن أبي الفضل منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مت الكاغذي، روى عنه أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الخلمي» .
ووقع في (المشتبه) بالذال المعجمة فردّه (التوضيح) وقال: الصواب إهمالها وقبلها خاء معجمة مكسورة. (انظر تعليق العلّامة اليماني بحاشية الأنساب 5/ 57) .
[7] الخلمي: بضم الخاء المنقوطة بواحدة وسكون اللام. هذه النسبة إلى بلدة بنواحي بلخ على عشرة فراسخ منها. يقال لها خلم. وهي من بلاد العرب، نزلها الأزد وبكر وتميم وقيس. وهي

(34/161)


المَرْوَزِيّ، وعُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ الحافظ.
سمع أبو سعْد السّمعانيّ وابنه من خلْق من أصحابه [1] .
- حرف الكاف-
138- كامكار [2] بْن عَبْد الرّزّاق بْن محتاج [3] .
أبو مُحَمَّد المحتاجي المَرْوَزِيّ الأديب.
كُتُب الكثير، وعلَّم العربية، وتخرَّج بِهِ جماعة.
ورحل في الحديث.
سمع: أحمد بْن مُحَمَّد بن إبراهيم الصّدفيّ، وأردشير بن محمد الهشاميّ، وطائفة.
وعنه: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، والنعمان بْن مُحَمَّد [4] ، وتميم بْن مُحَمَّد [5] ، وعتيق بْن عليّ، وعبد الكريم بْن بدر المراوزة شيوخ عَبْد الرحيم بن السّمعانيّ.
وُلِد بعد عشر وأربعمائة، ومات في عاشر رمضان سنة 93.
- حرف اللام-
139- لامعة بنت سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد بْن مَعْدان البقال [6] .
الأصبهانية.
سَمِعْتُ من: أبي سعيد بن حسنويه الكاتب.
__________
[ () ] مدينة صغير فيها قرى ورساتيق وشعاب. (الأنساب 5/ 164) .
[1] ذكر بعضهم في (الأنساب 5/ 57) .
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد (المظفر بن عبد الغفار) الآتية برقم (153) ، فقدّمت إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[3] انظر عن (كامكار) في: التحبير في المعجم الكبير لابن السمعاني (انظر فهرس الأعلام) 2/ 545.
[4] قال ابن السمعاني إن النعمان هذا كان في مكتب كامكار. (التحبير 2/ 348) .
[5] وهو قرأ الأدب عليه في صغره، وسمع منه الحديث. (التحبير 2/ 454) .
[6] وردت ترجمة (لامعة بنت سعيد) في الأصل بعد ترجمة «عبد الكريم بن المؤمّل» التي تقدّمت برقم (134) ، وأخّرناها هنا لمراعاة ترتيب الحروف.

(34/162)


وروت كثيرًا بالإجازة من: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وعليّ بْن ميلة، وأبي القاسم بْن بِشْران.
أخذ عَنْهَا: أبو بَكْر الصقلي السمنطاري [1] في سنة تسع وعشرين وأربعمائة وهي شابة.
وأكثر عَنْهَا: أبو طاهر السِّلَفيّ، وقال: مات أبو بَكْر بصقلية في سنة 464 [2] قبلها بنحو ثلاثين سنة.
قلت: وقع لنا من حديثها.
- حرف الميم-
140- مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أبرويْه الأسكوراني [3] .
وأسكوران [4] من ضياع إصبهان.
قَالَ السِّلَفيّ: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. وأنا قَالَ: أَنَا جدي منصور بْن مُحَمَّد بْن بِهْرام، أَنَا أبو الشَّيْخ، فذكر أحاديث.
141- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن هرمية [5] .
أبو منصور.
بغداديّ من قدماء شيوخ شُهْدَة.
يروي عَنْ: البَرْقانيّ.
وروى عَنْه: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
142- مُحَمَّد بن محمد بن الحسين ابن المحدِّث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد [6] .
__________
[1] في الأصل: «السميطاري» ، والتصحيح من (معجم البلدان 3/ 253) وفيه: سمنطار: قيل هي قرية في جزيرة صقلّيّة. ومنها أبو بكر عتيق السمنطاري الرجل الصالح العابد.
[2] معجم البلدان 3/ 254، المكتبة العربية الصقلّية 113، 114.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم يذكرها ابن السمعاني، ولا ياقوت.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (محمد بن محمد البزدوي) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 407، 543، 585

(34/163)


العلّامة أبو اليسر البزدوي [1] النَّسَفيّ، شيخ الحنفيّة بما وراء النهر.
قَالَ عُمَر بْن مُحَمَّد النَّسَفيّ في كتاب «القند» [2] : كَانَ إمام الأئمّة عَلَى الإطلاق، والموفود إِلَيْهِ من الآفاق. ملأ الشرق والغرب بتصانيفه في الأُصُول والفُروع.
وكان قاضي قضاة سَمَرْقَنْد. وكان يدرس في الدّار الجوزجانيّة ويُمْلي فيها الحديث.
تُوُفّي ببخارى في تاسع رجب.
قَالَ السّمعانيّ: عرف بالقاضي الصدر، ولد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. ثنا عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأحمد بْن نَصْر الْبُخَارِيّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر السّنجيّ، وعمر بن أبي الصّابونيّ، وأبو رجاء محمد بن محمد الخِرَقيّ [3] .
143- مُحَمَّد بْن سابق [4] .
أبو بَكْر الصقلي [5] .
روى عَنْ: كريمة المَرْوَزِيّة بغرناطة.
وكان خبيرًا بعلم الكلام.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر، وعليّ بْن أحمد المقرئ.
مات بمصر في ربيع الأوّل.
__________
[ () ] و 2/ 187، 287، 288، 291، والأنساب 2/ 189، وسير أعلام النبلاء 19/ 49 رقم 30، والجواهر المضيّة 2/ 116 و 270، 271، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 48، 49، وتاريخ الخلفاء للسيوطي 426، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 185، والفوائد البهية للكنوي 188، وهدية العارفين 2/ 77، وكشف الظنون 1581، ومعجم المؤلفين 11/ 210.
[1] البزدوي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الزاي وفتح الدال المهملة وفي آخرها الواو.
هذه النسبة إلى بزدة وهي قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف على طريق بخارا. (الأنساب 2/ 188) .
[2] اسمه: «القند في تاريخ سمرقند» .
[3] وقال في (الأنساب) : أملى ببخارى الكثير، ودرّس الفقه، وكان من فحول المناظرين.
والخرقي: بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى بيع الثياب والخرق. (الأنساب 5/ 91) .
[4] انظر عن (محمد بن سابق) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 604 رقم 1325.
[5] في الأصل: «الصيقلي» وهو غلط.

(34/164)


144- المحسن [1] .
أبو نَصْر الفرقدي [2] الأصبهاني.
وُلِد سنة عشر وأربعمائة، وسمع في كِبَرِه من: هارون بْن مُحَمَّد الكاتب صاحب الطّرّاز.
حدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ، وترجمه هكذا فيها.
145- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسين بْن الدّوانيّ [3] .
أبو طاهر الدّبّاس [4] .
شيخ بغداديّ.
حدث عن: أبي القاسم بن بشران.
روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.
ومات في شعبان.
146- محمد بن إبراهيم بن الحسن [5] .
الزاهد أبو بكر الرازي، الفقيه الحنفي، الرجل الصّالح.
قال ولد الزكي عبد العظيم: هو الشيخ الصالح، صاحب الكرامات الظّاهرة، والدّعوات المُجابة السّائرة.
سكن الإسكندريّة، وحدّث عن: إسحاق الحبّال الحافظ.
وتوفي بالإسكندرية سنة ثلاث وتسعين.
147- مُحَمَّد بْن محمد بن جهير [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الفرقدي: بفتح الفاء والقاف بينهما الراء الساكنة وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى فرقد. (الأنساب 9/ 280) .
وفي (معجم البلدان) فرقد اسم موضع ببخارى.
وفي (لب اللباب للسيوطي 195) : فرقد: جدّ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الدّبّاس: بفتح الدال المهملة وتشديد الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها السين المهملة. هذه الحرفة لمن يعمل الدبس أو يبيعه. (الأنساب 5/ 267) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (ابن جهير الوزير) في: المنتظم 9/ 118، 119 رقم 182 (17/ 59، 60 رقم

(34/165)


الوزير عميد الدّولة أبو منصور ابن الوزير فخر الدّولة.
وَزَرَ في أيّام والده، وخدم ثلاثة خُلفاء، ولمّا احتضر القائم بأمر اللَّه أوصى بِهِ ولد ولده المقتدي باللَّه. وولي الوزارة للمقتدي سنة اثنتين [1] وسبعين، فبقي فيها خمس سنين، وعُزِل بالوزير أَبِي شُجاع. ثمّ عاد إلى الوزارة عند عزْل أَبِي شجاع سنة أربعٍ وثمانين، فبقي في الوزارة تسعة أعوام [2] .
وكان خيِّرًا، كافيا، مدبّرًا، شجاعًا، نبيلًا، رئيسًا، تياهًا، مُعْجَبًا، فصيحًا، مفوّها، مترسلًا، يتقعّر في كلامه، وله هَيْبة وسكون، وكلماته معدودة، وفضائله كثيرة. وللشُّعراء فيه مدائح كثيرة.
وآخر أمره أنّ الخليفة حبسه في داره بعد أن صادره وزير السّلطان
__________
[ () ] 3704) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 83، والمناقب المزيدية 427، وتاريخ الفارقيّ 207، 216، 219، 224- 228، وخريدة القصر وجريدة العصر لابن العماد (قسم شعراء العراق ج 1/ 87- 93، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 949، 950، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 202، وديوان صرّدر 67، والكامل في التاريخ 10/ 298، 299، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 382، 386- 394، ووفيات الأعيان 5/ 131- 134 رقم (230) ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 213، 214، والفخري لابن طباطبا 296، 297، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 271، والعبر 3/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 175، 176 رقم 97، والوافي بالوفيات 1/ 122 في ترجمة أبيه و 1/ 272، 273 رقم 173، والبداية والنهاية 12/ 159، والنجوم الزاهرة 5/ 165، 166، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 9، والأعلام 7/ 246.
[1] في الأصل: «لرر» ، والمثبت عن: سير أعلام النبلاء 19/ 175.
[2] قال الشيخ «شعيب الأرنئوط» في تحقيقه لكتاب (سير أعلام النبلاء 19/ 176 بالحاشية رقم 1) ما نصّه: «وقد نظم فيه الشاعر أبو منصور المعروف بصرّدرّ القصيدة المشهورة وأولها:
قد رجع الحق إلى نصابه ... وأنت من دون الورى أولى به
ما كنت إلّا السيف سلّته يد ... ثم أعادته إلى قرابه»
ثم أورد منها ثلاثة أبيات أخرى.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا خطأ، فأبو منصور المعروف بصرّدر أنشد قصيدته المذكورة في أبي نصر محمد بن جهير الملقّب فخر الدولة مؤيّد الدين الموصلي عند ما عاد إلى الوزارة في شهر صفر سنة إحدى وستين وأربعمائة، أي في والد صاحب الترجمة، وليس فيه هو. (انظر: وفيات الأعيان 5/ 129، 130) .
ومن ناحية أخرى فهو يذكر بين مصادر صاحب الترجمة كتاب «الوافي بالوفيات» 1/ 122، 123، وأقول: إن المذكور في الصفحتين المذكورتين هو فخر الدولة والد صاحب الترجمة.
أما ترجمته هو فهي مفردة في الجزء نفسه برقم (153) ص 272، 273، فليصحّح.

(34/166)


بركياروق، وأخذ من خمسة وعشرين ألف دينار في رمضان.
ثم أخرج من دار الخلافة، ميتا في سادس عشر شوال، وحمل إلى بيته، وغسل ودفن بتربة له، فقيل: إنه أهلك في حمام أغلق عليه.
وقيل: بل أهلك بأمراض وأوجاع مع شدة الخوف والفرق.
وكان قد اشتهر بالوفاء والعفة، وجودة الرأي، ووفور الهيبة، وكمال الرئاسة. لم يكن يعاب بأكثر من التكبر الزائد. فمن الذي كان يفرح بأن ينظر إِلَيْهِ نظرة أو يكلّمه كلمة.
قَالَ مرّة لولد الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن الصّبّاغ: «اشتغِلْ وتأدَّب، وإلّا كنت صبّاغًا، بغير أب» [1] .
فلمّا خرج من عنده هنَّأه من حضر بأن الوزير خاطبه بهذا.
ولمّا تغيّر المستظهر عَلَيْهِ بسعْي صاحب الدّيوان هبة اللَّه بْن المطَّلِب، وناظر الخزانة الحَسَن بْن عَبْد الواحد بْن الحصين، وصاحب ديوان الإنشاء ابن الموصلايا إلى المستظهر- وكانوا قد خافوا منه- فخرج المرسوم بحِفْظ باب العامة لأجله، فأمر زوجته بالخروج إلى الحِلّة، وهيّأ لنفسه صُنْدُوقًا يدخل فيه، ويكون من جملة صناديق زوجته، فلمّا قعد فيه أسرع الخروج منه وقال: لا يتحدّث النّاس عنّي بمثل هذا.
وكان خواصّ الخليفة أيضًا قد ملّوه وسئموه، فأُخِذ وحُبِس.
قَالَ ابن الحُصَيْن المذكور: وجدتُ عميد الدّولة قد استحال في محبسه،
__________
[1] خريدة القصر ج 1/ 92، 93 في فصل عن عميد الدولة ذكره الهمذاني في تاريخه، فقال:
«انتشر عنه الوقار والهيبة والعفّة وجودة الرأي، وخدم ثلاثة من الخلفاء، ووزر لاثنين منهم.
وكان عليه رسوم كثيرة وصلات جمّة مع استزادة الناس له. وكان نظام الملك يصفه دائما بالأوصاف العظيمة، ويشاهده بعين الكافي الشهم، ويأخذ رأيه في أهمّ الأمور، ويقدّمه على الكفاة والصدور. ولم يكن يعاب بأشدّ من الكبر الزائد، وأنّ كلماته كانت محفوظة مع ضنّه بها. ومن كلّمه بكلمة قامت عنده مقام بلوغ الأمل» ، ثم ذكر قوله لابن الصبّاغ، وفيه: «اشتغل وادأب» ، وكذا في: الوافي بالوفيات 1/ 272، والمنتظم 17/ 60 والمثبت يتفق مع (وفيات الأعيان 5/ 132) .

(34/167)


واشتدّ إشفاقه، جعل يخاطبني ويقول: يا روحي ويا قُرّة عيني، وأنشد لي في عَرْض حديثه. ثمّ قَالَ: نازلت الحصون وشهدت الوقائع والحروب فاستهنت بحظّنا، وقد قنطت من النّجاة، ولا أعرفها إلّا منك. وأريد المُقام في مُقامٍ آمر فيه بسفارتك، فقد غرقت بالمصيبة.
فوعدته بأنّني أستعطف الخليفة، وخرجت، وجلست [أكتب] [1] ما أُرَقّق بِهِ قلب الخليفة عَلَيْهِ. فدخل عليَّ أبو نَصْر بْن الموصلايا، فجذب الورقة منّي، وقال: لَئن خرج، فما يبعد هلاكنا بتوصُّلِه، لأنّه يعلم أنّ القبض عَلَيْهِ كَانَ من جانبك.
فترك ابن الحُصَيْن الكتابة.
وقال ابن الحُصَيْن: آخر ما سُمع منه التَّشهُّدُ والرجوع إلى اللَّه.
وكان المستظهر باللَّه قد أقطع عميد الدّولة إقطاعًا بثلاثين ألف دينار، فعمَّره، فقال الّذين تكلّموا فيه للخليفة: إنّه قد أخرب نواحيك وعمَّر نواحيه، وأنّه وأنّه.. فقنص عَلَيْهِ.
وكان مولده في أوّل سنة خمسٍ وثلاثين. وقدِم بغدادَ مَعَ أَبِيهِ وله عشرون سنة، فسمع الحديث في الكهولة من: أَبِي نَصْر النَّرْسيّ، وعاصم بْن الحَسَن، وأبي إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وأبي القاسم البُسْريّ.
سمع منه: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن عمر البخاريّ المعروف بِكَاك، وقاضي القُضاة أبو القاسم عليّ بْن الحُسين الزَّيْنَبيّ، وغيرهم.
وقد شكى إِلَيْهِ الحرّاس بأمر أرزاقهم، فكتب عَلَى رقعتهم: من باع حطبًا [2] بقُوت يومه فسَبيله أنّ يُوَفَّى، وهؤلاء قوم ضُعفاء.
وقال قاضي القُضاة أبو الحَسَن عليّ بْن الدّامغانيّ: كنّا بحضرة عميد الدّولة، فسقط من السَّقْف حيَّة عظيمة، واضطّربت بين يديه، فبعدنا، واستحالت ألوانُنا، سواه، فإنه جلس موضعه حتّى قتلها الفرّاشون.
__________
[1] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[2] في الأصل: «باع حطب» .

(34/168)


ومن شِعر عميد الدولة.
إلى مَتَى أنت في حِلٍّ وتَرْحال ... تبغي العُلَى والمعالي مَهْرُها غَالي؟ [1]
يا طالبَ المجدِ، دونَ المجدِ مَلْحَمةٌ [2] ... في طَيِّها خَطَرٌ بالنّفسِ والمالِ
وللّيالي صُرُوفٌ قلّ ما انْجَذَبَتْ ... إلى مُرادها في سعي ولا مال [3]
__________
[1] في الخريدة: «غال» ، والمثبت يتفق مع (الفخري) .
[2] في الأصل: «ملجمة» .
[3] في الخريدة ورد هذا الشطر هكذا:
«إلى مراد امرئ يسعى لآمال»
والأبيات في: خريدة القصر 1/ 91، والفخري 297.
وقال ابن العماد: كان ذا شهامة وصرامة، وحصافة وفصاحة، وحماسة وسماحة. له من الوقار والهيبة ما لم يعرف في غير الطود الأشمّ، والبحر الخضمّ. ورد مع فخر الدولة أبيه بغداد في أيام القائم بأمر الله سنة أربع وخمسين، وولي أبوه الوزارة، وكان بميّافارقين يخدم بني مروان، ثم كاتب أمير المؤمنين وبذل بذولا، وأخرج إليه نقيب النقباء طراد الزينبي، فقرّر معه ما أراد تقريره. ثم خرج معه كأنه مودّع له، وتمّ إلى بغداد، وتولّى وزارة القائم، وبقي فيها إلى آخر عهد القائم، ومعه ولداه أبو منصور، وأبو القاسم زعيم الرؤساء. فلقّب هذا عميد الدولة. وكان ينوب عن والده. فلما عزل أبوه في أيام المقتدي بعد ما وزر له سنين سنة إحدى وسبعين، خرج عميد الدولة إلى نظام الملك واسترضاه، وعاد إلى بغداد وتولّى الوزارة مكان أبيه.
وخرج أبوه عن السلطان ملك شاه لفتح ديار بكر ومحاربة ابن مروان في ميافارقين، وكان فتحها على يده. وبقي في وزارة المقتدي إلى أن عزل، وتولّى الوزير أبو شجاع، ثم وزر للمقتدي باللَّه بعد عزل أبي شجاع ثانيا، ووزر بعد وفاته للمستظهر باللَّه، وعزل مرة وأعيد إلى الوزارة، وعزل في سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وعاش بعد ذلك.
وله مقطّعات حسنة، فمنها له، وأورده السمعاني في الذيل:
يقول صديق باللسان مخاتر ... كما قيل في الأمثال عنقاء مغرب
فأمّا إذا ما رمت شخصا معيّنا ... من الناس موجودا، فذلك متعب
(الخريدة ج 1/ 870- 91) و «مخاتر: مخادع» .
وقال ابن طباطبا:
كان القائم والمقتدي يرسلانه في رسائل إلى السلاطين فتنجح على يده. وكان فاضلا حصيفا، فاستحلاه نظام الملك وزير السلطان، وكان يعجب منه ويقول: وددت أني ولدت مثله. ثم زوّجه ابنته. واستوزره المقتدي وفوّض الأمور إليه. ثم عزله فشفع له نظام الملك فأعيد إلى الوزارة. فقال ابن الهبّارية الشاعر يهجو عميد الدولة:
لولا صفيّة ما استوزرت ثانية ... فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
صفيّة بنت نظام الملك الوزير التي تزوّجها عميد الدولة.
ثم وقع بين عميد الدولة وبين سلاطين العجم وقعة فطلبوا من الخليفة، ثم أخرج ميتا فدفن،

(34/169)


__________
[ () ] وكان يقول الشعر. (الفخري) .
وفي (وفيات الأعيان 5/ 132) :
وكان نظام الملك الوزير قد زوّجه زبيدة ابنته، وكان قد عزل عن الوزارة ثم أعيد إليها بسبب المصاهرة، وفي ذلك يقول الشريف أبو يعلى ابن الهبّارية:
قل للوزير ولا تفزعك هيبته ... وإن تعاظم واستولى لمنصبه
لولا ابنة الشيخ ما استوزرت ثانية ... فاشكر حرّا صرت مولانا الوزير به
ووجدت بخط أسامة بن منقذ: أن السابق بن أبي مهزول الشاعر المعرّي قال: دخلت العراق واجتمعت بابن الهبّارية، فقال لي في بعض الأيام: امض بنا لنخدم الوزير ابن جهير، وكان قد عزل ثم استوزر، قال السابق: فدخلت معه حتى وقفنا بين يدي الوزير، فدفع إليه رقعة صغيرة، فلما قرأها تغير وجهه ورأيت فيه الشرّ، وخرجنا من مجلسه فقلت: ما كان في الرقعة؟
فقال: خير، الساعة تضرب رقبتي ورقبتك. فأشفقت وقلقت، وقلت: أنا رجل غريب صحبتك هذه الأيام، وسعيت في هلاكي، فقال: كان ما كان. فقصدنا باب الدار لنخرج فردّنا البوّاب، فقال: أمرت بمنعكما، فقال السابق: أنا رجل غريب من أهل الشام ما يعرفني الوزير، وإنما القصد هذا، فقال البوّاب: لا تطوّل، فما إلى خروجك من سبيل، فأيقنت بالهلاك، فلما خفّ الناس من الدار خرج إليه غلام معه قرطاس فيه خمسون دينارا وقال: قد شكرنا فاشكر، فانصرفنا، ودفع لي عشرة دنانير منها، فقلت: ما كان في الرقعة؟ فأنشدني البيتين المذكورين، فآليت أن لا أصحبه بعدها.
ولعميد الدولة شعر ذكره في «الخريدة» ولكنه غير مرضيّ. وذكره ابن السمعاني في كتاب «الذيل» ، ومدحه خلق كثير من شعراء عصره، وفيه يقول صرّدر المذكور قصيدته العينية المشهورة التي أولها:
قد بان عذرك والخليط مودّع ... وحوى النفوس مع الهوادج يرفع
لك حيثما سمت الركائب لفتة ... أترى البدور بكل واد تطلع
في الظاعنين من الحمى ظبي له ... الأحشاء ومرعى والمآقي مكرع
ممنوع أطراف الجمال رقيبه ... حذرا عليه من اليون البرقع
عهد الحبائل صائدات شبهه ... فارتاع، فهو لكل حبل يقطع
لم يدر حامي سربه أنّي إذا ... حرم الكلام له لساني الأصبع
وإذا الطيوف إلى المضاجع أرسلت ... بتحية منه، فعينيّ تسمع
وعزل عميد الدولة المذكور عن الوزارة وحبس وقيّد في شهر رمضان المعظم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وتوفي في شوال من السنة.
وإليه كتب أبو الكرم ابن العلّاف الشاعر قوله:
ولولا مدائحنا لم تبن ... فعال المسيء من المحسن
فهبك احتجبت عن الناظرين ... فهلّا احتجبت عن الألسن
وتوفيت زوجته بنت نظام الملك المذكور في شعبان سنة سبعين وأربعمائة، وكان تزوّجها في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين في حصن مقابل لتلّ بها.

(34/170)


148- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو طَالِب بْن الصّبّاغ الأَزَجيّ [2] ، أخو الْإِمَام أبو نصر مصنّف «الشّامل» .
__________
[ () ] وجهير: بفتح الجيم وكسر الهاء وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها راء. وقال السمعاني:
بضم الجيم، وهو غلط. يقال: رجل جهير بيّن الجهارة، أي ذو منظر، ويقال أيضا: جهير الصوت بمعنى جهوريّ الصوت. والله تعالى أعلم بالصواب. (وفيات الأعيان 5/ 132- 134) .
وقال الصفدي:
وله ترسّل حسن، وتواقيع وجيزة، وله شعر أيضا، وكانت له رياسة وسياسة، وهو من الوزراء الممدّحين.
قال العماد الكاتب: مدحه عشرة آلاف شاعر، ويقال إنه مدح بمائة ألف بيت شعر، ومن شعرائه مسعود بن العلاء المعروف بابن الخبّاز. ومن مدحه فيه من جملة قصيدة:
مجرّب الرأي يقظان البصيرة هجّام ... العزيمة قوّام البراهين
يريك في الدّست أطرافا وهيبته ... من الصعيد إلى أقطار جيحون
للحمد سوق لديه غير كاسدة ... وللمدايح أجر غير ممنون
وآخر أمره آل إلى أن حبسه الخليفة المستظهر في داره واستصفى أمواله وأموال من يلوذ به من العمّال والنوّاب، وأخرج ميتا في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وحمل إلى داره فغسّل فيها ودفن بالتربة الّتي استجدّها في قراح ابن رزين، ومنع أصحاب الديون التي عليه من دفنه في التربة وقالوا: هذه ملكه ولم يصحّ وقفها، ثم عجزوا عن إبطال ذلك.
وقيل إن المستظهر أدخل عميد الدولة ابن جهير حمّاما وسمّر عليه الباب إلى أن مات فيه، وأخرج للشهود ليشهدوا أنه ليس فيه أثر قتل، ليقال إنه مات حتف أنفه، ودخل في جملة الشهود أخوه الكافي، فصاح: يا أخي يا با منصور، قتلوك. وجعل يردّدها دفعات، فقيل: إن خمسمائة خادم خلعوا مداساتهم وخفافهم وصفعوه بها، فوقع ميّتا، ولم يسمع بمن مات هذه الميتة.
(الوافي بالوفيات 1/ 272، 273) .
وقال ابن الجوزي:
كان حسن التدبير، كافيا في مهمّات الخطوب، كثير الحلم، لم يعرف أنه عجل على أحد بمكروه، وقرأ الأحاديث على المشايخ، وكان كثير الصدقات، يجيز العلماء، ويثابر على صلاتهم. ولما احتضر القائم أوصى المقتدي بابن جهير، وخصّه بالذكر الجميل، فقال: يا بنيّ، قد استوزرت ابن المسلمة، وابن دارست، وغيرهما، فما رأيت مثل ابن جهير.
(المنتظم) .
وقال ابن الأثير إن عميد الدولة حين عزل أخذ من ماله خمسة وعشرون ألف دينار، وقبض عليه وعلى إخوته.. وكان عاملا، كريما، حليما، إلا أنه كان عظيم الكبر، يكاد يعدّ كلامه عدّا، وكان إذا كلّم إنسانا كلمات يسير هنّئ ذلك الرجل بكلامه.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] في الأصل: «الأرجي» بالراء المهملة. وهو كما أثبتناه بالزاي المعجمة المفتوحة. نسبة إلى

(34/171)


سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ.
149- مُحَمَّد بْن مأمون بْن عليّ [1] .
أبو بَكْر الأَبِيوَرْديّ المتولّي [2] .
سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ، وابنه، وخيّاط الصّوف، وغيرهم.
وقيل: سنة أربع [3] .
150- مُحَمَّد بْن المسلَّم بْن الحَسَن بْن هلال [4] .
أبو طاهر الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ المعدّل.
سمع من: جَدّه لأمّه أَبِي [5] القاسم بْن أَبِي العلاء المصِّيصيّ، وغيره.
ومات كَهْلًا [6] .
روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الحُسين الدّارانيّ.
151- المختار بْن مَعْبَد [7] .
أبو غالب الكاتب.
سمع: الجوهريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد النَّرْسيّ، وطائفة.
روى عَنْهُ: أبو البركات، والسّقطيّ.
__________
[ () ] باب الأزج، وهي محلّة كبيرة ببغداد.
[1] انظر عن (محمد بن مأمون) في: المنتخب من السياق 66 رقم 136، وستعاد ترجمته في المتوفين سنة 494 هـ.
[2] أي متولّي مدرسة البيهقي، كما في (المنتخب) برقم (196) .
[3] قال عبد الغافر: مستور، من أبناء أهل الورع، سمع من أصحاب الأصمّ.
غسّلته امرأته ودفن ليلا بشاهنبر مخافة الظَّلَمة والأعوان، وكان في زمان الغلاء والتشويش.
[4] انظر عن (محمد بن المسلم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 226 رقم 262 وفيه:
«بلال» بدل «هلال» .
[5] في الأصل: «أبو» وهو غلط.
[6] حدّث سنة 491 عن أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي. وولد سنة 448 هـ.
[7] وردت ترجمته في الأصل بعد ترجمة «عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور الطبسي» التي تقدّمت برقم (125) ، فأخّرتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.

(34/172)


وخرّج لَهُ أبو عامر العَبْدَريّ جزءًا.
تُوُفّي في ربيع الآخر عَنْ تسعٍ وسبعين سنة، وإنّما سمع وهو في عَشْر الأربعين.
152- المظفّر بْن عَبْد الغفّار [1] .
أبو الفتح البُرُوجِرْديّ [2] .
قرأ بالروايات على أبي بكر محمد بن علي الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء.
وتفقّه عَلَى الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق.
قرأ عَلَيْهِ جماعة.
قَالَ ابن ناصر: قرأت عَلَيْهِ القرآن، وأثنى عَلَيْهِ.
وسمع من الجوهريّ.
سمع منه: الحسين بن خسرو البلخيّ.
مات في ثامن ذي القعدة.
- حرف النون-
153- نصر [3] بن إبراهيم بن نصر [4] .
السّلطان شمس المُلْك صاحب ما وراء النّهر.
قال السمعاني: كان من أفاضل الملوك علما ورأيا وحزما وسياسة، وكان حسن الخط، كتب مصحفا ودرس الفقه في دار الجوزجانية، وخطب على منبر سمرقند وبخارى، وتعجب الناس من فصاحته، وأملى الحديث عن الشّريف
__________
[1] وردت ترجمته في الأصل مع الترجمة التي قبله مباشرة بعد ترجمة «عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن أَبِي منصور الطبسي» أيضا.
[2] البروجردي: بضم الباء والراء بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى بروجرد وهي بلدة حسنة كثيرة الأشجار والأنهار من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخا من همذان. (الأنساب 2/ 174) .
[3] وردت ترجمته في الأصل بعد ترجمة «أحمد بن سليمان بن خلف الباجي» رقم (105) ، فأخّرته إلى هنا باعتبار اسمه «نصر» ، وليس «تكين» كما جاء في الأصل.
[4] في الأصل: «تكين بن إبراهيم بن نصر» . والمثبت عن:
سير أعلام النبلاء 19/ 192، 193 رقم 113، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 416 رقم 1078، والأعلام 8/ 337.

(34/173)


حَمْد بْن مُحَمَّد الزُّبَيْريّ، وكتب النّاس عَنْهُ.
ونجز بيده بابًا لمقصورة باب الخطابة.
تُوُفّي في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين.
أنبئت عن أبي المظفّر ابن السّمعانيّ: أَنَا أبو المعالي مُحَمَّد بْن نَصْر المدينيّ الخطيب: ثنا الملك العالم شمْس المُلْك.. فذكر حديثًا موضوعًا في فضل أَبِي بَكْر وعُمَر.
- حرف الهاء-
154- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن أَبِي الغنائم [1] .
أبو مُحَمَّد البزّار.
شيخ صالح، بغداديّ.
روى عَنْ أَبِي طَالِب بْن غَيْلان أحاديث.
155- هبة اللَّه بْن عليّ [2] .
أبو تراب ابن الشُّرَيْحيّ [3] البغداديّ البزّار.
سمع: ابن دُوما النِّعَاليّ [4] .
روى عَنْهُ: أبو الحَسَن بْن حرّاز الخيّاط، والحافظ سَعْد الخَيْر.
- حرف الياء-
156- يحيى بْن عيسى بْن جَزْلَة [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الشّريحيّ: بضم الشين المعجمة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى شريح وهو القاضي المعروف، أو غيره. (الأنساب 7/ 329) .
[4] في الأصل: «النغالي» وهو غلط. وقد تقدّم التعريف بنسبة النعالي.
[5] انظر عن (يحيى بن عيسى) في: المنتظم 9/ 119 رقم 184 (17/ 61 رقم 3706) ، وتاريخ الحكماء 365، 366، والكامل في التاريخ 10/ 105، 302، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 343، وتاريخ الزمان لابن العبري 125، ووفيات الأعيان 6/ 267، 268، رقم 812، والمختصر في أخبار البشر 2/ 212، وفيه «جذلة» (بالذال المعجمة) ، وسير أعلام النبلاء

(34/174)


أبو عليّ البغداديّ، الطَّيِّب، مصنِّف «المنهاج» في الأدوية والعقاقير. كَانَ نصرانيًّا فأسلم، وصنَّف رسالة في الرّدّ عَلَى النّصارى وبيان عوار مذهبهم [1] .
وكان يقرأ الكلام عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد المعتزلّي، فكان يورد عليهم الحجج والدّلائل حتّى أسلم. وبرع أيضًا في الطّبّ. وصنَّف كُتُبًا للإمام المقتدي باللَّه، فمن ذَلِكَ: «تقويم الأبدان» ، وكتاب «الإشارة» [2] ، وأشياء [3] .
تُوُفّي في شَعْبان.
وكان إسلامه في سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
ذكره ابن خلّكان [4] ، وابن النّجّار [5] .
__________
[ () ] 19/ 188 رقم 108، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 259، 260، وتاريخ ابن الوردي 2/ 11، 12، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 96، 97، والبداية والنهاية 12/ 159، والنجوم الزاهرة 5/ 166، وإيضاح المكنون 1/ 85، وهدية العارفين 2/ 519، والأعلام 8/ 161، ومعجم المؤلفين 13/ 218.
وقد أضاف الشيخ «شعيب الأرنئوط» إلى مصادر الترجمة كتاب: «تاريخ مختصر الدول» وذكر أن مؤلّفه «العبري» والصحيح «ابن العبري» . كما وهم في ذكر هذا المصدر لأن المذكور فيه هو: «يحيى بن سعيد بن ماري الطبيب النصراني صاحب المقامات الستين، وتوفي سنة 589 هـ. فبينه وبين صاحب الترجمة «ابن جزلة» ما يقرب من المائة سنة. فليحرّر.
[1] وفيات الأعيان 6/ 267.
[2] في (وفيات الأعيان) : «الإشارة في تلخيص العبارة» .
[3] ومنها: كتاب «منهاج البيان فيما يستعمله الإنسان» ، ورسالة في مدح الطب وموافقته للشرع والرّد على من طعن عليه. ورسالة كتبها إلى إليا القسّ لما أسلم.
[4] في وفيات الأعيان 1/ 267، 268.
[5] وقال ابن الجوزي: واستخدمه أبو عبد الله الدامغانيّ في كتب السّجلّات، وكان يطبّب أهل محلّته وسائر معارفه بغير أجرة، بل احتسابا، وربّما حمل إليهم الأدوية بغير عوض، ووقف كتبه قبل وفاته، وجعلها في مسجد أبي حنيفة. (المنتظم) .
ومن شعره قوله يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وشاهرا السيف قبل السيف أنذرهم ... والناس قد عكفوا جهلا على هبل
إمام معجزة قولا وتمّمه ... فعلا فأحكمه بالقول والعمل
(المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 259) .

(34/175)


سنة أربع وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
157- أحمد بْن عليّ بْن الفضل بْن طاهر بْن الفُرات [1] .
أبو الفضل الدّمشقيّ.
سمع: أَبَاهُ، وأبا مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر، ومنصور بْن رامش، وأحمد بْن مُحَمَّد العَتِيقيّ، ورشأ بْن نظيف، وأبا عَبْد اللَّه بْن سَعْدان.
قَالَ ابن عساكر: [2] ثنا عَنْهُ هبة اللَّه بْن طاوس، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ، والحسين بْن أُشْليها [3] ، وابنه عليّ بْن الحُسين، وأحمد بْن سلامة.
قَالَ: وكان من أهل الأدب والفضل، إلّا أَنَّهُ كَانَ مُتَّهمًا برقة الدّين [4] ، رافضيًّا. وهو واقف الكُتُب الّتي في الجامع، في حلقة شيخنا أَبِي الحُسين بْن الشَّهْرَزُوريّ.
قَالَ ابن صابر: سألته عَنْ مولده فقال: بدمشق في ذي الحجة سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: تاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل) 52- 54 رقم 34، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 185، 186 رقم 223، وسير أعلام النبلاء 19/ 128، 129 رقم 66، والمغني في الضعفاء 1/ 48 رقم 372، وميزان الاعتدال 1/ 122 رقم 486، والعبر 3/ 339، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 106، ومرآة الجنان 3/ 156، ولسان الميزان 1/ 226 رقم 707، وشذرات الذهب 3/ 400، وتهذيب تاريخ دمشق 1/ 409، 410.
[2] في تاريخ دمشق 52.
[3] في الأصل: «أشلها» ، والتصحيح من: تاريخ دمشق.
[4] زاد في تاريخ دمشق 52: «وكان له شعر» .

(34/176)


قَالَ: وهو رافضيّ، سألته عَنْ نَسَبه، فانتمى إلى الوزير ابن الفُرات [1] .
وتُوُفّي في صَفَر.
وله شِعرٌ جيّد [2] .
وقد هجاه جعفر بْن دَوّاس [3] .
قلت: آخر من روى عَنْهُ: عَبْد الرَّحْمَن الدّارانيّ شيخ كريمة. وهو راوي [4] .
158- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [5] .
أبو إِسْحَاق العُقَيْليّ [6] الْجَزَري [7] ، المقرئ نزيل نَيْسابور.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَن عليّ بْن السِّمْسار.
وعن: أَبِيهِ مُحَمَّد، والحافظ أحمد بْن عليّ بْن فَنْجُوَيْه [8] الأصبهانيّ ثمّ
__________
[1] وليس هو من ولده، كما في تاريخ دمشق 53 وزاد: «ثقة في روايته» .
[2] ومنه قوله:
وقالوا: لم سلوت قضيب بان ... رشيق القدّ جلّ عن القياس؟
فقلت: سلوته وصبرت لمّا ... عسى يعسو عسوّا فهو عاسي
(عسا: كبر وأسنّ) .
[3] فقال:
ابن الفرات خيال في تبختره ... يمشي، فوا عجبا للميّت الماشي
كأنّ أثوابه من فوقه كفن ... والشيخ جاءوا به من عند نبّاش
كالغصن ماس لحاه كي يقشّره ... دهر، ولكن لعمري غصن طرّاش
(تاريخ دمشق 53)
[4] هكذا في الأصل، ووقف عن الباقي.
[5] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 149 رقم 148، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 289.
[6] العقيلي: بفتح العين المهملة، وكسر القاف، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، هو اسم لجدّ. (الأنساب 9/ 20) .
[7] الجزري: بفتح الجيم والزاي، وكسر الراء. هذه النسبة إلى الجزيرة، وهي إلى عدة بلاد من ديار بكر، واسم خاص لبلدة واحدة يقال لها جزيرة ابن عمر، وعدّة بلاد منها: الموصل، وسنجار، وحرّان، والرقة، ورأس العين، وآمد، وميّافارقين، وهي بلاد بين الدجلة والفرات، وإنما قيل لها الجزيرة لهذا. (الأنساب 3/ 248) .
[8] في الأصل: «منجويه» .

(34/177)


النَّيْسابوريّ، والشريف ابن القاسم الزَّيْديّ الحرّانيّ، وغيرهم.
قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ عمّي، وجماعة. وتُوُفّي في شعبان بنيسابور. وهو مقريء صالح ثقة.
قَالَ ابن عساكر: ونا عَنْهُ إسماعيل التَّيْميّ، وشافع بْن أَبِي الحَسَن [1] .
159- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عليّ [2] .
أبو ياسر الحربيّ [3] .
سمع: أبا الحسن القزويني، وأبا محمد الخلال.
وعنه: عَبْد اللَّه بْن أحمد، وجحشَويْه، والقاضي عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد المَدِينيّ.
تُوُفّي في صَفَر.
160- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [4] .
أبو منصور الصّبّاغ.
تفقّه عَلَى: عمّه [5] أَبِي نَصْر، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، واستمع منه.
ومن: الجوهريّ.
وقد ناب في القضاء، وولي الحسبة، وله مصنّفات [6] .
__________
[1] وقال ابن عساكر: من أهل الستر والديانة.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الحربيّ: بفتح الحاء وسكون الراء المهملتين وفي آخرها الباء المعجمة بواحدة. هذه النسبة إلى محلّة معروفة بغربي بغداد. (الأنساب 4/ 99) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الصباغ) في: المنتظم 9/ 125 رقم 185 (17/ 68 رقم 3707) ، والكامل في التاريخ 10/ 326، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 34، والبداية والنهاية 12/ 160 وفيه: «أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن الصباغ» ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 268، 269 رقم 224.
[5] وقع في (المنتظم) بطبعتيه القديمة والحديثة: «وتفقه على ابن عمّه أبي نصر بن الصبّاغ» ، وهو غلط. ولم يتنبّه إليه محقّقوه، ومثله وقع في: البداية والنهاية 12/ 160.
[6] وقال ابن الجوزي: وشهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغانيّ سنة ست وستين، وكان ينوب في القضاء بربع الكرخ عن القاضي أبي محمد الدامغانيّ، وولي الحسبة بالجانب الغربي، وكان فاضلا في الفقه، وكان يصوم الدهر، ويكثر الصلاة. (المنتظم) .
وقال ابن النجار: كان فقيها فاضلا حافظا للمذهب متديّنا، يصوم الدهر، ويكثر الصلاة. وله

(34/178)


روى عَنْهُ أبو الحَسَن بْن أنجل [1] .
161- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل بْن زيد [2] .
أبو إِسْحَاق الشَّهْرَزُوريّ الدّمشقيّ، الفقيه الفَرَضيّ الواعظ. خال جمال الإسلام أَبِي الحَسَن بْن المسلم الفقيه.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلْوان، وعبد الوهّاب [3] ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: عليّ بْن نجا بْن أسد، والخضر بْن عبدان.
ومات وقد قارب السّبعين [4] .
__________
[ () ] مصنّفات ومجموعات حسنة. وكان خطّه رديئا.
وذكر السبكي من مسائل القاضي أبي منصور أن إمامة الأقلف تكره بعد البلوغ ولا تكره قبله.
وقال أبو منصور في الفتاوى التي جمعها من كلام عمّه الشيخ أبي نصر وفيها كثير من كلامه:
إذا قال لزوجته: أنت طالق لا بدّ أن تفعلي كذا أنّه لم يجدها منصوصة.
قال أبو منصور: ورأيت شيخنا يعني أبا نصر بن الصبّاغ يفتي أنه يكون على الفور قال: وأفتى غيره بأنه يكون على التراخي.
وقال أبو منصور أيضا في هذه الفتاوى في مسألة العمياء هل لها حضانة لم أجد هذه المسألة مسطورة. وسألت شيخنا يعني ابن الصبّاغ فقال: إن كان الطفل صغيرا لها الحضانة لأنه يمكنها حفظه، وإن كان كبيرا فلا حضانة لها لتعذّر الحفظ.
قال السبكي: والأمر كما وصف من كون المسألة غير مسطورة ولم يقع البحث عنها إلّا في زمان ابن الصبّاغ فأفتى بهذا، وأفتى عبد الملك بن إبراهيم المقدسي بأنه لا حضانة لها مطلقا، وأراه الأرجح. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 43، 35) .
وكتب عنه القاضي أبو بكر ابن العربيّ المالكي وقال: كان ثقة، فقيها، حافظا، ذاكرا.
(طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 269) .
[1] هكذا في الأصل، ولم أجده في المصادر لصاحب الترجمة.
[2] انظر عن (إبراهيم بن محمد بن عقيل) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 4/ 423) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 138، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 151 رقم 153، والعبر 3/ 308، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 190، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 94 رقم 684 والوافي بالوفيات 4/ 140، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 297.
[3] هو أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزّال المتوفى سنة 447 وقد سمعه بصور. (تاريخ دمشق 4/ 423) .
[4] وكان مولده سنة 395 هـ. وجاء في (طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 94) أنه مات سنة أربع وثمانين وأربعمائة، عن نحو سبعين سنة.

(34/179)


162- أسعد بْن مسعود بْن عليّ [1] .
أبو إِبْرَاهِيم العُتْبيّ. من وُلِد عُتْبة بْن غَزْوان [2] بنَيْسابور.
مُسْنِد كبير، روى عَنْ: أَبِي بَكْر الحِيّريّ، وأبي سَعِيد الصَّيْرفيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الخالق، والفضل، وطاهر بنو زاهر الشّحّاميّ، وعَبْد اللَّه ابن الفُرَاويّ، وآخرون.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى وله تسعون سنة [3] .
وكان كاتبًا فضعُف ولِزم بيته، وقنع باليسير [4] .
وله نظم حسن.
مات عن سبع وثمانين [5] سنة.
__________
[1] انظر عن (أسعد بن مسعود) في: الأنساب 8/ 381، والمنتظم 9/ 125 رقم 186 (17/ 68 رقم 3708) ، والمنتخب من السياق 165 رقم 400، والكامل في التاريخ 10/ 326، وسير أعلام النبلاء 19/ 158، 159 رقم 85.
وسيعيده المؤلّف- رحمه الله- في المتوفين في هذه الطبقة تقريبا، برقم (375) .
[2] وقع في الأنساب (8/ 381) : «عزوان» بالعين المهملة. والصحيح هو المثبت بالغين المعجمة.
وقد وهم محقّقو كتاب (المنتظم) في طبعته الجديدة (17/ 68 بالحاشية 2) فقالوا: «العتبي:
نسبة إلى عتبة بن أبي سفيان. وهم جماعة من أولاده» . وهذا من التسرّع، فقد قال ابن السمعاني: «أما أبو إبراهيم أسعد بن مسعود. العتبي من ولد عتبة بن غزوان» .
[3] هذا يتفق مع القول بولادته في سنة 404 هـ. كما في: الأنساب 8/ 381، والكامل في التاريخ 10/ 326.
[4] وقال ابن الجوزي: وكان في شبابه يتصرّف في الأعمال، ثم ترك العمل وتاب، وتزهّد ولزم البيت، وأملى الحديث مدّة. (المنتظم) .
وقال عبد الغافر الفارسيّ: الكاتب من أولاد النّعم، من أجداد أبي النضر العتبي. فاضل، شاعر، كاتب، تصرّف في الأعمال أيام شبابه، وخرج في خدمة عميد خراسان أبي سعيد محمد بن منصور إلى الأسفار، ولقي الأمور. وله أعقاب من جهة ابنه المعتز بن أسعد مشتغلون بالاستيفاء في الدواوين.
وهذا الشيخ سمع من أصحاب الأصمّ، والطبقة بعدهم.
وعقد له مجلس الإملاء في الحظيرة الشّحّامية في جامع المنيعي قبل الصلاة، فأملى مدّة.
(المنتخب من السياق 165) .
[5] هذا القول يتناقض مع القول السابق بأنه توفي وله تسعون سنة.

(34/180)


- حرف الحاء-
163- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ [1] .
عَنْ: ابن شاذان، وأبي القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وعُمَر بْن ظفر، وسعد الخير الأندلسيّ، وشُهْدَة الكاتبة، والسلفي.
وتُوُفّي في رمضان.
- حرف السين-
164- سَعْد بْن عليّ بْن الحَسَن [2] .
أبو منصور العِجْليّ [3] الأَسَدَاباذيّ [4] ، الفقيه. نزيل هَمَذَان.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة مُفْتيا، حَسَن المناظرة، كثير العِلْم والعمل.
سمع: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وبمكة: كريمة المَرْوَزِيّة، وعبد العزيز بْن بُنْدار.
روى عَنْهُ: ابنه أحمد [5] ، وإسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والسِّلَفيّ إذْنًا.
وقال شِيرُوَيْه: قرأت عَلَيْهِ شيئًا من الفقه، وكان حَسَن المناظرة، كثير العبادة، هيوبا [6] .
مات في ذي القعدة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (سعد بن علي) في: التحبير 1/ 313، والمنتظم 9/ 125 رقم 187 (17/ 68 رقم 3709) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 166، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 213، 214 رقم 833.
[3] العجليّ: بكسر العين المهملة، وسكون الجيم. هذه النسبة إلى بني عجل بن لجيم بن صعب بن علي.
[4] الأسداباذي: بفتح الألف والسين والدال المهملتين والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال. هذه النسبة إلى أسداباذ وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت إلى العراق. (الأنساب 1/ 224) .
[5] وكنيته: أبو علي. توفي سنة 535 هـ. (الأنساب 8/ 401) .
[6] وقال ابن الجوزي: سمع بمكة، والمدينة، والكوفة، وغيرها. (المنتظم) .

(34/181)


165- سَعْد بْن مُحَمَّد بْن جعفر [1] .
أبو نَصْر الأَسَدَاباذيّ [2] ، ثمّ الحَلْوائيّ [3] .
خدم أبا طَالِب يحيى بْن عليّ الدَّسْكَريّ [4] .
وسمع: ابن مسرور الزّاهد، وأبا عثمان الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن سَعْد، وعبد الخالق بْن زاهر.
تُوُفّي في شَعْبان عَنْ نيِّفٍ وتسعين سنة.
- حرف الظاء-
166- ظَبْيان بْن خَلَف [5] .
أبو بَكْر المالكيّ المتكلّم.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ متورعًا في المعيشة، مُوَسْوَسٌ في الوضوء.
سمع: مُحَمَّد بْن مكّيّ الْمَصْرِيّ، والكتّانيّ [6] .
سمع منه: غيث الأرمنازيّ، وعمر الرّؤاسيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] تقدّمت هذه النسبة في الترجمة السابقة مباشرة.
[3] الحلوائي: بفتح الحاء المهملة وسكون اللام، وهذه النسبة إلى عمل الحلواء وبيعها. (الأنساب 4/ 193) .
[4] الدّسكري: بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح الكاف وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى الدسكرة، وهي قريتان، إحداهما على طريق خراسان، يقال لها دسكرة الملك، وهي قرية كبيرة تنزلها القوافل. وقرية أخرى من أعمال نهر الملك ببغداد على خمسة فراسخ، يقال لها الدسكرة أيضا. (الأنساب 5/ 311، 312) .
ولم أتبيّن إلى أيّهما ينسب يحيى بن علي الدسكري.
[5] انظر عن (ظبيان بن خلف) في: معجم البلدان 1/ 237، 238، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 11/ 231 رقم 125، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 120.
واسمه بالكامل: ظبيان بن خلف بن نجيم- ويقال: لجيم- ابن عبد الوهاب المالكي الفقيه الإقليمي المتكلّم، من أهل الإقليم.
[6] في الأصل، ومعجم البلدان 1/ 238: «الكناني» بنون بعد الكاف، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه (بالتاء المثنّاة من فوق) .

(34/182)


- حرف العين-
167- عاصم بْن أيّوب [1] .
أبو بَكْر البَطَلْيُوسيّ [2] الأديب.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الغراب، وأبي عُمَر السّفاقُسِيّ [3] ، ومكّيّ بْن أَبِي طَالِب.
وكان لُغَويًّا، أديبًا، فاضلًا، خيّرًا، ثقة.
روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن السّيّد، شيخٌ لابن بَشْكُوَال.
168- عَبْد اللَّه بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن ماهُوَيْه [4] .
أبو مُحَمَّد بْن أَبِي عليّ الطَّبَسيّ [5] الحافظ.
سمع: أبا القاسم القُشَيْريّ، وأبا الحَسَن بْن المظفّر الدّاوديّ، وأبا صالح المؤذّن، وخلقا كبيرا بخُراسان، وأبا مُحَمَّد الصَّرِيفينيّ [6] ، وابن النَّقُّور، وابن
__________
[1] انظر عن (عاصم بن أيوب) في: طبقات النحويين واللغويين 272، والصلة لابن بشكوال 2/ 451 رقم 969، والوافي بالوفيات (مخطوط) 14/ 134، وبغية الوعاة 2/ 24 رقم 1335، وهدية العارفين 1/ 435، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 309، ومعجم المؤلفين 6/ 51، 52.
[2] البطليوسي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة والطاء المهملة وسكون اللام وضمّ الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفي آخرها السين المهملة. هذه النسبة إلى بطليوس وهي مدينة من مدن الأندلس من بلاد المغرب. (الأنساب 2/ 241) .
[3] السّفاقسي: بفتح السين المهملة المشدّدة، والفاء، وقاف مضمومة ثم سين مهملة. نسبة إلى مدينة سفاقس، مدينة من نواحي إفريقية جلّ غلّاتها الزيتون، وهي على ضفّة الساحل، بينها وبين المهديّة ثلاثة أيّام وبين سوسة يومان وبين قابس ثلاثة أيام، وهي على البحر ذات سور.
(معجم البلدان 3/ 223) .
[4] انظر عن (عبد الله بن الحسن الطبسي) في: المنتظم 9/ 125 رقم 188 (17/ 69 رقم 3710) ، والبداية والنهاية 12/ 160، ولسان الميزان 3/ 271، 272 رقم 1153 وقد حوّل في اسمه.
[5] الطّبسيّ: بفتح الطاء المهملة، والباء المنقوطة بواحدة، والسين المهملة. هذه النسبة إلى طبس، بين نيسابور وأصبهان وكرمان. وتحرّفت النسبة إلى «الطسي» في: لسان الميزان.
[6] الصّريفيني: بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين الياءين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «صريفين» ، قريتين: إحداهما من أعمال واسط، والأخرى صريفين بغداد. والمذكور خطيب صريفين بغداد. توفي سنة 469 هـ.
(الأنساب 8/ 58، 59) .

(34/183)


البُسْريّ [1] ، وطبقتهم ببغداد.
وانتقى عَلَى الشيوخ، واستوطن مروالرّوذ. وكان رديء الكتابة.
قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ ثقة يُحسِن هذا الشّأن، ورِعًا، مشتغلًا بإخراج الصّحيح والموافقات، مواظبًا عَلَى ذَلِكَ [2] .
وقال المؤتَمن السّاجيّ: لم يكن يتحرَّى فيما يحدِّث بِهِ الصِّدْقَ فسقط، وعاش نيّفًا وخمسين سنة [3] .
169- عَبْد اللَّه بْن عَبْد الصَّمد بْن أحمد [4] .
أبو بَكْر التُّرَابيّ [5] المَرْوَزِيّ.
صالح خيِّر.
روى عَنْ: عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الشّيرنخشِيرِيّ [6] ، وغيره.
قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد المقرئ بمَرْو: أَنَا التُّرَابيّ، فذكر حديثًا.
مات بعد ربيع الأوَّل من العام [7] .
__________
[1] البسري: بضم الباء المنقوطة بواحدة وسكون السين المهملة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى بسر بن أرطاة، وقيل ابن أبي أرطاة. (الأنساب 2/ 210) .
[2] وقال ابن الجوزي: جال الأقطار، وسمع من الشيوخ الكثير، وخرّج لهم التخاريج، وكان أحد الحفّاظ، ثقة صدوقا عارفا بالحديث، ورعا، حسن الخلق. (المنتظم) .
[3] وقال ابن النجار: كان موصوفا بالحفظ والمعرفة وسعة الرحلة. روى عنه محمد بن طرخان.
وقال الدّقّاق: جمع جزءا في مسألة الاستواء ومن يقول بالجسم والجوهر، ولو لم يجمعه لكان خيرا له.
وقال ابن السمعاني: مات في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين وأربعمائة. وقد أثنى عليه يحيى بن مندة، وحسين الجزري.
ويقال: كان خطّه رديّا.
وقال ابن حجر: سمع الكثير وجدّ واجتهد. (لسان الميزان 3/ 271، 272) .
[4] انظر عن (عبد الله بن عبد الصمد) في: الأنساب 3/ 36 وقد طوّل في اسمه ونسبه.
[5] الترابي: بضم التاء المعجمة بنقطتين من فوق والراء المهملة المخفّفة، فهم جماعة بمرو ينتسبون بهذه النسبة يقال لهم خاك فروشان ولهم سوق ينسب إليهم، يبيعون فيه البزور والحبوب. (الأنساب 3/ 35) .
[6] في الأصل: «الشيرتحشيري» ، والتصحيح عن (الأنساب) .
[7] في الأنساب: توفي بعد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

(34/184)


170- عَبْد الجبّار بْن سَعِيد [1] .
أبو نَصْر بْن البَحِيرِيّ [2] أَبِي عثمان.
رَجُل خيّاط خَيّر، سمّعه أَبُوهُ من: أَبِي سمعة الصَّيْرفيّ، وأبي بَكْر الحِيّرِيّ.
روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ [3] ، وأحمد بْن مُحَمَّد البَيِّع، وجوهر نار بنت زاهر الشّحّاميّ، وأخوها عَبْد الخالق، وآخرون.
مات في صَفَر.
171- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن غيلان [4] .
أبو محمد ابن الشّيخ أبي طالب البزّار.
روى عَنْ: أَبِيهِ.
قَالَ ابن ناصر: ما كَانَ يُعرف شيئًا.
مات في المحرَّم.
172- عَبْد الحميد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [5] .
أبو القاسم العَيْداني [6] الحنفيّ. أحد الأئمّة.
سمع: مُحَمَّد بْن أَبِي الهَيْثَم التُّرَابيّ، وخاله عليّ بْن الحسين [7] الدّهقان.
خواهرزاده [8] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] البحيري: بفتح الباء الموحّدة وكسر الحاء بعدها الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بحير وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 2/ 97) .
[3] الفراوي: بضم الفاء وتخفيف الراء.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (عبد الحميد بن عبد الرحمن) في: الجواهر المضيّة 2/ 365، 366 رقم 756، والطبقات السنية، رقم 1145 وسيأتي اسم أبيه على أنه «عبد الرحيم» في ترجمة ابنه محمد الآتية برقم (189) .
[6] في الأصل: «العبداني» بالباء الموحّدة، والتصحيح من الجواهر المضية.
و «العيداني» بفتح العين المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، والدال المهملة المفتوحة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «عيدان» وهو بطن من حضرموت، وهو: ربيعة بن عيدان بن ربيعة ذي العرف بن وائل ذي طواف. (الأنساب 9/ 104) .
[7] في الأصل: «الحسن» ، والتصحيح من: الجواهر المضيّة 2/ 566 رقم 968.
[8] هكذا هنا، مما يعني أن الدهقان هو خواهرزاده. أما في: الجواهر المضيّة 2/ 365 فصاحب

(34/185)


ولم يكن في عصره حنفيّ أطْلَبَ للحديث منه [1] .
173- عَبْد الخالق بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [2] .
أبو تراب البغداديّ المؤدِّب، ويُعرف بابن الأبرص.
سمع: هبة اللَّه بْن الحَسَن اللّالْكائيّ، وعبد الرحمن الحرفيّ.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السّلفيّ.
ولد سنة خمس وأربعمائة، وتُوُفّي في آخر رمضان.
وقال الأَنْماطيّ: كَانَ رجلًا صالحًا، أدَّبني.
174- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن زاز بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حُمَيْد بْن أَبِي عَبْد اللَّه النّوَيْزيّ [3] .
فقيه مَرْو، الأستاذ أبو الفَرَج السَّرْخَسيّ [4] ، الفقيه الشّافعيّ، المعروف بالزّازّ.
كَانَ أحد من يُضرب بِهِ المثل في حفظ المذهب. وكان رئيس الشافعية بمَرْو. ورحل إِلَيْهِ الأئمّة، وسارت تصانيفه. وكان ورعًا ديّنًا. تفقّه عَلَى القاضي حسين.
__________
[ () ] الترجمة عبد الحميد هو المعروف بخواهرزاده وليس خاله.
[1] وقال ابن السمعاني: كان إماما فاضلا عالما.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: التحبير 1/ 167، 362 و 2/ 78، 449، 451، والمنتظم 9/ 125، 126 رقم 189 (17/ 69 رقم 3711) ، ومعجم البلدان 3/ 209، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 263، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 154، 155 رقم 80، والعبر 3/ 339، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 106، 107، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 221، 222، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 237 رقم 604، ومرآة الجنان 3/ 156، 157، والبداية والنهاية 12/ 160، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 273 رقم 231، وكشف الظنون 163، وشذرات الذهب 3/ 400، وهدية العارفين 1/ 158، وديوان الإسلام 3/ 375 رقم 1049، ومعجم المؤلفين 5/ 121، 122.
[4] السّرخسيّ: بسكون الراء. هذه النسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال لها: سرخس، وسرخس، وهو اسم رجل من الذّعّار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع وعمّره وأتمّ بناءه ومدينته ذو القرنين. (الأنساب 7/ 69) .

(34/186)


وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر، وله نيف وستون سنة [1] . ومصنفه الّذي سمّاه «الإملاء» انتشر في الأقطار.
وكان عديم النّظير في الفتوى، ورِعًا، ديّنًا، محتاطًا في مأكله وملبسه إلى الغاية.
وكان لا يأكل الرُّزّ لكونه لا يزرعه إلّا الْجُنْد، ويأخذون مياه النّاس غالبًا ويسقونه.
سمع: الحَسَن بْن عليّ المطَّوِّعيّ، وأبا المظفّر مُحَمَّد بْن أحمد التَّميميّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ، وخلقًا.
روى عَنْهُ: أحمد بْن إسماعيل النَّيْسابوريّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أَبِي مطيع، وآخرون [2] .
__________
[1] ولد في سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
قال ابن الجوزي: ورأى رجل في المنام رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ له: قل له أبشر، فقد قرب وصولك إليّ، وأنا أنتظر قدومك. رأى ذلك ثلاث ليال، ثم جاءه فبشّره، فعاش بعد سنتين، وتوفي في هذه السنة. (المنتظم) .
[2] وصفه ابن السمعاني بأنه أحد أئمّة الإسلام. (تهذيب الأسماء) ومن يضرب به المثل في الآفاق بحفظ مذهب الشافعيّ الإمام ومعرفته وتصنيفه الّذي سمّاه «الإملاء» سارت في الأقطار مسير الشمس، ورحل إليه الأئمة والفقهاء من كل جانب وحصّلوه واعتمدوا عليه، ومن تأمّله عرف أن الرجل كان ممن لا يشقّ غباره في العلم ولا يثني عنانه في الفتوى، ومع وفور فضله وغزارة علمه كان متديّنا ورعا محتاطا في المأكول والملبوس.
وسمعت زوجته وهي حرّة بنت عبد الرحمن بن محمد بن علي السنجاني تقول إنه كان لا يأكل الأرزّ لأنه يحتاج إذا زرع إلى ماء كثير، وصاحبه قلّ أن لا يظلم غيره في سقي الماء.
وسمعتها تقول: سرق كل شيء في داري من ملبوس حتى المرط الّذي كنت أصلّي عليه، وكانت طاقية الإمام عبد الرحمن زوجي على حبل في صحن الدار لم تؤخذ، فوجد السارق، فقبض عليه بعد خمسة أشهر، وردّ علينا أكثر المسروق ولم يضع إلّا القليل، فاتفق أن الإمام عبد الرحمن سأل السارق: لم لا تأخذ الطاقية؟ فقال: أيّها الشيخ تلك الطاقية أخذتها تلك الليلة مرات، فكل مرة إذا قربت منها كانت النار تشتعل منها حتى كادت أن تحرقني، فتركتها على الحبل وخرجت.
وذكر ابن السمعاني أن شيخه أبا بكر احمد بن محمد بن إسماعيل الجرجرائي كان إذا حدّثهم عن الشيخ أبي الفرج قال: أخبرنا الإمام حبر الأمّة وفقيهها أبو الفرز الزاز.
وقال السبكي: وأبو الفرج فيما أحسب نويزي بضم النون وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف

(34/187)


175- عَبْد الغفّار بْن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر [1] .
الصُّوفيّ الهَمَذانيّ أبو بَكْر الصّائغ.
أجاز للسِّلَفيّ.
رحل، وسمع من: أَبِي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، وابن النَّقُّور، وجماعة.
قَالَ شِيرُوَيْه: سَمِعْتُ منه، وكان أحد مشايخ الصُّوفيّة، كثير العبادة، تُوُفّي في شوّال.
176- عَبْد الواحد بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن بُنْدار [2] .
الْإِمَام أَبُو منصور.
خطيب هَمَذَان ومفتيها.
يروي عَنْ: ابن عيسى، وابن مأمون، وابن مسعود البجلي.
أجاز للسلفي.
مات في فرات [3] .
177- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن زيد بن إبراهيم [4] .
الخطيب أبو القاسم النيسابوري، المعروف بالحكم.
مات بالشاش في جمادى الآخرة وله سبع وثمانون سنة.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله الخطيب، وغيره.
__________
[ () ] في آخرها زاي. وهي فيما أحسب أيضا من قرى سرخس. وإليها ينسب عباس بن حمزة النويزي أحد الرواة عن يزيد بن هارون. وقد فات شيخنا الذهبي ذكرها في «المؤتلف والمختلف» مع اشتباهها بالبويزي بالباء، والتويزي بمثناة وزاي. وأغرب من ذلك أن شيخنا الذهبي ذكر أبا الفرج هذا فيمن توفي بعد الخمسمائة وضبط النويزي بضم النون وإسكان الواو بعدها نون مفتوحة ثم راء ساكنة ثم باء موحدة، كذا رأيت بخطه، فإن صح هذا فهي نسبة أخرى شبيهة بما ذكرنا. وأما دعواه أن الزاز توفي بعد الخمسمائة فليس كذلك وإنما توفي في شهر ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ذكر الذهبي وفاته في موضع آخر على الصواب فيما أحسب. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 22) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أقف على هذا الموضع.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/188)


178- عَبْد الواحد بْن عَبْد الكريم بْن هوازن بْن عَبْد المُلْك بْن طلحة [1] .
الْإِمَام أبو سعيد [2] ابن الْإِمَام أَبِي القاسم القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ الخطيب.
قَالَ السّمعانيّ فيه: أوحد عصره فضلًا ونفسًا وحالًا، الثاني من ذُكور أولاد أَبِي القاسم.
نشأ في العلم والعبادة، وكان قويّ الحفظ، بالغًا فيه. تخرّج في العربيّة، وضرب في الكتابة والشِّعْر بسهمٍ وافر. وأخذ في تحصيل الفوائد من أنفاس والده، وضبط حركاته وسكناته وما جرى لَهُ، وصار في آخر عُمره سيّد عشيرته [3] .
وحجّ ثانيا بعد الثّمانين [4] .
وحدَّثَ ببغداد [5] والحجاز. ثمّ عاد إلى نَيْسابور مشتغلًا العبادة، لا يفتر عَنْهَا ساعة.
سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرازيّ، وأبا نَصْر منصورًا المفسّر، وأبا سعد النّصروييّ [6] . وببغداد: أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الكريم) في: الأنساب 10/ 156، والمنتخب من السياق 339، 340 رقم 1119، والتحبير 1/ 76، 474، 577، 589 و 2/ 107، 121، 455، والإعلام بوفيات الأعلام 203، والعبر 3/ 339، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 284، 285، ومرآة الجنان 3/ 157، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 248- 252 رقم 138، وشذرات الذهب 3/ 401.
[2] في الأصل: «أبو سعد» ، والتصحيح من مصادر الترجمة. وقال السبكي: أما أبو سعد بإسكان العين فذاك أخوه عبد الله، كلاهما ولد الأستاذ أبي القاسم. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 284) .
[3] ذيل تاريخ بغداد 1/ 248، 249.
[4] وقال ابن السمعاني فيه: شيخ نيسابور علما وزهدا وورعا وصيانة، لا بل شيخ خراسان، وهو فاضل ملء ثوبه، وورع ملء قلبه، لم أر في مشايخي أورع منه وأشد اجتهادا.
ومن شعره:
يا شاكيا فرقة شهر الصيام ... تفيض عيناه كفيض الغمام
ذلك من أوصاف من لم يزل ... حضوره الباب بنعت الدوام
دم حاضرا بالباب مستيقظا ... وكل شهر لك شهر الصيام
(وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 284 و 285) .
[5] قدم إليها حاجّا سنة 481 هـ.
[6] في الأصل: «النصروي» . والتصحيح من (الأنساب 12/ 91) بفتح النون وسكون الصاد

(34/189)


ثنا عَنْهُ: ابنه هبة الرَّحْمَن، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو صالح عَبْد المُلْك ابنه الآخر، وغيرهم.
ومولده في صَفَر سنة ثمان عشرة وأربعمائة. ومات في جُمَادَى الآخرة.
وقال غيره: خطب نحو خمس عشرة سنة، فكان يُنشئ الخُطَب ولا يكرِّرها [1] .
وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ [2] .
وسماعه من الطّرازيّ والمفسّر حضورًا [3] في الرابعة أو نحوها [4] .
179- عزيزيّ بْن عَبْد الملك بن منصور [5] .
__________
[ () ] المهملة والراء المضمومة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه وهو في أجداد المنتسب.
[1] زاد عبد الغافر الفارسيّ: وما تلعثم فيها حينا. وعقد لنفسه مجلس الإملاء عشيّات الجمع في المدرسة النظامية، وتكلّم على المتون يستخرج المشكلات ويستنبط المعاني والإشارات ويزينها بالحكايات والأبيات.
وكان عقد مجلسه في زمان زين الإسلام مقصورا في جواب المسائل وروايات الأخبار والاقتصار على حكايات السلف والمشايخ من غير خوض في الطريقة ودقائقها والغوص في حقائقها احتراما لأيام الإمام. (المنتخب 339) .
[2] في المنتخب: «وخرّج له أبو عبد الله الفارسيّ الفوائد فقرئت عليه سفرا وحضرا» . (340) .
[3] في الأصل: «حضور» .
[4] وقال ابن النجار: قرأت في كتاب «جواهر الكلام» لأبي منصور أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن الصباغ بخطه، وأنبأنيه عنه عبد الوهاب الأمين، عن علي بن أحمد الخياط عنه قال: أنشدنا الأستاذ أبو سعيد عبد الواحد بن الأستاذ أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري لنفسه:
خليليّ كفّا عن عتابي فإنني ... خلعت عذارا في الهوى وعناني
تصاممت عن كل الملام لأنني ... شغلت بما قد نابني وعناني
وكتب عبد الغافر الفارسيّ قال: أنشدنا أبو سعيد القشيري لنفسه:
لعمري لئن حلّ المشيب بمفرقي ... ورثت قوى جسمي ورق عظامي
فإن غرام العشق باق بحاله ... إلى الحشر منه لا يكون فطامي
(ذيل تاريخ بغداد 1/ 251) .
[5] انظر عن (عزيزي بن عبد الملك) في: المنتظم 9/ 126 رقم 190 (17/ 69، 70 رقم 3712) ، والكامل في التاريخ 10/ 326، ووفيات الأعيان 3/ 259، 260، والإعلام بوفيات

(34/190)


أبو المعالي الْجَيليّ [1] القاضي، الملقب شَيْذَلَة [2] .
ورد بغداد وسكنها، وولي قضاء باب الأَزَج مدّة.
وكان مطبوعًا، فصيحًا، كثير المحفوظ حلو النّادرة.
جمع كتابًا في «مصارع العشاق» ومصائبهم.
وَسَمِعَ من: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ الصوري، والحسين بْن مُحَمَّد الوَني الفَرَضِيّ، وجماعة.
وحدَّثَ بيسير، وكان شافعيّ المذهب.
مات في سابع صَفَر.
روى عَنْهُ: فخر النّساء شُهْدَة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة وقال: كَانَ زاهدًا، متقلّلًا من الدّنيا، وكان شيخ الوعّاظ ومعلّمهم الوعظ بتصانيفه وتدريبه [3]
__________
[ () ] الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 174، 175 رقم 96، والعبر 3/ 339، 340، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 104، 105، وذيل تاريخ بغداد 2/ 254- 257 رقم 482، ومرآة الجنان 3/ 157، 158، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 287، 288، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 103، والبداية والنهاية 12/ 160، وفيه: «عزيز» ، وشذرات الذهب 3/ 401، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 284 رقم 1012، والأعلام 5/ 25، ومعجم المؤلفين 6/ 281، 282، وكشف الظنون 241، 777، 1568، وهدية العارفين 1/ 663، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 433.
[1] الجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها: كيل وكيلان معرّب ونسب إليها وقيل جيلي وجيلاني. (الأنساب 3/ 414) .
[2] هكذا في معظم مصادر الترجمة. أما السبكي فجوّد ضبطها على أنها «شيلد» فقال: بفتح الشين المعجمة وسكون آخر الحروف وفتح اللام والدال بعدها. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 287) .
وقال صاحب (تاج العروس) في لفظ (شيذلة) : إن السبكي ضبطه بالدال المهملة، مما قد يرجّح أن المطبوعة من الطبقات وقع فيها خطأ.
وقال ابن خلّكان: وشيذلة: بفتح الشين المعجمة وسكون الياء المثنّاة من تحتها وفتح الذال المعجمة واللام وبعدها هاء ساكنة، وهو لقب عليه، ولا أعرف معناه مع كثرة كشفي عنه.
(وفيات الأعيان 3/ 260) .
[3] وقال ابن الجوزي: وكان شافعيا لكنه كان يتظاهر بمذهب الأشعري. وكانت فيه حدّة وبذاءة لسان، توفي في صفر هذه السنة، ودفن في مقبرة باب أبرز مقابل تربة الشيخ أبي إسحاق، وسرّ أهل باب الأزج بوفاته. فإنه سمع يوما رجلا يقول: من وجد لنا حمارا؟ فقال: يدخل باب

(34/191)


180- عليّ بْن أحمد بْن عَبْد الغفّار [1] .
أبو القاسم البَجَليّ المؤدِّب.
سمع من: أَبِي العلاء مُحَمَّد بْن عليّ الواسطيّ، وأبي طَالِب عُمَر بن إبراهيم الزّهريّ.
__________
[ () ] الأزج ويأخذ من شاء. وقال يوما بحضرة نقيب النقباء طراد: لو حلف حالف أنه لا يرى إنسانا فرأى أهل باب الأزج لم يحنث. فقال النقيب: أيّها الثالب، من عاشر قوما أربعين صباحا صار منهم. (المنتظم) .
وقال ابن خلّكان: الفقيه الشافعيّ الواعظ، كان فقيها فاضلا واعظا ماهرا، فصيح اللسان، حلو العبارة، كثير المحفوظات، صنّف في الفقه وأصول الدين والوعظ، وجمع كثيرا من أشعار العرب ... ومن كلامه: إنما قيل لموسى عليه السّلام لَنْ تَرانِي 7: 143 لأنه لما قيل له انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ 7: 143 نظر إليه، فقيل له: يا طالب النظر إلينا لم تنظر إلى سوانا؟
يا مدّعي بمقالة ... صدق المحبّة والإخاء
لو كنت تصدق في المقال ... لما نظرت إلى سوائي
فسلكت سبل محبّتي ... واخترت غيري في الصفاء
هيهات أن يحوي الفؤاد ... محبّتين على استواء
وقال: أنشدني والدي عند خروجه من بغداد للحجّ:
مددت إلى التوديع كفّا ضعيفة ... وأخرى على الرمضاء فوق فؤادي
فلا كان هذا العهد آخر عهدنا ... ولا كان ذا التوديع آخر زادي
و «عزيزي» : بفتح العين المهملة وزايين بينهما ياء مثنّاة من تحتها وهي ساكنة، وبعد الزاي الثانية ياء ثانية. (وفيات الأعيان 3/ 259، 260) .
وأنشد القاضي عزيزي قال: أنشدني ابن الحصين لنفسه:
ولما اعتنقنا للوداع وقلبها ... وقلبي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا ففاضت مدامعي ... عقيقا فصار الكلّ في نحرها عقدا
(ذيل تاريخ بغداد 2/ 256) .
وقالت شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري: سمعت القاضي الإمام عزيز بن عبد الملك من لفظه في سنة تسعين وأربعمائة يقول: اللَّهمّ يا واسع المغفرة، ويا باسط اليدين بالرحمة، افعل إلي ما أنت أهله، إلهي أذنبت في بعض الأوقات وآمنت بك في كل الأوقات، فكيف يغلب بعض عمري مذنبا جميع عمري مؤمنا. إلهي لو سألتني حسناتي لجعلتها لك مع شدّة حاجتي إليها وأنا عبد، فكيف لا أرجو أن تهب لي سيئاتي مع غناك عنها وأنت ربّي، فيا من أعطانا خير ما في خزائنه وهو الإيمان به قبل السؤال لا تمنعنا أوسع ما في خزائنك وهو العفو مع السؤال، إلهي حجّتي حاجتي وعدّتي فاقتي فارحمني، إلهي كيف أمتنع بالذنب من الدعاء ولا أراك تمنع مع الذنب من العطاء، فإن غفرت فخير راحم أنت، وإن عذبت فغير ظالم، أنت إلهي أسألك تذلّلا، فأعطني تفضّلا. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 288) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/192)


روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق الغزّال، والسِّلَفيّ، وجماعة ببغداد.
ومات في شَعْبان.
181- عليّ بْن أحمد بْن أَبِي ذكرى النّجّاد [1] .
شيخ صالح.
سمع: ابن غَيْلان.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظفر، وأبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ.
182- عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن إسماعيل بْن أَبِي الطَّيِّب أخرم [2] .
أبو الحسن المدينيّ ابن النَّيْسابوريّ، الصَّيْدلانيّ المؤذِّن الزّاهد.
وُلِد في رجب سنة خمس وأربعمائة [3] .
ذكره عَبْد الغافر فقال: [4] شيخ عابد، جليل، فاضل، من تلامذة الْإِمَام أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ.
كَانَ يسكن المدينة الداخلة في المسجد المعروف بِهِ، لزِمه سِنين مُنْزَوِيا عَن النّاس، قلّ ما يخرج ويدخل.
سمع: أبا زكريّا المُزَكيّ، والشيخ أبا عليّ عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا
__________
[1] وردت هذه الترجمة واللتان قبلها: «عزيزي بن علي» ، و «علي بن أحمد البجلي» في الأصل بعد ترجمة «محمد بن أحمد بن إسماعيل النسفي» الآتية برقم (185) ، فقدّمتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
ولم أجد مصدرا لصاحب الترجمة.
[2] انظر عن (علي بن أحمد المديني) في: الأنساب 516 أ، والمنتخب من السياق 387، 388 رقم 1307، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 67 أ، والتقييد لابن نقطة 402 رقم 533، والمعين في طبقات المحدّثين 144 رقم 1576، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 157، 158 رقم 84، والعبر 3/ 339، والنجوم الزاهرة 5/ 168، وشذرات الذهب 3/ 401.
وقد وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «محمد بن الحسن الذاذاني» الآتية برقم (187) فقدّمتها إلى هنا مراعاة للترتيب على المعجم.
[3] التقييد 402.
[4] في المنتخب.

(34/193)


القاسم عَبْد الرَّحْمَن السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ، وجماعة [1] .
روى عَنْهُ: خلق كثير. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة أربعٍ وتسعين.
عقد مجلسًا [2] للإملاء، وحضره الأعيان.
روى عَنْهُ: أبو البركات الفُرَاويّ، والعبّاس العصاريّ، وعُمَر بْن الصّفّار، والفلكيّ، وعبد الخالق ابن الشّحّاميّ [3] .
183- عليّ بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن أَبِي ثابت [4] .
أبو الحَسَن الزُّهْرِيّ الأَبِيوَرْديّ [5] ، عُرِف بالأيُّوبيّ.
إمامٌ فاضل جليل.
روى عَنْ: أَبِي منصور عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ [6] ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهاني، وعدة.
وكان مولده بعد الأربعمائة.
روى عنه: ابنه عَبْد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وفضل اللَّه بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ [6] ، وأبي حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث الأصبهانيّ، وعدّة.
وكان مولده بعد الأربعمائة.
__________
[1] زاد في المنتخب: «وحفظ سير المشايخ وحكايات الأئمة» .
[2] في الأصل: «عقد مجلس» .
[3] وذكره أبو نصر اليونارتي في معجم شيوخه وأثنى عليه خيرا. (التقييد 402) .
[4] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «نصر بن أحمد» الآتية برقم (199) فقدّمتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[5] الأبيوردي: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة، هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان، وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .
[6] قيّدها في الأصل بفتح الميم. وما أثبتناه عن (الأنساب 11/ 580) وفيه: «الميهني» : بكسر الميم وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفتح الهاء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى ميهنة، وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد.

(34/194)


روى عَنْهُ: ابنه عَبْد المُلْك، وجماعة.
وتُوُفّي في هذه السنة، أو في الماضية.
- حرف الفاء-
184- الفضل بْن عَبْد الواحد بْن الفضل [1] .
أَبُو العبّاس السَّرْخَسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الحنفيّ التّاجر.
سمع: أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السّرّاج، وأبا بَكْر الحِيرِيّ، وصاعد بْن مُحَمَّد القاضي.
وسمع بمَرْو: أبا بَكْر بْن مُحَمَّد بن عبويه الأنباريّ، وأبا غانم الكراعيّ [2] .
وببخارى: أبا سهل الكَلَاباذيّ [3] .
وتفرَّد بالرّواية في الدّنيا عَنْ أَبِي سهل بْن حَسْنَوَيْه، وأبي عليّ بن عبدان صاحبي الأصمّ.
ومولده سنة أربعمائة.
قال السمعاني: شيخ حسن السيرة، مسن، معمر، ذو نعمة وثروة. ورد بغداد مع والده في سنة عشر وأربعمائة. روى لنا عنه: عمي الحسن بن منصور، وأبو طاهر السنجي، وأبو مضر الطبري، وعبد الله بن الفراوي، وناصر بن سليمان الأنصاري، وجماعة كبيرة.
وكان صلبا في مذهب أبي حنيفة.
__________
[1] انظر عن (الفضل بن عبد الواحد) في: التحبير في المعجم الكبير لابن السمعاني 1/ 79، 218، 305، 517، 589 و 2/ 338، 399، 450، والمنتخب من السياق 411 رقم 1401، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 75 أ. وفيه اسمه: «الفضل بْن عَبْد الْوَاحِدِ بْن أَحْمَد بْن عَبْد الصمد» ، ومعجم البلدان 2/ 420، وسير أعلام النبلاء 19/ 147، 148 رقم 76، والجواهر المضيّة 2/ 694، 695، والطبقات السنية رقم 1704.
[2] الكراعي: بضم الكاف وفتح الراء وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى بيع الأكارع والرءوس. (الأنساب 10/ 273، 274) .
[3] الكلاباذي: بفتح الكاف والباء الموحّدة وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى محلّتين، إحداهما محلّة كبيرة بأعلى البلد من بخارى يقال لها: كلاباذ. منها: أبو سهل المذكور.
والثانية محلّة بنيسابور. (الأنساب 10/ 406 و 409) .

(34/195)


وقرأت بخط إسماعيل بن عبد الغافر قَالَ [1] : طلبوا من الفضل بْن عَبْد الواحد ألْفي دينار، وأخذوه وضربوه، وحملوه إلى دار القاضي صاعد، وضمِنه أبو المعالي بْن صاعد، وبقي أيّامًا في داره.
وتُوُفّي في أوائل جُمَادَى الأولى سنة أربع وتسعين، وخلّوه في التّابوت في داره أيّامًا، وما وجدوا لَهُ شيئًا، فإنّ ابنه هرب وأصحابه.
- حرف الميم-
185- مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن لُقْمان [2] .
أبو بَكْر النَّسَفيّ المقرئ، والد أَبِي حفص عُمَر، مؤرِّخ سَمَرْقَنْد.
وُلِد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وسمع من: القاضي أَبِي الفوارس النَّسَفيّ، والإمام يوسف بْن مُحَمَّد المَوْدُوديّ، وأحمد بْن جعفر الكاسَنيّ، [3] وأبي بَكْر بْن إِبْرَاهِيم النُّوحيّ [4] .
ودخل بُخَارى، وسَمَرْقَنْد.
وتُوُفّي في أوّل صَفَر.
186- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بْن طَوْق [5] .
أبو الفضائل الربعي [6] الموصلي.
أحد الفُقَهاء الشّافعية.
__________
[1] قول عبد الغافر ليس في (المنتخب من السياق) . والموجود فيه: المتقن الصالح، مشهور معروف، من وجوه التجّار والأمناء. سمع حضرا وسفرا. وسمع ببخارا، ثمّ سمع من المتأخّرين، وعقد له مجلس الإملاء.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الكاسني: بفتح الكاف والسين المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كاسن، وهي قرية من قرى نخشب. (الأنساب 10/ 321) .
[4] النّوحي: بضم النون وسكون الواو وفي آخرها الحاء. هذه النسبة إلى نوح. وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 12/ 150) .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الربعي) في: المنتظم 9/ 126 رقم 191 (17/ 70 رقم 3713) ، والكامل في التاريخ 10/ 326، 327، والبداية والنهاية 12/ 161.
[6] الرّبعيّ: بفتح الراء والباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى ربيعة بن نزار. (الأنساب 6/ 76) .

(34/196)


سكن بغداد، وسمع من: أبي إسحاق من البَرْمكيّ، وأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وابن غَيْلان.
وتفقَّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ.
روى عَنْهُ: كثير بْن مماليق [1] ، وأبو نَصْر الحَرَشِيّ [2] الشّاهد.
تُوُفّي في صَفَر [3] .
187- مُحَمَّد بْن الحَسَن [4] .
الفقيه أبو عَبْد اللَّه الرّاذانيّ [5] . أحد العُبّاد الحنابلة.
قَالَ السّمعانيّ: [6] من الزُّهّاد والمنقطعين، والعُبّاد الورعين. مُجاب الدّعوة، صاحب كرامات.
سمع: أبا يَعْلَى الفقيه الحنبليّ، وغيره [7] .
حُكي عَنْهُ أَنَّهُ أراد أن يخرج إلى الصّلاة، فجاء ابنه إِلَيْهِ، وكان صغيرًا، فقال: أريد غزالًا ألعب بِهِ. فسكت الشَّيْخ، فالحَّ عَلَيْهِ وقال: لا بُدّ لي من غزال. فقال لَهُ: أسكت، غدًا يجيئك غزال.
__________
[1] هكذا ورد في الأصل.
[2] الحرشيّ: بفتح الحاء المهملة والراء وفي آخرها الشين المعجمة، هذه النسبة إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن قيس، وأكثرهم نزلوا البصرة، ومنها تفرّقت إلى البلاد. وفي الأزد: الحريش بن جذيمة بن زهران بن الحجر بن عمران. (الأنساب 4/ 108) .
[3] وقال ابن الجوزي: كتب الكثير وروى عنه أشياخنا، وقال عبد الوهاب الأنماطي: كان فقيها صالحا فيه خير. (المنتظم) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسن الراذاني) في: الأنساب 6/ 36، 37، والمنتظم 9/ 127 رقم 194 (17/ 71 رقم 3716) ، وطبقات الحنابلة 2/ 253 رقم 692، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 91- 93 رقم 41، والبداية والنهاية 12/ 161.
[5] في الأصل: «الزاذاني» بالزاي. وفي طبقات الحنابلة: «الراداني» بالدال المهملة. وفي البداية والنهاية: «المرادي» . والمثبت هو الصحيح، عن: ذيل طبقات الحنابلة، والأنساب (6/ 36) وفيه: «الراذاني» : بفتح الراء والذال المعجمة بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى راذان، وهي قرية من قرى بغداد.
[6] انظر الأنساب 6/ 36، 37.
[7] وقال ابن أبي يعلى: كان زاهدا ورعا، عالما بالقراءات وغيرها. (طبقات الحنابلة) .

(34/197)


فجاء من الغد غزال، ووقف عَلَى باب الشَّيْخ، وجعل يضرب بقرنيه الباب، إلى أن فتحوا لَهُ ودخل، فقال الشَّيْخ: يا بُنيّ، جاءك الغزال [1] .
تُوُفّي رحمة اللَّه عَلَيْهِ في رابع عشر جُمَادَى الأولى [2] .
188- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد [3] .
أَبُو مسعود [4] السوذرجانيّ [5] . شيخ السلفي.
يروي عن: علي بن ميلة الفرضي، وغيره.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى عَنْ سِنٍّ عالية [6] .
189- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد الرّحيم [7] بن أحمد [8] .
__________
[1] المنتظم 9/ 127 (17/ 71) ، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 92.
[2] وقع في (الأنساب 6/ 37) : «توفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة» .
وهو من مواليد سنة 426 هـ.
وذكر ابن النجار أنه حدّث باليسير. وروى عنه الحافظ أبو نصر اليونارتي في معجمه وقال:
أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد أبو عبد الله الراذاني.
وقال ابن الجوزي: كان الراذاني كثير التهجّد، ملازما للصيام.
وقال ابن السمعاني: سمعت الحسن بن حرينا الشيخ صالح باللجمة يقول: دخلت على أبي عبد الله الراذاني، واعتذرت عن تأخّري عنه، فقال: لا تعتذر، فإنّ الاجتماع مقدّر.
وذكر ابن النجار بإسناده: أنّ رجلا حلف بالطلاق أنه رآه بعرفة، ولم يكن الشيخ حجّ تلك السنة، فأخبر الشيخ بذلك فأطرق، ثم رفع رأسه، وقال: أجمعت الأمّة قاطبة على أنّ إبليس عدوّ الله يسير من المشرق إلى المغرب، في افتتان مسلم أو مسلمة، في لحظة واحدة، فلا ينكر لعبد من عبيد الله أن يمضي في طاعة الله بإذن الله في ليلة إلى مكة ويعود. ثم التفت إلى الحالف وقال: طب نفسا، فإنّ زوجتك معك حلال. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 92، 93) .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: الأنساب 7/ 185، ومعجم البلدان 3/ 278، والإعلام بوفيات الأعلام 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 194 (وفي ترجمة أخيه: أبي الفتح أحمد بن عبد الله، رقم 114) .
[4] في المطبوع من (الأنساب) : «أبو سعد» .
[5] السّوذرجانيّ: بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سوذرجان، وهي من قرى أصبهان. (الأنساب) .
[6] وصفه ابن السمعاني بالمؤذّن، من أهل أصبهان. وقال: ولد سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
[7] تقدّم في ترجمة أبيه «عبد الحميد» برقم (172) أن اسم جدّه هو «عبد الرحمن» .
[8] انظر عن (محمد بن عبد الحميد) في: الجواهر المضيّة 3/ 1358.

(34/198)


العلّامة أبو سَعْد العيداني [1] الخراساني المروزي، الحنفي. ويُعرف بخُوَاهَرْزَادَة [2] .
كَانَ مائلًا إلى الحديث وكتابته. كبير الشّأن في مذهبه.
روى عَنْ: خاله القاضي عليّ بْن الحَسَن الدِّهْقان، والخطيب عَبْد الوهّاب الكسائي، وطائفة.
ومات بمَرْو.
ذكره ابن شيخنا قاضي الحَسَن [3] .
190- مُحَمَّد ابْن الوزير الشهيد أَبِي القاسم رئيس الرؤساء عليّ بْن الحَسَن بْن المسلمة [4] .
أبو نَصْر.
وُلِد سنة أربعين وأربعمائة، وولي الأستاذ داريّة في العراق.
وكان صدرًا محتَشِمًا مُعَظَّمًا.
مات في المحرَّم.
191- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن ودعان [5] .
__________
[1] في الأصل: «العبداني» بالباء الموحّدة. والتصحيح من: الجواهر المضيّة. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة في ترجمة أبيه «عبد الحميد» برقم (172) .
[2] انظر التعليق على هذا في ترجمة أبيه السابقة.
[3] هكذا رسمت في الأصل.
[4] انظر عن (محمد بن الوزير بن المسلمة) في: الكامل في التاريخ 10/ 326.
[5] انظر عن (محمد بن علي الموصلي) في: المنتظم 9/ 127، 128 رقم 196 (17/ 71 رقم 3718) ، واللباب 3/ 356، والمغني في الضعفاء 2/ 618 رقم 5854، والكامل في التاريخ 10/ 327، وسير أعلام النبلاء 19/ 164- 167 رقم 90، وميزان الاعتدال 3/ 657- 659، والمغني في الضعفاء 2/ 618 رقم 5854، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 27، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 101، 102، والوافي بالوفيات 4/ 141، 142، والبداية والنهاية 12/ 161، والإعلام بتاريخ الإسلام لابن قاضي شهبة (مخطوط) (حوادث ووفيات 494 هـ.) والكشف الحثيث 394- 396 رقم 711، ولسان الميزان 5/ 305، 306 رقم 1027، وتاريخ الخميس للدياربكري 2/ 403، وكشف الظنون 1/ 60، 715، وإيضاح المكنون 1/ 431، وهدية العارفين 2/ 78، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 1/ 435، والأعلام 7/ 163، ومعجم المؤلفين 11/ 26، 27.

(34/199)


القاضي أبو نَصْر المَوْصِليّ.
قدِم بغداد في سنة ثلاثٍ وتسعين [1] قبل موته بعام، وروى «الأربعين الوَدْعَانيّة» الموضوعة الّتي سرقها عمّه أبو الفتح بْن وَدْعَان من الكذّاب زيد بْن رفاعة [2] .
سمعها منه: هبة اللَّه الشِّيرازيّ، وعُمَر الرّؤاسيّ.
وكان مولده سنة اثنتين وأربعمائة.
ومات بالموصل.
قَالَ السّمعانيّ: حدَّثَ عَنْ عمّه أبي الفتح أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن سليمان بْن وَدْعَان، وأبي الحَسَن مُحَمَّد بْن عليّ بْن بحشل [3] ، والحسين بْن مُحَمَّد الصَّيْرفيّ.
وروى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
وقال السِّلَفيّ: قرأتُ عَلَيْهِ «الأربعين» جَمْعَه، ثمّ تبيّن لي حين تصفّحتها تخليطٌ عظيم يدلّ عَلَى كذِبه وتركيبه الأسانيد.
وقال هُزَارسْت: سألته عَنْ مولده، فقال: ليلة نصف شَعْبان سنة إحدى وأربعمائة، أوّل سماعي سنة ثمان وأربعمائة.
وقال ابن ناصر: رأيته ولم أسمع منه لأنّه كَانَ متهمًا بالكذب، وكتابهُ في «الأربعين» سرقة من ابن رفاعة، وحذف منه الخطْبة، وركَّب عَلَى كلّ حديثٍ رجلًا [4] أو رجلين إلى شيخ زيد بْن رفاعة واضع الكتاب. وكان كذّابا، وألّف بين
__________
[1] وقع في المطبوع من (المنتظم) : «سنة ثلاث وسبعين» . والمثبت هو الصحيح كما أوضح المؤلّف الذهبي- رحمه الله-.
[2] انظر عن (زيد بن رفاعة) في: تاريخ بغداد 8/ 450، 451 رقم 4564، والموضوعات لابن الجوزي 1/ 136، والضعفاء والمتروكين 1/ 305 رقم 1321، والمغني في الضعفاء 1/ 246 رقم 2272، وميزان الاعتدال رقم 3005 د، وتاريخ الإسلام (381- 400 هـ.) ص 221، 222، والكشف الحثيث 188 رقم 302، ولسان الميزان 2/ 506.
[3] في الأصل: «نحشل» بالنون، وهو تصحيف.
[4] في الأصل: «رجل» .

(34/200)


كلماتٍ قد قالها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين كلمات من كلام لُقْمان والحُكماء، وطوَّل الأحاديث [1] .
وقال السِّلَفيّ: تُوُفّي في المحرَّم بالموصل، ولم يكن ثقة.
192- مُحَمَّد بْن أَبِي القاسم عليّ بْن المحسن بْن عليّ بْن مُحَمَّد [2] .
أبو الحُسين التّنُوخيّ البغداديّ المعدّل.
شهد عند قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه الدامغاني فقبله [3] .
وروى عَنْ أَبِيهِ، وغيره، مقطّعات من الشّعر.
روى عنه: مفلح الدّونيّ.
__________
[1] قال السلفي: إن كان ابن ودعان خرّج على كتاب زيد كتابه بزعمه حين وقعت له أحاديث عن شيوخه فأخطأ، إذ لم يبيّن ذلك في الخطبة، وإن كان سوى ذلك، وهو الظاهر.
وعلّق ابن حجر على ذلك فقال: لا، بل المتيقّن، فأطمّ وأعمّ، إذ غير متصوّر لمثله مع نزارة روايته وقلّة طلبه أن يقع له كل حديث فيه من رواية من أورده الهاشمي، على أن الأربعين رواها عن ابن ودعان محمد الهادي بمصر، وأبو عبد الله البلخي بالعراق، ومروان بن علي الطبري بديار بكر، وإسماعيل بن محمد النيسابورىّ بالحجاز، فآخرون.
وسئل المزّي عن «الأربعين الودعانية» فأجاب بما ملخّصه: لا يصحّ منها على هذا النسق بهذه الأسانيد شيء وإنما يصحّ منها ألفاظ يسيرة بأسانيد معروفة يحتاج في تتبّعها إلى فراغ، وهي مع ذلك مسروقة سرقها ابن ودعان من زيد بن رفاعة، ويقال: زيد بن عبد الله بن مسعود بن رفاعة الهاشمي، وهو الّذي وضع «رسائل إخوان الصفا» في ما يقال. وكان جاهلا بالحديث، وسرقها منه ابن ودعان فركّب بها أسانيد. فتارة يروي عن رجل، عن شيخ ابن رفاعة، وتارة يدخل اثنين، وعامّتهم مجهولون، ومنهم من يشك في وجوده، والحاصل أنها فضيحة مفتعلة، وكذبة مؤتفكة، وإن كان الكلام يقع فيها حسنا ومواعظ بليغة، وليس لأحد أن ينسب كل مستحسن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنّ كلّما قاله الرسول حسن، وليس كل حسن قاله الرسول.
والله الموفق. (لسان الميزان 5/ 306) .
يقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : وقع في المطبوع من: (لسان الميزان) : «رسائل أحوال الضعفاء» ! وهذا غلط واضح. وانظر: الكشف الحثيث 396.
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في: سير أعلام النبلاء 19/ 165: «وقد ذكرته في «الميزان» ، وأنه غير ثقة، ولا مأمون. وإنما أوردته هنا لشهرته» .
[2] انظر عن (محمد بن أبي القاسم) في: المنتظم 9/ 127 رقم 195 (17/ 71 رقم 3717) ، ومعجم الأدباء 14/ 113.
[3] وكان قبوله لشهادته في سنة 473 هـ. (المنتظم) .

(34/201)


ومات في شوّال [1] ، وانقرض بيته [2] .
193- مُحَمَّد بْن هبة الله بن أحمد [3] .
أبو البركات ابن الحُلْوانيّ البغداديّ.
من الوُكَلاء عَلَى باب قاضي القُضاة أَبِي عَبْد اللَّه بْن الدّامغانيّ، فمن بعده.
سمع: أبا مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد الخلّال، ومُحَمَّد بْن عليّ الصُّوريّ، وجماعة.
وعنه: الحافظ ابن ناصر، وغيره.
تُوُفّي في ذي الحجّة، وقيل: في سنة ثلاثٍ.
194- مُحَمَّد بْن القاسم بْن أَبِي غُدّان [4] .
أبو الفتح الفقيه.
روى عَنْ: أَبِي إِسْحَاق القرّاب.
195- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي الرعد العُكْبَريّ [5] .
أبو الحَسَن.
سمع: الحَسَن بْن شهاب العُكْبَريّ.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ.
ومات في صَفَر.
وقد أجاز للسِّلَفيّ.
196- مُحَمَّد بْن مامويه بن عليّ [6] .
__________
[1] وكان مولده سنة نيّف وأربعين وأربعمائة. (معجم الأدباء 14/ 113) في ترجمة أبيه أبي القاسم علي بن المحسّن صاحب «الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب» التي قام بتخريجها الحافظ محمد بن علي الصوري، وحقّقه خادم العلم وطالبه، محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» وصدر عن (مؤسسة الرسالة في بيروت، ودار الإيمان بطرابلس) في طبعتين.
[2] المنتظم.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة السابقة 493 هـ. برقم (150) .

(34/202)


أبو بَكْر المتولّي الأَبِيوَرْديّ.
كَانَ متولّي أمور مدرسة البَيْهقيّ، وكان في أسلافه من تولّى الأوقاف.
سمع: أبا بَكْر الحِيّريّ، وغيره.
روى عَنْهُ: زاهر الشّحّاميّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى وغسّلته امرأته، ودُفِن ليلًا مخافة الظَّلَمة والأعوان. وكان في زمان الغلاء والتّشويش. وقد مرّ عام أوّل.
197- مُحَمَّد بْن المفرّج بْن إِبْرَاهِيم [1] .
أبو عَبْد اللَّه البَطَلْيُوسيّ المقرئ [2] .
قَالَ ابن بَشْكُوَال [3] : روى عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ فيما كَانَ يزعمُ، وذكر أنّ لَهُ رحلة إلى المشرق روى فيها عَن الأهوازيّ. وكان يكذب فيما ذكره. وتُوُفّي بالمَرِيّة [4] .
قلت: وقد روى أبو القاسم بْن عيسى القراءات، وليس هُوَ بثقة، عن عبد المنعم بن الخلوف، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابن المفرّج هذا، وزعم أَنَّهُ قرأ عَلَى مكّيّ، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ [5] ، وأبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن الحسين الكارزينيّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن المفرّج) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 563، 564 رقم 1237، والمغني في الضعفاء 2/ 635 رقم 5999، وميزان الاعتدال 4/ 46 رقم 8199، وغاية النهاية 2/ 265 رقم 3479، ولسان الميزان 5/ 387 رقم 1259.
[2] وهو المعروف بالربويلة. وقد ضبطه ابن الجزي. وفي حاشية الصلة: يعرف بالريوبلة.
[3] في الصلة 2/ 564.
[4] وقال الحافظ أبو عبد الله: وما علمت أحدا جمع الأخذ عن هؤلاء. (غاية النهاية) .
[5] . وجاء في حاشية الأصل من الصلة رقم (2) : ورحلته إنما كانت بعد موت الأهوازي رحمه الله، وتوفي المقرئ الجليل أبو علي الأهوازي سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
ونقل ابن حجر: روى عنه سليمان بن يحيى وغيره، وقرأت على ابن حبان ابن الشيخ ابن حبان أن جدّه أخبرهم قال: سألت الحافظ أبا علي ابن أبي الأحوص عن أبي بكر محمد بن المفرج البطليوسي المعروف بالربوبلة فقال: هو ثقة، وقد تكلّم فيه ابن بشكوال، وقرأته بخط ابن حبّان مضبوطا بالقلم: الرَّبَوْبَلَة بفتح الراء والموحّدة وسكون الواو وفتح الموحّدة أيضا وتخفيف اللام بعدها. (لسان الميزان 5/ 387) .
و «أقول» : هكذا ورد في اللسان: عن أبي بكر، مع أن كنيته: أبو عبد الله. كما ورد: «ابن المفرح» بالحاء المهملة، وهو خطأ. أما شهرته فقد اختلف في صحتها.

(34/203)


198- منصور بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [1] بْن مُحَمَّد بْن حِيد [2] بْن عَبْد الجبّار بْن النَّضْر [3] .
أبو أحمد بْن أَبِي منصور النَّيْسابوريّ التّاجر [4] .
سمع: جَدّه أبا بَكْر مُحَمَّد بْن عليّ صاحب الأصمّ.
وقدِم بغداد وسكنها. وسمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بْن المذهب، وعبد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظفر المَغَازليّ، وأبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
تُوُفّي في شوّال.
- حرف النون-
199- نَصْر بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر [5] .
أبو الْخَطَّاب البغداديّ البزّاز [6] المقرئ.
سمع بإفادة أخيه من: أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن البَيِّع، وعُمَر بْن أحمد العُكْبَريّ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن رزقوَيْه، وأبي الحُسين بْن بشران، وأبي بكر
__________
[1] انظر عن (منصور بن بكر) في: المنتخب من السياق 441 رقم 1492، والمختصر للسياق (مخطوط) ورقة 79 ب، والإعلام بوفيات الأعلام 203، 204، وسير أعلام النبلاء 19/ 181، 182 رقم 102 وفيه قال محقّقه (بالحاشية) : لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسّرة لنا.
[2] في الأصل: «حيدرة» ، والمثبت عن: المنتخب.
[3] في الأصل: «النصر» بالصاد المهملة.
[4] قال عبد الغافر الفارسيّ: معروف، من بيت الحديث والعلم، لهم خطّة بنيسابور تعرف بقصر حيد. قدم علينا نيسابور في صحبة الإمام أبي إسحاق الشيرازي، والأجلّ عفيف الخاصّ رسولا من الإمام المقتدي بأمر الله، وقرأ عليهم الحديث، وعاد معهم إلى بغداد، وتوفي.
[5] انظر عن (نصر بن أحمد) في: التحبير في المعجم الكبير 2/ 204، والأنساب 9/ 133، 134، والمنتظم 9/ 129 رقم 201 (17/ 73 رقم 3723) وقد تحرّف في الطبعتين إلى:
«النظر» ! ومعجم البلدان 4/ 192، واللباب 2/ 377، والكامل في التاريخ 10/ 327، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1577، وسير أعلام النبلاء 19/ 46- 49 رقم 29، والإعلام بوفيات الأعلام 204، ودول الإسلام 2/ 24، والعبر 3/ 340، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 240، 241، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 107، والبداية والنهاية 12/ 161 وفيه «البطران» ، وتبصير المنتبه 3/ 1002، وشذرات الذهب 3/ 402.
[6] في الأصل: «البزار» بالراء في آخره.

(34/204)


المنقّيّ، ومكّيّ بْن عليّ الحريريّ، وجماعة.
وتفرّد في وقته، ورُحِل إِلَيْهِ.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وابن ناصر، وسعد الخير الأندلسيّ، وأحمد بْن عَبْد الغني البَاجِسْرَائيّ [1] ، وأبو الفتح بْن البَطِّيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السَّكَن، وشُهْدَة الكاتبة، وخطيب المَوْصِل أبو الفضل الطُّوسيّ، وخلْق سواهم، آخرهم موتًا [2] .
قَالَ صاحب «المرآة» [3] : جرت لَهُ حكاية، كَانَ عَلَى دواليب البقر مشرفًا عَلَى عُلُوفاتهم، فكتب إلى المستظهر باللَّه رقعة: العبد ابْن البقر المشرف عَلَى البَطَر. فلمّا رآها الخليفة ضحك. وكان ذَلِكَ تغفُّلًا منه.
قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: شيخ مستور. أَنَا الحَسَن بْن عليّ، أَنَا أبو الفضل الهَمَذانيّ، أنا أبو طاهر السِّلَفيّ: سألتُ شُجاعًا الذُّهْليّ عَن ابن البَطَر فقال:
كَانَ قريب [4] الأمر، لَيِّنًا في الرّواية، فراجعْتُهُ في ذَلِكَ وقلت: ما عرَفْنا ممّا ذكرت شيئًا، وما قُرئ عَلَيْهِ شيء تشكّ فيه. وسماعاته كالشّمس وُضُوحًا.
فقال: هُوَ لَعَمْرِي كما ذَكَرْت، غير أنّي وجدت في بعض ما كَانَ لَهُ بِهِ نسخة سماعًا، يشهد القلب ببُطْلانه.
ولم يُحْمَلْ عَنْهُ شيءٌ من ذَلِكَ [5] .
وقال السِّلَفيّ: سألت ابن البَطَر عَنْ مولده، فقال: سنة ثمان وتسعين
__________
[1] الباجسرائي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وكسر الجيم وسكون السين المهملة وفتح الراء وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى باجسرى وهي قرية كبيرة بنواحي بغداد على عشرة فراسخ منها قريبة من بعقوبا. (الأنساب 2/ 17) .
وقد تصحّفت في الأصل إلى: «باخسرائي» بالخاء المعجمة.
[2] هكذا، ولم يذكره. أما ابن السمعاني فذكر جماعة ممن رووا عنه وقال: وجماعة كثيرة سواهم يقربون من خمسين نفسا. (الأنساب) .
[3] هو سبط ابن الجوزي.
[4] في (المستفاد 241) : «وكان مريب» .
[5] المستفاد 241.

(34/205)


وثلاثمائة [1] وقد دخلت بغداد في الرّابع والعشرين من شوّال، فسَاعَةَ دخولي لم يكن لي شُغل إلّا أنّ مضيت إلى ابن البَطَر، وقد حكمت عَلَيْهِ، وكان شيخًا عِسرًا فقلت: قد وصلت من إصبهان لأجلك.
فقال: اقرأ. وجعل موضع الرّاء من اقرأ غَيْنًا [2] . فقرأتُ عَلَيْهِ وأنا مُتِكئ لأجل دمامل في موضع جلوسي. فقال: أبصِر ذا الكلب يقرأ وهو متّكئ! فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه. وقرأت عَلَيْهِ سبعةً وعشرين حديثًا، وقمت. ثمّ تردّدتُ، وقرأت عَلَيْهِ خمسة وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك.
تُوُفّي ابن البَطَر في سادس عشر ربيع الأوّل [3] .
وقد أنبا بلال المغيثيّ [4] عَن ابن رَواج [5] ، عَن السِّلَفيّ، عَنْهُ، بجزء «حديث الإفك» ، للآجُرِّيّ. وروى هذا الجزء أبو الفتح بْن شاتيل [6] ، وهو غلط من بعض الطلبة وجَهْل، فإنّ أبا الفتح لم يلْحقه.
وقال السّمعانيّ: كَانَ أبو الخطّاب يسكن باب الغربة [7] عند المشرعة [8] ،
__________
[1] وقال ابن السمعاني: وكانت ولادته في سنة سبع أو ثمان وتسعين وثلاثمائة. (الأنساب 9/ 134) .
[2] في الأصل: «عينا» بالعين المهملة.
[3] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا ثقة. سمع الحديث من أصحاب المحاملي، وعمّر حتى انفرد في وقته بالرواية، ورحل إليه طلبة الحديث وتزاحموا عليه. (الأنساب 9/ 133) .
[4] في الأصل: «المغني» ، والتصحيح من (معجم شيوخ الذهبي 1/ 154 رقم 200) فهو:
بلال بن عبد الله الأمير الكبير حسام الدين أبو الخير الحبشي الخطي المغيثي الجمدار، ويعرف بالوالي. ربّى ملوكا وأولاد ملوك، وكان وافر الحرمة له أوقاف وبرّ، وفيه حبّ للرواية وعنده سفائن أجزاء عن ابن رواج وغيره. مات بعد الهزيمة في رمل مصر سنة 699 هـ.
[5] في الأصل: «ابن رواح» بالحاء المهملة، وهو غلط.
[6] في الأصل رسمت: «شاسل» .
[7] الغربة: أحد أبواب دار الخلافة ببغداد. (معجم البلدان 4/ 192) . وقال ابن السمعاني:
الغربي: بفتح الغين المعجمة والراء وفي آخرها الباء الموحّدة. هذه النسبة إلى محلّة ببغداد مما يلي الشط يقال لها: باب الغربة ملاصق دار الخلافة. (الأنساب 9/ 132، 133) .
وقد تحرّفت في (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 240) إلى «باب الغرمة» !
[8] المشرعة: هي سبيل الماء.

(34/206)


ممّا يلي البدريَّة، وعُمِّر حتّى صارت إِلَيْهِ الرِّحْلة من الأطراف، وتكاثر عَلَيْهِ الطّلبة.
وكان شيخًا صالحًا صَدُوقًا، صحيح السّماع. سمع: ابن البَيِّع، وابن رزقوَيْه، وابن بشران، وهو آخر من حدَّثَ عَنْهُمْ [1] .
- حرف الهاء-
200- هبة اللَّه بْن حمزة [2] .
أبو الجوائز العبّاسيّ.
روى عَنْ: ابن غَيْلان.
وهو ابن الكاتبة بنت الأقرع.
تُوُفّي في صَفَر.
- الكنى-
201- أبو الحَسَن [3] بْن زفر العُكْبَريّ [4] .
المقرئ الفقيه الحنبليّ.
تُوُفّي عَنْ تسعين سنة، وقيل: إنّه صام الدَّهر خمسًا وسبعين سنة [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 129 (17/ 73) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «الحسن بن أحمد بن علي» برقم (163) ، وقد أخّرتها إلى هنا مراعاة للترتيب الّذي انتهجه المؤلّف- رحمه الله-.
[4] انظر عن (أبي الحسن بن زفر) في: طبقات الحنابلة 2/ 253 رقم 693، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 93 رقم 42.
[5] وقال ابن أبي يعلى: «صحب الوالد السعيد، وسمع درسه، وكان صالحا، كثير التلاوة والتلقين للقرآن ... وكانت وفاته قبل وفاة أبي عبد الله الراذاني بأيام لا أحفظ عددها» . (طبقات الحنابلة) .

(34/207)


سنة خمس وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
202- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن عيسى [1] .
أبو العبّاس الكِنَانيّ القُرْطُبيّ، ويُعرف بالبييرّس [2] .
روى عَنْ: مُحَمَّد بْن هشام المصحفي، وأبي مروان بْن سراج، وعيسى بْن خيرة، وخلف بْن رزق، وجماعة.
وبرع في النَّحْو واللُّغة، وصار أحد أعلام العربية، مَعَ مشاركةٍ في الحديث والفقه والأصُول، وبذ أهل زمانه في الحفظ والإتقان، مَعَ خيرٍ وانقباض، وحُسْن خُلُق، ولِينِ جانب.
203- إسماعيل بْن الحَسَن بْن علي بْن الْحَسَن بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَر بْن حَسَن بْن عليّ بْن عليّ ابن رَيْحَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحُسين رضي الله عنه [3] .
أبو الهادي العَلَويّ الأصبهاني.
كثير السّماع، نبيل.
سمع بمكّة: أبا الحَسَن بْن صخْر الْأَزْدِيّ.
وبأصبهان: أبا نُعَيْم، وأبا الحُسين بن فاذشاه.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 71، 72 رقم 155.
[2] هكذا قيّدها في الأصل، وكتب فوقها: «صح» . وفي الصلة 1/ 72: «يعرف بالببيرس» ، الباء الأولى مضمومة، والثانية مفتوحة، ثم ياء مثنّاة من تحتها، وراء مضمومة.
[3] انظر عن (إسماعيل بن الحسن) في: غاية النهاية 1/ 163 رقم 760 وفيه: «إسماعيل بن الحسن بن علي بن الحسين السيد أبو عبد الله العلويّ الحسيني المقرئ المتصدّر بأصبهان» .

(34/208)


وقدم بغداد في هذه السنة ليحج، فحدث.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره.
وقد قرأ بالرّوايات عَلَى أبي عَبْد اللَّه المليحي بأصبهان.
وكان ناسكًا صالحًا.
تُوُفّي في شَعْبان من أوّل السنة.
قرأ بمكّة عَلَى: عليّ الكازَرُونيّ [1] .
قَالَ السِّلَفيّ: انتقى عَلَيْهِ أحمد بْن بِشْر، وإسماعيل التَّيْميّ، وكان مفسرًا.
204- أحمد بْن مَعَدّ [2] .
أبو القاسم، الملقَّب بالمستعلي باللَّه بْن المستظهر بْن الظّاهر بن الحاكم بن العزيز بن المُعِزّ العُبَيْديّ، صاحب مصر.
ولي الأمر بعد أَبِيهِ في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وسنه يومئذ إحدى وعشرون سنة. وفي أيّامه وَهَتْ دولتهم، واختلّت أمورهم، وانقطعت دعوتهم من
__________
[1] الكازروني: بفتح الكاف وسكون الزاي، عند ابن السمعاني. وبفتح الزاي عند ابن الأثير في (اللباب) ، وضم الراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كازرون وهي إحدى بلاد فارس.
(الأنساب 10/ 318) .
وقد وردت في الأصل: «الكارزوني» بتقديم الراء.
[2] انظر عن (أحمد بن معدّ) في: المنتظم 9/ 133 رقم 207 (17/ 78 رقم 3729) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 141، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 40، والكامل في التاريخ 10/ 328، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 197، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 85، والإشارة إلى من نال الوزارة لابن منجب 60، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 ق 1/ 1، 2، ووفيات الأعيان/ 178- 180 رقم 74، والمختصر في أخبار البشر 2/ 214، ونهاية الأرب 28/ 243- 245 و 273، والمغرب في حلى المغرب 82، والعبر 3/ 341، ودول الإسلام 2/ 24، ومرآة الجنان 3/ 158، والبداية والنهاية 12/ 162، وتاريخ ابن الوردي 2/ 13، والدرّة المضيّة 453، والوافي بالوفيات 8/ 183 رقم 3608، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة 2/ 18، 250، واتعاظ الحنفا 3/ 27، 28، والمواعظ والاعتبار 1/ 356، والنجوم الزاهرة 5/ 153، 154 و 168، وحسن المحاضرة 2/ 14، وتاريخ الخلفاء 428، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 221، وأخبار الدول للقرماني (الطبعة الجديدة بتحقيق د. أحمد حطيط ود. فهمي سعد) 2/ 244، 245، وتاريخ الأزمنة للدويهي 92، وشذرات الذهب 3/ 402.

(34/209)


أكثر مدن الشّام، واستولى عليها أتراك وفرنج، فنزل الفرنج عَلَى أنطاكية، وحاصروها ثمانية أشهر، وأخذوها في سادس عشر رجب سنة إحدى وتسعين، وأخذوا المَعَرّة سنة اثنتين وتسعين، والقدس فيها أيضًا في شَعْبان.
واستولى الملاعين على كثير من مدن السّاحل.
ولم يكن للمستعلي مَعَ الأفضل أمير الجيوش حُكْم.
وفي أيّامه هرب أخوه نزار إلى الإسكندريّة، هُوَ منتسب أصحاب الدّعوة [1] بقلعة الأَلموت، فأخذ لَهُ البيعة عَلَى أهل الثّغر أفتكين، وساعده قاضي الثّغر ابن عمّار [2] ، وأقاموا عَلَى ذَلِكَ سنة، فجاء الأفضل سنة ثمان وثمانين، وحاصَر الثغر، وخرج إِلَيْهِ أفتكين، فهزمه أفتكين [3] . ونازلها ثانيا، وافتتحها عَنْوةً، فقتل جماعة، وأتى القاهرة بنزار وأفتكين [4] ، فذبح أفتكين صبرًا، وبنى المستعلي عَلَى أخيه حائطًا، فهو تحته إلى الآن.
تُوُفّي المستعلي في ثالث عشر صَفَر سنة خمسٍ وتسعين. قاله ابن خَلِّكان [5] ، وغيره.
- حرف الجيم-
205- جناح الدّولة.
صاحب حمص، مرّ في الحوادث [6] .
__________
[1] في وفيات الأعيان 1/ 179: «ونزار هو الأكبر وهو جدّ أصحاب الدعوة ... » .
[2] هو أبو القاسم علي بن أحمد بن عمّار الطرابلسي، يلقّب بجمال الدولة، وإليه ينسب وزير مصر بدر الجمالي، لأن ابن عمّار اشتراه وربّاه. انظر عنه في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 302- 305 رقم 1039، وكتابنا: «لبنان في العصر الفاطمي» من:
سلسلة دراسات في تاريخ الساحل الشامي- راجع سلسلة نسب بني عمّار أمراء طرابلس.
[3] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 36، ذيل تاريخ دمشق 128، تاريخ الفارقيّ 267، أخبار الدول المنقطعة 83، 84، المغرب في حلي المغرب 81، وفيات الأعيان 1/ 179، نهاية الأرب 28/ 245، اتعاظ الحنفا 3/ 14، شذرات الذهب 3/ 402.
[4] أخبار مصر 2/ 36، 37، نهاية الأرب 28/ 245، 246، مرآة الجنان 3/ 158، الدرّة المضيّة 444، 446، 447، اتعاظ الحنفا 3/ 14، 15، شذرات الذهب 3/ 402.
[5] في وفيات الأعيان 1/ 180.
[6] انظر حوادث سنة 495 هـ.

(34/210)


- حرف الحاء-
206- الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد [1] .
أبو عليّ الكَرْمانيّ [2] السِّيرَجَانيّ [3] ، الصالح الصُّوفيّ.
أحد من عُني بطلب الحديث وأكثر منه ببغداد، لكنّه أفسد نفسه وادّعى ما لم يسمعه. وهو الّذي دمّر عَلَى الطُّرَيثيثيّ [4] وأَلْحَقَ اسمه في أجزاء، فعُرِفت.
وكان قد كتب عَنْ مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الترجمان [5] بالشام.
وحدَّثَ عَنْهُ السِّلَفيّ فقال: ثنا من أصله ببغداد، وسمع من: عاصم، ورزق اللَّه. وكان صالحًا زاهدا [6] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد الكرماني) في: الأنساب 3/ 38 و 7/ 221، والمنتظم 9/ 132 رقم 203 (17/ 77 رقم 3725) ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/ 258، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 62 رقم 35، وميزان الاعتدال 1/ 521 رقم 1945، والكشف الحثيث 141 رقم 227، ولسان الميزان 2/ 254 رقم 58 أو تهذيب تاريخ دمشق 4/ 244، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 123، 124 رقم 449.
[2] الكرماني: بكسر الكاف وقيل بفتحها، وسكون الراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بلدان شتى، مثل: خبيص، وجيرفت، والسّيرجان، وبردسير، يقال لجميعها كرمان، وقيل بفتح الكاف، وهو الصحيح، غير أنه اشتهر بكسر الكاف. (الأنساب 10/ 400، 401) .
[3] السّيرجاني: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الراء وفتح الجيم، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سيرجان، وهي بلدة من بلاد كرمان مما يلي فارس. (الأنساب 7/ 220) ووردت في: تاريخ دمشق، وتهذيبه: «السرجاني» من غير ياء بعد السين المهملة.
[4] الطّريثيثي: بضم الطاء المهملة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وبعدها التاء المثلثة بين الياءين، وفي آخرها مثلّثة أخرى. هذه النسبة إلى طريثيث، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، بها قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية «ترشيز» . (الأنساب 8/ 238) .
[5] كان ترجمان سيف الدولة الحمداني صاحب حلب، وهو علي بن الترجماني الغزّي ثم العسقلاني. (الأنساب 3/ 38) .
[6] وقال ابن عساكر: سمع الحديث بدمشق وبصور من سليم الرازيّ، وأبي بكر الخطيب، وغيرهم. وكان موصوفا بالحفظ ... وكان محمد بن ناصر الحافظ يكثر الثناء على المترجم.
(تاريخ دمشق 10/ 258، التهذيب 4/ 244) .
وقال المؤلّف الذهبي في (ميزان الاعتدال 1/ 521) : اتهمه المؤتمن الساجي، وأساء عليه الثناء ابن ناصر، يقال: زوّر لنفسه وهو متأخّر.
وعلّق سبط ابن العجمي على ما ذكره الذهبي، فقال: فقوله اتّهمه يحتمل أن يكون بالكذب، ويحتمل بالوضع غير إسناد، وأنه ما يطلقون هذه العبارة إلّا على الّذي وضع. (الكشف

(34/211)


207- الحُسين بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المَرْزُبان [1] .
أبو عَبْد اللَّه الهَمَذانيّ الخطيب.
روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن يَنَال الصُّوفيّ، وابن عزو، وجماعة.
قال شيرويه: وكان صدوقا فاضلا، كثير النسخ، متدينا، عابدا.
208- الحسين بن محمد بن أبي علي الحسين [2] .
الطبري، ثم البغدادي، الفقيه الشّافعيّ.
توفّي بأصبهان.
__________
[ () ] الحثيث 141) .
وقال ابن النّجّار: كتب بخطّه كثيرا من الكُتُب والأجزاء، وروى عن الخطيب وسليم الرازيّ، وجماعة. وكان عابدا ناسكا. روى عنه السلفي، وجماعة.
وقال ابن السمعاني: سكن بغداد، ورحل إلى الشام والحجاز، وكان حريصا على طلب العلم والحديث، زاهدا، متقلّلا، غير أنه ما كان ثقة في النقل صدوقا في القول، أجمع أهل بغداد وحفّاظها على ذلك، وكان أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الباقي ابن الخاضبة الحافظ يقول:
أعرف من قطع بادية تبوك بقليل من الزاد، ولا يسمع منه شيء، وليس بشيء في الحديث، وأشار إلى أنه أبو علي السيرجاني، أكثر عن الحفاظ، مثل أبي بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب، وخطّه على كتبه.
وابنته سعدى بنت السيرجاني. (الأنساب 7/ 221) .
وقال ابن الأنماطي: هو الّذي خرّب بيت أبي بكر بن زهير يعني الطريثيثي.
وقال ابن الخاضبة: لا يعتمد على نقله. (تحرّف في لسان الميزان إلى ابن الحافية) .
وروى عنه سعد الخير بن محمد الأنصاري ووصفه بالحفظ.
وقال ابن السمعاني: أحد من عني بجمع الحديث، ونقل بخطّه ما لا يدخل تحت الحصر، إلّا أنّه ادّعى سماع ما لم يسمعه، وأفسد سماع جماعة من الشيوخ، فحملهم إلى أن حدّثوا بما لم يسمعوا، منهم: أبو بكر الطريثيثي. ورأيت أن في عدّة أجزاء من تصانيف الخطيب، سماعه، إمّا ملحقا وإمّا مصلّحا، وكان مع ذلك له ورع وصلاح وزهد وتنسّك وصحبة للمشايخ.
وقال ابن ناصر: كان ظاهره الصلاح، والخبر منكر، ولو قنع بما رزقه الله من السماع كان أصلح، لأن الرجل ينتفع بالقليل مع الصدق. (لسان الميزان 2/ 254) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الكامل في التاريخ 10/ 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 210 رقم 128 وفيه: «أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الله الطبري، الحاجّي، البزّازي» .

(34/212)


وقد درس بنظامية بغداد مرتين، إحداهما [1] استقلالا بعد الغزالي سنة تسع وثمانين [2] .
وقد تفقه علي أبي الطيب، وسمع منه، ومن: الجوهريّ.
ثمّ لازم الشَّيْخ أبا إِسْحَاق حتّى برع في الفِقْه. ثمّ استُدْعِيّ إلى إصبهان من جهة أميرها، فقدمها، وأفاد أهلها ثلاث سنين، وانتقل إلى رحمة اللَّه تعالى.
فهذا غير شيخ الحَرَم [3] .
- حرف الخاء-
209- خَالِد بْن عَبْد الواحد بْن أحمد بْن خَالِد الأصبهاني [4] .
أبو طاهر التّاجر، أخو غانم.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وببغداد: بشْرى [5] بْن الفاتنيّ، ومُحَمَّد بْن رُزْمَة، وابن غَيْلان.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة.
ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وتوجفي في شَعْبان.
210- خَلَف بْن عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبَّاس بْن مُدِير [6] .
أبو القاسم الْأَزْدِيّ الخطيب بجامع قُرْطُبَة.
روى عَنْ: أَبِي عُمَر بْن عَبْد البَرّ كثيرًا، وأبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر القَبْريّ، وجماعة.
__________
[1] في الأصل: «أحدهما» .
[2] الأولى في سنة 483، ثم قدم بعد أشهر عبد الوهاب بن محمد الفامي الشيرازي، فتقرّر أن أشرك بينهما في التدريس، فدرّسا مديدة، ثم صرفا بتولية الغزّالي، فلما حجّ الغزّالي سنة ثمان وثمانين، وذهب إلى الشام وطوّل الغيبة، ولي الطبري تدريس النظامية في صفر سنة تسع، ثم فارق بغداد بعد ثلاثة أعوام، وسار إلى أصبهان لودائع كانت عنده.
[3] روى عنه هبة الله بن السقطي شيئا. (سير أعلام النبلاء) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته، وقد ذكره المؤلّف في (سير أعلام النبلاء 19/ 185) .
[5] في الأصل: «بشر» والتصحيح من (الأنساب 9/ 208) وفيه: بشرى بن مسيس الرومي الفاتني.
و «الفاتني» : بفتح الفاء وكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فاتن مولى أمير المؤمنين المطيع للَّه.
[6] انظر عن (خلف بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 173 رقم 394.

(34/213)


وسكن المَرِيّة، ثمّ استوطن قُرْطُبَة، وأقرأ النّاس بها، وحدَّثَ.
وكان ثقة، كثير الجمع والتفنيد. كتب بيده الكثير.
وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان.
- حرف السين-
211- سَعِيد [1] بْن هبة اللَّه بْن الحُسين [2] .
أبو الحَسَن البغداديّ.
شيخ الأطباء بالعراق. وكان بارعًا أيضًا في العلوم الفلسفية، مشتهرًا بها.
وخدم المقتدي باللَّه بصناعة الطّبّ. وانتهى في عصره معرفة الطّبّ إِلَيْهِ.
212- سلمان بْن حمزة بْن الخضِر السُّلَميّ الدّمشقيّ [3] .
أخو عَبْد الكريم.
سمع: أبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب.
وحدَّثَ باليسير [4] .
- حرف الصاد-
213- صاعد بْن سَيَّار بْن يحيى بْن مُحَمَّد بن إدريس [5] .
__________
[1] في الأصل: «سعد» والتصحيح من مصادر ترجمته.
[2] انظر عن (سعيد بن هبة الله) في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 1/ 254، 255، ووفيات الأعيان 6/ 73 (في ترجمة أمين الدولة ابن التلميذ رقم 779) و 75 رقم (303) ، وفيه «أبو الحسن هبة الله بن سعيد» ، والعبر 3/ 342، والوافي بالوفيات 15/ 268، 269 رقم 374، ومرآة الجنان 3/ 158، وكشف الظنون 77، 140، 1750، وشذرات الذهب 3/ 402، وإيضاح المكنون 2/ 283، 351، وفهرس الطب (بالمكتبة البلدية) 46، ومعجم المؤلفين 4/ 233، 234.
وهذه الترجمة وردت في الأصل بعد ترجمة «صاعد بن سيار» الآتية برقم (213) وقد قدّمتها إلى هنا مراعاة للترتيب على الحروف.
[3] انظر عن (سلمان بن حمزة) في: تهذيب تاريخ دمشق 6/ 212.
[4] قال ابن عساكر: وتولّى أوقاف المقرءين مدّة حياته.
[5] انظر عن (صاعد بن سيّار) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 303، 320، 484، 568 و 2/ 22، 127، 238، 275، 282، 344، والمنتخب من السياق 259 رقم 834، والتقييد لابن نقطة 300 رقم 366، والعبر 3/ 341، وسير أعلام النبلاء 19/ 182، 183

(34/214)


أبو العلاء الكِنَانيّ الهَرَوِيّ قاضي القُضاة بهَرَاة.
سمع: جَدّه القاضي أبا نَصْر يحيى، وأبا سعيد محمد بن موسى الصيرفي، وعلي بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ [1] ، والقاضي أبا العلاء صاعد بْن محمد، وأبا بشر الحسن بن أحمد المُزَكيّ، وسعيد بْن العبّاس النَّرْسيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن طاهر، وجماعة آخرهم حفيده نَصْر بْن سيّار.
وكان صَيِّنًا، نَزِهًا، إمامًا، انقاد لتقدُّمه جُمَيْع الطّوائف، وعُمَّر، وانتخب عَلَيْهِ شيخ الإسلام مع تقدّمه.
ولد سنة خمس وأربعمائة في جُمَادَى الآخرة [2] .
من الرُّواة عَنْهُ: حفيده شهاب بْن سيّار، وعليّ بْن سهل الشّاشيّ، وعبد المعز بْن بِشْر المُزَنيّ، ومُحَمَّد بْن المفضل الدّهّان، وعبد الواسع بْن عطاء، ومسرور بْن عَبْد اللَّه الحنفيّ.
تُوُفّي في رجب سنة أربع [3] .
أخذ عَنْ: أَبِي العلاء بْن التّلميذ والد أمين الدّولة، وعن: أَبِي الفضل كتفات، وعبدان الكاتب.
__________
[ () ] رقم 103، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 115، والوافي بالوفيات 16/ 231، والنجوم الزاهرة 5/ 169، وشذرات الذهب 3/ 402.
[1] الطّرازي: بكسر الطاء المهملة، وفتح الراء، وفي آخرها الزاي بعد الألف. هذه النسبة إلى من يعمل الثياب المطرّزة أو يستعملها. (الأنساب 8/ 224) .
[2] التقييد 300.
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: شيخ رفيع القدر، مشهور، من كبار مشايخ خراسان، له البيت المشهور في العلم والرئاسة والتقدّم والقضاء والمعرفة عند السلطان، وكان له مجلس النظر ومجلس الحديث، وإليه الحلّ والعقد.
دخل نيسابور مرات في أيّام الشباب، وسمع من أصحاب الأصمّ، وسمع بهراة من مشايخهم أبي عثمان القرشي وأبيه وجدّه وطبقتهم. (المنتخب) .
وقال ابن نقطة: حدّث بكتاب صحيح الإسماعيلي، عن الحسن بن محمد بن علي الباساني، عنه. (التقييد 300) .

(34/215)


وصنَّف كُتُبًا كثيرة في الطّبّ وهو صغير [1] ، وكتاب «الإقناع» وهو كبير [2] ، وكتاب «التّلخيص النظامي» ، كتاب «خلْق الإنسان» ، كتاب «اليرقان» ، «مقالة في الحدود» [3] ، «مقالة في تحديد مبادئ الأقاويل الملفوظ بها» [4] .
وعليه اشتغل أمين الدّولة بْن التّلميذ النّصرانيّ [5] .
توفّي في سادس ربيع الأوّل عَنْ ثمانٍ وخمسين سنة [6] . وله عدة تلاميذ [7] .
- حرف العين-
214- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل بن قورتس [8] .
__________
[1] هكذا في الأصل. وهو كتاب «المغني في الطّبّ» . قال ابن أبي أصيبعة، وابن خلّكان: وهو في جزء واحد.
[2] وهو أربعة أجزاء. وقد انتقدوا عليه هذه التسمية وقالوا: كان ينبغي أن يكون الأمر بالعكس، لأن «المغني» هو الّذي يغني عن غيره، فكان الكتاب الأكبر أولى بهذا الاسم، والإقناع هو الّذي تقع القناعة به، فالمختصر أولى بهذا الاسم. (وفيات الأعيان 6/ 75) .
[3] في (عيون الأنباء) : «مقالة في ذكر الحدود والفروق» .
[4] في (عيون الأنباء) و (الوافي) زيادة: «وتعديدها» .
[5] انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 6/ 69- 75 رقم 779.
[6] وكان مولده سنة 436 هـ.
[7] قيل: وكان يعالج المرضى، فأتى قاعة الممرورين بالبيمارستان، فأتته امرأة تستفتيه فيما تعالج به ولدها، فقال: ينبغي أن تلازميه بالأشياء المبرّدة المرطّبة، فهزأ به بعض من كان في القاعة من الممرورين وقال: هذه صفة تصلح أن تقولها لأحد تلاميذك ممن اشتغل بالطب من قوانينه! وأما هذه المرأة فأيّ شيء تدري ما هو من الأشياء المبرّدة المرطّبة؟ وسبيل هذه أن تذكر لها شيئا معيّنا، ولا ألومك في هذا، فقد فعلت ما هو أعجب منه! فقال: ما هو؟ قال: صنّفت كتابا مختصرا وسمّيته «المغني في الطب» ، ثم إنك صنّفت كتابا آخر بسيطا وهو على قدر أضعاف كثيرة من الأول وسمّيته «الإقناع» ، وكان الواجب أن يكون الأمر على العكس! فاعترف بذلك لمن حضره. وصنّف «المغني في الطب» للمقتدر، وله مقالات في صفة تراكيب الأدوية والمحال عليها في المغني. (عيون الأنباء، الوافي بالوفيات) .
وقال أبو محمد بن جكينا في سعيد:
حبّي سعيدا جوهر ثابت ... وحبّه لي عرض زائل
به جهاتي الستّ مشغولة ... وهو إلى غيري بها مائل
(وفيات الأعيان 6/ 73) .
[8] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 289 رقم 636، وقد تحرّف «قورتس» في الأصل إلى «قدرتش» .

(34/216)


أبو مُحَمَّد السَّرَقُسطيّ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الوليد [1] الباجيّ.
وأجاز لَهُ أبو عُمَر [2] الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عُمَر السّفاقُسِيّ.
وكان وقورًا مهيبًا فاضلًا، ذا نظر، عليمًا في المسائل وولي قضاء سرقسطة [3] .
تُوُفّي فِي صَفَر [4] .
215- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن ثابت [5] .
أبو القاسم الثّابتيّ [6] الخِرَقيّ [7] . من قرية خَرَق بمَرْو.
كَانَ من أئمّة الشّافعيّة الكبار، ورِعًا زاهدًا.
تفقّه بمَرْو عَلَى أبي القاسم عبد الرحمن الفورانيّ [8] ، وبمروالرّوذ عَلَى القاضي حسين.
وأخذ ببغداد عَنْ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ. وحجّ ورجع إلى قريته، وأقبل عَلَى العبادة والزُّهْد والفتوى.
سمع: عَبْد اللَّه الشّيرتحشيريّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه عَبْد اللَّه، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن بشّار.
__________
[1] في طبعة الدار المصرية 1966: «أبي محمد» ، والمثبت يتفق مع نسخة أوروبا.
[2] في المطبوع من الصلة: «أبو عمرو» .
[3] وقال أبو علي بن سكّرة: كان أفهم من يحضر عنده، واستقضي ببلده، وكان محمود السيرة في قضائه.
[4] وكان مولده سنة 424 هـ.
[5] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 227، 228، وذكر ابن السمعاني ابنه «عبد الله» في (الأنساب 5/ 91) .
[6] الثابتي: بفتح الثاء المنقوطة بثلاث وبعد الألف باء منقوطة بواحدة وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوق، هذه النسبة إلى الجد. (الأنساب 3/ 122) .
[7] الخرقي: بفتح الخاء المعجمة والراء وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى خرق، وهي قرية على ثلاثة فراسخ من مرو. (الأنساب 5/ 90) .
[8] الفوراني: بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى فوران وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 9/ 341) .

(34/217)


تُوُفّي في ربيع الأوَّل.
216- عَبْد الصَّمد بْن موسى بْن هذيل بْن تاجيت [1] .
أبو جعفر البكريّ قاضي الجماعة بقرطبة.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وحاتم بْن مُحَمَّد.
وناظر عند: أَبِي عُمَر بْن القطّان الفقيه.
وولي قضاء قُرْطُبَة.
وكان لَهُ حظٌّ من الفِقْه والشُّروط [2] . وكان يَؤُمّ النّاس في مسجده، ويلتزم الأذان فيه. واستمّر عَلَى ذَلِكَ مدّة قضائه.
وكان وقورًا شهمًا متصاونًا، من بيت عِلْم وجلالة. ثمّ صرف عَن القضاء ولزم بيته إلى أنّ مات في ربيع الآخر وله نحوٌ من سبعين سنة [3] .
217- عَبْد العزيز بْن الحُسين الدّمشقيّ الدّلّال [4] .
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وغيره.
ووثَّقهُ أبو مُحَمَّد بْن صابر.
روى عَنْهُ: عليّ بْن زيد المؤدِّب.
218- عَبْد العزيز بْن عَبْد الوهّاب بْن أَبِي غالب [5] .
أبو القاسم القَرَويّ.
روى بمكّة، أي سمع بها من: القاضي أَبِي الحَسَن بْن صخر [6] ، وأبي القاسم عَبْد العزيز بْن بُنْدار.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: حدَّثَ عَنْهُ جماعة من شيوخنا، منهم: يحيى بن موسى
__________
[1] انظر عن (عبد الصمد بن موسى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 376، 377 رقم 808، وفي الأصل: «ناجت» ، والمثبت عن (الصلة) .
[2] وله فيها مختصر حسن بأيدي الناس.
[3] وكان مولده سنة 433 هـ.
[4] انظر عن (عبد العزيز بن الحسين) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 133 رقم 115.
[5] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الوهاب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 376 رقم 806.
[6] سمع منه فوائده.

(34/218)


القُرْطُبيّ، وعليّ بْن أحمد المقرئ.
وقال: كَانَ شيخًا جليلًا لَهُ روايات عالية، قدِم علينا غرناطة. وكتب إليَّ أبو عليّ الغسّانيّ يَقُولُ: إنّه قدِم عليكم رَجُل صالح عنده روايات، فخُذْ عَنْهُ ولا يفوتك [1] .
تُوُفّي في ذي القعدة.
219- عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أبو مُحَمَّد الزُّبَيْريّ الوَرْكيّ [3] الفقيه الزّاهد.
ذكره أبو سعد السّمعانيّ وقال: عمّر مائة وعشر سِنين [4] . رحل النّاس إِلَيْهِ من الأقطار.
وروى عَنْ: عمّار، [5] وعن: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن يزداد الرّازيّ، وإسماعيل بْن الحَسَن الْبُخَارِيّ، وإِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن المُهَلّبيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن سليمان الجوديّ.
روى عَنْهُ جماعة من ابن السّمعانيّ، وقال: قبره بوركي عَلَى فرسخين من بُخَارى، زرت قبره.
قلت: هذا نظر لَهُ في العالم، ولو كَانَ قد سمع بأصبهان أو نيسابور
__________
[1] في الصلة: «ولا يفوتنّك» .
[2] انظر عن (عبد الواحد بن عبد الرحمن) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 543 و 2/ 258، 29، والأنساب 12/ 252، 253 والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1578، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 342، وسير أعلام النبلاء 19/ 104، 105 رقم 59، ودول الإسلام 2/ 26، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 165، ومرآة الجنان 3/ 158، 159، وشذرات الذهب 3/ 402.
[3] الوركيّ: بفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الكاف، هذه النسبة إلى وركة، وهي قرية على فرسخين من بخارى على طريق نسف. (الأنساب 12/ 251) .
[4] الموجود في (الأنساب 12/ 252) : «عاش مائة وثلاثين سنة» . وفي موضع آخر من الترجمة (12/ 253) قال: «ولم يكن في عصره من كان بين كتابته الإملاء وروايته مائة وعشر سنين إلّا هو» .
«أقول» : وهذا دليل أيضا على أنه عاش أكثر من مائة وعشر سنين.
[5] هو عمّار بن محمد التميمي بن مخلد بن جبير، أبو ذرّ التميمي.

(34/219)


ونحوهما لأدرك إسنادًا عظيمًا. ولكنه سمع بما وراء النهر، وما إسنادهم بعال.
وقد أدرك والله إسنادا عاليا بمرة، فإن شيخه أبا ذر [1] المذكور روى عَنْ يحيى بْن صاعد. وقد ذكرنا في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة موته [2] .
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البِيكَنْديّ، وأبو العطاء أحمد بْن أَبِي بَكْر الحمّاميّ، ومُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عثمان البَزْدَويّ، وأخوه عُمَر الصّابونيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر السَّرْخَسيّ، ومحمود بْن أَبِي القاسم الطُّوسيّ، وخلْق سواهم.
عندي جزءٌ من حديثه بعُلُوّ.
أرّخ السّمعانيّ وفاته في سنة خمس هذه، وقال: هُوَ فقيه إمام زاهد.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ التَّمِيمِيِّ: أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَيْكَنْدِيُّ، أَنَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِقَرْيَةِ وَرْكِي فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمَائَةٍ: ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْفَارِسِيُّ إِمْلَاءً سَنَةَ سِتٍّ وثمانين وثلاثمائة. ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْحَمِقِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه» . فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: «فُتِحَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يُرْضِي عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ» [3] . 220- عثمان بْن عَبْد اللَّه [4] .
أبو عَمْرو النَّيْسابوريّ الجوهريّ، نزيل بغداد.
قَالَ: حضرت مجلس أَبِي بَكْر الحِيّريّ [5] ، وصحِبْت أبا عثمان
__________
[1] هو عمّار التميمي.
[2] انظر ترجمته في الجزء (381- 400 هـ) ص 151 من هذا الكتاب.
[3] أخرجه أحمد في المسند 5/ 224.
[4] انظر عن (عثمان بن عبد الله) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 209، 210 رقم 437.
[5] حضر مجلسه في صغره بنيسابور.

(34/220)


الصّابونيّ، [1] وصحبت بصور الفقيه سُلَيْم بْن أيّوب [2] ، وبمصر أبا عَبْد اللَّه القُضاعيّ.
روى السِّلَفيّ وسأله في هذه السّنة عَنْ سِنِّه فقال: جاوزت التّسعين [3] .
221- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَصِيدة [4] .
أبو الحَسَن البغداديّ الغزّال. أحد القرّاء الحذّاق.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ: كَانَ آخر من يذكر أَنَّهُ قرأ القرآن عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ.
222- عليّ بْن عَبْد الواحد بْن فاذشاه [5] .
أبو طاهر الأصبهانيّ.
سمع: أَبَا نُعَيْم، وهارون بْن مُحَمَّد.
وعنه: السِّلَفيّ.
وبقي إلى هذه [6] الحدود.
- حرف الميم-
223- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الكامخيّ [7] .
أبو عبد الله السّاويّ [8] .
__________
[1] صحبه لما كبر.
[2] وسمعه وقد سئل عمّن له مال وافر لا يعرف كمّيّته، كيف يخرج الزكاة؟ فتوقّف ساعة، ثم قال:
يخرجها على ظنّه، ثم لا يردّ سائلا يقصده بوجه.
[3] وقال ابن النجار: سكن بغداد إلى حين وفاته، وروى بها شيئا، ذكره أبو طاهر السلفي في معجم شيوخه وذكر أنه كان ظاهر الصلاح كبير السّنّ ... وجاور بمكة سنتين.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] في الأصل: «هذا» .
[7] انظر عن (محمد بن أحمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 477، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1579، والعبر 3/ 342، وميزان الاعتدال 3/ 467، وسير أعلام النبلاء 19/ 184، 185 رقم 105، والإعلام بوفيات الأعلام 204، وعيون التواريخ (مخطوط) (13/ 115، ولسان الميزان 5/ 63، وشذرات الذهب 3/ 403 و «الكامخي» : بفتح الميم.
[8] السّاوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى ساوة: بلدة بين الري

(34/221)


قَالَ أبو سَعْد إنّه محدّث مشهور، معروف بالطّلب. رحل وسمع بنفسه، وأكثر.
سمع بنَيْسابور: أبا بَكْر الحِيّريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وببغداد: أبا القاسم هبة اللَّه اللَّالَكائيّ، وأبا بَكْر البَرْقانيّ [1] .
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، وغيره.
وآخر من روى عَنْهُ أبو زُرْعة المَقْدِسيّ.
قلت: أخبرتنا عَائِشَة بنت المجد عيسى [2] بجزء سفيان بن عيينة، عَنْ جدّها أَبِي زُرْعة، عَنْهُ.
وتُوُفّي في هذه السنة عَلَى ظَنٍّ، أو في حدودها.
وقد حدَّثَ ب «مُسْنِد الشّافعيّ» ، من غير أصل [3] .
قَالَ ابن طاهر: سماعه فيما عداه صحيح.
وممّن روى عَنْهُ: سَعِيد بْن سَعْد اللَّه المِيهَنيّ، وأخواه راضية، وهبة اللَّه [4] .
224- مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الواحد [5] .
__________
[ () ] وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
[1] البرقاني: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء المهملة وفتح القاف. هذه النسبة إلى قرية من قرى كانت بنواحي خوارزم وخربت أكثرها وصارت مزرعة. منها أبو بكر هذا. (الأنساب 2/ 156) .
[2] هي: عائشة بنت عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة المقدسية الحنبلية. توفيت سنة 697 هـ. (معجم شيوخ الذهبي 414، 415 رقم 604) .
[3] زاد في (ميزان الاعتدال) : «سماعه» . وعلّق ابن حجر على ذلك فقال: وقد يرخص المتأخرون في هذا كثيرا. والشيخ شرط أن لا يذكر من المتأخّرين إلا من وضح أمره ثم أخذ يذكر هذا وأمثاله من الثقات هذا مع إخلال بخلق من أنظارهم. وقد تتبّعت كثيرا ممن يلزمه إخراجهم فألحقهم، ولا أدّعي الاستيعاب، مع أنّ كلام أبي نقله ابن السمعاني فقال في الترجمة ابن محمد بن الحسن بن محمد الكاسمي (!) أبو عبد الله من أهل ساوة. ثم نقل عن ابن طاهر قال: لما دخل أبو عبد الله الكاسمي (!) الري أرادوا أن يقرءوا عليه «مسند الشافعيّ» ، فسألته عن أصله، فقيل لي لم يكن له أصل، وإنما أمرني أن أشتري له نسخة فهو يقرأ منها. قال ابن طاهر: فامتنعت من سماعهم منه، وكان سماعه فيه غير صحيح. (لسان الميزان 5/ 63) .
[4] ورّخ ابن حجر وفاته بسنة ست وتسعين وأربعمائة. (لسان الميزان 5/ 64) .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الشيرازي) في: المنتظم 9/ 133 رقم 204 (17/ 77، 78 رقم 3726) .

(34/222)


أبو بَكْر الشِّيرازيّ، البغداديّ، المعروف بابن الفقيرة.
رَجُل صالح من أهل النَّصْريّة، محلّة ببغداد.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره.
قَالَ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: كَانَ ابن الفقيرة يمضي ويخرّب قبر أَبِي بَكْر الخطيب ويقول: كَانَ كثير التحامل على أصحابنا الحنابلة. فرأيته يومًأ، فأخذت الفأس من يده، وقلت: هذا كَانَ إمامًا كبير الشأن. وتوّبته وتاب، وما رجع إلى ذَلِكَ.
تُوُفّي يوم تاسع المحرَّم.
225- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] .
أبو غالب الرّازيّ البغداديّ، المعروف بابن أخت الْجُنَيْد.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
وكان إمام جامع الرّصافة. وكان رجلًا صالحًا.
تُوُفّي في المحرَّم.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن ظَفَر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ السِّلَفيّ.
وقع لنا حديثه في الثّالث من البشرانيّات.
226- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عَبْد اللَّه [2] .
أبو ياسر البغداديّ الخيّاط.
سمع: البَرْقانيّ، وأبا عليّ بْن شاذان، وابن بُكَيْر النّجّار، وأبا القاسم بْن بِشْران.
وكان رجلًا خيّرًا.
تُوُفّي في جُمَادَى.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل، خطيب المَوْصِل، وجماعة، وسعد الخير الأندلسيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/223)


227- مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب [1] .
أبو الفرج الكوفي الخزاز. ويعرف بالشعيري.
روى ببغداد عَنْ: مُحَمَّد بْن علي بْن الحسن بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ.
وعنه: السِّلَفيّ.
228- مُحَمَّد بْن عليّ [2] .
الْإِمَام أبو بَكْر الشّاشيّ.
قِيلَ: تُوُفّي في هذا العام، والأصحّ ما تقدَّم وهو سنة خمسٍ وثمانين.
229- مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن ثابت [3] .
الْإِمَام أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ [4] الشّافعيّ. فقيه الحَرَم.
كَانَ من كبار أصحاب الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ [5] .
وقد سمع من: أَبِي إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الفضل الحافظ، ورفيقه أبو سَعْد أحمد بْن مُحَمَّد البغداديّ، وعبد الخالق بْن يوسف.
قَالَ السِّلَفيّ: سَمِعْتُ حُمَيْد بْن أَبِي الفتح الأصبهانيّ الشّيخ الصّالح بمكّة
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] تقدّمت ترجمته في الطبقة السابقة (481- 490 هـ) برقم (160) .
[3] انظر عن (محمد بن هبة الله) في: الأنساب 2/ 314، والمنتظم 9/ 133 رقم 206 (17/ 78 رقم 3728) ، وطبقات فقهاء اليمن 119، واللباب 1/ 180، والكامل في التاريخ 10/ 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 196، 197 رقم 117، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 85، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 204، ونكت الهميان 277، والوافي بالوفيات 5/ 156، والبداية والنهاية 12/ 162، والعقد الثمين 2/ 381، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 280 رقم 239، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 185، وكشف الظنون 2/ 1733، وهدية العارفين 2/ 78، والأعلام 7/ 355، ومعجم المؤلفين 12/ 88.
[4] في الأصل: «البيديجي» . والتصحيح من (الأنساب 2/ 313) وفيه: «البندنيجي» : بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا.
[5] وقال ابن السمعاني: نزيل مكة، إمام فاضل كثير الورع والعبادة، تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكان أستاذه مع جلالة قدره يتبرّك به. (الأنساب 2/ 314) .

(34/224)


يَقُولُ: كَانَ الفقيه أبو نَصْر البَنْدنَيْجيّ يقرأ في كلّ أسبوع ستّة آلاف مرّة قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1 [1] ويعتمر في رمضان ثلاثين عُمْرة، وهو ضرير يؤخذ بيده.
وقال غيره: تُوُفّي بمكّة وقد جاور أربعين سنة [2] ، وعاش بضعًا وثمانين سنة. وكان مُفْتيا مدرّسًا، بارعًا، صاحب جدّ وعبادة [3] .
230- مقاتل [4] بْن مَطْكُوذ [5] بْن تمريان [6] أبو مُحَمَّد السُّوسيّ [7] المغربي الضّرير المقرئ.
قدِم دمشق، وقرأ بها عَلَى أَبِي عليّ الأهوازي.
وسمع منه، ومن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن شجاع، وأبي عليّ أحمد بْن عبد الرحمن بْن أَبِي نَصْر.
روى عَنْهُ: حفيده نَصْر بْن أحمد، وغيره.
وقدم دمشق سنة سبع وثلاثين وأربعمائة، وعمره إحدى وعشرين سنة [8] .
__________
[1] سورة الإخلاص.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 352، وقال ابن الجوزي: ومضى إلى مكة فأقام مجاورا بها أربعين سنة متشاغلا بالعبادة والتدريس والفتيا ورواية الحديث.
[3] وقال أبو نصر أحمد بن محمد الطوسي: أنشدني أبو نصر محمد بن هبة الله البندنيجي:
عدمتك نفسي ما تملي بطالتي ... وقد مرّ إخواني وأهل مودّتي
أعاهد ربّي ثم أنقض عهده ... وأترك عزمي حين تعرض شهوتي
وزادي قليل لا أراه مبلّغي ... أللزّاد أبكي أم لطول مسافتي
(المنتظم) .
[4] انظر عن (مقاتل بن مطكوذ) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 43/ 292، 293، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 25/ 204، 205 رقم 60.
[5] هكذا في الأصل، وتاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق. وفي (الأنساب 7/ 191) : «مظكود» بالظاء المعجمة، والدال المهملة. وفي (اللباب 2/ 155) : «مصكود» بالصاد والدال المهملتين، وقال: فإن مصكود اسم مغربي. وفي (العبر 4/ 134، وسير أعلام النبلاء 20/ 248، وشذرات الذهب 4/ 151) : «مطكود» بالطاء والدال المهملتين. وذلك كلّه في ترجمة حفيده: أبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل.
[6] هكذا في الأصل بالنون في أوله. وفي تاريخ دمشق، والمختصر: «يمريان» .
[7] السّوسي: بضم السين المهملة، وواو ساكنة، ثم سين مهملة مكسورة، نسبة إلى سوسة مدينة بالمغرب، ومنها يسير القاصد إلى السوس الأقصى.
[8] سئل مقاتل عن مولده فقال: في ذي الحجة سنة ست عشرة وأربعمائة.

(34/225)


مات في صَفَر [1] .
231- منصور بْن المؤمِّل الغزّال [2] .
الضّرير، أبو أحمد.
سمع: ابن غَيْلان.
روى عَنْهُ: أبو البركات السَّقَطيّ، والسِّلَفيّ.
قَالَ الذُّهْليّ: تُوُفّي في شَعْبان.
- حرف الياء-
232- يحيى بْن عَبْد اللَّه بْن الحُسين [3] .
القاضي أبو صالح الناصح. ولد قاضي قضاة نَيْسابور.
مدرّس، مُفْتٍ عَلَى مذهب أَبِي حنيفة.
ناب في القضاء مدة.
حدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وعن: أَبِي حسان المُزَكيّ، وأبي سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرويّ.
وعنه: ابناه عَبْد الرَّحْمَن، وأحمد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وإسماعيل العصائديّ.
مات في ذي الحجّة، وله سبعون سنة [4] .
__________
[1] ووجد بخطّ أبي محمد مقاتل على ظهر جزء له، لبعضهم:
خذ كلامي محبّرا وامتحنه ... وبميزان عقل راسك زنه
طاعة الله خير ما لبس العبد ... فكن طائعا ولا تعصينه
ما هلاك النفوس إلّا المعاصي ... فتوقّ الهلاك لا تقربنه
إنّ شيئا هلاك نفسك فيه ... ينبغي أن تصون نفسك عنه
(تاريخ دمشق، المختصر) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (يحيى بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 485، 486 رقم 1649، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 96 ب.
[4] وكان مولده سنة 425 هـ.

(34/226)


- الكنى-
233- أبو الحَسَن [1] بْن أَبِي عاصم العَبَّادي. [2] الفقيه الشّافعيّ، مصنِّف كتاب «الرقم» في المذهب.
توفّي عَنْ ثمانين سنة [3] ، وكان من كبار فقهاء المراوزة. له ذكر في «الروضة» .
__________
[1] اسمه: «أحمد» . انظر عنه في: سير أعلام النبلاء 19/ 185، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 65، ومعجم المؤلفين 1/ 257، 258.
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمة «الحسن بن محمد بن أحمد الكرماني السيرجاني» رقم (206) . وقد أخّرتها إلى هنا مراعاة للترتيب.
و «العبّادي» : بفتح العين المهملة، وتشديد الباء الموحّدة، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بعض أجداد المنتسب. (الأنساب 8/ 336) .
[3] كان مولده في سنة 415 هـ.

(34/227)


سنة ست وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
234- أحمد بن الحسن بن الحسين [1] .
البغداديّ البزّاز، المعروف بابن الزّرد.
شيخ صالح.
سمع: عَبْد المُلْك بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة.
وعنه: ابن ناصر، والسِّلَفيّ، وطائفة.
235- أحمد [2] بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد [3] .
أبو الفتح السُّوذَرْجانيّ [4] الأصبهاني. أخو أَبِي مسعود [5] مُحَمَّد المتوفي سنة أربع وتسعين، وعاش أحمد بعده مدة.
سمع: عليّ بْن مَيْلَة الفَرَضِيّ، وأحسَبه آخر من روى عَنْهُ، وأبا بكر بن أبي عليّ الذّكوانيّ [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] وردت هذه الترجمة في الأصل في المتوفّين ظنّا بعد ترجمة «أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار» الآتية برقم (371) ، وقدّمتها إلى هنا استجابة إلى أمر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- فهو ذكر اسم صاحب الترجمة في وفيات هذه السنة وقال: «يحوّل إلى هنا من المتوفّين قريبا» .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: معجم البلدان 3/ 278، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1602، وسير أعلام النبلاء 19/ 193، 194 رقم 114.
[4] السّوذرجاني: بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سوذرجان، وهي من قرى أصبهان. (الأنساب 7/ 185) .
[5] في (الأنساب) : «أبو سعد» ، والمثبت من الأصل، وسير أعلام النبلاء، واللباب 2/ 153.
[6] الذّكواني: بفتح الذال المعجمة وسكون الكاف وفتح الواو بعدها الألف وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى ذكوان، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. والمذكور هو: أبو بكر محمد بن

(34/228)


وعُمِّر تسعين سنة.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم البَيِّع، ومحمود بْن أَبِي القاسم بْن حَمَكا [1] .
ثمّ ظفرِتُ بوفاته في صَفَر سنة ستٍّ وتسعين. وآخر أصحابه أبو الفتح الخِرَقيّ [2] . وكان من كبار الأُدباء والنُّحاة بأصبهان.
خرَّج لَهُ الحُفّاظ.
236- أحمد بْن عليّ بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَمْر بْن سِوار. [3] الأستاذ أبو طاهر البغداديّ، مقريء العراق، ومصنف كتاب «المستنير في القراءات العشْر» .
ولد سنة اثنتي عشرة وأربعمائة [4] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ ثقة أمينًا، مقرئًا فاضلًا، حَسَن الأخذ للقرآن. ختم عَلَيْهِ جماعة كتاب اللَّه، وكتب بخطّه الكثير من الحديث.
سمع: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن رزْمة، ومُحَمَّد بن الحسين الحرّانيّ، وأبا
__________
[ () ] أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عمر. الذكوانيّ المعروف بأبي بكر بن أبي علي، من ثقات المحدّثين ومشاهيرهم بأصبهان. توفي سنة 419 هـ. (الأنساب 6/ 15) .
[1] حمكا: بفتح الحاء المهملة والميم، وكاف ألف.
[2] الخرقي: بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وفي آخرها القاف. نسبة إلى بيع الثياب والخرق.
[3] انظر عن (أحمد بن علي بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 135 رقم 208 (17/ 81 رقم 3730) وفي الطبعة الجديدة «عبد الله» ، ومعجم الأدباء 4/ 46- 48، والمعين في طبقات المحدثين 145 رقم 1550، ومعرفة القراء الكبار 1/ 448، 449 رقم 387، ودول الإسلام 2/ 26، وسير أعلام النبلاء 19/ 225- 227 رقم 139، والعبر 3/ 343، والإعلام بوفيات الأعلام 204، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 119، 120، والوافي بالوفيات 7/ 204، 205 رقم 3150، والبداية والنهاية 12/ 163، ومرآة الجنان 3/ 159، وغاية النهاية 1/ 86، وتبصير المنتبه 2/ 699، والنجوم الزاهرة 5/ 187، وشذرات الذهب 3/ 403، وتاج العروس 3/ 284، ومعجم المؤلفين 2/ 14.
وقد قيّد الدكتور بشّار عوّاد معروف «سوّار» بفتح السين المهملة وتشديد الواو. (معرفة القراء الكبار) ، وهذا غلط، والصحيح بكسر السين وتخفيف الواو كما في (المشتبه) للمؤلّف 1/ 376.
[4] وقيل: ولد سنة 416 (معجم الأدباء 4/ 46) .

(34/229)


طَالِب بْن غَيْلان، والتّنُوخيّ، وجماعة.
وهو والد شيخنا هبة اللَّه بْن مُحَمَّد [1] .
ثنا عَنْهُ: أبو الفضل بْن ناصر، والخطيب مُحَمَّد بْن الخضر المُحَوَّليّ [2] ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وجماعة.
قَالَ السّمعانيّ: سألتُ ابن ناصر عنه، فقال: نبيل، ثبت، متقن أنبئونا عَنْ حمّاد الحرّانيّ أَنَّهُ سمع السِّلَفيّ يَقُولُ، وذكر ابن سَوَّار: كَانَ فاضلًا عالمًا، من أعيان أهل زمانه في علم القراءات، وله كتاب فيها، سمعناه منه.
وقرأ عَلَيْهِ خلْق كثير. وكان ثقة، ثبتًا، أمينًا.
قلت: أَخْبَرَنَا بكتابه «المستنير» أبو القاسم عليّ بْن بَلبان [3] إجازةً، بسماعه من أَبِي طَالِب ابن النّبطيّ، أَنَا أبو بَكْر أحمد بْن المقرئ سماعًا، أَنَا المؤلِّف سماعًا.
وممّن [4] قرأ عَلَيْهِ القراءات العَشْر أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وقال: هُوَ حنفيّ المذهب، ثقة، خيِّر، حبس نفسه عَلَى الإقراء والحديث [5] .
قلت: وممّن قرأ عَلَيْهِ: أبو مُحَمَّد المقرئ سِبْط الحنّاط [6] .
ومن شيوخه: أبو عليّ الشّرْمقانيّ [7] ، وعُتْبة العُثْمانيّ [8] . وأسانيده موجوده
__________
[1] في الأصل: «هبة الله ومحمد» ، والتصحيح من (معجم الأدباء) .
[2] المحوّلي: بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الواو المفتوحة. هذه النسبة إلى المحوّل، وهي قرية على فرسخين من بغداد، وهي إحدى متنزّهاتها. (الأنساب 11/ 175) .
[3] في الأصل: «يلبان» ، والتصحيح من (معجم شيوخ الذهبي 363 رقم 523) وهو: علي بن بلبان بن عبد الله أبو القاسم المقدسي الكركي، توفي سنة 684 هـ.
[4] في الأصل: «ومما» .
[5] انظر: معجم الأدباء 4/ 48.
[6] هكذا في الأصل في الموضعين. وفي (سير أعلام النبلاء) : «الخياط» .
[7] الشّرمقاني: بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم، والقاف، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من أسفراين بنواحي نيسابور، يقال لها «جرمغان» بالجيم، (الأنساب 7/ 323) .
[8] في الأصل: «العماني» .

(34/230)


في صدر كتابه.
قَالَ ابن النّجّار: قرأ القرآن عَلَى: أَبِي القاسم فرج [1] بْن عُمَر الضّرير، والقاضي أَبِي العلاء الواسطيَّيْن، وأبي نَصْر بْن مسرور، وعليّ بْن طلحة، وعُتْبة بْن عَبْد المُلْك، والحَسَن بْن عليّ العطّار.
وكان إمامًا، ثقة، نبيلًا.
قرأ عَلَيْهِ: سِبْط الحنّاط [2] ، والشَّهْرَزُوريّ.
مات في رابع شَعْبان [3] .
237- إِبْرَاهِيم بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد [4] .
أبو طاهر السَّلَماسيّ [5] الواعظ.
روى عَنْ: أَبِي القاسم بْن عليّك [6] النّيسابوريّ، وغيره.
__________
[1] في الأصل: «على أبي القاسم بن فرح» .
[2] في الأصل: «الخياط» .
[3] وأنشد ابن السمعاني بإسناده إلى ابن سوار، قال: أنشدني أبو الحسن علي بن محمد السّمّار، أنشدنا أبو نصر عبد العزيز بن نباتة السعديّ لنفسه:
نعلّل بالدواء إذا مرضنا ... وهل يشفي من الموت الدواء؟
ونختار الطبيب، وهل طبيب ... يؤخّر ما يقدّمه القضاء؟
وما أنفاسنا إلّا حساب ... ولا حركاتنا إلّا فناء
وذكره أبو علي الحسين بن محمد بن فيرو الصدفي في شيوخه، يذكر نسبه، ثم قال: البغدادي الضرير المقرئ الأديب، ولعلّه أضرّ على كبر، فإنّ المحبّ بن النّجار أخبرني أنه رأى خطّه تحت الطباق متغيّرا.
وذكره أبو بكر بن العربيّ في شيوخه، فقال: واقف على اللغة، مذاكر، ثقة، فاضل. (معجم الأدباء 4/ 48) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] السّلماسي: بفتح السين المهملة واللام والميم، وبعدها الألف، وفي آخرها سين أخرى مهملة. هذه النسبة إلى سلماس، وهي من بلاد أذربيجان على مرحلة من خوي. (الأنساب 7/ 107) .
[6] عليّك: بفتح العين المهملة، وكسر اللام وفتح الياء المثنّاة من تحتها والمشدّدة، وآخرها كاف.
قال المؤلّف: والكاف في لغة العجم هي حرف التصغير. وبعض الحفّاظ قيّده باختلاس كسرة اللام وفتح الياء وخفّف. قال ابن نقطة: وهذا عندي أصحّ، وليس في كتاب الأمير ابن ماكولا تشديد الياء، بل أهمل ذلك. وقد ضبطه المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء.
(المشتبه في الرجال 2/ 469، 470) .

(34/231)


روى عَنْهُ: هبة بْن السَّقَطيّ، وأبو عامر العَبْدَريّ، وولده الواعظ يحيى بْن إِبْرَاهِيم، وآخرون.
وكان شيخًا بهيا، فاضلًا، عظيم اللّحية.
قَالَ ابنه: كَانَ أَبِي علّامةً في عِلم الأدب، والتفسير، والحديث، ومعرفة الأسانيد والمُتُون، وأوحد عصره في عِلْم الوعظ والتّذكير. أدرك جماعة من الأئمّة، وكتب بخطّه مائة وخمسين مجلّدًا. وكان من الورع وصِدْق الحديث بمكان.
وُلِد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، ومات بخُوَيّ [1] في جُمَادَى الآخرة.
- حرف الحاء-
238- حَمْدُ بْن مروان بْن قيصر.
أبو عُمَر الأُمَويّ، الزّاهد المعروف بابن اليُمنَالِش. من أهل المَرِيّة.
أخذ عَنْ: المُهَلَّب بْن أَبِي صُفْرة، وغيره.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: فاق في الزُّهد والورع أهلَ وقته. وكان العمل أَمْلَك بِهِ.
ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في صَفَر.
239- الحُسين بْن الحُسين بْن عليّ بْن العبّاس.
أبو سَعْد الهاشْميّ الفانِيذيّ البغدادي.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وآخرون.
أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب، وذكر شجاع الذُّهْليّ أَنَّهُ تغيّر في آخر عمره.
وُلِد سنة ثمانٍ وأربعمائة، وتوفّي في شوّال.
قال السّلفيّ: نقص بآخرة.
__________
[1] خويّ: بضم الخاء المنقوطة وفتح الواو وتشديد الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، إحدى بلاد آذربيجان. والناس يفتحون الخاء ويخفّفونها. (الأنساب 5/ 213) .

(34/232)


240- الحُسين بْن مُحَمَّد [1] .
أبو عبد الله الكتبي الحاكم. محدّث هراة.
توفّي عن سبْعٍ وثمانين سنة.
صنف «التاريخ» ، وسمع من: أَبِي مَعْمَر سالم بْن عَبْد اللَّه، وطبقته من أصحاب الرّفاء، وابن خميرُوَيْه.
روى عَنْهُ: أبو النَّضْر الفامي، وأهل هَرَاة، وعبد الرّشيد بْن ناصر، وعبد المُلْك بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، ومسعود بْن مُحَمَّد الغانميّ، وعدة.
أثنى عَلَيْهِ السّمعانيّ، وقال: يُعرف بحاكم كرّاسة، لَهُ عناية تامة بالتّواريخ. سمع: سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وأبا يعقوب القرّاب.
وُلِد سنة تسعٍ وأربعمائة، ومات في صَفَر بهَرَاة.
- حرف الخاء-
241- خازم بْن مُحَمَّد بْن خازم [2] .
أبو بَكْر المخزوميّ القرطبيّ.
ولد سنة عشر وأربعمائة، وروى عن: يونس القاضي، ومكّيّ ابن أَبِي طَالِب، وأبي مُحَمَّد الشَّنْتَجاليّ [3] ، وأبي القاسم بْن الإفليليّ، وجماعة.
قَالَ ابن بَشْكُوَال [4] : وكان قديم الطَّلب، وافر الأدب. ولم يكن بالضّابط، وكان يخلط في أسمعته [5] . وقفت لَهُ عَلَى أشياء قد اضطّرب فيها.
وكان أبو مروان بْن سراج، ومُحَمَّد بْن فَرَج الفقيه يضعّفاه.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 484، 499، و 2/ 110، 168، والسياق لعبد الغافر (مخطوط) ورقة 11 ب، وسير أعلام النبلاء 19/ 152 رقم 78.
[2] انظر عن (خازم بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 180 رقم 412، وبغية الملتمس للضبي 291، ومعرفة القراء الكبار 1/ 445، 446 رقم 383، وغاية النهاية 1/ 269 رقم 212، ولسان الميزان 2/ 372 رقم 1538.
[3] في الأصل: «السنجاني» ، والتصحيح من. معجم البلدان 3/ 367 وفيه: شنت جالة:
بالأندلس. وفي (الصلة) : «الشنتجيالي» .
[4] في الصلة 1/ 180.
[5] هكذا في الأصل، والصلة. أما في (لسان الميزان) : «ما سمعه» .

(34/233)


قُلْتُ: آخِرُ من رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل نزيل مَرّاكش.
قَالَ أبو الوليد بْن الدّبّاغ: كَانَ من جلة أهل الأدب، وله اعتناء بالحديث [1] .
- حرف السين-
242- سليمان بْن أَبِي القاسم نجاح [2] .
مولى أمير المؤمنين بالأندلس المؤيَّد باللَّه بْن المستنصر الأُمَويّ، الأستاذ أبو دَاوُد المقرئ.
سكن دانيَة [3] ، وَبَلَنْسِيَة.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأكثر عَنْهُ. وهو أثبت النّاس فيه [4] .
وروى عَنْ: عمر بن عبد البر، وأبي العباس العذري، وأبي عَبْد اللَّه بْن سعدون القَرَويّ [5] ، وأبي شاكر الخطيب، وأبي الوليد الباجيّ، وغيرهم.
قرأ عَلَيْهِ خلْق كثير، وأخذوا عَنْهُ منهم: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بن سعيد ابن غلام الفَرَس، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عاصم الثَّقْفيّ، وأحمد بْن عليّ الثَّقْفيّ، وأحمد بْن عليّ بْن سَحْنُون المُرْسي، وابن أحمد بْن خلف، وجماعة، [وإبراهيم بن] [6] البكريّ
__________
[1] وقال أبو جعفر بن صابر الحافظ المالقي في تاريخه: هو ضعيف.
[2] انظر عن (سليمان بن أبي القاسم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 203، 204 رقم 458، وبغية الملتمس للضبيّ 289، 290، رقم 778، وفهرست ابن خير 428، ومعجم الصدفي 315، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1581، ودول الإسلام 2/ 26، وسير أعلام النبلاء 19/ 168- 170 رقم 92، ومعرفة القراء الكبار 1/ 450، 451 رقم 389، والعبر 3/ 343، 344، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 120، والوافي بالوفيات 15/ 437 رقم 588، ومرآة الجنان 3/ 159، وغاية النهاية 1/ 316، 317 رقم 1392، والنجوم الزاهرة 5/ 187، ونفح الطيب 2/ 135، 153 و 4/ 171، وشذرات الذهب 3/ 403، 404، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 207، 208 رقم 199 ومعجم المؤلفين 4/ 278.
[3] في الأصل: «دانة» وهو وهم.
[4] الصلة 1/ 203.
[5] في الأصل: «الفروي» .
[6] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل أضفته من المصادر.

(34/234)


الدّانيّ، وجعفر بْن يحيى المعروف بابن غتّال [1] ، ومُحَمَّد بْن عليّ النوالشيّ [2] ، وعبد اللَّه بْن الفَرَج الزُّهَيْريّ، وأبو الحَسَن عليّ بْن هذيل، وأبو نَصْر فتح بْن خَلَف البَلَنْسِيّ، وأبو نَصْر فتح بْن أَبِي كُبَّة البَلَنْسِيّ، وأبو دَاوُد سلمان بْن يحيى القُرْطُبيّ، وآخرون.
قَالَ ابن بشكوال: [3] كان من جلّة المقرءين وفُضَلائهم وخِيارهم. عالمًا بالقراءات ورواياتها وطُرُقها، حَسَن الضِّبْط. أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة ووصفوه بالعِلْم، والفضل، والدّين.
وتُوُفّي ببَلَنْسِيَة، في سادس عشر رمضان. وكان مولده في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وأحفل النّاس بجنازته، وتزاحموا عَلَى نعشه.
قلت: وقرأت بخطّ بعض أصحاب أَبِي دَاوُد: تسمية الكُتُب الّتي صنّفها أبو دَاوُد: كتاب «البيان الجامع لعلوم القرآن» [4] ، في ثلاثمائة جزء، وكتاب «التّبيين بهجاء [5] التّنزيل» ، وفي ستٍّ مجلدات، وكتاب «الرَّجْز» المسمّى «بالاعتماد» الذي عارض بِهِ المقرئ أبا عَمْرو في «أصول القرآن وعقود الدّيانة» [6] ، عشرة أجزاء، وهو ثمانية عشر ألف بيت وأربعمائة وأربعون بيتًا، وكتاب «الجواب» [7] عَنْ قوله: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى» 2: 238 [8] ،
__________
[1] في الأصل: «عنان» ، والتصويب من: معرفة القراء 1/ 450، وغاية النهاية 1/ 316.
[2] لم أقف على هذه النسبة.
[3] في الصلة 1/ 203، 204.
[4] في سير أعلام النبلاء 19/ 169، 170: «البيان في علوم القرآن» ، والمثبت يتفق مع: معرفة القراء الكبار 1/ 451، وغاية النهاية 1/ 317.
[5] في السير، والمعرفة، وغاية النهاية: «لهجاء» .
[6] في معرفة القراء 1/ 451: «الاعتماد» الّذي عارض به شيخه أبا عمرو في أصول القراءات، و «عقود الديانة» .
هكذا ضبط الدكتور بشّار عوّاد معروف هذه العبارة، فوضع «عقود الديانة» بين هلالين صغيرين بحيث يتبادر إلى الذهن أن «العقود» كتاب منفصل عن أصول القراءات» . وفي الواقع هو كتاب واحد كما ورد في متن المؤلّف هنا، وفي سير أعلام النبلاء 19/ 170 وسمّاه: «أصول القرآن والدين» . وفي غاية النهاية 1/ 317: «كتاب الاعتماد في أصول القراءة والديانة» .
[7] سمّاه في سير أعلام النبلاء 19/ 170: «كتاب الصلاة الوسطى» .
[8] سورة البقرة، الآية 238.

(34/235)


مجلَّد. وذكر تتمّه ستّة وعشرين مصنَّفًا.
- حرف العين-
243- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد ابن الشُّرُوطيّ [1] .
عَنْ: ابن غَيْلان.
وعنه: السِّلَفيّ.
مات فجأة في رجب.
244- عَبْد الرَّحْمَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أبو الحُسين بْن أَبِي القاسم الحِنّائيّ الدّمشقيّ.
سمع الكثير من أَبِيهِ. ومن: أَبِي عليّ الأهوازيّ، وأبي عَبْد اللَّه بْن سَلْوان، وجماعة كثيرة.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه النَّسائيّ، وأبو الحُسين الأبّار.
وثّقه أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: سألته عَنْ مولده، فقال: في رجب سنة أربعين وأربعمائة.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
قلت: روى عَنْهُ: سليمان بْن عليّ الرَّحْبيّ المُتَوَفَّى سنة تسعٍ وستّين وخمسمائة بدمشق.
245- عُبَيْد اللَّه [3] بْن طاهر بْن الحُسين.
الشَّيْخ أبو الحَسَن الرَّوَقيّ [4] سِبْط أَبِي بَكْر بْن فُورَك.
من علماء طُوس. عُمِّر دهرًا في صيانةٍ وعِلْم.
سمع: أَبَاهُ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا مُحَمَّد الْجُوَينيّ [5] ، وأبا
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن الحسين) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 22/ 512.
[3] في الأصل: «عبد الله» ، والتصويب من (الإكمال 4/ 217) بالحاشية رقم (3) .
[4] الرّوقي: بفتح الراء والواو وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى قرية بنواحي طوس يقال لها:
روه. (الأنساب 6/ 186) .
[5] الجويني: بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى

(34/236)


عثمان الصّابونيّ.
مات في رمضان.
قَالَ عَبْد الرحيم السّمعانيّ: روى لنا عَنْهُ: أبو حامد مُحَمَّد بْن الفضل الطّابَرَانيّ، والمُوَفَّق بْن مُحَمَّد الصّكّاك [1] ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وسعد بْن عُبَيْد.
عاش ثمانين سنة.
246- عليّ بْن أحمد بْن عُمَر بْن الخَلِيّ [2] .
أبو الحَسَن الكَرْخيّ البغداديّ.
سمع: أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وعبد المُلْك بْن بِشْران، وغيرهما.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والمظفر بْن جَهِير، ويحيى بْن ثابت، وأبو عليّ أحمد بْن مُحَمَّد الرَّحْبيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهم.
وأحسبه قرابة الفقيه أَبِي الحَسَن مُحَمَّد بْن الخَلِيّ.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة، وله ثمانٍ وتسعون سنة. والخَلِيّ بفتح الخاء.
247- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [3] .
أبو الحَسَن [4] بْن الدُّوش [5] ، ويقال الدّشّ، الشّاطبيّ المقرئ.
__________
[ () ] جوين، وهي إلى ناحية كثيرة مشتملة على قرى مجتمعة يقال لها: كويان، فعرّب وجعل جوين. وهذه الناحية متّصلة بحدود بيهق، ولها قرى كثيرة متّصلة بعضها ببعض. (الأنساب 3/ 385) .
[1] الصّكّاك: بالصّاد المهملة المشدّدة والكاف. وهذه النسبة لمن يعمل الصّكوك أي الأختام.
[2] لم أجد مصدر ترجمته. و «الخليّ» : بفتح الخاء واللام المخفّفة. قال ابن السمعاني: هذه تشبه النسبة. وهو اسم لجدّ محمد بن خالد بن خلي الحمصي. (الأنساب 5/ 171) .
[3] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 422 رقم 905، ومعرفة القراء الكبار 1/ 451، 452 رقم 390 باسم: «عبد الرحمن بن علي بن أحمد» ، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 344، ودول الإسلام 2/ 26، وغاية النهاية 1/ 375 (بدون رقم) و 1/ 548 رقم 2239، وشذرات الذهب 3/ 404.
[4] في الإعلام بوفيات الأعلام 204 كنيته: «أبو داود» .
[5] في: الصلة 2/ 422: «ابن الروش» (بالراء) ، ومثله في: العبر 3/ 344، والمثبت يتفق مع غاية النهاية 1/ 548 وفيه جوّد ضبطها بضم الدال المهملة بعدها واو ساكنة بعدها شين معجمة ساكنة، وربّما تحذف الواو لالتقاء الساكنين. ويقال ابن أخي الدوش.

(34/237)


روى القراءات عَنْ أَبِي عَمْرو الدّانيّ تلاوةً.
سمع منه، ومن: أبي عمرو بْن عَبْد البَرّ، وغيرهما.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [1] أقْرَأَ النّاس وأسمعهم الحديث، وكان ثقة فيما رواه، ثبتًا فيه، دَيِّنًا، فاضلًا.
تُوُفّي في رابع شَعْبان بشاطبة.
قلت: قرأ عَلَيْهِ القراءات: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الحسن ابن غلام الفَرَس، وأبو داود سليمان بْن يحيى بْن سَعِيد القُرْطُبيّ، وإبراهيم بْن مُحَمَّد بْن خليفة النِّفْزيّ [2] الدّانيّ، وعلي بْن مُحَمَّد بْن أَبِي العَيْش الطَّرْطُوشيّ [3] ثمّ الشّاطبيّ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن خَلَف التُّجَيْبيّ، وآخرون. وإبراهيم من آخرهم وفاةً.
248- عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن فُورَجَة [4] .
أبو الحسن الأصبهاني التّاجر.
يروي عن: عليّ بن عبد كويه، وغيره.
توفّي يوم عاشوراء.
__________
[ () ] وقد ذكره ابن الجزري مرتين، ففي الأولى أدرجه باسم «عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن الدوش ويقال ابن أبي الدوش» . وقال: «كذا وقع في كتاب أبي عبد الله الذهبي ورأيته بخطّه فانقلب عليه، والصواب عليّ بن عبد الرحمن بن أحمد بن الدش» (1/ 375) .
ويبدو أنّ ابن الجزري صحّح اسمه اعتمادا على ما جاء هنا. وقد ذكر الدكتور بشّار عوّاد معروف في تحقيقه لكتاب «معرفة القراء» 1/ 451 بالحاشية، أنه جاء في نسخة أخرى من الكتاب رمز إليها بحرف (د) ، والنسخة المطبوعة التي حقّقها محمد سيّد جاد الحق (1969) على وجهه الصحيح الّذي ذكره ابن بشكوال وابن الجزري، فكأنّ أحدهم أصلح النسخة.
[1] في الصلة 2/ 422.
[2] في الأصل: «النقري» . وهي نسبة إلى نفزة. قال ياقوت: بالفتح ثم السكون، وزاي، مدينة بالمغرب بالأندلس. وقال السلفي: نفزة: بكسر النون، قبيلة كبيرة منها بنو عميرة وبنو ملحان المقيمون بشاطبة. (معجم البلدان 5/ 296) . وقد تحرّفت النسبة في (غاية النهاية 1/ 548) إلى «النفري» .
[3] الطّرطوشي: بالفتح ثم السكون ثم طاء مضمومة، وواو ساكنة، وشين معجمة. نسبة إلى مدينة بالأندلس تتصل بكورة بلنسية، وهي شرقيّ بلنسية وقرطبة قريبة من البحر. (معجم البلدان 4/ 30) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/238)


وروى عَنْ: أَبِي بَكْر الذّكْوانيّ، والجمّال، وجماعة.
- حرف الفاء-
249- الفَرَج بْن مُحَمَّد بْن المقرون [1] .
النّجّار.
بغداديّ، سمع: عَبْد اللَّه بْن شاهين، وأبا مُحَمَّد الخلّال.
روى عَنْهُ: هبة اللَّه السَّقَطيّ.
تُوُفّي فِي ذي القعدة.
- حرف الميم-
250- مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن مُحَمَّد الضَّبّيّ [2] .
الفُرْسانيّ [3] الأصبهاني، أبو العلاء.
شيخ صالح مُكْثِر.
سمع: أبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وأبا القاسم الأَسْترَاباذيّ [4] .
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وَأَبُو سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْبَغْدَادِي، وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الآخر. وهو من قرية فُرْسان بالضّمّ والكسر، وقد ذكره ابن نقطة فقال: حدّث عن عليّ بن عبد كويه، والجمّال.
وحدَّثَ عَنْهُ: أبو نَصْر أحمد بْن محمد طاهر الكوّاز [5] ، وإسماعيل بن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الجبّار) في: الأنساب 9/ 270، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 344.
[3] الفرساني: قال ابن السمعاني: بكسر الفاء أو ضمّها، والله أعلم، وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فرسان وهي قرية من قرى أصبهان.
وكنت أظنّ أنها بضم الفاء إلى أن رأيت بخط الأمير ابن ماكولا بكسر الفاء. (الأنساب 9/ 270) .
[4] في الأنساب: «الأسداباذي» .
[5] الكوّاز: بفتح الكاف والواو المشدّدة بعد الألف، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة لمن يعمل الكيزان الخزفية. (الأنساب 10/ 491) .

(34/239)


محمد بن أحمد الزّتانيّ. وكان يروي أبوه أيضًا عَنْ أَبِي بَكْر المقرئ. ومات قبل أَبِي نُعَيْم الحافظ.
251- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن كادش [1] .
أبو ياسر الحنبلي المحدِّث، أخو أبي العِزّ.
قرأ الكثير بنفسه ونَسَخَ وحصّل.
وسمع: أقضى القضاة أبا الحُسين [2] الماوَرْدِيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ، وأكثر عَنْ طراد بْن البَطَر [3] ، وطبقتهما.
وهو من شيوخ السِّلَفيّ.
وكان قارئ أهل بغداد والمستملي بها [4] . وكان يلْحن قليلًا، وله صوت جهوريّ [5] .
252- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد اللَّه [6] .
أبو طاهر الكَرّانيّ [7] الأصبهاني.
سمع: ابن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وغيره.
وحدَّثَ [8] .
253- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن إِبْرَاهِيم بْن جعفر [9] .
أبو بَكْر الأصبهاني ابن عزيزة الفقيه.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 136 رقم 211 (17/ 82 رقم 3733) ، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 94 رقم 44، وشذرات الذهب 3/ 404.
[2] في الأصل: «الحسين» ، والتصحيح من مصادر ترجمته.
[3] هكذا في الأصل. وفي ذيل طبقات الحنابلة: «وقرأ بنفسه الكثير على طراد، وابن البطي» .
[4] وزاد السلفي: «على الشيوخ، ثقة، كثير السماع، ولم يكن له أنس بالعربية» .
[5] في الأصل: «جوهري» وهو خطأ، والتحرير من (ذيل طبقات الحنابلة) وفيه زيادة: «عند قراءة الحديث والاستملاء» .
[6] انظر عن (محمد بن عمر الكرّاني) في: الأنساب 10/ 377.
[7] الكرّاني: بفتح الكاف والراء مع التشديد وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كرّان، وهي محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب) .
[8] وقال أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو بن مندة: لم يعرف شرائط الحديث.
[9] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/240)


روى عَنْ: ابن فاذشاه، وابن رَيْدَة، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الذّكْوانيّ، وعُبَيْد اللَّه بْن العتر، وأبي ذَرّ الصّالحانيّ، وجماعة.
وعنه: أبو سَعِيد مُحَمَّد بْن حامد، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
254- مُحَمَّد بْن المُنْذِر بْن ظَبْيان بْن المُنْذِر [1] .
أبو البركات الكَرْخيّ المؤدِّب.
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
وهو أحد شيوخ السِّلَفيّ في بعض أمالي ابن بِشْران.
وروى عَنْهُ أيضًا: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وتُوُفّي في صَفَر.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: سَمِعْتُ ابن ناصر يَقُولُ: كَانَ كذابًا.
وقال السِّلَفيّ: هُوَ مُسْتَفاد مَعَ ظبيان.
255- معالي العابد [2] .
أحد الزُّهاد المنقطعين إلى اللَّه.
كَانَ مقيمًأ بمسجد بغداد، وتُحكى عَنْهُ كرامات ومجاهدات.
قَالَ أبو مُحَمَّد سِبْط الحنّاط: كَانَ لا ينام إلّا جالسًا، ويلبس ثوبًا واحدًا في الصيف والشّتاء، فإذا بُرْد شدّ المِئْزر عَلَى كتفه [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (معالي العابد) في: المنتظم 9/ 136 رقم 212 (17/ 82، 83 رقم 3734) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 87، وفيهما: «أبو المعالي الصالح» ، الكامل في التاريخ 10/ 367، والبداية والنهاية 12/ 163.
[3] وقال ابن الجوزي: سكن باب الطاق، وكان مقيما بمسجد هناك معروف به إلى اليوم. سمع واعظ ابن أبي عمامة فتاب وتزهّد.
وحدّث مسعود بن شيرازاد المقرئ قال: سمعت أبا المعالي الصالح يقول: ضاق بي الأمر في رمضان حتى أكلت فيه ربعين باقلّى، فعزمت على المضيّ إلى رجل من ذوي قرابتي أطلب منه شيئا، فنزل طائر فجلس على منكبي، وقال: يا أبا المعالي أنا الملك الفلاني لا تمض إليه نحن نأتيك به، فبكّر الرجل إليّ.
وقال أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ: كنت يوما عنده فقيل له: قد جاء سعد الدولة شحنة بغداد، فقال: أغلقوا الباب، فجاء فطرق الباب، وقال: ها أنا قد نزلت عن دابّتي، وما أبرح

(34/241)


مات في ذي الحجة.
- حرف النون-
256- نَصْر بْن عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الجبّار [1] .
أبو منصور التَّميميّ القَزْوينيّ الواعظ.
سمع: أبا يَعْلَى الخليل بْن عَبْد اللَّه الحافظ، وأبا بَكْر أحمد بْن الخضر القَزْوينيّ، وجماعة.
وببغداد: [2] أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وابن الفتح العشّاريّ [3] .
وسمع بأماكن، وجمع لنفسه مُعْجَمه. وكان من أهل الفضل والدين. وقدم بغداد في هذه السنة، وهو آخر العهد بِهِ [4] .
وروى عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ، والمعمر بْن البَيِّع، والسِّلَفيّ وقال: هُوَ محدِّث ابن محدّث ابن محدّث، وبيتهم بقزُّوين. كتب بني مَنْدَهْ بأصبهان، وكتب أولاد السّمعانيّ بمَرْو، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
- حرف الياء-
257- يحيى بْن إِبْرَاهِيم بْن أَبِي زيد [5] .
__________
[ () ] حتى يفتح لي، ففتح له، فدخل فجعل يوبّخه على ما هو فيه، وسعد الدولة يبكي بكاء كثيرا، فانفرد بعض أصحابه وتاب على يده. (المنتظم، مرآة الزمان) .
[1] في الأصل: «بن عبد الله بن الرحمن» ، والمثبت عن: التدوين في أخبار قزوين 4/ 161، 162.
[2] سمع بها في سنة 450 هـ.
[3] وسمع منه أحاديث خرّجها عن شيوخه، عن أبي القاسم البغوي.
[4] وجاء في (التدوين) أن الحافظ أبا سعد أحمد بن محمد البغدادي وابناه الحسن وعبد الرحيم، وعطاء بن ناصر بن محمد الهروي سمعوا من نصر بن عبد الجبّار بالمدينة في المحرّم سنة ثمان وخمسمائة.
وهذا يعني أن وفاته تأخّرت، وعليه ينبغي أن تحوّل ترجمته إلى الطبقة التالية.
[5] انظر عن (يحيى بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 670، 671 رقم 1478، وبغية الملتمس 497، 498، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والمغني في الضعفاء 2/ 729 رقم

(34/242)


أبو الحَسَن [1] اللَّوَاتيّ المُرْسِي، المعروف بابن البيّاز [2] .
روى القراءات عَنْ: مكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وجماعة.
ورحل إلى المشرق.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [3] حجّ ولقي بمصر عَبْد الوهّاب القاضي المالكيّ، وأخذ عَنْهُ «التّلقين» من تأليفه. وأقرأ النّاس القرآن، وعُمّر وأَسَنَّ.
قلت: وسمع القراءات من عَبْد الجبار بْن أحمد الطَّرَسُوسيّ، وهو آخر من روى عَنْهُمَا.
قَالَ الحافظ أبو القاسم خَلَف بْن بَشْكُوَال: [4] أَخْبَرَنَا عَنْهُ جماعة من شيوخنا، وسمعتُ بعضهم يضعِّفه وينسبه إلى الكذب وادّعاء الرّواية عَنْ أقوامٍ لم يَلْقَهَم ولا كاتبوه. ويشبه أنّ يكون ذَلِكَ في وقت اختلاطه، لأنّه اختلط في آخر عُمره.
تُوُفّي بمرسية في ثالث المحرَّم وله تسعون سنة [5] .
قلت: روى عَنْهُ القراءات: أبو عَبْد اللَّه بْن سَعِيد الدّانيّ، وعلي بْن عَبْد اللَّه بْن ثابت الخَزْرَجيّ، وأبو دَاوُد، وسلمان بْن يحيى بْن سَعِيد المقرئ، وآخرون.
وقد وقع لنا إسناده بالقراءات عاليا للإمام عَلَم الدين القاسم الأندلسيّ، فإنه تلا بها عَلَى أَبِي جعفر الحصّار، عَنْ أَبِي عبد الله بن سعيد المذكور. [6]
__________
[ () ] 6919، وميزان الاعتدال 4/ 360 رقم 9448، ومعرفة القراء الكبار 1/ 449، 450 رقم 388، والعبر 3/ 344، ودول الإسلام 2/ 26، وغاية النهاية 2/ 364 رقم 3818، ولسان الميزان 6/ 240 رقم 845، وشذرات الذهب 3/ 404.
[1] هكذا في الأصل وغاية النهاية 2/ 364، وفي المصادر «أبو الحسين» .
[2] في الأصل: «البياذ» بالذال المعجمة. وفي العبر، ودول الإسلام «البيار» بالراء المهملة، وفي الصلة: «البيّان» ، وفي لسان الميزان: «التيار» ، والمثبت عن معرفة القراء، وغاية النهاية.
[3] في الصلة 2/ 670.
[4] في الصلة 2/ 670.
[5] وكان مولده في سنة 406 هـ.
[6] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء الكبار 1/ 450) : «وقد وقع لنا سنده بالقراءات عاليا، وفرحنا به وقتا، ثم أوذينا فيه، وبان لنا ضعفه» .

(34/243)


وقد روى «الموطّأ» عَنْ يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مُغيث.
258- يحيى بْن منصور [1] .
أبو زكريّا الصُّوفيّ الْجَنْزيّ، والد الْإِمَام مُحَمَّد بْن يحيى الفقيه.
سكن بنَيْسابور، ونَفَقَ عَلَى نظام المُلْك، وصادِهُ بحُسْن كلامه. وسيرته قصيرة [2] .
شيخ رباطه، توفّي في رمضان بنيسابور.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن منصور) في: المنتخب من السياق 486 رقم 1650.
[2] قال عبد الغافر: مشهور معروف فاضل قارئ لكتاب الله، حسن القراءة، حافظ لمراسم الصوفية عارف بطرقهم. قدم نيسابور وخدم زين الإسلام وسمع منه، وحجّ وعاد إلى أصبهان في نوبة نظام الملك. وكان سمع بأصبهان والعراق.

(34/244)


سنة سبع وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
259- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يونس [1] .
الخطيب أبو الحَسَين المَقْدِسيّ.
سمع ببلده: أبا الغنائم مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفرّاء، وأبا عثمان بْن ورقاء، وأبا زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ.
سمع منه: عَبْد الرَّحْمَن، وعبد اللَّه ابنا صابر.
وتُوُفّي بدمشق [2] .
260- أحمد بْن بُنْدار بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو ياسر البقّال القطّان، أخو أَبِي المعالي ثابت.
سمع: بِشْر بْن الفاتِنيّ، وأبا عليّ بْن دُوما، وأبا طاهر مُحَمَّد بْن عليّ العلّاف، وجماعة.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وأبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد وأثنيا عَلَيْهِ، وشُهْدَة، والسِّلَفيّ، وجماعة.
ومات في رجب [4] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 16 رقم 22.
[2] وكان ثقة.
[3] انظر عن (أحمد بن بندار) في: المنتظم 9/ 139 رقم 217 (17/ 86 رقم 3739) ، وذكر في سير أعلام النبلاء 19/ 186 دون ترجمة.
[4] وكان ثقة.

(34/245)


261- أحمد بْن عليّ بْن الحُسين [1] .
أبو المعالي ابن الحدّاد البغداديّ الدّلّال المستعمل.
سمع: أبا عليّ بْن المذهب، والعشاريّ، والجوهريّ.
وعنه: أبو نَصْر النُّوربانيّ [2] ، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
مات في ربيع الآخر ببغداد.
262- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة [3] .
القاضي أبو الحَسَن الكوفيّ، الثَّقْفيّ.
سمع: أبا طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن الصّبّاغ، ومُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن فدوَيْه، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن العَلَويّ، وطائفة.
وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامغانيّ ببغداد.
وسمع ببغداد من: البَرْمكيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن حبيب الفارسي.
روى عَنْه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، والسِّلَفيّ.
وثّقه عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وقال أَبِي النَّرْسيّ: تُوُفّي في سادس عشر رجب.
قلت: وله خمس وسبعون سنة.
263- أحمد بْن مُحَمَّد بْن بِشْرُوَيْه [4] .
الأصبهاني.
قد مرّ في سنة إحدى وتسعين.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: مات في صَفَر سنة سبع.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد الكوفي) في: الكامل في التاريخ 10/ 379، وذكر في سير أعلام النبلاء 19/ 186 دون ترجمة.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/246)


264- أحمد بْن علي بْن الحُسين بْن زكريّا [1] .
أبو بَكْر الطُّرَيْثيثيّ، ثمّ البغداديّ الصُّوفيّ المعروف بابن زَهْراء.
قَالَ السّمعانيّ: شيخٌ لَهُ قَدَمٌ في التَّصَوُّف. رأى المشايخ وخدمهم، وكان حَسَن التّلاوة.
صحب أبا سَعْد النَّيْسابوريّ. وسمع: أَبَاهُ، وابن الحُسين القطّان، وأبا القاسم اللّالكائيّ الحافظ، وأبا القاسم الحرفيّ، وأبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا علي بن شاذان، وجماعة.
قلت: روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وابن ناصر، وأبو الفتح بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وطائفة آخرهم موتا أبو الفضل خطيب الموصل.
وسمع منه: الكبار: عبد الغافر الألمعي، وهبة الله الشيرازي، وعمر الرؤاسي، وابن طاهر المقدسي.
قال السمعاني: صحيح السماع في أجزاء، لكنه أفسد سماعاته بأنْ روى منها شيئًا، وادّعى أَنَّهُ سمعه من أبي الحَسَن بْن رزقويه، ولم يصح سماعه منه [2] .
وقال فيه شجاع الذُّهْليّ: مُجْمَعٌ عَلَى ضعفه، وله سماعات صحيحة خلط بها غيرها [3] .
وقال أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ: دخلت عَلَى أحمد بْن زهراء الطُّرَيْثيثيّ وهو يقرأ عَلَيْهِ جزءٌ من حديث ابن رزقويه، فقلت: مَتَى؟ فقال: في سنة اثنتي
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي الطريثيثي) في: التحبير 1/ 371، والمنتظم 9/ 138، 139 رقم 216 (17/ 85، 86 رقم 3738) ، والكامل في التاريخ 10/ 379، وطبقات الصوفية للنووي (مخطوط) ورقة 54 أ، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1582 وفيه: «أحمد بن الحسين» ، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 346، وسير أعلام النبلاء 19/ 160- 162 رقم 87، وميزان الاعتدال 1/ 122، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 39، 40، ومرآة الجنان 3/ 160، والوافي بالوفيات 7/ 202، ولسان الميزان 1/ 227، 228، وشذرات الذهب 3/ 405.
[2] المنتظم 9/ 138 (17/ 86) .
[3] انظر: المنتظم.

(34/247)


عشرة وأربعمائة. فقلت: وابن رزقوَيْه في هذه السنة تُوُفّي. وأخذت الجزء من يده، وقد سمعوا فيه، فضربت عَلَى التسميع، فقام وخرج من المسجد [1] .
وقال ابن ناصر: كَانَ كذابًا [2] لا يُحْتَجّ بروايته.
قلت: ولهذا كَانَ السِّلَفيّ يَقُولُ: أَنَا [3] الطّريثيثيّ من أصل سماعه.
وقال في معجمه: هذا أجلّ شيخ شاهدته ببغداد، من شيوخ الصُّوفيّة، وأكثرهم حُرْمَة وهَيْبة عند الصحابة. قد اقتدى بأبي سَعِيد بْن أَبِي الخير المِيهَنيّ فيما أظن. وأنا [3] عَنْ جماعة لم يحدثنا عَنْهُمْ سواه. ولم يقرأ عَلَيْهِ إلّا من أصول سماعه، وهي كالشّمس وُضُوحًا. وكُفّ بَصَرُه بآخره.
وكتب لَهُ أبو عليّ الكَرْمانيّ أجزاء طرية، فحدث بها اعتمادًا عَلَيْهِ، ولم يكن ممن يُعرف طرق المحدثين ودقائقهم وإلّا لكان من الثْقات الأثبات.
وذكره ابن الصّلاح في «طبقات الشّافعيّة» [4] .
وقال أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ: مولده في شوّال سنة إحدى عشرة. وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
قلت: قرأت بخطّ السِّلَفيّ أَنَّهُ سمع الطُّرَيْثيثيّ يَقُولُ: وُلِدتُ في شوّال سنة اثنتي عشر وأربعمائة [5] .
265- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُسين العُكْبَريّ [6] .
ثمّ الواسطيّ المقرئ أبو الحَسَن.
قرأ القراءات عَلَى أصحاب أَبِي عليّ بْن عَلّان.
وسمع: الحَسَن بْن موسى الغَنْدَجانيّ.
__________
[1] المنتظم.
[2] المنتظم.
[3] اختصار لكلمة: «أخبرنا» .
[4] ج 1/ 352، 353 رقم 109.
[5] المنتظم.
[6] انظر عن (أحمد بن محمد العكبريّ) في: سؤالات الحافظ السلفي 75، والمختصر المحتاج إليه للدبيثي 1/ 202.

(34/248)


وقدِم بغداد فقرأ بها عَلَى: سليمان بْن أحمد السرقسطي، ورزق اللَّه التميمي.
وسمع: أبا القاسم بْن البُسْريّ.
واقرأ النّاس. وهو الّذي سمع مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ المحتسب، ولمّا مات رثاه خميس الحوزيّ.
روى عنه: الكتّانيّ المذكور.
266- أرتاش، ويقال ألْتاش، بْن السّلطان تُتُش بْن ألْب رسلان [1] .
أخو صاحب دمشق دُقَاق.
سجنه أخوه ببَعْلَبَكّ، فلمّا مات دُقاق أطلقه الأمير طُغْتِكِين وأقدمه دمشق، وأقامه في السَّلْطَنَة في هذه السّنة. ثمّ خرج سرًّا بعد ثلاثة أشهر لأمر تخيله من طُغْتِكِين، فذهب إلى بَغْدَوِين ملك الفرنج طمعًا في أنّ يكون لَهُ ناصرًا، فلم يحصل منه على أمل، فتوجّه عَلَى الرَّحْبَة إلى الشّرق، فهلك هناك.
267- إسماعيل بْن عليّ بْن حَسَن [2] .
الشَّيْخ أبو عليّ الجاجَرْميّ [3] النَّيْسابوريّ الأصمّ الزّاهد.
كَانَ حَسَن الطّريقة صالحًا واعظًا.
وُلِد سنة ستٍّ وأربعمائة، وسمع: أبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحارث، وأبا سَعِيد فضل اللَّه بْن أَبِي الخَير المِيهَنيّ [4] ، وعبد القاهر بْن طاهر التَّميميّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أرتاش) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 145، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 5/ 78، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 232 رقم 223، والوافي بالوفيات 8/ 225، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 368.
[2] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: المنتظم 9/ 139 رقم 219 (17/ 87 رقم 3741) ، والمنتخب من السياق 145، 146 رقم 334، ومرآة الجنان 3/ 160.
[3] الجاجرمي: بفتح الجيمين، بينهما الألف، وبعدها الراء وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى جاجرم، وهي بلدة بين نيسابور وجرجان. (الأنساب 3/ 153) .
[4] هكذا ضبطها في الأصل بفتح الميم. وفي (الأنساب 11/ 580) بكسر الميم، وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين، وفتح الهاء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد.

(34/249)


وخرج لَهُ صالح المؤذِّن فوائد.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وجماعة من شيوخ السّمعانيّ، وقال: دفن عند ابن خُزَيْمة.
وذكره عَبْد الغافر فقال: [1] شيخ ظريف، خفيف الحركة، اشتغل مدّة بنَيْسابور، وكان واعظًا بكاءً، حصل لَهُ قبول زائد [2] .
تُوُفّي في المحرَّم.
268- إسماعيل بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن [3] .
أَبُو عليّ النَّيْسابوريّ القلانسي، عُرِف بالتُّرْكيّ.
شيخ صالح، سمع من: أَبِي سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وعنه: عُمَر بْن أحمد الصّفّار، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وأبو الأسعد بْن القُشَيْريّ.
مات في المحرَّم، وهو في عشر المائة.
269- إسماعيل بْن أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عثمان [4] .
أبو الفَرَج القُومسانيّ، ثمّ الهمذانيّ، الحافظ، شيخ همذان.
__________
[1] في المنتخب 145.
[2] العبارة في (المنتخب) : دخل نيسابور قديما وتفقّه وحضر درس زين الإسلام، وسمع منه شيئا من الأصول والتفسير وخدمه مدّة، ثم ترك ذلك واشتغل بالعزلة في بعض المساجد، وسلك طريق الزهد في السكة المعروفة به وسكنها وقام بعمارتها وتعهّد أوقافها. وكان يقعد فيها للتذكير نوبا في الأسبوع، ويحضر مجلسه الأكابر، متبرّكين بدعائه.
وكان رجلا بكاء يعظ الناس ويبكي ويدعو لهم فظهر له بذلك قبول، وبقي على ذلك إلى آخر عمره.
وكان خزانة الكتب في تلك المدرسة في بدء يتعهّدها ويطالع الكتب.
والغالب على أحواله الوعظ، وأصابه في آخر العمر وقر في أذنه.
[3] انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 150 رقم 344، والمنتظم 9/ 140 رقم 220 (17/ 87 رقم 3742) ، ومعجم البلدان 4/ 414، وسير أعلام النبلاء 19/ 155 رقم 81، والبداية والنهاية 12/ 164.
[4] انظر عن (إسماعيل بن أبي الفضل) في: المنتظم 9/ 140 رقم 220 (17/ 87 رقم 3742) ، ومعجم البلدان 4/ 414، وسير أعلام النبلاء 19/ 155 رقم 81، والبداية والنهاية 12/ 164.

(34/250)


قَالَ شِيرُوَيْه: هُوَ شيخ البلد والمشار إِلَيْهِ بالصَّلاح والدّيانة.
روى عَنْ: أَبِيهِ مُحَمَّد بْن عثمان بْن أحمد بْن مَزْدِين [1] ، وجدّه عثمان، وابن هُبَيْرة، وعُمَر بْن جاباره [2] الأَبْهَريّ، وأبي الحُسين بْن المهتدي باللَّه، والصَّرِيفِينيّ، وابن النَّقُّور، وابن عزْو [3] النَّهاوَنْديّ، وهارون بْن طاهر بْن ماهلة، وطائفة.
وكان حافظًا ثقة صدوقًا، حَسَن المعرفة بالرجال والمُتُون، أمينًا مأمونًا، وحيد عصره في حفظ شرائع الإسلام وشعاره. وكان ابن ثمان وخمسين سنة.
توفّي في المحرّم، وتولَّيتُ غسْلَه.
قلت: قَالَ السّمعانيّ: ثنا عَنْهُ غير واحد، وهو القائل لابن طاهر المقدسي: ثلاثة لا أحبّهم لتعصّبهم: الحاكم، وأبو نُعَيْم، والخطيب.
وذكره السِّلَفيّ ممّن أجاز لَهُ، وأنّه مشهور بالمعرفة التّامّة بالحديث.
270- أردشير بْن أَبِي منصور [4] .
الأمير أبو الحسين المروزيّ العبّاديّ [5] الواعظ.
قدم نيسابور ووعظه فأبدع وأعجب المستمعين بحُسْن إيراده، ونُكَت أنفاسه، وملاحة قصصه. وظهر لَهُ القبول عند الخاصّ والعامّ بغرابة إشاراته، ووقْع كلماته المطابقة لجلالته. وكان لَهُ سكونٌ وهَيْبة وأَناة وتُؤَدَة، وطريقة غريبة في تمهيد كلام سَنيِّ غير مسبوق عَلَى نَسَقٍ واحدٍ، مشحون بالإشارات الدّقيقة والعبارات الرّشيقة الحلوة.
__________
[1] مزدين: بفتح الميم، وسكون الزاي.
[2] في الأصل: «جابان» .
[3] هكذا هنا. وفي سير أعلام النبلاء: «غزو» بالغين المعجمة.
[4] انظر عن (أردشير بن منصور) في: الأنساب 8/ 337، والمنتظم 9/ 140 رقم 221 (17/ 87، 88 رقم 3743) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 705، وفيه: «أردشير بن منصور» ، والبداية والنهاية 12/ 164 وفيه: «أزدشير بن منصور» .
[5] العبّادي: بفتح العين المهملة، وتشديد الباء الموحّدة، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بعض أجداد المنتسب. (الأنساب 8/ 336) .
وقد قيّدها محقّق (سير أعلام النبلاء 19/ 186) : «العبادي» بضم العين وتخفيف الباء.

(34/251)


خرج إلى العراق، ولقي ببغداد قَبُولًا بالغًا [1] ، ثمّ عاد إلى نَيْسابور، وأقام بها مدّة، وسُلِّم إِلَيْهِ المدرسة بباب الجامع المَنِيعيّ، فسكنها، ولم يزل قبوله في ازدياد.
وسمع الحديث في كبره، ولم يحدث. ومات كهلًا في جُمَادَى الآخرة.
قَالَ ابن النّجّار: هُوَ والد الواعظ المشهور أَبِي منصور بْن المظفّر. قدِم أبو الحُسين الأمير بغداد سنة خمسٍ وثمانين وأربعمائة ليحجّ، فحجّ وعاد ووعظ، وازدحموا، وازداد التعصب له إلى أنّ مُنِع من الجلوس فردّ إلى بلده. وكان بديع الألفاظ، حُلْو الإيراد، غريب النُّكَت.
سمع من: أَبِي الفضل بْن خَيْرُون، وغيره. وحدَّثَ بمَرْو.
قَالَ ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ عليّ بْن عليّ الأمين يَقُولُ: اتّفق أنّ واحدًا بِهِ عِلّة جاء إلى العَبّاديّ، فقرأ عَلَيْهِ شيئًا، فعُوفي. فمضيت معه إلى زيارة قبر أحمد، فلمّا خرجنا إذا جماعة من العُميان والزمني عَلَى الباب، فقالوا للأمير:
نسألك أنّ تقرأ علينا. فقال: لست بعيسى بْن [2] مريم، وذلك قولٌ وافق القدر.
وقيل: إنّ بعض النّاس دخل عَلَى العَبّاديّ، فقال لَهُ: قُم اغتسِل. فقام، وكان جُنُبًا.
وجاء عَنْهُ زُهْد وتعبُّدٌ، وتكلّم عَلَى الخواطر، وتاب عَلَى يده خلْق كثير.
وكان أمّارًا بالمعروف، مُرِيقًا الخُمُور، مُكَسِّرًا للملاهي، وصَلُح أهل بغداد تِلْكَ الأيام به، والله يرحمه ويغفر له [3] .
__________
[1] في سنة 486 هـ. وقيل في سنة 485 هـ. (مرآة الزمان) .
[2] في الأصل: «ابن» .
[3] وقال سبط ابن الجوزي: «وكان يخاطب بالأمير قطب الدين، قدم بغداد وهو أول قدومه في سنة 486 وقيل في سنة 85 وجلس في النظامية، وحضر أبو حامد الغزالي مجلسه، وكان الغزالي يحاضره ويجالسه ويذاكره، وامتلأ صحن المدرسة وأروقته وغرفها وسطوحها بالناس، فخرج إلى قراح ظفر فجلس به، وكان يحضر مجلسه من الرجال والنساء ثلاثون ألفا، وكان صمته أكثر من نطقه، وكانت عليه آثار الزهد ظاهرة، وكان إذا تكلّم هام الناس على وجوههم، وترك الناس المعاش، وحلق أكثر الصبيان رءوسهم، ولزموا المساجد والجماعات، وبدّدوا الخمور، وكسروا الملاهي.

(34/252)


- حرف الجيم-
271- جامع بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد [1] .
أبو سهل النَّيْسابوريّ.
قَالَ السّمعانيّ: ثقة، صالح. سمع على: مُحَمَّد الطّرَازِيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السّنجيّ، وغيره.
__________
[ () ] حكى إسماعيل بن أبي سعيد الصوفي قال: كان العبادي ينزل في رباطنا، وكان في الرباط بركة كبيرة، وكان يتوضّأ منها، فكان الناس ينقلون منها الماء بالقوارير والكيزان تبرّكا، حتى كان يظهر فيها النقصان، وظهرت له كرامات. وكان يخدمه رجل يقال له أبو منصور الأمين، قال: فقام إليه رجل ليتوب، فقال: قف مكانك ليطهّرك ماء المطر، ولم يكن في السماء قزعة من سحاب، فارتفع سحاب في الوقت وأمطر الرجل.
قال أبو منصور: قال لي العبادي يوما: يا أبا منصور، أشتهي توتا شاميّا وثلجا، فإنّ حلقي قد تغيّر، فعبرت إلى الجانب الغربي ولي فيه بساتين، فطفت واجتهدت، فلم أجد شيئا، فرجعت إليه قبيل الظهر إلى داري، وكان نازلا ببيت منها منفرد، فقلت لأصحابه: من جاء اليوم؟ قالوا:
امرأة قالت: قد غزلت غزلا، وأحبّ أن تقبل منّي ثمنه، فأخبرناه، فقال: ليس لي عادة بذلك.
فجلست تبكي، فرحمها، وقال: قولوا لها اذهبي فاشتري لنا به شيئا، فقالت: ما الّذي أشتري؟ فقال: ما يقع في نفسها، فخرجت فاشترت توتا شاميّا وثلجا وجاءت به.
قال أبو منصور: دخلت عليه يوما، فقال لي: يا أبا منصور، قد أحببت أن تعمل لي اليوم دعوة. قال: فاشتريت الدجاج، وعقدت الحلوى، وغرمت أكثر من أربعين دينارا، فجلس يفرّقه وجعل يقول: احمل إلى الرباط الفلاني كذا وكذا ولم يتناول منه شيئا.
قال: ورأى في انقباضا لأجل ذلك، فغمس إصبعه الصغرى في الحلوى. وقال: يكفي هذا، ولم يأكل من خبز بغداد، وكان معه طعام قد حمله من بلده مرو فكان يأكل منه. قال: وكنت أرصده، فكان يصلّي العشاء الآخرة ويتقلّب على فراشه طول الليل، ثم يقوم فيصلّي الفجر بذلك الوضوء.
حكى عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين، قال والدي: دخلت على العبادي وهو يشرب مرقة، فقلت في قلبي: ليته أعطاني فضلته وقال: اشربها على تلك النّيّة، فشربتها فحفظت القرآن.
ثم إنه خرج من بغداد، وسببه أنه تكلّم في الربا وبيع القراضة بالصحيح، فأنكر ذلك، فمنع من الجلوس وأمر بالخروج من البلد، فخرج إلى مرو، وأقام بها إلى هذه السنة. (مرآة الزمان) .
وقد وصفه الذهبي بأنّه «تالف» . (سير أعلام النبلاء 19/ 186) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/253)


- حرف الحاء-
272- الحَسَن بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [1] .
أبو مُحَمَّد الكِلَابيّ الدّمشقيّ.
رئيس دمشق المعروف بابن الصُّوفيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن عَوْف المُزَنيّ.
وحدَّثَ باليسير، وأصلهم من حلب [2] .
273- الحُسين بْن عَبْد المَلِك بْن مُحَمَّد بْن يوسف [3] .
أبو مُحَمَّد اليُوسُفيّ البغداديّ ابن الشَّيْخ الأَجَلّ.
سمع: ابن غَيْلان، وإِسْحَاق البَرْمكيّ، وجماعة.
وحدث.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابن الخَلِيّ، وخميس، وجماعة. وكان ذا أموال وحشمة.
274- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [4] .
أَبُو عَبْد اللَّه الأصبهاني النَّطَنزِيّ [5] الأديب [6] . صاحب التّصانيف الأدبية [7] .
وله النَّظْم والنَّثْر.
سمع: أبا بَكْر بْن ريذة، وغيره.
وحدَّثَ. أظنّ أنّ السّلفيّ روى عنه.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن الحسين) في: تهذيب تاريخ دمشق 4/ 174.
[2] سكن أبوه دمشق، وكان يقصّر ثيابه فلقّب بالصوفي. توفي سنة سبع أو ست وتسعين وأربعمائة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (الحسين بن إبراهيم) في: الأنساب 12/ 110، 111، ومعجم البلدان 5/ 292، واللباب 3/ 315، 316، وبغية الوعاة 1/ 528 رقم 1097، وكشف الظنون 754، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 354، وتاريخ الأدب العربيّ 1/ 505، ومعجم المؤلفين 4/ 305، 306.
[5] النّطنزي: بفتح النون والطاء المهملة وسكون النون الأخرى وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى نطنز، وهي بليدة بنواحي أصبهان. (الأنساب) .
[6] الملقّب بذي اللسانين.
[7] منها كتاب: «الخلاص» . (الأنساب) .

(34/254)


قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: [1] مات في المحرَّم [2] .
275- الحُسين بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] .
أبو عَبْد اللَّه [4] بْن البُسْيريّ البُنْدار.
محدِّث بغداد وابن محدّثها، كَانَ رجلًا صالحًا.
تفرّد بالرّواية عَنْ عَبْد اللَّه السُّكّريّ [5] .
وسمع أيضًا من: أَبِي الحَسَن بْن مَخْلَد وغيره.
روى عنه: أبو عليّ بن سكّرة، وسعد الخير الْأَنْصَارِيّ، والسِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو الفتح بْن شاتيل، وأبو هاشم الدّوشانيّ، وآخرون كثيرون، آخرهم ابن شاتيل.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
ووُلِد سنة تسع أو عشر [6] .
قَالَ السِّلَفيّ: لم يرو لنا عن السّكّريّ سواه.
__________
[1] وهو قال: كان أديبا فاضلا بارعا، يلقّب بذي اللسانين. وكان من أهل السّنّة والجماعة، محبّا لهم، أنفق عمره على التعلّم والتعليم. (الأنساب 12/ 111) .
[2] قيل توفي سنة 497 وقيل 499 هـ. ولذا سيعاد برقم (333) .
ومن شعره:
العزّ مخصوص به العلماء ... ما للأنام سواهم ما شاءوا
إنّ الأكابر يحكمون على الورى ... وعلى الأكابر يحكم العلماء
وله:
أسوأ الأمّة حالا رجل ... عالم يقضي عليه جاهل
(بغية الوعاة) .
[3] انظر عن (الحسين بن علي) في: الأنساب 2/ 211، 212، والمنتظم 9/ 140 رقم 222 (17/ 88 رقم 3744) ، والكامل في التاريخ 10/ 379، واللباب 1/ 152، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1583، والإعلام بوفيات الأعلام 204، وسير أعلام النبلاء 19/ 185، 186، رقم 106، والعبر 3/ 346، 347، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 125، وشذرات الذهب 3/ 405.
[4] وقع في الطبعة الجديدة من (المنتظم 17/ 88) أن كنيته «أبو عبيد الله» ، وهو خطأ.
[5] وقد سمع منه في سنة 414 هـ. (المنتظم) .
[6] الأنساب 2/ 212.

(34/255)


قال: وروى عَنْ: ابن مَخْلَد، والبَرْقانيّ، وأبي عليّ بْن شاذان [1] .
- حرف الدال-
276- دُقَاق [2] .
شمس الملوك أبو نَصْر بْن تُتُش بْن ألْب أرسلان [3] .
ولي دمشق بعد قتل أبيه تاج الدولة، وذلك في سنة سبْعٍ وثمانين. وكان دُقاق بحلب، فراسَلَه خادمُ أَبِيهِ ونائبه بقلعة دمشق سرًا من أخيه رضوان ملك حلب، فخرج دقاق وقدم دمشق فتملكها. ثم عمل هو والأتابك طغتكين زوج أمه على خادم أبيه المذكور، واسمه ساوتكين، فقتلاه. ثمّ إنّ رضوان قدِم دمشق وحاصرها، فلم يقدر عَلَيْهِ، فرجع.
ثمّ إنّ دُقَاق عرض لَهُ مرضٌ تطاول بِهِ إلى أنّ تُوُفّي في ثامن عشر رمضان، فغلب طُغْتِكِين عَلَى دمشق، وأقام في اسم المُلْك ابن طُغْتِكِين طفلٌ لَهُ سنة. ثمّ مات الطفل بعد قليل واستقل الأتابك ظهير الدين طُغْتِكِين بمملكة دمشق وأعمالها [4] .
وقيل إنّ أمّ دُقَاق رتّبت لَهُ جاريةً فسمَّت لَهُ عنقود عنب نقبته [بإبرة] [5] فيها
__________
[1] وقال ابن السمعاني: صار من محدّثي بغداد لكبر سنّه وعلوّ سنده في عصره.
[2] انظر عن (دقاق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362 (وتحقيق سويم) 28، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 5/ 78 (في ترجمة «أرتاش بن تتش» ) ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 144، وتاريخ الفارقيّ 271 (حوادث سنة 498 هـ.) ، والكامل في التاريخ 10/ 375- 377، وزبدة الحلب 2/ 150، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 112، 121، 138- 140، 149، 341، 342، 345- 347، 350، ووفيات الأعيان 1/ 296 و 5/ 184، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 11، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 232 في ترجمة أخيه «أرتاش» ، ونهاية الأرب 27/ 74، والمختصر في أخبار البشر 2/ 217، والعبر 3/ 347، ودول الإسلام 2/ 15، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 186 (دون ترقيم) ، و 210- 212 رقم 129، والدرّة المضيّة 463، وتاريخ ابن الوردي 2/ 15، والإعلام والتبيين 15، ومرآة الجنان 3/ 160، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 122، والبداية والنهاية 12/ 163، 164، ومآثر الإنافة 2/ 19، والنجوم الزاهرة 5/ 189، وشذرات الذهب 3/ 405، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 46، 340، وأخبار الدول 2/ 468، 479 وانظر ما قدّمناه حول اسم «دقاق» وتعليق «ابن تغري بردي» عليه في الحوادث لسنة 497 هـ.
[3] في الأصل: «رسلان» .
[4] راجع أخباره في حوادث هذه الطبقة.
[5] إضافة على الأصل.

(34/256)


خيط مسموم [1] ، ثمّ أطعمته، فندمت بعد ذَلِكَ، وتهرَّى ومات ودُفِن بخانكاه الطّواويس [2] .
- حرف الزاي-
277- زيد بْن عَلِيِّ بْن عَبْد اللَّه [3] .
أَبُو الْقَاسِم الفَسَويّ [4] الفارسي النَّحْويّ.
ذكر أنّ أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ خاله، فلعلّه خال أَبِيهِ أو أمّه، وإلّا فما يُمكن أنّ يكون أبو عليّ أخا أمّه لقِدَم زمانه.
قدِم الشّام، وأخذ النّاس عَنْهُ بحلب، وسكن دمشق مدة، وأملى بها «شرح الإيضاح» لأبي عليّ، «وشرح الحماسة» ، وحدَّثَ عَنْ أَبِي الحَسَن بْن أَبِي الحديد.
سمع منه: عُمَر الدهستاني، وأبو المفضل يحيى الْقُرَشِيّ.
وكانت وفاته بأطْرَابُلُس.
وقرأ عَلَيْهِ بحلب أبو البركات عُمَر بْن إِبْرَاهِيم العلويّ الكوفيّ [5] كتاب «الإيضاح» . رواه عنه [6] .
__________
[1] في الأصل: «مسموط» .
[2] وفي وفيات الأعيان 1/ 296: «دفن في مسجد بحكر الفهّادين بظاهر دمشق الّذي على نهر بردي» .
[3] انظر عن (زيد بن علي) في: بغية الطلب لابن العديم (مصوّرة معهد المخطوطات) 7/ 124- 126، وإنباه الرواة 2/ 17 و 325، ومعجم الأدباء 11/ 176، 177، ونزهة الألبّاء 295، وبغية الوعاة 1/ 573، ومفتاح السعادة 1/ 140، وكشف الظنون 212، 691، وروضات الجنات 3/ 394، والغدير 2/ 338، وطبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس) 83، ومعجم المؤلفين 4/ 190، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 25.
وقد تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 467 هـ. برقم (209) .
[4] الفسوي: بفتح الفاء والسين. هذه النسبة إلى فسا، وهي بلدة من بلاد فارس يقال لها: بسا.
(الأنساب 9/ 305) .
[5] في سنة 455 هـ.
[6] ونقل الحافظ السلفي من كتاب غيث بن علي الصوري قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن طاهر الأديب، أنشدني زيد بن علي:
الزم جفاك لي ولو فيه الضنا ... وارفع حديث البين عمّا بيننا

(34/257)


- حرف الطاء-
278- طاهر بْن أسد بْن طاهر بْن عليّ بْن هاشم بْن نزار [1] .
أبو ياسر الطّبّاخ الأَجَمِيّ [2] الشِّيرازيّ. ثمّ البغداديّ.
وُلِد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وعبد الباقي بْن مُحَمَّد الطّحّان.
روى عَنْهُ: أبو القاسم السِّلَفيّ، وآخرون.
وقع لنا حديثه عاليا. وقد قَالَ السّمعانيّ: كَانَ يُعرف النّجوم، وكان متميزًا. سكن دار الخلافة، وكان صاحب الفنجان للصّلوات والسّاعات.
تُوُفّي في منتصف رجب.
- حرف العين-
279- عبد الله بن إسماعيل [3] .
__________
[ () ]
فسموم هجرك في هواجره الأذى ... ونسيم وصلك في أصايله المنى
ما لي إذا ما رمت عتبا رمت لي ... ذنبا جديدا من هناك ومن هنا
مثن عليك وما استفاد رغيبة ... عجبا ومعتذر إليك وما جنى
ليس التلوّن من أمارات الرّضا ... لكن إذا ملّ الحبيب تلوّنا
ما جرّ هذا الخطب غير تغرّبي ... لعن التغرّب ما أذلّ وأهونا
وقال علي بن طاهر: سمعت من شيخنا في العربية أبي القاسم الفارسيّ النحويّ غير مرّة الإنكار لصحّة أحكام المنجّمين واستخفاف عقل المصدّق بها. وكان زيد اطّلع على كلّ علم ومقالة.
وقال ابن الأكفاني: توفي زيد بن علي- على ما بلغني- في شهر ذي الحجّة سنة سبع وستين وأربعمائة بطرابلس، وكان فهما عالما بعلم اللغة والنحو. وقع إليّ كتاب بخطّ بعض العلماء الدمشقيين- وأظنّه ابن عبدان- ذكر فيه وفيات جماعة من العلماء على السنين، فذكر في سنة سبع وستين وأربعمائة وفاة زيد بطرابلس.
وذكر غيث بن علي الصوري في كتابه، قال: حدّثني أبو محمد السميسمي أن أبا القاسم زيد الفارسيّ توفي بطرابلس في شهر ذي القعدة سنة سبع وستين وأربعمائة.
وقيّد ابن عساكر وفاته في سنة 497، وقال القفطي: في هذا القول نظر، فإنه يكون قد مات قبل ذلك.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] انظر عن (عبد الله بن إسماعيل) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 289، 290 رقم 237، وإيضاح

(34/258)


أبو مُحَمَّد الإشبيليّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من أهل العلم التّام والحفظ للحديث والفقه. كَانَ يميل في فقهه إلى النظر واتباع الحديث. وكان متقشفًا. سكن المغرب مدة، وولي قضاء أغْمات. ثمّ نقل إلى قضاء الحضرة، فتقلّدها إلى أنّ تُوُفّي. وكان مشكور السيرة، حَسَن المخاطبة، كثيرًا ما يَقُولُ لمن يحكم عَلَيْهِ: خذوا بيدي سيّدي إلى السجن.
وله تصنيفان في شرح «المدوّنة» ، «ومختصر ابن أَبِي زيد» مُلِئت عِلْمًا.
280- عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
أبو مُسْلِم السِّمْنانيّ [2] ، ثمّ البغداديّ ابن ابن القاضي أَبِي جعفر السِّمْنانيّ.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وأبو طاهر السلفي، وجعفر بْن عَبْد اللَّه الدّامغانيّ، وآخرون.
وثّقه الأنماطيّ.
وولده سنة ستّ عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في تاسع عشر المحرَّم.
وقال السِّلَفيّ: كان حنفيّا أشعريّا.
__________
[ () ] المكنون 2/ 455، 456، وذكره كحّالة في (معجم المؤلّفين 6/ 35) باسم: «عَبْد الله بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن خزرج اللخمي الإشبيلي» ، وذكر ولادته سنة 407 ووفاته سنة 478 هـ.
وقال: من آثاره: شرحان على المدوّنة في فروع الفقه المالكي، ومختصر رسالة ابن أبي زيدون القيرواني. وذكر مصدرين لترجمته: سير أعلام النبلاء، والصلة.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لقد خلط الأستاذ كحّالة بين ترجمتين فاعتبرهما واحدة. فعبد الله بن إسماعيل بن محمد بن خَزْرَج اللخمي المولود سنة 407 والمتوفى 478 هـ. والمذكور في (سير أعلام النبلاء) هو غير صاحب الترجمة هنا المتوفى سنة 497 هـ. (انظر: السير 18/ 488، 489 رقم 251) فذاك صاحب «التاريخ» ، وهذا صاحب شرح المدوّنة، ومختصر ابن أبي زيد.
كما وقع الغلط في (هدية العارفين 1/ 453) فذكر ابن خزرج وقال إنه توفي سنة 497 هـ.
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عمر) في: المنتظم 9/ 140 رقم 223 (17 رقم 3745) ، والمعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1584، وشذرات الذهب 3/ 406.
[2] السّمناني: بكسر السين المهملة، وفتح الميم والنون، بلدة من بلاد قومس بين الدامغان وخوار الري، يقال لها: سمنان. (الأنساب 7/ 148) .

(34/259)


قلت: أخذ الكلام عَنْ جَدّه أَبِي جعفر.
281- عَبْد الرَّحْمَن بْن قاسم [1] .
أبو المطرِّف الشَّعْبِيّ المالقيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال [2] : روى عَنْ: أَبِي العبّاس أحمد بْن أَبِي الربيع الإلبيريّ، وقاسم بْن مُحَمَّد المأمونيّ، وإسماعيل بْن حمزة، والقاضي يونس بْن عَبْد اللَّه إجازة، وغيرهم.
وكان ذاكرًا للمسائل، فقيهًا، مشاورًا.
سمع النّاس منه، وعُمّر وأسنّ، وشُهِر بالعِلْم والفضل.
وُلِد سنة اثنتين وأربعمائة. وتُوُفّي في عاشر رجب.
وقال فيه القاضي عِيَاض: فقيه بلدهم وكبيرهم في الفتاوى والرواية. سمع بالمرية من قاسم المأموني، وتفقّه عند [3] أَبِي الحَسَن بْن عيسى المالقيّ. وأجاز لَهُ يونس القاضي والشّنتجاليّ [4] . روى عَنْهُ شيخنا أبو عُبَيْد اللَّه بْن سليمان، وولي قضاء بلده في أيّام الصنهاجي. ثمّ عزله، وجعل سجنه داره لأشياء بَلَغَتْه عَنْهُ.
فلمّا دخل المرابطون دعاه أمير المسلمين للقضاء، فامتنع، وأشار عَلَيْهِ بأبي مروان بْن حَسْنُون، فقلده جملة القضاء، فكان أبو مروان لا يقطع أمرًا دونه.
وبينه وبين ابن الطّلّاع في الوفاة جُمعة [5] .
282- العلاء بْن حَسَن بْن وهْب بْن الموصلايا [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن القاسم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 344 رقم 738، وسير أعلام النبلاء 19/ 227 رقم 140 وفيه: «عبد الرحيم بن قاسم الشعبي المالقي» ، ولهذا لم يعرفه محقّقه الشيخ شعيب الأرنئوط وقال في الحاشية: «لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا» .
[2] في الصلة 2/ 344.
[3] في الأصل: «عنده» .
[4] في الأصل: «الشتجالي» .
[5] الصلة 2/ 344.
[6] انظر عن (العلاء بن حسن) في: المنتظم 9/ 141 رقم 225 (17/ 89 رقم 3747) ، وخريدة القصر جريدة العصر (قسم شعراء العراق) 1/ 123، 132، ومعجم الأدباء 12/ 196- 205

(34/260)


أبو سَعْد البغدادي، الكاتب المنشئ بدار الخلافة.
أسلم، وكان نصرانيا، عَلَى يد المقتدي باللَّه. وحَسُن إسلامُه. وله الرّسائل المشهورة الرّائقة، والأشعار الفائقة. عُمِّر دهرًا، وكُفّ بَصَرُه.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
ذكره ابن خلكان [1] وقال: لَقَبُهُ أمين الدّولة.
وقال صاحب «المرآة» : [2] خدم في كتابه الإنشاء خمسًا وستين سنة، وأسلم سنة أربعٍ وثمانين. ثمّ ناب في الوزارة مرّات. وكان كريم الأخلاق، حَسَن الفعال، أفصح أهل زمانه، كَانَ ظاهر اللّسان. كَانَ يُمْلي عَلَى ابن أخته العلّامة أَبِي نَصْر الإنشاء إلى أنّ مات فجأة.
وكان الوزير عميد الدّولة ابن جَهِير يُثْني عَلَيْهِ وعلى تفهُّمه، ويقول: هما يمينًا الدّولة وأميناها [3] .
أَنْبَأَ أحمد بْن سلامة الخيّاط: أَنْبَأَنَا العماد والكاتب في «الخريدة» : [4] أنشدني عبد الرحيم ابن الأُخُوَّة البغداديّ، أنشدني أبو سَعْد بن الموصلايا لنفسه:
يا خليليَّ، خلِّياني ووجْدي ... فملام العَذول ما لَيْسَ يُجْدِي
ودعاني فقد دعاني إلى الحكم ... غَريم الغريم [5] للدَّين عندي
فعساهُ يرِقُّ إذ بملك [6] الرّقّ ... بنقدٍ [7] من وصْله أو بوعدي
__________
[ () ] (رقم 49، والكامل في التاريخ 10/ 377، 378، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 11، 12، ووفيات الأعيان 3/ 480، وسير أعلام النبلاء 19/ 198، 199 رقم 120، وتاريخ ابن الوردي 2/ 26، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 122- 125، ونكت الهميان 201، والبداية والنهاية 12/ 164، والنجوم الزاهرة 5/ 189.
[1] في وفيات الأعيان 3/ 480.
[2] أي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 11.
[3] الخريدة 1/ 124.
[4] ج 1/ 126.
[5] في الخريدة: «غريم الغرام» .
[6] في الخريدة: «ملك» .
[7] في الأصل: «ينفذ» .

(34/261)


ثمّ من ذا يُجيز عَنْهُ [1] إذا جار ... ؟ ومَن ذا عَلَى تعدّيه يُعدي [2]
قَالَ ابن الأثير: [3] كَانَ أمين الدولة أبو سَعْد بْن الموصلايا كثير الصّدقة، جميل المحضر، صالح النية. وقف أملاكه عَلَى أبواب البِرّ. ولمّا مات خُلْع عَلَى ابن أخته أَبِي نَصْر، ولقب نظام الحضرتين. وقُلَّدَ ديوان الإنشاء.
قَالَ ياقوت في «تاريخ الأدباء» [4] : خرج توقيع الخليفة بإلزام الذّمّة بلُبْس الغيار [5] ، فأسلم بعضهم وهرب طائفة. وفي ثاني يوم أسلم الرئيسان أبو سعد ابن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء، وابن أخته أبو نصر ابن صاحب الخبر عَلَى يد الخليفة، بحيث يَرَيَانِه ويسمعان كلامه.
ناب أبو سَعْد في الوزارة عدّة نُوَب، ورسائله وأشعاره مدوَّنة متداولة.
أخذ عَنْهُ: أبو منصور بْن الجواليقيّ، وأبو حرب الخيّاط، وعليّ بْن الحُسين بْن دينار، وآخرون.
ومن شعره:
أحَنّ إلى رَوض التّصابي وأرتاحُ ... وأَمْتَحُ [6] من حوض التّصافي وأمتاحُ
وأشتاق [7] ريمًا [8] كلّما رُمْتُ صَيْدَهُ ... تَصُدُّ يَدِي عَنْهُ سُيُوفٌ وأرماحُ
غزالٌ إذا ما لاح أو فاح نشره ... تعذّب [9] أرواح وتعذب أرواح [10]
__________
[1] في الخريدة: «يجبر منه» .
[2] وعلّق العماد الأصفهاني على هذه الأبيات بقوله: «أنا أستحلي هذا النوع من التجنيس وأستعذبه، ويحسبه زلال الماء قلبي في الرّقّة والصفاء فيشربه ويتشربه» . (الخريدة 1/ 126) .
[3] في الكامل في التاريخ 10/ 377.
[4] أي: معجم الأدباء 12/ 197.
[5] هو لبس خاصّ كوضع الزنّار، وغيره.
[6] امتح الماء: أنزعه. ومتح: أخرج الماء من البئر بالدلو.
[7] في الأصل: «وأشائل» .
[8] في معجم الأدباء: «رئما» .
[9] في الأصل: «يعذّب» .
[10] تعذب أرواح: تتعطّر.

(34/262)


وتفتضح [1] الأعذار فيهم إذا بَدَوا ... ويفتضح [2] اللّاحون منهم [3] إذا لاحوا [4]
ومات بعده بسنة وأشهر ابن أخته.
283- أبو نَصْر هبة اللَّه [5] .
صاحب ديوان الإنشاء.
284- عليّ بْن الحَسَن [6] .
أبو القاسم العَلَويّ الخراساني.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ عالمًا، ورعًا، رئيسًا. سمع عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمْدان النَّصْرُويّيّ [7] ، وتُوُفّي بأَبِيوَرْد [8] .
285- عليّ بْن الحُسين بْن أَبِي نزار [9] .
الشَّيْخ أبو المعالي المردستيّ.
أحد الرؤساء ببغداد.
سمع في الكهولة من: أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
عاش تسعين سنة.
286- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن هارون بْن عيسى بن هارون بن الجرّاح [10]
__________
[1] في معجم الأدباء، والخريدة: «فتتّضح» .
[2] في الخريدة: «وتفتضح» ، والمثبت يتفق مع: معجم الأدباء، ونكت الهميان.
[3] في المصادر: «فيهم» .
[4] معجم الأدباء 12/ 198، 199، الخريدة 1/ 127، نكت الهميان 202.
[5] انظر عن (هبة الله) في: الخريدة 1/ 132- 134، والكامل في التاريخ 10/ 397.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] في الأصل: «النصروي» . والمثبت عن (الأنساب 12/ 91) : بفتح النون وسكون الصاد المهملة والراء المضمومة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه، وهو في أجداد المنتسب.
[8] أبيورد: بلدة من بلاد خراسان.
[9] لم أجد مصدر ترجمته.
[10] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: المنتظم 9/ 140، 141 رقم 224 وفيه «هرمز» بدل

(34/263)


الرئيس أبو الخطّاب الشّافعيّ، الكاتب، البغداديّ، المقرئ، النَّحْويّ.
كَانَ حَسَن الإقراء والأخذ. ختم عَلَيْهِ خلْق. وصنَّف منظومة في القراءات [1] .
سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، ومُحَمَّد بْن عُمَر بْن بُكَيْر النّجّار، وغيرهما.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وعمر المَغَازليّ، والسلفي، وخطيب المَوْصِل، وجماعة.
وذكره السِّلَفيّ فقال: إمام في اللغة، وشعره في أعلى درجة، وخطه من أحسن الخطوط، والقول يتسع في فضائله، وكان يصلّي بأمير المؤمنين المستظهر باللَّه التّراويح.
وقال غيره: وُلِد سنة تسع أو عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في العشرين من شهر ذي الحجّة سنة سبْعٍ.
287- عيسى بْن الحافظ أَبِي ذَرّ عَبْد بْن أحمد [2] .
أبو مكتوم الْأَنْصَارِيّ الهَرَوِيّ، ثمّ السَّرَوِيّ [3] .
تزوج أبو ذَرّ في العرب في سروات بُنيّ شَبَابةُ، وسكن هناك مدّة، ووُلِد لَهُ أبو مكتوم في حدود سنة خمس عشرة وأربعمائة.
سمع من أَبِي عَبْد اللَّه الصَّنعانيّ صاحب «التقوي» جملة من «مُسْنِد عَبْد الرّزّاق» .
وسمع من أَبِيهِ «صحيح الْبُخَارِيّ» ، وكتاب «الدّعوات» لأبيه، وغير ذلك.
__________
[ () ] ( «هارون» (17/ 88 رقم 3746) ، وإنباه الرواة 2/ 289، 290، وسير أعلام النبلاء 19/ 172، 173 رقم 95، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1586، والإعلام بوفيات الأعلام 204، والعبر 3/ 348، ومعرفة القراء الكبار 1/ 456، 457 رقم 398، وتلخيص ابن مكتوم (مخطوط) ، ورقة 142، وعيون التواريخ (مخطوط) ج 13/ 126، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 418، وغاية النهاية 1/ 548، 549، وشذرات الذهب 3/ 406، ومعجم المؤلفين 7/ 121.
[1] في المنتظم: صنّف قصيدتين في القراءات، وسمّى إحداهما بالمكملة، والأخرى بالمبعدة.
[2] انظر عن (عيسى بن أبي ذرّ) في: المعين في طبقات المحدّثين 145 رقم 1555، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 171، 172 رقم 94، والعبر 3/ 34، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 126، ومرآة الجنان 3/ 160، وشذرات الذهب 3/ 406.
[3] السّروي: بفتح السين المهملة والراء، وقد قيل بسكون الراء أيضا. (الأنساب 7/ 75) .

(34/264)


روى عَنْهُ «الصحيح» جماعة، منهم: أبو التوفيق مسعود بْن سعيد الأندلسي، وأبو عُبَيْد نعمة بْن زيادة اللَّه الغِفَارِيّ، وعليّ بْن حُمَيْد بْن عمار المكي.
وروى عَنْهُ بالإجازة أبو طاهر السِّلَفيّ.
أَخْبَرَنَا عَبْد المؤمن الحافظ قَالَ: قرأتُ على ابن رواج: أخبركم السِّلَفيّ قَالَ: قد اجتمعنا أَنَا وأبو مكتوم بن أبي ذَرّ في عرفات سنة سبْعٍ وتسعين لمّا حَجَجْت مَعَ والدي، فقال لي الْإِمَام أبو بَكْر مُحَمَّد بْن السّمعانيّ: اذهب بنا إِلَيْهِ نقرأ عليه شيئا.
فقلت: هذا الموضع موضع عبادة، فإذا دخلنا إلى مكّة نسمع عَلَيْهِ، ونجعله من شيوخ الحرم. فاستصوب ذَلِكَ.
وقد كَانَ ميمون بْن ياسين الصنهاجيّ من أمراء المرابطين رغب في السماع منه بمكّة، واستقدمه من سراة بُنيّ شَبَابةُ، واشترى منه «صحيح الْبُخَارِيّ» أصل أَبِيهِ الّذي سمعه منه بجملةٍ كبيرة، وسمعه عَلَيْهِ في عدّة أشهر، قبل وصول الحجيج. فلمّا حجّ ورجع من عرفات إلى مكّة رحل إلى السّراة مَعَ النَّفَر الأوَّل من أهل النَّفَر.
قلت: وانقطع خبره من هذا الوقت. ورواية «الصّحيح» في وقتنا من طريقه حسنة عالية. رواه جماعة عَنْ أمّ حرميّ، عَن ابن عمّار، عَنْهُ.
- حرف الميم-
288- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور [1] .
أبو منصور بن أبي الحُسين البزّاز.
سمع: أَبَاهُ، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وابنه أبو بَكْر عَبْد اللَّه.
وقال السِّلَفيّ: لم يكن بذاك، ولكنه سمع الكثير، وكان ابنه أبو بَكْر يسمع معنا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/265)


289- محمد بن عبد الله بن محمد [1] .
أبو المفضل البغداديّ، النّاقد السِّمْسار.
سمع: ابن غَيْلان، وأبا منصور محمد بن محمد ابن السّوّاق.
وعنه: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، والسلفي.
وكان شيعيًّا.
مات في المحرَّم.
290- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عَبْد العزيز [2] .
أبو مطيع المديني، صاحب «الأمالي» المشهورة.
نسبه عَبْد الرحيم بن أبي الوفا الأصبهاني فقال: مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحمد بْن زكريّا.
قلت: وبعد زكريّا أحمد بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن اللَّيْث بْن الضب بْن عَوْف الضَّبّيّ المجلد الناسخ المصاحف المعروف بالمصريّ.
مُسْنِد أهل إصبهان. عاش بضعًا وتسعين سنة، وتفرّد بالرّواية عَنْ جماعة.
سمع من: الحافظ أحمد بْن موسى بْن مَرْدَوَيْه ثلاث مجالس، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبي منصور مَعْمَر بْن أحمد بْن زياد الصُّوفيّ، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَقِيل الباوَرْديّ، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الإكماليّ، والفضل بْن عُبَيْد اللَّه، وأبي بَكْر بْن أَبِي عليّ، وأبي زُرْعة رَوْح بْن مجد الرّازيّ، والحافظ أَبِي نُعَيْم، وجماعة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو طاهر السلفي، ومُحَمَّد بْن مَعْمَر اللنبانيّ، وأبو حنيفة مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الخطيبيّ، وأحمد بْن ينال التُّرْكيّ، وعبد اللَّه بْن أحمد أبو الفتح الخِرَقيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عليّ الأصبهانيّ
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: المعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1587، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 176، 177 رقم 98، ودول الإسلام 2/ 27، والعبر 3/ 348، 349، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 126، والوافي بالوفيات 4/ 67، وشذرات الذهب 3/ 407.

(34/266)


المقرئ، وعُمَر بْن أَبِي سَعْد، وخلق من الأصبهانيين.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَرَّاءِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو حَنِيفَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَاضِي، أَنَا أَبُو مُطِيعٍ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحُصْرِيُّ: نبا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، أَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَامِرٍ، هُوَ الشَّعْبِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ» ، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: «الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ حُصَيْنٍ [1] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا مُعَمّرًا، أديبًا، فاضلًا.
291- مُحَمَّد بْن فرج [2] .
أبو عَبْد اللَّه مولى مُحَمَّد بْن يحيى، المعروف بابن الطَّلّاع القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ، مفتي الأندلس ومُسْنِدها في الحديث.
وُلِد في سلخ ذي القعدة سنة أربع وأربعمائة [3] .
ذكره ابن بَشْكُوَال [4] فقال: بقيّة الشّيوخ الأكابر في وقته، وزعيم المفتين بحضرته.
روى عَنْ: يونس بْن عَبْد اللَّه القاضي، ومكّيّ بْن أبي طالب، وأبي
__________
[1] أخرجه البخاري في الجهاد (2850) باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وفي فرض الخمس (3119) ، ومسلم في الإمارة (99) ، وأخرج البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، والدارميّ، وأحمد. هذا الحديث من طرق عدّة.
[2] انظر عن (محمد بن فرج) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 564، 565 رقم 1239، وبغية الملتمس للضبّي 123، والمغرب في حلى المغرب 165، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1588، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 199- 202 رقم 121، والعبر 3/ 349، ودول الإسلام 2/ 27، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 126، ومرآة الجنان 3/ 160، والوافي بالوفيات 4/ 318، 319، والوفيات لابن قنفذ 264 رقم 498، والديباج المذهب 2/ 242، 243، وكشف الظنون 137، وشذرات الذهب 3/ 407، وإيضاح المكنون 2/ 270، وهدية العارفين 2/ 78، وشجرة النور الزكية 1/ 123، ومعجم المؤلفين 11/ 123، 124.
[3] الصلة 2/ 564.
[4] في الصلة 2/ 564.

(34/267)


عَبْد اللَّه بْن عابد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عليّ الحدّاد الأندلسيّ، وابن عَمْرو المرشانيّ، ومعاوية بْن مُحَمَّد العُقَيْليّ، وأبي عُمَر بْن القطّان.
قَالَ: وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفقه، حاذقًا بالفتوى، مقدَّمًا في الشُّورَى، مقدَّمًا في عِلَل الشُّرُوط، مشاركًا في أشياء، مَعَ دِينٍ وخير وفضل، وطول صلاة، قوالًا بالحقّ وإن أُوذِيَ فيه، لا تأخذه في اللَّه لومةُ لائم، معظَّمًا عند الخاصّة، والعامّة يعرفون لَهُ حقه. ولي الصّلاة بُقْرطُبة، وكان مجودًا لكتاب اللَّه. أفتى النّاس بالجامع، وأسمع الحديث، وعمّر حتّى سمع منه الكبار والصغار، وصارت الرّحْلة إليه. ألف كتابا حسنا في أحكام النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأته عَلَى أَبِي رحمه اللَّه عَنْهُ. وتُوُفّي لثلاث عشرة ليلة خَلَت من رجب، وشهده جَمْعٌ عظيم.
وقال القاضي عِيَاض: كَانَ صالحًا قوالًا بالحق، شديدًا عَلَى أهل البِدَع، غير هَيُوبٍ للأمراء، شوور عند موت ابن القطّان، إلى أنّ دخل المرابطون فأسقطوه من الفُتْيا لتعصُّبه عليهم، فلم يُسْتَفْت إلى أنّ مات.
سمع منه عالمٌ كثير، ورحل النّاس إِلَيْهِ من كلّ قُطْر لسماع «المُوَطّأ» ولسماع «المدوَّنة» لعُلُوّة في ذَلِكَ.
وحدَّثَ عَنْهُ أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وقال في مشيخته الّتي خرّجها لَهُ عِيَاض:
سمع يونس بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث، وحمل عنه «الموطّأ» و «سنن النَّسَائيّ» . وكان أسند من بقي، صحيحًا، فاضلًا، عنده بَلَهٌ تامّ بأمر دُنْياه وغَفْلَة. ويؤثر عَنْهُ في ذَلِكَ طرائف. وكان شديدًا عَلَى أهل البدع، مُجانبًا لمن يخوض في غير الحديث.
وروى الْيَسَع بْن حَزْم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابن الطّلّاع في بستانه، فإذا بالمعتمد بْن عَبّاد يجتاز من قصره، فرأى ابن الطّلّاع، فنزل عَنْ مركوبه، وسأل دُعاءه وتذمّم وتضرّع، ونذر وتبرَّع، فقال لَهُ: يا مُحَمَّد انتبه من غفلتك وسِنَتِك.
قلت: وآخر من روى عَنْهُ عَلَى كثرتهم: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ اللّبليّ نزيل مرّاكش، وبقي إلى سنة سبعين وخمسمائة.

(34/268)


وقد أجاز لنا رواية «المُوَطّأ» أبو مُحَمَّد بْن هارون الطّائيّ قَالَ: ثنا القاسم أحمد بْن بَقِيّ قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن عَبْد الحقّ الخزرجيّ القُرْطُبيّ قَالَ: ثنا ابن الطّلّاع بإسناده.
وروى عَنْهُ: عليّ بْن حُنَيْن، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل كتاب «المُوَطّأ» ، وهما من شيوخ ابن دِحْيَة.
292- المؤمَّل بْن أحمد بْن المؤمَّل [1] .
أبو البركات المصِّيصيّ الدّمشقيّ.
سمع: ابن سلْوان، ورشأ بْن نظيف، والأهوازيّ.
سمع منه: أبو مُحَمَّد بْن صابر وقال: كَانَ يكذب في انتمائه إلى عثمان رضي الله عنه [2] .
- حرف الياء-
293- يزيد [3] .
مولى المعتصم باللَّه مُحَمَّد بْن مَعْن بْن صُمَادح. أبو خَالِد، من أهل المَرِية.
روى الكثير عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: روى عَنْهُ غير واحدٍ من شيوخنا، وكان معتنيا بالأثر وسماعه، ثقة في روايته. وكان مقرئًا فاضلًا.
تُوُفّي في المحرَّم.
قلت: روى عَنْهُ: أبو العبّاس بْن العريف الزّاهد، وأبو العبّاس أحمد بْن عبد الرحمن بن عاصم الثّقفيّ.
__________
[1] انظر عن (المؤمّل بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 28 رقم 22، ولسان الميزان 6/ 137 رقم 473.
[2] وهو ولد سنة 427 بدمشق، وحدّث في سنة 487 هـ.
[3] انظر عن (يزيد مولى المعتصم باللَّه) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 690، 691 رقم 1525.

(34/269)


سنة ثمان وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
294- أحمد بن الحسين بن محمد بْن إِبْرَاهِيم [1] .
أبو طَالِب الْبَصْرِيّ، ثمّ البغداديّ الكَرْخيّ الخبّاز.
شيخ عامي صحيح السَّماع.
سمع سنة إحدى وعشرين وأربعمائة من عَبْد المُلْك بْن بِشْران.
وتُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
وهو من شيوخ السِّلَفيّ في البشْرانيّات.
295- أحمد بْن خَلَف بْن عَبْد المُلْك بْن غالب [2] .
أبو جعفر بْن القَلَعيّ [3] ، من أهل غَرْناطة.
روى عَنْ: حاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتّاب، وجماعة.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ ثقة صدوقًا. أخذ النّاس عَنْهُ، وتُوُفّي في ربيع الآخر.
296- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد الخطيب [4] .
أبو منصور الهاشْميّ المعروف بابن الدبخ الكوفيّ.
سمع: مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ، ومُحَمَّد بْن فَدُّوَيْه.
وعنه: المبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وأبو طاهر السّلفيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 72 رقم 157.
[3] في الصلة: «القليعي» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/270)


تُوُفّي في ذي الحجّة.
297- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد [1] .
أبو منصور الخراساني الخوجاني [2] الواعظ.
قدِم بغداد في هذا العام.
وروى عَنْ: أَبِي عثمان الصّابونيّ.
سمع منه: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وغيرهما.
298- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن [3] .
الحافظ أبو عليّ البَرَدَانيّ [4] البغداديّ.
وُلِد سنة ستّ وعشرين وأربعمائة، وأوّل سماعه في سنة ثلاثٍ وثلاثين من أَبِي طَالِب العشاريّ.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ أحد المتميّزين في صنعة الحديث وأحد حفاظه، خرّج لنفسه وللشّيوخ، وكتب الكثير. وكان ثقة صالحًا [5] .
سمع: عَبْد العزيز بْن عليّ الأَزَجيّ، وأبا الحسن القزوينيّ، وأبا طالب بن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الخوجاني: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى خوجان، وهي قصبة استوا بنواحي نيسابور. (الأنساب 5/ 202) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد البرداني) في: الأنساب 2/ 136، والمنتظم 9/ 144 رقم 227 (17/ 92 رقم 3749) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 72، وطبقات الحنابلة 2/ 253 رقم 694، واللباب 1/ 135، والكامل في التاريخ 10/ 396، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1589، والعبر 3/ 350، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وتذكرة الحفاظ 4/ 1232، وسير أعلام النبلاء 19/ 219- 222 رقم 136، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 67، 68، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، والوافي بالوفيات 7/ 322، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 94، 95 رقم 45، ومرآة الجنان 3/ 160، وتبصير المنتبه 1/ 137، وشذرات الذهب 3/ 408.
[4] تحرّفت في (مرآة الجنان) إلى: «البوراني» . و «البرداني» : بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[5] وقال ابن السمعاني في (الأنساب) : «كان حافظا ثقة صدوقا خيّرا ثبتا، طلب الحديث بنفسه، كان مكثرا حسن الخط، كان صحيح النقل والسماع، كثير الضبط» .

(34/271)


غَيْلان، وأبا إِسْحَاق البَرْمكيّ، وأبا مُحَمَّد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، وأبا بَكْر الخطيب، وطبقتهم.
وكان حنبليا، واستملى لأبي يَعْلَى [1] .
حَدَّثَنَا عَنْهُ: إسماعيل بْن مُحَمَّد الحافظ.
قلت: وقد جمع مجلدًا في «المقامات النبوية» ، انتخبه السِّلَفيّ، وسمعه منه، وهو ممّا يروى اليوم بعُلُوّ بالنسبة إِلَيْهِ.
تُوُفّي في حادي وعشرين شوّال.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ أبو عليّ أحفظ وأعرف من شُجاع الذُّهْليّ. وكان ثقة ثَبْتًا. لَهُ مصنَّفات.
قَالَ: وكانا حنبَليَّيْن.
قلت: وروى عَنْهُ: عليّ بْن طراد الوزير، وأحمد بْن المقرّب، وجماعة.
قرات بخط أبي عليّ: أَنْبَأَ عثمان بْن مُحَمَّد بْن دُوست العلّاف إجازةً كتبها لي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وفيها مات، أَنَا أبو بَكْر الشّافعيّ، فذكر حديثًا.
وقد سأله السِّلَفيّ في كرّاسٍ عَنْ جماعة من الرجال، فأجابه جواب عارفٍ محقِّق [2] .
299- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُوسَى بْن مَرْدُوَيْه بْن فُورَك بْن موسى [3] .
أبو بَكْر سِبْط الحافظ أَبِي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه الحافظ [4] .
__________
[1] طبقات الحنابلة 2/ 253، الأنساب 2/ 136.
[2] وقال ابن الجوزي: «واستملى خلقا كثيرا، وكتب الكثير، وسمع الكثير، وأول سماعه في سنة ثلاث وثلاثين عن أبي طالب العشاري، وكان ثقة، ثبتا، صالحا» . (المنتظم) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد) في: التحبير 2/ 9، والعبر 3/ 350، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1590، وسير أعلام النبلاء 19/ 207، 208 رقم 126، وتذكرة الحفاظ 4/ 1212، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، وطبقات الحفاظ 445، 446، وشذرات الذهب 3/ 408.
[4] جاء في الأصل: «مردويه الغيذ بمعجمة الحافظ» . ومن الواضح أنّ كلمتي «الغيذ بمعجمة»

(34/272)


سمع: أبا منصور محمد بْن سلمان الوكيل، وعُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن الهَيْثَم الواعظ، وغلام محسن، والحسين بْن إِبْرَاهِيم الحمّال، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن قُولُوَيْه التّاجر، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم الثَّقْفيّ الواعظ، وجماعة.
قَالَ السِّلَفيّ: كتبنا عَنْهُ كثيرًا، وكان ثقة جليلًا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُتُب الحافظ.
قلت: روى عَنْهُ: أبو رُشَيْد إسماعيل بْن غانم، وعدّة.
تُوُفّي بسُوذَرْجان، إحدى قرى إصبهان.
قَالَ يحيى بْن مَنْدَهْ: وُلِد سنة تسع وأربعمائة، وكان كثير السَّماع، واسع الرّواية.
قلت: بقي حفيده عليّ بْن عَبْد الصَّمد إلى سنة 57 يحدِّث عَن الثَّقْفيّ.
أمّا هُوَ فرأيت لَهُ «طُرُق طلب العِلم» تذكّر [1] عَلَى معرفته وحِفْظَه، لم يلحق الأخذ عَنْ جَدّه.
- حرف الباء-
300- بركياروق [2] .
__________
[ () ] مقحمتان على الأصل.
[1] في سير أعلام النبلاء 19/ 207: «يدلّ» .
[2] انظر عن (بركياروق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 362، و (تحقيق سويم) 28، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 147، والمنتظم 9/ 144 رقم 229 (17/ 93 رقم 3751) ، والمناقب المزيدية 425، 427، 429، 431، وزبدة التواريخ للحسيني 165، وتاريخ دولة آل سلجوق 87، 88، والكامل في التاريخ 10/ 380، 381، والتاريخ الباهر 16، وتاريخ الزمان لابن العبري 127، وتاريخ مختصر الدول، له 197، 198، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 ق 4/ 819 رقم 3110 وفيه وفاته سنة 294 هـ.، ونهاية الأرب 23/ 257 و 26/ 355، 356، والمختصر في أخبار البشر 2/ 218، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 13، ووفيات الأعيان 1/ 268، 269، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 101، 103، 109، 116، 117، 138، 144، 338، 340، 349، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 195، 196، ودول الإسلام 2/ 27، والعبر 3/ 349، 350، وتاريخ ابن الوردي 2/ 26، 27، وعيون التواريخ (مخطوط)

(34/273)


السُّلطان أبو المظفّر رُكْن الدين ابن السّلطان الكبير ملك شاه بْن ألْب أرسلان [1] بْن دَاوُد بْن ميكائيل بْن سلْجُوق بْن دُقَاق السَّلْجوقيّ ويُلَقَّب أيضًا شهاب الدّولة 1.
تملَك بعد موت أَبِيهِ، وكان أَبُوهُ قد ملك ما لم يملكه غيره. وكان السّلطان سَنْجَر نائب أخيه رُكْن الدين عَلَى بلاد خُراسان. وكان ملازمًا للشُّرْب.
بقي في السَّلْطنة اثنتي عشرة سنة، وتُوُفّي ببرُوجِرْد في شهر ربيع الأوَّل، وقُتِل الآخر.
وأمّا أخوه سَنْجَر، فامتدّت أيّامه، وعاش إلى بعد سنة خمسين وخمسمائة.
وبَركيَارُوق بفتح الباء الموحَّدة. تمرّض بأصبهان بالسُّلّ والبواسير، فسار منا في مِحَفَّة طالبًا بغداد، فضعُف في الطريق وعجز. ولمّا احتضر خلع على ولده ملك شاه، وله نحو خمس سنين، وجعله وليَّ عهده بمشورة الأمراء، وحلفوا لَهُ، ومات- وهو ببروجرد، ودُفن بأصبهان في تربة لَهُ. وعاش خمسًا وعشرين سنة، قاسى فيها من الحروب واختلاف الأمور ما لم يُقاسه أحد، واختلفت بِهِ الأحوال ما بين انخفاض وارتفاع، فلمّا قوي أمره، وصار كبير البيت السَّلْجوقيّ أدركته المنية. وكان مَتَى خُطِب لَهُ ببغداد وقع الغلاء، ووقفت المعايش، ومع ذَلِكَ يحبّونه ويختارونه.
وكان فيه حلْم وكَرَم وعقْل وصَفْح، عفا اللَّه عَنْهُ.
- حرف الثاء-
301- ثابت بْن بُنْدار بْن إبراهيم بن بندار [2] .
__________
[ () ] 13/ 138، 139، والوافي بالوفيات 10/ 121، 122، والبداية والنهاية 12/ 164، 165، وتاريخ ابن خلدون 5/ 12، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/ 34، والنجوم الزاهرة 5/ 191، وتاريخ الخلفاء 425، 426، وشذرات الذهب 3/ 407، 408، وأخبار الدول للقرماني 2/ 167، 457، 458، 467، 479.
[1] في الأصل: «رسلان» .
[2] انظر عن (ثابت بن بندار) في: التحبير 1/ 228، والمنتظم 9/ 144 رقم 230 (17/ 93 رقم 3752) ، والتقييد لابن نقطة 224 رقم 267، والكامل في التاريخ 10/ 396، والمعين في

(34/274)


أبو المعالي الدِّيَنَوَريّ الأصل، البغداديّ، المقرئ البقّال.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، ثقة، فاضلًا، واسع الرّواية. أقرأ القرآن، وحدَّثَ بالكثير.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ [1] ، وأبا بكر البرقاني، وأبا علي بن شاذان، وعثمان بْن دُوَسْت، وأبا عليّ بْن دوما.
روى لنا عَنْهُ: ابنه يحيى، وابن السَّمَرْقَنْديّ، وابن ناصر، وعبد الخالق بْن أحمد اليُوسُفيّ، وجماعة كثيرة بمَرْو، وبلْخ، وبُوشَنْج.
وقرأت بخطّ والدي: ثابت ثابت.
وقال عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ: ثقة مأمون.
وقال غيره: كَانَ يُعرف بابن الحمّاميّ، ولد سنة ستّ عشرة وأربعمائة، وقرأ عَلَى: ابن الصقر الكاتب، وأبي تَغْلِب المُلْحَميّ [2] .
قرأ عَلَيْهِ سِبْط الخيّاط، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن شُنَيْف.
وروى عَنْهُ: أبو طاهر السّلفيّ، وأحمد بن المبارك المرقعاتيّ، وأحمد وعُمَر ابنا تيمان المستعمل، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
وحدَّثَ عَنْهُ بالإجازة الفقيه نَصْر المَقْدِسيّ.
- حرف الحاء-
302- الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز [3] .
__________
[ () ] طبقات المحدّثين 146 رقم 1591، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 204، 205 رقم 124، والعبر 3/ 351، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، والوافي بالوفيات 10/ 471، 472، وغاية النهاية 1/ 188، وشذرات الذهب 3/ 408.
[1] الحرفي: بضم الحاء المهملة، وسكون الراء.
[2] الملحمي: بضم الميم، وسكون اللام، وفتح الحاء المهملة، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى الملحم، وهي ثياب تنسج بمرو من الإبريسم قديما. (الأنساب 11/ 465) .
[3] انظر عن (الحسن بن علي الطائي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 138، 139 رقم 317، وإنباه الرواة 1/ 317، وإيضاح المكنون 2/ 548، ومعجم المؤلفين 3/ 262.

(34/275)


أبو بَكْر الطّائيّ المُرْسِي النَّحْويّ، ويُعرف بالفقيه الشّاعر لغلبة الشعر عَلَيْهِ.
روى عن: أَبِي عبد الله بن عتاب، وأبي عمر بن القطّان، وأبي محمد بن المأمونيّ، وأبي بكر ابن صاحب الأحباس، وابن أرفع رأسه.
وجالس أبا الوليد بْن ميقل. وله كتاب «المقنع في النَّحْو» .
تُوُفّي في رمضان، وله ستٍّ وثمانون سنة [1] .
303- الحُسين بْن علي بْن الحُسين [2] .
أبو عَبْد اللَّه الطَّبَريّ الفقيه. نزيل مكة ومحدّثها.
ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة بآمُل طَبَرِسْتان، ورحل نَيْسابور سنة تسعٍ وثلاثين [3] .
سمع «صحيح مُسْلِم» من عَبْد الغافر الفارسيّ، وسمع: عُمَر بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ.
وسمع بمكّة «صحيح الْبُخَارِيّ» من كريمة [4] .
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ حَسَن الفتاوى، تفقّه عَلَى ناصر بْن الحُسين العُمَريّ المَرْوَزِيّ، وصار لَهُ بمكّة أولاد وأعقاب.
قلت: روى عَنْهُ: إسماعيل الحافظ، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو غالب الماوَرْدِيّ [5] ، وأحمد بْن مُحَمَّد العبّاسيّ الْمَكِّيّ، ورَزِين بْن معاوية العبدريّ
__________
[1] وكان مولده في سنة 412 هـ.
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: تبيين كذب المفتري 287، والتقييد لابن نقطة 246 رقم 296، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1592، والإعلام بوفيات الأعلام 205، والعبر 3/ 351، وسير أعلام النبلاء 19/ 203، 204 رقم 123، والمختصر المحتاج إليه للدبيثي 2/ 41 (في ترجمة الحسين بن علي بن صدقة) ، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 135، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 152، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 567- 569، والعقد الثمين 4/ 200- 202، ومرآة الجنان 3/ 160، 161، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 270، 271 رقم 227، وكشف الظنون 1/ 408، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 186، وشذرات الذهب 3/ 408، ومعجم المؤلفين 4/ 29، 30.
[3] التقييد 246.
[4] التقييد 246.
[5] وذكر أبو غالب الماوردي أنه سمع منه في سنة 474 هـ. (التقييد) .

(34/276)


مصنِّف «جامع الأصول» ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن العربيّ القاضي، وأبو الحَجّاج يوسف بْن عَبْد العزيز المَيُورقيّ، ووجيه الشّحّاميّ، وخلق من المغاربة.
قَالَ ابن سكرة في مشيخته التي خرّجها عِيَاض لَهُ: هُوَ شافعي أشْعَريّ جليل.
قَالَ: وبعضهم يكنّيه بأبي عليّ، ويُدْعَى إمام الحرمين، لازم التّدريس لمذهب الشّافعيّ والتّسميع بمكّة نحْوًا من ثلاثين سنة، وكان أسند من بقي في «صحيح مُسْلِم» ، يعني بمكّة، سمعه منه عالم عظيم. وكان من أهل العلم والعبادة. وجرت بينه وبين أَبِي مُحَمَّد هياج بْن عُبَيْد الشّافعيّ وغيره من الحنابلة ممّن يَقُولُ من أصحاب الحديث بالحرف والصَّوت خُطُوب [1] .
وقال هبة اللَّه بْن الأكفانيّ: تُوُفّي بمكّة في العشر الأواخر من شَعْبان.
وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أَنَّهُ انتقل إلى إصبهان، فمات بها.
304- الحُسين بْن مُحَمَّد بن أحمد [2] .
__________
[1] ويعلّق اليافعي على هذا القول بقوله:
«اسمعوا هذا الكلام العجيب كيف جعل أهل السّنّة هم المخالفون لمذهب الأشعريّ، وهذا مما يدلّك على اعتقاده لمذهب الظاهرية الحشوية مع دلائل أخرى متفرقة في كتابه» . (مرآة الجنان 3/ 161) .
[2] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 142- 144، ومعجم البلدان (مادّة جيّان) ، وبغية الملتمس للضّبي 265، رقم 249، والغنية 201، 204، 266، ووفيات الأعيان 2/ 180، والعبر 3/ 351، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1593، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وتذكرة الحفاظ 4/ 1233، وسير أعلام النبلاء 19/ 148- 151 رقم 77، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 135، 136، والوافي بالوافيات 13/ 32 رقم 30، وأزهار الرياض 3/ 149، والبداية والنهاية 12/ 165، ومرآة الجنان 3/ 161، والديباج المذهب 105 وفيه وفاته سنة 429 هـ. وهو خطأ واضح، والمعجم لابن الأبّار 79، وتكملة إكمال الإكمال للصابوني (في المقدّمة) 13، والنجوم الزاهرة 5/ 92، وطبقات الحفاظ 451، وكشف الظنون 88، 470، وفهرس الفهارس للكتاني 2/ 254، والرسالة المستطرفة 118، وشذرات الذهب 3/ 408، والأعلام 2/ 255، ومعجم المؤلفين 4/ 44، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 67.

(34/277)


الحافظ أبو عليّ الغسّانيّ الْجَيَّانيّ [1] . ولم يكن من جَيّان، إنّما نزلها أَبُوهُ في الفِتْية، وأصلهم من الزَّهْراء.
رئيس المحدّثين بُقْرطُبة، بل بالأندلس.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [2] روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد الْجُذَاميّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي شاكر القَبْريّ عَبْد الواحد، وأبي عَبْد اللَّه بن عتاب، وحاتم بن محمد، وأبي عمر بن الحذاء، وسراج بن عبد الله القاضي، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاس العُذْريّ، وجماعة كثيرين [3] سمع منهم وكتب عَنْهُمْ.
وكان من جهابذة المحدّثين وكبار العلماء المسندين، وعني بالحديث وضبْطه، وكان بصيرًا باللُّغة، والإعراب، والغريب، والشِّعْر، والأنساب، جمع من ذَلِكَ كلّه ما لم يجمعه أحدٌ في وقته. ورحل النّاس إليه، وعوّلوا في الرّواية عليه. وجلس لذلك بجامع قُرْطُبَة.
وسمع منه الأعلام، وأنبأ عَنْهُ غير واحد، ووصفوه بالجلالة، والحِفْظ، والنّباهة، والتّواضع، والصّيانة.
قَالَ السهيلي في «الروض» : حدَّثني أبو بَكْر بْن طاهر، عَنْ أَبِي عليّ الغساني، أنّ أبا عُمَر بْن عَبْد البَرّ قَالَ لَهُ: أمانةُ اللَّه في عُنُقِك، مَتَى عبرتَ عَلَى اسمٍ من أسماء الصّحابة لم أذْكُرُه، إلّا أَلْحَقْتَه في كتابي الّذي في الصّحابة [4] .
وقال ابن بَشْكُوَال [5] : قَالَ شيخنا أبو الحَسَن بن مغيث: كان من أكمل من رأيت عِلْمًا بالحديث، ومعرفة بطُرُقُه وحِفْظًا لرجاله. عانى كُتب اللغة، وأكْثَرَ من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرّواية ما لم يجمعه أحد. أدركناه، وصحّح من الكُتُب ما لم يصحّحه غيرُه من الحُفّاظ. كُتُبه حجّة بالغة.
__________
[1] تحرّفت في البداية والنهاية إلى: «الخيالي» . و «الجيّاني» : بفتح الجيم وتشديد الياء المعجمة بنقطتين من تحتها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جيّان، وهي بلدة كبيرة من بلاد الأندلس من المغرب. (الأنساب 3/ 404) .
[2] في الصلة 1/ 142.
[3] في الأصل: «مكثرون» .
[4] اسمه: «الاستيعاب في أسماء الأصحاب» .
[5] في الصلة 1/ 143.

(34/278)


جمع كتابًا في رجال الصّحيحين سمّاهُ «تقييد المُهْمَل وتمييز المُشْكَل» [1] ، وهو كتابٌ حَسَن مفيد، أخذه النّاس عَنْهُ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: وسمعناه عَلَى القاضي أَبِي عَبْد اللَّه بْن الحَجّاج، عَنْهُ، وتُوُفّي ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلةٍ خَلَت من شَعْبان، ومولده في المحرَّم سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
وكان قد لزم داره قبل موته بمدة لزَمانَةٍ لِحقَتْه.
قلت: روى عَنْه: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَكَم الباهليّ شيخ العُمانيّ، والسِّلَفيّ في سماع «تقييد المُهْمَل» ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن إِبْرَاهِيم الْجَيَّانيّ المشهور بالبغداديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو العلاء زهر بْن عَبْد المُلْك الإياديّ، وعَبْد اللَّه بْن أحمد بْن سماك الغَرْناطيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن أَبِي ليلى الْأَنْصَارِيّ الحافظ، ويوسف بْن يَبْقى النَّحْويّ، وخلْق كثير، آخرهم- فيما أرى- وفاةً: مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل التِّنِّيسيّ مُسْنِد مُرّاكش، سمع منه «صحيح مُسْلِم» ، وتُوُفّي في سنة سبعين وخمسمائة.
- حرف السين-
305- سُقْمان، ويقال سُكْمان، بْن أُرْتُق بْن أَكْسَب التُّرْكُمانيّ [2] .
ولي هُوَ وأخوه إيل غازي إمرةَ القُدس الشَريف بعد أبيهما، فقصدهما الأفضل شاهنشاه أمير الجيوش، وأخذه منهما في شوّال سنة إحدى وتسعين، فتوّجها إلى الجزيرة، وأخذا ديار بَكْر، ثمّ تُوُفّي سُقْمان بين طرابُلُس وماردين،
__________
[1] في الأصل: «عيير الشكل» .
[2] انظر عن (سقمان بن أرتق) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370، 1371، وتحقيق سويم 261، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 146، 147، والتاريخ الباهر 16، والكامل في التاريخ 10/ 389، 390، 412، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 104، 139، 140، 346، 347، والأعلاق الخطيرة لابن شدّاد ج 3 ق 2/ 533 و 555، والمختصر في أخبار البشر 2/ 219، والعبر 3/ 351، 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 234، 235 رقم 143، وتاريخ ابن الوردي 2/ 16، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 140، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 22، 23، ومرآة الجنان 3/ 161، والوافي بالوفيات 15/ 287 رقم 406، والنجوم الزاهرة 5/ 188، وشذرات الذهب 3/ 409، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 344، وأخبار الدول 2/ 469، 470.

(34/279)


هِيَ إلي اليوم لذُرِّيّته. وقد ساق صاحب «الكامل» [1] أخباره في أماكن، إلى أنّ ذكر وفاته، فحكى أن ابن عمار [2] طلبه ليكشف عنه الفرنج على مال يعطيه، وأن صاحب دمشق مرض وخاف عَلَى دمشق، فطلبه ليسلّم إِلَيْهِ البلد، فسار إلي دمشق ليملكها، ويتجهز منها لغزو الفرنج، فأخذته الخوانيق، وتُوُفّي بالقريتين، ونُقِل فدُفن بحصن كَيْفا.
قَالَ: وأمّا ملكه ماردين فإنّ صاحب المَوْصِل كَرْبُوقا قصد آمِد، فجاء سُقْمان ليكشف عَنْهَا، فالتقوا، وكان عماد الدين زنكي بْن آقسُنْقُر حينئذٍ صبيًّا مَعَ كَرْبُوقا، فظهر سُقْمان عليهم، فألقى الصَّبيَّ إلى الأرض، وصاح مماليك أَبِيهِ:
قاتِلُوا عَنْ زنكي. فصدقوا حينئذ في القتال، فانهزم سُقْمان، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين، وهي لإنسان مغني للسّلطان بَركيَارُوق، غنّاه مرّةً، فأعطاه ماردين، فمضت زوجة أُرْتُق تسأل لصاحب المَوْصِل أنّ يطلق الشاب من حبس ماردين، فأطلقه، فنزل تحت ماردين، وبقي يفكّر كيف يتملّكها. وكان الأكراد الّذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغني، وأغاروا عَلَى ضياع ماردين، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان، أعني الّذي كان مسجونا بها، إلى صاحبها يَقُولُ: قد صار بيننا مَوَدَّة، وأريد أنّ أُعمِّر بلدك، وأمنع الأكراد منه، وأقيم في الرُّبَض.
فأذِن لَهُ، فبقي يُغِير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة، وهو يكرمهم، ويكسبون معه، إلى أنّ صار ينزل معه أكثرهم، فلمّا عادوا من الغارة أمسكهم وقيَّدهم، وساق إلى القلعة، فنادى أهاليهم: إنّ فتحتم الباب وإلّا ضربت أعناقهم. فامتنعوا، فقتل إنسانًا منهم، فسلّموا القلعة إِلَيْهِ. ثمّ جمع جمعًا، وأغار عَلَى جزيرة ابن عُمَر، فجاء صاحبها جَكَرْمِش، وكان ياقوتي قد مرض، فأصابه سهم فسقط. وجاء جَكَرْمِش، فوقف عَلَيْهِ وهو يجود بنفسه، فبكى عَلَيْهِ، فمضت امرأة أُرْتُق إلى ابنها سُقْمان، وجمعت التُرْكُمان، وطلبت بثأر ابن ابنها، وحاصر سقمان نصيبين.
__________
[1] أي ابن الأثير في الكامل في التاريخ.
[2] هو فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابلس.

(34/280)


وملك ماردين عليّ أخو ياقوتي، ودخل في طاعة صاحب المَوْصِل، وسار إلى خدمته، واستناب بها أميرًا [1] ، فعمل عَلَيْهِ سُقْمان وقال: إنّ ابن أختك يريد أن يسلّم ماردين لجكرمش، فتملكها سُقْمان [2] .
- حرف العين-
306- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن يوسف بْن بشير [3] .
أبو مُحَمَّد المَعَافِريّ القُرْطُبيّ.
من بيت فِقْهٍ وقضاء.
روى عَنْ: حَكَم بْن مُحَمَّد، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن عتاب، وأبي عُمَر بْن الحدّاد.
وكان حَسَن الطّريقة، ذا سَمْتٍ وهَدْيٍ صالح، وله اعتناء بالعِلْم والرّواية.
سمع منه النّاس.
تُوُفّي أبو مُحَمَّد بْن بشير في المحرَّم، وله أربعٌ وثمانون سنة [4] ، ومات معه ابنه عُبَيْد اللَّه قاضي الجماعة.
307- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الْجُنَيْد [5] .
الحاكم أبو نَصْر النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
شيخ صالح.
سمع: أبا الحسن بن عليّ بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ، وأبي سَعْد الصَّيْرفيّ.
وعنه: عَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن الصّفّار، وعبد الخالق بْن زاهر، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
مات في شوّال في عشر التّسعين.
__________
[1] في الأصل: «أمير» .
[2] انظر الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 2/ 554، 555.
[3] انظر عن (عبد الله بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 290 رقم 638.
[4] وكان مولده سنة 414 هـ.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/281)


308- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز [1] .
أبو غالب بْن الدّهّان الطّرائفيّ.
بغداديّ.
سمع: ابن غَيْلان، وغيره.
وعنه: السِّلَفيّ.
وقال شجاع الذُّهْليّ: لا بأس بِهِ.
309- عليّ بْن خَلَف بْن ذي النُّون بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن هُذَيْل [2] .
أبو الحَسَن العَبْسيّ القُرْطُبيّ الإشبيليّ الأصل، المقرئ.
أحد الأعلام والزُّهّاد والأئمّة والأوتاد، أولي العِلْم والعمل.
سمع من: أَبِي مُحَمَّد بْن خَزْرَج.
ورحل فأخذ بمصر عَنْ: أَبِي العبّاس بْن نفيس تلاوة [3] ، وأبي عَبْد اللَّه القُضاعيّ كتاب «الشّهاب» ، وعليه يعوَّل النَّاس فيه.
وروى عَنْ: أَبِي مُحَمَّد بْن الوليد الأندلسيّ، والفقيه نَصْر المَقْدِسيّ.
أخذ عَنْهُ: عَبْد الجليل بْن عَبْد العزيز الأُمَويّ، وعبد اللَّه بْن موسى القُرْطُبيّ، ويحيى بْن مُحَمَّد بْن سعادة المقرئ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: [4] كَانَ رحمه اللَّه من جلّة المقرءين، وفضلائهم، وعُلمائهم، وخيارهم. وأقرأ النّاس بالمسجد الجامع بُقْرطُبة، وأسمعهم الحديث. وكان ثقة [5] ، شُهِر بالخير والزهد في الدنيا، والتَّقَلُّل والصّلاح والتّواضع، وشُهِرت إجابة دعوته، وعُلِمَت في غير ما قصّة [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن خلف) في: فهرست ابن خير 435، والصلة لابن بشكوال 2/ 423، 424 رقم 908، وبغية الملتمس 422، ومعرفة القراء الكبار 1/ 460 رقم 401، وغاية النهاية 1/ 541.
[3] في الأصل: «وتلاوة» .
[4] في الصلة 2/ 423.
[5] في الصلة: «كان ثقة فيما رواه، ضابطا لما كتبه» .
[6] وزاد: «ولم يزل طالبا للعلم» .

(34/282)


تُوُفّي لثلاث [1] عشرة تبقّى من جُمَادَى الأولى، وكانت جنازته مشهودة.
ومولده في سنة سبْعٍ عشرة وأربعمائة.
310- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن قُنيْن [2] .
أبو الحَسَن العبْديّ الكوفي الخزّاز [3] .
قدِم في هذه السّنة بغداد، وحدَّثَ بها عَنْ أَبِي طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الصّبّاغ، سمعه في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن السّمعانيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
311- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إسماعيل العراقي [4] .
أبو الحَسَن الشّافعيّ، ويُلَقِّب بقاضي القضاة.
ولي القضاء بطُوس، وتفقه عَلَى: أَبِي مُحَمَّد الْجُوَينيّ.
وسمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان إسماعيل الصّابونيّ، وابن المهتدي باللَّه، وعدة.
روى عنه: أبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ.
تُوُفّي بطوس في أوّل رمضان، وله أربع وثمانون سنة.
312- عيسى بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم [5] .
الواعظ أبو المؤيد [6] الغَزْنَويّ [7] .
كاتب، شاعر، متفنّن، متعصّب للأشعريّ.
__________
[1] في الأصل: «لسابع» .
[2] انظر عن (علي بن محمد الخزّاز) في: المشتبه في الرجال 2/ 538 وفيه بضم القاف، ثم نون.
[3] في الأصل: «الخراز» .
[4] انظر عن (علي العراقي) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 303.
[5] انظر عن (عيسى بن عبد الله) في: المنتظم 9/ 145 رقم 231 (17/ 93 رقم 3753) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 13، 14، والبداية والنهاية 12/ 165.
[6] في البداية والنهاية: «أبو الوليد» .
[7] الغزنوي: بفتح الغين المعجمة والزاي الساكنة المعجمة، وفي آخرها النون المفتوحة. هذه النسبة إلى غزنة، وهي بلدة أول من بلاد الهند. (الأنساب 9/ 142) .

(34/283)


قدِم بغداد ووعظ وحصّل، لَهُ قبولٌ عظيم، ثمّ ذهب، فمات بأسفرايين في هذه السّنة [1] .
- حرف الفاء-
313- الفضل بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل بْن يعقوب [2] .
أبو عَبْد اللَّه بْن أَبِي القاسم بْن الشيخ أَبِي الحُسين بْن القطّان المَتُّوثيّ [3] .
قَالَ السّمعانيّ: هُوَ والد شيخنا هبة اللَّه الشاعر. كَانَ من أولاد المحدّثين، وكان بقية بيته.
سمع: مُحَمَّد بْن عليّ بْن كردي، وأبا طَالِب بْن غَيْلان، وغيرهما.
وروى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الحافظ، ومُحَمَّد بن ناصر، وأبو طاهر السّنجيّ المروزيّ.
__________
[1] وذكره الهمذاني في (الذيل) وقال: كان الغزنوي كاتبا بين يدي عبد الحميد وزير صاحب غزنة، فترك دنيا واسعة، ثم أقبل على العلم، وطاف خراسان وأراد التخلّي والانفراد ليتخلّص من مظالم العباد. وكان حسن الصورة، فقدم بغداد حاجّا، وأقام بها بعد عوده من الحجّ سنة وشهرا، وجلس بها، وحصل له القبول التامّ، وكان مقيما برباط أبي سعد الصوفي، وكان فصيحا، فجلس بجامع القصر، وتاب على يده خلق كثير، ونصر مذهب الأشعري، وكتب عنه مدّة سنة زيادة على خمسة آلاف بيت من الشعر، وأنشدها على الكرسي، ثم سافر عن بغداد في سنة 497 ووصل إلى إسفرائين فمات بها في سنة 498.
قال: وجلس الغزنوي في دار عميد الدولة بن جهير، وكان الوزير سديد الملك أبو المعالي المفضل بن عبد الرزاق حاضرا، وهو يومئذ وزير المستظهر، فقال الغزنوي في كلامه: من شرب مرقة السلطان احترقت شفتاه ولو بعد زمان. قال الله عزّ وجلّ: وَسَكَنْتُمْ في مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ 14: 45 الآية، وأنشد:
سديد الملك سدت وخضت بحرا ... عميق الملح، فاحفظ فيه روحك
وأحي معالم الخيرات واجعل ... لسان الصدق في الدنيا فتوحك
وفي الماضين معتبرا، فاشرح ... مدوحك في السلامة أو جموحك
وقبض على الوزير بعد أيام، فعجب الناس من هذا الاتفاق، ودار عميد الدولة بنيت على الظلم. قلت: والمشهور في الوعّاظ أنّ الغزنويّ الّذي كان يعظ ببغداد هو أبو الحسن علي بن الحسين الغزنوي ووعظ بها ونصر مذهب الأشعري، فلعلّه غزنويّ آخر. (مرآة الزمان) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] المتّوثي: بفتح الميم، وضمّ التاء المثلّثة المشدّدة ثالث الحروف، وفي آخرها الثاء المثلّثة.
هذه النسبة إلى متّوث، وهي بليدة بين قرقوب وكور الأهواز. (الأنساب 11/ 125، 126) .

(34/284)


قلت: وروى عَنْهُ: السِّلَفيّ. وقع لي جزء من طريقه.
ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة. وتُوُفّي لست بقين من ربيع الأوَّل.
314- فِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن شاذي [1] .
أبو الحُسين الشَّعْرانيّ الهَمَذانيّ.
قدم بغداد سنة تسعين حاجًّا.
وحدَّثَ، وسمع: أبا الفضل عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الهَرَوِيّ، وعليّ بْن شُعَيْب القاضي، وأبا منصور أحمد بْن عُمَر، وأبا مسعود البَجَليّ، وأحمد بْن زَنْجَوَيه، ومنصور بْن رامِش، وعليّ بن إبراهيم سخْتام، ومُحَمَّد بْن عيسى محدِّث هَمَذَان، وأحمد بْن عَبْد الواحد بْن شاذي.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ صالحًا، مكثرًا، صدوقًا، من أولاد المحدثين. عُمِّر حتّى انتشرت عَنْهُ الرّواية. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، وأبو طاهر السّنجيّ، وغيرهم.
ولد فيد في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في أواخر ربيع الآخر.
قلت: وممّن روى عَنْهُ: أبو الفتوح الطّائيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ.
مات بهَمَذَان [2] .
- حرف الميم-
315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قَيْداس [3] .
أبو طاهر التّوثيّ الحطّاب، من محلّة التّوثة [4] .
__________
[1] انظر عن (فيد بن عبد الرحمن) في: التحبير 1/ 142، والمشتبه في الرجال 2/ 514.
[2] قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله-: «وقد ذكر السلفي: فيد بن عبد الرحمن الشعراني، وأنه أجاز له من همذان، وقال: لا أعرف له من الرواة سميّا. قلت: قد سمّى ابن ماكولا: حميد بن فيد الخشّاب البغدادي، روى عن الإسماعيلي. وأبو فيد مؤرّج بن عمرو السدوسي، مات سنة 195 (المشتبه) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد التوثي) في: المنتظم 9/ 145 رقم 232 (17/ 94 رقم 3754) ، والمشتبه في الرجال 1/ 102.
[4] التّوثة: محلّة متّصلة بالشونيزية.

(34/285)


سمع: أبا علي بن شاذان، وأبا [1] القاسم الحرفيّ.
وأجاز لَهُ أبو الحُسين بْن بِشْران.
وُلِد سنة عشر وأربعمائة.
وتُوُفّي في المحرَّم.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ.
316- مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام بْن أحمد بْن مُحَمَّد [2] .
الشريف أبو الفضل الْأَنْصَارِيّ البزّار.
كَانَ ثقة صالحًا، من بيت حديث وخير.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا بَكْر البَرْقانيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وأبو المظفَّر يحيى بْن عليّ الخيميّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وخطيب المَوْصِل.
ومات في ربيع الآخر، وَلَهُ أربعٌ وثمانون سنة.
317- مُحَمَّد بْن عليّ بْن الحَسَن بْن أَبِي الصَّقْر [3] .
أبو الحَسَن الواسطيّ الفقيه الشّافعيّ الكاتب.
__________
[1] في الأصل: «أبو» .
[2] انظر عن (محمد بن عبد السلام) في: التحبير 1/ 228، والعبر 3/ 351، والإعلام بوفيات الأعلام 205، ومرآة الجنان 3/ 161، وشذرات الذهب 3/ 309.
[3] انظر عن (ابن أبي الصقر) في: المنتظم 9/ 145 رقم 234 (17/ 94 رقم 3756) ، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 69، 70 رقم 35، وانظر صفحات 49 و 87 و 122، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 8 ق 1/ 14، 15، وخريدة القصر وجريدة العصر ج 4 ق 1/ 315، ومعجم الأدباء 18/ 257- 260، والكامل في التاريخ 10/ 396، 397، ووفيات الأعيان 4/ 450- 452، والمختصر في أخبار البشر 2/ 220، وسير أعلام النبلاء 19/ 238، 239 رقم 146، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 127- 135، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 80 وفيه: «محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عمر» ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 140- 142، والبداية والنهاية 12/ 165، والوافي بالوفيات 4/ 142، 143، والنجوم الزاهرة 5/ 191، وكشف الظنون 818، والأعلام 7/ 163، وديوان الإسلام 3/ 213 رقم 1339، وهدية العارفين 2/ 78، ومعجم المؤلفين 7/ 317.

(34/286)


أحد الشُّعراء، لَهُ ديوان في مجلد، وعاش بضعًا وثمانين سنة [1] .
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وغيره.
تفقّه عَلَى إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وكان يتردّد ما بين واسط وبغداد.
وحدَّثَ عَنْ: عُبَيْد اللَّه بْن القطّان.
روى عَنْهُ: كثير بْن شماليق ناصر أيضًا.
ومن شِعره:
من عارضَ اللَّه في مشيئته ... فما من الدّين عنده خَبَرُ [2]
لا يقدر النّاس [3] باجتهادهم ... إلّا عَلَى ما جرى به القدر [4]
وعمل فيهم أشعارا [5] .
__________
[1] ومولده في سنة 409، ووقع في (معجم البلدان 18/ 260) : «توفي يوم الخميس رابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة» . وهو خطأ. وفي المختصر في أخبار البشر 2/ 220 «كانت ولادته في نحو سنة سبع وأربعمائة» .
[2] الشطر في: معجم الأدباء:
«فما لديه من بطشه خبر»
[3] في معجم الأدباء: «الخلق» .
[4] البيتان في: معجم الأدباء 18/ 257.
[5] وقال خميس الحوزي: واسم أبي الصقر الحسن. كان يقول: أنا من ولد أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير، قدم جدّي مع القاضي يوسف بن يعقوب إلى واسط وكيلا بين يديه فتديّرها. وكان شاعرا مجيدا وكاتبا سديدا، حسن الخط والعقل والمروءة. وكان قد سمع من أبي القاسم كاتب ابن قنطر، وسمعته يقول: كان زوج خالتي. وكان قد رحل إلى بغداد ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي، وعلّق عنه كتبه كلّها، ولما وقعت الفتنة بين الحنابلة والأشعرية كان قائما فيها قاعدا، وعمل في ذلك أشعارا سمّاها «الشافعّيات» رويت عنه وهي مدوّنة في شعره، وبلغ تسعين سنة إلّا شهورا، قال لي: ولدت يوم الأحد ثالث عشر ذي القعدة من سنة تسع وأربعمائة. (سؤالات السلفي 70) وقال ابن الجوزي: ومن أشعاره اللطيفة:
من قال: لي جاه ولي حشمة ... ولي قبول عند مولانا
ولم يعد ذاك ينفع على ... صديقه لا كان من كانا
(المنتظم) والبيتان في: معجم الأدباء 18/ 258، والكامل في التاريخ 10/ 397.
وذكر ياقوت من شعره:
كلّ رزق ترجوه من مخلوق ... يعتريه ضرب من التعويق
وأنا قائل وأستغفر ... الله مقال المجاز لا التحقيق
لست أرضى من فعل إبليس شيئا ... غير ترك السجود للمخلوق

(34/287)


__________
[ () ] وقال:
كلّ أمر إذا تفكّرت فيه ... أو تأمّلته رأيت ظريفا
كنت أمشي على اثنتين قويّا ... صرت أمشي على ثلاث ضعيفا
وحضر عزاء طفل وهو يرتعش من الكبر، فتغامز عليه الحاضرون يشيرون إلى موت الطفل وطول حياته مع هذه السّنّ، ففطن لهم وقال:
إذا دخل الشيخ بين الشباب ... عزاء وقد مات طفل صغير
رأيت اعتراضا على الله إذ ... توفي الصغير وعاش الكبير
فقل لابن شهر وقل لابن دهر ... وما بين ذلك: هذا المصير
وقال أيضا:
علّة سمّيت ثمانين عاما ... منعتني للأصدقاء القياما
فإذا عمّروا تمهّد عذري ... عندهم بالذي ذكرت وقاما
وقال:
ابن أبي الصّقر افتكر ... وقال في حال الكبر
والله لولا بولة ... تحرقني وقت السّحر
لما ذكرت أنّ لي ... ما بين فخذيّ ذكر
وقال:
وحرمة الودّ ما لي عندكم عوض ... لأنّني ليس لي في غيركم غرض
أشتاقكم وبودّي لو يواصلني ... لكم خيال ولكن لست أغتمض
وقد شرطت على صحب صحبتهم ... بأنّ قلبي لكم من دونهم فرضوا
ومن حديثي بكم قالوا: به مرض ... فقلت: لا زال عنّي ذلك المرض
وقال:
ولمّا إلى عشر تسعين صرت ... وما لي إليها أب قبل صارا
تيقّنت أنّي مستبدل ... بداري دارا وبالجار جارا
فتبت إلى الله ممّا مضى ... ولن يدخل الله من تاب ثارا
(معجم الأدباء) .
وقال وهو مما يكتب على فصّ عقيق:
ما كان قبل بكائي يوم بينكم ... فصبّي عقيقا ولا دمعي سجال دما
وإنما من دموعي الآن حمرته ... فانظر إلى لونه والدمع كيف هما
وجاء يوما إلى باب نظام الملك، فمنعه البوّاب، فكتب إلى نظام الملك:
للَّه درّك جنّة ... ... لكن خلف الباب منها مالكا
أنعم بتيسير الحجاب فإنّني ... لاقيت أنواع النكال هنالكا
ما لي أصادف باب دارك جفوة ... وأنا غنيّ راغب عن مالكا
فاستدعاه وقال: إذا كنت غنيّا عن مالنا فإنك غنيّ عنّا. فقال: كلانا شافعيّ المذهب، وإنما أتيتك لمذهبك لا لذهبك. وكان قد أسنّ يعتذر إلى أصدقائه حيث لم يقدر على القيام لهم، فقال هذه الأبيات:

(34/288)


318- مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن عليّ بْن وليد [1] .
أبو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ الطَّلْبيريّ [2] ، قاضي غرناطة.
روى عَنْ: أَبِي جعفر بْن مغيث، والطَّلَمَنْكيّ، وأبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي عُمَر بن سميق، وجماعة.
وكان عالمًا بالرأي والوثائق [3] .
تُوُفّي بمالقة في صَفَر.
319- مُحَمَّد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم [4] .
أبو عَبْد اللَّه الرّشِيديّ النَّيْسابوريّ الفقيه.
خَدَم أبا عثمان الصّابونيّ، وكان تقيًّا رضِيّ الأخلاق، منفقًا عَلَى أهل العلم.
سمع ببغداد من: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان، ويحتمل أنّه سمع من أصحاب
__________
[ () ]
علّة سمّيت ثمانين عاما ... منعتني للأصدقاء القياما
فإذا عمروا تمهّد عذري ... عندهم بالذي ذكرت قياما
وقال:
إذا ما مرّ يوم بعد يوم ... ووجهي ماؤه فيه مصون
وقوتي قرصتان إلى ثلاث ... بها ملح يكون ولا يكون
وسرّي آمن وأنا معافى ... وليس علي في الدنيا ديون
فما أشكو الزمان فإن شكوت الزّمان ... فإنّه مني جنون
(مرآة الزمان) .
ومن شعره أيضا:
يا سائلي عن حالتي ... خذ شرحها ملخّصا
قد صرت بعد قوّة ... تفضّ أفلاذ الحصى
أمشي على ثلاثة ... أجود ما فيها العصا
(وفيات الأعيان 4/ 451) .
[1] انظر عن (محمد بن فتّوح) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 565 رقم 1241.
[2] الطّلبيريّ: بفتح أوله وثانيه وكسر الباء الموحّدة ثم ياء مثنّاة من تحت ساكنة، وراء مهملة.
نسبة إلى مدينة بالأندلس من أعمال طليطلة كبيرة قديمة البناء على نهر تاجه، بضم الجيم.
(معجم البلدان 4/ 37) .
[3] وزاد ابن بشكوال: «متقدّما في علم الأحكام» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/289)


الأصمّ، فإنّه أدرَّ لهم. وأملى مجالس.
وتُوُفّي في شوّال وله سبْعٍ وثمانون سنة.
وقد سمع من أَبِي سَعْد فضل اللَّه المِيهَنيّ.
روى عَنْهُ: أبو البركات بْن الفُرَاويّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ، وعُمَر بْن أحمد الصّفّار، وأبو نَصْر أحمد بْن عَبْد الوهّاب، وجماعة.
320- مُحَمَّد بن محمد بن محمد بن الطيب [1] .
أبو الفضل ابن الصّبّاغ البزّار.
سمع: ابن دُوَسْت العلّاف، وأبا القاسم بْن بِشْران.
وعنه: سِبْط الحناط، وابن ناصر، والسِّلَفيّ.
مات في صَفَر.
- حرف النون-
321- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان [2] أبو عليّ الخُشْناميّ [3] النَّيْسابوريّ.
ثقة صالح. قاله أبو سَعْد السّمعانيّ [4] .
سمع: أبا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبا بَكْر الحِيّري، وعليّ بْن أحمد بْن عَبْدان، وأبا سَعِيد الصَّيْرفيّ.
وصار مُسْنِد خُراسان. وطال عُمره، وما أراه يروي عن السّلميّ إلّا
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (نصر الله بن أحمد) في: الأنساب 5/ 131، والتحبير في المعجم الكبير (انظر فهرس الأعلام) 2/ 572، والسياق (مخطوط) ورقة 93 أ، والمنتخب من السياق 468 رقم 1596، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 93 أ، والتقييد لابن نقطة 467، 468 رقم 629، واللباب 1/ 447، والعبر 3/ 352، وسير أعلام النبلاء 19/ 167، 168 رقم 91، والمعين في طبقات المحدّثين 146 رقم 1594، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 139، 140، وشذرات الذهب 3/ 409.
[3] الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون، وفي آخرها الميم.
[4] وزاد: «معمّر مكثر مسند ... وأدركت من أصحابه أكثر من عشرين نفسا» . (الأنساب 5/ 131) .

(34/290)


حُضورًا، فإن السّمعانيّ قَالَ: وُلِد في رمضان سنة تسع وأربعمائة [1] .
قَالَ: وتُوُفّي في شَعْبان. روى لنا عَنْهُ خلق.
قلت: وقع لنا حديثه في جزء الفَلكَيّ.
وروى عَنْهُ: حفيده مسعود بْن أحمد، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ، وعبد الخالق بْن زاهر، وعُمَر بْن الصّفّار، وخلْق [2] .
322- نَصْر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن أحمد [3] .
أبو المكارم الوكيل، شيخ بغداد.
سمع من: القاضيَيْن: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي يَعْلَى بْن الفُرَاويّ.
عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الوفاء أحمد بْن مُحَمَّد بْن الحُصَيْن.
تُوُفّي في المحرَّم.
- حرف الهاء-
323- هبة اللَّه بْن الحَسَن بْن عليّ [4] .
الكاتب تاج الرؤساء أبو نَصْر ابن أخت أمين الدّولة بْن المُوصلايا، وقد أسلما معًا.
لأبي نَصْر رسائل مدوّنة، وعاش سبعين سنة.
__________
[1] وأرّخ عبد الغافر ولادته بها. (المنتخب 468) وكذا ابن السمعاني في (الأنساب 5/ 131) .
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ: أصيل، نبيل، ثقة، مشهور، من بيت العلم والحديث.. عقد له مجلس الإملاء فأملى سنين إلى أن توفي.. وكان رجلا سديدا صالحا مشتغلا بنفسه وبالدهقنة وحضور مجالس الخير، وكان من المختصّين بشيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني وخدمته وصحبته الأعزّة.
وقرأت من خطّهم أنّ السبب في أنّه سمّي نصر الله أنه لما قربت ولادته وكانت أمّه في الطّلق فزع أبوه إلى المصحف وتضرّع إلى الله تعالى في تسهيل ما كانت فيه أن نصر الله قريب، فولد أبو علي في الحال، فسمّوه نصر الله، وعلى الجملة كان من صالحي الرجال من أهل البيوتات.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (هبة الله بن الحسن) في: خريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 1/ 132- 134، ووفيات الأعيان 3/ 480 رقم (140) .

(34/291)


ذكره ابن خَلَّكان: [1] أبو نَصْر بْن الموصلايا صاحب ديوان الإنشاء بدار الخلافة، قُلِّدَ الديوان بعد عمّه أَبِي سَعْد، فبقى نحو سنتين، ومات عَنْ سبعين سنة، وكان يبخل، إلّا أَنَّهُ كَانَ كثير الصدقة، ولم يُخَلِّف وارثًا [2] .
__________
[1] في وفيات الأعيان 3/ 480، وقال: كان فاضلا له معرفة بالأدب والبلاغة والخطّ الحسن، وكان ذا رسائل جيّدة، وهي مدوّنة أيضا ومشهورة.
[2] وقال العماد الأصفهاني: «ربّاه خاله، وكتب بين يديه في ديوان الإنشاء في الأيام القائميّة والمقتدية والمستظهرية. أسلم مع خاله على يد الإمام المقتدي. وكان لما أضرّ خاله، يكتب عنه ما جرت به العادة من الإنهاءات، فلما توفي خاله، ردّ ديوان الإنشاء إليه في الأيام المستظهرية، وخرج في الرسالة إلى السلاطين مرارا وعاد من الرسالة إلى بركياروق- بعد موته- إلى بغداد ... وكان لا يقاربه أحد في الإنشاء والعبارة. ولم يكتب كتابا قطّ فرجع فيه إلى مبيضة وجدت من شعره في الألغاز مقطّعات مستحسنة، فمنها قوله:
ومنكوح إذا ملكته كفّ ... وليس يكون في هذا مراء
له عين تجلّلها ضياء ... فإن كحّلت فبالميل العماء
يظلّ طليقه للوصل هونا ... وللحاشي بزورته احتماء
وقد أوضحته وأبنت عنه ... ففسّره، فقد برح الخفاء
هذا اللغز في الخاتم. وقوله:
وميتة فيها حراك إذا ... قامت على منبرها خاطبه
ساعية في غير منقوعها ... فهي إذن عاملة ناصبة
إن وطئت تحمل من وقتها ... حتى ترى مجذوبة جاذبه
تعرى من اللّبس، وفي جيدها ... قلائد تلفى بها كاسبه
تمدّ غرثاها بريّ إذا ... أضحت بروق للحيا كاذبة
هذه دالية الماء، وما دامت ملقاة فهي كالميتة، فإذا قامت على حائطها الّذي شبّهه بالمنبر صارت ذات حركة، وهي ساعية في نفع غيرها، وإذا وطئت بالأرجل تحمل من وقتها الماء، أو تحمل من يطؤها. (الخريدة) .

(34/292)


سنة تسع وتسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
324- أحمد بْن خَلَف [1] .
أبو عمر الأُمَويّ القُرْطُبيّ المؤدِّب. جوّد القرآن عَلَى أَبِي عَبْد اللَّه الطّرَفيّ المقرئ.
وسمع من حاتم بْن مُحَمَّد.
روى عَنْهُ: القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الحاجّ [2] .
325- أحمد بْن عَبْد المنعم بْن أحمد بْن بُنْدار [3] .
القائد أبو الفضل بْن الكُرَيْديّ.
سمع: أبا القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن الطّبيز، وأحمد بْن مُحَمَّد العَتِيقيّ، وأبا بَكْر أحمد بْن حُرَيْز السَّلَمَاسيّ، وعليّ بْن السِّمْسار.
قَالَ ابن عساكر: ثنا عَنْهُ أبو الحَسَن النّابُلسيّ، وعبد اللَّه بْن خليفة، وغالب بْن أحمد، وأبو الحَسَن بْن مهديّ الهلاليّ، وآخرون.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى بدمشق [4] .
326- أحمد بْن الفضل بْن أَبِي القاسم الأصبهاني [5] .
أبو الفضل القصّار، شيخ صالح.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 72، 73 رقم 158.
[2] وقال ابن بشكوال: «وكان معلّم كتّاب، وصاحب صلاة، حافظا للقرآن مع خير وانقباض» .
[3] انظر عن (أحمد بن عبد المنعم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 159 رقم 186.
[4] وكان مولده سنة 418 هـ.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/293)


سمع: أبا القاسم سِبْط بَحْرُوَيْه.
وبمكّة: سَعْد بْن عليّ، وهَيّاج بْن عَبْد الزّاهد.
تُوُفّي من البرد بطريق مكّة.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
327- أحمد بْن عليّ بْن عَبْد الغفّار [1] .
أبو طاهر البَيِّع البغداديّ.
روى عَنْ أَبِي تمام، عَنْ عليّ بْن مُحَمَّد الواسطيّ، وأبي الحَسَن محمد بْن أحمد بْن الحُسين السُّكّريّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وعبد الخالق بْن يوسف، وعُمَر بْن ظفر المَغَازليّ.
وقد سمع: أبا مُحَمَّد الخلّال، وضاع سماعه.
تُوُفّي في رمضان عَنْ نيف وثمانين سنة.
328- أحمد بْن مُحَمَّد [2] .
أبو بَكْر المَوَازِينيّ الإسكاف، شيخ بغداديّ.
سمع منه: السِّلَفيّ.
توفي في صفر.
- حرف الباء-
329- بدر [3] النشوي [4] .
أبو النجم الصوفي.
سافر الكثير، وصحب المشايخ، وسكن بغداد، وسمع بها من: أَبِي القاسم بن البسري، وأبي نصر الزّينبيّ. وحدّث.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] النّشوي: بفتح النون والشين المعجمة. هذه النسبة إلى نشا، ويقال: نشوى. وهي بلدة متّصلة بأذربيجان وأرمينية، ويقال لها: نخجوان، وهي من أعمال أرّان من بلاد أرمينية، بينها وبين تبريز ستة فراسخ. (الأنساب 12/ 86) .

(34/294)


روى [عَنْهُ] [1] : السِّلَفيّ، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن حبيب بْن العامريّ، ومُحَمَّد بْن عليّ بْن فولاذ الطَّبَريّ. سمعوا منه في هذا العام.
وقال: أَنَا في عشر الثمانين.
330- بنجر بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن عَمُّوَيْه [2] .
أبو الوفاء الزّنْجانيّ [3] ، ثمّ الهَمَذانيّ.
قَالَ شِيرُوَيْه: كهْلٌ، سمع معنا. روى عَنْ: أَبِي الفَرَج البَجَليّ، وعبد الحميد بْن الحَسَن الفُقَاعيّ [4] ، ومُحَمَّد بْن الحُسين، وعامة مشايخنا.
مات في صَفَر، وكان صالحًا متديِّنًا صدوقًا.
- حرف الحاء-
331- الحَسَن بْن أحمد بْن عليّ بْن فتحان [5] بْن منصور بْن عَبْد اللَّه بْن دَلف ابن الأمير أَبِي دُلَف العِجْليّ ابن الشَّهْرَزُوريّ [6] .
العطّار أبو منصور، من ساكني خرابة ابن جرادة.
قرأ القرآن عَلَى: أَبِي نَصْر أحمد بْن مسرور.
وسمع من: أحمد بْن عليّ الثَّوْريّ، وأبي عليّ بْن المذهب، وطائفة.
قرأ عَلَيْهِ ولده شيخ القرّاء المبارك [7] .
__________
[1] إضافة على الأصل.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الزّنجاني: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ أذربيجان من بلاد الجبل، منها يتفرّق القوافل إلى الري وقزوين وهمذان وأصبهان. (الأنساب 6/ 306) .
[4] الفقاعي: بضم الفاء وفتح القاف وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى بيع الفقاع وعمله. (الأنساب 9/ 322) .
[5] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: غاية النهاية 1/ 207 رقم 952 وفيه «فتخان» بالخاء المعجمة.
[6] الشّهرزوري: بفتح الشين المعجمة، وسكون الهاء، وضم الراء والزاي، وفي آخرها راء. هذه النسبة إلى شهرزور وهي بلدة بين الموصل وزنجان، بناها زور بن الضّحّاك، فقيل «شهرزور» يعني: بلدزور. (الأنساب) .
[7] ترجمته في (الأنساب 7/ 420) وقد توفي سنة 550 هـ.

(34/295)


وحدَّثَ عَنْهُ هُوَ، والسِّلَفيّ.
مات في جُمَادَى الآخرة. ذكره ابن النّجّار.
- حرف الدال-
332- دارا بن العلاء بْن أحمد [1] .
أبو الفتح الفارسيّ الكاتب البليغ، ذو النَّظْم النَّضير كاتب السّلطان ملك شاه.
سمع مَعَ نظام المُلْك من: ابن شكْرُوَيْه الأصبهاني، وطائفة.
وأخذ عَنْهُ: السِّلَفيّ، وهزارسْت.
أرّخه [ابن] [2] النّجّار.
- حرف الحاء-
333- الحُسين بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أبو عَبْد اللَّه النَّطَنْزِيّ [4] الأصبهاني، النَّحْويّ، الملقب بذي اللّسانين.
من كبار أئمة العربية.
334- الحُسين بْن سَعْد الآمِديّ [5] .
الأديب.
حدَّثَ بأصبهان عَن ابن غَيْلان، وبها تُوُفّي.
- حرف الخاء-
335- خمارتِكِن [6] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في الجزء المفقود من (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) .
[2] إضافة على الأصل.
[3] تقدّمت ترجمته برقم (274) .
[4] في الأصل: «التطيري» .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] في الأصل: «خمارتن» ، والتصحيح من:
معجم السفر 1/ 233، 234 رقم 117 وصفحة 236 (في ترجمة: خطّاب بن مروان رقم 119) ، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي 1124 رقم 1680.

(34/296)


أبو منصور الجستانيّ [1] ، أمير الحاجّ.
قَالَ السِّلَفيّ: [2] قرأنا عَلَيْهِ بالمدينة النبوية [3] : أخبركم أبو مُحَمَّد الجوهريّ.
تُوُفّي بمراغة [4] في المحرَّم.
- حرف السين-
336- سهل بْن أحمد بْن عليّ [5] .
الحاكم أبو الفتح الأَرْغِيَانيّ [6] الفقيه الشّافعيّ الزّاهد، أحد الأئمة.
تفقّه على القاضي حسين، وأخذ الأصول والتّفسير عَنْ شهفور الإسْفَرائينيّ بطُوس. وأخذ عَنْ أَبِي المعالي الجوينيّ علم الكلام [7] .
__________
[1] لم أقف على هذه النسبة.
[2] في معجم السفر 1/ 233.
[3] بين القبر والمنبر، وقبل ذلك بالكوفة سنة سبع وتسعين وأربعمائة، ولم نجد له عن غير الجوهري شيئا.
[4] من مدن آذربيجان.
[5] انظر عن (سهل بن أحمد) في: الإكمال لابن ماكولا 1/ 576 بالحاشية، وذيل تاريخ نيسابور (مخطوط) 28 ب، والأنساب 1/ 186، والمنتظم 9/ 146 رقم 235 (17/ 96 رقم 3757) ، والمنتخب من السياق 247، 248 رقم 787، ومعجم البلدان 1/ 153، واللباب 1/ 33، 93، والكامل في التاريخ 10/ 415، 416، ووفيات الأعيان 2/ 152، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 169، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) ورقة 190 ب، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 67، والوافي بالوفيات 16/ 13، 14 رقم 17، والبداية والنهاية 12/ 166، والديباج المذهب 1/ 71، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 272 رقم 229، وروضات الجنات 325، وهدية العارفين 1/ 413، والأعلام 3/ 209، ومعجم المؤلفين 4/ 283، وديوان الإسلام 1/ 102 رقم 132.
[6] الأرغياني: بفتح الألف وسكون الراء وكسر الغين المعجمة وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها النون. (الأنساب) .
[7] وزاد عبد الغافر الفارسيّ: «وناظر في مجلسه فارتضى كلامه، وكان شريكه في الأصول الإمام إسماعيل الحكم الطوسي، ثم خرج إلى الحج ولقي المشايخ الذين أدركهم بالعراق والحجاز والجبال، وسمع منهم بعض ما كان معه من مسموعات خراسان.
ولما رجع من مكة دخل على الشيخ العارف الحسن السمناني شيخ شيخ وقته زائرا، فأشار عليه بترك المناظرة والاشتغال بالخلاف، فتركها لإشارته، ولم يناظر بعد ذلك، وترك القضاء باختياره، ولزوم الانزواء. وبنى دويرة بالناصبية للصوفية والمتفقهة من خالص ماله، وبقي

(34/297)


وولى القضاء بناحيته أَرْغِيان، وهي قُرَى كثيرة من أعمال نَيْسابور. ثمّ تعبد وترك القضاء وآوى إلى الخانقاه، ووقف عليها، ولزم العبادة، وصحب الزّاهد حَسَن السِّمْنانيّ [1] .
وله فتاوى مجموعة معروفة بِهِ.
وقد سمع: أبا حفص بْن مسرور، وأبا عثمان الصّابونيّ، وهذه الطبقة فأكثر.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وغيره.
تُوُفّي في يوم النَّحْر [2] .
- حرف العين-
337- عَبْد اللَّه بْن علي بْن إِسْحَاق بْن العبّاس [3] .
أبو القاسم الطُّوسيّ، أخو نظام المُلْك [4] .
قَالَ السّمعانيّ: أحد مشايخ نَيْسابور في عصره، العفيف في نفسه، النّظيف في ملابسه ومجالسه وصلواته، المواظب عَلَى قراءته للقرآن في أكثر أحواله.
دخل نَيْسابور في طلب العلم، وسمع الحديث، وكان من أولاد الدّهاقين، لهم ضيعةٌ موروثة، وكان يتجمّل بها.
__________
[ () ] كذلك على قراءة القرآن، ودوام الصيام، وكثرة العبادة، والاحتياط في الطهارة والنظافة سنين إلى أن توفي على تيقّظ وتقى وحسن حال ودوام مشاهدة وذكر وقراءة.
[1] السّمناني: بكسر السين المهملة، وفتح الميم، والنون. وقد تقدّم التعريف بها في هذه الطبقة.
[2] وقال ابن السمعاني: الأرغياني من قرية بان، إمام فاضل حسن السيرة، وتفقّه على القاضي الحسين بن محمد المروزي وأقام عنده حتى حصّل طريقته، وذكر أنه ما علّق شيئا من المذهب إلّا على الطهارة، ودخل طوس وحصّل التفسير والأصول من شهفور الأسفرائيني، ثم دخل نيسابور وقرأ الكلام على أبي المعالي الجويني، وعاد إلى ناحيته وولي القضاء بها وحمدت سيرته في ولايته، ثم ترك القضاء وانزوى بعد أن حجّ واشتغل بالعبادة ... وأكثر من الحديث.. وكانت ولادته سنة ست وعشرين وأربعمائة. (الأنساب 1/ 186) .
[3] انظر عن (عبد الله بن علي الطوسي) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 206، 207، ومرآة الجنان 3/ 161.
[4] في مرآة الجنان: «أخو نظام الله وعبد الله» .

(34/298)


ثمّ استمرّ بِهِ الحال إلى أن تَرَقّى أمرُ أخيه، فما غير هيئته.
سمع: أبا حسّان مُحَمَّد بْن أحمد المُزَكيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وأبا حفص بْن مسرور.
سمع منه والدي. روى لنا عَنْهُ جماعة. وحدَّثَ ببغداد، ثنا عَنْهُ بها ابن السَّمَرْقَنْديّ.
وكان مولده في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ومات في جُمَادَى الآخرة.
338- عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن الخوّاص البغداديّ [1] .
أبو نَصْر الدّبّاس.
سمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم التّنُوخيّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد، والسِّلَفيّ، وغيرهما.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ مشهورًا بالصلاح، وسماعه صحيح.
339- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد [2] .
أبو مُسْلِم الشِّيرازيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ.
لَهُ عدة مصنَّفات.
قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أفراد الدّهر وأعيان العصر، متفنّنًا، نحويا، لُغَويا، فقيهًا، متكلمًا، شاعرًا. لَهُ مصنَّفات كثيرة. وكان حافظًا للتواريخ. ما رأينا في معناه مثله.
تُوُفّي في ذي الحجة وقد نيّف على التّسعين. حضرت الصّلاة عَلَيْهِ.
340- عليّ بْن الحَسَن بْن عَبْد السّلام [3] بن أبي الحزوّر [4] .
الْأَزْدِيّ الدّمشقيّ، أبو الحَسَن.
سمع: أبا الحَسَن بْن السِّمْسار، ومُحَمَّد بْن عَوْف، وأبا عثمان الصّابونيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: بغية الوعاة 2/ 102 رقم 1548.
[3] انظر عن (علي بن الحسن) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 217 رقم 110.
[4] الحزوّر: بفتح الحاء المهملة والزاي والواو المشدّدة، وآخره راء.

(34/299)


وعنه: الخضر بْن عَبْدان، ونصر بْن أحمد السُّوسيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوَّل [1] . وكان يقرأ عَلَى القبور.
341- عليّ بْن هبة اللَّه بْن حَسَن بْن أَبِي صادق [2] .
أبو سَعْد الحِيّريّ النَّيْسابوريّ.
حدَّثَ في آخر هذه السنة، ولا أعلم مَتَى مات.
سمع: عليّ بْن مُحَمَّد الطّرَازِيّ صاحب الأصمّ، وأبا عُمَر، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الرَّزْجاهيّ [3] ، وأبا عَبْد اللَّه بْن باكُوَيْه، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم المُزَكيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد اللَّه التَّفْتازَانيّ [4] .
342- عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن بن يوسف [5] .
__________
[1] مولده سنة 424، وحدّث سنة 487 هـ.
[2] انظر عن (علي بن هبة الله) في: الأنساب 3/ 65 وفيه: «أبو سعيد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيريّ» ، ومعجم البلدان 2/ 35 وفيه: «أبو سعيد عليّ بن عبد الله بن أبي الحَسَن بن أبي صادق الحيريّ» ، وسير أعلام النبلاء 19/ 224 (دون رقم ودون ترجمة) وفيه أيضا: «أبو سعد علي بن عبد الله بن أبي صادق الحيريّ» .
[3] الرّزجاهي: بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم وفي آخرها الهاء، هذه النسبة إلى رزجاه، وهي قرية من قرى بسطام، وهي مدينة قومس. (الأنساب 6/ 110) .
[4] في الأنساب 3/ 64: «عبيد الله بن إبراهيم التفتازاني» .
و «التفتازاني» بالتاءين المنقوطتين باثنتين من فوقهما وبينهما الفاء والزاي بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى تفتازان وهي قرية قريبة بنواحي نسا في الجبل. (الأنساب 3/ 64) .
[5] انظر عن (علي بن عبد الرحمن) في: صلة الصلة 80، والتكملة لكتاب الصلة، رقم 1838 و 2283، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (السفر الخامس- القسم الأول) 250- 252 رقم 502، وقد طوّل في اسمه ونسبه، فقال: «علي بن عبد الرحمن بن يوسف بن يوسف بن مروان بن يحيى بن الحسين بن أفلح بن قيس بن سعد بن الحسن بن ظريف بن علي بن الحسين بن يحيى بن سعيد بن قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم» كذا نقلت نسبه من خط غير واحد من عقبه، وأرى أن فيه تخليطا، وأنه ليس من ذريّة قيس بن سعد بن عبادة وإنما هو من ذريّة سعيد بن سعد بن عبادة. فقد ذكر أبو محمد بن حزم في «جماهر النسب» (هكذا) أن لسعيد بن سعد هذا عقبا بالأندلس بقرية يقال له قرفلان من عمل سرقسطة من قبل الحسين بن يحيى بن سعيد بن سعد بن عبادة، ولذلك أرى أن إقحام قيس بن سعيد وسعد وهم. والله أعلم.

(34/300)


أبو الحَسَن الْأَنْصَارِيّ العَبّاديّ الطُّلَيْطُليّ، ويُعرف بابن اللّونقه [1] .
روى عَنْ: أَبِي المطرِّف بْن سَلَمَة، وأبي سَعِيد الورّاق، وابن عَبْد البَرّ النمري.
وكان فقيها ورعا، بصيرا بالطّبّ، أخذه عن أبي المطرف بن وافد [2] .
توفي بقرطبة في هذه السنة أو في التي قبلها.
روى [عنه] : [3] ابنه الحسن.
343- عمر بن المبارك بن عمر بن عثمان بن الخرقيّ [4] .
__________
[1] في الأصل: «اللويقة» . وقال المراكشي: وعلي المترجم به الطليطلي، خرج منها قبل تغلّب الروم عليها بيسير، وتجوّل في كثير من بلاد الأندلس وسكن طائفة منها، فنزل بطليوس ثم إشبيلية ثم قرطبة، أبو الحسن اللّونقه، وتفسيره طويل.
[2] وافد: بالفاء. انظر عنه في: طبقات الأمم لصاعد 83، 84، وعيون الأنباء 3/ 79، وكان مسدّد. العلاج وله مجرّبات في الطبّ نافعة أخذت عنه فحمد اختباره إيّاها واختياره.
[3] ساقطة من الأصل.
[4] انظر عن (عمر بن المبارك) في: المنتظم 9/ 146، 147 رقم 236 (17/ 96، 97 رقم 3758) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17، وسير أعلام النبلاء 19/ 224 دون رقم أو ترجمة، وفيه نسبته: «الحرفي» .
وقد اختلطت ترجمة «عمر بن المبارك» بترجمة الّذي بعده «محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرزاق الخياط» ، وذلك في الطبعتين من (المنتظم) ، وفي (مرآة الزمان) .
وأفرد المؤلّف الذهبي- رحمه الله- ترجمة لابن عبد الرزاق الخياط، لشهرته في (سير أعلام النبلاء) ، واكتفى بذكر وفاة «عمر بن المبارك» في هذه السنة دون ترجمة.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إنّ القارئ المتصفّح لترجمة «عمر بن المبارك» لا يتنبّه إلى الخلط الحاصل في ترجمته وترجمة الّذي بعده لأول وهلة، ذلك أنه لم يذكر اسم صاحب الترجمة الثانية «محمد بن أحمد بن علي» ، لا في (المنتظم) بطبعتيه، ولا في (مرآة الزمان) . وكدت أقع في هذا الخلط لولا أنني توقفت عند تاريخ ولادة «عمر بن المبارك» ، و «محمد بن أحمد الخياط» فإذا تاريخ مولد الأول هو سنة 423، ووفاته في نصف جمادى الآخرة 499 مما يعني أنه توفي عن 77 سنة.
وإذا بالثاني ولد سنة 401 وتوفي في شهر المحرّم سنة 499 مما يعني أنه توفي عن 99 سنة.
لهذا زعم أنّ «ابن الجوزي» حين وضع كتابه جمع جذاذاته وفيها ترجمة «عمر بن المبارك» على حدة، و «محمد بن أحمد الخياط» على حدة، وحين باشر بترتيب كتابه سقط منه القسم الأكبر من ترجمة «عمر» ، واسم صاحب الترجمة الثانية «محمد بن أحمد» وبقيت ترجمته، وبهذا تداخلت الترجمتان معا في ترجمة واحدة، ثم جاء سبطه فنقل عنه دون أن يتنبّه لسقوط

(34/301)


أبو الفوارس المحتسب البغدادي.
قال السمعاني: شيخ صالح دين خير. سمع أبا القاسم بْن بِشْران. ثنا عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، وعُمَر المَغَازليّ، ومحمد بن محمد السّنجيّ.
__________
[ () ] اسم «محمد بن أحمد الخياط» والخلط بين الترجمتين.
ونتيجة لسقوط اسم «محمد بن أحمد الخياط» من (المنتظم) و (مرآة الزمان) برغم وجود ترجمته، فإن الشيخ «شعيب الأرنئوط» لم يذكر هذين المصدرين بين مصادر ترجمته في (سير أعلام النبلاء) انظر ج 19/ 22 بالحاشية.
ولتوضيح الخلط الحاصل أجد من الفائدة إثبات النص الوارد في (المنتظم) ثم الوارد في (مرآة الزمان) .
قال في المنتظم:
«عمر بن المبارك بن عمر، أبو الفوارس:
ولد سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وقرأ القرآن، وسمع الحديث من أبي القاسم بن بشران، وأبي منصور السوّاق، وأبي الحسن القزويني، وغيرهم، وأقرأ السنين الطويلة، وختم القرآن عليه ألوف من الناس. وروى الحديث الكثير، فحدّثنا عنه ابن ابنته أبو محمد المقري، وكان من كبار الصالحين الزاهدين المتعبّدين حتى إنه كان له ورد بين العشاءين يقرأ فيه سبعا من القرآن قائما وقاعدا، فلم يقطعه مع علوّ السّنّ. وتوفي ضحى نهار يوم الأربعاء سادس عشر المحرم عن سبع وسبعين ممتّعا بسمعه وبصره وعقله، وأخرج من الغد فصلّى عليه سبطه أبو محمد في جامع القصر، وحضر جنازته ما لا يحدّ من الناس، حتى إن الأشياخ ببغداد كانوا يقولون: ما رأينا جمعا قط هكذا، لا جمع ابن القزويني ولا جمع ابن الفراء، ولا جمع الشريف أبي جعفر، وهذه الجموع التي تناهت إليها الكثرة، وشغل الناس ذلك اليوم وفيما بعده عن المعاش، فلم يقدر أحد من نقاد الباعة في ذلك الأسبوع على تحصيل نقده.
وقال لي أبو محمد سبطه: دخل إليّ رجل بعد رجوعي من قبر جدّي، فقال لي: رأيت مثل هذا الجمع قطّ؟ فقلت: لا، فقال لي: ذاك من ها هنا خرج، يشير إلى المسجد ويأمرني فيه بالاجتهاد.
ورئي أبو منصور (كذا) في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي بتعليم الصبيان فاتحة الكتاب» .
وقال في (مرآة الزمان) :
«وفيها توفي عمر بن المبارك بن عمر أبو الفوارس البغدادي، ولد سنة 413 قرأ القرآن وبرع في علمه وأقرأ الناس سنين كثيرة، وختم عليه ألوف من الناس، وسمع الحديث الكثير، وكان من كبار الصالحين الزهّاد والمتعبّدين، وكان له ورد بين العشاءين يقرأ فيه سبعا دائما لم يقطعه مع علوّ السّنّ، وبلغ سبعا وتسعين سنة ممتّعا بسمعه وبصره وعقله، وكانت وفاته في المحرّم ... » .
ثم ذكر كثرة الخلق في جنازته.
وأعود هنا فأفلت إلى الاختلاف في تواريخ الولادة والوفاة والسّنّ فلتراجع. ثم للمقارنة مع الترجمة التالية.

(34/302)


قلت: وروى عَنْهُ السِّلَفيّ في «البشرانيات» .
تُوُفّي في نصف جُمَادَى الآخرة.
- حرف الميم-
344- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ بْن عَبْد الرّزّاق [1] .
الشَّيْخ أبو منصور الخياط البغداديّ المقرئ الزّاهد.
قَالَ السّمعانيّ: ثقة صالح عابد، يقرئ النّاس ويلقن.
قلت: سمع: أبا القاسم بْن بِشْران، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن الأخضر الفقيه، وعبد الغفار بْن مُحَمَّد المؤدِّب وحدَّثَ عَنْهُ ب «مُسْنِد الحُمَيْديّ» .
وقرأ القرآن عَلَى الشَّيْخ أَبِي نَصْر بْن مسرور المقرئ.
وكان قديم المولد، فلو أَنَّهُ سمع في حدود العشر وأربعمائة، فكان يمكن أنّ يقرأ عَلَى أَبِي الحَسَن الحمّاميّ ولكنّ هذه الأشياء قسمية.
روى عَنْهُ جماعة منهم: سِبْطاه أبو عَبْد اللَّه الحُسين، والمقرئ الكبير أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه شيخنا الكِنْديّ، وابن ناصر، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وسعد اللَّه بْن الدّجاجي، وأحمد البَاجِسْرَائيّ.
قَالَ السّمعانيّ: كَانَ لَهُ ورد بين العشائين، يقرأ فيه سبعًا من القرآن قائمًا وقاعدًا، حتّى طعن في السّنّ وكان صاحب كرامات.
قَالَ ابن ناصر: كانت لَهُ كرامات.
وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: ما رأيت مثل يوم صُلِّيَ عليّ أَبِي منصور
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: المنتظم 9/ 146، 147 رقم 236 (17/ 96، 97 رقم 3758) في ترجمة (عمر بن المبارك) ، وكذا في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 17، وانظر ترجمته المفردة في: الكامل في التاريخ 10/ 415، وطبقات الحنابلة 2/ 254 رقم 696، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1594، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 222- 224 رقم 137، ودول الإسلام 2/ 28، والعبر 3/ 353، ومعرفة القراء الكبار 1/ 457- 459 رقم 399، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 95- 99 رقم 46، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 153، 154، والبداية والنهاية 12/ 166، وغاية النهاية 2/ 74، 75، وشذرات الذهب 3/ 406، 407.

(34/303)


الخيّاط من كثرة الخلْق والتبرك بالجنازة.
وقال السّمعانيّ: وقد رئي بعد موته في المنام، فَقِيل لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّه بِكَ؟ قَالَ: غُفِر لي بتعليمي الصبّيان فاتحة الكتاب.
وكان إمام مسجد ابن جَرْدَة بالحَرَم الشّريف، واعتكف فيه مدة يعلِّم العُمْيان القرآن للَّه، ويسأل لهم، وينفق عليهم.
قَالَ ابن النّجّار في «تاريخه» : إلى أنّ بلغ عدد من أقرأهم القرآن من العُميان سبعين ألفًا. قَالَ: هكذا رأيته بخط أَبِي نَصْر اليُونَارْتيّ.
قلت: هذا غلطٌ لا ريب فيه، لعلّه أراد أنّ يكتب سبعين نفسًا، فكتب سبعين ألفًا. ولا شك أنّ من ختم عليه القرآن سبعون أعمى يعزّ وقوع مثله [1] .
قَالَ السِّلَفيّ: ذكر لي المؤتمن السّاجيّ في ثاني جمعة من وفاة أَبِي منصور: اليوم ختموا عَلَى رأس قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة، يعني أنّهم كانوا قد قرءوا الختم قبل ذَلِكَ إلى سَورَة الإخلاص، فاجتمعوا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة.
قَالَ السِّلَفيّ: وقال أَبِي عليّ بْن الأمير العُكْبَريّ، وكان رجلًا صالحًا:
حضرت جنازة أَبِي منصور، فلم أر أكثر خلقًا منها، فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزّحام والخلْق فقال: أشهد أنّ هذا هُوَ الحقّ، وأسلم.
تُوُفّي يوم الأربعاء سادس عشر محرَّم سنة تسعٍ [2] ، ودفن بمقبرة باب حرب [3] .
__________
[1] علّق ابن الجزريّ على قول المؤلّف بما نصّه: «لا يزال الذهبي يستبعد الممكنات ويردّ على الثقات، وهذا الرجل، أعني أبا منصور كان منتصبا للتلقين منقطعا إليه، وعمّر طويلا، ولا يخفى كيف كانت بغداد وما كان بها من العالم، فهذه دمشق أخبرني الشيخ الصالح إبراهيم الصوفي الملقّن بالجامع الأموي أنّ الذين قرءوا عليه القرآن نيف عن عشرين ألفا. (غاية النهاية 2/ 74) .
[2] ووقع في (المعين في طبقات المحدّثين 147) أن وفاته سنة 497 هـ.
[3] راجع تعليقنا على الترجمة السابقة.

(34/304)


345- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن خَلَف [1] .
أبو نعيم الواسطيّ ابن الْجُمَّاريّ [2] .
روى «مُسْنِد مسدَّد» [3] ، عَنْ أحمد بْن المظفّر [4] العطّار.
روى عَنْهُ: عليّ بْن نغوبا، وهبة اللَّه بْن البوقي [5] ، وهبة اللَّه بْن الحلخت، وأبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ.
وثّقه الحافظ خميس الحَوْزيّ [6] .
آخر ما حدَّثَ في هذه السنة. ولم تُؤرَّخ وفاته [7] .
346- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يحيى [8] .
أبو البركات بْن الوكيل، الخباز [9] ، المقرئ، الشِّيرَجيّ [10] . أحد الفُضَلاء بالكَرْخ [11] .
قرأ القراءات عَلَى: أَبِي العلاء الواسطيّ، والحسن بْن الصَّقْر، وعليّ بْن طلحة الْبَصْرِيّ، ومحمد بن بكير النّجّار.
__________
[1] انظر عن (محمد بن إبراهيم) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 66 رقم 28، والأنساب 3/ 290 بالحاشية، والاستدراك لابن نقطة (مخطوط) ورقة 102 ب، وسير أعلام النبلاء 19/ 245، 246 رقم 152، وتبصير المنتبه 1/ 246.
[2] الجمّاريّ: بضم الجيم وتشديد الميم وبعد الألف راء مكسورة. هكذا ضبطها ابن نقطة.
[3] هو «مسدّد بن مسرهد» المتوفى سنة 228 هـ.
[4] في الأصل: «أحمد بن أبي المظفر» ، والتحرير من: الاستدراك، والسير.
[5] البوقي: بالضم ثم واو ساكنة نسبة إلى بوقة قرية بأنطاكيّة. (توضيح المشتبه 1/ 464، 465)
[6] في سؤالات السلفي 66.
[7] وذكر الذهبي في (سير أعلام النبلاء 19/ 246) : «توفي في حدود سنة خمسمائة، فإنه حدّث في سنة تسع وتسعين وأربعمائة» .
[8] انظر عن (محمد بن عبد الله الشيرجي) في: المنتظم 9/ 147 رقم 237 (17/ 97 رقم 3759) ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 459، 460 رقم 400، وغاية النهاية 2/ 187، 188، والنجوم الزاهرة 5/ 193، وشذرات الذهب 3/ 410.
[9] زاد في (معرفة القراء الكبار) : «الدّبّاس» .
[10] الشّيرجيّ: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء، وفتح الراء، وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بيع دهن الشّيرج وهو دهن السمسم. وببغداد يقال لمن يبيع الشيرج: الشيرجي والشيرجاني. (الأنساب 7/ 454) .
[11] في الأصل: «بالكرج» والتصحيح من: المنتظم، والسير.

(34/305)


وتفقّه عَلَى: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ [1] .
وسمع «ديوان المتنبيّ» من عليّ بْن أيّوب.
وسمع: أبا القاسم بْن بِشْران.
قرأ عَلَيْهِ: أبو الكرم الشَّهْرَزُوريّ، والسِّلَفيّ، والسبط الحنّاط.
وروى عَنْهُ: أبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وابن ناصر، والسِّلَفيّ، وأبو بَكْر عَبْد اللَّه بْن النَّقُّور.
قَالَ ابن ناصر: كَانَ رجلًا صالحًا، اتُّهِمَ بالإعتزال، ولم يكن يذكره، ولا يدعو إِلَيْهِ.
وقال أبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد: دخلت عَلَيْهِ مَعَ المؤتَمَن السّاجيّ في مرضه، فقال لَهُ المؤتمن: يا شيخنا، بلغنا عنك أشياء. فقال: ذَلِكَ صحيح، وأنا قد رجعت إلى الله، وتبت عن ذَلِكَ الاعتقاد.
وُلِد في رمضان سنة ستٍّ وأربعمائة [2] ، ومات في ربيع الأوَّل، وله ثلاثٌ وتسعون سنة.
347- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن الحَسَن بْن الحُسين بْن أَبِي البقاء [3] .
أبو الفَرَج الْبَصْرِيّ، قاضي القضاة بالبصرة.
كَانَ عالمًا، فهمًأ، فصيحًا، كثير المحفوظ، مهيبًا، تام المروءة، متدينًا [4] .
قدِم بغداد وسمع: الطَّبَريّ، والتنوخي، وأبا الحَسَن الماوَرْدِيّ.
وكان يقرئ كُتُب الأدب.
تُوُفّي في المحرّم بالبصرة.
__________
[1] تفقّه عليه سنين.
[2] المنتظم.
[3] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: المنتظم 9/ 147، 148 رقم 238 (17/ 97، 98 رقم 3760) ، والكامل في التاريخ 10/ 415 وفيه: «عبيد الله بن الحسن» دون ذكر اسمه «محمد» ، ومعجم الأدباء 18/ 234 رقم 70، والوافي بالوفيات 4/ 9، والبداية والنهاية 12/ 166، وبغية الوعاة 1/ 170 رقم 284، ومعجم المؤلفين 10/ 277.
[4] وقال ابن الجوزي: «وكان ممن يخشع قلبه عند الذكر ويبكي» .

(34/306)


وقد سمع بالكوفة من: مُحَمَّد بْن علي بْن عَبْد الرَّحْمَن العَلَويّ.
وبالبصرة من: الفضل بْن مُحَمَّد القصباني [1] ، وعيسى بْن موسى الأندلسيّ، وبواسط من: أبي غالب مُحَمَّد بْن أحمد بْن بِشْران.
وأملى مجالس بجامع البصرة.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو عليّ بْن سُكَّرَة الصَّدَفيّ وقال:
كَانَ من أعلم النّاس بالعربية واللّغة. وله تصانيف، ما رأيت مجلسًا أوقر من مجلسه.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: أَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ خَلَفٍ، عَنِ ابْنِ رَوَاجٍ، عَنْهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو الْفَرَجِ قَالَ: أنبا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا أَبُو خَلِيفَةَ، نا مُسَدَّدٌ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، نا مُعَاوِيَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَلَهُ وَلَاؤُهُ» . قَالَ السِّلَفيّ: كَانَ من أجلّاء القُضاة، وبنى [2] دارًا للعِلْم بالبصرة في غاية الحَسَن والزخرفة، ووقف بها اثني عشر ألف مجلَّدة، ثمّ ذهبت عند فتنة العرب والتُّرْك لمّا نُهْبت البصْرة [3] .
348- المُعَمَّر بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن إسماعيل [4] .
أبو البقاء الكوفيّ، الحبّال، الخزّاز، المعروف في بلده. بخريبة.
__________
[1] القصباني: بفتح القاف والصاد المهملة والباء الموحّدة بعدها الألف وفي آخرها النون: هذه النسبة إلى القصب وبيعه. (الأنساب 10/ 167، 168) .
[2] في الأصل: «بنا» .
[3] وقال ياقوت: «روى عن الماوردي كتبه كلّها، وكان حافظا للفقه، حسن المذاكرة، كثير القراءة، محتشما عن السلاطين، وله تصانيف حسان منها: مقدّمة في النحو، كتاب المتقعّرين.
وسمع في مرضه يقول: ما أخشى أنّ الله يحاسبني أنّني أخذت شيئا من وقف أو مال يتيم» .
(معجم الأدباء 18/ 234) .
[4] انظر عن (المعمّر بن محمد) في: التحبير 1/ 134، 576 و 2/ 360، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1596، والعبر 3/ 354، والإعلام بوفيات الأعلام 205، وسير أعلام النبلاء 19/ 209، 210 رقم 127، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 154، ومرآة الجنان 3/ 161، والنجوم الزاهرة 5/ 193، وشذرات الذهب 3/ 410.

(34/307)


روى بالكوفة وبغداد عَن الكبار.
سمع: القاضي جناح بْن نذير المُحَارِبيّ، وزيد بْن أَبِي هاشم العَلَويّ، وأبا الطَّيِّب أحمد بْن عليّ الجعفريّ.
روى عنه: عَبْد الوهّاب الأنماطي، وكثير بْن سماليق، والمبارك بْن أحمد الْأَنْصَارِيّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وابن ناصر، والسِّلَفيّ.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ ثقة، صحيح السّماع، انتشرت عَنْهُ الرّواية، وعُمّر حتّى روى كثيرًا.
وقال: قليل السّماع، إلّا أَنَّهُ بُورك لَهُ فيما سمع. روى لنا عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحُلْوانيّ بمَرْو، وأبو القاسم إسماعيل الحافظ بأصبهان.
وقد سأله هُزَارسْت بْن عوض عَنْ مولده، فقال: سنة عَشْر وأربعمائة.
وقال أبو بَكْر بْن طُرْخان، والحسين بْن خَسْرُو: وسألناه عَنْ مولده فقال:
سنة ثلاث عشرة.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة بالكوفة.
349- مكّيّ بْن بجير بْن عَبْد اللَّه بْن مكّيّ بْن أحمد [1] .
أبو مُحَمَّد الهَمَذانيّ الشّعّار.
سمع من: شيخه أَبِي القاسم نَصْر بْن عليّ، وابن حُمَيْد، وابن أَبِي اللَّيْث، وأبي سَعْد بن الصّفّار، وأبي سَعْد بْن ممسوس، وأبي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وابن مأمون، وعامّة مشايخ هَمَذَان.
ورحل إلى بغداد، فسمع من أَبِي مُحَمَّد الجوهريّ، وأبي جعفر بْن المسلمة. وجمع كُتُبًا كثيرة في العلوم.
قَالَ شِيرُوَيْه: كُنَّا نسمع بقراءته من مشايخ البلد ومن القادمين، وكان حسن السيرة، شديدًا في السُّنّة، متعصِّبًا لأهل الأثر، مؤمنًا، متواضعًا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/308)


قلت: روى عَنْه: أبو طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد السِّنْجيّ: وأبو الفتوح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الطّائيّ، وطائفة سواهم.
تُوُفّي في ثامن وعشرين جُمَادَى الآخرة.
350- مُهَارِش بْن مجلي بْن عُكَيْث [1] .
أبو الحارث مجير الدين العقيلي أمير العرب بعانة والحُدَيْثَة.
كَانَ كثير الصلاة والخير والبِرّ [2] ، يتصدّق كلّ يوم بثلاثمائة رطل خُبْز.
ولمّا خرج أرسلان البساسيريُ في سنة خمس وأربعمائة عَلَى الخليفة القائم، انحاز الخليفة، فآوى إلى مُهَارِش هذا كما تقدَّم، فكان يخدم الخليفة بنفسه تِلْكَ السّنة. ورد القائم شاكرًا لَهُ. وقد مدحه مُهَارِش بقصيدةٍ، وبعث بها إِلَيْهِ، أوّلها:
لولا الخليفة ذو الإفضال والمنن ... نجل الخلائف آل الفَرْضِ والسُّنَنِ
ما بِعْتُ قومي وهم خير الأنام ولا [3] ... أصبحت أعرف بغدادَ أو تعرفني
حاربتُ فيه ذوي القُرْبَى، وبعت به ... ما كنت أهواه من دارٍ ومن سكن [4]
ما استحق سواي مثل منزلتي ... ما دام عَدْلُكَ هذا اليوم يُنْصِفُني [5]
تُوُفّي عَنْ سِنٍّ عالية [6] .
351- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بن محمد بْن الطَّيِّب بْن سَعِيد بن الصّبّاغ [7] .
__________
[1] انظر عن (مهارش بن مجلي) في: المنتظم 9/ 148 رقم 240 (17/ 98 رقم 3762) ، والكامل في التاريخ 10/ 416، والإشارة إلى من نال الوزارة 45، ووفيات الأعيان 5/ 269 (في ترجمة المقلّد بن المسيّب) و 1/ 193 (في ذكر البساسيري) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 224، 225 رقم 138، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 153، والبداية والنهاية 12/ 166، واتعاظ الحنفا 2/ 253، 254، والنجوم الزاهرة 5/ 193.
[2] المنتظم، الكامل في التاريخ.
[3] في سير أعلام النبلاء: «وقد» .
[4] هذا البيت لم يرو في السير.
[5] سير أعلام النبلاء 19/ 225.
[6] قال الجوزي إنه بلغ ثمانين سنة.
[7] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: المنتظم 9/ 148 رقم 239 (17/ 98 رقم 3761) .

(34/309)


أبو الفضل البغداديّ البزّاز.
ولد الشَّيْخ أَبِي الحُسين.
سمع: عثمان بْن مُحَمَّد بن دوست العلاف، وعبد الملك بن بشران، وجماعة.
وعنه: ابن ناصر، وعبد الخالق اليُوسُفيّ، وأبو مُحَمَّد سِبْط الحناط، والسِّلَفيّ.
قَالَ شجاع [1] الذُّهْليّ: مات في أوّل ربيع الأوَّل سنة تسعٍ.
وأمّا أبو عامر العَبْدَريّ فقال: مات في صفر سنة ثمانٍ وتسعين كما ذكرناه.
وقال: في العشرين منه.
قلت: ومولده سنة عشرين [2] أو إحدى وعشرين وأربعمائة.
نقله ابن النّجّار.
__________
[1] في الأصل: «ابن شجاع» .
[2] بها أرّخ ابن الجوزي وفاته.

(34/310)


سنة خمسمائة
- حرف الألف-
352- أحمد بن الحسين بن علي بْن عَمْروَيْه [1] .
أبو منصور النَّيْسابوريّ [2] .
سمع: أَبَاهُ، وأبا سَعِيد النَّصْرويّ، وعبد الغافر الفارسي، والكَنْجَرُوذيّ [3] .
وتوفّي في سادس شعبان وله أربعٌ وثمانون سنة.
353- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد [4] .
أبو الفتح الحدّاد المقرئ الأصبهاني التّاجر، سِبْط الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ.
كَانَ شيخًا جليل القدْر، ورعًا، خيِّرًا، كثير الصَّدقات. تفرّد بالإجازة من إسماعيل بْن يَنّال المحبوبيّ الّذي يروي عَن ابن محبوب «جامع التِّرْمِذيّ» .
وأجاز لَهُ أبو سَعِيد الصَّيْرفيّ، وعليّ بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ.
وسمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وعليّ بن عبد كويه، وأحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن يَزْداد غلام محسن، وأبا سهل عُمَر بْن أحمد بْن عُمَر الفقيه، وأبا بكر
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسين بن علي) في المنتخب من السياق 117 رقم 257.
[2] وقال عبد الغافر: العمروي، مستور، فقيه. ولد سنة ست عشرة وأربعمائة.
[3] في الأصل: «عبد الغافر الفارسيّ الكنجرودي» والتصحيح من (المنتخب) .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الحداد) في: المنتظم 9/ 151 رقم 241 (17/ 102 رقم 3763) ، والكامل في التاريخ 10/ 439، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1597، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 216، 217 رقم 133، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 3/ 355، ومعرفة القراء الكبار 1/ 455، 459 رقم 396، والوافي بالوفيات 7/ 323، وغاية النهاية 1/ 101، 102، والنجوم الزاهرة 5/ 195، وشذرات الذهب 3/ 410.

(34/311)


مُحَمَّد بْن الحُسين الدّشْتيّ، وأبا سَعِيد الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسنويه، وعبد الواحد بْن أحمد الباطرقاني، وأبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وطائفة كبيرة.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو الفتح عَبْد اللَّه الخرقي، وجماعة.
بأصبهان، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ [1] ، وصدقة بْن مُحَمَّد ببغداد.
وقد قرأ القراءات عَلَى: أَبِي عُمَر الخرقي، وشاكر بْن عليّ الأسْواريّ.
وبمكّة عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه الكارَزِينيّ، وهو آخر أصحابه وفاة، وعبد الله السّلفيّ العاصميّ إلى حم عسق 42: 1- 2.
وكان مولده في سنة ثمان وأربعمائة [2] .
وتُوُفّي فِي ذي القعدة.
354- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مظفّر [3] .
الإمام أبو المظفّر الخوافيّ [4] الفيه الشّافعيّ، عالم أهل طُوس مَعَ الغزاليّ.
كَانَ من أنظر أهل زمانه، وهو رفيق الغزالي في الاشتغال عَلَى إمام الحَرَمين.
وخواف: قرية من أعمال نيسابور.
__________
[1] قال ابن الجوزي: روى عنه شيخنا عبد الوهاب فأثنى عليه ووصفه بالخيرية والصلاح، وكان من أهل الثروة.
[2] المنتظم.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن مظفّر) في: الأنساب 5/ 199، وتبيين كذب المفتري 288، والمنتخب من السياق 118 رقم 263، ومعجم البلدان 2/ 399، ووفيات الأعيان 1/ 96، 97 رقم 37، وسير أعلام النبلاء 19/ 251 (ذكره دون ترجمة) ، والعبر 3/ 355، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 55، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) ورقة 48 أ، ومرآة الجنان 3/ 162، والبداية والنهاية 12/ 168، والعقد الثمين 70، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 269، 270 رقم 225، وشذرات الذهب 3/ 410.
[4] الخوافي: بفتح الخاء المعجمة وفي آخرها الفاء بعد الواو والألف. هذه النسبة إلى خواف، وهي ناحية من نواحي نيسابور كثيرة القرى والخضرة، وهي متصلة بحدود الزوزن.
(الأنساب) .

(34/312)


وكما رُزِق الغزاليّ السّعادة في تصانيفه، رزق الخوافي السعادة في مناظرته [1] .
تُوُفّي بطُوس [2] .
355- أحمد بن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زَنْجَوَيه [3] .
الفقيه أبو بكر الزّنجانيّ [4] .
ولد سنة ثلاث وأربعمائة، وتُوُفّي في عشر المائة.
سمع ببغداد من: أَبِي عليّ بن شاذان، وغيره.
وسمع من: القاضي أَبِي عَبْد اللَّه الحَسَن بْن مُحَمَّد الفلاكي، وأبي طَالِب الدَّسْكَريّ [5] ، وأبي طَالِب عَبْد الله بن عمر الشّاذني، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، والحَسَن بْن عليّ بن معروف الزّنجانيّ، وجماعة.
__________
[1] وفيات الأعيان 1/ 97.
[2] وقال ابن السمعاني: «إمام مبرّز فاضل، له يد في النظر والأصول. تفقّه على أبي المعالي الجويني، وتخرّج عليه جماعة من الأئمة مثل عمر السلطان، ومحمد بن يحيى» . (الأنساب) .
وقال ابن عساكر: الإمام المشهور، انظر أهل عصره وأعرفهم بطريق الجدل في الفقه له العبارة الرشيقة المهذّبة والتضييق في المناظرة على الخصم والإرهاق إلى الانقطاع. تفقّه على الشيخ أبي إبراهيم الضرير، وكان مبارك النفس. وهذا الإمام أحمد كيّس الطبع فتخرّج به بعض التخرّج، ثم وقع بعده إلى خدمة إمام الحرمين وصحبته وبرع عنده حتى صار من أوحد تلامذته وأصحابه القدماء، وكان من جملة منادميه بالليالي والأيام بطول صحبته، ولاعتداد الإمام بمكانه، وكان معجبا به وبكلامه، ثم ترفّع عن الإعادة في درسه فكان يدرس بنفسه وتختلف إليه طائفة، توفي بطوس سنة خمسمائة، وكان حسن العقيدة، ورع النفس، ما عهد منه هنات قط كما عهد من غيره. (تبيين كذب المفتري) .
وقال ياقوت: ولي قضاء طوس ونواحيها في آخر أيامه وبقي مدة ثم عزل عنها من غير تقصير، بل قصد وحسد. (معجم البلدان) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد الزنجاني) في: سير أعلام النبلاء 19/ 236- 238 رقم 1450، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1598، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 49.
[4] الزّنجاني: بفتح الزاي وسكون النون وفتح الجيم وفي آخرها نون. هذه النسبة إلى زنجان وهي بلدة على حدّ آذربيجان من بلاد الجبل. (الأنساب 6/ 306) .
[5] الدّسكريّ: بفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح الكاف وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى الدّسكرة، وهي قريتان، إحداهما على طريق خراسان يقال لها دسكرة الملك، وهي قرية كبيرة تنزلها القوافل. وقرية أخرى من أعمال نهر الملك ببغداد على خمسة فراسخ (الأنساب 5/ 311، 312) .

(34/313)


قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ فقيهًا متقنًا، رحلتُ إِلَيْهِ مَعَ ابن شهردار، وسمعنا منه بزنجان.
قلت: وروي عَنْهُ: سَعِيد بْن أَبِي شكر بأصبهان، والحافظ مُحَمَّد بْن طاهر، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
لا أعلم مَتَى تُوُفّي، لكنه حدَّثَ في العام. وكان شيخ ناحيته ومسندها ومفتيها. تفقّه بأبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وسمع «مُسْنِد الْإِمَام أحمد الفلاكيّ» سنة نيف وعشرين، بسماعه من القَطِيعيّ. وسمع «مُسْنِد أَبِي يَعْلَى» من أَبِي عليّ المعروفي صاحب ابن المقرئ، وسمع «غريب أَبِي عُبَيْد» ، من ابن هارون التَّغْلِبيّ، عَنْ عليّ بْن عَبْد العزيز، عَنْهُ.
وقرأ لأبي عَمْرو، عليّ ابن الصقر صاحب زيد بْن أَبِي بلال. وكان الرّحلة إِلَيْهِ، ومدار الفتيا عَلَيْهِ. ورأيت لَهُ ترجمة بخط الحافظ عَبْد الغنيّ سمعها من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، فيها بعض ما قدَّمنا، وأنّه تلا بحرف أَبِي عَمْرو عليّ الحَسَن بْن عليّ بْن الصّقْر الكاتب. وقرأ كتاب «المرشد» عَلَى مؤلفه أَبِي يَعْلَى بْن السّرّاج.
وتلا عَلَيْهِ بما في «المرشد» من الرّوايات. وكتب بنَيْسابور «تفسير إسماعيل الضّرير» ، عَنْهُ.
وسمع من أَبِي عليّ بْن باكُوَيْه الشِّيرازيّ.
وكانت الرحلة إِلَيْهِ لفضله وعُلُوّ إسناده. سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَفْتَى من سنة تسعٍ وعشرين. وقيل لي عَنْهُ إنّه لم يفت خطأ قطّ، وأهل بلده يبالغون في الثناء عَلَيْهِ، الخواص والعوام، ويذكرون ورعه، وقلة طمعه.
356- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد [1] .
الشَّيْخ أبو منصور بن الذنح [2] ، الهاشميّ. الموسويّ، الكوفيّ، الخطيب.
ولد سنة 22 وأربعمائة، وحدَّثَ ببغداد عَنْ: العَلَويّ، وابن فَدَويْه.
وعنه: أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، والسّلفيّ.
لم أجد وفاته.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] رسمت هكذا في الأصل، ولم أتبيّن صحّتها.

(34/314)


357- إسماعيل بْن أحمد بْن مُحَمَّد بْن حِبّان [1] .
أبو عَبْد اللَّه النَسَويّ الصُّوفيّ.
من خواص أَبِي القاسم القَسْريّ.
سمع: عَمْرو بْن مسرور، وغيره.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ.
ومات في صَفَر.
- حرف الجيم-
358- جعفر بْن أحمد [2] .
أبو مُحَمَّد البغداديّ السّرّاج القارئ.
سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا مُحَمَّد الخلّال، وعُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن شاهين، ومُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عُمَر بْن سُنْبُك، وأحمد بْن عليّ التّوّزيّ [3] ،
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (جعفر بن أحمد) في: الأنساب 7/ 417، 418، والمنتظم 9/ 151، 152 رقم 242 (17/ 102- 104 رقم 3764) ، ومعجم الأدباء 7/ 153- 162، والكامل في التاريخ 10/ 439، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 40/ 358، والأربعينيات لنصر الطوسي (مخطوطة الأزهر) ورقة 399، ووفيات الأعيان 1/ 357، 358، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 20، 21، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1599، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وسير أعلام النبلاء 19/ 228- 231 رقم 141، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 3/ 355، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 95، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 93- 95، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 166- 169، ومرآة الجنان 3/ 162 و 162، 163 (ذكر مرتين) ، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 45، 46، والوافي بالوفيات 11/ 92، 93، والبداية والنهاية 12/ 168 وفيه: «جعفر بن محمد» ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 100- 103 رقم 47، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 1/ 175، وصلة الخلف بموصول السلف (نشر في مجلّة معهد المخطوطات العربية) طبعة الكويت، مجلّد 29 ج 2/ 495، والنجوم الزاهرة 5/ 194، وبغية الوعاة 1/ 485، وكشف الظنون 492، 957، 1703، 1833، وشذرات الذهب 3/ 411، 412، وتاريخ الأدب العربيّ لبروكلمان 1/ 594، ومعجم المؤلفين 3/ 131، 132، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 2/ 19- 23 رقم 307، وانظر: مصارع العشّاق، له، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى 206، 207.
[3] التّوّزيّ: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو وفي آخرها الزاي، هذه النسبة إلى بعض بلاد فارس، وقد خفّفها الناس ويقولون: الثياب التوزية، وهو مشدّد، وهو توج (الأنساب 3/ 104) .

(34/315)


وعليّ بْن عُمَر القَزْوينيّ، وابن غَيْلان، والبَرْمكيّ، والتّنُوخيّ، وأبا الفتح عَبْد الواحد بْن شيطا، وغيرهم ببغداد، والحافظ أبا نَصْر عُبَيْد اللَّه السِّجْزيّ [1] ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأَرْدَسْتانيّ [2] بمكة، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا بَكْر الخطيب بدمشق، وعبد العزيز الضراب بْن الحُسين، وجماعة بمصر.
وخرج لَهُ الحافظ أبو بَكْر الخطيب خمسة أجزاء مشهورة مَرْوِيّة.
روى عَنْهُ: ابنه ثعلب، وإسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأَنْماطيّ، ومُحَمَّد بْن ناصر، ومُحَمَّد بْن البطي، وأبو طاهر السِّلَفيّ، وسلمان بْن مسعود الشحام، وأبو الحَسَن بْن الخَلِيّ الفقيه، وعبد الحق بْن يوسف، وشُهْدَة الكاتبة، وأبو الفضل خطيب المَوْصِل، وخلق كثير.
وكتب بخطّه الكثير. وصنَّف كتاب «مصارع العشاق» ، وكتاب «حكم الصبيان» ، وكتاب «مناقب السودان» . ونظم الكثير في الفقه، واللّغة، والمواعظ وشعره حلو سهل في سائر فنون الشعر. وكان لَهُ اعتناء بالحديث.
انتخب السِّلَفيّ من كتبه أجزاء عديدة.
وحدَّثَ ببغداد، ودمشق، ومصر.
قَالَ شجاع الذُّهْليّ [3] . كَانَ صدوقًا، ألّف في فنون شتى.
وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: هُوَ شيخ فاضل، جميل، وسيم، مشهور، يفهم.
عنده لغة وقراءات. وكان الغالب عَلَيْهِ الشِّعْر. ونظم «التنبيه» لابن إِسْحَاق الشِّيرازيّ، ونظم «مناسك الحجّ» .
وذكره الفقيه أبو بَكْر بْن العربيّ، فقال: ثقة، عالم، مقريء، له أدب ظاهر، واختصاص بالخطب.
__________
[1] السّجزيّ: بكسر السين المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى سجستان. قال ابن ماكولا: هذه النسبة على غير قياس. (الأنساب 7/ 43) .
[2] الأردستاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الدال وسكون السين المهملتين وفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أردستان وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البريّة عند ازورارة بينهما، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
(الأنساب 1/ 177) .
[3] في الأصل: «شجاع السلفي» وهو وهم.

(34/316)


وقال السِّلَفيّ: سألته عَنْ مولده، فقال: إمّا في آخر سنة سبْعٍ عشرة، وأمّا في أوّل سنة ثمان عشرة وأربعمائة ببغداد.
وقال السِّلَفيّ: وكان ممّن يفتخر برؤيته وروايته لديانته ودرايته، وله تواليف مفيدة. وفي شيوخه كثرة. وأعلاهم إسنادًا ابن شاذان.
وقال حمّاد الحرّانيّ: سُئل السِّلَفيّ عَنْ جعفر السّرّاج فقال: كَانَ عالمًا بالقراءات، والنحو، واللّغة، وله تصانيف وأشعار كثيرة. وكان ثقة، ثبتًا.
وقال ابن ناصر: كان ثقة، مأمونا، عالما، فهما، صالحًا، نَظَمَ كُتُبًا كثيرة، منها «المبتدأ» لوهب بْن منبه، وكان قديمًا يستملي عَلَى القَزْوينيّ، وأبي محمد الخلّال [1] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ولد سنة ست عشرة وأربعمائة، قرأ القرآن بالقراءات وأقرأ سنين.. وسافر إلى بلاد الشام ومصر، وسمع بدمشق وطرابلس، وخرّج له الخطيب فوائد في خمسة أجزاء، وتكلّم على الأحاديث، وكان أديبا شاعرا لطيفا صدوقا ثقة، وصنّف كتبا حسانا، وشعره مطبوع، وقد نظم كتبا كثيرة شعرا، فنظم كتاب «المبتدإ» ، وكتاب «مناسك الحج» ، وكتاب «الخرقي» ، وكتاب «التنبيه» ، وغيرها، حدّثنا عنه أشياخنا، وآخر من حدّث عنه شهدة بنت الإبري. قرأت عليها كتابه المسمّى ب «مصارع العشّاق» بحق سماعها منه.
ومن أشعاره:
بان الخليط فأدمعي ... وجدا عليهم تستهلّ
وحدا بهم حادي الفراق ... عن المنازل فاستقلّوا
قل للذين ترحّلوا ... عن ناظري والقلب حلّوا
ودمي بلا جرم أتيت ... غداة بينهم استحلّوا
ما ضرّهم لو أنهلوا ... من ماء وصلهم وعلّوا
وأنشد في مدح أصحاب الحديث:
قل للذين بجهلهم ... أضحوا يعيبون المحابر
والحاملين لها من ... الأيدي بمجتمع الأساور
لولا المحابر والمقالم ... والصحائف والدفاتر
والحافظون شريعة ... المبعوث من خير العشائر
والناقلون حديثه عن ... كابر ثبت وكابر
لرأيت من شيع الضلال ... عساكرا تتلوا عساكر
كل يقول بجهله ... والله للمظلوم ناصر
سمّيتهم أهل الحديث ... أولي النّهى وأولي البصائر
حشويّة فعليكم ... لعن يزيركم المقابر

(34/317)


توفّي في صفر رحمه الله.
__________
[ () ]
هم حشو جنّات النعيم ... على الأسرّة والمنابر
رفقاء أحمد كلّهم ... عن حوضه ريّان صادر
كان جعفر السّراج صحيح البدن لم يعتره في عمره مرض يذكر، فمرض أياما. (المنتظم) .
وقال ابن عساكر: قرأت بخط غيث بن علي الصوري: جعفر بن أحمد بن الحسين ذو طريقة جميلة ومحبّة للعلم والأدب، وله شعر لا بأس به، وخرّج له شيخنا الخطيب فوائد وتكلّم عنها في خمسة أجزاء، وكان يسافر إلى مصر وغيرها، وتردّد إلى صور عدّة دفعات، ثم قطن بها زمانا، وعاد إلى بغداد وأقام بها إلى أن توفي. (تاريخ دمشق) .
ووقع في (مصارع العشاق 14 و 55) أن أبا عبد الله محمد بن علي الصوري أخبر ابن السرّاج سنة 404 بقراءته عليه.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا خطأ، والصحيح سنة 440، لأنّ ابن السّراج ولد سنة 416 هـ.
وقال ابن السرّاج: ولي ابتداء قصيدة كتبت بها من دمشق إلى الشيخ الفقير أبي الحسن مروان بن عثمان النحويّ الإسكندراني وهو بصور:
وحقّ مصارع أهل الهوى ... لروعة صوت غراب البين؟
وشكوى المحبّين يوم الفراق ... ما في قلوبهم من جوى
وقد لفّ أعناقهم موقف ... وقد رفع البين فيهم لوا
عشيّة أجروا عيون العيون ... بين العقيق وبين اللوى
دموعا كثرت فلو أنه ... أتاهنّ وقد مني لارتوى
لقد أتمنّى زمانا يضم ... بك الشمل وهو لقلبي هوى
وله من ابتداء قصيدة نظمها بالشام في بني أبي عقيل أمراء صور:
ألا هل لمن أضناه حبّك إفراق ... وهل للديغ البين عندك درياق
وهل لأسير سامه قتل نفسه ... هواك وقد زمّت ركابك إطلاق
أيا جارة الحيّ الذين ترحّلوا ... فللعيس وخد بالحمول واعتناق
أما تخافي الله في قتل عاشق ... هجرته حتى في الكرى وهو مشتاق
فقالت وروعات النوى تستحثّها ... ودمع مآقيها على النحر مهراق
هو البين فالبس جنّة الصبر أو فمت ... بداء الهوى قد مات قبلك عشاق
وله ابتداء قصيدة مدح بها عين الدولة ابن أبي عقيل قاضي صور:
عرّج بنا عن الحمى يمينا ... فقد تولّى الحيرة الغادونا
لم أنس يوم ذي الأراك قولها ... والبين عن قوس النوى يرمينا
تزوّد الوداع واعلم أنّنا ... كما اشتهى البين مفارقونا
والمستني والرقيب غافل ... كفّا تكاد أن تذوب لينا
أجللت فاها اللثم إلّا أنني ... قبّلت منها النحر والجبينا
تمنعنا العفّة كل ريبة ... والقلب قد جنّ بها جنونا
وقال فيه أيضا:

(34/318)


- حرف الخاء-
359- خلف بن محمد [1] .
__________
[ () ]
يا هند هل وصل فيرتقب ... إن كان يحفظ في الهوى سبب
أم هل لهجرك والبعد أمد ... إنّي لأجل رضاك منقضب
أنسيت موقفنا بذي سلم ... أيام أثواب الصبا قشب
وحديثنا والدهر غافل ... عن الحوادث منه والنّوب
نمسي ونصبح في بلهنيّة ... من عيشنا ووشاتنا غيّب
لما هجرت بعثت طيف كرى ... ما زيارته لنا أرب
طيف الهنا طرف رنا ... زور الزيارة وهو بمحتجب
واصلتنا والدار بارحة ... وهجرتنا وديارنا صقب
مطلتنا حلما أو بعض هوى ... جلت فأمرك كلّه عجب
دع عنك هند فقد أغار على ... فؤادك عسكر شيبك اللجب
ناقص بمدحك ما جديدة ... يعني إذا ما أحنت السحب
ملكا يقبل عند رؤيته ... في دسته عوض اليد الصيّب
عتبوه في أشعاره كرما ... ولو أنهم عقلوا لما عتبوا
من معشر من بجميل فعلهم ... بتحمّل الأشعار والخطب
قد وردت بغداد أو طال بها ... عهدي وحرّك نحوها سبب
وهي التي أغنتك شهرتها ... عن أن تجدّدها لك الكتب
دار الملوك وكلّ ما حزبت ... فوق السماك لمجده الطنب
وطلبت مثلك يا نفيس بها رجلا ... فأعيا عبدك الطلب
فرجعت أدراجي إلى ملك ... أمواله في الجود تنتهب
في المكرمات بعض قصّته ... أبدا وفيها يذهب الذهب
هيهات تسمع في الندا عونا ... لو أنّ نازلة عليه أب
وأنشد ابن السرّاج بصور لنفسه من قصيدة:
وقد صار يبري نصول السهام ... وأولى من المنّ ما لا يمن
ليجعلها في الدواء الجريح ... ويشري بها للقتيل الكفن
ومن شعره:
وعدت بأن تزوري بعد شهر ... فزوري، قد تقضّى الشهرزوري
وشقّة بيننا نهر المعلّى ... إلى البلد المسمّى شهرزوري
(فشهر صدودك المحتوم صدق ... ولكن شهر وصلك شهرزوري
(الأنساب 7/ 418) .
توفي ليلة الأحد 11 صفر سنة 500 وقيل سنة 501 وقيل سنة 502 هـ. (انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين (القسم الثاني) ج 1/ 19- 23 رقم 307) .
[1] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 175 رقم 397.

(34/319)


أبو القاسم الْأَنْصَارِيّ القُرْطُبيّ، المعروف بابن السّرّاج.
مُكْثِر عَنْ حاتم بْن مُحَمَّد. وكان رجلًا صالحًا ورعًا، يشار إِلَيْهِ بإجابة الدّعوة، وكان النّاس يقصدونه ويتبرّكون بلقائه ودُعائه، وسمعوا منه [1] .
تُوُفّي ليلة سبْعٍ وعشرين من رمضان.
- حرف العين-
360- عَبَّاس بْن مُحَمَّد بْن أحمد البَرَدَانيّ [2] .
أبو الفضل.
سمع: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غَيْلان، وغيره.
تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
361- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه [3] .
أبو الحَسَن التُّجَيْبيّ الطُّلَيْطُليّ ابن المشاط.
روى عَنْ: أحمد بْن مغيث، وجماهر بْن عَبْد الرَّحْمَن، وأبي مُحَمَّد الفارقيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوَال: كَانَ من أهل العلم، مقدمًا في الفهم، حافظًا، ذكيا، لغويا، أديبًا، شاعرًا، متيقظًا. جمع كُتُبًا في غير ما فنّ.
أخبرني عَنْهُ أبو الحَسَن بْن مغيث، وقال: تردّد في الأحكام بناحية إشبيلية، ثمّ صُرف عَنْهَا، وقصد مالقة فسكنها، وبها تُوُفّي في سابع رمضان، وشهده جمعٌ عظيم.
362- عَبْد الْوَهاب بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب بن محمد [4] .
__________
[1] وقد سمع منه بعض كتب الزهد.
[2] لم أجد مصدر ترجمته. و «البرداني» : بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 345 رقم 740.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد) في: المنتظم 9/ 152، 153 رقم 244 (17/ 104 رقم 3766) ، والكامل في التاريخ 10/ 439، وسير أعلام النبلاء 19/ 248- 251 رقم 155، وميزان الاعتدال 2/ 683، 684، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 390- 399، وعيون

(34/320)


الفاميّ [1] الفارسيّ، أبو مُحَمَّد، الفقيه الشّافعيّ.
قدِم بغداد سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة على تدريس النّظاميّة، وكان مدرّسها يومئذ الحُسين بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، فتقرر أنّ يدرس كل واحد منهما يومًا. فبقيا عَلَى ذَلِكَ سنة وعُزِلا. فأملى أبو مُحَمَّد بجامع القصر.
عَنْ: أَبِي بَكْر أحمد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث، الشِّيرازيّ الحافظ، ومُحَمَّد بْن أحمد بْن حَمْدان بْن عبدك، وعليّ بْن بُنْدار الحنفي، وجماعة من شيراز.
قَالَ أبو عليّ بْن سُكَّرَة: قدِم عَبْد الوهّاب الفاميّ وأنا ببغداد، وخرج كافّة العلماء والقُضاة لتلقِّيه. وكان يوم قرئ منشورة يوما مشهودا. سَمِعْتُ عَلَيْهِ كثيرًا، وسمعته يَقُولُ: صنفت سبعين تأليفًا في ثمانية عشر عامًا. ولي كتاب في التفسير ضمّنْتُه مائة ألف بيت شاهدًا.
أملى بجامع القصر، وحُفِظ عَلَيْهِ تصحيفٌ شنيع. ثمّ أجْلِب عَلَيْهِ وطُولِب، ثمّ رمي بالإعتزال حتّى فر بنفسه.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ: نا أَبُو الْعَلَاءِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ ثَابِتٍ الطَّرْقِيَّ [2] الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ، أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ الشِّيرَازِيَّ أَمْلَى بِبَغْدَادَ حَدِيثًا مَتْنُهُ: «صَلَاةٌ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» [3] ، فَصَحَّفَ وَقَالَ: كَنَارٍ فِي عِلِّيِّينَ. وَكَانَ الْإِمَامُ محمد بن ثابت
__________
[ () ] التواريخ (مخطوط) 13/ 176، 177، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 229، 230، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 273، 274، والبداية والنهاية 12/ 168، 169، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 274، 275 رقم 233، ولسان الميزان 4/ 90، 91، رقم 170، وكشف الظنون 451، 1100، وشذرات الذهب 3/ 413، وهدية العارفين 1/ 637، والأعلام 4/ 336، ومعجم المؤلفين 6/ 229.
[1] الفاميّ: بفتح الفاء وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى الحرفة وهي لمن يبيع الأشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له البقّال. (الأنساب 9/ 234) .
[2] في الأصل: «الطرفي» ، والتصحيح من: الأنساب 8/ 235 وفيه: الطّرقيّ: بفتح الطاء المهملة، وسكون الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى طرق وهي قرية كبيرة مثل البليدة من أصبهان، على عشرين فرسخا منها. وذكر منها: أحمد بن ثابت الطرقي، وهو توفى بعد سنة 520 هـ.
[3] الحديث حسن، أخرجه أبو داود في الصلاة (5558) باب: ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة. وأخرجه أحمد من طريقين في مسندة 2/ 263 و 5/ 268.

(34/321)


الْخُجَنْدِيُّ [1] حَاضِرًا فَقَالَ: مَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: النَّارُ فِي الْغَلَسِ يَكُونُ أَضْوَأَ.
قَالَ الطرقي: وسأله بعض أصدقائي عَنْ «جامع» أَبِي عيسى التِّرْمِذيّ: هَلْ لك بِهِ سماع؟ فقال: ما «الجامع» ، ومن أبو عيسى؟ ما سَمِعْتُ بهذا قطّ. ثمّ رأيته بعد ذلك بعده في مسموعاته.
قَالَ الطرقي: ولما أراد أن يملي بجامع القصر قلت لَهُ: لو استعنت بحافظٍ ما، ينتقي الأحاديث، ويرتبها عَلَى ما جرت بِهِ عادتهم، فقال: إنّما يفعل ذَلِكَ من قلت معرفته بالحديث، أَنَا حفظي يغنيني، وامتحنت بالاستملاء. فأول ما حدَّثَ رأيته يسقط من الإسناد رجلًا، ويبدل رجلًا برجل، ويجعل الواحد رجلين، وفضائح أعجز عَنْ ذكرها. ففي غير موضع: نا الحَسَن بْن سُفْيَان، عَنْ يزيد بْن زريع، فأمسك أهل المجلس، وأشاروا إليّ، فقلت: سقط إمّا مُحَمَّد بْن منهال، أو أميّة بْن بِسْطام. فقال: اكتبوا كما في أصلي.
وأورد: أَنَا سهل بْن بحر أَنَا سألته، فقال: إننا سالبة [2] ، وأما تبديل عَمْرو بعُمَر، وكذا جَميل بِجُمَيْل، وقال في سَعِيد بْن عَمْرو الأشعثي: سَعِيد بْن عُمَر، والأشعثيّ، فجعل واو عمرو واو العطف، فقلت: إنّما نسبه، فقال: لا. فقلت:
فمن الأشعثي؟ قَالَ: فضول منك.
وقال في الطور: الطَّوْد.
وقال السّمعانيّ: كانت لَهُ يد في المذهب. وحدَّثَ عَنْ عَبْد الواحد بْن يوسف الخرّاز، وأبي زُرْعة أحمد بْن يحيى الخطيب، والحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عثمان بْن كرامة، وجماعة من الفارسيين. روى لنا عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، ومحمود بْن ماشاذة.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ: أبو مُحَمَّد الفاميّ أحفظ من رأيناه لمذهب الشّافعيّ.
صنف كتاب «تاريخ الفُقَهاء» ، وقال فيه: مات جدي أبو الفَرَج عَبْد الوهّاب سنة
__________
[1] الخجنديّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون، وفي آخرها الدال. هذه النسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة كثيرة الخير على طرف سيحون من بلاد المشرق، ويقال لها بزيادة التاء خجندة أيضا. (الأنساب 5/ 52) .
[2] في الأصل: «سألته» .

(34/322)


أربع عشرة وأربعمائة، وفيها وُلِدتُ.
وقال غيره: تُوُفّي في الرابع والعشرين من رمضان بشيراز.
363- عليّ بْن طاهر بْن جعفر [1] .
أبو الحَسَن الدّمشقيّ، النَّحْويّ.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان، وأبا نَصْر الكَفَرْطابيّ، وعليّ بْن الخضر السُّلَميّ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأبا القاسم السُّمَيْساطيّ.
روى عَنْهُ: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى الْقُرَشِيّ، وجميل بْن تمام، وحفاظ [2] بْن الحَسَن، والخضر بْن هبة اللَّه بْن طاوس، وأبو المعالي بْن صابر.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ ثقة. وكان لَهُ حلقة في الجامع وقف عندها كُتُبَه.
تُوُفّي فِي ربيع [الأوَّل] [3] .
- حرف الميم-
364-[مُحَمَّد [4] بْن الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن بْن خُذَاداذا] [5] .
أبو غالب الباقلّاني [6] ، البقال، الفاميّ، البغداديّ، الشيخ الصالح المحدّث.
__________
[1] انظر عن (علي بن طاهر) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 99 رقم 2، وورد في الأصل: «ظاهر» بالظاء المعجمة، وإنباه الرواة 2/ 17، 283 رقم 462، وبغية الوعاة 2/ 170 رقم 1714.
[2] في الأصل: «حباظ» .
[3] ومولده في سنة 431 هـ. وما بين الحاصرتين من (بغية الوعاة) . وقد روى عنه: غيث بن علي الصوري.
[4] هذه الترجمة كلّها منقولة من (سير أعلام النبلاء) فهي ساقطة من أصل نسختنا.
[5] انظر عن (محمد بن الحسن) في: المنتظم 9/ 153، 154 رقم 247، (17/ 105 رقم 3769) ، والعبر 3/ 356، وسير أعلام النبلاء 19/ 235، 236 رقم 144، ودول الإسلام 2/ 29، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 195، والنجوم الزاهرة 5/ 195، وشذرات الذهب 3/ 412.
[6] في المنتظم: «الباقلّاوي» .

(34/323)


سمع من أَبِي عليّ بْن شاذان، وأبي بَكْر البَرْقانيّ، وأحمد بْن عَبْد اللَّه بْن المَحَامليّ، وطائفة.
روى عَنْهُ أبو بَكْر السّمعانيّ، وإسماعيل بْن مُحَمَّد التَّيْميّ، وابن ناصر، والسلفي، وخطيب المَوْصِل، وشُهْدَة، وخلق. أثنى عَلَيْهِ عَبْد الوهّاب الأَنْماطيّ.
وقال ابن ناصر: كَانَ كثير البكاء من خشية اللَّه.
قلت: عاش ثمانين سنة أو أزيد، وتُوُفّي في شهر ربيع الآخر سنة خمس مائة [1] .
وهو أخو الشَّيْخ أبي طاهر أحمد بن الحسن الكَرْخيّ المذكور] .
365-[المبارك [2] بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه [3] .
الشَّيْخ الأمام، المحدث، العالم المفيد، بقية النقلة المكثرين، أبو الحُسين البغداديّ، الصَّيْرفيّ ابن الطّيوريّ.
ولد سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، ثم أبا الفرج
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ولد سنة إحدى وأربعمائة. وقال: حدّثنا عنه أشياخنا، وهو من بيت الحديث، وكان شيخا صالحا كثير البكاء من خشية الله تعالى، صبورا على إسماع الحديث.
(المنتظم) .
[2] من هنا ساقط من الأصل، والمستدرك بين الحاصرتين من (سير أعلام النبلاء 19/ 213، 214) .
[3] انظر عن (المبارك بن عبد الجبّار) في: الإكمال 3/ 287، والأنساب 4/ 209، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 38/ 352- 357، والمنتظم 9/ 154 رقم 248 (17/ 105، 106 رقم 3770) ، والتقييد لابن نقطة 438، 439 رقم 583، والكامل في التاريخ 10/ 439، وصلة الخلف بموصول السلف للروداني (نشر في مجلّة معهد المخطوطات العربية) المجلد 29 ج 1/ 10 و 2/ 500، وميزان الاعتدال 3/ 431، والعبر 3/ 365، ودول الإسلام 2/ 29، والإعلام بوفيات الأعلام 206، والمعين في طبقات المحدّثين 147 رقم 1601، وسير أعلام النبلاء 19/ 213- 216 رقم 132، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 223- 226، 3/ 412، والرسالة المستطرفة 69، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 170، 171 رقم 861، وانظر كتاب: الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب للتنوخي (بتحقيقنا) 32، 33 (في ترجمة محمد بن علي الصوري) ، والأعلام 6/ 151، ومعجم المؤلفين 8/ 172.

(34/324)


الطّناجيريّ، وأبا محمد الخلّال، وابن غيلان، وأبا الحَسَن العَتِيقيّ، ومُحَمَّد بْن عَلَى الصُّوريّ، وعليّ بْن أحمد الغاليّ، وأبا طَالِب العُشاريّ، وعددًا كثيرًا.
وارتحل فسمع] [1] بالبصرة أبا عليّ بْن الشّاموخيّ [2] ، وغيره.
قَالَ السّمعانيّ: أكثر عَنْهُ والدي، وثنا عَنْهُ أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو المعالي الحَلْوانيّ بمَرْو، وإسماعيل بْن مُحَمَّد بأصبهان، وخلق يطول ذكرهم.
وكان المؤتمن السّاجيّ سيّئ الرأي فيه، وكان يرميه بالكذب ويصرح بذلك. وما رأيت أحدًا من مشايخنا الثّقات يوافقه، فإني سألت جماعة مثل عَبْد الوهّاب الأنماطي، وابن ناصر، وغيرهما، فأثنوا عَلَيْهِ ثناء حسنًا، وشهدوا لَهُ بالطلب والصدق والأمانة، وكثرة السماع.
وسمعت سلمان بْن مسعود الشحام يَقُولُ: قدِم علينا أبو الغنائم بْن النَّرْسيّ، فانقطعنا عَنْ مجلس ابن الطُّيُوريّ أيامًا، واشتغلنا بالسماع منه. فلمّا مضينا إلى ابن الطُّيُوريّ قَالَ لنا: لم انقطعتم عني هذه الأيام؟ قُلْنَا: قدِم شيخ من الكوفة كُنَّا نسمع منه. قَالَ: فانشرا عليَّ ما عنده. قُلْنَا: حدَّثَ عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن البكائي. فقال الشَّيْخ أبو الحُسين، وأخرج لنا شدة من حديث البكائي، وقال: هذا من حديثه، سماعي من أَبِي الفَرَج بْن الطَّنَاجِيريّ.
قَالَ السّمعانيّ: وأظن أنّ هذه الحكاية سمعها من الحافظ ابن ناصر.
وُلِد ابن الطّيوريّ في سنة إحدى عشرة وأربعمائة. وقد روى عَنْهُ:
السِّلَفيّ، وشُهْدَة، وعبد الحق اليُوسُفيّ، وخطيب المَوْصِل، وأبو السّعادات.
وذكره أبو عليّ بْن سُكَّرَة فقال: الشَّيْخ الصالح الثقة. كَانَ ثبتًا فهمًا، عفيفًا، متفننًا، صحب الحفاظ ودرّب معهم.
وسمعت أبا بكر ابن الخاضبة يَقُولُ: شيخنا أبو الحُسين ممّن يستشفى بحديثه.
__________
[1] حتى هنا تنتهي الإضافة على الأصل من (سير أعلام النبلاء) .
[2] في الأصل: «الشاذلوحي» . و «الشّاموخي» : بفتح الشين المعجمة، وضم الميم، وفي آخرها الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى (شاموخ) وهي قرية بنواحي البصرة. (الأنساب 7/ 264) .

(34/325)


وقال ابن ناصر في أماليه: ثنا الثبت الصدوق أبو الحُسين.
وقال السِّلَفيّ: ابن الطُّيُوريّ محدث كبير، مفيد، ورع، لم يشتغل قطّ بغير الحديث، وحصّل ما لم يحصّله أحد من التفاسير، والقراءات، وعلوم القرآن، والمسانيد، والتواريخ، والعلل، والكُتُب المصنفة، والأدبيات في الشعر.
رافق الصُّوريّ، واستفاد منه، والنخشبيّ، وطاهر النَّيْسابوريّ. وكتب عَنْهُ مسعود السِّجْزيّ، والحُمَيْديّ، وجعفر بْن الحكاك، فأكثروا عَنْهُ.
ثمّ طوّل السِّلَفيّ الثناء عَلَيْهِ.
وذكره أبو نَصْر بْن ماكولا [1] فقال: صديقنا أبو الحسين ابن الحمّاميّ مخففًا، سمع: أبا عليّ بْن شاذان، وخلْقًا كثيرًا بعده، وهو من أهل الخير والعفاف والصّلاح.
قَالَ ابن سُكَّرَة: ذكر لي شيخنا أبو الحُسين أنّ عنده نحو ألف جزءٍ بخطّ الدَّارَقُطْنيّ، أو أخبرت عَنْهُ بمثل ذَلِكَ. وأخبرني أنّ عنده لابن أَبِي الدّنيا أربعة وثمانين مصنفًا.
وقال عليّ بْن أحمد النّهروانيّ [2] : توفّي في نصف ذي القعدة [3] .
__________
[1] في الإكمال 3/ 287.
[2] النّهرواني: بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو، وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى بليدة قديمة على أربعة فراسخ من الدجلة يقال لها النّهروان، وقد خرب أكثرها.
(الأنساب 12/ 174) .
[3] وقال ابن الجوزي: وكان مكثرا صالحا أمينا صدوقا متيقّظا، صحيح الأصول، صيّنا ورعا، حسن السّمت، كثير الصلاة، سمع الكثير ونسخ بخطه ومتّعه الله بما سمع حتى انتشرت عنه الرواية. حدّثنا عنه أشياخنا، وكلّهم أثنوا عليه ثناء حسنا، وشهدوا له بالصدق والأمانة مثل عبد الوهاب، وابن ناصر وغيرهما. (المنتظم) .
وقال محمد بْن عليّ بْن فولاذ الطَّبَريّ: سألت أبا غالب الذهلي عن ابن الطيوري، فقال: لا أقول إلّا خيرا، اعفني عن هذا! فألححت عليه، وقلت له: رأينا سماعه- أنا والسمعاني- بكتاب الناسخ والمنسوخ لابن عبيد ملحقا على رقعة ملصقا بالكتاب، وكتاب «الفصل» لداود بن المجبر، كان سماعه إلى البلاغ بخط ابن خيرون، فأتمّ هو السماع للجميع بخطّه؟
فقال: نعم! وغير ذا؟! وذكر المجلس عن الحرفي، فقال: قطّ لم يسمع منه، وأخرجه في جزازة له بخطّه، قالوا له: فأين كان إلى الساعة؟ قال: كان قد ضاع، وجدته الآن. وقال

(34/326)


366- المبارك [1] بن فاخر بن محمد بن يعقوب بْن فاخر بْن مُحَمَّد بْن يعقوب [2] .
أبو الكرم ابن الدّبّاس، النَّحْويّ.
من كبار أئمة العربية واللُّغة، لَهُ فيهما باعٌ طويل.
وُلِد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. وقيل: سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة [3] ، وهو أصح، والأوّل غلط.
أخذ عَنْ: أَبِي القاسم عبد الواحد بن برهان الأسديّ [4] .
__________
[ () ] الأسدي أيضا قريبا منه.
وذكره السلفي وأثنى عليه، ثم قال بعد كلام له: كتبت عنه فأكثرت، وأخرج لي في جملة ما أخرج في سنة أربع وتسعين جزءا من حديث ما روى الخطابي كان يرويه عن أبي بكر بن النمط المقرّر فنظر فيه فرأى الإلحاق، فقال لي: رأيت هذا التسميع؟ قلت: نعم، والشيخ ثقة، جلى القدر، ربّما نقله من نسخة أخرى وما ذكره ولا أحال عليه، فقال: نعم، يحتمل منه لأنه ثقة كبير. ثم رأيت بعد ذلك من هذا الخط غير جزء ابن النمط، أراني المؤتمن ومحمد بن منصور السمعاني، وكان أبو نصر محمود الأصبهاني حاضرا، فذكر أنه وقف على مثل هذا، قال: والعلّة فيه أنه صاحب كتب كثيرة تنقل من نسخة إلى نسخة أخرى ولا يذكر الطبعة، وكذا التسميع اتّكالا على ثقته، وحلف أبو نصر باللَّه أنه رأى مثل ذلك في أجزائه، ثم وجد في كتبه الأصول التي نقل منها، وأنا بعد وقفت على مثل ما ذكره أبو نصر، فاللَّه أعلم. (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد) .
[1] هذه الترجمة وردت في الأصل بعد ترجمة (يوسف بن تاشفين) الآتية برقم (369) ، فقدّمتها إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[2] انظر عن (المبارك بن فاخر) في: نزهة الألبّاء 260 (و 281- 283) و 298، والمنتظم 9/ 154 رقم 249 (17/ 106 رقم 3771) ، ومعجم الأدباء 17/ 54- 56 رقم 20، والكامل في التاريخ 10/ 439، وإنباه الرواة 3/ 256، 257، والعبر 3/ 356، وميزان الاعتدال 3/ 431 رقم 7047، والمغني في الضعفاء 2/ 540 رقم 5163، وسير أعلام النبلاء 19/ 302، 303 رقم 192، وتخليص ابن مكتوم 241، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 195، ومرآة الجنان 3/ 162، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة (مخطوط) ورقة 249، ولسان الميزان 5/ 11 رقم 37، والنجوم الزاهرة 5/ 195، وبغية الوعاة 2/ 272، 273، وكشف الظنون 48، 1741، وشذرات الذهب 3/ 412، ومعجم المؤلفين 8/ 172، 173.
[3] نزهة الألبّاء 282.
[4] وهو العكبريّ النحويّ المتوفى سنة 450 هـ. (نزهة الألباء 260) .
وقال ياقوت: وجدت بخط السمعاني مولده على ما تقدّم، فإن صحّ ذلك لا يصحّ أخذه النحو عن ابن برهان، لأنّ ابن برهان مات سنة ست وخمسين وأربعمائة، بل إن كان سمع منه شيئا جاز ذلك، ثم لما وردت إلى مرو نظرت في كتاب «المذيّل» للسمعاني وقد ألحق بخطّه في

(34/327)


وسمع الحديث من: أَبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبي مُحَمَّد الجوهريّ.
أخذ عَنْهُ: الشَّيْخ أبو مُحَمَّد سِبْط الحنّاط.
وروى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الْأَنْصَارِيّ، وجماعة.
وله كتاب «المعلّم» في النَّحْو، وكتاب «نحو العرف» ، وكتاب «شرح خطبة أدب الكاتب» .
وكان ابن ناصر يرميه بالكذب، ويقول: كَانَ يدَّعي سماع ما لم يسمعه [1] .
وقال أبو منصور بْن خَيْرُون: كانوا يقولون إنّه كذاب.
تُوُفّي في ذي القعدة [2] .
367- مطهر بن أحمد بن عمر بن صالح [3] .
__________
[ () ] تضاعيف السطور بخط دقيق: قرأت بخط والدي رحمه الله: سألت المبارك بن الفاخر عن مولده فقال: ولدت في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. قلت: فإذا صحّت هذه الرواية فقد صحّ أخذه عن ابن برهان، وكان والد السمعاني قد لقي ابن الفاخر وأخذ عنه، وحكى عنه شيئا من النحو واللغة.
رأيت بخط الشيخ أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن أحمد بن الخشّاب رحمه الله: حكى لي محمد بن محمد بن قزما الإسكافي، عن شيخنا أبي الكرم المبارك بن فاخر بن يعقوب النحويّ المعروف بابن الدبّاس أنه كان يكرم المتردّدين إليه لطلب العلم بالقيام لهم في مجلسه، وكان الشيخ أبو زكريا يحيى بن علي يأبى ذلك وينكره عليه وعلى غيره ممّن يعتمده وينشد:
قصّر بالعلم وأزرى به ... من قام في الدرس لأصحابه
قال الشيخ أبو محمد: ولعمري إنّ حرمة العلم آكد من حرمة طالبه، وإعزاز العلم أبعث لطلبه، وبحسب الصبر على مرارة طلبه تحلو ثمرة مكتسبه. وكان الشيخ أبو الكرم بن الدبّاس رحمه الله يجمع إلى هذا، التساهل في الخطاب إذا أخذ خطّه على ظهر كتاب، ويقصد بذلك اجتذاب الطلّاب، لأن النفوس تميل إلى هذا الباب. (معجم الأدباء) .
[1] المنتظم، (معجم الأدباء) .
[2] وقال ابن السمعاني: وأخبرني أبو محمد ابن بنت الشيخ أبي منصور المقرئ النحويّ أنه قرأ عليه «شرح كتاب سيبويه» للسيرافي، في مدّة آخرها مستهلّ رجب سنة أربع وخمسمائة، والله أعلم. (نزهة الألبّاء 283) .
ووقع في (معجم الأدباء 17/ 54) أنه مات سنة خمسين وخمسمائة. وهذا غلط.
[3] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد ترجمتي (يوسف بن تاشفين) و (المبارك بن فاخر) فقدّمتها إلى هنا مراعاة للترتيب.
ولم أجد مصدرا للترجمة.

(34/328)


أبو الفَرَج الهَمَذانيّ.
روى عَنْ: أَبِي طَالِب بْن الصّبّاح، وهارون بْن طاهر، وأبي الفتح بْن الضّرّاب، وابن غزْو، وعامّة مشايخ هَمَذَان الّذين أدركهم.
قَالَ شِيرُوَيْه: كَانَ صدوقًا، حَسَن السيرة، لين الجانب، فاضلًا.
مات فِي جُمَادَى الآخرة.
- حرف الْيَاءِ-
368- يَحْيَى بْن سَعِيد بْن حبيب [1] .
أبو زكريّا المُحَارِبيّ الْجَيَّانيّ.
قرأ بالسبع عَلَى: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد الفرّاء الزّاهد.
وسمع من: مُحَمَّد بْن عتّاب الفقيه، وسراج القاضي.
وأقرأ النّاس بُقْرطُبة، ثمّ استقضي بجَيّان، وخطب بها [2] .
[قَالَ عِيَاض: شيخ صالح مسن، أندلسي، سكن فاس، وقدم سَبْتَةَ مِرارًا، وحجّ. وكان مباركًا في الأصول، مائلًا إلى النَّظَر، لكنْ لم يكن يستعمل] [3] ( ... ) [4] .
369- يوسف بن تاشفين [5] .
__________
[1] انظر عن (يحيى بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 671، 672 رقم 1480.
[2] زاد ابن بشكوال: «ثم صرف عن ذلك واستمرّ على الخطبة» . «وتوفّي بجيّان وسط سنة خمسمائة وقد نيّف على الثمانين» .
[3] ما بين الحاصرتين كتب في هامش الأصل.
[4] في الأصل بياض.
[5] انظر عن (يوسف بن تاشفين) في:
الكامل في التاريخ 10/ 417، 418، والمعجب 162، ووفيات الأعيان 7/ 112- 130، والحلّة السيراء لابن الأبّار 1/ 193 و 2/ 51، 55، 62، 66، 70، 85، 86، 88- 90، 98- 102، 110، 114، 174، 175، 186، 205، 212، 248، 249، والعبر 3/ 356، 357، وسير أعلام النبلاء 19/ 252- 254 رقم 156، ودول الإسلام 2/ 28، 29، والإعلام بوفيات الأعلام 206، وتاريخ ابن الوردي 2/ 29، 30، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ 181- 194، والحلل الموشّية 12- 60، وبغية الرواد 1/ 86، ومرآة الجنان 3/ 163- 167، والروض المعطار 288، 289، والبيان المغرب 3/ 239، 243، و 4/ 18-

(34/329)


السّلطان أبو يعقوب اللُّمْتُونيّ المغربيّ البربريّ، الملقَّب بأمير المسلمين، وبأمير المرابطين، وبأمير الملثَّمين. والأوّل هُوَ الّذي استقرّ.
كَانَ أحد من ملك البلاد، ودانت بطاعته العباد، واتسعت ممالكه، وطال عُمره. وقلَّ أنّ عُمِّرَ أحدٌ من ملوك الإسلام ما عُمِّر.
هُوَ الّذي بنى مدينة مراكش [1] ، وهو الّذي أخذ الأندلس من المعتمد بْن عَبّاد وأسره.
فمن أخباره أنّ بَرّ البربر الجنوبيّ كَانَ لزَنَاتَة، فخرج عليهم من جنوبيّ المغرب من البلاد التي تتاخم أرض السودان الملثَّمون عليهم أبو بَكْر بْن عُمَر، وكان رجلًا خيِّرًا ساذجًا، فأخذت الملثَّمة البلادَ من زنَاتَة من تِلمْسان إلى البحر الأكبر. فسمع أبو بَكْر أنّ امرأةً ذهبت ناقتها في غارةٍ، فبكت وقالت: ضيَّعَنَا أبو بَكْر بدخوله إلى المغرب. فتألم واستعمل عَلَى المغرب يوسف بْن تاشَفِين هذا، ورجع أبو بَكْر إلى بلاد الجنوب [2] .
وكان ابن تاشَفِين بطلًا شجاعًا، عادلًا، اختطّ مراكش، وكان مكمنًا للّصوص مأوى الحَرَاميّة، فكان المارَون بِهِ يقول بعضُهم لبعض: مُرّاكش.
وكان بناء مدينة مُرّاكش في سنة خمس وستّين وأربعمائة، اشتراها يوسف بماله الّذي خرج بِهِ من الصحراء. وكان في موضعها غابة من الشَّجَر وقرية، فيها جماعة من البربر، فاختطهّا، وبنى بها القصور والمساكن الأنيقة. وهي في مرجٍ
__________
[ () ] 33 و 43- 47 و 111- 116، وانظر فهرس الأعلام ص 170، وشرح رقم الحلل 175، 176، 180، 181، 184- 186، وآثار الأول للعباسي 126، والدرّة المضيّة 465، وصبح الأعشى 1/ 363، ومآثر الإنافة 2/ 8، 9، 23، 24، والنجوم الزاهرة 5/ 191، 195، ونفح الطيب 4/ 354، وشذرات الذهب 3/ 412، 413، والاستقصاء 1/ 224، وأخبار الدول 2/ 405- 407، 409، 410، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 113، وتراجم إسلامية 225- 234.
[1] وقيل إن موضعها كان اسمه مراكش، معناه: امش مسرعا بلغة المصامدة. (وفيات الأعيان 7/ 124) .
[2] وفيات الأعيان 7/ 113.

(34/330)


فسيح، وحولها جبال على فراسخ منها، وبالقرب منها جبل عَلَيْهِ الثلج [1] ، وهو الّذي يعدّل مِزَاجَها [2] .
وقيل: كانت لعجوز مَصْمُوديّة [3] . فأسكن مُرّاكش الخَلْق، وكثرت جيوشه وبعد صِيتُه، وخافتْه ملوك الأندلس، وكذلك خافته ملوك الفرنج لأنّها علمت أَنَّهُ ينجد الأندلسيّين عليهم.
وكان قد ظهر للملثَّمين في الحروب ضَرَبات بالسّيوف تقدّ الفارس، وطعنات تنظم الكُلَى [4] ، فكتب إِلَيْهِ المعتمد يتلطّف بِهِ، ويسأله أنّ يعرض عَنْ بلاده لمّا رأى هِمَّتَه عَلَى قصْد الأندلس، وأنّه تحت طاعته. فيقال كَانَ في الكتاب: «فإنك إنّ أعرضت عنّا نُسِبْتَ إلى كَرَمٍ، ولم تُنْسَب إلى عَجْز، وإنْ أَجَبْنا داعيك نُسِبنا إلى عقلٍ، ولم نُنْسَب إلى وهْن، وقد اخترنا لأَنْفُسِنا أجمل نسبتَيْنا [5] . وإنّ في استبقائك ذوي البيوت دوامًا [6] لأمرك وثبوت» [7] .
وأرسل لَهُ تُحَفًا وهدايا.
وكان بربريًّا لا يكاد يفهم، ففسَّرَ لَهُ كاتبه تِلْكَ الكلمات، وأحسن في المشورة عَلَيْهِ [8] ، فأجاب إلى السلم. وكتب كاتبه، عَلَى لسانه: «من يوسف بْن تاشَفِين، سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته تحيّة من سالمكم، وسلّم إليكم، حكَّمَهُ [9] التّأييد والنَّصْر فيما حكم عليكم، وإنّكم في أوسع إباحة ممّا بأيديكم
__________
[1] في الأصل: «البلح» .
[2] وفيات الأعيان 7/ 124.
[3] وفيات الأعيان 7/ 113.
[4] في الأصل: «الكلا» . والخبر في: وفيات الأعيان 7/ 113.
[5] زاد في وفيات الأعيان: «فاختر لنفسك أكرم نسبتيك، فإنّك بالمحلّ الّذي لا يجب أن تسبق فيه إلى مكرمة» .
[6] في الوفيات: «ذوي البيوت ما شئت من دوام» .
[7] وفيات الأعيان 7/ 114.
[8] انظر: وفيات الأعيان 7/ 114.
[9] في الأصل: «حكمة» . وفي وفيات الأعيان: «وحكّمه» .

(34/331)


من المُلْك، وأنتم مخصوصون منّا بأكرم إيثار [1] ، فاسْتَدِيموا وفاءنا بوفائكم [2] ، واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم، واللَّه [وليُّ] [3] التّوفيق لنا ولكم، والسلام» [4] .
ففرح بكتابه ابن عَبّاد وملوك الأندلس، وقويت نفوسهم عَلَى دفع الفرنج، ونَوَوْا إنْ رأوا من ملك الفرنج ما يرِيُبهُم أن يستنجدوا بابن تاشَفِين. وصارت لابن تاشَفِين بفعله محبّةٌ في نفوس أهل الأندلس [5] .
ثمّ إنّ الأذفُونْش أَلحَّ عَلَى بلاد ابن عَبّاد، فقال ابن عَبّاد في نفسه: إنْ دُهِينا من مُداخله الأضداد، فأَهْوَن الأمرَيْن أمر الملثَّمين، ورعاية أولادنا جمالهم أهون من أن يَرْعَوْا خنازير الفرنج. وبقي هذا الرّأي نُصْب عينيه [6] ، فقصده الأذفونش في جيشٍ عَرَمْرَمٍ، وجفل النّاس، فطلب من ابن تاشَفِين النجدة، والجهاد. وكان ابن تاشَفِين عَلَى أتم أُهْبةٍ، فشرع في عُبور جيشه. فلمّا رأى ملوك الأندلس عبور البربر للجهاد، استعدوا أيضًا للنجدّة، وبلغ ذَلِكَ الأذفونش، فاستنفر دِينَ النَّصرانيّة، واجتمع لَهُ جنودٌ لا يُحْصِيهم إلّا الله.
ودخل مع ابن تاشفين شيء عظيمٌ من الجمال، ولم يكن أهل جزيرة الأندلس يكادون يعرفون الجمال، ولا تعوَّدتها خيلُهُم، فتجافلت منها ومن رُغائها وأصواتها.
وكان ابن تاشفين يحدق بها عسكره، ويحضرها الحروب، فتنفر خيل الفرنج عنها.
وكان الأذفونش نازلًا بالزّلّاقة [7] بالقرب من بَطَلْيُوس، فقصده حزب الله،
__________
[1] في الوفيات «وإنكم مما بأيديكم من الملك في أوسع إباحة، مخصوصون منّا بأكرم إيثار وسماحة» .
[2] في الأصل تقرأ: «يوفا بكم» .
[3] إضافة على الأصل.
[4] وفيات الأعيان 7/ 115.
[5] وفيات الأعيان 7/ 115.
[6] وفيات الأعيان 7/ 115، الروض المعطار 288، البيان المغرب 4/ 132.
[7] قال الحميريّ في «الزّلّاقة» : بطحاء الزّلّاقة من إقليم بطليوس من غرب الأندلس فيها كانت

(34/332)


وقدم ابن تاشَفِين بين يديه كتابًا إلى الفرنج يدعوهم إلى الإسلام، أو الحرب، أو الجزية.
ثمّ أقبلت الجيوش، ونزلت تجاه الفرنج، فاختار ابن عَبّاد أنْ يكون هُوَ المصادم للفرنج أوّلًا، وأن يكون ابن تاشَفِين ردفًا له. ففعلوا ذلك، فخذل الفرنج، استمرّ القتل فيهم، فقيل: إنّه لم يفلت منهم إلّا الأذفونش في أقلّ من ثلاثين. وغنم المسلمون غنيمة عظيمة. وذلك في سنة تسع وسبعين وأربعمائة.
وعفّ يوسف عَن الغنائم، وآثر بها ملوك الأندلس ليتمّ لَهُ الأجر، فأحبوه وشكروا لَهُ. وكانت ملحمةً عظيمةً قَلَّ أنْ وقع في الإسلام مثلها [1] .
وجرح فيها ملك الفرنج، وجُمِعت رءوس الفرنج، فكانت كالتّلّ العظيم [2] .
__________
[ () ] الوقيعة الشهيرة للمسلمين على الطاغية عظيم الجلالقة اذفونش بن فرذلند، بحميد سعي المعتمد محمد بن عبّاد، وكان ذلك في الموفي عشرين من رجب سنة تسع وسبعين وأربعمائة. وكان السبب في ذلك فساد الصلح المنعقد بين المعتمد وبين الطاغية المذكور بسبب إفناء هذه الضريبة ما في أيدي المسلمين من كور، فإنّ المعتمد اشتغل عن أداء الضريبة في الوقت الّذي جرت عادته يؤدّيها فيه بغزو ابن صمادح صاحب المريّة واستنقاذه ما في يديه بسبب ذلك، فتأخّر لأجل ذلك أداء الإتاوة عن وقتها، فاستشاط الطاغية غضبا وتشطط فطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجنّي، فسأل في دخول امرأته القمطيجة إلى جامع قرطبة لتلد فيه من حمل كان بها حين أشار عليه بذلك القسّيسون والأساقفة، لمكان كنيسة كانت في الجانب الغربي منه معظّمة عندهم عمل عليها المسلمون المسجد الأعظم، وسأل أن تنزل امرأته المذكورة بالمدينة الزهراء، غربي مدينة قرطبة، تنزل بها فتختلف منها إلى الجامع المذكور حتى تكون تلك الولادة بين طيب نسيم الزهراء وفضيلة ذلك الموضع الموصوف من الجامع، وزعم أنّ الأطبّاء أشاروا عليه بالولادة في الزهراء كما أشار عليه القسّيسون بالجامع، وسفر بذلك بينهما يهوديّ كان وزيرا لابن فرذلند، فتكلّم بين يدي المعتمد ببعض ما جاء به من عند صاحبه فأيأسه ابن عبّاد من جميع ذلك، فأغلظ له اليهودي في القول وشافهه بما لم يحتمله، فأخذ ابن عبّاد محبرة كانت بين يديه، فأنزلها على رأس اليهودي فألقى دماغه في حلقه وأمر به فصلب منكوسا بقرطبة، واستفتى ابن عبّاد الفقهاء لما سكت عنه الغضب عن حكم ما فعله باليهودي، فبدره الفقيه محمد بن الطلاع بالرخصة في ذلك لتعدّي الرسول حدود الرسالة إلى ما يستوجب به القتل إذ ليس له أن يفعل ما فعل، وقال للفقهاء حين خرجوا: إنما بدرت بالفتوى خوفا أن يكسل الرجل عمّا عزم عليه من منابذة العدوّ، عسى الله أن يجعل في عزيمته للمسلمين فرجا.
[1] راجع خبر الزّلّاقة في حوادث سنة 479 هـ. في الطبقة الأسبق من هذا الكتاب.
[2] وفيات الأعيان 7/ 118.

(34/333)


ثمّ عزم ابن عَبّاد عَلَى أمير المسلمين يوسف، ورام أنّ ينزل في ضيافته، فأجابه، فأنزله في قصوره عَلَى نهر إشبيلية. فرأى أماكن نزهة، كثيرة الخير والحُسْن والرّزْق. وبالغ المعتمد بْن عَبّاد وأولاده في خدمة أمير المسلمين، وكان رجلًا بربريا، قليل التّنعُّم والتّلذُّذ والرّفاهية، فرأى ما هاله من الحشمة والعرش والأطعمة الفاخرة، فأقبل خواصّه عَلَيْهِ ينبهونه عَلَى تِلْكَ الهيئة ويحسنونها، ويقولون: ينبغي أنّ تتخذ ببلادك نحو هذا. فأنكر عليهم، وكان قد دخل في الشيخوخة، وفنيت إرادته، وأدمن عَلَى عيش بلاده. ثمّ أخذ يعيب طريقة المعتمد وتنعمه المُفْرِط، وقال: مَن يتعانى هذه اللّذات لا يمكن أنّ يعدل كما ينبغي أبدًا. ومن كَانَ هذا همته في حفظ بلاده ورعيته.
ثمّ سأل يوسف: هَلْ يفعل المعتمد هذا التنعم في كلّ أوقاته؟ فقيل لَهُ:
بل كلّ زمانه عَلَى هذا.
فسكت، وأقام عنده أيّامًا، فأتى المعتمد رجلٌ عاقل ناصح، فخوّفه من غائلة ابن تاشَفِين، وأشار عَلَيْهِ بأن يقبض عَلَيْهِ، وأن لا يُطْلقه حتّى يأمر كلَّ من بالأندلس من عسكره أنّ يرجع من حيث جاء: ثمّ تتّفق أنت وملوك الأندلس عَلَى حراسة البحر من سفينة تجري لَهُ، ثمّ تتوثق منه بالأَيْمان أن لا يغدر، ثمّ تُطْلِقه، وتأخذ منه عَلَى ذَلِكَ رهائن.
فأصغى المعتمد إلى مَقَالته واستصوبها، وبقي يفكّر في انتهاز الفرصة، وكان لَهُ نُدَماء قد انهمكوا معه في الّلذّات، فقال أحدهم لهذا الرجل: ما كَانَ أمير المؤمنين، وهو إمامُ أهل المَكْرُمات ممّن يُعامل بالحَيْف ويغدر بالضَّيْف.
قَالَ: إنّما الغَدْر أَخْذُ الحقّ ممّن هُوَ لَهُ، لا دفْع المرء عَنْ نفسه.
قَالَ النّديم: بل كَظْمٌ مَعَ وفاءٍ، خيرٌ من حزْمٍ مَعَ جفاء.
ثمّ إنّ ذَلِكَ النّْاصح استدرك الأمر وتلافاه، وشكر لَهُ المعتمد، وأجازه، فبلغ الخبرُ ابن تاشَفِين، فأصبح غاديا. فقدَّم لَهُ المعتمد هدايا عظيمة، فقبِلَها وعبر إلى سَبْتَة. وبقي جُلُّ عسكره بالجزيرة يستريحون [1] .
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 119- 122.

(34/334)


وأمّا الأذفونش، فقدم إلى بلده بأسوأ حال، فسأل عَنْ أبطاله وبَطَاركته، فوجد أكثرهم قد قتلوا، وسمع نَوْح الثُّكَالَى عليهم، فلم يأكل ولا الْتَذّ بعَيْشٍ حتّى مات غَمًّا، وخلَّف بنتًا، فتحصَّنت بطُلَيْطُلَة [1] .
ثمّ أخذ عسكرُ ابن تاشَفِين يغيرون، حتّى كسبوا من الفرنج ما تجاوز الحدّ، وبعثوا بالمغانم إلى مُرّاكش. واستأذن مقدّمهم سِير بْن أَبِي بَكْر لابن تاشَفِين في المقام بالأندلس، وأعلمه أَنَّهُ قد افتتح حصونًا، ورتّب فيها، وأنّه لا يستقيم الأمر إلّا بإقامته. فكتب إِلَيْهِ ابن تاشَفِين يأمره بإخراج ملوك الأندلس من بلادهم وإيجافهم في العدْوَة، فإن أَبَوْا عَلَيْهِ حاربهم. وليبدأ بالثغور: ولا تتعرّض للمعتمد.
فابتدأ سير بملوك بُنيّ هود يستنزلهم من قلعة روطة، وهي منيعة إلى الغاية، وماؤها [2] يُنْبُوعٌ في أعلاها، وبها من الذخائر المختلفة ما لا يوصف. فلم يقدر عليها، فرحل عَنْهَا. ثمّ جَنَّد أجنادًا عَلَى زِيّ الفرنج، وأمرهم أنّ يقصدوها كالمُغِيرين، وكمن هُوَ والعسكر، ففعلوا ذَلِكَ.
فرآهم ابن هود، فاستضعفهم، ونزل في طلبهم، فخرج عَلَيْهِ سير، فأسره وتسلَّم القلعة [3] .
ثمّ نازل بُنيّ ظاهر بشرق الأندلس، فسلموا إِلَيْهِ، ولحِقُوا بالعدْوَة.
ثمّ نازل بني صُمَادِح بالمَرِيّة، فمات ملكهم في الحصار، فسلّموا المدينة.
ثمّ نازلوا المتوكلّ عُمَر بْن الأفطس ببَطَلْيُوس، فخامر عَلَيْهِ أصحابه، فقبضوا عَلَيْهِ، ثمّ قتل صبرًا [4] .
ثمّ إنّ سير كُتُب إلى ابن تاشَفِين أَنَّهُ لم يبق بالجزيرة غير المعتمد فأمره أن
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 122.
[2] في الأصل: «ومائها» .
[3] وفيات الأعيان 7/ 122.
[4] وفيات الأعيان 7/ 122، 123.

(34/335)


يعرض عَلَيْهِ التّحوّل إلى العدْوَة بأهله وماله، فإن أبى فنازله. فلمّا عرض عَلَيْهِ سير ذَلِكَ لم يُجِبْ، فسَار وحاصره أشْهُرًا، ثمّ دخل عَلَيْهِ البلد قهرًا، وظفر بِهِ، وبعثه إلى العدْوَة مقيَّدًا، فحُبِس بأَغْمات إلى أن مات. وتسلّم سير الجزيرة كلَّها [1] .
وقال ابن دحية أو غيره: نزل يوسف عَلَى مدينة فاس في سنة أربع وستّين وأربعمائة وحاصرها. ثمّ أخذها، فأقرّ العامّة، ونفى البربر والْجُنْد عَنْهَا، بعد أنّ حبس رءوسهم، وقتل منهم، وكان مؤثرًا لأهل العلم والدّين، كثير المَشُورَة لهم [2] .
وكان معتدل القامة، أسمر، نحيفًا، خفيف العارضيْن، دقيق الصوت، حازمًا، سائسًا. وكان يخطب لبني العبّاس. وهو أوّل من سُمّي بأمير المسلمين [3] .
وكان يحبّ العفْو والصَّفْح، وفيه خيرٌ وعدل [4] .
وقال أبو الحَجّاج يوسف البيّاسيّ في كتاب «تذكير الغافل» [5] : إنّ يوسف بْن تاشَفِين جاز البحر مرة ثالثة، وقصد قُرْطُبَة، وهي لابن عَبّاد، فوصلها سنة ثلاث وثمانين، فخرج إِلَيْهِ المعتمد بالضيافة، وجري معه عَلَى عادته [6] .
ثمّ إنّ ابن تاشَفِين أخذ غرناطة من عَبْد اللَّه بْن بلقين [7] بْن باديس، وحبسه،
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 123.
[2] وفيات الأعيان 7/ 124، 125.
[3] وفيات الأعيان 7/ 125.
[4] وفيات الأعيان 7/ 125، وقال ابن الأثير: «فمن ذلك أنّ ثلاثة نفر اجتمعوا، فتمنّى أحدهم ألف دينار يتّجر بها، وتمنّى الآخر عملا يعمل فيه لأمير المسلمين، وتمنّى الآخر زوجته النّفزاويّة، وكانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاده، فبلغه الخبر، فأحضرهم، وأعطى متمنّي المال ألف دينار، واستعمل الآخر، وقال للذي تمنّى زوجته: يا جاهل! ما حملك على هذا الّذي لا تصل إليه؟ ثم أرسله إليها، فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه كل يوم طعاما واحدا، ثم أحضرته، وقالت له: ما أكلت هذه الأيام؟ قال: طعاما واحدا، فقالت: كل النساء شيء واحد. وأمرت له بمال وكسوة وأطلقته» . (الكامل في التاريخ 10/ 417، 418) .
[5] في وفيات الأعيان 7/ 127 «تذكير العاقل» .
[6] وفيات الأعيان 7/ 127، 128.
[7] في وفيات الأعيان: «بلكين» .

(34/336)


فطمع ابن عَبّاد في غَرْناطة، وأن يُعطِيَه ابن تاشَفِين إيّاها، فعرض لَهُ بذلك، فأعرض عَنْهُ ابن تاشَفِين إلى مُرّاكش في رمضان من السّنة. فلمّا دخلت سنة أربع عزم عَلَى العبور إلى الأندلس لمنازلة المعتمد بْن عَبّاد، فاستعدّ لَهُ ابن عَبّاد [1] ، ونازلته البربر، فاستغاث بالأذفونش، فلم يلتفت إِلَيْهِ.
وكانت إمرة يوسف بْن تاشَفِين عند موت أَبِي بَكْر بْن عُمَر أمير المسلمين سنة اثنتين وستّين وأربعمائة. وكانت الدّولة قبلهما لزَنَاتَة، وكانت دولة «ظالمة» فاجرة.
وكان ابن تاشَفِين وعسكره فيهم يبس وديانة وجهاد، فافتتح البلاد، وأحبَّته الرّعيّة. وضيّق لِثامَه هُوَ وجماعته. فقيل: إنهم كانوا يتلثّمون في الصّحراء كعادة العرب، فلمّا تملّك ضيّق ذَلِكَ اللّثام [2] .
قَالَ عُزَيز: وممّا رأيته عيانًا أَنَّهُ كَانَ لي صديقٌ منهم بدمشق، وبيننا مودة.
فأتيتُه، فدخلت وقد غسَل عمامته، وشدّ سِرواله عَلَى رأسه، وتلثَّم بِهِ. هذا بعد أن انقضت دولتهم، وتفرّقوا في البلاد.
__________
[1] وفيات الأعيان 7/ 128.
[2] قال ابن خلّكان: وذلك سنّة لهم يتوارثونها خلفا عن سلف، وسبب ذلك على ما قيل إنّ حمير كانت تتلثّم لشدّة الحرّ والبرد، يفعله الخواصّ منهم، فكثر ذلك حتى صار يفعله عامّتهم.
وقيل: كان سببه أنّ قوما من أعدائهم كانوا يقصدون غفلتهم إذا غابوا عن بيوتهم فيطرقون الحيّ فيأخذون المال والحريم، فأشار عليهم بعض مشايخهم أن يبعثوا النساء في زي الرجال إلى ناحية ويقعدوا هم في البيوت ملثّمين في زيّ النساء، فإذا أتاهم العدو ظنّوهم النساء، فيخرجون عليهم، ففعلوا ذلك وثاروا عليهم بالسيوف فقتلوهم، فلزموا اللثام تبرّكا بما حصل لهم من الظفر بالعدوّ. (وفيات الأعيان 7/ 129) .
وقال ابن الأثير: وقيل إن سبب اللثام لهم أنّ طائفة من لمتونة خرجوا مغيرين على عدوّ لهم فخالفهم العدوّ إلى بيوتهم، ولم يكن بها إلّا المشايخ والصبيان والنساء، فلما تحقّق المشايخ أنه العدوّ أمروا النساء أن تلبس ثياب الرجال ويتلثّمن ويضيّقنه حتى لا يعرفن، ويلبسن السلاح، ففعلن ذلك، وتقدّم المشايخ والصبيان أمامهنّ واستدار النساء بالبيوت، فلما أشرف العدوّ رأى جمعا عظيما، فظنّه رجالا وقالوا: هؤلاء عند حريمهم يقاتلون عنهنّ قتال الموت، والرأي أن نسوق النعم ونمضي، فإن اتبعونا قاتلناهم خارجا عن حريمهم فبينما هم في جمع النعم من المراعي إذ أقبل رجال الحيّ، فبقي العدوّ بينهم وبين النساء، فقتلوا من العدوّ وأكثروا، وكان من قبل النساء أكثر، فمن ذلك الوقت جعلوا اللثام سنّة يلازمونه فلا يعرف الشيخ من الشاب ولا يزيلونه ليلا ولا نهارا. (الكامل في التاريخ) .

(34/337)


وحكى لي ثقة أَنَّهُ رأى شيخًا من الملثَّمين بالمغرب مترديا في نهر يغسل ثيابه وهو عريان، وعورته بادية، ويده اليُمْنى يغسل بها، ويده اليُسْرى يَسْتر بها وجهه.
وقد جعل هَؤُلَاءِ اللّثام جُنَّةً، فلا يُعرف الشَّيْخ منهم من الشّاب، فلا يزيلونه ليلًا ولا نهارًا، حتّى أنّ المقتول منهم في المعركة لا يكاد يعرفه أهله، حتّى يجعلوا عَلَى وجهه لثامًا.
ولبعضهم:
قومٌ لهم دَرْكُ العلى [1] في حمير ... وإن انتموا صنهاجة فهم هموا
لما حووا إحراز كل فضيلة ... غلب الحياء عليهم، فتلثموا [2]
وتزوج ابن تاشَفِين بزينب زوجة أَبِي بَكْر بْن عُمَر، وكانت حاكمة عَلَيْهِ، وكذلك جُمَيْع الملثمين يكبرون نساءهم، وينقادون لأمرهم، وما يسمّون الرَجل منهم إلّا بأمّه.
وهنا حكاية، وهي أنّ ابن خلوف القاضي الأديب كَانَ لَهُ شِعْرٌ، فبلغ زينبَ هذه أَنَّهُ مدح حوّاء امرأة سير بْن أَبِي بَكْر، وفضَّلها عَلَى جُمَيْع النّساء بالجمال، فأمرت بعزْله عَن القضاء. فسار إلى أَغْمات، واستأذن عليها، فدخل البوّاب فأعلمها بِهِ، فقالت: يمضي إلى الّتي مَدَحها تردّه إلى القضاء.
فأبلغه، فَعَزَّ عَلَيْهِ، وبقي بالحضرة أيّامًا حتّى فنيت نَفَقَتُه، فأتى خادمها فقال: قد أردت بيع هذا المهر، فأعطني مثقالين أتزود بهما إلى أهلي، وخذه فأنت أولى.
فسرَّ الخادم وأعطاه، ودخل مسرورًا بالمهر، وأخبر السّتّ، فرقَّت لَهُ، وقالت: ائتني بِهِ. فأسرع وأدخله عليها، فقالت: تمدح حوّاء وتسرف، وزعمت أَنَّهُ لَيْسَ في النّساء أحسن منها، وما هذه منزلة القضاة. فقال في الحال:
__________
[1] في وفيات الأعيان: «علا» .
[2] وفيات الأعيان 7/ 130.

(34/338)


أنت بالشمس لاحِقَهْ ... وهي بالأرض لاصقهْ
فمتى ما مَدَحْتُها ... فهي من سيرَ طالقهْ
فقالت: يا قاضي طَلّقْتَها؟!.
قَالَ: نعم، ثلاثة وثلاثة وثلاثة.
فضحكت حتّى افتضحت، وكتبت إلى يوسف يردّه إلى القضاء.
قلت: ولا رَيْب أنّ يوسف ملكٌ من الملوك، بَدَت منه هنّات وزلّات، ودخل في دهاء الملوك وغدرهم. ولمّا أخذ إشبيلية من المعتمد شنّ عسكر ابن تاشَفِين الغارة بإشبيلية، وخلّوا أهلها عَلَى برْد الدّيار، وخرج النّاس من بيوتهم يسترون عوراتهم بأيديهم، وافتُضَّت الأبكار.
وتتابعت الفتوحات لابن تاشَفِين. وكانت فُقهاء الأندلس قَالُوا لَهُ: لا تَجِبْ طاعتُك حتّى يكون لك عهد من الخليفة.
فأرسل إلى العراق قومًا من أهله بهدايا. وكتابًا، يذكر فيه ما فعل بالفرنج.
فجاءه أمر المستظهر باللَّه أحمد رسول بهديّة، وتقليد وخِلْعة، وراية.
وكان يقتدي بآراء العلماء، ويعظّم أهل الدين. ونشأ ولده عليّ في العفاف والدّين والعِلْم، فولّاه العهدَ في سنة تسعٍ وتسعين وأربعمائة.
وتُوُفّي يوسف في يوم الإثنين ثالث المحرَّم سنة خمسمائة، ورّخه ابن خلكان، وقبله عزّ الدين ابن الأثير، وغيرهما.
وعاش تسعين سنة.
قَالَ الْيَسَعُ بْن حَزْم: فمِن فضله أَنَّهُ لما أراد بناء مُرّاكش ادّعى قومٌ مَصَامِدَةٌ فيها أرضًا، فأرضاهم بمالٍ عظيم. وكان يلبس العباء، ويُؤثر الحياء، ويقصد مقاصد العز في طُرُق المعالي، ويكره السَّفساف، ويحبّ الأشرف المتعالي، ويقلّد العلماء، ويؤثر الحُكَماء، يتدبّر مَرْضَاتهم. وإذا دخل عَلَيْهِ من طَوْل ثيابه وجرّها ... [1] إِلَيْهِ وجهه، وأعرض عَنْهُ، فإن كَانَ ذا ولاية عزله. وكان كثير الصدقة عظيم البِرّ والصّلة للمساكين، رحمه اللَّه.
__________
[1] في الأصل بياض.

(34/339)


370- يوسف بْن عليّ الزّنْجانيّ [1] .
أبو القاسم الشّافعيّ من كبار أصحاب أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ.
مات في صفر [2] .
__________
[1] انظر عن (يوسف بن علي) في: المنتظم 9/ 154، 155 رقم 250 (17/ 106 رقم 3772) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 22، والبداية والنهاية 12/ 169.
[2] وصفه ابن الجوزي بالفقيه، وقال: برع في الفقه، وكان من أهل الدين.

(34/340)


[المتوفون تقريبًا] [1]
371- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أَبُو العبّاس الْأَنْصَارِيّ، الشّارقيّ الواعظ.
حجّ وسمع كريمة، وتفقّه عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشِّيرازيّ.
ودخل العراق وفارس، وسكن سَبْتَةَ، وفاس.
وكان صالحًا، دينًا، ذاكرًا، بكاءً، واعظًا.
تُوُفّي بشرق الأندلس في نحو الخمسمائة. قاله ابن بَشْكُوَال.
372- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن شَهْرَيار [3] .
أبو عليّ الأصبهاني.
سمع: أبا الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وغيره.
وكان من أبناء التسعين.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ، وأبو طاهر السِّنْجيّ.
مات قبل الخمسمائة بقليل.
أحمد بْن عَبْد اللَّه السُّوذَرْجانيّ [4] .
373- عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد بْن أحمد [5] .
أبو منصور الشّرابيّ الأصبهانيّ.
__________
[1] العنوان إضافة إلى الأصل.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد الشارقي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 73 رقم 159.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] وردت ترجمة «السوذرجاني» في الأصل هنا، ولكنّني حوّلتها إلى وفيات سنة 496 هـ. بناء لأمر المؤلّف، انظر رقم (235) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/341)


توفّي قبل الخمسمائة أو بعدها.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن اللَّيْث الصّفّار صاحب ابن خميروَيْه الهَرَوِيّ.
روى عَنْهُ: أَبُو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ.
374- عَبْد الرَّحْمَن بْن إسماعيل بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد [1] .
أبو بَكْر ابن الْإِمَام أَبِي عثمان الصّابونيّ النَّيْسابوريّ.
خَلَف أَبَاهُ في حضور المجالس، وكان لَهُ قبول تامّ لأجل والده.
وكان مليح الشّمائل، متجمّلًا بهيًّا. بَقِيّ عَلَى التّصوّن قليلًا، ثمّ لعب وأخذ في الصّيد والتنزه، فقبر أمره، ثمّ أصابه في الآخر نقْرس وزَمِنَ، فباع بقية ضيعة لَهُ.
سمع: أَبَاهُ، وعمّه أبا يَعْلَى، وأبا حفص بْن مسرور.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن الحُسين الآمُليّ، وعَبْد اللَّه بْن الفُرَاويّ، وعُمَر بْن أَحْمَد الصَّفَّار، وآخرون.
وقد سمع «صحيح مُسْلِم» من عَبْد الغافر الفارسيّ.
روى عَنْهُ أيضًا: هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن حَسَنة، وتيمان بْن أَبِي الفوارس، وأبو رُشَيْد بْن إسماعيل بْن غانم، وَأَبُو الفتح عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد الخِرَقيّ، وعدد كبير.
375- أسعد بْن مسعود بْن عليّ [2] .
أبو إِبْرَاهِيم العُتْبيّ النَّيْسابوريّ، أحد الرؤساء والعُلماء.
تأدَّب عَلَى منصور بْن عَبْد الملك الثّعالبيّ.
وسمع من: الحِيّريّ، والصَّيْرفيّ.
ومن جَدّه أَبِي نَصْر العُتْبيّ، وقال: مات جدي سنة أربع عشرة.
روى عَنْهُ: مسعود بْن أحمد الحوافيّ، وأبو طاهر السّنجيّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 318 رقم 1048.
[2] تقدّمت ترجمته في المتوفين سنة 494 هـ. برقم (162) .

(34/342)


تزهد بأخرة. عاش بضعًا وثمانين سنة.
376- غالب بْن عيسى بْن نعم الخَلَف [1] .
أبو تمّام الْأَنْصَارِيّ الأندلسيّ.
طوّف الشّام، والعراق، واليمن. وجاوَرَ بمكّة.
سمع: أبا مُحَمَّد الجوهريّ، وجماعة ببغداد، وأبا غالب بْن بِشْران النَّحْويّ بواسط، وأبا العلاء بْن سليمان بالمَعَرَّة، وأحمد بْن الفضل الباطرقاني بأصبهان.
سمع منه: أبو بَكْر السّمعانيّ في سنة ثمانٍ وتسعين بمكّة، وقال: كَانَ قد نيَّف عَلَى المائة وزمِن وعُمِّر.
377- المظفّر بْن الحُسين بْن إِبْرَاهِيم بْن هَرْثَمَة [2] .
أبو منصور الفارسيّ الأَرَّجانيّ [3] ، ثمّ الغَزْنَويّ.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ، إمام، فقيه، عارف بالحديث وطُرُقه. صنف تصانيف في الحديث.
وسمع بغَزْنَة حنبل بْن أحمد بْن حنبل البَيِّع، وبالهند أبا الحَسَن مُحَمَّد بْن الحَسَن الْبَصْرِيّ، وببغداد أبا الطَّيِّب الطَّبَريّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، وبدمشق أبا عَبْد اللَّه بْن سلوان، وبمصر أبا الحَسَن الطّفّال، وعبد الملك بْن مسكين.
قدِم بلْخ فحدَّث بها.
روى عَنْهُ: أبو شجاع عُمَر البسْطاميّ، وأبو حفص عُمَر بْن عُمَر الأشهبيّ، وغيرهما.
وتوفّي بعد التّسعين وأربعمائة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأرجاني: قال ابن السمعاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الجيم وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى أرجان وهي من كور الأهواز من بلاد خوزستان، ويقال لها أرغان بالغين وهي أرجان. (الأنساب 1/ 73) وتابعه ابن الأثير في (اللباب 1/ 40) .
وقال ياقوت بتشديد الراء. (معجم البلدان 1/ 142) .

(34/343)


378- عَبّاد بْن الحُسين بْن غانم الطّائيّ [1] .
الوزير أبو منصور.
وَزَرَ لبعض ملوك العجم، وحدَّثَ ببغداد عَن ابن رَيْدَة الأصبهاني.
روى عَنْهُ: أبو الوفاء أحمد بْن الحُصَيْن، وأبو طاهر السِّلَفيّ.
379- إِبْرَاهِيم بْن عليّ بْن الحَسَن [2] .
أبو أحمد الْبَصْرِيّ البُجَيْرميّ.
سمع: إِبْرَاهِيم بْن طلحة بْن غسّان.
وعنه: السِّلَفيّ.
380- مُحَمَّد بْن المظفّر بن عُبَيْد اللَّه النَّهَاوَنْديّ [3] .
المعدّل.
سمع: القاضي أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الرّاوي عَن البكّائيّ.
أخذ عَنْهُ السِّلَفيّ بنهاوند.
381- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن عليّ [4] .
أبو الفتح الأصبهاني الزّجّاج.
سمع: عليّ بن ماشذة، وأبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن حَسَن المرزوقيّ، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، والحسين بْن أحمد بْن سَعْد الرّازيّ.
قَالَ السِّلَفيّ: لم يروِ منّا عَن المرزوقي سواه.
382- مُحَمَّد بْن إدريس بْن خَلَف [5] .
أبو تمّام القَرَتَّائي [6] البصريّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (محمد بن إدريس) في: معجم البلدان 4/ 320.
[6] القرتّائيّ: بفتح القاف والراء والتاء المشدّدة ثالث الحروف وفي آخرها الياء آخر الحروف. هذه النسبة إلى قرتّا. قال ابن السمعاني: وظنّي أنها من قرى البحر من عمان. (الأنساب 10/ 89) .

(34/344)


روى عَنْ: إِبْرَاهِيم بْن طَلْحة بْن غسان.
سمع منه: السِّلَفيّ بالبصرة.
383- سَعْد بْن عليّ بْن حُمَيْد [1] .
أبو علّان المُضَريّ المَرَاغيّ.
روى عن: أحمد بن الحسين التراسي [2] .
وعنه: السلفي.
384- عليّ بْن هبة اللَّه التّرّاسيّ [3] .
عَنْ: أحمد بن الحُسين التّرّاسيّ.
وعنه: السِّلَفيّ، وغيره.
385- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد الرّزّاق [4] .
أبو الحَسَن الأصبهاني الكاغدي.
شيخ مسن، مُسْنِد.
روى عَنْ: عليّ بْن ميلة الفَرَضِيّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ.
386- أحمد بْن أبي هاشم [5] .
أبو طَالِب الْقُرَشِيّ الأصبهانيّ.
__________
[ () ] وقال ياقوت: قرتّا: بالتحريك، وتشديد التاء المثنّاة من فوقها: من قرى البصرة. ينسب إليها أبو عبد اللَّه مُحَمَّد بْن خَلَف بْن مُحَمَّد بْن سليمان بن أيوب النهرديري ويعرف بالقرتّاي، سكن الصّليق من البطائح. حدّث عن أبي شجاع محمد بن فارس، والحسن بن أحمد بن أبي زيد البصريّين، كذا ضبطه الخطيب أبو بكر بخطه. وذكره السلفي بكسر أوله وثانيه، فقال:
القرتّاي، وهو أبو تمّام محمد بن إدريس بن خلف القرتّاي، حدّث عنه السلفي.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] التّرّاسي: بفتح التاء المنقوطة بنقطتين من فوقها وتشديد الراء المهملة وفي آخرها السين المهملة أيضا، هذه النسبة إلى عمل الترسة وهي الحجفة والدرق، وبيعها. (الأنساب 3/ 37) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/345)


سمع: أبا سَعِيد مُحَمَّد بْن عليّ النّقّاش، وأبا سَعِيد الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن حَسْنَوَيْه الكاتب، ومُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن شاذان الأعرج.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ عَنْهُمْ، وعن: أَبِي بَكْر بْن أَبِي عليّ.
387- مُحَمَّد بْن أحمد بْن سَعِيد [1] .
أبو المظفّر الأصبهاني الفاشاني [2] المعدل.
سمع: سفيان بْن مُحَمَّد بْن حَسَنْكُوَيْه، وأبا نُعَيْم.
وعنه: السِّلَفيّ.
388- لاحق بْن مُحَمَّد بْن أحمد [3] .
أبو القاسم التَّميميّ، الأصبهاني الإسكاف.
سمع: أبا عليّ أحمد بْن مُحَمَّد بْن يزداد، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ، وإبراهيم بْن عليّ الخيّاط، والفضل بْن شَهْرَيار، وأبا عَبْد اللَّه الجمّال، وابن عَبْدكَويْه، وأبا حفص الزَّعْفرانيّ، وأبا نعيم.
وأجاز له أبو سعيد النقاش، وعلي بن ميلة، والقاضي أبو بكر الحيري.
روى عنه السّلفيّ فأكثر عنه، ولم يؤرّخ وفاته.
389- مُحَمَّد بْن أحمد بْن جعفر [4] .
أبو صادق الأصبهاني.
سمع: الفضل بْن عُبَيْد اللَّه بْن شَهْرَيار، وأبا بَكْر بْن أَبِي عليّ الذّكْوانيّ، وجماعة.
وعنه: السِّلَفيّ وقال: كَانَ كاتبًا مكثِرًا، من رؤساء البلد.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الفاشاني: بفتح الفاء والشين المعجمة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى قرية من قرى مرو يقال لها فاشان، وقد يقال لها بالباء. وبهراة قرية أخرى يقال لها باشان بالباء الموحّدة.
(الأنساب 9/ 225، 226) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/346)


390- مُحَمَّد بْن الحُسين بْن مُحَمَّد [1] .
أبو إِبْرَاهِيم البالويّ [2] النَّيْسابوريّ.
صالح سديد. سمع الْإِمَام أبا إِسْحَاق الإسْفَرائينيّ، وحدَّثَ عَنْهُ بثلاثة أجزاء.
وعاش إلى سنة ثلاثٍ وتسعين.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السِّنْجيّ، وأبو البركات الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ.
391- مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أحمد [3] .
أبو بَكْر الأصبهاني العسّال.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، وسُفْيَان بْن مُحَمَّد بْن حَسَنْكُوَيْه.
وعنه: السِّلَفيّ.
392- حَمْد بْن عُمَر بْن سَهْلُوَيْه [4] .
أبو العلاء الأصبهاني الشّرابيّ.
سمع: أبا نُعَيْم الحافظ، ويوسف بْن حسين الرّازيّ.
وعنه: السِّلَفيّ.
393- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن الخصيب [5] .
الفقيه أبو سَعِيد الْجَرْبَاذْقانيّ [6] الخانساريّ [7] .
سمع: أبا طاهر بْن عَبْد الرّحيم الكاتب، وأحمد بن الفضل الباطرقانيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] البالوي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة واللام بعد الألف وفي آخرها ياء منقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى بالويه وهو اسم لبعض أجداد المحدّثين. (الأنساب 2/ 59) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الجرباذقانيّ: بفتح الجيم وسكون الراء والباء الموحّدة المفتوحة بعدها الألف وسكون الذال المعجمة والقاف المفتوحة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بلدتين إحداهما بين جرجان وأستراباذ، والثانية بين أصبهان والكرج. (الأنساب 3/ 218) .
[7] لم أجد هذه النسبة.

(34/347)


روى عَنْهُ السِّلَفيّ جزءًا من حديثه سمعناه.
394- عَبْد اللَّه بْن يوسف [1] .
الحافظ أبو مُحَمَّد الجرجانيّ القاضي.
صنّف «فضائل الشّافعيّ» ، و «فضائل أحمد بْن حنبل» ، وغير ذَلِكَ.
وسمع الكثير.
قَالَ أبو النَّضْر الفاميّ: تُوُفّي بعد العشرين وأربعمائة [2] .
395- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَلُّويَه [3] .
أبو الفتح الأصبهاني.
سمع: أبا بَكْر الذّكْوانيّ.
وحدَّثَ في سنة اثنتين وتسعين، وهو إنّ شاء اللَّه من شيوخ السِّلَفيّ.
وآخر من روى عَنْهُ: أبو الفتح الخِرَقيّ.
396- سداد بن محمد بن أحمد بن جعفر [4] .
القاضي أبو الرجاء الخلقاني [5] الأصبهاني.
روى عن: أبي نعيم الحافظ، والهيثم بن محمد الخراط، وأبي القاسم عبد الله بن الحسن المطيعي.
قال السلفي: كان مكثرًا من الطلب والمعرفة، وتكلم فيه بغير حجّة.
روى عنه: السّلفي، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن يوسف) في: تذكرة الحفاظ 4/ 1227، وسير أعلام النبلاء 19/ 159، 160 رقم 86، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 219، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي 367، وكشف الظنون 1100، 1105، 1839، 1840، وهدية العارفين 1/ 453، ومعجم المؤلفين 6/ 164.
[2] ورّخ المؤلّف وفاته في شهر ذي القعدة سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وقال: عاش ثمانين عاما.
وكان ذكر أنه ولد سنة 409 هـ. (سير أعلام النبلاء 19/ 159) .
وفي طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: ولد سنة 407 هـ. (3/ 219) .
وقال الذهبي: جمع وصنّف، وكان ذا حفظ وفهم.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها. (الأنساب 5/ 163) .

(34/348)


وآخر أصحابه أبو الفتح الخرقي.
397- محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد [1] .
أبو غالب البغدادي [2] .
حدث في هذه السنة [3] (؟) بواسط عَنْ أَبِي القاسم التّنُوخيّ [4] بالطّوالات.
رواها عَنْهُ أبو طَالِب مُحَمَّد بْن عليّ الكتّانيّ.
398- إسماعيل بْن الحُسين بْن حمزة [5] .
السّيد أبو الحَسَن العَلَويّ الهَرَوِيّ.
رئيس محتشم، كبير الشّأن، عالي الرُّتْبة ببلده.
سمع: أبا عثمان سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: عَبْد الغافر بْن إسماعيل، وذكر أنّه عاش إلى سنة نيّف وتسعين وأربعمائة، وأنّه حدَّثَ بنَيْسابور سنة أربعٍ وتسعين [6] .
399- عَبْد الملك بن الحسن بن بتنّة [7] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن طاهر) في: المنتظم 9/ 189 رقم 323 (17/ 151، 152 رقم 3845) (في وفيات سنة 510 هـ.) وكذا في: البداية والنهاية 12/ 180.
[2] قال ابن الجوزي: يعرف بخازن دار الكتب القديمة، ومن ساكني درب المنصور بالكرخ، سمع ابن غيلان، والتنوخي، وغيرهما. وكان سماعه صحيحا. روى عنه أشياخنا إلّا أنه كان يذهب مذهب الإمامية، وهو فقيه في مذهبهم ومفتيهم كذلك.
قال شيخنا ابن ناصر: وتوفي يوم السبت ثالث عشر شعبان، ودفن بمقابر قريش.
«أقول» : بما أنه توفي سنة 510 هـ. فينبغي أن ينقل من هنا إلى الطبقة الحادية والخمسين التالية.
[3] لم يذكر المؤلّف رحمه الله السنة التي حدّث فيها!
[4] هو القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، المتوفى 447 هـ.
[5] انظر عن (إسماعيل بن الحسين) في: المنتخب من السياق 140، 141 رقم 320.
[6] قال عبد الغافر الفارسيّ: قدم علينا من هراة سنة أربع وستين وأربعمائة، وهو من رؤساء السادة ومن المعروفين المشهورين بالحشمة الرفيعة والمروة الظاهرة والثروة وكان حين قدم نيسابور في الوفد الذين حضروا مع القاضي صاعد بن سيّار، وأبي المكارم القرشي الخطيب، وأبي قرّة الحنفي، وأبي عمرو الياس بن مضر المزكّي، والطبقة إلى حضرة السلطان الشهيد ألب أرسلان. ثم عاش هذا السيد إلى نيّف وتسعين وقد دخلت هراة منصرفي من غزنة فرأيته بها على حشمة رفيعة يحمل على المحفّة لكبر سنّه.
وقال عبد الغافر: توفي. وسكت عن تاريخ وفاته.
[7] انظر عن (عبد الملك بن الحسن) في: المشتبه في الرجال 2/ 630 وفيه: «بتنّة: بموحّدة

(34/349)


أبو مُحَمَّد الْأَنْصَارِيّ.
شيخ صالح، مجاور بمكّة.
سمع: أبا القاسم عليّ بْن الحُسين بْن محمد الفسويّ، والشّيخ عبد العزيز بن بُنْدار الشِّيرازيّ.
سمع منه: أبو طاهر السِّلَفيّ، وأبو بَكْر السّمعانيّ، وغيرهما بمكّة.
ذكره السِّلَفيّ في «معجمه» ، وأنّه حجّ سبْعًا وسبعين حَجَّة، وزار النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مرّة. وله في كلّْ سنة مائة عُمْرة في رجب، وشعبان، ورمضان، وعشر ذي الحجّة.
وبِتِنَّة: بكسر الباء والتّاء، ثمّ تشديد النُّون، ورأيتها مرّةً بفتْحها.
400- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي دَاوُد [1] .
أبو الحَسَن الفارسي، ثمّ الْمَصْرِيّ الورّاق، الكُتُبيّ.
شيخ فاضل.
حدَّثَ عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه بْن نظيف، وغيره.
وكان ذا هيئة ومعرفة.
روى عَنْهُ: أبو عليّ بْن سُكَّرَة، وأبو بَكْر بْن الفَزَاريّ، وقال: شيخ مفيد له علو.
قلت: بقي إلى حدود الخمسمائة، وأظن سمع منه الشريف الخطيب أبو الفتوح.
401- محمد بن خلف بْن قاسم الخَوْلانيّ [2] .
الإشبيلي.
أبو عَبْد اللَّه.
يروي عَنْ: ابن حَزْم، وأبي محمد بن خزرج.
__________
[ () ] ومثنّاة ونون مكسورات.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/350)


قرأ عَلَيْهِ: أبو العبّاس أحمد بْن مُحَمَّد «صحيح مسلم» في سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
402- المطهر بْن الفضل بْن عَبْد الوهّاب بْن أحمد بْن بطَّة [1] .
أبو عليّ الأصبهاني.
وُلِد سنة ستّ وأربعمائة.
وسمع: أبا عَبْد اللَّه الجمّال، وأبا نُعَيْم، وجماعة.
وعنه: السِّلَفيّ.
403- المظفّر بْن عليّ [2] .
أبو الفتح البَنْدنَيْجيّ [3] المالحانيّ [4] .
سمع: الجوهريّ.
روى عَنْهُ: السِّلَفيّ. لقيَه في سنة سبْعٍ وتسعين.
404- إِبْرَاهِيم بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن أسود [5] .
أبو إِسْحَاق الغساني المريي.
من علماء أهل المَرِيّة من الأندلس.
روى عَنْ: أَبِيهِ إِبْرَاهِيم، وحاتم بْن مُحَمَّد، وأبي عُمَر بْن عبد البرّ، وأبي لأصبغ عيسى بْن مُحَمَّد، وطائفة.
وكان شديد العناية بالرّواية.
ذكره «الأَبّار» فقال: روى عَنْهُ: ابنه القاضي أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد، وعبد الرحيم بْن مُحَمَّد الخَزْرَجيّ، وأبو عَبْد اللَّه بْن إحدى عشرة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] البندنيجي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم، هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا. (الأنساب 2/ 313) .
[4] المالحاني: بفتح الميم، واللام المكسورة، والحاء المهملة المفتوحة بين الألفين، وفي آخرها النون. هذه النسبة لمن يبيع السمك المالح، يقال له: المالحاني. (الأنساب 11/ 93) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/351)


توفّي نحو الخمسمائة.
405- أحمد بْن نَصْر بْن أحمد [1] .
أبو العلاء الهَمَذانيّ.
روى عَنْ: ابن حُمَيْد، وابن الصّبّاح، وهارون بْن ماهلة، وأبي الفَرَج بْن عَبْد الحميد، ونصر بن عليّ الفقيه، وعدد كبير.
روى عنه: السلفي، وغيره.
وكان حافظا أديبا ناصرا للسنة عارفا بمذهب أحمد، ثقة. أملى مجالس من حفظه.
يأتي في سنة 51.
406- عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم بْن هاشم [2] .
أبو مُحَمَّد القَيْسيّ المَرِيّيّ الفقيه، ويُعرف بحفيد هاشم.
شرح كتاب «التّفريع» لابن الجلّاب في ستّ مجلدات، وأجمع أهل المَرِيّة عَلَى تقديمه للقضاء، فقال: إنّ فعلتم فررت عَنْ أهلي وولدي، واللَّه أسألكم. فتركوه.
قرأ عَلَيْهِ [3] صِهْره الخطيب أبو عَبْد اللَّه الحمزي.
وكان موجودا في حدود الخمسمائة.
407- مُحَمَّد بْن جابار بْن عليّ [4] .
الواعظ المذكّر أبو الوفاء الهَمَذانيّ.
ممن أجاز للسِّلَفيّ سنة أربعٍ وتسعين.
ذكره شِيرُوَيْه فقال: صالح، ديّن، زاهد، صدوق، متعصّب للحنابلة جدّا.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] في الأصل: «على» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/352)


روى عَنْ: عليّ بْن حُمَيْد، وحُمَيْد بْن المأمون، وطائفة.
سَمِعْتُ منه أحاديث.
408- الحَسَن بْن الفتح بْن حمزة بْن الفتح [1] .
أبو القاسم الهَمَذانيّ الأديب.
من أولاد الوزراء والأعيان. كَانَ يرجع إلى معرفة باللّغة، والمعاني، والبيان.
قدِم بغداد سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، فكتب عَنْهُ: هُزَارسْت الهَرَوِيّ، والحسين بْن خَسْرُو.
ذكره السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة.
وقال السِّلَفيّ: كَانَ من أهل الفضل والتّقدُّم في الفرائض، والتّفسير، والآداب، وله تفسير حَسَن، وشِعْرٌ فائق. علّقت عَنْهُ حكايات وشِعْر.
وقد صحب أبا إِسْحَاق الشِّيرازيّ، وتفقه عَلَيْهِ. وله:
نسيم الصَّبا إنّ هجت [2] يومًا بأرضها ... فقولي لها حالي علت عن سؤالك
فها أنا ذا إنّ كنت يومًأ تعتبي [3] ... فلم يبقَ لي إلّا حشاشة هالك [4]
قَالَ ابن الصلاح: [5] رأيت مجلدين من تفسيره من تجزئة ثلاث مجلّدات، واسمه كتاب «البديع في البيان عَنْ غوامض القرآن» فوجدته ذا عناية بالعربيّة والكلام، ضعيف الفقه.
409- الحسين بن أحمد بن أحمد [6] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن الفتح) في: طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 530، 531 رقم 1233، وطبقات الشافعية لابن الصلاح (مخطوط) ورقة 46 ب، والوافي بالوفيات 12/ 200 رقم 171، وطبقات المفسّرين للسيوطي 10، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 138، 139، ومعجم المؤلفين 3/ 269، ومعجم طبقات الحفّاظ والمفسّرين 136 رقم 225.
[2] في طبقات المفسّرين: «إن عجت» .
[3] في الوافي: «مغيثتي» ، وفي طبقات المفسّرين: «تعينني» .
[4] الوافي بالوفيات، طبقات المفسّرين.
[5] في طبقاته، ورقة 46 ب.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.

(34/353)


القاضي أبو عَبْد اللَّه بْن الصّفّار.
من فُقهاء هَمَذَان.
كَانَ ينوب عَن القضاة بها. وهو من رُواة الزُّهْد. أخذ عَن ابن المُذْهِب.
سمع: ابن الكسار، وبِشْر بْن الفاتنيّ، والحسن بْن دوما النِّعَاليّ، والحسين بْن عليّ الطَّنَاجِيريّ، وابن غَيْلان، وخلقًا سواهم.
كُتُب عَنْهُ: أبو شجاع شِيرُوَيْه الدَّيْلَمّي وقال: كَانَ صحيح السّماع، من الأشعرية.
وذكره ابن السّمعانيّ، ولم يذكر لَهُ وفاة.
410- عليّ بْن الحسن بْن أَبِي سهل [1] .
أبو القاسم النَّيْسابوريّ الأَدَميّ [2] السّرّاج.
شيخ مبارك، سمع: على بن محمد الطرازي، وجماعة.
وبقي إلى سنة بضع وتسعين.
روى عَنْهُ: محمد بْن محمد السّنْجيّ، وعبد الله بن الفراويّ، ومحمد بن أحمد الصّفّار، وجماعة.
انتهت الطبقة الخمسون (بعون الله وتوفيقه، أنجز تحقيق هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان المعروف بالذهبيّ- رحمه الله- وقام بضبط نصّها، وتصويب أخطائها، والتعليق على حوادثها ووفياتها، وتخريج أحاديثها وأشعارها، والإحالة إلى مصادرها، وتوثيق مادتها، على قدر الطاقة والإمكان، راجي عفو ربّه، طالب العلم وخادمه الحاج أستاذ دكتور عمر عبد السلام تدمري، أبو غازي، أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، عضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد المؤرّخين العرب، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفيّ مذهبا، وذلك عند أذان العشاء من مساء يوم الإثنين الرابع والعشرين من شهر رجب الفرد سنة 1413 هـ. / الموافق للثامن عشر من شهر كانون الأول (يناير) 1993 م. بمنزله بساحة النجمة من ثغر طرابلس الفيحاء المحروسة، والحمد للَّه الّذي بنعمته تتمّ الصالحات) .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الأدمي: بفتح الألف والدال المهملة وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى من يبيع الأدم (الأنساب 1/ 161) .

(34/354)