تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت
تدمري
[المجلد الثالث والثلاثون (سنة 481- 490)
]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الطبقة التاسعة والأربعون
سنة إحدى وثمانين وأربعمائة
[استيلاء الفرنج عَلى مدينة زَوِيلَة]
فيها استولت الفرنج على مدينة زَوِيلَة من بلاد إفريقيّة، جاءوا في
البحر في أربعمائة قطعة، فنهبوا وسَبوا، ثمّ صالحهم تميم بْنُ بَادِيس
[1] ، وبذَل لهم من خزانته ثلاثين ألف دينار، فردّوا جميع ما حَوَوْه
[2] .
[وفاة النّاصر بن علناس]
وفيها مات النّاصر بن عَلنّاس بن حمّاد، وولي بعده ابنه المنصور،
فجاءته كُتُب تميم بن المعزّ، وكُتُب يوسف بن تاشفين صاحب مَرّاكُش
بالعزاء والهناء [3] .
[وفاة ملك غَزْنَة]
وفيها مات ملك غَزْنَة الملك المؤيّد إبراهيم بْن مسعود بْن محمود بْن
سُبُكْتِكِين [4] . وكان كريمًا، عادلًا، مجاهدًا، عاقلًا، له رأي
ودهاء. ومن مخادعته أنّ السّلطان ملك شاه سار بجيوشه يقصده، ونزل
بإسْفِزَار، [5] فكتب إبراهيم كتبا إلى جماعة من أعيان أمراء ملك شاه
يشكرهم، ويعتذر لهم بما فعلوه من تحسينهم لملكشاه أن يقصده: ليتمّ لنا
ما استقرّ بيننا من الظَّفَر به، وتخليصكم من يده. ويَعِدُهم بكلّ
جميل. وأمر القاصد بالكُتُب أن يتعرّض
__________
[1] هو تميم بن المعزّ بن باديس.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 166.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 166، 167، البيان المغرب 1/ 301.
[4] مآثر الإنافة 2/ 8، صبح الأعشى 4/ 448، تاريخ الخلفاء 425.
[5] أسفزار: بفتح الهمزة، وسكون السين، والفاء تضم وتكسر، وزاي، وألف
وراء. مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة. (معجم البلدان 1/ 178) .
(33/5)
لملكشاه في تصيّده. فأخذ وأحضر عند ملك
شاه، فقرّره، فأنكر، فأمر بضربه، فأقرّ واخرج الكُتُب، فلمّا فتحها
وقرأها تخيّل [1] من أمرائه، وكتم ذلك عنهم خوفَ الوحشة، ورجع من وجهه.
وكان إبراهيم يكتب في العام خَتْمَةً، ويهديها ويتصدَّق بثمنها. وكان
يقول: لو كنتُ بعد وفاة جدّي محمود لما ضَعُفَ ملكُنا، ولكنّي الآن
عاجز أن أستردّ ما أُخذ منّا من البلاد لكثرة جيوشهم [2] .
[ولاية جلال الدّين مسعود المُلْك]
وقام في المُلْك بعده ولده جلال الدّين مسعود، الّذي كان أبوه زوّجه
بابنة السّلطان ملك شاه، وناب نظام المُلْك في عُرْسِه عليها مائة ألف
دينار [3] .
[منازلة متولّي حلب لشَيْزَر]
وفيها جمع آق سنقر متولّي حلب العساكر، ونازل شَيْزَر، ثمّ صالحه
صاحبها ابن منقذ [4] .
[وفاة الملك أحمد بن ملك شاه]
وفيها مات الملك أحمد بن السّلطان ملك شاه، وله إحدى عشرة سنة، وكان قد
جعله وليَّ عهدٍ أوّل، ونثَر الذَّهَب على الخُطَباء في البلاد عند
ذِكْره. فلمّا مات عُمل عزاؤه ببغداد سبعة أيّام بدار الخلافة، ولم
يركب أحد فرسا، وناح النّساء في الأسواق عليه، وكان منظرا فظيعا [5] .
__________
[1] في طبعة صادر من «الكامل» 10/ 167 «تحيّل» ، بالحاء المهملة.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 167، 168، المختصر في أخبار البشر 2/ 199
وفيه: «وقيل بل كانت وفاته سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة وهو الأقوى،
ولكن تابعنا ابن الأثير وإيراده وفاة المذكور في هذه السنة» ، دول
الإسلام 2/ 10، تاريخ ابن الوردي 2/ 3، سير أعلام النبلاء 18/ 321.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 168، دول الإسلام 2/ 10، مآثر الإنافة 2/ 8.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 354 (وتحقيق سويّم) 21، الكامل
في التاريخ 10/ 168، المختصر في أخبار البشر 2/ 199، تاريخ ابن الوردي
2/ 3، وانظر: الدرّة المضيّة 431، ومفرّج الكروب 1/ 19، 20، الروضتين
1/ 61.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 169.
(33/6)
[توجّه ملك شاه إلى سمرقند]
وفيها توجّه ملك شاه إلى سمرقند ليملكها [1] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 354 (وتحقيق سويّم) 21 (حوادث
سنة 481 هـ.) ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 119، دول الإسلام 2/ 10،
سير أعلام النبلاء 18/ 321، تاريخ ابن الوردي 2/ 3، الدرّة المضيّة
430، مآثر الإنافة 2/ 7.
(33/7)
سنة اثنتين وثمانين
وأربعمائة
[الفتنة بين السُّنَّة والشِّيعة]
في صَفَر كَبَس غَوْغَاء السُّنَّة الكَرْخَ، وقتلوا رجلًا وجرحوا آخر،
فأغلق أهل الكَرْخ أسواقهم، ورفعوا المصاحف وثياب الرّجُلين بالدّماء،
ومضوا إلى دار كمال المُلْك الدّهسْتانيّ مستغيثين، فأرسل إلى النّقيب
طِراد يطلب منه إحضار الرّجُلين القاتلين، فلم يقدر، وكفّ النّاسَ.
فلمّا سار السُّلطان عادت الفتنة [1] .
[تملُّك السلطان ما وراء النّهر]
وفيها ملك السّلطان ما وراء النَّهْر، وذلك لأنّ سَمَرْقَنْد تملّكها
ابن أخي تُرْكان زوجة السّلطان، وكان صبيًّا ظلومًا غَشُومًا، كثير
المصادرة. فكتبوا إلى السّلطان سِرًّا يستغيثون به ليتملّك عليهم، فطمع
السّلطان، وتحرّكت همّته، وسار من إصبهان بجميع جيوشه، وعَبَر النَّهر،
وقَصَد بُخَارى فملكها [2] ، وقصد سَمَرْقَنْد ونازَلها، وكاتب أهلها،
ففرح به التُّجّار والرّؤساء، وفرَّق صاحبها أحمد خان الأبرِجة على
الأمراء، وسلَّم برج العيّار [3] إلى رجلٍ علويّ، فنصح في القتال. ورمى
السّلطان عدّة أماكن من السُّور بالمنجنيقات، فلمّا صعِدوا السّورَ
اختفى أحمد خان في بيت عاميّ، فغُمِز عليه، وحُمِلَ إلى السّلطان يجرّ
بحبل،
__________
[1] المنتظم 9/ 47- 49 (16/ 281- 283) ، الكامل في التاريخ 10/ 170،
البداية والنهاية 12/ 134 (حوادث سنة 481 هـ.) .
[2] سير أعلام النبلاء 18/ 321، دول الإسلام 2/ 10، مرآة الجنان 3/
133، البداية والنهاية 12/ 135، تاريخ ابن خلدون 5/ 10، تاريخ ابن
الوردي 2/ 3، مآثر الإنافة 2/ 7
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من (الكامل 10/ 172) .
(33/8)
فأكرمه السلطان وأطلقه، وأرسله تحت
الاحتياط إلى إصبهان. ورتَّب لسَمَرْقَنْد أبا طاهر عميد خُوارَزْم.
ثمّ قصد كاشْغَر [1] ، فبلغ إلى يوزكَنْد [2] ، وهي بلدة يجري على
بابها نهرٌ، فأرسل رُسُلَه إلى ملك كاشغر يأمره بإقامة الخطْبة
والسّكّة له، ويتهدّده إنْ خالف. فدخل في الطّاعة، وجاء إلى الخدمة،
فأكرمه السّلطان وعظّمه، وأنعم عليه، وردّه إلى بلده. ثمّ ردَّ إلى
خُرَاسان [3] ، فوثب عسكر سَمَرْقَنْد بالعميد أبي طاهر، فاحتال حتّى
هرب منهم [4] ، وكان كبيرهم عين [5] الدّولة، ثمّ ندم وخاف، فكاتب
يعقوب [6] أخا الملك صاحب كاشغر، فحضر واتّفق معه. وجَرَت أمورٌ، فلمّا
اتّصلت الأخبار بالسّلطان كرّ راجعًا إلى سَمَرْقَنْد، فهرب يعقوب،
وكان قد قتل عين [5] الدّولة، فلحِق بفَرْغَانة وهي ولايته. ثمّ هادنه
ورجع بعد فصولٍ طويلة [7] .
[وفاة ابنة السّلطان]
وكانت ابنة السّلطان زوجة الخليفة أرسلت تشكو من الخليفة لكثرة اطّراحه
__________
[1] كاشغر: بفتح الكاف وسكون الألف والشين المعجمة وفتح الغين المعجمة،
وفي آخرها راء.
مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي. وهي في وسط
بلاد الترك.
[2] في الأصل: «بئركند» ، والمثبت عن: الكامل في التاريخ 10/ 172،
ومعجم البلدان 5/ 453 وفيه، يوزكند: بضم أوله، وسكون ثانيه، وفتح الزاي
والكاف، وسكون النون. بلد بما وراء النهر يقال له: أوزكند.
وقال: أوزكند: بالضم، والواو والزاي ساكنان. بلد بما وراء النهر من
نواحي فرغانة، ويقال:
أوزجند. قال ياقوت: وخبّرت أنّ كند بلغة أهل تلك البلاد معناه القرية
كما يقول أهل الشام:
الكفر. وأوزكند: آخر مدن فرغانة مما يلي دار الحرب. ولها بساتين وقهندز
وعدّة أبواب، وإليها متجر الأتراك. (1/ 280) . وقد أثبتها محقّق نهاية
الأرب 26/ 328 «بيوزكند» ، فوهم، وفي: المختصر في أخبار البشر 2/ 199
«بوزكند» وتصححت في: تاريخ ابن الوردي 2/ 3.
[3] نهاية الأرب 26/ 327، 328، المختصر في أخبار البشر 2/ 199، دول
الإسلام 2/ 10، 11، تاريخ ابن الوردي 2/ 3، 4.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 171- 173، نهاية الأرب 26/ 328.
[5] في نهاية الأرب 26/ 328 «عزّ» .
[6] في نهاية الأرب: «يعقوب تكين» .
[7] انظر تفصيل ذلك في (الكامل في التاريخ 10/ 173- 175) و (نهاية
الأرب 26/ 328) و (العبر 3/ 299) ، ومرآة الجنان 3/ 133، والبداية
والنهاية 12/ 135، ومآثر الإنافة 2/ 7.
(33/9)
لها، فأرسل يطلب ابنته طلبا لا بدّ منه،
فأذِن لها الخليفة، ومعها ولدُها جعفر، وسعد الدّولة كوهرائين، فذهبت
إلى إصبهان، فأدركها الموت في ذي القعدة من السّنة، وعمل الشّعراء فيها
المراثي [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 175، 176، نهاية الأرب للنويري 23/ 250، دول
الإسلام 2/ 11، سير أعلام النبلاء 18/ 321، 322.
(33/10)
سنة ثلاث وثمانين
وأربعمائة
[تسلُّم المصريّين صور وصيدا وعكا وجبيل]
وفيها جاءت عساكر مصر وحاصروا صور، وكان قد تغلّب عليها القاضي عين
الدّولة ابن أبي عَقِيل، ثمّ تُوُفّي ووليها أولاده، فسلَّموها
لضَعْفِهم [1] .
وسارت العساكر إلى صَيْداء فتسلَّموها [2] .
ثمّ ساروا إلى عكّا، فحاصروها وضيّقوا على المسلمين فافتتحوها [3] .
وملكوا مدينة جُبَيْل، ورتّبوا نوّاب المستنصِر بها، ورجعوا إلى مصر
__________
[1] انظر عن (صور) في: تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 355 (وتحقيق
سويّم) 22، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 120 (حوادث سنة 482 هـ.) ،
وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 28 (حوادث سنة 482 هـ.) ، والكامل في التاريخ
10/ 176 (حوادث سنة 482 هـ) ، ونهاية الأرب 28/ 238، وسير أعلام
النبلاء 18/ 322، وتاريخ سلاطين المماليك 3، واتعاظ الحنفا 2/ 326،
والنجوم الزاهرة 5/ 128 (حوادث سنة 482 هـ.) .
وقد كان بصور «نفيس» وأثنان من إخوته أبناء القاضي ابن أبي عقيل.
(الأعلاق الخطيرة لابن شداد 2/ 165) .
[2] انظر عن (صيدا) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 120، وأخبار مصر
لابن ميسّر 2/ 28، والكامل في التاريخ 10/ 176 (وكلها في حوادث سنة 482
هـ.) ، ونهاية الأرب 28/ 238، وسير أعلام النبلاء 18/ 322، ودول
الإسلام 2/ 11، والدرّة المضيّة 435، وتاريخ سلاطين المماليك 3، واتعاظ
الحنفا 2/ 326، والنجوم الزاهرة 5/ 128.
وكانت صيدا بيد «ثقة الملك بن الطهماني» وقد هرب منها إلى طرابلس في
البحر مستجيرا.
بجلال الملك ابن عمّار. (ديوان ابن الخيّاط 52) .
[3] انظر عن (عكا) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 120، وأخبار مصر
لابن ميسّر 2/ 28، والكامل في التاريخ 10/ 176 (وكلها في حوادث سنة 482
هـ.) ، ونهاية الأرب 28/ 238، ودول الإسلام 2/ 11، وسير أعلام النبلاء
18/ 322، وتاريخ سلاطين المماليك 3، واتعاظ الحنفا 2/ 326، والنجوم
الزاهرة 5/ 128.
(33/11)
منصورين ظافرين بعزْم أمير الجيوش [1] .
[تعاظم الفتنة بين السُّنّة والشِّيعة]
وفيها عظُمت البليّة ببغداد بين السُّنّة والشِّيعة، وقُتِل بينهم
بَشَرٌ كثير، وركب شِحْنة بغداد ليكفّهم فعجز، وذلّت الرَّافضة بإعانة
الخليفة أعوانه عليهم، وأجابوا إلى إظهار السُّنّة، وكتبوا بالكَرْخ
على أبواب مساجدهم: خير النّاس بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان، ثمّ عليّ. فعظُمَ هذا
على جهلتهم وشُطّارهم، فثاروا ونهبوا شارع ابن أبي عَوْف، وفي جملة ما
نهبوا دار المحدّث أبي الفضل بن خَيْرُون، فذهبَ مستصرخًا ومعه خلْق،
ورفعت العامّة الصُّلْبان، وهجموا على الوزير وما أَبَوْا ممكنًا.
وقُتِل يومئذٍ رجل هاشميّ بسهمٍ غرْبٍ، فقتلت السُّنّة عِوَضَه رجلًا
علويًّا واحرقوه. وجَرَت أمور قبيحة، فطلب الخليفة من صدقة بن مَزْيَد
عسكرًا، فبعث عسكرًا، وتتبَّعوا المفسدين إلى أن خمدت الفتنة [2] .
[القحط بإفريقية]
وفيها كان بإفريقيّة قحطٌ وحروب، ثمّ أمِنوا ورخصت الأسعار [3] .
[بناء المدرسة التّاجيّة ببغداد]
وفيها عُمِلت ببغداد مدرسة لتاج المُلْك مستوفي الدّولة بباب أبرز،
ودرّس بها أبو بكر الشّاشيّ، وتعرف بالمدرسة التّاجيّة [4] .
__________
[1] انظر عن (جبيل) في: ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 120، وأخبار مصر
لابن ميسّر 2/ 28، والكامل في التاريخ 10/ 176 (وكلها في حوادث سنة 482
هـ.) ، ونهاية الأرب 28/ 238، ودول الإسلام 2/ 11، وتاريخ سلاطين
المماليك 3، واتعاظ الحنفا 2/ 326.
[2] المنتظم 9/ 47، 48 (16/ 282- 284) ، الكامل في التاريخ 10/ 176،
177 (حوادث سنة 482 هـ.) ، العبر في خبر من عبر 3/ 301، 302، دول
الإسلام 2/ 11، سير أعلام النبلاء 18/ 322، مرآة الجنان 3/ 134،
البداية والنهاية 12/ 135 (حوادث سنة 482 هـ.) ، شذرات الذهب 3/ 367.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 179 (حوادث سنة 482 هـ.) ، البيان المغرب 1/
302.
[4] الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 204، الكامل في التاريخ
10/ 180 (حوادث سنة 482 هـ.) ، تاريخ دولة آل سلجوق 78، البداية
والنهاية 12/ 135 (حوادث سنة 482 هـ.)
(33/12)
[عمارة منارة جامع
حلب]
وفيها عمرت منارة جامع حلب [1]
[إمساك النَّحْويّ السارق]
وفيها سَرَق رجلٌ نَحْويٌّ أشقر ثيابًا، فأُخِذ وهمّوا به، فهرب وذهب
إلى بلاد بني عامر، [وبلاده متاخمة الإحساء] [2] ، وقال لأميرهم: أنت
تملك الأرض ويتمّ لك، وأنت أجدادك أفعالهم بالحاجّ في التّواريخ. وحسّن
له نَهْب البصْرة، فجمعَ العُربان، وقصدوا البصرة بغتةً، والنّاسُ
آمِنون بهيبة السّلطان، فملكها ونهبها، وفَعَلوا كلّ قبيح، وأحرقوا
عدّة أماكن، وجاء الصّريخ إلى بغداد، فانحدر سعد الدّولة كواهرئين،
وسيف الدّولة صَدَقَة بن مَزْيَد، فوجدوا الأمر قد فات، ثمّ أُخِذَ ذلك
النَّحْويّ فشُهِّر، وصُلِب ببغداد [3] .
[تعيين مدرّسين في النظامية]
ووصل للنظاميّة مُدرّسان، كلّ واحدٍ معه منشورٌ بها من نظام المُلْك،
وهما أبو محمد عبد الوهّاب الشّيرازيّ، وأبو عبد الله الطَّبَريّ. ثمّ
تقررّ الأمرُ أنّ كلّ واحدٍ يدرِّس يومًا [4] .
[وفاة ابن جَهِير]
وفيها مات فخر الدّولة بن جهير [5] .
__________
[ () ] تاريخ الخلفاء 425.
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 354 (وتحقيق سويّم) 21، وذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 120، والكامل في التاريخ 10/ 180، وزبدة
الحلب 2/ 105 (حوادث سنة 482 هـ.) ، المختصر في أخبار البشر 2/ 199
(حوادث سنة 482 هـ) . وفيه: «وقام بعملها القاضي أبو الحسن الخشاب» ،
البداية والنهاية 12/ 135، تاريخ ابن الوردي 2/ 4، مفرّج الكروب 1/ 21
(حوادث سنة 482 هـ.) ، الدرّة المضيّة 431 (حوادث 482 هـ.) و 434.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك بين الحاصرتين من (الكامل في التاريخ 10/
183.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 183، 184، دول الإسلام 2/ 11، البداية
والنهاية 12/ 136.
[4] الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 204 وفيه: «ليزيد العلم
بتحرّيهما فيضا» ، المنتظم 9/ 53 (16/ 289) ، الكامل في التاريخ 10/
185، تاريخ دولة آل سلجوق 78، البداية والنهاية 12/ 136، تاريخ ابن
خلدون 5/ 13.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 182، تاريخ دولة آل سلجوق 80، المختصر في
أخبار البشر 2/ 199،
(33/13)
[تسلُّم رئيس الإسماعيليّة قلعة إصبهان]
وفي شعبان تسلَّم ابن الصّبّاح رأس الإسماعيليّة قلعة إصبهان، وذلك
أوّل ظهورهم [1] . وسيأتي ذكرهم في سنة أربع وتسعين.
__________
[ () ] البداية والنهاية 12/ 136، تاريخ ابن الوردي 2/ 4، النجوم
الزاهرة 5/ 130 وانظر ترجمته في الوفيات برقم (105) .
[1] المختصر في أخبار البشر 2/ 200، دول الإسلام 2/ 11.
(33/14)
سنة أربع وثمانين
وأربعمائة
[عزْل أبي شجاع عن الوزارة]
فيها عُزِل عن الوزارة ببغداد أبو شجاع بعميد الدّولة بن جَهِير
وأُمِرَ بلزوم داره، فتمثل عن نفسه:
تولّاها وليس له عدوٌ ... وفارقها وليس له صديقُ [1]
[سجن الصّاحب بن عبّاد]
وفيها استولى أمير المسلمين يوسف على بلاد الأندلس قُرْطُبة، وإشبيلية،
وسجَنَ ابن عبّاد، وفعل في حقّه ما لا ينبغي لملك، فإنّ الملوك إمّا أن
يُقتلوا، وإمّا أن يُسجنوا، ويُقرَّر لذلك المحبوس راتبٌ يليق به، وهذا
لم يفعل ذلك، بل استولى على جمع ممالكه وذخائره، وسجنه بأغْمات [2] ،
ولم يُجْرِ على أولاده ما يكفيهم، فكان بناتُ المعتمد بن عَبّاد يغزلْن
بأيديهنَّ، وينفقن على أنفسهنّ، فأبان أمير المسلمين بهذا عن صِغَر
نَفْسٍ، ولُؤْم طبع [3] .
__________
[1] المنتظم 9/ 56 (16/ 290، 291) ، الكامل في التاريخ 10/ 186، 187،
تاريخ دولة آل سلجوق 77، 78، الفخري لابن طباطبا 298، نهاية الأرب 23/
251، المختصر في أخبار البشر 2/ 200، النجوم الزاهرة 5/ 132.
[2] أغمات: ناحية في بلاد البربر من أرض المغرب قرب مرّاكش، وهي
مدينتان متقابلتان كثيرة الخير، ومن ورائها إلى جهة البحر المحيط السوس
الأقصى بأربع مراحل. (معجم البلدان 1/ 225) .
[3] الكامل في التاريخ 10/ 187- 190، المختصر في أخبار البشر 2/ 200،
العبر 3/ 304، دول الإسلام 2/ 12، مرآة الجنان 3/ 134، البداية
والنهاية 12/ 137، تاريخ ابن الوردي 2/ 4، مآثر الإنافة 2/ 9، النجوم
الزاهرة 5/ 133.
(33/15)
[بدء المرابطين]
واتّسعت مملكته واستولى على المغرب وكثير من إقليم الأندلس، وترك
كثيرًا من جيوشه بثغور الأندلس، وطاب لهم الخصب والرّفاهية، واستراحوا
من جبال البربر وعَيْشِها القشب، ولقّبهم بالمرابطين. وسالمه المستعين
باللَّه ابن هود صاحب شرق الأندلس، وكان يبعث إليه بالتُّحَف. وكان هو
وأجناده ممّن يُضْرَب بهم المَثَلُ في الشّجاعة، فلمّا احتضر يوسف بن
تاشفين أوصى وَلَده عليًّا ببني هود وقال: اتركهم بينك وبين العدوّ،
فإنّهم شجعان [1] .
[استيلاء الفرنج على صقليّة]
وفيها استولت الفرنج على جميع جزيرة صَقَلّية. وأوّل ما فتحها المسلمون
بعد المائتين، وحكم عليها آلُ الأغلب دهرًا، إلى أن استولى المهديّ
العُبَيْديّ على الغرب. وكان العزيز العُبَيْديّ صاحب مصر قد استعمل
عليها الأمير أبا الفتوح يوسف بن عبد الله، فأصابه فالج، فاستناب ولده
جعفرًا، فضبط الجزيرة، وأحسن السّيرة إلى سنة خمس [2] وأربعمائة، فخرج
عليه أخوه عليّ في جَمْعٍ من البربر والعبيد، فالتقوا، فقُتِل خلْقٌ من
البربر والعبيد، وأُسِرَ عليّ، وقتله أخوه، فعظُم قتْلُه على أبيه وهو
مفلوج، وأمر جعفر بنفْي كل بربريّ بالجزيرة، فطُرِدوا إِلى إفريقيّة،
وقتلوا سائر العبيد، واستخدم له جُنْدًا من أهل البلاد، فاختلف عسكره،
ولم تمض إلّا أيّام حتّى أخرجوه وخلعوه، وأرادوا قتله. وكان ظَلُومًا
لهم، عَسوفًا، فعملوا حِسْبَتَه، وحَصَروه في قصره سنة عشر وأربعمائة،
فخرج لهم أبوه أبو الفتوح في مِحَفَّةٍ، فَرَقُّوا لحاله، وأرضاهم،
واستعمل عليهم ابنه أحمد المعروف بالأكحل. ثمّ جهزّ ابنه في البحر في
مركب إِلى مصر، وسار هو بعد ابنه ومعهما من العين ستّمائة ألف وسبعون
ألف دينار.
وكان ليوسف من الخيل ثلاث عشرة ألف حجرة، سوى البِغال وغيرها.
ومات يوم مات وما له إلّا فرسٌ واحد.
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 192، 193، المختصر في أخبار البشر 2/ 200،
تاريخ ابن الوردي 2/ 4.
[2] في المختصر في أخبار البشر 2/ 200 «إلى سنة عشر» .
(33/16)
وأمّا الأكحل فكان حازمًا سائسًا أطاعه
جميع حصون صقلّية الّتي للمسلمين. ثمّ إنّ أهل صَقَلّية اشتكوا منه،
وبعث المعزّ بن باديس جيشًا عليهم ولده، فحصروا الأكحل، ووثب عليه
طائفة من البلد، فقتلوه في سنة تسْعٍ [1] وعشرين وأربعمائة. ثمّ رأوا
مصلحتهم في طرد عسكر ابن باديس عنهم، فالتقوا، فانهزم الإفريقيّون،
وقُتِل منهم ثمانمائة نفس، ورجع الباقون بأسوأ حال. فولّى أهل صقلّية
عليهم الأمير حَسَنًا الصِّمْصام أخا الأكحل، فلم يتّفقوا، وغلب كلّ
مقدّم على قلعةٍ، واستولى الأراذل.
ثمّ أخرجوا الصِّمْصام، فانفرد القائد عبد الله بن متكون [2] بمَازَرَ
[3] وطَرَابُنُش [4] ، وانفرد القائد عليّ بن نعمة [5] بقَصْرُيَانِه
[6] وجُرْجنْت، وانفرد ابنُ الثُمنة بمدينة سَرَقُوسة [7] وقَطَانِيَة
[8] ، وتحاربَ هو وابن نِعْمة، وجَرَت لهم خُطُوب، فانهزم ابن الثُمنة،
فسوّلت له نفسه الانتصار بالنّصارى، فسار إلى مالطة، وقد أخذتها
الفرنْج بعد السّبعين وثلاثمائة وسكنوها، فقال لملكها: أنا أملكك
الجزيرة، وملأ يدَ هذا الكلب خسايا، فسارت الفرنج معه في سنة أربع
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 195 «سبع» .
[2] في الكامل 1/ 195 «منكوت» ، ومثله في: المختصر في أخبار البشر 2/
201.
[3] مازر: مدينة بصقلية. (معجم البلدان 5/ 40) وقال الشريف الإدريسي:
ومازر مدينة فاضلة شامخة كاملة لا شبه لها ولا مثال في شرف المحلّ،
والحال إليها لانتهاء في جمال الهيئة والبناء، وما اجتمع فيها من
المحاسن التي لم تجتمع في غيرها من المواطن، وهي ذات أسوار حصينة شاهقة
وديار حسنة فائقة.. وبأصل سورها للوادي المعروف بوادي المجنون توسق منه
المراكب.. ومن مازر إلى مرسى علي ثمانية عشر ميلا. (نزهة المشتاق 2/
600، 601) .
[4] طرابنش: اسم مدينة بجزيرة صقلّيّة. (معجم البلدان 4/ 26) وقال
الشريف الإدريسي: مدينة أزلية قديمة المحلّ على ساحل البحر والبحر يحدق
بها من جميع جهاتها وإنما يسلك إليها على قنطرة على باب شرقيها..
وبقربها جزيرة الراهب وجزيرة اليابسة وجزيرة مليطة (نزهة المشتاق 2/
601) .
[5] ويعرف بابن الحواش.
[6] قصريانه: بالياء المثنّاة من تحت، وألف ساكنة ثم نون مكسورة وبعدها
هاء ساكنة. هي رومية اسم رجل، وهو اسم لمدينة كبيرة بجزيرة صقلّيّة على
سنّ جبل. (معجم البلدان 4/ 365) .
[7] في الأصل: «سرقوس» ، والتصحيح من: معجم البلدان 3/ 214 وهي الآن
عاصمة جزيرة صقلّيّة. وفي المختصر في أخبار البشر: «سيرقوس» .
[8] قطانية، ويقال: قطالية: بتخفيف الياء، مدينة على سواحل جزيرة
صقلّيّة، وهي مدينة كبيرة على البحر من سفح جبل النار وتعرف بمدينة
الفيل. (معجم البلدان 4/ 370) وانظر عنها في (نزهة المشتاق 2/ 597،
597) .
(33/17)
وأربعين وأربعمائة، فلم يلقوا من يمنعهم،
فأخذوا ما في طريقهم، وحاصروا قَصْرُيَانِهْ. وعمل معه ابن نعمة
مُصَافًا، فهزموه، فالتجأ إلى القصر، وكان منيعًا حصينًا. فرحلوا عنه
واستولوا على أماكن كثيرة، ونَزَحَ عنها خلْقٌ من الصّالحين والعلماء،
واجتمع بعضهم بالمعزّ، فأخبره بما النّاس فيه من الوَيْل مع عدوّهم،
فجهَّز أسطولًا كبيرًا، وساروا في الشّتاء، فغرَّق البحر أكثرهم، وكان
ذلك ممّا أضعف المعزّ، وقويت عليه العرب، وأخذت البلاد منه، وتملّك
الفرنج أكثر صَقَلّية [1] .
واشتغل المعزّ بما دهمِه من العرب الّذين بعثهم صاحب مصر المستنصِر
لحربه وانتزاع البلاد منه، فقام بعده ولده تميم في المُلْك، فجهَّز
أسطولًا وجيشًا إلى صَقَلّية، فَجَرَت لهم حروبٌ وأمورٌ طويلة، ورجع
الأسطول، وصحِبهم طائفة من أعيان أهل صَقَلّية، ولم يبق أحدٌ يمنع
الفرنج، فاستولوا على بلاد صَقَلّية، سوى قَصْرُيَانِهْ وجُرْجنْت [2]
، فحاصروا المسلمين مدّة حتّى كلّوا، وأكلوا الميتة من الجوع، وسلَّم
أهل جرجنت بلدهم، ولبثت [3] قَصْرُيَانِهْ بعده ثلاث سِنين في شدَّةٍ
من الحصار، ولا أحد يغيثهم، فسلَّموا بالأمان، وتملَّك رُجار [4] جميعَ
الجزيرة [5] ، وأسكنها الرومَ والفرنجَ مع أهلها.
وهلك رُجار قبل التّسعين وأربعمائة، وتملّك بعده ابنه، فاتَّسَعت
ممالكه، وعمّر البلاد، وبالغ في الإحسان إلى الرّعيّة، وتطاول إلى أخذ
سواحل إفريقية [6] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 2/ 201.
[2] في الأصل: «جرجنته» والتصحيح من (الكامل 10/ 197) .
[3] في الأصل: «ولبث» .
[4] تحرّف في تاريخ ابن الوردي 2/ 4 إلى «رجاز» بالزاي في آخره.
[5] في سنة 484 هـ. (المختصر في أخبار 2/ 201) .
[6] الخبر بطوله في: الكامل في التاريخ 10/ 193- 198، وهو بأربع كلمات
في: نهاية الأرب 23/ 251، و 28/ 248، ومفصّل في: المختصر في أخبار
البشر 2/ 201، وسير أعلام النبلاء 18/ 322، والعبر 3/ 304 بإيجاز شديد،
وكذا في: دول الإسلام 2/ 12، ومرآة الجنان 3/ 134، والبداية والنهاية
12/ 138، وتاريخ ابن الوردي 2/ 4، ومآثر الإنافة 2/ 4، وتاريخ الخلفاء
425.
(33/18)
[دخول السلطان بغداد للمرّة الثّانية]
وفي رمضان وصل السّلطان إلى بغداد، وهي القدْمة الثّانية، وبادر إلى
خدمته أخوه تاج الدّولة تُتُش صاحب دمشق، وقسيم الدّولة أقْسُنْقُر
صاحب حلب، وغيرهما من أمراء النّواحي [1] ، فعمل الميلاد ببغداد،
وتأنّقوا في عمله على عادة العجم، وانبهر النّاسُ، ورأوا شيئًا لم
يعهدوه من كثرة النّيران، حتّى قال شاعرهم [2] :
وكُلُّ نارٍ على العُشَّاق مُضْرَمَةٌ ... مِن نار قلبي أو من ليلة
الصَدَقِ [3]
نارٌ تَجَلَّت بها الظَّلْمَاءُ فاشتبهتْ ... بسُدْفةِ اللَّيل فيه
غُرَّةُ الفَلَقِ
وزارتِ الشّمسُ فيه البدرَ واصطلحا ... على الكواكب بعد الغَيْظِ
والحَنَقِ
مُدّت على الأرض بُسُطٌ من [4] جواهرها ... ما بين مجتمع دارٍ ومفترقِ
مثلَ المصابيح إلّا أنّها نزلتْ ... من السّماء بلا رجْمٍ ولا حَرَقِ
أعْجِبْ بنارٍ ورِضْوَانٌ يُسعّرُهَا ... ومالكٌ قائمٌ منها على فَرَقِ
في مجلسٍ ضحِكَتْ روضُ الْجِنَانِ لهُ ... لمّا جلى [5] ثغْرُهُ عن
واضحٍ يَقَقِ
وللشُّمُوع عيونٌ كلْما نظرتْ ... تظلّمتْ من يديها أنْجُمُ الغَسَقِ
من كلّ مرهفةٍ الأعطافِ كالغُصْن ... الميّاد، لكنّه عارٍ من الوَرَقِ
إنِّي لأعجب منها وهي وادعةٌ ... تبكي، وعِيشَتُهَا من [6] ضَرْبة
العُنُقِ [7]
[بناء جامع السّلطان ببغداد]
وفي آخرها أمر السّلطان بعمل جامعٍ كبير له ببغداد، وعمل الأمراء حوله
__________
[1] نهاية الأرب 26/ 329، المختصر في أخبار البشر 2/ 201، دول الإسلام
2/ 12، البداية والنهاية 12/ 137، تاريخ ابن خلدون 3/ 477، تاريخ ابن
الوردي 2/ 5، مآثر الإنافة 2/ 2.
[2] هو «المطرّز» كما في الكامل 10/ 199.
[3] في المطبوع من الكامل (طبعة صادر) : «السّذق» .
[4] في الكامل: «بسطا» .
[5] في المنتظم: «جلت» ، وفي الكامل: «جلا» .
[6] في المنتظم: «في» .
[7] الخبر والأبيات في: المنتظم 9/ 57، 58 (16/ 294، 295) ، والكامل في
التاريخ 10/ 199، 200.
(33/19)
دُورًا لهم ينزلونها، ولم يدروا أن دولتهم
قد ولّت، وأيّامهم قد تصرّمت، نسأل الله خاتمةً صالحةً [1] .
[الزّلزلة بالشّام]
وفيها كانت زلازل عظيمة مزعجة بالشّام، تخرّب من سور أنطاكية تسعون [2]
برجًا- وهلك من أهلها عالمٌ كثير تحت الرَّدْم، فأمر السّلطان بعمارتها
[3) .]
__________
[1] المنتظم 9/ 70 (16/ 298) (حوادث سنة 485 هـ.) ، الكامل في التاريخ
10/ 200، نهاية الأرب 26/ 329، المختصر في أخبار البشر 2/ 201، 202،
البداية والنهاية 12/ 137، تاريخ ابن الوردي 2/ 5، مآثر الإنافة 2/ 3،
الروضتين 1/ 65، تاريخ الخلفاء 425.
[2] في ذيل تاريخ دمشق «سبعون» .
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 355 (وتحقيق سويّم) 22، ذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 120، 121، الكامل في التاريخ 10/ 200، نهاية
الأرب 23/ 251، دول الإسلام 2/ 12، البداية والنهاية 12/ 138، النجوم
الزاهرة 5/ 132، كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة للسيوطي 181، 182.
(33/20)
سنة خمس وثمانين
وأربعمائة
[وقعة جيّان بالأندلس]
فيها وقعة جَيّان [1] بالأندلس.
كانت بعد وقعة الزّلّاقة، وتُقاربُها في الكِبَر، فإنّ الأذفونش جمع
جُموعًا عظيمة، وقصد بلاد جَيّان، فالتقاه المرابطون فانهزم المسلمون،
وأشرف النّاسُ على خُطّةٍ صعبة، ثمّ أنزل الله النّصر، فثبتوا وهزموا
الكُفّار، ووضعوا السّيف فيهم، ونجا الأذفونش في نَفَرٍ يسير [2] .
[نسخة كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
هرقل] ثمّ تهيّأ في العام القابل، وأغار على القُرى، وحرَّق الزَّرع،
وبقي النّاس معه في بلاءٍ شديد. وشاخ وعُمِّر، وكان من دُهاة الرّوم،
وهو أكبر ملك للفرنج، تحت يده عدّة ملوك، وجعل دار مملكته طُلَيْطُلَة،
فبقي مجاورًا لبلاد الإسلام.
وهو من ذُرّيّة هِرَقْل. وكان عنده كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جدّه.
قال الْيَسَعُ بنُ حزْم: حدّثنا الفقيه أبو الحسن بن زيدان قال: لمّا
توجّهنا إلى ابن بنتِه رُسُلًا أنا وفُلان، أمرَ فأُخْرِج سفْطٌ فيه
حقٌّ ذهب، مرصَّع بالياقوت والدُّرّ، فاستخرج منه الكتاب كما نصّه في
«صحيح البخاريّ» ، فلمّا رأيناه بكينا، فقال: ممّ تبكون؟
فقلنا: تذكّرنا به النبي صلّى الله عليه وسلم.
__________
[1] جيّان: بالفتح ثم التشديد، وآخره نون. مدينة لها كورة واسعة
بالأندلس تتصل بكورة ألبيرة مائلة عن ألبيرة إلى ناحية الجوف في شرقي
قرطبة. (معجم البلدان 2/ 195) .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 202، العبر في خبر من غبر 3/ 307، دول
الإسلام 2/ 12، سير أعلام النبلاء 18/ 322.
(33/21)
فقال: إنّما هذا الكتاب شَرَفي وشَرَف
آبائي من قبلي.
[تسيير عسكر السلطان ملك شاه لفتح بلاد
الساحل]
وفيها أمر السّلطان ملك شاه لقسيم الدّولة وبوران وغيرهما أن يسيرا في
خدمة أخيه تُتُش، حتّى يستولوا على ما بيد المستنصِر العُبَيْديّ
بالسّواحل، ثمّ يسيرون بعد ذلك إلى مصر فيفتحونها [1] ، فسَاروا إلى أن
نزلوا على حمص، وبها صاحبها ابن مُلاعِب، وكان كثير الأذِيّة للمسلمين،
فأخذوا منه البلد بعد أيّام [2] .
ثمّ ساروا إلى حصْن عِرْقه، فأخذوه بالأمان [3] .
ثمّ نازل طرابُلُس، فرأى صاحبُها جلال المُلْك ابن عَمّار جيشًا لا
قِبَل له به، فأرسل إلى الأمراء الّذين مع تُتُش، ووعدهم ليُصلِحوا
حاله، فلم يَرَ فيهم مطمعًا، ثمّ سيّر لقسيم الدّولة ثلاثين ألف دينار
وتقادُم، فسَعى له عند تُتُش هو وكاتبُه، فغضب تتش وقال: هل أنت إلا
تابع لي. فخلاه في الليل، ورحل إِلى حلب، فاضطّر تُتُش إلى التَّرحُّل
عن طرابلس [4] وانتقض ما قرَّر لهم السّلطان من الفتوح [5] .
[فتح اليمن للسلطان]
وفيها افْتُتِح للسّلطان اليمنُ. كان فيمن حضر إلى خدمته ببغداد جنق
[6] أمير التّركمان صاحب قرميسين، فجهَّزَه السّلطان في جماعة أمراء من
التُّرْكُمان
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 202، تاريخ دولة آل سلجوق 65 (طبعة مصر
1900) ، دول الإسلام 2/ 13، تاريخ ابن خلدون 5/ 11.
[2] تاريخ الفارقيّ 233 (باختصار) ، نهاية الأرب 27/ 65، المختصر في
أخبار البشر 2/ 202، البداية والنهاية 12/ 139، تاريخ ابن خلدون 5/ 11،
تاريخ ابن الوردي 2/ 5.
[3] نهاية الأرب 27/ 66، المختصر في أخبار البشر 2/ 202، البداية
والنهاية 12/ 140، تاريخ ابن خلدون 5/ 11، تاريخ ابن الوردي 2/ 5.
[4] في الأصل: «عن حلب» ، وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 202، 203، نهاية الأرب 27/ 66، تاريخ ابن
خلدون 5/ 11 وفيه الخبر يعتوره نقص في أوله، وهو في: مفرّج الكروب 1/
21، 22، والدرّة المضيّة 431، 432، والنجوم الزاهرة 5/ 132، وانظر
كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج 1/ 371، 372.
[6] في الكامل 10/ 203 «جبق» .
(33/22)
إلى الحجاز واليمن، وأن يكون أمرهم إلى
سعْد الدّولة كوهرائين [1] ، فاستعمل عليهم كوهرائين عِوَضَه ترشك.
فساروا إلى اليمن، واستولوا عليها، فظلموا وعَسفوا وفَسَقوا فأسْرَفوا،
ومَلَكوا عدن، وظهر عَلَى ترشك جدري أهلكه بعد جمعة من وصوله إِلى عدن.
وعاش سبعين سنة. فنقله أصحابه معهم، ودُفِن ببغداد عند مشهد أبي حنيفة
[2] .
[وفاة السلطان]
قال صاحب «المرآة» : في غُرَّة رمضان توجّه السلطان من إصبهان إلى
بغداد عازمًا على تغيير الخليفة، فوصل بغدادَ في ثامن عشر رمضان، فنزل
داره، ثمّ بعث إلى الخليفة يقول: لا بُدّ أن تترك لي بغداد، وتذهب إلى
أيّ بلدٍ شئت.
فانزعج الخليفة وقال: أمهلني ولو شهرًا.
فقال: ولا ساعة.
فبعث الخليفة إلى وزير السّلطان تاج المُلْك، فطلب المهلة عشرة أيّام.
فاتَّفق مرض السّلطان وموته، وعُدَّ ذلك كرامةً للخليفة [3] .
[مقتل الوزير نظام المُلْك]
وفي عاشر رمضان قُتِل نظام المُلْك الوزير بقُرب نهاوند. أتاه شابٌّ
دَيْلَميّ من الباطنيّة في صورة مستغيث فضربه بسكّين عند ما أخرجت
محفّته إلى خيمة
__________
[1] في نهاية الأرب 26/ 330 «كوهراتين» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 203، 204، نهاية الأرب 26/ 330، سير أعلام
النبلاء 18/ 322، دول الإسلام 2/ 13، البداية والنهاية 12/ 140، تاريخ
ابن خلدون 5/ 11.
[3] المنتظم 9/ 62 (16/ 299، 300) ، تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور)
356 (وتحقيق سويّم) 22، تاريخ الفارقيّ 229، زبدة الحلب 2/ 106، الجوهر
الثمين 198، تاريخ ابن خلدون 3/ 478، النجوم الزاهرة 5/ 134، تاريخ
الخلفاء 425، أخبار الدولة للقرماني 2/ 165. وفي تاريخ الزمان لابن
العبري 120: غادر السلطان خراسان إلى بغداد، وحصل خلاف بينه وبين
الخليفة. ذلك أنه سأل الخليفة أن يخلفه ابنه الّذي ولدته زوجته ابنة
السلطان، فتمنّع. فأرسل السلطان يقول: يجب أن تغادر بغداد. فقال
الخليفة: إني ممتثل أمرك، فتمهّل عليّ عشرة أيام ريثما أتهيّأ للرحيل.
وفي اليوم التاسع أدركت السلطان حمّى محرقة قضت على حياته. وقيل إن
عبده كرديك سقاه سمّا فمات.
(33/23)
حُرَمِه بعد إفطاره. وتَعِس الباطنيّ
فلحِقُّوه وقتلوه [1] .
وكان مولده سنة ثمان وأربعمائة [2] .
وقيل إنّ السّلطان هو الّذي دسّ عليه من قتله، لأن ابن ابن نظام
المُلْك كان شابًا طريا، ولي نظر مرْو ومعه شِحْنة للسّلطان، فعمد وقبض
عليه. فغضب السّلطان، وبعث جماعةً إلى نظام المُلْك يعنِّفه ويوبِّخه
ويقول: إن كنتَ شريكي في المُلْك فلذلك حكمٌ! وهؤلاء أولادك قد استولى
كلّ واحدٍ على كورةٍ كبيرة، ولم يكفهم حتّى تجاوزوا أمر السّياسة.
فقوّى نفسه، ولقد يمُتّ بأمورٍ ما أظنّ عاقلًا يقولها، ويقول: إن كان
ما علم أنِّي شريكه فليعلم [3] .
[وفاة السلطان ملك شاه]
فازداد غضب السّلطان ملك شاه، وعمل عليه، ولكنّه ما مُتِّع بعده، إنّما
__________
[1] وقال الموفّق النظامي في مرثيّته له التي أولها:
مصاب أصاب جميع الأمم ... فأثّر في عربها والعجم
ويستطرد فيها بذكر الجماعة بقوله:
وشارك عثمان في قتله ... فكلّ بقتلته متّهم
(الإنباء في تاريخ الخلفاء 205) والخبر في: الكامل في التاريخ 10/ 204،
وتاريخ حلب للعظيميّ (يتحقيق زعرور) 356، (وتحقيق سويّم) 22، والإنباء
في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 204، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي
121، وتاريخ الفارقيّ 229، وبغية الطلب (تراجم السلاجقة) 86- 93، زبدة
التواريخ للحسيني 139، 140، تاريخ دولة آل سلجوق 81، نهاية الأرب 23/
251 و 26/ 330، وآثار البلاد وأخبار العباد 413، المختصر في أخبار
البشر 2/ 202، العبر 3/ 307، دول الإسلام 2/ 13، مرآة الجنان 3/ 135،
البداية والنهاية 12/ 139 و 140، تاريخ ابن خلدون 3/ 477، 478 و 5/ 11،
12، التاريخ الباهر 9، 10، تاريخ ابن الوردي 2/ 5، والدرّة المضيّة
436، الروضتين 62- 64، النجوم الزاهرة 5/ 136، 137.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 204، دول الإسلام 2/ 13 وفيه: «وعاش النظام
سبعا وسبعين سنة» ، مرآة الجنان 3/ 137.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 205، وانظر: بغية الطلب (تراجم السلاجقة)
89، وزبدة التواريخ للحسيني 140- 142، نهاية الأرب 26/ 331، 332، دول
الإسلام 2/ 13، مآثر الإنافة 2/ 3.
(33/24)
بقي خمسةٍ وثلاثين يومًا ومات [1] .
[سلطنة محمود بن ملك شاه]
فلمّا مات السّلطان كتمت زوجته تُرْكان، مَوْتَه، وأرسلت إلى الأمراء
سرًّا، فاستحلفتهم لولدها محمود ابن السّلطان، وهو في السّنة الخامسة
من عمره.
فحلفوا له، [2] وأرسلت إلى المقتدي باللَّه في أنْ يُسلْطنه، فأجاب،
وخُطِب له، ولُقِّب ناصر الدُّنيا والدِّين [3] . وأرسلت في الحال
تُرْكان إلى إصبهان من قَبَضَ على بركيارُوق [4] أكبر أولاد السّلطان،
فَقُبِض عليه [5] .
[خلاف بركياروق]
فلمّا اشتهر موتُ أبيه وثب المماليك بإصبهان، وأخرجوه وملّكوه بإصبهان
[6] . وطالبت العساكرُ الوزيرَ بالأرزاق، فوعدهم، فلمّا وصل إلى قلعة
__________
[1] الإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 205، ذيل تاريخ دمشق لابن
القلانسي 121، تاريخ الفارقيّ 229، الكامل في التاريخ 10/ 206، تاريخ
الزمان لابن العبري 120، زبدة التواريخ للحسيني 147، تاريخ حلب
للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 356 (وتحقيق سويّم) 22، زبدة الحلب 2/ 106،
تاريخ دولة آل سلجوق 80، نهاية الأرب 23/ 251 و 26/ 333- 335 و 27/ 66،
المختصر في أخبار البشر 2/ 202، 203، دول الإسلام 2/ 13، مرآة الجنان
3/ 139، تاريخ ابن خلدون 3/ 478 و 5/ 13، التاريخ الباهر 10- 12، تاريخ
ابن الوردي 2/ 5، مفرّج الكروب 1/ 22، الدرّة المضيّة 436- 438، مآثر
الإنافة 2/ 3 و 7، الروضتين 1/ 64، السلوك ج 1 ق 1/ 33، النجوم الزاهرة
5/ 134، 135، تاريخ الخلفاء 4252.
[2] تاريخ دولة آل سلجوق 81، الفخري لابن طباطبا 296، المختصر في أخبار
البشر 2/ 203، البداية والنهاية 12/ 139، تاريخ ابن خلدون 3/ 479،
تاريخ ابن الوردي 2/ 5، مآثر الإنافة 2/ 3، تاريخ الخلفاء 425.
[3] وقال ابن العبري: ونادوا بابنها محمود بن ملك شاه سلطانا في بغداد
وهو في الخامسة من سنيه، ووصف بعضهم رزانته فقال: أرسل الخليفة ووشّحه
ببزّة ملكيّة وأجلسه على العرش. فلم يمدّ يده ولا رجله، ولم يغمض
عينيه، ولم يتحرّك، ولم يتّكئ، بل ظلّ هامدا كالصخر حتى أدهش الحاضرين.
(تاريخ الزمان 121) .
[4] في تاريخ الزمان 121 «تركياروق» ، وفي الكامل 10/ 215 «بركيارق» .
[5] تاريخ الفارقيّ 230، الكامل في التاريخ 10/ 214، 215، تاريخ الزمان
لابن العبري 121، زبدة الحلب 2/ 106، نهاية الأرب 26/ 335، 336.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 356 (وتحقيق سويّم) 22، زبدة
التواريخ للحسيني 156، 157، تاريخ دولة آل سلجوق 81، تاريخ ابن خلدون
4/ 479.
(33/25)
برجين [1] التي فيها الخزائن صعِد إليها
ليفرّق فيهم، فأغلقها وعصى على تُركان فنهبت العساكر أثقاله، وذهبت هي
إلى إصبهان. فندم ولحِقها، وزعم أنّ متولِّي القلعة حبَسه، وأنّه هرب
منه، فقبلت عُذْرَه [2] .
وأمَّا بَركيَارُوق [3] ففارق إصبهان، وبادر إلى الرّيّ، وانضمّ إليه
فرقةٌ من العسكر، وأكثرهم من المماليك النّظامية، لبُغضهم لتاج المُلْك
لأنّه كان عدوًّا لمولاهم، وهو المُتَّهم بقتْلِه، فنازلوا قلعة طبرك،
وأخذوها عَنْوَةً [4] .
[انهزام عسكر تُركان وأسر تاج المُلْك]
وجهَّزت تُركان عساكرها لحربهم، فالتقى الجمعان بناحية بَرُوجِرْد،
فخامَر طائفة، والتفّوا أيضًا على بَركيَارُوق [5] ، واشتدّ الحرب. ثمّ
انهزم عسكر تُركان، وساق بركياروق في أثرهم، فنازل إصبهان في آخر
السّنة [6] .
وأُسِر بعد الوقعة تاج المُلْك، فأُتِي به بَركيَارُوق وهو على إصبهان،
فأراد أن يستوزره [7] .
[مقتل تاج المُلْك]
وأخذ تاج المُلْك في إصلاح كبار النّظامية، وفرَّق فيهم مائتي ألف
دينار،
__________
[1] في الأصل: «بزحين» ، ولم أجدها في معاجم البلدان.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 215، زبدة التواريخ 157، نهاية الأرب 26/
336، تاريخ ابن خلدون 3/ 479.
[3] في الروضتين 1/ 65 «بكياروق» والمثبت هو الصحيح، وقد جوّده ابن
خلّكان فقال بركياروق:
بفتح الباء الموحّدة، وسكون الراء والكاف، وفتح الياء المثنّاة من
تحتها، وبعد الألف راء مضمومة، وواو ساكنة وقاف. (وفيات الأعيان 1/
268، 269) .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 215، نهاية الأرب 26/ 337، المختصر في أخبار
البشر 2/ 203، تاريخ ابن الوردي 2/ 5.
[5] تاريخ الزمان لابن العبري 121، ويقال: «بركيارق» . بحذف الواو.
(مآثر الإنافة 2/ 4، صبح الأعشى 4/ 447) .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 215، 216، نهاية الأرب 26/ 336، المختصر في
أخبار البشر 4/ 203، تاريخ ابن خلدون 3/ 479، تاريخ ابن الوردي 2/ 5،
6.
[7] الكامل 10/ 216، نهاية الأرب 26/ 337، المختصر في أخبار البشر 2/
203.
(33/26)
وبلغ ذلك عثمان بنَ نظام المُلْك [1] ،
فشغب عليهم سائر الغلمان الصِّغار، وقال:
هذا قاتل أستاذكم. ففتكوا به، وقطّعوه في المحرَّم سنة ستٍّ [2] .
وكان كثير المحاسن والفضائل وإنّما غطّى ذلك ممالأته على قتل نظام
الملك، ولأنّ مدّته لم تَطُلْ. وعاش سبْعًا وأربعين سنة [3] .
[إيقاع عرب خفاجة بالرّكب العراقي]
وأمّا عرب خَفَاجَة فطمعوا بموت السّلطان، وخرجوا على الركْب العراقيّ،
فأوقعوا بهم، وقتلوا أكثر الْجُنْد الّذين معهم، ونهبوا الوفد، ثمّ
أغاروا على الكوفة، فخرجت عساكر بغداد وتبعَتْهم حتّى أدركتهم، فقُتِل
من خَفَاجَة خلْق، ولم تقْوَ لهم شوكةٌ بعدَها [4] .
[حريق بغداد]
وفيها كان الحريق المَهُول ببغداد، وكان من الظُّهر إلى العصر.
قال صاحب «الكامل» : واحترق من النّاس خلْق كثير، واحترق نهر مُعَلَّى،
من عقد الحديد إلى خزانة [5] الهرّاس، إلى باب دار الضَّرب، واحترق سوق
الصَّاغة، والصّيارف، والمخلّطين، والرَّيْحانيّين. وركب الوزير عميد
الدّولة [6] بن جَهير وأتى، فما زال راكبا حتّى أطفئ [7] .
__________
[1] في الكامل في التاريخ 10/ 216: «عثمان نائب نظام الملك» .
[2] المنتظم 9/ 63 (16/ 301) ، الكامل في التاريخ 10/ 216، نهاية الأرب
26/ 337، المختصر في أخبار البشر 2/ 203، تاريخ ابن خلدون 3/ 479 و 5/
14، تاريخ ابن الوردي 2/ 6.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 216، المختصر في أخبار البشر 2/ 203.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 356 (وتحقيق سويّم) 23، المنتظم
9/ 63 (16/ 301) ، الكامل في التاريخ 10/ 217، العبر في خبر من غبر 3/
307، دول الإسلام 2/ 14، سير أعلام النبلاء 18/ 322، مرآة الجنان 3/
135، البداية والنهاية 12/ 139.
[5] هكذا في الأصل، وفي المنتظم: «خرابة» ، وفي الكامل: «خربة» .
[6] في الأصل: «عميد الله» . والتصحيح من: المنتظم، والكامل.
[7] المنتظم 9/ 61 (16/ 299) ، الكامل في التاريخ 10/ 217، 218،
البداية والنهاية 12/ 139.
(33/27)
[وقوع البَرَد بالبصرة]
وفيها وقع بالبصرة بَرَد عظيمٌ كبار، أهلك الحرث والنَّسْل. كانت
البَرَدة من خمسة أرطال إلى عشرة أرطال [1] .
__________
[1] المنتظم 9/ 61 (16/ 301) ، البداية والنهاية 12/ 139.
(33/28)
سنة ست وثمانين
وأربعمائة
[وزارة عزّ الملك]
استُهِلَّت وبركياروق مُنَازِلٌ إصبهان، فخرج إليه جماعة من أولاد نظام
المُلْك، فاستوزر عزّ المُلْك بن نظام المُلْك الّذي كان مُتولّي
خَوارَزْم [1] .
[استيلاء تاج الدّولة تُتُش على الرّحبة ونصيبين]
وأمّا تاج الدّولة تُتُش صاحب دمشق، فلمّا علم بموت أخيه ملك شاه جمع
الجيوش وأنفق الأموال، وسار يطلب السّلطنة، فمرّ بحلب وبها قسيم
الدّولة أقْسُنْقُر، فصالحه وصار معه، وأرسل إلى ياغي سيان صاحب
أنطاكية، وإلى بوزان صاحبُ الرّها وحَرّان، يشير عليهما بطاعة تُتُش،
فصاروا معه، وخطبوا له في بلادهم، وقصَدَوا الرَّحْبة، فملكوها في
المحرّم سنة ستٍّ [2] . ثمّ سار بهم، وحاصر نصيبين، فسبُّوه ونالوا
منه، فغضب وأخذها عَنْوَةً، وقتل بها خلْقًا ونهبها [3] . ثمّ سلّمها
إلى محمد بن شرف الدّولة العُقَيْليّ، وقصدَ الموصل [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 219، نهاية الأرب 26/ 337، المختصر في أخبار
البشر 2/ 203، تاريخ ابن خلدون 3/ 479، تاريخ ابن الرودي 2/ 6.
[2] المنتظم 9/ 77 (16/ 5) ، تاريخ الفارقيّ 236، الفخري لابن طباطبا
296، 297، نهاية الأرب 27/ 67، البداية والنهاية 12/ 144، تاريخ ابن
خلدون 3/ 480 و 5/ 15.
[3] تاريخ الفارقيّ 234، 235، الكامل في التاريخ 10/ 220، المختصر في
أخبار البشر 2/ 203، العبر 3/ 310، مرآة الجنان 3/ 142، تاريخ ابن
الوردي 2/ 6.
[4] تاريخ الزمان لابن العبري 121، الكامل في التاريخ 10/ 220، نهاية
الأرب 27/ 67، العبر 3/ 310، دول الإسلام 2/ 14، البداية والنهاية 12/
144، تاريخ ابن خلدون 3/ 480 و 5/ 14، التاريخ الباهر 12، مفرّج الكروب
1/ 23، الدرّة المضيّة 432، 433.
(33/29)
[وزارة ابن جهير]
واستوزر الكافي ابن فخر الدّولة بن جَهير، أتاه من جزرة ابن عمر [1] .
[وقعة المُضَيَّع]
وكان قد تغلَّب على الموصل إبراهيم بن قُرَيش أخو شرف الدّولة، فعمل
معه مصَافًّا، وتُعرف بوقعة المُضَيَّع [2] ، فكان هو في ثلاثين ألفًا،
وكان تُتُش في عشرة آلاف، فتمَّت الكسْرة على جيش إبراهيم، وأخِذ
أسيرًا. ثمّ قُتِل صبْرًا [3] .
وقيل إنّ تقدير القتلى من الفريقين عشرة آلاف، وامتلأت الأيدي من
السَّبْي والغنائم، حتّى أبيع الْجَمَل بدينار، وأمّا الغنم فقيل:
أُبيعت مائة شاة بدينار. ولم يُشَاهد أبشع من هذه الوقعة. وقتل بعض
نُسوان العرب أنفسهنَّ خوف الفضيحة [4] ، ومنهنّ من غرَّقت نفسَهَا.
وأقرَّ تُتُش على الموصل الأمير عليّ بن شرف الدّولة وأمّه صفيّة [5] ،
وهي عمّة تُتُش [6] ، ثمّ بعث إلى بغداد يطلب تقليدًا بالسّلطنة،
وساعده كوهرائين [7] ، فتوقّفوا قليلا [8] .
__________
[1] المنتظم 9/ 77 (16/ 5) ، تاريخ الفارقيّ 236، الفخري لابن طباطبا
296، 297، نهاية الأرب 27/ 67، البداية والنهاية 12/ 144، تاريخ ابن
خلدون 3/ 480 و 5/ 15.
[2] في الأصل: «المصنع» ، وهو تحريف. والتصحيح من: الكامل 10/ 221
وفيه: «المضيّع من أعمال الموصل» . ومثله في: التاريخ الباهر 12، وفي
المختصر في أخبار البشر 2/ 204 «المضيّح» بالحاء المهملة. ولم يذكره
ياقوت في معجم البلدان، بل ذكر «المضيّح» : جبل بنجد، أو هضب ماء بأرض
اليمن. (معجم البلدان 5/ 146) ، وفي مرآة الجنان 3/ 142 «المصنع» .
[3] تاريخ الفارقيّ 233، الكامل في التاريخ 10/ 221، المختصر في أخبار
البشر 2/ 204، العبر 3/ 310، دول الإسلام 2/ 14، مرآة الجنان 3/ 142.
[4] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 122، 123، الكامل في التاريخ 10/
221، نهاية الأرب 27/ 67، مفرّج الكروب 1/ 24، الدرّة المضيّة 433.
[5] تحرّف اسمها في تاريخ ابن الوردي 2/ 6 إلى: «ضيفة» .
[6] نهاية الأرب 27/ 67، العبر 3/ 310، مرآة الجنان 3/ 142، تاريخ ابن
الوردي 2/ 6.
[7] في العبر 3/ 310: «كوهرابين» .
[8] الكامل في التاريخ 10/ 221، 222، تاريخ ابن خلدون 3/ 480، 481،
تاريخ ابن الوردي 2/ 6.
(33/30)
[استقامة الأمور لتاج الدّولة تتش]
وسار تُتُش فملك ميّافارقِين، [1] وديار بكر، وقصد أَذَرْبَيْجَان [2]
، وغلبَ على بعضها، فبادر بركياروق ليدفع عمّه تتش عن البلاد، وقصده،
فالتقيا، فقال قسيم الدّولة لبوزان: إنّما أطعنا هذا لننظر ما يكون من
أولاد السّلطان، والآن فقد ظهر ابنُه هذا، وينبغي أن نكون معه. ففارقا
تُتُش [3] وتحوّلا بعسكرهما إلى بَركيَارُوق، فلمّا رأى ذلك تُتُش
ضَعُف ورجع إلى الشّام، واستقام دَسْت بركياروق [4] .
[تملُّك عسكر مصر مدينة صور]
وفيها في جُمَادى الآخرة جاء عسكر المصريّين، فتملِّكوا مدينة صور
بمخامرة أهلها، وأخد متولّيها إلى مصر، فقُتِل هو وجماعة [5] .
[امتناع الحجّ العراقي]
ولم يحجّ أحدٌ من العراق، بل خرج ركْبٌ من دمشق، فنهبهم أمير مكّة محمد
بن أبي هاشم، وخرجت عليهم العُربان غير مرّة ونهبوهم، وتمزَّقوا، وقتِل
جماعة، ورجع سلم في حال عجيب.
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 123، 124، الكامل في التاريخ 10/
222، التاريخ الباهر 12، تاريخ الفارقيّ 236، نهاية الأرب 27/ 67، دول
الإسلام 2/ 14، تاريخ ابن خلدون 3/ 481، تاريخ ابن الوردي 2/ 6،
الروضتين 1/ 65.
[2] تاريخ الفارقيّ 243، الكامل في التاريخ 10/ 222، التاريخ الباهر
13.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 222 التاريخ الباهر 13، نهاية الأرب 27/ 67،
68، المختصر في أخبار البشر 2/ 204، العبر 3/ 310، 311، دول الإسلام 2/
14، تاريخ ابن خلدون 3/ 418، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، الروضتين 1/ 65.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 356 (تحقيق سويّم) 23، ذيل تاريخ
دمشق لابن القلانسي 124، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 29، الكامل في
التاريخ 10/ 223، نهاية الأرب 28/ 239، المختصر في أخبار البشر 2/ 204،
دول الإسلام 2/ 14، البداية والنهاية 12/ 145، تاريخ ابن الوردي 2/ 6،
الدرّة المضيّة 438 (حوادث سنة 485 هـ.) ، اتعاظ الحنفا 2/ 328، النجوم
الزاهرة 5/ 138.
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 356 (وتحقيق سويّم) 23، ذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 125، الكامل في التاريخ 10/ 225، العبر 3/
311، مرآة الجنان 3/ 142، مآثر الإنافة 2/ 6، شفاء الغرام بأخبار البلد
الحرام (بتحقيقنا) 2/ 364، النجوم الزاهرة 5/ 138.
(33/31)
[الفتنة بين السُّنّة والرَّافضة]
وأمّا بغداد فهاجت فيها فتنةٌ مزعجة على العادة بين السُّنّة
والرَّافضة [1] .
[دخول صدقة بن مزيد في خدمة السلطان ملك
شاه]
وسار سيف الدّولة صَدَقَة بن مَزْيَد أميرُ العرب، فلقي السّلطان
بركياروق بنَصِيبِين، وسار في خدمته إلى بغداد، فوصلها في ذي القعدة.
وخرج عميد المُلْك بن جَهير الوزير والنّاس معَه إلى لقائه [2] .
[وفاة جعفر بن المقتدي باللَّه]
ومات جعفر بن المقتدي باللَّه، وله ستّ سنين، وهو سبط السّلطان ملك شاه
[3] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 226.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 226.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 227 وفيه: «وإليه تنسب الجعفريات» ، البداية
والنهاية 12/ 145.
(33/32)
سنة سبع وثمانين
وأربعمائة
[الخطبة لبركياروق بالسّلطنة]
في أوّلها خُطب للسّلطان بَركيَارُوق، ولُقِّب «رُكن الدّولة» ، وعلَّم
الخليفة على تقليده [1] .
[وفاة الخليفة المقتدي]
ومات الخليفة المقتدي من الغد فجأة [2] .
[خلافة المستظهر]
وبويع بالخلافة ولده المستظهر [3] .
__________
[1] المنتظم 9/ 80، (13/ 10) ، تاريخ الزمان لابن العبري 121، الكامل
في التاريخ 10/ 229، نهاية الأرب 23/ 251، المختصر في أخبار البشر 2/
204، العبر 3/ 314، دول الإسلام 2/ 15 (حوادث سنة 486 هـ.) ، مرآة
الجنان 3/ 143، تاريخ ابن خلدون 3/ 479، 480، تاريخ ابن الوردي 2/ 6،
مآثر الإنافة 2/ 4 و 12.
[2] تارخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23، الإنباء
في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 205، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي
125، 126، وتاريخ الفارقيّ 265، المنتظم 9/ 8 (17/ 10) ، تاريخ الزمان
لابن العبري 121، تاريخ مختصر الدول، له 195، الكامل في التاريخ 10/
229- 231، زبدة التواريخ للحسيني 157، مختصر التاريخ لابن الكازروني
212، الفخري لابن طباطبا 296، خلاصة الذهب المسبوك للإربلي 269، نهاية
الأرب 23/ 252 و 26/ 337، المختصر في أخبار البشر 2/ 204، العبر 3/
314، دول الإسلام 2/ 16، مرآة الجنان 3/ 143، البداية والنهاية 12/
146، الجوهر الثمين 187، تاريخ ابن خلدون 3/ 480 و 5/ 15، التاريخ
الباهر 13، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، الدرّة المضيّة 440، تاريخ الخميس
2/ 402، مآثر الإنافة 2/ 17، الروضتين 1/ 66، النجوم الزاهرة 5/ 139،
تاريخ الخلفاء 426.
[3] المنتظم 9/ 81 (17/ 121) ، الكامل في التاريخ 10/ 231، الإنباء في
تاريخ الخلفاء لابن
(33/33)
[قتْل تُتُش لآقْسُنْقُر صاحب حلب]
وأمّا تاج الدّولة تتش فإنّه رجع وشرع يجمع العساكر. وصار قسيم الدّولة
وبوزان ضدًّا له، وأمدَّهما بركياروق بعسكر، فكان بينهما مصافٌّ بتلّ
السّلطان [1] ، على بريد من حلب، فانهزم، جَمْع أقْسُنْقُر صاحب حلب،
وثبت هو، فأُخِذ أسيرًا، وأُحضر بين يدي تُتُش، فقال له: لو كنتَ ظفرتَ
بي ما كنت تفعل بي؟ قال: كنت أقتلك. فذبحهُ صبْرًا [2] .
[تغلّب تتش على حلب وغيرها]
وساق إلى حلب وقد دخلها المنهزمون، فحاصرها حتّى ملكها، وأخذ الأميرين
بوزان وكربوقا أسيرين. فقتل بوزان [3] ، ثمّ بعث برأسه إلى حَرّان
والرُّها، فخافوه، وسلَّموا إليه البلدين [4] ، وسجن كربوقا بحمص. ثمّ
سار إلى بلاد الجزيرة فملكها، ثمّ ملك خِلاط وغيرها. ثمّ سار فافتتح
أذربيجان جميعها،
__________
[ () ] العمراني 205، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 125، 126، تاريخ
الزمان لابن العبري 121، تاريخ مختصر الدول، له 195، تاريخ حلب
للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23، زبدة التواريخ 157،
مختصر التاريخ 215، الفخري 300، خلاصة الذهب المسبوك 270، نهاية الأرب
23/ 253 و 26/ 337، المختصر في أخبار البشر 2/ 204، دول الإسلام 2/ 16،
البداية والنهاية 12/ 146، الجوهر الثمين 199، تاريخ ابن خلدون 3/ 480
و 5/ 15، التاريخ الباهر 14، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، الدرّة المضيّة
441، تاريخ الخميس 2/ 402.
[1] تل السلطان: موضع قريب من حلب، فيه خان ومنزل للقوافل. قال ابن
الأثير: بينه وبين حلب نحو ستة فراسخ. (التاريخ الباهر 15) .
[2] تاريخ الفارقيّ 243، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 126، الكامل في
التاريخ 10/ 232، بغية الطلب لابن العديم (تراجم السلاجقة) 100، زبدة
الحلب 2/ 110- 112، نهاية الأرب 27/ 68، المختصر في أخبار البشر 2/
204، العبر 3/ 314، دول الإسلام 2/ 15، تاريخ ابن خلدون 5/ 16، التاريخ
الباهر 15، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، مفرّج الكروب 1/ 24، الدرّة المضيّة
433، مآثر الإنافة 2/ 12، الروضتين 1/ 61 و 66.
[3] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 127، تاريخ الفارقيّ 243، الكامل في
التاريخ 10/ 232، زبدة الحلب 2/ 118، المختصر في أخبار البشر 2/ 204،
205 وفيه: «بوازار» وهو غلط، العبر 3/ 315، البداية والنهاية 12/ 145
وفيه «بوران» ، تاريخ ابن خلدون 3/ 481 وفيه «توران» ، الروضتين 1/ 66.
[4] ذيل تاريخ دمشق 127، الكامل في التاريخ 10/ 232، زبدة الحلب 2/
118، المختصر في أخبار البشر 2/ 205، البداية والنهاية 12/ 145، تاريخ
ابن الوردي 2/ 6، الروضتين 1/ 66.
(33/34)
وكثرت جيوشه واستفحل أمره [1] .
[سلطنة بركياروق على إصبهان]
وسار بركياروق في طلب عمّهِ [2] ، فبيَّتَه ليلةً عسكر تُتُش، فانهزم
بَركيَارُوق في طائفة يسيرة، ونُهِبت أثقالُه، فقصد إصبهان لمّا بلغه
موت امرأة [3] أبيه تُركان، ففتحوا له خديعةً، وقبضوا عليه، وأرادت
الأمراء أن يكحّلوه، فاتّفق أنّ أخاه محمود بن السّلطان ملك شاه جدّر،
فقال لهم الطّبيب [4] : ما رأيته يسْلَم، فلا تَعْجَلوا بكَحْل هذا،
وأنتم تكرهون أن يملك تاج الدّولة تُتُش. فدعوا هذا حتّى تنظروا في
أمركم. فمات محمود في سَلْخ شوّال وله سبْعٌ سنين، فملّكوا بركياروق،
ووزر له مؤيّد المُلْك بن نظام المُلْك، لأن أخاه الوزير عزّ المُلْك
مات بناحية الموصل مع السّلطان. فأخذ مؤيّد المُلْك يكاتب له الأمراء
ويتألَّفهم، فقوي سلطانه وتمّ [5] .
[وفاة المستنصر باللَّه العُبَيْديّ]
وفيها مات المستنصر باللَّه الرّافضيّ صاحب مصر [6] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 233، بغية الطلب (تراجم السلاجقة) 103،
نهاية الأرب 27/ 68، المختصر في أخبار البشر 2/ 205، العبر 3/ 315، دول
الإسلام 2/ 15، مرآة الجنان 3/ 143، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، الروضتين
1/ 66.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23.
[3] في الأصل: «امرأت» .
[4] هو: أمين الدولة ابن التلميذ الطبيب، كما في (الكامل 10/ 234) و
(نهاية الأرب 26/ 338) .
[5] تاريخ الفارقيّ 264، الكامل في التاريخ 10/ 234، 235، تاريخ مختصر
الدول لابن العبري 195، زبدة التواريخ للحسيني 159، تاريخ دولة آل
سلجوق 81، نهاية الأرب 26/ 338، المختصر في أخبار البشر 2/ 205، دول
الإسلام 2/ 15، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، 7.
[6] انظر عن وفاة (المتنصر باللَّه) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق
زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 31، وذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 128، وتاريخ الفارقيّ 267، (حوادث سنة 489
هـ.) ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 195، والكامل في التاريخ 10/
237، وأخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 77، والمغرب في حلى المغرب 77 و
78، ونهاية الأرب 28/ 240- 243، والمختصر في أخبار البشر 2/ 205، ودول
الإسلام 2/ 15، ومرآة الجنان 3/ 145 و 148، وتاريخ ابن الوردي 2/ 7،
والدرّة المضيّة 441، واتعاظ الحنفا 2/ 332، والنجوم الزاهرة 5/ 140،
وحسن المحاضرة 2/ 14، وتاريخ الخلفاء 426، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 220.
(33/35)
[خلافة المستعلي باللَّه]
وقام بعده ابنه المستعلي [1] .
[وفاة بدر أمير الجيوش]
وفيها مات بدر أمير الجيوش قبل المستنصر بأشهر [2] .
[وفاة أمير مكّة]
ومات محمد بن أبي هاشم الحسينيّ [3] أمير مكّة، وقد نيّف على السّبعين،
وكان ظالمًا قليل الخير، أمرَ بنهب الرَّكْب في هذا العام [4] .
[قتل تكش عمّ السلطان بركياروق]
وفيها قتل السّلطان بَركيَارُوق عمّه تِكِش وغرَّقه. وكان محبوسا
مكحولا بقلعة تِكْريت، لأنّه اطّلع منه على مكاتبات [5] .
[وفاة الخاتون تُركان]
وكانت تُركان الخاتون قد بعثت جيشًا مع الأمير أُنَرْ [6] لأخْذ فارس
من
__________
[1] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 34، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 195،
ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 128، الكامل في التاريخ 10/ 237، أخبار
الدول المنقطعة لابن ظافر 82، المغرب في حلى المغرب 82، نهاية الأرب
28/ 243، المختصر في أخبار البشر 2/ 205، دول الإسلام 2/ 15، الدرّة
المضيّة 443، الإشارة إلى من نال الوزارة 60، اتعاظ الحنفا 3/ 11.
[2] انظر عن وفاة (بدر الجمالي) في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 30،
وتاريخ الفارقيّ 267، (في حوادث سنة 488 هـ.) ، وذيل تاريخ دمشق لابن
القلانسي 127، 128، والكامل في التاريخ 10/ 235، والمغرب في حلى المغرب
78، ونهاية الأرب 28/ 239، 240، والمختصر في أخبار البشر 2/ 205، دول
الإسلام 2/ 15، والبداية والنهاية 12/ 147، وتاريخ ابن الوردي 2/ 7،
والدرّة المضيّة 439 (حوادث 486 هـ.) ، وتاريخ سلاطين المماليك 231،
والإشارة إلى من نال الوزارة 56، واتعاظ الحنفا 2/ 329.
[3] في الأصل: «الحسين» .
[4] الكامل في التاريخ 10/ 239، المختصر في أخبار البشر 2/ 205، دول
الإسلام 2/ 15، تاريخ ابن الوردي 2/ 6، 7 مآثر الإنافة 2/ 21، النجوم
الزاهرة 5/ 140.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 239، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 195،
دول الإسلام 2/ 16 وفيه «تتش» بدل «تكش» وهو تصحيف.
[6] في الأصل: «أنز» بالزاي، والتصحيح من المصادر.
(33/36)
الملك توران شاه بن قاروت بك، فانهزم توران
شاه، وعمل معه مصافّا، فانهزم أنر. ومات توران شاه من سَهْم أصابه،
ومرضت تُركان وهي بنت طمغان خان [1] أحد ملوك التّرك، وكان لها هيبة
وصَوْلة، وأمرٌ مُطاع، لأنّها بنت ملك كبير، ولأنّ زوجها سلطان الوقت
كان، وابنها ولي عهْد، وهي حماة المقتدر باللَّه، إلى غير ذلك. وكانت
قد تجهَّزت تريد المسير إلى تاج الدّولة لتتزوّج به، فأدركها الأجَل،
وأوصت بولدها إلى الأمير أُنَرْ، ولم يكن بقي له سوى إصبهان [2] .
[دخول الرّوم بَلَنْسِيَة]
وفيها دخلت الروم لعنهم الله بَلَنْسِيَة [3] صُلْحًا بعد حصار عشرين
شهرًا، [4] فلا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[1] في الكامل: «طنغاج» (10/ 240) .
[2] انظر عن وفاة (تركان) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357
(وتحقيق سويّم) 23، والكامل في التاريخ 10/ 240، وتاريخ الزمان لابن
العبري 121، وزبدة التواريخ للحسيني 157، والمختصر في أخبار البشر 2/
205، وتاريخ ابن الوردي 2/ 7.
[3] بلنسية: السين مهملة مكسورة، وياء خفيفة. كورة ومدينة مشهورة
بالأندلس متصلة بحوزة كورة تدمير، وهي شرقي تدمير وشرقي قرطبة، وهي
برّية بحرية. (معجم البلدان 1/ 490) «أقول» :
إليها ينسب البرتقال «البلنسي» المعروف في طرابلس الشام.
[4] البيان المغرب 4/ 31، دول الإسلام 2/ 16، تاريخ الخلفاء 426.
(33/37)
سنة ثمان وثمانين
وأربعمائة
[قتْل صاحب سمرقند]
في المحرّم قتل أحمد خان صاحب سَمَرْقَنْد، وكان قد كرهه جُنْدُهُ
واتّهموه بالزّندقة، لأنّ السّلطان ملك شاه لمّا تملّك سَمَرْقَنْد
وأسَرَ أحمد خان وَكَلّ به جماعة من الدَّيْلَم، فحسَّنوا له
الانْحلال، وأخرجوه إلى الإباحة. فلمّا عاد إلى سَمَرْقَنْد كان يظهر
منه الانحلال، وعصى طُغْرُل يَنال بقلعةٍ له، فسَار لحصاره، فتمكَّن
الأمراء وقبضوا عليه، ورجعوا به، وأحضروا الفُقهاء، وأقاموا له خصومًا
ادَّعوا عليه بالزَّنْدَقة، فأنكر، فشهدوا عليه، فأفتى العلماء بقتْله،
فخنقوه، وملّكوا ابن عمّه [1] .
[انتهاب ابن أبق باجِسْرى وبعقوبا]
وفي صَفَر بعث تتش شَحْنة لبغداد، وهو يوسف بن أبق التُّرْكُمَانيّ،
فجاء صَدَقَة بن مَزْيَد صاحِبُ الحلّة ومانعه، فسار نحو طريق خُراسان،
ونهب باجِسْرى [2] ، وبَعْقُوبا [3] أفْحَش نهْبٍ، ثمّ عاد إلى بغداد،
وقد راح منها صدقة،
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 243، 244، المختصر في أخبار البشر 2/ 206،
العبر 3/ 318، دول الإسلام 2/ 17، مرآة الجنان 3/ 145، تاريخ ابن
الوردي 2/ 7، تاريخ الخلفاء 426.
[2] في الأصل: «باجسرى» ، والمثبت عن: المنتظم في الطبعة القديمة 9/
84، وفي الطبعة الجديدة منه (17/ 15) «باجسري» وهو غلط. قال ياقوت:
باجسرى: بكسر الجيم، وسكون السين، وراء، والقصر بليدة في شرقي بغداد،
بينها وبين حلوان، على عشرة فراسخ من بغداد. (معجم البلدان 1/ 313) .
[3] بعقوبا: بالفتح ثم السكون، وضم القاف، وسكون الواو، والباء
الموحّدة، ويقال لها: باعقوبا أيضا. قرية كبيرة كالمدينة بينها وبين
بغداد عشرة فراسخ، من أعمال طريق خراسان. (معجم البلدان 1/ 453) .
(33/38)
فدخلها وأراد نَهْبها، فمنعه أميرٌ معه،
فجاء الخبر بقتْل تتش، فترحّل إلى الشّام [1] .
[مقتل تاج الدّولة تتش]
وذلك أنّ تتش لمّا هزم بَرْكيارُوق، سار بركياروق فحاصر هَمَذَان، ثمّ
رحل عنها، ومرض بالْجُدَرِيّ. وقصد تتش إصبهان، وكاتب الأمراء يدعوهم
إلى طاعته، فتوقّفوا لينظروا ما يكون من بركياروق. فلمّا عُوفي فرحوا
به، وأقبلت إليه العساكر، حتّى صار في ثلاثين ألفًا، والتقى هو وتتش
بقرب الرّيّ، فانكسر عسكر تتش، وقاتل هو حتّى قُتِل، قتله مملوكٌ لقسيم
الدّولة، وأخذ بثأر مخدومه [2] .
[تفرُّد بركياروق بالسّلطنة]
وانفرد بركياروق بالسّلطنة، ودانت له الممالك بعد أن انهزم من عمّه
بالأمس في نفرٍ يسير إلى إصبهان، ولو اتّبعه عشرون فارسًا لأسروه،
لأنّه بقي على باب إصبهان أيّامًا، ثمّ خدعوه وفتحوا له، ثمّ قبضوا
عليه وهموا بكحْله، فحُمّ أخوه محمود وجدَّر ومات، فملّكوه عليهم،
وشرعت سعادته [3] .
[تملّك رضوان بن تُتُش حلب]
وقد كان تُتُش بعث إلى ولده رضوان يأمره بالمجيء إلى بغداد، وينزل بدار
السّلطنة، فسار في عسكرٍ كبير، فلمّا قارب هِيت [4] جاءه نعيُ أبيه،
فردّ إلى
__________
[1] المنتظم 9/ 84 (17/ 15) ، الكامل في التاريخ 10/ 244، دول الإسلام
2/ 17.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23، المنتظم
9/ 85 (17/ 15) ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 130، الكامل في التاريخ
10/ 244، 245، تاريخ الفارقيّ 244، زبدة التواريخ للحسيني 160، 161،
زبدة الحلب 2/ 119، نهاية الأرب 26/ 339 و 27/ 69، المختصر في أخبار
البشر 2/ 206، العبر 3/ 319، دول الإسلام 2/ 17، مرآة الجنان 3/ 145،
البداية والنهاية 12/ 148، تاريخ ابن خلدون 3/ 16، 17، تاريخ ابن
الوردي 2/ 7، الدرّة المضيّة 444، مآثر الإنافة 2/ 19، 20، النجوم
الزاهرة 5/ 155.
[3] تاريخ الفارقيّ 244، الكامل في التاريخ 10/ 245، زبدة التواريخ
161، نهاية الأرب 26/ 339، المختصر في أخبار البشر 2/ 205، تاريخ ابن
الوردي 2/ 7.
[4] هيت: بالكسر. بلدة على الفرات من نواحي بغداد.
(33/39)
حلب، وتملّكها بعد أبيه [1] ، وجعل زوجَ
أمّه جناحَ الدّولة حسينَ بنَ أيْدكين [2] أتَابِكَه ومدبِّر دَولته،
فأحسن السّياسة [3] .
وصالحهم صاحب أنطاكيّة ياغي سِيان التُّرْكُمَانيّ، فقصدوا ديار بكر،
والتفّ عليهم نُوّابُ الأطراف الّذين لتتش، فساروا [4] يريدون سَرُوج،
فسبقهم إليهم الأمير سقمان بن أرتق، فحكم عليها [5] .
ثمّ ملك رضوان الرّها، ووهبها لصاحب أنطاكيّة. ثمّ وقع بينهم اختلاف،
فسار جناح الدّولة مُسرعًا إلى حلب، ثمّ قدِم رضوان [6] .
[تملُّك دُقَاق دمشق]
وأمّا أخوه دُقَاق الملك فإنّه كان في خدمة عمّه السّلطان ملك شاه، وهو
صبيٌّ قد خطب ابنة السّلطان. وسار بعد موت عمّه مع تُركان إلى إصبهان.
ثمّ خرج إلى بركياروق، فصار معه، ثمّ هرب إلى أبيه. وحضر مقتل أبيه،
وهرب مع بعض المماليك إلى حلب، فبقي مع أخيه، فراسله الخادم ساوتِكِين
متولّي قلعة دمشق سرًّا، يدعوه ليملّكه، فهرب، وأرسل أخوه وراءه فوارس،
فلم يُدركوه، وفرح الخادم بقدومه، وتملّك دمشق [7] .
__________
[1] المختصر في أخبار البشر 2/ 206، مرآة الجنان 3/ 145، تاريخ ابن
الوردي 2/ 7.
[2] في الكامل 10/ 246 «أيتكين» ، ومثله في نهاية الأرب 27/ 70.
[3] بغية الطلب لابن العديم (تراجم تاريخ السلاجقة) 121 و 138، زبدة
الحلب 2/ 120، نهاية الأرب 27/ 69، 70، دول الإسلام 2/ 17، الدرّة
المضيّة 444.
[4] في الأصل: «فسار» .
[5] نهاية الأرب 27/ 70، المختصر في أخبار البشر 2/ 206.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 24، ذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 132، تاريخ الفارقيّ 244، 245، الكامل في
التاريخ 10/ 246، 247، نهاية الأرب 27/ 70، المختصر في أخبار البشر 2/
206، 207، تاريخ ابن الوردي 2/ 7.
[7] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم) 23، 24، ذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 130، الكامل في التاريخ 10/ 247، 248، تاريخ
الفارقيّ 245، زبدة الحلب 2/ 120، 121، بغية الطلب (مخطوط) 8/ 176،
نهاية الأرب 27/ 71، المختصر في أخبار البشر 2/ 207، العبر 3/ 319،
البداية والنهاية 12/ 148، تاريخ ابن الوردي 2/ 7، 8، الدرّة المضيّة
444.
(33/40)
مجيء طغتكين إلى دمشق وتمكُّنه
واتّفق مجيء طُغْتِكين هو وجماعة من خواصّ تتش قد سَلِموا، فخرج
لتلقّيهم دُقَاق وأكرمهم. وقيل كانوا أُسروا يوم المصافّ، ثمّ تخلّصوا.
وكان طُغْتِكِين زوجَ أمِّ دُقَاق، فتمكَّن من الأمور، وعمل على قتل
الخادم فقتله [1] .
[وزارة الخُوارَزْميّ]
وجاء إلى الخدمة ياغي سيان صاحب أنطاكيّة، ومعه أبو القاسم
الخُوارَزْميّ، فاستوزره دُقَاق [2] .
[وفاة المعتمد بن عَبَّاد]
وفيها تُوُفّي المعتمد بن عَبَّاد مسجونًا بأغْمات [3] وكان من محاسِن
الدّنيا جُودًا، وشجاعةً، وسُؤْدُدًا، وفصاحةً، وأدبًا، وما أحسن قوله:
سلَّت عليَّ يدُ الخُطُوبِ سُيوفَها ... فَجَذَذْنَ من جَسَدي الخصيب
الأفتنا [4]
ضرَبَتْ بها أيدي الخطوبِ، وإنّما ... ضَرَبَتْ رقابَ الآمِلينَ بنا
المُنى [5]
يا آملي العاداتِ من نَفَحاتنا ... كُفُّوا، فإنّ الدّهرَ كفَّ
أكُفَّنا [6]
[وفاة الوزير أبي شجاع]
وفيها تُوُفّي الوزير أبو شجاع وزير الخليفة مجاوِرًا بالمدينة [7] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 358 (وتحقيق سويّم) 24، ذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 130، 131، الكامل في التاريخ 10/ 248، زبدة
الحلب 2/ 121، 122، نهاية الأرب 27/ 71، المختصر في أخبار البشر 2/
207، تاريخ ابن الوردي 2/ 8، الدرّة المضيّة 447.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 248، نهاية الأرب 27/ 71، المختصر في أخبار
البشر 2/ 207، البداية والنهاية 12/ 149، تاريخ ابن الوردي 2/ 8.
[3] الخبر في: الكامل، والمختصر في أخبار البشر 2/ 207، 208، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 8، ومآثر الإنافة 2/ 9، والنجوم الزاهرة 5/ 157.
[4] في الكامل: «الحصيف الأمتنا» .
[5] في الأصل: «المنا» .
[6] الأبيات في (الكامل في التاريخ. پ/ 249) .
[7] الكامل في التاريخ 10/ 250، الفخري لابن طباطبا 299 وفيه وفاته في
سنة 513 هـ.
(33/41)
[بناء سور الحريم
ببغداد]
وفيها عملوا سور الحريم ببغداد، فزيّنوا البلد لذلك، وعملوا القباب
والمغاني، وجدّوا فيه [1] .
[جرْح السّلطان بركياروق]
وفي رمضان وثب رجلٌ فجرح السّلطان بركياروق [2] .
[قدوم الغزالي الشام وتصنيفه كتاب الإحياء]
وفيها قدِم الغزاليّ، رحمه الله، إلى الشّام متزهِّدًا، وصنَّف كتاب
«الإحياء» واسْمَعَه بدمشق، وأقام بها سنتين، ثمّ حجّ، وسار إلى
خُراسان [3] .
[وزارة فخر المُلْك لبركياروق]
وفيها عزل بَركيارُوق مؤيّد المُلْك بن نظام المُلْك من الوزارة بأخيه
فخر الملك [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 251، نهاية الأرب 23/ 254، البداية والنهاية
12/ 149.
[2] المنتظم 9/ 86 (17/ 17، 18) ، الكامل في التاريخ 10/ 251، 252،
البداية والنهاية 12/ 149.
[3] المنتظم 9/ 87 (17/ 18) ، الكامل في التاريخ 10/ 252، المختصر في
أخبار البشر 2/ 208، العبر 3/ 319، مرآة الجنان 3/ 145، 146 وفيه:
«هكذا ذكر بعض المؤرّخين أنه قدم في السنة المذكورة إلى دمشق، وذكر
بعضهم أن توجّهه فيها كان إلى بيت المقدس لابسا الثياب الخشنة، وناب
عنه أخوه في التدريس. وذكر أنه بعد ذلك توجّه من القدس إلى دمشق، فأقام
بها مدّة يذكر الدروس في زاوية الجامع في الجانب الغربي منه: «ثم ذكر
أنه انتقل منها إلى بيت المقدس واجتهد في العبادة وزيارة المشاهد
والمواضع المعظمة.
أما قول الذهبي إنه صنّف «الإحياء» وأسمعه بدمشق فمخالف لما ذكر الإمام
أبو حامد المذكور في كتابه (المنقذ من الضلال) أنه أقام في الشام قريبا
من سنتين مختليا بنفسه، ولم يذكر إسماعه «الإحياء» ولا تصنيفه إيّاه،
ولو كان لذكره كما ذكر علوما أخرى صنّف فيها قبل السفر أيضا. فتصنيف
«الإحياء» مع ما اشتمل عليه من العلوم الواسعة المحاكية للبحر الّذي
أمواجه متعاقبة لا يمكن وضعه في سنتين ولا ثالثة ولا رابعة..» ،
البداية والنهاية 12/ 149، تاريخ ابن الوردي 2/ 8، تاريخ الخميس 2/
402، شذرات الذهب 3/ 383.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 252، نهاية الأرب 26/ 339.
(33/42)
سنة تسع وثمانين
وأربعمائة
[تملُّك كربوقا الموصل]
قد ذكرنا أنّ تُتُش سجنه فأطلقه رضوان بن تتش، وأطلق أخاه ألْتُونْتاش،
فالتفّ عليهما كثيرٌ من العسكر البطّالين، فأتيا حرّان، وجاء إليهما
محمد بن شرف الدّولة مسلم بن قُريش يستنصِر بهما على أخيه عليّ صاحب
الموصل من جهة تتش، فسار كربوقا، ثمّ غدر بمحمد، وقبض عليه، وغرَّقه،
ونازل الموصل على فَرْسخٍ منها، ونزل أخوه ألْتُونْتاش من الجهة
الأخرى، فجاء صاحب الجزيرة العُمرية جكرمِش ليكشف عنهم، فهزمه
ألْتُونْتاش، وطالت مصابرتهما لأهل الموصل حتّى عُدِمت بها الأقوات،
وكلّ شيء حتّى ما يوقدونه، ودام الحصار تسعة أشهر، ففارقها صاحبُها،
وسار إلى الحلّة إلى الأمير صَدَقَة، واستولى كربوقا على الموصل، وشرع
ألْتُونْتاش في مُصادرة النّاس، فقتله أخوه وأحسن السّيرة، ثمّ سار
فملك الرَّحْبة [1] .
[اجتماع الكواكب السبعة وغرق الحجّاج]
وفيها اجتمعت الكواكب السَّبعة، سوى زُحَل في برج الحوت، فحكم
المُنجِّمون بطوفانٍ يقارب طوفانَ نوح، فاتّفق أنّ الحُجَّاج نزلوا في
وادي المناقب [2] ، فأتاهم سَيْلٌ، فغرق أكثرهم. كذا ذكر «ابن الأثير»
[3] ، ونجا من تعلّق بالجبال، وذهبت الجمال والأزواد [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 258، 259، المختصر في أخبار البشر 2/ 208،
العبر 3/ 324، دول الإسلام 2/ 18، البداية النهاية 12/ 152، تاريخ ابن
الوردي 2/ 9، الروضتين 1/ 67.
[2] في الكامل في التاريخ: «المياقت» ، وفي تاريخ الخميس 2/ 402 «دار
المناقب» .
[3] في الكامل 10/ 259، 260.
[4] المنتظم 9/ 97 (17/ 31، 32) ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 133
(حوادث سنة
(33/43)
[تدريس الطَّبريّ بالنّظامية]
وفيها درّس بالنّظامية ببغداد أبو عبد الله الطّبريّ الفقيه [1] .
__________
[490] هـ.) ، تاريخ الزمان لابن العبري 122، 123، تاريخ مختصر الدول،
له 196، الكامل في التاريخ 10/ 259، 260، نهاية الأرب 23/ 254، 255،
سير أعلام النبلاء 19/ 100، البداية والنهاية 12/ 152، تاريخ الخميس 2/
402، شفاء الغرام 2/ 364، النجوم الزاهرة 5/ 158، تاريخ الخلفاء 426،
أخبار الدول للقرماني (الطبعة الجديدة) 2/ 66، 167.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 260، البداية والنهاية 12/ 152.
(33/44)
سنة تسعين وأربعمائة
[قتل الملك أرسلان أرغون]
فيها قُتِل الملك أرسلان أَرْغُون [1] ابن السّلطان ألْب أرسلان
السَّلْجُوقيّ بمَرْو، وكان قد حكمَ على خُراسان. وسبب قتله أنّه كان
مؤذيا لغلمانه، جبّارًا عليهم، فوثب عليه غلامٌ بسِكّين قتله [2] .
وكان قد ملك مَرْو، وبَلْخ، ونَيْسابور، وتِرْمِذ، وأساء السّيرة،
وخرّب أسوار مُدُن خُراسان، وصادر وزيره عماد المُلْك بن نظام المُلْك
وأخذ منه ثلاثمائة ألف دينار، ثمّ قتله [3] .
[عصيان متولّي صور وقتله]
وفيها عصى متولّي صور على المصريّين، فسار لحربه جيش، وحاصروه، ثمّ
افتتحوها عَنْوَةً وقتلوا بها خلْقًا ونهبوها، وحُمِل واليها إلى مصر،
فقُتِل بها [4] .
[تسلُّم بركياروق سائر خراسان]
وكان بَركيَارُوق قد جهَّز العساكر مع أخيه الملك سَنْجَر لقتال عمّه
أرسلان
__________
[1] في نهاية الأرب 26/ 339 «أرغو» . والمثبت عن الأصل، والكامل في
التاريخ.
[2] نهاية الأرب 26/ 339، العبر 3/ 327، دول الإسلام 2/ 18. تاريخ ابن
الوردي 2/ 9.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 262- 264، تاريخ مختصر الدول لابن العبري
196، المختصر في أخبار البشر 2/ 209، مرآة الجنان 3/ 152، النجوم
الزاهرة 5/ 161، تاريخ الخلفاء 427 شذرات الذهب 3/ 394.
[4] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 133، 134، أخبار مصر لابن ميسّر 2/
39، الكامل في التاريخ 10/ 264، الدرّة المضيّة 450 وفيه أنه فتح دمشق،
وهو وهم، اتعاظ الحنفا 3/ 20، النجوم الزاهرة 5/ 159.
(33/45)
أرغون المتغلِّب على خُراسان، فلمْا بلغوا
الدّامَغان أتاهم قتْلُه، ثمّ لحِقهم السّلطان بَركيارُوق، وسار إلى
نَيْسابور، فتسلَّمها، ثمّ تسلّم سائر خُراسان بلا قتال، ثمّ نازل بلْخ
وتسلّمها، وبقي بها سبعة أشهر، وخطبوا له بسَمَرْقَنْد، وغيرها. ودانت
له البلاد، وخضعت له العباد. واستعمل أخاه سنجر على خُراسان، ورتَّب في
خدمته من يسوس الممالك، لأنّه كان حَدَثًا [1] .
[ولاية محمد بن أنوشتكين على خُوارَزْم]
وفيها أقرَّ بركياروق الأمير محمد بنَ أَنُوشتِكِين على خُوارَزْم.
وكان أبوه مملوك الأمير بلكابَك [2] السَّلْجُوقيّ، فطلع نجيبا، كامل
الأوصاف، فولد له محمد هذا، فعلِّمه وأدَّبه، وترقِّت به الحال إلى أن
ولي خُوارَزْم، ولُقِّب خُوارَزْم شاه.
وكان كريمًا، عادلًا، محسِنًا، مُحِبًّا للعلماء [3] . فلمّا تملك
السّلطان سنجر أقرَّ محمدًا على خُوارَزْم. ولمّا تُوُفّي ولي بعده
ولده أتسز بن خُوارَزْم شاه، فمدَّ ظُلَل الأمن، ونَشَر العدل، وكان
عزيزًا على السّلطان سنجر، واصلًا عنده لشهامته وكفايته وشجاعته. وهو
والد السّلطان خُوارَزْم شاه محمد الّذي خرج عليه جنكزخان [4] .
[انهزام دُقَاق عند قنّسرين أمام أخيه]
وفيها نازل رضوان صاحب حلب مدينة دمشق ليأخذها من أخيه دُقَاق، فرأى
حصانتها، فسَار ليأخذ القدس فلم يُمكنه، وانقطعت عنه العساكر. وكان معه
ياغي [5] سِيان ملك أنطاكيّة، فانفصل عنه، وأتى دمشق، وحسّن لدُقَاق
محاصرةَ حلب، فسَار معه. واستنجد رضوان بسُقْمان بن أرتق، فنجده بجيش
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 265، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 196،
نهاية الأرب 26/ 340، المختصر في أخبار البشر 2/ 209، العبر 3/ 327.
[2] في الكامل: «بلكباك» ، وفي العبر 3/ 327 «ملكايل» .
[3] المختصر في أخبار البشر 2/ 209، العبر 3/ 329.
[4] الكامل في التاريخ 10/ 267، 268، نهاية الأرب 23/ 255، المختصر في
أخبار البشر 2/ 209، دول الإسلام 2/ 18، البداية والنهاية 12/ 154،
تاريخ ابن الوردي 2/ 9، 10.
[5] في المختصر في أخبار البشر 2/ 210: «باغي» .
(33/46)
التُّركمان، وخاض الفُرات إليه. والتقى
دُقَاق ورضوان بقِنَّسْرين، فانهزم دُقَاق وجَمْعه، ونُهِبوا، ورجعوا
بأسوأ حال. ثمّ قُدّم رضوان في الخطبة على أخيه بدمشق، واصطلحا [1] .
[الخطبة للمستعلي باللَّه بولاية رضوان بن تتش]
وفيها خُطب للمستعلي باللَّه المصريّ في ولاية رضوان بن تُتُش، لأنّ
جناح الدّولة زوج أمّ رضوان رأى من رضوان تغيُّرًا، فسَار إلى حمص، وهي
يومئذٍ له، فجاء حينئذٍ ياغي سيان إلى حلب، وصالح رضوان. وكان لرضوان
منجّمٌ باطنيٌّ اسمه أسعد، فحسّن له مذهب المصريّين، وأتته رُسُل
المستعلي تدعوه إلى طاعته، على أن يمدّه بالجيوش، ويبعث له الأموال
ليتملّك دمشق، فخطب للمستعلي بحلب، وأنطاكيّة، والمَعَرّة، وشَيْزَر
شهرًا. فجاءه سُقْمان، وياغي سِيان، فأنكرا عليه وخوّفاه، فأعاد
الخُطْبة العبّاسيّة [2] .
[منازلة الفرنْج أنطاكيّة]
وردّ ياغي سِيان إلى أنطاكية، فما استقرّ بها حتّى نازَلَتْها الفرنج
يحاصرونها [3] .
وكانوا قد خرجوا في هذه السّنة في جَمْعٍ كثير، وافتتحوا نيقية، وهو
أوّل بلد افتتحوه، ووصلوا إلى فامية، وكفر طاب، واستباحوا تلك النّواحي
[4] . فكان هذا أوّل مظهر من الفرنْج بالشّام. قدِموا في بحر
القُسطنطينيّة في جَمْعٍ عظيم، وانزعجت الملوك والرّعيّة، وعظُم
الخَطْب، ولا سيما سلطان بلاد الرّوم سليمان، فجمع وحشد، واستخدم خلقا
من التّركمان، وزحف إلى معابرهم،
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 269، زبدة الحلب 2/ 125، 126، نهاية الأرب
27/ 72، المختصر في أخبار البشر 2/ 209، 210، العبر 3/ 327، دول
الإسلام 2/ 19، مرآة الجنان 3/ 152.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 359 (وتحقيق سويّم) 25، الكامل
في التاريخ 10/ 269، 270، زبدة الحلب 2/ 127، 128، نهاية الأرب 23/ 255
و 27/ 72، 73 و 28/ 246، المختصر في أخبار البشر 2/ 210، العبر 3/ 329،
330، مرآة الجنان 3/ 152، تاريخ ابن الوردي 2/ 10، تاريخ الخلفاء 427.
[3] نهاية الأرب 27/ 73، الإعلام والتبيين 8.
[4] العبر 3/ 328.
(33/47)
فأوقع بخلق من الفرنْج. ثمّ إنّهم التقوه،
ففلّوا جَمْعَه، وأسروا عسكره، واشتدّ القلق، وزاد الفرق، وكان المصافّ
في رجب [1] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 134، تاريخ الزمان لابن العبري 122،
أخبار الدولة المنقطعة لابن ظافر 82، زبدة الحلب 2/ 130، 131، المختصر
في أخبار البشر 2/ 210، دول الإسلام 2/ 19.
(33/48)
ذكر من توفي في هذه
الطبقة
سنة إحدى وثمانين وأربعمائة من المشاهير
- حرف الألف-
1- أحمد بن إبراهيم [1] .
أبو بكر القُرَشيّ الدّرْعيّ الهَرَويّ.
تُوُفّي بهَرَاة في شهر صَفَر.
سمع: أبا الفضل الجاروديّ.
2- أحمد بن عبد الصّمد بن أبي الفضل [2] .
أبو بكر الغُورَجيّ [3] الهَرَويّ التّاجر.
سمع «الجامع» لأبي عيسى من الجرّاح.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، وعبد الملك الكَرُوخيّ [4] .
وتُوُفّي في ذي الحجّة بهَرَاة.
وثّقه الحسين بن محمد الكُتُبيّ [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن عبد الصمد) في: تقييد المهمل (مخطوط) ورقة 24 أ،
والمنتظم 9/ 44 رقم 64 (16/ 278 رقم 3586) ، ومعجم البلدان 3174،
واللباب 2/ 393، والكامل في التاريخ 10/ 168، والتقييد لابن نقطة 147،
148 رقم 169، والعبر 3/ 297، والمعين في طبقات المحدّثين 139 رقم 1524،
وسير أعلام النبلاء 19/ 7 رقم 3، ومرآة الجنان 3/ 133، وتبصير المنتبه
1061، وشذرات الذهب 3/ 365.
[3] الغورجيّ: بضم الغين، وسكون الواو، وفتح الراء، نسبة إلى غورة.
وقال بعضهم: غورج:
قرية من قرى هراة. (اللباب 2/ 393، معجم البلدان 4/ 216) .
[4] في الأصل: «الكروجي» .
[5] التقييد 148.
(33/49)
3- أحمد بن محمد بن حسن بن خضر [1] .
أبو طاهر الجواليقيّ [2] ، والد أبي منصور الجواليقيّ.
كان صالحًا صحيح السّماع [3] .
سمع: أبا القاسم بن بِشْران.
وعنه: عبد الوهّاب الأنماطيّ.
4- أحمد بْن محمد بْن أحمد [4] .
أبو نصر الثّعالبيّ [5] الصُّوفيّ.
تُوُفّي في رجب بخُراسان.
روى عن: ابن محمش، وأبي عبد الرحمن السّلميّ، وجماعة.
5- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُبَيْد اللَّه [6] .
أَبُو الفضل الرصاص الأصبهاني.
سمع: محمد بن إبراهيم الجرجاني.
وعنه: مسعود الثقفي، والرستمي.
توفي في هذه السنة تقريبا.
6- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم [7] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الجواليقيّ) في: المنتظم 9/ 44 رقم 65 (16/
278 رقم 3587) ، والأنساب 3/ 336، 337.
[2] الجواليقيّ: بفتح الجيم والواو وكسر اللام بعد الألف وسكون الياء
المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى الجواليق
وهي جمع جوالق. قال ابن السمعاني: ولعلّ بعض أجداد المنتسب إليها كان
يبيعها أو يعملها. (الأنساب 3/ 335) .
[3] وقال ابن السمعاني: والد شيخنا أبي منصور، كان شيخا صالحا سديدا.
(الأنساب) .
وقال ابن الجوزي: قال شيخنا ابن ناصر: كان شيخا صالحا متعبّدا، من أهل
البيوتات القديمة ببغداد، ذا مذهب حسن وتعبّد، وكان جدّه الخضر صاحب
قرى وضياع، ودخل كثير. وتوفي أبو طاهر فجأة في رجب هذه السنة.
(المنتظم) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الثعالبي: نسبة إلى خياطة جلود الثعالب وعمل الفراء منها.
(الأنساب) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: الأنساب 8/ 286، والإعلام بوفيات
الأعلام 198، والعبر 3/ 297.
(33/50)
أبو إسحاق الأصبهاني الطيان القفال.
سمع: إبراهيم بن خرشيد قوله.
وعنه: مسعود الثقفي، والرستمي.
توفي في صفر [1] .
وقد سئل أبو سعد البغدادي عنه فقال: شيخ صالح. سمعت أنّه كان يخدم ابن
خُرَّشِيد قُولَه في صِغَره، وما سمعتُ فيه إلّا خيرًا.
7- إسماعيل بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [2] .
أبو الفضل الدّلشاذيّ [3] الفقيه.
من تلامذة أبي محمد الْجُوَينيّ.
صالح مستور.
حدَّث عن: أبي القاسم عبد الرحمن السّرّاج، وأبي بَكْر الحِيريّ، وأبي
سَعِيد الصَّيَرْفيّ.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: تُوُفّي في الحادي والعشرين من
المحرّم [4] .
8- إسماعيل بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
نوح [5] .
القاضي الخطيب أبو محمد النُّوحيّ [6] السَّمَرْقَنْديّ.
تُوُفّي يوم عيد الأضحى.
وحدَّث عن: جعفر المستغفِريّ.
وعنه: عمر بن محمد النّسفيّ، وغيره.
__________
[1] قال ابن السمعاني: توفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة. (الأنساب) .
[2] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: المنتخب من السياق 143، 144 رقم 328.
[3] لم أقف على هذه النسبة.
[4] وقال عبد الغافر: خفّ حاله في آخر عمره، ورأيته يختلف كثيرا للسواد
إلى درس عبد الرزاق المنيعي على طريق المراعاة.
[5] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: الأنساب 12/ 151.
[6] النّوحي: بضم النون وسكون الواو وفي آخرها الحاء. هذه النسبة إلى
نوح، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
(33/51)
وعاش تسعًا وخمسين سنة [1] .
- حرف الجيم-
9- جعفر بن حيدر [2] .
أبو المعالي العَلَويّ الهَرَويّ الزّاهد.
أحد الكبار، بنى بهَرَاة الخانقاه.
وكان له مريدون وأصحاب أشعريّون.
سمع: عبد الغافر الفارسيّ [3] ، وجماعة.
- حرف الحاء-
10- حَجّاج بن قاسم [4] .
أبو محمد المأمونيّ السّبْتيّ الفقيه.
سمع من: أبيه، وبمكّة من: أبي ذَرّ عبد الهَرَويّ، وأبي بكر
المُطَّوِّعيّ [5] .
وسكن المَرِية، وصار رئيس علمائها. وبعد ذلك انتقل إلى سَبْتَة.
وحدَّث «بصحيح البخاريّ» .
سمع منه: قاضي القضاة أبو محمد بن منصور، وأبو عليّ بن طريف، وأبو
القاسم بن العجوز.
وكان أبوه قاسم بن محمد الرُّعَيْنيّ ممّن لقي ابن أبي زيد. تُوُفّي
سنة ثمانٍ وأربعين. (ث) : يعني أباه.
__________
[1] قال ابن السمعاني: كتب الحديث بسمرقند، وجلس فيها للعامّة كثيرا،
وخطب على منبر سمرقند، وكانت ولادته في شعبان سنة ثلاث وعشرين
وأربعمائة.
[2] انظر عن (جعفر بن حيدر) في: المنتخب من السياق 176 رقم 463 وفيه
اسمه: «جعفر بن حيدر بْن مُحَمَّد بْن حَمْزَة بْن جَعْفَر بْن كفل بن
جعفر الملك بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب» .
[3] سمع منه «صحيح مسلم» ، وسمع مشايخ الوقت كابن مسرور، وشيخ الإسلام،
والكنجروذي.
[4] انظر عن (حجّاج بن قاسم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 152، وبغية
الملتمس 280، وسير أعلام النبلاء 18/ 7، 8 رقم 4 وص 525 رقم 4.
[5] المطّوّعيّ: بضم الميم وتشديد الطاء المهملة وفتحها، والواو مشدّدة
مكسورة، والعين المهملة، نسبة إلى المطّوّعة، وهم جماعة فرّغوا أنفسهم
للغزو ومرابطة الثغور. (اللباب 3/ 226) .
(33/52)
11- الْحَسَن بْن محمد بْن الحسن [1] .
أبو القاسم الخَوَافيّ [2] . نزيل نَيْسابور.
سمع من: ابن مَحْمِش، وعبد الله بن يوسف، والسُّلَميّ.
روى عنه: أبو البركات الفُراويّ، وعائشة بنت الصّفّار، ومحمد بن الحسن
الزُّوزَنيّ.
قال ابن السَّمعانيّ: مات بعد سنة ثمانين.
- حرف العين-
12- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد بْن
أَحْمَد بْنِ عَلِيِّ بْنِ جعفر بن منصور بن مَتّ [3] .
شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ الهَرَويّ الحافظ العارف.
من ولد صاحب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أبي أيّوب الأنصاريّ.
قال أبو النَّضْر [4] الفاميّ: كان بِكْر الزّمان، [5] وواسطة عقد
المعاني [6] ،
__________
[1] انظر عن (الحسن بن محمد الخوافي) في: المنتخب من السياق 188 رقم
530.
[2] الخوافي: بفتح الخاء المعجمة وفي آخرها الفاء بعد الواو والألف.
هذه النسبة إلى خواف، وهي ناحية من نواحي نيسابور، متّصلة بحدود
الزوزن. (الأنساب 5/ 199) .
[3] انظر عن (عبد الله بن محمد الأنصاري) في: المنتظم 9/ 44، 45 رقم 66
(16/ 278، 279 رقم 3588) ، ودمية القصر للباخرزي 2/ 888، وطبقات
الحنابلة 2/ 247، 248، رقم 684، والمنتخب من السياق 284، 285 رقم 938،
والكامل في التاريخ 10/ 168، والتقييد لابن نقطة 322، 323 رقم 386،
والعبر 3/ 296، 298، والمعين في طبقات المحدّثين 139 رقم 1525، وسير
أعلام النبلاء 18/ 503- 518 رقم 260، والإعلام بوفيات الأعلام 198،
ودول الإسلام 2/ 10، وتذكرة الحفاظ 3/ 1183- 1191، ومرآة الجنان 3/
133، والوافي بالوفيات 17/ 597، رقم 476، والذيل على طبقات الحنابلة 1/
50- 68 رقم 27، والبداية والنهاية 12/ 135، وتاريخ الخميس للدياربكري
2/ 402، وطبقات الحفاظ 441، 442، وطبقات المفسّرين، للسيوطي 25، وطبقات
المفسّرين للداوديّ 1/ 249، 250، وطبقات المفسّرين للأدنه وي (مخطوط)
ورقة 35 ب، وكشف الظنون 1/ 56، 420، 828 و 2/ 1828، 1836، وشذرات الذهب
3/ 365، 366، وإيضاح المكنون 1/ 310 و 2/ 118، وهدية العارفين 1/ 452،
453، وديوان الإسلام لابن الغزّي 1/ 150، 151 رقم 215، والرسالة
المستطرفة 45، ومعجم المؤلّفين 6/ 133، 134، ومعجم طبقات الحفاظ
والمفسّرين 120 رقم 993.
[4] في الأصل وذيل طبقات الحنابلة 1/ 63 «أبو النصر» بالصاد المهملة.
[5] زاد في (ذيل طبقات الحنابلة) : «وزناد الفلك» .
[6] زاد في (الذيل) : «والمعالي» .
(33/53)
وصورة الإقبال، في فنون الفضائل، وأنواع
المحاسن، منها نُصّرة الدّين والسُّنّة [1] من غير مُداهنةٍ ولا مراقبة
لسلطان ولا وزير [2] . وقد قاسى بذلك [3] قصْد الحُسّاد في كلّ وقت [4]
، وسَعَوا في روْحه مرارًا، وعمدوا إلى هلاكه أطْوارًا [5] فوقاه الله
شرّهم [6] ، وجعل قَصْدهم [7] أقوى سببٍ لارتفاع شأنه [8] .
قلت: سمع من: عبد الجبّار الْجَرَّاحيّ «جامع التِّرْمِذِيّ» ، وسمع
من:
الحافظ أبي الفضل محمد بن أحمد الجاروديّ، والقاضي أَبِي منصور
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الأزْديّ، وأحمد بن محمد بن العالي، ويحيى بن
عمّار السِّجْزيّ المفسّر، ومحمد بن جبريل بن ماحٍ، وأبي يعقوب
القَرّاب، وأبي ذَرّ عبد بن أحمد الهَرَويّ.
ورحل إلى نَيّسابور، فسمع من: محمد بن موسى الحَرَشيّ، وأحمد بن محمد
السَّلِيطيّ، وعليّ بن محمد الطّرّازيّ الحنبليّ أصحاب الأصمّ، والحافظ
أحمد بْن عليّ بْن فَنْجُوَيْه الأصبهانيّ.
وسمع من خلق كثير بهراة، أصحاب الرّفّاء فمن بعدهم.
وصنَّف كتاب «الفاروق في الصّفات» ، وكتاب «ذمّ الكلام» ، وكتاب
«الأربعين حديثًا» في السُّنَّة. وكان جِذْعًا في أعين المتكلِّمين،
وسيفا مسلولا على المخالفين، وطودا في السّنّة لا تزعزعه الرّياح.
وقد امْتُحِن مرَّاتٍ.
قال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول بهَرَاة:
عُرِضتُ على السَّيف خمس مرّات، لا يقال لي: ارجعْ عن مذهبك، لكن يقال
__________
[1] زاد في (الذيل) : «والصلابة في قهر أعداء الملّة، والمتحلّين
بالبدعة، حيي على ذلك عمره» .
[2] زاد في (الذيل) : «ولا ملاينة. مع كبير ولا صغير» .
[3] في (الذيل) : «بذلك السبب» .
[4] زاد في (الذيل) : «وزمان» ، ومني بكيد الأعداء في كل حين وأوان» .
[5] زاد في (الذيل) : «مقدّرين بذلك الخلاص من يده ولسانه، وإظهار ما
أضمروا في زمانه» .
[6] زاد في (الذيل) : «وأحاط بهم مكرهم» .
[7] ورد في (الذيل) : «لارتفاع أمره وعلوّ شأنه أقوى سبب» .
[8] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 63، وانظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1184،
وسير أعلام النبلاء 18/ 510.
(33/54)
لي: اسكُت عمّن خالفك، فأقول: لا أسكت [1]
.
وسمعته يقول: أحفظ اثني عشر ألف حديث أَسْرُدُها سَردًا [2] .
قلت: خرّج أبو إسماعيل خلْقًا كثيرًا بهَرَاة، وفسّر القرآن زمانًا،
وفضائله كثيرة. وله في السُّوق كتاب «منازل السّائرين» [3] وهو كتاب
نفيس في التَّصوُّف، ورأيت الاتحاديّة تعظّم هذا الكتاب وتنتحله، وتزعم
أنّه على تصوّفهم الفلسفيّ [4] .
وقد كان شيخنا ابن تيمية بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحطّ عليه ويرميه
بالعظائم بسبب ما في هذا الكتاب. نسأل الله العفو.
وله قصيدة في السُّنّة [5] ، وله كتاب في مناقب أحمد بن حنبل، وتصانيف
__________
[1] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 53، 54.
[2] تذكرة الحفاظ 3/ 1184، سير أعلام النبلاء 18/ 509.
[3] طبع مع شرحه «مدارج السالكين» لابن قيّم الجوزية، تحقيق الشيخ محمد
حامد الفقي، بمطبعة السعادة بمصر.
[4] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- عن كتاب «منازل السائرين» :
«ففيه أشياء مطربة، وفيه أشياء مشكلة، ومن تأمّله لاح له ما أشرت إليه،
والسّنّة المحمدية صلفة، ولا ينهض الذوق والوجد إلا على تأسيس الكتاب
والسّنّة.
وقد كان هذا الرجل سيفا مسلولا على المتكلّمين، له صولة وهيبة واستيلاء
على النفوس ببلده، يعظّمونه، ويتغالون فيه، ويبذلون أرواحهم فيما يأمر
به. كان عندهم أطوع وأرفع من السلطان بكثير، وكان طودا راسيا في
السّنّة لا يتزلزل ولا يلين، لولا ما كدّر كتابه «الفاروق في الصفات»
بذكر أحاديث باطلة يجب بيانها وهتكها، والله يغفر له بحسن قصده» .
(السير 18/ 509) .
وقال أيضا:
«قد انتفع به خلق، وجهل آخرون، فإنّ طائفة من صوفة الفلسفة والاتحاد
يخضعون لكلامه في «منازل السائرين» وينتحلونه، ويزعمون أنه موافقهم،
كلا، بل هو رجل أثريّ لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر للكلام وأهله
جدّا، وفي «منازله» إشارات إلى المحو والفناء، وإنما مراده بذلك الفناء
هو الغيبة عن شهود السّوى، ولم يرد محو السّوى في الخارج، ويا ليته لا
صنّف ذلك، فما أحلى تصوّف الصحابة والتابعين، ما خاضوا في هذه الخطرات
والوساوس، بل عبدوا الله، وذلّوا له، وتوكّلوا عليه، وهم من خشيته
مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللّغو معرضون،
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم» . (السير 18/ 510) .
[5] هي قصيدة نونية طويلة مشهورة ذكر فيها أصول السّنّة ومدح أحمد
وأصحابه، ذكر ابن رجب بعضا من أبياتها في (الذيل على طبقات الحنابلة 1/
53) ، ومنها بيتان في (طبقات الحنابلة
(33/55)
أُخر لا تحضُرني.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر المقدسي، وعبد الله بن أحمد
السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الصّبور بن عبد السّلام الهَرَويّ، وعبد الملك
الكَرُوخيّ، وأبو الفتح محمد بن إسماعيل الفاميّ، وعطاء بن أبي الفضل
المعلّم، وحنبل بن عليّ البخاريّ، وأبو الوقت عبد الأوّل، وعبد الجليل
بن أبي سعد، وخلْق سواهم.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الفتح نصر بن سيّار.
قال السِّلَفيّ: سألت المؤتمن عنه فقال: كان آيةً في لسان التّذكير
والتّصوُّف، من سلاطين العلماء [1] .
سمع ببغداد من أبي محمد الخلّال، وغيره.
يروي في مجالس وعْظِه أحاديث بالإسناد، ويَنْهَى عن تعليقها عنه.
وكان بارعًا في اللُّغة، حافظًا للحديث [2] . قرأت عليه كتاب «ذمّ
الكلام» ، وكان قد روى فيه حديثًا عن: عليّ بن بُشْرى، عن أبي عبد الله
بن مَنْدَهْ، عن إبراهيم بن مرزوق.
فقلت له: هذا هكذا؟
قال: نعم. وإبراهيم هو شيخ الأصمّ وطبقته. وهو إلى الآن في كتابه على
هذا الوجه [3] .
قلتُ: وكذا سقط عليه رجلان في حديثين مخرَّجين من «جامع التِّرْمِذِيّ»
.
وكذا، وقعت لنا في «ذمّ الكلام» . نبّهت عليه في نسختي، واعتقدتها سقطت
على «المنتقى من ذمّ الكلام» ، ثمّ رأيت غير نسخةٍ كما في «المنتقى»
[4] .
قال المؤتَمَن: وكان يدخل على الأمراء والجبابرة، فما كان يبالي بهم،
__________
[ () ] لابن أبي يعلى 2/ 248) .
[1] التقييد لابن نقطة 323.
[2] التقييد 323.
[3] التقييد 323، 324.
[4] تذكرة الحفاظ 3/ 1185، 1186، سير أعلام النبلاء 18/ 505، 506.
(33/56)
وكان يرى الغريب من المحدِّثين، فيُكْرمه
إكرامًا يتعجّب منه الخاصّ والعامّ [1] .
وقال لي مرّة: هذا الشّأن شأن من ليس له شأن سوى هذا الشّأن [2] . يعني
طَلَب الحديث.
وسمعته يقول: تركت الحِيريّ للَّه، يعني القاضي أبا بكر أحمد بن الحسن
صاحب الأصمّ [3] .
قال: وإنّما تركه لأنّه سمع منه شيئًا يخالف السُّنّة [4] .
وقال: أبو عبد الله الحسين بن عليّ الكُتُبيّ في «تاريخه» : خرّج شيخ
الإسلام لجماعة [5] الفوائد بخطّه، إلى أن ذهب بصره، فلمّا ذهبَ بصرُهُ
أمر واحدًا بأن يكتب لهم ما يخرِّج، ثمّ يصحّح عليه. وكان يخرّج لهم
متبرعًا لحبّه للحديث. وقد تواضع بأن خرَّج لي فوائد. ولم يبق أحدٌ
خرّج له سواي [6] .
وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول: إذا
ذكرتُ التّفسير، فإنّما أذكره من مائة وسبعة تفاسير [7] .
وسمعت أبا إسماعيل ينشد على المنير:
أنا حنبليٌّ ما حَييت، وإنّ أمُت ... فوصيّتي للنّاس أن يتحنبلوا [8]
وسمعتُ أبا إسماعيل يقول: لمّا قصدتُ الشّيخ أبا الحسن الحِرَقانيّ [9]
الصّوفيّ، وعزمتُ على الرّجوع، وقع في نفسي أنّ أقصد أبا حاتم بن حاموش
الحافظ بالرَّيّ وألتقي به- وكان مقدَّم أهل السُّنّة بالرَّيّ، وذلك
أنّ السّلطان
__________
[1] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 60.
[2] التقييد 324.
[3] قال عبد الغافر الفارسيّ في ترجمته: «ورأى القاضي أبا بكر الحيريّ
ولم يسمع منه بسبب بدر منه في مجلسه» . (المنتخب من السياق 285) .
[4] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1186، وسير أعلام النبلاء 18/ 506.
[5] في الأصل: «بجماعة» .
[6] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1186، وسير أعلام النبلاء 18/ 506.
[7] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 58.
[8] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 53.
[9] تحرّف في: الذيل 1/ 51 إلى «الجركاني» .
(33/57)
محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا دخل الرَّيّ،
وقتل بها البّاطنيّة، منع سائر الفِرَق من الكلام على المنابر، غير أبي
حاتم، وكان مَن دخل الرّيّ مِن سائر الفِرَق، يعرض اعتقاده عليه، فإنْ
رَضَيَه إذِن له في الكلام على النّاس وإلّا منعه- فلمّا قَرُبْتُ من
الرَّيّ كان معي في الطّريق رجلٌ مَن أهلها، فسألني عن مذهبي.
فقلت: أنا حنبليٌّ. فقال: مذهبٌ ما سمعتُ به وهذه بدْعة. وأخذ بثوبي
وقال: لا أفارقك حتّى أذهب بك إلى الشّيخ أبي حاتم. فقلت: خيْرة.
فذهب بي إلى داره، وكان له ذلك اليوم مجلسٌ عظيم، فقال: هذا سألته عن
مذهبه، فذكر مذهبًا لم أسمع به قطّ.
قال: ما قال؟
قال: أنا حنبليٌّ.
فقال: دعه، فكلّ من لم يكن حنبليًّا فليس بمُسلمٍ.
فقُلت: الرجلُ كما وُصِف لي. ولزِمْتُه أيّامًا وانصرفت [1] .
قال ابن طاهر: حكى لي أصحابنا أنّ السّلطان ألْب أرسلان قدِم هَرَاة
ومعه وزيره نظام المُلْك، فاجتمع إليه أئمّة الفريقين من الشّافعيّة
والحنفيّة للشّكاية من الأنصاريّ، ومطالبته بالمناظرة. فاستدعاه
الوزير، فلمّا حضر قال: إنّ هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإنّ يكن الحقّ
معك رجعوا إلى مذهبك، وإنّ يكن الحقّ معهم إمّا أن ترجع وإمّا أن تسكت
عنهم.
فقام الأنصاريّ وقال: أناظر على ما في كُمَّيَّ!؟
فقال: وما في كُمَّيْكَ؟
قال: كتاب الله، وأشار إلى كُمِّه الأيمن، وسُنَّة رسوله، وأشار إلى
كُمِّه اليسار، وكان فيه «الصّحيحان» .
فنظر الوزير إليهم كالمستفهم لهم، فلم يكن فيهم مَن يمكنه أن يناظره من
هذا الطّريق [2] .
__________
[1] روى هذا الخبر: «محمد بن طاهر الحافظ» في كتابه «المنثور من
الحكايات والسؤالات» ، كما في (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 51، 52) .
[2] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 54.
(33/58)
وسمعتُ أحمد بن أميرجة القَلانسِيّ خادم
الأنصاريّ يقول: حضرتُ مع شيخ الإسلام على الوزير أبي عليّ، يعني نظام
المُلْك، وكان أصحابه كلّفوه الخروج إليه، وذلك بعد المحنة ورجوعه من
بلْخ.
قلتُ: وكان قد غُرِّب عن هَرَاة إلى بَلْخ.
قال: فلمّا دخل عليه أكرمه وبجّله. وكان في العسكر أئمّة الفريقين. في
ذلك اليوم، قد علموا أنّ الشّيخ يأتي، فاتَّفقوا على أن يسألوه عن
مسألةٍ بين يدي الوزير، فإنْ أجاب بما يجيب بهَرَاة سقط من عين الوزير،
وإنْ لم يُجِبْ سقط من عيون أصحابه. فلمّا استقرّ به المجلس قال
العَلَويّ الدّبّوسيّ: يأذن الشّيخ الإمام في أن أسأل مسألة؟
قال: سَلْ.
فقال: لِمَ تَلْعن أبا الحسن الأشعريّ؟
فسكت، وأطرق الوزير. فلمّا كان بعد ساعةٍ، قال له الوزير: أَجِبْه.
فقال: لا أعرف الأشعريّ، وإنّما ألعَن من لم يعتقد أنّ الله في
السّماء، وأنّ القرآن في المصحف، وأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم
نبيٌّ غير خطّاء.
ثمّ قام وانصرف، فلم يمكن أحدٌ أن يتكلّم بكلمةٍ من هيبته وصلابته
وصَوْلته. فقال الوزير للسّائل أو مَن معَه: هذا أردتم، كنّا نسمع أنّه
يذكر هذا بهَرَاة، فاجتهدتم حتّى سمعناه بآذاننا. وما عسى أن أفعل به؟
ثمّ بعث خلفه خِلَعًا وصِلَةً، فلم يقبلْها، وخرج من فوره إلى هَرَاة
ولم يتلبّث [1] .
قال: وسمعت أصحابنا بهَرَاة يقولون: لمّا قدم السّلطان ألْب أرسلان
هَرَاة في بعض قِدْماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه، ودخلوا على أبي
إسماعيل الأنصاريّ، وسلّموا عليه وقالوا: قد وَرَدَ السّلطان، ونحن على
عزْمٍ أنْ نخرج ونسلّم عليه، فأحببنا أن نبدأ بالسّلام على الشّيخ
الإمام، ثمّ نخرج إلى هناك.
وكانوا قد تواطئوا [2] على أن حملوا معهم صنمًا من نحاس صغيرا،
__________
[1] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 54، 55.
[2] في الأصل: «تواطؤا» . (بواو واحدة) .
(33/59)
وجعلوه في المحراب تحت سجّادة الشّيخ،
وخرجوا. وذهبَ الشّيخ إلى خلوته.
ودخلوا على السّلطان، واستغاثوا من الأنصاريّ أنّه مجسِّم، وأنّه يترك
في محرابه صَنَمًا، ويقول إنّ الله على صورته. وإنْ بعث السلطانُ الآن
يجد الصَّنَم في قِبْلة مسجده.
فعظُم ذلك على السّلطان، وبعث غلامًا ومعه جماعة، ودخلوا الدّار وقصدوا
المحراب، وأخذوا الصَّنَم من تحت السّجّادة، ورجع الغلام بالصّنم،
فوضعه بين يدي السّلطان، فبعث السّلطان من أحضر الأنصاريّ، فلمّا دخل
رأى مشايخ البلد جلوسًا، ورأى ذلك الصَّنِم بين يدي السّلطان مطروحًا،
والسّلطان قد اشتدّ غضبه. فقال له السّلطان: ما هذا؟
قال: هذا صنمٌ يُعْمل من الصُّفْر شِبْه اللُّعْبة.
قال: لست عن هذا أسألك.
فقال: فَعَمّ يسألني السّلطان؟
قال: إنّ هؤلاء يزعمون أنّك تعبد هذا، وأنّك تقول إنّ الله على صورته.
فقال الأنصاريّ: سبحانك، هذا بُهْتَانٌ عظيم. بصوتٍ جَهُوريّ وصَوْلَة،
فوقع في قلب السّلطان أنَّهم كذبوا عليه. فأمرَ به، فأُخْرِج إلى داره
مكرّما.
وقال لهم: أصدِقُوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا الرّجل في بليّة
من استيلائه علينا بالعامّة، فأردنا أنْ نقطع شرّه عنّا. فأمَرَ بهم،
ووكّلّ بكلٍّ منهم، ولم يرجع إلى منزله حتّى كتب بخطّه بمبلغٍ عظيم
يحمله إلى الخزانة.
وسَلِموا بأرواحهم بعد الهوان والجناية [1] .
وقال أبو الوقت السِّجْزيّ: دخلت نَيْسابور، وحضرتُ عند الأستاذ أبي
المعالي الْجُوَينيّ فقال: مَن أنت؟
قلت: خادم الشّيخ أبي إسماعيل الأنصاريّ.
فقال: رضي الله عنه [2] .
__________
[1] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 55، 56.
[2] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1189، وسير أعلام النبلاء 18/ 513.
(33/60)
وعن أبي رجاء الحاجّيّ قال: سمعتُ شيخ
الإسلام عبد الله الأنصاريّ يقول: أبو عبد الله بن مَنْدَهْ سيّد أهل
زمانه.
وقال شيخ الإسلام في بعض كُتُبه: أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن
إبراهيم الأصبهاني أحفظ مَن رأيت مِن البشر.
وقال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسماعيل الأنصاريّ يقول: كتاب أبي عيسى
التِّرْمِذِيّ عندي أفْيَد من كتاب البخاري ومسلم.
قلتُ: لِمَ؟
قال: لأنّ كتاب البخاري ومسلم لا يصل إلى الفائدة منهما إلّا مَن يكون
مَن أهل المعرفة التّامّة، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبيَّنها، فيصل
إلى فائدته كلّ واحدٍ من النّاس من الفُقَهاء، والمحدِّثين، وغيرهم [1]
.
قال ابن السّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد الله
الأنصاريّ، فقال: إمام حافظ [2] .
وقال في ترجمته عبد الغافر بن إسماعيل [3] . كان على حظٍّ تامّ من
معرفة العربيّة، والحديث، والتّواريخ، والأنساب، إمامًا كاملًا في
التّفسير، حَسَن السّيرة في التَّصوُّف، غير مشتغلٍ بكَسْبٍ، مُكْتَفيا
بما يباسط به المريدين [4] والأتباع من أهل مجلسِه في السَّنة مرَّة أو
مرّتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوفٍ من الدّنانير، وأعدادٍ من
الثّياب والحُلِيّ، فيجمعها، ويفرقها على القصّاب والخبَّاز، وينفق
منها، ولا يأخذ من السّلاطين ولا من أركان الدّولة شيئًا. وقلَّ ما
يُراعيهم، ولا يدخل عليهم، ولا يُبالي بهم. فبقي عزيزًا مقبولًا أتمّ
من الملك، مُطاع الأمر، قريبًا من ستّين سنة، من غير مزاحمة.
__________
[1] في الأصل: «وغيرهما» ، والمثبت عن: الذيل على طبقات الحنابلة 1/
59.
وانظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1189، وسير أعلام النبلاء 18/ 513.
[2] المصدران المذكوران.
[3] قوله ليس في (المنتخب من السياق) ، وهو في: الذيل على طبقات
الحنابلة 1/ 64 باختلاف يسير في الألفاظ.
[4] في الأصل: «المؤيّدين» ، والمثبت عن: الذيل على طبقات الحنابلة 1/
64.
(33/61)
وكان إذا حضر المجلس لبس الثّياب الفاخرة
وركب الدّوابّ الثّمينة، ويقول: إنّما أفعل هذا إعزازًا للدّين،
ورغْمًا لأعدائه، حتّى ينظروا إلى عزّي وتحمُّلي، ويرغبوا في الإسلام،
ثمّ إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المُرَقَّعَة، والقُعُود مع الصُّوفيّة
في الخانقاه، يأكل معهم، ولا يتميَّز في المطعوم ولا الملبوس.
وعنه أخذ أهل هَرَاة، التَّكْبير بالصُّبح، وتسمية أولادهم في الأغلب
بالعبد المضاف إلى أسماءِ الله، كَعَبْد الهادي، وعبد الخلّاق، وعبد
المُعِزّ [1] .
قال ابن السّمعانيّ: كان مُظْهِرًا للسُّنَّة، داعيا إليها، محرِّضًا
عليها. وكان مكتفيا بما يباسط به المُريدين، ما كان يأخذ من الظَّلَمة
والسلاطين شيئًا. وما كان يتعدَّى إطلاق ما ورد في الظّواهر من الكتاب
والسُّنَّة، معتقدًا ما صحّ، غير مصرِّحٍ بما يقتضيه من تشبيه [2] .
نُقِل عنه أنّه قال: [3] من لم يَرَ مجلسي وتذكيري وطعَن فيَّ، فهو في
حِلٍّ ومولده سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة [4] .
وقال أبو النَّضْر الفاميّ: تُوُفّي رحمه الله في ذي الحجّة.
__________
[1] انظر: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 65.
أما قول عبد الغافر في (المنتخب 1/ 285) فهو: «شيخ الإسلام بهراة، صاحب
القبول في عصره، والمشهور بالفضل وحسن الوعظ والتذكير في دهره، لم ير
أحد من الأئمّة فيه حلما ما رآه عيانا من الحشمة الوافرة القاهرة،
والرونق الدائم، والاستيلاء على الخاص والعامّ في تلك الناحية، واتّساق
أمور المريدين والأتباع والغالين في حقّه، وانتظام المدارس والأصحاب
والخانقاه» .
[2] انظر تذكرة الحفاظ 3/ 1190، وسير أعلام النبلاء 18/ 514.
[3] المصدران السابقان.
[4] وقال ابن الجوزي: ولد في ذي الحجّة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. وكان
كثير السهر بالليل، وحدّث وصنّف، وكان شديدا على أهل البدع، قويّا في
نصرة السّنّة.
وقال: كان لا يشدّ على الذهب شيئا، ويتركه كما يكون، ويذهب إلى قول
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا توكي فيوكى
عليك» ، وكان لا يصوم رجب، وينهى عن ذلك ويقول: ما صحّ في فضل رجب وفي
صيامه شيء عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكان يملي في شعبان وفي رمضان، ولا يملي في رجب. (المنتظم) .
(33/62)
وقد جاوز أربعًا وثمانين سنة.
13- عبد العزيز بن طاهر بن الحسين بن عليّ [1] .
أبو طاهر البغداديّ الصَّحراويّ.
زاهد، عابد، قانت. لازم التَّفرُّد والعُزلة.
روى شيئًا يسيرًا عن: أبي الحسن بن رزقوَيْه، وعثمان بن دُوَسْت
العلّاف.
توفي في شعبان.
14- عبد الكريم بن أبي حنيفة بن العباس [2] .
أبو المظفر الأندقي [3] البخاري، شيخ الحنفية في زمانه.
ولد بما وراء النهر.
تفقه على الإمام عبد العزيز بن أحمد الحلوائي [4] .
وسمع من: محمد بن علي بن أحمد الإسماعيلي، وأبي إبراهيم إسماعيل بن
محمد المزكي، وجماعة.
روى عنه: عثمان بن علي البيكندي، وغيره.
توفي في شعبان عن نحو ثمانين سنة. وأنْدَقى قريةٌ من قُرى بُخَارى.
15- عبد الملك بن أحمد [5] أبو طاهر بن السّيوريّ [6] .
__________
[1] انظر عن (عبد العزيز بن طاهر) في: المنتظم 9/ 45 رقم 68 (16/ 279
رقم 3590) ، والكامل في التاريخ 10/ 169.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن أبي حنيفة) في: الأنساب 1/ 363، ومعجم
البلدان 1/ 261، واللباب 1/ 88، 89.
[3] الأندقي: بفتح الألف وسكون النون وفتح الدال المهملة وفي آخرها
القاف هذه النسبة إلى أندقى وهي قرية من قرى بخارى على عشرة فراسخ.
(الأنساب) .
[4] وقال ابن السمعاني: من أهل أندقى، كان إماما فاضلا زاهدا ورعا حسن
السيرة متواضعا،..
روى لنا عنه أبو عمرو عثمان بن علي البيكندي ببخارا ولم يحدّثنا عنه
سواه. ولد بعد الأربعمائة.
[5] انظر عن (عبد الملك بن أحمد) في: المنتظم 9/ 45 رقم 67 (16/ 279
رقم 3589) ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 15/ 14- 17 رقم 4.
[6] السّيوريّ: بضم السين المهملة والياء المنقوطة باثنتين من تحتها
وفي آخرها الراء. هذه النسبة
(33/63)
شيخ صالح، بغداديّ.
سمع: أبا القاسم بن بشْران، وبِشْر بن الفاتِنيّ، وعثمان بن دُوَسْت.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وجماعة.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
وروى عنه أبو محمد سِبْط الخيّاط [1] .
16- عثمان بن محمد بن عُبَيْد الله [2] .
أبو عَمْرو المَحْميّ [3] النَّيْسابوريّ المزكّيّ.
حدَّث عن: أبي نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الأسفرائينيّ، وعبد الرحمن
بن إبراهيم المزكيّ، وأبي عبد الله الحاكم، وجماعة.
روى عنه: محمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد الغافر بن إسماعيل، وعبد الله بن
الفُرَاويّ [4] ، وهبة الرحمن القُشَيْريّ، وعبد الخالق بن زاهر، ومحمد
بن جامع الصَّيْرفيّ، وعبد الكريم بن الحسن الكاتب، وأخوه أحمد،
والحسين بن عليّ الشّحّاميّ، وعبد الرحمن بن يحيى النّاصحيّ وأخوه أبو
نصر أحمد، وخلْق كثير.
__________
[ () ] إلى عمل السيور، وهي جمع السير، وهي أن تقطع الجلود الدقاق
ويحاط بها السروج.
(الأنساب 7/ 232) .
[1] وقال ابن النجار: وخرّج له أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون فوائد
عن شيوخه وحدّث بها، فسمعها منه أبو بكر ابن الخاضبة.. وكان شيخا
صالحا. (ذيل تاريخ بغداد 15/ 15) .
[2] انظر عن (عثمان بن محمد) في: المنتخب من السياق 373 رقم 1242 وفيه
«عثمان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بن عبد
الله بن النضر المحمي» ، والتقييد لابن نقطة 399، 400 رقم 527، والعبر
3/ 298، والمعين في طبقات المحدّثين 139 رقم 1526، والإعلام بوفيات
الأعلام 198، وسير أعلام النبلاء 18/ 579، 580 رقم 300، والبداية
والنهاية 12/ 343، والنجوم الزاهرة 5/ 127، وشذرات الذهب 3/ 366.
[3] المحميّ: بالحاء المهملة الساكنة بين الميمين أولاهما مفتوحة. هذه
النسبة إلى محم، وهو بيت كبير بنيسابور يقال لهم المحمية.
[4] الفراوي: بضم الفاء وفتح الراء بعدهما الألف وفي آخرها الواو. هذه
النسبة إلى فراوة وهي بليدة على الثغر مما يلي خوارزم يقال لها رباط
فراوة بناها أمير خراسان عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون. (الأنساب
9/ 256) .
(33/64)
قال عبد الغافر: [1] سمع المشايخ
والصُّدور، وأدرك الإسناد العالي، وحضر الوقائع.
وكان شيخا حسن الصحبة والعشرة.
وتوفي في صفر.
قلت: روى عنه بالإجازة محمد بن ناصر الحافظ.
وقيل: هو عثماني.
17- عطاء بن الحسن [2] .
أبو خالد الخراسانيّ.
توفي في ذي الحجة.
18- علي بن الحسين بن علي بْن عَمْروَيْه [3] .
أبو الحسن [4] .
نيسابوري مستور.
روى عن: الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرفيّ، وأبي عبد الله بن
فَنْجُوَيْه.
وتُوُفّي في نصف شوّال [5] .
19- عليّ بن منصور بن الفرّاء [6] .
أبو الحسن القَزْوينيّ، ثمّ البغداديّ المؤدِّب.
سَمِعَ: أبا علي بن شاذان، وأبا بكر البرقاني، واللالكائيّ.
ونسخ بخطّه الكثير. وكان صالحًا خيِّرًا [7] .
__________
[1] عبارته ليست في (المنتخب) ، والّذي فيه: الرئيس، جليل مشهور من بيت
الرئاسة المعروفة بالمحمية بنيسابور.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (علي بن الحسين) في: المنتخب من السياق 389 رقم 1314،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 67 ب.
[4] في المختصر الأول للسياق: «أبو الحسين» .
[5] وكان مولده سنة 414 هـ.
[6] انظر عن (علي بن منصور) في: التدوين في أخبار قزوين 3/ 424، 425
وفيه «علي بن منصور بن عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد بن محمد الفرّاء
القزويني» .
[7] وقال القزويني الرافعي: وكان من أهل الفقه والحديث.
(33/65)
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ،
وأبو الكرّام الشَّهْرُزُورِيّ، وأبو منصور محمد ولده.
20- عمر بن الحُسين الدُّونيّ [1] .
الصُّوفيّ الفقيه، السُّفْيانيّ المُذْهِب. نزيل صُور.
سمع من: السَّكَن بن جُمَيْع [2] .
وعنه: الأرْمنازيّ [3] .
مات في ذي الحجّة، وقد جاوز الثّمانين [4] .
- حرف الغين-
21- غانم بن عبد الواحد بن عبد الرّحيم [5] .
أبو شُكْر الأصبهانيّ، الفقيه الشّافعيّ إمام جامع إصبهان.
أحد العلماء.
سمع: محمد بن إبراهيم الْجُرجَانيّ.
روى عنه: مسعود الرُّسْتُميّ، وجماعة.
تُوُفّي في ثالث رجب.
- حرف الفاء-
22- الفضل بن عبد الله بن عليّ بن عمر الأذيوجانيّ [6] .
__________
[1] انظر عن (عمر بن الحسين) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 10/
255 و 30/ 514، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 258 رقم 177، وموسوعة
علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 378، 379 رقم 1148
(تأليفنا) .
[2] هو السكن بن جميع الصيداوي المتوفى سنة 436 هـ.
[3] هو: غيث بن علي الأرمنازي خطيب صور.
[4] قال ابن عساكر: حدّثني عنه شيخنا غيث بن علي قال: مات عشيّة ليلة
السبت الثامن عشر ذي الحجة ودفن سحر الإثنين سنة إحدى وثمانين
وأربعمائة. حضرت دفنه والصلاة عليه، وكان شيخا صالحا يذهب مذهب سفيان
الثوري، وسمعت منه حديثا كثيرا عن ابن عجلان، وسليم الفقيه.
كنيته أبو حفص. وسمع بصور أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن برهان
الغزّال.
[5] انظر عن (غانم بن عبد الواحد) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/
8، 9.
[6] لم أقف على مصدر ترجمته، ولا على النسبة.
(33/66)
أبو سعد المعروف بالقاضي.
قال شِيرُوَيْه: قدِم هَمَذَان في رجب للتحديث.
وروى عنه: عُبَيْد الله بن أبي حفص بن شاهين، وأبي منصور محمد بن محمد
السّوّاق، وأبي محمد الخلّال، وجماعة.
انْتُخِب عليه. وكان ثقة له أُصُولٌ مقيَّدة بخطّ أبي بكر الخطيب
وغيره.
- حرف القاف-
23- القاسم بن عليّ [1] .
أبو عدنان القُرَشيّ الشّريف، العميد الهَرَويّ.
روى عن: أبي منصور محمد بن محمد القاضي، وأبي الحسن الدّيناريّ،
وغيرهما [2] .
- حرف الميم-
24- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الحسن [3] .
أبو بكر بن ماجه الأبْهَريّ، أبهر إصبهان لا زِنْجَان وهي قرية كبيرة.
ولد سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة.
روى «جزء لُوَيْن» عن أبي جعفر بن المَرْزُبان، وطال عُمره، وأكثروا
عنه.
تُوُفّي في هذه السّنة.
روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وأبو سعد البغْداديّ، وأبو القاسم
التَّيميّ، ومحمود بن محمد بن ماشَاذَه، وأبو منصور عبد الله بن محمد
الكِسائيّ، وعبد المغيث بن أبي عدنان، وأبو الغنائم مسعود بن إسماعيل،
وأبو نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبو الخير محمد بن أحمد الباغْبَان،
ومحمود بن عبد الكريم بن فُورَجَة [4] ، وأبو الغنائم محمد بن عبد
المؤمن، وأبو رشيد أحمد بن
__________
[1] انظر عن (القاسم بن علي) في: المنتخب من السياق 421 رقم 1437.
[2] قال عبد الغافر: فقيه أديب من أهل هراة، قدم نيسابور وسمع من مشايخ
بلده.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد الأبهري) في: العبر 3/ 298، والمعين في
طبقات المحدّثين 139 رقم 1527، والإعلام بوفيات الأعلام 198، وسير
أعلام النبلاء 18/ 581، 582 رقم 302، ومرآة الجنان 3/ 133، والنجوم
الزاهرة 5/ 127، وشذرات الذهب 3/ 366.
[4] في السير 18/ 582: «يورجه» .
(33/67)
حمْد الخِرَقيّ، وعبد المنعم بن محمد بن
سعْدُوَيْه، والحسن بن رجاء بن سُلَيْم، والأديب محمد بن أبي القاسم
الصّالحانيّ، وغيرهم.
25- مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بن جعفر [1] .
أبو الحسن الباقر حيّ [2] البغداديّ الصَّيْرَفيّ [3] .
سمع: ابن المُتيَّم، وابن رزقوَيْه، وغيرهما.
روى عنه: محمد بن ناصر.
26- محمد بْن الحُسين بْن علي بْن محمد بْن محمود [4] .
أبو يعلى الهَمَذَانيّ السّرّاج.
سمع بمكّة «صحيح البخاري» من كريمة المَرْوَزِيّة.
وبمصر من القاضي أبي عبد الله محمد القُضَاعيّ.
وببغداد من الجوهريّ.
وكان صدوقًا، حَسَن السّيرة كثير الصَّدَقة.
تُوُفّي في صَفَر.
27- مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد [5] .
أَبُو بَكْر النَّيْسابوريّ الماوَرْديّ الصّوفيّ الحنفيّ. صوفيّ،
نظيف، ظريف، ورع [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن إسحاق) في: الأنساب 2/ 48، 49، والمنتظم 9/ 46
رقم 70 (16/ 280 رقم 3592، والكامل في التاريخ 10/ 168، 169، واللباب
1/ 112، ومعجم البلدان 1/ 327.
[2] الباقرحي: بفتح الباء والقاف وسكون الراء وفي آخرها الحاء المهملة،
هذه النسبة إلى باقرح وهي قرية من نواحي بغداد. (الأنساب) .
[3] قال ابن السمعاني: كان من بيت العلم والحديث والقضاء والعدالة،
وكان من ملاح البغداديين. وقال: كانت ولادته في شعبان سنة سبع وتسعين
وثلاثمائة، وتوفي في شهر رمضان. (الأنساب) .
[4] انظر عن (محمد بن الحسين) في: المنتظم 9/ 46 رقم 72 (16/ 280 رقم
3594) .
[5] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 66 رقم 135.
[6] وزاد عبد الغافر الفارسيّ: «وضيّ الوجه، حسن الخلق، حنفي المذهب،
ولكنه شافعيّ الأخلاق والمعاشرة من منتابي التذكير للإمام زين الإسلام
عنده للحديث عن القاضي أبي العلاء صاعد، ولكن لم يكن كثير السماع كثير
الرواية» .
(33/68)
روى عن: أبي العلاء صاعد بن محمد.
وعنه: عبد الغافر بن إسماعيل، وهو وصفه.
28- محمد بن محمد بن بشير [1] .
أبو عبد الله المعافري القرطبي الصيرفي المقرئ. صاحب مكّيّ روى عنه أبو
عليّ الغسّانيّ، وقال: كان رجلًا صالحًا، طلب الأدب عند أبي بكر مسلم
بن أحمد الأديب. وقرأ القرآن على مكّي بن أبي طالب. وحجّ، وكتب «صحيح
مسلم» بمصر، عن أبي محمد بن الوليد [2] ، وكان رجلًا منقبضًا، مقبلًا
على ما يعنيه.
وتُوُفّي في رمضان.
29- محمد بن هشام بن محمد بن عثمان بن نصر [3] .
أبو بكر القَيسيّ الوزير القُرْطُبيّ، ويُعرف بابن المُصْحَفيّ.
روى عن: أبيه، وعن: ثابت بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأبي الحسن
التِّبريزيّ، وأبي عبد الله بن فَتْحون، وصاعد بن الحسن اللُّغويّ،
وأبي عمر بن عفيف.
روى عنه: أبو عليّ الغسّانيّ، وقال: كان من المتحقّقين بالأدب،
الدّائبين على طلبه مدّة عُمره. وكان ذا صيانة وجلالة. أكثر النّاسُ
عنه.
وقال ابن بَشْكُوال: أنبأ عنه غير واحد.
وقال أبو الحسن بن مغيث: كان حافل الأدب، متّسع المعرفة، من بيت نباهةٍ
ووجاهة، دَمِث الأخلاق [4] ، مثابرًا على المطالعة. وكانت كتبه في غاية
الإتقان والتّقييد.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن بشير) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 555 رقم
1219.
[2] في (الصلة) : وتبنّاه أبو الوليد هشام بن عبد الرحمن المعروف بابن
الصابوني، وقرأ عليه ودرّبه، وكتب الحديث عن شيوخ مصر في وقته.
[3] انظر عن (محمد بن هشام) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 556، 557 رقم
1221.
[4] زاد في الصلة: «سهل الحديث» .
(33/69)
تُوُفّي الوزير أبو بكر في ثالث جُمَادى
الأولى [1] ، وله ثمانون سنة.
30- محمد بن يبقى [2] .
أبو عبد الله الأندلسيّ اللّخْميّ. من أهل المَرِية.
كان فقيهًا عالمًا بالأثر. اختلفَ إلى الشّيوخ كثيرًا.
ورّخه أبو القاسم بن مدير، وقال: ما تركت [3] بالمَرِية أحدًا فوقه.
31- مسعود بن سعيد بن عبد العزيز النِّيليّ [4] .
أبو الفضل النَّيْسابوريّ الطّبيب [5] .
قال السّمعانيّ: وُلِد سنة أربع وأربعمائة، وتُوُفّي في سنة نَيِّفٍ
وثمانين.
يروي عن الحسين بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ.
ثنا عنه: أبو البركات بن الفُرَاويّ، وغيره. وعبد الخالق الشّحّاميّ.
32- مُعَلَّى بن حَيْدَرة [6] .
الأمير حصن الدّولة أبو الحسن الكنانيّ.
تغلّب على إمرة دمشق في شوّال سنة إحدى وستّين بعد هروب أمير
__________
[1] وحضر جنازته المأمون الفتح بن محمد بن عبّاد، وصلّى عليه القاضي
عبيد الله بن أدهم. ووجد بخطّه بعد موته: ولد محمد بن هشام يوم الجمعة
لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
[2] انظر عن (محمد بن يبقى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 555 رقم 1218.
[3] في الصلة: «ما ترك» .
[4] انظر عن (مسعود بن سعيد) في: المنتخب من السياق 433، 434 رقم 1470،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 78 أ.
[5] قال عبد الغافر الفارسيّ: الإمام فاضل معروف محترم، من أولاد
الأئمة والأفاضل، من بيت العلم والحكمة والطب والفضل. عمّه أبو عبد
الرحمن النيلي، وأبوه أبو سهل النيلي، وهو من عقلاء الرجال والمتديّنين
والثقات الأثبات، من أهل المروءة. قرأ الطب على أبيه، وعلى أبي القاسم
بن أبي صادق، وغيرهما، وصنّف على تصنيف والده، سمع الكثير من أصحاب
الأصمّ ومن بعده، ومن أمالي عمّه وأبيه.
[6] انظر عن (معلّى بن حيدرة) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) وذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 95، وأمراء دمشق في الإسلام 85 رقم 258، 43/
37، وتاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (تأليفنا) ج 1/ 369.
وقد مرّ في حوادث سنة 461 هـ.
(33/70)
الجيوش بدر، وبعد بارزطغان، فأساء السّيرة،
وصادر النّاس وعذَّبهم. وزعم أنّ التّقليد وصل إليه من المستنصر صاحب
مصر. وعَمَّ بلاؤه إلى أن خرِبت أعمال البلد، وجَلَا كثير من النّاس،
ووقعت بينه وبين العسكر وَحْشة فخافهم وهرب إلى بانياس في آخر سنة سبع
وستين، وأراح الله منه. ثُمَّ خاف من عسكر قدم من مصر سنة اثنتين
وسبعين وأربعمائة، وهرب إلى صور، ومنها إلى طرابُلُس، فأُخِذ منها،
وحُمِل أسيرًا إلى مصر، وبقي بها إلى أن قُتِل فِي هذه السَّنَة.
- حرف الهاء-
33- هبة اللَّه بن عليّ [1] .
أبو سعْد الكوّاز [2] القارئ.
تُوُفّي ببغداد في رجب.
يروي عن: عبد الملك بن بشران.
يروي عَنْ: عبد المُلْك بْن بِشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل الطّلْحيّ.
34- هِبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مَخْلَد [3] .
أبو المفضل [4] بن الْجَلَخْت [5] الأزديّ الواسطيّ الزّاهد، المقرئ.
سمع: عليّ بن عبد الله الطَّرَسُوسيّ، وأبا تمّام عليّ بن محمد
العِبْدريّ، وعمر بن عليّ الميمونيّ.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيره.
قال خميس الحَوْزيّ: [6] أبو المفضل شيخنا يقصر الوصف عمّا كان عليه
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الكوّاز: بفتح الكاف والواو المشدّدة بعدها الألف وفي آخرها الزاي.
هذه النسبة لمن يعمل الكيزان الخزفية. (الأنساب 10/ 491) .
[3] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: الأنساب 3/ 301، 302، وسؤالات
الحافظ السلفي لخميس الحوزي 92، 93 رقم 73، وانظر الصفحات: 44 و 48 و
57 و 69 و 64 و 75 و 77 و 78 و 80 و 81 و 84 و 86 و 97 و 113 و 121.
[4] في الأنساب: «أبو الفضل» .
[5] الجلخت: بفتح الجيم واللام وسكون الخاء.
[6] في السؤالات 92.
(33/71)
من خشونة الطّريقة وحُسْنها [1] . صام وقته
كلّه، ولازم الجامع [2] معتكفًا. يُقرئ القرآن ويحدِّث [3] . وكان حسن
المعرفة [4] بالفقه والحديث، جمَّاعة لخلال الخير [5] ، ذا جاهٍ عظيم
عند السّلطان [6] .
تُوُفّي في أوّل السّنة، ودُفِن بداره، وله سبْعٌ وخمسون سنة.
الكنى
35- أبو يَعْلى بن عبد الواحد بن أحمد المليحيّ الهرويّ.
اسمه [7] .
__________
[1] في السؤالات زيادة: «وما كان ينطوي عليه من الزهد والاجتهاد في
العبادة» .
[2] في السؤالات: «ولازم المسجد الجامع» .
[3] في السؤالات: «ويملي الحديث» .
[4] في السؤالات: روى عن أبي الحسن العجمي والميموني، وكان كثير
المشيخة، حسن المعرفة بالحديث والفقه والفرائض وطرق القراءات والحساب.
[5] زاد في السؤالات: وقرأ القرآن على أبي المرجّى بن ورقاء البزّاز،
وأبي علي بن علّان، وغيرهما، لم يبلغ الستين.
[6] زاد في السؤالات: «وفي أعين العوامّ» .
[7] هكذا في الأصل، ولم يجد اسمه.
(33/72)
سنة اثنتين وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
36- أحمد بن عمر بن أحمد بن عليّ [1] .
أبو بكر الهَمَذَانيّ الصُّنْدُوقيّ [2] البزّاز المعبّر.
روى عن: أبي طاهر بن سَلَمَة، وأبي سعيد بن شبابة، ومحمد بن عيسى وأكثر
عنه، وابن المحتسب، وجعفر الأَبْهَريّ، وطاهر بن أحمد الإمام، وعليّ بن
أحمد، وعليّ بن شعيب، وأبي نصر بن الكسّار، وأبي الفضل عمر بن إبراهيم
بن أبي سعْد الهَرَويّ، ومنصور بن رامش، وأبي حاتم أحمد بن الحسن بن
خاموش الرازي الفقيه، وخلْق كثير.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه كثيرًا، وكان ثقة صدوقًا، عارفًا بأحوال
البلد وأهلها، وبأخبار المشايخ. وكان أحد دُهاة الفُرس، حَسَن السّيرة،
اعتكف في الجامع نيِّفًا وأربعين سنة.
تُوُفّي في ذي الحجّة، وتولّيت غُسْلَه.
37- أحمد بن محمد بن أحمد [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الصندوقي: بضم الصاد المهملة، وسكون النون، وضم الدال المهملة، وفي
آخرها القاف.
هذه النسبة إلى «الصندوق» وعمله. (الأنساب 8/ 90) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد الجرجاني) في: المنتظم 9/ 50 رقم 76 (16/
285 رقم 3598) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 31، وطبقات الشافعيّ
الوسطى، له (مخطوط) ورقة 41 ب، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 267
رقم 222، وطبقات الشافعية لابن هداية الله 63، وكشف الظنون 253، 358،
1023، 1511، 1730، 1747، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 295، وتاريخ
الأدب العربيّ (الطبعة الأجنبية) 1/ 288، والأعلام
(33/73)
أبو العبّاس الْجُرجَانيّ الفقيه، قاضي
البصرة وشيخ الشّافعيّة بها.
وهو مذكور في أعيان الأدباء، له تصانيف.
وسمع من: أبي طالب بن غَيْلان، وابي الحسن القزْوينيّ، والصُوريّ.
روى عنه: الحسين بن عبد الملك الأديب بإصبهان.
وله كتاب سمّاه كتاب «الأدباء» ، أورَد فيه نفائس من النَّظم
والنَّثْر، وكان من أجلاد العالَم.
تفقّه على الشّيخ أبي إسحاق.
وقد روى عنه أبو عليّ بن سُكّرة الحافظ، وأثنى عليه.
وروى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
38- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر [1] .
أبو الفتح الأصبهاني الوَبَرِيّ [2] المقرئ.
قرأ بالرّوايات على أبي المظفّر عبد الله بن شبيب، والباطِرْقانيّ.
وسمع من: أبي نُعَيْم، وجماعة.
وروى اليسير، وكان مقريء إصبهان في وقته.
39- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صاعد بْن مُحَمَّد [3] .
أبو نصر القاضي الصّاعديّ، رئيس نَيْسابور وقاضيها.
أجرى رئاسة بلده ورسومها على أحسن مجاريها. وكان معظّما عند
__________
[1] / 207، ومعجم المؤلفين 1/ 66، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي 1/ 381 رقم 197.
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الأصبهاني) في: المنتظم 9/ 50 رقم 75 (16/
285 رقم 3597) .
[2] الوبريّ: بفتح الواو والباء الموحّدة وفي آخرها الراء. هذه النسبة
إلى الوبر والصوف. وهذا المنتسب كان ثعالبيا يعمل الفراء. (الأنساب 12/
219) .
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن صاعد) في: تاريخ نيسابور (مخطوط) رقم
246، والمنتخب من السياق 112- 114 رقم 246، والمنتظم 9/ 49، 50 رقم 74
(16/ 284 رقم 3596) ، والكامل في التاريخ 10/ 180، والعبر 3/ 299،
وتذكرة الحفاظ 3/ 1194، ومرآة الجنان 3/ 133، والجواهر المضيّة 1/ 279-
281 رقم 207، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 282، والطبقات السنية 2/ رقم
324، والفوائد البهية 34، 35، 3/ 366 وشذرات الذهب 3/ 366.
(33/74)
السلطان. وله معرفة بالفروسيّة ورمْي
القَوْس. وكان من أعيان الحنفيّة.
سمع من: جدّه أبي العلاء صاعد بن محمد القاضي، والقاضي أبي بكر
الحِيريّ، ومحمد بن موسى الصَّيْرَفيّ، وعلي بن مُحَمَّد الطّرَازِيّ،
ويحيى بن إبراهيم المزكّيّ.
وسمع ببغداد في الكُهولة من القاضي أبي الطَّيِّب الطَّبَريّ، وغيره.
وكان مولده في سنة عشرٍ وأربعمائة.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو سعد البغداديّ، وسفيان بن مندة،
وزاهر روجيه ابنا الشّحّاميّ، ومنصور بن محمد حفيده، وعبد اللَّه بْن
الفَرَاويّ، وَعَبْد الخالق بْن زاهر، وأبو الغنائم منصور بن محمد
الكُشْمِيهَنيّ، وإسماعيل العصائديّ، وأحمد بن عليّ المقرئ
البَيْهَقيّ، ومحمد بن عليّ بن دُوَسْت، وآخرون.
قال السّمعانيّ: تعصّب بأخرة في المذهب، حتّى أدّى إلى إيحاش العلماء،
وأغرى بعض الطّوائف على بعضٍ، حتّى غيّرت الخُطَباء، وشرع اللّعن على
أكثر الطّوائف مِن المسلمين، فانتهى الأمرُ إلى السّلطان ألْب أرسلان،
والوزير نظام المُلْك، فأبطل ذلك، ولزم القاضي أبو نصر بيته مدّة إلى
دولة ملك شاه، ففوّض القضاء إليه. وكان العدل والإنصاف في أيّامه.
وعقد مجلس الإملاء في خمسيات رمضان. وكان يحضر إملاءه من دبّ ودرج [1]
.
__________
[1] وقال عبد الغافر الفارسيّ: قاضي القضاة الرئيس، شيخ الإسلام، صدر
المحافل، المقدّم، العزيز من وقت صباه في بيته وعشيرته الفائق أقرانه
بوفور حشمته.
ربّي في حجر الإمامة، وكان من أوجه الأحفاد عند القاضي الإمام صاعد.
وكان في عهد الصبا مخصوصا برجولية في طبعه وميل إلى الاشتغال بالفروسية
والرمي. وكان من أجمل شبّان زمانه، حتى اضطرب الزمان وانقرضت عن خراسان
دولة محمود وأولاده، وتحرّكت رياح آل سلجوق في حوالي سنة ثلاثين
وأربعمائة، صار رئيس الرؤساء بها إلى نيّف وأربعين وأربعمائة حتى مال
بعد ذلك بعض الميل إلى التعصّب في المذهب، وأخذ بزمام اختياره إلى ما
لا يليق بالكبار من المبالغة في العناد ومطاولة الأقران من سائر الفرق،
حتى أدّى إلى إيحاش العلماء، فكان ذلك غضا عن منصب حشمته إلى سنيّ نيّف
وخمسين، حتى انتهت نوبة الولاية إلى
(33/75)
تُوُفّي في ثامن رمضان، وكان أحد من يُقال
له شيخ الإسلام.
40- أحمد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن محمد بن عليّ بن
شجاع [1] .
الأستاذ أبو حامد الشُّجَاعيّ [2] السَّرْخَسِيّ، ثمّ البلْخيّ،
الفقيه.
كان إمامًا مبرِّزًا كبير القدْر.
تفقّه على: أبي عليّ السِّنْجيّ.
ودرّس مدّة، وله أصحاب.
__________
[ () ] السلطان ألب أرسلان والوزير الميمون نظام الملك، فانجلت تلك
السحابة عن العدل.
وكان هذا الصدر خاليا عن العمل برهة، مشتغلا بأمور نفسه مع ما فيه من
الأبّهة والحشمة والنعمة.
وقد بعث رسولا إلى ما وراء النهر (بغية) استصلاحه للأمور الجسيمة، فبقي
على ذلك مدّة إلى ابتداء الدولة الملكشاهية أدّى الحال إلى تفويض
القضاء بنيسابور إلى هذا الصدر، وصار قاضي القضاة على الإطلاق، وصار
مجلسه للخيرات مجمعا و ( ... ) صالحة في الأمور.
وعقد مجلس الإملاء عشيّات الخميس في رمضان في الجامع القديم على رسم
أسلافه، وكان يحضر من دبّ ودرج من الفرق، ويتقرّب إليه المشايخ
والأئمّة بالحضور، ولم يزل يرتفع أمره إلى أربع عشرة سنة من ابتداء
قضائه.
وكان صدوق اللهجة، يحبّ كل من ظهر عنده، ويبغض الكذب وأهله أشدّ البغض،
إلى أن أدركه قضاء الله.. (المنتخب من السياق 112، 113) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
وقع في (الجواهر المضيّة 1/ 280) : «قال أبو نصر: دخلت على المتوكل
أمير المؤمنين، وهو يمدح الرّفق، فأكثر في مدحه، فقلت: يا أمير
المؤمنين، أنشدني الأصمعي بيتين. فقال:
هاتهما، فقلت:
لم أر مثل الرّفق في لينه ... قد أخرج العذراء من خدرها
من يستعن بالرفق في أمره ... يستخرج الحيّة من جحرها
قال: فكتبها الخليفة بيده» .
وقد وضع محقّق الكتاب الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو إشارة فوق
«الأصمعي» ، وقال في الحاشية: «لعلّ المصنّف اختصر سند المترجم إلى
الأصمعي» .
وهذا صحيح، إذ لم يدخل أبو نصر على المتوكل، كما لم يسمع من الأصمعي
وبينه وبينهما نحو مائتي سنة. وقد أثبت عبد الغافر الفارسيّ السند في
(المنتخب 113، 114) .
[1] انظر عن (أحمد بن محمد الشجاعي) في: الأنساب 7/ 291، والمنتخب من
السياق 116 رقم 253 وفيه «أحمد بن محمد بن محم» ، والإعلام بوفيات
الأعلام 198، وتذكرة الحفاظ 3/ 1194، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/
33، والنجوم الزاهرة 5/ 129.
وسيعاد باختصار برقم (336) .
[2] الشجاعي: بضم الشين المعجمة، وفتح الجيم، وفي آخرها العين المهملة.
هذه النسبة إلى شجاع، وهو اسم لجدّ المنتسب إليه. (الأنساب) .
(33/76)
سمع الحديث من: اللّيث بن الحسن
اللَّيْثيّ، وغيره.
روى عنه: ابن أخيه محمد بن محمود السَّرَهْ مَرْد [1] بسَرْخس، وأبو
حفص عمر بن محمد بن القاسم القاضي الشَّهْرُزُورِيّ، وآخرون.
سمع منهم: أبو سعْد السّمعانيّ.
وتُوُفّي رحمه الله ببلْخ.
وقع لنا مجلس من أماليه.
41- إبراهيم بن سعيد بن عبد الله [2] .
الحافظ أبو إسحاق النُّعْمانيّ، مولاهم المصريّ، المعروف بالحبّال [3]
.
قال أبو عليّ بن سُكّرة: أخبرنيّ أنّ مولده في سنة إحدى وتسعين [4]
وثلاثمائة، وأنّه سمع من الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبع وأربعمائة.
وأنّ عبد الغنيّ تُوُفّي سنة ثمانٍ [5] .
قلتُ: سمع: أحمد بن عبد العزيز بن ثَرْثال [6] صاحب المَحَامِليّ، وهو
أكبر شيخ له، وعبد الغنيّ المذكور، ومحمد بن أحمد بن شاكر القطّان،
ومحمد بن ذَكْوان التِّنِّيسيّ سِبْط عثمان السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بن
الحسين بن جعفر النُّخَاليّ [7] العطّار، وقال: ما أُقَدِّم عليه أحدًا
من شيوخي في الثّقة وجميع
__________
[1] جوّد ضبطه السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى 6/ 395) : بفتح السين
والراء المهملتين، وسكون الهاء، وفتح الميم، وسكون الراء الثانية،
بعدها دال. لقب.
[2] انظر عن (إبراهيم بن سعيد) في: الإكمال لابن ماكولا 2/ 379،
والمعين في طبقات المحدّثين 140 رقم 1530، ودول الإسلام 2/ 11، وسير
أعلام النبلاء 18/ 495- 503 رقم 259، والعبر 3/ 299، 300، وتذكرة
الحفاظ 3/ 1191- 1196، ومرآة الجنان 3/ 366، والوافي بالوفيات 5/ 355،
واتعاظ الحنفا 2/ 326، وفيه «إبراهيم بن سعد» ، والنجوم الزاهرة 5/
129، وطبقات الحفّاظ 442، وحسن المحاضرة 1/ 353، 354، وشذرات الذهب 3/
366.
[3] تحرّفت في (اتعاظ الحنفا 2/ 326) إلى: «الخيال» .
[4] وقع في (اتعاظ الحنفا) : «وسبعين» .
[5] والصحيح أن عبد الغني بن سعيد توفي سنة 409 هـ.
[6] ثرثال: بفتح أوله، وقد تحرّف في (تذكرة الحفاظ) إلى: «شرثال» ، وفي
(شذرات الذهب) إلى: «بريال» .
[7] النخالي: بضم النون وفتح الخاء المعجمة. هذه النسبة إلى النّخالة
وهي ما يستخرج من الدقيق. (الأنساب 12/ 58) .
(33/77)
الخصال الّتي اجتمعت فيه، وعبد الرحمن بن
عمر النّحّاس، وأحمد بن محمد بن الحاجّ الإشبيليّ، ومنير بن أحمد،
والخصيب [1] بن عبد الله، ومحمد بن محمد النَّيْسابوريّ صاحب الأصمّ،
وابن نظيف، وخلْقًا سواهم.
وجمع لنفسه عوالي سُفْيان بن عُيَيْنَة، وغير ذلك.
وكان يتّجر في الكُتُب، ولهذا حصّل من الأُصُول والأجزاء ما لا يوصف.
وكان متقنًا، ثقة، حافظًا مُتَحَرِّيا، صادقًا.
روى عنه: أبو عبد الله الحُمَيْديّ، وإبراهيم بن الحسن العَلَويّ
المصريّ النّقيب، وعبد الكريم بن سوار التككيّ [2] ، وعطاء بن هبة الله
الإخْمِيميّ [3] ، ووفاء بن ذبيان النّابُلُسيّ، ويوسف بن محمد
الأَرْدَبيليّ [4] ، سمع السِّلَفيّ من خمستهم، ومحمد بن محمد بن جماهر
الطُّلَيْطُلِيّ، ومحمد بن إبراهيم البكريّ الطُّلَيْطُلَيّ، وأبو
الفتح سلطان بن إبراهيم المقدسيّ، وأبو الفضل محمد بن بُنان [5]
الأنباريّ، وعليّ بن الحُسين المَوْصِليّ الفرّاء، وأبو بكر محمد بن
عبد الباقي قاضي المَرِسْتان.
وآخر من روى عنه بالإجازة الحافظ محمد بن ناصر.
وكان خلفاء مصر الرّافضة قد منعوه من التّحديث وأخافوه، قاتَلَهم الله،
فلِهذا انقطع حديثُه بوقتٍ.
قال أبو عليّ بن سُكَّرة: مُنِعْتُ من الدُّخول إليه، فلم أدخل عليه
إلّا بشرط
__________
[1] تحرّف في (تذكرة الحفاظ) إلى: «الخطيب» .
[2] التّككيّ: بكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين، وفتح الكاف، وفي
آخرها كاف أخرى. هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكّة. (الأنساب 3/ 68) .
[3] الإخميمي: بكسر الألف وسكون الخاء المعجمة والياء المنقوطة باثنتين
من تحتها بين الميمين المكسورتين. هذه النسبة إلى إخميم وهي بلدة من
ديار مصر من الصعيد على طريق الحاج.
(الأنساب 1/ 155) .
[4] الأردبيلي: بفتح الألف وسكون الراء وضم الدال المهملة وكسر الياء
المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى بلدة يقال
لها أردبيل مما يلي أذربيجان لعلّه بناها أردبيل بن أميني بن لنطي بن
يونان فنسبت إليه. (الأنساب 1/ 177) .
[5] في الأصل، وتذكرة الحفاظ «بيان» . والمثبت عن: تبصير المنتبه 1/
105 حيث ضبطه بضم الباء الموحّدة ونونين.
(33/78)
أن لا يُسْمِعَني، ولا يكتب إجازة، فأوّل
ما فاتحتُه الكلام خلّط في كلامه، وأجابني على غير سؤالي حَذرًا أنْ
أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطتّه، وأعلمته أنّي من أهل الأندلس أريد
الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك [1] .
وقال ابن ماكولا: [2] كان الحبّال مكثِرًا ثقة، ثبْتًا، ورِعًا،
خيِّرًا. ذكر أنّه مولى لابن النُّعْمان قاضي قُضاة مصر.
وحدَّث عنه ابن ماكولا وذكر أنّه ثبَّته في غير شيء.
وروى عنه الحافظ أبو بكر الخطيب إجازة، ثمّ قال: وحدَّثني عنه أبو عبد
الله الحُمَيْديّ [3] .
وقد أتى الحبّال بعض الطَّلَبة، قبل أن يمنعه بنو عُبَيْد من الرّواية،
ليسمعوا منه جزءًا، فأخرج به عشرين نسخة، وناول كلّ واحدٍ نسخةً يُعارض
بها [4] .
وقال الحافظ محمد بن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يقول: كان عندنا
بمصر رجلٌ يسمع معنا الحديث، وكان متشدّدًا. وكان يكتب السّماع على
الأصول، ولا يكتب اسم رجلٍ حتّى يستحلفه أنّه سمع الجزء، ولم يذهب عليه
منه شيء.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنَّا نَقْرَأُ عَلَى شَيْخٍ جُزْءًا،
فَقَرَأْنَا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» [5] . وَكَانَ فِي الْجَمَاعَةِ رَجُلٌ
مِمَّنْ يَبِيعُ الْقَتَّ، وَهُوَ عَلَفُ الدَّوَابِّ، فَقَامَ
وَبَكَى، وَقَالَ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ بَيْعِ الْقَتِّ.
فَقِيلَ: لَيْسَ هُوَ الَّذِي يَبِيعُ الْقَتَّ، وَلَكِنَّهُ
النَّمَّامُ الَّذِي يَنْقُلُ الْحَدِيثَ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قوم.
فسكن بكاؤه وطابت نفسه [6] .
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1192، 1193، وسير أعلام النبلاء 18/ 497.
[2] في الإكمال 2/ 379.
[3] انظر: تذكرة الحافظ 3/ 1193، وسير أعلام النبلاء 18/ 498.
[4] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1193، وسير أعلام النبلاء 18/ 499.
[5] أخرجه الإمام أحمد من حديث حذيفة في المسند 5/ 382 و 389 و 392 و
397 و 402 و 404، والبخاري في الأدب 10/ 394 باب: ما يكره من النميمة،
ومسلم في الإيمان (2105) باب:
بيان غلظ تحريم النميمة، وأبو داود (4871) ، والترمذي (2026) .
[6] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1193، وسير أعلام النبلاء 18/ 499.
(33/79)
قال ابن طاهر: كان شيخنا الحبّال لا
يُخْرِجُ أصلَه من يده إلّا بحضوره، يدفع الجزء إلى الطّالب، فيكتب منه
قدْر جلوسه، فإذا قام أخذ الأصل منه.
وكان له بأكثر كُتُبه عدة نُسَخ. ولم أرَ أحدًا أشدّ أخْذًا منه، ولا
أكثر كُتُبًا منه.
وكان مذهبه في الإجازة أن يقدّمها على الأخبار.
يقول: أجاز لنا فُلان، أنا فلان، ولا يقول: أنا فلان إجازة.
يقول: ربّما تُترك إجازة، فيبقى إخبارًا، فإذا ابْتُدِئ بها، لم يقع
الشّكّ فيه [1] .
وسمعته يقول: خرَّج أبو نصر السِّجَزيّ الحافظ على أكثر من مائة شيخ،
لم يبق منهم غيري [2] .
قال ابن طاهر: كان قد خرَّج له عشرين جزءًا في وقت الطَّلب، وكتبها في
كَاغَدٍ عتيق، فسألت الحبّال عن الكَاغَد، فقال: هذا من الكاغَد الّذي
كان يحمل إلى الوزير من سَمَرْقَنْد، وَقَعت إليَّ من كُتُبه قطعة،
فكنتُ إذا رأيتْ ورقةً بيضاء قَطَعْتُها، إلى أن اجتمع هذا القدْر،
فكنتُ أكتب فيه هذه الفوائد [3] .
قال ابن طاهر: لمّا دخلت مصر قصدتُ الحبّال، وكان قد وصفوه لي
بحِلْيَتْه وسِيرته، وأنّه يخدم نفسِه، فكنتُ في بعض الأسواق لا اهتدي
إلى أين أذهب. فرأيت شيخًا على الصّفة الّتي وُصِف بها الحبّال،
واقِفًا على دُكّان عطّار، وكُمَّيه ملأى من الحوائج. فوقع في نفسي
أنّه هو، فلمّا ذهبَ سألتُ العطّار: مَن هذا الشّيخ؟ فقال: وما تعرفه،
هذا أبو إسحاق الحبّال! فتَبِعْتُه وبلغته رِسالةَ سعْد بن عليّ
الزَّنْجَانيّ، فسألني عنه، وأخرج من جيبه جزْءًا صغيرًا، فيه الحديثان
المسلسلان اللّذان كان يرويهما. أحدهما. وهو أوّل حديثٍ سمعته منه،
فقرأهما عليَّ. وأخذت عليه الموعد كلّ يومٍ في جامع عَمْرو بن العاص
إلى أن خرجتُ رحمه الله [4] .
__________
[1] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1193، 1194، وسير أعلام النبلاء 18/ 500.
[2] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1194، وسير أعلام النبلاء 18/ 500.
[3] المصدران السابقان.
[4] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1194، وسير أعلام النبلاء 18/ 500، 501.
(33/80)
قلت: كان لقيّ ابن طاهر له في سنة سبعين
وأربعمائة، وقد سمع منه القاضي أبو بكر الأنصاريّ في سنة ستٍّ وسبعين.
وإنّما منعوه من التّحديث بعد ذلك.
42- إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم بن يوسف [1] .
أبو القاسم الخلّال، مُسْنِد جُرْجَان في زمانه.
تُوُفّي بعد الثّمانين.
ذكره أبو سعد السّمعانيّ، فقال: ثقة، مُكثِر، مُعمّر.
روى الكثير.
سمع: أبا نصْر محمد بن الإسماعيليّ، وحمزة السَّهْميّ، والحسن بن محمد
الأديب، وأبا مسلم غالب بن عليّ الرّازيّ الحافظ، والمفضّل بن إسماعيل
الإسماعيليّ، وأبا عَمْرو عبد الرحمن بن محمد الْجُرْجَانيّ، وأخاه عبد
الواسع، وأبا الفضل محمد بن جعفر الخُزَاعِيّ، وأبا سعْد المالِينيّ،
وبِشْر بن محمد الأبيورديّ، وطبقتهم.
مولده في ذي القعدة سنة تسعين وثلاثمائة.
قال: وتُوُفّي بجُرْجَان سنة نَيِّفٍ وثمانين.
أُنْبئتُ عن أبي المظفّر بن السّمعانيّ قال: أنا سعد بن عليّ العصاريّ:
أنا إبراهيم الخلّاليّ [2] بجُرْجَان، فذكر حديثًا.
43- أَصْرَم بن عبد الوهّاب بن محمد بن خريم [3] .
الأصبهاني، أبو نهشل.
سمع: أبا بكر بن أبي عليّ، وأبي سعيد بن حسنَوَيْه.
مات في شوّال. أرّخه يحيى بن مندة.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن عثمان) في: التحبير في المعجم الكبير 2/ 36 و
51.
[2] الخلّالي: بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام ألف وفي آخرها اللام،
هذه النسبة إلى الخلّ وإلحاق الياء في مثل هذا الانتساب أكثرها بجرجان
وطبرستان وخوارزم. (الأنساب 5/ 218) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/81)
- حرف الحاء-
44- الحَسَن بْن أحمد بْن عَبْد الواحد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن
أَحْمَد بْن عثمان بن الوليد [1] .
أبو عبد الله السُّلَميّ الدمشقيّ، ابن أبي الحديد المعدّل، الخطيب.
حكم بين النّاس بدمشق حين عُزِل عنها القاضي الغَزْنَويّ إلى حين وصول
الشَّهْرسْتانيّ من الحجّ [2] .
وحدَّث عن: المُسَدَّد الأُمْلُوكيّ [3] ، وأبي الحسن بن السِّمْسار،
وأبي الحسن العتيقيّ، وعبد الرحمن بن الطُّبَيْز [4] ، وجماعة.
روى عنه: حفيده أبو الحسين الخطيب، وهبة الله بن الأكفانيّ، وهبة الله
بن طاوس، وأبو القاسم بن البُنّ [5] ، وعليّ بن عساكر الخشّاب، وعليّ
بن أحمد الحَرَسْتانيّ [6] .
تُوُفّي في آخر السّنة: وكان مولده سنة ستّ عشرة.
أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ بِدِمَشْقَ،
وَسَنُقِرُّ الْمَحْمُودِيُّ بِحَلَبَ، قَالا:
أنا مُكْرَمٌ التَّاجِرُ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بِحَرَسْتَا
سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ، أنا الْحَسَنُ بْنُ
أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ، أنا الْمُسَدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أنا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْحَلَبِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ الرَّافَقِيُّ: ثنا صَالِحُ بن عليّ النّوفليّ: ثنا
__________
[1] انظر عن (الحسن بن أحمد بن عبد الواحد) في: تاريخ دمشق (مخطوطة
التيمورية) 9/ 252، والكامل في التاريخ 10/ 180، ومختصر تاريخ دمشق
لابن منظور 6/ 314، 315 رقم 181، والعبر 3/ 200، وتاريخ الخميس 2/ 402،
وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 154.
[2] تاريخ دمشق، ومختصره وتهذيبه.
[3] الأملوكي: بضم الألف وسكون الميم وضم اللام وفي آخرها كاف. هذه
النسبة إلى أملوك وهو بطن من ردمان بطن من رعين، وهو ردمان بن وائل بن
رعين. (الأنساب 1/ 349) .
[4] الطّبيز: بضم الطاء المهملة وفتح الباء الموحّدة وسكون الياء
المثنّاة من تحتها، وزاي.
[5] هو أبو القاسم بن البنّ الأسدي الدمشقيّ الحسين بن الحسن بن محمد
بن البنّ. و «البنّ» :
بضم الباء الموحّدة من تحتها، ونون مشدّدة. (توضيح المشتبه 1/ 618) .
[6] الحرستانيّ: بفتح الحاء والراء المهملتين وسكون السين المهملة
بعدها تاء منقوطة بنقطتين من فوقها، هذه النسبة إلى حرستا وهي قرية على
باب دمشق قريبة منها. وقد ينسب إليها بالحرستي أيضا. (الأنساب 4/ 106)
.
(33/82)
يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ
سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
الأَسْوَدِ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَلا
أُرِيكُمْ صَلاةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَرَفَعَ يَدَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، ثُمَّ لَمْ يَعُدْ.
45- الحسن بن عبد الصّمد بن أبي الشّخْباء [1] .
أبو عليّ، الشّيخ المُجيد العسْقلانيّ، صاحب الرّسائل والخطب. كان
القاضي الفاضل جُلّ اعتماده على حِفْظ كلام الشّيخ المُجيد [2] .
تُوُفّي مقتولًا في سجن خزانة البُنُود بالقاهرة في هذه السّنة [3] .
فمن شِعره:
ما زال يختار الزّمانُ ملوكَه ... حتّى أصاب المصطفى المُتَخَيَّرا
قُلْ للأُلَى [4] ساسوا الوَرَى وتقدّموا ... قِدْمًا: هَلُمُّوا
شاهدوا المتأخّر
تجدوه أوسَعَ في السّياسة منكمُ ... صدْرًا، وأحمد في العواقب مَصْدَر
قد صام، والحسناتُ مِلْءُ كتابه، ... وعلى مثالِ صيامه قد أفطرا [5]
__________
[1] انظر عن (الحسن بن عبد الصمد) في: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة
لابن بسّام قسم 4 مجلّد 2/ 627- 661، وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد
(قسم العسقلانيين) في القسم التابع لشعراء مصر (مخطوطة باريس 3328)
ورقة 14، ومعجم الأدباء لياقوت 9/ 152- 184 رقم 13، وفيه: «الحسن بن
محمد بن عبد الصمد» ، ووفيات الأعيان 2/ 89- 92 رقم 166، وسير أعلام
النبلاء 18/ 587 رقم 308، والوافي بالوفيات 12/ 68- 70 رقم 58، وهدية
العارفين 1/ 277، وأعيان الشيعة 23/ 146، وإيضاح المكنون 1/ 486،
والأعلام 2/ 210، ومعجم المؤلفين 2/ 236.
و «الشّخباء» : بالشين المعجمة المشدّدة، وسكون الخاء المعجمة، وباء
موحّدة من تحتها.
[2] في (معجم البلدان 9/ 152) : قيل إنّ القاضي الفاضل عبد الرحيم بن
البيساني منها استمدّ، وبها اعتدّ.
وقال ابن خلّكان: إنّ القاضي الفاضل- رحمه الله تعالى- كان جلّ اعتماده
على حفظ كلامه، وإنه كان يستحضر أكثره. (وفيات الأعيان 2/ 89) .
وذكر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- نحوه «فيما يقال» .
وقد علّق الصفدي على ذلك بقوله: «لو كان الأمر كما ذكره لكان الفاضل
رحمه الله تعالى ينزع منزعه ويكون على كلامه مسحة منه وليس الأمر كذلك»
. (الوافي بالوفيات 12/ 69) .
[3] وقال ياقوت: ذكره علي بن بسّام في كتاب الذخيرة في سنة اثنتين
وثلاثين وأربعمائة معتقلا بمصر في خزانة البنود. (معجم الأدباء 9/ 152)
وهذا غلط، والصحيح 482 هـ.
[4] في الأصل: «للأولى» .
[5] الأبيات مع غيرها في: وفيات الأعيان 2/ 90، والوافي بالوفيات 12/
69.
(33/83)
46- الحسن بن علي بن عبد الواحد بن الموحّد
[1] .
أبو محمد السُّلَميّ الدمشقيّ، المعروف بابن البُرِّيّ [2] .
سمع: عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا نصر عبد الوهّاب بن الجبّان، ومنصور
بن رامش.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، والفقيه نصر المقدسيّ، وأبو
الفضل يحيى بن عليّ القاضي، ونصْر بن قاسم المقدسيّ، ونصر بن أحمد بن
مقاتل [3] .
توفّي في نصف رمضان. كذا ورّخه ابن الأكفانيّ.
ووردَ عن غيث [4] أنّه تُوُفّي في صَفَر.
47- الحسين بن عليّ بن أحمد [5] .
أبو طاهر الأصبهاني، الشّيخ الصّالح.
روى عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي بكر بن مردويه.
__________
[ () ] وقال ياقوت: «وأظنّه كتب في ديوان الرسائل للمستنصر صاحب مصر،
لأنّ في رسائله جوابات إلى الفساسيري، إلّا أنّ رسائله إخوانيات، وما
كتبه عن نفسه إلى أصدقائه ووزراء أمراء زمانه» . (معجم الأدباء 9/ 152)
.
[1] انظر عن (الحسن بن علي) في: الإكمال لابن ماكولا 1/ 401، وتاريخ
دمشق (مخطوطة التيمورية) 11/ 156 وفيه: «الحسين» ، وتكملة إكمال
الإكمال للصابوني 35- 37 رقم 22، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 49
رقم 5، والمشتبه في الرجال 1/ 64، وتوضيح المشتبه 1/ 444.
[2] ذكرها ابن ماكولا بفتح الباء الموحّدة. (الإكمال 1/ 400، 401) .
وكذا ذكرها الصابوني. (التكملة 35) .
أما المؤلّف الذهبي- رحمه الله- فقد ضبطها بضم الباء الموحّدة، وكذلك
ابن ناصر الدين الدمشقيّ. (المشتبه 1/ 64، توضيح المشتبه 1/ 444) .
[3] وسمعه أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصريّ الربعي
وقال: أنبأنا الأمير أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الواحد بن البرّي
قراءة عليه وأنا أسمع في صفر سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، أنبأنا أبو
محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي قراءة عليه في
داره في شهر ربيع الأول سنة عشرين وأربعمائة. (تكملة إكمال الإكمال 36،
37) .
[4] هو: غيث بن علي الأرمنازي خطيب صور.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/84)
ومولده سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
مات في شوال. قاله يحيى بن منده.
- حرف الطاء-
48- طاهر بْن بركات بْن إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ بن محمد [1] .
أبو الفضل القُرَشيّ الدّمشقيّ، المعروف بالخُشُوعيّ.
سمع: أبا القاسم الحِنائيّ، وأبا الحسين بن مكّيّ، وعبد الدّائم
الهلاليّ، والكتّانيّ، والخطيب، وطبقتهم.
وخرَّج «مُعْجم شيوخه» [2] .
سمع منه: الفقيه نصر المقدسيّ، وهو من شيوخه، ومكّيّ الرُّمَيليّ.
قال ابن عساكر الحافظ [3] : سألت ابنه أبا إسحاق لِمَ سُمّوا
الخُشُوعيّ؟
فقال: كان جدّنا الأعلى يؤمّ النّاسَ، فتُوُفّي في المحراب [4] . وذكر
أنّ أباه طاهرًا تُوُفّي وقد ناهز الخمسين سنة [5] .
- حرف الظاء-
49- ظاهر بن أحمد بن عليّ [6] .
الحافظ المفيد أبو محمد السَّلِيطيّ [7] النَّيْسابوريّ.
__________
[1] انظر عن (طاهر بن بركات) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 18/
198، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 50.
[2] حدّث ببيت المقدس بجزء عن مشايخه سنة ست وستين وأربعمائة، وكتب عنه
عمر الدهستاني.
[3] في تاريخه.
[4] وزاد ابن عساكر: «فسمّي الخشوعي» .
[5] وقال غيث بن علي الأرمنازي: ما علمت من حاله إلّا خيرا.
وقال ابن عساكر: وكان ثقة، حسن الطريقة.
[6] انظر عن (ظاهر بن أحمد) في: المنتخب من السياق 271 رقم 886، وص
350، 351 رقم 1161 باسم «عبد الصمد بن أحمد» ، وسيعاد برقم (54) باسم:
«عبد الصمد» .
[7] السّليطي: بفتح السين المهملة، وكسر اللام، وبعدها الياء المنقوطة
من تحتها بنقطتين، وفي آخرها الطاء المهملة. هذه النسبة إلى سليط، وهو
اسم لجدّ المنتسب إليه. (الأنساب 7/ 119) .
(33/85)
ويُسمّى أيضًا عبد الصّمد [1] .
وُلِد بالرَّيّ ونشأ بها، وكتب الكثير بخطّه المتقن الصّحيح.
سمع: أبا عليّ بن المُذْهِب، والتَّنُوخيّ، والجوهريّ، وطبقتهم.
روى عنه: ابن بدران الحَلْوَائيّ [2] ، وأبو بكر المَرْوَزِيّ.
وسكن هَمَذَان.
50- ظَفَر بن الدّاعي بن مهديّ بن حسن [3] .
السّيّد أبو الفضل العَلَويّ، من ذرّيّة محمد بن عمر بن عليّ بن طالب.
من أهل أسْتِراباذ.
سمع الكثير، وأملى [4] مدّة.
روى عن: والده، وحمزة السَّهْميّ، وإبراهيم بن مطرّف، وعلي بن أحمد ابن
عبدان الأهوازي، وأبي بكر الحيري.
وأجاز له السهمي [5] .
مات في هذا الحدود بعد الثمانين.
روى عنه: عبد الله بن الفراوي، وعائشه بنت الصفار.
- حرف العين-
51- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بن غريب الخال [6] .
سمع: الحرفيّ [7] ، وعثمان بن دُوَسْت، وأبا عليّ بن شاذان.
__________
[1] وكرّر المؤلّف اسمه ثانية: «عبد الصمد بن أحمد بن علي» .
[2] الحلوائي: بفتح الحاء المهملة وسكون اللام. وهذه النسبة إلى عمل
الحلواء وبيعها. (الأنساب 4/ 193) .
[3] انظر عن (ظفر بن الداعي) في: المنتخب من السياق 270 رقم 883 (ذكر
اسمه مطوّلا دون ترجمة) ، وفهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم لابن
بابويه 104 رقم 214، وأمل الآمل للحرّ العاملي 2/ 140، وروضات الجنات
للخوانساري 4/ 148، وطبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس)
لآقابزرك الطهراني 99، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي
2/ 389 رقم 715.
[4] في الأصل: «أملا» .
[5] هو حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي صاحب تاريخ جرجان، المتوفى سنة
427 هـ.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] الحرفي: بضم الحاء وسكون الراء وكسر الفاء. هذه النسبة للبقّال
ببغداد ومن يبيع الأشياء التي
(33/86)
روى عنه: أبو غالب بن البنّاء، وابنه سعيد
بن البنّاء، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
52- عبد الرحمن بن الأستاذ أَبِي القَاسِم عَبْد الكريم بْن هَوَازن
[1] .
أَبُو منصور القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ.
كان صالحًا عابدًا، سمع: عبد الرحمن بن حمدان النّصروييّ [2] ، وأبا
عبد الله بن باكُوَيْه بنَيْسابور، وأبا الطّيّب الطَّبَريّ، وجماعة
ببغداد.
روى عنه: أبو الأسعد هبة الرحمن، وأبو حفص عمر الفَرغوليّ [3] .
وتُوُفّي بمكّة هذه السّنة [4] .
53- عبد السلام بن منصور بن الياس [5] .
أبو الفتح الهَرَويّ.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
وتُوُفّي أخوه عبد البديع قبله بيوم.
54- عبد الصّمد بن أحمد بن عليّ [6] .
__________
[ () ] تتعلّق بالبزور والبقّالين. (الأنساب 4/ 112) .
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن عبد الكريم) في: المنتخب من السياق 316،
317 رقم 1041، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 223، والعقد الثمين 5/
379.
[2] في الأصل: «النصروي» بياء واحدة، والصحيح ما أثبتناه عن (الأنساب
12/ 91) وفيه:
النصرويي: بفتح النون، وسكون الصاد المهملة والراء المضمومة وفي آخرها
الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه وهو في أجداد
المنتسب.
[3] الفرغولي: بفتح الفاء وسكون الراء وضم الغين المعجمة، هذه النسبة
إلى فرغول، قرية من قرى دهستان. (الأنساب 9/ 278) .
[4] وقال عبد الغافر الفارسيّ: وكان كتب بخطّه الفوائد وكتاب «حلية
الأولياء» تصنيف أبي نعيم الأصبهاني، وغير ذلك. (المنتخب 317) .
وقال السبكي: «كان أبو منصور هذا جميل السيرة، ورعا، عفيفا، فاضلا،
محتاطا لنفسه في مطعمه ومشربه وملبسه، مستوعب العمر بالعبادة، مستغرق
الأوقات بالخلوة. سمع الكثير من والده.. ورد بغداد حاجّا في سنة إحدى
وسبعين وأربعمائة وحدّث بها» . (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 223) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (عبد الصمد بن أحمد) في: المنتخب من السياق 271 رقم 886
باسم «ظاهر بن أحمد» و 350، 351 رقم 161 باسم «عبد الصمد بن أحمد» ،
والمنتظم 9/ 50 رقم 78
(33/87)
أبو محمد السَّلِيطيّ [1] النَّيْسابوريّ،
المعروف بظاهر.
أصله رازيّ، كان أحد أئمّة الحفّاظ. نسخ الكثير بخطّه المتقن، ورحل
فسمع: أبا عليّ بن المُذْهِب، وأبا طاهر الصّبّاغ، وأبا الطّيّب
الطَّبَريّ، والجوهريّ.
وخرَّج للجوهريّ أمالي معروفة.
روى عنه: محمد بن بطّال بهَمَذَان، وعبد الواحد بن الفضل الفارَمْذِيّ
[2] ، ومحمد بن أميرك.
إلّا أنّه أخذ كُتُب النّاس في نهْب البساسيريّ، وجمعَها، ولم ينفعه
الله بها.
توفّي بنواحي هَمَذَان.
55- عَبْد الواحد بْن عليّ بْن أَحْمَد [3] .
أَبُو الفضل الهَمَذَانيّ الكرابيسيّ [4] ، المعروف بابن يُوّغة
الصُّوفيّ.
روى عن: ابن تُرْكان، وعليّ بن أحمد البيِّع، وسعد بن علويه، ومحمد بن
علي بن خذاداذ، وجماعة.
قال شيرويه: شيخ الصوفية، صدوق. سمعتُ منه جمع ما مرّ له.
ومات في سلْخ ذي الحجّة. ومولده في سنة تسعين وثلاثمائة.
وقال السّمعانيّ: سمع أبا بكر بن حمدُوَيْه الطُّوسيّ، وأجاز له أبو
بكر بن لال. ثنا عنه حمدان بن الحسن الضّرير، وأبو الفخر سعْد بن محمد
الصُّوفيّ، وأبو المكارم عبد الكريم بن عبد الملك الكرابيسيّ.
وكان شيخ الصّوفيّة بهمذان.
__________
[ () ] (16/ 285 رقم 3600) ، والبداية والنهاية 12/ 135.
وقد تقدّم باسم «ظاهر بن أحمد» برقم (49) .
[1] تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[2] الفارمذي: بفتح الفاء والراء والميم بينهما الألف وفي آخرها الذال
المعجمة. هذه النسبة إلى فارمذ، وهي قرية من قرى طوس. (الأنساب 9/ 218)
.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن علي) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 245
رقم 156.
[4] هذه النسبة إلي بيع الثياب.
(33/88)
56- عبد الواحد بن عليّ [1] بن البَخْتَريّ
[2] .
أبو القاسم.
بغداديّ مُقِلّ.
روى عن: أبي القاسم بن بِشْران.
كتب عنه: أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ، وأخوه.
ومات في صَفَر.
57- عَبْد الواحد بْن محمد بْن عُمَر [3] .
أبو زيد الطَّرَسُوسيّ.
مات في ربيع الأوّل.
58- عَبْد الوهّاب بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زكريّا [4] .
أبو منصور الثّقفيّ النَّيْسابوريّ الأُطْرُوش [5] .
قال السّمعانيّ: شيخ ظريف، خفيف، أصمّ، صُوفيّ. سافر الكثير ولقي
المشايخ. وتبرَّع بأنواعٍ من القُرَب من عمارة القبور، وإعادة الأسماء
على مشاهد الأئمّة، واتّخاذ الأواني النّحاس للصُّوفيّة.
وسمع بخُراسان، والعراق. وكان يقرأ بنفسه لصَمَمَه.
حدَّث عن: أبي بكر الحِيريّ، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وأبي الحسن
الطّرّازيّ، وأبي عليّ السِّخْتِيانيّ، وأبي عبد الله بن باكُوَيْه.
روى عنه: أبو عثمان العصائديّ، وأبو الوقت عبد الأوّل.
تُوُفّي في خامس رجب.
وقع لنا من طريقه مجلسا السُّلَميّ، وابن باكويه.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] البختري: بفتح الباء المنقوطة بواحدة من تحتها، وسكون الخاء
المعجمة، وفتح التاء المثنّاة من فوقها بنقطتين وراء مهملة، وياء.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (عبد الوهاب بن أحمد) في: المنتخب من السياق 356 رقم 1178.
[5] الأطروش: بضم الألف وسكون الطاء المهملة وضم الراء وفي آخرها الشين
المعجمة. هذه اللفظة لمن بأذنه أدنى صمم. (الأنساب 1/ 305) .
(33/89)
59- عُبَيْد الله بن عَمْرو بن محمد بن أبي
عبد الرحمن [1] .
البَحِيريّ النَّيْسابوريّ.
قال عبد الغافر: هذا الشّيخ رقيق الحال في التَّزْكيّة والعدالة [2] .
سمع من: أبي عبد الله الحاكم، وعبد الله بن يوسف الأصبهاني، وجماعة.
تُوُفّي في تاسع ذي الحجّة وله خمسٌ وثمانون سنة وأيّام.
قلت: روى عنه: عبد الغافر، وغيره، والأمير أحمد بن محمد الفُراتيّ.
60- عبد الكريم بن زكريّا بن سعْد بن عمّار [3] .
أبو محمد البخاريّ الخبازيّ البزّاز.
فقيه حافظ فاضل، يفهم الحديث.
سمع الكثير، وأملى عن: أبي نصر أحمد بن الحَسَن المَرَاجليّ [4] ،
وحمزة بن أحمد الكَلاباذيّ [5] ، والحُسَين بن الخضر النَّسَفيّ،
وطبقتهم.
وعنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ [6] ، وجماعة.
ولد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
ومات في ربيع الأوّل.
61- عليّ بْن أحمد بْن عليّ بن حنويه [7] :
__________
[1] انظر عن (عبيد الله بن عمرو) في: المنتخب من السياق 297، 298 رقم
985.
[2] عبارته في (المنتخب) : «أكبر أولاده من البيت المعروف المشهور
بالعدالة والتزكية، وهذا رقيق الحال في العدالة، وأخوه الأصغر منه أقوى
حالا وأحسن صيانة وحشمة وحرمة منه» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] المراجلي: بفتح الميم، والراء، وكسر الجيم بعد الألف، وفي آخرها
اللام. هذه النسبة إلى المراجل وعملها. وهي جمع مرجل. (الأنساب 11/
220) .
[5] الكلاباذي: بفتح الكاف والباء الموحّدة، وفي آخرها الذال المعجمة،
هذه النسبة إلى محلتين إحداهما محلّة كبيرة بأعلى البلد من بخارى يقال
لها: كلاباذ. والثانية محلّة بنيسابور.
(الأنساب 10/ 506 و 509) .
[6] البيكندي: ضبطها ابن السمعاني بفتح الأول وسكون الياء وفتح الكاف.
وضبطها ياقوت بكسر الأول وفتح الكاف وسكون النون.
وهي نسبة إلى بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من بخارى.
[7] انظر عن (علي بن أحمد بن علي) في: الأنساب 9/ 220، 221، و «حنويه»
: بفتح الحاء المهملة، والنون، والواو، وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين، وهاء.
(33/90)
أبو الحسن الشّهرستانيّ الفاروزيّ [1]
الكاتب.
سمع: اللّيْث بن الحسن اللَّيْثيّ بسَرْخَس، وأبا بكر الحِيريّ.
وصحِب: أبا عبد الله بن باكُوَيْه.
تُوُفّي في ذي القعدة عن مائة سنة.
62- عليّ بن أبي نصْر المَنَاديليّ [2] .
أبو الحسن النَّيْسابوريّ الحافظ.
كان من نوادر الزّمان. جمع ما لم يجمعه غيره من أنواع العلوم، حتّى فاق
أقرانه في القراءات، ومعرفة أسماء الرّجال، والمُتون، والطّبّ، وغير
ذلك.
بالغَ الحافظ عبد الغنيّ في وصفه، وقال: ما رأيت أحسن ولا أصحّ من
قراءته.
سمع من: أبي القاسم القُشَيْريّ، والفضل بن المُحِبّ، وطبقتهما.
ولم يتكهَّل ولم يبلغ أوان الرّواية.
قال عبد الغافر: لمّا عاد من بغداد سمعته يقول: ما استفدت من غيري في
سفري، بل كلّ من لقيته استفاد منّي.
وقال لي: لست أطالع شيئًا مرّةً أو مرّتين إلّا وحفظته ولا أنساه.
فُقِد من البلد ولا يدري ما تمّ له [3] .
63- عليّ بن أبي يَعْلَى بن زيد بن حمزة [4] .
أبو القاسم الحسينيّ الدَّبَوسيّ [5] .
__________
[1] الفاروزي: بفتح الفاء وضم الراء وكسر الزاي. هذه النسبة إلى فاروز
وهي قرية من قرى نسا على فرسخ ونصف منها. (الأنساب) .
[2] انظر عن (علي بن أبي نصر) في: المنتخب من السياق 392 رقم 1325،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 69 ب.
[3] الموجود في (المنتخب) : «علي بن أبي نصر الصندوقي الصوفي، أبو
الحسن، خادم الفقراء في دويرة أبي عبد الرحمن السلمي.. ولم يرو إلّا
القليل لاشتغاله بالخدمة» .
[4] انظر عن (علي بن أبي يعلى) في: الأنساب 5/ 275، 276، والمنتظم 9/
50 رقم 79 (16/ 285، 286 رقم 3601) ، والكامل في التاريخ 10/ 181،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 6، 7، والبداية والنهاية 12/ 135.
[5] الدّبوسي: بفتح الدال المهملة وضم الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها
سين مهملة بعد الواو.
(33/91)
ودَبوسيّة: بلدة بقرب سَمَرْقَنْد.
كان من كبار أئمّة الشّافعيّة، متوحدًا متفرِّدًا في الفقه والأصول
واللُّغة والنَّحو والنَّظر والجدل. وكان حسن الخَلْق والخُلُق،
سمْحًا. جوادًا كثير المحاسن. قدِم بغداد، وولي تدريس النّظاميّة.
تفقّه عليه جماعة من البغداديّين، ومن الغرباء.
وأملى ببغداد مجالس.
سمع: أبا عَمْرو بن عبد العزيز القنطريّ، وأبا سهل أحمد بن عليّ
الأبِيوَرْديّ، وأبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو غانم مظفّر البَروجِرْديّ،
ومحمد بن أبي نصر المسعوديّ المَرْوَزِيّ، وآخرون [1] .
تُوُفّي ببغداد في شعبان، وهو من ذرّيّة الحسين الأصغر بن زين العابدين
__________
[ () ] هذه النسبة إلى الدبوسية، وهي بليدة من السغد بين بخارى
وسمرقند. (الأنساب 5/ 273) .
[1] طوّل ابن السمعاني في نسبه وساقه إلى الإمام عَلِيِّ بْن أَبِي
طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه. وقال: «كان متوحّدا في الفقه والأصول
واللغة والعربية، وولي التدريس بالمدرسة النظامية، وكانت له يد قوية
باسطة في الجدال وقمع الخصوم. وقد شوهد له مقامات في النظر ظهر فيها
غزارة فضله.
وكان عفيفا كريما جوادا» . (الأنساب 5/ 275) .
وقال ابن النجار: كان من أئمة الفقهاء، كامل المعرفة بالفقه والأصول،
وله يد قوية في الأدب وباع ممتد في المناظرة ومعرفة الخلاف. وكان
موصوفا بالكرم والعفاف وحسن الخلق والخلق.
قدم بغداد في جمادى الأولى سنة تسع وسبعين وأربعمائة للتدريس بالمدرسة
النظامية، فدرّس بها يوم الأحد مستهل جمادى الآخرة من السنة، ولم يزل
على التدريس إلى حين وفاته.
وقال ابن السمعاني: سمعت من أثق به يقول تكلم الدبوسي مع أبي المعالي
الجويني بنيسابور في مسألة فآذاه أصحاب أبي المعالي حتى خرجوا إلى
المخاشنة، فاحتمل الدبوسي وما قابلهم بشيء، وخرج إلى أصبهان فاتفق خروج
أبي المعالي إليها في إثره في مهمّ يرفعه إلى نظام الملك، فجرى بينهما
مسألة بحضرة الوزير فظهر كلام الدبوسي عليه، فقال له: أين كلابك
الضارية؟
وقال السبكي: وكان قد انتهت إليه رئاسة الشافعية مع التفنّن في أصناف
العلوم وحسن المعتقد.
وقال عبد الرحمن بن الحسن بن علي الشرابي: أنشدنا أبو القاسم الدبوسي
لنفسه:
أقول بنصح يا ابن دنياك لا تنم ... عن الخير ما دامت فإنك عادم
وإن الّذي لم يصنع العرف في غنى ... إذا ما علاه الفقر لا شك نادم
فقدّم صنيعا عند يسرك واغتنم ... فأنت عليه عند عسرك قادم
(طبقات الشافعية الكبرى 4/ 6، 7) .
(33/92)
عليّ بن الحسين رضي الله عنه.
64- عليّ بن محمد بن حسين ابن المحدِّث عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن
مجاهد [1] .
الإمام أبو الحسن البَزْدَوِيّ [2] النَّسَفيّ الزّاهد، صاحب
التَّصانيف الجليلة، والمدرِّس بسَمَرْقَنْد.
تُوُفّي بكِسّ [3] في رجب.
قال السّمعانيّ: كان إمام أصحاب أبي حنيفة بما وراء النَّهْر، يُضْرب
به المَثَل في حِفْظ المذهب. وطريقته مفيدة.
ظهر له الأصحاب. وهو أخو القاضي أبي اليُسْر.
تفقّه بالشّمس عبد العزيز بن أحمد الحَلْوائيّ، وسمع منه، ومن: عمر بن
منصور بن خنْب، وأبي الوليد الحسن بن محمد الدَّرْبَنْديّ.
وكان مولده في حدود الأربعمائة.
روى عنه: أبو المعالي محمد بن نصر الخطيب.
65- علي بْن محمد بْن عبد العزيز بْن حمدين [4] .
أبو الحسن القرطبيّ.
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد بن حسين) في: الأنساب 2/ 188، 189، ومعجم
البلدان 1/ 409، واللباب 1/ 146، وسير أعلام النبلاء 18/ 602، 603 رقم
319، والجواهر المضية 2/ 594، 595، وتاج التراجم 30، 31، ومفتاح
السعادة 2/ 184، 185، وطبقات الفقهاء لطاش كبرى 85، وكتائب أعلام
الأخيار، رقم 286، والطبقات السنية، رقم 1535، وكشف الظنون 1/ 112،
467، 553، 563 و 2/ 1016، 1485، 1581، والفوائد البهية 124، 125، وهدية
العارفين 1/ 693، وإيضاح المكنون 2/ 34، 388، ومعجم المؤلفين 7/ 192.
[2] البزدوي: بفتح الباء الموحّدة وسكون الزاي وفتح الدال المهملة وفي
آخرها الواو. هذه النسبة إلى بزدة- ويقال: بزودة- وهي قلعة حصينة على
ستة فراسخ من نسف. وينسب إليها أيضا:
بزدي.
[3] كس: بكسر الكاف وتشديد السين المهملة. مدينة تقارب سمرقند. قال ابن
ماكولا: كسره العراقيون، وغيرهم يقوله بفتح الكاف. قرية على ثلاثة
فراسخ من جرجان على جبل. (معجم البلدان 4/ 460، 462) .
وقد تصحّف في (الفوائد البهية) إلى: «كشّ» .
[4] انظر عن (علي بن محمد بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/
420، 421 رقم 900.
(33/93)
روى عن: يحيى بن محمد القليعيّ، ومحمد بن
عَتَّاب، وأبي جعفر الكِنْديّ الزّاهد وهو خاله.
وكان من أهل العلم والفْقه والصَّلاح والتّلاوة والإقبال على نشر
العلم، صدرًا مشاوَرًا في الأحكام، معظَّمًا في النُّفوس، متعيّنًا
للوزارة [1] .
قال اليسع بن حزْم: له همَّة انتعلت السّماك، وتبوّأت الأفلاك. كتب
مرّة إلى المعتمد بن عَبَّاد:
يا مَن حَلَلْتُ جِوارَه ... والْجُودُ طَوْعُ يمينهِ
أَتُجِيرُ من ألقى إليك ... بنفسه وبدينه
حاشى نهاك بأنْ يرى ... بُخْلًا بعين مَعِينه
إنّي غرست به الثّنا ... فقطعتُ حُسْن يقينهِ
وُلد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل رضي الله عنه.
66- عليّ بن محمد بن الحسين بن موسى [2] .
أبو الحسن الأَسَديّ الفارِقيّ [3] الشّيعيّ.
غال، كثير المُجُون والدّعابة.
سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد البزّاز.
وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ.
67- عيسى بن نصر بن عيسى [4] .
أبو الطّيّب الرّازيّ البزّاز.
رحل وسمع بمصر: أبا عبد الله بن نظيف، وشعيب بن المنهال.
روى عَنْهُ: أبو القاسم بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو البركات
الأَنْماطيّ.
وتُوُفّي في شوّال.
__________
[1] وكان له مجلس بالمسجد الجامع بقرطبة يسمع الناس فيه.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الفارقيّ: بفتح الفاء والراء المكسورة بينهما الألف وفي آخرها
القاف. هذه النسبة إلى ميافارقين. (الأنساب 9/ 217) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/94)
- حرف الغين-
68- غانم بن محمد بن عبد الواحد بن عُبَيْد الله الأصبهاني [1] .
الحافظ أبو سهل.
تُوُفّي بإصبهان في جُمَادى الأولى.
يروي حُضورًا عن عليّ بن مَنْدَهْ الفقيه الزّاهد.
- حرف الميم-
69- محمد بن أحمد بن حامد بن عُبَيْد [2] .
أبو جعفر البَيْكَنْديّ [3] البخاريّ المتكّلم، المعروف بقاضي حلب [4]
.
وَرَدَ بغداد في أيّام عبد الملك بن محمد بن يوسف، فمنعه من دخولها
فلمّا مات ابن يوسف دخلها وسكنها. وكان رأسًا في الاعتزال، داعيةً
إليه.
روى عن: أبي عامر عدنان بْن مُحَمَّد الضبي، وأبي الفَضْل أَحْمَد بْن
عليّ السليماني، ومنصور بْن نصر الكاغدي [5] ، وطائفة.
روى عَنْهُ: عليّ بن هبة الله بن زهمُوَيْه [6] ، وثابت بن منصور
الكيليّ [7] ، وصَدَقَة السّيّاف، وأبو غالب بن البنّاء، وغيرهم.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد البيكندي) في: المنتظم 9/ 52 رقم 83 (16/
288 رقم 3605) ، وميزان الاعتدال 3/ 462 رقم 7166، وو سير أعلام
النبلاء 18/ 586، 587 رقم 307، والبداية والنهاية 12/ 136، والجواهر
المضية 2/ 8- 10، ولسان الميزان 5/ 2 رقم 178 و 5/ 61 رقم 202، وكشف
الظنون 378، 891، وهدية العارفين 2/ 75، ومعجم المؤلفين 8/ 249،
والأعلام 5/ 315.
[3] البيكندي: نسبة إلى بيكند، بلدة بين بخارى وجيحون على مرحلة من
بخارى. ضبطها بعضهم بكسر الباء وفتح الكاف وسكون النون.
[4] في لسان الميزان 5/ 52: «قاص حلب» .
[5] الكاغدي: بفتح الغين المعجمة. نسبة إلى الكاغد، وهو الورق.
[6] في الأصل: «رهمويه» بالراء المهملة.
[7] الكيلي: أو الجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من
تحتها. هذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان، ويقال لها كيل وكيلان
فعرّب ونسب إليها وقيل جيلي وجيلاني.
(الأنساب 3/ 414) .
(33/95)
روى عن: إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ [1] ،
واتُّهِم في ذلك. ورماه بالكَذِب عبد الوهّاب الأنْماطيّ [2] ، وغيره.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين.
وقال مرّةً أخرى: سنة أربعٍ وتسعين [3] .
ومات في رابع [4] المحرّم ببغداد [5] .
70- محمد بن أحمد بن عبد الله [6] .
__________
[1] الكشاني: بضم الكاف نسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد الصغد
بنواحي سمرقند. وقد تصحّف في (لسان الميزان 5/ 61) إلى: «الكسائي» .
[2] المنتظم 9/ 52 (16/ 288) .
[3] وقال أبو القاسم الصيدلاني: سألت أبا جعفر البخاري عن مولده فقال:
في سنة أربع وتسعين وثلاثمائة.
[4] وقال شجاع الذهلي: مات سابع المحرّم.
[5] وقال ابن النجار: كان عارفا بعلم الكلام على مذاهب بمصر والمعتزلة،
داعيا إليه.
وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن المتأخّر الّذي حدّث ببغداد، عن
رجل، عن الفربري، فقال: هو المعروف بقاضي حلب، حدّث عن أبي علي
الكسائي، وأرّخ سماعه منه سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، والكسائي مات سنة
ثلاث وتسعين وثلاثمائة، ليس ممن يعتمد به، ولم يظهر التحديث إلّا
بأخرة. (لسان الميزان 5/ 61) .
[6] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبد الله) في: المنتظم 9/ 52 رقم 84 (16/
288 رقم 3606) ، والمنتخب من السياق 66، 67 رقم 139، ومعجم البلدان 3/
301، والمشتبه في الرجال 1/ 348، والمعين في طبقات المحدّثين 140 رقم
1531، وسير أعلام النبلاء 19/ 16، 17 رقم 10، وتذكرة الحفاظ 4/ 1212،
1213، والبداية والنهاية 12/ 136، والوافي بالوفيات 2/ 88، وطبقات
الحفاظ 446، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 149 رقم 1002.
وقد أضاف محقّق (سير أعلام النبلاء- ج 19) الشيخ شعيب الأرنئوط كتاب
«شذرات الذهب» إلى مصار ترجمة أبي الفتح بن سمكويه.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
الموجود في (شذرات الذهب 3/ 367) : «القاضي أبو منصور بن سمكويه محمد
بن أحمد بن علي الأصبهاني الحافظ المكثر. توفي في شعبان وله تسع
وثمانون سنة، وهو آخر من روى عن أبي علي البغدادي، وابن خرشيذ قوله،
وأخذ بالبصرة من أبي عمر الهاشمي بعض السنين أو كلّه وفيه ضعف» .
وهذه الترجمة ليست لأبي الفتح بن سمكويه كما هو واضح، بل هي ترجمة «ابن
شكرويه» التالية، وقد وقع في (شذرات الذهب) «سمكويه» بدل «شكرويه» وهو
سهو من المؤلّف، ابن العماد، أو من الناسخ.
(33/96)
أبو الفتح بن سَمْكُوَيْه الأصبهاني [1] ،
نزيل هَرَاة.
أحد الحفّاظ المذكورين.
سمع الكثير، وحصّل الأصول، ونسخ كثيرًا.
سمع ببغداد من: أبي محمد الحسن بن محمد الخلّال، وطبقته.
وبنَيْسابور من: أبي عثمان الصّابونيّ، وأبي حفص بن مسرور، والطّبقة.
وبإصبهان: أصحاب ابن المقرئ.
وبشيراز من: الحافظ أبي بكر بن أبي عليّ.
وبسمرقند من: ابن شاهين السَّمَرْقَنْديّ.
ومولده بإصبهان في سنة تسع وأربعمائة.
صنَّف، وجمع الأبواب.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وكان يُتَبَرَّك بدعائه.
وقال أبو عبد الله [2] في «رسالته» : كان لابن سَمْكُوَيْه التّواليف
الكثيرة الوافرة في كتب الحديث، وَوَهْمه أكثر من فهمه.
خرج إلى نَيْسابور في صُحْبة عبد العزيز النَّخْشبيّ، ثمّ خرج إلى ما
وراء النّهر، وأقام بهَرَاة سِنين يورّق. صادفتُه بها وبنَيْسابور،
وبيني وبينه ما كان من الحِقْد والحَسد [3] .
وتُوُفّي بنَيْسابور.
قلت: في ذي الحِجَّة.
71- محمد بن أحمد بن عليّ بن شكرويه [4] .
__________
[1] زاد في (البداية والنهاية 12/ 136) : «المعروف بمسارفة» !
[2] هو (الدّقّاق) كما في (سير أعلام النبلاء 19/ 17) .
[3] وهذا من كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيّما أنه صادر
عن حقد وحسد- كما صرّح قائله.
راجع: ميزان الاعتدال 1/ 111.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد بن شكرويه) في: معجم البلدان 3/ 301،
والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) ج 1 ورقة 252 ب، والتقييد، له 54، 55 رقم
31، والعبر 3/ 300، وسير أعلام النبلاء 18/ 493، 494 رقم 256، والمشتبه
في الرجال 1/ 348، والإعلام بوفيات الأعلام
(33/97)
القاضي أبو منصور الأصبهاني.
تُوُفّي بإصبهان في شعبان.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: هو آخر من روى عن أبي عليّ بن البغداديّ، وأبي
إسحاق بن خرّشيذ قُولَهْ [1] .
وسافر إلى البصرة.
وسمع من: أبي عمر الهاشميّ [2] ، وعليّ بن القاسم النّجّاد، وجماعة.
إلّا أنّه خلط في كتاب «السُّنَن» ما سمعه بما لم يسمعه. وحكَّ بعض
السَّماع. كذلك أراني مؤتمن السّاجيّ، ثمّ ترك القراءة عليه، وخرج إلى
البصرة، وسمع الكتابَ من أبي عليّ التُّسْتَرِيّ [3] .
وقال المؤتمن السّاجيّ: ما كان عند ابن شكرويه عن ابن خرّشيذ قُولَهْ،
والْجُرْجَانيّ، وهذه الطّبقة فصحيح. وأطلعني ابن شَكْرُوَيْه على
كتابه «لسُنَن أبي داود» ، فرأيت تخليطًا ما استحللتُ معه سماعه.
وقال أبو طاهر: لمّا كنّا بإصبهان كان يُذكر أنّ «السُّنَن» عند ابن
شَكْرُوَيْه، فنظرتُ فإذا هو مضطّرب، فسألتُ عن ذلك، فقيل إنّه كان له
ابن عمّ، وكانا جميعًا بالبصرة، وكان القاضي أبو منصور مشتغلًا بالفقه،
وإنّما سمع اليسير من القاضي أبي عمر الهاشميّ، وكان ابن عمّه قد سمع
الكتابَ كلَّه، وتُوُفّي قديمًا.
فكشَط أبو منصور اسم ابن عمّه، وأثبت اسمَه. فخرجتُ إلى البصرة، وقرأته
على التّستريّ [4] .
__________
[198،) ] وميزان الاعتدال 3/ 467 رقم 7191، والمغني في الضعفاء 2/ 552
رقم 5270، والمعين في طبقات المحدّثين 140 رقم 1532، ومرآة الجنان 3/
133، والوافي بالوفيات 2/ 88، وتبصير المنتبه 2/ 717، ولسان الميزان 5/
62، 63 رقم 206، وشذرات الذهب 3/ 367.
[1] التقييد 54.
[2] في العبر 3/ 300: «القاسمي» وهو غلط.
[3] التستري: بضم التاء المشدّدة وسكون السين المهملة، وفتح التاء
الثانية، وراء مهملة.
نسبة إلى: «تستر» بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان يقولها الناس:
شوشتر. (الأنساب 3/ 54) .
[4] التقييد 54.
(33/98)
وقال السّمعانيّ: سألتُ أبا سعْد
البغداديّ، عن أبي منصور بن شَكْرُوَيْه، فقال: كان أشعريًّا، لا
يُسلِّم علينا ولا نُسلِّم عليه، ولكنّه كان صحيح السّماع.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كان أبو منصور على قضاء قرية سِين [1] ، سافر
إلى البصرة فسمع من الهاشميّ، وأبي الحسن النّجّاد، وأبي طاهر بن أبي
مسلم.
ولد ابن شكرويه سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. ومات في العشرين من شعبان.
وقد روى عنه: إسماعيل الحافظ، وابن طاهر المقدسيّ، ونصر اللَّه بْن
مُحَمَّد المصّيصيّ، وهبة اللَّه بْن طاوس الدّمشقيّان، وأبو عبد الله
الرُّسْتُميّ، وطائفة كبيرة منهم أبو سعْد البغداديّ، وعبد العزيز
الأدميّ، والجنيد القائنيّ.
72- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن هارون [2] بن زرا [3] .
أبو الخير الأصبهاني.
سمع: أبا عبد الله الجرجاني، وأبا بكر بن مردُوَيْه، وعثمان بن أحمد
البُرجيّ.
وعنه: إسماعيل الحافظ، ومسعود الثّقفيّ، والرُّسْتُميّ، ومحمد بن عبد
الوهّاب المَغَازِليّ، وأبو البركات بن الفُرَاويّ، وعبد المنعم بن
محمد بن سَعْدُوَيْه، وآخرون.
مات في رجب.
وكان صالحًا واعظًا فقيهًا متعبدًا. أمَّ بجامع إصبهان مدّة.
وممّن روى عنه: عبد العزيز بن محمد الشّيرازيّ الأدَميّ.
مات في رجب.
73- محمد بن أحمد بن أبي جعفر الطّبسيّ النّيسابوريّ [4] .
__________
[1] السين: قرية بينها وبين أصبهان أربعة فراسخ. (معجم البلدان) .
وقد تصحّفت في المطبوع من (التقييد 54) إلى: «سنين» . بنونين.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبد الله) في: العبر 3/ 300، 301، وشذرات
الذهب 3/ 367.
[3] هكذا في الأصل: «زرا» ، وفي (العبر) : «ورا» ، وفي (شذرات الذهب) :
«زر» .
[4] انظر عن (محمد بن أحمد الطّبسي) في: الأنساب 8/ 209، والمنتخب من
السياق 58 رقم
(33/99)
أبو الفضل.
محدِّث زاهد، عالم، صنَّف كتاب «بستان العارفين» .
وسمع من: أبي عبد الله الحاكم، وأبي طاهر بن مَحْمِش، وعبد الله بن
يوسف بن ماموَيْه، وأصحاب الأصمّ.
روى عنه: الجنيد بن محمد القائنيّ [1] ، وجماعة من القدماء.
وأملى مدّة.
وممّن روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وأبو الأسعد القُشَيْريّ، وجماعة.
تُوُفّي في رمضان.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل [2] : شيخ، فاضل، زاهد، صوفيّ، ورِع، ثقة،
كتب الكثير، وجمع التّصانيف المفيدة [3] .
وقد سمع «مُسْنَد أبي الموجَّه» بمَرْو، ومن القاضي أبي بكر
الصَّيْرَفيّ.
قدِم علينا، وأفادنا في آخر عمره، وأملى بالنّظاميّة أيّامًا، ثمّ عاد
إلى طَبَس، وبها مات.
74- محمد بن أحمد بْن الْحُسَيْن بْن عليّ [4] .
أبو عَبْد اللَّه ابن الإمام الكبير أبي بكر البَيْهَقيّ.
مات في شعبان.
__________
[110،) ] واللباب 2/ 274، والمعين في طبقات المحدّثين 140 رقم 1533،
وسير أعلام النبلاء 18/ 588 رقم 309، وتذكرة الحفاظ 3/ 1195، والإعلام
بوفيات الأعلام 198، والعبر 3/ 301، ومرآة الجنان 3/ 134، والوافي
بالوفيات 2/ 88، وكشف الظنون 1023، وشذرات الذهب 3/ 367، وإيضاح
المكنون 1/ 181، وهدية العارفين 2/ 75، وتاريخ الأدب العربيّ (الطبعة
الأجنبية) 1/ 496، 907، ومعجم المؤلفين 8/ 247.
و «الطّبسيّ» : بفتح الطاء المشدّدة المهملة، وفتح الباء الموحّدة،
وسين مهملة. نسبة إلى طبس. وهي بلدة في برّية بين نيسابور وأصبهان
وكرمان. (الأنساب) .
[1] القائني: بالقاف والياء المثنّاة من تحتها ثم النون، نسبة إلى
قاين. بلدة قريبة من طبس.
(الأنساب 10/ 37) .
[2] في المنتخب من السياق 58.
[3] وزاد عبد الغافر: سمعنا منه كتاب «بستان العارفين» من تصنيفه.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/100)
75- محمد بن علي بن محمد بن جعفر [1] .
أبو سعد الرّستميّ [2] البغداديّ.
ولد سنة أربعمائة.
وسمع: أبا الحسين بن بشْران، وأبا الفضل القطّان.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الوهّاب الأنْماطي.
وكان رجلًا خيِّرًا.
تُوُفّي رحمه الله في ربيع الأوّل.
76- محمد بن منصور بن عمر بن عليّ [3] .
أبو بكر ابن الإمام الفقيه أبي القاسم الكرْخيّ، [4] الفقيه الشّافعيّ،
والد الشّيخ أبي البدر إبراهيم الكرْخيّ.
صالح، متديِّن، عالم.
روى عنه: إسماعيل بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ.
ومات في جُمَادى الأولى.
وأمّا أبوه فَمِن كبار أئمّة الشّافعيّة، سمع أبا طاهر المخلّص، ودرس
على الأستاذ أبي حامد الأسفرائينيّ، وصنَّف واشتغل.
77- محمد بن نعمة [5] .
أبو بكر الأسديّ ابن القيروانيّ الصّابر.
روى عن: أبي عمران الفاسيّ، ومروان بن عليّ البُونيّ [6] ، وعلي بن أبي
طالب الصابر.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الرستمي: بضم الراء وسكون السين المهملة وفتح التاء المنقوطة
باثنتين من فوقها وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى رستم وهو اسم لبعض
أجداد المنتسب. (الأنساب 6/ 115) .
[3] انظر عن (محمد بن منصور) في: الأنساب 10/ 393، وطبقات الشافعية
الكبرى للسبكي 4/ 206.
[4] قال ابن السمعاني: من أهل كرخ جدّان.
[5] انظر عن (محمد بن نعمة) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 603 رقم 1323.
[6] البوني: بالباء الموحّدة المضمومة، وواو، ونون. نسبة إلى بونة: بلد
بإفريقية. (المشتبه 1/ 101) .
(33/101)
وله كتب في التعبير. سكن المرية، وحمل
الناس عنه.
قال ابن بشكوال: سمعتُ بعضهم يضعّفه.
تُوُفّي سنة إحدى أو اثنتين وثمانين.
78- مرزوق بن فتح بن صالح [1] .
أبو الوليد القيسيّ الأندلسيّ الطّلبِيريّ.
روى عن: محمد بن موسى بن عبد السّلام، والوليد بن فَتُّوح، وأبي محمد
بن عبّاس الخطيب، وأبي محمد الشّنجاليّ، وجماعة.
وحجّ سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. ولقي أبا ذر، فسمع منه.
وسمع بمصر. وكان من أهل المعرفة والتيقظ والمحافظة على الرواية.
ترجمه ابن بشكوال، وقال: أنبا عنه غير واحد.
وتُوُفّي فِي جُمَادى الآخرة.
- حرف الهاء-
79- هبة اللَّه بن أبي الصَّهْباء [2] محمد بن حيدر [3] القُرَشيّ.
الشّريف العدْل أبو السّنابل.
شيخ نبيل رئيس، من أهل نَيْسابور.
سمع: الأستاذ أبا إسحاق الأسفرائينيّ، وأبا بكر الحِيريّ، وعبد الله بن
يوسف بن بامويه، وابن مَحْمِش، ويحيى بن إبراهيم المزكيّ، وأبا عبد
الرحمن السُّلَميّ، وجماعة.
روى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وعائشة بنت أحمد الصّفّار، ووجيه
الشّحّاميّ، ومحمد بن جامع الصَّوّاف، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (مرزوق بن فتح) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 630، 631 رقم
1387.
[2] انظر عن (هبة الله بن أبي الصهباء) في: التحبير 1/ 227، 461، 572 و
2/ 442، والمنتخب من السياق 476 رقم 1616، والمختصر الأول للسياق
(مخطوط) ورقة 94 ب، وسير أعلام النبلاء 18/ 589 رقم 310، وتبصير
المنتبه 3/ 1084.
[3] هكذا في الأصل. وفي (المنتخب) : «جندب» .
(33/102)
وكان ثقة مُكْثِرًا، روى الكثير.
وقد سمع «سُنَن النَّسَائيّ» من: الحسين بن فَنْجُوَيْه الدِّينَوريّ،
ولد سنة إحدى وأربعمائة. وعاش نَيِّفًا وثمانين سنة وهو من أولاد
الأمير عبد الله بن عامر بن كُرَيْز العَبْشَميّ [1] .
80- هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المُجْليّ [2]
.
الحافظ أبو نصْر البغدادي البابصريّ.
ولد سنة اثنتين وأربعمائة.
وسمع: عبد الصّمد بن المأمون، وأبا جعفر ابن المسلمة، وابن المهتديّ
باللَّه، وطبقتهم.
وعنه: أخوه أبو السُّعُود أحمد بن عليّ، وأبو البركات بن أبي سعْد،
وهبة الله بن الشّبْليّ.
وله تصانيفٌ وخُطَب.
قال السّمعانيّ: فاضل، ديّن، ثقة. وله تخريجات وجُمُوع، وكتب الكثير،
أدركته المنيّة شابًّا.
قلت: مات في جُمَادى الأولى.
81- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن علي بْن عبد الغفّار [3] .
أبو القاسم البغداديّ ابن السّمسميّ المذهّب.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السّمرقنديّ.
ومات فجأة في ربيع الأوّل.
وكان مليح الكتابة، يكتب المصاحف وغيرها ويذهّبها ويزوّقها.
وكان في الطّبقة العليا في التّذهيب. وكان حَسَنَ الخَلْق والخُلُق،
متودّدا مطبوعا.
__________
[1] العبشميّ: بفتح العين المهملة، وسكون الباء الموحّدة، وفتح الشين
المعجمة. هذه النسبة إلى بني عبد شمس بن عبد مناف. (الأنساب 8/ 368) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/103)
82- هبة الله بن محمد بن أحمد [1] .
أبو طاهر الْجَنْزيّ [2] المؤدّب.
تُوُفّي بإصبهان في سابع جُمَادى الآخرة.
- حرف الواو-
83- الوليد بن عبد الملك بْن أَبِي عَمْرو عبد الوهّاب بْن الحافظ بن
مَنْدَهْ [3] .
الأصبهاني، أبو غالب التّاجر.
مات في السَّفَر.
وقد تُوُفّي بإصبهان في هذه السّنة جماعة لا أعرفهم.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الجنزي: بفتح الجيم وسكون النون وفي آخرها الزاي المكسورة، هذه
النسبة إلى جنزة وهي بلدة من بلاد أذربيجان مشهورة من ثغرها. (الأنساب
3/ 323، 324) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/104)
سنة ثلاث وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
84- أحمد بن عثمان بن أحمد بن نفيس [1] .
أبو البركات [2] الواسطيّ.
حدَّث بواسط وبغداد عن: التُّبانيّ [3] ، وعليّ بن خَزَفَة، وأبي الفضل
عبد الواحد بن عبد العزيز التميمي، وغير واحد.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وسعد بن عبد الكريم الغندجاني [4]
الواسطي، وأبو محمد عبد الله بن علي سبط الخياط.
توفي في جمادى الأولى، وله إحدى وثمانون سنة. وكان مؤدبا [5] .
85- أحمد بن يحيى بن هلال [6] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عثمان) في: المشترك وضعا والمفترق صقعا لياقوت
282، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 46، 47 رقم 3، وصفحات 75 و 80
و 91 و 112، والمشتبه في الرجال 2/ 486، وتبصير المنتبه 1368.
[2] في المشتبه، والتبصير: «أبو العباس» .
[3] في الأصل: «التبائي» . وما أثبتناه هو الصحيح، وهو بضم التاء
وتخفيف الباء كغراب.
[4] في الأصل: «العندجاني» بالعين المهملة، وما أثبتناه هو الصحيح. وهو
بفتح الغين المعجمة وسكون النون، وفتح الدال المهملة، والجيم، ونون.
نسبة إلى غندجان: وهي بلدة من كور الأهواز من بلاد الخوز. (الأنساب 9/
179) .
[5] وقال الحوزي: «وكان يقول: قد أجاز لي الجاذري، وسمعت منه، غير أنّا
لم نر سماعه في الأصول، وكان لا بأس به. مولده سنة اثنتين وأربعمائة،
ومات ببغداد بعد الثمانين وأربعمائة، وكان عنده أبو الفضل التميمي. سمع
منه لما قدم واسط مجتازا إلى مهذّب الدولة أبي الحسن علي بن نصر أمير
البطائح» .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/105)
أبو الفضل بن العداد البغدادي الحناط
المقرئ. إمام النظامية روى عن: أبي القاسم بن بشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنماطي.
توفي في جمادى الآخرة.
86- إسماعيل بن محمد النوحي [1] .
القاضي [2] .
- حرف الجيم-
87- جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن جعفر [3] .
المكتفي باللَّه العباسي. أحد المعمرين.
عاش ستا وتسعين سنة [4] .
وفاته السماع من المخلص، وطبقته.
حدث عن: أبي القاسم بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي [5] .
- حرف الخاء-
88- خواهرزاده [6] .
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن محمد) في: المشتبه في الرجال 1/ 118.
[2] جاء في هامش الأصل: ث. يحوّل من سنة إحدى عشرة وخمسمائة إلى هنا.
[3] انظر عن (جعفر بن محمد) في: المنتظم 9/ 53، 54 رقم 85 (16/ 290 رقم
3607) .
[4] في المنتظم: وبلغ تسعا وستين سنة.
[5] وقال ابن الجوزي: حدّث عنه شيخنا عبد الوهاب وأثنى عليه ووصفه
بالخيرية.
[6] انظر عن (خواهرزاده) في: الأنساب 5/ 201 و 10/ 77، واللباب 1/ 468،
والعبر 3/ 302، ودول الإسلام 2/ 11، وسير أعلام النبلاء 13/ 14، 15 رقم
8، والجواهر المضية 1/ 183، 184 (دون رقم) و 3/ رقم 1289، وتاج التراجم
لابن قطلوبغا 46، وتاريخ الخميس 2/ 402، ومفتاح السعادة لطاش كبرى زاده
2/ 276، وكشف الظنون 569، 1223، 1580، وشذرات الذهب 3/ 367، والفوائد
البهيّة 163، 164، ومعجم المؤلفين 9/ 253.
وقال ابن أبي الوفاء القرشي: هذه اللفظة: «خواهرزاده» تقال لجماعة من
العلماء، كانوا أولاد أخت عالم. والمشهور بهذه النسبة عند الإطلاق
اثنان، متقدّم في الزمن، ومتأخّر عنه.
فالمتقدّم: أبو بكر محمد بن الحسين البخاري، ابن أخت القاضي أبي ثابت
محمد بن أحمد
(33/106)
شيخ الحنفيّة، اسمه محمد بن الحسين بن
محمد. أبو بكر البخاريّ القُدَيْديّ [1] الحنفيّ الفقيه، ابن أخت
القاضي أبي ثابت محمد بن أحمد البخاريّ، ولهذا قيل له بالعجميّ:
خواهرزاده، وتفسيره: ابن أخت عالم.
كان أبو بكر إمامًا كبير الشّأن، بحرًا في معرفة المذهب، وطريقته أبسط
طريقة للأصحاب. وكان يحفظها [2] .
سمع: أباه، وأبا الفضل منصور بن نصر الكَاغدِيّ، وأبا نصر أحمد بن عليّ
الخارقيّ، وسعيد بن أحمد الأصبهاني، والحاكم أبا عمر محمد بن عبد
العزيز القَنْطَريّ.
وأملى ببُخَارى مجالس، وخرّج له أصحاب أئمّة. وكان عالِم ما وراء
النّهر.
روى عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ، وعمر بن محمد بن لُقمان
النَّسَفيّ، وغيرهما.
تُوُفّي ببُخارى في جُمَادى الأولى.
ذكره السّمعانيّ في «الأنساب» [3] .
- حرف العين-
89- عاصم بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عاصم بن مهران [4] .
__________
[ () ] البخاري، وقد تكرّر ذكره بلقبه هكذا في «الهداية» ، وهو مراد
صاحب «الهداية» . (الجواهر المضية 2/ 183) .
والمتأخّر: خواهرزاده الإمام بدر الدين محمد بن محمود الكردري.
(الجواهر 2/ 184) .
وذكره ابن السمعاني مرتين، الأولى باسم «خواهرزاده» : بضم الخاء
المعجمة وفتح الواو والهاء، بينهما الألف، والراء الساكنة، والزاي
المفتوحة بعدها ألف أخرى، وفي آخرها الذال المعجمة والهاء. (الأنساب 5/
201) .
والثانية في نسبته: «القديدي» .
[1] القديدي: بضم القاف والياء الساكنة، آخر الحروف بين الدالين
المهملتين. هذه النسبة إلى قديد، وهو منزل بين مكة والمدينة. (الأنساب
10/ 77) .
[2] الأنساب 10/ 77.
[3] ذكره مرتين كما تقدّم. وقيل اسمه: الحسن بن الحسين، ويعرف ببكر
خواهرزاده
[4] انظر عن (عاصم بن الحسن) في: الأنساب 8/ 314، 315، والمنتظم 9/ 51،
52 رقم 82
(33/107)
أبو الحسين العاصميّ [1] البغداديّ،
العطّار الكرْخيّ الشَّاعر.
أحد ظُرفاء البغداديّين وأكياسهم. كان صاحب مُلَح ونوادر، وله الشِّعْر
الرائق، مع الصلاح والورع والعفة.
سمع الكثير، ورحل إليه الطلبة واشتهر اسمه، وسار نظمه، [2] وحدَّث عن:
أبي الحسين بن المُتَيّم الواعظ، وأبي عمر بن مهديّ، وهلال الحفّار،
وأبي الحسين بن بشْران، ومحمد بن عبد العزيز البَرْذَعيّ.
روى عنه: الحافظ أبو بكر الخطيب في كتاب «المؤتنف» [3] ، وإسماعيل بن
محمد، وأبو نصر أحمد بن عمر، وأبو سعْد أحمد بن محمد الأصبهانيون، وهبة
الله ابن طاوس، ونصر الله بن محمد المصّيصيّ الدّمشقيّان، ووجيه
الشّحّاميّ، وأبو عبد الله الفُرَاويّ النَّيْسابوريّان، وعبدُ الخالق
بن أحمد اليُوسفيّ، ومُحَمَّد بن ناصر، وسعيد بن البنّاء، وأحمد بن عبد
الباقيّ قَفرجل، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وهبة اللَّه بْن الْحَسَن
الدّقّاق، ومُحَمَّد بْن عَبْد العزيز البيِّع، وابن البطّيّ، وخلْق
سواهم.
قَرَأْتُ عَلَى الأَبَرْقُوهِيِّ: أَخْبَرَكَ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ عَمَّهُ أَبَا بَكْرٍ الْبَيِّعَ
أَخْبَرَهُمْ: أنا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ، أنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ
مُحَمَّدٍ، نا الْمَحَامِلِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا
الدَّرَاوَرْدِيُّ، عن العلاء بن عبد الرحمن،
__________
[ () ] (16/ 286، 287 رقم 3604) (في وفيات 482 هـ.) ، واللباب 2/ 304،
والمختصر في أخبار البشر 2/ 199، والمعين في طبقات المحدّثين 140 رقم
1535، والإعلام بوفيات الأعلام 199، وسير أعلام النبلاء 18/ 598- 600
رقم 316، والعبر 3/ 302، ودول الإسلام 2/ 12، وتاريخ ابن الوردي 2/ 4،
والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 133، 134 رقم 91، ومرآة الجنان
3/ 134، والبداية والنهاية 12/ 136، والنجوم الزاهرة 5/ 128 و 131،
وشذرات الذهب 3/ 368، وهدية العارفين 1/ 435، وإيضاح المكنون 1/ 516،
ومعجم المؤلفين 5/ 52، والأعلام 3/ 248.
[1] العاصمي: بفتح العين المهملة، وكسر الصاد المهملة، وفي آخرها
الميم. هذه النسبة إلى عاصم وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب
8/ 314) وفيه: «أبو الحسن» .
[2] وقال ابن السمعاني: مطبوع النادرة، مليح المحاورة، وكان له شعر
رقيق مليح في الغزل ووصف الخمر في غاية الحسن، ما عرف له صبوة ولا
اشتغال قط بمعاناة ذلك.
[3] وتوفي قبله بعشرين سنة. (الأنساب 8/ 315) .
وفي (المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 134) : «المؤتلف والمختلف» .
(33/108)
عَنْ أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مات
الإنسان انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: مِنْ صَدَقَةٍ
جَارِيَةِ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو
لَهُ» [1] . قال السّمعانيّ: سألت أبا سعد أحمد بن محمد الحافظ، عن
عاصم بن الحسن، فقال: كان شيخًا، متقنًا، أديبًا، فاضلًا، كان حُفّاظ
بغداد يكتبون عنه، ويشهدون بصحّة سماعه.
قال: وسمعتُ الحافظ عبد الوهّاب بن المبارك يقول: ضاع الْجُزء الرّابع
من جزء عبد الرّزّاق، لابن عاصم. وكان سماعه، قرءوه عليه بالسّماع قبل
أنْ ضاع، ثمّ بعد أن ضاع ما كان يرويه إلّا إجازةً، فلمّا كان قبل موته
بأيّام جاءني شجاع الذُّهْليّ وقال: وجدتُ أصل ابن عاصم الرّابع، تعال
حتّى نسمعه منه.
فمضينا وأريناه الأصل، فسجَد للَّه، وقرأنا عَلَيْهِ بالسّماع.
قال لي عبد الوهّاب: كان عاصم عفيفًا، نَزِه النَّفس صالحًا، رقيق
الشِّعْر، مليح الطَّبْع. قال لي: مرضت، فغسلت ديوان شِعْري [2] .
تُوُفّي عاصم في جُمَادى الآخرة [3] ، وقد استكمل ستًّا وثمانين سنة
[4] .
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة: كَانَ عاصم ثقة فاضلا، ذا شعر كثير، كَانَ
يلزمني، وكان لي منه مجلس يوم الخميس، لو أتاه فيه ابن الخليفة لم
يمكنه.
أنبأني أبو اليمن بن عساكر: أنشدنا أبو القاسم بن صصريّ: أنشدنا أبو
__________
[1] أخرجه مسلم في الوصيّة (1631) باب: ما يلحق الإنسان من الثواب بعد
وفاته، والدارميّ في الوصايا، باب 14، والترمذي في الأحكام (1390) باب
ما جاء في الوقف، والنسائي في الوصايا 6/ 251، وأحمد في المسند 2/ 372.
[2] المنتظم 9/ 52 (16/ 287) .
[3] ذكره ابن الجوزي في وفيات سنة 482 هـ. (المنتظم) وتابعه: أبو
الفداء في المختصر في أخبار البشر 2/ 199، وابن الوردي في تتمّته 2/ 4،
وابن كثير في البداية والنهاية 12/ 136، وذكره ابن تغري بردي مرتين في
وفيات 482 هـ. ووفيات 483 هـ. (النجوم 5/ 128 و 131) .
[4] وقال السلفي: سألت الذهلي عن عاصم بن الحسن العاصمي فقال: حدّث عن
جماعة، وله شعر مطبوع، وكان صدوقا، من أهل السّنّة، وقد سمعت منه.
مولده سنة سبع وتسعين وثلاثمائة. (المستفاد 134) .
(33/109)
المظفّر ابن التُّرَيكيّ من كتابه: أنشدنا
عاصم بن الحسن لنفسه:
لو كان يعلم من أُحِبُّ بحالي ... لَرَثَى لقلبي من جرْي البِلْبالِ
لكنّه ممّا أُلاقي سالمٌ، ... من أين يعلم بالكئيب الخالي؟
لَهْفى على صَلِف أَحَلَّ قطيعتي ... ظُلْمًا، وحرَّم زَوْرَتي ووِصالي
يقْظانُ يَبْخَلُ باللّقاءِ، فَلَيْتَهُ ... في النَّوْم يسمح لي
بطَيْف خيالِ [1]
90- عبد الله بن عليّ بن محمد [2] .
__________
[1] ومن شعره:
ماذا على متلوّن الأخلاق ... لو زارني وأبثّه أشواقي
وأبوح بالشكوى إليه تذلّلا ... وأفضّ ختم الدمع من آماقي
فعساه يسمح بالوصال المدنف ... ذي لوعة وصبابة مشتاق
أسر الفؤاد ولم يرقّ لموثق ... ما ضرّه لو جاد بالإطلاق
إن كان قد لسعت عقارب صدغه ... قلبي، فإنّ رضابه درياقي
يا قاتلي ظلما بسيف صدوده ... حاشاك تقتلني بلا استحقاق
ما مذهبي شرب السلاف وإنني ... لأحب شرب سلافة الأرياق
وسقيتني دمعي وما يروي به ... ظمأي ولكن لا عدمت الساقي
ومن شعره:
لهفي على قوم بكاظمة ... ودّعتهم والركب معترض
لم تترك العبرات مذ بعدوا ... لي مقلة ترنو وتغتمض
رحلوا فطرفي دمعه هطل ... جار وقلبي حشوه مرض
وتعرضوا لا ذقت فقدهم ... عني وما لي عنهم عوض
أقرضتهم قلبي على ثقة ... بهم فما ردّوا الّذي اقترضوا
وله:
أتعجبون من بياض لمّتي ... وهجركم قد شيّب المفارقا
فإن تولّت شرتي فطالما ... عهدتموني مرخيا غرانقا
لما رأيت داركم خالية ... من بعد ما ثوّرتكم الأيانقا
بكيت في ربوعها صبابة ... فأنبتت مدامعي شقائقا
(المنتظم، المختصر في أخبار البشر، تاريخ ابن الوردي) ومن شعره أيضا:
واتلفي من ساخط معرض ... مذ علق القلب به ما رضي
أمرض قلبي طول هجرانه ... فديته لو شاء لم يمرض
فدمع عيني ما رقا مذ جفا ... وجفنها الساهر لم يغمض
وليس لي من حبّه مهرب ... فما احتيالي وبهذا قد قضي
(المستفاد 134) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/110)
أبو القاسم المَرْوَزِيّ الكنانيّ
القرِينِينيّ [1] .
عالمٌ صيّن.
سمع: أبا بكر محمد بن الحسن بن عبوَيْه الأنباريّ، وأزدشير بن محمد
الهشاميّ.
حدَّث في هذا العام، ولم تُضْبَط وفاته.
روى عنه: الحسن بن عليّ القطّان، وغيره.
91- عبد الرّزّاق بن عمر بن بَلْدَج [2] .
أبو بكر الشّاشيّ المقرئ.
رحل إلى مصر، وأخذ عن: عبد الباقيّ بن فارس المقرئ، وخلف بن أحمد
الحوفيّ، وجماعة.
روى عنه: الحسين بن الحسن بن البُنّ، وأبو الحسن بن المسلم.
وتوفّي رحمه الله بدمشق في جُمَادى الآخرة.
92- عَبْد الْعَزِيز بْنِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن إبراهيم بْن
ثُمَامَة [3] .
أبو نصْر التِّرْياقيّ [4] الهَرَويّ.
سمع «جامع التِّرْمِذِيّ» سوى الجزء الأخير منه [5] ، وهو من أوّل
مناقب ابن عبّاس، من عبد الجبّار الجراحيّ.
__________
[1] رسمت في الأصل: «القرينسي» ، والمثبت عن: الأنساب 10/ 126 وفيه:
«القرينيني: بفتح القاف وكسر الراء وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين وبأخرى بين النونين. هذه النسبة إلى القرينين، وهي بليدة على
وادي مرو، يقال لها: بركدين، وإنما قيل لها: القرينين لأن في الذكر كان
يقرن بينهما وبين مروالروذ.
[2] انظر عن (عبد الرزاق بن عمر) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/
95 رقم 75.
[3] انظر عن (عبد العزيز بن محمد) في: الأنساب المتفقة لابن القيسراني
33، والأنساب 3/ 50، ومعجم البلدان 2/ 28، واللباب 1/ 214، والعبر 3/
302، 303، والمعين في طبقات المحدّثين 140 رقم 1536، والإعلام بوفيات
الأعلام 199، وسير أعلام النبلاء 9/ 6، 7 رقم 2، وشذرات الذهب 3/ 368.
[4] الترياقي: بكسر التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وسكون الراء وفتح
الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى
شيئين أحدهما إلى عمل الترياق وهو شيء ينفع من السموم ويدفعها.
والثاني: ينسب إلى ترياق وهي قرية من قرى هراة، ومنها صاحب الترجمة.
[5] لوفاته. كما في (الأنساب) .
(33/111)
سمعه منه: المؤتمن السّاجيّ، وأبو الفتح
عبد الملك الكَرُوخيّ.
وتِرْياق: قرية من قُرى هَرَاة.
وسمع أبو نصْر أيضًا من: القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ، وأبي
الفضل الجاروديّ.
وكان ثقة أديبًا.
تُوُفّي في رمضان وُلِد سنة 94 [1] .
93- عبد الغنيّ بن بازل [2] .
أبو محمد الألواحيّ [3] المصريّ.
من بُليدة ألواح.
شيخ، صالح، فقيه شافعيّ.
رحل، وسمع: أبا إسحاق الرمليّ، وأبا الحسن الماوَرْدِيّ، وأبا بكر أحمد
بن الحسين البَيْهَقيّ، وأبا عثمان البِحِيريّ.
روى عنه: أبو سعْد أحمد بن البغداديّ، وإسماعيل بن عليّ الحماميّ [4] .
94- عليّ بن عبد الله بن فَرَح [5] .
أبو الحسن الْجُذَاميّ [6] الطُّلَيْطُلَيّ المقرئ، خطيب طُلَيْطُلَة.
__________
[1] في (سير أعلام النبلاء 19/ 7) : «وعمّر أربعا وتسعين سنة» .
[2] انظر عن (عبد الغني بن بازل) في: الأنساب 1/ 342، ومعجم البلدان 5/
مادة: الواحات، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 237، 238 وفيه:
«نازل» بالنون.
[3] الألواحي: بفتح الألف وسكون اللام وفتح الواو وفي آخرها الحاء
المهملة. هذه النسبة إلى ألواح وهي بلدة بنواحي مصر مما يلي برّيّة
طريق المغرب. (الأنساب) .
[4] وقال ابن النجار: كان شيخا صالحا ديّنا حسن الطريقة، صبورا، فقيرا.
وقرأت في كتاب أبي الفضل كماز بن ناصر بن نصر الحدادي المراغي أنه توفي
في الثالث عشر من المحرّم سنة ست وثمانين وأربعمائة ودفن في هذا اليوم،
وصلّى عليه الإمام أبو بكر الشاشي.
قال السبكي: ووقع في تاريخ شيخنا الذهبي أنه توفي سنة ثلاث وثمانين،
والأشبه ما في «تاريخ ابن النجار» . (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 237،
238) .
[5] انظر عن (علي بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 421 رقم 901،
وجاء في هامش أصله المخطوط: كذا بخطه بالحاء المهملة. أي: «فرح» ومعرفة
القراء الكبار 1/ 438 رقم 373، وغاية النهاية 1/ 553، 554 رقم 2260.
[6] الجذامي: بضم الجيم وفتح الذال المعجمة. هذه النسبة إلى جذام ولخم،
وجذام قبيلتان من
(33/112)
ويُعْرَف بابن الإلْبِيريّ [1] .
أخذ عن: مكّيّ بن أبي طالب، وعن: أبي القاسم وليد بن العربيّ المقرئ،
وأبي محمد بن عبّاس الخطيب، وأبي الربيع بن صُهَيْبَة، ومحمد بن مساور،
وجماعة كثيرة.
وأقرأ النّاس بالرّوايات، وكان عارفًا بها، عاقلًا وقورًا ثقة، صالحًا
واعظًا مذكّرًا. قدِم قُرْطُبة، فَقُدِّم إلى الإقراء بجامعها في سنة
ثلاثٍ وثمانين، فأقرأ النّاس بها نحو شهرين، ومات رحمه الله.
ومولده سنة عشرٍ وأربعمائة.
95- عليّ بْن محمد بْن محمد بْن الطّيّب [2] .
أبو الحسن الواسطيّ المَغَازِليّ، ويُعرف بابن الْجُلابيّ [3] .
سمع الكثير، وسمّع ابنه أبا عبد الله. وذيّل «تاريخ واسط» في كراريس.
سمع: عليّ بن عبد الصّمد الهاشميّ، وأبا غالب بن بِشْران.
روى عنه: ابنه.
ونزل ليتوضّأ فغرِق في دجلة في صفر ببغداد، وثمّ أُحْدِر إلى واسط [4]
.
96- عليّ بن محمد بن عليّ بن الطّرّاح [5] .
أبو الحسن المدير [6] . والد يحيى بن الطّرّاح.
__________
[ () ] اليمن نزلتا الشام، وجذام هو الصدف بن شوال بن عمرو بن دعمي بن
زيد بن حضرموت (الأنساب 3/ 209، 210) .
[1] الإلبيري: الألف فيه ألف قطع وليس ألف وصل. وبعضهم يقول: يلبيرة،
وربّما قالوا: لبيرة.
وهي نسبة إلى كورة كبيرة من الأندلس ومدينة متصلة بأراضي كورة كبيرة
قبرة، بين القبلة والشرق من قرطبة، بينها وبين قرطبة تسعون ميلا. (معجم
البلدان 1/ 244) .
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: الأنساب 3/ 400.
[3] الجلّابي: بضم الجيم وتشديد اللام، وفي آخرها الباء المنقوطة
بواحدة. هذه النسبة إلى الجلّاب.
[4] وقال ابن السمعاني: من أهل واسط العراق، كان فاضلا عارفا برجالات
واسط وحديثهم، وكان حريصا على سماع الحديث وطلبه. رأيت له ذيل التاريخ
لواسط وطالعته وانتخبت منه.
[5] انظر عن (علي بن محمد الطرّاح) في: الأنساب 11/ 200.
[6] المدير: بضم الميم. هذا الاسم لمن يدير السّجلّات التي حكم بها
القاضي على الشهود حتى
(33/113)
سمع: أبا القاسم بن بِشْران، ومَن بعده.
روى عنه: ابنه يحيى، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ وأثنى عليه.
تُوُفّي في ذي الحجّة [1] .
97- عيسى بن إبراهيم [2] .
أبو الأصْبَغ السَّرَقسطيّ.
روى عن: أبي عمر الطَّلَمْنكيّ، وغيره.
وكان من أهل المعرفة والأدب والفَهْم.
حدَّث عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
- حرف القاف-
98- القاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد [3] .
أبو سعْد الخُلْقاني [4] النَّيْسابوريّ.
حدّث عن: ابن محمش، وأبي عبد الرحمن السّلميّ، وأبي بكر الحيري.
وتوفي في ربيع الآخر عن ثمانين سنة [5] .
روى عنه: عبد الغافر في «تاريخه» .
- حرف الميم-
99- محمد بن أحمد الخبّاز [6] .
أبو الحسن اللّحّاس البغداديّ.
__________
[ () ] يكتبوا شهادتهم عليها، ويقال ببغداد لهذا الرجل في ديوان الحكم
«المدير» .
[1] وقال ابن السمعاني: كان شيخا خيّرا صالحا.
[2] انظر عن (عيسى بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 438 رقم 941.
[3] انظر عن (القاسم بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 421، 422
رقم 1438، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 76 ب.
[4] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها
النون. هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب، وغيرها. (الأنساب 5/ 163)
.
[5] وكان ولد سنة 403 هـ.
[6] انظر عن (محمد الخباز) في: المنتظم 9/ 55 رقم 91 (16/ 291 رقم
3613) .
(33/114)
عن: أبي الحسن بن رزقوَيْه، وأبي الحسين بن
بِشْران، وابن أبي الفوارس.
وعنه: أبو عليّ أحمد بن أحمد بن الخرّاز، وحفيده أبو المعالي محمد بن
محمد.
مات في ثامن رجب [1] .
100- محمد بن إسماعيل بن محمد بن السَّرِيّ بن بَنُّون بن حُمَيْد [2]
.
أبو بكر التَّفْلِيسيّ [3] ، ثمّ النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ، المقرئ.
شيخ صالح مستور، سليم النّفس، صوفيّ الطَّبْع [4] .
سمع من: أبي يَعْلَى حمزة المهلَّبيّ، وعبد الله بن باموَيْه، وأبي
صادق الصَّيْدَلانيّ، وأبي عبد الرحمن السُّلَميّ، وجماعة من أصحاب
الأصمّ.
وأملى وحدَّث سِنين. وكان مولده في سنة أربعمائة في رَجَبها.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل وأثنى عليه [5] ، وإسماعيل بن المؤذّن،
ووجيه الشّحّاميّ، وآخرون.
تُوُفّي في سَلْخ شوّال.
وقد سئل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: شيخ صالح يُتبرَّك بدعائه.
سمع الكثير من المهلّبيّ.
__________
[1] قال ابن الجوزي: حدّثنا عنه عبد الوهاب وقال: كان رجلا صالحا وكان
مزّاحا.
[2] انظر عن (محمد بن إسماعيل التفليسي) في: الأنساب 3/ 65، 66،
والمنتخب من السياق 56 رقم 107، والعبر 3/ 303، والإعلام بوفيات
الأعلام 199، وسير أعلام النبلاء 19/ 11، 12 رقم 6، والنجوم الزاهرة 5/
131، وشذرات الذهب 3/ 393 وفي الهامش كتب: «ث.
جميل» .
[3] التفليسي: بفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وسكون الفاء وكسر
اللام وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها السين المهملة.
هذه النسبة إلى تفليس وهي آخر بلدة من بلاد أذربيجان مما يلي الثغر.
(الأنساب) .
[4] وقال ابن السمعاني: وكان ثقة صدوقا مكثرا من الحديث. (الأنساب) .
والعبارة المثبتة في المتن لعبد الغافر الفارسيّ في (المنتخب) .
[5] انظر: المنتخب من السياق.
(33/115)
101- محمد بن ثابت بن حسن [1] .
أبو بكر الخُجَنْديّ [2] ، أحد فحول المتكلّمين.
كان يعِظ ويتكلّم في كلّ فنٍّ، ويقع كلامه من القلوب الموقع العظيم.
استوطن إصبهان ونفق على أهلها وصار من رؤساء علمائها ومحتشميهم، وتفقّه
به جماعة في مذهب الشّافعيّ، وانتشر ذِكْره، وولي تدريس نظاميّة إصبهان
[3] .
وتفقّه على أبي سهل الأبِيَوْرديّ [4] . وحدَّث عن والده.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
- محمد بن الحسين.
__________
[1] انظر عن (محمد بن ثابت) في: المنتخب من السياق 68، 69 رقم 144،
والعبر 3/ 303، ومرآة الجنان 3/ 134، والوافي بالوفيات 2/ 281، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 50، 51، وشذرات الذهب 3/ 368.
[2] الخجنديّ: بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون وفي آخرها
الدال، هذه النسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة كثيرة الخير على طرف سيحون
من بلاد المشرق ويقال لها بزيادة التاء خجندة أيضا. (الأنساب 5/ 52) .
[3] وقال ابن السمعاني: إمام غزير الفضل، حسن السيرة، تفقّه فبرع في
الفقه حتى صار من جملة رؤساء الأئمّة حشمة ونعمة وتخرّج به وبكلامه
جماعة من أهل العلم، وانتشر علمه في الآفاق، وولاه نظام الملك مدرسته
التي بناها بأصبهان، درّس الفقه بها مدّة، وكانت له يد باسطة في النظر
والأصول.
وقال السبكي: وأظنّه صاحب كتاب «زواهر الدرر في نقض جواهر النظر» ،
وهذا الكتاب يرويه فخر الإسلام الشاشي، عنه. رواه عباد بن سرحان بن
مسلم بن سيد الناس من فضلاء المغرب. دخل بغداد وسمع بها من رزق الله بن
التميمي وغيره. وقد روى هذا الكتاب عن الشاشي عنه. ذكر ذلك ابن الصلاح
في ترجمة الشاشي، وقد أخلّ ابن النجار في الذيل بذكر الخجنديّ. مع ذكر
ابن السمعاني له، ونقل القاضي مجلي في ذخائره وجهين عن روضة المناظر
للخجندي، وما أراه إلا هذا، فيمن نذر صلاة مؤقتة وأخرجها عن وقتها هل
تقبل، ولكن المذهب أنها لا تقبل، وهذا الوجه المستغرب ذكره الشيخ أبو
إسحاق في النكت احتمالا لنفسه. وفي فتاوى ابن الصبّاغ أن واقعة وقعت
بأصبهان وهي حاكم حكم بقياس ثم ظهر له أنه منصوص بنص يوافق ما حكم به،
فأفتى الخجنديّ بأن الحكم نافذ. وقال ابن الصباغ: نافذ من حين الحكم.
قال السبكي: وقد ثبت في كتاب «الأشباه والنظائر» أن ما قاله الخجنديّ
أصح. (طبقات الشافعية الكبرى 3/ 51) .
[4] الأبيورديّ: بفتح الألف وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المنقوطة
من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه
النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان.
وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .
(33/116)
أبو بكر البخاريّ الفقيه. هو خواهرزاده،
تقدَّم ذِكْره [1] .
102- مُحَمَّد بن سَهْل بن مُحَمَّد بن أَحْمَد [2] .
أبو نصْر الشّاذْيَاخيّ [3] السّرّاج.
كان أسند مَن بقي بنَيْسابور.
سمع: أبا نُعَيْم عبد الملك بن الحسن، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه،
والإمام سهل الصُّعْلُوكيّ، وابن مَحْمِش، وجماعة.
روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الله بن
الفراويّ، ومحمد بن جامع خيّاط الصّوف، وآخرون، والحافظ عبد الغافر
وقال: شيخ نظيف طريف، مختص بمجالس الصّاعديّة للمنادمة والخدمة.
سمع الكثير.
وتوفّي في صفر وله تسعون سنة.
103- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ [4] .
أبو نصْر الأصبهاني المعروف بالصَّيْقل [5] .
قدِم بغداد حاجًّا، فحدَّث بها عن: الحسين بن إبراهيم الجمّال، وأبي
الحسين بن فاذشاه، وأبي ذَرّ محمد بن إبراهيم الصّالحانيّ.
كتب عنه أبو بكر ابن الخاضبة.
__________
[1] انظر الترجمة رقم (88) .
[2] انظر عن (محمد بن سهل) في: المنتخب من السياق 64 رقم 128، والمعين
في طبقات المحدّثين 140 رقم 1528، وسير أعلام النبلاء 18/ 529 رقم 269،
والإعلام بوفيات الأعلام 199، والعبر 3/ 303، ومرآة الجنان 3/ 134،
وشذرات الذهب 3/ 369.
[3] الشاذياخي: بفتح الشين المعجمة، والذال المعجمة الساكنة، والياء
المفتوحة المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين، وفي آخرها الخاء
المعجمة. هذه النسبة إلى موضعين أحدهما إلى باب نيسابور، مثل قرية
متصلة بالبلد، بها دار السلطان. وثانيهما: شاذياخ قرية ببلخ على أربعة
فراسخ منها. (الأنساب 7/ 240، 241 و 242) .
أما ياقوت فقال بكسر الذال المعجمة.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الصّيقل: بفتح الصاد المهملة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من
تحتها، وبفتح القاف، وفي آخرها اللام، وقد تلحق الياء في آخرها للنسبة
إليها، وهذه النسبة إلى صقال الأشياء الحديدية كالسيف والمرآة والدرع
وغيرها. (الأنساب 8/ 125) .
(33/117)
وروى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد
الوهّاب الأنْماطيّ، وعبد المَلِك بْن عليّ بْن يوسف، وغيرهم.
ذكره ابن النّجّار.
104- محمد بن عليّ بن الحَسَن [1] .
أبو طالب بن الواسطيّ، الكَرْخِيّ، البزّاز، النِّيليّ، [2] التّاجر،
السّفّار.
سمع، وكتب بخطّه، وحدَّث بنَيّسابور وهَرَاة.
وسمع: ابن غَيْلان، وأبا محمد الخلال، وأبا الطيب الطَّبريّ، وأبا
القاسم التّنوخيّ، وجماعة.
روى عنه: المؤتمن السّاجيّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وأبو
البركات عبد الله بن الفُرَاويّ.
ومات بنَيّسابور.
105- محمد بن محمد بن جَهير [3] .
الوزير فخر الدّولة [4] أبو نصْر التّغلبيّ [5] ، مؤيّد الدّين. ناظر
ديوان حلب،
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي) في: المنتظم 9/ 54 رقم 88 (16/ 291 رقم
3610) .
[2] النّيلي: بكسر النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه
النسبة إلى النيل، وهي بليدة على الفرات بين بغداد والكوفة. (الأنساب
12/ 186) .
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن جهير) في: الأنساب 3/ 396، والمنتظم 9/
54 رقم 87 (16/ 290، 291 رقم 3609) ، والإنباء في تاريخ الخلفاء 201،
202، والكامل في التاريخ 10/ 23، 57- 59، 109- 111، 129، 134- 136،
143، 144، 158، 182، 183، واللباب 1/ 318، وتاريخ دولة آل سلجوق 80،
ووفيات الأعيان 5/ 127- 124، والفخري 293- 295، ومختصر التاريخ لابن
الكازروني 209، 210، 213- 215، 218، وزبدة الحلب 2/ 84، 85، 108،
وخلاصة الذهب المسبوك 270، وتاريخ الفارقيّ (انظر فهرس الأعلام) 304،
والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 48، 103، 217، 218، 363، 365، 366، 370،
371، 392- 384، 386، 389- 393 و 404 وق 2/ 552، والمختصر في أخبار
البشر 2/ 199، والعبر 3/ 304، وسير أعلام النبلاء 18/ 608، 609 رقم
324، والإعلام بوفيات الأعلام 199، وتاريخ ابن الوردي 2/ 4، والوافي
بالوفيات 1/ 122- 124، والبداية والنهاية 12/ 36، 137، وتاريخ ابن
خلدون 4/ 320، 321، والنجوم الزاهرة 5/ 130، وشذرات الذهب 3/ 369، 370،
والأعلام 7/ 22.
[4] في سير أعلام النبلاء 18/ 608 «فخر الدين» .
[5] هكذا في الأصل والعبر 3/ 304، أما في سير أعلام النبلاء «الثعلبي»
ومثله في وفيات الأعيان، وغيره.
(33/118)
ووزير ميّافارقين.
كان من رجال العالم حزّمًا ودهاءً ورأيا. سعى إلي أن قدِم بغداد،
وتوصّل إلى أن ولي وزارة أمير المؤمنين القائم بأمر الله في سنة أربعٍ
وخمسين وأربعمائة. ودامت دولته مدّة.
ولمّا بويع المقتدي باللَّه أقرّه على الوزارة عامين، ثمّ عزله في حدود
سنة سبعين.
وفي سنة ستٍّ وسبعين استدعاه السّلطان ملك شاه، فعقد له على ديار بكر،
وسار معه الأمير أُرْتُق بن أكسب صاحب حُلْوان. فلمّا وصلوا فتح زعيم
الرؤساء أبو القاسم بن الوزير أبي نصر مدينة أمِد، بعد أن حاصرها
حصارًا شديدًا.
ثمّ فتح أبوه فخر الدّولة ميافارقين بعد أشهر.
وكان رئيسًا جليلًا، مدحه الشُّعراء، وعاش نيِّفًا وثمانين سنة.
وتُوُفّي بالموصل. وكان قد قدِمها متولّيا من جهة ملك شاه في سنة
اثنتين وثمانين.
وكان الخليفة قد أعاده إلى الوزارة مدّة، قبل سنة ثمانين، وفي حدودها.
ووُلِد في ثالث المحرَّم سنة اثنتين وأربعمائة.
قال ابن النّجّار في «تاريخه» : ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك
الهَمَذَانيّ أنّه نشأ بالموصل، وبها وُلِد. وكان مشتغلًا بالتّجارة.
ثمّ تركها.
وصحب قراوش بن المقلّد بن المسيّب أمير عبادة. فلمّا قبض الأمير بركة
على أخيه قِرْواش قرْبَ منه أبو نصر، وأنفذه رسولًا إلى
القُسْطَنطينيّة.
ثمّ كاتَبَه ابن مروان صاحب ديار بكر، فورد عليه ووَزَرَ له في أوّل
سنة ستٍّ وأربعين وأربعمائة، وذلك في آخر أيّام ابن مروان. فاستولى أبو
نصر على الأمور، ووصل إلى ما لم يصل إليه غيره بشهامته وإقدامه على
صعاب الأمور، فأقام الهيبة، وأكثر العطاء والبذْل. وكاتَبَه ملوك
الأطراف بالشّيخ الأجلّ النّاصح كافيّ الدّولة. ومَدَحه الشُّعَراء،
وقصَدَه العلماء. فلمّا مات ابن مروان سنة ثلاثٍ وخمسين أقام ولده نصر
بن أبي نصر في الإمرة، فحاربه إخوته سعيد، وأبو الفوارس، واختلفوا،
فسَفَّر أبو نصر أمواله، وكاتب القائم في وزارته، وبذل له
(33/119)
ثلاثين ألف دينار، فخرج إليه طراد النّقيب،
وأظهر أنّه في رساله إلى ابن مروان، فلمّا عاد طراد من ميافارقين خرج
ابن جَهير لتوديعه، فصَحِبه إلى بغداد، ومعه ولداه عميد الدّولة أبو
منصور محمد، وزعيم الرّؤساء أبو القاسم، فتلقّاه أرباب الدّولة.
ووَزَرَ للقائم، ولقَّبه فخر الدّولة. وكانت الخطْبة بالشّام جميعه إلى
عانَة تقام للمصريّين، فكاتب فخر الدّولة أهل دمشق، وبني كلب ومحمود بن
الرّوقليّة [1] صاحب حلب والمتميّزين بها وجماعتهم أصدقاؤه، يدعوهم إلى
الدّعوة العبّاسيّة، فأجابوه، وجاءت رُسُلهم بالطّاعة.
قال: وعزل القائم في سنة ستّين، وأُخرج من بغداد، ورشّح للوزارة أبو
يَعْلَى كاتب هزارسب، وطُلب من همدان، فأتته المنيّة بغتةً لسعادة ابن
جَهير فطلبه القائم وأعاده إلى الوزارة. وبقي إلى أن عُزِل في أوّل سنة
سبعين، فإنّ السُّعاة سَعَت بينه وبين نظام المُلْك وزير السّلطان،
فكلَّف النّظّام السّلطان إن يكتب إلى الخليفة يطلب منه أن يعزل ابن
جَهير، فعزله. ثمّ صارت الوزارة إلى ولده عميد الدّولة.
قال محمد بن أبي نصر الحُمَيْديّ: حدَّثني أبو الحسن محمد بن هلال بن
الصّابيء: حدّثني الوزير فخر الدّولة بن جهير: حدَّثني نصير الدّولة
أبو نصر صاحب آمِد وميافارقين قال: كان بعض مقدَّمي الأكراد معي على
الطّبق، فأخذت حجلةً مَشْوِيّة، فناولته، فأخذها وضحِك.
فقلتُ: ممّ تضحك؟
قال: خَبرٌ.
فألححت عليه، ودافع عن الجواب، حتّى رفعت يدي وقلت: لا آكل حتّى
تعرّفني.
فقال: شيء ذكَّرَتْنيه الحجْلة، كنتُ أيّام الشّباب قد أخذت تاجرا وما
معه،
__________
[1] هكذا في الأصل بالراء المهملة. ويأتي في بعض المصادر بالزاي
المعجمة.
(33/120)
وقرّبته لأذبحه خوفا من غائلته، فقال: يا
هذا، أخذتَ مالي، فَدَعني أرجع إلى عيالي فأكدّ عليهم. وبكى وتضرَّع
إليَّ، فلم أرقّ له، فلمّا آيس من الحياة التفتَ إلى حجْلين على جبلٍ
وقال: اشهدا لي عليه عند الله أنّه قاتلي ظُلْمًا.
فقتلته، فلمّا رأيت الحجلة الآن ذكرت حمقه في استشهاده الحجل عليَّ.
قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتّى ما أملك نفسي، وقلت:
قد والله شهدت الحجلتان عليك عند مَن أقادك بالرجل. وأمرتُ بأخْذه،
وكتّفوه، ثمّ ضُرِبت رقبته بين يديّ، فلم آكل حتّى رأيتُ رأسَه يتبرّأ
من بدنه.
قلتُ للوزير: قد والله ذكر التّنُوخيّ في كتاب «النّشْوار» [1] مثل هذه
الحكاية بعينها، عن الراسبيّ عامل خورسان [2] ، لا تزيد حرفا، ولا تنقص
حرفا. وعَجِبْنا من اتفاق الحكايتين [3] .
تُوُفّي فخر الدّولة في يوم الثّلاثاء ثامن صفر سنة ثلاثٍ بالموصل.
106- محمد بن المؤمّل بن محمد بن إسحاق [4] .
أبو صالح النَّيْسابوري البُشْتيّ [5] .
شيخ صالح عابد.
سمع: أبا عبد الرحمن السّلميّ، وأبا زكريا المزكّي. وتوفّي بأصبهان.
__________
[1] نشوار المحاضرة- ج 3/ 208- 210 رقم الحكاية (136) .
[2] هكذا في الأصل وهو كان عامل جنديسابور.
[3] في الهامش: قال كاتبه: ورأيت في كتاب «الإمتاع والمؤانسة» ما معناه
أنّ حكيما قصد مجمعا للحكماء فقطع عليه الطريق فأخذ ما معه وطلب قتله
فاستقال فلم يقل فلما آيس من الحياة كلّم طيورا، لا أدري أحجلا قال أم
غيرها، وقال: أبلغي الحكماء أنهم قتلوني ظلما. ثم إن اللصوص حضروا ذلك
المجمع ورأوا تلك الطيور فقال بعضهم لبعض: أترى هذه الطيور تبلّغ عن
ذلك القتيل؟ فسمع بعض الحكماء قولهم فأخبر الملك فاستحضرهم وهدّدهم
فأقرّوا فقتلهم.
[4] انظر عن (محمد بن المومل) في: الأنساب 2/ 228، 229.
[5] البشتي: هذه النسبة إلى بشت، بضم الباء الموحّدة والشين المعجمة
والتاء المنقوطة من فوقها بنقطتين، وهي ناحية بنيسابور كثيرة الخير.
وقيل: بشت، عرب خراسان لكثرة أدبائها وفضلائها. (الأنساب 2/ 226) .
(33/121)
روى عنه: سفيان بن مَنْدَهْ، وإسماعيل
الحافظ، وعبد الخالق الشّحّاميّ [1] .
107- الموفّق بن طاهر [2] .
أبو نصر الجوزقيّ [3] الإمام.
سمع بهَرَاة: أبا الفضل عمر بن أبي سعد، وأبا يعقوب القرّاب.
- حرف الهاء-
108- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن بُنْدَار بن أحمد بن فُورَك بن بطّة [4]
.
أبو منصور الأديب.
أظنّه إصبهانيًّا.
الكنى
109- أبو القاسم [5] .
المحسّن بن محمد بن المحسّن بن سَبْسنُوَيْه الأصبهاني الطّرّاق.
سمع: أبا بكر بن مردويه.
ورّخه ابن مندة.
__________
[1] وقال ابن السمعاني: كان حسن الخلق، خيّرا، كثير العبادة والصلاة.
لم يكثر من الحديث لاشتغاله بالقرآن.. خرج إلى العراق وحدّث بالري.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الجوزقيّ: بفتح الجيم وسكون الواو وفتح الزاي وفي آخرها القاف. هذه
النسبة إلى جوزقين، أحدهما إلى جوزق نيسابور، والآخر من جوزق هراة.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/122)
سنة أربع وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
110- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي بكر محمد بن أبي عليّ أحمد بن
عبد الرحمن [1] .
أبو الحسين الهَمَذَانيّ الذَّكْوانيّ [2] الأصبهاني.
سمع: جدّه أبا بكر، وأبا الفَرَج عثمان بن أحمد البُرْجيّ، وأبا بكر
أحمد بن موسى بن مردوَيْه، وأبا طاهر السِّيرنْجانيّ، ومحمد بن إبراهيم
الجرجانيّ.
روى عنه: الحفاظ إسماعيل الطّلحيّ، وأبو نصر الغازي، وأحمد بن محمد أبو
سعْد البغداديّ، ومحمد بن أبي نصر اللّفْتوانيّ، وعبد الجليل كُوتَاه،
وعِدّة.
وعاش تسعين سنة.
تُوُفّي يوم عَرَفَة، وكان صدوقًا نبيلًا.
111- أُرْتُق بن أكسب التُّرْكُمانيّ [3] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الأنساب 6/ 15، 16، والعبر 3/
304، 305، والإعلام بوفيات الأعلام 199، وسير أعلام النبلاء 19/ 103،
104 رقم 58، وشذرات الذهب 3/ 371.
[2] الذّكواني: بفتح الذال المعجمة وسكون الكاف وفتح الواو بعدها الألف
وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى ذكوان وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] انظر عن (أرتق بن أكسب) في: زبدة الحلب 2/ 84، 97، 99، والكامل في
التاريخ 10/ 134، 136، 147، 148، ووفيات الأعيان (1/ 199) و 2/ 451 و
3/ 418 و 5/ 128 و 7/ 188، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 147، 383 و 2/
554، وتاريخ الفارقيّ 193، 200، 208، 210، والبداية والنهاية 12/ 138.
(33/123)
جدّ الملوك الأُرْتُقيّة.
كان أميرًا مُطاعًا، تغلّب على حلوان والجبل، وكثر أتباعه، فسار إلى
الشّام. وملك ولده سُقْمان بيت المقدس.
وذرّيّته هم ملوك ماردين من مائتي سنة وإلى وقتنا هذا.
112- الياس بن مُضَر بن محمد [1] .
أبو عَمْرو التّميميّ الهَرَويّ، شيخ المزكّين بهَرَاة.
كان فاضلًا أديبًا.
سمع: عبد الرحمن بن أحمد السَّرْخَسِيّ، ويحيى بن عمّار الواعظ،
والقاضي محمد بن محمد الأزْديّ، ومحمد بن عليّ الباشانيّ، وعدّة.
وعنه: عبد الصَّبُور بن عبد السلام الفاميّ، وحفيدته جوهرناز بنت
مُضَر.
مات في صفر، وله أربعٌ وثمانون سنة.
- حرف الحاء-
113- الحَسَن بْن أَحْمَد بْن الحسن [2] .
أبو عليّ الدّقّاق.
تُوُفّي في رمضان.
إصبهانيّ، ثقة، حافظ. وبصُحبة محمد بن عبد الواحد الدّقّاق لأبي عليّ
الدّقّاق عُرِف محمد بالدّقّاق.
وكان أبو عليّ أحد الرّحّالين. كتب الكثير بخطّه، وسمع العالَم
بقراءته، وكانت له معرفة وفهم.
سمع منه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وابن طاهر.
حدَّث عن: ابن ريذة، وأصحاب ابن المقرئ.
وحدَّث «بالمعجم الصّغير» .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/124)
114- الحسين بن عليّ بن خَلَف بن جبريل [1]
.
الألمعيّ الكاشْغَريّ [2] .
رحل، وسمع من: عبد العزيز الأزَجيّ [3] ، ومحمد بن عليّ الصُّوريّ،
ومحمد بن محمد بن غَيْلان، وأبي عبد الله العَلَويّ الكوفيّ.
روى عنه: محمد بن محمود السَّرَه مرد، وأبو سفيان العبدوييّ، بسَرْخَس
[4] .
وكان بكّاءً خائفًا واعظًا، لا يخاف في الله لومة لائم. تاب على يديه
خلْقٌ كثير، لكنّ في حديثه مناكير.
قال السّمعانيّ: قال محمد بن عبد الحميد: كان الكَاشْغَرِيّ يضع
الأحاديث.
قال السّمعانيّ [4] : وقرأتُ بخطّ عطاء بن مالك النَّحْويّ فهرسّتَ
تصانيف أبي عبد الله الكَاشْغَرِيّ: «المُقْنِع في تفسير القرآن» ،
كتاب «التّوبة» ، كتاب «الورع» ، كتاب «الزُّهد» . إلى أن ذكر
السّمعانيّ له أكثر من مائة تصنيف [5] ، سائرها في التّصوّف والآداب
الدّينيّة [6] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن علي بن خلف) في: الأنساب 10/ 324، ومعجم
البلدان 4/ 430، 431، واللباب 3/ 76، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي
1/ 216 رقم 901، والمغني في الضعفاء 1/ 174 رقم 1533، وميزان الاعتدال
1/ 544 رقم 2033، ولسان الميزان 2/ 305، 306 رقم 1254، وموسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 152، 153 رقم 492، وطبقات
المفسّرين للسيوطي 11، ومعجم المؤلفين 4/ 31، ومعجم طبقات الحفاظ
والمفسرين 226 قم 150.
وسيعاد في المتوفين ظنا بهذه الطبقة برقم (384) .
[2] الكاشغري: بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة وفتح الغين، وفي آخرها
الراء. هذه النسبة إلى بلدة من بلاد المشرق يقال لها: كاشغر. (الأنساب
10/ 324) يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي، وهي في وسط بلاد الترك.
(معجم البلدان) .
[3] في الأصل: «الأوجي» . والتصحيح من (الأنساب 1/ 197) الأزجي: بفتح
الألف والزاي وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى باب الأزج وهي محلّة
كبيرة ببغداد.
[4] قال السمعاني: وما أظنّ أنّ أحدا حدّثني عنه سواهما.
[5] وقال إنها تربو على مائة وعشرين مصنّفا.
[6] وقال شيرويه الديلميّ: عامّة حديثه مناكير إسنادا ومتنا لا نعرف
لتلك الأحاديث وجها.
وقال محمد بن عبد الحميد العبدويي: وكان ابنه عبد الغافر ينكر عليه،
وعاش الحسين بعده عشر سنين، وكان يدعى بالفضل.
وقال ابن النجار: كان شيخا صالحا متديّنا إلّا أنه كتب الغرائب، وقد
ضعّفوه واتّهموه بالوضع.
(33/125)
ثمّ ورّخ وفاته فقال: بعد سنة أربعٍ
وثمانين وأربعمائة.
115- الحسين بن محمد [1] .
أبو عليّ الدّلفيّ [2] المقدسيّ، ثمّ البغداديّ الزّاهد.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: لم ألق ببغداد أزهد منه. وقد سمع من أبي بكر
محمد بن جعفر الميماسيّ بعسقلان. وتفقّه على أبي نصْر بن الصّبّاغ
ببغداد.
وروى عنه: هبة الله بن عليّ بن مُجْليّ، وأبو سعْد أحمد بن محمد
البغداديّ.
وسمع منه أبو بكر ابن الخاضبة [3] .
- حرف الطاء-
116- طاهر بن مُفَوَّز بن أحمد بن مُفَوَّز [4] .
الحافظ أبو الحسن المَعَافريّ الشّاطبيّ صاحب أبي عمر بن عبد البَرّ،
اختصّ به، وهو من أثبت النّاس فيه، وأكثرهم عنه.
وسمع من: أبي العبّاس العُذْريّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي شاكر
الخطيب، وأبي الفتح السَّمَرْقَنْديّ.
وسمع بقُرْطُبة من: حاتم بن محمد، وأبي مروان بن حيّان.
__________
[ () ] وقال ابن حجر: متّهم بالكذب. (لسان الميزان) .
[1] انظر عن (الحسين بن محمد الدلفي) في: الأنساب 5/ 331، 332.
[2] الدّلفي: بفتح الدال المهملة وفتح اللام وفي آخرها الفاء. هذه
النسبة إلى دلف، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] وقال ابن السمعاني: سكن كرخ بغداد، وكان فقيها فاضلا ورعا.. واشتغل
بالعبادة.
[4] انظر عن (طاهر بن مفوّز) في: ترتيب المدارك 4/ 809، والصلة لابن
بشكوال 1/ 240، 241، وبغية الملتمس للضبيّ 327، والعبر 3/ 305، والمعين
في طبقات المحدّثين 140 رقم 1537، وتذكرة الحفاظ 4/ 1222، 1223،
والإعلام بوفيات الأعلام 199، وسير أعلام النبلاء 19/ 88، 89 رقم 48،
ومرآة الجنان 3/ 134، 135، طبقات الحفاظ 448، وشذرات الذهب 3/ 371
وفيه: «طاهر بن منور» ، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 104 رقم 1007.
(33/126)
وكان من أهل العلم والذّكاء، عُني بالحديث
أتمّ عناية، وشُهِر بحفظه وإتقانه ومعرفته. وكان حَسَن الخطّ، جيّد
الضَّبْط، مع الفضل، والصّلَاح، والورع، والانقباض، والوقار.
وكان أخوه عبد الله أزهد النّاس بالأندلس.
تُوُفّي أبو الحسن في رابع شعبان، وفيه وُلِد سنة تسعٍ وعشرين [1] .
عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة [2] .
- حرف العين-
117- عبد الخالق بن الحسن بن أحمد بن المحتسب [3] .
أبو سعْد النَّيْسابوريّ.
شيخ صالح، سمع من: ابن مَحْمِش، وأبي بكر الحِيريّ، والصَّيْرَفيّ،
وجماعة.
توفّي في المحرّم. وولد سنة أربعمائة.
روى عنه: عبد الغافر.
118- عبد الرحمن بن أحمد [4] بن علّك [5] .
أبو طاهر السّاويّ [6] ، أحد أئمّة الشّافعيّة.
ولد بأصبهان بعد الثّلاثين وأربعمائة، وحمل إلى سمرقند، فتفقّه بها.
__________
[1] وقع في الصلة 1/ 241: «سنة سبع وعشرين وأربعمائة» .
[2] وقال ابن بشكوال: روى عن أبي عمر بن عبد البر كثيرا، ثم زهد فيه
لصحبته السلطان، وعن أبي تمّام القطيني، وأبي العباس العذري، وغيرهم.
وكان من أهل العلم والفهم والصلاح والورع والزهد مشهورا بذلك كله،
وتوفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة!
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: المنتظم 9/ 58، 59 رقم 93 (16/
295، 296 رقم 3615) ، والكامل في التاريخ 10/ 200، 201 وفيه: «عبد
الرحمن بن محمد» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 221، والبداية
والنهاية 12/ 138، وشذرات الذهب 3/ 372.
[5] في الأصل: «علل» .
[6] في طبقات الشافعية: «الساري» . (بالراء) .
و «الساوي» : بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف. نسبة إلى
ساوة: بلدة بين الري وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
(33/127)
وصحِب عبد العزيز النَّخْشَبيّ [1] ، وأخذ
منه علم الحديث.
سمع: أبا الربيع طاهر بن عبد الله الإملاقيّ [2] ، وأحمد بن منصور
المغربيّ النَّيْسابوريّ، وأبا الحسين بن النَّقُّور.
روى عنه: إسماعيل بن السّمرقنديّ، ومحمد بن عليّ الأسفرائينيّ. نزيل
مَرْو.
تُوُفّي ببغداد [3] .
119- عبد الرّزّاق بن عبد الكريم بن عبد الواحد [4] .
أبو الفتح الحسناباذي [5] الأصبهاني.
روى عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي الحسين بن بِشْران المعدّل.
وله رحلة إلى بغداد.
روى عنه: إسماعيل الحافظ، وهبة الله بن طاوس الدّمشقيّ.
120- عبد الغفّار بن محمد بن أحمد [6] .
أبو مطيع الطُّيُوريّ الأصبهاني الأديب.
سمع: أبا عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي الفرج البرجيّ.
__________
[1] النّخشبي: بفتح النون وسكون الخاء وفتح الشين المعجمتين، وفي آخرها
الباء الموحّدة. هذه النسبة إلى نخشب، وهي بلدة من بلاد ما وراء النهر
عرّبت فقيل لها: النسفي. (الأنساب 12/ 59، 60 و 80) .
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] قال ابن الأثير: وهو من رؤساء الفقهاء الشافعية، وهو الّذي تقدّم
ذكره في فتح سمرقند، ومشى أرباب الدولة السلطانية كلهم في جنازته، إلّا
نظام الملك، فإنه اعتذر بعلوّ السّنّ، وأكثر البكاء عليه، ودفن عند
الشيخ أبي إسحاق بباب أبرز وزار السلطان قبره. (الكامل في التاريخ 10/
201) .
[4] انظر عن (عبد الرزاق بن عبد الكريم) في: الأنساب 4/ 139.
[5] الحسناباذي: بفتح الحاء المهملة وسكون السين وبعدهما النون
المفتوحة والباء المنقوطة بواحدة بين الألفين وفي آخرها الذال المعجمة.
هذه النسبة إلى حسناباذ، وهي قرية من قرى أصبهان.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/128)
121- عبد الملك بن عليّ بن خَلَف بن محمد
بن النَّضْر بن شَغَبَة [1] .
أبو القاسم الأنصاريّ البصْريّ الحافظ، الزّاهد.
قال أبو سُكَّرَة: أدركته وقد ترك كلّ شيء وأقبل على العبادة. وهو في
نهاية السِّنّ. فدخلت عليه مسجده بعد صلاة الصُّبْح، فوجدته مستقبل
القِبلة يدعو ويبكي، فَانْحَنَيْتُ لأقبّل رأسَه، فانقبض عنّي، فقالوا
لي: دعْه. فتركتُه حتّى أكمل غرضَه، ثمّ قرأت عليه شيئًا من الحديث،
ولم أتكرّر عليه. ورُزق الشّهادة في آخر عمره.
قال: وكان عنده جملة من «سُنَن أبي داود» ، عن أبي عمر الهاشميّ، وكان
كثير الحديث.
وقال السّمعانيّ: شيخ متقِن، حافظ، ثقة، مكثِر. سمع: أبا عمر الهاشميّ،
ويوسف بن غسّان، والحسن بن بشّار السّابوريّ، وأبا طاهر أحمد بن محمد
بن أبي مسلم، وعليّ بن هارون التّميميّ المالكيّ، وغيرهم.
ثنا عنه: أبو نصر الغازي بإصبهان، وجابر الأنصاريّ بالبصرة.
وقد روى عنه أبو نصر بن ماكولا [2] ، وحضر مجلس إملائه.
قُتِل ابن شَغَبَة في هذا العام رحمه الله.
وروى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، وعبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو
غالب الماوَرْدِيّ.
122- عليّ بن الحسن بن عليّ [3] .
الزّاهد أبو الحسن الصّندليّ، النّيسابوريّ الحنفيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن علي) في: الإكمال لابن ماكولا 5/ 64،
والمشتبه في الرجال 1/ 396، والعبر 3/ 305، والمعين في طبقات المحدّثين
141 رقم 1538، وتذكرة الحفاظ 3/ 1196، وسير أعلام النبلاء 19/ 50، 51
رقم 31، والإعلام بوفيات الأعلام 199، ومرآة الجنان 3/ 135، وفيه: «عبد
الله» ، وتبصير المنتبه 2/ 782، وطبقات الحفاظ 442، وشذرات الذهب 3/
371، 372، وتاج العروس 1/ 323، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 123 رقم
995. و «شغبة» بالتحريك، والغين المعجمة.
[2] انظر: الإكمال 5/ 64.
[3] انظر عن (علي بن الحسن) في: المنتخب من السياق 391 رقم 1321،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 68 أ.
(33/129)
ذكره عبد الغافر فقال: وجْه أئمّة أصحاب
أبي حنيفة في عصره، وصاحب القبول الخارج عن الحدّ المعهود.
شرح «آثار الطّحاويّ» عن: أبي بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني [1] .
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
ودُفِن في مدرسته.
123- عليّ بن الحسن بن طاوس بن سِكْر [2] .
كذا في «تاريخ ابن النّجّار» [3] ، وفي «المشتبه» [4] : سُكّر.
أبو الحسن العاقوليّ [5] ، المعروف بتاج القُرَّاء [6] .
سكن دمشق، وسمع بها من: أبي الحسين بن أبي نَصْر التّميميّ، وابن
سلْوان المازنيّ.
وسمع بغداد من: أبي القاسم بن بِشْران، والقاضي أبي عبد الله الحسين بن
عليّ الصَّيْمَريّ، وأحمد بن عليّ التّوّزيّ [7] ، وجماعة.
__________
[1] هكذا في الأصل، وفي (المنتخب) : «سمع- لا اعتناء به بل اتفاقا- مثل
شرح آثار الطّحاويّ عن أبي بكر أحمد بن علي الأصبهاني بطريقة، وسمع
التفاريق، وما روى كثير شيء وأظن أنّ الآثار قرئت عليه وسمعت منه» .
[2] انظر عن (علي بن الحسن بن طاوس) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية)
29/ 20، والأنساب 301 أ (7/ 97) ، والكامل في التاريخ 10/ 201 وفيه:
«علي بن الحسين» ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 216، 217 رقم 109،
والمشتبه في الرجال 1/ 363، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 17/ 271- 273
رقم 748، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 319 رقم
1063.
وقد ضبطت في الأصل: «سكر» بكسر السين المهملة، وسكون الكاف.
أما المؤلّف الذهبي- رحمه الله- فقال: وفي تاريخ بن النجار: سكر، بفتح
السين وكسر الكاف. (المشتبه) .
[3] ذيل تاريخ بغداد 17/ 271.
[4] 1/ 363.
[5] العاقولي: بفتح العين المهملة، وضم القاف، وفي آخرها اللام. هذه
النسبة إلى دير العاقول، وهي بليدة على خمسة عشر فرسخا من بغداد، وقد
ينسب إليها ب «الدير عاقولي» أيضا.
(الأنساب 8/ 317) .
[6] ومع ذلك لم يذكره المؤلّف في (معرفة القراء الكبار) ولا ابن الجزري
في (غاية النهاية في طبقات القراء) .
[7] التّوّزي: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو وفي
آخرها الزاي. هذه النسبة إلى
(33/130)
روى عَنْهُ: غَيْث الأرمنازيّ [1] ، ونصر
الله بن محمد المصّيصيّ، وإبراهيم أبو البركات الخُشُوعيّ، ونصر بن
أحمد السُّوسيّ.
قال غيث: كان فَكِهًا، حسن المحادثة، لا بأس به. حدَّثني أنّه نسخ إحدى
وثمانين ختْمة، ونحوًا من ثلاثين ألف ورقة، مثل «الصّحيحين» ، و «سنن
أبي داود» . ورأيته يكتب في تعليقه القاضي أبي الطّيّب، وكان سريع
الكتابة جدًا [2] .
قال ابن الأكْفَانيّ: تُوُفّي بصور في شَعبان، وله نحوٌ من سبعين سنة
[3] .
وقال ابن عساكر: كان ثقة [4] .
124- عليّ بن الحسين بن عليّ بن الحسن بن عثمان بن قُرَيش [5] .
أبو الحسن الحربيّ النَّصْريّ [6] ، من محلّة النَّصْريّة، البنّاء.
قال السّمعانيّ: كان صالحًا، ثقة، صدوقًا.
سمع: أحمد بن محمد بن الصَّلْت الأهوازيّ، وأبا الحسن الحمّاميّ، وأبا
القاسم الحرفيّ [7] .
__________
[ () ] بعض بلاد فارس وقد خفّفها الناس ويقولون: الثياب التّوزية، وهو
شدّد، وهو توج. (الأنساب 3/ 104) .
[1] الأرمنازي: نسبة إلى بلدة أرمناز بقرب صور. وقيل نسبة إلى بلدة
أرمناز التي بنواحي حلب.
[2] وقال غيث: وكان يكتب في كل يوم إذا أملي عليه نحوا من أربع كراريس.
(ذيل تاريخ بغداد 17/ 273) .
[3] قيل توفي سنة 484، وقيل 483 هـ. وقال ابن عساكر: كان بلغ السبعين
أو نيّف عليها.
(تاريخ دمشق) .
[4] وقال غيث بن علي: رأيت ليلة يوم السبت الحادي والعشرين من رمضان
سنة أربع وثمانين جمال القراء هذا- رحمه الله- في المنام وحاله وزيّه
صالح. فسألته عن حاله، فذكر خيرا، فقلت: أليس قد متّ؟ قال بلى. قلت:
فكيف رأيت الموت؟ قال: حسن أو جيّد، وهو مستبشر، قلت: غفر لك ودخلت
الجنة؟ قال: نعم. قلت: فأيّ الأعمال أنفع؟ قال: ما ثمّ شيء أنفع من
الاستغفار، أكثر منه. (تاريخ دمشق) .
[5] انظر عن (علي بن الحسين) في: المنتظم 9/ 59 رقم 95 (16/ 296 رقم
3617) ، وسير أعلام النبلاء 18/ 518، 519 رقم 261.
[6] النصري: بفتح النون وسكون الصاد المهملة وفي آخرها راء مهملة. هذه
النسبة إلى بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن..
[7] الحرفي: بضم الحاء المهملة وسكون الراء المهملة.
(33/131)
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد
الوهاب الأنماطيّ، ومحمد بن ناصر، وآخرون.
تُوُفّي في ذي الحجّة.
ومن آخر أصحابه أحمد بن هبة الله بن الفُرْضيّ [1] المقرئ، وعبد الخالق
بن يوسف.
125- عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البَطِر [2] .
أبو الحسن الدّقّاق، أخو أبي الفضل محمد وأبي الخطّاب.
سمع من: أبي عليّ بن شاذان.
وحدَّث عن: ابن رزقوَيْه، فتكلّموا فيه.
مات في صَفَر.
روى عَنْهُ: عَبْد الوهّاب الأنْماطيّ، وأحمد بْن عليّ الدّلّال،
وغيرهما.
126- عليّ بن أحمد بن محمد بن حُمَيْد [3] .
أبو الحسن الواسطيّ النّاقد [4] البزّاز.
سمع: أبا الحسين بن بشران، وابن الفضل القطّان.
وكان صالحًا مستورًا.
روى عنه: عبد الوهاب الأنْماطيّ، وعبد الخالق بن البَدِن.
مات فِي رجب.
- حرف الميم-
127- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [5] .
__________
[1] الفرضيّ: بضم الفاء وسكون الراء المهملة، وضاد معجمة. (المشتبه 2/
506) .
[2] انظر عن (ابن البطر) في: المنتظم 9/ 59 رقم 94 (16/ 296 رقم 3616)
وفي الطبعة الجديدة «ابن النظر» وهو تحريف.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الناقد: بفتح النون وكسر القاف وفي آخرها الدال المهملة- هذه
اللفظة لجماعة من نقّاد الحديث وحفّاظه، لقّبوا به لنقدهم ومعرفتهم.
وجماعة من الصيارفة حدّثوا فنسبوا إلى ذلك العمل. (الأنساب 12/ 20) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/132)
أبو الحسن البغداديّ العطّار الجبّان [1] .
روى عن: أبي الحسين بن بِشْران، وغيره.
وعن: أحمد بن عِمران الإسْكَافيّ.
روى عنه: حفيده أبو المعالي محمد بن محمد شيخ ابن اللّتّيّ.
128- محمد بن أحمد بن عليّ بن حامد [2] .
أبو نصر [3] الكُرْكَانْجيّ [4] المَرْوَزِيّ، الأستاذ المقرئ، صاحب
أبي الحسين الدّهّان.
قال أبو سعْد السّمعانيّ: كان إمامًا في علوم القرآن، له مصنفات في ذلك
مثل كتاب «المعول» ، وكتاب «التذكرة» [5] . طوف الكثير إلي العراق،
والحجاز، والشام، والجزيرة، والسواحل في القراءة علي الشيوخ، إلي أن
صار أوحد عصره. وكان زاهدًا ورِعًا.
حكى لي بعض المشايخ أنّ أبا نصر المقرئ قال: غرِقْتُ نوبةً في البحر
[6] ، فكنت أغوص [7] في الماء، ويلعب بي الموج، فنظرتُ إلى الشّمس،
فرأيتها قد زالت.
__________
[1] الجبّان: بفتح الجيم والباء المشدّدة الموحّدة وفي آخرها النون بعد
الألف، هذه اللفظة لمن يحفظ في الصحراء الغلّة، وغيرها. أخذت من
الجبّانة وهي الصحراء. (الأنساب 3/ 174) .
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: الأنساب 10/ 398، والمنتظم 9/
60 (16/ 297 رقم 3621) ، ومعجم الأدباء 17/ 230- 233، وفيه قال محقّقه
في الحاشية: «لم نعثر له على ترجمة سوى ترجمته هذه» ، واللباب 3/ 92،
93، والأعلام لابن شهبة (وفيات 484 هـ) ، والعبر 3/ 305، 306، ومعرفة
القراء الكبار 1/ 354، 355، والوافي بالوفيات 2/ 88، 89، والبداية
والنهاية 12/ 138، ومرآة الجنان 3/ 135، وغاية النهاية 2/ 72، والنجوم
الزاهرة 5/ 133، وشذرات الذهب 3/ 372، ومعجم المؤلفين 8/ 295، والأعلام
5/ 316.
[3] في الأنساب، واللباب: «أبو حامد» .
[4] الكركانجي: بضم الكاف والراء بين الكافين والنون بعد الألف وفي
آخرها الجيم. هذه النسبة إلى كركانج، وهو اسم بلدة خوارزم، يقال لها:
الكركانجية. (الأنساب) .
[5] في (معجم الأدباء 17/ 231) : «التذكرة لأهل البصرة» .
[6] زاد في (معجم الأدباء 17/ 231) : «وانكسر المركب» .
[7] في (معجم الأدباء) : «أخوض» .
(33/133)
قال: فغصتُ في الماء، ونويت فَرْضَ
الظُّهر، وشرعت في الصّلاة، فخلَّصني الله ببَرَكَة ذلك.
قرأ بمَرْو على أستاذه أبي الحسن عبد الله [1] بن محمد الدّهّان،
وبنَيْسابور على: محمد بن عليّ الخبّازيّ، وسعيد بن محمد المعدّل،
وببغداد على أبي الحسن الحمّاميّ مُسْنِد العراق في القراءات، وبالموصل
على الحسين بن عبد الواحد المعلّم، وبحَرّان على أبي القاسم عليّ بن
محمد الشّريف الزَّيْديّ، وبدمشق على الحسين بن عُبَيْد الله
الرُّهاويّ، وبصور على أحمد بن محمد المصريّ، وبمصر على إسماعيل بن
عَمْرو بن راشد الحدّاد.
مولده في سنة تسعين وثلاثمائة تقريبًا. وتُوُفّي في ذي الحجّة سنة
أربعٍ وثمانين، فاللَّه أعلم. والصّواب الأوّل [2] .
ذكره مؤرّخ خوارزم.
أخذ عنه خلق كثير [3] .
__________
[1] هكذا في الأصل. وفي (معجم الأدباء، وسير أعلام النبلاء 18/ 601) :
«عن أبي الحسين عبد الرحمن» .
[2] لم يذكر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- ما هو الأول! وأقول: أرّخ ابن
السمعاني وفاته بسنة 481 هـ. (الأنساب 10/ 398) .
[3] وقال ابن السمعاني إن أبا نصر الكركانجي قال: نصف القرآن في قوله
تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً 18: 74، [سورة الكهف، الآية 74]
النون والكاف من النصف الأول، والراء والألف من النصف الثاني. قال:
وسمعت المقرئ أبا عبد الله محمد بن عبد الرزاق الحداد بسرخس يقول: سمعت
المقرئ أبا نصر محمد بن أحمد، الكركانجي بجيرنج يقول: أردت أن أقرأ
القرآن على بعض القراء بالشام برواية وقعت له عالية، فامتنع عليّ، ثم
قال لي: تقرأ عليّ كل يوم عشرا وتدفع إليّ مثقالا من الفضة، فقبلت ذلك
منه شئت أو أبيت. قال: فلما وصلت إلى المفصّل، أذن لي كل يوم في قراءة
سورة كاملة، وكنت أرسل غلماني في التجارة إلى البلاد، وأقمت عنده سنة
وخمسة أشهر أو ستة حتى ختمت. واتفق أن لم يردّ عليّ في هذه الرواية
خلافا من جودة قراءتي، فلما قرب أن أختم الكتاب جمع أصحابه الذين قرءوا
عليه في البلاد القريبة منه وأمرهم أن يحمل إليّ كل واحد منهم شستكة
قيمتها دينارا أحمر، وفيها من دينارين إلى خمسة، وقال لهم المقرئ:
اعلموا أن هذا الشاب قرأ عليّ الرواية الفلانية ولم أحتج أن أردّ عليه،
ووزن لي في كل يوم مثقالا من الفضّة، وأردت أن أعرف حرصه في القراءة مع
الجودة. وردّ عليّ ما كان أخذه منّي، ودفع إليّ كلّ ما حمله أصحابه من
الشساتك والذهب فامتنعت، فأظهر الكراهية حتى أخذت ما أشار إليه وخرجت
من تلك البلدة. (معجم الأدباء 17/ 232، 233) .
(33/134)
129- محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم [1]
.
أبو منصور القَزْوينيّ [2] ، راوي «سُنَن ابن ماجه» ، عن القاسم بن أبي
المنذر الخطيب.
سمع الكثير في سنة ثمان وأربعمائة وبعدها من القاسم [3] .
ومن: الزُّبَير بن محمد بن أحمد بن عثمان، وعبد الجبّار بن أحمد
المتكلّم، وجماعة.
وحدّث بالرَّيّ في هذه السّنة.
ولم أقع بوفاته [4] .
وقد سأله ابن ماكولا عن مولده، فقال: في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
روى عنه: مِلْكداذ [5] بن عليّ العَمْرَكيّ، وعليّ بن شافعيّ، وعبد
الرحمن بن عبد الله الرّازيّ، وأبو العلاء زيد، وأبو المحاسن مسعود
ابنا عليّ بن منصور الشّرُوطيان، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وابنه أبو
زرعة المقدسيّ، وهو
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الأنساب 11/ 451، 452، والتحبير في
المعجم الكبير 1/ 395، والتدوين في أخبار قزوين 1/ 263، 264، والعبر 3/
306، والمعين في طبقات المحدّثين 141 رقم 1539، وشذرات الذهب 3/ 372.
[2] زاد ابن السمعاني في نسبته: «المقوّمي» . وزاد الرافعي: «المقوّمي
الهيثمي» .
[3] قال الرافعي: شيخ مشهور، عارف بالحديث واللغة والشعر، وقد سمع وكتب
الكثير، وانتشر من روايته «سنن أبي عبد الله بن ماجة» سمعه من أبي طلحة
القاسم بن أبي المنذر الخطيب سنة تسع وأربعمائة، وسمع من الكبار بالريّ
وقزوين، وسمع أبا الحسن بن علي بن الحسن بن إدريس، ومن مسموعه منه كتاب
«السّنة» لأبي الحسن القطان، بروايته عن ابن إدريس، عنه الزبير بن
الزبيري، ومن مسموعه منه الصحيفة التي يرويها داود بن سليمان الغازي عن
علي بن موسى الرضا، بروايته عن ابن مهرويه، عن داود، وأبي الفتح
الراشدي، وأبي محمد الزاذاني، وعبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم الصوفي،
وغيرهم. (التدوين 1/ 263) وله سماع من أبي الفتح الراشدي في سنة 408
وسنة 417 هـ.
[4] قال ابن السمعاني: كانت وفاة المقوّمي في حدود سنة ثمانين
وأربعمائة. (الأنساب 11/ 452) .
وقال الرافعي: توفي أبو منصور سنة سبع أو ثمان وثمانين وأربعمائة.
(التدوين 1/ 264) .
[5] في التدوين 4/ 109: «ملكداد» بالدال المهملة. وهو: ملكداد بن علي
بن أبي عمرو بن إلياس القزويني أبو بكر العمركي الخبّاز، وربّما سمّى
نفسه: عبد الله.
قال الرافعي: ورأيت بخطّه في مواضع وكتب: عبد الله بن علي القزويني.
وهو إمام كبير، توفي سنة 535 هـ. (التدوين 4/ 109 و 111) .
(33/135)
آخر من حدَّث عنه [1] .
130- محمد بن الحسن بن محمد بن سُلَيْم [2] .
القاضي أبو بكر الأصبهاني.
سمع: أبا عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبا بكر بن مردوَيْه، وجماعة.
ورحل فسمع ببغداد من: أَبِي عليّ بن شاذان، وغيره.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، والحسن الرُّسْتُميّ، وعامّة الأصبهانيين.
ومات بإصبهان في ذي القعدة.
131- محمد بْن عبد الله بن الحسين [3] .
قاضي القُضاة أبو بكر النّاصحيّ النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ: أبا بَكْر الحِيريّ، وأبا سَعِيد الصَّيْرَفيّ، وأبا الحسين
عبد الغافر الفارسيّ.
قال فيه عبد الغافر بن إسماعيل [4] : قاضي القُضاة ابن إمام الإسلام
أبي محمد النّاصحيّ، أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب،
وأوجههم في المناظرة، مع حظٍّ وافر من الأدب وحِفْظ الأشْعَار والطّبّ
[5] . أُقْعِد في التَّدريس في حياة والده في مدرسة السّلطان، وفوِّض
إليه أمرها وأمور أوقافها، وهي الآن برسْم أولاده. ثمّ ولي القضاء
بنَيْسابور في أيّام السّلطان ألْب أرسلان، فبقي في القضاء عشر سنين
[6] . ونال من الحشمة
__________
[1] أنشد أبو منصور القزويني لعلي بن محمد الخراز:
دنيا تدور بأهلها في كلّ يوم مرتين ... فغدوّها لتجمع ورواحها تشتيت
بين
(التدوين 1/ 264) .
[2] انظر عن (محمد بن الحسن) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 616.
[3] انظر عن (محمد الناصحي) في: المنتظم 9/ 60 رقم 100 (16/ 297 رقم
3622) ، والمنتخب من السياق 67، 68 رقم 140، والكامل في التاريخ 10/
630، والعبر 3/ 306، وتذكرة الحفاظ 3/ 1197، وسير أعلام النبلاء 19/
19، 20 رقم 12، ومرآة الجنان 3/ 135، والوافي بالوفيات 3/ 338،
والبداية والنهاية 12/ 138، وفيه: «محمد بن عبد الله بن الحسن» ،
والجواهر المضيّة 3/ 338، والبداية والنهاية 12/ 138، وفيه: «محمد بن
عبد الله بن الحسن» ، والجواهر المضيّة 2/ 64، 65، ولسان الميزان 5/
223 رقم 778، وشذرات الذهب 3/ 362، والفوائد البهية 179، 180.
[4] في المنتخب 67.
[5] زاد عبد الغافر: وكان يذهب إلى الاعتزال.
[6] وقال عبد الغافر: ولم تحمد سيرته في القضاء.
(33/136)
والدّرجة لأصلِه وفضلِه وبراعتِه. وكان
فقيه النَّفْس، حسَن الإيراد تكلَّم في مسائل مع إمام الحرمين أبي
المعاليّ. شاهدتُ ذلك، وكان الإمام يُثني عليه.
وبقي على ذلك إلى ابتداء الدّوله الملكشاهيّة، فشُكيَ قلّة تعاونه في
قبض يده ووكلاء مجلسه وأصحابه عن الأموال، وفشا منهم زيادة البَسْط في
التَّرِكات، وأشرف بعضُ الحقوق عَلَى الضَّيَاع من فتح أبواب الرّشا،
فعُزِل، ولم يُهمل لعَظَمته، فولي قضاء الرَّيّ. وكانت تلك الديار أكثر
احتمالًا، فبقي على ذلك إلى أن تُوُفّي منصَرَفَه من الحجّ في رجب.
قلت: وقد شاخ.
روى عنه: عبد الوهّاب بن الأنماطيّ، وأبو بكر الزّاغونيّ، ومحمد بن عبد
الواحد الدّقّاق، وجماعة.
ومات على فراسخ من إصبهان في غُرّة رجب.
132- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن عفان [1] .
أبو الوفاء البغداديّ الواعظ.
مذكر حسَن الوعْظ، رضيّ السّيرة. له صِيت وقبول.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
133- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن نظيف [2] .
أبو سعْد البغداديّ، الضّرير.
سمع: أبا طالب عمر الزُّهْريّ، وأبا الحسين النَّهْروانيّ، وعبد
المُلْك بن بشران.
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، وعبد الخالق بن عبد الصّمد.
تُوُفّي رحمه الله في ذي القعدة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد السلام) في: المنتظم 9/ 59 رقم 97 (16/ 296،
297 رقم 3619) .
[2] انظر عن (ابن نظيف) في: المنتظم 9/ 60 رقم 98 (16/ 297 رقم 3620) .
(33/137)
134- محمد بن معْن بن محمد بن أحمد بن
صُمادح [1] .
السّلطان أبو يحيى التُّجَيبيّ الأندلسيّ، الملَقَّب بالمعتصم.
كان جدّه محمد صاحب مدينة وَشْقة [2] ، فحاربه ابن عمه منذر بن يحيى،
فعجز عنه، فترك له وشقة وهرب. وكان من الدهاة. وكان ابنه معن مصاهرا
لعبد العزيز بن عامر صاحب بَلَنْسِية والمَرِيّة، فاستخلف معنا على
المرية، فخانه وتملكها، وتم له الأمر. ثم انتقل ملكها إلى ولده
المعتصم، وكان حليما جوادا، مدحه الشعراء، وهو أحد من داخل ابن تاشفين
واختص به. ثم إن ابن تاشفين عزم على أخذ البلاد من المعتصم، وكان معه
المرية وبجانة والصمادحية، فأظهر المعتصم العصيان، وكان له مع الله
سريرة، فلم يكن بينه وبين حلول الناقرة إلا أياما يسيرة، فمات واستراح
وهو في عزه وبلده.
وقد روى عن أبيه، عن جدّه مختصَره في «غريب القرآن» .
روى عنه: إبراهيم بن أسود الغسّانيّ.
حكت جارية قالت: إنّني لَعِنْده وهو يُوصي، وقد غُلِب، وجيشُ ابن
تاشَفين بحيث نعُدّ خيامهم، ونسمع أصواتهم، إذا سَمَعَ وجَبَة من
وجَبَاتهم، فقال: لا إله إلّا الله، نُغِّص علينا كلّ شيء حتى الموت.
فدمعت عينيّ، فلا أنساه وهو يقول بصوت ضعيف:
__________
[1] انظر عن (محمد بن معن) في: قلائد العقيان للفتح بن خاقان 47،
والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسّام ق 1 مجلّد 2/ 729- 536،
وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد 2/ 83- 89، والمطرب لابن دحية 34-
38، 126، والمعجب للمراكشي 196، والحلّة السيراء 2/ 78- 88 رقم 125،
وانظر صفحات 89 و 165 و 186 و 196، والمغرب في حلى المغرب 2/ 195- 198،
ووفيات الأعيان 5/ 39- 45 رقم 687، والروض المعطار 538، والبيان المغرب
3/ 167 و 4/ 122، 142، 144، وسير أعلام النبلاء 18/ 592- 594 رقم 313،
والعبر 3/ 306، ومرآة الجنان 3/ 135، وشرح رقم الحلل 177، والوافي
بالوفيات 5/ 45- 47، وأعمال الأعلام 190، وتاريخ ابن خلدون 4/ 162،
وشذرات الذهب 3/ 372، 373، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 90.
«والصمادح» : بضم الصاد المهملة. وهو الصلب الشديد. (القاموس المحيط) .
[2] وشقة: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وقاف. بليدة بالأندلس. (معجم
البلدان) .
(33/138)
ترفَّقْ بدمْعِكَ لا تُفْنِهِ ... فبين
يديك [1] بكاءٌ طويلُ [2]
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
- حرف الياء-
135- يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد [3] .
أبو بكر الغَافقيّ القُرْطُبيّ المعروف بالرُّشْتسانيّ [4] .
حجّ وأخذ عن: أبي محمد بن الوليد.
وسمع بإشبيلية مِن: أبي عَبْد الله بْن منظور، وكتب للقاضي أبى عبد
الله بن بقى.
وكان ثقة فاضلا.
أخذ عنه: أبو الحسن بن مغيث.
وتوفّي في ذي القعدة.
__________
[1] في الوافي بالوفيات: «يدي» .
[2] الذخيرة ق 1 مجلّد 2/ 734، المغرب في حلى المغرب 2/ 196، وفيات
الأعيان 5/ 44، سير أعلام النبلاء 18/ 594، الوافي بالوفيات 5/ 46.
[3] انظر عن (يحيى بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 670 رقم
1477.
[4] هكذا في الأصل. وفي الصلة: «الرشتشاني» .
(33/139)
سنة خمس وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
136- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله [1] .
أبو الحسن المَحْميّ النَّيْسابوريّ [2] .
137- أحمد بن محمد [3] .
أبو غالب الأَدَميّ [4] القارئ بين يديّ الوعّاظ.
سمع: أبا علي بن شاذان، وأبا القاسم الحرفيّ.
وعنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي.
مات في ذي الحجّة ببغداد.
- حرف التّاء-
138- تميم بن عبد الواحد [5] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 109 رقم 240.
[2] قال عبد الغافر الفارسيّ: «المحمي العثماني، شيخ مستور، ثقة، من
أولاد الرؤساء والمحمية.
كان يسكن في غالب أحواله الرستاق بناحية الرخ، وكان يدخل البلد أحيانا،
فحملني الوالد إليه في بعض قدماته وسمعنا منه.
حدّث عن الزيادي، والحيريّ، والصيرفي. وما سمع منه إلّا القليل لغيبته
عن البلد. وكان اتفاق مولده سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وتوفي يوم
الثلاثاء الخامس والعشرين من صفر سنة خمس وثمانين وأربعمائة بنيسابور»
.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الأدميّ: بفتح الألف والدال المهملة وفي آخرها الميم. هذه النسبة
إلى من يبيع الأدم.
(الأنساب 1/ 161) .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/140)
أبو طاهر الأصبهاني المؤدّب.
- حرف الجيم-
139- جعفر بن يحيى بن إبراهيم [1] .
أبو الفضل التّميميّ المكّيّ الحكّاك.
قال السّمعانيّ: كان ثقة، متقنًا خيّرا صالحًا، كثير السّماع. كان
يترسَّل عن أمير مكّة إلى الخلفاء.
سمع: أبا الحسن بن صخْر، وأبا ذَرّ الهَرَويّ، وأبا نصر السَّجْزيّ.
وانتقى ببغداد على أبي الحسن بن النَّقُّور. وتكلّم على التَّخريج
بكلام مفيد. سمع من أئمّة، وثنا عنه: أبو القاسم بن السمرقندي،
وإسماعيل بن محمد الحافظ، ومحمد بن ناصر.
وقد سمع بإصبهان من أصحاب أبي بكر المقرئ. وكان مولده في سنة ستّ عشرة
وأربعمائة.
سألت عبد الوهّاب الأنْماطيّ عنه، فقال: ثقة مأمون.
وتُوُفّي في رابع عشر صَفَر.
أمير مكّة هو ابن أبي هشام، كان جعفر يتولّى ما يُدفع إليه مِن المال،
فيقبضه مع كِسْوة الكعبة [2] .
- حرف الحاء-
140- الحسن بن الحسين بن جعفر [3] .
أبو عليّ بن الدّيناراباذيّ [4] الخطيب.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن يحيى) في: دمية القصر (طبعة بغداد) 1/ 149، 150
رقم 17، والمنتظم 9/ 64 رقم 102 (16/ 302 رقم 3624) ، والعبر 3/ 307،
وسير أعلام النبلاء 19/ 131، 132 رقم 69، ومرآة الجنان 3/ 138، والوافي
بالوفيات 11/ 167، 168، والبداية والنهاية 12/ 140، والعقد الثمين 3/
433، وشذرات الذهب 3/ 373.
[2] المنتظم 9/ 64 (16/ 302) .
[3] انظر عن (الحسن بن الحسين) في: معجم البلدان 2/ 545.
[4] في الأصل: «الدينارباذي باذي» ، والمثبت عن (معجم البلدان) وفيه:
دينارآباذ: من قرى همذان قرب أسداباذ.
(33/141)
حدَّث بهَمَذَان مرّات [1] عن: القاضي
أَبِي مُحَمَّد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
التَّيْميّ اللّبّان، وعبد الصّمد بن أحمد الهَيْثَميّ، وأحمد بن منصور
الحنفيّ.
قال شيرُوَيْه: سمعتُ منه [2] ، وكان شيخًا، فاضلًا متديِّنًا.
تُوُفّي في شعبان بدينارآباد.
141- الحسن بن عليّ بن إسحاق بن العبّاس [3] .
الوزير أبو عليّ الطُّوسيّ، الملقَّب نظام المُلْك قِوام الدّين [4] .
ذكره السّمعانيّ فقال: كعبة المجد، ومنبع الجود. كان مجلسه عامرا
__________
[1] آخرها في جمادى الأولى سنة 483.
[2] بهمذان وبدينارآباذ.
[3] انظر عن (الحسن بن علي الطوسي) في: الأنساب 6/ 37، والمنتظم 9/ 64-
68 رقم 103 (16/ 302- 307 رقم 3625) ، وأخبار الحمقى والمغفلين 90،
وزبدة التواريخ للحسيني 139- 146، وتاريخ دولة آل سلجوق 81، وتاريخ حلب
للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 356 (وتحقيق سويّم) 22، والإنباء في تاريخ
الخلفاء لابن العمراني 204، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 121، وتاريخ
الفارقيّ 229، ومعجم البلدان 3/ 13 و 4/ 50، والمنتخب من السياق 189
رقم 533، والتدوين في أخبار قزوين 2/ 419- 422، والكامل في التاريخ 10/
204- 206، والتاريخ الباهر 9، 10، ورحلة ابن جبير 205، والروضتين في
أخبار الدولتين لأبي شامة 1/ 25، 26، و 62- 64، وبغية الطلب لابن
العديم (تراجم عصر السلاجقة) 86- 93، وطبقات النووي (مخطوط) ورقة 73،
74، ووفيات الأعيان 2/ 128- 131، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 192-
195، وآثار البلاد وأخبار العباد 301، 302، 338، 353، 397، 211، 412،
447، 474، 602، ونهاية الأرب للنويري 23/ 251 و 26/ 330، والمختصر في
أخبار البشر 2/ 202، والفخري 296، 297، ودول الإسلام 2/ 13، والعبر 3/
307، 308، وسير أعلام النبلاء 19/ 94- 96 رقم 53، وتاريخ ابن الوردي 2/
5، والدرّة المضيّة 436، والوافي بالوفيات 12/ 123- 127، ومرآة الجنان
3/ 135- 138 وفيه:
«الحسين» ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 135، والبداية والنهاية
12/ 140، 141، وتاريخ ابن خلدون 3/ 135، و 5/ 11- 13، والنجوم الزاهرة
5/ 136، 137، وشذرات الذهب 3/ 373- 375، وروضات الجنات 221، وأعيان
الشيعة 22/ 225، والأعلام 2/ 202.
[4] قال اليافعي: «وهذا أول ما بلغناه من التلقيب بفلان الدين، ثم
استمرّ ذلك إلى يومنا، وإنما كانوا يلقّبون بفلان الدولة والملك من
يعظم شأنه عندهم، ثم عمّوا التلقيب بالدين فيما بعد حتى في السوقية
والفجرة لقّبوهم بنور الدين وشمس الدين وزين الدين وكمال الدين، وأشباه
ذلك ممّن هم ظلام الدين وشين الدين ونقص الدين، وأشباه ذلك من أضداد
الدين» (مرآة الجنان 3/ 135، 136) .
(33/142)
بالقُرَّاء والفُقَهاء، أَمَر ببناء
المدارس في الأمصار، ورغَّب في العِلم كلَّ أحد.
سمع الحديث، وأملى في البلاد، وحضَر مجلسَه الحفّاظ.
وابتداء حالهِ أنّه كان من أولاد الدّهّاقين بناحية بَيْهَق [1] ، وأنّ
أباه كان يطوف به على المرضِعات، فيُرضعنه حسْبة، فنشأ، وساقه التّقدير
إلى أنْ علِق بشيء من العربيّة، وقاده ذلك إلى الشُّروع في رسوم
الاستيفاء. وكان يطُوف في مُدُن خُراسان، فوقع إلى غَزْنَة في صُحْبة
بعض المتصرّفين، ووقع في شُغل أبي عليّ بن شاذان المعتَمَد عليه ببلْخ
من جهة الأمير جغري، حتّى حسُن حالُه عند ابن شاذان، إلى أن تُوُفّي
[2] . وكان أوصى به إلى السّلطان ألْب أرسلان ملك بَلْخ يومئذٍ، فنَصبه
السّلطان مكان ابن شاذان، وصار وزيرًا له، فاتّفق وفاة السّلطان
طُغْرُلُبَك، ولم يكن له من الأولاد من يقوم بالأمر، فتوجّه الأمر إلى
ألْب أرسلان، وتعيَّن للمُلْك، وخُطِب له على منابر خُراسان، والعراق،
وكان نظام المُلْك يُدبِّر أمره، فجرى على يده من الرُّسوم المستحسَنة
ونفْي الظُّلْم، وإسقاط المُؤَن، وحُسْن النَّظر في أمور الرَّعيّة،
ورتَّب أمور الدّواوين أحسن ترتيب، وأخذ في بذْل الصِّلات وبناء
المدارس والمساجد والرّباطات، إلى أن انقضت مدّة السّلطان ألْب أرسلان
في سنة خمسٍ وستّين. وطلع نجم الدُّول المِلكْشاهيّة وظهرت كفاية نظام
المُلْك في دفْع الخُصُوم حتّى توطّدت أسباب الدّولة، فصار الملك حقيقة
لنظامه، ورسما للسّلطان ملك شاه بن ألْب أرسلان. واستمرّ على ذلك عشرين
سنة [3] .
وكان صاحب أناةٍ وحلْم وصمْت. ارتفع أمره، وصار سيّد الوزراء من سنة
خمسٍ وخمسين وإلى حين وفاته.
حكى القاضي أبو العلاء الغَزْنَويّ في كتاب «سرّ السُّرور» : أنّ نظام
المُلْك صادف في السَّفَر رجلًا في زِيّ العلماء، قد مسّه الكلال، فقال
له: أيّها الشّيخ، أعييت أمْ عييت؟ فقال: أعييت يا مولانا. فتقدَّم من
حاجبه أن يركبه جنبيّا، وأن
__________
[1] المنتظم.
[2] قال ابن الجوزي: «فكان يكتب له، وكان يصادره كل سنة، فهرب منه،
فقصد داود بن ميكائيل والد السلطان ألب أرسلان» .
[3] المنتظم.
(33/143)
يُصلح من شأنه، واخذ في اصطناعه. وأنّما
أراد بسؤاله اختباره، فإنّ عيى في اللّسان، وأعيى: تعِب.
ورُوِيَ عن عبد الله السّاوجيّ أنّ نظام الملك استأذن ملك شاه في
الحجّ، فأذِن له، وهو إذ ذاك ببغداد. فعبر الجسر، وهو بتلك الآلات
والأقمشة والخيام، فأردتُ الدّخول عليه، فإذا فقيرٌ تلوح عليه سيماء
القوم، فقال لي: يا شيخ، أمانة ترفعها إلى الوزير. قلت: نعم. فأعطاني
ورقةً، فدخلتُ بها، ولم أفتحها، فوضعتها بين يدي الصّاحب، فنظر فيها
وبكي بكاءً كثيرًا، حتّى ندمتُ وقلت في نفسي: ليتني نظرتُ فيها.
فقال لي: أَدْخِلْ عليَّ صاحبَ الرُّقْعة. فخرجت فلم أجده، وطلبته فلم
أره، فأخبرتُ الوزير، فدَفَعَ إليَّ الرُّقْعَة، فإذا فيها: رَأَيْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام فقال لي:
اذهب إلى حَسَن، وقُلْ له: اين تذهب إلى مكّة؟ حجُّك هنا. أما قلتُ لك
أقِم بين يدي هذا التُّرْكيّ، وأغث أصحاب الحوائج من أمّتي؟.
فبطّل النّظام الحجّ، وكان يودّ أن يرى ذلك الفقير.
قال: فرأيته يتوضّأ ويغسل خُرَيْقات، فقلت: إنّ الصّاحب يطلبك.
فقال: ما لي وله، إنّما كان عندي أمانةٌ أدّيتها.
قال ابن الصّلاح: كان السّاوجيُّ هذا شيخَ الشّيوخ، نَفَقَ على النّظام
حتّى أنفق عليه وعلى الفقراء باقتراحه في مدّةٍ يسيرةٍ قريبًا من
ثمانين ألف دينار [1] .
رجعنا إلى تمام التّرجمة:
__________
[1] المنتظم 16/ 303، وقال ابن الجوزي:
«وكان للنظام من المكرمات ما لا يحصى، كلّما سمع الأذان أمسك عمّا هو
فيه، وكان يراعي أوقات الصلوات، ويصوم الإثنين والخميس، ويكثر الصدقة،
وكان له الحلم والوقار، وأحسن خلاله مراعاة العلماء، وتربية العلم،
وبناء المدارس والمساجد والرباطات والوقوف عليها، وأثره العجيب ببغداد
هذه المدرسة وسقوفها الموقوف عليها، وفي كتاب شرطها أنها وقف على أصحاب
الشافعيّ أصلا وفرعا، وكذلك الأملاك الموقوفة عليها شرط فيها أن يكون
على أصحاب الشافعيّ أصلا وفرعا كذلك شرط في المدرّس الّذي يكون بها
والواعظ الّذي يعظ بها ومتولّي الكتب، وشرط أن يكون فيها مقريء القرآن،
ونحويّ يدرّس العربية، وفرض لكلّ قسطا من الوقف. وكان يطلق ببغداد كل
سنة من الصلات مائتي كرّ، وثمانية عشر ألف دينار» (المنتظم 16/ 304) .
(33/144)
وكان ملك شاه منهمكًا في الصَّيد واللهو.
سمع النّظام من أبي مسلم محمد بن عليّ بن مهريز الأديب. بإصبهان، ومن:
أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبي حامد الأزهريّ، وهذه الطّبقة.
روى لنا عنه: عمّي أبو محمد الحسن بن منصور السّمعانيّ، ومُصْعَب بن
عبد الرّزّاق المُصْعَبيّ، وعليّ بن طراد الزَّيْنبيّ.
قلت: ونصر بن نصر العُكْبَريّ، وغيرهم.
قال: وكان أكثر مَيْله إلى الصُّوفيّة.
وحُكي عن بعض المعتمدين، قال: حاسبت نفسي، وطالعت الجرائد، فبلغ ما
قضاه الصَّدْر من ديوان واحدٍ من المنتمسين المقبولين عنده في مدّة
سنين يسيرةٍ ثمانين ألف دينار حُمْر [1] .
وقيل إنّه كان يدخل عليه أبو القاسم القُشَيّريّ، وأبو المعالي
الْجُوَيْنيّ، فيقوم لهما، ويجلس في مُسْنَده كما هو [2] . ويدخل عليه
الشّيخ أبو عليّ الفارْمَذيّ فيقوم ويجلس بين يديه، ويُجْلِسه مكانه،
فقيل له في ذلك، فقال: أبو القاسم وأبو المعالي وغيرهما، إذا دخلوا
عليَّ يُثّنُون عليَّ ويُطْروني بما ليس فيّ، فيزيدني كلامُهم عُجْبًا
وتِيهًا، وهذا الشّيخ يذكّرني عيوبَ نفسي، وما أنا فيه من الظُّلم،
فتنكسر نفسي، وأرجع عن كثير ممّا أنا فيه [3] .
مولده يوم الجمعة من ذي القعدة سنة ثمانٍ وأربعين، وأدْرَكَته الشّهادة
سامحه الله ورحمه في شهر رمضان، فقُتِل غِيلةً وهو صائم، وذلك بين
إصبهان وهمذان. أتاه شابٌ في زِيّ صوفيّ، فناوله ورقةً، فتناولها منه،
فضربه بسِكّينٍ في فؤاده، وقتل قاتله [4] .
__________
[1] انظر: المنتظم 16/ 303.
[2] رواية ابن خلّكان تختلف عمّا هنا. فهو يقول: «وكان إذا قدم عليه
إمام الحرمين أبو المعالي، وأبو القاسم القشيري صاحب الرسالة بالغ في
إكرامهما وأجلسهما في مسندة» . (وفيات الأعيان 2/ 129) .
[3] المنتظم 16/ 303.
[4] وقال الحسيني: «ولما التجأ الحسن بن الصبّاح إلى قلعة ألموت، سدّ
نظام الملك مسالك تلك القلعة بالعسكر، بعد ما تأكّدت فتنة ابن الصبّاح،
وانتشر شررها وكثر ضرّها، فخرج رجلان من القلعة، ونعال فرسهما معكوسة،
فظنّ العسكر المحيط بالقلعة أنهما دخلا القلعة. فخرج نظام
(33/145)
وقيل: إنّ السّلطان سئم منه، واستكثر ما
بيده من الأموال والأقطاع، فدسّ هذا عليه [1] ، ولم يبق بعده السّلطان
إلّا مدّةً يسيرة [2] .
وهو أوّل مَن بنى المدارس في الإسلام، بنى نِظاميّة بغداد [3] ،
ونِظاميّة نَيْسابور، ونِظاميّة طُوس، ونِظاميّة إصبهان [4] .
وقال القاضي ابن خلِّكان [5] إنّ نظام المُلْك دخل على الإمام المقتدي
باللَّه، فأذِن له في الجلوس، وقال له: يا حسن، رضِي الله عنك كرِضَى
أمير المؤمنين عنك.
وكان النّظام إذا سمع الآذان أمسك عمّا هو فيه حتّى يفرغ المؤذّن [6] .
__________
[ () ] الملك من الحمّام، وهو في المحفّة، فاستقبله واحد من هذين
الرجلين، على هيئة متظلّم، من موضع سماطه وضربه بسكّين وهرب، فعثر
بأطناب الخيمة، فقتلوه» . (زبدة التواريخ 139، 140) .
[1] وقال الحسيني: «سبب قتله أن تاج الملك أبا الغنائم صاحب خزانة
السلطان ملك شاه، والناظر في أمر دوره، وفي وزارة أولاده، قد أفسد قلب
السلطان على الوزير نظام الملك، وظهر من السلطان ملل، وأراد عزله، فلم
يقدر على ذلك، لميل العساكر والأجناد إليه. وكان الوزير نظام الملك قد
أنافت مماليكه على عشرين ألف، فلما عجزوا عنه أوثبوا عليه رجلا ديلميّا
في صورة مستمنح، ضربه بسكّين كما ذكر» . (زبدة التواريخ 140، 141) .
[2] قيل مات بعده بثلاثة وثلاثين يوما. (ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي
121، وتاريخ دولة آل سلجوق للبنداري 82) . وقيل مات بعد خمسة وثلاثين
يوما. (الكامل في التاريخ 10/ 73، ووفيات الأعيان 5/ 288) . وقيل كان
بين السلطان وبينه ستة وثلاثون يوما. (زبدة التواريخ 141) .
[3] وكمّل بناء النظامية ببغداد على يد أبي سعد الصوفي في سنة 468 هـ.
(زبدة التواريخ 142) .
[4] وقال أبو شامة: ومدارسه في العالم مشهورة لم يخل بلد منها، حتى
جزيرة ابن عمر التي هي في زاوية من الأرض لا يؤبه لها بنى فيها مدرسة
كبيرة حسنة، وهي التي تعرف الآن بمدرسة رضي الدين. (الروضتين 1/ 62) .
[5] في وفيات الأعيان 2/ 128.
[6] المنتظم 16/ 304، وفيات الأعيان 2/ 129، وقال أبو شامة: وكان من
جملة عباداته أنه لم يحدث إلّا توضّأ ولا توضّأ إلّا صلّى. وكان يقرأ
القرآن حفظا ويحافظ على أوقات الصلوات محافظة لا يتقدّمه فيها
المتفرّغون للعبادة حتى إنه كان إذا غفل المؤذّن أمره بالأذان، وإذا
سمع الأذان أمسك عن كل ما هو فيه واشتغل بإجابته ثم بالصلاة. (الروضتين
1/ 63) .
وحكي أن السلطان ألب أرسلان دخل مدينة نيسابور فاجتاز على باب مسجد،
فرأى جمعا من الفقهاء على باب ذلك المسجد في ثياب رثّة، لا خدموا
للسلطان ولا دعوا له، فسأل السلطان نظام الملك عنهم، فقال: هؤلاء طلبة
العلم وهم أشرف الناس نفسا، لاحظ لهم من الدنيا،
(33/146)
ومن شِعره:
بعد الثّمانين [1] ليس قُوَّه ... قد [2] ذهبت شِرّةُ [3] الصُّبْوة
كأنّني والعصا بكفّي ... موسى ولكنْ بلا نُبُوّه [4]
قال شيروَيْه في «تاريخ هَمَذَان» : قدِم نظام المُلْك علينا في سنة
سبْعٍ وسبعين إرغامًا لأنُوفنا بما أصابنا من الجور والظُّلم.
روى عن: أبي مسلم الأديب صاحب ابن المقرئ، وأبي سهل الحفْصيّ، وإسماعيل
بن حمدون، وبُنْدَار بن عليّ، وأحمد بن الحسن الأزهريّ، وأميرك
القَزْوينيّ، ويوسف الخطيب، وقاضينا عبد الكريم بن أحمد الطَّبَريّ.
وسمعتُ منه بقراءة أبي الفضل القومسانيّ.
وقتل بغندجان [5] ليلة الجمعة حادي عشر رمضان.
وقال السِّلَفيّ: سمعتُ صوابَ بن عبد الله الخصيّ ببغداد يقول: قتل
__________
[ () ] ويشهد زيّهم على فقرهم، فأحسّ بأن قلب السلطان لان لهم، فعند
ذلك قال: لو أذن السلطان بنيت لهم موضعا وأجريت لهم رزقا ليشتغلوا بطلب
العلم ودعاء دولة السلطان. فأذن له، فأمر نظام الملك ببناء المدارس في
جميع مملكة السلطان، وأن يصرف عشر مال السلطان الّذي هو مختصّ بالوزير
في بناء المدارس، وهو أول من سنّ هذه السّنّة الحسنة. (آثار البلاد
وأخبار العباد 412) .
[1] في مرآة الجنان 3/ 137 «ثمانين» .
[2] ليست في المرآة.
[3] في المرآة: «نشوة» .
[4] وقيل إنّ هذين البيتين لأبي الحسن محمد بن أبي الصقر الواسطي.
(وفيات الأعيان 2/ 129، مرآة الجنان 3/ 137) .
ويروى له أيضا- أي لنظام الملك-:
تقوّس بعد طول العمر ظهري ... وداستني الليالي أيّ دوس
فأمسي والعصا تمشي أمامي ... كأنّ قوامها وتر بقوس
(وفيات الأعيان 2/ 130) .
[5] في الأصل: «بغنديجان» ، والتصحيح من: معجم البلدان 4/ 216، وهي
بالضم ثم السكون، وكسر الدال، وجيم، وآخرها نون. بليدة بأرض فارس في
مفازة قليلة الماء معطشة.
ووردت في (آثار البلاد وأخبار العباد 413) : «قيدسجان» .
(33/147)
مولاي نظام المُلْك شهيدًا بقُرب نهاوند في
رمضان.
قال: وكان آخر كلامه أنّ قال: لا تقتلوا قاتلي، فقد عفوت عنه. وتشهَّد
ومات.
وقد طوَّل ابن النّجّار في سيرة النّظام [1] .
142- حَنْدور بن فتّوح بن حُمَيْد [2] .
أبو محمد الزّناتيّ، الفقيه المالكيّ الأصيليّ.
أصله من أصيلا.
نزل سَبْته، وأخذ عن: أبي إسحاق بن يربوع، ويوسف بن أبي مسلم.
وسافر للتّجارة إلى الأندلس.
انفرد برئاسة الفُتْيَا بِسَبْته في دولة برغواطة. وكان صالحًا
خيِّرًا، والخير أغلب عليه من العلم.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: ونقلت من خط أبي الوفاء بن عقيل قال: رأينا في
أوائل أعمارنا ناسا طاب العيش معهم، من العلماء والزهّاد وأعيان الناس.
وأما النظام فإنّ سيرته بهرت العقول جودا وكرما وحشمة وإحياء لمعالم
الدين، فبنى المدارس، ووقف عليها الوقوف، ونعش العلم وأهله، وعمّر
الحرمين، وعمّر دور الكتب، وابتاع الكتب فكانت سوق العلم في أيامه
قائمة، والعلماء مستطيلين على الصدور من أبناء الدنيا، وما ظنّك برجل
كان الدهر في خفارته، لأنه كان قد أفاض من الإنعام ما أرضى الناس،
وإنما كانوا يذمّون الدهر لضيق أرزاق واختلال أحوال، فلما عمّهم إحسانه
أمسكوا عن ذمّ زمانهم» . (المنتظم 16/ 306) .
وقال إسماعيل بن محمد الحافظ: كنا بمجلس نظام الملك، فأملى:
أفّ للدنيا الدنيّه ... دراهم وبليّه
فقال المستملي: وتليّه؟ فقيل له: وبليّه. فقال: ومليّه! فضحك الجماعة،
فقال النظام:
اتركوه. (أخبار الحمقى والمغفّلين 90) .
وقال الرافعي: وكان له مجالس إملاء، وخرّج له الفوائد أحمد بن محمد بن
أبي العباس الأصبهاني في مجلّدة ضخيمة. (التدوين 2/ 420) .
وأنشد الأمير شبل الدولة مقاتل التكريتي:
كان الوزير نظام الملك لؤلؤة ... ثمينة صاغها الرحمن من شرف
عزّت ولم تعرف الأيام قيمتها ... فردّها غيرة منه إلى الصدف
(الروضتين 1/ 64) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/148)
- حرف الخاء-
143- خلف بن مروان [1] .
أبو القاسم الأموي القرطبي المقرئ.
أخذ عن: مكّيّ بن أبي طالب، ومسلم بن أحمد الأديب.
وحجّ، ولقي: أبا محمد بن الوليد [2] .
وكان صالحًا، متواضعا، ديّنا، ورعا، نحويّا، لغويّا، يؤمّ يجامع
قُرْطُبة [3] ويُقرئ القرآن ويعلِّم النَّحْو [4] .
قال ابن بَشْكُوال: [5] أنبا عنه جماعة من شيوخنا، ووصفوه بما ذكرته.
ولد سنة سبع وأربعمائة.
وتُوُفّي في سابع ذي الحِجّة.
- حرف العين-
144- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أبي أحمد [6] .
أبو أحمد الطُّوسيّ الصُّوفيّ.
شيخ جليل طيّب الوقت. فتى [7] من الفتيان.
خدم الفُقَراء، ولقي الأستاذ. أبا عليّ الدّقّاق في صِباه.
وسمع: أبا بكر الحِيريّ، وغيره.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: تُوُفّي رحمه الله في عاشر ذي
القعدة.
__________
[1] انظر عن (خلف بن مروان) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 171، 172 رقم 391
وفيه:
«خلف بن رزق» .
[2] لقيه بمصر فأجاز له ما رواه.
[3] هو جامع الزّجّاجين.
[4] وكان حسن التلقين، جيّد التعليم، ونفع الله به.
[5] في الصلة 1/ 172.
[6] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: المنتخب من السياق 284 رقم 935.
[7] في الأصل: «فتا» .
(33/149)
145- عبد الباقي بن الحسن بن عليّ
الشّاموخيّ [1] .
الزّاهد، خطيب البصرة.
روى عن: أبيه.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة، وقال: كان مشهورّا بزُهدٍ وخيرٍ وأمرٍ
بمعروف. وكان العامّةُ حزبه. قدم بغداد، فأدركه أجله بها. وكانت جنازته
حفلة. لقد تجمعت الصوفية وجماعة من الأئمة، وختم على قبره عدة ختم.
توفي في ربيع الآخر سنة خمس.
146- عبد الباقي بن محمد بن الحسين بن داود بن ناقيا [2] .
أبو القاسم الحريمي [3] البغدادي الشاعر.
شاعر مجود، صنف عدة كتب منها: «تفسير الفصيح» لثعلب، و «الأغاني» ،
وغير ذلك. إلا أنّه كان معثَّرًا ثلّابة، يطعن على الشّريعة [4] ،
ويذهب إلى رأي الأوائل، وله مقالة في التّعطيل، لعنه الله.
وكان كثير المُجُون والهزْل، سمع أبا القاسم الحرفيّ.
ترجمه السّمعانيّ، وقال: رُوي لنا عنه، ثنا عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ،
وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو الفضل بن ناصر.
وسألت عبد الوهّاب عنه، فقال: ما كان يُصلّي. وكان يقول: في السّماء
نهرٌ من خمر، ونهرٌ من لبن، ونهرٌ من عسل، لا ينقط منه شيء، بل ينقط
هذا الّذي يخرّب البيوت، ويهدم السّقوف [5] .
__________
[1] انظر عن (عبد الباقي بن الحسن) في: الأنساب 7/ 264، وكنيه «أبو
محمد» .
«الشاموخي» : بفتح الشين المعجمة، وضم الميم، وفي آخرها الخاء المعجمة.
هذه النسبة إلى «شاموخ» وهي قرية بنواحي البصرة.
[2] انظر عن (عبد الباقي بن محمد) في: المنتظم 9/ 68، 69 رقم 104 (16/
307، 308 رقم 3626) ، والكامل في التاريخ 10/ 218، والبداية والنهاية
12/ 141 وفيه: «باقيا» ، ولسان الميزان 3/ 384، 385، ومعجم المؤلفين 5/
75.
[3] الحريمي: بفتح الحاء المهملة وكسر الراء بعدهما الياء آخر الحروف،
وفي آخرها الميم.
نسبة إلى الحريم الطاهري، محلّة كبيرة ببغداد بالجانب الغربي منها.
(الأنساب 4/ 125) .
[4] المنتظم 9/ 68 (16/ 307) ، الكامل في التاريخ 10/ 218.
[5] المنتظم.
(33/150)
مات في المحرَّم وله خمسٌ وسبعون سنة [1] .
اللَّهمّ لا ترحم الزّنادقة.
147- عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن الفضل بن
شجاع بن هاشم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بُديل
بن وَرْقَاء بن نَوْفَل [2] .
أبو محمد الخُزَاعيّ النَّيْسابوريّ الشّيعيّ.
نزيل الرَّيّ. محدِّث حافظ رحّال، كثير الفضائل، لكنّه غالٍ في
التَّشيُّع.
سمع ببغداد: هَنَاد بن إبراهيم النَّسَفيّ، وابن المهتدي باللَّه، وأبا
الحسين بن النَّقُّور.
ورحل إلى الشّام، والحجاز، وخراسان.
قال ابن السّمعانيّ: ثنا عنه: أبو البركات عمر بن إبراهيم الزَّيْديّ،
وأبو حرب المجتبى ابن الدّاعي بن الحَسَنيّ، وأحمد بن عبد الوهّاب
الصَّيْرَفيّ.
كلاهما بالرَّيّ.
طالعتُ عدّة مجالس من أماليه بالرَّيّ، فرأيت فيها مجلسًا أملاه في
إسلام أبي طالب، غير أنّه كان مكثِرًا من كَتْب الحديث، وله به أَنَسَة
[3] .
وتُوُفّي سنة خمس [4] .
__________
[1] وقال أبو الحسن علي بن محمد الدّهان: دخلت على أبي القاسم بن ناقيا
بعد موته لأغسّله، فوجدت يده مضمومة، فاجتهدت على فتحها، فإذا فيها
مكتوب:
نزلت بجار لا يخيب ضيفه ... أرجّي نجاتي من عذاب جهنّم
وإني على خوفي من الله واثق ... بأنعامه، والله أكرم منعم
(المنتظم، الكامل في التاريخ، البداية والنهاية) .
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: التحبير 1/ 327 و 2/ 328، وفهرست
أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم لابن بابويه 108 رقم 219، والكنى
والألقاب للقمّي 3/ 173، ولسان الميزان 3/ 404، 405 رقم 1595، وهدية
العارفين 1/ 518، وطبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس) 104،
ومعجم المؤلفين 5/ 117، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي 3/ 152 (في ترجمة ابن البرّاج) .
[3] لسان الميزان 3/ 404 وفيه: «وله به الشغف» .
[4] وقع في لسان الميزان 3/ 405: «مات سنة خمس وأربعين وأربعمائة» .
أما إسماعيل باشا البغدادي فذكر وفاته في حدود سنة 510 (هدية العارفين
1/ 518) ، وكذا قال كحّالة في (معجم المؤلفين 55/ 117) .
(33/151)
وقد قال ابن أبي طيِّئ: كان عبد الرحمن
الخُزَاعيّ من أعلم النّاس بالحديث، وأبصرهم به وبرجاله. ثنا شيخنا
رشيد الدّين، عن أبيه قال: حضرت مجلس الإمام الخُزَاعيّ، فكان في مجلسه
أكثر من ثلاثة آلاف محبرة [1] مُسْتَمْلي.
وكان إذا قيل له في الحديث: هل جاء في «الصّحيحين» ؟ قال: ذَرُوني من
المكسورَيْن، والله لو حوققنا، وأنصف النَّاس فيهما لما سلم لهما إلا
القليل.
قال: وما سئل عن حديثٍ إلّا وعرف علّته وصحّته من سَقَمِه. وكان يقول:
أُذاكِرُ بمائة ألف حديث، وأحفظ مائة ألف حديث.
وكان يقول: لو أنّ لي سلطانًا يشدّ على يدي، لأسقطت خمسين ألف حديث
يُعمل بها، ليس لها صحة ولا أصل [2] .
قلت: عين ما مدحه به ابن أبي طيّ من هذه الفضائل هو عين ما ندّمه به،
فأنّ هذا كلام مَن في قلبه غِلٌ على الإسلام وأهله، لا بارَكَ الله فيه
[3] .
148- عبد الرحمن بن أحمد بن شاه [4] .
الفقيه أبو أحمد السِّيقذَنْجيّ [5] . نسبةً إلى قرية على ثلاثة فراسخ
من مرو.
__________
[1] لسان الميزان 3/ 404، 405.
[2] لسان الميزان 3/ 405.
[3] وقال ابن بابويه: «شيخ الأصحاب بالري، حافظ واعظ ثقة، سافر في
البلاد شرقا وغربا، وسمع الأحاديث عن المؤالف والمخالف، وله تصانيف
منها: «سفينة النجاة» في مناقب أهل البيت، «العلويات» ، «الرضويات» ،
«الأمالي» ، «عيون الأخبار» ، مختصرات في المواعظ والزواجر.
وأخبرنا بها جماعة منهم: السيدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي الحسني،
وابن أخيه الشيخ الإمام جمال الدين أبو الفتوح الخزاعي، عنه، رحمه
الله.
وقد قرأ على السيدين: علم الهدى المرتضى، وأخيه الرضيّ، والشيخ أبي
جعفر الطوسي، والمشايخ سالار، وابن البرّاج، والكراجكي، رحمهم الله
جميعا» . (فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم 108) .
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد بن شاه) في: الأنساب 7/ 225.
[5] السّيقذنجيّ: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين، وفتح القاف والذال المعجمة، وسكون النون، وفي آخرها الجيم.
(33/152)
كان يُعرف بفقيه الشّاه.
سمع: الإمام أبا بكر عبد الله بن أحمد القفّال، وعبد الرحمن بن أحمد
الشِيرْنَخْشِيريّ [1] ، وغيرهما.
ذكره ابن السّمعانيّ في «الأنساب» وقال: ثنا عنه محمد بن أبي بكر
السّنْجيّ، وأبو حنيفة محمد بن النُّعْمان، ومحمد بن أبي سعيد، وغيرهم.
قال: توفّي بعد سنة خمس وثمانين وأربعمائة [2] .
149- عبد الرحمن بْن إبراهيم بْن أَبِي نصر السّقّاء النَّيْسابوريّ
[3] .
الصُّوفيّ، أبو نصر.
له حال عجيب في السّماع.
سمع عبد الرحمن النَّصّرويّ. وحدَّث.
150- عبد الرحمن بن محمد بن الحسن [4] .
أبو سَلْم الصّبّاغ الأصبهاني.
تُوُفّي في رجب.
151- عبد الصّمد بن عبد الملك بن عليّ [5] .
أبو سعْد النَّيْسابوريّ العدل الحنفيّ.
مشهور، نبيل، ثقة، محترم [6] .
سمع: أبا بكر الحِيريّ، وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا
سعيد الصّيرفيّ.
__________
[1] الشّيرنخشيريّ: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين، وسكون الراء، وفتح النون، وسكون الخاء، وكسر الشين الأخرى،
بعدها ياء أخرى، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى «شيرنخشير» وهي قرية من قرى مرو على ثلاثة فراسخ في
الرمل. (الأنساب 7/ 463) .
[2] فإنه حدّث في هذه السنة. وكان صالحا حسن السيرة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (عبد الصمد بن عبد الملك) في: المنتخب من السياق 351 رقم
1162.
[6] وزاد عبد الغافر الفارسيّ: «من أهل التزكية والتعديل، من أركان
مجلس القضاء في عصره» .
(33/153)
وحدَّث باليسير.
قدِم بغداد ليحجّ فتُوفّي رحمه الله بها في شوّال.
152- عبد الملك بن موسى بن أبي جَمْرَة المُرْسيّ [1] .
سمع من: أبيه، وأبي عَمْرو الدَّانيّ.
وأجاز له أبو عبد للَّه بن عائذ، وغيره.
مات في جُمَادى الآخرة.
روى عنه: ولده أحمد.
153- عُرْوة بن أحمد بن محمد بن عُرْوة [2] .
الحاكم أبو القاسم النَّيْسابوريّ [3] الحنفيّ.
من أركان مجلس الحكم.
سمع الكثير، وحدَّث عن: أبي بكر الحِيريّ، وجماعة.
وأكثر عن المتأخّرين.
وتُوُفّي في رمضان.
- حرف الفاء-
154- الفضل بن القاسم بن سعيد بن عثمان بن سعيد [4] .
أبو سعيد الهَرَويّ القطّان.
روى عن: إسحاق بن يعقوب القرّاب، وأقرانه.
وعاش ثنتين وسبعين سنة.
- حرف الميم-
155- مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن عبد الله بن فنجويه [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عروة بن أحمد) في: المنتخب من السياق 402 رقم 1367،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 73 أ.
[3] في الأصل: «السابوري» .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/154)
أبو بكر الثّقفيّ الدِّينَوَريّ ثمّ
الهَمَذَانيّ.
روى عن: أبيه أبي عبد الله، وأبي عمر البسْطاميّ، وسعْد بن عبد الله
القطّان.
قال شيروَيْه: كتبتُ عنه. وكان شيخًا صُوَيْلحًا.
عاش تسعين سنة.
156- محمد بن خَلَف بن مسعود بن شعيب [1] .
أبو عبد الله بن السّقّاط الأندلسيّ، قاضي قُونكَة [2] .
حجّ سنة خمس عشرة وأربعمائة. وسمع «الصّحيح» من أبي ذَرّ [3] .
وأخذ كتاب الْجَوْزَقيّ عن: أبي بكر بن عقال، عن المؤلف.
وأخذ عن: أبي بكر المطَّوِّعيّ، ومحمد بن خميس.
ونسخ بمكة «صحيح البخاريّ» [4] .
قال ابن بَشْكُوال: كان سريع الكتابة، حَسَن الخطّ، ثقة فيما رواه
وعُني به.
وروى بالأندلس عن: أبي القاسم خَلَف بن أبي مسرور [5] صاحب أبي محمد
الباجيّ، عن المنذر بن المنذر، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبى عمرو
الداني.
وأخذ عن: أبي الحسن بن بطّال كتابه في «شرح البخاريّ» .
وولي القضاء بمدينته قُونْكَة. وكان مُحبَّبًا إلى أهلها، امْتُحِن في
آخر عُمره، وذهبَ مالُه وكُتُبُه.
وتُوُفّي بدانِية سنة خمسٍ وثمانين أو نحوها.
وولد سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 558، 559 رقم
1227، ومعجم البلدان 4/ 415.
[2] قونكة: بالضم ثم سكون الواو والنون. مدينة بالأندلس من أعمال شنت
بريّة.
[3] سمعه منه في سنة 415 هـ. وأجاز له.
[4] وصنع الحبر من ماء زمزم.
[5] في الصلة: «سرور» .
(33/155)
157- محمد بن خَلَف بن سعيد بن وهْب [1] .
الأندلسيّ، المَرِيّيّ [2] ، القاضي أبو عبد الله بن المرابط، قاضي
المَرِيّة ومفتيها وعالمها.
سمع: أبا القاسم المهلَّب بن أبي صُفْرة، وأبا الوليد بن مِيقُل [3] .
وأجاز له أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبو عَمْرو الدّانيّ.
وصنَّف كتابًا كبيرًا في «شرح البخاريّ» ، ورحل إليه النّاس، وسمعوا
منه.
وكان من العالمين بمذهب مالك.
قال القاضي عياض: [4] أخذ عَنْهُ: شيخنا أَبُو عَبْد اللَّه بْن عيسى
التّميميّ، وقاضي القُضاة أبو عليّ بن سُكَّرة، وأبو محمد بن أبي جعفر
الفقيه، وغيرهم.
تُوُفّي في شوّال.
158- محمد بن سعدون بن عليّ بن بلال [5] .
أبو عبد الله القَيْروانيّ الفقيه المالكيّ.
سمع من: أبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الفقيه، ومحمد بن محمد بن
النَّاطور [6] ، وحجّ، فسمع بمصر من أبي الحسن عليّ بن منير، وجماعة،
ومن:
__________
[1] انظر عن (محمد بن خلف بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 557، 558
رقم 1224، ومعجم البلدان 5/ 119، 120، والعبر 3/ 308، وسير أعلام
النبلاء 19/ 66، 67 رقم 36، والوافي بالوفيات 3/ 46، 47، والديباج
المذهب 2/ 240، وكشف الظنون 2/ 1361، وشذرات الذهب 3/ 375، وهدية
العارفين 2/ 76، وشجرة النور الزكية 1/ 122، والأعلام 6/ 348، ومعجم
المؤلفين 9/ 284.
[2] المريّيّ: بفتح الميم وكسر الراء المهملة وتشديد الياءين. نسبة إلى
المريّة.
[3] ميقل: بكسر الميم، وسكون الياء المثنّاة من تحتها، وضم القاف،
وآخرها لام.
[4] لم يترجم له في (ترتيب المدارك) .
[5] انظر عن (محمد بن سعدون) في: ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 799،
800، والصلة لابن بشكوال 2/ 602، 603 رقم 1322، وفهرسة ابن خير
الإشبيلي 434، ومعالم العلماء 3/ 198، والغنية 67، 92، 150، 153، 208،
228، والحلل الموشيّة ج 1 ق 1/ 271، والوفيات لابن قنفذ 294، والديباج
المذهب 273، 318، وكشف الظنون 1/ 334، وهدية العارفين 1/ 77، وفهرس
الفهارس 2/ 369، والأعلام 7/ 8، ومعجم المؤلفين 10/ 23، وشجرة النور
الزكية 1/ 117 رقم 328، وتراجم المؤلفين التونسيين 3/ 35، ومدرسة
الحديث في القيروان 2/ 713 رقم 33 وصفحة 17، و 799.
[6] في الأصل: «الناظور» بالظاء المعجمة. وسيعيده ولكن بالطاء المهملة.
(33/156)
أبي حِمِّصة الحرّانيّ، والطّفّال.
وبمكة من: أبي ذَرّ الهَرَويّ، وأبي بكر محمد بن عليّ المطَّوُّعيّ،
وأبي الحسن بن صخْر القاضي.
وتفقّه على: أبي عبد الله، وأبي الحسن ابني الأجدابيّ [1] ، وأبي
القاسم اللّبيديّ، وابن النّاطور، وأبي عليّ الزّيّات الفقيه، وأحمد بن
محمد القُرَشيّ.
روى عنه: أبو عليّ الغسّانيّ، وأبو عليّ بن سُكَّرة الصَّدَفيّ، وأبو
الحسن طاهر بن مُفَوَّز، وأبو بحر سُفْيان بن العاص، فَمَن بعدهم.
وكان عالمًا بالأصول والفُروع، بارِعًا في المذهب.
صنَّف كتاب «إكمال التّعليق» لأبي إسحاق التُّونسيّ على «المدوَّنة»
[2] .
وقال ابن بَشْكُوال: [3] أنبا عنه، من شيوخنا أبو بحر بن العاص، وأبو
عليّ الصَّدِفيّ، وأبو الحسن بن مغيث، ومحمد بن عبد العزيز القاضي،
وأبو محمد بن أبي جعفر، وأبو عامر بن حبيب [4] .
وتُوُفّي بأغْمات في جُمَادى الأولى [5] . وحدَّث بقُرْطُبة،
وبَلَنْسِيّة، والمَرِيّة.
159- محمد بن طاهر بن مَمَّان بن الحسن [6] .
أبو العلاء الهَمَذَانيّ النّجّار العابد، المعروف بابن الصّبّاغ.
روى عن: ابن المحتسب، وأبي سعيد بن شَبَانَة، وعليّ بن إبراهيم بن
حامد، وعلي بن شعيب، وأحمد بن زَنْجُوَيْه العمريّ، ومحمد بن عيسى،
وأبي الفضل الهروي، وأبي بكر الأردستاني، وخلق كثير.
__________
[1] الأجدابي: بفتح الألف وسكون الجيم وفتح الدال المهملة، والباء
الموحدة. نسبة إلى أجدابيا، مدينة في برقة جنوبي بنغازي.
[2] ترتيب المدارك 4/ 799.
[3] في الصلة 2/ 603.
[4] وقال القاضي عياض: اشتغل بالتجارة فطاف ببلاد المغرب والأندلس،
وأخذ عنه هناك الناس، وسمعوا منه كثيرا، ولم يكن له أصول حسنة. (ترتيب
4/ 800) .
[5] ورّخ القاضي عياض وفاته بسنة 486 هـ. وقال: ومولده عام ثلاثة عشر.
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/157)
قال شيرويه: سمعت منه عامة ما مر له، وكان
أحد العبّاد في الجبل، صوّاما قوَّامًا، لا يفتر عن عبادة الله باللّيل
والنّهار. ثقة صدوقًا.
تُوُفّي رضي الله عنه فِي ذي الحجَّة.
160- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن حامد [1] .
الإمام أبو بكر الشّاشيّ، الفقيه الشّافعيّ، صاحب الطّريقة المشهورة
[2] .
تفقّه ببلده على الإمام أبي بكر السّنْجيّ، وكان من أنظر أهل زمانِه
[3] ، ثمّ ارتحل إلى حضرة السّلطان بغَزْنَة، فأقبل الكلُّ عليه،
وقيّدوه بالإحسان والتّبجيل، واستفاد علماؤهم منه، وتأهّل، ووُلِد له
الأولاد، ثمّ في آخر أمره بعد ما ظهرت له التّصانيف استدعاه نظام
المُلْك إلى هَرَاة، وأشار عليهم بتسريحه، وكان يشقّ عليهم مفارقة تلك
الحضرة، فما وجدوا بُدًّا من امتثال أمر الصّاحب، فجهّزوه مكرَّمًا
بأولاده إلى هَرَاة، فدرَّس بها مدّة بالمدرسة النّظاميّة بهَرَاة [4]
، ثمّ قصد نَيْسابور زائرًا.
قال عبد الغافر الفارسيّ: قدِمَها في رمضان سنة إحدى وتسعين [5]- كذا
قال- ولم يتّفق لي الالتقاء به لغيبتي إلى غَزْنَة. وأكرم أهل
نَيْسابور [6] مورده، فسمعتُ غير واحدٍ من الفُقَهاء يقول: إنه لم يقع
منهم الموقع الّذي كانوا يعتقدونه فيه، فلقد كان بعيد الصِّيت، عظيم
الاسم بين الفقهاء، ولم تَجْرِ مناظرته على الدّرجة المشهورة به. وعاد
إلى هَرَاة. وحدَّث عن منصور الكاغَديّ، عن الهيثم بن كلب. وأنبا عنه
والدي.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن حامد) في: المنتخب من السياق 66 رقم 138
وفيه وفاته سنة 495 هـ.، العبر 3/ 308، والإعلام بوفيات الأعلام 199،
وسير أعلام النبلاء 18/ 525، 526 رقم 266، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 3/ 79، والطبقات الوسطى، له (مخطوط) ورقة 99 أ، ومرآة الجنان 3/
138، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 94، 95، وطبقات الشافعية لابن قاضي
شهبة 1/ 278 رقم 237، وشذرات الذهب 3/ 375، وهدية العارفين 2/ 76،
ومعجم المؤلفين 10/ 316. وسيعاد في الطبقة التالية برقم (229) .
[2] في الجدل. كما في (طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 94) .
[3] المنتخب 66.
[4] المنتخب 66.
[5] هذا القول لم يرد في المطبوع من (المنتخب) .
[6] في الأصل: «نيسار» .
(33/158)
وكان مولده بالشّاش سنة سبع وتسعين
وثلاثمائة [1] وتوفّي في شوّال سنة خمس وتسعين وأربعمائة بهَرَاة. كذا
قال عبد الغافر في وفاته، فيما قرأت بخطّ أبي عليّ البكْريّ.
وقال غيره، فيما قرأت بخطّ الحافظ الضّياء، في جزء «وفيات على السّنين»
: سنة خمسٍ وثمانين، فيها مات السّلطان ملك شاه، والإمام أبو بكر محمد
بن عليّ الشّاشيّ بهَرَاة في سادس شوّال، وهو ابن أربعٍ وتسعين سنة.
وفيها قُتِل نظام المُلْك، ودُفِن بإصبهان.
نقلتُ ترجمته من «تاريخ» عبد الغافر.
ثمْ نقلت من كلام أبي سعْد السّمعانيّ أنّ ولادته في سنة سبع وتسعين
وثلاثمائة.
قال: وتُوُفّي في شوّال سنة خمسٍ وثمانين، وزرتُ قبرَه بهَرَاة.
روى لنا عنه: محمد بن محمد السّنْجيّ الخطيب، وأبو بكر محمد بن سليمان
المَرْوَزيّان.
161- محمد بن عليّ بن أحمد بن مبارك الدّمشقيّ [2] .
أبو عبد الله البزّاز.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، ومحمد بن عَوْف المُزَنيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: جمال الإسلام أبو الحسن، وأبو المعالي محمد بن يحيى
القُرَشيّ، والخضر بن عَبْدان.
وعاش ستّين سنة.
162- محمد بن عيسى بن فرج [3] .
__________
[1] المنتخب 66.
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 66 رقم
98.
[3] انظر عن (محمد بن عيسى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 558 رقم 1225،
ومعجم البلدان 5/ 161 وفيه «محمد بن عتيق» ، وبغية الملتمس للضبيّ 110،
111، والعبر 3/ 308، ومعرفة القراء الكبار 1/ 443، 444 رقم 380،
والوافي بالوفيات 4/ 297، ومرآة الجنان 3/ 138، وغاية النهاية 2/ 224،
225 رقم 3344، وشذرات الذهب 3/ 376 وفيه «فرح» بالحاء المهملة.
(33/159)
أبو عبد الله التُّجَيْبيّ المَغَاميّ [1]
الطُّلَيْطُلِيّ المقرئ صاحب أبي عَمْرو الدّانيّ. روى عنه، وعن: مكّيّ
بن أبي طالب، وأبي الربيع سليمان بن إبراهيم.
قال ابن بَشْكُوال: كان عالمًا بوجوه القراءات، ضابطًا لها، متقِنًا
لمعانيها، إمامًا ديِّنًا. أنبا عنه غير واحد من شيوخنا، ووصفوه
بالتّجويد والمعرفة.
وقال ابن سُكَّرة: أجاز لنا، وهو مشهور بالتّقدُّم والإمامة في
الإقراء، وشدّة الأخذ على القُرّاء والالتزام للسَّمْت والهيبة معهم.
ومن شيوخه مكّيّ، وأبو عمر الطَّلَمَنْكيّ. [2] ومَغَام: حصنٌ بثغر
طُلَيْطُلَة.
ووُلِد في ربيع الأوّل سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.
وقد وصَفَ كُتُبَه.
163- محمد بن نصْر بن الحسن [3] .
أبو بكر الجميليّ [4] البخاري الخطيب.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا فاضلًا ورِعًا، سديد السّيرة. خطب مدّة
بجامع بُخَارى.
وسمع من: منصور بن عبد الرحيم الكاغَديّ، والحسين بن الخضر النَّسَفيّ،
وعبد العزيز بن أحمد الحَلْوائيّ، وجماعة.
روى لنا عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ.
ولد في حدود سنة أربعمائة ومات في ثامن شوّال.
__________
[1] المغامي: بفتح أوله، والغين المعجمة.
[2] في الصلة 2/ 558.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الجميلي: بفتح الجيم وكسر الميم وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين. هذه النسبة إلى جميل، وهو جدّ لبعض المنتسب إليه. (الأنساب 3/
304) .
(33/160)
164- مالك بن أحمد بن عليّ بن إبراهيم [1]
.
أبو عبد الله بن الفرّاء البانْياسيّ الأصل، البغداديّ.
كان يقول: سمّاني أبي مالكًا، وكنّاني بأبي عبد الله، وسمّتني أمّي
عليًّا، وكنَّتني أبا الحسن. فأنا أُعرَف بهما.
قال السّمعانيّ: [2] كان يسكن في غُرْفة بسوق الرَّيْحانيّين، شيخ صالح
ثقة، متديِّن، مسِن. عُمّر حتّى أخذ عنه الطَّلَبة، وتكابّوا عليه.
سمع: أبا الحسن بن الصَّلْت، وأبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الحسن بن
بِشْران، وابن الفضل القطّان.
سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فقال: شيخ صالح مسن.
وقال أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ: كان مالك آخر مَن حدَّث عن ابن
الصّلت، وكان ثقة. سمعته يقول: ولدت سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة وقد روى عنه: كان شيخًا صالحًا مالكيًّا.
وقعت النّار ببغداد بقرب حُجرته، وقد زَمِن، فأُنزِل في قُفَّةٍ إلى
باب الحُجْرة، فوجد النّار عند الباب فتركه الّذي أنزله وفرّ، فاحتَرَق
[3] هو رحمه الله.
قلت: روى عنه: أبو عامر محمد بن سعدون العَبْدريّ، وأبو الفضل بن ناصر
السُّلاميّ، وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، وأبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن
بن تاج القرّاء، وخلْق كثير.
قال أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ: احترق سوق الرّيْحانيّين وسط النّهار
في تاسع جُمَادى الآخرة وهلك فيه. جماعة منهم شيخنا مالك البانْياسيّ.
قلت: آخر من روى عنه: أبو الفتح بن البطّيّ رحمهم الله.
__________
[1] انظر عن (مالك بن أحمد) في: الأنساب 2/ 64، والمنتظم 9/ 69 رقم 106
(16/ 308 رقم 3628) ، واللباب 1/ 115، والمعين في طبقات المحدّثين 141
رقم 1540، والإعلام بوفيات الأعلام 199، 200، وسير أعلام النبلاء 18/
526، 527 رقم 267، والعبر 3/ 308، 309، والبداية والنهاية 12/ 142،
والنجوم الزاهرة 5/ 137، وشذرات الذهب 3/ 376.
[2] في الأنساب 2/ 64.
[3] الأنساب، المنتظم.
(33/161)
165- مسعود بن عبد العزيز [1] .
أبو ثابت بن السّمّاك الرّازيّ الفقيه الحنفيّ.
قدِم بغداد فتفقّه بها على أبي عبد الله الصَّيْمريّ، وأبي الحسن
القُدوريّ، ثمّ على قاضي القُضاة أبي عبد الله.
وبرع في المذهب والخلاف. وأفتى ودرّس، ونُفِّذ رسولًا من الدّيوان إلى
صاحب غَزْنَة، فأدركه أجَلُه بخُراسان في شعبان.
روى عن: ابن غَيْلان، والصَّيْمَريّ.
سمع منه: إسماعيل بن محمد بن الفضل، وعبد الله بن السّمرقنديّ.
166- ملك شاه [2] السّلطان جلال الدّولة أبو الفتح ابن السّلطان ألْب
أرسلان محمد بن داود السُّلْجُوقيّ.
أوصى إليه أبوه بالمُلْك، ووصّى به وزيرَه نظام المُلْك، وأوصى إليه أن
يفرّق البلادَ على أولاده، وأن يكون مرجعهم إلى ملك شاه، وذلك في سنة
خمس
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (ملك شاه) في: المنتظم 9/ 69- 74 رقم 107 (16/ 308- 313
رقم 3629) ، وزبدة التواريخ للحسيني 147- 153، وتاريخ دولة آل سلجوق
80، والكامل في التاريخ 10/ 210- 214، ووفيات الأعيان 5/ 283- 289،
والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 205، وذيل تاريخ دمشق لابن
القلانسي 121، وتاريخ الفارقيّ 229، وتاريخ الزمان لابن العبري 120،
وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 186، 192، 194، 196 وبغية الطلب
(التراجم الخاصة بعصر السلاجقة) انظر فهرس الأعلام 406، وتاريخ حلب
للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 356 (وتحقيق سويّم) 22، وزبدة الحلب لابن
العديم 2/ 106، والروضتين لأبي شامة 1/ 64، والتاريخ الباهر 10- 12،
ومفرج الكروب لابن واصل 1/ 22، والفخري 296، 298، وآثار البلاد وأخبار
العباد 280، 393، 396، 415، والمختصر في أخبار البشر 2/ 203، ونهاية
الأرب 23/ 251 و 26/ 333- 335 و 27/ 66، والدرّة المضيّة 436- 438،
ودول الإسلام 2/ 13، 14، والعبر 3/ 309، وسير أعلام النبلاء 19/ 54- 58
رقم 34، والإعلام بوفيات الأعلام 200، وتاريخ ابن الوردي 2/ 5، ومرآة
الجنان 3/ 139- 141، والبداية والنهاية 12/ 142، 143، ومآثر الإنافة 2/
3 و 7، وتاريخ ابن خلدون 3/ 478 و 5/ 13، والسلوك للمقريزي ج 1 ق 1/
33، والنجوم الزاهرة 5/ 134، 135، وتاريخ الخلفاء 425، وشذرات الذهب 3/
376، وأخبار الدول للقرماني 2/ 165، 455، 456، 467، 469، 473، 513،
ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 52، 73.
(33/162)
وستّين. فخرج عليه عمّه صاحب كرْمان،
فتواقعا وقعةً كبيرة بقُرب هَمَذَان، فانهزم عمّه، ثمّ أتي به أسيرًا
فقال: أمراؤك كاتبوني. وأحضر كُتُبَهم في خريطة، فناولها لنظام المُلْك
ليقرأها، فرمى بها في مِنْقَل نارٍ بين يديه، فأحرقها، فسكنت قلوب
الأمراء، وبذلوا الطّاعة. وكان ذلك سبب ثبات ملكه. وخنق عمَّه بوَتَر.
وتمَّ له الأمر، وملك من الأقاليم ما لم يملك أحدٌ من السّلاطين، فكان
في مملكته جميع بلاد ما وراء النّهر، وبلاد الهَيَاطِلَة [1] ، وباب
الأبواب، وبلاد الرّوم، والجزيرة، والشّام.
وملك من مدينة كَاشْغَر، وهي أقصى [2] مدينة بالتُّرْك إلى بيت المقدس
طولًا، ومن القُسْطَنْطِينيّة إلى بلاد الخَزَر وبحر الهند عرضًا.
وكان من أحسن الملوك سيرة، ولذلك كان يُلقَّب بالسّلطان العادل، وكان
منصورًا في حروبه، مُغْرى بالعمائر وحفْر الأنهار، وعمّر الأسوار
والقناطر، وعمَّر جامعًا ببغداد، وهو جامع السّلطان، وأبطل المُكُوس
والخفّارات في جميع بلاده. كذا نقل ابنُ خَلِّكان في «تاريخه» [3] ،
فاللَّه أعلم.
قال: وصنع بطريق مكّة مصانع للماء، غرِم عليها أموالًا كثيرة. وكان
لهِجًا بالصَّيْد، حتّى قِيل إنّه ضُبط ما اصطاده بيده، فكان عشرة آلاف
وحش، فتصدَّق بعشرة آلاف دينار، وقال: إنّي خائف من الله تعالى لإزهاق
الأرواح من غير مأكَلَةٍ.
شيَّع مرّةً الحاجّ. فتعدَّى العُذَيْب [4] ، وصاد في طريقه وحشًا
كثيرًا، يعني هو وجنده، فبنى هناك منارةً، من حوافر حُمْر الوحْش وقرون
الظِّباء، وهي باقية تُعرف بمنارة القرون [5] .
وأمّا السُّبُل فأمِنَت في أيّامه أمرًا زائدًا، ورخصت الأسعار، وتزوّج
أمير
__________
[1] الهياطلة: مفردها هيطل. اسم لبلاد ما وراء النهر، وهي بخارى
وسمرقند وخجند.
[2] في الأصل: «أقصى» .
[3] وفيات الأعيان 5/ 284.
[4] العذيب: هو ماء بين القادسية والمغيثة، بينه وبين القادسية أربعة
أميال. (معجم البلدان 4/ 92) .
[5] وفيات الأعيان.
(33/163)
المؤمنين المقتدي باللَّه بابنته. وكان
السّفير بينهما الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، وكان زفافها إلى الخليفة
سنة ثمانين وأربعمائة، وفي صبيحة دخول الخليفة بها عمل وليمةً هائلة
لعسكر ملك شاه، كان فيها أربعون ألفًا منًّا سُكَّر، فأولدها جعفرا [1]
.
ودخل ملك شاه بغداد مرَّتين. وكان ليس للخليفة معه سوى الاسم، وقدمها
ثالثًا متمرِّضًا.
وكان المقتدي قد جعَل ولده المستظهر باللَّه وليّ العهد، فألزم ملك شاه
الخليفة أن يعزله، ويجعل ابن بنته. جعفرًا وليّ العهد، وكان طفلًا، وأن
يسلّم بغداد إلى السّلطان ويخرج إلى البصرة. فشقَّ ذلك على الخليفة،
وبالغ في استنزال السّلطان ملك شاه عن هذا الرّأي، فأبى، فاستمهله عشرة
أيّام ليتجهَّز، فقيل إنّه جعل يصوم ويطوي، فإذا أفطر جلس على الرّماد
يدعو على ملك شاه، فقوي به مرضه، ومات في شوّال.
وكان نظام المُلْك قد مات من أكثر من شهر، فقيل إنّ ملك شاه سُمّ في
خلالٍ تخلّل به فهلك، ولم تشهده الدّولة، ولا عُمِل عزاؤه، وحُمِل في
تابوت إلى إصبهان، فدُفِن فيها في مدرسةٍ عظيمة، ووقى الله شرَّه [2] .
وتزوّج المستظهر باللَّه بخاتون بنته الأخرى.
167- منصور بن أحمد بن محمد [3] .
أبو المظفّر البسْطاميّ، ثمّ البلْخيّ، الفقيه الحنفيّ. أحد الأعلام.
كان ذا حشْمةٍ وأموالٍ وجاهٍ وتقدُّم.
سمع: أباه، وعبد الصّمد بن محمد العاصميّ، وأبا بكر محمد بن عبد الله
بن زكريّا الْجَوْزَقيّ.
كذا قال السّمعانيّ إنّه سمع من الجوزقيّ، وهو وهم.
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 160، 161، وفيات الأعيان 5/ 288.
[2] وفيات الأعيان 5/ 188.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/164)
قال: وأبا عليّ بن شاذان، وأبا طاهر عبد
الغفار المؤدّب، وأبا القاسم عبد الرحمن بن الطّبَيّز بدمشق، وأبا
القاسم الزَّيْديّ بحَرَّان، ومصر، وحلب، وهَرَاة.
روى عنه: السّمعانيّ محمد بن القاسم بن المظفّر الشّهْرُزُوريّ، وعمر
بن عليّ المحموديّ قاضي بلْخ.
وتُوُفّي ببلْخ في رمضان.
- حرف الهاء-
168- هبة الله بن عبد الوارث بن عليّ [1] .
أبو القاسم الشّيرازيّ، الثّقة الحافظ الجوّال.
سمع بخُراسان، والعراق، والجبال، وفارس، وخوزستان، والحجاز، واليمن،
ومصر، والشّام، والجزيرة.
وحدَّث عن: أبي بكر محمد بن الحسن بن الليث الشّيرازيّ، وأحمد بن عبد
الباقي بن طَوْق، وعبد الباقي بن فارس المقرئ، وعبد الجبّار بن عبد
العزيز بن قيس الشّيرازيّ، وأبي جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن
المأمون، وعبد الرّزّاق بن شمة، [2] واحمد بن الفضل الباطرقانيّ [3] ،
وخلق كثير.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن عبد الوارث) في: التحبير 1/ 335، 368، 598 و
2/ 66، 145، 149، 445، والمنتظم 9/ 74، 75 رقم 109 (16/ 314 رقم 3631)
، والمنتخب من السياق 477 رقم 1621، وأدب الإملاء والاستملاء لابن
السمعاني 131 (طبعة ليدن) ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 3/ 342 و
18/ 266 و 20/ 212 و 23/ 118، والكامل في التاريخ 10/ 218، ومختصر
تاريخ دمشق لابن عساكر 27/ 67، 68 رقم 28، والعبر 3/ 314، وسير أعلام
النبلاء 19/ 17- 19 رقم 11، وتذكرة الحفاظ 4/ 1215، 1216، والمستفاد من
ذيل تاريخ بغداد 246- 248 رقم 191، والبداية والنهاية 12/ 144، وملخص
تاريخ الإسلام لابن الملّا (مخطوطة مكتبة الأوقاف ببغداد) 7/ 69 أ،
والأعلام لابن قاضي شهبة (وفيات سنة 485 هـ.) ، وطبقات الحفاظ 446،
447، وفيه «هبة الله بن عبد الرزاق» ، وكشف الظنون 296، وشذرات الذهب
3/ 379، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 59 و 7/ 49، وموسوعة علماء المسلمين في
تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 142، 143 رقم 1764، ومعجم طبقات الحفاظ
والمفسّرين 181 رقم 1004، والأعلام 8/ 73.
[2] هكذا في الأصل وتذكرة الحفاظ 4/ 1215، أما في العبر 3/ 242،
والمستفاد 247 «سمه» بالسين المهملة.
[3] الباطرقاني: بفتح الباء وكسر الطاء المهملة وسكون الراء وفتح القاف
وفي آخرها النون. هذه
(33/165)
وصنَّف «تاريخ شيراز» .
قال السمعانيّ: كان ثقةً صالحًا ديِّنًا خيِّرًا، حَسَن السّيرة. كثير
العبادة، مشتغلًا بنفسه. خرَّج التّخاريج، واستفاد وأفاد، وسمَّع جماعة
من الطّلبة ببركته وقراءته، وانتفعوا بصُحْبته.
وورد بغداد سنة سبْعٍ وخمسين.
روى لنا عنه: أبو الفتح محمد بن عبد الرحمن الخطيب، وعمر بن أحمد
الصّفّار، وأحمد بن ياسر المقرئ، وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف
الباشانيّ [1] ، وأبو القاسم إسماعيل الحافظ، وأبو بكر اللَّفْتُوانيّ،
[2] وغيرهم.
وسكن في آخر عمره مَرْو، وتُوُفّي بها.
وقال ابن عساكر: [3] روى عنه نصر المقدسيّ، وغيْث بن عليّ.
وثنا عنه: هبة الله بن طاوس، وأَبُو نصر اليُونَارتيّ [4] ، فحدَّثنا
عنه ابن طاوس: ثنا أبو زُرْعة أحمد بن يحيى الخطيب بشيراز إملاءً: أنا
الحسن بن سعيد المطَّوِّعيّ، ثنا أبو مسلم الكجّيّ، فذكر حديثًا.
وقال عبد الغافر في «تاريخه» [5] : هو شيخ عفيف، صُوفيّ، فاضل. طاف
البلاد، وسمع الكثير، وخطّه مشهور معروف. وكان كثير الفوائد [6] .
وقال محمد بن محمد الفاشانيّ: كنتُ إذا مضيت إلى أبي القاسم هبة الله،
__________
[ () ] النسبة إلى باطرقان، وهي إحدى قرى أصبهان. (الأنساب 2/ 40) .
[1] الباشاني والفاشاني: بفتح الفاء والشين نسبة إلى فاشان، قرية من
قرى مرو، وقد تصحفت في المنتظم 10/ 54 إلى «القاساني» ، وفي الجواهر
المضيّة 2/ 122 إلى «القاشاني» .
[2] اللّفتواني: بفتح اللام وسكون الفاء وضم التاء، (الأنساب) ، وقال
ياقوت: بفتح التاء. نسبة إلى لفتوان، قرية من قرى أصبهان. (معجم
البلدان) .
[3] في تاريخ دمشق 45/ 481.
[4] اليونارتي: نسبة إلى يونارت، قرية على باب أصبهان.
[5] في المنتخب 477.
[6] عبارته في (المنتخب) : قدم نيسابور مرارا وسمع، وكان قد طاف
البلاد، وصحب أبا الليث نصر بن الحسن التنكتي الشاشي، وسمع معه من
مشايخ العراق، ومن أبي بكر الخطيب.
وسمع معنا وفارقنا، ثم جاء نعيه من مرو سنة ست وثمانين وأربعمائة.
روى عنه أبو الحسن إجازة وقال: أجاز لنا الرواية عنه بجميع مسموعاته عن
أبي بكر مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الليث
الحافظ.
(33/166)
وكان قد نزل برباط يعقوب الصُّوفيّ بظاهر
مَرْو، أخذ بيدي وأخرجني إلى الصّحراء وقال: اقرأ ما تريد، فالصُّوفيّة
يتبرَّمون بمن يشتغل بالعلم والحديث، ويقولون: هم يشوّشون علينا
أوقاتَنَا.
وقال عمر أبو الفتيان الرُّؤاسيّ: إنّ هبة الله مات بمَرْو في شهور سنة
ستٍّ وثمانين.
وقال أبو نصر اليُونَارتيّ: تُوُفّي هبة الله بمرْو بالبُطْن في رمضان
سنة خمسٍ وثمانين.
وقال محمد بن محمد الفاشانيّ: احتاج هبة الله ليلةَ مات إلى القيام
سبعين كرّةً، أقل أو أكثر، وفي كلّ نَوْبةٍ يغتسل في النّهر، إلى أنْ
تُوُفّي على الطّهارة [1] ، رحمه الله.
وقال المؤتمن السّاجيّ: بذلَ نفسَه في طلب الحديث جدًّا، وسألني،
فخرّجت له جزءين في صلاة الضُّحى، ففرح بهما شديدا [2] .
__________
[1] انظر المنتظم 16/ 314، وسير أعلام النبلاء 19/ 19، والمستفاد 248.
[2] وقال ابن الجوزي: «وكان حافظا متقنا ثقة صالحا خيّرا ورعا، حسن
السيرة، كثير العبادة، مشتغلا بنفسه، وخرّج التخاريج، وصنّف، وانتفع
جماعة من طلاب الحديث بصحبته ...
ودخل صريفين، فرأى أبا محمد الصريفيني، فسأله: هل سمعت شيئا من الحديث؟
فأخرج إليه أصوله فقرأها عليه، وكتب إلى بغداد. فأخبر الناس، فرحلوا
إليه» . (المنتظم) .
وقال الدمياطيّ: سافر كثيرا، وتغرّب في طلب الحديث، كثير الكتب، حسن
الخلق جميل الطريقة، كان يختلف إلى سماع الحديث إلى أن مات. (المستفاد)
.
وقال ابن الأثير: الحافظ، أحد الرحّالين في طلب الحديث شرقا وغربا،
وقدم الموصل من العراق. وهو الّذي أظهر سماع «الجعديات» لأبي محمد
الصريفيني ولم يكن يعرف ذلك.
(الكامل) . وقال ابن كثير: «له تاريخ حسن» . (البداية والنهاية) .
و «أقول» : دخل هبة الله في رحلته طرابلس وسمع بها عبد الرحمن بن علي
بن أبي العيش الأطرابلسي المتوفى سنة 464، وطاهر بن عبد العزيز
البغدادي المقرئ الّذي حدّث بطرابلس، وطاهر بن محمد بن سلامة القضاعي
المصري الّذي حدّث بطرابلس وتوفي بعد سنة 463 هـ.
ودخل بيروت وروى، فسمعه بها عبد الله بن الحسن الديباجي العثماني.
وروى هبة الله عن أبي الحسين أحمد بن محمد بن عبد الله بن المخ
الصيداوي. (انظر:
موسوعة علماء المسلمين 5/ 142، 143) .
(33/167)
سنة ست وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
169- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن أَحْمَد [1] .
أبو الحسين التّغلبيّ الأرتاحيّ [2] .
تُوُفّي بدمشق.
روى عن: أبي الحسن الحِنّائيّ.
روى عنه: ابن صابر شيئًا.
170- أحمد بن عليّ بن قُدامة [3] .
القاضي أبو المعالي الحنفيّ، من بني حنيفة، البغداديّ، الكرْخيّ،
الشّيعيّ، من أجلاد الرّافضة وعلمائهم وصُلحائهم. له خبرة بالكلام
والجدل والفقه.
قرأ على: الشّريف المرتَضَى، وعلى أخيه الشّريف الرّضيّ.
روى عنه: الحسن بن محمد الأسْتِراباذيّ الفقيه، وأحمد بن محمد
العُطَارديّ [4] الكرْخيّ.
ذكره ابن السّمعانيّ في «الذّيل» .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن أحمد) في: تاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد
بن محمد بن المؤمل) 19 رقم 13.
[2] الأرتاحي: نسبة إلى أرتاح، حصن منيع من العواصم من أعمال حلب.
(معجم البلدان) .
[3] انظر عن (أحمد بن علي بن قدامة) في: طبقات أعلام الشيعة (النابس في
القرن الخامس) 21.
[4] العطاردي: بضم العين، وفتح الطاء، وكسر الراء، والدال المهملات.
هذه النسبة إلى «عطارد» هو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 8/
476) .
(33/168)
وتُوُفّي في شوال [1] .
171- أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم [2] .
الخبّاز الأصبهاني المؤدب.
مات في المحرَّم.
عبدٌ صالحٌ، خيّر.
سمع من: أبي منصور بن معمَّر، وأبي الحسن الْجُرْجَانيّ.
172- أحمد بن محمد بن أبي العباس [3] .
اللباد.
قُتِل في آخر شعبان [4] .
173- إبراهيم بن محمد [5] .
أبو إسحاق البَجَليّ البُوشَنْجيّ [6] .
سكن دمشق، وأمَّ بمسجد دار بِطّيخ [7] . وكان يكتب المصاحف، ثمّ ولي
__________
[1] وقال آغا بزرك الطهراني: كان قاضي الأنبار، ومن تلاميذ المفيد، وقد
قرأ عليه «الإرشاد إلى معرفة حجج الله على العباد» في سنة 411، ويرويه
عنه السيد الأجلّ أبو الفتح يحيى بن محمد بن نصر بن علي بن حبا في سنة
ثمان وسبعين وأربعمائة على ما هو في أول بعض نسخ «الإرشاد» .
وفي «نزهة الأدباء» لعبد الرحمن بن محمد الأنباري، تلميذ أبي السعادات
ابن الشجري أنه توفي سنة 486 في خلافة المقتدي، وكان له معرفة بالفقه
والشعر، وكان أديبا.
ويروي عنه القاضي عماد الدين الحسن بن محمد بن أحمد الأسترابادي قاضي
الري، كما في «المناقب» لابن شهرآشوب.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد اللبّاد) في: المنتظم 9/ 77 رقم 111 (17/ 6 رقم
3633) .
[4] قال ابن الجوزي: أبهريّ الأصل أصبهانيّ المولد والمنشأ، أحد عدول
أصبهان. رحل البلاد وسمع الكثير، وجمع الشيوخ، وكان ثقة، حسن الخلق،
سليم. مضت أموره على السداد.
قتل في أيام الباطنية مظلوما في شوال هذه السنة.
[5] انظر عن (إبراهيم بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 160
رقم 159، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 298.
[6] البوشنجيّ: بضم الباء الموحّدة، وسكون الواو، وفتح الشين المعجمة،
وسكون النون، وكسر الجيم. نسبة إلى بوشنج: بليدة نزهة خصيبة في واد
مشجر من نواحي هراة. (معجم البلدان 1/ 508) .
[7] انظر عنها في: الدارس في تاريخ المدارس 1/ 451 و 2/ 119.
(33/169)
إمامة الجامع مدّة.
وسمع: أبا عليّ بن أبي نصر التّميميّ، ورشأ بن نظيف، والأهوازيّ.
روى عنه: أبو القاسم بن عَبْدان، وأبو القاسم بن جابر.
تُوُفّي في المحرَّم، وكان ثقة صالحًا.
مولده سنة 407.
174- إسماعيل بن عليّ بن عبد الله [1] .
الحاكم أبو الحسن النّاصحيّ الحنفيّ النَّيْسابوريّ.
روى عن: عبد الله بن يوسف الأصبهاني، والحاكم أبي الحسن بن السّقّاء،
وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ.
وعنه: عبد الغافر، وقال: مات في جُمَادى الآخرة [2] .
- حرف الباء-
175- بلال بن الحسين السّقْلاطُونيّ [3] .
سمع. أبا القاسم بن بِشْران.
وعنه: أبو الوفاء بن الحُصَيْن، وغيره.
مات سنة 487.
- حرف التّاء-
176- تاج المُلْك.
الوزير.
اسمه مرزبان. يأتي [4] .
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: المنتخب من السياق 144 رقم 329.
[2] وقال: ولد حوالي أربعمائة كما أظنّ، والله أعلم.
[3] لم أجد مصدر ترجمته. كما لم أجد «السقلاطوني» في كتب الأنساب.
[4] برقم (201) .
(33/170)
- حرف الحاء-
177- الحسن بن عَنْبَس بن مسعود [1] .
أبو محمد الرّافقيّ [2] . الشّيخ المعمّر الشّيعيّ، العارف بمذهب
القوم.
ذكر الكراجكيّ [3] أنّه اجتمع به بالرّافقة [4] ، ورأى له حلقة عظيمة
يقرءون عليه مذهب الإماميّة. وكان بصيرًا بالأصول.
يذكر أنّه قرأ على الشّيخ المفيد، ولقي القاضي عبد الجبّار.
مات وقد نيَّف على المائة [5] .
178- الحسين بن عبد العزيز [6] .
أبو عبد الله النّحّاس البزّاز.
بغداديّ، سمع: عبد الملك بن بِشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
وسمع: ابن أبي الفوارس، وأبي الحسين بن بِشْران.
179- حَمْد بن أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مهرة
[7] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن عنبس) في: لسان الميزان 2/ 232 رقم 1018، وأعيان
الشيعة (الطبعة الجديدة) 5/ 221.
[2] الرافقي: بفتح الراء وكسر الفاء والقاف. هذه النسبة إلى الرافقة،
وهي بلدة كبيرة على الفرات يقال لها: الرقة الساعة، والرقة كانت بجنبها
فخربت، فقالوا: الرقة. (الأنساب 6/ 49) .
وقد تصحّفت في (لسان الميزان) إلى «المرافقي» بالميم في أولها.
[3] هو محمد بن علي بن عثمان أبو الفتح الكراجكي الخيمي المتوفى بصور
سنة 449 هـ.
و «الكراجكي» : بفتح الكاف والجيم في (الأنساب 10/ 372، وبضم الجيم في
(معجم البلدان 4/ 247) .
[4] في (لسان الميزان) : «بالمرافقة» ، وهو غلط.
[5] وقال ابن حجر: مات سنة خمس وثمانين وأربعمائة، ويقال: سنة ست
وثمانين وأربعمائة، ومن شيوخه: الصفورائي، وأبو جعفر بن بابويه. وكانت
له خصوصية بالصاحب ابن عباد.
(لسان الميزان) .
وقد علّق على قول ابن حجر المحسن الأمين بقوله: «والعجب أنه لا ذكر له
في رجال أصحابنا» . (أعيان الشيعة) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
[7] انظر عن (حمد بن أحمد) في: التحبير 1/ 537، والمنتظم 9/ 88 رقم 128
(17/ 19 رقم
(33/171)
أبو الفضل الأصبهاني الحدّاد، أخو المقرئ
أبي عليّ الحدّاد.
قدِم بغداد حاجًّا سنة خمسٍ وثمانين، وحدَّث بكتاب «الحلية» لأبي
نُعَيْم، عنه [1] .
وسمع: أبا الحسن عليّ بن ميْلة، وعليّ بن عَبْدكُوَيْه، وأبا سعيد بن
حَسْنَوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ الذَّكّوانيّ، وعليّ بن أحمد بن
محمد بن حسين، وجماعة.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا صحيح السّماع، محقّقًا، فاضلًا في الأخذ
[2] .
ثنا عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنْماطيّ، ومحمد
بن البطّيّ، وغير واحد [3] .
قلت: ورّخه بعض الأصبهانيين في هذا العام في جُمَادى الأولى.
وقال السّمعانيّ: ورَدَ نعيه من إصبهان إلى بغداد في ذي الحجّة سنة
ثمان وثمانين [4] .
__________
[3649] ، والتقييد لابن نقطة 255 رقم 312، والكامل في التاريخ 10/ 254،
والعبر 3/ 311، وتذكرة الحفاظ 3/ 1199، والإعلام بوفيات الأعلام 312،
والكامل في التاريخ 10/ 254، والعبر 3/ 311، وتذكرة الحفاظ 3/ 1199،
والإعلام بوفيات الأعلام 200، وسير أعلام النبلاء 19/ 20، 21 رقم 13،
ومرآة الجنان 3/ 142، وشذرات الذهب 3/ 377 وسيعاد في وفيات سنة 488 هـ.
برقم (260) .
وقد وردت «مهرة» هكذا في الأصل، والتقييد 255، وهامش الأصل من سير
أعلام النبلاء.
أما في المطبوع من (سير أعلام النبلاء) : «مهران» .
وفي المنتظم- في طبعتيه القديمة والحديثة-: «مسهرة» .
[1] وحدّث بمسند أبي داود للطيالسي. (التقييد 255) .
[2] المنتظم، التقييد.
[3] وقال السلفي. سألت أبا عامر العبدري عن حمد الحدّاد، فقال: كتبنا
عنه، قلّ من رأيت مثله في الثقة، كان يقابل، ولا يثق بغيره.
وقال أبو علي الصدفي: كان فاضلا جليلا عند أهل بلده، وكانت له مهابة.
وقال ابن النجار: قرأت بخط أبي عامر محمد بن سعدون: حجّ حمد الحدّاد،
ثم انصرف، فنزل بالحريم، وحدّث بكتاب «الحلية» وغير ذلك، سمعت منه،
وكان ذا وقار وسكينة، يقظا فطنا، ثقة ثقة، حسن الخلق، رحمه الله. (سير
أعلام النبلاء 19/ 21) .
[4] أرّخ ابن الجوزي، وابن نقطة وفاته في هذه السنة 488 هـ.
(33/172)
- حرف الخاء-
180- خَلَف بن أحمد بن داود [1] .
أبو القاسم الصَّدَفيّ البَلَنْسيّ.
سمع: أبا عمر بن عبد البرّ، وأبا الوليد الباجيّ.
وتفقّه وقال الشّعر.
ومات في ذي الحجّة في حصار بَلَنْسِيَة.
- حرف السّين-
181- سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان [2] .
الحافظ أبو مسعود الأصبهاني المِلَنْجيّ [3] .
سمع الكثير، ورحل وتعب.
قال السّمعانيّ: كانت له معرفة بالحديث. جمع الأبواب، وصنَّف
التّصانيف، وخرَّج على الصّحيحين [4] .
سمع: بإصبهان أبا عبد الله الْجُرْجَانيْ، وأبا بكر بن مردوَيْه، وأبا
سعد أحمد بن محمد الماليني، وأبا نُعَيْم الحافظ، وأبا سعيد النّقّاش،
وابن جولة الأَبْهريّ، وجماعة كثيرة.
وببغداد: أبا عليّ بن شاذان، وأبا بكر البرقانيّ، وأبا القاسم بن
بشران،
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (سليمان بن إبراهيم) في: التحبير 1/ 169، 212، 279، 311،
516، 601 و 2/ 41، 123، 135، 136، 164، 203، 313، 374، 418، 425،
والأنساب 11/ 473، 474، والمنتظم 9/ 78 رقم 112 (17/ 6 رقم 3634) ،
والمعين في طبقات المحدّثين 141 رقم 1541، والعبر 3/ 311، وسير أعلام
النبلاء 19/ 21- 24 رقم 14، والإعلام بوفيات الأعلام 200، وتذكرة
الحفاظ 3/ 1197- 1200، وميزان الاعتدال 2/ 195 رقم 3426، والمغني في
الضعفاء 1/ 277 رقم 2559، ومرآة الجنان 3/ 142، والبداية والنهاية 12/
145، ولسان الميزان 3/ 76، 77 رقم 278، وطبقات الحفاظ 443، وشذرات
الذهب 3/ 377، 378، والرسالة المستطرفة 30، ومعجم طبقات الحفاظ
والمفسّرين 97 رقم 996.
[3] الملنجيّ: بكسر الميم وفتح اللام، وسكون النون وفي آخرها جيم. هذه
النسبة إلى قرية بأصبهان، يقال لها ملنجة قد قيل إنها محلّة بأصبهان.
(الأنساب 11/ 473) .
[4] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1198، وسير أعلام النبلاء 19/ 23، ولسان
الميزان 3/ 76.
(33/173)
وأبا بكر بن هارون المنقّيّ [1] ، وأبا
القاسم الحرفيّ، وطبقتهم.
سمع منه: شيخه أبو نُعَيْم.
وروى عنه: أبو بكر الخطيب مع تقدُّمه، وثنا عنه: إسماعيل بن محمد
التَّيْميّ، وأحمد بن عمر الغازيّ، وهبة الله بن طاوس، وخلْق ببلاد
عديدة.
وسألتُ أبا سعد البغداديّ عنه، فقال: لا بأس به، ووصفه بالرحلة والجمع
والكثْرة. وقد كنّا يومًا في مجلسه، وكان يُمْلي، فقام سائلٌ وطلب
شيئًا، فقال سليمان: من شؤم السّائل أن يسأل أصحاب المحابر.
وسألت إسماعيل الحافظ عنه، فقال: حافظ، وأبوه حافظ [2] .
وقال أبو عبد الله الدّقّاق في «رسالته» : سليمان بن إبراهيم الحافظ له
الرحلة والكثرة، وأبوه إبراهيم يُعْرف بالفَهْم والحِفْظ، وهما أصحاب
أبي نُعَيْم، تُكلِّم في إتقان سليمان، والحفْظ: الإتقان، لا الكثرة
[3] .
قال السّمعانيّ: وسألت أبا سعد البغداديْ عن سليمان نوبةً أخرى، فقال:
شنَّع [4] عليه اصحاب الحديث في جزءٍ ما كان له به سماع. وسكتّ أنا عنه
[5] .
وقال يحيى بن مَنْدَهْ في «طبقات الأصبهانيين» في ترجمة سليمان: إلّا
أنّه في سماعه كلام. سمعتُ من الثّقات أنّ له أخًا يُسمَّى إسماعيل،
وكان أكبر منه، فحكّ اسمه وأثبت اسم نفسه مكانه، وهو شيخ شَرِه لا
يتورَّع، لحَّانٌ وَقَاح [6] .
وقال عبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ إنّ سليمان وُلِد في رمضان سنة سبع
وتسعين وثلاثمائة.
__________
[1] المنقي: بضم الميم وفتح النون، وكسر القاف. هذه النسبة إلى من
ينقّي الحنطة. (الأنساب 11/ 504) .
[2] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1198، وسير أعلام النبلاء 19/ 23، ولسان
الميزان 3/ 76.
[3] انظر المصادر السابقة.
[4] في الأصل: «شنعوا» وهو غلط.
[5] انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1198، وسير أعلام النبلاء 19/ 23.
[6] انظر المصدرين السابقين. ويقال: وقح الرجل: إذا صار قليل الحياء،
فهو وقح ووقاح. (لسان العرب) .
(33/174)
وقال غيره: تُوُفّي في ذي القعدة [1] .
وممّن روى عنه: أبو جعفر محمد بن الحسن الصَّيْدَلانيّ، وأبو عليّ شرف
بن عبد المطّلب الحسينيّ، ومحمد بن طاهر الطُّوسيّ، ومحمد بن عبد
الواحد المَغَازليّ، ومسعود بن الحسن الثّقفيّ، ورجاء بن حامد
المَعْدانيّ [2] .
أَنْبَأَنَا الْمُسْلِمُ بْنُ عَلَّانَ، وَغَيْرُهُ قَالُوا: أَنَا
أَبُو الْيُمْنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أنا
أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو
مَسْعُودٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ
الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ
الْبَغْدَادِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا زُهَيْرٌ، ثنا
أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتَنِ رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَاللَّهِ مَا تَرَكَ
رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا
عَبْدًا وَلَا أَمَةً، وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ،
وَسِلَاحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً» [3] .
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأُرْمَوِيُّ: [4]
أَخْبَرَتْنَا كَرِيمَةُ الْقُرَشِيَّةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
الْحَسَنِ الصَّيْدَلَانِيِّ قَالَ: أنا سُلَيْمَانُ الْحَافِظُ،
فَذَكَرَهُ. هَذَا حَدِيثٌ عَالٍ، وَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً، مِنْ
حَيْثُ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ
الْحَارِثِ، وَأنَّ الْخَطِيبَ رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ. وَعَاشَ
الصَّيْدَلَانِيُّ هَذَا بَعْدَ الْخَطِيبِ مَائَةَ سَنَةٍ وَخَمْسِ
سِنِينَ، وللَّه الْحَمْدُ.
- حرف العين-
182- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ محمد بن زِكْرِيّ
[5] .
__________
[1] وقال المؤلّف في (ميزان الاعتدال 2/ 195) : بقي إلى سنة خمس
وثمانين وأربعمائة. وقال ابن السمعاني: وتوفي سنة نيّف وثمانين
وأربعمائة. (الأنساب 11/ 474) .
[2] المعداني: بفتح الميم، وسكون العين، وفتح الدال نسبة إلى معدان،
وهو اسم لجدّ المنتسب إليه.
[3] أخرجه البخاري في أول الوصايا (2739) برواية إبراهيم بن الحارث،
ومن طرق أخرى برقم (2873) و (2962) و (3098) و (4461) ، وأحمد في مسندة
4/ 279، والنسائي في الأحباس 6/ 229.
[4] الأرمويّ: بضم الألف، وسكون الراء، وضم الميم. نسبة إلى أرمية، وهي
من بلاد أذربيجان.
(الأنساب 1/ 190) .
[5] انظر عن (عبد الله بن علي الدقاق) في: المنتظم 9/ 78 رقم 114 (17/
6 رقم 3636) ،
(33/175)
أبو الفضل الدّقّاق الكاتب. بغداديّ مشهور.
سمع: أبا الحسين بن بشران، وأبا الحسن الحمامي.
وعنه: إسماعيل بن محمد، وأبو سعْد البغداديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ،
وأبو بكر بن الزّاغُونيّ، ومحمد بن أحمد بن سوار.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان صالحًا ديِّنًا، ثقة.
وقال القاضي عياض: سألت أبا عليّ بن سُكَّرَة عن عبد الله بن زِكْريّ
فقال: كان شيخًا عفيفًا، كنّا نقرأ عليه في داره.
وقال غيره: ولد سنة أربعمائة في آخرها. وكانت وفاته في ذي القعدة.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أنا عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أَحْمَدَ، أنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أنا
أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ،
ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ،
عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّكُمْ
سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ،
كَمَا تَنْظُرُونَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَمَنِ
اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يُغْلَبَ عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ
الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا، فَلْيَفْعَلْ» [1] .
183- عبد الله بن عمر بن مأمون [2] .
إمام أهل سجِسْتان. شيخ كبير القدْر.
سمع: عليّ بن بُشْرَى اللّيثيّ، وجماعة بسجستان.
__________
[ () ] والمعين في طبقات المحدّثين 141 رقم 1542، وتذكرة الحفاظ 3/
1199، وسير أعلام النبلاء 18/ 603، 604 رقم 302، والعبر 3/ 312 وفيه
«ابن ذكري» بالذال، وهو تحريف، وشذرات الذهب 3/ 378.
[1] أخرجه البخاري في الرقاق 7/ 205 باب: الصراط جسر جهنم، من طريق
الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، في حديث طويل، وفي
التوحيد 8/ 179 باب قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى
رَبِّها ناظِرَةٌ 75: 22- 23 من طريق زائدة، عن بيان بن بشر، عن قيس،
عن جرير، وأبو داود في السّنّة (4729) باب في الرؤية، بالسند المذكور.
والترمذي في الجنة (2675) باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، وأحمد
في المسند 3/ 16، 17، 26، 27.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/176)
أكثر الحافظ أَبُو محمد الرّهاويّ، عن
حفيده أبي عَرُوبة، عنه.
مات في ذي الحجّة.
184- عبد الباقي بن أحمد البزّاز [1] .
دمشقيّ.
يروي عن: أبي الحسن بن السّمْسار.
روى عنه: عبد الله، وعبد الرحمن ابنا صابر [2] .
185- عبد الحميد بن محمد [3] .
الفقيه أبو محمد بن الصائغ القيرواني.
سكن سوسة، وأدرك أبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا عمران الفاسي. وتفقه
بالعطّار، وجماعة.
وله تعليقة على «المدوّنة» . وعليه تفقّه المازريّ المهدويّ، وأبو عليّ
بن البربريّ، وجماعة.
طلبه صاحب المَهْدَيّة تميم بن المُعِزّ بن باديس ليكون مفتي البلد،
فأقام عنده مدّة.
وتوفّي في هذا العام.
__________
[1] انظر عن (عبد الباقي بن أحمد) في: ذيل تاريخ مولد العلماء ووفاتهم
164، وتاريخ دمشق (عبد الله بن مسعود- عبد الحميد بن بكار) 411، 412،
ولسان الميزان 3/ 383 رقم 1535.
[2] قال أبو القاسم بن صابر: ولد شيخنا القاضي أبو الحسن عبد الباقي بن
أحمد بن هبة الله البزاز في شهر ربيع الأول سنة سبع وأربعمائة.
سمعت أبا محمد بن طاوس يذكر أن أبا الحسن صهر الأهوازي أخرج له جزءا قد
زوّر السماع فيه لنفسه من الأهوازي بمداد، فلم يقرأه عليه، وكان فيه
سماع ابن الموازيني، أو ابن الحنّائيّ، فقرأه عليه.
وقال أبو محمد بن الأكفاني: وفيها- يعني سنة ثمانين وأربعمائة- توفي
أبو الحسن عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله في شهر رمضان بدمشق.
وقال ابن عساكر: وذكره أبو محمد بن صابر فيما نقلت من خطه أنه مات ليلة
الخميس العاشر من شهر رمضان، وأنه كذّاب.
وكان عبد الباقي قد وقف خزانة فيها كتب على الزاوية الغربية من ساحة
جامع دمشق.
[3] انظر عن (عبد الحميد بن محمد) في: مدرسة الحديث في القيروان 2/
965.
(33/177)
186- عبد الحميد بن منصور بن محمد بن
إبراهيم بن عبد الله [1] .
الأستاذ أبو محمد البَجَليّ، الجريريّ، العراقيّ، المقرئ المجوّد.
شيخ القرّاء بسَمَرْقَنْد.
تُوُفّي في ذي الحجّة بسَمَرْقَنْد.
روى عن: الحسين بن عبد الواحد الشّيرازيّ.
روى عنه: محمد بن عمر كاك البخاريّ [2] .
187- عبد الحميد.
أبو محمد التُّونسيّ الزّاهد.
تفقّه على: أبي عمران الفاسيّ، وأبي إسحاق التُّونسيّ.
ومال إلى الزُّهد والتَّقشُّف، وسكن مالقة، واستقرّ أخيرًا بأغْمات،
ودرس النّاسُ عليه الفقْه، ثمّ تركه لمّا رآهم نالوا به الخطط
والعمالات، وقال: صرْنا بتعليمنا لهم كبائع السّلاح من اللّصوص.
قال ابن بَشْكُوال: وكان ورِعًا متقلّلًا من الدّنيا، هاربًا عن أهلها.
تُوُفّي بأغْمات رحمه الله.
188- عبد القادر بن عبد الكريم بن حسين [3] .
أبو البركات الدّمشقيّ الخطيب.
أصله من الأنبار.
سمع: محمد بن عوف، وغيره.
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن منصور) في: غاية النهاية 1/ 361 رقم 1545
وفيه اسمه: «عبد الحميد بن منصور بن أحمد بن إبراهيم فخر الإسلام ابن
الشيخ منصور العراقي» .
[2] قال ابن الجزري: مقريء حاذق متصدّر، تلا بالروايات على أبيه،
واختصر كتاب الإشارة وسمّاه «البشارة من الإشارة» في القراءات العشر،
واختيار أبي حاتم. وقفت عليه ولا بأس به، لا أعرف من قرأ عليه، وأظنّه
بعد إلى حدود العشرين وأربعمائة» .
«أقول» هكذا ورد عند ابن الجزري، وليس في ترجمته إشارة إلى أنه كان
بسمرقند. مما يشكّك في أن تكون ترجمته هي لصاحب الترجمة هنا. خاصّة وأن
تاريخ الوفاة لا يتفق مع إثبات صاحب الترجمة في وفيات هذه السنة. وهذا
يجعلنا نظنّ أن الاسم هو نفسه لصاحب الترجمة- على الأرجح-، أما الترجمة
فهي مركّبة عليه أو مقحمة. والله أعلم.
[3] انظر عن (عبد القادر بن عبد الكريم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 15/ 167 رقم 158.
(33/178)
روى عنه: الخضر بن عبْدان، ونصر بن مقاتل.
ووثّقه أبو محمد بن صابر.
خطب بدمشق لبني العبّاس وللمصريّين [1] .
189- عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد [2] .
الشّيخ القُدْوة، أبو الفَرَج الفقيه الحنبليّ، الواعظ الشّيرازيّ
الأصل، الحرّانيّ المولد.
وكان يُعرف في بغداد بالمقدسيّ.
سمع بدمشق من: أبي الحسن عليّ بن السّمْسار، ومن: عبد الرّزّاق بن
الفضل الكَلاعيّ، وشيخ الإسلام أبي عثمان الصَّابونيّ.
ورحل إلى بغداد، ولزِم القاضي أبا يَعْلَى، وتردَّد إليه سِنين عديدة،
ونسخ واستنسخ تصانيف القاضي، وبرع في الفقه.
وسافر إلى الرَّحْبَة، ثمّ رجع إلى دمشق، وبَثَّ بها مذهب أحمد،
وبأعمال بيت المقدس.
وصنَّف التّصانيف في الفِقْه والأُصُول.
قال أبو الحسين بن الفرّاء [3] : صحِب والدي، وسافر إلي الشّام وحصل له
الأتباع والغلمان.
__________
[1] وقال ابن عساكر: ولد أبو البركات الخطيب سنة تسع عشرة وأربعمائة
بدمشق، وتوفي سنة ست وثمانين وأربعمائة. ثقة، لم يكن الحديث من شأنه.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: طبقات الحنابلة 2/ 248، 249 رقم
685، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 25/ 103، وذيل تاريخ دمشق لابن
القلانسي 125، والكامل في التاريخ 10/ 228، ودول الإسلام 2/ 15، والعبر
3/ 312، وسير أعلام النبلاء 19/ 51- 53 رقم 32، وتذكرة الحفاظ 3/ 1199،
والإعلام بوفيات الأعلام 200، والمعين في طبقات المحدّثين 141 رقم
1543، ومرآة الجنان 3/ 142، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 68- 73 رقم 28،
والدارس في تاريخ المدارس 2/ 65، 66، والأنس الجليل في تاريخ القدس
والخليل 1/ 297 وفيه: «عبد الواحد بن أحمد بن محمد» ، وطبقات المفسّرين
للداوديّ 1/ 360- 362، وشذرات الذهب 3/ 378، وإيضاح المكنون 1/ 155 و
2/ 287، وهدية العارفين 634، ومعجم المؤلفين 6/ 212.
[3] في طبقات الحنابلة 2/ 248.
(33/179)
قال: وكانت له كرامات ظاهرة، ووقعات مع
الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجّة في مجالس السّلاطين بالشّام.
قال أبو الحسين: ويقال إنّه اجتمع بالخضر مرّتين، وكان يتكلّم على
الخاطر، كما كان يتكلّم على الخاطر الزّاهد ابن القَزْوينيّ، وكان
تُتُش يعظّمه، لأنّه تمّ له معه مكاشفة [1] . وكان ناصرًا لاعتقادنا،
متجرِّدًا في نشره.
وله تصانيف في الفقه والوعْظ والأُصُول [2] .
وأرَّخ وفاته ابن الأكْفَانيّ في يوم الأحد الثّامن والعشرين من ذي
الحجّة بدمشق [3] .
قلت: وقبره مشهور بجبَّانة باب الصَّغير، يُزار ويُقْصَد، ويُدعى [4]
عنده.
وله ذُرّيّة فُضَلاء، وكان أبوه الشّيخ أبو عبد الله صوفيًّا من أهل
شيراز، قدم الشّام، وكان يعرف بالصّافي.
ذكر له ابن عساكر [5] ترجمة لأبي الفَرَج فقال: سكن دمشق وكان صوفيّا.
__________
[1] منها أن تتش لما عزم على المجيء إلى بغداد في الدفعة الأولى لما
وصلها السلطان، سأله الدعاء، فدعا له بالسلامة، فعاد سالما.
فلما كان في الدفعة الثانية استدعاه السلطان وهو ببغداد لأخيه تتش،
فرعب وسأل أبا الفرج الدعاء له. فقال له: لا تراه ولا تجتمع به. فقال
له تتش: هو مقيم ببغداد، وقد برزت إلى عنده ولا بدّ من المصير إليه.
فقال: لا تراه. فعجب من ذلك. وبلغ هيت. فجاءه الخبر بوفاة السلطان
ببغداد. فعاد إلى دمشق، وزادت حشمة أبي الفرج عنده، ومنزلته لديه.
قال ابن أبي يعلى: وبلغني أن بعض السلاطين من المخالفين كان أبو الفرج
يدعو عليه ويقول: كم أرميه، ولا تقع الرمية به؟ فلما كان في الليلة
التي هلك ذلك المخالف فيها، قال أبو الفرج لبعض أصحابه: قد أصبت فلانا،
وقد هلك. فأرّخت تلك الليلة. فلما كان بعد بضعة عشر يوما، ورد الخبر
بوفاة ذلك الرجل في تلك الليلة التي أخبر أبو الفرج بهلاكه فيها.
(طبقات الحنابلة) .
[2] طبقات الحنابلة: وذكر ابن رجب منها: «المبهج» و «الإيضاح» و
«التبصرة في أصول الدين» و «مختصر في الحدود» وفي أصول الفقه، ومسائل
الامتحان» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 71) .
[3] وقع في (طبقات الحنابلة 2/ 249) أنه توفي بدمشق سنة ست وأربعمائة!
وهذه وهم، وقد سقطت كلمة «وثمانين» من الطباعة. وورّخ ابن القلانسي
وفاته كما قال ابن الأكفاني. (ذيل تاريخ دمشق 125) .
[4] في الأصل: «ويدعا» .
[5] هكذا في الأصل. والصحيح أن يقال: ذكر ابن عساكر.
(33/180)
سمع أبا الحسن بن السّمْسار، وأبا عثمان
الصّابونيّ. وصنَّف جزءًا في قِدم الحروف، رأيته، يدلُّ على تقصير كثير
[1] .
190- عَبْد الواحد بن عليّ بن مُحَمَّد بن فهد [2] .
أبو القاسم بن العلّاف البغداديّ قال السّمعانيّ: شيخ صالح صدوق مكثْر،
انتشرت عنه الرّواية. وكان خيِّرًا، ثقة، مأمون، متواضعًا، سليمَ
الجانب، على جادّة القدماء. وكانت بلاغاته في كُتُب النّاس، لأنّ
كُتُبه ذهبت حريقًا ونَهْبًا [3] .
سمع: أبا الفتح بن أبي الفوارس، وأبا الفَرَج الغُوريّ، وهو آخر من
حدَّث عنهما.
وسمع: أبا الحسين بن بشْران.
روى لنا عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو سعْد البغداديّ، وأبو
القاسم إسماعيل الطّلْحيّ، وعبد الخالق بن يوسف.
وتُوُفّي في سادس عشر ذي القعدة [4] .
قلت: آخر من حدَّث عنه: أبو الفتح بن البطّيّ. وقع لي من عواليه [5] .
__________
[1] وحدّث الشريف الجوّاني النسّابة عن أبيه قال: تكلّم الشيخ أبو
الفرج- أي الشيرازي الخزرجي- في مجلس وعظه، فصاح رجل متواجدا، فمات في
المجلس، وكان يوما مشهودا. فقال المخالفون في المذهب: كيف نعمل إن لم
يمت في مجلسنا أحد؟ وإلّا كان وهنا- فعمدوا إلى رجل غريب دفعوا له عشرة
دنانير، فقالوا: احضر مجلسنا، فإذا طاب المجلس فصح صيحة عظيمة، ثم لا
تتكلّم حتى نحملك ونقول: فقالوا: مات، وحمل. فجاء رجل في الليل، وسافر
عن البلد، ففعل وصاح صيحة عظيمة، فقالوا: مات، وحمل. فجاء رجل من
الحنابلة وزاحم حتى حصل تحته، وعصر على خصاه، فصاح الرجل، فقالوا: عاش،
عاش.
وأخذ الناس في الضحك، وقالوا: المحال ينكشف. (ذيل طبقات الحنابلة 1/
70، 71) .
وقال ابن القلانسي: «كان وافر العلم، متين الدين، حسن الوعظ، محمود
السمت» . (ذيل تاريخ دمشق 125) .
[2] انظر عن (عبد الواحد بن علي) في: المنتظم 9/ 78 رقم 115 (17/ 6، 7
رقم 3637) ، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1/ 271- 273 رقم 152، والعبر
3/ 312، وسير أعلام النبلاء 18/ 604، 605 رقم 321، وتذكرة الحفاظ 3/
1199، وشذرات الذهب 3/ 378.
[3] انظر: ذيل تاريخ بغداد 1/ 271.
[4] ذيل تاريخ بغداد 1/ 271.
[5] وقال القاضي عياض: سألت القاضي أبا علي الحسين بن محمد الصدفي
المعروف بابن
(33/181)
191- عُبَيْد الله بن أبي العلاء صاعد بن
محمد [1] .
القاضي أبو محمد.
تُوُفّي بنَيْسابور في خامس شعبان. وكان صالحًا زاهدًا.
وُلِد سنة تسع وأربعمائة.
وسمع من: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ، ووالده.
وعنه: عبد الغافر.
192- عُبَيْد الله بن عبد العزيز بن البِراء بن محمد بن مُهاصِر [2] .
أبو مروان القُرْطُبيّ.
روى عن: إبراهيم بن محمد الإفْليليّ، وغيره.
وكان من أهل اللُّغة والأدب، مَعْنيًّا بذلك، شُرُوطيًّا.
روى عنه: أبو الحسن بن مغيث.
193- عُبَيْد الله بن محمد بن أدهم [3] .
أبو بكر القُرْطُبي قاضي الجماعة بقُرْطُبة.
استقضاه المعتمد على الله في سنة ثمان وستّين وأربعمائة، وكان من أهل
الصّرامة والحقّ والعدْل، لا يخاف في الله لومةَ لائم، نزِهًا
متعاونًا. تفقّه على أبي عمر بن القطّان، وسمع من: حاتم بن محمد،
وغيره.
ولم يزل على القضاء بقُرْطُبة عشرين سنة.
وتُوُفّي في شعبان. وقد استكمل سبعين سنة [4] .
194- عليّ بن أحمد بْن يوسف بْن جعفر بْن عَرَفَة بن المأمون بن
__________
[ () ] سكّرة، عن عبد الواحد بن فهد العلّاف فقال: كان شيخا خيّرا
صالحا.
قرأت بخط أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي نَصْر الحميدي، قال:
عَبْد الواحد بن عليّ بن مُحَمَّد بن فهد العلّاف مولده قبل الأربعمائة
بسنة أو سنتين. (ذيل تاريخ بغداد 1/ 272، 273) .
[1] انظر عن (عبيد الله بن أبي العلاء) في: المنتخب من السياق 298 رقم
986.
[2] انظر عن (عبيد الله بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 304،
305 رقم 673 وفيه «ابن البر» بدل «ابن البراء» و «مهاجى» بدل «مهاصر» .
[3] انظر عن (عبيد الله بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 304 رقم
671.
[4] وكان مولده سنة 416 هـ.
(33/182)
المؤمّل بن الوليد بن القاسم بن الوليد بن
عُتْبَة بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ [1] .
القُرَشيّ الأُمويّ أبو الحسن الهَكَّاريّ [2] .
وقيل: سقط بين الوليد وبين القاسم خالد، وانّه الوليد بن خالد بن
القاسم [3] .
قال السّمعانيّ [4] : شيخ الإسلام هذا تفرَّد بطاعة الله في الجبال،
وابتنى أربطةً ومواضع يأوي إليها الفقراء والمنقطعون [5] إلى الله.
وكان كثير العبادة، حسن الزّهادة (صافي النّيّة، خالص الطّويّة،
لطيفًا) [6] مقبولًا وقُورًا.
قدِم بغداد، ونزل برباط الزَّوْزَنيّ. ورحل، وسمع بمصر: أبا عبد الله
بن نظيف، وغيره.
وبمكّة: أبا الحَسَن بن مَنْهر، وببغداد: أبا القاسم بن بشْران،
وبالرّملة:
أبا الحسين بن التّرجمان.
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد الهكاري) في: الأنساب المتفقة 87، 88،
والأنساب 12/ 336، 337، والمنتظم 9/ 78 و 79 رقم 117 و 118 (17/ 7 رقم
3639 و 3640) ، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 28/ 451، 452، والكامل
في التاريخ 10/ 226، 227، واللباب 3/ 390، ووفيات الأعيان 3/ 345، وذيل
تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 172- 175 رقم 651، والعبر 3/ 312، 313،
وسير أعلام النبلاء 19/ 67- 69 رقم 37 رقم 37، وتذكرة الحفاظ 3/ 1199،
والمغني في الضعفاء 2/ 443 رقم 4220، وميزان الاعتدال 3/ 112 رقم 5774،
والإعلام بوفيات الأعلام 200، والمعين في طبقات المحدّثين 141 رقم
1544، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 182، 183 رقم 138، ومرآة
الجنان 3/ 142، والبداية والنهاية 12/ 145، ولسان الميزان 4/ 195 رقم
519، والنجوم الزاهرة 5/ 138، وشذرات الذهب 3/ 378، 379، وموسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 306، 307 رقم 1044.
[2] الهكّاري: بفتح الهاء والكاف المشدّدة وفي آخرها الراء. هذه النسبة
إلى الهكّارية وهي بلدة وناحية عند جبل، وقيل: جبال وقرى كثيرة فوق
الموصل من الجزيرة. (الأنساب 12/ 336) .
[3] ولم يذكره ابن النجار أيضا، وقد قال: «هكذا رأيت نسبه بخط أبي علي
البرداني» . وانظر:
(المستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 182) .
[4] في الأنساب 12/ 336.
[5] في الأنساب: «الفقراء والصالحون» .
[6] ما بين القوسين ليس في (الأنساب) .
(33/183)
روى لنا عنه: يحيى بن عَطّاف الموصِليّ
بمكّة، وعبد الرحمن بن الحسن الفارسيّ ببغداد، والحسن بن محمد بن أبي
عليّ المقرئ، وجماعة سواهم.
وقال عبد الغفّار الكرْجيّ: ما رأيت مثل شيخ الإسلام الهَكّاريّ زُهدًا
وفضلًا [1] .
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: قدِم علينا أبو الحُسَين الهَكّاريّ إصبهان
وكان صاحب صلاة وعبادة واجتهاد، مشهور معروف، أحد كبراء الصوفية [2] .
قال: ولدت سنة تسع وأربعمائة [3] .
وقال ابن ناصر: توفي في أول المحرم [4] بالهكارية، وهي جبال فوق
الموصل.
وقال ابن عساكر: [5] لم يكن موثقا في روايته.
قال ابن النجار [6] : كان يسكن جبال الهكارية بقرية اسمها دارس [7] .
وقد ابتنى هناك أربطة ومواضع. سمع الحديث الكثير، وسافر في طلبه، وجمع
كُتُبًا في السُّنّة والزّهد وفضائل الأعمال، وحدَّث بالكثير. وانتقى
عليه محمد بن طاهر. وكان الغالب على حديثه الغرائب والمنكرات، وفي ذلك
مُتُونٌ موضوعة مركَّبة. رأيت بخطّ بعض المحدِّثين أنّه كان يضع الحديث
[8] .
روى عنه: يحيى بن البنّاء، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ.
وقيل: تكلَّم فيه ابن الخاضبة [9] .
__________
[1] سير أعلام النبلاء 19/ 68.
[2] المصدر نفسه.
[3] الأنساب 12/ 337.
[4] وهكذا أرّخه ابن السمعاني، وابن النجار، والدمياطيّ، وغيره.
أما ابن عساكر فورّخ وفاته في شهر ربيع الأول سنة 489 هـ. (تاريخ دمشق
28/ 452) .
[5] في تاريخ دمشق 28/ 452.
[6] في ذيل تاريخ بغداد 3/ 172.
[7] في الذيل: «دارش» .
[8] زاد في (الذيل 3/ 173) : «بأصبهان» .
[9] قال ابن النجار: «كتب إليّ محمد بن معمر القرشي أن أبا نصر
اليونارتي الحافظ أخبره، قال:
علي بن أحمد بن يوسف الهكاري، قدم علينا أصبهان، روى عن ابن نظيف. ولم
يرضه الشيخ
(33/184)
195- عليّ بن عبد الواحد بن عليّ بن صالح
[1] .
أبو يَعْلَى الهاشميّ، قيّم مشهد باب أبرز.
سمع: أبا الحسين بن بشْران، وابن الفضل القطان.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وغيره.
وولد سنة ثلاث وأربعمائة.
196- عليّ بن محمد بن محمد بن يحيى بن شعيب بن حسن الشَّيْبانيّ [2] .
أبو الحسن الأنباريّ ابن الأخضر، خطيب الأنبار.
تفقّه ببغداد على مذهب أبي حنيفة.
__________
[ () ] أبو بكر ابن الخاضبة البغدادي فيما بلغني» .
وقال: كتب إليّ محمد ولا مع ابنا أحمد الصيدلاني أن يحيى بْن عَبْد
الوهّاب بْن محمد بْن إسحاق بن مندة أخبرهما قال: علي بن أحمد بن يوسف
القرشي الهكاري قدم علينا وكان صاحب صلاة وعبادة واجتهاد، وهو مشهور
معروف مذكّر، أحد كبراء التصوّف.
وقال أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعيّ: علي بن أحمد بن
يوسف الهكاري لم يكن مؤثّقا. بلغني أن أبا بكر ابن الخاضبة قصده لما
قدم بغداد، فذكر له أنه سمع من شيخ استنكر سماعه منه، فسأله عن تاريخ
سماعه منه، فذكر تاريخا متأخرا عن وفاة ذلك الشيخ.
فقال أبو بكر: هذا الشيخ يزعم أنه سمع منه بعد موته مدّة، وتركه وقام.
وقال ابن النجار: قرأت بخط أبي الحسن الهكاري قال: سمعت الحديث ولي عشر
سنين، ومولدي في شوال سنة تسع وأربعمائة. (ذيل تاريخ بغداد 3/ 174،
175) .
وقال أيضا: حدّث بالكثير وانتقى عليه محمد بن طاهر المقرئ، وكان الغالب
على حديثه الغرائب والمنكرات، ولم يكن حديثه يشبه حديث أهل الصدق، وفي
حديثه متون موضوعة مركبة على أسانيد صحيحة، وقد رأيت بخط بعض أصحاب
الحديث بأصبهان أنه كان يضع الأحاديث بأصبهان. (ذيل تاريخ بغداد 3/
173) . «أقول» : نزل الهكاري مدينتي صيدا وصور وطوّف بجبل لبنان، فسمع
بصيداء أبا محمد الحسن (أو الحسين) بن محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي
المعروف بالسكن، وبصور: أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن
برهان، وقال الهكاري إن أبا القاسم سعيد بن محمد بن الحسن الأندلسي
حدّثه بصيداء قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن سنبويه
الأصبهاني.. وذكر شعرا. (تاريخ دمشق 28/ 451، 452) وانظر: موسوعة علماء
المسلمين- تأليفنا- 3/ 306، 307.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: المنتظم 9/ 79 رقم 119 (17/ 8 رقم 3641)
، والمعين في طبقات المحدّثين 141 رقم 1545، والعبر 3/ 313، والإعلام
بوفيات الأعلام 200، وسير أعلام النبلاء 18/ 605، 606 رقم 322، وتذكرة
الحفاظ 3/ 1199، والبداية والنهاية 12/ 145، والوافي بالوفيات 22/ 130
رقم 70، والجواهر المضيّة 2/ 602، 603، والطبقات السنية، رقم 1554،
وشذرات الذهب 3/ 379.
(33/185)
قال السّمعانيّ: كان ثقة، نبيلًا، صدوقًا،
معمَّرًا، مسندا، عمّر حتّى صار يقصد ويرحل إليه إلى الأنبار، وانتشرت
عنه الرّواية في الآفاق.
وقد قُطِعت يدُه في فتنة البساسيريّ. وكان يَقْدَم بغداد احيانًا.
سمع: أبا أحمد الفَرَضيّ، [1] وأبا عمر بن مهديّ، وأبا الحسين بن
بشْران، وابن رزقوَيْه.
ثنا عنه: إسماعيل بن محمد، وأبو نصر الغازيّ، وأبو سعد بإصبهان، وهبة
الله بن طاوس، ونصْر الله المصّيصيّ بدمشق، وجماعة يطول ذكرهم.
وسألت إسماعيل الحافظ عنه فقال: ثقة.
وقال ابن سُكَّرَة في مشيخته: كان شيخنا أبو الحسن أقطع اليد، حنفيّ
المذهب، قال لي إنّه سأل وهو صبيّ في مجلس الشّيخ. أبي حامد
الأسفرائينيّ عن الوضوء من مَسِّ الذَّكَر.
وقال لي: رأيتُ [يحيى] [2] جدّ جدّي، وأنا اليوم جدُّ جدٍّ.
قال ابن سُكَّرَة: لم ألقَ مَن يحدّث عن أبي أحمد الفرضيّ سواه، وإنّما
عنده عنه حديثان.
قلت: وقعا لنا بعلوّ، قرأتهما على عبد الحافظ، عن أبن قُدَامة، عن ابن
البطّيّ، عنه.
قال ابن ناصر: مات في شوّال بالأنبار [3] . وهو آخر من حدَّث عن
الفَرَضيّ.
قلتُ: وآخر من حدَّث عنه أبو الفتح بن البطّيّ [4] .
__________
[1] وهو آخر من حدَّث عنه في الدّنيا. (المنتظم) .
[2] إضافة من (سير أعلام النبلاء 18/ 606) .
[3] قال ابن الجوزي: وبلغ من العمر خمسا وتسعين سنة. (المنتظم) .
[4] وقال صالح بن علي بن الخطيب الأنباري، أمر البساسيري جدّه عليّا
الخطيب أن يخطب للمستنصر صاحب مصر، فلما خطب، دعا للقائم، ولم يمتثل
أمر البساسيري، فأمر بقطع يده على المنبر. (سير أعلام النبلاء 18/ 606،
الجواهر المضية 2/ 603) . ومن شعره في المقتدي أمير المؤمنين:
(33/186)
197- عيسى بن سهل [1] .
أبو الأصْبَغ الأسدي الجيَّانيّ المالكيّ. نزيل قُرْطُبة.
تفقّه بابن عَتّاب القُرْطُبيّ، واختصّ به.
وسمع من: حاتم الأَطْرابُلُسيّ، وبقُرْطُبة من: يحيى بن زكريّا،
وبطُلَيْطُلَة من: ابن أسد القاضي، وابن رافعْ رأسَه.
وله في الأحكام كتاب حسن [2] .
قدم سبتة، فنوّه باسمه صاحبها الأمير البَرَاغُوطيّ [3] ، فرأسَ بها.
وأخذ عنه: القاضي أبو محمد بن منصور، والقاضي أبو إسحاق إبراهيم بن
أحمد البصْريّ.
وسمع منه خالا القاضي عياض أبو محمد وأبو عبد الله ابنا الْجَوْزِيّ،
وولي قضاء غَرْناطة وغيرها [4] .
كذا ترجمه القاضي عياض.
وزاد ابن بَشْكُوال فقال: [5] روى عن مكّيّ القَيْسيّ، وأبي بكر بن
الغرّاب، وابن الشّمّاخ.
__________
[ () ]
يا أيّها المولى الإمام ... ومن تناط به الأمور
يا واحدا في المكرما ... ت فما يعادله نظير
مثلي يعان على الزمان ... فما بقي مني يسير
(الوافي بالوفيات 18/ 130) .
[1] انظر عن (عيسى بن سهل) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 438 رقم 942،
وبغية الملتمس للضبيّ 403، وفهرسة ابن خير 436 و 512، والعبر 3/ 311،
وسير أعلام النبلاء 19/ 25، 26 رقم 15، والديباج المذهب 2/ 0- 72،
وشذرات الذهب 3/ 377، 378، والمرقبة العليا 96، 97، وهدية العارفين 1/
807، وشجرة النور الزكية 1/ 122 رقم 349، وموسوعة علماء المسلمين في
تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 407، 408 رقم 1185، ومعجم المؤلفين 8/ 25، 26.
[2] هو كتاب «الإعلام بنوازل الأحكام» . (الديباج المذهب 2/ 71، شجرة
النور 1/ 122) قال ابن بشكوال: كتاب حسن مفيد يعوّل الحكّام عليه.
(الصلة 2/ 438) وقال الزركلي إنه مجلد ضخم موجود في خزانة الرباط رقم
86 أوقاف، وقد حقّقه الدكتور نصوح النجار وحضره للطباعة.
[3] هكذا في الأصل، وفي (السير 19/ 26) : «البرغواطي» .
[4] بغية الملتمس 403.
[5] في: الصلة 2/ 438.
(33/187)
وتُوُفّي مصروفًا عن قضاء غَرْناطة في
المحرَّم سنة ستٍّ [1] ، وله ثلاثٌ وسبعون سَنة. وكان من جِلّة
الفُقَهاء الأئمّة [2] .
- حرف الميم-
198- محمد بن إسماعيل بن أحمد بن حَسْنَوَيْه [3] .
أبو عبد الله النَّيْسابوريّ.
سمع: الحِيريّ [4] .
199- محمد بن عليّ بن حسن بن العَميش [5] الحربيّ [6] .
عن: أبي القاسم بن بشران.
وعنه: إسماعيل السّمرقنديّ.
200- محمد بن المطهّر [7] .
أبو سعد البجريّ النَّيْسابوريّ المزكيّ.
سمع من: الطّرازيّ، وأبى نصر المفسّر [8] .
__________
[1] ومولده سنة 413 هـ.
[2] وقال ابن بشكوال: كان من أهل الخصال الباهرة والمعرفة التامة،
ويشارك في فنون من المعرفة.
(الصلة 2/ 438) .
وله فهرسة. (فهرسة ما رواه عن شيوخه لابن خير) ص 512.
[3] انظر عن (محمد بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 70 رقم 151.
[4] قال عبد الغافر الفارسيّ: المقري المعروف بالمعروف سديد، مستور
صائن من خواصّ القراء في مجلس أبي عثمان النهدي. بنى المسجد المعروف بن
في محلّة الرمجار لأصحاب الشافعيّ، كان يقعد فيه ويقرئ الناس، ويحضره
جماعة من أهل البلد يقرءون عليه. ولد سنة ثلاث عشر وأربعمائة، وسمع عن
القاضي أبي بكر الحيريّ، وغيره. وتوفي حميد السيرة في رجب سنة ست
وثمانين وأربعمائة، وصلّينا عليه في جامع المنيعي، ودفن في داره التي
وقفها على الصابونية في محلّة الرمجار.
[5] انظر عن (محمد بن علي) في: المشتبه في الرجال 2/ 474 وفيه:
«العميش» : بفتح العين وشين معجمة.
[6] الحربي: بفتح الحاء وسكون الراء المهملتين وفي آخرها الباء المعجمة
بواحدة. هذه النسبة إلى محلّة، وإلى رجل.
[7] انظر عن (محمد بن المطهر) في: المنتخب من السياق 65 رقم 131.
[8] قال عبد الغافر الفارسيّ: «صالح من أولاد الأذكياء، كان في سلامة
من قلبه وغرابة في خلقته وتوحّش في طبعه» .
(33/188)
201- المرزبان بن خسرو بن دارست [1] .
تاج الملك أبو الغنائم.
كان يناوئ نظام الملك ويعاديه، فلما قتل نظام الملك عام أول استوزر ملك
شاه هذا، ثم إن غلمان نظام الملك وثبوا علي هذا وقطعوه في المحرم، وله
سبع وأربعون سنة.
ومن أخبار تاج الملك أنّه كان كاتبًا بسَرْهنك، فلمّا مات مخدومه قصده
نظام المُلْك وقال: عندك بسَرْهنك ألف ألف دينار.
فقال: إذا قيل عنّي هذا وقد خدمتُ أحد الأمراء، فكيف بمن خدم ثلاثين
سنة سلطانَين؟ يعرِّض. ولكن أنا القائم بمال سَرْهنك.
وحمل إليهم ألفي ألفي دينار، فتقدَّم عند السّلطان ملك شاه، وعوّل
عليه، وقرُب منه. فتألَّم النّظام من قُربه. وكان يعظّم النّظام في
الظّاهر،، وينال منه باطنًا، فلمّا قُتِل النّظام، قُرِّر تاج الملك
وزيرا، ولكن فجأ [2] ملك شاه الموتُ، فوَزَرَ لابنه محمود. وجرَّدت أمّ
محمود معه الجيش لمحاربة بَرْكَيارُوق، فانكسر عسكرها، وأُسِر تاج
المُلْك وقُتِل في ثاني المحرَّم. وأراد بَرْكَيارُوق أن يستبقيه،
وعُرِفت مكانته وحشمته، فهجم عليه غلمان النّظام، ففتكوا به، وزعموا
أنّه هو قتل مولاهم [3] .
وكان يتنسّك ويُكْثِرُ الصَّوم.
ذكر أنه ولد سنة ست عشرة وأربعمائة.
__________
[1] انظر عن (المرزبان) في: المنتظم 9/ 74 رقم 108 (16/ 313، 314 رقم
3630) (حوادث سنة 485 هـ) ، والكامل في التاريخ 10/ 216، وتاريخ دولة
آل سلجوق 80، وزبدة التواريخ للحسيني 140، 141، وبغية الطلب (التراجم
الخاصة بعصر السلاجقة) 81، 82، 87، 89، 95، 96، ووفيات الأعيان 2/ 131
(ضمن ترجمة نظام الملك) ، ونهاية الأرب 26/ 337، والمختصر في أخبار
البشر 2/ 203، وسير أعلام النبلاء 19/ 100، 101 رقم 56، والبداية
والنهاية 12/ 144 (في المتوفين سنة 485 هـ) ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 6،
وتاريخ ابن خلدون 3/ 479 و 5/ 14، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 338.
[2] في الأصل: «فجيء» .
[3] راجع حوادث سنة 486 هـ. من هذا الجزء.
(33/189)
202- المشطّب بن محمد بن أُسامة بن زيد [1]
.
أبو المظفّر الفَرَغانيّ التُّرْكيّ، الحنفيّ.
تفقّه وبرع في المذهب والْجَدَل، وورد العراق في صُحبة نظام المُلْك
وناظَرَ الأئمّة، وجَرَت له قصص. وكان بالأجناد أشبه منه بالعلماء.
وكان جمّاعًا للمال، منَّاعًا، دَنيء النَّفس، له في البُخل حكايات.
يلبس الحرير، ويرتكب المحظورات.
سمع: محمود بن جعفر الكَوْسَج، وأبا عليّ الحسن بن عبد الرحمن
الشّافعيّ المكّيّ.
روى عنه: هبة الله بن السَّقَطيّ، وكُمارُ بن ناصر.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: [2] كان من فحول أهل النَّظر، مستظهرًا
بالخدم والحشم والعَبيد والتّجمُّل، ينادم الوزراء، ويُزاحم الصُّدور
[3] .
قُرئ بخطْ أبي الخطّاب الكلوذانيّ: مولد المشطّب سنة أربع عشرة
وأربعمائة. ومات بالمعَسْكَر ببغداد في شوّال سنة 86.
203- موسى بن عبد الله بن أبي الحُسَين يحيى بن جعفر بْن عليّ بْن
مُوسَى بْن جَعْفَر الصّادق [4] .
العَلَويّ الحُسينيّ.
أصله كوفيّ، ثمّ صار إلى صقلّية، ودخل الأندلس مجاهدًا.
يُكَنّى أبا البسّام [5] .
__________
[1] انظر عن (المشطب بن محمد) في: المنتخب من السياق 457 رقم 555،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 91 أ، والكامل في التاريخ 10/ 227.
وله ذكر في ترجمة «محمد بن المظفّر» في وفيات سنة 488 هـ. رقم (291) .
[2] في (المنتخب 457) مع اختلاف طفيف.
[3] وزاد عبد الغافر: «قدم نيسابور، وطلبنا منه الحديث وقرأناه،
فأخبرنا عن الحسن بن عمر بن الحسن الأصبهاني، سمع منه بها» .
[4] انظر عن (موسى بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 613.
[5] جاء في هامش الأصل من كتاب (الصلة) ما نصّه:
«أبو البسّام والد جدّتي أمة الرحمن، حدّثتني جدّتي الأديبة الفاضلة
أمة العزيز بنت الأديب
(33/190)
كان عنده عِلْمٌ وأدبٌ، ومعرفة بالأصول على
مذاهب السُّنَّة.
أخذوا عنه بمَيُورقَة، وله شِعرٌ بديع.
قال ابن بَشْكُوال: [1] ثمّ رجع إلى بلاد بني حمّاد، فامْتُحِن هنالك،
وقُتِل ذبْحًا ليلة سبْعٍ وعشرين من رمضان.
قلتُ: وابنه السّيّد الشّريف أبو عليّ الحسن بن موسى، تجوّل بعد والده
في الأندلس، ثمّ استقرّ بمَيُورقَة، وولي خطابتها. وكان رفيع القدْر.
فلمّا غلب عليها الرّوم في سنة ثمان وخمسمائة، انهزم وسكن قُرْطُبة.
وابنه أبو محمد عبد العزيز أحد بُلَغَاء العصر، كتب الإنشاء، وصنَّف
وأفاد.
204- موسى بن عمران [2] .
أبو المظفّر الأنصاريّ النَّيْسابوريّ.
كان أسْنَد مَن بقي بنَيْسابور. تفرَّد بالرّواية عن أبي الحسن
العَلَويّ.
وسمع من: أبي عبد الله الحاكم، وأبي القاسم السّرّاج.
وعُمّر ثمانيا وتسعين سنة [3] .
وهو موسى بن عمران بن محمد بن إسحاق بن يزيد الصُّوفيّ.
قال عبد الغافر: [4] شيخ وجيه، حَسَن المنظر والرُّواء [5] ، راسخ
القدم في الطّريقة. لقي الشيخ أوحد وقته أبا سعيد بن أبي الخير
الميهنيّ وخدمه، وصحب
__________
[ () ] الشريف العالم أبي محمد عبد العزيز بن الحسين بن أبي البسّام
موسى عن جدّها الحسن بالصحيفة الرضوية، وهي أشرف بني الحسين رضي الله
عنهم. وكتب نسبها أبو الخطّاب الملقّب بذي الحسين بن دحية، والحسين رضي
الله عنهما» .
[1] في الصلة.
[2] انظر عن (موسى بن عمران) في: المنتخب من السياق 455، 456 رقم 1549،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 90 ب، والعبر 3/ 313، والمعين في
طبقات المحدّثين 141 رقم 1546، والإعلام بوفيات الأعلام 200، وسير
أعلام النبلاء 18/ 530، 531 رقم 271، ومرآة الجنان 3/ 142، وشذرات
الذهب 3/ 379.
[3] ومولده سنة 388 هـ.
[4] في (المنتخب من السياق) .
[5] في المطبوع من (المنتخب) : «حسن المظفر والرؤا» .
(33/191)
القُشَيريّ وخَدَمَه، وكان من أركان
الشّيوخ الّذين عَهِدْنَاهم من الصُّوفيّة [1] .
وقد روى الكثير.
قلت: حدّث عنه: عمر بن أحمد الصّفّار، والحسين بن عليّ الشّحّاميّ،
وعبد الله بن الفُرَاويّ، وزاهر ووجيه ابنا الشّحّاميّ، وأبو عمر محمد
بن عليّ بن دوِسْت الحاكم، وآخرون.
تُوُفْي رحمه الله في ربيع الأوّل.
205- موهوب بن إبراهيم [2] .
الخبّاز البقّال.
أبو نصر.
بغداديّ، سمع: عبد الملك بن بشْران.
وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وغيره.
206- الموفّق بن زياد بن محمد [3] .
أبو نصر الحنفيّ الهرويّ التّاجر.
ولد سنة عشرة [4] وأربعمائة. وسمع من: عمر بن إبراهيم الزّاهد.
روى عنه ولده زياد، وغيره.
مات في شعبان.
- حرف النّون-
207- نَصْر بن الحسن بن القاسم بن الفضل [5] .
__________
[1] زاد عبد الغافر: «مثل أحمد العدني، وعبد الرحمن اللحياني، وأبي
الفضل الأسلمي، وعلي الصوفي وطبقتهم» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] في الأصل رسمها: سنة لر وعشرة.
[5] انظر عن (نصر بن الحسن) في: الأنساب 3/ 88- 90، والمنتظم 9/ 79، 80
رقم 121 (17/ 9 رقم 3643) ، والمنتخب من السياق 46، 467 رقم 1590،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 92 أ، وتاريخ دمشق (مخطوطة
التيمورية) 24/ 67 و (44/ 445) ، وجذوة المقتبس للحميدي 356، والصلة
لابن بشكوال 2/ 637- 639 رقم 1399، وبغية الملتمس
(33/192)
أبو اللَّيْث، وأبو الفتح التُّرْكيّ
التُّنْكتيّ [1] الشّاشيّ، نزيل سمرقند، وتنكت:
بلد عند الشّاش [2] .
ولد سنة ستّ وأربعمائة [3] ، ورحل في كِبَرِه، فسمع بنَيْسابور «صحيح
مُسْلِم» من عَبْد الغافر الفارسيّ.
وسمع من: أبي حفص بن مسرور، وأبي عامر الحسن النَّسَويّ.
وبصور من: أبي بكر الخطيب.
وبمصر من: أبي الحسن بن الطّفّال، وغيره.
وبالإسكندرية من: الحُسَين بن محمد المَعَافِريّ.
وبالأندلس من: أحمد ابن دِلْهَاث العُذْريّ، وجماعة.
ودخل الأندلس وغيرها تاجرًا، وأقام بالأندلس ثلاث سِنين، وصدر عنها في
شوّال سنة ثلاث وستّين.
وقال: كنّاني أبي أبا اللّيْث، فلمّا قدِمْتُ مصرَ كنّوني أبا الفتح،
حتّى غَلَبَ عليَّ.
قال السّمعانيّ: [4] روى لنا عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ،
وعبد
__________
[ () ] للضبيّ 476 رقم 1393، ومعجم البلدان 2/ 50، وجامع الأصول لابن
الأثير 1/ 59، واللباب 1/ 225، والكامل في التاريخ 10/ 227، 228،
والتقييد لابن نقطة 465 رقم 624، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/ 132
رقم 88، والعبر 3/ 314، وتذكرة الحفاظ 3/ 1200، وسير أعلام النبلاء 19/
91 رقم 50، والمشتبه في الرجال 1/ 58، وملخّص تاريخ الإسلام لابن
الملّا (مخطوطة مكتبة الأوقاف ببغداد) 7/ 144 أ، ومرآة الجنان 3/ 142
وفيه: «نصر بن الحسين» وشذرات الذهب 3/ 373، وموسوعة علماء المسلمين في
تاريخ لبنان الإسلامي 5/ 128- 131 رقم 1746، والحياة الثقافية في
طرابلس الشام خلال العصور الوسطى (تأليفنا) 346- 348، ويقال: ابن أبي
القاسم.
[1] التنكتي: قال ابن السمعاني: بضم التاء وسكون النون وفتح الكاف وفي
آخرها تاء آخرها.
وقال ياقوت: بضم الكاف.
وقد تحرّفت في (تذكرة الحفاظ) إلى: «الشكتي» ، وفي (شذرات الذهب) إلى:
«السكستي» .
[2] من وراء نهر جيحون وسيحون. (الأنساب 3/ 88) .
[3] التقييد 465، المنتخب 467.
[4] في الأنساب 3/ 89، 90.
(33/193)
الخالق بن أحمد، ونصر العُكْبَريّ ببغداد
[1] ، وعبد الخالق بن زاهر بنَيْسابور.
وسكن نَيْسابور في آخر عمره، وبها تُوُفّي.
ومن جملة خيراته السّقاية [2] والمِرْجَل في وسط الجامع الجديد بها.
قال: [3] وقيل إنّ تَرِكَتَه قُوِّمَت بعد موته مائةً وثلاثين ألف
دينار.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل [4] : هو شيخ مشهور، ورِع، نظيف، بهيّ
متجمِّل [5] ، متطلّس. جال في الآفاق، وحدَّث، ورأى العزّ والقبول بسبب
[6] تسميع «مسلم» .
وسمع منه الخلْق في تلك الدّيار، وبورك له في كسْبه، حتّى حصل على
أموالٍ جمّةٍ [7] ، وعاد إلى نَيْسابور. وكانت معه أوقارٌ من الأجزاء
والكُتُب، وحدَّث ببعضها.
وقال ابن بَشّكُوال: [8] كان عظيم اليَسَار، كريمًا، كثير الصَّدَقات،
كامل الخَلْق، حَسَن السَّمْت والخُلُق، نظيف المكسب والملبس، ينمُّ
عليه من الطِّيب ما يعرفه مَن يأْلَفَهُ، وإنْ لم يُبْصر شخْصَهُ، وما
يبقى على ما يسلك من الطّريق رائحته بُرْهة، فيَعرف به من يسلك ذلك
الطّريق إثره أنّه مشى عليه.
وقال الحُمَيْديّ [9] : نصّر بن الحسن بن أبي القاسم بن أبي حاتم بن
الأشعث الشّاشيّ التُّنْكُتيّ نزيل سَمَرْقَنْد، دخل الأندلس، وحدَّث،
ولقيناه
__________
[1] في المطبوع من الأنساب: «روى لنا عنه أبو القاسم بن السمرقندي،
وأبو القاسم العكبريّ، وعبد الخالق بن يوسف ببغداد» .
[2] إلى هنا في الأنساب (بتقديم وتأخير في العبارات) .
[3] القول ليس في (الأنساب) . والموجود: «وكان من مشاهير التجار
المؤثرين المشهورين بفعل الخير وأعمال البرّ، اشتهروا برواية كتاب
الصحيح لمسلم ... » (3/ 88) .
[4] في (المنتخب من السياق 466) ، مع اختلافات طفيفة.
[5] ما بين القوسين لم يرد في المطبوع من (المنتخب) .
[6] في الأصل: «تسبب» .
[7] في (المنتخب) زيادة: «وألوف مؤلّفة من النقد والبضاعة والأقمشة
النفيسة والأمتعة الثمينة وطرائف الملابس والمفارش» .
[8] في الصلة 2/ 637 مع اختلاف وحذف بعض العبارات.
[9] في جذوة المقتبس 356، والصلة 2/ 638.
(33/194)
ببغداد، وسمعنا منه. وكان رجلًا مقبول
الطّريقة، مقبول اللّقاء، ثقة فاضلًا.
قلت: ورَّخ السّمعانيّ [1] وفاته في السّابع والعشرين من ذي القعدة،
سنة ستٍّ وثمانين [2] ، ودُفِن بالحِيرة [3] . وهذا الصّحيح، ووهِم مِن
قال سواه [4] .
قال أبو الحسن بن مُفَوَّز: اتّصل بنا أنّ أبا الفتح هذا تُوُفّي في
أَطْرابُلُسَ الشّام سنة إحدى وسبعين وأربعين [5] .
وقيّده ابن نُقْطَة فقال: التُّنْكُتيّ: بضمّ التّاء والكاف [6] .
- حرف الهاء-
208- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن موسى [7] .
أبو الحسن بن الصّفّار النُّعْمانيّ الأصل ثمّ الواسطيّ.
الكاتب النَّحْويّ المقرئ.
قرأ القراءات على: أبي عليّ أحمد بن محمد بن عَلّان صاحب الحُضَينيّ،
وعلى: ابن الصّوّاف، وغيرهما.
وهو آخر من سمع من الحسن بن أحمد بن التّبانيّ.
وهو آخر من سمع الحسن بن أحمد بن التّبانيّ.
توفّي في رمضان.
__________
[1] في الأنساب 3/ 90.
[2] وبها ورّخه ابن نقطة 465 ولم يذكر مكان وفاته.
[3] في الأنساب 3/ 90 توفي بنيسابور ودفن بمقبرة الحيرة.
[4] قال ابن قاسم: توفي بصور.
[5] الصلة 2/ 638 وقال ابن مفوّز: أفادني بهذا الحافظ أبو مروان بن
مسرّة، وذكر أنه وجد ذلك بخط طاهر بن مفوّز رحمه الله.
[6] أقول: نزل التنكتي طرابلس الشام وسمع بها: أبا منصور عبد المحسن بن
محمد بن علي التاجر. وحدّث التنكتي بطرابلس فسمعه بها أبو الحزم مكي بن
الحسن بن المعافى بن هارون بن علي السلمي الجبيليّ المتوفى سنة 541 هـ.
وحدّث بصور فسمعه بها أبو بكر عبد الرزاق بن عمر بن بلدح الشاشي المقرئ
الّذي حدّث بدمشق وتوفي سنة 483 هـ.
وسمعه أيضا: غيث بن علي الصوري. (انظر: موسوعة علماء المسلمين-
تأليفنا- 5/ 128- 131) .
[7] انظر عن (هبة الله بن محمد) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي
95، 96 رقم 78، وانظر الصفحات: 63 و 101 و 103 و 104 و 105، وغاية
النهاية 2/ 352، وبغية الوعاة 2/ 325.
(33/195)
ترجمه خميس الحافظ وقال: قرأت عليه القرآن
[1] .
- حرف الياء-
209- يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن سُطُورا [2] .
القاضي أبو عليّ العُكْبَريّ البَرْزَبِينيّ [3] ، وبَرْزَبِين: قرية
بين بغداد وأوانا.
تفقّه على القاضي أبي يَعْلَى حتّى برع في مذهب أحمد، وبرز على أقرانه.
وكانت له يدٌ قويَّة في القرآن، والحديث، والأصول، والفقْه، والمحاضرات
[4] .
قرأ عليه خلْقٌ من الفُقَهاء وانتفعوا به، وكان جميل السّيرة.
وقال أبو الحسين بن الفرّاء: [5] كان له غلْمان كثيرون، وصنَّف في
الأصول والفُروع، وكان مبارك التّعليم لم يدرس عليه أحد إلّا وأفلح.
وعليه تفقّه أخي أبو خازم [6] .
__________
[1] وقال خميس: أسنّ وكبر وكان إماما في النجوم قوّم لثلاثين سنة آتية.
[2] انظر عن (يعقوب بن إبراهيم) في: طبقات الحنابلة 2/ 245، 247 رقم
682، والمنتظم 9/ 80 رقم 122 (17/ 9 رقم 3644) ، والأنساب 2/ 147،
والكامل في التاريخ 10/ 227، واللباب 1/ 137، وسير أعلام النبلاء 19/
93، 94 رقم 52، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 73- 76 رقم 29، وإيضاح المكنون
1/ 299، وهدية العارفين 2/ 544، ومعجم المؤلفين 13/ 239.
[3] تحرّفت في (طبقات الحنابلة 2/ 245) إلى: «البرزيني» ، وفي الطبعة
القديمة من (المنتظم 9/ 80) : «البرذباني» ، وفي (الكامل في التاريخ
10/ 227) إلى «المرزباني» .
[4] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 74.
[5] في طبقات الحنابلة 2/ 246 بتقديم وتأخير.
[6] وقال: دخل بغداد سنة نيّف وثلاثين، وصحب الوالد السعيد وقرأ عليه
الفقه، وبرع فيه، ودرس في حياة الوالد السعيد. وولي القضاء بباب الأزج
من قبل الوالد السعيد في محرّم سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. ورفع يده
عن القضاء والشهادة في يوم الثلاثاء مستهل ربيع الآخر سنة اثنتين
وسبعين وأربعمائة. ثم عاد إلى القضاء والشهادة في سنة ثمان وسبعين
وأربعمائة. وكان ذا معرفة ثاقبة بأحكام القضاء وإنفاذ السجلّات. وشهد
على إنفاذه في داره جماعة من الشهود في قضية تتعلّق بالوكلاء، أجلّهم
الله تعالى، وفي قضية تتعلّق ببيت ابن زريق، نعرف بقرية ابن إسحاق، ثم
سجّل بها، وكان متشدّدا في السّنّة، متعفّفا في القضاء. (طبقات
الحنابلة) .
وقال ابن عقيل: كان أعرف قضاة الوقت بأحكام القضاء والشروط. سمعت ذلك
من غير واحد. ولم يكن أحد من الوكلاء يهاب قاضيا مثل هيبته له. وله
المقامات المشهورة ب «الديوان» حتى يقال: إنه كعمرو بن العاص، والمغيرة
بن شعبة، في قوة الرأي.
(33/196)
قلت: حدَّث عن أحمد بن عمر بن ميخائيل
العُكْبَريّ، وأجاز لأبي نصر الغازي، ولأبي عبد الله الخلّال، وغانم بن
خالد الأصبهانييّن.
تُوُفّي في شوّال عن سبْعٍ وسبعين سنة [1] .
وقد ذكره السّمعانيّ في «الذّيل» وعظّمه، وقال: [2] جرت أموره في
أحكامه على سداد واستقامة [3] ، وحدّث بشيء يسير عن ابن ميخائيل [4] .
__________
[1] وحضر جنازته خلق كثير من أرباب الدين والدنيا، وأصحاب المناصب
ونقيب العباسيين، ونقيب الأشراف الطالبيين وحجّاب السلطان وجماعة من
الشهود، وغيرهم. (طبقات الحنابلة 2/ 246، 247) .
[2] قوله اقتبسه ابن رجب في (ذيل طبقات الحنابلة) وهو: «كانت له يد
قوية في القرآن والحديث، والفقه والمحاضرة ... » ، وقد تقدّم هذا القول
في أول الترجمة.
[3] العبارة المثبتة ذكرها ابن السمعاني في (الأنساب 2/ 147) .
[4] وله تصانيف في المذهب، منها: «التعليقة في الفقه» في عدّة مجلّدات،
وهي ملخّصة من تعليقة شيخه القاضي.
وقيل إنه توفي سنة ست وثمانين. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 75) .
(33/197)
سنة سبع وثمانين
وأربعمائة
- حرف الْألف-
210- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سعيد الهَرَويّ [1] .
سمع: أبا الفضل الجاروديّ.
وعنه: أبو النّضْر الفاميّ.
211- أَحْمَد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عمر بن خَلَف [2] .
أبو بكر الشّيرازيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ الأديب العلّامة، مُسْنِد
نَيْسابور في وقته.
أكثر عن: أبي عبد الله الحاكم، وحمزة بن عبد العزيز، وعبد الله بن يوسف
الأصبهاني، ومحمد بن محمد بن مَحْمِش، وأبي بكر بن فُورَك،
والسُّلَميّ.
روى عنه: عبد الله بن السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن طاهر المقدسيّ، وعبد
الغافر بن إسماعيل، ووجيه الشّحّاميّ، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأحمد بن
سعيد المِيهَنيّ، وخلْق كثير سواهم، آخرهم أبو سعد عبد الوهّاب
الكَرْمانيّ المُتَوَفَّى سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
قال عبد الغافر [3] : أمّا شيخنا ابن خَلَف فهو الأديب المحدّث، المتقن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد بن علي) في: المنتخب من السياق 110، 111 رقم 242،
والتقييد لابن نقطة 156 رقم 179، والمعين في طبقات المحدّثين 142 رقم
1548، وفيه «أحمد بن خلف» ، والإعلام بوفيات الأعلام 280، وسير أعلام
النبلاء 19/ 478، 479 رقم 242، ودول الإسلام 2/ 16، ومرآة الجنان 3/
143، والوافي بالوفيات 7/ 218، وشذرات الذهب 3/ 379، 380.
[3] في (المنتخب 110) مع اختلاف العبارة، واقتبس بعضها ابن نقطة في
(التقييد 156) .
(33/198)
السّماع، الصحيحه. ما رأينا شيخًا أورع
منه، ولا أشدّ إتقانًا. حصل على حظٍّ وافرٍ من العربيّة، وكان لا يسامح
في فَوات كلمة ممّا يُقرأ عليه، ويراجع في المشكلات ويبالغ، رحل إليه
العلماء من [1] الأمصار، وكانت ولادته في سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة،
وسمع في سنة أربع وأربعمائة، سمّعه أبوه أبو الحسن الكثير، وأملى على
الصّحّة. سمعنا منه الكثير. وتُوُفّي في ربيع الأوّل [2] .
وقال إسماعيل بن محمد الحافظ: كان حسن السّيرة، من أهل العلم والفضل،
محتاطًا في الأخذ. سمع الكثير. وكان ثقة [3] .
__________
[1] في الأصل: «العلماء والأمصار» .
[2] وعبارة عبد الغافر في (المنتخب) :
الأديب، الصوفي، فاضل، نسيب، مشهور، ثقة، سمّعه أبوه الحسن بن خلف من
مشايخ عصره قديما، وطاف به عليهم حتى أدرك الأسانيد العالية.
فسمع من الحاكم أبي عبد الله الحافظ، والزيادي، وعبد الله بن يوسف بن
فورك، والقاضي أبي زيد، والجولكي، والسهمي، والفاضي أبي بكر الجرجاني،
وأبي يعلى المهلّبيّ، ثم أصحاب الأصمّ كالحيري، والصيرفي، وأبي زكريا
المزكي، والطبقة.
وقد سمع من القاضي أبي الهيثم، وأبي سعد الواعظ الخركوشي، وعبد الخلّاق
المؤذّن، والسيد ظفر، وأبي محمد بن المؤمّل، وغيرهم من كبار المشايخ.
ثم حصل على حظ وافر من العربية، وتخرّج فيها، وحفظ حكايات المحاورة
والأشعار المليحة.
وعاش عيشا طويلا في كمال العفّة والورع والقوت الحلال، وقصر اليد عن
الشبهة. وأخذ الطريقة عن زين الإسلام أبي القاسم، وتحقّق في الإرادة،
وعرف مجاري أهل التصوّف ومقاماتهم وأحوالهم، واتفق له الرواية الكثيرة.
وعقد مجلس الإملاء في المدرسة النظامية يوم الجمعة بعد الصلاة، وأملى
سنين.
ولم أر في المشايخ الذين سمعنا منهم أكثر إتقانا ولا أضبط في الرواية
منه. فقد قرأت عليه أكثر من خمس عشرة سنة تفاريق المسموعات والكتب
والإملاء، وكان راغبا في قراءتي لا يسامح في أن يفوته مما يقرأ عليه
كلمة لم يسمعها ولم يفهمها على مبلغ الإمكان، ويراجع في المشكلات
ويبالغ في الوقوف على المعاني ما يسعه.
ورأيت منه عجائب في خدمة زين الإسلام والتقرّب إليه ومباسطة مجلسه بما
يستحسنه من الطرف والفواكه حاملا منه مقدار ما يمكنه حمله بنفسه لشدّة
مداخلته وصدق إرادته، ثم نظر الإمام عليه بعين الاحترام وقبول ما يأتي
به مقابلا بالإكرام على ذلك.
زجّى عمره، واستتمّ أمره، وانفرد بالرواية في آخر عمره عن أكثر مشايخه
من غير مشاركة للبركة في عمره وروايته حتى ختم بموته حديث الحاكم أبي
عبد الله، والمهلّبيّ، وابن فورك.
وكان محدّث وقته، انتخب عليه الحفاظ، وخرّجت له الفوائد.
[3] سير أعلام النبلاء 8/ 479.
(33/199)
وقال ابن السّمعانيّ: كان فاضلًا عارفًا
باللُّغة والأدب، ومعاني الحديث، في كمال العفَّة والورع، [1] رَحِمَهُ
اللَّهُ تعالى.
212- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [2] .
الشّيخ أبو نصْر العِجْليّ البخاريّ.
من بيت العلم والخير. وُلِد بُعيد الأربعمائة، وسمع من منصور الكاغَديّ
صاحب الهيثم بن كُلَيْب.
ومن: أحمد بن الحسين الماجليّ.
وبقي إلى هذا العام.
آخر من حدَّث عنه: عثمان بن عليّ البَيْكَنديّ.
213- أحمد بن محمد بن سعيد بن محمد [3] .
أبو نصر القيسي [4] الدّمشقيّ الصُّوفيّ.
سمع: عليّ بن منير الخلّال، وأبا الحسن الطّفّال بمصر، وأبا عليّ بن،
أبي نصر، وابن سلْوان بدمشق.
روى عنه: عمر الرُّؤاسيّ، وجمال الإسلام أبو الحسن السُّلَميّ.
تُوُفّي في رجب عن سبْعٍ وثمانين سنة [5] .
214- أحمد بن يحيى بن محمد [6] .
__________
[1] المصدر نفسه.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد) في: تاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن
محمد بن المؤمل) 314، 315 رقم 149 وزاد في نسبه «الطريثيثي» ، ومختصر
تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 263 رقم 309، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 57.
[4] تحرّفت في (تهذيب تاريخ دمشق) إلى «الفنسي» .
[5] قال الفقيه أبو الحسن: كانت امرأة قد جنّت، فرآها أبو نصر
الطريثيثي على باب الجامع مكشوفة الرأس، فأمرها أن تغطي رأسها، فضربته
بسكّين، فمات بعد أيام.
قال غيث الأرمنازي: سألته عن مولده فقال: يوم الجمعة الثاني عشر من
المحرّم سنة إحدى وأربعمائة.
وقال أبو محمد بن صابر: سألته عن مولده فقال: ولدت لاثنتي عشرة خلت من
محرم سنة أربعمائة بترتسيز. (تاريخ دمشق) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/200)
أبو سعْد بن أبي الفَرَج الشّيرازيّ
الواعظ، المعروف بابن المطبخيّ. له مسجد كبير بدرب القيّار يُعرف به.
سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا القاسم بن بشْران.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ. كذا قال ابن النّجّار.
وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ: كذا قال ابن النّجّار.
وقال ابن السَّمَرْقَنْديّ: سألته عن مولده، فقال: سنة ثمان عشرة
وأربعمائة.
قلت: فتبيّن أنّه لم يدرك السّماع من ابن مَخْلَد.
قال شجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي في شوّال سنة 487.
215- آقْسُنْقُر قسيم الدّولة [1] .
أبو الفتح الحاجب، مملوك السّلطان ملك شاه.
وقيل: هو لصيق به. وقيل: اسم أبيه أكّ تُرْغَان.
تزوّج داية السّلطان إدريس بن طغان شاه، وحظي عند السّلطان ملك شاه
وقدِم معه حلب، حين قصد تاج المُلْك أخاه فانهزم،. وملكها ملك شاه في
سنة تسعٍ وسبعين، وملك أنطاكيّة، وقرر نيابة حلب لقسيم الدّولة في أوّل
سنة ثمانين، فأحسن فيها السّياسة، وأقام الهيبة، وأباد قُطّاع الطّريق،
وتتبّعهم، وبالَغ، فأمِنَت البلاد، وعُمِّرت حلب، ووردها التُّجّار،
ورغبوا في سُكناها للعدل. وعمّر منارة حلب [2] ، فاسمُه منقوشٌ عليها.
وبنى مشهد قرنبيا، ومشهد
__________
[1] انظر عن (آقسنقر) في: المنتظم 9/ 77 (17/ 5) ، وتاريخ الفارقيّ
233، 243، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 122، 126، والكامل في التاريخ
10/ 219، 220، 232، والتاريخ الباهر 12، 15، وبغية الطلب (التراجم
الخاصة بعصر السلاجقة) 160، وزبدة الحلب 2/ 107، 110- 112، والروضتين
1/ 65، 66، ومفرّج الكروب 1/ 22، ووفيات الأعيان 1/ 241، ونهاية الأرب
27/ 66، 68، والمختصر في أخبار البشر 2/ 204، والعبر 3/ 310، ودول
الإسلام 2/ 15، وسير أعلام النبلاء 19/ 129، 130 رقم 67، والإعلام
بوفيات الأعلام 200، وتاريخ ابن الوردي 2/ 6، والدرّة المضيّة 315،
316، 433، والبداية والنهاية 12/ 147، وتاريخ ابن خلدون 3/ 480 و 5/
16، ومآثر الإنافة 2/ 12، والنجوم الزاهرة 5/ 141، وشذرات الذهب 3/
380.
[2] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 354 (وتحقيق سويّم) 21، وذيل
تاريخ دمشق لابن القلانسي 120، والكامل في التاريخ 7/ 180، وزبدة الحلب
2/ 105، (حوادث سنة
(33/201)
الدّكّة. وكان أحسن الأمراء سياسة لرعيّته
وحفظًا لهم. وتحدَّث الرُّكْبانُ بِحُسْن سيرتِه. وكان يستغلّ حلب في
كلّ يوم ألفا وخمسمائة دِينار.
وأمّا تُتُش فتملّك دمشق. ولمّا كان ربيع الأوّل سنة سبْعٍ وثمانين هذه
خرج تُتُش، وجمع معه خلْقًا من العرب، ووافاه عسكر أنطاكية بحماه،
ورعوا ونهبوا، فاتّصل الخبر بأقْسُنْقُر، فكاتَبَ السّلطان
بَرْكَيارُوق، وخطب له بحلب، فجمع وحشد، وأنجده كربُوقا صاحب الموصل،
وبُزان صاحب الرُّها، ويوسف بن أبق صاحب الرَّحْبَة، في ألفين وخمسمائة
فارس، وتهيّأ قسيم الدّولة لِلّقاء، فقيل إنّه عرض عشرين ألف فارس،
فلمّا التقوا أوّل من برز للحرب قسيم الدّولة، وحمي القتال، فحمل عسكر
تُتُش، فانهزم العرب الّذين مع قسيم الدّولة، وكُسِر كربُوقا وبُزان،
ووقع فيهم القتْل، وثبت قسيم الدّولة، فأُسِر في طائفةٍ من أصحابه
وحُمِل إلى تُتُش، فأمر بضرب عنقه وأعناق جماعة من أصحابه [1] . وذلك
في شهر جُمَادى الأولى، ودُفِن بالمدرسة الزّجاجية داخل حلب، بعد ما
كان دُفِن مدّةً بمشهد قرنبيا. وإنّما نقله ولده زِنْكي، وعمل عليه
قُبَّة.
وهو جدّ نور الدّين.
216- أَمَةُ الرحمن بنت عبد الواحد بن حسين [2] .
أمّ الدلّال البغدادية. عُرِف أبوها بالْجُنَيْد.
زاهدة عابدة.
سمعت: أبا الحسن بن بشْران.
وعنها: أبو الحسن بن عبد السّلام، وأبو بكر بن الزّاغونيّ.
__________
[482] هـ) ، والمختصر في أخبار البشر 2/ 199 وفيه: «قام بعملها القاضي
أبو الحسن الخشّاب» ، ومفرّج الكروب 1/ 21، وتاريخ ابن الوردي 2/ 4،
والدرّة المضيّة 431 و 434، والبداية والنهاية 12/ 135.
وانظر حوادث سنة 483 هـ.
[1] جاء في الحوادث أن آقسنقر أحضر بين يدي تُتُش، فقال له: لو كنتَ
ظفرت بي ما كنت تفعل؟
قال: كنت أقتلك! فذبحه صبرا. (انظر الحوادث سنة 487 هـ) .
[2] لم أجد مصدر ترجمتها.
(33/202)
ومولدها عام أربعمائة.
وماتت في شوّال.
- حرف الباء-
217- بلال بن الحسين بن نقيش [1] .
أبو الغنائم، بغداديّ.
روى عن: عبد الملك بن بشْران.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
- حرف الحاء-
218- الْحَسَن بْن أسد [2] .
أبو نصر الفارقيّ [3] الأديب.
قال القِفْطيّ: [4] هو معدِن الأدب، ومنبَع كلام العرب [5] ، وعلّامة
زمانه.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (الحسن بن أسد) في: تاريخ الفارقيّ 232، 235، 238، وإشارة
التعيين 13، 14، وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد (قسم شعراء الشام)
4/ 198- 200، ومعجم الأدباء 8/ 54- 75 رقم 4، وتكملة إكمال الإكمال
لابن الصابوني 199 (في ترجمة «علي بن السند» رقم 164، والأعلاق الخطيرة
ج 3 ق 1/ 396، 398، 399) ، وإنباه الرواة 1/ 294- 298 رقم 190، وتلخيص
ابن مكتوم 53، 54، والعبر 3/ 316، وسير أعلام النبلاء 19/ 80، 81، رقم
44، وفوات الوفيات 1/ 321- 324 رقم 114، والوافي بالوفيات 11/ 401- 404
رقم 579، ومرآة الجنان 3/ 143، وعقود الجمان للزركشي 90، والبلغة في
تاريخ أئمة اللغة للفيروزآبادي 54، وطبقات ابن قاضي شهبة 1/ 298،
والنجوم الزاهرة 5/ 140، 141، وبغية الوعاة 1/ 500 رقم 1035، وكشف
الظنون 1563، وشذرات الذهب 3/ 380، وروضات الجنات 221، وإيضاح المكنون
2/ 43، ومعجم المؤلفين 3/ 206، والأعلام 2/ 198.
وقد أضاف كل من المرحوم شكري فيصل في (الوافي بالوفيات) ، والشيخ شعيب
الأرنئوط في (سير أعلام النبلاء) كتاب «يتيمة الدهر» إلى مصادر صاحب
الترجمة.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب: «عمر عبد السلام تدمري» .
لقد وهم الأستاذان الفاضلان في ذلك، فالمذكور في «يتيمة الدهر» لا
علاقة له بصاحب الترجمة، فهو: «أبو القاسم الحسين بن أسد العامري، من
رستاق خواف.. بنيسابور» !
[3] الفارقيّ: بكسر الراء المهملة، نسبة إلى مدينة ميّافارقين.
[4] في إنباه الرواة 1/ 294.
[5] زاد في الإنباه: «فاضل مكانه» .
(33/203)
له النَّظم الذَّائع، والنّثر الرّائع، [1]
والتّصنيف البديع في شرح «اللُّمَع» ، وأشياء ليس للأديب في مثلها [2]
طمع.
وكان في أيّام نظام المُلْك على ديوان آمِد. ثمّ صودر.
وله كتاب مشهور في «الألغاز» . وكان عَزْبًا مدّة عُمره [3] ، ولمّا
صُودر أُطلِق سراحه، فانتقل إلى ميّافارقين، وقد باضت الرئاسة في رأسه
وفرَّخَتْ. واتّفق أنّ مَيّافارقين خَلَت من مُتَوَلٍّ، فأجمع رأي
أهلها على تولية رجلٍ من أولاد ابن نُباتة، فأقام أيّامًا، ثمّ
اعتزلهم، فتهيّأ لها ابن أسد، ونزل القصر وحكم، ثمّ انفصل غيرَ محمودٍ،
وخاف من الدّولة، فتسحَّب إلى حلب، فأقام بها. ثمّ حمله حبّ الرّئاسة
فعاد إلى الجزيرة، فلمّا صار بحَرّان قبض عليه نائبها، وشنقه في هذا
العام [4] .
__________
[1] زاد في الإنباه: «والنحو المعرب عن مشكل الإعراب» .
[2] في الإنباه: «مثله» .
[3] زاد في الإنباه 1/ 297: «يكره النّسل. ومما يحكى عن كوهنته أنه كان
إذا رأى صغيرا قد لبس وزيّن، واجتيز به عليه يبالغ في سبّ أبويه ويقول:
هما عرضاه لي، يرغّباني في مثله.
[4] إنباه الرواة 1/ 296، وروى الفارقيّ أنه كان في ميّافارقين رجل
شاعر أديب وله جمع وتلامذة يعرف بابن أسد، فرأس الجهّال والسّوقة
والرعاع، وجعل يدور على السور والمدينة ويحفظها.
فلما طال عليهم الأمد اتفقوا على أن يسيروا إلى نصيبين إلى السلطان تاج
الدولة تتش بن ألب أرسلان ... وكان ناصر الدولة قد ملك الجزيرة وسمع
بخبر ميافارقين، فنفذ إلى ابن أسد، ووعده بالجميل، فأجابه واستدعاه،
واتفق خلوّ ميّافارقين، فوصلها في أول سنة ست وثمانين وأربعمائة
وتسلّمها، ونزل الشيخ ابن المحوّر من برج الملك، ودخلها ناصر الدولة،
واستوزر ابن أسد ولقب محيي الدولة، وصعد إليه الشيخ أبو الحسن ابن
المحوّر، فأمّنه على نفسه وماله ومن يلوذ به، واستقر بميّافارقين.
وكان ابن أسد لما ملك السلطان ميّافارقين انهزم واختفى ببعض البلاد
مدّة. ثم قصد السلطان وامتدحه بقصيدة يقول فيها بيتا- والفأل موكل
بالمنطق- وهو:
واستحلبت حلب جفنيّ فانهملا ... وبشّرتني بحرّ الشوق حرّان
فأعجب السلطان بشعره، فقيل له: أيعرف مولانا السلطان من هذا؟ فقال: لا،
قال: هذا ابن أسد الّذي أحضر ناصر الدولة بن مروان وملّكه ميّافارقين،
فأمر بضرب عنقه فقتل بحرّان، فقيل:
وبشّرتني بحرّ القتل حرّان (تاريخ الفارقيّ 232، 235، 238 الأعلاق
الخطيرة ج 3 ق 1/ 396 و 398، 399) وحدّث قاضي عسكر نور الدين محمود بن
زنكي قال: قدم على ابن مروان صاحب ديار بكر شاعر من العجم يعرف
بالغسّاني. وكان من عادة ابن مروان إذا قدم عليه شاعر يكرمه وينزله،
ولا يجتمع به إلى ثلاثة أيام ليستريح من سفره، ويصلح شعره، ثم يستدعيه.
واتفق أن الغساني لم يكن
(33/204)
ومن شِعره:
ونديمةٍ لي في الظلام وحيْدةٍ ... أبدا [1] مجاهدة كمثل جهادي
__________
[ () ] أعدّ شيئا في سفره، ثقة بقريحته، فأقام ثلاثة أيام فلم يفتح
عليه بعمل بيت واحد، وعلم أنه يستدعى ولا يليق أن يلقى الأمير بغير
مديح، فأخذ قصيدة من شعر ابن أسد لم يغيّر فيها إلا اسمه. وعلم ابن
مروان بذلك، فغضب من ذلك وقال: يجيء هذا العجمي فيسخر منّا؟ ثم أمر
بمكاتبة ابن أسد، وأمر أن يكتب القصيدة بخطّه ويرسلها إليه، فخرج بعض
الحاضرين فأنهى القضية إلى الغسّاني وكان هذا بآمد. وكان له غلام جلد،
فكتب من ساعته إلى ابن أسد كتابا يقول فيه: إني قدمت على الأمير فأرتج
عليّ قول الشعر مع قدرتي عليه، فادعيت قصيدة من شعرك استحسانا لها
وعجبا بها، ومدحت بها الأمير. ولا أبعد أن نسأل عن ذلك، فإن سئلت فرأيك
الموفق في الجواب. فوصل غلام الغسّاني قبل كتاب ابن مروان، فجحد ابن
أسد أن يكون عرف هذه القصيدة، أو وقف على قائلها قبل هذا. فلما ورد
الجواب على ابن مروان عجب من ذلك وأساء إلى الساعي وشتمه وقال: إنما
قصدكم فضيحتي بين الملوك، وإنما يحملكم على هذا الفعل الحسد منكم لمن
أحسن إليه؟ ثم زاد في الإحسان إلى الغسّاني، وانصرف إلى بلاده، فلم يمض
على ذلك إلا مديدة حتى اجتمع أهل ميّافارقين إلى ابن أسد، ودعوه إلى أن
يؤمّروه عليهم، ويساعدوه على العصيان، وإقامة الخطبة للسلطان ملك شاه
وحده، وإسقاط اسم ابن مروان من الخطبة، فأجابهم إلى ذلك، وبلغ ذلك ابن
أسد أن يكون عرف هذه القصيدة، أو وقف على قائلها قبل هذا. فلما ورد
الجواب على ابن مروان عجب من ذلك وأساء إلى الساعي وشتمه وقال: إنما
قصدكم فضيحتي بين الملوك، وإنما يحملكم على هذا الفعل الحسد منكم لمن
أحسن إليه؟ ثم زاد في الإحسان إلى الغسّاني، وانصرف إلى بلاده، فلم يمض
على ذلك إلا مديدة حتى اجتمع أهل ميّافارقين إلى ابن أسد، ودعوه إلى أن
يؤمّروه عليهم، ويساعدوه على العصيان، وإقامة الخطبة للسلطان ملك شاه
وحده، وإسقاط اسم ابن مروان من الخطبة، فأجابهم إلى ذلك، وبلغ ذلك ابن
مروان، فحشد له ونزل على ميّافارقين محاصرا فأعجزه أمرها، فأنفذ إلى
نظام الملك والسلطان يستمدّهما، فأنفذا إليه جيشا ومددا مع الغسّاني
الشاعر المذكور آنفا، وكان قد تقدّم عند نظام الملك والسلطان، وصار من
أعيان الدولة، وصدقوا في الزحف على المدينة حتى أخذوها عنوة، وقبض على
ابن أسد، وجيء به إلى ابن مروان فأمر بقتله، فقام الغسّاني وشدّد
العناية في الشفاعة فيه، فامتنع ابن مروان امتناعا شديدا من قبول
شفاعته وقال: إن ذنبه وما أعتمده من شق العصا يوجب أن يعاقب عقوبة من
عصى، وليس عقوبة غير القتل. فقال: بيني وبين هذا الرجل ما يوجب قبول
شفاعتي فيه، وأنا أتكفل به ألّا يجري منه بعد شيء يكره. فاستحيى منه
وأطلقه له، فاجتمع به الغسّاني وقال له: أتعرفني؟ قال: لا والله،
ولكنني أعرف أنك ملك من السماء، من الله بك عليّ لبقاء مهجتي. فقال له:
أنا الّذي ادّعيت قصيدتك وسترت عليّ، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
فقال ابن أسد: ما رأيت ولا سمعت بقصيدة جحدت فنفعت صاحبها أكثر من
نفعها إذا ادّعاها غير هذه. فجزاك الله عن مروءتك خيرا، وانصرف
الغسّانيّ من حيث جاء.
وأقام ابن أسد مدّة ساءت حاله، وجفاه إخوانه، وعاداه أعوانه، ولم يقدم
أحد على مقاربته ولا مراقدته، حتى أضرّ به العيش، فعمل قصيدة مدح بها
ابن مروان، وتوصّل حتى وصلت إليه، فلما وقف ابن مروان عليها غضب وقال:
ما يكفيه أن يخلص منّا رأسا برأس، حتى يريد منا الرفد والمعيشة، لقد
أذكرني بنفسه، فاذهبوا به فاصلبوه، فذهبوا به فصلبوه. (معجم الأدباء 8/
57- 61) .
[1] في معجم الأدباء، وإنباه الرواة: «مثلي» .
(33/205)
فاللّونُ لَوني، والدَّمعُ كأدْمُعي [1]
... والقلبُ قلبي، والسُّهادُ سُهادي
لا فَرْقَ فيما بيننا لو لم يكن ... لَهبي خَفِيًّا وهو منها بادي [2]
219- الحسن بن عبد الملك بن الحسين بن عليّ بن موسى بن إسرائيل [3] .
الحافظ أبو عليّ النَّسَفيّ.
سمع الكثير من: أبي العبّاس المستغفِريّ.
وحدَّث ببُخَارى وسَمَرْقَنْد. ومات بنَسَف في ثاني وعشرين جُمَادى
الآخرة وله ثلاثٌ وثمانون سنة.
روى عنه خلْقٌ بما وراء النّهر، وكان أبوه القاضي أبو الفوارس مفتي
نَسَف.
روى أبو عليّ أيضًا عن: معتمر بن محمد المكحوليّ، وأبي نُعَيْم الحسين
بن محمد، وخلْق لا أعرفهم.
روى عَنْهُ: عثمان بْن عليّ البَيْكَنْديّ، وأبو ثابت الحسين بن عليّ
البَزْدَوِيّ [4] ، وأبو المعالي محمد بن نصر، وعدّة.
وشيخه أبو نعيم سمع من خلف الخيّام.
__________
[1] في معجم الأدباء: «والدموع كأدمعي» ، وفي إنباه الرواة: «والدموع
مدامعي» .
[2] الأبيات في: معجم الأدباء 8/ 64، 65، وإنباه الرواة 1/ 295 ومن
شعره:
يا من هواه بقلبي ... مقداره ما يحدّ
طرفي جنى، ففؤادي ... لأيّ شيء يحدّ؟
(تكملة إكمال الإكمال 199) وانظر بعض شعره في: الخريدة، ومعجم الأدباء،
وإنباه الرواة، وعقود الجمان، وفوات الوفيات، والوافي بالوفيات، وغيره.
[3] انظر عن (الحسن بن عبد الملك) في: سير أعلام النبلاء 19/ 143، 144
رقم 73، وشذرات الذهب 3/ 381.
[4] في الأصل: «البردوي» بالراء المهملة. والصحيح ما أثبتناه.
(33/206)
- حرف السّين-
220- ساتِكِين بن أرسلان [1] .
أبو منصور التُّركيّ المالكيّ النَّحْويّ.
له مقدِّمة نَحْو.
تُوُفّي بالقدس في آخر السّنة.
221- سعد الله بن صاعد الرَّحْبيّ الخلّال [2] .
من كبار الدّمشقيّين، له حمّام القصر والدّار الّتي بقُربه [3] الّتي
عملها السّلطان نور الدّين مدرسة، وتُعرف بالعِماديّة.
سمع من: المسدَّد الأمْلُوكيّ [4] ، ومحمد بن عَوْف المُزَنيّ.
روى عنه: ابن أخته هبة الله بن المسلم [5] .
حدَّث في هذه السّنة. ولم يؤرَّخ موته [6] .
- حرف العين-
222- عبد الله بن حيّان بن فَرّحُون [7] .
أبو محمد الأنصاريّ الإشبيليّ.
سكن بَلَنْسِيَة، وحدَّث عن: أبي عمر بن عبد البَرّ، وعثمان بن أبي بكر
السّفاقُسيّ، وأبي القاسم الإفليليّ.
__________
[1] انظر عن (ساتكين بن أرسلان) في: إنباه الرواة 2/ 69 رقم 290،
والوافي بالوفيات 15/ 75 رقم 96، وبغية الوعاة 1/ 575 رقم 1201 وفيه
«ساتلين» وهو تحريف، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 42.
[2] انظر عن (سعد الله بن صاعد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 9/
230 رقم 107، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 82 واسمه فيهما: «سعد الله بن صاعد
بن المرجّى بن الحسين، أبو المرجّى بن الخلّال الرحبيّ» .
[3] بقصر الثقفيين داخل باب الفرج.
[4] الأملوكي: بضم الألف، وسكون الميم.
[5] وكانت روايته في سنة 487 هـ.
[6] وكان سمع بدمشق سنة 426 هـ.
[7] انظر عن (عبد الله بن حيّان) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 288 رقم
634.
(33/207)
وكان ذا همَّةٍ في اقتناء الكُتُب، جمع
منها شيئًا عظيمًا.
وتُوُفّي في شوّال.
223- عبد الله بن عبد العزيز بن محمد [1] .
أبو عُبَيْد البكريّ.
نَزَل قُرْطُبة، وحدَّث عن: أبي مروان بن حيّان، وأبي بكر المُصْحفيّ.
وأجاز له [ابن] عبد البَرّ [2] . وكان إمامًا، لّغويًّا، إخباريًّا،
متقِنًا، علّامة.
صنَّف كتابًا في أعلام النُّبُوّة.
روى عنه: محمد بن عمر المالقيّ، وأبو بكر بن عبد العزيز اللَّخْميّ.
وصنَّف كتاب «اللالي في شرح نوادر أبي عليّ القاليّ» ، وكتاب «المقال
في شرح كتاب الأمثال» لأبي عُبَيْد، وكتاب «اشتقاق الأسماء» ، وكتاب
«معجم ما استعجم من البلاد والمواضع» ، وكتاب «النّبات» ، وغير ذلك.
تُوُفّي في شوّال. وكان من أوعية العلم وبحور الأدب [3] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن العزيز) في: قلائد العقيان للفتح بن خاقان
189- 191، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ق 2 مجلّد 1/ 232- 238،
والصلة لابن بشكوال 1/ 287 رقم 633، وخريدة القصر (قسم شعراء الأندلس)
ج 12/ الورقة 158، (قسم شعراء المغرب) 3/ 475، 476 رقم 128، وبغية
الملتمس 436 رقم 930، والحلّة السيراء 2/ 180- 187 رقم 139، وعيون
الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 496 و 500، والمغرب في حلي
المغرب 1/ 347- 349 رقم 249، والبيان المغرب 3/ 240، ومسالك الأبصار
لابن فضل الله العمري (مخطوط) ج 11/ ورقة 422، ونهاية الأرب 5/ 145،
والوافي بالوفيات 17/ 290- 292 رقم 241، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة
336، وبغية الوعاة 2/ 49 رقم 1400 وكشف الظنون 167، 1050، 1980، وإيضاح
المكنون 1/ 540 و 2/ 396، وديوان الإسلام لابن الغزي 1/ 290 رقم 449،
وهدية العارفين 1/ 453، وروضات الجنات 8/ 305، وتاريخ الفكر الأندلسي
309- 311، والجغرافية والجغرافيين لحسين مؤنس 107- 148، ودائرة المعارف
الإسلامية 4/ 48- 50، وكنوز الأجداد لمحمد كردعلي 264- 268، ومعجم
المؤلفين 6/ 75، وانظر مقدّمة كتابه «معجم ما استعجم» لمصطفى السّقّاء.
[2] الصلة 1/ 287.
[3] قال ابن بشكوال: وكان من أهل اللغة والآداب الواسعة والمعرفة
بمعاني الأشعار والغريب والأنساب والأخبار متقنا لما قيّده، ضابطا لما
كتبه، جميل الكتب متهمّما بها، كان يمسكها في سباني في الشرب وغيرها
إكراما لها وصيانة. وجمع كتابا في أعلام نبوّة نبيّنا عليه السلام.
أخذه الناس عنه إلى غير ذلك من تواليفه. (الصلة 1/ 287) .
(33/208)
فأمّا:
224- البكْريّ صاحب القصص، فهو أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن محمد
البكْريّ [1] .
كان أيضًا في هذا الزّمان أو قبله. وإليه المُنْتَهَى في الكذِب
والاختلاق، ومَن طَالَعَ تواليفه جَزَمَ بذلك [2] .
225- عبد الله بن عطاء بن أبي أحمد بن بكر البغاورديّ [3] .
__________
[ () ] وكان البكري أميرا بساحل كورة لبلة، وصاحب جزيرة شلطيش، بلد
صغيرة من قرى إشبيلية.
وكان متقدّما من مشيخة أولي البيوت وأرباب النعم بالأندلس، فغلبه ابن
عبّاد على بلده وسلطانه، فلاذ بقرطبة، ثم صار إلى محمد بن معن صاحب
المريّة، فاصطفاه لصحبته وآثر مجالسته والأنس به، ووسّع راتبه. وكان
ملوك الأندلس تتهادى مصنّفاته.
ومن شعره:
وما زال هذا الدهر يلحن في الورى ... فيرفع مجرورا ويخفض مبتدا
ومن لم يحط بالناس علما فإنني ... بلوتهم شتّى مسودا وسيّدا
وكان معاقرا للراح لا يصحو من خمارها يدمنها أبدا، فلما دخل رمضان قال
يخاطب نديمين له:
خليليّ إنّي قد طربت إلى الكاس ... وتقت إلى شمّ البنفسج والآس
فقوما بنا نلهو ونستمع الغنا ... ونسرق هذا اليوم سرّا من الناس
فإن نطقوا كنّا نصارى ترهّبوا ... وإن غفلوا عدنا إليهم من الرأس
وليس علينا في التعلّل ساعة ... وإن رتعت في عقب شعبان من باس
(الوافي بالوفيات 17/ 291) وانظر: المغرب في حلي المغرب 1/ 348،
والحلّة السيراء 2/ 187.
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله) في: المغني في الضعفاء 1/ 45 رقم 338،
وميزان الاعتدال 1/ 112 رقم 440، ولسان الميزان 1/ 202 رقم 639.
[2] قال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (ميزان الاعتدال 1/ 112) :
«ذاك الكذّاب الدجّال واضع القصص التي لم تكن قطّ، فما أجهله وأقلّ
حياه. وما روى حرفا من العلم بسند ويقرأ له في سوق الكتبيين كتاب «ضياء
الأنوار» و «رأس الغول» و «شرّ الدهر» ، وكتاب «كلندجة» ، «حصن
الدولاب» ، وكتاب «الحصون السبعة» ، وصاحبها هضام بن الحجاف، وحروب
الإمام عليّ معه، وغير ذلك» .
زاد ابن حجر:
«ومن مشاهير كتبه «الذروة في السيرة النبويّة» ما ساق غزوة منها على
وجهها بل كل ما يذكره لا يخلو من بطلان إمّا أصلا وإمّا زيادة» (لسان
الميزان 1/ 202) .
[3] انظر عن (عبد الله بن عطاء) في: الأنساب 3/ 214، 215 (بالحاشية) ،
والتقييد لابن نقطة 324 رقم 388 وفيه: «البغاورداني» .
(33/209)
حدّث ب «التّرمذيّ» ، عن عبد الجبّار
الجرّاحيّ.
رواه عنه: أبو نصر اليُونَارتيّ [1] ، وأبو النّضْر الفاميّ، وجماعة.
قال الكُتُبيّ: تُوُفّي في رمضان.
وقال السّمعانيّ: هو أبو المظفّر عبد الله بن ظَفَر. كذا سمّاه [2] .
226- عبد الله [3] .
أبو القاسم أمير المؤمنين المقتدي بأمر الله ابن الأمير ذخيرة الدّين
أبي العبّاس محمد بن القائم بأمر الله عبد الله بن القادر باللَّه أحمد
بن إسحاق بن جعفر المقتدر بن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ.
__________
[1] اليونارتي: بضم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفتح
النون وسكون الراء، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه
النسبة إلى يونارت، وهي قرية إلى باب أصبهان.
(الأنساب 12/ 433، 434) .
[2] وقال المؤتمن الساجي: أبو المظفّر عبد الله بن عطاء بن أبي أحمد
محمد بن بكر بن مسعود بن عبد الصمد بن مسعود بن أبي بكر البغاورداني،
ومن طريقه وطريق البغوي- يعني أبا سعيد دون الآخرين- وقع لنا سماع
التراجم والأبواب من غير شك، قال عبد الغافر: رأيته مبيّنا في نسخة
المؤتمن بن أحمد الساجي. (المنتخب 324) .
[3] انظر عن (المقتدي باللَّه) في: المنتظم 9/ 84 رقم 124 (17/ 14 رقم
3645) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويم) 23،
والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 205، وذيل تاريخ دمشق لابن
القلانسي 125، 126، وتاريخ الفارقيّ 265، والكامل في التاريخ 10/ 94،
96، 97، 229- 231، وزبدة التواريخ للحسيني 157، وتاريخ الزمان لابن
العبري 121، وتاريخ مختصر الدول له 195، والتاريخ الباهر 13، والروضتين
1/ 66، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة 87) ، وخريدة
القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) ج 1/ 18، 24- 26، 87- 90، 123،
132، 135، 140، 185، و 2/ 83، 124، والفخري 296، ومختصر التاريخ لابن
الكازروني 212، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 269، ونهاية الأرب 23/
252 و 26/ 337، والمختصر في أخبار البشر 2/ 204، والعبر 3/ 314، 316،
ودول الإسلام 2/ 16، وسير أعلام النبلاء 18/ 318- 324 رقم 147 وفيه
(عبد الله) ، والإعلام بوفيات الأعلام 200، وتاريخ ابن الوردي 1/ 568،
569، و 2/ 13، وفوات الوفيات 2/ 219، 220 رقم 231، ومرآة الجنان 3/
143، والبداية والنهاية 12/ 146، والدرّة المضيّة 440، وشرح رقم الحلل
108، 119، والوافي بالوفيات 17/ 467، 469 رقم 389، وشفاء الغرام 1/
390، 438، 529 و 2/ 312، 363، والجوهر الثمين 187، وتاريخ الخميس 2/
402، ومآثر الإنافة 2/ 17، وتاريخ ابن خلدون 3/ 480 و 5/ 15، والنجوم
الزاهرة 5/ 139، 140، وتاريخ الخلفاء 423، 425، 426، وشذرات الذهب 3/
380، 381، وأخبار الدول (الطبعة الجديدة) 2/ 164، 165، ومعجم الأنساب
والأسرات الحاكمة 4، ومجلة المجمع العلمي العربيّ بدمشق 20/ 190.
(33/210)
بويع بالخلافة في ثالث عشر شعبان سنة سبْعٍ
وستّين، وهو ابن تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر [1] . وتُوُفّي أبوه
الذّخيرة والمقتدي حَمْل، وأُمُّه أَمَةٌ اسمها أُرْجُوان [2] .
ظهرت في أيّامه خيراتٌ كثيرة، وآثارٌ حَسَنَة في البلدان.
وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأة.
وكان قد ثامن عشر المحرَّم، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأةً.
وكان قد أُحضِر إليه تقليد السلطان بَرْكَيارُوق ليُعلّم عليه، فقرأه
وعلّم عليه، ثمّ تغدّى وغسل يديه، وعنده فتاته شمس النّهار، فقال لها:
ما هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذْنٍ؟.
قالت: فالتفتُّ، فلم أَرَ شيئًا، ورأيته قد تغيّر حالُه، واسترخت يداه
وسقط. فظننتُ أنّه غُشِي عليه. ثمّ تقدَّمتُ إليه، فرأيت عليه دلائلَ
الموت، فقلت لجاريةٍ عندي: ليس هذا وقت النَّعي، فإنْ صحْتِ قتلتُك.
وأحضرتُ الوزير، فأخبرته، فأخذوا في البيعة لولده المستظهر باللَّه
أحمد [3] .
وعاشت أمُّه إلى خلافة ابن ابنها المسترشد باللَّه [4] .
وكانت قواعد الخلافة في أيّامه باهرة، وافرة الحُرمة. بخلاف مَن
تقدَّمه.
ومِن محاسنه أنّه أمَر بنفْي المغنيّات والخواطي [5] من بغداد، وأن لا
يدخل أحدٌ الحمّام إلّا بمئْزَرٍ. وضرب أبراج الحمام صيانةً لحُرَم
النّاس.
وكان ديِّنًا خيّرًا، قويّ النّفس، عالي الهمّة [6] ، من نجباء بني
العبّاس.
__________
[1] المنتظم 8/ 290، الكامل 10/ 94، الإنباء في تاريخ الخلفاء 205، وفي
الخريدة 1/ 25 مدّة خلافته تسع عشرة سنة وخمسة أشهر وثلاثة أيام.
[2] في الإنباء في تاريخ الخلفاء «الأرجوانية» . (201) ، والمثبت هو
الصحيح. وينسب إليها الرباط الأرجواني بدرب زاخا ببغداد، وهو شارع
المتنبي الحالي. وقال ابن النجار إن اسم أمّه «علم» . (سير أعلام
النبلاء 18/ 323) .
[3] انظر: تاريخ الزمان لابن العبري 121، والخبر في: سير أعلام النبلاء
18/ 323.
[4] المنتظم 8/ 291، 292، الكامل في التاريخ 10/ 230، المختصر في أخبار
البشر 2/ 204.
[5] في العبر 3/ 316: «الحواظي» وهو تحريف.
[6] المنتظم 8/ 293، 294، الكامل 10/ 231، وقال ابن العمراني: كان
المقتدي بأمر الله شهما شجاعا ذا بصيرة وجدّ، وكان يرجع إلى فضل وافر
وعقل كامل. (الإنباء 201) .
(33/211)
وقيل إنّ جاريته سمّته.
وقد كان السّلطان ملك شاه صمّم على إخراجه من بغداد، فحار في نفسه،
وعجز، وأقبل على الابتهال إلى الله، فكفاه الله كيد ملك شاه ومات [1] .
227- عبد الله بن فَرَح بن غزلون [2] .
أبو محمد اليَحْصُبيّ الطُّلَيْطُلِيّ ابن العسّال.
روى عَنْ: مكّيّ بْن أَبِي طَالِب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وابن أرفعْ
راسه، وابن شقّ اللّيل، وطائفة.
وكان متقِنًا فصيحًا مفوّهًا، حافظًا للحديث، خبيرًا بالنَّحْو
واللُّغَة والتّفسير.
وكان شاعرًا مُفْلِقًا، وله مجلس حفل [3] .
__________
[ () ] وقال ابن النجار: وكان محبّا للعلوم، مكرما لأهلها، لم يزل في
دولة قاهرة، وصولة باهرة، وكان غزير الفضل، كامل العقل، بليغ النثر،
فمنه:
وعد الكرماء ألزم من ديون الغرماء.
الألسن الفصيحة أنفع من الوجوه الصبيحة، والضمائر الصحيحة أبلغ من
الألسن الفصيحة.
حق الرعية لازم للرعاة.
ويقبح بالولاة الإقبال على السّعاة.
ومن نظمه:
أردت صفاء العيش مع من أحبّه ... فحاولني عمّا أروم مريد
وما اخترت بتّ الشمل بعد اجتماعه ... ولكنّه مهما يريد أريد
(سير أعلام النبلاء 18/ 324، فوات الوفيات 2/ 220) .
والبيتان أوردهما ابن السمعاني، ونقلهما العماد في الخريدة 1/ 25، 26
ومن شعره أيضا:
أما والّذي لو شاء غيّر ما بنا ... فأهوى بقوم في الثّريّا إلى الثرى
وبدّلنا من ظلمة الجور بعد ما ... دجا ليلها صبحا من العدل مسفرا
لئن نظرت عيني إلى وجه غيره ... فلا صافحت أجفانها لذّة الكرى
وإن تسع رجلي نحو غيرك، أو سعت ... فلا أمنت من أن تزلّ وتعثرا
فو الله إني ذلك المخلص الّذي ... عزيز على الأيام أن يتغيّرا
(خريدة القصر 1/ 26) .
[1] المنتظم 8/ 292، الفخري 296.
[2] انظر عن (عبد الله بن فرح) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 285، 286 رقم
629 وقد تحرّف فيه إلى: «عبد الله بن فرج» بالجيم، ثم صحّح في أثناء
الترجمة إلى «فرح» بالحاء المهملة.
[3] عبارة ابن بشكوال: كان متفنّنا فصيحا لسنا، وكان الأغلب عليه حفظ
الحديث والأنحاء واللغة والآداب. وكان عارفا بالتفسير، شاعرا مفلقا،
وكان سنيا، وكان له مجلس حفيل، يقرأ عليه فيه التفسير. وكان يتكلّم
عليه، وينصّ من حفظه أحاديث كثيرة. وكان منقبضا، متصاونا يلزم بيته.
(33/212)
روى عنه جماعةٌ من مشيخة ابن بَشْكُوال.
مات في عشر التّسعين.
228- عبد الله بن أبي طاهر محمد بن محمد بن حُسين [1] .
أبو محمد الْجُوَينيّ [2] البغداديّ.
سمع: أحمد بن عبد الله بن المَحَامِليّ، وأبا القاسم بن بشْران.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان رحمه الله ثقة، وله خُلُق ميشوم.
229- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] .
أَبُو القاسم الواحديّ.
سمع: ابن مَحْمِش، ويحيى بن إبراهيم المزكيّ، وغيرهما.
وعنه: زاهر الشّحّاميّ.
وهو أخو المفسّر أبي الحسن الواحديّ [4] .
وممّن روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وعبد الخالق، وعبد الله بن
الفُرَاويّ، وعدّة.
وكان ثقة. أملى زمانا [5] .
230- عبد السّيّد بن عتّاب [6] .
__________
[ () ] ذكره ابن مطاهر.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الجوينيّ: بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء المنقوطة باثنتين من
تحتها. هذه النسبة إلى جوين وهي إلى ناحية كثيرة مشتملة على قرى مجتمعة
يقال لها كويان فعرّب وجعل جوين.
وهذه الناحية متصلة بحدود بيهق، ولها قرى متصلة بعضها ببعض، ولا يرى
فيها خمسة فراسخ خراب أو بادية من عمارتها، وقرب كل قرية من الأخرى.
(الأنساب 3/ 385) .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: المنتخب من السياق 314 رقم 1030.
[4] وأبو الحسن علي المفسّر أكبر من المترجم هنا، وأصلهم من نيسابور.
وهم من أولاد التجار.
[5] قال عبد الغافر: مستور، صالح.. عقد له مجلس الإملاء في الجامع
المنيعي قبل الصلاة يوم الجمعة، وأملى سنين، وقرئ عليه أكثر مسموعاته.
[6] انظر عن (عبد السيد بن عتّاب) في: معرفة القراء الكبار 1/ 440، 441
رقم 377، وميزان الاعتدال 2/ 619 رقم 5068، ونكت الهميان 192، وغاية
النهاية 1/ 387 رقم 1652 أ، ولسان الميزان 4/ 19 رقم 50.
(33/213)
أبو القاسم البغداديّ الضّرير المقرئ
المجوّد.
تُوُفّي في نصف ذي القعدة.
قرأ القراءات عَلَى أَبِي الْحَسَن عليّ بْن أحمد بن عمر الحمّاميّ شيخ
العراق، وعلى: أَبِي العلاء مُحَمَّد بْن عليّ الواسطيّ، وأبي طاهر
محمد بن ياسين الحلبيّ، وأبي بكر محمد بن عليّ بن زلال المطرّز،
والحسين بن أحمد الحربيّ الزّاهد، وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد
اللَّه بْن المرزبان الأصبهانيّ صاحب ابن فُورَك القبّاب، والحسن بن
الفضل الشَّرْمقَانيّ [1] والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وأبي
محمد عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأصبهاني
الأشعري المعروف بابن اللبان قاضي إيذج [2] ، والحسن بْن عليّ بْن
الصَّقْر الكاتب صاحب زيد بن أبي بلال الكوفيّ، وعليّ بن أحمد بن داود
الرّزّاز، عن قراءته على أبي بكر بن مُقْسم.
قرأ عليه: أبو منصور بن خَيْرُون، وأبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ،
وأبو الكَرَم المبارك بن الشَّهْرُزُوريّ، وجماعة.
وكان من كبار المقرءين في زمانه [3] .
عاش نيِّفًا وسبعين سنة أو نحوها.
231- عطاء بن عبد الله بن سيف [4] .
أبو طاهر الدّارميّ الهَرَويّ القرّاب.
تُوُفّي في شوّال عَنْ ثلاثٍ وثمانين سنة.
سمع من أصحاب حامد الرّفّاء.
232- عليْ بْن أَبِي الغنائم عَبْد الصَّمَد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد
بْن الْحَسَن بْن
__________
[1] الشّرمقاني: بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم والقاف،
وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من أسفراين بنواحي نيسابور،
يقال لها «جرمغان» بالجيم، وقد كانت من أعمال نسا، (الأنساب 7/ 323) .
[2] إيذج: الذال معجمة مفتوحة، وجيم، كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان،
وهي أجلّ مدن هذه الكورة. (معجم البلدان 1/ 288) .
[3] وقال شجاع الذهلي: لم يكن ممن يعتمد على قوله. (ميزان الاعتدال،
لسان الميزان) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/214)
الفضل بن المأمون [1] .
أبو الحسن الهاشميّ البغداديّ.
سمَعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وغيره.
وكان المقدَّم بعد أبيه في الموكب. وكبُر حتّى انقطع عن الخروج.
وكان سالكًا نهْج أبيه في إيثار الخمول، وسلوك الطّريقة المُثْلى،
والتَّفرُّد والعُزلة عن الخَلْق.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ.
وتُوُفّي في المحرَّم، ودُفِن بقصر بني المأمون.
233- علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد بن أبي العلاء [2] أبو
القاسم المصّيصيّ [3] الأصل، الدّمشقيّ، الفقيه الشّافعيّ، الفَرَضيّ.
وُلِد في رجب سنة أربعمائة.
وسمع: محمد بن عبد الرحمن القطّان، وأبا محمد بن أبي نصر، وعبد الوهّاب
بن جعفر الميّدانيّ، وأبا نصْر بن هارون، وعبد الوهّاب المرّيّ، وطائفة
بدمشق، وأبا الحسن بن الحمّاميّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأحمد بن عليّ
الباداء،
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) 39،
93، 110، 119، 121، 151، 163، 165، 173، والأنساب 11/ 351، 352،
والتحبير في المعجم الكبير 1/ 228، 253، 264 و 2/ 250، 384، ومعجم
البلدان 5/ 145، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 164، 165 رقم 90،
والإعلام بوفيات الأعلام 200، وسير أعلام النبلاء 19/ 12- 15، والمعين
في طبقات المحدّثين 142 رقم 1549، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 3،
وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 412، 413، وحسن المحاضرة 1/ 404، وشذرات
الذهب 3/ 381، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 220.
[3] المصّيصي: قال ابن السمعاني بكسر الميم، وقال ياقوت بفتحها. والصاد
بالتشديد. أما الأديب أبو تراب علي بن طاهر الكرميني فقال: المصيصي
بفتح الميم من غير تشديد. وقال نصر الله بن محمد بن عبد القوي: المصيصي
بالكسر والتشديد. وقال الحسن بن محمد المالقي الأندلسي: دخلت هذه
البلدة وسمعت أهلها يقولون بالفتح والتخفيف والكسر والتشديد. وقال أبو
الفضل محمد بن ناصر الحافظ: هذه البلدة لا تعرف إلّا بالتشديد وكسر
الميم، وهكذا رأيناه في غير موضع بخط أبي بكر الخطيب الحافظ. وأبو علي
المالقي لما دخلها كان قد استولى الفرنج عليها ولم يبق فيها أحد من
المسلمين، فعن من سأل ومن ذكر له هذا؟
فالأكثرون على الكسر والتشديد. (الأنساب 11/ 351، 352) .
(33/215)
وهبة الله اللّالكائيّ، وطلحة الكتّانيّ،
وجماعة ببغداد، وأبا نصر بن البقّال بعكبرا، ومحمدا وأحمد ابني الحسين
بن سهل بن خليفة ببلد، وأبا عبد الله بن نظيف، وأبا النُّعْمان تراب بن
عمر، وجماعة بمصر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، والفقيه نصر المقدسيّ، والخضر
بن عَبْدان، وأبو الحسن جمال الإسلام، وهبة الله بن الأكفانيّ، وأبو
القاسم بن مقاتل السُّوسيّ، وأخوه عليّ، وأبو العشائر محمد بن خليل
الكرديّ، وأبو يَعْلَى حمزة بن الحُبُوبيّ، وأبو القاسم الحسين بن
البُنّ الأسَديّ، وهبة الله بن طاوس، وأبو المعالي محمد بن يحيى قاضي
دمشق، وآخرون.
وذكر محمد بن عليّ بن قبيس أنّه وُلِد بمصر.
وقال ابن عساكر: كان فقيهًا فَرَضيًّا [1] ، من أصحاب القاضي أبي
الطّيّب.
وتُوُفّي بدمشق في حادي عشر جُمَادى الآخرة. ودُفِن بمقبرة باب
الفراديس [2] . قلت: كريمة آخر من روى حديثه بعُلُوّ [3] .
234- عليّ بْن هبة اللَّه بْن عليّ بْن جعفر بن عليّ بن محمد بن دُلْف
بن الأمير أبي دُلْف القاسم بن عيسى بن إدريس بن معقل العجليّ [4] .
__________
[1] مختصر تاريخ دمشق 18/ 165.
[2] حكى البهجة بن أبي عقيل، عن ابن أبي العلاء أنه كان بيده دفتر حساب
يحاسب رجلا، ثم نظر إلى فوق، وقال: ما هذا الوجه؟ هذا صورة شخص قد
تمثّل لي. ثم رمى الدفتر، وأغمي عليه، ومات. (سير أعلام النبلاء 9/ 13)
.
[3] قرأ المصّيصي الجزء الثالث من فضائل الصحابة لخيثمة بن سليمان
الأطرابلسي على عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر التميمي في جمادى
الآخرة سنة 415 هـ. والجزء السادس من فضائل أبي بكر الصدّيق، والجزء
العاشر من الرقائق والحكايات. (حديث خيثمة الأطرابلسي 39) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عن عبد السلام تدمري» :
لقد نشرت هذه الأجزاء كلّها مع فوائد خيثمة في كتاب بعنوان «من حديث
خيثمة بن سليمان الأطرابلسي» ، ثم صدر بعنوان «فضائل الصحابة من أحاديث
خيثمة الأطرابلسي» عن دار الكتاب العربيّ، بيروت 1400 هـ/ 1980 م.
[4] انظر عن (علي بن هبة الله) في: تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ج 12/
ورقة 280 أ- 281 أ، و (مخطوطة التيمورية) 18/ ورقة 617، و (تراجم:
عاصم- عائذ) ص 103 (في ترجمة «عالي بن عثمان بن جني» ) ، والمنتظم 9/ 3
رقم 3 (16/ 226 رقم 3525) ، ومعجم
(33/216)
وعِجْل بطْنٌ من بكر بن وائل من أَمَة
ربيعة أخي مُضَر ابني نِزار بن مَعَدّ بن عدنان.
وقد استوفى السّمعانيّ نَسَبَه إلى عدنان.
وقال بعضهم فيه: عليّ بْن هبة اللَّه بْن عليّ بْن جعفر بن علّكان، بدل
عليّ.
أصلهم من جَرْباذْقان [1] . بلد بين هَمَذَان وإصبهان، وداره ببغداد،
يُلقَّب بالأمير أبي نصْر.
وقال شِيروَيْه في «طبقاته» : يُعرف بالوزير سعد الملك ابن ماكولا.
قدِم رسولًا مِرارًا، أوّلها سنة تسعٍ وستّين.
روى عن: أبي طالب بن غَيْلان، وعبد الصّمد بن محمد بن مُكْرَم،
وعُبَيْد الله بن عمر بن شاهين، وأبي بكر محمد بن عبد الملك بن بشران،
__________
[ () ] الأدباء 15/ 102- 111، والأنساب 515 ب، والتحبير 2/ 215،
والكامل في التاريخ 10/ 128، واللباب 3/ 182، ووفيات الأعيان 3/ 305،
306، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 184 رقم 121، والمختصر في أخبار
البشر 2/ 194، ودول الإسلام 2/ 17، وسير أعلام النبلاء 18/ 569- 578
رقم 298، والإعلام بوفيات الأعلام 200، والمعين في طبقات المحدّثين 140
رقم 1534، وتذكرة الحفاظ 3/ 1201، والعبر 3/ 317، وتاريخ ابن الوردي 1/
381، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 201- 203، ومرآة الجنان 3/ 143،
144، وفوات الوفيات 3/ 110- 112، والبداية والنهاية 12/ 123، 124، و
145، 146، والوافي بالوفيات 22/ 280- 282 رقم 208، وعقود الجمان
للزركشي 234 أ، وطبقات ابن قاضي شهبة (في وفيات سنة 475 هـ) ، والنجوم
الزاهرة 5/ 115، 116، وطبقات الحفاظ 444، وكشف الظنون 1637، 1758،
وشذرات الذهب 3/ 381، 382، وهدية العارفين 1/ 693، وديوان الإسلام 4/
274، 275 رقم 2035، والرسالة المستطرفة 116، وتاريخ الأدب العربيّ 6/
176- 178، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 69، والأعلام 5/ 30، ومعجم
المؤلفين 7/ 257، وتهذيب تاريخ دمشق 7/ 134، وكتابنا: الحياة الثقافية
في طرابلس الشام 297، 298، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي 3/ 364- 367 رقم 1127، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين
133 رقم 698.
وانظر مقدّمة كتابه: «الإكمال» ، ومقدّمة كتابه: «تهذيب مستمر الأوهام»
.
[1] جرباذقان: بالفتح، والعجم يقولون: كرباذقان. بلدة قريبة من همذان
بينها وبين الكرج وأصبهان، كبيرة ومشهورة. وجرباذقان أيضا: بلدة بين
أستراباذ وجرجان من نواحي طبرستان.
(معجم البلدان) .
(33/217)
وبِشْر بن الفاتنيّ، وأبي الطّيّب
الطَّبَريّ.
سمعتُ منه، وكان حافظًا متقنًا. أحد من عُني بهذا الشّأن. ولم يكن في
زمانه بعد أبي بكر الخطيب أحدٌ أفضل منه، وحضَر مجلسَه الكبار من
شيوخنا، وسمعوا منه، وسمع منهم.
وقال: وُلِدتُ بعُكْبَرَا في شعبان سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.
وقال ابن عساكر: [1] وَزَرَ أبوه للخليفة القائم، وولي عمُّه قضاء
القُضاة، وهو الحسين بن عليّ.
قال: وسمع ابن غَيْلان، والعتيقيّ، وأبا منصور محمد بن محمد السّوّاق،
وأبا القاسم الحِنّائيّ، وأحمد بن القاسم بن ميمون المصريّ، وخلْقًا.
روى عنه: الخطيب شيخه، والفقيه نصر المقدسيّ، وعمر الدّهسْتانيّ.
ووُلِد بعُكْبَرَا سنة إحدى وعشرين في شعبان.
قال أبو عبد الله الحُمَيْديّ: ما راجَعتُ الخطيب في شيءٍ إلّا وأحالني
على الكتاب، وقال: حتّى أبصره. وما راجَعتُ أبا نصْر بن ماكولا في شيءٍ
إلّا وأجابني حِفْظًا، كأنّه يقرأ من كتاب [2] .
وقال أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني: لمّا بلغ أبا بكر الخطيبَ أنّ
ابن ماكولا أخذ عليه في كتابه «المؤتنف» ، وصنَّف في ذاك تصنيفًا،
وحضَر عنده ابن ماكولا، سأله الخطيب عن ذلك، فأنكر ولم يُقِرّ به وأصرّ
على الإنكار، وقال: هذا لم يخطر ببالي.
وقيل: إنّ التّصنيف كان في كُمّه. فلمّا مات الخطيب أظهره ابن ماكولا.
وهو الكتاب الّذي سمّاه «مستمرّ الأوهام» [3] .
قلت: لي نسخة به، وهو كتاب نفيس، يدلّ على تبحُّر مصنّفه وإمامته.
__________
[1] في تاريخ دمشق 18/ 617.
[2] معجم الأدباء 15/ 10، تذكرة الحفاظ 4/ 1203، 1204، سير أعلام
النبلاء 18/ 574، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 202.
[3] معجم الأدباء 15/ 103، 104، تذكرة الحفاظ 4/ 1104، سير أعلام
النبلاء 18/ 574، وقد نشر هذا الكتاب باسم «تهذيب مستمر الأوهام على
ذوي المعرفة وأولي الأفهام» وحقّقه سيّد كسروي حسن، وصدر عن دار الكتب
العلمية ببيروت 1410 هـ/ 1990 م.
(33/218)
قال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال
يمدح أبا نصر بن ماكولا ويُثْني عليه، ويقول: دخل مصر في زِيّ
الكَتَبَة، فلم نرفع به رأسًا، فلمّا عرفناه كان من العلماء بهذا
الشّأن [1] .
وقال أبو سعْد السّمعانيّ: كان لبيبًا، عالمًا، عارفًا، حافظًا. ترشّح
للحفظ، حتّى كان يقال له الخطيب الثّاني. وصنَّف كتاب «المؤتلف
والمختلف» وسمّاه كتاب «الإكمال» [2] . وكان نحْويًّا، مجوّدًا،
وشاعرًا مبرّزًا جَزْلَ الشِّعْر، فصيح العبارة، صحيح النَّقل، ما كان
في البغداديّين في زمانه مثله. رحل إلى الشّام، والسّواحل، وديار مصر،
والجزيرة، والجبال، وخُراسان، وما وراء النّهر.
وطاف الدّنيا، وجال في الآفاق، ورجع إلى بغداد، وأقام بها [3] .
وقال ابن النّجّار: أحبَّ العِلْمَ منذ صِباه، وطلب الحديث، وكان يُحضر
المشايخ إلى منزله، وسمع [4] منهم. ورحل إلى أن برع في الحديث، وأتقن
الأدب. وله النَّظم والنَّثْر والمصنَّفات [5] .
وأنفذه المقتدي بأمر الله رسولًا إلى سَمَرْقَنْد وبُخَارى، لأخذ
البَيْعة له على ملكها طَمْغان الخان [6] .
روى عنه: الخطيب، والفقيه نصر، والحُمَيْديّ، وأبو محمد الحسن بن أحمد
السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وشجاع الذُّهْليّ،
ومحمد بن طرْخان، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وإسماعيل بن
السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد الله بن عبد السّلام، وآخرون.
وقال هبة الله بن المبارك ابن الدّوانيّ: اجتمعت بالأمير ابن ماكولا،
فقال
__________
[1] معجم الأدباء 15/ 103، 104، تذكرة الحفاظ 4/ 1204، سير أعلام
النبلاء 18/ 574.
[2] اسمه الكامل هو: «الإكمال في رفع عارض الارتياب عن المؤتلف
والمختلف من الأسماء والكنى والأنساب» وقد حقّقه العلّامة المحروم عبد
الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، وأصدرته دائرة المعارف العثمانية
بحيدرآباد الدكن في الهند.
[3] تذكرة الحفاظ 4/ 1204، سير أعلام النبلاء 18/ 575.
[4] في سير أعلام النبلاء «إلى منزلهم ويسمع» .
[5] تذكرة الحفاظ 4/ 1204، سير أعلام النبلاء 18/ 575.
[6] في الأصل: «طغمان» ، والتصحيح من: تذكرة الحفاظ 4/ 1205، وسير
أعلام النبلاء 18/ 575.
(33/219)
لي: خُذْ جزءين من الحديث، واجعل متن
الحديث الّذي في هذا الجزء على إسناد الّذي في هذا الجزء، من أوّله إلى
آخره، حتّى أردّه إلى حالته الأولى، من أوّله إلى آخره [1] .
أخبرني أبو عليّ بن الخلال، أنا جعفر، أنا السلفي، قال: سألت شجاعًا
الذُّهْليّ عن ابن ماكولا فقال: كان حافظًا، فهْمًا، ثقةً، صنَّف
كُتُبًا في علم الحديث [2] .
وقال المؤتَمَن السّاجيّ: لم يلزم ابن ماكولا طريق أهل العلم، فلم
ينتفع بنفسه [3] .
وقال أبو الحسن بن عبد السّلام: لمّا خرج الأمير أبو نصر إلى خُراسان
في طلب الحديث، كتب إلى بغداد، والشِّعْرُ له:
قَوِّضْ خِيَامَكَ عن دارٍ أُهِنْتَ بها ... وجَانِبِ الذُّلَّ إنَّ
الذُلَّ يُجْتَنَبُ [4]
وارْحَلْ إذا كانتِ الأوطانُ مَضْيَعةً [5] ... فالمنزلُ [6] الرَّطْبُ
في أوطانِهِ حَطَبُ [7]
وللأمير:
ولمّا تَوَاقَفْنَا [8] تباكَتْ قُلُوبُنا ... فَمُمْسِكُ دَمْع يوم
[9] ذاك كساكبه
__________
[1] تذكرة الحفاظ 4/ 205 أسير أعلام النبلاء 18/ 575.
[2] تذكرة الحفاظ 4/ 1205، سير أعلام النبلاء 18/ 575، 576، المستفاد
من ذيل تاريخ بغداد 202.
[3] المصادر السابقة.
[4] في: معجم الأدباء، وتذكرة الحفاظ، وسير أعلام النبلاء، والبداية
والنهاية: «مجتنب» .
[5] في معجم الأدباء: «منقصة» . وفي وفيات الأعيان، والبداية والنهاية:
وأرحل إذا كان في الأوطان منقصة
[6] هكذا في الأصل. وفي المصادر: «المندل» ، وهو العود الرطب يتبخّر به
أو أجوده.
[7] البيتان في: معجم الأدباء 15/ 104، ووفيات الأعيان 3/ 306، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1206، وسير أعلام النبلاء 18/ 577، والبداية والنهاية 12/
124.
[8] في معجم الأدباء، وفوات الوفيات: «تفرقنا» . وفي تذكرة الحفاظ:
«توافقنا» (بتقديم الفاء على القاف) ، وفي النجوم الزاهرة: «توافينا» .
[9] في معجم الأدباء: «دمع عند» .
(33/220)
فيا كَبِدي [1] الحَرَّى الْبِسِي ثَوْبَ
حَسْرَةٍ ... فِرَاقُ الّذي تَهْوينَهُ قد كساكِ به [2]
قال ابن عساكر: [3] سمعتُ ابن السَّمَرْقَنْديّ يذكر ابنَ ماكولا قال:
كان له غلمان تُرْك أحداث، فقتلوه بجرجان سنة نيّف وسبعين وأربعمائة
[4] .
وقال ابن النّجّار: قال ابن ناصر: كان ابن ماكولا الحافظ بالأهواز،
إمّا في سنة ستٍّ، أوْ سبْعٍ وثمانين [5] .
وقال السّمعانيّ في أوائل ترجمته: خرج من بغداد إلى خُوزسّتان، وقُتِل
هناك بعد الثّمانين [6] .
وذكر أبو الفرج بن الجوزي في «المنتظم» [7] إنه قتل سنة خمس وسبعين،
وقيل: في سنة ست وثمانين [8] .
وقال غيره: قتل في سنة تسعٍ وسبعين.
وقيل: في سنة سبْعٍ وثمانين بخُوزسْتان.
حكى هذين القولين القاضي شمس الدّين بن خلّكان [9] .
__________
[1] في معجم الأدباء، وفوات الوفيات: «فيا نفسي» .
[2] البيتان في: معجم الأدباء 15/ 104، وتذكرة الحفاظ 4/ 1206، وسير
أعلام النبلاء 18/ 577، وفوات الوفيات 3/ 111، والنجوم الزاهرة 5/ 116.
[3] في تاريخ دمشق 18/ 617.
[4] تذكرة الحفاظ 4/ 1205، سير أعلام النبلاء 18/ 576، المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد 203.
[5] معجم الأدباء 15/ 104، تذكرة الحفاظ 4/ 1205، سير أعلام النبلاء
18/ 576.
[6] تذكرة الحفاظ 4/ 1205، سير أعلام النبلاء 18/ 576.
[7] ج 9/ 5 و 79 (16/ 226) .
[8] سير أعلام النبلاء 18/ 577، البداية والنهاية 12/ 143، 145.
[9] في وفيات الأعيان 3/ 306.
و «أقول» : نزل ابن ماكولا مدينة صيدا وسمع بها من أبي الحسن عبد الله
بن علي بن عبد الله بن المخ الصيداوي، وكان سماعه منه في سنة 406 كما
ذكر ابن الأثير في (اللباب 3/ 182) ، فيما ذكر ابن السمعاني أنه كتب
بصيداء في حجرة البيّع في ذي الحجة سنة 460 وقال: ما وجدت عند ابن المخ
الصيداوي غير الجزء الثاني من «معجم شيوخ» ابن جميع الصيداوي. (الأنساب
515 ب، وانظر: الإكمال 7/ 215) والتاريخ الثاني هو الأصحّ.
وله كتاب في الأدب بعنوان «مفاخرة القلم والسيف والدينار» ذكره صاحب
«كشف الظنون» ، وله كتاب «الوزراء» .
(33/221)
235- عُمَر بن أحمد بن عُمَر [1] .
أبو حفص السّمسار الأصبهانيّ الفقيه الفَرَضيّ.
سمع: عليّ بْن عَبْدكُوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ الذَّكْوانيّ،
وغيرهما.
روى عنه: مسعود الثّقفيّ، وأبي عبد الله الرُّسّتُميّ.
236- عيسى بن خِيرة [2] .
مولى ابن بُرْد الأندلسيّ المقرئ، أبو الأصْبَغ [3] .
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وحاتم بن محمد، ومحمد بن عَتّاب، وأبي عمر
بن الحذّاء، وأبي عَمْرو السّفَاقّسيّ.
وكان مجوّدًا للقراءات، وَرِعًا، زاهدًا، فاضلًا، متواضعًا، محبَّبًا
إلى النَّفس.
ولي إمامة قُرْطُبة، ثمّ تخلّى عن ذلك. ومولده سنة إحدى عشرة
وأربعمائة.
وتُوُفّي في ثامن جُمَادى الآخرة [4] . وكانت جنازته مشهودة.
- حرف الفاء-
237- الفضل بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي العبّاس
النَّيْسابوريّ الفراويّ [5] .
__________
[ () ] وقد أدرك ابن ماكولا بصيداء: عالي بن عثمان بن جنّي، فأخذ عليه
قبل أن يتوفى سنة 457 أو 458 هـ. (تاريخ دمشق 18/ 697، (تراجم: عاصم-
عائذ) 103، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 134) وانظر كتابنا: موسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 364- 367.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عيسى بن خيرة) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 438، 439 رقم
943، وغاية النهاية 1/ 608 رقم 2487، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي 3/ 406، 407 رقم 1184.
[3] قال ابن بشكوال: قرأت بخط ابن مغيث قال: هو مولى ابن الأحمر
القرشي. ورأيت بخط أبي علي الغساني: أبو الأصبغ عيسى بن خيرة صاحبنا،
وأبوه خيرة مولى عتيقة بنت معاوية بن أبي بكر محمد بن معاوية بن عبد
الرحمن الأموي المعروف بابن الأحمر الفقيه من أهل قرطبة.
[4] وقع في غاية النهاية أن وفاته سنة سبع وثمانين وخمسمائة. (1/ 608)
وهذا غلط.
[5] انظر عن (الفضل بن أحمد) في: المنتخب من السياق 411، 412 رقم 1402،
والمختصر
(33/222)
والد الفقيه المحدِّث أبي عبد الله محمد بن
الفضل.
مولده سنة أربع عشرة وأربعمائة.
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النصروي [1] ، وأبا سعيد عبد الرحمن بن عليك،
وطائفة.
روى عنه: ابنه، وعبد الغافر بن إسماعيل [2] .
وكان صوفيًّا صالحًا، مشهورًا، محدِّثًا، جيّد القراءة، مليح الخطّ.
تُوُفّي فِي صَفَر.
- حرف الميم-
238- مُحَمَّدُ بْن أَحْمَد بن عبد العزيز [3] .
أبو عبد الله الطّاهريّ البغداديّ، من ساكني الحريم.
سمع: أبا الحسن بن الباداء.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنْماطيّ.
تُوُفّي في آخر السّنة.
239- مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد [4] .
أَبُو عَبْد الله الدِّينَوَريّ المؤذّن.
سمع بدمشق من: المسدّد الأُمْلُوكيّ، وعليّ بن السِّمْسار، وغيرهما.
روى عنه: القاضي أبو المعالي محمد بن يحيى القرشيّ، وغيره.
__________
[ () ] الأول للسياق (مخطوط) ورقة 75 أ.
[1] في المطبوع من (المنتخب) : «النصوري» .
[2] وهو قال: «سمع زين الإسلام وحضر مجلسه وحصّل تصانيفه وضبط أحواله
وكلماته، وحصل النسخ، وجمع الفوائد لابن الإمام محمد.
سافر إلى بخارى وسمع بها من الطبقة الثانية المتقدّمين ثم المتأخّرين
وسمع الصحيحين مرارا، وسمع بخراسان عن النصروي (في المطبوع: النصوري) ،
وأبي سعيد بن عليك وطبقتهم، وسمّع ابنه.
ولد سنة أربع عشرة وأربعمائة» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/223)
240- محمد بن الحُسين بن محمد بن طلحة [1]
.
أبو الحسن الأسفرائينيّ، الأديب الرّئيس.
شاعر محسن، له ديوان شِعْر.
سمع: ابن مَحْمِش الزِّياديّ، وأبا الحسن عليّ بن محمد السّقّاء، وحمزة
بن يوسف السَّهْميّ، وغيرهم.
وكان أبوه من رؤساء نَيْسابور، وهو سِبْط القاضي أبي عمر البسْطاميّ.
وكان يسلك طريق الفتيان ولا يتكلّف ويحفظ أشعارًا كثيرة. وله في نظام
المُلْك قصيدة ومَطْلَعُهَا:
ليهن الهوى إنّي خَلَعتُ عِذَارِي ... وودَّعتُ من بعد المشِيب وقَاري
فقال له نظام المُلْك: أيُّها الشّيخ، بالرّفاء والبَنِين [2] .
فقال: يا مولانا، هذه التّهنئة منك أحبُّ إليَّ من شِعري.
ومن مليح شعره قوله:
بنفسِي مَن سمحتُ له بروحي ... ولم يسمح بطيفٍ من خيالِهِ
وقد طُبع الخيال على مثالي ... كما طُبع الجمال على مثالِه
ولمّا أنْ رأى تَدْليه عقلي ... وشدّة حُرْقتي ورخاء بالِه
تبسَّم ضاحكًا عن بَرْقِ ثَغْرٍ ... يكاد البرقُ يخرج من خلالِه
وله:
بيضاء آنسة الحديث كأنّها ... شمسُ الضُّحَى لن نستطيع منَالَها
وأشدُّ ما بي في هواها أَنّها ... قد أطْمعتْ في الوصْل ثمّ بدا لها
قلت: روى عَنْهُ: سَعِيد بْن سَعْد اللَّه المِيهَنيّ، وسعد بن
المُعْتَزّ، وجماعة.
241- محمد بن عبد الله بن موسى بن سهل [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين الأسفرائيني) في: المنتخب من السياق 59
رقم 113 وفيه «محمد بن الحسن» .
[2] في المطبوع من (المنتخب) : «بالرفا والسن (كذا) » .
[3] انظر عن (محمد بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 559 رقم 1228
(2/ 529 طبعة
(33/224)
أبو عبد الله الْجُهَنيّ القُرْطُبيّ،
ويُعرف بالبيّاسيّ.
مُكثِر عن حاتم الأطْرَابُلُسيّ [1] .
وروى عن: أبي عبد الله بن عابد، وأبي عبد الله بْن عتاب، وأبي عُمَر بن
الحذّاء.
وكان مجتهدًا في طلب العِلْم وسماعه.
242- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن نظيف [2] .
أبو البركات الصَّيْدلانيّ الحمّاميّ أخو أبي سعد محمد المذكور من ثلاث
سِنين.
سمع: عبد الملك بن بشْران.
وعنه: شُجاع الذُّهْليّ.
243- محمد بن عُبَيْد الله بن عبد البَرّ بن ربيعة.
الحافظ أبو عبد الله البلنسي.
ورّخه الأّبار فقال: سمع: أبا عمر بن عبد البَرّ، وأبا المطرِّف بن
حجّاف، وغيرهما.
وكان فقيهًا حافظًا مُفْتيا.
حدَّث عنه: خُلَيْص بن عبد الله.
مات في حاصر الرُّوم بَلَنْسِيَة رحمه الله.
244- محمد بن أبي هاشم العلويّ [3] .
صاحب مكّة.
كان يخطب مرّةً لبني عُبَيْد، ومرّةً لأمير المؤمنين، بحسب مَن يقوى
منهما، ويأخذ جوائز هؤلاء.
__________
[ () ] عزت العطار 1955) ، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي 4/ 258، 259 رقم 1507.
[1] وكان جاره.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (محمد بن أبي هاشم) في: الكامل في التاريخ 10/ 239،
والمختصر في أخبار البشر 2/ 205، ودول الإسلام 2/ 15، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 7، والبداية والنهاية 12/ 148.
(33/225)
مات في هذا العام.
245- محمود بن القاسم بن القاضي أَبِي مَنْصُور مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حسين بن محمد بن مقاتل بن
صُبَيْح بن ربيع بن عبد الملك بن يزيد بن المهلَّب [1] .
القاضي أبو عامر الأزْديّ، المُهَلَّبيّ الهَرَويّ، من ولد المهلَّب بن
أبي صُفْرَة.
إمامٌ فقيه علّامة، شافعيّ. حدَّث «بجامع الترمذي» ، عن: عبد الجبّار
الجراحيّ.
روى عنه: مؤتَمَن السّاجيّ، ومحمد بن طاهر، وأبو نصر اليُونَارتيّ،
وأبو العلاء صاعد بن سيّار، وزاهر الشّحّاميّ، وأبو عبد الله
الفُرَاويّ، وأبو جعفر محمد بن أبي عليّ الهمذانيّ، وطائفة آخرهم موتا
أو الفتح نصر بن سيّار.
قال السّمعانيّ: هو جليل القدْر، كبير المحلّ، عالمٌ فاضل. سمع:
الجراحيّ، ومحمد بن محمد الأَزْديّ جدّه، وأبا عمر محمد بن الحسين
البسْطاميّ، وأبا مُعَاذ أحمد بن محمد الصَّيْرَفيّ، وأحمد الجاروديّ،
وأبا معاذ بن عيسى الدّاغانيّ، وبكر بن محمد المَرْوَرُّوذيّ، وجماعة.
قال أبو النّضر الفاميّ: عديم النّظير زُهدًا وصلاحًا وعفّةً. ولم يزل
على ذلك من ابتداء عُمره وإلى انتهائه. وكانت إليه الرّحلة من الأقطار
والقصد لأسانيده [2] . وُلِد سنة أربعمائة، وتُوُفّي في جُمَادى
الآخرة.
قال أبو جعفر بن أبي عليّ: كان شيخنا أبو عامر من أركان مذهب الشّافعيّ
بهَرَاة، وكان إمامنا شيخ الإسلام يزوره، ويعوده في مرضه ويتبرّك
بدعائه.
__________
[1] انظر عن (محمود بن القاسم) في: المنتخب من السياق 448 رقم 1514،
والتقييد لابن نقطة 442، 443 رقم 589، والمعين في طبقات المحدّثين 142
رقم 1550، والإعلام بوفيات الأعلام 200، 201، والعبر 3/ 318، وسير
أعلام النبلاء 19/ 32- 34 رقم 19، ومرآة الجنان 3/ 144، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 5/ 327، 328، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 94،
95، وشذرات الذهب 3/ 382.
[2] التقييد 442، سير أعلام النبلاء 19/ 33، طبقات الشافعية الكبرى 5/
328.
(33/226)
وكان نظام المُلْك يقول: لولا هذا الإمام
في هذه البلدة كان لي ولهم شأن. يهدّدهم [1] به. وكان يعتقد فيه
اعتقادًا عظيمًا، لكونه لم يقبل منه شيئًا قطّ.
ولمّا سمعت منه «مُسْنَد التِّرْمِذِيّ» هنّاني شيخ الإسلام، وقال: لم
تخسر في رحلتك إلى هَرَاة [2] .
وكان شيخ الإسلام قد سمع الكتاب قديمًا من محمد بن محمد بن محمود، عن
الحسين بن الشّمّاخ، ومحمد بن إبراهيم قالا: أنا أبو عليّ التَّرّاب،
عن أبي عيسى، ثمّ سمعه من الجراحيّ [3] .
246- محمود بن منصور البغداديّ [4] .
المعروف بطاس.
سمع: عبد الملك بن بشْران.
وعنه: شُجاع الذُّهْليّ، وغيره.
تُوُفّي في صفر.
247- معدّ [5] .
__________
[1] في الأصل: «يهدهم» .
[2] التقييد 442.
[3] التقييد 442، 443.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: قدم نيسابور قديما وسمع، ثم قدم أخيرا،
وروى، وخرّج. ولد سنة 400 (وقع في المطبوع 1400) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (معدّ) في: تاريخ حلب للعظيميّ (تحقيق زعرور) 357 (وتحقيق
سويّم) 23، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 31، وذيل تاريخ دمشق لابن
القلانسي 128، وتاريخ الفارقيّ 267، (حوادث سنة 489) ، وتاريخ مختصر
الدول لابن العبري 195، والكامل في التاريخ 10/ 237، وأخبار الدول
المنقطعة لابن ظافر 77، ووفيات الأعيان 1/ 179، 180، 192، 407 و 2/ 52،
449 و 3/ 236، 408، 412 و 5/ 66 (229- 231) ، 234 و 7/ 158، 334،
والمغرب في حلي المغرب 77، 78، ونهاية الأرب 28/ 240- 243، والمختصر في
أخبار البشر 2/ 205، ودول الإسلام 2/ 15، والإعلام بوفيات الأعلام 201،
والعبر 3/ 215، وتاريخ ابن الوردي 2/ 7، والدرّة المضيّة 441، وشرح رقم
الحلل 129، 142، والمؤنس 69، 70، ومرآة الجنان 3/ 145، 148، والبداية
والنهاية 12/ 148، والجوهر الثمين 254- 256 والمواعظ والاعتبار 1/ 355،
356، واتعاظ الحنفا 2/ 332، والنجوم الزاهرة 5/ 140،
(33/227)
أبو تميم الملقَّب بأمير المؤمنين المستنصر
باللَّه بن الظّاهر باللَّه بن الحاكم بأمر الله بن العزيز بن المُعزّ
العُبَيْديّ، صاحب مصر والمغرب.
بويع بعد موت أبيه الظّاهر في شعبان، وبقي في الخلافة ستّين سنة وأربعة
أشهر. وهو الّذي خُطِب له بإمرة المؤمنين على منابر العراق، في نوبة
الأمير أبي الحارث أرسلان البساسيريّ، في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
ولا أعلم أحدًا في الإسلام- لا خليفة ولا سلطانًا- طالت مُدّته مثل
المستنصر هذا [1] .
ولي الأمر وهو ابن سبْع سِنين ولمّا كان في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة
قطع الخطْبة له من المغرب الأمير المُعزّ بن باديس [2] ، وقيل: بل
قطعها في سنة خمسٍ وثلاثين، وخطب لبني العبّاس، وخرج عن طاعة بني
عُبَيْد الباطنيّة.
وحَدَث في أيّام هذا المتخلّف بمصر الغلاء الّذي ما عُهِد مثلُه منذ
زمان يوسف صلى الله عليه وسلم، ودام سبْع سِنين، حتّى أكل النّاس بعضهم
بعضًا، حتّى قيل: إنّه بِيع رغيفٌ واحد بخمسين دينارا. ف إِنَّا
لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156. وحتّى إنّ المستنصر هذا
بقي يركب وحده وخواصّه ليس لهم دوّاب يركبونها. وإذا مشوا سقطوا من
الجوع. وآل الأمر إلى استعارة المستنصر بغلة يركبونها. وإذا مشوا سقطوا
من الجوع. وآل الأمر إلى استعارة المستنصر بغلةً يركبها حامل الخُبز من
ابن هبة صاحب ديوان الإنشاء [3] .
وآخر شيء توجَّهت أُمُّ المستنصر وبناته إلى بغداد خوفًا من أن يمُتْنَ
جوعًا. وكان ذلك في سنة ستّين وأربعمائة. ولم يزل هذا الغلاء حتّى
تحرَّك الأمير بدر الجماليّ والد الأفضل أمير الجيوش من عكاء، وركب في
البحر حسبما ذُكِر في ترجمة الأفضل شاهنشاه، وجاء إلى مصر وتولّى تدبير
الأمور،
__________
[ () ] وحسن المحاضرة 2/ 14، وتاريخ الخلفاء 246، وشذرات الذهب 3/ 382،
وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 220، وأخبار الدول (الطبعة الجديدة) 2/ 242-
244.
[1] في الهامش قرب هذا الكلام: «بلى أنت ذكرت في سنة تسع وخمسين
وخمسمائة أن نصر بن حسين صاحب سجستان ملك ثمانين سنة وعاش مائة سنة» .
وفي وفيات الأعيان 5/ 229: «وهذا أمر لم يبلغه أحد من أهل بيته ولا من
بني العباس» .
[2] وفيات الأعيان 5/ 229.
[3] وفيات الأعيان 5/ 230.
(33/228)
وشرع الأمر في الصّلاح [1] .
تُوُفّي المستنصر في ذي الحجّة، وفي دولته كان الرَّفْضُ والسّبّ فاشيا
مجهورًا، والسُّنَّة والإسلام غريبًا مستورًا، فسبحان الحليم الخبير
الّذي يفعل في مُلْكه ما يشاء.
وقام بعده ابنه المستعلي أحمد، أقامه أمير الجيوش بدر، واستقامت
الأحوال، فخرج أخوه نزار من مصر خفية، فصار إلى نصر الدّولة أمير
الإسكندريّة، فأعانه ودعا إليه، فتمّت بين أمير الجيوش وبينهم حروب
وأمور، إلى أن ظفر بهم [2]
- حرف الهاء-
248- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن عِراك بن أبي اللّيث [3] .
أبو القاسم الأندلسيّ المقرئ نزيل تُسْتَر.
قرأ بمصر، والشّام، والعراق، القراءات، فقرأ على الأهوازيّ بدمشق، وعلى
أبي الوليد عُتْبَة بن عبد الملك العثمانيّ ببغداد.
قرأ عليه القراءات في هذه السّنة بتّسْتَر: أبو سعد محمد بن عبد
الجبّار الفارسيّ.
- حرف الواو-
249- واضح بن محمد بن عمر بن واضح بن أبروَيْه [4] .
__________
[1] وفيات الأعيان 5/ 230.
[2] راجع الخبر في حوادث سنة 494 هـ. من الطبقة التالية، عند الحديث عن
ظهور الباطنية، وهو في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 35- 37، وذيل تاريخ
دمشق لابن القلانسي 128، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357
(وتحقيق سويّم) 23، وتاريخ الفارقيّ 267 (حوادث سنة 489 هـ) ، والكامل
في التاريخ 10/ 237، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 195، وأخبار الدول
المنقطعة 83، 84، والمغرب في حلى المغرب 81، ونهاية الأرب 28/ 245،
246، والدرّة المضيّة 443، 444، 447، ومرآة الجنان 3/ 158، واتعاظ
الحنفا 3/ 12- 14، وشذرات الذهب 3/ 402.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/229)
الصُّوفيّ الأصبهاني.
مات فِي ذِي القعدة.
- حرف الياء-
250- يَحْيَى بْن الحسين بن شراعة [1] .
أبو الحسين التّميميّ الهَمَذَانيّ المؤذّن.
روى عن: أبي طاهر بن سَلَمَة، ومحمد بن عيسى، وغيرهما.
وعنه: شيرويه، وقال: صدوق.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/230)
سنة ثمان وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
251- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن خَيْرُون [1] .
أبو الفضل البغداديّ الباقِلانيّ [2] الحافظ.
ذكره السّمعانيّ فقال: ثقة، عدل، متقن واسع الرّواية، كتب بخطّه
الكثير. وكان له معرفة بالحديث [3] .
روى عنه الخطيب في «تاريخه» فوائد.
سمع: أبا بكر البَرْقانيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأحمد بن عبد الله بن
المَحَامِليّ، وعثمان بن دوست العلّاف، وأبا القاسم الحرفيّ، وعبد
الملك بن بشْران، وأبا يَعْلَى أحمد بن عبد الواحد، فمَن بعدَهم، إلى
أن سمع من أقرانه.
وكتب بخطّه ما لم يدخل تحت الوصف.
قلت: وأجاز له أبو الحسين بن المُتيَّم، وأبو الحسن بن الصَّلْت
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن الباقلّاني) في: الأنساب 2/ 52، والمنتظم
9/ 87 رقم 126 (17/ 18، 19 رقم 3647) ، والتقييد لابن نقطة 133، 134
رقم 150، والكامل في التاريخ 10/ 253، ودول الإسلام 2/ 17، والعبر 3/
319، والمعين في طبقات المحدّثين 142 رقم 1551، وسير أعلام النبلاء 19/
105- 108 رقم 60، والإعلام بوفيات الأعلام 201، وتذكرة الحفاظ 4/ 1207،
1208، وميزان الاعتدال 1/ 92 رقم 342، وعيون التواريخ لابن شاكر الكتبي
13/ 51، ومرآة الجنان 3/ 147، والبداية والنهاية 12/ 149، وفيه: «الحسن
بن أحمد بن خيرون» ، والوافي بالوفيات 6/ 320، وتاريخ الخميس 2/ 402
وفيه: «حيرون» (بالحاء المهملة) ، وغاية النهاية 1/ 46، ولسان الميزان
1/ 155 رقم 496، وطبقات الحفاظ 400، وشذرات الذهب 3/ 383، ومعجم طبقات
الحفاظ والمفسّرين 51 رقم 999.
[2] في المنتظم بطبعتيه: «الباقلاوي» .
[3] تذكرة الحفاظ 4/ 1208، سير أعلام النبلاء 19/ 106.
(33/231)
الأهوازيّ، وأبو الفَرَج محمد بن فارس
الغُوريّ، وابن رزقوَيْه.
وتفرَّد بإجازة جماعة من الكبار.
روى عنه: أبو عامر العَبْدريّ، وأبو عليّ بن سُكَّرَة، وأبو القاسم بن
السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل بن محمد التَّيْميّ، وأبو بكر الأنصاريّ،
وشيخ الشّيوخ إسماعيل، وأبو الفضل بن ناصر، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ،
وخلْق كثير آخرهم أبو الفتح محمد بن البطّيّ [1] .
قال السّمعانيّ: سمعتُ أبا منصور بن خَيْرُون يقول: كتبَ عمّي أبو
الفضل عن أبي عليّ بن شاذان ألف جزء [2] .
قال: وسمعت عبد الوهاب يقول: ما رئي مثل أبي الفضل بن خَيْرُون، لو
ذكرت له كُتُبه وأجزاءه التي سمعها تقول: عمّن سمع؟، وبأيّ طريقٍ سمع؟.
وكان يذكر الشّيخ وما يروي وما يتفرَّد به [3] .
وقال أبو منصور: كتبوا مرّةً لعمّي «الحافظ» ، فغضب وضرب عليه وقال:
إيشْ قرأنا حتّى يُكتب لي الحافظ؟ [4] .
قلت: وقد أقرأ النّاسَ بالرّوايات، فقرأ على: أبي العلاء الواسطيّ،
وعليّ بن طلحة البصْريّ.
قرأ عليه: ابنُ أخيه محمد بن عبد الملك بن خَيْرُون [5] .
قال أبو عليّ الصَّدَفيّ: قرأتُ عليه عدّة خِتَم.
وممّن روى عنه أيضًا: هبة الله بن عبد الوارث، وعمر الرُّؤاسيّ.
وكان يُقال: هو في زمانه كيحيى بن مَعِين في زمانه [6] ، إشارة إلى
أنّه كان يتكلَّم في شيوخ وقته جَرْحًا وتعديلا، ولا يحابي أحدا.
__________
[1] ميزان الاعتدال 1/ 92، لسان الميزان 1/ 155.
[2] تذكرة الحفاظ 4/ 1207.
[3] سير أعلام النبلاء 19/ 107 وفيه: «ما ينفرد» ، تذكرة الحفاظ 4/
1207، 1208.
[4] سير أعلام النبلاء 19/ 107، تذكرة الحفاظ 4/ 1208.
[5] وهو مؤلّف «المفتاح» كما في: تذكرة الحفاظ 4/ 1208.
[6] التقييد 134.
(33/232)
قال السِّلَفيّ: كان يحيى بن معين وقته،
[1] ولد في جمادى الآخرة سنة ستّ وأربعمائة [2] ، ومات في رابع عشر
رجب، رحمه الله تعالى.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: أَنَا أَبُو مُحَمَّدِ
بْنُ قُدَامَةَ، أَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَطِّيِّ، أنا أَبُو
الْفَضْلِ بْنُ خَيْرُونَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ،
أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، نا
أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ: ثنا قُرَّةُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: «مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَلَهُ الْخِيَارُ
ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طعام
لا سمراء» . م [3] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، عَنِ
الْعَقَدِيِّ، فَوَقَعَ بَدَلًا عَالِيا [4] .
252- أحمد بن زاهر بن محمد [5] .
أبو بكر بن أبي سعيد النّيسابوريّ [6] المقرئ التّاجر.
__________
[1] التقييد 134، سير أعلام النبلاء 19/ 107، عيون التواريخ 13/ 51،
لسان الميزان 1/ 155.
[2] المنتظم 9/ 87 (17/ 18) .
[3] رواه مسلم في البيوع (1524/ 25) باب حكم بيع المصرّاة.
[4] قال ابن الجوزي: «وسمع الحديث الكثير وكتبه، وله به معرفة حسنة،
روى عنه أبو بكر الخطيب، وحدّثنا عنه أشياخنا، وكان من الثقات، وشهد
عند أبي عبد الله الدامغانيّ، ثم صار أمينا له، ثم ولي إشراف خزانة
الغلّات» . (المنتظم) .
وقال السلفي: سألت شجاع بن فارس الذهلي عن أحمد بن الحسن بن خيرون،
فقال: أحد الشهود المعدّلين، والثقات المأمونين، سمع الكثير، وسمعت منه
قطعة صالحة من حديثه.
(التقييد 134) .
وقال المؤلّف الذهبي: الثقة الثبت، محدّث بغداد.
تكلّم فيه ابن طاهر بقول زيف سمج، فقال: حدّثني ابن مرزوق، حدّثني عبد
المحسن بن محمد، قال: سألني ابن خيرون أن أحمل إليه الجزء الخامس من
تاريخ بغداد، فحملته إليه وردّه عليّ، وقد ألحق فيه في ترجمة محمد بن
علي رجلين لم يذكرهما الخطيب، وألحق في ترجمة قاضي القضاة الدامغانيّ
قوله: وكان نزها عفيفا.
قال ابن الجوزي: قد كنت أسمع من مشايخنا أن الخطيب أمر ابن خيرون أن
يلحق وريقات في كتابه ما أحبّ الخطيب أن تظهر عنه.
قلت: كتابته كذلك كالحاشية، وخطّه معروف، لا يلتبس بخط الخطيب أبدا،
وما زال الفضلاء يفعلون ذلك، وهو أوثق من ابن طاهر بكثير، بل هو ثقة
مطلقا. (ميزان الاعتدال 2/ 92) .
وقال الدمياطيّ: كان يذكر الشيخ وما يرويه وما ينفرد به. (لسان الميزان
1/ 155) .
[5] انظر عن (أحمد بن زاهر) في: المنتخب من السياق 116 رقم 252،
والتقييد لابن نقطة 139 رقم 159.
[6] وفي (المنتخب) : «النوقاني» أخو الفقيه أبي القاسم بن زاهر، ثقة،
مستور، صالح يشتغل
(33/233)
روى عن: أبي حسّان المزكيّ، ومحمد بن
إبراهيم الفارسيّ.
وحدَّث بإصبهان «بمسلم» ، فحمله عنه طائفة.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: تُوُفّي سنة سبع أو ثمان وثمانين وأربعمائة [1]
، رحمه الله.
253- أحمد بن عليّ بن عُبَيْد الله [2] .
أبو سَعْد الحُصْريّ [3] . القزّاز.
شيخ بغداديّ مسن، يعرف بابن تحريش.
سمع: أبا الحسين بن بشران.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي، وعمر المَغَازِليّ، وأبو الكرم
الشَّهْرُزُورِيّ. ولم يكن يعرف شيئًا.
254- إبراهيم بن محمد بن سعدوَيْه [4] .
أبو نصر الأصبهاني.
سمع من: أبي بكر بن أبي عليّ، وجماعة.
ومولده سنة سبْعٍ وأربعمائة.
255- إسماعيل بن محمد بن أحمد [5] .
أبو القاسم الزّاهريّ [6] المروزيّ الدّندانقانيّ [7] .
__________
[ () ] بالتجارة.
[1] في (المنتخب) : توفي لسبع خلون من صفر سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
وكان مولده سنة 417 هـ.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الحصري: بضم الحاء المهملة وسكون الصاد المهملة، وراء.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (إسماعيل بن محمد الزاهريّ) في: الأنساب 6/ 229، 230،
والتحبير في المعجم الكبير 1/ 213، 21717، 331، 416، 472، 495، 586،
589، و 2/ 63، 125، 134، 139، 198، 206، 218، 246، 318، 326.
[6] الزاهريّ: بفتح الزاي وكسر الهاء وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى
زاهر، وهو أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي. (الأنساب 6/ 229) .
[7] الدّندانقانيّ: بفتح الدالين المهملتين بينهما النون ونون أخرى بعد
الألف وبعدها القاف وفي
(33/234)
كان يدخل مَرْو أحيانًا من قريته. وكان
عالمًا ورِعًا صدوقًا [1] .
أثنى عليه أبو المظفّر منصور بن السّمعانيّ.
أكثر النّاس عنه.
سمع من: أبيه أبي الفضل، وأبي بكر عبد الله بن أحمد القفّال [2] ، وعبد
الرحمن بن أحمد الشّيْرنَخْشِيرِيّ [3] ، وأبي إبراهيم إسماعيل بن
يَنَالَ المحبوبيّ، وأحمد بن محمد بن عَبْدُوس الحافظ النَّسَائيّ.
روى عنه: عبد الكريم بن بدر، وأبو طاهر محمد بن محمد السِّنْجيّ [4] ،
وغير واحد. مات في ربيع الآخر عن 91 سنة.
256- إسماعيل بن الفُضَيْل بن محمد [5] .
الإمام أبو محمد الفُضَيْليّ الهَرَويّ.
كان فقيهًا متفنّنًا في العلوم، نبيلًا. وكان أبوه عالم هَرَاة
وخطيبها. وله شِعرٌ رائق.
وهو والد محمد بن إسماعيل شيخ أبي رَوْح.
- حرف الباء-
257- بَدْر [6] .
__________
[ () ] آخرها النون، هذه النسبة إلى الدندانقان، وهي بليدة على عشرة
فراسخ من مرو في الرمل.
(الأنساب 5/ 344) .
[1] الأنساب 6/ 229.
[2] في الأصل: «العقال» .
[3] الشيرنخشيري: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين، وسكون الراء، وفتح النون، وسكون الخاء، وكسر الشين الأخرى،
بعدها ياء أخرى، وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى «شيرنخشير» وهي قرية من قرى مرو على ثلاثة فراسخ في
الرمل، خربت.
(الأنساب 7/ 463) .
[4] في الأصل: «البسنجي» ، والتصحيح من: الأنساب 7/ 156 وفيه: هذه
النسبة إلى سنج، بكسر السين المهملة، وسكون النون، وفي آخرها جيم، وهي
قرية كبيرة من قرى مرو، على سبعة فراسخ منها، بها الجامع والسوق.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (بدر الجيوشي) في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 30، وتاريخ
الفارقيّ 267، وذيل
(33/235)
أمير الجيوش.
أرمنيّ الجنس. ولي إمرة دمشق من قِبل المستنصِر العُبَيْديّ سنة خمسٍ
وخمسين وأربعمائة [1] ، إلى أنّ جَرَت بينه وبين الجند والرّعيّة فتنة،
وخاف على نفسه، فهَرَب في رجب سنة ستٍّ وخمسين [2] . ثمّ وليها في سنة
ثمانٍ وخمسين والشّام بأسره [3] ، ثمّ وقع الخِلاف بينه وبين أهل دمشق،
فهَرب سنة ستّين [4] .
وأخْرَب القصر الّذي كان خارج باب الجابية. أخربه أهل البلد والعسكر
خرابًا لم يُعَمَّر بعد. ومضى إلى مصر، فَعَلَت رتبتُه، وصار صاحبَ
الأمر، فبعث إلى دمشق عسكرًا بعد عسكر، فلم يظفر بها. وتُوُفْي بمصر.
وهو بدر الجماليّ، وهو الّذي بنى جامع العطّارين بالإسكندريّة [5] .
وفيه يقول عَلْقَمة العُلَيْميّ:
يا بَدْرُ أُقْسِمُ لو بِكَ اعتصمَ الوَرَى ... ولجوا إليك جميعُهم ما
ضاعوا [6]
اشتراه جمال الدّين بن عمّار [7] وربّاه.
__________
[ () ] تاريخ دمشق لابن القلانسي 127، 128، والكامل في التاريخ 10/
235، والمغرب في حلي المغرب 78، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي ج 12 ق
2/ 123 ب، والإشارة إلى من نال الوزارة 55، ونهاية الأرب 28/ 239، 240،
والمختصر في أخبار البشر 2/ 205، ودول الإسلام 2/ 15، وسير أعلام
النبلاء 19/ 81- 83 رقم 45، والإعلام بوفيات الأعلام 201، والعبر 3/
320، وتاريخ ابن الوردي 2/ 14، والوافي بالوفيات 10/ 95، وأمراء دمشق
في الإسلام 16 رقم 56، والدرّة المضيّة 439، والبداية والنهاية 12/
147، 148، واتعاظ الحنفا 2/ 329، وتاريخ سلاطين المماليك 231، والنجوم
الزاهرة 5/ 141، ورفع الإصر عن قضاة مصر 1/ 130- 137، وحسن المحاضرة 2/
204، وشذرات الذهب 3/ 383، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 45، 149.
[1] أمراء دمشق 16.
[2] ذيل تاريخ دمشق 92.
[3] ذيل تاريخ دمشق 93.
[4] ذيل تاريخ دمشق 94.
[5] وكان فراغه من عمارته سنة تسع وسبعين وأربعمائة. (وفيات الأعيان 2/
45، أخبار الدول المنقطعة 77) .
[6] الكامل في التاريخ 10/ 236.
[7] في سير أعلام النبلاء 19/ 81: «اشتراه جمال الملك بن عمّار
الطرابلسي» ، وتحرّف اسمه في أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 30 إلى «جمال
الدولة بن حمار» !.
(33/236)
وقيل: ركب البحر في الشّتاء من صور [1] إلى
الدّيار المصريّة في سنة ستٍّ وستّين، والمستنصِر في غاية الضَّعْف
واختلال الدّولة للغلاء والوباء الّذي تمّ من قريب، ولاختلاف الكلمة،
فولّاه الأمور كلَّها، من وزارة السّيف، والقلم، وقضاء القُضاة،
والتَّقدُّم على الدُّعاة [2] ، فضبط الأمور، وزال قُطُوع [3]
المستنصِر واستفاق.
ولمّا دخل قرأ القارئ: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله بِبَدْرٍ 3: 123 [4]
ووقف، فقال المستنصِر: لو أتمَّها لَضَرَبتُ عُنُقَه [5] .
ولم يزل إلى أن مات في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين [6] .
__________
[1] هكذا هنا، وكذا في سير أعلام النبلاء 19/ 82، أما ابن ميسّر فقال
إنه ركب البحر الملح من عكا وكان مقيما بها فسار في أول كانون في مائة
مركب، فقيل له: لم تجر العادة بركوب البحر في الشتاء، فأبى عليهم وسار
إلى دمياط فذكروا (كذا) البحارة أنهم لم يروا صحوة تمادّت أربعين يوما
إلّا في هذا الوقت، فكان أول سعادته. (أخبار مصر 2/ 22، 23) وانظر:
أخبار الدول المنقطعة 76.
وقد قال ابن خلّكان إن المستنصر صاحب مصر استناب بدرا الجمالي بمدينة
صور، وقيل:
عكا. (وفيات الأعيان/ 449) .
و «أقول» أنا خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
الصحيح أن بدرا كان ينوب عن المستنصر في عكا وليس في صور، لأن صور كانت
بيد قاضيها ابن أبي عقيل الّذي استقل بها منذ سنة 462 هـ. ولم يسترجعها
بدر إلا في سنة 482 هـ. (انظر كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ
عبر العصور (طبعة ثانية) ج 1/ 370 وفيه مصادر الخبر) .
[2] الإشارة إلى من نال الوزارة 55، وقال ابن ميسّر: وخلع على بدر
الجمالي بالطيلسان، وصار المستخدمون في حكمه والدعاة نوّابا عنه، وكذلك
القضاة. وزيد في ألقاب أمير الجيوش:
كافل قضاة المسلمين. (أخبار مصر 2/ 23) وانظر: وفيات الأعيان 2/ 449.
[3] القطوع: الإدبار والنحس.
[4] سورة آل عمران، الآية: 123.
[5] وقيل غير ذلك. إن بدرا «لما قدم إلى مصر حضر إليه المتصدّرون
بالجامع، فقرأ ابن العجمي:
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله بِبَدْرٍ 3: 123، وسكت عن تمام الآية، فقال
له بدر: والله لقد جئت في مكانها، وجاء سكوتك عن تمام الآية أحسن،
وأنعم عليه» . (أخبار مصر 2/ 23) .
[6] وكانت أيامه في مصر إحدى وعشرين سنة. قال علقمة بن عبد الرزاق
العليمي: قصدت بدرا الجمالي بمصر، فرأيت أشراف الناس وكبراءهم وشعراءهم
على بابه قد طال مقامهم، ولم يصلوا إليه، فبينما أنا كذلك إذ خرج بدر
يريد الصيد، فخرجت في أثره وأقمت معه حتى رجع من صيده، فلما قاربني
وقفت على تلّ من الرمل وأومأت برقعة في يديّ، وأنشدت:
(33/237)
وبنى مشهد الرّأس بعسقلان.
وقد وَزَرَ ولده الأفضل في حياته لمّا مرض.
- حرف التّاء-
258- تُتُش بن ألْب أرسلان أبي شُجاع محمد بن داود بن ميكال بن سلجوق
بن دُقَاق [1] .
الملك أبو سعيد تاج الدّولة السُّلْجُوقيّ، ولد السّلطان وأخو
السّلطان.
تُركيّ محتشم، شجاع، من بيت ملك وتقدُّم. مرّ كثيرٌ من سيرته وفتوحاته
العظيمة في الحوادث.
استنجد به صاحب دمشق أتّسِز [2] على قتال عسكر المصريّين الرّافضة،
__________
[ () ]
نحن التّجّار وهذه أعلاقنا ... درر، وجود يمينك المبتاع
قلّب وفتّشها بسمعك إنما ... هي جوهر تختاره الأسماع
كسدت علينا بالشآم، وكلّما ... قلّ النفاق تعطّل الصناع
فأتاك يحملها إليك تجارها ... ومطيّها الآمال والأطماع
فوهبت ما لم يعطه في دهره ... هرم ولا كعب ولا القعقاع
وسبقت هذا الناس في طلب العلا ... فالناس بعدك كلهم أتباع
يا بَدْرُ أُقْسِمُ لو بِكَ اعتصمَ الوَرَى ... ولجوا إليك بأسرهم ما
ضاعوا
وكان على يد بدر بازيّ فألقاه وانفرد عن الجيش وجعل يسترد الأبيات إلى
أن استقر في مجلسه ثم قال لجماعة غلمانه وخاصّته: من أحبّني فليخلع على
هذا الشاعر، فخرجت من عنده معي سبعون بغلا تحمل أنعامه، وأمر لي بعشرة
آلاف درهم، (أخبار مصر 2/ 30، 31، وفيات الأعيان 2/ 449، 450، الكامل
في التاريخ 10/ 236) .
[1] انظر عن (تتش بن ألب أرسلان) في: المنتظم 9/ 87، 88 رقم 127 (17/
19 رقم 3648) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 357 (وتحقيق سويّم)
23، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي 130، وتاريخ الفارقيّ 244، والكامل
في التاريخ 10/ 244، 245، وزبدة التواريخ للحسيني 160، 161، وزبدة
الحلب 2/ 119، وتاريخ دولة آل سلجوق 75- 78، ووفيات الأعيان 1/ 295-
297، ونهاية الأرب 26/ 339 و 27/ 69، والمختصر في أخبار البشر 2/ 206،
والإعلام بوفيات الأعلام 201، والعبر 3/ 319، ودول الإسلام 2/ 17، وسير
أعلام النبلاء 19/ 83- 85 رقم 46، وتاريخ ابن الوردي 2/ 7، والدرّة
المضيّة 444، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 2، 3، ومرآة الجنان 3/
145، والبداية والنهاية 12/ 148، والوافي بالوفيات 10/ 378، وأمراء
دمشق في الإسلام 21 رقم 72، ومآثر الإنافة 2/ 19، 20، وتاريخ ابن خلدون
3/ 17، والنجوم الزاهرة 5/ 155، وشذرات الذهب 3/ 384، وتهذيب تاريخ
دمشق 3/ 343، وولاة دمشق في العهد السلجوقي 18.
[2] يرد: أتسز، واطسز، وأقسيس.
(33/238)
فقدِم دمشق في سنة اثنتين وسبعين، وقتل
أتْسِز في تلك الأشْهر، وملك دمشق، وقيل إنّه كان حَسَن السّيرة. وبقي
على دمشق إلى صَفَر سنة ثمانٍ هذه، فقُتِل بمدينة الرَّيّ.
وكان قد سار من دمشق إلى خراسان عند ما سمع بموت أخيه السّلطان ملك شاه
ليتملّك، فلقيه ابن أخيه السّلطان ملك شاه لتملّك، فلقِيه ابن أخيه
بَرْكيَارُوق، فقُتِل تُتُش في المعركة، وتسلطن بعده بدمشق ابنُه
دُقَاق الملقَّب شمس الملوك، أخو فخْر الملوك رضوان.
وكان تُتُش معظِّمًا للشّيخ أبي الفَرَج الحنبليّ. وقد جَرَت في مجلسه
بدمشق مناظرة عقدها لأبي الفَرَج وخصومه في قولهم: إنّ القرآن يُسمع
ويُقرأ ويُكتب، وليس بصوتٍ ولا حرف. فقال الملك: هذا مثل قول من يقول
هذا قَباء، وأشار إلى قبائه [1] ، على الحقيقة، وليس بحرير، ولا قُطْن،
ولا كتّان.
وهذا الكلام صَدَر من تُركيّ أعجميّ، فأيّد الله شرف الإسلام أبا
الفَرَج، فجاهد في الإسلام حقّ جهاده، ثمّ خلّف ولدًا نجيبًا عالمًا
سيفًا مسلولًا على المخالفين، وهو شرف الإسلام عبد الوهّاب.
- حرف الجيم-
259- جعفر بْن عَبْد اللَّه بْن جحّاف [2] .
أبو أحمد المَعَافِريّ، قاضي بَلَنْسِيَة ورئيسها في الفتنة.
سمع: أبا عمر بن عبد البَرّ.
صارت إليه ولاية بَلَنْسِيَة بعد خلْع القادر بن ذي النُّون وقتله على
يديه، فلم تُحْمَد دولته.
امْتُحن بالكنبيطور الكلب الّذي أخذ بَلَنْسِيَة، فأخذ ماله وعذّبه،
وأحرقه بالنّار.
__________
[1] في الأصل: «بقاءه» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/239)
- حرف الحاء-
260- حَمْد بن أحمد بن الحسن [1] .
أبو الفضل الحدّاد.
قال ابن السّمعانيّ: ورد نعيه من إصبهان إلى بغداد في ذي الحجّة سنة
ثمان وثمانين.
قلت: قد ذكرته في سنة ستٍّ، لأنّي رأيت وفاته في تاريخٍ لبعض
الأصبهانيين في جُمَادى الأولى سنة ستٍّ، وهو أشبه.
261- الحسن بن عبد الله بن الحسين بن الحسن بن سَلَمَة [2] .
أبو عليّ الهمذانيّ المعدّل. إمام الجامع بهَمَذَان.
روى عن: إبراهيم بن جعفر الأسَديّ، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، والحسين
بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ، ومحمد بن عيسى، وابن سَلَمَة، وغيرهم.
قال شيروَيْه: سمعتُ منه جميع ما كان عنده مِرارًا، وكان ثقة، صدوقًا،
متديِّنًا، جمالًا للمحراب، زَيْنًا للمجالس والمحافل. من بيت العلم.
تُوُفّي في صَفَر، وتَولَّيْتُ غسْلَه.
قال: وكان مولده في شعبان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
262- الحسن بن محمد بن الحسن [3] .
الفقيه أبو عليّ السّاويّ [4] الشّافعيّ، المتكلّم الأشعريّ [5] .
__________
[1] انظر عن (حمد بن أحمد) في: المنتظم 9/ 8 رقم 128 (17/ 19/ 3649)
وقد تقدّم برقم (179) وذكرت مصادر ترجمته هناك.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (الحسن بن محمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 66
رقم 41، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 246، 247.
[4] السّاوي: بفتح السين المهملة، وفي آخرها الواو بعد الألف، نسبة إلى
ساوة، بلدة بين الري وهمذان. (الأنساب 7/ 19) .
[5] وصفه ابن الأكفاني بالفقيه الزاهد.
وقال أبو محمد بن صابر: هو ثقة، وكان أشعريّ المذهب.
(33/240)
حدَّث بدمشق عن: أبي طالب بن غَيْلان، وأبي
ذَرّ الهَرَويّ، وأبي الحسن صخر، وغيرهم.
روى عنه: الفقيه نصر المقدسيّ، وهو من أقرانه، وهبة اللَّه بْن طاوس.
وتُوُفّي فِي ذي القعدة، وله ستٌّ وسبعون سنة [1] .
263- الحسين بن إسماعيل [2] .
أبو عبد الله العَلَويّ الحَسَنيّ النَّيْسابوريّ فخر الحَرَمين [3] .
روى عن: عبد الرحمن بن حمدان النّصروييّ، وناصر بن الحسين العَمْريّ.
روى عنه: أبو سعْد خيّاط الصُّوف.
مات في شوّال، وقد جاوز الثّمانين.
- حرف الخاء-
264- خديجة بنت أبي عثمان إسماعيل الصّابونيّ النَّيْسابوريّ [4] .
ماتت في رمضان: وكانت صالحة عابدة.
ولدت سنة أربع وأربعمائة، وسمعت من أصحاب الأصمّ، ومن: أبي نصر عمر بن
عبد العزيز بن قَتَادة، والحسين بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ.
وعنها: أبو البركات بن الفراويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ، وعمر بن
__________
[1] وكان مولده سنة 412 هـ.
[2] انظر عن (الحسين بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 202 رقم 601،
ولسان الميزان 2/ 273 رقم 1130 وفيه طوّل باسمه.
[3] وقال عبد الغافر الفارسيّ: كان بينه وبين الوالد صحبة وصداقة في
السفر والحضر ومن أيام الشباب حين سمعوا الحديث من أبي الحسين عبد
الغافر.
وذكره ابن السمعاني فقال: كان ذا جاه ومال ومنزلة عالية في العلم.
وقال ابن أبي طيِّئ في كتاب «الإمامية» : كان إماميا في الأصول والفروع
ويعرف الحديث، وكان يجلس للعامة ويحدّث. وقد خرّج رجال البخاري ورجال
مسلم، وكان أهل الحديث في زمانه يهابونه، واجتهدوا في تلفه فلم يقدروا
إلا على نسبته إلى التشيّع، فكان يحمد الله على ذلك. (لسان الميزان 2/
273) .
[4] انظر عن (خديجة بنت أبي عثمان) في: المنتخب من السياق 2419 رقم
681.
(33/241)
الصّفّار، وغيرهم.
ماتت في رمضان، وستأتي أختُها ستيك [1] .
- حرف الراء-
265- رِزْقُ الله بن عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد [2] .
الإمام أبو محمد بن أبي الفَرَج التّميميّ البغداديّ، رئيس الحنابلة
ببغداد.
وُلِد سنة أربعمائة، وقيل: سنة إحدى وأربعمائة [3] .
قال السّمعانيّ: هو فقيه الحنابلة وإمامهم. قرأ القرآن، والحديث،
والفقيه، والأصول، والتّفسير، والفرائض، واللُّغة، والعربيّة، وعُمّر
حتى صار يقصد من كل جانب. وكان مجلسه جم الفوائد. وكان يجلس في حلقة
أبيه بجامع المنصور للوعظ والفتوى. وكان فصيح اللسان.
قرأ القرآن على أبي الحسن الحمامي.
وسمع منه، ومن: أبيه، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيَّم [4] ، وأبي
عمر بن مَهْديّ، وأبي الحسين بن بشران، وابن الفضل القطّان، والحرفيّ،
وابن شاذان، وجماعة.
__________
[1] ستأتي ترجمتها في وفيات سنة 490 هـ. برقم 348.
[2] انظر عن (رزق الله بن عبد الوهاب) في: الإكمال 1/ 109 و 4/ 61،
والتحبير (انظر: فهرس الأعلام 2/ 517) ، والمنتظم 9/ 88، 89 رقم 129
(17/ 19، 20 رقم 3650) ، ومناقب الإمام أحمد 525، وطبقات الحنابلة 2/
250، 251 رقم 687، ومعجم الأدباء 11/ 136- 138، رقم 35، والكامل في
التاريخ 10/ 253، والمعين في طبقات المحدّثين 142 رقم 1552، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1208، والإعلام بوفيات الأعلام 201، وسير أعلام النبلاء 18/
609- 615 رقم 325، ودول الإسلام 2/ 17، ومعرفة القراء الكبار 441، 442
رقم 378، والعبر 3/ 320، 321، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 116- 118
رقم 77، والوافي بالوفيات 14/ 112، 113 رقم 140، والبداية والنهاية 12/
150، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 77- 85 رقم 31، وغاية النهاية 1/ 284 رقم
1270، والمقصد الأرشد (مخطوط) ورقة 111، 112، والمنهج الأحمد 2/ 164-
171، والدر المنضّد (مخطوط) ورقة 55، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/
171، 172 رقم 169، وشذرات الذهب 3/ 384، وهدية العارفين 1/ 317،
والأعلام 3/ 19.
[3] طبقات الحنابلة 2/ 251، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 77، المنتظم.
[4] في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 77: «التميم» ، وهو تحريف.
(33/242)
روى لنا عنه خلْق كثير، ووَرَد إصبهان
رسولًا في سنة ثلاثٍ وثمانين. وثنا عنه من أهلها أكثر من ستّين نفسًا.
ثُمَّ قَالَ: أنبا الْمَشَايِخُ، فَذَكَرَ سِتِّينَ بِإصبهان،
وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفْسًا مِنْ غَيْرِهَا.
ثُمّ قَالَ: وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُمْ، قَالُوا: أنبا رِزْقُ اللَّهِ
التَّمِيمِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا» [1] .
وَهُوَ حَدِيثٌ انْفَرَد رِزْقُ اللَّهِ بِعُلُوِّهِ.
أنبا أبو المعالي الهَمَذَانيّ، أنا أبو بكر بن سابور، أنا عبد العزيز
الشّيرازيّ، أنا رزق الله إملاءً، فذكر مجلسًا أوّله هذا الحديث.
قال السّمعانيّ: سمعت أحمد بن سعْد العِجْليّ بهَمَذَان يقول: كان
شيخنا أبو محمد التّميميّ إذا روى هذا الحديث قال: أَفَسِحْرٌ هَذَا
أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ 52: 15 [2] ؟! وقال السِّلَفيّ: فيما أنا
الدّمياطيّ، أنا ابن رَوَاج، أنا أبو طاهر بن سِلَفَة قال: رزق الله
شيخ الحنابلة، قدِم إصبهان رسولًا من قِبَل الخليفة إلى السّلطان، وأنا
إذ ذاك صغير. وشاهدته يوم دخوله. كان يومًا مشهودًا كالعيد، بل أبْلَغ
في المَزِيد. وأُنْزِل بباب القصر، محلّتنا، في دار سلطان. وحضرت في
الجامع الْجُورْجِيريّ مجلسه متفرِّجًا، ثمّ لمّا تصدَّيت للسّماع، قال
لي أبو الحسن أحمد بن مَعْمَر اللُنْبانيّ [3] ، وكان من الأثبات: قد
استجزْتُه لك في جملة من كتبتُ اسمه من صبياننا.
__________
[1] أخرجه البخاري في الرقاق 7/ 190 باب التواضع، عن: محمد بن عثمان بن
كرامة، حدّثنا خالد بن مخلد، حدّثنا سليمان بن بلال، حدّثني شَرِيكِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عن عطاء، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وسلم: «إن الله قال: من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب
إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ
بالنوافل حتى أحبّه، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي
يَسْمَعُ بِهِ، وبصره الّذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي
يمشي بها، وإن سألني لأعطينّه، ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن
شيء أنا فاعله تردّدي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكثر مساءته» .
وقد أورده ابن أبي يعلى الفراء في (طبقات الحنابلة 2/ 250، 251) .
[2] سورة الطور، الآية: 15.
[3] اللّنباني: بضم اللام، وسكون النون، وفتح الباء المنقوطة بواحدة،
وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى محلّة كبيرة بأصبهان، ولها باب يعرف
بهذه المحلّة، يقال له: باب لنبان. (الأنساب 11/ 32) .
(33/243)
فكتب خطّه بالإجازة.
وقال أبو غالب هبةُ الله قصيدةً أوّلها:
بمَقْدِم الشّيخ رِزْقِ الله قد رُزِقَتْ ... أهلُ إصبهان أسانيدًا
عَجيباتِ
ثمّ قال السِّلَفيّ: وروى بالإجازة عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ.
قال ابن النّجّار: وقرأ بالرّوايات على الحمّاميّ. وقرأ عليه جماعةٌ من
القرّاء. وتفقّه على أبيه، وعمّه أبي الفضل. وله مصنَّفاتٌ حَسَنَة [1]
.
وكان واعظًا، مليح العبارة، لطيف الإشارة، فصيحًا، ظريف المعاني. له
القبول التّامّ والحُرْمة الكاملة. ترسَّل إلى ملوك الأطراف [2] .
وقال أبو زكريا يحيى بن عبد الوهّاب بن مَنْدَهْ: سمعتُ أبا محمد رزق
الله الحنبليّ بإصبهان يقول: أدركتُ من أصحاب ابن مجاهد واحدًا يُقال
له أبو القاسم عُبَيْد الله بن محمد الخفّاف، وقرأت عليه سورة البقرة،
وقرأها على أبي بكر بن مجاهد [3] .
وأدركتُ أيضًا أبا القاسم عمر بن تعويذ من أصحاب الشِّبْليّ، وسمعته
يقول: رأيت أبا بكر الشِّبْليّ في درب سليمان بن عليّ في رمضان، وقد
اجتاز على البقّال، وهو يُنادي على البَقَل: يا صائم من كلّ الألوان.
فلم يزل يكرر هذا اللّفْظ ويبكي، ثمّ أنشأ يقول:
خليليَّ إنْ دام هَمُّ النُّفوس ... على ما أراه سريعًا قَتَلْ
فَيَا سَاقيَ القَومِ لا تَنْسَني ... ويَا رَبَّةَ الخِدْر غنِّي
رَمَلْ
لقد كان شيءٌ يُسمَّى السُّرُورُ ... قديمًا سمعنا به ما فَعَلْ [4]
وقال السّمعانيّ: أنشدنا هبة الله بن طاوس: أنْشدنا رزق الله التّميميّ
لنفسه:
__________
[1] الوافي بالوفيات 14/ 113.
[2] الوافي بالوفيات 14/ 113.
[3] معرفة القراء الكبار 1/ 442، سير أعلام النبلاء 18/ 612، 613، ذيل
طبقات الحنابلة 1/ 77، 78، غاية النهاية 1/ 284، طبقات المفسّرين 1/
172.
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 613.
(33/244)
وما شَنَّأَنَّ الشَّيْبَ من أجل لَوْنِهِ
... ولكنَّهُ حادٍ إلى البَيْنِ مُسْرِعُ
إذا ما بَدَت منه الطَّليعة آذَنَتْ ... بأنّ المَنَايا خَلْفَها
تتطلَّعُ
فإنْ قصَّها المِقْراضُ صاحت بأُخْتها ... فتظهرُ تَتْلُوها ثلاثٌ
وأربعُ
وإنْ خُضِبَتْ حالَ الخِضَاب لأنّه ... يُغَالبُ صُنْعَ اللهِ واللهُ
أصنعُ [1]
إذا ما بَلَغَت الأربعينَ فقُلْ لِمَنْ ... يَوَدُّك فيما تشتهيه
ويُسْرعُ [2]
هَلُمُّوا لِنَبْكي قبل فُرْقة بَيْننا ... فما بَعْدَها عيشٌ لذيذٌ
ومَجْمَعُ
وخَلِّ التَّصَابي والخلاعَةَ والهَوَى ... وأُمَّ طريقَ الخير فالخيرُ
أنْفعُ
وخُذْ جنة تُنْجي وزادًا من التُّقى ... وصُحْبَة مأموم [3] فقصدُك
مفزعُ [4]
قال أبو عليّ بن سُكَّرَة: رِزقُ الله التّميميّ، قرأت عليه برواية
قالون خِتْمةً، وكان كبيرَ بغداد وجليلَها. وكان يقول: كلّ الطّوائف
تدّعيني [5] .
وسمعته يقول: يَقْبُحُ بكم أن تستفيدوا منّا ثمّ تذكرونا، فلا تترحّموا
[6] علينا، فرحمه الله.
قلتُ: وآخر من روى عنه سماعًا أبو الفتح بن البطّيّ، وإجازةً أبو
الطاهر السِّلَفيّ.
قال ابن ناصر: تُوُفّي شيخنا أبو محمد التّميميّ في نصف جُمَادى الأولى
سنة ثمانٍ. ودُفِن في داره بباب المراتب. ثمّ دفن في سنة إحدى وتسعين
إلى جنْب قبر الإمام أَحْمَد [7] .
قال أبو الكَرَم الشّهرزوريّ: سمعته يقول: دخلت سمرقند، فرأيتهم
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 18/ 65 «يغالب صبغ الله والله أصبغ» وهو
مخالف للقافية.
[2] في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 81 «تسرع» .
[3] هكذا في الأصل هنا وفي الأصل من سير أعلام النبلاء، وفي ذيل طبقات
الحنابلة: «مأمون» .
[4] في الأصل: «مفرع» بالراء المهملة. والأبيات في: سير أعلام النبلاء
18/ 615، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 80، 81.
[5] ذيل طبقات الحنابلة 1/ 78.
[6] في الأصل: «تترحمون» .
[7] طبقات الحنابلة 2/ 251، المنتظم 9/ 89 (17/ 20) .
(33/245)
يرْوون «النّاسخ والمنسوخ» لجدّي هبة الله،
عن خمسة، إليه، فرويته عن جدّي لهم [1] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وشهد عند أَبِي عَبْد اللَّه الْحُسَيْن بْن عليّ
بْن ماكولا قاضي القضاة في يوم السبت النصف من شعبان هذه السنة، ولم
يزل شاهدا إلى أن ولي قضاء القضاة أبو عبد الله الدامغانيّ بعد موت ابن
ماكولا، فترك الشهادة ترفّعا عن أن يشهد عنده، فلم يخرج له، فجاء قاضي
القضاة إليه مستدعيا مودّته وشهادته عنده، فلم يخرج له عن موضعه، ولم
يصحبه مقصوده، وكان قد اجتمع للتميمي القرآن، والفقه، والحديث، والأدب،
والوعظ، وكان جميل الصورة، فوقع له القبول بين الخواص والعام، وجعل
الخليفة رسولا إلى السلطان في مهامّ الدولة، وله الحلقة في الفقه
والفتوى والوعظ بجامع المنصور، فلما انتقل إلى باب المراتب كانت له
حلقة في جامع القصر، يروي فيها الحديث ويفتي، وكان يجلس فيها شيخنا ابن
ناصر، وكان يمضي في السنة أربع دفعات في رجب، وشعبان، وعرفة، وعاشوراء،
إلى مقبرة الإمام أحمد، ويعقد هناك مجلسا للوعظ، حدّثنا عنه أشياخنا.
وقال ابن عقيل: كان سيد الجماعة من أصحاب أحمد يمنا ورياسة وحشمة أبو
محمد التميمي، وكان أحلى الناس عبارة في النظر وأجرأهم قلما في الفتيا
وأحسنهم وعظا.
أنشدنا ابن ناصر قال: أنشدنا أبو محمد التميمي لنفسه:
أفق يا فؤادي من غرامك واستمع ... مقالة محزون عليك شفيق
علقت فتاة قلبها متعلق ... بغيرك فاستوثقت غير وثيق
فأصبحت موثوقا وراحت طليقة ... فكم بين موثوق وبين طليق
(المنتظم 9/ 88، 89، 17/ 19، 20) .
وقال ياقوت الحموي: أديب شاعر مجيد، لا أعرف من أمره غير هذا. توفي
ببغداد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ومن شعره:
بأبي حبيب زارني متنكّرا ... فبدا الوشاة له فولّى معرضا
فكأنّني وكأنّه وكأنّهم ... أمل ونيل حال بينهما القضا
وقال:
شارع دار الرقيق أرّقني ... فليت دار الرقيق لم تكن
به فتاة للقلب فاتنة ... أنا فداء لوجهها الحسن
(معجم الأدباء 11/ 136- 138) .
وقال السلفي: سألت المؤتمن الساجي عن أبي محمد التميمي، فقال: هو
الإمام علما ونفسا وأبوّة، وما يذكر عنه فتحامل من أعدائه.
وقال شيرويه الديلميّ الحافظ: هو شيخ الحنابلة، ومقدّمهم، سمعت منه
وكان ثقة صدوقا فاضلا ذا حشمة.
وقال أبو عامر العبدري: رزق الله التميمي كان شيخا بهيّا، ظريفا لطيفا،
كثير الحكايات والملح، ما أعلم منه إلّا خيرا.
وقال أبو علي بن سكّرة في مشيخته: ما لقيت في بغداد مثله- يعني
التميمي- قرأت عليه
(33/246)
- حرف الشّين-
266- شافع بن عليّ [1] .
أبو الفضل الطُّرَيْثيثيّ، الصُّوفيّ النَّيْسابوريّ الزّاهد.
كان عالِمًا عامِلًا، قانتًا عابدًا، ناسكًا كبير القْدر، صاحب مقامات
وأحوال. من سكان دويرة أبي عبد الرحمن السّلميّ [2] .
__________
[ () ] كثيرا، وإنما لم أطل ذكره لعجزي عن وصفه لكماله وفضله.
وقال ابن ناصر: ما رأيت شيخا ابن سبع وثمانين سنة أحسن سمتا وهديا،
واستقامة منه، ولا أحسن كلاما، وأظرف وعظا، وأسرع جوابا منه، فقد كان
جمالا للإسلام كما لقّب، وفخرا لأهل العراق خاصة، ولجميع بلاد الإسلام
عامة، وما رأينا مثله. وكان مقدّما على الشيوخ والفقهاء وشهود الحضرة،
وهو شاب ابن عشرين سنة، فكيف به وقد ناهز التسعين سنة؟ وكان مكرما وذا
قدر رفيع عند الخلفاء، منذ زمن القادر ومن بعده من الخلفاء إلى خلافة
المستظهر.
وله تصانيف منها «شرح الإرشاد» لشيخه ابن أبي موسى في الفقه والخصال
والأقسام.
ومن شعره:
يا ويح هذا القلب ما حاله ... مشتغلا في الحيّ بلباله
سكران لو يصحو لعاتبه ... وكيف بالعتب لمن حاله
دمع غزير، وجوى كامن ... يرحمه من ذاك عذّاله
ما ينثني باللوم عن حبّه ... تغيّرت في الحبّ أحواله
وله:
ولم أستطع يوم الفراق وداعه ... يرحمه من ذاك عذّاله
ما ينثني باللوم عن حبّه ... تغيّرت في الحبّ أحواله
وله:
ولم أستطع يوم الفراق وداعه ... بلفظي فناب الدمع منّي عن القول
وشيّعه صبري ونومي كلاهما ... فعدت بلا أنس نهاري ولا ليلي
فلما مضى أقبلت أسعى مولّها ... يديّ على رأسي، وناديت: يا ويلي
تبدّلت يوم البين بالأنس وحشة ... وجرّرت بالخسران يوم النوى ذيلي
وله أيضا:
لا تسألاني عن الحيّ الّذي بانا ... فإنني كنت يوم البين سكرانا
يا صاحبيّ على وجدي بنعمانا ... هل راجع وصل ليلى كالذي كانا؟
أم ذاك آخر عهد للّقاء بها ... فنجعل الدهر ما عشناه أحزانا
ما ضرّهم لو أقاموا يوم بينهم ... بقدر ما يلبس المحزون أكفانا
ليت الجمال التي للبين ما خلقت ... وليت حاد حدا للبين حيرانا
(ذيل طبقات الحنابلة) .
[1] انظر عن (شافع بن علي) في: المنتخب من السياق 253 رقم 815، وسيعاد
في وفيات السنة التالية 489 برقم (312) .
[2] وقال عبد الغافر الفارسيّ: كثير المجاهدة، من أفراد المشايخ
الصوفية المحققين منهم، المواظبين على حفظ أوقاتهم، وجمع همهم
وأسرارهم، له المقامات الرضيّة، والأحوال
(33/247)
توفي في ذي الحجة.
وقد سمع بمكة من ابن صخْر، وبالبصرة من إبراهيم بن طلحة بن غسّان.
روى عَنْهُ: عَبْد الله بن الفُرَاويّ، وعبد الخالق الشّحّاميّ.
- حرف الصّاد-
267- صالح بن أحمد بن رضوان بن محمد بن رضوان بن جالينوس [1] .
أبو عليّ التّميميّ البغداديّ المعدّل.
روى عن: عبد الملك بن بشْران، وغيره.
روى عنه: محمد بن عليّ بن عبد السّلام الكاتب.
تُوُفّي في رجب.
- حرف العين-
268- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن حمزة بن الحسن بن حمدان بن ذكوان
[2] .
أبو محمد البَعْلَبَكيّ. يُعرف بابن أبي فجّة [3] .
سمع: عليّ بن محمد الحِنّائيّ، وعبد الرحمن بن ياسر الْجَوْبَريّ [4] ،
وعليّ بن السّمْسار، وأحمد بن محمد العتيقيّ، وأبا نصر بن الحبّان.
وأجاز له الحسين بن أبي كامل صاحب خَيْثَمَة [5] .
سمع منه: عَبْد الرَّحْمَن، وعبد اللَّه ابنا صابر.
قال ابن عساكر: ثنا عنه ابن ابنه عليّ بن حمزة، والخَضِر بن عليّ [6] .
__________
[ () ] السنيّة، لقي المشايخ.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الله بن الحسن البعلبكي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة
التيمورية) 6/ 97 و 12/ 506، و (20/ 236) و 506 و 28/ 496 و 36/ 28 و
376، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 12/ 116 رقم 77، وتهذيب تاريخ دمشق
7/ 363، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 176 رقم
858.
[3] في الأصل: «قجة» .
[4] الجوبري: بفتح الجيم وسكون الواو، وفتح الباء الموحّدة، وراء
مهملة.
[5] هو: خيثمة بن سليمان الأطرابلسي المتوفى سنة 343 هـ.
[6] وهو روى عن أشعث بن محمد الأشعث الفارسيّ المعروف بأبي صيرة، من
طريق أبي عبد الله بن أبي كامل الحسين الأطرابلسي بالإجازة.
(33/248)
وتُوُفّي في ذي القعدة [1] .
269- عبد الله بن طاهر بن محمد شَهْفُور [2] .
أبو القاسم التّميميّ الفقيه، نزيل بلْخ.
من أهل إسْفَرائين.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا فاضلًا نبيلًا، بَرَعَ في الفقه والأصول،
ودرَّس بالمدرسة النّظاميّة ببلْخ. حَسَن الأخلاق، ظهرت له الحشمة
التّامّة حتّى صار من أهلِ الثّروة.
وكان له مروءة وإحسّان، وتفقُّد للفقراء، وسَعْيٌ جميل في الحقوق.
سمع بنَيْسابور: عليّ بن محمد الطّرّازيّ، وعبد الرحمن النّصروييّ،
وجدّه أبا منصور عبد القاهر البغداديّ.
روى لنا عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وعبد الوهّاب الأنماطيّ،
والمبارك بن خيرون الوزّان. سمعوا منه لمّا حجّ.
وثنا عنه بهَرَاة: أبو شُجاع البسْطاميّ، وببلْخ: أخوه أبو الفتح محمد
البسّطاميّ.
270- عبد الجبّار بن الحسين بن محمد بن القاسم [3] .
أبو يَعْلَى الهاشميّ البغداديّ الشُّرُوطيّ، المعروف بابن أبي عيسى.
وهم أربعة أخوة: محمد، وعبد الجبّار، وعبد السّميع، وعبد المهيمن.
سمع: أبا علي بن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد العزيز بن السّمّاك.
توفّي في شعبان.
__________
[ () ] وروى أيضا عن أبي بكر محمد بن أبي خنبش البعلبكي القاضي.
[1] قال ابن عساكر إنه ولد ببعلبكّ سنة 406 وقيل 409، وكان ثقة في
روايته، متّهما في شهادته، ولم يكن الحديث من شأنه.
[2] انظر عن (عبد الله بن طاهر) في: المنتخب من السياق 288 رقم 952،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 204.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/249)
271- عبد الرحيم بن عثمان بن أحمد [1] .
أبو القاسم السُّنِّيّ الحنفيّ النَّيْسابوريّ.
حدَّث عن: أبي سعيد الصَّيْرَفيّ، وأصحاب الأصمّ، وعنه: عبد الغافر،
وقال: تُوُفّي في رمضان [2] .
272- عبد السّلام بن محمد بن يوسف بن بُنْدَار [3] .
أبو يوسف القَزْوينيّ. شيخ المعتزلة.
نزل بغداد، وسمع: أبا عمر بن مَهْديّ الفارسيّ، وعبد الجبّار بن أحمد
الهَمَذَانيّ القاضي المعتزليّ، ودرس عليه الكلام بالرَّيّ.
وسمع بهَمَذَان: أبا طاهر بن سَلَمَة، وبِحَرّان: أبا القاسم عليّ بن
محمد الزَّيْديّ، وبإصبهان: أبا نُعَيْم الحافظ.
وسمع من: أبيه، وعمّه إبراهيم. وسماعه قبل الأربعمائة.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو غالب بن البنّاء، وهبة الله بن
طاوس، ومحمود بن محمد الرَّحْبيّ، وإسماعيل بن محمد الأصبهانيّ الحافظ،
__________
[1] انظر عن (عبد الرحيم بن عثمان) في: المنتخب من السياق 323 رقم
1066.
[2] وكان مولده سنة 403 هـ.
[3] انظر عن (عبد السلام بن محمد) في: تاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) ج
10/ 163 ب (ومخطوطة التيمورية) 24/ 126، والمنتظم 9/ 89، 90 رقم 130،
(17/ 21، 22 رقم 3651) ، والتدوين في أخبار قزوين 3/ 178- 180، ومعجم
البلدان 2/ 332، والكامل في التاريخ 10/ 253، والروضتين ج 1 ق 1/ 72،
ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 117، 118 رقم 95، والمعين في طبقات
المحدّثين 142 رقم 1553، وتذكرة الحفاظ 4/ 1208، والإعلام بوفيات
الأعلام 201، وسير أعلام النبلاء 18/ 616- 620 رقم 326، ودول الإسلام
2/ 17، والعبر 3/ 321، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 5، 6، والدرّة
المضيّة 447، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 230، ومرآة الجنان 3/
147، والبداية والنهاية 12/ 150، والجواهر المضيّة 2/ 421، 422، ولسان
الميزان 4/ 11، 12، والنجوم الزاهرة 5/ 156، وطبقات المفسّرين للسيوطي
67، 68، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 301، 302، والطبقات السنية، رقم
1243، وكشف الظنون 1/ 634، وشذرات الذهب 3/ 385، وهدية العارفين 1/
569، وديوان الإسلام 4/ 401، 402 رقم 2215، والأعلام 4/ 7، ومعجم
المؤلفين 5/ 231، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 286، وموسوعة علماء المسلمين في
تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 130- 134 رقم 8004.
وسيأتي ذكره في ترجمة «محمد بن المظفّر الشامي الحموي» برقم (291) .
(33/250)
وأبو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو البركات
الأنْماطيّ، وأحمد بن محمد أبو سعْد البغداديّ، وآخرون.
قال السّمعانيّ: كان أحد المعمَّرين المقدَّمين، جمع «التّفسير الكبير»
الّذي لم يُرَ في التّفاسير كتابٌ أكبر منه، ولا أجمع للفوائد، لولا
أنّه مَزَجَه بكلام المعتزلة، وبثَّ فيه مُعْتَقَدَه، وما اتَّبع نهج
السَّلَف فيما صَنَّفه من الوقوف على ما ورَدَ في الكتاب والسُّنّة
والتّصديق بهما [1] .
وأقام بمصر سِنين، وحصَّل أحْمالًا من الكُتُب، وحملها إلى بغداد. وكان
داعيةً إلى الاعتزال.
سمعتُ أبا سعْد البغداديّ الحافظ يقول: كان يصرّح بالاعتزال. وقال ابن
عساكر: [2] هو مُصنِّفٌ مشهور. سكن طَرَابُلُس مدّةً، ثمّ عاد إلى
بغداد.
سمعتُ الحسين بن محمد البلْخيّ يقول: إنّ أبا يوسف صنَّف «التّفسير» في
ثلاثمائة مجلَّد ونيّف [3] ، وقال: من قرأه عليّ وهبْتُه النُّسْخة.
فلم يقرأه عليه أحدٌ.
وسمعتُ هبة الله بن طاوس يقول: دخلتُ على أبي يوسف ببغداد وقد زَمِنَ،
فقال: من أين أنت؟
قلت: من دمشق.
__________
[1] التدوين للرافعي 3/ 178.
[2] في تاريخ دمشق (الظاهرية) ج 10/ 163 ب (التيمورية) 24/ 126،
المختصر 15/ 117، التهذيب 2/ 286.
[3] هكذا عند ابن عساكر، والعبر 3/ 321، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي
3/ 230، واسمه «حدائق البهجة» كما في كتاب «الروضتين» ج 1 ق 1/ 72.
والمجلّدات الثلاثمائة سبعة منها في الفاتحة.
وقيل هو في أربعمائة مجلّد، أو سبعمائة مجلّد. (طبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 3/ 230، البداية والنهاية 12/ 150، النجوم الزاهرة 5/ 156) .
وقيل خمسمائة مجلّد. (طبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 301) .
وقيل سبعمائة مجلّد. (المنتظم) .
وقال ابن الأثير إنه رأى منه تفسير الفاتحة في مجلّد كبير. (الروضتين ج
1 ق 1/ 72) .
(33/251)
قال: بلد النَّصْب [1] .
وقال ابن النّجّار: قرأتُ بخطّ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه: قدِم علينا
أبو يوسف القَزْوينيّ من مصر، وكان يفتخر بالاعتزال. وكان فيه توسُّع
في القدْح في العلماء الّذين يخالفونه وجُرأة. وكان إذا قصد باب نظام
المُلْك يقول لهم:
استأذِنوا لأبي يوسف القَزْوينيّ المعتزليّ.
وكان طويل اللّسان بعلمٍ تارةً، وبِسَفَهٍ يؤذِي به النّاسَ أخرى.
ولم يكن محقّقًا إلّا في التّفسير، فإنّه لهج بالتّفاسير حتّى جمع
كتابا بلغ خمسمائة مجلّد، حشى فيه العجائب، حتّى رأيت منه مجلَّدةً في
آيةٍ واحدة، وهي قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ
عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ 2: 102 [2] فذكر فيه السَّحَرة والملوك الّذين
نَفَقَ عليهم السِّحْرُ وأنواع السِّحر وتأثيراته [3] .
وقال أبو الحسن محمد بن عبد الملك: ملكَ أبو يوسف القَزْوينيّ كُتُبًا
لم يملك أحدٌ مثلَها. فكان قومٌ يقولون ابتاعها من مصر بالخبز وقت شدة
الغلاء.
وحدَّثني أبو منصور عبد المحسن بن محمد أنّه ابتاعها بالأثمان الغالية.
وكان يحضر بيع كُتُب السِّيرافيّ، وهو شاهدٌ معروف بمصر، وبيعت كُتُبُه
في سنتين، وزادت على أربعين ألف مجلَّدة.
قال: وكان أبو يوسف يبتاع في كلّ أسبوع بمائة دينار، ويقول: قد بعتُ
رَحْلي وجميعَ ما في بيتي.
وكان الرُّؤساء هناك يواصلونه بالذَّهب.
وقيل: إنّه قدِم بغداد معه عشرة أحمال كُتُب، وأكثرها بالخطوط
المنسوبة.
وعنه قال: ملكتُ ستّين تفسيرًا، منها «تفسير ابن جرير» ، و «تفسير
الجبّائيّ» ، و «تفسير ابنه أبي هاشم» ، و «تفسير أبي مسلم بن بحر» ، و
«تفسير البلخيّ» .
__________
[1] النّصب: من الناصبة، وهم الذين يبغضون الإمام عليّا رضي الله عنه.
[2] سورة البقرة، الآية: 102.
[3] المنتظم 9/ 90 (17/ 22) .
(33/252)
قال محمد بن عبد الوهّاب: وأهدى أبو يوسف
لنظام المُلْك أربعة أشياء ما لأحدٍ منها: «غريب الحديث» لإبراهيم
الحربيّ في عشر مجلّدات بخطّ أبي عمر بن حيّويه، و «شعر الكُمَيْت» في
ثلاث عشرة مجلّدة بخطّ أبي منصور، و «عهد القاضي عبد الجبّار بن أحمد»
بخطّ الصّاحب بن عبّاد وإنشائه، فسمعتُ أبا يوسف يقول: كان سبعمائة
سطر، كلّ سطر في ورقة سَمَرْقَنْديّ، وله غلاف آبنُوس يطبق
كالأُسْطُوانة الغليظة. وأهدى له مُصْحَفًا بخطٍّ منسوب واضح، وبين
الأسطر القراءات بالحُمْرة، وتفسير غريبه بالخُضْرة، وإعرابه
بالزُّرْقَة، وكتب بالذّهب علامات على الآيات التّي تصْلُح للانتزاعات
في العهود، والمكاتبات، والتّعازي، والتّهاني، والوعيد. فأعطاه نظام
الملك ثلاثمائة دينار. فسمعت من يسأل أبا يوسف عند نظام المُلْك فقال:
أعطيته أكثر ممّا أعطاني، وإنّما رضيت منه بالإكرام، وعَذَرْته حين
قال: ليس عندي حلال لا شُبْهة فيه سوى هذا القدر [1] .
وسُئل عنه المؤتَمَن السّاجيّ فقال: قطعته رأسًا لِما كان يتظاهر به من
خِلاف الطّريق.
وقال محمد بن عبد الملك في «تاريخه» : كان أبو يوسف فصيح العبارة،
حُلْو الإشارة، يحفظ غرائب الحكايات والأخبار. وكان زيديّ المذهب،
وفسّر بمصر القرآن في سبعمائة مجلّد كبار.
قلت: وقد دخل عليه الإمام أبو حامد الغزاليّ، وجلس بين يديه، فسأله:
من أين أنت؟.
فقال: من المدرسة ببغداد.
وقال الغزاليّ: علمتُ أنّه ذو اطّلاعٍ ومعرفة، فلو قلت إنّني من طوس،
لذكر ما يُحكى عن أهل طُوس من التّغفيل، من أنّهم توسَّلوا إلى المأمون
بقبر أبيه، وكونه عندهم، وطلبوا منه أن يحوِّل الكعبة، وينقلها إلى
عندهم: وأنّه جاء عن بعضهم أنّه سُئل عن نجمه، فقال: بالتّيس. فقيل له
في ذلك، فقال: من
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 618، 619، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 230،
لسان الميزان 4/ 11، 12.
(33/253)
سِنين كان بالْجَدْي، والآن فقد كَبُر.
قال ابن عساكر: [1] وسمعتُ من يحكي أنّه كان بأَطْرابُلُس، فقال له ابن
البرّاج: [2] متكلِّم الرّافضة: ما تقول في الشّيخين؟
فقال: سِفْلتان ساقطان.
قال: مَن تَعْني؟
قال: أنا وأنت [3] .
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ: أبو يوسف القَزْوينيّ كان
معتزليًّا داعيةً، كان يقول: لم يبقَ مَن ينصُرُ هذا المذهبَ غيري.
وكان قد بلغ من السّنّ مبلغًا يكاد أن يُخفى في الموضع الّذي كان يجلس
فيه، وله لسانٌ شابٌّ [4] .
ذكر لي أنّ له تفسيرا في القرآن في نحو ثلاثمائة مجلّد، سبعة منها في
سورة الفاتحة. وكان عنده جزءٌ ضخمٌ، من حديث محمد بن عبد الله
الأنصاريّ، رواية أبي حاتم الرّازيّ، عنه، كنتُ أودّ أن يكون عند غيره
بما يشقّ عليّ.
قرأت عليه بعضه، رواه عن القاضي عبد الجبّار المعتزليّ، عنه.
وكان سبب مَشْيي إليه أنّ شيخنا ابن سوار المقرئ سألني أنْ أمضي مع
ابْنَيه لأُسْمِعَهُمَا عليه، فأَجَبْتُه، وقرأ لهما شيئًا من حديث
المحامليّ، وأنا [5] أنّه سمع ذلك سنة سبْعٍ وتسعين وثلاثمائة، وهو ابن
أربع سنين أو نحوها [6] .
__________
[1] في تاريخ دمشق (الظاهرية) و (التيمورية) .
[2] هو عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج، من كبار علماء
الشيعة، تولّى قضاء طرابلس عشرين عاما وقيل ثلاثين. توفي سنة 481 هـ.
ولم يترجم له المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في هذه الطبقة.
انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي 3/ 147- 152 رقم 824.
[3] وبقية الخبر: «فقيل له في ذلك، فقال: ما كنت لأجيبه عما سأل، فيقال
إنه تكلّم في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما» .
[4] سير أعلام النبلاء 18/ 619، لسان الميزان 4/ 12.
[5] اختصار: «أخبرنا» .
[6] سير أعلام النبلاء 18/ 620، لسان الميزان 4/ 12.
(33/254)
قال لي: كنتُ في سنّ هذا، يعني وَلَد شيخنا
ابن سِوَار، وكنتُ أعقل من أبيه.
وكان لا يُسالم أحدًا من السَّلَف، وكان يقول لنا: أُخرجوا تدخل
الملائكة [1] . يريد المحدّثين.
قال: ولم أكتب عنه حرفا. يعنى ابن سُكَّرَة أنّه لا يحدِّث عنه، وقد
روى عنه شِعْرًا، وذكره في مشيخته.
قال شجاع الذُّهْليّ: أبو يوسف القَزْوينيّ أحد شيوخ المعتزلة، عاش
ستًّا وتسعين سنة. ذكر لي أنّ مولده في سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاثمائة.
وقال ابن ناصر: مات في رابع عشر ذي القعدة، وقال مرَّةً: وُلِدتُ في
نصف شعبان [2] .
__________
[1] سير أعلام النبلاء 18/ 620، لسان الميزان 4/ 12.
[2] في مولده ووفاته خلاف. فقيل ولد سنة 393 وهو الأصحّ، وقيل سنة 391،
وقيل 411 هـ. أما وفاته ففي شهر ذي القعدة سنة 488 كما ذكر أعلاه. وقيل
14 ذي القعدة سنة 483 هـ. كما في (طبقات المفسّرين) وهو يقول إنه مات
عن ست وتسعين سنة لأن مولده في شعبان سنة 393 وبهذا يتضح أن تأريخ
وفاته بسنة 483 غير صحيح، ولعلّ الخطأ من الناسخ.
وعن محمد بن أبي الفضل الهمذاني أنه ذكر في كتابه «المذيّل» على ذيل
الوزير أبي شجاع محمد بن الحسين الّذي ذيّل به «تجارب الأمم» لأبي علي
بن مسكويه، أن القاضي عبد السلام بن محمد القزويني ولد سنة إحدى وتسعين
وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
وذكر أبو سعد السمعاني أنه توفي سنة أربع وخمسمائة. وبين القولين تفاوت
كثير، والأقرب الأول. (التدوين 3/ 180) .
وقال القزويني: قد سمعت أخبار المحاملي، عن ابن مهدي، قدم علينا قزوين،
في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وثلاثمائة، وهو أقصى ذكري، وسمعت سنن
الشافعيّ عن والدي، وعن ابن المظفر الحافظ، عن الطحاوي، عن المزني،
عنه. وكتبه أبو يوسف عبد السلام بمدينة السلام سنة ثمان وسبعين.
ورأيت بخط القاضي عبد الملك بن المعافي: أنشدني القاضي أبو يوسف
القزويني:
أليل دجى أم شعرك الفاحم الجعد ... أصبح بدا أم وجهك الطالع السعد
أترجّة هاتيك أم تيك مقلة ... أتفاحة ذاك المضرج أم خدّ
أهذا الّذي في فيك درّ منضّد ... أبيني لنا أم لؤلؤ ضمّه العقد
أموج إذا ولّيت أم كفل يرى ... قضيب لجين في الغلايل أم قد
أحقّان من عاج بصدرك ركّبا ... لطيفان، أم هذان ثديان يا هند؟
(33/255)
273- عبد الصّمد بن أحمد ابن الرُّوميّ [1]
.
أبو القاسم البغدادي.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، ومحمد بن عليّ بن عبد السّلام.
تُوُفّي في صَفَر.
274- عبد الغفار بن نصر [2] .
أبو طاهر الهَمَذَانيّ المقرئ البزّاز، ويُعرف بابن هاموش.
قال شيروَيْه: روى عن: ابن عَبْدان، وعبد الغافر الفارسيّ، وأبي حفص
ابن مسرور، والنّيسابوريّين. قرأت عليه القرآن، وتوفّي المحرّم.
__________
[ () ] وقد أكثر القاضي عبد الملك الرواية والحكاية، عن القاضي أبي
يوسف، وكتب القاضي أبو يوسف على ظهر كتاب «التصفّح» لأبي الحسين البصري
فصلا.
سبكناه وتحسبه لجينا ... فأبدى الكير خبث الحديد
(التدوين 179، 180) .
«أقول» : سكن القزويني مدينة طرابلس الشام مدّة وحدّث بها، فسمعه:
إبراهيم بن محمد بن عبد الرزاق أبو طاهر الحيفي الحافظ الّذي حدّث بصور
سنة 476 هـ. (معجم البلدان 2/ 332، تهذيب تاريخ دمشق 2/ 286) .
وقال ابن تغري بردي: كان عبد السلام إماما في فنون، فسّر القرآن في
سبعمائة مجلّد- وقيل في أربعمائة- وقيل في ثلاثمائة. وكان الكتاب وقفا
في مشهد أبي حنيفة رضي الله عنه. وكان رحل إلى مصر وأقام بها أربعين
سنة، وكان محترما في الدول ظريفا، حسن العشرة، صاحب نادرة. قيل إنه دخل
يوما على الوزير نظام الملك، وكان عنده أبو محمد التميمي [هو رزق الله
بن عبد الله الّذي تقدّمت ترجمته قبل قليل] ، ورجل آخر أشعري. قال له
القزويني:
أيّها الصدر، قد اجتمع عندك رءوس أهل النار. قال نظام الملك؟ وكيف ذلك؟
قال: أنا معتزلي، وهذا مشبّه (يعني التميمي الحنبلي) ، وذلك أشعريّ،
وبعضنا يكفّر بعضا. فضحك النظام. (النجوم الزاهرة 5/ 156) .
ولم يتزوّج القزويني إلّا في آخر عمره. وكانت وفاته ببغداد، ودفن
بمقابر الخيزران عند أبي حنيفة رضي الله عنه. (تاريخ دمشق 24/ 126) .
و «أقول» : إن سكناه في طرابلس كانت قبل سنة 477 هـ. إذ في هذه السنة
عاد إلى بغداد، وقد التقى بالقاضي ابن البرّاج بطرابلس قبل وفاته سنة
481، وهذا يعني أنه دخل طرابلس في عهد جلال الملك ابن عمّار. كما اجتمع
بأبي العلاء المعرّي الشاعر المتوفى سنة 449 ويرجّح أن اجتماعه به كان
قبل دخوله مصر في الثلاثينات (لسان الميزان 1/ 204، موسوعة علماء
المسلمين 3/ 134) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/256)
275- عبد الملك بن عبد الله [1] .
أبو سهل الدَّشْتيّ [2] الفقيه.
نَيْسابوريّ عالى الإسناد.
سمع: أبا طاهر الزّياديّ، وعبد الله بن يوسف بن ماموَيْه، [3] وأبا عبد
الرحمن السُّلَميّ.
ومات في شوّال.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ، وقال: [4] شيخ من بيت العِلم والتّصوّف
والثّروة.
وقال السّمعانيّ: [5] كان شيخًا مستورًا، صدوقًا من بيت العلم
والصّلاح.
ولد سنة ستّ وأربعمائة [6] .
قلت: روى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وعمر بن أحمد الصّفّار، وأبو
البركات بن الفُرَاويّ، وعبد الرحمن بن الحسن الكَرْمانيّ، وآخرون [7]
.
276- عُبَيْد الله بن عبد الله بن حَسكوَيْه [8] .
أبو سعد النَّيْسابوريّ.
شيخ مُسْنِد، روى عن: أبي بكر الحيريّ، والطّرازيّ، والصّيرفيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن عبد الله) في: الأنساب 5/ 134، 315،
والمنتخب من السياق 330 رقم 1089، واللباب 1/ 502.
[2] الدّشتي: بفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وفي آخرها التاء
المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه النسبة إلى الجدّ وإلى قرية. فأما
النسبة إلى الجدّ فهو أبو سهل عبد الملك..
(الأنساب) وإنما قيل له: «الدشتي» لأنه من ولد «دشت بن قطن» .
[3] في الأنساب 5/ 314: «بامويه» .
[4] في المنتخب 330.
[5] في الأنساب 5/ 341.
[6] المنتخب 330، الأنساب 5/ 315.
[7] وقال ابن السمعاني: وكان أبو سهل الدشتي خازنا ومشرفا على حمل
السلطان، وكان ممن يعتمد عليه. (الأنساب 5/ 315) .
[8] انظر عن (عبيد الله بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 297 رقم
983، وتذكرة الحفاظ 3/ 1201، وسير أعلام النبلاء 18/ 269، 270 (دون
رقم) .
وقد تقدّم في آخر ترجمة سميّه في الطبقة السابقة (الثامنة والأربعين)
برقم (351) .
(33/257)
روى عنه: وجيه، وعبد الخالق بن زاهر [1] .
وقد مرّ أبوه سنة ثلاثٍ وخمسين.
277- عليّ بن أحمد بن عليّ بن زُهَير [2] .
أبو الحسن التّميميّ المالكيّ.
دمشقي مشهور.
روى عن: عليّ بن الخضر، وعليّ بن السّمْسار، ومحمد بن عبد الله بن
بُنْدَار، وأحمد بن الحسن بن الطّيّان، وأبي عثمان الصّابونيّ، وجماعة.
روى عنه: جمال الإسلام السُّلَميّ، ونصر بْن أَحْمَد بْن مقاتل، وناصر
بْن محمود القُرَشيّ.
قال أبو محمد بن جابر: لم يكن المالكيّ ثقة.
وكذلك قال أبو القاسم بن جابر، وقال: أخرج لنا جزءًا من حديث ابن
زَبْر، قد كتب عليه سمَاعَه من ابن السِّمْسار سنة خمسٍ وثلاثين. ومات
ابن السّمْسار سنة أربعٍ [3] وثلاثين.
تُوُفّي في ذي القعدة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة.
278- عليّ بن أحمد بن خُشْنَام [4] .
أبو سعيد [5] الصَّيْدلانيّ.
شيخ نَيْسابوريّ صالح.
سمع: محمد بن محمد بن محمش.
وهو أخو شبيب البستيغيّ [6] .
__________
[1] وقال عبد الغافر الفارسيّ: من أهل بيت التجارة والثروة والمروءة.
ولد سنة 411.
[2] انظر عن (علي بن أحمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 184
رقم 66، وميزان الاعتدال 3/ 112 رقم 5772، ولسان الميزان 4/ 517.
[3] في الأصل: «أرر» .
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: التحبير 1/ 559، والمنتخب من السياق 388
رقم 1308، والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 67 أ، والتقييد لابن
نقطة 404، 405 رقم 537.
[5] في المنتخب: «أبو الحسن» .
[6] البستيغي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون السين المهملة وكسر
التاء المفتوحة باثنتين من
(33/258)
روى عنه: عمر بن أحمد الصّفّار، وإسماعيل
العصايديّ [1] .
279- عليّ بن عَمْرو الحرّانيّ [2] .
الفقيه الحنبليّ، الرّجل الصّالح.
يُكنى أبا الحسن. مات بسَرُوج. وكان من أصحاب القاضي أبي يَعْلَى.
تُوُفّي في شعبان.
280- عليّ بن عبد الصّمد بن عثمان بن سلامة [3] .
أبو الحسن العسقلانيّ، المعروف بطيف.
سمع: أبا عبد الله بن نظيف بمصر، ومحمد بن جعفر الميماسيّ بغزّة، وعليّ
بن السِّمّسار بدمشق.
قال غيث بن عليّ: سمعتُ منه في سنة ثمانٍ وثمانين [4] ، ما علمتُ من
أمره إلّا خيرًا.
281- عليّ بن عبد الغنيّ [5] .
__________
[ () ] فوقها وسكون الياء المنقوطة بالغين من تحتها وبعدها الغين
المعجمة. هذه النسبة إلى بستيغ وهي قرية بسواد نيسابور. (الأنساب 2/
207) و «شبيب البستيغي» هو شيخ لابن ماكولا ذكره في كتابه الإكمال،
مادّة «بستيغ» .
[1] وكان مولده سنة 399 هـ.
[2] انظر عن (علي بن عمرو) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 86، 87 رقم 34.
[3] انظر عن (علي بن عبد الصمد) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/
128 رقم 29.
[4] سمعه بعسقلان.
[5] انظر عن (علي بن عبد الغني) في: جذوة المقتبس للحميدي 314، 315 رقم
716، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسام ق 4 مجلّد 1/ 245- 283،
ومعجم السفر للسلفي 63، 110، 111، والصلة لابن بشكوال 2/ 432، 433 رقم
926، وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد (قسم شعراء الأندلس) 2/ 186،
وبغية الملتمس للضبّي، رقم 1229، ومعجم الأدباء 14/ 39- 41، وأدباء
مالقة لابن عسكر 157، والمعجب للمراكشي 205، والحلّة السيراء لابن
الأبّار 2/ 54، 67، ووفيات الأعيان 3/ 331- 334، والمختصر في أخبار
البشر 2/ 208، والعبر 3/ 321، وسير أعلام النبلاء 19/ 6، 27 رقم 16،
ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري (مخطوط) 11/ 375، 455، 468،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 17، والغيث المسجم للصفدي 1/ 244، والوافي
بالوفيات (مخطوط) 22/ 100، ونكت الهميان 213، 214، وعيون التواريخ
(مخطوط) 13/ 6- 17، والوفيات لابن قنفذ 259، 260 رقم 488، وغاية
النهاية لابن الجزري 1/ 550، 551، وكشف الظنون 1337،
(33/259)
أبو الحسن الفِهْريّ المقرئ الحُصْريّ.
الشَّاعر الضّرير. أقرأ النّاس بسَبْتَة وغيرها.
قال ابن بَشْكُوال: [1] ذكره الحُمَيْديّ [2] وقال: شاعر أديب، رخيم
الشِّعْر [3] ، دخل الأندلس ولقي [4] ملوكها، وشعره كثير، وأدبه موفور
[5] .
قلت: وكان عالِمًا بالقراءات وطُرُقَها.
قال ابن بَشْكُوال: [6] روى لنا عنه أبو القاسم بن صواب، أخبرنا عنه
بقصيدته الّتي نَظَمَها في قراءة نافع، وهي مائتا بيت وتسعة أبيات،
قال: لقيته بمرسية [7] .
__________
[1344،) ] وشذرات الذهب 3/ 385، 386، وإيضاح المكنون 1/ 110، وهدية
العارفين 1/ 693، وديوان الإسلام 2/ 176، 177 رقم 798، والأعلام 4/
301، ومعجم المؤلفين 7/ 125.
[1] في الصلة 2/ 432.
[2] في الجذوة 314.
[3] زاد في الجذوة: «حديد الهجو» .
[4] في الذخيرة: «ولقي» .
[5] وقال الحميدي: أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد العابدي، قال: أنشدني
علي بن عبد الغني لنفسه، إلى أبي العباس النحويّ البلنسي من كلمة
طويلة:
قامت لأسقامي مقام طبيبها ... ذكرى بلنسية وذكر أديبها
حدّثتني فشفيت منّي لوعة ... أمسيت محترق الحشا بلهيبها
ما زلت أذكره ولكن زدتني ... ذكرا وحسب النفس ذكر حبيبها
أهوى بلنسية وما سبب الهوى ... إلّا أبو العباس أنس غريبها
هبّ النسيم، وما النسيم بطيّب ... حتى يشاب بطيبة وبطيبها
أخي المعين على العدو بمسلق ... أزرى بوائل في ذكاء خطيبها
إذ قامت الهيجا ولولا نصره ... ما كان يعرف ليثها من ذيبها
غلب العواء على الزئير حميّة ... وخبا ضياء الشمس قبل مغيبها
فأقام أحمد في مجادلة العدي ... برهان تصديقي على تكذيبها
حتى تبيّن فاضل من ناقص ... وانقاد مخطئ حجّة لمصيبها
وأخبرني أنه كان ضريرا، وأنه دخل الأندلس بعد الخمسين وأربعمائة. (جذوة
المقتبس 314، 315) .
[6] في الصلة 2/ 432.
[7] في سنة 481 هـ.
(33/260)
ومن شعره، وقد كتب إليه المعتمد وبعث إليه
خمسمائة دينار يتجهّز بها ليفد عليه، فقال:
أمرتني بركوب البحر أَقْطَعُهُ ... غيري لك الخير فاخْصُصْه بذا
الدّاءِ
ما أنتَ نُوحٌ فَتُنْجِيني سفينَتُهُ ... ولا المسيحُ أنا أمشي على
الماءِ [1]
- حرف الفاء-
282- الفضل بْن أَحْمَد بْن محمد بن عيسى [2] .
__________
[1] البيتان في: وفيات الأعيان 3/ 334، وسير أعلام النبلاء 19/ 27.
وقال الحصري في وفاة المعتضد عبّاد، وقيام ابنه المعتمد محمد:
مات عبّاد ولكن ... بقي الفرع الكريم
فكأنّ الميت حيّ ... غير أنّ الضاد ميم
(الحلّة السيراء 2/ 54، معجم الأدباء 14/ 39، 40) .
ومدح بعض ملوك الأندلس فغفل عنه إلى أن حفزه الرحيل، فدخل عليه وأنشده:
محبّتي تقتضي ودادي ... وحالتي تقتضي الرحيلا
هذان خصمان لست أقضي ... بينهما خوف أن أميلا
ولا يزالان في اختصام ... حتى ترى رأيك الجميلا
ودخل على المعتصم محمد بن معن بن صمادح فأنشده قصيدة، فلما انصرف تكلّم
المعتصم في أمره مع وزرائه وكتّابه ليرى رأيهم فيه، فنقل إليه عن
الكاتب أبي الأصبغ بن أرقم كلام أحفظه، فانصرف ودخل على ابن صمادح
وأنشده:
يا أيّها السيّد المعظّم ... لا تطع الكاتب ابن أرقم
لأنه حيّة، وتدري ... ما فعلت بأبيك آدم
وحكى أبو العباس البلنسي الأعمى أيضا عنه، وكان من تلاميذه، وهذان
البيتان متنازعان بينهما لا أدري لمن منهما:
وقالوا: قد عميت. فقلت: كلّا ... وإنّي اليوم أبصر من بصير
سواد العين زاد سواد قلبي ... ليجتمعا على فهم الأمور
قال ياقوت: وأنشدني بعضهم له:
ولما تمايل من سكره ... ونام دببت لأعجازه
فقال: ومن ذا؟ فجاوبته ... عم يستدلّ بعكّازه
(معجم الأدباء 14/ 40، 41) .
وهو صاحب الأبيات التي يتغنّى بها:
يا ليل الصّبّ متى غده ... أقيام الساعة موعده
[2] انظر عن (الفضل بن أحمد) في: التقييد لابن نقطة 425 رقم 568، وسير
أعلام النبلاء 19/ 40، 41 رقم 26 وفيه قال محقّقه بالحاشية: لم أعثر له
على ترجمة.
(33/261)
أبو القاسم بن أبي حرب الْجُرْجَانيّ
الزّجّاجيّ.
شيخٌ نَيْسابوريّ الدّار، ثقة، صالح، حسن السّيرة، تاجر أمين.
سمع: أبا عبد الرحمن السّلَميّ، وابن مَحْمِش، والحِيريّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: إسماعيل بْن السَّمَرْقَنْديّ، وأحمد بْن سعْد العِجْليّ
الهَمَذَانيّ، وأبو عثمان العصايديّ المروزيّ، وعمر بن أحدم الصفار،
وعبد الله بن الفُرَاويّ، وأحمد بن المبارك بن قُفْرَجَل، وصَدَقَة بن
محمد السّيّاف.
حدَّث ببُلْدان، وحكى عنه جيرانه كثرةَ تِلاوةٍ وبكاء.
ولد سنة خمس وأربعمائة، وتُوُفّي في رمضان.
قال ابن النّجّار: أمين صدوق، صالح، عفيف، من التّجّار، كثير
الصَّدَقة.
وقيل: كان أبوه حاتم وقته.
- حرف الميم-
283- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد الله بن إبراهيم [1] .
الوزير ظهير الدّين أبو شُجاع الرُّوذرَاوَريّ.
وَزَرَ للمقتدي باللَّه بعد عزْل عميد الدّولة منصور بن جهير سنة ستٍّ
وسبعين، وصُرِف سنة أربعٍ وثمانين، وأُعيد ابن جَهِير.
ولمّا عُزِل قال:
تولّاها وليس له عدوّ ... وفارقها وليس له صديق [2]
__________
[1] انظر عن (محمد بن الحسين الروذراوريّ) في: المنتظم 9/ 90- 94 رقم
131 (17/ 22- 27 رقم 3652) ، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء
العراق) 1/ 77- 87، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي 3/ 180، وتاريخ
دولة آل سلجوق 77، 78، والكامل في التاريخ 10/ 250، ووفيات الأعيان 5/
134- 137 رقم 702، والفخري 297- 299، ومختصر التاريخ لابن الكازروني
214، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 270، وسير أعلام النبلاء 19/ 27- 31
الرقم 17، والوافي بالوفيات 3/ 3، 4 رقم 853، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 3/ 57، والبداية والنهاية 2/ 150، 151، وكشف الظنون 344.
[2] خريدة القصر 1/ 77، تاريخ دولة آل سلجوق 77، الكامل في التاريخ 10/
187، وفيات الأعيان 5/ 135، الفخري 298، سير أعلام النبلاء 19/ 30،
الوافي بالوفيات 3/ 33.
(33/262)
ثمّ إنّه حجّ وجاوَرَ بالمدينة إلى أن مات
بها كَهْلًا. وكان ديِّنًا عالمًا، من محاسن الوزراء.
قال العِماد الكاتب: [1] لم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدّين
والشَّرع مثله. وكان عصره أحسن العصور رحمه الله.
[ذكره] [2] صاحب «المرآة» [3] .
ولمّا ولي وزارةَ المقتدي كان سليمًا من الطَّمع في المال، لأنّه كان
يملك حينئذ ستّمائة ألف دينار، فأنفقها في الخيرات والصَّدقات.
قال أبو جعفر الخرفيّ: كنتُ أنا واحدًا من عشرة نتولّى إخراج
صَدَقَاته، فحسبْت ما خرج على يديّ، فكان مائة ألف دينار.
وكان يبيع الخطوط الحَسَنة، ويتصدَّق بها، ويقول: أنا أَحَبّ الأشياء
إليَّ الدّينار والخطّ الحسن، فأنا أتصدَّق بمحبوبي للَّه.
وجاءته قَصّةٌ بأنّ امرأةً وأربعة أيتام عرايا، فبعث من يكسوهم، وقال:
والله لا ألبس ثيابي حتّى ترجعَ. وتعرَّى، فعاد الغلام [4] وهو يرعد من
البرد.
وكان قد ترك الاحتجاب ويكلِّم المرأة والصّبيّ، ويحضر مجالسة الفُقَهاء
والعَوَامّ، ولا يمنع أحدًا. وأُسقطت المُكُوس في أيّامه، وألبسَ
الذّمّة الغيار.
ومحاسنه كثيرة، وصَدَقَاته غزيرة، وتواضعه أمر عجيب [5] ، فرحمه الله
تعالى.
__________
[1] في خريدة القصر (قسم شعراء العراق) 1/ 78.
[2] في الأصل بياض.
[3] أي مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.
[4] هكذا في الأصل، وهو وهم، وصوابه ما جاء في «الخريدة» 1/ 86: «ولم
يزل يرعد (الروذراوريّ) إلى أن عاد صاحبه إليه وأخبره بذلك» .
[5] ونقل العماد عن كتاب «المعارف» لابن الهمذاني، أنه ظهر منه من
التلبّس بالدين وإظهاره، وإعزاز أهله والرأفة بهم، والأخذ على أيدي
الظلمة، ما أذكر به عدل العمرين. وكان لا يخرج من بيته حتى يكتب شيئا
من القرآن، ويقرأ في المصحف ما تيسّر، وكان يؤدّي زكاة أمواله الظاهرة
في سائر أملاكه وضياعه وإقطاعه، ويتصدّق سرّا. (الخريدة 1/ 85، 86) .
وذكر العماد أنه لما عزل من الوزارة خرج إلى الجامع ماشيا يوم الجمعة
من داره، وانثالت العامّة عليه تصافحه وتدعو له، وكان ذلك سببا لإلزامه
بيته. ثم أخرج إلى روذراور، وهو
(33/263)
284- محمد بن عبّاد بن محمد بن إسماعيل بن
قريش [1] .
__________
[ () ] موطنه قديما، فأقام هناك مدة، ثم خرج إلى الحج، وسافر إلى مكة
في موسم سنة سبع وثمانين، فخرج العرب على الرفقة بقرب الرَّبَذَة، فلم
يسلم من الحجيج سواه. وجاور بعد الحج بمدينة الرسول صلوات الله عليه-
إلى أن توفي في النصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين، ودفن بالبقيع
عند القبة التي فيها قبر إبراهيم- عليه السلام- ابن رسول الله صلّى
الله عليه وسلم.
(الخريدة 1/ 78) .
وقال ابن طباطبا: كان رجلا ديّنا خيّرا، كثير الخير والبرّ والصدقة،
وقف له على ثبت خرج على وجوه البرّ والصدقات خاصّة بما قدره مائة
وعشرون ألف دينار. وكان الّذي أورد هذا الثبت كاتبا من جملة عشرة كتبة
يكتبون صدقاته خاصة.
ولما ولى ظهير الدين المذكور كتب إليه ابن الحريري صاحب «المقامات» :
هنيئا لك الفخر فافخر هنيّا ... كما قد رزقت مكانا عليّا
وبتّ كآبائك الأكرمين ... لدست الوزارة كفأ رضيّا
تحمّلت أعباءها يافعا ... كما أوتي الحكم يحيى صبيّا
كان يصلّي الظهر، ويجلس لكشف المظالم إلى وقت العصر، وكان الحجّاب
ينادون في الناس: من كانت له حاجة فليعرضها.
ومن مناقبه أنه لما وقعت الفتن بين السّنّة والشيعة بالكرخ وباب البصرة
من مدينة السلام تغاضى عن إراقة الدماء غاية التغاضي، حتى قال له
المقتدي: إن الأمور لا تمشي بهذا اللين الّذي تستعمله، وقد أطمعت الناس
بحلمك وتجاوزك، ولا بدّ من نقض دور عشرة من كبار أهل المحال، حتى تقوم
السياسة وتسكن هذه الفتن. فأرسل الوزير إلى المحتسب وقال له:
قد تقدّم الخليفة بنقض دور عشرة من كبار أهل المحالّ ولا تمكنني
المراجعة فيهم، وما آمن من أن يكون فيهم أحد غير مستحقّ للمؤاخذة، أو
أن يكون الملك ليس له، فأريد أن تبعث ثقاتك إلى هذه المحالّ وتشتري
أملاك هؤلاء المتّهمين، فإذا صارت الأملاك لي نقضتها، وأسلم بذلك من
الإثم ومن سخط الخليفة، ونقده الثمن في الحال، ففعل المحتسب ذلك، ثم
بعد ذلك أرسل ونقضها.
وقد اعتزل وتزهّد ولبس ثياب القطن وتوجّه إلى الحجّ، وأقام بمدينة
الرسول، صلوات الله عليه وسلامه، فكان يكنس المسجد النبويّ ويفرش الحصر
ويشعل المصابيح وعليه ثوب من غليظ الخام، وبدأ بحفظ القرآن وختمه هناك.
وله شعر لا بأس به، فمنه قوله:
إنّ من شتّت الجميع من الشمل ... قدير بأن يجمع أهلا
لست مستيئسا وإن طال هجر ... ربّ هجر يكون عقباه وصلا
وإذا أعقب الوصال فراقا ... كان ذاك الوصال في القلب أحلى
وأرّخ ابن طباطبا وفاته بسنة 513 هـ. (الفخري 297- 299) .
وهو صاحب «ذيل تجارب الأمم» وذيّله على «تجارب الأمم» لمسكويه، وقد
نشره المستشرق آمدروز.
[1] انظر عن (محمد بن عبّاد) في: مطمح الأنفس لابن خاقان 10- 22،
والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسّام قسم 2 مجلّد 1/ 41- 81
وخريدة القصر وجريدة العصر للعماد (قسم
(33/264)
السّلطان المعتمد على الله أبو القاسم ابن
السّلطان المعتضد باللَّه أبي عمرو ابن الإمام الفقيه قاضي إشبيليّة،
ثمّ سلطانها الظّافر المؤيّد باللَّه أبي القاسم بن أبي الوليد
اللَّخْميّ، من ولد النُّعْمان بن المنذر صاحب الحِيرة.
كان المعتمد صاحب إشبيليّة وقُرْطُبة، وأصلهم من بلاد العريش الّتي
كانت في أوّل رمل مصر [1] ، فدخل أبو الوليد الأندلس.
مات المعتضد سنة إحدى وستّين وأربعمائة، فتملّك بعده المعتمد هذا.
وكان عالمًا، ذكيًّا، أديبًا، شاعرًا مُحْسِنًا، وكان أندى الملوك
راحةً، وأَرْحَبَهم مساحةً، كانت حضرته مَلْقَى الرّحال، وموسم
الشُّعراء، وقِبلة الآمال ومَأْلَفَ الفُضَلاء [2] .
وشِعره في غاية الحُسْن، وهو مدوَّن موجود.
قال أبو بكر محمد بن عيسى اللَّخْميّ الدّانيّ المعروف بابن اللّبّانة
الشّاعر: ملك المعتمد من مسوَّرات البلاد ما بين أمصارٍ ومُدُنٍ وحصون
مائتي مسوَّر وإحدى وثلاثين مسوَّرًا. وخُلِع من ملكه عن ثمانمائة
سريّة، [3] ووُلِد له مائةٌ وثلاثةٌ وسبعون ولدًا.
وكان راتبه كلّ يوم ثمانمائة رِطْل لحم. وكان له ثمانية عشر كاتبًا.
__________
[4] ج 2 شعراء الأندلس) انظر فهرس الأعلام 733، والكامل في التاريخ 10/
248- 250، والمعجب 158، والحلّة السيراء 2/ 52- 67 رقم 120، ووفيات
الأعيان 5/ 21- 39، والروض المعطار 46، 289- 292، 344، 393، 435،
وبدائع البدائه (انظر: فهرس الأعلام 449) ، والبيان المغرب 3/ 257،
والمختصر في أخبار البشر 2/ 207، 208، والإعلام بوفيات الأعلام 201،
وسير أعلام النبلاء 19/ 58- 66 رقم 35، والعبر 321، 322، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 16، والوافي بالوفيات 3/ 183- 188، وعيون التواريخ 13/ 19-
49، وأعمال الأعلام 157، ومرآة الجنان 3/ 147، 148، وتاريخ ابن خلدون
5/ 158، ومآثر الإنافة 2/ 9، وشرح رقم الحلل 167، 173، 181، 185، 186،
والنجوم الزاهرة 5/ 157، والقلائد 40، ونفح الطيب 4/ 212- 228، وشذرات
الذهب 3/ 386- 391، وأخبار الدول للقرماني 2/ 405، 407، 408، وديوان
الإسلام لابن الغزّي 4/ 157، 158 رقم 1875، والأعلام 6/ 181، وتاريخ
بني عبّاد لدوزي، طبعة ليدن 1846.
[1] وفيات الأعيان 5/ 21.
[2] وفيات الأعيان 5/ 24.
[3] الحلّة السيراء 2/ 55.
(33/265)
وذكر القاضي شمس الدّين ابن خَلِّكان [1] ،
قال: كان الأدفونش بن فرذلَنْد ملك الفرنج بالأندلس قد قوي أمُره،
وكانت ملوك الطّوائف من المسلمين بجزيرة الأندلس يصالحونه، ويؤدُّون
إليه ضريبة، ثمّ إنّه أخذ طُلَيْطُلَة في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة
بعد حصارٍ شديد، وكانت للقادر باللَّه بن ذي النُّون. وكان المعتمد مع
كونه أكبر ملوك الجزيرة يؤدِّي الضَّريبة للأدفونش، فلمّا ملك الكلب
طُلَيْطُلَة قويت نفسه، ولم يقبل ضريبة المعتمد، وأرسل إليه يتهدده
ويقول: تنزل عن الحصون الّتي بيدك، ويكون لك السَّهْل.
فضربَ المعتمدُ الرسولَ، وقتلَ من كان معه. فبلغ الأدفونش الخبر وهو
متوجِّهٌ لحصار قُرْطُبة، فرجع إلى طُلَيْطُلَة لأخْذ آلات الحصار،
فأتى المشايخ والعلماء إلى أبي عبد الله محمد بن أدهم، وفاوضوه فيما
نزل بالمسلمين، فاجتمع رأيهم أن يكتبوا إلى الأمير أبي يعقوب يوسف بن
تاشَفين صاحب مرّاكش، يستنجدونه ليُعدّي بجيوشه إلى الأندلس، ويُنجد
الإسلام. واجتمع القاضي بالمعتمد على الله، وأعلمه بما جرى فقال:
مَصْلَحَة [2] .
__________
[1] في وفيات الأعيان 5/ 27.
[2] قال الحميري: إن الأدفونش نزل قبالة قصر ابن عبّاد، وفي أيام مقامه
هناك كتب إلى ابن عبّاد زاريا عليه: كثر بطول مقامي في مجلسي الذبّان،
واشتدّ عليّ الحرّ، فأتحفني من قصرك بمروحة أروّح بها عن نفسي وأطرد
بها الذباب عني، فوقّع له ابن عبّاد بخط يده في ظهر الرقعة: قرأت كتابك
وفهمت خيلاءك وإعجابك، وسأنظر لك في مراوح من الجلود اللمطية في أيدي
الجيوش المرابطية تريح منك لا تروّح عليك إن شاء الله. فلما ترجم لابن
فرذلند توقيع ابن عبّاد في الجواب أطرق إطراق من لم يخطر به ذلك، وفشا
في بلاد الأندلس خبر توقيع ابن عبّاد وما أظهر من العزيمة على إجازة
الصحراويين والاستظهار بهم على ابن فرذلند، فاستبشر الناس، وفتحت لهم
أبواب الآمال.
وانفرد ابن عبّاد بتدبير ما عزم عليه من مداخلة يوسف بن تاشفين، ورأت
ملوك الطوائف بالأندلس ما عزم عليه من ذلك، فمنهم من كتب إليه ومنهم من
شافهه، كلهم يحذّره سوء عاقبة ذلك، وقالوا له: الملك عقيم، والسيفان لا
يجتمعان في غمد، فأجابهم ابن عبّاد بكلمته السائرة مثلا: رعي الجمال
خير من رعي الخنازير، أي أن كونه مأكولا لابن تاشفين أسيرا يرعى جماله
في الصحراء خير من كونه ممزّقا لابن فرذلند أسيرا يرعى خنازيره في
قشتالة، وكان مشهورا بوثاقة الاعتقاد. وقال لعذّاله ولوّامه: يا قوم
أنا من أمري على حالين: حالة يقين وحالة شك، ولا بدّ لي من إحداهما،
أما حالة الشك فإنّي إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى ابن فرذلند ففي
الممكن أن يفي لي ويفي عليّ ويمكن ألّا يفعل، فهذه حالة شك، وأما حالة
اليقين فهي أني إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله، وإن استندت
إلى ابن فرذلند
(33/266)
ثمّ، إنّ ابن تاشَفين نزل سَبْتَة، وأمر
جيشه، فعبروا إلى الجزيرة الخضراء، ولمّا تكامل له جُنْدُه عبرَ هو في
السّاقة. ثمّ إنّه اجتمع بالمعتمد. وقد عرض المعتمد عساكره. وأقبل
المسلمون من كلّ النّواحي طَلَبًا للجهاد. وبلغ الأدفونشَ الخبرُ فخرج
في أربعين ألف فارس، وكتبَ إلى ابن تاشَفين يتهدّده، فكتب ابن تاشَفين
جوابه في ظهر كتابه: «الّذي يكون سَتَراه» . وردّه إليه. فلمّا وقف
عليه ارتاع لذلك، وقال: هذا رجل عازم [1] .
ثمّ سارَ حزبُ الإسلام وحزبُ الصّليب والتقى [2] الْجَمْعَان
بالزّلّاقة من بلد بَطَلْيُوس، فكانت مَلْحمةً كبرى، وهزم الله
الأدفونش، بعد استئصال عسكره، ولم يَسْلَم معه سوى نفرٍ يسير. وذلك في
يوم الجمعة من رمضان سنة تسعٍ وسبعين.
وأصاب المعتمدَ جراحاتٌ في وجهه وبدنه، وشهدوا له بالشّجاعة، وغنم
المسلمون شيئًا كثيرًا [3] .
وعاد ابن تاشَفين إلى بلاده. ثمّ إنّه في العام المقبل، عدَّى إلى
الأندلس، وتلقّاه المعتمد، وحاصرا بعض حصون الفرنج، فلم يقدروا عليها
[4] ، فرحل ابن تاشَفين، ومرَّ بغَرْناطة، فأخرج إليه صاحبها عبد الله
بن بُلُكِّين تقادُم سَنِيّه، وتلقّاه، فغدر به ابن تاشَفين، ودخل
بلدَه وقصره، وأخذ منه ما لا يُحصى، ثمّ رجع إلى مَرّاكش، وقد أعجبه
حَسْن الأندلس وبساتينها وبُناها ومطاعمها الّتي لا توجد بمَرّاكش،
فإنّها بلاد بربر وأجْلاف العُربان. وجعل خواصُّ ابن تاشَفين يُعظِّمون
عنده الأندلس، ويُحسِّنون له أخذها، ويُغْرون قلبه على المعتمد بأشياء
[5] .
__________
[ () ] أسخطت الله، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما
يرضي الله وآتي ما يسخطه؟ وحينئذ أقصر أصحابه عن لومه. (الروض المعطار
288) .
[1] في الأصل: «عارم» .
[2] في الأصل: «التقا» .
[3] انظر: الروض المعطار 289- 291.
[4] في الأصل: «عليه» .
[5] وفيات الأعيان 5/ 27- 30.
(33/267)
وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكشيّ في
«تاريخه» : [1] غلبَ المعتمد على قُرْطُبة في سنة إحدى وسبعين، فأخرج
منها ابن عُكّاشة، ثمّ رجع إلى إشبيلية، واستخلف عليها ولده عبّادًا،
ولقّبه المأمون.
وفي سنة تسعٍ وسبعين جاز المعتمد البحرَ إلى مَرّاكش مستنصرًا بيوسف بن
تاشَفِين على الرُّوم، فَلَقِيه أحسن لقاء، وأسرع إجابته وقال: أنا
أوّل منتَدبٍ لنِصْرة الدّين.
فرجع مسرورًا، ولم يدرِ أنّ تدميره في تدبيره، وسلَّ سيفًا عليه لا له.
فأخذ ابن تاشَفِين في أُهْبة العبور إلى الأندلس، واستنفر النّاس، وعبر
في سبعة آلاف فارس، سوى الرّجّالة، ونزل الجزيرة الخضراء، وتلقّاه
المعتمد، وقدَّم له تُحَفًا جليلة، وسأله أن يدخل إشبيلية، فامتنع
وقال: نريد الجهاد.
ثمّ سار بجيوشه إلى شرقيّ الأندلس. وكان الأدفونش، لعنه الله يحاصر
حصنًا، فرجع إلى بلاده يستنفر الفرنج، وتلقّى ابن تاشَفِين ملوك
الأندلس الّذين كانوا على طريقه كصاحب غَرْناطة [2] ، وصاحب المَرِيّة،
وصاحب بَلَنْسِيَة، ثمّ استعرض جُنْدَه على حصن لُورَقَة، وقال
للمعتمد: هَلُمَّ ما جئنا له من الجهاد.
وجعل يصغّر قدر الأندلس ويقول: في أوقاتٍ كان أمر هذه الجزيرة عندنا
عظيمًا، فلمّا رأيناها وقعت دون الوصف. وهو في ذلك كلّه يُسِّرُّ
حَسْوًا في ارتقاء. فسار المعتمد بين يديه، وقصد طُلَيْطُلَة، فتكامل
عدد المسلمين زُهاء عشرين ألفًا، فالتقوا هم والعدوّ بأوّل بلاد
الرّوم، لعنهم الله، وجاء الأدفونش في جيشٍ عظيم بمرّة، فلمّا رآهم
يوسف قال للمعتمد: ما كنت أظن هذا الخنزير يبلغ هذا الحدّ. فالتقوا في
ثاني عشر رمضان، وصبر البربر، وأبلوا بلاء حَسَنًا، وهزم الله
النَّصارى، وكانت ملحمة مشهودة. ونجا الأدفونش في تسعةٍ من أصحابه.
وتُسمَّى هذه وقعة الزّلّاقة. ففرح أهل الأندلس بالبربر، وتيمَّنوا
بهم، ودعوا لابن تاشَفِين على المنابر، فقوي طمعه في الأندلس.
__________
[1] هو «المعجب في تلخيص أخبار المغرب» ص 141، 142.
[2] في الأصل: «أغرناطة» .
(33/268)
وقد كانت الفرنج تأخذ الإتاوة من ملوكها
قاطبة.
ثمّ جال ابن تاشَفِين في الأندلس على سبيل التَّفرُّج، وهو يُضْمر
أشياءً، ويُظْهر إعظام المعتمد ويقول: إنّما نحن في ضيافته، وتحت أمره.
وكان المعتصم مَعْن بن محمد بن صُمادِح، صاحب المَرِيّة، يحسد المعتمد،
فداخَلَ ابنَ تاشَفِين، وحظي عنده، فأخذ يعيب المعتمد، وقدَّم لابن
تاشَفِين هدايا فاخرة، ولم يدرِ ابن صُمادِح أنّه يسقط في البئر الّذي
حَفَر. وأعانه جماعةٌ على تغيير قلب ابن تاشَفِين بقول الزُّور، وبأنّه
يَتَنَقَّصَك. فعبرَ إلى بلاده مُرّاكش. وفهِم المعتمد أنّه قد تغيّر
عليه. ثمّ اتّفق رأي ابن تاشَفِين أن يراسل المعتمد، يستأذنه في رجالٍ
صُلَحاء أصحاب ابن تاشَفِين رغِبوا في الرّباط في حصون الأندلس.
فاذِن له. وأراد ابن تاشَفِين أن يكون له بالأندلس أعوانًا لوقت
الحاجة.
وقد كانت قلوب الأندلسيّين قد أُشْرِبَت حُبَّ ابن تاشَفِين، فانتخب
رجالًا، وأمّر عليهم قرابته بُلَّجِين، وقرَّر معه أمورًا، فبقوا
بالأندلس إلى أن ثارت الفتنة.
ومبدؤها في شوّال سنة ثلاثٍ وثمانين. فملك المرابطون جزيرة طريف،
ونادوا فيها بدعوة أمير المسلمين يوسف.
ثمّ زحف المرابطون الّذين في الحصون إلى قُرْطُبة فحاصروها، وفيها
المأمون بعد أن أبدى [1] عذرًا وأظهر في الدّفاع جَلَدًا وصبرًا في
صَفَر سنة أربعٍ وثمانين. فزادت الإحْنة والمحنة، وعَلَت الفتنة.
قال ابن خَلِّكان: [2] وحاصروا إشبيليّة، وبها المعتمد، أشدّ المحاصرة.
وظهر من شدّة بأس المعتمد ومصابرته وتَرَاميه على الموت بنفسه، ما لم
يُسْمع بمثله. فلمّا كان في رجب سنة أربعٍ هجم جيش ابن تاشَفِين
البلدَ، وشنُّوا فيه الغارات. ولم يتركوا لأحدٍ شيئًا. وخرج النّاس
يسترون عوراتهم بأيديهم.
وقبضوا على المعتمد.
__________
[1] في الأصل: «إبلا» .
[2] في وفيات الأعيان 5/ 30.
(33/269)
وقال عبد الواحد المذكور: وفي نصف رجب
ثاروا على المعتمد، فبرز من قصْره وسيفه بيده، وغلالته ترفّ على جسده،
لا درع عليه، ولا دَرَقَة معه، فلقي فارسًا مشهور النَّجْدة فرماه
الفارس بحَرْبةٍ، فأصاب غِلالَتَه، وضرب هو الفارس بالسّيف على عاتقه،
فخرَّ صريعًا. فانهزمت تلك الْجُموع، وظنَّ أهل إشبيليّة أن الخِناق قد
تنفّس.
فلمّا كان وقت العصر، عاودهم البربر، فظهروا على البلد من واديه، وشبّت
النّار في شوانيه [1] ، فعندها انقطع العمل. وكان الّذي ظهر عليها من
جهة البَرّ جُدَيْر بن البربريّ، ومن الوادي الأمير أبو حمامة.
والْتَوَتِ الحال أيّامًا، إلى أن قدِم سِير ابن أخي يوسف بن تاشَفِين
بعساكره، والنّاسُ في تلك الأيّام يرمون أنفسهم من الأسوار. فاتَّسع
الخَرْق على الرّاقع بمجيء سِير، ودُخِل البلد من واديه، وأُصيب [2]
حاضره وبادِيه بعد أن جدّ الفريقان في القتال، وشُنَّت الغارة في
إشبيليّة، ولم يترك البربر لأهلها سبدًا ولا لبدًا. ونُهِبت قصور
المعتمد، وأُخِذ أسيرًا. ثمّ أُكْرِه على أن يكتب إلى ولديه: أن
تُسلِّما الحصنَيْن، وإلّا قُتِلتُ. وإنّ دمي رَهْنٌ على ذلك. وهما
الرّاضي باللَّه، والمُعْتدّ باللَّه، وكانا في رُنْدَة ومارْتلة،
فنزلا بعد عهودٍ مُبْرمَة.
فأمّا المعتدّ، فعند نزوله قبض عليه القائد الواصل إليه، وأخذ كلّ
أمواله، وأمّا الآخر فقتلوه غِيلَةً. وذهبوا بالمعتمد وآلِه بعد
استئصال جميع أحواله، وعبروا بِهِ إِلى طنجة، فبقي بها أيامًا، ثُمَّ
نقلوه إلى مِكْناسَة، فتُرِك بها أشهرًا، ثمّ نقّلوه إلى مدينة أغْمات،
فبقي بها أكثر من سنتين محبوسًا. ومات. وللمعتمد مراثٍ في ولديه
اللّذين قتلوهما.
وله في حاله:
تَبَدَّلْتُ من ظِلِّ عزِّ البُنُود [3] ... بِذُلِّ الحديد وثِقْل
القُيُودِ
وكان حديدي سِنانًا ذَلِيقًا ... وعَضْبًا رَقيقًا صَقيلَ الحديد
__________
[1] الشواني: مفردها: شانية، وهي السفينة الحربية.
[2] في الأصل: «وأصيبت» .
[3] في الذخيرة: «تبدلت من عز ظل البنود» .
(33/270)
وقد صار ذاك وذا أدْهَمًا ... يَعَضُّ
بساقيَّ عَضَّ الأسُودِ [1]
وقيل: إنّ بنات المعتمد دخلن عليه السّجنَ في يوم عيدٍ، وكُنَّ يغْزِلن
للنّاس بالأُجرة في أغْمات، فرآهنّ في أطمارٍ رثَّةٍ، فَصَدَعْنَ قلبه،
فقال:
فيما مضى كنتَ بالأعياد مسرورًا ... فساءك [2] العيدُ في أَغْماتَ
مأسورا
ترى بناتِك في الأطمار جائعةً ... يغزلن للناس لا [3] يملكن قِطْميرا
بَرَزْنَ نحوك للتّسليم خاشعةً ... أبصارهُنَّ حسيراتٍ مَكَاسيرا
يَطَأْنَ في الطِّين والأقدامُ حافيةٌ، ... كأنّها لم تَطَأَ مِسْكًا
وكافورا
من بات بعدَكَ في مُلْكٍ يُسَرُّ به ... فإنّما بات بالأحلام مسرورا
[4]
ودخل عليه ولده أبو هاشم، والقيود قد عضّت بساقيه، فقال:
قَيْدي، أما تَعْلَمُني مُسْلمًا ... أبيتَ أن تُشْفق أو تَرْحما
دمي شرابٌ لك، واللّحم قد ... أكلْتَه، لا تهشم الأعظُما
يُبصرني فيك أبو هاشمٍ ... فينثني، والقلب قد هُشِّما
ارْحم طُفَيْلًا طائشًا لُبُّه ... لم تَخشَ [5] أن يأتيك مسترحما
وارحم أُخَيّاتٍ له مثله ... جرّعتهُنَّ السُّمّ والعَلْقَما [6]
وللمعتمد، وقد أُحيط به:
لمّا تماسكتِ الدّموعُ ... وتَنَهْنَهَ [7] القلب الصّديع
__________
[1] الأبيات في ديوان المعتمد بن عبّاد 94، والذخيرة، قسم 2 مجلد 1/
75، ووفيات الأعيان 5/ 32، وسير أعلام النبلاء 19/ 64، والوافي
بالوفيات 3/ 186، ونفح الطيب 4/ 214.
[2] في المختصر في أخبار البشر 2/ 207 «فجاءك» ، ومثله في تاريخ ابن
الوردي 2/ 8.
[3] في المختصر: «ما» ، ومثله في تاريخ ابن الوردي.
[4] في المختصر: «مغرورا» ومثله في تاريخ ابن الوردي، ووفيات الأعيان.
والأبيات في: ديوان المعتمد 100، والقلائد 25، والذخيرة ق 2 مجلد 73،
والكامل في التاريخ 10/ 249، ووفيات الأعيان 5/ 35، 36، والمختصر في
أخبار البشر 2/ 207، 208، وسير أعلام النبلاء 19/ 64، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 16، والوافي بالوفيات 3/ 186، ومرآة الجنان 3/ 148، بحذف بعض
الأبيات.
[5] في وفيات الأعيان: «يخشى» ، وكذا في: الوافي بالوفيات.
[6] الأبيات في ديوان المعتمد 112، ووفيات الأعيان 5/ 36، والوافي
بالوفيات 3/ 186.
[7] في الحلّة السيراء: «تنبّه» .
(33/271)
قالوا: الخضوعُ سياسةٌ ... فَلْيَبْدُ منك
لهم خُضُوع
وألذُّ من طَعْم الخُضُوع ... على فمي السّمُّ النّقِيعُ
إن تَسْتَلِبْ عنِّي الدُّنَا [1] ... مّلْكي وتُسْلِمُني الْجُمُوعُ
فالقلبُ بين ضُلُوعِهِ ... لم تُسّلِمِ القلبَ الضُّلُوعُ
قد رُمْتُ يوم نِزَالِهم ... أنْ لا تحصِّنني الدُّرُوعُ
وبرزت ليس سوى قميص ... [2] عن الحشَى شيءٌ دَفُوعُ
أجَليَ تأخّر، لم يكُنْ ... بِهَوَايَ ذُلِّي والخُضُوعُ [3]
ما سِرتُ قطُّ إلى القتال ... [4] وكان في [5] أملي الرجوعُ
شِيَمُ الأُولَى أنا منهمُ ... والأصل تتْبعهُ الفروعُ [6]
ولأبي بكر محمد بن اللّبّانة الدّانيّ فيه قصائد سائرة، وكان منقطعًا
إليه، من ذلك:
لكلّ شيءٍ من الأشياء ميقاتُ ... وللمُنى من مناياهنّ غاياتُ
والدّهر في صِيغة الحِرْباء منغمسٌ ... ألوانُ حالاته فيها استحالاتُ
ونحن من لعب الشّطرنج في يده ... ورُبّما قُمِرت بالبَيْدق الشّاةُ [7]
أنفض يديك من الدّنيا وساكِنها ... فالأرضُ قد أقْفرتْ والنّاسُ قد
ماتوا
وقُلْ لعالَمِها الأرضيّ: قد كَتَمتْ ... سريرةَ العالَمِ العُلْويِّ
أَغْماتُ
وهي طويلة.
وله فيه قصائد طنّانة، هي:
تنشَّق رياحينَ السّلامِ فإنّما ... أفضّ [8] بها مسكا عليك مختّما
__________
[1] في الديوان: «إن يسلب القوم العدا» .
[2] في الديوان، والحلّة: «القميص» .
[3] هكذا في الأصل. وفي الديوان، والحلّة: «والخشوع» ، وهو أصحّ.
[4] في الديوان، والحلّة: «الكماة» .
[5] في الديوان، والحلّة: «من» .
[6] الأبيات في الديوان، والحلّة السيراء 2/ 65، 66، وبنو عبّاد 1/
303، 304.
[7] في الأصل: «الشات» . والمثبت هو الصحيح، ويقصد: «الشاه» أي الملك
في الشطرنج.
وحتى هنا في: المختصر في أخبار البشر 2/ 207 وفي أبيات أخرى منها لم
يذكرها المؤلّف هنا، ومثله في تاريخ ابن الوردي 2/ 8، ووفيات الأعيان
5/ 32، وقلائد العقيان 19، وشرح لاميّة العجم 2/ 175، والوافي بالوفيات
3/ 187، وورد البيت الأول في: مرآة الجنان 3/ 147.
[8] في مرآة الجنان: «افتض» .
(33/272)
وقل لي مَجازًا إن عَدِمْتَ حقيقةً ...
بأنّك [1] في نُعْمَى فقد كنتَ مُنْعِمَا
أفكِّرُ في عصرٍ مضى لك مُشْرقًا ... فيرجعُ ضَوءُ الصُّبْح عندي
مُظْلِما
وأعْجَبُ من أُفْقِ المجَرَّةِ إذ رأى ... كُسُوفَكَ شمسًا كيف أطْلَعُ
أنْجُمَا [2]
فتاةٌ سَعَتْ للطَّعنِ حتّى تقَصَّدَتْ [3] ... وسيفٌ [4] أطال
الضَّربَ حتّى تثلَّما
بكى آلُ عَبّادٍ ولا لَمحمَّدٍ ... وأبنَائهِ صَوْبُ الغَمَامة إذ
هُمَا
صَبَاحُهُمْ كُنَّا به نَحْمَدُ السُّرَى ... فلمَّا عَدِمْنَاهُمْ
سَرَيْنَا على عَمَى [5]
وكُنّا رَعَيْنا العزَّ حولَ حِمَاهُمُ ... فقد أجْدَبَ المَرْعَى وقد
أقفر الحِمى [6]
وقد أَلْبَسَت أيْدي اللّياليَ مَحَلَّهُم ... منَاسِيجَ [7] سَدَّى
الغَيْثُ فيها وألحَمَا
قُصُورٌ خَلَتْ من ساكنيها فما بها ... سوى الأدم تمشي [8] حولَ
وَاقِفَةِ الدُّما [9]
كأنْ لم يكنْ فيها أنيسُ [10] ولا التَقَى ... بها الوفدُ جَمْعًا
والْجَميشُ [11] عَرَمْرَمَا
حكيتَ [12] وقد فارقْتَ مُلْكَكَ مالكًا ... ومِن وَلَهِي أبكي [13]
عليك مُتمَّما
تضيقُ عليَّ الأرضُ حتّى كأنّني [14] ... خُلِقْتُ وإيّاها سوارا
ومعصما
وإنّي على رسمي مقيم فإن أَمُتْ ... سأجْعلُ للباكِينَ رسْمي مَوْسِمَا
بَكَاكَ الحَيَا والرّيحُ شقَّتْ جُيُوبَها ... عليكَ وناح الرَّعْدُ
باسمِكَ معلما
__________
[1] في الذخيرة: «لعلك» .
[2] حتى هنا في: مرآة الجنان 3/ 148 مع إسقاط البيت الثاني.
[3] في نفح الطيب: «تقسّمت» .
[4] في الأصل: «وسيفا» .
[5] في الأصل: «عما» .
[6] في الأصل: «الحما» .
[7] في الأصل: «وناسج» .
[8] في السير: «يمشي» .
[9] في السير: «الدمى» ، والمثبت يتفق مع (عيون التواريخ) .
[10] في الأصل: «اليس» .
[11] هكذا في الأصل. وفي السير: «والخميس» .
[12] هكذا في الأصل. وفي السير: «فكنت» .
[13] في السير: «أحكي» ، والمثبت يتفق مع المصادر.
[14] هكذا هنا والسير. أما في المصادر «كأنما» .
(33/273)
ومُزِّق ثوبُ البَرْق واكتَسَتِ السّما [1]
... حِدَادًا وقامتْ أنْجُم اللّيل مأْتَمَا
وما [2] حلَّ بدْرُ التَّمِّ بعدَك دارَةً ... ولا أظْهَرَتْ شمس
الظَّهِيرة مبسما
سينجيك من نجّى من الجبّ يوسفا ... ويؤويك [3] من آوى المسيحَ بنَ
مرْيَمَا [4]
ثمّ إنّه وفد على المعتمد وهو في السّجن وفادةَ وفاءٍ لا استجداء، وحكى
أنّه لمّا عزم على الانفصال عنه، بعث إليه عشرين دينارًا، وتفصيلة،
وأبياتًا يعتذر فيها، قال: فَرَدَدْتُها عليه لعلمي بحاله، وأنّه لم
يترك عنده شيئًا [5] .
قال ابن خَلِّكان: [6] مولده سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. ومات في
شوّال سنة ثمان وثمانين.
قلت: وقد سمّى ابن اللّبّانة أولاد المعتمد الّذين في الحياة بأسمائهم
وألقابهم، فذكر نحوًا من ثلاثين ذكرا.
قال: وعدد بناته أربعٌ وثلاثون بنْتًا.
285- مُحَمَّد بن عَبْد الواحد [7] .
أَبُو بَكْر الأصبهاني. عُرف بخوروسْت.
شيخ مُسِن.
قال السِّلَفيّ: لم يَمُت أحدٌ من شيوخي قبله.
روى عن: أبي منصور بن مَهْرُيَرْد [8] .
286- محمد بن عثمان بن عليّ بن حسان [9] .
__________
[1] في الذخيرة، وعيون التواريخ «الدجى» ، وفي السير: «الضحى» .
[2] في المصادر: «ولا» .
[3] في الأصل: «ويؤيك» .
[4] القصيدة في: الذخيرة ق 2 مجلد 1/ 77، 78، والحلّة السيراء 2/ 33،
34، ووفيات الأعيان 5/ 33، 34، وسير أعلام النبلاء 19/ 65، 66، وعيون
التواريخ 13/ 29- 32، والوافي بالوفيات 3/ 187، 188، وثلاثة أبيات في
المرآة 3/ 148.
[5] وفيات الأعيان 5/ 34.
[6] في وفيات الأعيان 5/ 37.
[7] لم أجد مصدر ترجمته.
[8] رسمت في الأصل: «بهريرد؟» .
[9] انظر عن (محمد بن عثمان) في: المنتخب من السياق 65 رقم 132 وفيه
«صبيان» بدل
(33/274)
أبو سعيد البُسْتيّ الغازيّ القّوّاس، ابن
الأديب النَّحْويّ أبي طاهر. سمع من أصحاب الأصمّ. وكان أحد الرُّماة
المذكورين.
وتُوُفّي في ذي الحجَّة عَنْ أربعٍ وثمانين سنةٍ بنَيْسابور.
روى عنه: أبو البركات الفُرَاويّ، وأُمُّ سَلَمَة بنت عبد الغافر [1] .
287- محمد بن علي بن الحسين بن يحيى بن حميدون [2] .
القاضي أبو عبد الله الصُّوريّ.
تُوُفّي بصُور في رمضان.
288- محمد بن عليّ بن أبي عثمان [3] .
أبو الغنائم.
قال شُجاع الذُّهْليّ: تُوُفّي فيها. وقد مرّ سنة ثلاث [4] .
289- مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله [5] .
أبو عليّ الشّاذياخيّ [6] الصُّوفيّ.
حدَّث عن: أبي حسّان محمد بن أحمد المزكيّ، وأبي بكر بن الحارث، وأبي
عبد الله محمد بن إبراهيم المزكيّ.
وُلِد سنة خمس عشرة وأربعمائة. وتُوُفّي في صَفَر.
290- محمد بْن علي بْن أَبِي صالح البَغَويّ الدّبّاس [7] .
__________
[ () ] «حسان» .
[1] وقال عبد الغافر الفارسيّ: «ثقة من أستاذي الرهاء له قدم في تلك
الصنعة.. كان مولده في صفر سنة أربع وأربعمائة» .
[2] انظر عن (محمد بن علي بن الحسين) في: تاريخ دمشق (مخطوطة
التيمورية) 38/ 573.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم يذكره في وفيات تلك السنة.
[5] انظر عن (محمد بن علي الشاذياخي) في: المنتخب من السياق 68 رقم
143.
[6] في المنتخب تصحفت إلى «الديشاذي» ، والمثبت هو الصحيح، و
«الشاذياخي» : بفتح الشين المعجمة، والذال المعجمة الساكنة، والياء
المفتوحة المنقوطة باثنتين من تحتها بين الألفين، وفي آخرها الجيم. هذه
النسبة إلى موضعين، أحدهما إلى باب نيسابور. مثل قرية متصلة بالبلد.
(الأنساب 7/ 240، 241) وقد ضبط ياقوت الذال بالكسر.
[7] انظر عن (محمد بن علي الدبّاس) في: الأنساب 2/ 256، 257، والتقييد
لابن نقطة 92،
(33/275)
سمع: الجراحيّ، ومسعود بن محمد البِغِويّ،
وعليّ بن أحمد الإسْتِراباذيّ [1] وغيرهم.
وهو آخر من روى «جامع» التِّرْمِذِيّ بِعُلُوّ.
روى عنه: ابنه عثمان، وأبو الفتح محمد بن عبد الله الشّيرازيّ، وأحمد
بن ياسر المقرئ، وأبو الفتح محمد بن أبي عليّ، ومحمد بن عبد الرحمن
الحمدوييّ [2] ، وآخرون كثرون.
وتُوُفّي ببغشُور [3] في ذي القعدة.
وكان من الفقهاء.
عاش ثمانيا وثمانين. وكنْيته أبو سعيد.
291- محمد بن المظفّر بن بكران بن عبد الصّمد [4] .
العلّامة قاضي القُضاة أبو بكر الشّاميّ الحمويّ الفقيه الشّافعيّ. ولد
__________
[93] رقم 95، والإعلام بوفيات الأعلام 201، وسير أعلام النبلاء 19/ 5،
6 رقم 1، والعبر 3/ 322، وعيون التواريخ 13/ 51.
[1] الإستراباذي: بكسر الهمزة والتاء، وسكون السين. نسبة إلى بلدة
أستراباذ من أعمال طبرستان. (الأنساب 1/ 214) وتابعه ابن الأثير في
«اللباب» .
أما ياقوت فضبطها بفتح الألف والتاء.
[2] في الأصل: «الحمدونيّ» . والصحيح ما أثبتناه، بفتح الحاء وسكون
الميم وضم الدال، نسبة إلى حمدويه، اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] بغشور: بليدة بين هراة ومروالرّوذ من بلاد خراسان، والنسبة إليها
بغوي على غير قياس.
(الأنساب 2/ 254، معجم البلدان 1/ 467) وانظر: شرح السّنّة للبغوي 1/
20.
وتحرّف اسمها في (شذرات الذهب) إلى «بشفور» .
[4] انظر عن (محمد بن المظفّر) في: الأنساب 4/ 229، والمنتظم 9/ 94- 96
رقم 132 (17/ 27- 29 رقم 3653) ، ومعجم البلدان 2/ 301، واللباب 1/
391، والكامل في التاريخ 10/ 253، والروضتين ج 1 ق 1/ 71، وطبقات
الصلاح (مخطوط) ورق 24 ب، والعبر 3/ 322، 333، ودول الإسلام 2/ 17،
والإعلام بوفيات الأعلام 201، وسير أعلام النبلاء 19/ 85- 88 رقم 47،
وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 51، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/
83، وطبقات الشافعية الوسطى، له (مخطوط) ورقة 120 ب، ومرآة الجنان 3/
148، 149، والبداية والنهاية 12/ 151، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 59،
96، والوافي بالوفيات 5/ 34، 35، وتاج التراجم لابن قطلوبغا 50، وطبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 279، 280 رقم 238، وكشف الظنون 1/ 264،
وشذرات الذهب 3/ 391، 392، وهدية العارفين 2/ 76، وإيضاح المكنون 1/
206، ومعجم المؤلفين 10/ 38.
(33/276)
بحماه سنة أربعمائة، ورحل إلى بغداد
شابًّا، فسكنها وتفقّه بها.
وسمع الحديث من: عثمان بن دُوَسّت، وأبي القاسم بن بشْران، وأبي طالب
بن غَيْلان، وأبي محمد الخلّال، وأبي الحسن العتيقيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو القاسم بن السمرقندي، وإسماعيل بن محمد الحافظ، وهبه الله
بن طاوس المقرئ.
وكان دخوله بغداد في سنة عشرين.
قال السّمعانيّ: هو أحد المتقنين لمذهب الشّافعيّ، وله اطّلاع على
أسرار الفقه. وكان ورِعًا زاهدًا متَّقيا. وجَرَت أحكامه على السَّداد.
ولي قضاء القُضاة ببغداد بعد موت أبي عبد الله الدّامغانيّ سنة ثمانٍ
وسبعين، إلى أن تغيّر عليه المقتدي باللَّه لأمر، فمنع الشُّهُود من
حضور مجلسه مدّةً، فكان يقول: ما أنعزِل ما لم يتحقَّقوا عليِّ
الفِسْق.
ثمّ إنّ الخليفة خلع عليه، واستقام أمره [1] .
وسمعت الفقيه أحمد بن عبد الله بن الأبنوسيّ يقول: جاء أمير إلى قاضي
القُضاة الشّاميّ، فادّعى شيئًا، فقال: بيّنتي فلان والمشطّب [2]
الفَرَغانيّ الفقيه.
فقال: لا أقبل شهادة المشطّب، لأنّه يلبس الحرير.
فقال: السّلطان ملك شاه ووزيره نظام المُلْك يَلْبَسانه.
فقال: ولو شهِدا عندي ما قَبِلتُ شهادتهما أيضًا [3] .
وقال ابن النّجّار: كان رحمه الله قد تفقّه على أبي الطّيّب الطّبريّ،
وكان يحْفظ تعليقته. وولي قضاء القُضاة، وأبى أن يأخذ على القضاء
رِزْقًا. ولم يغيّر مأكَلَه ولا مَلْبَسه، ولا استناب أحدًا في القضاء.
وكان يسوّي بين الشّريف والوضيع في الحُكْم، ويقيم جاه الشَّرْع. فكان
هذا سبب انقلاب الأكابر عنه، فألصقوا به ما كان منه بريًّا من أحاديث
ملفّقة، ومعاييب مزوّرة.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 19/ 85، 86، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/
83.
[2] تقدّمت ترجمته في وفيات سنة 486 هـ. برقم (2: 2) .
[3] في المنتظم: «ولو شهدوا عندي في باقة بقل، ما قبلت شهادتهما» .
وانظر: الكامل في التاريخ 10/ 253، وطبقات الشافعية الكبرى 3/ 83.
(33/277)
وصنَّف كتاب «البيان عن أُصول الدّين» .
وكان على طريقة السَّلَف، ورِعًا نَزِهًا.
وأنبأنا أبو اليُمْن الكِنْديّ أنّ أحمد بن عبد الله بن الآبنوسيّ
أخبره قال: كان لقاضي القُضاة الشّاميّ كِيسان، أحدهما يجعل فيه
عمامته، وهي كتّان، وقميصًا من القطْن الحَسَن، فإذا خرج لبسهما.
والكيس الآخر، فيه فتيت، فإذا أراد الأكل جعل. منه في قصْعة، وجعل فيه
قليلًا من الماء، وأكل منه [1] .
وكان له كادك في الشّهر بدينار ونصف، كان يقتات منه. فلمّا ولي القضاء
جاء إنسان فدفع فيه أربعة دنانير، فأبى، وقال: لا أغيّر ساكني. وقد
ارتبتُ بك، لِمَ لا كانت هذه الزّيادة مِن قِبل القضاء؟ وكان يشدّ في
وسَطِه مِئْزرًا، ويخلع في بيته ثيابه، ويجلس.
وكان يقول: ما دخلتُ في القضاء حتّى وجب عليّ، وأعصي إن لم أقبله [2] .
وكان طُلّاب المنصب قد كثُروا، حتّى أنّ أبا محمد التّميميّ بذل فيه
ذهبًا كثيرًا، فلم يُجب.
وقال [ابن] [3] الجوزيّ: لمّا مات الدّامغانيّ سنة ثمانٍ وسبعين أشار
الوزير أبو شجاع على الخليفة [4] أن يولّيه القضاء، فامتنع، فما زالوا
به حتّى تقلَّده، وشرط أن لا يأخذ رزقًا، ولا يقبل شفاعة، ولا يغيّر
ملبوسه، فأجيب إلى ذلك، فلم يتغيّر حاله، بل كان في القضاء كما كان
قبله رحمه الله [5] .
__________
[1] سير أعلام النبلاء 19/ 87، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 83.
[2] سير أعلام النبلاء 19/ 87، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 83.
[3] في الأصل: «سبط الجوزي» . والتصحيح من: المنتظم 9/ 94، 95 (17/ 27)
.
[4] هو المقتدي باللَّه.
[5] زاد ابن الجوزي: «فلما أقام الحق نفرت عنه قلوب المبطلين، ولفّقوا
له معايب لم يلصق به منها شيء، وكان غاية تأثيرها أنه سخط عليه
الخليفة، ومنع الشهود من إتيان مجلسه، وأشاع عزله فقال: لم يطر عليّ
فسق أستحق به العزل، فبقي كذلك سنتين وشهورا، وأذن لأبي عبد الله محمد
بن عبيد الله الدامغانيّ في سماع البيّنة، فنفذ من العسكر بأن الخبر قد
وصل إلينا أن الديوان قد استغنى عن ابن بكران، ونحن بنا حاجة إليه،
فيسرّح إلينا، فرفع الإمساك عنه، ثم صلح رأي الخليفة فيه، وأذن للشهود
في العود إلى مجلسه، فاستقامت أموره.
وحمل إليه يهودي جحد مسلما ثيابا ادّعاها عليه، فأمر ببطحه وضربه فعوقب
فأقرّ، فعاقبه الوزير
(33/278)
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: سَمِعْتُ
عَبْدَ الْوَهَّابِ الْأَنْمَاطِيَّ يَقُولُ: كَانَ قَاضِي الْقُضَاةِ
الشَّامِيُّ حَسَنَ الطَّرِيقَةِ، مَا كَانَ يَتَبَسَّمُ فِي
مَجْلِسِهِ، وَيَقْعُدُ مُعْبِسًا، فَلَمَّا مُنِعَتِ الشُّهُودُ مِنْ
حُضُورِ مَجْلِسِهِ، وَقَعَدَ فِي بَيْتِهِ، نَفَّدَ إِلَيْهِ
الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ الْقَزْوِينِيُّ الْمُعْتَزَلِيُّ: [1] مَا
عَزَلَكَ الْخَلِيفَةُ، إِنَّمَا عَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: كَيْفَ ذَلِكَ؟.
قَالَ: لِأَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ
وَهُوَ غَضْبَانُ» [2] . وَأَنْتَ طُولُ عُمْرِكَ غَضْبَانُ.
وقال محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ: كان حافظًا لتعليقة أبي الطّيّب،
كأنّها بين عينيه، لم يقبل من سلطانٍ عطيّةً، ولا من صديقٍ هديّة. وكان
يُعاب الحِدّة وسوء الخلق [3] .
__________
[ () ] أبو شجاع على ذلك، واغتنم أعداؤه الفرصة في ذلك، فصنّف أبو بكر
الشاشي كتابا في الردّ عليه سمّاه «الردّ على من حكم بالفراسة وحقّقها
بالضرب والعقوبة» ، وقال إن الّذي فعله له وجه ومستند من كلام
الشافعيّ» . (المنتظم) .
[1] عبد السلام بن محمد بن يوسف القزويني الّذي تقدّمت ترجمته في وفيات
هذه السنة، برقم (272) .
[2] أخرج الترمذي في الأحكام (1349) باب ما جاء لا يقضي القاضي وهو
غضبان، من طريق عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: كتب
أبي إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض، أن لا تحكم بين اثنين وأنت
غضبان، فإنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقول: «لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان» . هذا حديث حسن
صحيح. وأبو بكرة اسمه نفيع.
[3] وقال أبو الوفاء بن عقيل: أخذ قوم يعيبون على الشامي ويقولون: كان
يقضي بالفراسة ويواقعه، فضرب كرديّا حتى قرّ بمال أخذه غصبا، وكان ضربه
بجريدة من نخلة داره، فقلت: أعرف دينه وأمانته، ما كان ذلك بالفراسة،
لكن بأمارات، وإذا تأمّلتم الشرع وجدتم أنه يجوز التعويل على مثلها،
فإنه إذا رأى صاحب كلالجات ورعونة يقال إنه رجم سطحا لأجل طائر، فكسر
جرّة، وكان عنده خبر أنه يلعب بالطيور. فقال: بل هذا الشيخ رجم. وقد
ذهب مالك إلى التوصل إلى الإقرار بما يراه الحاكم على ما حكاه بعض
الفقهاء، وذلك يستند إلى قوله إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ من قُبُلٍ 12:
26 (سورة يوسف، الآية: 26) ومن حكمنا بعقد الأزج، وكثرة الخشب، ومعاقد
القمط، وما يصلح للمرأة وما يصلح للرجل، والدباغ والعطار إذا تخاصما في
جلد، وهل اللوث في القسامة إلى نحو هذا.
وحمل يوما إلى دار السلطان ليحكم في حادثة، فشهد عنده المشطّب بن محمد
بن أسامة الفرغاني الإمام، وكان فقيها من فحول المناظرين، فردّ شهادته.
فقال: ما أدري لأيّ علّة ردّ شهادتي، فقال الشامي: قولوا له: كنت أظنّ
أنك عالم فاسق، والآن أنت جاهل فاسق، أما تعلم أنك تفسق باستعمال
الذهب؟ (المنتظم) .
(33/279)
وقال أبو عليّ بن سُكَّرَة: ورِعٌ زاهِدٌ،
وأمّا العِلْم فكان يقال: لو رُفِع مذهب الشّافعيّ أمكنه أن يُمْليه من
صدْرِه [1] .
علّق عنه القاضي أبو الوليد الباجيّ.
قال عبد الوهّاب الأنْماطيّ: كان قاضي القُضاة الشّاميّ حسَن الطّريقة،
ما كان يتبسّم في مجلس قضائه [2] .
قال السّمعانيّ: تُوُفّي في عاشر شعبان، ودُفِن في تُربةٍ له عند أبي
العبّاس بن سُرَيْج. وله ثمانيةٌ وثمانون عاما.
292- محمد بن أبي نصر فتُّوح بن عبد الله بن فتُّوح بن حُمَيْد بن يصل
[3] .
الحافظ أبو عبد الله الأزْديّ الحُمَيْديّ الأندلسيّ الميورقيّ.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 19/ 87، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 83،
طبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 95، عيون التواريخ 13/ 51.
[2] سير أعلام النبلاء 19/ 87، طبقات الشافعية الكبرى 3/ 83.
[3] انظر عن (محمد بن أبي نصر) في: الإكمال لابن ماكولا 7/ 215،
والأنساب 4/ 233، والمنتظم 9/ 96 رقم 133 (17/ 29 رقم 3654) ، وفهرسة
ما رواه عن شيوخه لابن خير 226، 227، 400، 585، 511، 517، 520، 526،
535، 536، والصلة لابن بشكوال 2/ 560، 561 رقم 1230، وبغية الملتمس
للضبّي 123، 124، ومعجم الأدباء 18/ 282- 286، والكامل في التاريخ 10/
254، واللباب 1/ 392، والتقييد لابن نقطة 101، 102 رقم 107، والروضتين
ج 1 ق 1/ 72، ووفيات الأعيان 4/ 282، والحلّة السيراء (انظر فهرس
الأعلام) 2/ 410، ورحلة التجاني 79، والمختصر في أخبار البشر 2/ 208،
والمعين في طبقات المحدّثين 142 رقم 1554، والإعلام بوفيات الأعلام
201، وسير أعلام النبلاء 19/ 120- 167 رقم 63، ودول الإسلام 2/ 18،
وفيه: «محمد بن نصر» ، والعبر 3/ 323، وتذكرة الحفاظ 4/ 1218- 1222،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 8، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد للدمياطي 34- 36
رقم 26، ومرآة الجنان 3/ 149، والوافي بالوفيات 4/ 317، 318، والبداية
والنهاية 12/ 152، والنجوم الزاهرة 5/ 156، وطبقات الحفاظ 447، ومفتاح
السعادة 2/ 140، ونفح الطيب 2/ 112- 115، وكشف الظنون 252، 385، 581،
وشذرات الذهب 3/ 392، وإيضاح المكنون 1/ 124، والرسالة المستطرفة 173،
وشجرة النور الزكية 1/ 122 رقم 350، وديوان الإسلام 2/ 174 رقم 795،
والأعلام 6/ 327، ومعجم المؤلفين 11/ 121، ومقدّمة كتابه: جذوة المقتبس
لمحمد الطنجي، ومقدّمة طبعة دار إحياء التراث بمصر (هـ- 4) ، وموسوعة
علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 325، 326 رقم 1566، ومدرسة
الحديث في القيروان 2/ 752، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 170 رقم
100.
(33/280)
ومَيُورقة جزيرة قريبة من الأندلس.
سمع بالأندلس، ومصر، والشّام، والحجاز، وبغداد واستوطنها.
وكان من كبار أصحاب أبي محمد بن حزْم الفقيه.
قال: ولدت قبل العشرين وأربعمائة.
سمع: ابن حزْم، وأخذ عنه أكثر كُتُبه، وأبا العبّاس أحمد بن عمر
العُذْريّ، وأبا عمر بن عبد البَرّ.
ورحل سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، فسمع بإفريقيّة كثيرًا، ولقي كريمة
[1] بمكّة.
وسمع بمصر: القاضي أبا عبد الله القضاعي، وعبد العزيز بن الضّرّاب،
وابن بقاء الورّاق، والحافظ أبا زكريّا البخاريّ.
وبدمشق: أبا القاسم الحسين الحِنائيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبا بكر
الخطيب.
وببغداد: ابا الغنائم بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي باللَّه،
والطّبقة.
وبواسط: أبا غالب بن بشْران اللُّغَويّ.
ولم يزل يسمع ويُكْثِر حتّى كتب عن أصحاب الجوهريّ.
روى عنه: شيخه الخطيب في مصنَّفاته، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو عليّ بن
سُكَّرَة، وأبو الحَسَن بن سَرْحان، وأبو بكر بن طَرْخَان، وهبة الله
بن الأكفانيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، والحافظ إسماعيل بن
محمد، وصدّيق بن عثمان التِّبْريزيّ، وأبو إسحاق الغَنَويّ، وأبو الفضل
محمد بن ناصر، وطائفة آخرهم أبو الفتح بن البطّيّ.
سمع الكثير ورحل وتعب. وكان من كبار الحفّاظ.
كان ثقة، متديّنا، بصيرًا بالحديث، عارفًا بفنونه، خبيرًا بالرجال، لا
سيما بأهل الأندلس وأخبارها، مليح النَّظر، حَسَن النِّغْمة في قراءة
الحديث، صيِّنًا ورِعًا، جيّد المشاركة في العلوم.
__________
[1] هي كريمة المروزية، وقد لقيها في أول رحلته. (تذكرة الحفاظ 4/
1218) .
(33/281)
وكان ظاهريّ المذهب، ويُسِرّ ذلك بعض الشيء
[1] .
قال ابن طَرْخَان: سمعتُه يقول: كنت أحمَل للسّماع على الكتف سنة خمس
وعشرين وأربعمائة، وأوّل ما سمعتُ من الفقيه أبي القاسم أَصْبَغ بن
راشد. وكنتُ أفهم ما يُقرأ عليه. وكان ممّن تفقّه على أبي محمد بن أبي
زيد.
وأَصْلُ أبي من قُرْطُبة، من محلَّةٍ يُقال لها الرّصافة، وسكن جزيرة
ميورقة، وبها ولدت [2] .
قال يحيى بن البنّاء: كان الحُمَيْديّ مِن حِرصه واجتهاده ينسخ باللّيل
في الحَرّ، فكان يجلس في إجّانة [3] ماءٍ يتبرّد به.
وقال الحسين بن محمد بن خسْرُو: جاء أبو بكر بن ميمون، فدّق على
الحُمَيْديّ، وظنّ أنّه قد أُذِن له فدخل، فوجده مكشوف الفخذ، فبكى
الحُمَيْديّ وقال: والله لقد نظرت إلى موضعٍ لم ينظره أحدٌ منذ عَقَلْت
[4] .
وقال ابن ماكولا: لم أرَ مثل صديقنا الحُمَيْديّ في نزاهته وعفّته
وورعه وتشاغله بالعلم. صنَّف تاريخًا للأندلس [5] .
وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر محمد بن سعدون العبديّ، عن الحُمَيْديّ
فقال: لا يُرى قطٌّ مثله، وعن مثله يسأل! جمع بين الفقه والحديث
والأدب، ورأى علماء الأندلس. وكان حافظًا.
قلت: لقي حفّاظ العصر ابن عبد البَرّ، وابن حَزْم، والخطيب، والحبّال.
وقال يحيى بن إبراهيم السّلماسيّ: قال أبي: لم تَرَ عينايَ مثل
الحُمَيْديّ في فضله ونُبْله وغزارة عِلْمه وحرْصه على نشر العلم.
__________
[1] تذكرة الحفاظ 4/ 1221.
[2] سير أعلام النبلاء 19/ 122.
[3] الإجّانة: بكسر الألف وتشديد الجيم. وعاء يغسل فيه الثياب.
[4] تذكرة الحفاظ 4/ 1219.
[5] هو كتاب «جذوة المقتبس» ، وقد طبع أكثر من مرّة. والخبر في: الصلة
2/ 560. وقال أبو الفداء: «وله تاريخ كرّاسة واحدة أو كرّاستان، ختمه
بخلافة المقتدي» . (المختصر في أخبار البشر 2/ 208) .
(33/282)
قال: وكان ورِعًا تقيًّا إمامًا في الحديث
وعِلَله ورُواته، متحقّقًا في علم التّحقيق والأصول على مذهب أصحاب
الحديث، بموافقة الكتاب والسُّنّة، فصيح العبارة، متبحِّرًا في علم
الأدب والعربيّة والتّرسّل. وله كتاب «الجمع بين الصّحيحين» [1] ، و
«تاريخ الأندلس» ، و «جمل تاريخ الإسلام» ، وكتاب «الذَّهَب المسبوك في
وعظ الملوك» ، وكتاب في التَّرسُّل [2] ، وكتاب «مخاطبات الأصدقاء» [3]
، وكتاب ما جاء من الآثار في حفظ الجار» ، وكتاب «ذمّ النّميمة» [4] .
وله شِعرٌ رَصِينٌ في المواعظ والأمثال.
قلت: وقد جاء عن الحُمَيْديّ أنّه قال: صيّرني «الشّهاب» شهابًا. وكان
يُسمع عليه كثيرًا، عن مصنّفه القُضَاعيّ.
وقال ابن سُكَّرَة: كان يدلّني على المشايخ، وكان متقلّلًا من الدّنيا،
يموّنه ابن رئيس الرّؤساء. ثمّ جَرَت لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه.
وكان يبيت عند ابن رئيس الرّؤساء كلّ ليلة.
وحدَّثني أبو بكر ابن الخاضبة أنّه لم يسمعه يذكر الدّنيا قطّ [5] .
وقال أبو بكر بن طرْخان: سمعت أبا عبد الله الحُمَيْديّ يقول: ثلاثة
كُتُب من علوم الحديث يجب تقديم الهِمم بها: كتاب «العلل» وأحسن كتاب
وضع فيه كتاب الدّار الدَّارَقُطْنيّ، وكتاب «المؤتلف والمختلف» وأحسن
كتاب وُضِع فيه كتاب الأمير ابن ماكولا [6] ، وكتاب «وَفَيات الشّيوخ»
وليس فيه كتاب، وقد كنت أردت أن اجمع في ذلك كتابًا، فقال لي الأمير:
رتَّبه على حروف المُعْجَم، بعد أن ترتّبه على السّنين [7] .
__________
[1] سمّاه الدمياطيّ: «تجريد الصحيحين للبخاريّ ومسلم والجمع بينهما» .
(المستفاد 35) .
[2] هو: «تسهيل السبيل إلى علم الترسيل» كما في: المستفاد من ذيل تاريخ
بغداد 35.
[3] في الوافي بالوفيات 4/ 317: «كتاب ترسّل مخاطبات الأصدقاء» .
[4] وله أيضا: «المتشاكه في أسماء الفواكه» ، و «نوادر الأطباء» ، و
«تفسير غريب ما في الصحيحين» و «بلغة المستعجل» ، و «التذكرة» ، و
«الأماني الصادقة» ، و «نخبة المشتاق في ذكر صوفية العراق» ، و «وفيات
الشيوخ» و «ديوان شعره» ، وله كتب أخرى تعتبر مفقودة.
[5] الصلة 2/ 560.
[6] كتاب الإكمال.
[7] الصلة لابن بشكوال 2/ 561، معجم الأدباء 18/ 284.
(33/283)
قال ابن طرْخان: فشغله عنه الصّحيحان، إلى
أن مات [1] .
قلت: قد فتح الله بكتابنا هذا، يسّر الله إتمامه، ونفع به، وجعله
خالصًا من الرّياء والرّئاسة [2] .
وقد قال الحُمَيْديّ في «تاريخ الأندلس» : أنا [3] عمر بن عبد البَرّ،
أنا أبو محمد عبد الله بن محمد الْجُهَنيّ، بمصنّف أبي عبد الرحمن أحمد
بن شعيب النَّسَائيّ، قراءةً عليه، عن حمزة بن محمد الكنَانيّ، عن
النَّسَائيّ.
وللحُمَيْديْ رحمه الله تعالى:
كتابُ الله عزّ وجلّ قَولي ... وما صحَّتْ به الآثارُ دِيني
وما اتّفق الجميعُ عليه بَدْءًا ... وعَودًا فهو عن حقٍّ مُبينِ
فَدَعْ ما صَدَّ عن هذا وخُذْها ... تكُنْ منها على عين اليقينِ [4]
وقال القاضي عياض: محمد بْن أَبِي نصر أبو عَبْد الله الأزْديّ
الأندلسيّ، سمع بمَيُورْقَة من أبي محمد بن حَزْم قديمًا. وكان يتعصَّب
له، ويميل إلى قوله.
وكانت قد أصابته فيه فتنة، ولمّا شُدِّد على ابن حَزْم وأصحابه خرج
الحُمَيْديّ إلى المشرق [5] .
ومن شِعْره:
طريقُ الزُّهْد أفضلُ ما طريق ... وتَقْوَى الله تأديةُ الحقوقِ
فثِقْ باللَّه يكْفِكَ واسْتَعِنْهُ ... يُعِنْكَ ودَعْ [6] بنيّات
الطّريق [7]
وله:
__________
[1] الصلة 2/ 561.
[2] ويقول طالب العلم وخادمه محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري»
: قد فتح الله عليّ بتحقيق ما تقدّم من هذا الكتاب الجليل إلى هنا،
وأسأله تعالى أن ييسّر لي إنجازه والانتفاع به، ويجعل عملي فيه خالصا
من الرياء والسّمعة.
[3] اختصار: «أخبرنا» .
[4] الأبيات في: معجم الأدباء 18/ 285، وسير أعلام النبلاء 19/ 127،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1222، ونفح الطيب 2/ 115.
[5] تذكرة الحفاظ 4/ 1220.
[6] في السير ونفح الطيب: «وذر» .
[7] البيتان في: سير أعلام النبلاء 19/ 127، وتذكرة الحفاظ 4/ 1222،
ونفح الطيب 2/ 115.
(33/284)
لقاء النّاس ليس يُفيدُ شيئًا ... سوى
الهَذَيان من قيلٍ وقالِ
فاقْللْ من لقاءِ النّاس إلّا ... لأخْذِ العلمِ أو إصلاح حالِ [1]
قال السّمعانيّ: روى لنا عنه: يوسف بن أيّوب الهَمَذَانيّ، وإسماعيل
الحافظ، ومحمد بن عليّ الحلابيّ، والحسين بن الحسن المقدسيّ، وغيرهم.
وتُوُفّي في سابع عشر ذي الحجّة، ودُفِن بمقبرة باب أبْرَز بالقرب من
قبر الشّيخ أبي إسحاق الشّيرازيّ، وصلّى عليه الفقيه أبو بكر الشّاشيّ
بجامع القصر. ثمّ نُقِل في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى مقبرة باب
حرب، ودُفِن عند قبر بِشْر الحافي.
ونقل ابن عساكر في «تاريخه» إنّ الحُمَيْديّ أوصى إلى الأجلّ مظفّر ابن
رئيس الرّؤساء أن يُدْفن عند بِشْر بن الحارث، فخالف وصيّته، فلمّا كان
بعد مدّة رآه في النّوم يُعاتبه على ذلك، فنقله في صَفَر سنة إحدى
وتسعين [2] ، وكان كَفَنَه جديدًا، وبدنه طَرِيًّا، يفُوح منه رائحة
الطِّيب.
ووقفَ كُتُبَه رحمه الله [3] .
وقع لنا «تذكرة الحميديّ» بعلوّ [4] .
__________
[1] البيتان في: الصلة 2/ 561، ومعجم الأدباء 18/ 286، ووفيات الأعيان
4/ 283، وتذكرة الحفاظ 4/ 1222، وسير أعلام النبلاء 19/ 127، ومرآة
الجنان 3/ 149، والوافي بالوفيات 4/ 318 وفيه «الصلاح» ، ونفح الطيب 2/
114.
[2] التقييد لابن نقطة 102.
[3] المنتظم 9/ 96 (17/ 29) ، معجم الأدباء 18/ 284.
[4] ومن شعره:
كل من قال في الصحابة سوءا ... فاتّهمه في نفسه وأبيه
وأحقّ الأنام بالعدل من لم ... ينتقصهم بمنطق من فيه
وإذا القلب كان بالودّ فيهم ... دلّ أنّ الهدى تكامل فيه
وقال:
من لم يكن للعلم عند فنائه ... أرج فإنّ بقاءه كفنائه
بالعلم يحيى المرء طول حياته ... وإذا انقضى أحياه حسن ثنائه
(الوافي بالوفيات 4/ 318) .
و «أقول» : نزل الحميدي صيدا فسمع بها من أبي الحسين عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن المخ الوكيل الصيداوي. (الإكمال
7/ 215) .
(33/285)
293- محمد بن محمد بن جُمَاهر [1] .
أبو بكر الحَجْريّ الطُّلَيْطُلِيّ.
روى عن: عمّه جُماهر، وقاسم بن هلال، وأبي عمر بن سُميْق.
وحجّ [2] ، وسمع من: أبي العبّاس بن نفيس، والقُضَاعيّ.
وكان شديد العناية بالسّماع، وليس عنده كبير علم.
ورّخه ابن بَشْكُوال.
294- محمد بن منصور بن عمر [3] .
أبو بكر الكَرْخيّ، الفقيه الشّافعيّ.
والد أبي البدر إبراهيم الكرْخيّ.
فقيه صالح، سمع: أبا الحسن بن مَخْلَد، وأبا علي بن شاذان.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنْماطيّ.
تُوُفي في جُمَادى الأولى.
295- موسى بن محمد بن موسى [4] .
أبو عِمران الأصبهاني، ثمّ البغداديّ المؤدّب.
سمع: عبد الملك بن بِشْران، وغيره.
روى عنه: أبو غالب بن البنّاء، وابنه سعيد بن البنّاء.
- حرف النون-
296- نجيب بن ميمون بن سهل بن عليّ [5] .
أبو سهل الواسطيّ، ثمّ الهَرَويّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 561، 562 رقم
1231.
[2] سنة 452 هـ.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (نجيب بن ميمون) في: المنتخب من السياق 470 رقم 1603،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 93 ب، والتقييد لابن نقطة 470 رقم
634، والمعين في طبقات المحدّثين 142 رقم 1556، وتذكرة الحفاظ 4/ 1209،
والإعلام بوفيات الأعلام 201، وسير أعلام النبلاء 19/ 36، 37 رقم 23،
والعبر 3/ 324، وعيون التواريخ 13/ 51، وشذرات الذهب 3/ 392 وفيه:
«محبب» وهو تحريف.
(33/286)
سكن أبوه هَرَاة.
وسمع نجيب من: والده، ومن: أبي عليّ منصور بن عبد الله الخالديّ، ورافع
بن عُصم الضّبيّ، وطائفة من مُسْندي هَرَاة في زمانه.
روى عنه: ابن طاهر المقدسيّ، ووجيه الشّحّاميّ، وأبو النّصر الفامي،
وخلْق سواهم منهم: عُبَيْد الله بن حمزة الموسويّ، وأخوه عليّ بن حمزة،
والمطهّر بن يَعْلَى العَلَويّ، ومحمد بن المفضل الدّهّان، والجنيد بن
محمد القائنيّ، ومحمد بن رَيْحان النَّسَائيّ، وأبو الفتح نصر بن
سيّار، وعليّ بن سهل الشّاشيّ، وأَمَةُ الله بنت محمد العارف، وعبد
الملك بن عبد الله العَلَويّ.
قال الدّقّاق: ليس بقي في الدّنيا من يروي عن الخالديّ سواه [1] .
وسمع من: حاتم بن محمد بن أبي حاتم الهَرَويّ، وأحمد بن عليّ بن أحمد
الشّارعيّ، ومحمد بن منصور الْجُولَكيّ [2] ، ومحمد بن محمد الأزديّ
القاضي.
__________
[1] سير أعلام النبلاء 19/ 37.
[2] أثبتها الشيخ شعيب الأرنئوط في (سير أعلام النبلاء 19/ 37) :
«الحوتكي» . وقال في الحاشية: «قال ابن دريد في «الاشتقاق» : ومن
بطونهم بنو حوتكة بمصر، و «الحوتك» :
الصغير من كل شيء، وقال محقّقه الأستاذ عبد السلام هارون: في ديارنا
المصرية بلدة تسمّى «الحواتكة» من أعمال أسيوط!! ويقول خادم العلم
محقّق هذا الكتاب «عمر بن عبد السلام تدمري» :
لقد ذهب الشيخ الفاضل بعيدا في استشهاده بقول ابن دريد، فمحمد بن منصور
نسبته «الجولكي» كما هنا، وليس «الجوتكي» كما أثبته هو. والتحرير من
كتاب (الأنساب لابن السمعاني 3/ 375، 376، وتاريخ جرجان للسهمي 453،
454، واللباب لابن الأثير 1/ 254) .
ففي: تاريخ جرجان 453، 454 رقم 886: «أبو سعد محمد بن منصور بن الحسن
بن محمد بن علي الجولكي. كان رئيس جرجان في أيام الأمير فلك المعالي
إلى أن توفي.. كتب عنه بجرجان جماعة من أهل نيسابور وأهل هراة وبست
وغزنة ... ومات أبو سعد محمد بن منصور رحمة الله عليه في الثامن من
شعبان سنة عشر وأربعمائة وكان مولده سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة» .
وقال ابن السمعاني في (الأنساب 3/ 375) :
«الجولكي» : بضم الجيم بعدها الواو واللام المفتوحة وفي آخرها الكاف،
هذه النسبة إلى جولك وهو جولك الغازي البكراباذي، قيل إنه استشهد على
باب رباط دهستان مع مائة نفر من الغزاة، وحكى جولك أن جماعة معه كانوا
برباط دهستان من الغزاة، فقال: دخل يوما شيخ
(33/287)
وكان مولده في شعبان سنة اثنتين وتسعين
وثلاثمائة، ومات في الثّاني والعشرين من رمضان سنة ثمان.
- حرف الهاء-
297- هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الطّيّب [1] .
أبو القاسم بن أبي بكر الصّبّاغ.
من سُراة البغداديّين.
سمع: أباه، وعثمان بن دُوَسْت، وغيرهما.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعمر بن ظَفَر الشَّيْبانيّ،
وأبو الفتح محمد بن عبد السّلام.
قال ابن ناصر: تُوُفّي في سادس ذي القِعْدَة.
- حرف الياء-
298- يعقوب بن سليمان بن داود [2] .
أبو يوسف الإِسْفَرَايِينِيّ. نزيل بغداد وخازن كُتُب النّظاميّة.
حدَّث «بسُنَن النَّسَائيّ» عن أبي نصر الكسّار.
وحدَّث عن: عبد العزيز الأزجيّ، والطّبريّ.
وتُوُفّي في العشرين من ذي القعدة.
299- يَلْبَرْ بن خَطْلع [3] .
__________
[ () ] على دابّة وغلام له على بغل من بابها فنزل عن الدابّة، ودفعها
إلى الغلام ولم نره تلك الليلة، وخرجنا من الغد فخرج معنا فسألناه عن
اسمه ونسبه فقال: أنا من بغلان، واسمي قتيبة بن سعيد ...
ثم قال ابن السمعاني (ص 376) : «وظنّي أن المنتسب إلى جولك هذا: الرئيس
أبو سعد محمد بن منصور بن الحسن بن محمد بن علي الجولكي من أهل جرجان،
وولي بها الرئاسة في أيام الأمير فلك المعالي إلى أن توفي» .
إلى أن قال: روى عنه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، وأبو سهل نجيب بن
ميمون الواسطي. وقد تابعه ابن الأثير في (اللباب) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/288)
أبو منصور الفانيذيّ الكرْخيّ.
سمع مشيخة أبي عليّ بن شاذان منه.
روى عنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهاب الأنْماطيّ.
وكان صالحًا، صحيح السّماع.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
الكنى
- أبو شُجاع الوزير [1] .
اسمه محمد كما تقدَّم.
__________
[1] تقدّمت ترجمته برقم (283) .
(33/289)
سنة تسع وثمانين
وأربعمائة
- حرف الألف-
300- أحمد بْن الحسن بْن أحمد بن الحسن [1] بن خُداداد [2] .
أبو طاهر الكَرَجيّ [3] الباقلّانيّ [4] .
ولد سنة ستّ عشرة وأربعمائة [5] .
وسمع: أبا عليّ بْن شاذان، وأبا القاسم بن بشْران، وأبا بكر
البَرْقانيّ.
وسمع كُتُبًا كِبارًا، وتفرَّد بها، من ذلك: «سُنَن سعيد بن منصور» ،
تفرَّد به عن أبي عليّ بن شاذان. ولأبي طاهر السّلفيّ منه إجازة [6] ،
بمروياته.
روى عنه: ابن ناصر، وعمر الدّهسْتانيّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وأبو
عليّ بن سكّرة.
وهو ابن خال ابن خيرون.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: المنتظم 9/ 98 رقم 135 (17/ 32 رقم
3656) ، والتقييد لابن نقطة 134، 135 رقم 151، والإعلام بوفيات الأعلام
201، وسير أعلام النبلاء 19/ 144، 145 رقم 74، وتذكرة الحفاظ 4/ 1227،
والعبر 3/ 324، وعيون التواريخ 13/ ورقة 56، والوافي بالوفيات 6/ 306،
ومرآة الجنان 3/ 150، وشذرات الذهب 3/ 392.
[2] في الأصل: «خزداذ» والتصحيح من المصادر.
[3] تحرّفت في (المنتظم) بطبعتيه إلى «الكرخي» ، وكذا في: تذكرة
الحفاظ، ومرآة الجنان، وشذرات الذهب.
[4] في المنتظم بطبعتيه: «الباقلاوي» .
[5] التقييد 135.
[6] وهو قال: سألت شجاعا الذهلي ببغداد عن أبي طاهر الباقلّاني أحمد بن
الحسن بن أحمد، فقال: هو شيخ صالح، جميل الأمر، سمعنا منه شيئا صالحا
من حديثه، وكان ثقة. (التقييد 134، 135) .
(33/290)
قال السّمعانيّ: كان شيخًا عفيفًا، زاهدًا،
منقطعًا إلى الله، ثقة، فهما، لا يظهر إلّا يوم الجمعة.
سمعت عبد الوهّاب الحافظ يقول: كان أبو طاهر الباقلّانيّ أكثر معرفة من
أبي الفضل بن خَيْرُون. وكان زاهدًا حَسَن الطّريقة [1] ، وما كان له
حلقة في الجامع، ولا قُرئ عليه فيه حديث. كان يقول لأصحاب الحديث: أنا
لكم من السّبت إلى الخميس، ويوم الجمعة أنا بحكم نفسي للتّبكير [2]
والتّلاوة.
وسمعتُ عبد الوهاب يقول: جاء نظام المُلْك إلى بغداد، وأراد أن يسمع من
شيوخها، فكتبوا له أسماء الشّيوخ، وكتبوا في جملتهم اسمه، وسألوه أن
يحضر دار نظام المُلْك حتّى يسمع منه. فامتنع، وألحّوا عليه، فما أجاب،
ثمّ قال: إنّ ابن خَيْرُون قرابتي، وما انفردت أنا بشيء، بل كلّ ما
سمعت أنا سمعه هو، وهو في خزانة الخليفة على عملكم، فسمعوا منه [3] .
تُوُفّي في رابع ربيع الآخر.
301- أحمد بن عبد الرحمن بن مظاهر [4] .
أبو جعفر الأنصاريّ الطُّلَيْطُلِيّ.
روى عن: خاله جُماهر بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن عبد السّلام
الحافظ، وقاسم بن هلال، وجعفر بن عبد الله، وجماعة كثيرة.
وعُني بسماع العِلم ولقاء الشّيوخ. وكان ذا بَصَرٍ بالمسائل، ومَيْلٍ
إلى الأثَر. صنِّف «تاريخ فُقهاء طُلَيْطُلَة» [5] .
رواه عنه: القاضي أبو الحسن بن بقيّ.
وكان ثقة.
__________
[1] التقييد 134.
[2] أي للتبكير إلى صلاة الجمعة.
[3] المنتظم 9/ 98 (17/ 32) .
[4] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 70 رقم 151
وفيه «مطاهر» بالطاء المهملة.
[5] في الصلة: «وقضاتها» .
(33/291)
302- أحمد بن عمر بن الأشعث [1] .
ويقال: ابن أبي الأشعث. أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ المقرئ.
نزيل دمشق، ثم نزيل بغداد.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا عليّ بن أبي نصر، وأبا عليّ الأهوازيّ
وقرأ عليه بالرّوايات.
روى عنه: أبو الكرم الشّهْرُزُورِيّ، وابنه أبو القاسم إسماعيل بن
السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح بن البطّيّ.
وقال أبو الحسن عليّ بن أحمد بن قُبَيْس الغسّانيّ: كان أبو بكر يكتب
المصاحف مِن حفظه. وكان إذا فرغ من الوجه كتب الوجه الآخر إلى أن يجفّ،
ثمّ يكتب الوجه الّذي بينهما فلا يكاد أن يزيد ولا يُنْقص، مع كونه
يكتب في قطعٍ كبير، وقطع لطيف [2] .
قال: وكان مزّاحًا.
وخرج مع جماعة في فُرْجة، فقدَّموه يُصلّي بهم، فلمّا سَجَد بهم تركهم
في الصّلاة، وصعِد شجرة، فلمّا طال عليهم، رفعوا رءوسهم من السَّجْدَة،
فلم يجدوه، ثمّ إذا به في الشّجرة يصيح: نَوّ نَوْ، فسقط من أعينهم
وانتحس، وخرج إلى بغداد، وترك أولاده بدمشق [3] .
قلت: ثمّ أرسل أخذ أهله. وسمَّع ابنيه بدمشق سنة بضْعٍ وخمسين.
وببغداد سنة نيّف وستّين وأربعمائة. وأقرأ القرآن ببغداد.
قال ابن النّجّار: هو من أهل سَمَرْقَنْد، سافر إلى الشّام، وكان
محمودًا، متقنًا، عارفًا بالرّوايات، محقّقًا في الأخذ، متحرِّيا،
صدوقًا ورِعًا. وكان يكتب على طريقة الكوفيّين، ويجمع بين نَسْخ
المُصْحف من حِفْظه، وبين الأخذ على ثلاثة، ويضبط ضبطًا حَسَنًا.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عمر) في: المنتظم 9/ 98 رقم 136 (17/ 32 رقم
3657) ، وتاريخ دمشق (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل) 75، 76
رقم 53، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 192، 193 رقم 235، وتهذيب
تاريخ دمشق 1/ 416.
[2] تاريخ دمشق 75.
[3] تاريخ دمشق 75.
(33/292)
ثنا ابن الأخضر، ثنا ابن البطّيّ: أنا أحمد
بن عمر السَّمَرْقَنْديّ: أنبا الحسين بن محمد الحلبيّ: ثنا أحمد بن
عطاء الرُّوذْباريّ إملاءً بِصُور.
قلت: مات الحلبي [1] سنة ستٍّ وثلاثين، وهو أقدم شيخ للسَّمَرْقَنْديّ.
قال: الحسين بن محمد البلْخيّ: كان شيخنا أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ لا
يكتب لأحدٍ خطّه إذا قرأ عليه، إلّا أن يكون مجوّدًا في الغاية. وما
رأيته كتب إلّا لمسعود الحلاويّ، وقال: ما قرأ عليّ أحدٌ مثله. فجاء
إليه الطّبّال، فقرأ خَتْمات، وأعطى [2] وَلَد الشّيخ دنانير، فردّها
الشّيخ وقال: لا أستحلّ أن أكتبَ له.
قال البلْخيّ: وكان أبو بكر لمّا جاء من دمشق اتّصل بعفيف القائميّ
الخادم، فأكرمه وأنزله، فكان إذا جاءه الفرّاش بالطعام بكى، فسأله عن
بكائه، فقال: إنّ لي بدمشق أولادًا في ضيق.
فأخبر الفرّاش عفيفًا، فأرسل مَن جاء بهم من دمشق، فجاءوا أباهم بغتةً،
ولم يزالوا في ضيافة عفيف حتّى مات [3] .
وُلِد أبو بكر سنة ثمان وأربعمائة، ومات في سادس عشر رمضان.
قال محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ في «تاريخه» : هو مشهور في
التَّقدُّم بالقرآن ونسْخ المصاحف، جَعَل دأبَه أن ينسخ، ويُقرئ جماعةً
بروايات مختلفة، يردُّ على المخطئ منهم. فكان له في هذا كلّ عجيبة،
رحمه الله.
قلت: قرأ عليه جماعة، وكانت قراءته على الأهوازيّ في سنة إحدى وثلاثين
وأربعمائة.
303- أحمد بن محمد بن عليّ [4] .
__________
[1] هو: أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد بن المنيقير الحلبي
الأنصاري الشاهد. ذكر الحدّاد أنه ثقة مأمون. (تاريخ دمشق- مخطوطة
التيمورية- 11/ 186، موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/
173 رقم 511) .
[2] في الأصل: «أعطا» .
[3] تاريخ دمشق 75/ 76.
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الهروي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية)
3/ 366، 367، والمطبوع (أحمد بن عتبة- أحمد بن محمد بن المؤمّل 360،
361 رقم 191) ، وغاية النهاية
(33/293)
أبو بكر الهَرَويّ المقرئ الضّرير.
سكن دمشق، وسمع بها: رشأ بن نظيف، وأبا عليّ الأهوازيّ، وعليّ بن الخضر
السُّلَميّ.
وسمع بصور من: عبد الوهاب بن برهان.
سمع منه: عمر الدّهسْتانيّ، وطاهر الخُشُوعيّ، وأبو محمد بن صابر
ووثّقه.
وتُوُفّي بالقدس في ربيع الآخر.
قرأ على الأهوازيّ، وعاش اثنتين وثمانين سنة، وولد بهراة.
وقد صنّف في القراءات الثّمان كتابًا سمّاه «التّذكرة» .
قرأ عليه القراءات: إبراهيم بن حمزة ابن الْجَرْجَرائيّ [1] ، وغيره.
304- إسماعيل بن حَمْد بن محمد بن خيران [2] .
أبو محمد الهَمَذانيّ البزّاز.
سمع: أبا الحسين الفارسيّ، وعمر بن مسرور.
وحدَّث ببغداد.
روى عنه: محمد بن سعدون العبْدَريّ أبو عامر، وأبو البركات بن
السَّقَطيّ.
وكان محدِّثًا مُكثِرًا.
305- إسماعيل بن حمزة بن فَضَالَة [3] .
أَبُو القاسم الهَرَويّ الحنفيّ العطّار.
عالم صدوق. حدَّث بصحيح الإسماعيليّ، عن الحسين بن محمد الباشانيّ.
__________
[ () ] 1/ 125، وإيضاح المكنون 1/ 276، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 66، 67،
وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 410، 411 رقم 233،
ومعجم المؤلفين 2/ 136.
[1] أثبته محقق تاريخ دمشق «الجرجاني» ، وأشار في الحاشية إلى وروده:
«الجرجرائي» في ثلاث نسخ خطّية، وهو كما أثبتناه.
[2] انظر عن (إسماعيل بن حمد) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 89 رقم 38
وفيه إسماعيل بن أحمد البزار» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/294)
وسمع أيضًا من سعيد بن العبّاس القُرَشيّ.
روى عنه: الجنيد بن محمد [القائنيّ] [1] ، والقاسم بن الحسين الحصيريّ،
مات في ربيع الأوّل.
306- إسماعيل بن عبد الملك [2] .
الفقيه أبو القاسم الطُّوسيّ، الفقيه المعروف بالحاكميّ.
قدِم دمشق. عديل [3] الإمام أبي حامد الغزاليّ.
وسمع من: نصر المقدسيّ في سنة تسعٍ وثمانين.
قال أبو المفضّل يحيى بن عليّ القُرَشيّ القاضي: كان أعلم بالأصول من
الغزاليّ، وكان شافعيًّا [4] .
قلت: لا أعلم وفاته مَتى هي [5] .
307- إسماعيل بن عثمان بن عمر [6] الأبْرِيسَميّ [7] .
نَيْسابوريّ [8] .
روى عن: أبي سعيد محمد بن موسى الصَّيْرفيّ.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وغيره.
__________
[1] بياض في الأصل. وأضفتها من: الأنساب 10/ 37 وفيه: القائني: بفتح
القاف، والياء المنقوطة باثنتين بعد الألف من تحتها، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى قاين، وهي بلدة قريبة من طبس بين نيسابور وأصبهان. ثم
ذكر الجنيد بن محمد منها.
[2] انظر عن (إسماعيل بن عبد الملك) في: المنتظم 10/ 52 رقم 61 (17/
302 رقم 4004) ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 4/ 367 رقم 385،
والبداية والنهاية 12/ 209، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 433، وتهذيب
تاريخ دمشق 3/ 37.
[3] في المنتظم: كان رفيق أبي حامد الغزالي، وكان أكبر سنّا من
الغزالي، وكان الغزالي يكرمه ويخدمه.
[4] وكان أبو المفضل يثني عليه، إلا أنه كان في لسانه ما يمنعه من
الكلام.
[5] وفاته في سنة 529 هـ. كما في المنتظم، وطبقات الإسنوي، والبداية
والنهاية.
وعلى هذا فينبغي أن تحوّل هذه الترجمة من هنا وتؤخّر إلى الطبقة
الثالثة والخمسين.
[6] انظر عن (إسماعيل بن عثمان) في: المنتخب من السياق 144، 145 رقم
332.
وسيعاد في وفيات السنة التالية برقم (339) .
[7] الأبريسمي: بفتح الألف وسكون الباء وكسر الراء وسكون الياء وفتح
السين وفي آخرها الميم. هذه اللفظة لمن يعمل الأبريسم والثياب منه
ويبيعها ويشتغل بها. (الأنساب 1/ 116) .
[8] كنيته: أبو عثمان.
(33/295)
وقيل: تُوُفّي سنة تسعين [1] .
308- أَمةُ الرحمن بنت أبي القاسم عبد الواحد بن حسين بن الْجُنَيْد
[2] .
امرأة عالمة صالحة، متبرَّكٌ بها.
سمعت أبا القاسم بن بشْران.
روى عنها: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وابن عبد السّلام الكاتب.
ووُلِدت سنة أربعمائة، وعُمّرت.
- حرف الحاء-
309- الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بن عمر
[3] .
أبو عبد الله بن السّرّاج البغداديّ النّصريّ.
كان من أهل الصّلاح والسَّداد.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وعثمان بن دُوَسْت العلاف، وعبد الملك بن
بشْران، ونصْر بن علالة.
روى عنه: أبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ،
وعبد الخالق اليُوسُفيّ، ومسعود بن محمد بن شُنَيْف، وآخرون.
تُوُفّي في صَفَر.
أخبرونا عن ابن اللُّتّيّ، عن مسعود، عنه، بجزء ابن عفّان.
310- حمزَة بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد [4] .
أبو القاسم القُرَشيّ الأسَديّ الزُّبَيْريّ البغداديّ.
شيخ صالح.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ [5] ، وأبا عليّ بن شاذان.
__________
[1] وقال عبد الغافر: مستور، ثقة، صالح. يعقد على حانوته في سوق
المناديليين، سليم الجانب، مشتغل بما يعنيه، ملازم لحرفته.
[2] لم أجد مصدر ترجمتها.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (حمزة بن محمد) في: المنتظم 9/ 99 رقم 138 (17/ 33 رقم
3659) .
[5] تحرّفت في (المنتظم) إلى «الخرقي» . انظر: الأنساب- مادّة الحرفي.
(33/296)
روى عنه: الأنْماطيّ، وعمر بن ظَفَر، وابن
ناصر، وآخرون.
تُوُفّي في شعبان عن نيّفٍ وثمانين سنة [1] .
- حرف السّين-
311- سُلَيْمَان بْن أحمد بْن محمد [2] .
أبو الربيع الأندلسيّ السَّرَقُسْطيّ.
دخل بغداد، وسمع بها من: أبي القاسم بن بِشْران، وأبي العلاء الواسطيّ،
وجماعة [3] .
وكان عارفًا باللُّغَة، لكن قال ابن ناصر: كان كذّابًا، وكان يُلْحِق
اسمه.
قال السّمعانيّ: ثنا عنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وإسماعيل بن
السَّمَرْقَنْديّ، وابنه منصور [4] بن سليمان.
وسألتُ أبا منصور بن خَيْرُون عنه، فأساء القول فيه، وقال: نهاني عمّي
أبو الفضل أن أقرأ عليه [5] .
__________
[1] ولد سنة 408 هـ. وقال ابن الجوزي: روى عنه مشايخنا، وكان صالحا
ديّنا ثقة.
[2] انظر عن (سليمان بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 200 رقم 453،
والمنتظم 9/ 99 رقم 139 (17/ 33، 34 رقم 3660) ، والضعفاء والمتروكين
لابن الجوزي 2/ 15 رقم 1505، والمغني في الضعفاء 1/ 277 رقم 2558،
وميزان الاعتدال 2/ 195 رقم 3424، ولسان الميزان 3/ 75، 76 رقم 276.
[3] وقال ابن بشكوال: روى عن عبد العزيز بن أحمد بن مغلّس القيسي،
وغيره. وحدّث ببغداد، حكى ذلك الحميدي وأخذ عنه بها. (الصلة 1/ 200) .
وقال ابن حجر: له سماع ببغداد ومصر، وأخذ القراءات عن أبي العلاء
الواسطي واستوطن ببغداد وكان يؤدّب الأطفال. (لسان الميزان) .
[4] في لسان الميزان: «ابنه أبو المنصور» .
[5] وزاد: «وقال: فيه كان تساهل في دينه» . وقال هبة الله بن علي
المقرئ: أنشدنا أبو الربيع سليمان بن أحمد السرقسطي: أنشدنا أبو العلاء
أحمد بن عبد الله بن سليمان لنفسه:
أنا صائم طول الحياة وإنما ... فطري الحمام ويوم ذاك أعيد
كونان من صبح وليل كوّنا ... شعري وأضعفني الزمان الأيد
قالوا: فلان جيد لصديقه ... لا، يكذبوا، ما في البرية جيّد
فأميرهم نال الإمارة بالخنا ... وتقيّهم بصلاته يتصيّد
كن من تشاء مهجّنا أو خالصا ... فإذا رزقت غنى فأنت السيّد
(33/297)
وتُوُفّي في ربيع الآخر [1] .
- حرف الشّين-
312- شافع بْن عليّ بْن أَبِي الفضل الطُّرَيْثيثيّ [2] .
الصُّوفيّ.
من ساكني نَيْسابور.
شيخ صالح ظريف، له مجاهدة وحفظ أوقات وجمع همة. صحِب السّادة وحجّ،
وسمع بمكة: أبا الحسن بن صخْر. وبالبصرة: إبراهيم بن طَلْحة بن غسّان.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ.
ولد سنة أربعمائة، وتُوُفّي في ذي الحجة.
- حرف الظّاء-
313- ظَفَرُ بنُ هبة الله بن القاسم [3] .
أبو نصر الكِسائيّ الهَمَذَانيّ التّانيّ [4] .
قال شيروَيْه: روى عن: ابن المحتسب، وعليّ بن إبراهيم بن حامد، وأبي
طاهر بن سَلَمَة، وابن عَبْدان، وأبي بكر الأردستاني [5] .
سمعت منه وولداي شهردار وزينب، وهو شيخ.
__________
[1] وقع في لسان الميزان 3/ 76 أنه توفي سنة تسع وسبعين وأربعمائة، عن
ثمانين سنة.
[2] تقدّمت ترجمته في وفيات السنة الماضية، برقم (266) .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] التّاني: بالتاء المشدّدة المعجمة من فوقها بنقطتين والنون بعد
الألف. هذه النسبة إلى التناية وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع
والعقار: التاني. (الأنساب 3/ 13) .
[5] الأردستاني: بفتح الألف وسكون الراء وفتح الدال وسكون السين
المهملتين وفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وفي آخرها النون. هذه
النسبة إلى أردستان وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرّيّة عند
ازوارة بينهما، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.
قال ابن السمعاني: ورأيت بخط والدي- رحمه الله- وكان ضبطها عن الحافظ
الدقّاق بكسر الألف والدال. (الأنساب 1/ 177) .
(33/298)
توفي في جمادى الأولى، وصلينا عليه يوم
الجمعة.
- حرف العين-
314- عَبْد اللَّه بْن الحُسين بْن علي بن حسين الأموي [1] .
أبو محمد السعيداني، البصري. من ولد أمير مكة عتاب بن أسيد [2] رضي
الله عنه.
كان أبو محمد محتسب البصرة. وقد سمع الكثير من: عليّ بن هارون
المالكيّ، والمبارك بن عليّ بن حمدان، والحسن بن أحمد الدّبّاس، وطلحة
بن يوسف المواقيتيّ، وجماعة.
ورحل إلى بغداد، وسمع وحدّث.
ولد سنة تسع وأربعمائة، وأوّل سماعه سنة ثمان عشرة.
وكان حافظًا محدَّثًا، حدَّث عنه: أبو عبد الله البارع، وأبو غالب
الماوَرْديّ.
ووثّقه الحافظ جابر بن محمد البصْريّ، وقال: عنهُ أخذتُ عِلْمَ الحديث.
وقد كتب عن السَّعِيدَانيّ: أبو عبد الله الحُمَيْديّ، ومكّيّ
الرُّمَيّليّ، وشُجاع الذُّهْليّ.
وقد تقدَّم ذكره [3] .
ورَّخ ابن النّجّار وفاته في هذه السّنة.
315- عبد الله بن يوسف [4] .
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن الحسين) في: سير أعلام النبلاء 19/ 79، 80
رقم 43.
[2] انظر ترجمة «عتاب بن أسيد» ومصادرها في الجزء الخاص بعهد الخلفاء
الراشدين من هذا الكتاب- ص 97، 98.
[3] لم أقع عليه فيما تقدّم من تراجم.
[4] انظر عن (عبد الله بن يوسف) في: المنتخب من السياق 282 رقم 931،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1227، وسير أعلام النبلاء 19/ 159، 160 رقم 86،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 219، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/
358 رقم 323، والوافي بالوفيات 17/ 684، 685 رقم 582، وطبقات الشافعية
لابن قاضي شهبة 1/ 272، 273 رقم 230، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي 367،
وكشف الظنون 1105، 1840، وهدية العارفين 1/ 453، ومعجم المؤلفين 6/
146.
(33/299)
القاضي أبو محمد الْجُرْجَانيّ المحدِّث.
صنَّف «فضائل الشّافعيّ» و «فضائل أحمد بن حنبل» . ودخل هَرَاة.
وتُوُفّي في ذي القعدة.
وسماعاته في حدود الثّلاثين وأربعمائة.
روى عنه: وجيه الشّحّاميّ، وغيره، وعبد الغافر الفارسيّ.
سمع من: عمر بن مسرور، وأبي الحسين الفارسيّ، وأبي سعْد الكَنْجرُوذيّ
[1] ، وأبي عثمان البَحِيريّ، وطبقتهم، ومَن بعدهم فأكثر.
وهو ثقة صاحب حديث.
قال السّمعانيّ: وُلِد بجُرْجَان سنة تسع وأربعمائة سمع من: حمزة
السَّهْميّ، وأحمد بن محمد الخَنْدقيّ [2] ، ومحمد بن عليّ بن محمد
الطّبريّ، وكريمة بنت محمد المَغَازليّ، والأربعة سمعوا من ابن عدِيّ.
وسمع من: أبي نُعَيْم عبد الملك بن محمد الأسْتِراباذيّ [3] ، الصّغير
صاحب الإسماعيليّ.
روى لنا عنه: الجنيد بن محمد القائنيّ [4] ، وعبد الملك بن عبد الله
العدويّ، وأخوه أبو الفتح سالم، وعليّ بن حمزة المُوسُويّ، وهبة الرحمن
القشيريّ، وآخرون [5] .
__________
[1] في الأصل: «الكنجرودي» بالدال المهملة. والمثبت عن (الأنساب 10/
479) وفيه:
الكنجروذي: بفتح الكاف وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء بعدها الواو
وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى كنجروذ، وهي قرية على باب
نيسابور في ربضها، وتعرّب فيقال لها: جنزروذ.
[2] الخندقي: بفتح الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة، وفي
آخرها القاف. هذه النسبة إلى الخندق وهو موضع بجرجان، ومحلّة كبيرة بها
حوالي وهدة. (الأنساب 5/ 191) .
[3] الأستراباذي: بفتح الألف وسكون السين المهملة، وكسر التاء المثنّاة
من فوقها بنقطتين. قاله ابن السمعاني وابن الأثير. وقال ياقوت: بفتح
التاء. وقد تقدّم التعريف بها.
[4] في الأصل: «القاني» وهو تحريف.
[5] وقال عبد الغافر الفارسيّ: سمع الكثير بجرجان ونيسابور وهراة
وغيرها. وجمع وصنّف الأربعين، وخرّج الفوائد للمشايخ. وأول ما قدم
نيسابور مع خاله الفقيه على الزَبَحي.
(المنتخب 282) .
(33/300)
قال: ومات في تاسع ذي القعدة.
316- عبد الجبّار بن عبد الواحد بن أحمد بن سبوَيْه [1] .
أبو الفضل بن أبي طاهر، التّاجر الأصبهاني.
حدَّث عن: أبي نُعَيْم.
سمع منه: المؤتَمَن السّاجيّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو
الفتح بن عبد السّلام.
وُلِد سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة، وتُوُفّي ببغداد في شوّال سنة تسعٍ
وثمانين.
317- عبد المحسن بْن مُحَمَّد بْن علي بْن أَحْمَد بْن عليّ [2] .
أبو منصور الشِّيحيّ [3] التّاجر السّفّار المعروف بابن شُهْدَانْكه
[4] من أهل محلّة النَّصْريّة ببغداد.
سمع الكثير من: أبي منصور محمد بن محمد بن السّوّاق، وأبي بكر أحمد بن
محمد بن الصَّقْر، وعبد العزيز بن عليّ الأزجيّ، وابن غَيْلان، وأبي
محمد الخلّال، والعتيقيّ، وطبقتهم.
وكتب بخطّه أكثر مسموعاته.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد المحسن بن محمد) في: الإكمال لابن ماكولا 4/ 483،
والمنتظم 9/ 100 رقم 141 (17/ 34 رقم 3662) ، والأنساب 7/ 442، وتاريخ
دمشق (مخطوطة التيمورية) 24/ 366، ومعجم البلدان 3/ 379، واللباب 2/
220، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 189 رقم 185، والمعين في طبقات
المحدّثين 142 رقم 1557، وتذكرة الحفاظ 4/ 1227، والعبر 3/ 324، 325،
وسير أعلام النبلاء 19/ 152- 154 رقم 79، والمشتبه في الرجال 1/ 349،
وعيون التواريخ 13/ ورقة 55، والبداية والنهاية 12/ 153 وفيه «عبد
المحسن بن أحمد» ، وتبصير المنتبه 721، وشذرات الذهب 3/ 392، وموسوعة
علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 233 رقم 928.
[3] تحرّفت في البداية والنهاية إلى: «الشنجي» و «الشيحي» : بكسر الشين
المعجمة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وفي آخرها حاء مهملة
مكسورة. هذه النسبة إلى «شيحة» وهي قرية من قرى حلب. (الأنساب 7/ 442)
.
[4] في الأصل: «شهرانكه» بالراء. وتحرّفت في: البداية والنهاية إلى:
«شهداء مكة» .
(33/301)
وسمع بمصر: أبا الحسن الطّفّال، وأبا
القاسم عليّ بن محمد الفارسيّ، وعبد الملك بن مسكين.
وبدمشق: أبا الحسين محمد بن عبد الرحمن بن أبي نصر، وأبا القاسم
الحِنّائيّ، وأبا عبد الله محمد بن يحيى بن سلوان.
وبالرَّحْبة: عُبَيْد الله بن أحمد الرَّقّيّ، وطائفة سواهم.
وكتب بخطّه أكثر مصنَّفات الخطيب.
وروى الكثير.
حدَّث عنه: شيخه أبو بكر الخطيب، وأبو السُّعُود أحمد بن عليّ، وأبو
حامد العَبْدَرِيّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفتح محمد
بن عبد السّلام، وسعيد بن محمد الرزّاز الفقيه، وأبو بكر بن
الزّاغُونيّ، وأبو الفضل بن ناصر، وخلْق سواهم.
سُئل إسماعيل بن محمد الحافظ عنه فقال: شيخ فاضل ثقة [1] .
وقال شُجاع الذُّهْليّ: كان صَدُوقًا [2] .
وقال أبو عامر العَبْدَرِيّ: كان من أنبل من رأيت وأَوْثقه [3] .
وقال أبو عليّ الصَّدَفيّ: كان فقيهًا نبيلًا كيِّسًا ثقة. وكان عنده
أصل أبي بكر الخطيب بتاريخه، خصَّه به.
قلت: لأنّه فيما قال السّمعانيّ هو الّذي حمل الخطيب إلى العراق، فأهدى
إليه الخطيب تاريخه بخطّه.
وقال غيْث بن عليّ: سألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
وأوّل سماعي سنة سبْعٍ وعشرين [4] .
وقال أبو عليّ البَرَدَانيّ: كان من المتموّلين. وكان أمينًا سريّا،
كتب
__________
[1] تاريخ دمشق 24/ 366.
[2] المصدر نفسه.
[3] المصدر نفسه.
[4] تاريخ دمشق 24/ 366.
(33/302)
كثيرًا. وتُوُفّي في جُمَادى الأولى.
قال السّمعانيّ: سمعتُ شيخًا لنا يقول: إنّ الخطيب لمّا حدَّث بالجزء
الأوّل من «تاريخه» استأذنه أبو الفضل بن خَيْرُون أو شجاع الذُّهْليّ
في التّسميع في أيّ موضعٍ يكتب، فقال: استأذِنوا الشّيخ عبد المحسن،
فإنَّ النُّسخة له، ولو كان عندي شيء أعزّ منه أهديته له [1] .
وقال أبو الفضل محمد بن عطّاف: كان شيخنا عبد المحسن على طريقةٍ حَسَنة
مَرْضِيّة، حَسَن العناية بالعِلْم، وكان مالكيًّا ثقة أمينًا. قال لي:
وُلِدتُ في رجب سنة إحدى وعشرين [2] .
وقال ابن ناصر: تُوُفّي شيخنا عبد المحسن بن الشِّيحيّ في سادس عشر
جُمَادى الأولى [3] .
قلت: وأبوه من شِيحة، قريةٌ من قرى حلب [4] .
318- عبد الملك بن إبراهيم بن أحمد [5] .
__________
[1] انظر: المنتظم 9/ 100 (17/ 34) وفيه: «رحل إلى الشام وديار مصر
فسمع بها من جماعة، وأكثر عن أبي بكر الخطيب بصور، وأهدى إليه الخطيب
تاريخ بغداد بخطّه وقال: لو كان عندي أعزّ منه لأهديته له، لأنه حمل
الخطيب من الشام إلى العراق، وروى عنه الخطيب في تصانيفه، فسمّاه «عبد
الله» وكان يسمّى عبد الله، وكان ثقة خيّرا ديّنا» .
[2] تاريخ دمشق 24/ 366.
[3] في المنتظم: «جمادى الآخرة» .
ووقع في (الأنساب) و (اللباب) أن وفاته في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وفي (تاريخ دمشق) و (مختصره) : توفي سنة سبع وثمانين وأربعمائة، ومثله
في (معجم البلدان) .
أما في (السير) و (المشتبه) و (العبر) و (التذكرة) و (التبصير) وغيره
فوفاته كما هنا في سنة 489 هـ.
[4] وقال ابن السمعاني: كان له أنس في الحديث وأكثر منه. كتبت عن
أصحابه. (الأنساب) .
و «أقول» : سمع بصور: الخطيب البغدادي، وعبد الوهاب بن الحسن بن عمر بن
برهان الغزّال وحدّث بطرابلس، فأخذ عنه بها: أبو الليث نصر بن الحسن بن
القاسم التنكتي الشاشي المتوفى سنة 486 هـ. (انظر: موسوعة علماء
المسلمين 3/ 233) .
[5] انظر عن (عبد الملك بن إبراهيم) في: المنتظم 9/ 100 رقم 142 (17/
34، 35 رقم 3663) ، والكامل في التاريخ 10/ 161، وذيل تاريخ بغداد لابن
النجّار 1/ 8- 14 رقم 3،
(33/303)
أبو الفضل المقدسيّ الهَمَذَانيّ
الفَرَضيّ. نزيل بغداد.
كان واحد عصره في الفرائض.
سمع: الحسن بن محمد الشّاموخيّ [1] بالبصرة، وعبد الواحد بن هبيرة
العِجْليّ، وجماعة [2] .
روى عَنْهُ: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الوهّاب الأنماطيّ [3] .
وقيل: كان معتزليّا [4] .
__________
[ () ] وسير أعلام النبلاء 19/ 31، 32 رقم 18، وعيون التواريخ 13/ ورقة
55، والبداية والنهاية 12/ 153، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 248،
249، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 529، ونكت الهميان 54، وطبقات
الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 274 رقم 232، ولسان الميزان 4/ 57، وكشف
الظنون 1252، ومعجم المؤلفين 6/ 179.
[1] الشّاموخي: بفتح الشين المعجمة، وضم الميم، وفي آخرها الخاء
المعجمة، هذه النسبة إلى «شاموخ» وهي قرية بنواحي البصرة. (الأنساب 7/
264) .
[2] قال ابن الجوزي: روى عنه أشياخنا، وكان يعرف العلوم الشرعية
والأدبية، وإلّا أن علم الفرائض والحساب انتهى إليه، وكان قد تفقّه على
أقضى القضاة أبي الحسن الماوردي. وكان يحفظ «غريب الحديث» لأبي عبيد، و
«المجمل» لابن فارس، وكان عفيفا زاهدا، وكان يسكن درب رياح، وكان
الوزير أبو شجاع قد نصّ عليه لقضاء القضاة، فأجابه المقتدي، فاستدعاه،
فأبى أشدّ الإباء، واعتذر بالعجز وعلوّ السّنّ، وعاود الوزير أن لا
يعاود ذكره في هذه الحال.
(المنتظم 9/ 100 و 17/ 35) .
[3] وهو قال: سمعت أبا الحسن بن أبي الفضل الهمذاني يقول: كان والدي
إذا أراد أن يؤدّبني يأخذ العصا بيده ويقول: نويت أن أضرب ابني تأديبا
كما أمر الله، ثم يضربني. قال أبو الحسن: وإلى أن ينوي ويتمّ النيّة
كنت أهرب. (المنتظم) .
[4] وقال ابن النجار: سكن بغداد إلى حين وفاته، وكان يتولّى بقطيعة
الكرخ، وكان فقيها فاضلا على مذهب الشافعيّ وإماما في الفرائض والحساب
وقسمة التركات، وإليه مرجوع الناس في ذلك وعليه معتمدهم، وكان من
الصلاح والعبادة والنسك والزهد والورع والعفّة والنزاهة على طريقة
اشتهر بها وعرفها الخاص والعام، وأريد على أن يلي قضاء القضاة فامتنع.
وقال أبو الحسن أحمد بن عبد الله الآبنوسي: سمعت شيخي أبا الفضل
الهمذاني يقول:
خرجت من همذان ولم أخلف بها أحدا أعرف بالفرائض بجلال قدرهم وغزارة
علمهم. ثم قال الآبنوسي: وكان الهمذاني ينسب إلى الاعتزال والنصرة
لرأيهم.
وقال شيرويه الديلميّ في كتاب «طبقات الهمدانيين» : عبد الملك بن
إبراهيم بن أحمد الفقيه الفرضيّ أبو الفضل المعروف بالمقدسي، سكن
بغداد، سمعت منه، وكان إماما زاهدا.
وقال ابن النجار: قرأت في كتاب «الفنون» لأبي الوفاء علي بن عقيل
الفقيه بخطّه، قال: أبو الفضل الهمذاني كان شيخا عالما في فنون اللغة
والعربية والفرائض والحساب، وأكبر علمه الفقه. وكان على طريقة السلف،
زاهدا ورعا متديّنا، وكان شافعيا.
وقال السلفي: سألت أبا غالب شجاع بن فارس الذهلي عن أبي الفضل الهمذاني
فقال: إمام،
(33/304)
تُوُفّي في رمضان ببغداد، وهو والد المؤرّخ
محمد.
319- عبد الملك بن سِراج بن عبد الله بن محمد بن سِراج [1] .
الإمام أبو مَرْوان الأُمَويّ، مولاهم القُرْطُبيّ.
إمام اللُّغَة بالأندلس. غير مدافع.
روى عن: أبيه، ويونس بن عبد الله القاضي، وإبراهيم بن محمد الإفْليليّ
[2] ، ومكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْرو السَّفاقِسيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عليّ الصَّدَفيّ، وقال: هو أكثر مَن لقيته عِلْمًا وبضروب
الآداب ومعاني القرآن والحديث [3] .
وقال القاضي أبو عبد الله بن الحاجّ: كان شيخنا أبو مروان بن سراج
يقول:
__________
[ () ] مدرّس، عارف بالفقه والفرائض، وله تصنيف في الفرائض، كتبه عنه
الناس، وكان يذهب إلى الاعتزال، حضرته وعلّقت عنه شيئا من الفقه.
ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك بن إبراهيم الهمذاني في «تاريخه» أن
والده توفي في ثامن عشر شهر رمضان سنة تسع وثمانين وأربعمائة. قال:
وكان يدرس العلوم الشرعية والأدبية، ومما انتشرت تصانيفه في تعلّم
الفرائض والحساب، ومن جملة ما كان على حفظه «مجمل اللغة» لابن فارس، و
«غريب الحديث» لأبي عبيد، وتوفي وقد قارب الثمانين، ولم يكن يخبر
بمولده. ولم نعرف أنه اغتاب أحدا قط أو ذكره بما يستحي منه، وكان
الوزير أبو شجاع لما نص على والدي في أن يلي قضاء القضاة امتنع من
الدخول في ذلك، واعتذر بالعجز وعلوّ السّنّ، وقال: لو كانت ولايتي
متقدّمة لاستعفيت منه اليوم، وأنشد:
إذا المرء أعيته السيادة ناشئا ... فمطلبها كهلا عليه شديد
(ذيل تاريخ بغداد) .
[1] انظر عن (عبد الملك بن سراج) في: قلائد العقيان للفتح بن خاقان
190، والذخيرة في محاسن أهل الجزيرة لابن بسّام، قسم 2 مجلّد 2/ 808-
812، وترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 816 (في ترجمة أبيه: سراج بن عبد
الله) ، والصلة لابن بشكوال 2/ 363- 365 رقم 363، وخريدة القصر وجريدة
العصر للعماد (قسم شعراء الأندلس) 2/ 501- 503، وبغية الملتمس للضبّي
380 رقم 1068، وإنباه الرواة للقفطي 2/ 207، 208 رقم 410، والمغرب في
حلي المغرب 1/ 115، 116 رقم 52، والإعلام بوفيات الإعلام 201، والعبر
3/ 325، وسير أعلام النبلاء 19/ 133، 134 رقم 70، وتلخيص ابن مكتوم
119، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 56، 57، ومرآة الجنان 3/ 150،
والديباج المذهب لابن فرحون 2/ 17، وبغية الوعاة للسيوطي 2/ 110 رقم
1567، وشذرات الذهب 3/ 392، 393، وشجرة النور الزكية 1/ 122 رقم 351.
[2] تصحف في: ترتيب المدارك 4/ 816 إلى «الإقليلي» بالقاف.
[3] الصلة 2/ 363.
(33/305)
حدَّثنا وأخبرنا واحدٌ، ويحتجّ بقوله
تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها 99: 4 [1] فجعل الحديث والخبر
واحدا [2] .
وقال القاضي عياض [3] : الوزير أبو مروان الحافظ اللُّغَويّ النَّحْويّ
إمام الأندلس في وقته في فنّه، وأَذْكرهم للسان العرب، وأوثقهم على
نقله [4] .
وكان أبوه أبو القاسم قاضي قُرْطُبة من أفضل العلماء.
قال عياض: وأخبرني ابنه أبو الحسين الحافظ أنّ أبا محمد مَكِّيًّا
المقرئ كان يعرض عليه بعض مصنَّفاته، ويأخذ رأيه فيها. وإليه كانت
الرّحلة من أقطار الأندلس [5] .
وقال الْيَسَعُ بنُ حَزْم: لكن ابن سِراج زَيْن الإيمان، وحَسَنة
الزّمان، العلّامة، النّسّابة، ذو الدّعوة المستجابة، والتّسهيل
والإجابة. كان المعتمد يزوره ويعظّمه.
وقال أبو الحسن بن مُغِيث: كان أبو مروان من بيت خيرٍ وفضل، من مشاهير
الموالي بالأندلس. كان جدّهم سِراج من موالي بني أُمَيّة، على ما حكاه
أهل النَّسَب، إلّا أنّ أبا مروان قال لي غير مرّةٍ أنّه من العرب، من
كَلْب بن وبرة، أصابهم سباء [6] .
__________
[1] سورة الزلزال، الآية: 4.
[2] الصلة 2/ 364.
[3] في ترتيب المدارك 4/ 816.
[4] عبارة القاضي عياض في (الترتيب) : «إمام الأندلس في وقته في علم
لسان العرب وضبط لغاتها وأذكرهم لشوارد أشعارها وأوثقهم في ذلك. وإليه
كانت الرحلة من جميع جهات الأندلس» .
[5] وزاد في (الترتيب) : «واحتاج الكثير بعد من شيوخه إلى الأخذ عنه
والاستفادة منه» .
[6] جاء في هامش الأصل من كتاب «الصلة» ما نصّه:
«سراج جدّهم الأعلى يتولّى بني أميّة. وهو من خاصّتهم وأهل الجاه فيهم
والحظوة عندهم.
قال الحافظ أبو علي الطبني: أخرج شيخنا أبو مروان بن سراج محمد، وأكتبه
عبد الرحمن بن معاوية بن سراج في أديم فيه الهؤنة كنسخته: بسم الله
الرحمن الرحيم. هذا عهد واحد من عبيد الرحمن بن مطيع يقال له سراج
رعاية لنشأته عنده وتحذير له عين (كذا: استكتبه الخدمة ونزع إلى السلم
وسبل الجهاد، وقد أذنت له في الدخول مع خاصة قريش ووسط قلادتهم وجهات
عهدي هذا جاريا في عقبه وكل صبيّ في داره من عنقي ... ينزله الآمر بعدي
فليمكّن له في أيامه وليبسط له حسنة العينين من دواب الجبال في دولتي.
وكتب في رجب سنة أربع وخمسين ومائة» . (الصلة 2/ 364 بالحاشية رقم 2) .
(33/306)
اختلف إليه كثيرًا ولازمته، وكان واسع
الرّواية والمعرفة، حافِلَهُما، بحرُ علمٍ، عالمًا بالتّفاسير، ومعاني
القرآن، ومعاني الحديث، أحفظ النّاس للسان العرب، وأصدَقهم فيما يحمله،
وأقَوَمَهم بالعربيّة والأشعار والأخبار والأيّام والأنساب [1] . عنده
يسقط حفظ الحفّاظ ودونه يكون علم العلماء. فاق النّاس في وقته، وكان
حَسَنَة من حسنات الزّمان، وبقيّة الأشراف والأعيان [2] .
وقال أبو عليّ الغسّانيّ: سمعته يقول: مولدي في ثاني عشر ربيع الأوّل
سنة أربعمائة. ومُتِّع بجوارحه على اعتلاء سنِّه، إلى أن تُوُفّي، وهو
حسن البقيّة، متوقِّد الذّهن، سريع الخاطر، في تاسع ذي الحجّة يوم
عَرَفَة [3] ، وصلّى عليه ابنه أبو الحسن سِراج. رحمه الله [4] .
__________
[1] في الصلة 2/ 364 «والأنساب والأيام» .
[2] الصلة 2/ 364 وفيه: «وبقية من الأشراف والأعيان» .
[3] وقع في (بغية الملتمس 380) أن وفاته كانت في سنة ثمان وثمانين
وأربعمائة.
[4] وكان أبو علي قرأ عليه كثيرا من كتب اللغة، والغريب، والأدب، وقيّد
ذلك كلّه عنه، وكانت الرحلة في وقته إليه، ومدار أصحاب الآداب واللغات
عليه. وكان وقور المجلس لا يجسر أحد على الكلام فيه لمهابته وعلوّ
مكانته. (الصلة 2/ 363، 364) .
وقال ابن بسّام في (الذخيرة ق 1 مجلد 2/ 811) : «أحيا كثيرا من
الدواوين الشهيرة الخطيرة التي أحالتها الرواة الذين لم تكمل لهم
الأداة، ولا استجمعت لديهم تلك المعارف والآلات، واستدرك فيها أشياء من
سقط واضعيها، ووهم مؤلّفيها ككتاب «البارع» لأبي علي البغدادي، و «شرح
غريب الحديث» للخطابي، وقاسم بن ثابت السرقسطي، وكتاب «أبيات المعاني»
للقتبي، وكتاب «النبات» لأبي حنيفة، وكتاب «الأمثال» للأصبهاني، وغير
ذلك من كتب الحديث وتفسير القرآن مما لم يحضرني ذكره، ولم يمكن حصره..»
.
وقال العماد في (الخريدة 2/ 501) : «الوزير الفقيه أبو مروان بن سراج.
ذكر أنه درس علوما درست معالمها، ودعا للرفع آدابا تداعت دعائمها، فتح
أقفال المبهمات، وبيّن أغفال المشكلات، وشرح وأوضح، وفضح مناضليه.
وفصح، ولما طوي بساط عمره طويت المعارف، وتنقّص فضلها الوافر، وتقلّص
ظلّها الوارف، ووصفه بالضجر عند السؤال، فما كاد يجيب، والمستفيد منه
يكاد لتغيظه بخيب» .
وقال ابن خاقان في (القلائد 190) : «أودى فطويت المعارف، وتقلّص ظلّها
الوارف، إلّا أنه كان يضجر عند السؤال فما يكاد يفيد، ويتفجّر غيظا على
الطالب حتى يتبلّد ولا يستفيد» .
وجعله الحجاريّ أصمعيّ الأندلس. وأخبر أن صاحب «سفط اللآلي» أثنى عليه
وعلى بيته.
وذكر أن عبد الملك بن أبي الوليد بن جهور عتبة في كونه جاء لزيارته،
وأبو مروان لا يزوره، فقال: أعزّك الله، أنت إذا زرتني قال الناس: أمير
زار عالما تعظيما للعلم، واقتباسا منه، وأنا إذا زرتك قيل: عالم زار
أميرا للطمع في دنياه والرغبة في رفده، ولا يصون علمه. فتعجّبوا من
جوابه. (المغرب في حلي المغرب 115، 116) .
(33/307)
وأبا بكر الحِيريّ، وأبا سعيد
الصَّيْرَفيّ، وعبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حبيب القاضي، ومحمد بن
محمد بن بالوَيْه الصّائغ، والحسين بن عبد الرحمن التّاجر، وعبد الرحمن
بن بالوَيْه، وعليّ بن أحمد بن عَبْدان الشّيرازيّ، وأبا عَمْرو محمد
بن عبد الله الرَّزْجاهيّ [1] ، وعليّ بن محمد بن خَلَف، وأبا حازم عمر
بن أحمد العبدويّ، وجماعة بنَيْسابور.
وهلال بْن مُحَمَّد الحفّار، وأبا الحُسين بْن بِشْران، وابن الفضل
القطّان، والغَضَائريّ [2] ، والإياديّ [3] ، وجماعة ببغداد [4] .
وأبا عبد الله بن نظيف بمكّة.
روى عَنْهُ: إسماعيل بن محمد الحافظ [5] ، وأبو نصر أحمد بن عمر
الغازي، وأبو طاهر أحمد بن حامد الثّقفيّ، ونُعمان بن محمد الكُنْدُوج،
وشَيْبان بن عبد الله المؤدّب، وبُنْدَار بن غانم، وعبد الجبّار بن
محمد بن عليّ الصّالحانيّ.
- حرف القاف-
320- القاسم بْن الفضل بْن أحمد بْن أحمد بن محمود [6] .
__________
[1] الرّزجاهي: بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم وفي آخرها الهاء.
هذه النسبة إلى رزجاه، وهي قرية من قرى بسطام وهي مدينة بقومس.
(الأنساب 6/ 110) .
[2] الغضائريّ: بفتح الغين والضاد المعجمتين والياء المنقوطة من تحتها
باثنتين وفي آخرها الراء.
هذه النسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام. (الأنساب 9/ 155) .
[3] الإيادي: بكسر الألف وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي
آخرها الدال. هذه النسبة إلى إياد بن نزار بن معد بن عدنان وتشعّبت منه
القبائل. (الأنساب 1/ 394) .
[4] سمعهم بها في سنة 413 هـ. (التقييد 430) .
[5] هو أبو الفتح الطرسوسي. (التحبير 1/ 108) .
[6] انظر عن (القاسم بن الفضل) في: التحبير ((انظر فهرس الأعلام) 2/
545، والمنتخب من السياق 422 رقم 1439، والتقييد لابن نقطة 430، 431
رقم 576، والمعين في طبقات المحدّثين 143 رقم 1558، وتذكرة الحفاظ 4/
1227، والإعلام بوفيات الأعلام 201، 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 8- 11
رقم 5، والعبر 3/ 325، ودول الإسلام 2/ 18، والإعلام في تاريخ الإسلام
لابن قاضي شهبة (مخطوط) حوادث سنة 489 هـ، وكشف الظنون 55، 522، وشذرات
الذهب 3/ 393، والرسالة المستطرفة 77، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 178،
ومعجم المؤلفين 8/ 110.
(33/308)
أبو عبد الله الثّقفيّ الأصبهاني. رئيس
إصبهان وكبيرها ومسندها.
ولد سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.
وأوّل سماعه في ذي الحجّة سنة ثلاثٍ وأربعمائة.
سمع: أبا الفَرَج عثمان بن أحمد بن إسحاق بن بُنْدَار البُرْجيّ، وعبد
الله بن أحمد بن حولة الأبْهَريّ، ومحمد بن إبراهيم الْجُرْجَانيّ،
وأبا بكر بن مردوَيْه [1] ، وعليّ بن فيلة الفَرَضيّ، وأحمد بن عبد
الرحمن اليَزْديّ، وجماعة بإصبهان.
ومحمد بن محمد بن مَحْمِش [2] ، ومحمد بن الحُسَين السُّلَميّ، ويحيى
بن إبراهيم المزكّيّ، وأبو المطهَّر الصَّيْدَلانيّ القاسم بن الفضل،
وأَبُو جعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن الصَّيْدلانيّ، وأَبُو رشيد محمد
بن عليّ بن محمد البَاغْبَان [3] ، وأبو عبد الله الحسن بن العبّاس
الرُّسْتُميّ، وحفيده مسعود بن القاسم الثّقفيّ، والحافظ أبو طاهر
السِّلَفيّ، وأبو رشيد عبد الله بن عمر الأصبهاني، وخلْق سواهم.
قال السّمعانيّ: كان ذا رأيٍ وكفاءةٍ وشهامة. وكان أيسر أهل عصره ثروةً
ونعمةً وبضاعةً ونقْدًا [4] .
وكان منفقًا كثير الصَّدَقة، دائم الإحسان إلى الطّارئين والمقيمين
وأهل الحديث عمومًا، وإلى العَلَويّة خصوصًا، كثير الإنفاق عليهم.
وصُرِف في آخر عمره، يعني عن رئاسة البلد، وصودر، فدفع مائة ألف دينار
حُمْر في مدّةٍ يسيرة، لم يَبع في أدائها ضياعًا ولا عقارًا، ولا أظهر
من نفسه انكسارًا إلى أن خرج من عُهْدة ذلك. وكان رجلًا من رجال
الدّنيا. وعُمّر حتّى سُمع منه، الكثير، وانتشرت عنه الرّواية في
الأقطار، ورحلت الطَّلَبة من الأمصار. وكان صحيح السّماع، غير أنّه كان
يميل إلى التَّشيُّع على ما سمعتُ جماعةً من أهل أصبهان.
__________
[1] سمعه في سنة 403 هـ. (التقييد 430) .
[2] سمعه في سنة 409 هـ. (التقييد 430) .
[3] الباغبان: بسكون الغين المعجمة. نسبة إلى حفظ الباغ، وهو البستان.
(الأنساب 2/ 44) .
[4] انظر: المنتخب من السياق 422.
(33/309)
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: لم يحدِّث في وقته
أوثق في الحديث منه وأكثر سماعًا، وأعلى [1] إسنادًا، إلّا أنّه كان
يميل إلى الرَّفْض فيما قيل. سمع «تاريخ يعقوب الفَسَويّ» من ابن الفضل
القطّان، عن ابن درستُوَيْه، عَنْهُ. وسمع «تاريخ ابن مَعِين» من أبي
عبد الرحمن السُّلَميّ [2] .
حُكي لي أنّه وُلِد سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وقيل: سنة سبْعٍ [3] .
وقال غيره: تُوُفّي في رجب [4] .
وقال السِّلَفيّ. [5] كان الرّئيس الثّقفيّ عظيمًا كبيرًا في أعيُن
النّاس، على مجلسه هيبةٌ ووقار. وكان له ثروة وأملاك كثيرة.
وذكر ابن السّمعانيّ في تخريج لولده عبد الرّحيم فقال: كان محمود
السّيرة في ولايته، مُشْفِقًا على الرّعيّة. سمعت أنّ السّلطان ملك شاه
أراد أن يأخذ مالًا من أهل البلد إصبهان، فقال الرّئيس: أنا أُعطي
النِّصْف، ويُعطي الوزير، يعني النّظام، وأبو سعد المستوفي النّصف. فما
قام حتّى وَزَنَ ما قال.
وظنِّي أنّ المال كان أكثر من مائة ألف دينار أحْمَر.
وكان يَبَرُّ المحدِّثين بمالٍ كثير، ورحلوا إليه من الأقطار.
- حرف الميم-
321- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الباقي بن منصور [6] .
__________
[1] في الأصل: «وأملا» .
[2] التقييد 430.
[3] التقييد 430.
[4] المنتخب 422، التقييد 430.
[5] وقد سمع منه في سنة 488 هـ. (التقييد 431) .
[6] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبد الباقي) في: تاريخ دمشق (مخطوطة
التيمورية) 36/ 330، والمنتظم 0/ 101 رقم 143 (17/ 35، 36 رقم 3664) ،
وسؤالات السلفي لخميس الحوزي 120 رقم 117، ومعجم الأدباء 17/ 226- 230،
والكامل في التاريخ 10/ 260، 261، وفيه: «محمد بن عبد الباقي» ، وتاريخ
إربل لابن المستوفي 1/ 51، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 282 رقم
197، والمعين في طبقات المحدّثين 143 رقم 1559، وتذكرة الحفاظ 4/ 1224-
1227، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 109- 113
رقم 61، ودول الإسلام 2/ 18، والعبر 3/ 325، 326، وميزان الاعتدال 3/
465،
(33/310)
الحافظ أبو بكر ابن الخاضبة [1] ،
البغداديّ الدّقّاق.
مفيد بغداد، والمشار إليه في القراءة الصّحيحة مع الصّلاح والورع.
حدَّث عن: أبي بكر الخطيب، وأبي جعفر ابن المسلمة، وأبي الحسين ابن
النّقّور، وعبد الرّحيم بن أحمد البخاريّ، وأحمد بن عليّ
الدِّينَوَريّ.
وأكثر عن أصحاب المخلّص.
ورحل إلى الشّام، والقدس.
وسمع بدمشق من: إمام الجامع عبد الصّمد بن محمد بن تميم [2] .
وأقدم شيخٍ له: مؤدّبه أبو طالب عُمَر بن محمد بن الدَّلْو [3] ، فإنّه
يروي عن أبي عُمَر بن حَيَّوَيْهِ، وتُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين
وأربعمائة.
وسمع بالقدس من: محمد بن مكّيّ بن عثمان الأزْديّ، وعبد الرّحيم
البخاريّ، وأبي الغنائم محمد بن الفرّاء [4] .
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
وكان محبوبًا إلى النّاس كلّهم، فاضلًا، حَسَن الذِّكْر. ما رأيت مثله
على طريقته. وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلّا أعطاه، أو دلّه عند مَن
هو.
وسمعتُ أبا الوفاء بن عقيل الحنبليّ الإمام يقول، وذَكَر شدَّةً أصابته
بمطالبةٍ طُولِب بها، وأنّه كانت له عند ذلك خَلوات يدعو ربَّه فيها
ويناجيه، فقرأ في مناجاته: فَلَئنْ قلتَ لي يا ربّ: هل واليتَ فيَّ
وليًّا؟ أقول: نعم يا رب، أبو
__________
[ () ] والمغني في الضعفاء 2/ 548، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 5، 6
رقم 2، ومرآة الجنان 3/ 151، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 55، 56،
والبداية والنهاية 12/ 153، ولسان الميزان 5/ 57، وطبقات الحفاظ 448،
449، وشذرات الذهب 3/ 393، معجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 149 رقم 1009.
[1] تحرّفت في (البداية والنهاية 12/ 153) إلى: «الحاضنة» .
[2] تاريخ دمشق 36/ 330، وقال ابن عساكر: اجتاز بدمشق، وكتب الحديث
الكثير بخط حسن صحيح وكان مفيد بغداد في زمانه، وكان رجلا صالحا، حسن
الأخلاق، متواضعا.
[3] كان يسكن بنهر طابق، وكان رجلا صالحا. (معجم الأدباء 17/ 229) حكى
عنه ابن الخاضبة حكاية طريفة، وقيل إن الحكاية جرت مع ابن الخاضبة
نفسه.
[4] تحرّفت في سير أعلام النبلاء 19/ 110 إلى «الغرّاء» .
(33/311)
بكر ابن الخاضبة. ولئن قلتَ هل عاديتَ فيَّ
عدُّوًا؟ أقول: نعم يا ربّ فُلانًا، ولم يُسمِّه لنا.
فأخبرت ابن الخاضبة بقوله. فقال: اغترّ الشّيخ.
وقال ابن السّمعانيّ: نسخَ «صحيح مسلم» سنة الغرق بالأُجرة سبْع مرّات.
وقال ابن طاهر: ما كان في الدّنيا أحسن قراءةً للحديث من ابن الخاضبة
في وقته، لو سمع بقراءته إنسانٌ يومين لَمَا ملَّ من قراءته [1] .
وقال السِّلَفيّ: [2] سألتُ أبا الكرم الحَوْزِيّ عن ابن الخاضبة،
فقال: كان علّامةً في الأدب، قُدْوَةً في الحديث، جيّد اللّسان، جامعًا
لخلال الخير. ما رأيتُ ببغداد من أهلها أحسنَ قراءةً للحديث منه، ولا
أعرف بما يقوله.
وقال ابن النّجّار: كان ابن الخاضبة ورِعًا، تقيًّا، زاهدًا، ثقة،
محبوبًا إلى النّاس. روى اليسير.
وقال أبو الحسن عليّ بن محمد الفصيحيّ: ما رأيت في أصحاب الحديث أقْوَم
باللُّغة من ابن الخاضبة.
وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر العَبْدَرِيّ عنه، فقال: كان خيرَ
موجودٍ في وقته. وكان لا يحفظ، إنّما يعوّل على الكُتُب.
وقال ابن طاهر: سمعتُ ابن الخاضبة، وكنتُ ذكرت له أنّ بعض الهاشميّين
حدَّثني بإصبهان، أنّ الشّريف أبا الحسين بن الغريق [3] يرى الاعتزال،
فقال لي: لا أدري، ولكن أحكي لك حكاية: لمّا كان في سنة الغَرَق [4]
وقعت داري على قماشي وكُتُبي، ولم يكن لي شيء. وكان عندي الوالدة
والزّوجة والبنات، فكنتُ أنسخ للنّاس، وأُنفق عليهنّ، فأعرف أنّني
كتبتُ «صحيح مسلم»
__________
[1] المستفاد من ذيل تاريخ بغداد.
[2] في سؤالاته لخميس الحوزي 120.
[3] في سير أعلام النبلاء 19/ 112 «أبا الحسين بن المهتدي باللَّه» .
[4] وكان ذلك في سنة 466 هـ. كما ورد في هامش (معجم الأدباء 17/ 227
الحاشية 2) .
(33/312)
في تلك السّنة سبع مرّات، فلمّا كان ليلة
من اللّيالي رأيتُ كأنّ القيامة قد قامت، ومناديا ينادي: أين ابن
الخاضبة؟ فأُحْضِرتُ، فقيل لي: أدخل الجنة. فلما دخلت الباب، وصرت من
داخل استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رِجْليَّ على الأخرى، وقلت: استرحتُ
والله من النّسخ [1] . فرفعتُ رأسي، فإذا ببغْلة في يد غلام فقلت: لمن
هذه؟ فقال: للشريف أبي الحسين ابن الغريق. فلمّا أصبحت نُعي إلينا
الشّريف [2] .
وقال ابن عساكر: [3] سمعتُ أبا الفضل محمد بن محمد بن عطّاف يحكي أنّه
طلع في بعض بني الرّؤساء ببغداد إصْبعٌ زائدة، فاشتدّ تألُّمُه منها
ليلةً، فدخل عليه ابن الخاضبة، فشكا إليه وجَعَه، فمسح عليها وقال:
أمرُها يسير.
فلمّا كانت اللّيلة الثّانية نام وانتبه، فوجدها قد سقطت. أو كما قال.
تُوُفّي رحمه الله في ثاني ربيع الأوّل ببغداد، وكان يومًا مشهودًا،
وخُتِم على قبره خَتْمات [4] .
322- محمد بن الحسن [5] .
أبو بكر الحضْرميّ، المعروف بالمُرَاديّ القيروانيّ.
__________
[1] إلى هنا في (معجم الأدباء) .
[2] المنتظم 9/ 101 (17/ 36) ، معجم الأدباء 17/ 227، 228، تذكرة
الحفاظ 4/ 1226، سير أعلام النبلاء 19/ 112، عيون التواريخ 3/ 56،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 6، الوافي بالوفيات 2/ 90، البداية
والنهاية 12/ 153.
[3] في تاريخ دمشق 36/ 330.
[4] قال ابن الجوزي: كان معروفا بالإفادة، وجودة القراءة، وحسن الخط،
وجودة النقل، وجمع علم القراءات والحديث، وأكثر من أبي بكر الخطيب،
وأصحاب المخلص، والكتاني. حدّثنا عنه شيوخنا وكانوا يثنون عليه،
وعاجلته المنيّة قبل الرواية. (المنتظم) .
وأنشده أبو علي إسماعيل بن قليّة ببيت المقدس:
كتبت إليك إليّ الكتاب ... وأودعته منك حسن الخطاب
لتقرأه أنت لا بل أنا ... وينفذ مني إليّ الجواب
وقال ياقوت: إنما ذكرت ابن الخاضبة في كتابي هذا وإن لم يكن ممن اشتهر
بالأدب لأشياء منها أنه كان قارئا ورّاقا، وله حكايات ممتعة، ولم يكن
بالعاري من الأدب بالكلية. (معجم الأدباء 17/ 230) .
[5] انظر عن (محمد بن الحسن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 604، 605 رقم
1326، ومعجم المؤلفين 9/ 188.
(33/313)
دخل الأندلس، وأخذ عنه أهلها.
روى عنه: أبو الحسن المقرئ ابن الباذش، وقال فيه: كان رجلًا نبيهًا،
عالمًا بالفقه، وإمامًا في أصول الدّين، وله في ذلك تصانيف حِسان
مفيدة، وله حظٌّ وافر من البلاغة والفصاحة.
وقال أبو العبّاس: دخل قُرْطُبة في سنة سبْعٍ وثمانين رجل من
القَرَويّين، وهو أبو بكر المُرَاديّ، له نُهُوضٌ في علم الاعتقادات،
ومشاركة في الأدب والقريض. اختلف إلى أبي مروان بن سِراج في سماع
«التَّبْصرة» لمكّيّ، وحدَّثني بكتاب «فقه اللّغة» مشافهةً، عن عبد
الرحمن بن عُمَر التّميميّ القصديريّ، عن محمد بن عليّ التّميميّ، عن
إسماعيل بن عَبْدوس النَّيْسابوريّ، عن مصنِّفه أبي منصور الثَّعالبيّ،
وبلغني موته سنة 89.
قلت: له رسالة «الإيماء إلى مسألة الاستواء» .
323- محمد بن عليّ بن محمد بن عُمَير الزّاهد [1] .
أبو عبد الله العُمَيْريّ الهَرَويّ، الرّجل الصّالح.
وُلِد سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.
وأوّل سماعه سنة سبع وأربعمائة.
سمع من أبيه عليّ بن محمد بن عُمَير بن محمد بن عُمَير، عن العبّاس بن
الفضل النَّضْرويّ [2] .
وسمع من: عليّ بن أبي طالب الخَوارَزْميّ، وعليّ بن جعفر القُهُندُزِيّ
[3] ، وعبد الرحمن بن محمد أبي الحسن الدّيناريّ، ومحمد بن أبي اليمان
منصور
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي العميري) في: الأنساب 9/ 61، والمنتظم 9/ 101
رقم 144 (17/ 36 رقم 3665) ، والمعين في طبقات المحدّثين 142 رقم 1555،
وتذكرة الحفاظ 4/ 1227، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير أعلام
النبلاء 19/ 69- 71 رقم 38، والعبر 3/ 326، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/
ورقة 57، والوافي بالوفيات 4/ 141، وشذرات الذهب 3/ 394.
[2] النّضرويّ: بفتح النون وسكون الضاد، وضم الراء. وآخره ياء.
[3] في الأصل: «القهندري» بالموضعين، بالراء المهملة، وهي: القهندزي:
بضم القاف، والهاء، وسكون النون، وضم الدال المهملة، وزاي مكسورة. نسبة
إلى قهندز: المدينة الداخلة المسوّرة. (الأنساب 10/ 274، معجم البلدان
4/ 419) .
(33/314)
الخطيب، وأبي إسماعيل محمد بن عبد الرحمن
الحدّاد، ويحيى بن عبد الله البزّاز، ومحمد بن إبراهيم بن أُمَيَّة،
وأبي بِشْر الحسن بن محمد بن أحمد القُهُندُزِيّ، وشُعَيب بن محمد
البُوسَنْجيّ [1] ، وضمام بن محمد الشَّعْرانيّ، وخلْق كثير بهَرَاة،
وأبي بكر أحمد بن الحسن الحِيريّ النَّيْسابوريّ بها. وأبي عليّ بن
شاذان، وطبقته ببغداد.
وقال الفامِيّ في «تاريخ هَرَاة» : العُمَيْريّ تفرَّد عن أقرانه،
وتوحّد عن أبناء زمانه بالعِلْم والزُّهْد في الدّنيا، والإتقان في
الرّواية، والرّغبة في التّحديث، والتّجرّد من الدّنيا، والإعراض عن
حطامها، والإقبال على الآخرة.
وقال محمد بن عبد الواحد الدقاق: أبو عبد الله العُمَيْريّ ليس له
نظيرٌ بخُراسان، فكيف بهَرَاة.
وقال في رسالته: ولم أرَ في شيوخي كالإمام الزّاهد المتقن أبي عبد الله
العُمَيْريّ، رحمةُ الله عليه.
وقال غيره: كان فقيها إماما ورعا قدوة، واسع الرواية، حدَّث بالكثير.
وقد حجّ في سنة عشرين وأربعمائة.
قال السّمعانيّ: ودخل بلاد اليمن، ورجع، فقدِم بغداد سنة ثلاثٍ وعشرين.
وسمع بمكّة من محمد بن الحُسَين الصَّنْعانيّ.
وبنَيْسابور من: أبي بكر الحِيريّ، وأبي سعيد الصَّيْرَفيّ.
وببغداد من: الحرفيّ، وابن شاذان، وعثمان بن دُوَسْت.
وبهَرَاة من: يحيى بن عمّار، وأبي يعقوب القرّاب، ومحمد بن جبريل بن
ماحٍ.
روى عنه: أبو طاهر المقدسيّ، والمؤتَمَن السّاجيّ، وأبو عبد الله
الدّقّاق، وأبو الوقت عبد الأوّل، وعليّ بن حمزة، والْجُنَيد بن محمد،
والقاسم بن عمر
__________
[1] البوسنجي: بضم الباء الموحّدة، وسكون الواو، وفتح السين المهملة،
وسكون النون، وجيم مكسورة. ويقال: بوشنجي بالشين المعجمة.
(33/315)
الفصّاد، ومحمد بن أبي عليّ الهَمَذَانيّ،
وأبو النَّضْر الفامِيّ.
وقال أبو جعفر محمد بن أبي عليّ: قال لي أبو إسماعيل الأنصاريّ:
احفظ الشّيخ أبا عبد الله العُمَيْريّ، واكتب عنه، فإنّه متقنٌ. مع ما
كان بينهما من الوحشة.
قال أبو جعفر: وكان فقيهًا محدّثًا سُنّيًّا.
وسُئل إسماعيل الحافظ عنه، فقال: إمامٌ زاهد.
تُوُفّي العُمَيْريّ رحمه الله في المحرَّم.
324- محمد بن عليّ بن محمد الحماميّ [1] .
أبو ياسر البغداديّ.
قال السّمعانيّ: كان إمامًا في القراءات، ضابطا لها. كتبت بخطّه الكثير
من القراءات والحديث والكُتُب الكبار في معاني القرآن.
وكان ثقة.
قرأ على: أبي بكر محمد بن علي بن موسى الحنّاط.
ورحل إلى غلام الهرّاس فأكثر عنه.
وسمع من: أبي جعفر ابن المسلمة، وجماعة.
وتُوُفّي في المحرَّم [2] .
325- محمد بن عليّ [3] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي الحمامي) في: المنتظم 9/ 101، 102 رقم 145
(17/ 36 رقم 3666) ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 466، 467 (دون رقم) ،
وغاية النهاية 2/ 214 رقم 3295.
[2] وقد أنشد:
دحرجني الدّهرُ إِلَى مَعْشَرٍ ... ما فيهم للخير مستَمتَعُ
إن حدّثوا لم يفهموا لفظه ... أو حدّثوا ضجّوا فلم يسمعوا
(المنتظم) .
وقد صنّف كتاب «الإيجاز» في القراءات، قرأ عليه به أبو بكر المزرفي.
قال ابن الجميزي:
قرأت بهذا الكتاب على شيخنا ابن أبي عصرون، وقرأ به على المزرفي.
(معرفة القراء الكبار) .
[3] تقدّمت ترجمته برقم (290) .
(33/316)
القاضي أبو سعيد البَغَوي الدّبّاس.
مرَّ في العام الماضي.
أعدتّه لقول بعضهم: تُوُفّي سنة تسعٍ وثمانين.
روى عنه: محمد بن عبد الرحمن الحمدونيّ، وأحمد بن ياسر المقرئ، وأبو
الفضل اللّيث بن أحمد، وعبد الصّمد بن محمد الخطيب، وعبد الرحمن بن
محمد بن عمر، وخلْق.
326- محمد بن محمد بن أحمد بن هميماه [1] .
أبو نصر الرّامشيّ النَّيْسابوريّ المقرئ، ابن بنت الرّئيس منصور بن
رامش.
سمع من أصحاب الأصمّ.
وسمع بمكّة، والعراق، والشّام، وهراة.
وحدَّث عن: أبي الفضل عمر بن إبراهيم الزّاهد، وعبد الرحمن بن محمد
السّرّاج، وعليّ بن محمد الطّرازيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ السّقّاء،
والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه الثّقفيّ، ومحمد بن الحسين بن
التُّرْجُمان والرّمليّ، وأبي عليّ بن أبي نصر التّميميّ، وأبي العلاء
بن سُليمان المقرئ.
قال عبد الغافر: [2] ولد سنة أربع وأربعمائة. وسمع مع أخواله. وعقد
مجلس الإملاء في المدرسة العميديّة فأملى [3] سِنين.
وأنشدني لنفسه:
سَوَّدَ أيّامي المَشِيبُ ... وابْيَضَّتِ الرَّوضةُ العشيبُ
وكان روضُ الشّبابِ غَضًّا ... نوّار أشجاره رطيب
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد الرامشي) في: الأنساب 6/ 50، وفيه «محمد بن
محمد بن محمد بن هميماه» ، والمنتظم 9/ 102 رقم 146 (17/ 37 رقم 3667)
، والمنتخب من السياق 64 رقم 130، ومعجم الأدباء 19/ 45 وفيه «همماه» ،
وبغية الوعاة 1/ 218 رقم 392.
[2] في المنتخب 64.
[3] في الأصل: «فأملا» .
(33/317)
فصار عَيْشي مريرَ طعْمٍ ... وعَيْشُ ذي
الشَّيْب لا يَطيبُ
وله:
وكنت صحيحًا والشّبابُ مُنادِمي ... فأنْهَلَني صَفْوَ الشّراب [1]
وعلَّني
وزدتُ على خمسٍ ثمانين حجّةً ... فجاء مشيبي بالضَّنَى [2] فأعلّني [3]
قال ابن عساكر: كان عارفًا بالنَّحْوِ وعلوم القرآن. حدَّثنا عنه: عمر
بن أحمد الصّفّار، وعبد الله بن الفُرَاويّ [4] .
وقال عبد الغافر: [5] لمّا طعن في السّنّ تبرّز في القراءات وعلوم
القرآن، وكان له حظٌّ صالح من النَّحو. وهو إمام في فنّه. ارتبطه نظام
المُلْك في المدرسة المعمورة بنَيْسابور، ليُقرِئ في المسجد المَبْنِيّ
فيها، فتخرَّج به جماعة [6] .
وتُوُفْي في جُمَادى الأولى.
قلت: وروى عنه: عبد الخالق بن زاهر، وإسماعيل العصائديّ، وجماعة [7] .
__________
[1] في بغية الوعاة: «الشباب» .
[2] في الأصل: «بالضنا» .
[3] بغية الوعاة 1/ 218 وفيه زيادة بيت:
سئمت تكاليف الحياة وعلّتي ... وما في ضميري من عسى ولعلّني
وله:
إن تلقك الغربة في معشر ... قد أجمعوا فيك على بغضهم
قدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم
[4] وقال ابن الجوزي: سافر الكثير، وسمع الكثير، ورحل في طلب القراءات
والحديث. وكان مبرّزا في علوم القرآن، وله حظّ في علم العربية، وأملى
بنيسابور سنين. (المنتظم) .
[5] في المنتخب 64.
[6] وزاد عبد الغافر: ولم يزل يفيد إلى آخر عمره. وله شعر كثير، وفيه
أسباب وآداب من آداب المنادمة. سمع حضرا وسفرا.. وغالب ظني أنه لقي أبا
العلاء المعرّي في سفره.
[7] ومن شعره:
ولما برزنا للرحيل وقرّبت ... كرام المطايا والركاب تسير
وضعت على صدري يديّ مبادرا ... فقالوا: محبّ للعناق يشير
فقلت: ومن لي بالعناق وإنّما ... تداركت قلبي حين كاد يطير
وقال:
(33/318)
327- محمد بن عبد الواحد بن محمد [1] .
أبو بكر الأصبهاني.
سمع: أبا منصور بن مهريُزد صاحب أبا عليّ الصّحّاف.
قال أبو طاهر السلفي: لم يمت أحد من شيوخي قبله، ولا أنا [2] عن ابن
مهرزاد [3] سواه.
قلت: مات قُبَيْل الرّئيس الثّقفيّ [4] .
328- محمد بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [5] .
أبو عَبْد اللَّه المَدِينيّ المقرئ.
سمع مجلسًا من أحمد بن عبد الرحمن اليزديّ في سنة تسع وأربعمائة.
وهو من كبار شيوخ السِّلَفيّ، لا أعلم وفاته، بل سُمِع منه في هذه
السّنة.
قال السِّلَفيّ: هو أوّل من كتبتُ عَنْهُ الحديث.
ثمّ وجدت في «تاريخ ابن النّجّار» قد زاد في نسبه محمد بن إبراهيم بن
عبد الوهّاب بن بَهْمَن بن كُوشِيذ.
سمع: القاضي أبا بكر اليَزْديّ، وأبا بكر بن أبي عليّ المزكّيّ، وعبد
الرحمن بن محمد بن عُبَيْد الله، ومحمد بن صالح العطّار.
وحدَّث ببغداد.
سمع منه: أبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ، والسِّلَفيّ.
وقال أبو زكريّا يحيى بن مَنْدَهْ: كان شُرُوطيًّا، ثقة، أمينًا،
أديبا، ورعا.
__________
[ () ]
وإذا لقيت صعوبة في حاجة ... فاحمل صعوبتها على الدينار
وابعثه فيما تشتهيه فإنه ... حجر يليّن سائر الأحجار
(معجم الأدباء 19/ 45) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] اختصار: أخبرنا.
[3] هكذا في الأصل، وقد تقدّم أنه «مهريرد» .
[4] هو: القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي رئيس أصبهان. وقد تقدّمت
ترجمته برقم (320) .
[5] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الرحمن) في: سير أعلام النبلاء 19/
72، 73 رقم 40، وغاية النهاية 2/ 241 رقم 3416.
(33/319)
قرأ كتاب «الحُجّة» لأبي عليّ الفارسيّ،
على أبي عليّ المَرْزُوقيّ، ولزِمه مدّة.
وُلِد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. ومات في حادي عشر شعبان سنة 89.
329- مُظهر بن أحمد بن عبد الله [1] .
أبو سعْد المُضَريّ [2] السُّكّريّ الأصبهاني.
قدِم بغداد للحجّ.
وحدَّث عن: أبي بكر بن أبي علي الذكواني، وأبي الحسين بن فاذشاه.
روى عنه: عمر بن ظفر، وغيره.
وله شعر حسن.
توفي في شعبان.
330- معمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أبان [3]
.
أبو منصور العبدي اللنباني [4] الأصبهاني.
شيخ الصوفية.
قال السلفي: هو شيخ شيوخ أصبهان. لم يكن يدانيه في رتبته أحد. روى لنا
عن: أبي الحسين بن فاذشاه [5] ، وأبي بكر بن رُنْدَة [6] ، وعليّ بن
أحمد بن مهْران الصّحّاف.
وله إجازة من أبي علي بن شاذان.
وتفقه على أبي محمد الكروني الشافعي، ورزق جاها وهيبة عند السّلاطين.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] المضريّ: بضم الميم، وفتح الضاد المعجمة، وفي آخرها الراء. هذه
النسبة إلى مضر، وهي القبيلة المعروفة التي ينسب إليها قريش وهو مُضَرَ
بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ. (الأنساب 11/ 357) .
[3] انظر عن (معمر بن أحمد) في: الأنساب 11/ 32، 33، والتحبير 2/ 53،
ومعجم البلدان 4/ 266، والعبر 3/ 129.
[4] اللّنبانيّ: بضم اللام وسكون النون، ثم باء موحدة من تحتها وألف
ونون. نسبة إلى محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب 11/ 32) .
[5] في الأنساب 11/ 33: «فاذمشاه» .
[6] رندة: بضم الراء المهملة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة.
(33/320)
وتوفي في شهر رمضان سنة تسع وثمانين.
وجدهم أحمد يروي عن: ابن أبي الدّنيا، والحارث بن أبي أُسامة.
331- منصور بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الجبّار بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد
بْن جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن عبد الجبّار بن الفضل بن الربيع بن مسلم
بن عبد الله [1] .
الإمام أبو المظفّر السَّمعانيّ التّميميّ المَرْوَزِيّ، الفقيه
الحنفيّ ثمّ الشّافعيّ.
تفقّه على والده الإمام أبي منصور حتّى برع في مذهب أبي حنيفة وبرّز
على أقرانه [2] .
وسمع: أباه، وأبا غانم أحمد بن عليّ الكُراعيّ [3] وهو أكبر شيوخه،
وأبا بكر التُّرابيّ.
وبنَيْسابور: أبا صالح المؤذّن، وجماعة.
وبجُرْجَان: أبا القاسم الخلّال.
وببغداد: [4] عبد الصّمد بن المأمون، وأبا الحسين بن المهتدي باللَّه.
__________
[1] انظر عن (منصور بن محمد) في: التحبير (انظر فهرس الأعلام) 2/ 570،
والأنساب 7/ 139، 140، والمنتظم 9/ 102 رقم 147 (17/ 17/ 37، 38 رقم
3668) ، والمنتخب من السياق 442- 444 رقم 1497، والتدوين في أخبار
قزوين 4/ 118- 121، واللباب 2/ 138، 139، ووفيات الأعيان 3/ 211 (في
ترجمة حفيده) ، والمعين في طبقات المحدّثين 143 رقم 1560، وتذكرة
الحفاظ 4/ 1227، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/
114- 119 رقم 62، ودول الإسلام 2/ 18، والعبر 3/ 326، وعيون التواريخ
(مخطوط) 13/ ورقة 54، ومرآة الجنان 3/ 151، 152، وطبقات الشافعية
الكبرى للسبكي 4/ 21- 26 وفيه: «منصور بن أحمد» ، وطبقات الشافعية
للإسنويّ 2/ 29، 30، والبداية والنهاية 12/ 153، 154، وطبقات الشافعية
لابن قاضي شهبة 1/ 281، 282 رقم 240، والنجوم الزاهرة 5/ 160، وطبقات
المفسّرين للداوديّ 2/ 339، 340 رقم 651، ومفتاح السعادة 2/ 332، وكشف
الظنون 107، 151، وشذرات الذهب 3/ 393، 394، وهدية العارفين 2/ 473.
وديوان الإسلام 3/ 37، 38 رقم 1148، والرسالة المستطرفة 43، والأعلام
8/ 243، ومعجم المؤلفين 13/ 20.
[2] المنتظم 9/ 102 (17/ 37) .
[3] الكراعي: بضم الكاف وفتح الراء وفي آخرها العين المهملة. هذه
النسبة إلى بيع الأكارع والرءوس. اشتهر بهذه النسبة أهل بيت بمرو، من
رواة الحديث. منهم أبو غانم الكراعي هذا. (الأنساب 10/ 374) .
[4] ورد إليها سنة 461 هـ. (المنتظم) .
(33/321)
وبالحجاز: أبا القاسم سعد بن عليّ، وأبا
عليّ الشّافعيّ، وطائفة سواهم.
قال حفيده الحافظ أبو سعْد: نا عنه عمّي الأكبر، وعمر بن محمد
السَّرْخَسِيّ، وأبو نصر محمد بن محمد بن يوسف الفاشانيّ [1] ، ومحمد
بن أبي بكر السّنجيّ، وإسماعيل بن محمد التّيميّ الحافظ أبو القاسم،
وأبو نصر أحمد بن عمر الغازيّ، وأبو سعْد البغداديّ، وجماعة كثيرة
سواهم.
ودخل بغداد في سنة إحدى وستّين وأربعمائة، وسمع الكثير بها. واجتمع
بأبي إسحاق الشّيرازيّ، وناظر أبا نصْر بن الصّبّاغ في مسألةٍ [2] .
وانتقل إلى مذهب الشّافعيّ. وسار إلى الحجاز في البرّيّة. وكان
الرَّكْبُ قد انقطع لاستيلاء العرب، فقصد مكّة في جماعة، فأُخِذوا،
وأُخِذ جدّي معهم، ووقع إلى حلل العرب، وصبرَ إلى أن خلّصه الله،
وحملوه إلى مكّة، وبقي بها في صُحْبة الشّيخ أبي القاسم الزَّنْجانيّ
[3] .
وسمعتُ محمد بن أحمد المَدِينيّ يحكي عن الحسين بن الحسن الصُّوفيّ
المَرْوَزِيّ، عن أبي المظفّر السّمعانيّ قال: لمّا دخلت البادية
انقطعتُ، وقطعَت العرب علينا الطّريق، وأُسِرنا، وكنتُ أخرج مع جِمالهم
أرعاها. وما قلتُ لهم أنّي أعرِف شيئًا من العلم، فاتّفق أنّ مقدَّم
العرب أراد أن يزّوج [4] بنتَه من رجلٍ، فقالوا: نحتاج أنْ نخرج إلى
بعض البلاد، ليعقد هذا العقْد بعضُ الفُقهاء. فقال واحدٌ من
المأخُوذين: هذا الرّجل الّذي يخرجُ مع جِمالكم إلى الصّحراء فقيه
خُراسان. فاستدعوني، وسألوني عن أشياء، فأجبتهم، وكلّمتهم بالعربيّة،
فخجلوا واعتذروا، وعقدت لهم العقْد، وقرأتُ الخطبة، ففرحوا، وسألوني أن
أقبل منهم شيئًا، فامتنعت، فحملوني إلى مكّة في وسط السّنة [5] .
__________
[1] الفاشاني: بفتح الفاء والشين المعجمة، وفي آخرها النون. هذه النسبة
إلى قرية من مرو يقال لها: فاشان. وقد يقال لها بالباء. وبهراة قرية
أخرى يقال لها باشان بالباء الموحّدة. (الأنساب 9/ 225، 226) وقد
تحرّفت في (الأنساب 7/ 140) إلى: «القاشاني» بالقاف.
[2] زاد في التدوين في أخبار قزوين 4/ 118 «أحسن الكلام فيها» .
[3] التدوين 4/ 118 وفيه نقص يمكن تداركه من هنا عند قوله: «وكان
الطريق قد انقطع من بغداد إلى مكة بسبب استيلاء. فركبت تلك السنة..» .
وتمام الجملة: «بسبب استيلاء العرب» .
[4] في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 22: «يتزوج» ، وهو غلط.
[5] طبقات الشافعية الكبرى 4/ 22.
(33/322)
وذكره أبو الحسن عبد الغافر في «سياقه» [1]
، فقال: هو وحيد عصره في وقته فضلًا، وطريقة، وزُهدًا، وورعًا، من بيت
العلم والزُّهْد. تفقّه بأبيه، وصار من فُحُول أهل النَّظر، وأخذ
يُطالع كُتُب الحديث [2] ، وحجّ، فلمّا رجع إلى وطنه، ترك طريقته الّتي
ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة، وتحوَّل شافعيًّا. أظهر ذلك في سنة
ثمان وستّين وأربعمائة. واضطّرب أهل مرْو لذلك، وتشوَّش العَوَامّ [3]
، إلى أن وردت الكُتُب من جهة بلكابَك من بلْخ في شأنه والتّشديد عليه،
فخرج من مرْو في أوّل رمضان، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم المُوسَويّ،
وطائفة من الأصحاب، وخرج في خدمته جماعة من الفقهاء وصار إلى طُوس،
وقصد نَيْسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالًا عظيمًا.
وكان في نوبة نظام المُلْك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور،
فأكرموا مورده، وأنزلوه في عزٍّ وحِشْمة [4] ، وعقد له مجلس التّذكير
في مدرسة الشّافعيّة.
وكان بحرًا في الوعْظ، حافظًا لكثير من الرّوايات والحكايات والنُّكَت
والأشعار، فظهر له القبول عند الخاصّ والعامّ. واستحكم أمره في مذهب
الشّافعيّ. ثمّ عاد إلى مرْو، ودرّس بها في مدرسة أصحاب الشّافعيّ،
وقدّمه نظام المُلْك على أقرانه، وعلا أمرُه، وظهر له الأصحاب [5] .
وخرج إلى إصبهان، ورجع إلى مرْو. وكان قبوله كلَّ يومٍ في علوّ.
واتّفقت له تصانيف
__________
[1] المنتخب من السياق 442، ونقل عنه الرافعي باختصار في (التدوين 4/
119) .
[2] في المنتخب: «وبقي على ذلك حنفيّ المذهب يدرس ويناظر ويطالع كتب
الحديث، وخرج في شبابه إلى الحج.
وقدم نيسابور، وحضر مجلس المناظرة، وتكلم في المسائل بحضرة إمام
الحرمين، فارتضى كلامه وخاطره، وأثنى عليه، وأقرّ له بفقه خاطره وطبعه.
سمعت من واثق به أنه قال: لولا عقلة قليلة في لسانه لقبض على حربائه،
ولسبق بفضله درجة أقرانه» . (442، 443) .
[3] وقالوا: طريقة ناظر عليها أكثر من ثلاثين سنة ثم تحوّل عنها؟!
(المنتظم) .
[4] زاد في المنتخب 443: «وقام عميد الحضرة بكفايته مع من معه» .
[5] زاد عبد الغافر الفارسيّ: «واتفق له الحضور بعد ذلك إلى نيسابور،
بعد ما شاب، وسمع بقراءتي الكثير، وكان راغبا في ذلك، قلّ ما كان يحضر
مجلسا إلّا ويأمرني بالقراءة. وكانت قراءاتي أحبّ إليه من قراءة نفسه»
. (444) .
(33/323)
في الخلاف مشهورة، مثل كتاب «الاصطلام» ،
وكتاب «البرهان» ، و «الأمالي» في الحديث. وتعصّب للسُّنّة والجماعة
وأهل الحديث. وكان شوكًا في أعيُن المخالفين، وحُجّةً لأهل السُّنّة.
قال أبو سعْد: [1] صنَّف في التّفسير، والفقه، والأصول، والحديث،
«فالتّفسير» في ثلاث مجلّدات، وكتاب «البرهان» [2] و «الاصطلام» [3]
الّذي شاع في الأقطار، وكتاب «القواطع» في أصول الفقه.
وله في الآثار كتاب «الانتصار» و «الرّدّ على المخالفين» [4] ، وكتاب
«المنهاج لأهل السّنّة» ، وكتاب «القدر» .
وأملى قريبًا من تسعين مجلسًا [5] .
وسمعتُ بعض المشايخ يحدّث عن رفيق جدّي في الحجّ الحُسَين بن الحسن
الصُّوفيّ قال: اكْترينا حمارًا ركِبه الإمام أبو المظفّر إلى خَرَق،
وهي ثلاثة فراسخ من مرْو، فنزلنا بها، وقلت: ما مَعَنَا إلّا إبريق
خَزَف، فلو اشترينا آخر. فأخرج من جيبه خمسة دراهم، وقال: يا حُسَين،
ليس معي إلّا هذا، خُذ واشترِ ما شئت، ولا تطلب بعد هذا منّي شيئًا.
فخرجنا على التّجريد، وفتح الله لنا [6] .
سمعتُ شهردار بن شيروَيْه بهَمَذَان يقول: سمعت منصور بن أحمد
الإسفزاريّ [7] ، وسأله أبي، فقال: سمعتُ أبا المظفّر السّمعانيّ يقول:
كنت على
__________
[1] في الأنساب 7/ 139.
[2] قال ابن السمعاني: وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية. وانظر:
وفيات الأعيان 3/ 211.
[3] هو مختصر كتاب البرهان. ردّ فيه على أبي زيد الدّبوسي، وأجاب عن
الأسرار التي جمعها.
(الأنساب 7/ 139) . وله كتاب «الأوسط» اختصره من «البرهان» أيضا، ووقع
في الأنساب:
«الأوساط» ، وانظر: وفيات الأعيان.
[4] في (الأنساب 7/ 139) : «الردّ على القدرية» ، وكذا في (وفيات
الأعيان 3/ 211) .
[5] وقال ابن السمعاني: «وقد جمع الأحاديث الألف الحسان من مسموعاته عن
مائة شيخ له، عن كل شيخ عشرة أحاديث» . (الأنساب 7/ 140) .
[6] طبقات الشافعية الكبرى 4/ 24.
[7] الإسفزاري: بكسر الألف وسكون السين المهملة وكسر الفاء وفتح الزاي
وفي آخرها الراء بعد الألف. هذه النسبة إلى إسفزار «وهي مدينة بين هراة
وسجستان. (الأنساب 1/ 239) .
(33/324)
مذهب أبي حنيفة، فبدا لي أن أرجع إلى مذهب
الشّافعيّ، وكنتُ متردّدًا في ذلك. فحججْتُ، فلمّا بلغت سميراء [1] ،
رأيت ربّ العزَّة في المنام، فقال لي:
عُدْ يا أبا المظفّر. فانتبهت، وعلمتُ أنّه يريد مذهب الشّافعيّ،
فرجعتُ إلى مذهب الشّافعيّ [2] .
وقال الحسين بن أحمد الحاجيّ: خرجتُ مع الإمام أبي المظفّر إلى الحجّ،
فكلّما دخلنا بلدةً نزل على الصُّوفيّة، وطلب الحديث من المشيخة. ولم
يزل يقول في دعائه: اللهمّ بيّن لي الحقّ من الباطل. فلمّا دخلنا مكّة،
نزل على أحمد بن عليّ بن أسد، ودخلتُ في صُحْبة سعْد الزَّنْجانيّ، ولم
يزل معه حتّى صار ببركته من أصحاب الحديث. فخرجنا من مكّة، وتركنا
الكُلّ، واشتغل هو بالحديث [3] .
قرأتُ بخطّ أبي جعفر الهِمَذَانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المظفّر يقول:
كنت في الطّواف، فوصلتُ إلى الملتَزَم، وإذا برجلٍ قد أخذ بطرفِ ردائي،
فالتفتُّ، فإذا أنا بالإمام سعْد الزَّنْجانيّ، فتبسّمت إليه، فقال:
أما ترى أين أنت؟
هذا مقام الأنبياء والأولياء. ثمّ رفعَ طرْفه إلى السّماء وقال:
اللَّهمّ كما أوصلته إلى أعزّ المكان، فأعطه أشرف عزٍّ في كلّ مكان
وزمان. ثمّ ضحك إليَّ، وقال لي: لا تخالفني في سِرّك، وارفع معي يدك
إلى ربِّك، ولا تقولنّ البتّة شيئًا، واجمع لي همّتك، حتّى أدعو لك،
وأَمِّن أنتَ، ولا تخالفني عهَدَك القديم.
فبكيتُ، ورفعتُ معه يدي، وحرَّك شفتيه، وأمَّنت.
ثمّ قال: مُرْ في حفْظ الله، فقد أُجِيب فيك صالح دُعاء الأُمّة.
فمضيت من عنده، وما شيءٌ في الدّنيا أبغض إليَّ من مذهب المخالفين [4]
.
قرأتُ بخطّ أبي جعفر أيضًا: سمعتُ الإمام أوحد عصره في علمه أبا
__________
[1] سميراء: منزل بطريق مكة بعد توز مصعدا وقبل الحاجز. (معجم البلدان
3/ 255) .
[2] التدوين في أخبار قزوين 4/ 118.
[3] طبقات الشافعية الكبرى 4/ 23.
[4] طبقات الشافعية الكبرى 4/ 23، 24.
(33/325)
المعالي الْجُوَيْنيّ يقول: لو كان من
الفقه ثوبًا طاويا لكان أبو المظفّر بن السّمعانيّ طِرَازَه [1] .
وقرأتُ بخطّه: سمعتُ الإمام أبا عليّ بن أبي القاسم الصّفّار يقول: إذا
ناظرتُ أبا المظفّر السّمعانيّ، فكأنّي أُناظِرُ رجلًا من أئمةّ
التّابعين [2] ، ممّا أرى عليه من آثار الصّالحين سمْتًا، وحُسْنًا،
ودينًا.
سمعتُ أبا الوفاء عبد الله بن محمد الدُّشّتيّ المقرئ يقول: سمعتُ
والدك أبا بكر محمد بن منصور السّمعانيّ يقول: سمعتُ أبي يقول: ما
حفظتُ شيئًا فنسيته [3] .
سمعتُ أبا الأسعد هبة الرحمن القُشَيْريّ يقول: سُئل جدّك أبو المظفّر
في مدرستنا هذه، بحضور والدي، عن أحاديث الصّفات فقال: عليكم بدين
العجائز [4] .
ثمّ قال: غُصْتُ في كلّ بحرٍ، وانقطعت في كلّ بادية، ووضعتُ رأسي على
كلّ عَتَبة، ودخلتُ من كلّ باب. وقد قال هذا السّيّد، وأشار إلى أبي
عليّ الدّقّاق، أو إلى أبي القاسم القُشَيْريّ: للَّه وصْفٌ خاصّ لا
يعرفه غيره [5] .
وُلِد جدّي في ذي الحجّة سنة ستّ وعشرين وأربعمائة.
__________
[1] المصدر نفسه 4/ 25.
[2] المصدر نفسه.
[3] المنتظم 9/ 102 (17/ 38) .
[4] المنتظم 9/ 102 (17/ 38) ، وانظر تعليق الشيخ شعيب الأرنئوط على
هذا القول في حاشية سير أعلام النبلاء 19/ 119 وسئل عن قوله:
الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 20: 5 [سورة طه، الآية: 5] فقال:
جئتماني لتعلما سرّ سعدي ... تجداني بسرّ سورى شحيحا
إنّ سعدى لمنية المتمنّي ... جمعت عفّة ووجها صبيحا
[5] ومن شعره:
خليليّ إن وافيتما دارمية ... بذات الغضا فالجزع فالهضبات
أنيخا على عمد قلوصيكما بها ... ولا تنيا في نهزة العرصات
وقولا لها إن أنتما تلقيانها: ... تركنا الّذي تدرين في زفرات
من البين في نار من الوجد في حوى ... فقيل قرار دائم الحسرات
(التدوين 4/ 120، 121) .
(33/326)
وتوفّي يوم الجمعة الثّالث والعشرين من
ربيع الأوّل [1] .
- حرف الهاء-
332- هشام بن أحمد بن خالد بن سعيد [2] .
أبو الوليد الكِنانيّ الطُّلَيْطُلِيّ، ويُعرف بالوَقَّشِيّ [3] .
ووقَّش قرية على اثني عشر ميلًا من طليطلة.
أخذ العلم عن: أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وأبي محمد بن عبّاس الخطيب،
وأبي عَمْرو السَّفاقِسيّ، وأبي عمر بن الحذاء، وجماعة.
قال أبو القاسم صاعد: أبو الوليد الوقَّشيّ أحد رجال الكمال في وقته،
باحتوائه على فنون المعارف، وجَمْعه لكليّات العلوم. هو من أعلم النّاس
بالنَّحْو، واللُّغة، ومعاني الشِّعْر، وعلم العَرَوض، وصناعة البلاغة.
بليغ [4] ، شاعر، حافظ للسُّنَن وأسماء الرّجال. بصير بالاعتقادات
وأُصُول الفِقْه، واقف على كثير من فتاوى فقهاء الأمصار، نافذ في علوم
الشُّرُوط والفرائض، متحقّق بعلم الحساب والهندسة، مشرف على جميع آراء
الحكماء، حَسَن النَّقْد للمذاهب، ثاقب الذّهن، يحمع إلى ذلك آداب
الأخلاق، مَعَ حُسْن المعاشرة، ولِين الكَنَف، وصدْق اللهجة [5] .
وقال ابن بَشْكُوال: [6] أنبا عنه أبو بحر الأَسَديّ، وكان مختصًّا به،
وكان يعظّمه ويقدّمه على من لَقِيَه من شيوخه، ويصفه بالاستبحار في
العلوم. وقد
__________
[1] وقع في المنتخب من السياق 444 أنه توفي في شهر ربيع الآخر سنة تسع
وثلاثين وأربعمائة!.
[2] انظر عن (هشام بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 653، 654، رقم
1437، ومعجم البلدان 5/ 233، ومعجم الأدباء 19/ 286، 287، وسير أعلام
النبلاء 19/ 134- 136 رقم 71، والمطرب لابن دحية 223، ولسان الميزان 6/
193، 194، رقم 689، وبغية الوعاة 2/ 327، 328، ونفح الطيب 3/ 376، 377،
4/ 137، 138، 162، 163، وإيضاح المكنون 1/ 569 و 2/ 117، وروضات الجنات
4/ 232، ومعجم المؤلفين 13/ 147، 148، والأعلام 9/ 80.
[3] قيّدها في معجم الأدباء: «الوقشي» بسكون القاف.
[4] في الصلة 2/ 654: «بليغ مجيد» .
[5] الصلة 2/ 653.
[6] في الصلة 2/ 653، 654.
(33/327)
نُسِبتْ إليه أشياء الله أعلم بحقيقتها،
وسائلهُ عنها ومُجَازِيه بها.
وكان الشّيخ أبو محمد الرُيْوَاليّ يقول فيه [1] :
وكان من العلوم بحيث يُقْضَى ... لَهُ في كلِّ عِلْمٍ بالجميع
وقال عتيق بن عبد الحميد: تُوُفّي في جُمَادى الآخرة. وكان مولده سنة
ثمان وأربعمائة.
وقال القاضي عياض: كان غايةً في الضَّبْط والإتقان، نسّابة، له تنبيهات
ورُدود على كِبار التّصانيف التّاريخية والأدبية، وناهيك من حُسن كتابه
في «تهذيب الكنَى» لمسلم، الّذي سمّاه بعكس الرُّتْبة، ومن تنبيهاته
على أبي نصر الكَلابَاذِيّ، و «مؤتلف» الدّار الدَّارَقُطْنيّ. ولكنّه
اتُّهِم بالاعتزال، وظهر له تأليف في القدَر، والقرآن. فزهد فيه
النّاسُ، وتركه جماعة من الكبار [2] .
__________
[1] في الصلة 2/ 653: «وكان شيخنا أبو عليّ الرّيوالي يقول: والله ما
أقول فيه إلّا كما قال الشاعر» .
[2] معجم البلدان 5/ 381، وفيه: «وظهر له تأليف في القدر والقرآن وغير
ذلك من أقاويلهم، وزهد فيه الناس، وترك الحديث عنه جماعة من كبار مشايخ
الأندلس، وكان أبو بكر بن سفيان بن العاصم قد أخذ عنه، وكان ينفي عنه
الرأي الّذي زنّ به، والكتاب الّذي نسب إليه، وقد ظهر الكتاب، وأخبر
الثقة أنه رآه، عليه سماع ثقة من أصحابه، وخطّه عليه» .
وقد ظهر الكتاب، وأخبر الثقة أنه رآه، عليه سماع ثقة من أصحابه، وخطّه
عليه» .
وقال ياقوت في معجم الأدباء 19/ 286، 287:
«كان من أعلم الناس بالعربية واللغة، والشعر، والخطابة، والحديث،
والفقه، والأحكام، والكلام. وكان أديبا، كاتبا، شاعرا، متوسّعا في ضروب
المعارف، متحقّقا بالمنطق والهندسة، ولا يفضله عالم بالأنساب،
والأخبار، والسير ... وولي قضاء طلبيرة من أعمال طليطلة قاعدة الأمير
المأمون بن يحيى بن الظافر بن ذي النون. وصنّف كتاب «نكت الكامل»
للمبرّد، وغيره:
ومن شعره:
قد أثبتت فيه الطبيعة أنّها ... بدقيق أعمال المهندس ماهره
عنيت بعارضه فخطّت فوقه ... بالمسك خطّا من محيط الدائرة
وقال:
برّح بي أنّ علوم الورى ... اثنان ما أن لهما من مزيد
حقيقة يعجز تحصيلها ... وباطل تحصيله لا يفيد
(في البيت الأخير إقواء) .
(33/328)
سنة تسعين وأربعمائة
- حرف الألف-
333- أحمد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن زكريّا بن دينار [1]
.
أبو يَعْلَى العبْدي البصْري، الفقيه، شيخ مالكيّة العراق، ويُعرف بابن
الصّوّاف [2] . كان ينزل القَسَامِل [3] ، إحدى محالّ البصرة.
ولد سنة أربعمائة.
وسمع بالبصْرة: محمد بن عبد الرحمن الكازْرُونيّ [4] ، ومحمد بن أحمد
بن داسة، وعليّ بن هارون التّميميّ، والحسن القَسَامِليّ، وإبراهيم بن
طلحة بن غسّان، وجماعة.
وقدِم بغداد سنة إحدى وعشرين وأربعمائة. وسمع بها من: أَبِي عليّ بْن
شاذان، وأبي بَكْر البَرْقانيّ.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة الصَّدَفيّ، وقاضي سَبْتَة أبو بكر عتيق
النَّفْرَاويّ [5] ، وجابر بن محمد البصْريّ، وأبو الحسن الصّوفي
البوشنجيّ [6] ، وآخرون.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد العبديّ) في: ترتيب المدارك 4/ 791،
والمنتظم 9/ 103 رقم 148 (17/ 40 رقم 3669) ، والعبر 3/ 328، وسير
أعلام النبلاء 19/ 156، 157 رقم 83، والبداية والنهاية 12/ 154، ومرآة
الجنان 3/ 152، والديباج المذهب 1/ 175، وشذرات الذهب 3/ 394، وشجرة
النور الزكية 1/ 116.
[2] تحرّفت إلى «السواف» في (مرآة الجنان 3/ 152) .
[3] قال ياقوت: قسامل: بالفتح، قبيلة من اليمن ثم الأزد. يقال لهم
القساملة، لهم خطّة بالبصرة تعرف بقسمل، هي الآن عامرة آهلة بين عظم
البلد وشاطئ دجلة، ورأيتها، وهي علم مرتجل لا أعرف غيره في اللغة.
(معجم البلدان 4/ 346) .
[4] الكازروني: بفتح الكاف وسكون الزاي وضم الراء، وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى كازرون، وهي إحدى بلاد فارس. (الأنساب 10/ 318) .
[5] في الأصل: «النفراوي» بالراء المهملة. والتصحيح من: ترتيب المدارك
4/ 791.
[6] في الأصل: «البوسنجي» بالسين المهملة، وترد هكذا في بعض المصادر.
وهي نسبة إلى بوشنج قرب هراة.
(33/329)
وتفقّه على القاضي أبي الحسن عليّ بن هارون
المالكيّ، وصنَّف التّصانيف، ودرَّس بالبصرة، وتخرَّج به الأصحاب.
تفقّه عليه أبو منصور بن باخي [1] ، وأبو عبد الله بن ضَابِح [2] ،
ومالكيّة البصرة.
قال القاضي عياض: [3] كان يُمْلي الحديث [4] وعلى رأسه مستمليان
يُسمعان النّاس.
سمعَ منه عالَم عظيم.
وقال أبو سعْد السّمعانيّ: كان فقيهًا، مدرّسًا، متزّهدًا، خَشِن
العَيْش، مُجِدًّا في عبادته، ذا سَمْتٍ ووقار [5] .
وكان جابر بن محمد البصري يقول: ثنا أبو يَعْلَى العبْديّ فريد عصره.
وكان به معرفة بالحديث.
وقال غيره: كان إمامًا، زاهدًا، عابدًا، إمامًا في عشرة أنواع من العلم
[6] .
قال جابر: تُوُفّي في ثالث عشر رمضان [7] .
قلت: قد أكمل تسعين سنة، رحمه الله.
334- أحمد بن محمد [8] .
__________
[1] تحرّف في ترتيب المدارك إلى: «باقي» .
[2] تحرّف في ترتيب المدارك إلى: «صالح» .
[3] في ترتيب المدارك 4/ 791.
[4] في الترتيب: «وكان يملي في كل جمعة في جامع البصرة» .
[5] المنتظم 9/ 103 (17/ 40) ، الديباج المذهب 1/ 175.
[6] المنتظم 9/ 103 (17/ 40) .
[7] وقال القاضي عياض: تأخّرت وفاته، فتوفي فيما بلغني سنة تسع وثمانين
وأربعمائة. (ترتيب المدارك 4/ 791) .
[8] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/330)
أبو بكر بن أبي طالب البغداديّ المقرئ
الملقّن، ويُعرف بابن الكِسائي.
سمع: أبا الحسن القَزْوينيّ، وأبا محمد الخلال.
وعنه: إسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعبد الخالق اليُوسُفيّ.
تُوُفّي في ذي الحجَّة.
335- أحمد بن محمد بن إسماعيل بن عليّ [1] .
أبو الحسن الشُّجاعيّ النَّيْسابوريّ أمين مجلس القضاء بنَيْسابور.
كان من ذوي الرّأي الكامل. ومن الشّافعيّة المتعصّبين لمذهبه.
وكان له ثروة ودُنيا ورئاسة، وولي أوقافًا وأنظارًا، ولم يكن بالمتحرّي
فيها. وقد أملى سنين.
وحدَّث عن أصحاب الأصمّ، كابي بكر الحِيريّ، وغيره.
وكان مولده في سنة عشر وأربعمائة. وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم سنة
تسعين.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل، ومن «تاريخه» اختصرته، ومحمد بن جامع
خيّاط الصُّوف، وعمر بن أحمد الصّفّار، ومحمد بن أحمد بن الْجُنَيْد
الخطيب، وعبد الخالق بن زاهر، وعبد الله بن الفُرَاويّ، وهبة الرحمن
القُشَيْريّ.
روى عنه: عبد الغافر بن إسماعيل.
أمّا:
336- أبو حامد أحمد بن محمد الشُّجاعيّ الفقيه [2] .
فقد ذكرنا وفاته ببلْخ في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وهو أشهر مِن
ذا.
337- إبراهيم بن عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مَنْدَهْ [3] .
الشّيخ الصّالح أبو إسحاق.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 114، 115
رقم 248.
[2] تقدّم برقم 40.
[3] انظر عن (إبراهيم بن عبد الوهاب) في: المنتظم 9/ 103، 104 رقم 149
(17/ 40 رقم 3670) .
(33/331)
تُوُفّي في ذي الحجّة في طريق الحجّ رحمه
الله [1] .
سمع: ابن رَيْدة، وأبا يَعْلَى الصّابونيّ، وعدّة.
روى عنه: السِّلَفيّ، وغيره.
338- أرغش النّظاميّ [2] .
الأمير.
مملوك نظام المُلْك. كان من أكبر أمراء دولة بَرْكيارُوق، فزوّجه بنت
عمّه.
وثبَ عليه باطنيّ بالرَّيّ فقتله.
339- إسماعيل بن عثمان بن عمر [3] .
أبو عثمان الإبريسميّ النَّيْسابوريّ.
ذكره عبد الغافر فقال: ثقة صالح مشتغل بالتّجارة.
حدّث عن: أبي القاسم السّرّاج، وأبي بكر الحِيريّ، وأبي إسحاق
الأسفرائينيّ.
قلت: روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، والعبّاس بن محمد العصاريّ [4]
ومحمد بن جامع الصيرفي.
قال عبد الغافر: سمعتُ منه. وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
- حرف الباء-
340- بُرْسُق الأمير [5] .
من كبار الدّولة الملكشاهيّة.
وثَبَ عليه دَيْلَميٌّ من الباطنيّة فضَرَبه بسِكِّينٍ بين كتفَيْه،
فقضى عليه.
وكان بُرْسُق من أصحاب طُغْرُلْبَك. وهو أوّل شحنة ولي بغداد
للسّلجوقيّة.
__________
[1] وكان مولده في صفر سنة 432 هـ. وكان كثير التعبّد والتهجّد.
[2] انظر عن (أرغش النظامي) في: الكامل في التاريخ 10/ 271.
[3] تقدّمت ترجمته مختصرة في وفيات السنة السابقة، برقم (307) .
[4] هكذا في الأصل.
[5] انظر عن (برسق الأمير) في: الكامل في التاريخ 10/ 271، وبغية الطلب
(التراجم الخاصة بعصر السلاجقة) 148، 204، 335، 362، وزبدة التواريخ
148، 192.
(33/332)
341- بنجير بن منصور بن عليّ [1] .
أبو ثابت الهَمَذَانيّ. شيخ الصُّوفيّة.
روى عن: شيخه جعفر الأبْهَريّ، ومحمد بن عيسى، وأبي الفضل عمر بن
إبراهيم الهَرَويّ، وغيرهم.
قال شيروَيْه: سمعتُ منه عامة ما مرَّ له. وكان صدوقًا.
تُوُفّي في ذي الحجّة، وأنا تولّيتُ غسْله. وكان شيخ وقته، ووحيد عصره
في خدمة الفقراء واحتمالهم، رحمه الله.
قلت: أجاز للسِّلَفيّ.
- حرف الحاء-
342- الحسن بن أحمد بن محمد بن إسماعيل الشُّجاعيّ [2] .
النَّيْسابوريّ.
تُوُفّي في المحرَّم.
343- الحُسَين بن علي بن محمد بن مَسْلَمَة بن نجاح [3] .
القاضي أبو عليّ الأزْديّ.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ بدمشق.
روى عنه: جمال الإسلام.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل [4] .
344- الحسين بن محمد بن الحسين [5] .
أبو القاسم الدِّهْقان [6] المقرئ الصّريفينيّ [7] ، صريفين الكوفة.
ختم عليه
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (الحسين بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 161
رقم 133، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 349، 350.
[4] وكان مولده سنة 417 هـ.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الدّهقان: بكسر الدال المهملة وسكون الهاء وفتح القاف وفي آخرها
النون. هذه اللفظة لمن كان مقدم ناحية من القرى ومن يكون صاحب الضيعة
والكروم. (الأنساب 5/ 379) .
[7] الصّريفينيّ: بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء
المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين الياءين، وفي آخرها النون. هذه
النسبة إلى صريفين. (الأنساب 8/ 58) .
(33/333)
القرآن خلْق. وكان أحد العارفين بمذهب زيد
بن عليّ. وكان الزَّيْديّة، يستفتونه.
سمع من: جناح بن نذير المحاربيّ، وزيد بن جعفر العلويّ.
وحدَّث، وعاش ستًّا وثمانين سنة.
روى عنه: ابن السَّمَرْقَنْديّ، وإسماعيل الطَّلْحيّ، وعبد الوهّاب
الأنْماطيّ، وأحمد بن سعْد العِجْليّ الهَمَذَانيّ، وغيرهم.
تُوُفّي في المحرَّم.
345- الحسين بن محمد بن أحمد [1] .
القزّاز. أبو نصر العتّابيّ.
سمع: عَبْد الملك بن بشران.
روى عنه: عبد الوهاب الأنْماطيّ، وغيره.
ومات في صَفَر.
346- الحسين بن المظفّر بن الحسن [2] .
أبو عبد الله الصّائغ.
ويعرف بصهر ابن لؤلؤ البغداديّ.
مُعَمَّر، وُلِد سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.
وسمع: أبا بكر أحمد بن طلحة المُنَقّيّ.
روى عنه أيضًا: عبد الوهّاب.
وتُوُفّي في خامس المحرَّم.
- حرف الذّال-
347- ذو النُّون بن سهل [3] أبو بكر الأشنانيّ [4] الأصبهانيّ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الأشناني: بضم الألف وسكون الشين المنقوطة وفتح النون الأولى وكسر
الثانية. هذه النسبة
(33/334)
سمع: أبا نُعَيْم.
روى عنه: السِّلَفيّ.
- حرف السّين-
348- سُتَيْك بنتُ الشّيخ أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصّابونيّ
[1] .
فقيرة، عابدة، صوفيّة.
ولدت سنة خمس عشرة وأربعمائة.
وسمعت من: أبي الحسن الطّرّازيّ صاحب الأصمّ.
وعنها: عبد الله بن الفُرَاويّ، ومحمد بن عبد الكريم المطرّز.
ماتت في جُمَادى الأولى [2] .
349- سعْد بْن عبد الله بْن أَبِي الرجاء محمد بن عليّ [3] .
القاضي أبو المطهَّر بن القاضي الأثير الأصبهاني.
حجّ في هذه السّنة.
وحدَّث ببغداد «بمُسْنَد الحارث» ، عن أبي نُعَيّم.
روى عنه: عبد الوهاب الأنماطي، ومحمد بن ناصر.
350- سعد بن عبد الرحمن [4] .
الفقيه أبو محمد الإستراباذي [5] .
سمع: أبا الحسين الفارسيّ، وأبا حفص بن مسرور الكنجروذيّ [6] .
__________
[ () ] إلى بيع الأشنان وشرائه. (الأنساب 1/ 280) .
[1] انظر عن (ستيك) في: المنتخب من السياق 249، 250 رقم 799.
[2] وقد أنفقت ما كان لها على الفقراء والمتصوّفة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (سعد بن عبد الرحمن) في: المنتخب من السياق 241 رقم 764،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 166، وطبقات الشافعية الوسطى، له
(مخطوط) ورقة 186 أ، والديباج المذهب 1/ 128، وطبقات الشافعية لابن
قاضي شهبة 1/ 271 رقم 228.
[5] الأستراباذي: بفتح الألف، وسكون السين المهملة، وكسر التاء
المثنّاة، وقيل بفتحها. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[6] الكنجروذي: بفتح الكاف وسكون النون وفتح الجيم وضم الراء بعدها
الواو، وفي آخرها الدال
(33/335)
وكان فقيهًا بارعًا، إمامًا، مختصًّا بإمام
الحَرَمين.
وتفقّه أيضًا على القاضي حسين المَرْوَرُّوذِيّ.
تُوُفّي في نصف شوّال.
- حرف الشّين-
351- شُعْبة بن عبد الله بن عليّ [1] .
أبو بكر الطُّوسيّ الأثريّ.
سمع: عبد الرحمن بن حمدان النَّصْرويّ، وأبا حسّان المزكيّ.
ومات في رجب [2] .
- حرف العين-
352- عبد الرحمن بن عليّ بن القاسم [3] .
أبو القاسم الصُّوريّ العدل.
ويُعرف بابن الكامليّ.
سمع: أبا الحسين بن أبي نصر، وأبا عليّ الأهوازيّ، وسُلَيم [4] بن
أيّوب، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب وهو أكبر منه، وغيث الأرمنازيّ، وابن أخيه
__________
[ () ] المعجمة. نسبة إلى كنجروذ، قرية على باب نيسابور. (الأنساب 10/
479) .
[1] انظر عن (شعبة بن عبد الله) في: الأنساب 1/ 136 وفيه اسمه «سعد»
بدل «شعبة» .
[2] قال ابن السمعاني: كان رجلا سنّيّا، حسن السيرة، مواظبا على
العبادات وحضور مجالس الخير.. وكانت ولادته في سنة ثلاث عشر
وأربعمائة.. وكانت أصابته سقطة في آخر عمره واختلّ بعض أعضائه حتى كاد
يمشي بجهد ويتعارج.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن علي الصوري) في: الفقيه والمتفقّه للخطيب
1/ 39، 78، 116، 157، 197، 236 و 2/ 74، 146، 205 وتاريخ دمشق (مخطوطة
التيمورية) 7/ 137 و 23/ 117 و 28/ 463، وتاريخ دمشق، بتحقيق دهمان 10/
255، والتحبير لابن السمعاني 2/ 214، ومعجم السفر للسلفي (مصوّرة دار
الكتب المصرية) ق 2/ 430، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 310 رقم
226، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 20، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 287،
وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 3/ 57- 59 رقم 772.
[4] في الأصل: «سليمان» ، وهو غلط، والصواب ما أثبتناه.
(33/336)
أحمد بن الحسين الكامليّ.
وسكن صُور [1] ، وبها تُوُفّي في رمضان.
ووُلِد سنة تسع عشرة [2] .
353- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يوسف [3] .
أبو نصر الأصبهاني السِّمْسار.
آخر من حدَّث عن. أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الْجُرْجَانيّ.
روى عنه، وعن: عليّ بن ميْلة الفقيه، وأبي بكر بن أبي عليّ
الذَّكْوانيّ، وغيرهم.
روى عنه: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي في المحرّم.
وسئل عنه إسماعيل الحافظ فقال: شيخ لا بأس به.
354- عبد الرحيم بن أحمد بن عليّ [4] .
أبو الحسن النَّيْسابوريّ الدرديرانيّ.
شيخ صالح عفيف.
سمع: أبا بكر الحِيريّ، ومن بعده.
وعنه: عبد الغافر، وقال: توفّي في ربيع الأوّل [5] .
__________
[1] وقد كتب عبد الرحمن بخطّه أنه انتقل من بيت المقدس إلى صور وسكنها.
[2] ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب: «عمر عبد السلام تدمري» : وسمع
بصور: أبا الفرج بن برهان الغزّال، وبصيداء: أَبَا عَبْد اللَّه
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن طلحة الصيداوي. وروى عن بكر بن محمد
بن علي بن حيدر بن عبد الجبار بن النضر النيسابورىّ المتوفى سنة 464
هـ.
وقال حين سئل أين سمع منه؟ ما سمعت منه إلّا بصور. وممن روى عنه: أبو
القاسم مكّيّ بْن عَبْد السّلام بْن الحسين بْن القاسم الرمليّ الحافظ
المتوفى 492 وقد سمعه بصور، وأبو الحسين محمد بن كامل بن دَيْسَم بن
مجاهد العسقلاني.
وهو سمع الجزء الأول من كتاب «الفقيه والمتفقّه» على الخطيب البغدادي
بجامع صور في شهر ربيع الأول سنة 459 مع ولديه أبي علي الحسن، وأبي
طاهر الحسين.
(انظر كتابنا: موسوعة علماء المسلمين 3/ 57- 59) .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: العبر 3/ 328، والإعلام بوفيات
الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 34، 35، رقم 20، وعيون التواريخ
(مخطوط) 13/ ورقة 79، وشذرات الذهب 3/ 359.
[4] انظر عن (عبد الرحيم بن أحمد) في: المنتخب من السياق 323 رقم 1068.
[5] وكان مولده في سنة 405 هـ.
(33/337)
355- عبد الملك بن منصور بن حمْد بن محمد
بن زائدة [1] .
أبو المعاليّ الكاتب.
إصبهانيّ من شيوخ السّلَفيّ القُدماء.
مات في جُمَادى الأولى.
سمع: ابن حَسْنَوَيْه.
356- عبد المهيمن بن الحسين بن محمد بن القاسم [2] .
أبو منصور الهاشميّ البغداديّ.
تُوُفّي في حدود هذه السّنة.
سمع: أبا عليّ بن شاذان.
وعنه: عبد الوهّاب الأنْماطيّ، وعمر المَغَازِليّ، وغيرهما.
357- عَبْدُوس بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بن
عَبْدُوس [3] .
أبو الفتح بن أبي محمد الرُّوذَبَاريّ [4] ، الفارسيّ، ثمّ
الهَمَذَانيّ.
رئيس هَمَذَان.
سمع: أباه، وعمَّ أبيه عليّ بن عَبْدُوس، ومحمد بن أحمد بن حمدوَيْه
الدُّوسيّ، شيخ روى عن الأصمّ، وأبا طاهر الحسين بن سَلَمة، ومحمد بن
عيسى المحتسب، ورافع بن محمد القاضي، وحمْد بن سهل، وحميد بن المأمون،
والحسين بن محمد بن فَنْجُوَيْه.
وسمع بالدِّينَوَر: أبا نصر الكسّار.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (عبدوس بن عبد الله) في: مقدّمة مسند الفردوس 1/ 13،
والتقييد لابن نقطة 393، 394 رقم 514، والمعين في طبقات المحدّثين 143
رقم 1561، وفيه: «عبدوس بن محمد» ، والإعلام بوفيات الأعلام 202، وسير
أعلام النبلاء 19/ 97، 58 رقم 54، والعبر 3/ 329، وذيل تاريخ بغداد
لابن النجار 1/ 426- 430 رقم 326، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 79،
80 وفيه: «عبد بن عبد الله» ، ومرآة الجنان 3/ 152، ولسان الميزان 4/
95 رقم 181، وشذرات الذهب 3/ 395.
[4] الرّوذباريّ: بضم الراء وسكون الواو والذال المعجمة وفتح الباء
الموحّدة وفي آخرها الراء بعد الألف. هذه اللفظة لمواضع عند الأنهار
الكبيرة يقال لها الروذبار، وهي بلاد متفرقة منها موضع على باب
الطابران بطوس يقال لها: الروذبار. (الأنساب 6/ 180) .
(33/338)
وبنَيْسابور: منصور بن رامِش، وأبا عثمان
الصّابونيّ، وعبد الغافر الفارسيّ، وجماعة.
أجاز له أبو بكر أحمد بن عليّ بن لال، وأبو عبد الرحمن السُّلَميّ،
وأبو الحسن بن جهضم.
وكان أَسْنَد مَن بقي بهَمَذَان.
حدَّث ببغداد في سنة ستٍّ وستّين، فروى عنه: أبو الحُسين بن
الطُّيُوريّ، وأبو القاسم بن السَّمَرْقَنْديّ، وأبو الفضل محمد بن
بُنَيْمان [1] الهَمَذَانيّ.
قال شيروَيْه: وسمعتُ من عَبْدُوس، وكان صدوقًا، متقنًا، فاضلًا، ذا
حشْمة وصِيت، حَسَن الخطّ، حُلْو المنطق. كُفّ بصره، وصُمّت أُذُناه في
آخر عمره. وسماع القدماء [2] منه أصحّ إلى سنة نيّفٍ وثمانين [3] .
ومات في جُمَادى الآخرة، وأنا غسّلته.
وقال: وُلِدتُ سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
وقال محمد بن طاهر: لمّا دخلت هَمَذَان بأولادي، كنتُ سمعتُ أنّ «سُنَن
النَّسَائيّ» يرويه عَبْدوُس، فقصدته، وأَخْرَج إليَّ الكتاب، والسّماع
فيه مُلْحَقٌ بخطّه، سماعًا طريًّا. فامتنعت من قراءته. وبعد مدّة خرجت
بابني أبي زُرْعة إلى الدّونيّ [4] ،
__________
[1] في الأصل: «نيمان» .
[2] في لسان الميزان 4/ 95 «وسماع الغرباء» .
[3] زاد في لسان الميزان: «وخمسمائة» . وهذا غلط. فهو لم يعش إلى ذلك
الوقت، وزاد أيضا:
ودخلت عليه يوما في سنة تسع وثمانين وكان لا يرى ولا يسمع.
[4] في الأصل: «الدون» . والتصحيح من: (الاستدراك لابن نقطة- مخطوط-
ورقة 177) و (معجم البلدان 2/ 490) وهو: أبو محمد عبد الرحمن بن حمد-
وقيل محمد- بن الحسين بن عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن
إسحاق الدوني الصوفي الزاهد.. توفي سنة 501 هـ. قال يحيى بن مندة:
قرأنا عليه كتاب السنن لأبي عبد الرحمن النسائي بسماعه من القاضي أبي
نصر أحمد بن الحسين الكسار، عن أحمد بن السّنّيّ، عنه. (الاستدراك)
وانظر:
معجم البلدان.
و «الدّونيّ» : نسبة إلى دون. بضم أوله، وآخره نون. قرية من أعمال
دينور.
(33/339)
وقرأته على هارون بن حمْدله [1] .
قلت: أبو زُرْعة آخِر من روى عن عَبْدُوس. له عنه جزءان من حديث
الأصمّ، رواهما عبد اللّطيف بن يوسف، عنه.
وأنا [2] التّاج عبد الخالق، عن الموفّق، عن أبي زُرْعة، عن عَبْدُوس
بحديثٍ واحد [3] .
358- عليّ بن طاهر بن أحمد بن الملقّب [4] .
أبو الحسن المَوصِليّ البزّاز.
سمع: أبا الحسن محمد بن محمد بن مَخْلَد.
روى عنه: ابنه إسماعيل، وعبد الوهّاب الأنْماطيّ، وإسماعيل بن
السَّمَرْقَنْديّ.
وقرأ القرآن على ابن شِيطا.
وتُوُفّي في رجب، وله ستٌّ وثمانون سنة.
359- عليّ بن عبد الملك [5] .
أبو الحسن الدّبيقيّ المالكيّ.
مات بعكّا في جُمَادى الأولى.
ورّخه هبة الله بن الأكفانيّ.
360- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ الحاكم [6] .
__________
[ () ] وينسب أيضا إلى دونة. قرية من قرى نهاوند. وقرية بهمذان أيضا،
والنسبة إليها دوني، وقد نسب إلى التي بنهاوند: دونقي. وقال أبو زكريا
بن مندة: دونة قرية بين همذان ودينور على عشرة فراسخ من همذان. وقيل:
على خمسة عشر فرسخا. وقيل: هي من رستاق همذان.
وقد تحرّف اللفظ في (لسان الميزان 4/ 95) إلى «الدؤلي» !.
[1] لم يذكر في لسان الميزان: «هارون بن حمدلة» ، بل فيه: «وقرأت عليه
الكتاب وكان سماعه صحيحا» .
[2] اختصار: «وأخبرنا» .
[3] وقال ابن حجر: «وقد أكثر عنه صاحب مسند الفردوس» . (لسان الميزان)
، ووقع فيه أنه مات سنة خمس وتسعين وخمسمائة وقد وهم في ذلك.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] انظر عن (علي بن محمد) في: المنتخب من السياق 390 رقم 1316.
(33/340)
أبو الحسن الأشقر.
نَيْسابوريّ صالح.
روى عن: أبي نصر المفسّر صاحب الأصمّ، وغيره.
وتُوُفّي في ربيع الآخر [1] .
361- عليّ بن محمد بن عُبَيْد الله [2] .
أبو القاسم الْجُوزجانيّ النَّيْسابوريّ.
سمع: أبا القاسم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ السّرّاج.
روى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، ومنصور بن محمد الصّاعديّ، وعائشة
بنت الصّفّار.
مات في جمادى الآخرة [3] .
- حرف الفاء-
362- الفضل بن عبد الواحد الأصبهاني الخبّاز [4] .
يروى عن: أبي نُعَيْم.
روى عنه: أبو طاهر بن سِلَفَة، وقال: مات فِي ذي الحجَّة.
363- الفضل بْن محمد بن أحمد بن سعيد الحدّاد [5] .
أخو أبي الفتح الحدّاد الأصبهاني.
روى عن: أبي بكر بن عليّ الذَّكْوانيّ، وعليّ بن عبدكوَيْه، والحسين بن
إبراهيم الجمّال.
وعنه: السِّلَفيّ، وقال: مات في ذي القعدة.
__________
[1] وكان مولده سنة 401 هـ.
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: المنتخب من السياق 390 رقم 1317،
والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 68 أ.
[3] وكان مولده سنة 410 هـ.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/341)
- حرف الكاف-
364- كُمُشْتِكِين الرُّوميّ [1] .
عتيق بني مروان الأصبهانيّ. يكنّى أبا طاهر.
تُوُفّي غريبًا بالبصرة.
روى عن: أبي القاسم بن البُسّريّ.
وعنه: السِّلَفيّ.
- حرف الميم-
365- ماجد بن عليّ [2] .
أبو الجيش الأعْرَابيّ الضّبيّ.
حدَّث في هذا العام بإصبهان.
سمع سنة عشر وأربعمائة من أبي بكر الذَّكْوانيّ.
وعنه: عبد الله بن عليّ الطّامَذِيّ [3] .
366- محمد بن الحسين [4] .
أبو الفضل الصُّوفيّ الواعظ الحنفيّ.
من مشاهير الوعّاظ بخُراسان. ذكر بنيسابور مدة، وسكنها، وحصل له قبول
تام.
367- محمد بْن علي بْن الحُسين [5] .
أبو عَبْد الله القطيعيّ [6] الكاتب.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الطّامذي: بفتح الطاء المهملة، والميم (المفتوحة) بينهما الألف،
وفي آخرها الذال المعجمة.
هذه النسبة إلى طامذ. قرية من قرى أصبهان. (الأنساب 8/ 179) .
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (محمد بن علي القطيعي) في: المنتظم 9/ 104 رقم 150 (17/ 40
رقم 3671) .
[6] القطيعي: بفتح القاف وكسر الطاء المهملة وسكون الياء المنقوطة من
تحتها باثنتين، وفي آخرها العين المهملة. هذه النسبة إلى القطيعة، وهي
مواضع وقطائع في محالّ متفرّقة ببغداد.
(الأنساب 107/ 202) .
(33/342)
روى عن: عبد الملك بن بشران، وغيره.
وعنه: عبد الرحيم ابن الأُخُوَّة، وأبو الفتح محمد بن عليّ بن عبد
السّلام.
368- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بن موسى [1] .
أبو غالب العطّار، البقّال، البغدادي، من ساكني النَّصْريّة.
صَدُوق صالح.
سمع: أبا القاسم الحرفيّ، وأبا عليّ بن شاذان، وأبا القاسم بن بِشّران.
369- محمد بن أبي نُعَيْم بن عليّ النَّسَويّ [2] .
أبو عبد الله الشّافعيّ المقرئ. ويُعرف بالبُوَيّطيّ [3] .
سمع: أبا محمد عبد الرحمن بن أبي نصْر، وغيره.
روى عنه: غيْث الأرمنازيّ، وجمال الإسلام أبو الحَسَن، وهبة اللَّه بْن
طاوس.
تُوُفّي بدمشق في ثامن المحرَّم. وكان مولده بنَسَا في سنة 394. ورَّخ
موتَه ابن الأكفانيّ.
370- مسعود بن محمد بن إسماعيل [4] .
أبو محمد الشُّجاعيّ النَّيْسابوريّ الزّاهد.
سمع: أبا الحسين عبد الغافر الفارسيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وابن
مسرور، وخلْقًا كثيرًا.
وروى عنه: عبد الله بن الفُرَاويّ، وغيره.
وأقبل على العبادة. وكان فقيهًا عابدًا قانتًا عديم النّظير في انزوائه
وورعه
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد العطار) في: المنتظم 9/ 104 رقم 151 (17/
40، 41 رقم 3672) .
[2] انظر عن (محمد بن أبي نعيم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/
284 رقم 313، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 241 واسم أبي نعيم: إبراهيم.
[3] في الأصل: «البويظي» بالظاء المعجمة، والتصحيح من: الأنساب 2/ 339،
وهي: بضم الباء المنقوطة بواحدة، وفتح الواو وسكون الياء المنقوطة
باثنتين من تحتها وفي آخرها الطاء المهملة. هذه النسبة إلى بويط وهي
قرية من صعيد مصر الأدنى.
[4] انظر عن (مسعود بن محمد) في: المنتخب من السياق 435، 436 رقم 1476.
(33/343)
واجتهاده. وكان أبوه أبو المظفّر من وجوه
المشّايخ.
وتُوُفّي مسعود في ثالث عشر شوّال، وله ستٌّ وسبعون سنة رحمه الله [1]
.
371- المعمّر بن محمد [2] .
النّقيب الطّاهر أبو الغنائم العَلَويّ العِراقيّ الحنفيّ، نقيب
الطّالبيّين ببغداد [3] . فيها تُوُفّي، وولي بعده ابنه حَيْدَرَة.
372- مفرح بن الحسين الأرْدَبيليّ [4] .
أبو الفضل الخطيب.
قدِم بغداد، وسمع من: عبد الملك بن بِشْران.
وحدَّث في هذا [5] العام.
روى عنه: إسماعيل السَّمَرْقَنْديّ.
373- منصور بن إسماعيل بن صاعد بن محمد [6] .
__________
[1] وكان مولده سنة 414 هـ. ولم يتفق له كثير الرواية لانزوائه
واشتغاله بالعبادة والاجتهاد.
[2] انظر عن (المعمّر بن محمد) في: المنتظم 9/ 104، 105 رقم 152 (17/
41، 42 رقم 3673) ، والبداية والنهاية 12/ 155.
[3] قال ابن الجوزي: وكان جميل الصورة، كريم الأخلاق، كثير التعبّد، لا
يحفظ عنه أنه آذى مخلوقا، ولا شتم حاجبا، وسمع الحديث ورواه، و.. مات
عن اثنتين وسبعين سنة. ولي النقابة منها اثنتين وثلاثين سنة وثلاثة
أشهر. وتولّى مكانه ابنه أبو الفتوح حيدرة. ولقّب بالرضي ذي الفخرين،
ورثاه أبو عبد الله بن عطية بأبيات منها:
هل ينفعن من المنون حذار ... أم للإمام من الردى أنصار؟
هيهات ما دون الحمام إذا دنا ... وزر ولا يسطاع منه حذار
نفذ القضاء على الورى من عادل ... في حكمه، وجرت به الأقدار
ما لي أرى الآمال تخدع بالمنى ... عدّة تطول وتقصر الأعمار
والناس في شغل وقد أفناهم ... ليل يكرّ عليهم ونهار
ويد المنيّة شثنة مبسوطة ... في كل أنملة لها أظفار
لو كان يدفع بطشها عن مهجة ... ويردّ حتفا معقل وجدار
لفدت ربيعة ذا المناقب واشترت ... حبّا له طول البقاء نزار
خرجت ذرى المجد المنيف وأصبحت ... عرصات ربع المجد وهي قفار
وخلا مقام النسك من تسبيحه ... وبكت على صلواته الأسحار
[4] لم أجده.
[5] في الأصل: «في ذا» .
[6] انظر عن (منصور بن إسماعيل) في: المنتخب من السياق 440، 441 رقم
1490،
(33/344)
القاضي أبو القاسم ابن قاضي القُضاة أبي
الحسين.
نابَ عن أبيه، ثمّ ولي قضاء القُضاة، وسمع الحديث الكثير، وقرأ وحصَّل
النُّسَخ. وكان محتشمًا نبيلًا، مُفّتيا، إمامًا. إليه المرجع في مذهب
أبي حنيفة.
حدَّث عن: أبي القاسم السّرّاج. وأبي بَكْر الحِيريّ، وعليّ بْن أحمد
بْن عَبْدان، ومحمد بن موسى الصَّيْرَفيّ، وخلْق.
روى عنه: عبد الغافر الفارسيّ [1] ، وغيره.
وتُوُفّي في سلْخ ربيع الأوّل، وله رحلة إلى بغداد والرَّيّ وما وراء
النّهر.
- حرف النون-
374- نصْر بن إبراهيم بن نصْر بن داود [2] .
__________
[ () ] والمختصر الأول للسياق (مخطوط) ورقة 79 ب.
[1] وقد قال: وكان حسن القراءة بالعربية وبطرق الحديث، وسمع من
المتأخّرين، وسمّع ابنه وأفاده الكثير. وكان إليه الفتوى في عصره على
مذهب أبي حنيفة. سافر إلى خراسان وما وراء النهر، وإلى العراق، وسمع
ببغداد، وهمذان، والري، وروى الكثير. سمعنا منه «شرح آثار الطحاوي»
بتمامه والمتفرقات.
[2] انظر عن (نصر بن إبراهيم) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 339،
400، 512، وتاريخ دمشق (مخطوطة الظاهرية) 17/ 269، و (مخطوطة
التيمورية) 44/ 429 وورد فيها 10/ 309، 318، 18/ 72 و 19/ 637 و 24/
111 و 28/ 463 و 29/ 27 و 30/ 190 و 36/ 537، وتبين كذب المفتري 286،
287، والمعجم في أصحاب القاضي ابن الأبّار 208، 209 (طبعة دار الكاتب
العربيّ، القاهرة 1967) ومعجم البلدان 5/ 171، 172، ومعجم السفر للسلفي
(مصوّرة دار الكتب المصرية) ق 2/ 411، والكامل في التاريخ 10/ 484،
وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 125، 126، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 26/
126 رقم 84، والعبر 3/ 329، وسير أعلام النبلاء 19/ 136- 143 رقم 72،
ودول الإسلام 2/ 19، والمعين في طبقات المحدثين 143 رقم 1562، والإعلام
بوفيات الأعلام 202، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 78، 79، ومرآة
الجنان 3/ 125، 153، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 27- 29، وطبقات
الشافعية للإسنويّ 2/ 389، 390، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/
282، 283 رقم 241، والنجوم الزاهرة 5/ 160، والأنس الجليل 264، وطبقات
الشافعية لابن هداية الله 181، وكشف الظنون 58، 98، وشذرات الذهب 3/
395، 296، وهدية العارفين 2/ 490، وإيضاح المكنون 1/ 129، ومنتخبات
التواريخ لدمشق للحصني 469، وحاضر العالم الإسلامي لشكيب أرسلان 1/
202، 204، والأعلام 8/ 136، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان
الإسلامي
(33/345)
الفقيه أبو الفتح المَقْدِسيّ النّابُلسيّ
[1] ، الشّافعيّ، الزّاهد.
شيخ الشّافعيّة بالشّام، وصاحب التّصانيف.
سمع بدمشق من: عبد الرحمن بن الطُّبَيْز [2] ، وعليّ بن السِّمْسار،
ومحمد بن عَوْف المُزَنيّ، وابن سَلْوان، وأبي عليّ الأهوازيّ.
وسمع أيضًا من: محمد بن جعفر المِيماسيّ بغزة، ومن هبة الله بن سليمان
بآمِد، ومن سُلَيْم بن أيْوب [3] بصور، وعليه تفقّه.
وسمع من خلْقٍ كثير، حتْى سمع ممّن هو أصغر منه. وأملى مجالس قد وقع
لنا بعضُها.
روى عنه من شيوخه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم النَّسِيب، وأبو الفضل
يحيى بن عليّ، وجمال الإسلام أبو الحسن السُّلَميّ، وأبو الفتح نصر
اللَّه المصّيصيّ، وعليّ بْن أَحْمَد بن مقاتل، وحسّان بن تميم
الزّيّات، وأبو يَعْلَى حمزة بن الحُبُوبيّ، وخلْق كثير.
وسكن القدس مدّةً طويلة، ثمّ قدم دمشق سنة ثمانين وأربعمائة، فأقام بها
يدرِّس ويُفْتي، إلي أن مات بها.
نقل صاحب «تاريخ دمشق» [4] أنّ السّلطان تاج الدّولة تُتُش زار الفقيه
نصرًا، فلم يقُمْ له، ولا التفت إليه، وكذا ولده دُقَاق.
وسأله دُقَاق: أيُّ الأموال أَحَلُّ؟ فقال: مالُ الْجَوَالي [5] . فبعث
إليه بمبلغٍ، فلم يقبلْه، وقال: لا حاجة بنا إليه.
__________
[5] / 122- 126 رقم 1742، والحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال
العصور الوسطى (تأليفنا) 345، 346، وديوان الإسلام 4/ 297، 298 رقم
2070، ومعجم المؤلفين 13/ 87، وزيارات الشام لابن الحوراني 57- 60.
[1] وقع في (معجم البلدان 15/ 171) أن أصله من «طرابلس» وهو وهم.
[2] الطّبيز: بضم الطاء المشدّدة المهملة، وضم الباء المنقوطة من تحتها
بواحدة، وسكون الياء المنقوطة باثنتين.
[3] توفي سليم وهو راجع من الحج سنة 447 هـ. وهذا يعني أن نصرا دخل صور
قبل هذا التاريخ، فأقام بها نحو أربع سنوات من 437 إلى سنة 440 هـ.
[4] ابن عساكر في تاريخه 24/ 429.
[5] الجوالي: الجزية.
(33/346)
فلمّا راح الرّسول لامه نصر الله المصّيصيّ
وقال: قد عَلِمْتَ حَاجَتَنا إليه.
فقال: لا تجزعْ، فسوف يأتيك من الدّنيا ما يكفيك فيما بعد. فكان كما
تفرَّس فيه.
حكاها غيث الأرمنازيّ، وقال: سمعته يقول: درستُ على سُلَيْم أربع
سِنين. فسألتُهُ: في كم كتبتَ تعليقة سُلَيْم؟ فقال: في ثمانين [1]
جزءًا [2] ، وما كتبتُ منها شيء إلّا على وضوء [3] .
قلت: وكان إمامًا علّامة في المذهب، زاهدًا، قانتًا، ورِعًا، كبير
الشّأن.
قال الحافظ ابن عساكر: [4] لم يقبل من أحدٍ صلةً بدمشق، بل كان يقتات
من غلّةٍ تُحْمَل إليه من أرضٍ بنابُلس ملْكه، فيَخْبِزُ له كلّ ليلة
قَرْصةً في جانب الكانون.
حكى لي ناصر النّجّار، وكان يخدمه، أشياء عجيبة من زُهْده وتقلُّله،
وترْكه تناول الشّهوات.
وكان، رحمه الله، على طريقةً واحدةٍ من الزُّهْد والتَّنزُّه عن
الدَّنايا والتَّقَشُّف.
وحكى لي بعض أهل العِلْم قال: صَحِبْت إمام الحَرَمَيْن بخُراسان، وأبا
إسحاق الشّيرازيّ ببغداد، فكانت طريقته عندي أفضل من طريقة إمام
الحَرَمَيْن.
ثمّ قدِمْتُ الشّامَ، فرأيت الفقيه أبا الفتح، فكانت طريقته أحسن من
طريقتيهما [5] .
قال غيره: كان الفقيه نصر يعرف بابن أبي حافظ [6] .
__________
[1] هكذا في الأصل. والصواب: «نحو ثلاثمائة جزء» كما في: تاريخ دمشق
44/ 429، ومعجم البلدان 5/ 71، وغيره.
[2] في الأصل «جزء» .
[3] تاريخ دمشق 44/ 429.
[4] في تاريخ دمشق.
[5] تاريخ دمشق 44/ 429، تبيين كذب المفتري 287، تهذيب الأسماء واللغات
2/ 125، سير أعلام النبلاء 19/ 140، طبقات الشافعية الكبرى 4/ 28.
[6] في الأصل: «حائط» .
(33/347)
ومن تصانيفه: كتابَ «الحُجّة على تارك
المَحَجّة» ، وهو مشهورٌ مَرْوِيٌّ، وكتاب «الانتخاب الدّمشقيّ» وهو
كبير في بضعة عشر مجلّدًا، وكتاب «التّهذيب في المذهب» في عشر مجلّدات،
وكتاب «الكافي» مجلَّد، ليس فيه قولين ولا وجهين.
وعاش أكثر من ثمانين سنة.
ولمّا قدِم الغَزَاليّ دمشقَ جالَسَ الفقيهَ نصرًا، وأخذ عنه.
وتفقّه به جماعة بدمشق [1] .
تُوُفّي يوم عاشوراء، ودُفِن بمقبرة باب الصّغير، وقبره ظاهرٌ يُزار،
رحمه الله.
وقال ابن عساكر: [2] قال من حَضر جنازة الفقيه نصر: خرجنا بها، فلم
يُمكِنّا دفْنُه إلى قريب المغرب، لأنّ الخلْق حالوا بيننا وبينه، ولم
نَرَ جنازةً مثلها.
أقمنا على قبره سبع ليال [3] .
__________
[1] تهذيب الأسماء 2/ 126.
[2] في تاريخ دمشق 44/ 429.
[3] «أقول» : أفاد نصر وهو بصور كثيرا، فسمعه بها: أبو محمد الحسن بن
نصر بن الحسن البزّاز، وأبو محمد الحسن بن المؤمّل الطائي الصوري، وأبو
سعد ناصر بن محمد بن أبي الوفاء الأسفرائيني. وتفقّه عليه أبو الحسين
إدريس بن حمزة بن علي الرمليّ الشافعيّ الفقيه المتوفى سنة 504 هـ،
وأبو الطيّب علي بن يحيى بن رافع بن العافية النابلسي المؤذّن المتوفى
سنة 546، وأبو المعالي عبد الله بن أحمد بن مروان بن عبد الصمد. وأنبأ
إملاء: أبا الفتح نصر الله بن محمد الفقيه، وأبا الفرج أحمد، وأبا أحمد
عبد السلام بن الحسين بن علي بن زرعة، وهؤلاء من صور.
وقد سمع هو بصور: سليم بن أيوب الرازيّ الفقيه، وأبا الحسن علي بن
إبراهيم بن نصرويه بن سخنام بن هزيمة السمرقندي المتوفى 441، وأبا
الحسن علي بن الحسن بن عمر القرشي الزهري المعروف بالثمانيني المتوفى
سنة 459 هـ، والضحّاك بن عبد الله النهدي مولى أبي جعفر المنصور.
وسمع بصيداء: هبة الله بن سليمان. (موسوعة علماء المسلمين 5/ 122- 126)
.
وقال ابن عساكر: وسمعت بعض من صحبه يقول: لو كان الفقيه أبو الفتح في
السلف لم تقصر درجته عن واحد منهم، لكنهم فاقوه بالسبق. وكانت أوقاته
كلها مستغرقة في فعل الخير من علم وعمل.
وقال ياقوت: كان قدم دمشق في سنة 471 في نصف صفر، ثم خرج إلى صور وأقام
بها نحو عشر سنين، ثم قدم دمشق سنة 480 فأقام بها يحدّث ويدرّس إلى أن
مات.
(33/348)
- حرف الهاء-
375- هادي بن الحسن بن محمد بن العَلَويّ [1] .
أبو البركات الأصبهاني.
من أعيان السّادة.
سمع: ابن ريدَة، والفضل بن سعيد، وعبد الرحمن بن أبي بكر الذَّكْوانيّ.
روى عنه: السِّلَفيّ، وقال: تُوُفّي فِي ذِي القعدة.
- حرف الياء-
376- يَحْيَى بْن أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ [2] .
أَبُو القاسم السِّيّبيّ [3] القَصْريّ، المقرئ المعمّر.
سأله غير واحدٍ عن مولده فقال: في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
وقال مرّةً: في جُمَادى الأولى بقصر ابن هُبَيْرَة. فيكون عُمره مائةً
وسنتين.
قرأ القرآن بالرّوايات على: أبي الحسن الحمّاميّ.
وسمع: أبا الحسن بن الصَّلْت، وأبا الحُسين بْن بِشْران، وأبا الفضل
عَبْد الواحد التّميميّ، ومحمد بن الحسين القطّان، وغيرهم.
ولو سمع على قدْر مولده لسمع من أصحاب البَغَويّ، وابن أبي داود.
__________
[ () ] وقال السبكي: انتقل إلى صور وأقام بها عشر سنين ينشر العلم مع
كثرة المخالفين له من الرافضة.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (يحيى بن أحمد) في: الأنساب 7/ 216، والمنتظم 9/ 105 رقم
153 (17/ 42 رقم 3674) ، والكامل في التاريخ 10/ 271، والإعلام بوفيات
الأعلام 202، وسير أعلام النبلاء 19/ 98، 99 رقم 55، والعبر 3/ 330،
ومعرفة القراء الكبار 1/ 442، 443 رقم 379، وأهل المائة فصاعدا (مجلّة
المورد ببغداد) ج 2 ق 4/ 30، والمشتبه في الرجال 1/ 347، وعيون
التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 80، والبداية والنهاية 12/ 155، وغاية
النهاية 2/ 365 رقم 3831، والنجوم الزاهرة 5/ 161، وشذرات الذهب 3/
396.
[3] السّيبي: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من
تحتها، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى سيب. قرية
بنواحي قصر ابن هبيرة. (الأنساب 7/ 215) .
وقد تحرّفت في (البداية والنهاية 12/ 155) إلى: «البستي» .
(33/349)
وكان حَسَن الإقراء، مجوِّدًا. ختم عليه
خلْقٌ القرآن.
وذكره السّمعانيّ فقال: رحل النّاس إليه من الآفاق، وأخذوا عنه الحديث
وأكثروا.
وكان خيِّرًا، ثقةً، صالحًا، ديِّنًا [1] .
روى لنا عنه: أبو بكر الأنصاري، وأبو القاسم بن السمرقندي، وأبو
البركات الأنْماطيّ، وأبو الفَرَج اليُوسُفيّ، وأبو القاسم التّميميّ
الحافظ، وأبو نصْر الغازيّ، وآخرون.
وسمعتُ ابن ناصر يقول: إنّه تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من ربيع الآخر
[2] .
وقال ابن سُكَّرَة: كان صالحًا، مُسنًّا، عفيفًا، لو سُمع لكان من
أسْنَد مَن لقِيناه. وفارقْتُه سنة تسعٍ وثمانين، وهو يمشي ويتصرّف،
ويتعمَّم بالسّواد.
ذكر ابن النّجّار أنّه سمع من أَبِي الحَسَن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
الصّلت.
__________
[1] المنتظم 9/ 105 (17/ 42) .
[2] جاء في (المنتظم) أنه توفي ليلة السبت خامس عشرين ربيع الآخر، وكان
عمره مائة وثلاثا وخمسين سنة وثلاثة أشهر وأياما، وكان صحيح الحواسّ!!.
و «أقول» : هذا وهم واضح. وقد سبق القول إنه ولد سنة 388، وعلى هذا
يكون قد عاش مائة وسنتين فقط.
(33/350)
الكنى
377- الأمير أبو نصْر [1] .
ابن الملك جلال الدّولة أبي طاهر بن بُوَيْه.
عُدِم في هذا العام. وهو آخر من ركب الخيل من بني بويه.
كان السّلطان ملك شاه قد أقطعه المدائن وغيرها، فهرب والتجأ إلى سيف
الدّولة ابن مَزْيَد، فأعرضَ عنه، فتنقّل في الأرض، وأضمرته البلاد.
وكانوا قد شهدوا عليه بالزَّنْدَقة، وحكم القاضي بقتله.
وكان له داران ببغداد، فعُمِلَتا مسجدين بأمر الخليفة.
__________
[1] انظر عن (الأمير أبي نصر) في: البداية والنهاية 12/ 154.
(33/351)
المتوفّون تقريبًا مِن أهل هذه الطّبقة
- حرف الألف-
378- أحمد بن زاهر [1] .
أبو بكر الطُّوسيّ.
قدِم إصبهان فروي «صحيح مسلم» عن: أبي بكر محمد بن إبراهيم الفارسيّ
صاحب الْجُلُوديّ.
روى عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ، وأبو الخير عبد الكريم بن فُورجَة،
وجماعة.
مات سنة سبْعٍ أو ثمانٍ وثمانين.
379- أحمد بن عبد الله بن سُمَيْر [2] .
الأصبهاني المقرئ، العبد الصّالح.
سمع: ابن مردوَيْه، وأبا بكر بن أبي عليّ.
وعنه: إسماعيل الصّلْحيّ ووصفه بالصّلاح، وأبو سعْد البغداديّ، وعبد
العزيز بن محمد الأدَميّ الشّيرازيّ.
وسُمير بضم المهملة.
380- أحمد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن الفَرَج [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أحمد بن علي) في: ميزان الاعتدال 1/ 122 رقم 485، والمغني
في الضعفاء 1/ 50 رقم 383، ولسان الميزان 1/ 226 رقم 706.
(33/352)
أبو نصْر الهاشميّ البصْريّ، المعروف
بالهبّاريّ [1] ، وبالعاجيّ، المقرئ المجوّد.
أحد من عُنِي بالقراءات والفرائض.
قال ابن النّجّار: سافر في طلب القراءات، فدخل بغداد سنة ست عشرة
وأربعمائة، وقرأ القرآن على أبي الحسن الحمّاميّ، وقرأ بدمشق على أبي
عليّ الأهوازيّ، وبحَرَّان على الشّريف أبي القاسم عليّ بن محمد
الزَّيْديّ.
ثمّ جالَ في العراق، وخُراسان، وحدَّث بمرْو بكتاب «السُّنَن» لأبي
داود، عن أبي عمر الهاشميّ.
سمعه منه: أبو بكر محمد بن منصور السّمعانيّ.
ثمّ دخل بُخَارى، وسَمَرْقَنْد.
قرأ عليه أبو الكَرَم الشَّهّرُزُوريّ بالرّوايات.
قلت: إلى سورة الفتح.
وقال أبو سعْد السّمعانيّ: نا أبو طاهر محمد بن محمد الخطيب قال: كان
أبوك سمع من أبي نصر الهبّاريّ كتاب «السُّنَن» ، فلمّا ورد العراق
طعنوا في الهبّاريّ، ورَمَوه بالكذِب والتّعمّد فيه، وشرطوا عليه أن لا
يروي عنه.
وقال: محمد بن عبد الواحد الدقاق: أبو نصر الهباري، كذاب، لا تحل
الرواية عنه [2] .
قال خميس الحُوزيّ: وُلِد أبو نصْر بالبصرة سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة،
وحدَّث بواسط سنة ثلاثٍ وثمانين [3] . ويقال إنّه مات بها، فاللَّه
أعلم.
381- أحمد بن منصور [4] .
أبو نصر الظّفريّ الإسبيجابيّ [5] ، الفقيه الحنفيّ، المعروف بأحمدجي.
__________
[1] الهبّاري: بفتح الهاء والباء المشدّدة وفي آخرها الراء. هذه النسبة
إلى هبّار، وهو اسم جدّ عبد العزيز بن علي بن هبّار الهبّاري. (الأنساب
12/ 306) .
[2] لسان الميزان 1/ 226.
[3] وورّخه ابن حجر فيها.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] الإسبيجابي أو الإسفيجابي: بكسر الألف وسكون السين وكسر الفاء
وسكون الياء المنقوطة
(33/353)
كان أحد الأئمّة الكبار. شرح «مختصر
الطّحاوي» ، وتبحّر في حفظ المذهب في بلاده. ثمّ قدم سمرقند، فأجلسوه
للفتوى، وتخرّج به الأصحاب، وظهرت له الآثار الجميلة.
ويقال إنّه وُجِد لَهُ بعد وفاته صندوق فيه فتاوى كثيرة، كان فقهاء
عصره قد أفتوا فيها وأخطأوا، ووقعت في يده، فأخفاها لئلّا يظهر بقضائهم
وأجاب المستفتين عنها بغيرها.
وقد ذكره صاحب «القَنْد في معرفة علماء سَمَرْقَنْد» ، ولم يذكر له
وفاةً، وذكره بين جماعة تُوُفّوا بعد الثّمانين وقبلها.
382- إبراهيم بن أحمد بن عبد الله [1] .
أبو إسحاق الرّازيّ المعروف بالبيِّع [2] .
رحّال، صالح، خيّر، صُوفيّ متواضع.
حدَّث عن: أبي الحسن بن صخر البصريّ، وأبي الفضل الأرّجانيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عليّ العِجْليّ بهَمَذَان، وأبو تمّام الصَّيْمَريّ
ببُرُوجِرد [3] .
وقيل إنّه ورِث من أبيه أكثر من سبعين ألف دينار، فأنفقها على الفقراء
والمتعلّمين.
وُلِد سنة إحدى عشرة، ومات بالرّيّ بعد الثّمانين.
__________
[ () ] باثنتين من تحتها وفتح الجيم وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة.
هذه النسبة إلى إسفيجاب، وهي بلدة كبيرة من بلاد المشرق من ثغور الترك.
(الأنساب 1/ 41) .
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] (البيّع: بفتح الباء الموحدة، وكسر الياء آخر الحروف، وفي آخرها
العين المهملة. هذه اللفظة لمن يتولّى البياعة والتوسّط في الخانات بين
البائع والمشتري من التجار للأمتعة. (الأنساب 2/ 370) .
[3] بروجرد: بضم الباء والراء بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء وفي
آخرها الدال المهملة.
وهي بلدة حسنة كثيرة الأشجار والأنهار من بلاد الجبل على ثمانية عشر
فرسخا من همذان.
(الأنساب 2/ 174) .
(33/354)
383- أحمد بن محمد بن عمر بن سُيُّوَيْه بن
خرة [1] .
أبو نصر الإصْطَخْريّ، ثمّ الأصبهاني.
حدَّث عن: أبي عبد الله الْجُرْجَانيّ، وأبي بكر الحيري، وأبي سعيد
الصيرفي.
روى عنه: أبو سَعْد أحمد بْن مُحَمَّد البغداديّ، وعبد الله بن أحمد
السَّمَرْقَنْديّ، وآخرون.
حدَّث «بمُسْند الشّافعيّ» .
- حرف الحاء-
384- الحسين بن عليّ بن خَلَف بن جبريل [2] .
الواعظ الكبير أبو عبد الله الألْمعيّ الكاشْغَريّ، ويُعرَف بالفضل.
قدِم بغداد مَرّات، وسمع من ابن غَيْلان، والصُّوريّ.
وبالكوفة من محمد بن عليّ العَلَويّ.
وحدَّث عن: المختار بن عبد الله البصْريّ، وعبد الكريم بن أحمد
الثّعالبيّ البلْخيّ، وعبد الوهاب بن الشَّعْبيّ.
وحدَّث باليسير.
حدَّث عنه: أبو غالب بن البنّاء.
قال ابن النّجّار: كان صالحًا بكّاءً خاشعًا، لَا تأخذه في الله
لَوْمَةُ لائمٍ. إلَّا أنّه كثير المنكرات والموضوعات، ضُعِّف واتُّهم
بها. وحدَّث ببغداد في سنة ثلاثٍ وستّين.
وقال شيروَيْه: قدِم علينا، فكنت أحضر مجلسه، وكان يعِظ النّاس وتاب
على يديه خلْقٌ كثير. وعامة حديثه مناكير.
وقال السّمعانيّ: قرأت بخطّ أبي: سمعت محمد بن عبد الحميد العَبْديّ
المَرْوَزِيّ يقول: كان الكاشْغَريّ يضع الأحاديث ويُركِّب المتون.
وكان ابنه عبد
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] تقدّمت ترجمته ومصادرها في المتوفين سنة 484 هـ. برقم (114) .
(33/355)
الغافر يُنكر عليه ذلك.
عاش بعد ابنه عبد الغافر قريبًا من عشر سِنين.
385- الحسين بن محمد بن مبشر [1] .
أبو علي الأنصاري الأندلسيّ السَّرَقُسْطيّ، المقرئ.
ويُعرف بابن الإمام [2] .
قرأ القرآن على: أبي عِمْرو الدّانيّ، وغيره.
ورحل إلى ديار مصر، وقرأ القراءات على: أبي عليّ الحسن بن محمد بن
إبراهيم البغداديّ المالكيّ.
وسمع من: أبي ذَرّ الهَرَويّ [3] ، وإسماعيل بن عَمْرو الحدّاد، وتصدّر
للإقراء بجامع سَرَقُسْطة نحوًا من أربعين سنة.
قرأ عليه القراءات جماعة منهم: أبو عليّ بن سُكَّرَة [4] .
- حرف الخاء-
386- خديجة بنت أبي القاسم عبد العزيز بن عبد الرحمن الكرابيسيّ
الصّفّار [5] .
شيخةٌ مُسِنَّة مُسْنِدَة.
عاشت إلى حدود التّسعين.
سمعت: محمد بن أحمد بن إبراهيم الأُشْنانيّ [6] ، وأبا حامد أحمد بن
الوليد الزُّوزَنيّ صاحب محمد بن أحمد بن خَنْب [7] .
روى عنها: فضل الله بن وهب الله الحذّاء، وعبد الخالق بن الشّحّاميّ،
__________
[1] انظر عن (الحسين بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 142 رقم 328.
[2] وقال ابن بشكوال: «وكان خيّرا فاضلا» .
[3] تحرّف في الصلة إلى: «الهووي» .
[4] ورّخ بشكوال وفاته بسنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
و «أقول» : إن صحّ ذلك فينبغي أن تحوّل هذه الترجمة وتقدّم إلى الطبقة
السابقة.
[5] انظر عن (خديجة بنت أبي القاسم) في: التحبير 2/ 31، والمنتخب من
السياق 219 رقم 682.
[6] الأشناني: بضم الألف، وسكون الشين المعجمة، ونون، وقد تقدّم
التعريف بها.
[7] خنب: بالخاء المعجمة، وسكون النون.
(33/356)
وعبد الله بن الفُرَاويّ، وشافع بن عليّ
الشّغْريّ، وآخرون.
وقد مضى أخوها محمد في سنة ثلاثٍ وسبعين [1] .
- حرف العين-
- عبيد الله بن عطاء الإبراهيمي.
مرَّ في تلك الطّبقة [2] .
387- عبد الله بن عليّ [3] .
أبو المظفّر ابن الدّهّان الهَرَويّ.
سمع من: عبد الجبّار الجرّاحيّ.
روى عنه: عبد الملك الكَرُوخيّ الجزء الأخير من «التِّرْمِذِيّ» .
388- عبد الرحمن بن أحمد [4] .
أبو أحمد المَرْوَزِيّ المعروف بفقيه شاه.
سمع: أبا الخير أحمد بن عبد الله بن بُرَيْدة المسروريّ، وإسماعيل بن
يَنَالَ المحبوبيّ.
قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ: ثنا عنه أبو طاهر محمد بن محمد
السَّنْجيّ [5] ، ومُحَمَّد بن النُّعْمان بن أبي عاصم.
تُوُفّي بعد سنة 484.
- حرف الميم-
389- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن عمر [6] .
__________
[1] وكان والدها من المختصين بالإمام زين الإسلام ومن مريدي الأستاذ
أبي علي الدقاق، وقد جمع الحديث وكتب، وهو من المعروفين به.
[2] أي في الطبقة السابقة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] السّنجي: بكسر السين المهملة، وسكون النون، وفي آخرها جيم. وهي
نسبة إلى سنج، قرية كبيرة من قرى مرو، على سبعة فراسخ منها. (الأنساب
7/ 165) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/357)
القاضي أبو عمر النّهاونديّ. من بقايا
المُسْنِدين بالبصْرة. روى عن جدّه لأمّه أبي بكر محمد بن الفضل بن
العبّاس البابْسِيريّ [1] ، سمع منه في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وعن
طلحة بن يوسف المواقيتيّ [2] ، صاحبيّ أبي إسحاق الهُجِيميّ [3] .
وعُمّر طويلًا.
سمع منه: ابنه القاضي أبو طاهر، وغيره.
وروى عنه بالإجازة الحافظان أبو عليّ بن سُكَّرَة الصُّدفيّ، وأبو طاهر
السّلفيّ.
وبقي إلى بعد التّسعين وأربعمائة فيما أرى.
قرأتُ على عبد المؤمن الحافظ: أخبرك ابن رواج، أنّ أبا طاهر بن سِلَفَة
الحافظ أخبره، قال: كتب إليَّ أبو عمر النّهاونديّ من البصرة: أنا جدّي
أبو بكر محمد بن الفضل، ثنا إبراهيم بن عليّ الهُجَيْميّ، ثنا أبو
قِلابة، نا أبو عاصم، نا سُفْيان الثّوريّ قال: بلغني عن الحسن أنّه
قال في الرّجل يُذْنِب ثمّ يتوب، ثمّ يذنب، ثمّ يتوب ثلاثًا، قال: تلك
أخلاق المؤمنين.
390- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد [4] .
الحاكم أبو منصور النُّوقانيّ [5] ، الطُّوسيّ المعروف بالعارف. من
علماء خُراسان.
سمع: عبد الله بن يوسف، وأبا عبد الرحمن السّلميّ، وأبا مسلم غالب ابن
عليّ الرّازيّ الحافظ، وجماعة.
__________
[1] البابسيري: بالألف بين الباءين ثاني الحروف، وكسر السين المهملة،
والراء بين الياءين آخر الحروف. هذه النسبة إلى بابسير، وهي قرية من
قرى واسط، وقيل من قرى الأهواز.
(الأنساب 2/ 10، 11) .
[2] المواقيتي: نسبة إلى الموقّت، أو الميقاتي.
[3] الهجيميّ: بضم الهاء وفتح الجيم والياء الساكنة آخر الحروف وفي
آخرها الميم. هذه النسبة إلى محلّة بالبصرة نزلها بنو هجيم فنسبت
المحلّة إليهم. (الأنساب 12/ 309) .
[4] انظر عن (محمد بن أحمد) في: التحبير 1/ 551 (في ترجمة الجرموكي رقم
538) .
[5] النوقاني: بفتح النون وسكون الواو وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه
النسبة إلى نوقان وهي إحدى بلدتي طوس. (الأنساب 11/ 161) .
(33/358)
قال عبد الرحيم بن السّمعانيّ: أدركتُ من
أصحابه أبا سعْد محمد بن أحمد بن الجليل الحافظ. ولد قبل عام أربعمائة.
وسأله أبو محمد السَّمَرْقَنْديّ عن مولده فقال: سنة خمس وتسعين
وثلاثمائة.
توفّي بنوقان سنة نيّف وثمانين وأربعمائة.
391- محمد بن عبد السّلام بن شانْدُهْ [1] .
أبو المعالي الأصبهاني، ثمّ الواسطيّ الشّيعيّ.
روى عَن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن عليّ الصّيدلانيّ ابن خَزَفَة، وابي
القاسم عليّ بن كُرْدان النَّحْويّ، وغيرهما.
قال السِّلَفي: [2] سألت خميسًا الحَوْزيّ وقد قال لي: آخر مَن روى عن
ابن كُرْدان أبو المعالي بن شانده. فقلت: مَن ابن شانده؟ قال: كان
إصبهانيًّا رئيسًا محتشمًا ثقة [3] . ولد سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة.
سمع من ابن خَزَفَة «تاريخ أحمد بن أبي خَيْثَمة» [4] ، وكان عنده عن
عمّه أبي محمد التّلْعُكْبَريّ [5] ، من مصنِّفي الرَّافضة، كُتُبٌ من
عِلْمهم لا يُسْمِعها أحدًا. ومَدَدْتُ يدي إليها يومًا، فاستلبها من
يدي وقال: هذا لا يصلُح لك. وكان يتظاهر بالسُّنّة.
قلت: وممّن روى عنه: عليّ بن محمد الْجُلّابيّ في «تاريخه» ، وبقي إلى
بعد الثّمانين: والحافظ أبو عليّ بن سُكَّرَة، وقال: هو محمد بن عبد
السّلام بن عُبَيْد الله بن حمولة نزيل واسط. سمع سنة 457 من ابن
خَزَفَة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد السلام) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس
الحوزي 55، 56 رقم 12، وسير أعلام النبلاء 18/ 607، 608 رقم 323.
وشانده: بسكون النون، وضم الدال المهملة وهاء.
[2] في سؤالاته للحوزي 55.
[3] في السؤالات زيادة: «صدوقا» .
[4] في السؤالات: «سمع ابن خزفة ما أملاه وجميع تاريخ ابن أبي خيثمة،
كان يقول ذلك، ووجدنا الأصول بعد وفاته» .
[5] التّلعكبريّ: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وسكون اللام،
وقيل بتشديدها فهو الأصحّ، وضم العين المهملة وسكون الكاف وفتح الباء
المنقوطة بواحدة وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى موضع عند عكبرا يقال
له التل. (الأنساب 3/ 70) .
(33/359)
392- محمد بن يوسف بن عليّ بن خَلَصَة [1]
.
أبو عبد الله الشّاطبيّ.
سمع: ابن عبد البَرّ، وبمكّة: هَيّاج بن عُبَيْد.
وروى عنه: طاهر بن مُفَوَّز، وأبو إسحاق بن جماعة، وجماعة.
توفّي نحو التّسعين وأربعمائة.
393- محمد بن إبراهيم بن إلياس [2] .
أبو عبد الله اللَّخْميّ الأندلسيّ. ويُعرف بابن شُعيب. وهو جدّه لأمه.
روى عنه، وعن: مكّيّ بن أبي طالب القَيْسيّ، وأبي العبّاس المَهْدويّ،
وابي عَمْرو الدّانيّ.
قال الأبّار: تصدَّر بجامع المَرِيّة لإقراء القرآن والعربية والآداب.
روى عنه: أبو الحسن بن موهب، وأبو الحسن بن نافع، وأبو عبد الله بن
مَعْمَر.
وقفت على السّماع منه في سنة 481.
394- مغيرة بن محمد بن محمد بن حسن [3] .
أبو الغيث الثّقَفيّ الْجُرجَانيّ.
ثقة، خيّر، من ذُرّيّة المغيرة بن شُعْبة.
كان من بقايا أصحاب حمزة بن يوسف السَّهْميّ.
قال السّمعانيّ: ثنا عنه أبو عامر سعد بن علي الجرجاني بمرو.
قال: وتوفى رحمه الله بمرو سنة نيّف وتسعين وأربعمائة، وكان من أبناء
تسعين سنة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
(33/360)
انتهت الطبقة، من خط مؤلفها رحمه الله
تعالى وشكر سعيه، وعلّقها الفقير إِلَى اللَّه تعالى مُحَمَّد بْن
إِبْرَاهِيم بن محمد البستلي لطف الله به وعفى عنه بمنّه (بعون الله
وتوفيقه أنجز تحقيق هذه الطبقة من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير
والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد
بْن عثمان بن قايماز الذهبي، المتوفى بدمشق سنة 748 هـ. - رحمه الله-،
وضبط نصّها، وعلّق عليها، وخرّج أحاديثها وأشعارها، ووثّق مادّتها،
وأحال إلى مصادرها، ونبّه إلى الأغلاط والأوهام التي اعترت نسختها،
وصنع فهارسها: طالب العلم وخادمه- نفعه الله بعلمه، وفتح عليه- الحاج،
أستاذ، دكتور عمر عبد السلام تدمري «أبو غازي» ، أستاذ التاريخ
الإسلامي بالجامعة اللبنانية- طرابلس- والمشرف على رسائل الماجستير
والدكتوراه- بيروت-، وعضو الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ
الأمة في اتحاد المؤرّخين العرب، الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفيّ
مذهبا، وكان الفراغ من تحقيق هذا الجزء مساء الإثنين السادس والعشرين
من شهر جمادى الآخرة سنة 1413 هـ. الموافق للحادي والعشرين من شهر
كانون الأول (ديسمبر) 1992 م. وذلك بمنزله بساحة النجمة من مدينة
طرابلس المحروسة، حفظها الله ثغرا للإسلام والمسلمين. والحمد الله حقّ
حمده) .
(33/361)
|