تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت تدمري

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الطبقة الثانية والخمسون
حوادث سنة إحدى عشر وخمسمائة
[الزلزلة بغداد]
زُلْزِلَت بغداد يوم عَرَفَة، ووقعت دُورٌ، وحوانيت بالجانب الغربيّ [1] .
[مهاجمة الفرنج حماه]
وفيها هجمت الفرنج حماه في اللَّيلْ، وقتلوا بها مائةً وعشرين رجلًا [2] .
[رحيل العساكر عَنِ الألموت]
وفيها ترحّلت العساكر، وتركت حصار الألموت عند ما بلغها موت السّلطان محمد، بعد أن كادوا يفتحونها [3] .
[غرق سنجار بالسيل]
وفيها غرقت سنْجار. جاءها سيلٌ عرِم، وهدم سورها. وهلك خلْق كثير، حتّى أنّ السّيل أخذ باب المدينة وذهب بِهِ عدّة فراسخ، واختفى تحت التّراب الَّذِي جرّه السَّيل، ثمّ ظهر بعد سنوات.
__________
[1] المنتظم 9/ 193 (17/ 156) ، تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 368 (سوم) 34، الكامل في التاريخ 10/ 532، وفي التاريخ الباهر 20 زلزلت إربل، ومثله في كتاب الروضتين 1/ 70، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 68، البداية والنهاية 12/ 180، عيون التواريخ 12/ 72، الكواكب الدرّية 81، النجوم الزاهرة 5/ 213، شذرات الذهب 4/ 30، تاريخ الخلفاء 432، كشف الصلصلة 182.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 532، وفيه: ما يزيد على مائة رجل، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 69، المختصر في أخبار البشر 2/ 230، الكواكب الدرّية 81.
[3] الكامل 10/ 527.

(35/269)


وسلم طفلٌ في سريرٍ لَهُ، حمله السَّيل، فتعلْق السّرير بثوبه، وعاش وكبر [1] .
[مقتل لؤلؤ الخادم]
وفيها قتل قوم من الأتراك لؤلؤا الخادم صاحب حلب وهو متوجّهٌ إلى قلعة جعبر [2] .
[وفاة السلطان محمد بن ملك شاه]
والسّلطان محمد بن ملك شاه، فيها تُوُفّي أيضًا بإصبهان، وقام بالأمر بعده ابنه محمود، وله أربعَ عشرة سنة، وفرّق خزائنه في العسكر. وقيل كانت أحد عشر ألف ألف دينار عَيْنًا، وما يناسب ذَلِكَ مِن العُرُوض [3] .
[هلاك بغدوين]
وفيها هلك بغدوين صاحب القدس [4] .
__________
[1] خبر السيل بسنجار في:
تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 368 (سويم) 33، والتاريخ الباهر 20، وكتاب الروضتين 1/ 70، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 38، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، والدرّة المضيّة 481، ومرآة الجنان 3/ 200، والكواكب الدرّية 81، والنجوم الزاهرة 5/ 213، شذرات الذهب 4/ 31، تاريخ الخلفاء 430.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 531، وقد تقدّم خبر وفاته في السنة الماضية. انظر: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 367 (تحقيق سويم) 33، وذيل تاريخ دمشق 198، وزبدة الحلب 2/ 177، 178، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 68، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، وعيون التواريخ 12/ 72.
[3] انظر عن وفاة السلطان ملك شاه في: المنتظم 9/ 196 رقم 338 (17/ 159 رقم 3860) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (تحقيق سويم) 33، الإنباء في تاريخ الخلفاء 208، ذيل تاريخ دمشق 198، 7199 والكامل في التاريخ 10/ 525- 527، والتاريخ الباهر 20، وتاريخ الفارقيّ 286 (حوادث 512 هـ-.) ، وزبدة التواريخ 171، ووفيات الأعيان 5/ 73، وتاريخ الزمان 136، وتاريخ مختصر الدول 199، وكتاب الروضتين 1/ 70، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 69، والمختصر في أخبار البشر 2/ 229، ونهاية الأرب 26/ 370، ودول الإسلام 2/ 38، والعبر 3/ 23، 24، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، والدرّة المضيّة 481، ومرآة الجنان 3/ 200، 202، والبداية والنهاية 12/ 180، 181، ومآثر الإنافة 2/ 15، والكواكب الدرّية 82، والنجوم الزاهرة 5/ 213 و 214، وشذرات الذهب 4/ 30، وتاريخ الخلفاء 430.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (زعرور) 368 (سويم) 33، ذيل تاريخ دمشق 199، وفي الكامل في

(35/270)


[هلاك ملك القسطنطينية]
وفيها هلك ملك القُسْطنطينيّة [1] ، لعنهما الله.
__________
[ () ] التاريخ 10/ 543 في حوادث سنة (512 هـ-.) وقال: «في ذي الحجّة من سنة إحدى عشرة وخمسمائة توفي بغدوين ملك القدس» ، دول الإسلام 2/ 38، الدرّة المضيّة 480، الكواكب الدرّية 82 (حوادث 512 هـ-.) ، اتعاظ الحنفا 3/ 56، شذرات الذهب 4/ 30.
[1] ذيل تاريخ دمشق 199، الكامل في التاريخ 10/ 532.

(35/271)


سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
[حريق محلّات ببغداد]
فيها كَانَ حريقٌ كبيرٌ ببغداد، احترقت الرَّيْحَانيَّتَيْن ومسجد ابن عَبْدُون [1] .
[إعدام ابن الْجَزَريّ]
وفيها قُبض عَلَى صاحب المخزن أبي طاهر بن الْجَزَري [2] وأُعدِم. وأُخِذ مِن داره أربعمائة ألف دينار مدفونة [3] .
[وفاة وَلَدي المسترشد باللَّه]
وتُوُفّي وُلِد المسترشد باللَّه الكبير، ثمّ الصّغير بالْجُدَرِيّ، فبكى عَليْهِ المسترشد باللَّه حتّى أُغمي عَليْهِ [4] .
[مصادرة ابن كمّونة]
وقُبض عَلَى ابن كَمُّونة وصُودر، وأُخِذ منه مالٌ كثير.
[إمارة المَوْصِل]
وفيها كَانَ عَلَى إمرة المَوْصِل مسعود بن السّلطان ملك شاه، وله أربع عشرة
__________
[1] المنتظم 9/ 196 (17/ 161) وفيه: «احترقت سوق الريحانيين وسوق عبدون» ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 369 (بتحقيق سويم) 34، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 70، الكواكب الدرّية 82، 83.
[2] الكامل 10/ 537: أبو طاهر يوسف بن أحمد الحزّيّ، وفي الكواكب الدرّية 83: «الخزري» .
[3] المنتظم 9/ 198 (17/ 163) .
[4] المنتظم 9/ 198 (17/ 163) .

(35/272)


سنة، وأبو [1] بَكْر جيوش بك، ووزيره فخر المُلْك أبو عليّ بْن عمّار صاحب طرابُلُس [2] .
[الخِلْعة لابن مَزْيد]
وفيها خُلِع عَلَى دُبَيْس بْن مَزْيَد جُبَّة، وفَرْجِيّة، وطَوْقٌ، وعِمامة، وفَرَس، وسيف، ومنطقة ولواء، وحمل إِليْهِ نقيب النُّقباء نجاح، وكان يومًا مشهودًا.
[حجابة ابن طلحة]
وصُرِف عَنِ الحجابة أبو جعفر بْن الدّامَغَانيّ، وولي أبو الفتوح بْن طلحة [3] .
[شِحنكيّة بغداد]
وفيها وُلّي شِحنكيّة بغداد آق سنقر البُرْسُقيّ، وعُزِل مجاهد الدّين بهْرُوز الخادم، وتحوَّل بهروز إلى تِكْريت، وهي لَهُ. ثمّ وُلّي شِحنكيّة بغداد مَنْكُبرْس [4] ، فحاربه البُرْسُقيّ [5] .
[وفاة الخليفة المستظهر]
ومات الخليفة المستظهر بعد أيّام، وبُويع المسترشد ولدُه فنزل أبو الحَسَن عليّ بْن المستظهر في مركبٍ هُوَ وثلاثة نفر، وانحدروا إلى الحِلّة إلى عند دُبَيْس، فأكرمه وخدمه، وأهمّ ذَلِكَ المسترشد، وطلبه مِن دُبَيْس، فتلطَّف في المدافعة عنه [6] .
__________
[1] في الأصل: «وأبا» .
[2] الكامل في التاريخ 10/ 539.
[3] المنتظم 9/ 199 (17/ 164) وفيه: «أبو الفتح» و «أبو الفرج» .
[4] ويقال: «منكوبوس» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 534، المختصر في أخبار البشر 2/ 230، تاريخ ابن الوردي 2/ 24.
[6] انظر عن وفاة الخليفة المستظهر في: المنتظم 9/ 197، 198 (17/ 161، 162) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (وتحقيق سويم) 34، والإنباء في تاريخ الخلفاء 208، وذيل تاريخ دمشق 200، والكامل في التاريخ 10 ج 534- 536، والتاريخ الباهر 22، وتاريخ الفارقيّ 284، 285، وتاريخ دولة آل سلجوق 113، وتاريخ

(35/273)


__________
[ () ] مختصر الدول 200، والفخري 300، 301، وكتاب الروضتين 71، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 73، ونهاية الأرب 23/ 260، وخلاصة الذهب المسبوك 270، 271، ومختصر التاريخ 215، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 39، والعبر 4/ 26، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، 25، والدرّة المضيّة 482، ومرآة الجنان 3/ 203، والبداية والنهاية 12/ 182، وتاريخ الخميس 2/ 403، وعيون التواريخ 12/ 82، وتاريخ ابن خلدون 3/ 495 و 5/ 45، والكواكب الدرّية 82، والنجوم الزاهرة 5/ 215، وشذرات الذهب 4/ 33، وتاريخ الخلفاء 430، 431، والجوهر الثمين 200، وأخبار الدول 2/ 167، ومحاضرة الأبرار 1/ 85، 86، والنزهة السنية 111.

(35/274)


سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
[انفصال ابن المستظهر باللَّه عَنِ الخليفة]
وفيها انفصل عَنِ الحِلّة الأمير أبو الحَسَن بْن المستظهر باللَّه، فمضى إلى واسط، ودعى إلى نفسه، واجتمع معه جيشٌ، وملك واسط وأعمالها، وجبى الخراج. وشُقّ ذَلِكَ [عَلَى] الخليفة، فبعث ابن الأنباريّ كاتب الإنشاء إلى دُبَيْس، وعرّفه وقال: أمير المؤمنين يُعَوّل عليك.
فأجاب، وجهّز صاحب جيشه عنانَ في جَمْعٍ كبير [1] ، فلمّا سَمِعَ أبو الحَسَن ترحّل مِن واسط في عسكره ليلًا، فأضلُّوا الطّريق، وساروا ليلهم أجمع حتّى وصلوا إلى عسكر دُبَيْس [2] ، فلمّا لاح لهم العسكر انحرف أبو الحَسَن عَنِ الطّريق، فتاه مَعَ عددٍ مِن خواصّه، وذلك في تمّوز، ولم يكن معهم ماء، فأشرفوا عَلَى التلف، فأدركه نصر بْن سَعْد الكرديّ، فسقاه، وعادت نفسُه إِليْهِ، ونهب ما كَانَ معه مِن مال، وحمله إلى دُبَيْس إلى النعمانية، فأقدمه إلى بغداد وخيّم بالرَّقَّة، وبعث بِهِ إلى المسترشد بعد تسليم عشرين ألف دينار قُرّرت عَليْهِ.
وكانت أيّامه أحَدَ عشر [3] [شهرًا] [4] وشُهّر وزيرُهُ ابن زَهْمُوَيْه [5] عَلَى جَمَلٍ، ثمّ
__________
[1] في المنتظم: «كثير» .
[2] دول الإسلام 2/ 39، 40، الكواكب الدرّية 83.
[3] في الأصل: «أحد عشرا، وشهّر» . وفي المنتظم: «وكانت مدة خروجه إلى أن أعيد أحد عشر شهرا» . والخبر في: الكامل في التاريخ 10/ 537، 538.
[4] إضافة على الأصل.
[5] في الأصل «رهمويه» بالراء، وفي المنتظم: «ابن زهمونه» ، والتصحيح من الأنساب وفيه: بفتح الزاي وسكون الهاء وضم الميم. وانظر: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 26 (بالحاشية) ، والمختصر المحتاج إليه 1/ 154، 155 و 2/ 127، والوافي بالوفيات 5/ 153، 154، والإنباء في تاريخ الخلفاء 212، وفي الكواكب الدرّية 83: «ابن رمهويه» .

(35/275)


قُتل في الحبْس [1] .
فقيل: إنّ الأمير أبا الحَسَن دخل عَلَى أخيه المسترشد، فقبَّل قدمه، فبكيا جميعًا، ثمّ قَالَ لَهُ: فَضَحْتَ نفسك، وباعوك مَعَ [2] العبيد. وأسكنه في داره الّتي كَانَ فيها وهو وليّ عهد. وردّ جواريه وأولاده، وأحسن إِليْهِ [3] . ثمّ شدّد عَليْهِ بعد ذَلِكَ.
[الخطبة بولاية العهد]
وفيها خُطِب بولاية العهد للأمير أبي جعفر منصور بْن المسترشد، وله اثنا عشر سنة [4]
[الوقعة بين السّلطان سنجر وابن أخيه]
وفي جُمَادَى الأولى كانت الوقعة بين السُّلطانين سَنْجَر ومحمود ابن أخيه وزوج ابنته. وذلك أنّ سَنْجَر لما بلغه موت أخيه السّلطان محمد دخل عَليْهِ حزْنٌ مُفْرِط، وجلس [للعزاء] عَلَى الرَّماد وصاح، وأغلق البلد أيّامًا [5] ، وعزم عَلَى قصْد العِراق ليملكه، وندِم عَلَى قتل وزيره أَبِي جعفر محمد بْن فخر المُلْك ابن نظام الملك لأمورٍ بَدتَ منه، وأخذ أمواله، وكان لَهُ مِن الجواهر والأموال ما لَا يوصف، فالذي وجدوا لَهُ مِن العَيْن ألف [6] ألف دينار. فلمّا قتله استوزر بعده شهاب الإسلام عَبْد الرّزّاق ابن أخي نظام المُلْك [7] .
ولما سَمِعَ محمود بحركة عمّه سَنْجَر نحوه راسله ولاطَفَه وقدَّم لَهُ تقادُم، فأبى إلّا القتال أو النّزول لَهُ عَنِ السَّلْطَنة. فتجهَّز محمود، وتقدّم عَلَى مقدّمة أمير
__________
[1] المنتظم 9/ 205 (17/ 171، 172) الكواكب الدرّية 83.
[2] في الكواكب الدرّية 83: «بيع» .
[3] الكامل 10/ 538، 539، زبدة التواريخ 179، 180، تاريخ ابن الوردي 2/ 25، الكواكب الدرّية 83.
[4] المنتظم 9/ 205 (17/ 172) ، الكامل في التاريخ 10/ 538، الكواكب الدرّية 84، النجوم الزاهرة 5/ 218.
[5] في الكامل 10/ 549: «وأغلق البلد سبعة أيام» ، ومثله: في: نهاية الأرب 26/ 378.
[6] في الكامل 10/ 549: «وجد له من العين ألفا ألف دينار» .
[7] ويعرف بابن الفقيه. (الكامل 10/ 549) .

(35/276)


حاجب في عشرة آلاف. ووصل محمود إلى الرَّيّ فدخلها، ثمّ ضجر منها وتقدَّم منها، وجاء إلى خدمته منصور أخو دُبَيْس، وجماعة أمراء، وأصبح معه ثلاثون ألفًا، وأقبل سَنْجَر في نحو مائة ألف، وكانت الوقعة بصحراء ساوَة، وكان مَعَ سَنْجَر خمسةُ ملوك عَلَى خمسة أَسِرَّةَ وأربعون فيلًا، عليها البُرْكُصْطُوَانات [1] والرّايات [2] والزينة الباهرة، وأُلُوف مِن الباطنيّة، وأُلُوف مِن كُفّار التُّرْكَ، فلمّا التقوا هبّت ريح سوداء أظلمت الدّنيا، وأظهر في الجوّ حمرة منكرة، وآثار مزعجة، وخاف النّاس، ثمّ انكشفت الظّلمة واقتتلوا، فانكسرت ميمنة سَنْجَر، ثمّ ميسرته، وثبت هُوَ في القلب والفيل معه، وكذا بقي محمود في القلب وحده، وتفرَّق أكثر جيشه في النَّهب، فحمل سَنْجَر بالفِيلَة، فولَّت الخيل منها [3] ، فتأخّر محمود ولم ينهزم، فلم يتْبعه سَنْجَر لأنّه رَأَى مجنَّبَتَيْه قد انهزموا، وثِقْلَه يُنْهب، وكثيرٌ مِن أُمرائه قد قُتِلوا، ووزيرُه قد أُسِر، ورأى ثبات ابن أخيه، فأخذ في المخادعة فأرسل إلى ابن أخيه محمود يقول: أنت [ابن] أخي وولدي، وما أؤاخذك، إنّك محمولٌ [4] عَلَى ما صنعت، ولا أؤاخذ أصحابك، لأنّهم لم يطّلعوا عَلَى حُسْن نيتي لهم.
فقال محمود: وأنا مملوكه.
ثمّ جاء بنفسه، وسنجر قد جلس عَلَى سرير، فقبّل الأرض، فقام لَهُ سَنْجَر، واعتنقه وقبّله، وأجلسه معه، وخلع عَليْهِ خلعة عظيمة، كَانَ عَلَى سَرْج فَرَس الخِلْعَة جوهر بعشرين ألف دينار. وأكل معه، وخلع عَلَى أُمَرائه. وأفرد لَهُ إصبهان يكون حاكمًا عليها، وعلى مملكة فارس وخوزسْتان، وجعله وليّ عهده، وزوَّجه بابنته [5] .
ثمّ عاد إلى خُراسان. ثمّ جاءت رسُلُهُ بالتّقادم إلى الخليفة [6] .
__________
[1] البركصطوانات: جمع بركصطوان، لفظ فارسي معناه الكساء المزركش الّذي تكسى به الخيول والفيلة.
[2] في الكواكب الدرّية 84: «البراواب» ؟.
[3] زبدة التواريخ 182.
[4] في الكواكب الدرّية 84 تحرّفت إلى: «محمود» .
[5] العبر 4/ 28، مرآة الجنان 3/ 204، البداية والنهاية 12/ 182، الكواكب الدرّية 84، 85.
[6] المنتظم 9/ 172 (17/ 205) باختصار، الإنباء في تاريخ الخلفاء 211، الكامل في التاريخ

(35/277)


[هزيمة صاحب أنطاكيّة بأرض حلب]
وفيها اجتمع عسكر طغتكين وايلغازي، وخرج صاحب أنطاكيّة [1] في عشرين ألفًا، فالتقوا في أرض حلب، فانهزم الملعون، وقُتِل مِن أصحابه خلْق، وأُسِر خلْق. ولم ينجُ إلّا الأقلّ، وفرح المؤمنون بهذه الوقعة الهائلة [2] .
وقد ذكرها أبو يَعْلَى حمزة [3] فقال: ولم يمض ساعةٌ إلّا والإفرنج عَلَى الأرض سطح واحد [4] ، فارسهم وراجلهم، بحيث لم يفلت منهم شخصٌ يُخَبر خَبَرهم، وقُتِل طاغيتُهم صاحب أنطاكيّة. ولم يتّفق مثل هذا الفتح للمسلمين [5] .
[الفتنة بين الآمر والأفضل أمير الجيوش]
وفيها وقعت الفتنة والمباينة بين الأفضل أمير الجيوش وبين الآمر، واحترز كلٌ منهما، وحرَّض الأفضل عَلَى اغتيال الآمر.
ودسّ إِليْهِ السُّمَّ مِرارًا، فلم يقدر. وجَرَت لهما أمور طويلة [6] .
[الخِلعة لابن صَدَقة]
وفيها خُلِع عَلَى أَبِي عليّ بْن صَدَقة، ولُقّب جلال الدّين [7] .
__________
[10] / 548- 553 (حوادث 513 هـ-.) ، المختصر في أخبار البشر 2/ 231، نهاية الأرب 26/ 378- 381، دول الإسلام 2/ 40، الدرّة المضيّة 484، الكواكب الدرّية 85.
[1] وهو: روجر.
ROGEROFANTIOCH
[2] الإعتبار لابن منقذ 119، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (وتحقيق سويم) 35، الكامل في التاريخ 10/ 544، زبدة الحلب 2/ 189، 190، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 9، المختصر في أخبار البشر 2/ 231، دول الإسلام 2/ 40، العبر 4/ 28، تاريخ ابن الوردي 2/ 25، الدرّة المضيّة 484، البداية والنهاية 12/ 180، الكواكب الدرّية 85.
[3] في ذيل تاريخ دمشق 201.
[4] في ذيل تاريخ دمشق: «سطحة واحدة» .
[5] الكامل في التاريخ 10/ 553- 555، الكواكب الدرّية 85.
[6] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 81، العبر 4/ 28، 29، مرآة الجنان 3/ 204، النجوم الزاهرة 5/ 218.
[7] المنتظم 9/ 206 (17/ 172) ، الفخري 304.

(35/278)


[هدايا السّلطان سَنْجَر للخليفة العباسي]
ووردت كُتُب مِن السّلطان سَنْجَر، فيها أقطاع للخليفة بخمسين ألف دينار وللوزير ببضعة آلاف دينار. ثمّ جاء مِن سَنْجَر هدايا، ثلاثين تختًا مِن الثّياب، وتُحَف وعشرة مماليك [1] .
[التضييق عَلَى الأمير أَبِي الحَسَن]
وفي آخر السّنة زاد التّضييق عَلَى الأمير أَبِي الحَسَن، وسُدّ عَليْهِ الباب، وكان يُنَزَّل إليه ما يصلحه مِن طاقة [2] .
[قتل منكبرس]
وفيها وُلّي مَنْكبِرسْ شِحنكيّة بغداد، وظَلَم وعَسَف، وعتَّر الرّعيّة، وضجَّ النّاس وأغلقت الأسواق إلى [3] أن قَلَعَه الله وطلبه السّلطان، وقتله صبْرًا [4] .
[شِحنكيّة بهروز]
ثمّ أعيد الخادم بهروز إلى الشحنكية [5] .
[وفاة ربيب الدّولة]
ومات فيها وزير السّلطان ربيب الدّولة [6] .
[وزارة السميرمي]
ووزر بعده الكمال السّميرميّ [7] .
__________
[1] المنتظم 9/ 206 (17/ 173) .
[2] المنتظم 9/ 207 (17/ 174) .
[3] في الأصل: «إلا» .
[4] انظر عن قتل منكبرس في: الكامل في التاريخ 10/ 556، 557، والبداية والنهاية 12/ 184، وعيون التواريخ 12/ 89.
[5] الكامل 10/ 560، المختصر في أخبار البشر 2/ 231، تاريخ ابن الوردي 2/ 25.
[6] الكامل 10/ 560، تاريخ دولة آل سلجوق 110.
[7] الكامل 10/ 560، تاريخ دولة آل سلجوق 106، و 120.

(35/279)


[ظهور قبور الخليل، وإسحاق، ويعقوب عليهم السلام]
وفيها ظهر قبر إبراهيم الخليل، وقبر إِسْحَاق، ويعقوب صلّى الله عليهم وسلامه، ورآهم كثير مِن النّاس لم تَبْلُ أجسادُهم. وعندهم في المغارة قناديل مِن ذَهَب وفِضّة. قاله حمزة بْن أسد التّميميّ في «تاريخه» [1] على ما حكاه ابن الأثير [2] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 202.
[2] في الكامل 10/ 560، وانظر: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 80، والمختصر في أخبار البشر 2/ 231، والعبر 4/ 29، وتاريخ ابن الوردي 2/ 25، ومرآة الجنان 3/ 204، والبداية والنهاية 12/ 184، وتاريخ الخميس 2/ 403 (حوادث 514 هـ-.) ، الكواكب الدرّية 85، النجوم الزاهرة 5/ 218، شذرات الذهب 4/ 35.

(35/280)


سنة أربع عشرة وخمسمائة
[الخطبة واللّقَب للسلطان سَنْجَر وابن أخيه]
فيها خُطب للسُّلطان سَنْجَر ولابن أخيه السّلطان محمود معًا في موضعٍ واحد، وسُميّ كلُّ واحدٍ شاهنشاه [1] .
ولُقّب سَنْجَر: «عضُد الدّولة» ولُقّب محمود: «جلال الدّولة» .
[نقْل أَبِي الفتوح مِن الحجابة]
وفي صَفَر نُقل أبو الفتوح حمزة بْن عليّ مِن الحجابة إلى وكالة الخليفة.
وإلى نظر المخزن [2] .
[تمرُّد العيّارين ببغداد]
وتمرّد العيّارون، وأخذوا زوارق منحدِرَة إلى بغداد، وفتكوا بأهل السّواد وأسرفوا، وهجموا عَلَى محلّه العتّابين، فحفظوا أبواب المحلّة ونهبوها عَنْوة، فأمر الخليفة بإخراج أتراك داريّة لقتالهم، فخرجوا وحاصروهم في الأجمة خمسة عشر يومًا.
ثمّ أنّ العيّارين نزلوا في السُّفّن، وانحدروا إلى شارع دار الرّقيق ودخلوا المحلّة، وأفلتوا منها إلى الصَّحارى. وقصد أعيانُهم دار الوزير أبي عليّ بْن صَدَقة بباب العامّة في ربيع الأوّل، وأظهروا التّوبة. وخرج فريق منهم لقطع
__________
[1] المنتظم 9/ 216 (17/ 185) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (تحقيق سويم) 35 (حوادث 513 هـ-.) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 89، دول الإسلام 2/ 41، الكواكب الدرّية 86، النجوم الزاهرة 5/ 220.
[2] المنتظم 9/ 216 (17/ 185) .

(35/281)


الطريق، فقتلهم أهل السّواد بأوَانا [1] ، وبعثوا برءوسهم إلى بغداد [2] .
[زواج دُبَيْس بْن صَدَقة]
وفيها ورد قاضي الكوفة أبو جعفر عَبْد الواحد بْن أحمد الثَّقَفيّ مِن جهة سيف الدّولة دُبَيْس إلى الأمير إيلغاز بْن أُرْتُق خطب منه ابنته لدُبَيْس، فزوَّجه بها، ونفَّذها في صُحْبته [3] .
[الخُلْف بين السّلطان محمود وأخيه]
وفيها وقع الخُلْفُ بين السّلطان محمود وأخيه مسعود [4] ، فتلطَّفه محمود، فلم يصلح، فانحاز البُرْسُقيّ [إلى محمود، وانهزم مسعود وعسكره] [5] ، واستولى عَلَى أموالهم. وقصد مسعود جبلًا، فأخفى نفسه، ثمّ أحضروه إلى السّلطان محمود بالأمان، واعتنقا، وبكيا طويلًا [6] .
ولمّا بلغ دُبَيْس اشتغالُ محمود أخذ في أَذية السّواد، وانجفل أهل نهر عيسى، ونهر المُلْك، وأتى غسّان صاحب جيشه، فحاصر بَعْقُوبا [7] ، وأخذها، وسبى الحُرَم والأولاد. وكان دُبَيْس يعجبه اختلاف السّلاطين فلمّا خاف مِن مجيء محمود أمر بإحراق الغلّات والأتْبان، وبعث إِليْهِ الخليفة يُنْذره، فلم ينفع. وبعث إِليْهِ السّلطان محمود يتألّفه، فلم يهتزّ لذلك، وقدم بغداد ونازلها بإزاء دار الخليفة، فوجل منه النّاس، وأخرج نقيب الطّالبيّين، وتهدّد دار
__________
[1] أوانا: بالفتح والنون. بليدة كثيرة البساتين والشجر، نزهة. من نواحي دجيل بغداد، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت (معجم البلدان 1/ 274) .
[2] المنتظم 9/ 216، 217 (17/ 185، 186) ، عيون التواريخ 12/ 104.
[3] المنتظم 9/ 217 (17/ 186) .
[4] الخبر باختصار في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (وتحقيق سويم) 35، وتاريخ دولة آل سلجوق 125.
[5] ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، أضفته من المنتظم 9/ 217 (17/ 186) ، وانظر:
الكامل 10/ 563.
[6] الكامل 10/ 563، 564، التاريخ الباهر 23، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، دول الإسلام 2/ 41، تاريخ ابن الوردي 2/ 26، البداية والنهاية 12/ 185، عيون التواريخ 12/ 103.
[7] في الطبعة الجديدة من المنتظم 17/ 187: «يعقوبا» وهو غلط.

(35/282)


الخلافة، وقال: إنكّم استدعيتم السّلطان، فإنْ أنتم صرفتموه، وإلّا فعلت وفعلت.
فأنفذ إليه أنّه لَا يمكن ردّ السّلطان، بل نسعى في الصُّلْح. فانصرف دُبَيْس، فسمع أصوات أهل باب الأزج يَسُبَّونه، فعاد وتقدّم بالقبض عليهم، وضرب جماعة منهم بباب النّوبيّ [1] .
[خروج الخَزَر إلى بلاد الإسلام]
وفيها، قَالَ ابن الأثير: [2] خرج الكُرْج، وهم الخَزَر، إلى بلاد الإسلام.
وكانوا قديما يغيرون، فامتنعوا أيّام ملك شاه. فلمّا كَانَ في هذه السّنة خرجوا ومعهم القُفْجاق وغيرهم. فسار لحربهم دُبَيْس وإيلْغازي وجماعة في ثلاثين ألف فارس، فالتقى الْجَمْعان، فانكسر المسلمون، واصطدم المنهزمون، وتبعهم الكُفّار يقتلون ويأسرون، فقتلوا أكثرهم، وأسروا أربعة آلاف رَجُل [3] ، ونجا طُغْرُل أخو السّلطان دُبَيْس.
ونازلت الكرج تفْلِيس، وحصروها مدّة إلى سنة خمس عشرة، وأخذوها بالسَّيف [4] .
[المصافّ بين السّلطان محمود وأخيه]
وفيها في ربيع الأوّل كَانَ المَصافّ بين السّلطان محمود وأخيه المُلْك مسعود، وكان بيد مسعود أذَرْبَيْجان والموصل، وعُمره إحدى عشرة سنة. وسبب الحرب أن دُبَيْس بْن صَدَقة كَانَ يكاتب أتابك المُلْك مسعود، ويحثّه عَلَى طلب السَّلْطَنة لمسعود، وكان مَعَ مسعود قسيم الدّولة، أقسُنْقُر البرسقيّ الّذي كان
__________
[1] المنتظم 9/ 86، 187 (17/ 217، 218) ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 225، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 89، 90، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، مرآة الجنان 3/ 205، عيون التواريخ 12/ 103.
[2] في الكامل في التاريخ 10/ 567.
[3] الكواكب الدرّية 85.
[4] الإنباء في تاريخ الخلفاء 213 و 214، الكامل 10/ 567، تاريخ مختصر الدول 201، 202، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، دول الإسلام 2/ 41، العبر 4/ 31، البداية والنهاية 12/ 185، عيون التواريخ 12/ 104، الكواكب الدرّية 85، 86.

(35/283)


شِحْنة بغداد قد أقطعه مَرَاغَة والرَّحْبَة، وكان معاديا لدُبَيْس، فكاتب دُبَيْس للأتابك جيوش بك يحرّضه عَلَى القبض عَلَى البُرْسُقيّ، فعرف البُرْسُقيّ، ففارقهم إلى محمود، فأكرمه ورفع محلَّه.
واتّصل أبو إسماعيل الحُسَيْن بْن عليّ الإصبهانيّ الطُّغْرائيّ مصنَّف [1] «لاميّه العَجَم» بمسعود. وكان وُلِد الطُّغْرائيّ يكتب لمسعود، فَلَمَّا وصل الطُّغْرَائِي استوزره مَسْعُود قبل أن يعزل أبا عليّ بْن عمّار الَّذِي كَانَ صاحب طرابُلُس [2] ، فحسّن أيضًا لمسعود الخروج عَلَى أخيه محمود، وخطب لمسعود بالسلطنة، ودقت لَهُ النوبة في الأوقات الخمس. فأقبل محمود، والتقوا عند عَقَبَة أَسَدَاباذ، ودام القتال طوال النّهار، وانهزم جيش مسعود، وأُسِر منهم خلْق، منهم الطُّغْرائيّ، ثمّ قُتِل بحضرة السّلطان محمود [3] ، وهرب خواصّ مسعود بِهِ إلى جبلٍ، فاختفى بِهِ وبعث يطلب الأمان، فرقّ لَهُ السّلطان محمود وأَمَّنَه.
ثمّ قوّوا نفس مسعود، وساروا بِهِ إلى المَوْصِل، فلحِق البُرْسُقيّ، وردّ به، واعتنقه أخوه وبكيا، وعدّ ذلك مِن مكارم محمود. ثمّ جاء جيوش بك وخاطر، فعفا عَنْهُ أيضًا السّلطان [4] .
[ظهور ابن تومرت بالمغرب]
وفي هذا الوقت كَانَ ظهور ابن تُومَرْت بالمغرب، كما هُوَ مذكور في ترجمته وانتشرت دعوته في جبال البربر، إلى أن صار من أمره ما صار [5] .
__________
[1] في الأصل: «مصنفا» .
[2] في الكامل 10/ 563: «سنة ثلاث عشرة وخمسمائة» وانظر: التاريخ الباهر 23، وتاريخ دولة آل سلجوق 125.
[3] التاريخ الباهر 23 وفيه قال السلطان: «قد صح عندي فساد اعتقاده ودينه» ، وفي زبدة التواريخ 192 إنه قتل ظلما.
[4] الخبر باختصار في: ذيل تاريخ دمشق 202، وهو بالتفصيل في الكامل 10/ 562- 565، والتاريخ الباهر 22، 23، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 89، 90، ووفيات الأعيان 2/ 185- 190، وتاريخ دولة آل سلجوق 125، 126، كتاب الروضتين 1/ 72، 73، دول الإسلام 2/ 41، البداية والنهاية 12/ 185.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 569، المختصر في أخبار البشر 2/ 232، دول الإسلام 2/ 42، العبر 4/ 32، تاريخ ابن الرودي 2/ 26، مرآة الجنان 3/ 205، البداية والنهاية 12/ 186، عيون

(35/284)


[انهزام دُبَيْس مِن بغداد]
وفي رجب قِدم السّلطان محمود، فتلقّاه الوزير، ونثر عَليْهِ أهل باب الأزَج الدّنانير، فبعث دُبَيْس زوجته بِنْت عميد الدّولة بْن جَهير إلى السّلطان، فقدم عشرين ألف دينار، وثلاثة عشر فرسًا، فما وقع الرَّضا عَنْهُ، وطُولب بأكثر مِن هذا، فأصرّ عَلَى اللَّجاج، ولم يبذل شيئًا آخر، فمضى السّلطان إلى ناحيته، فبعث يطلب الأمان، وغالَطَ لينهزم، فلمّا بعث إِليْهِ خاتم الأمير دخل البرّيّة [1] .
[الأمر بإراقة الخمور]
وفيها أمر الخليفة بإراقة الخمور إلى سوق السّلطان، ونقْض بيوتهم [2] .
[ردّ الوزير السميرمي]
وفيها ردَّ وزير السّلطان الوزير المعروف بالسّمْيرميّ المُكُوس والضّرائب.
وكان السّلطان محمد قد أسقطها سنة إحدى وخمسمائة، ورجع السّلطان، فتلقّاه الوزير والموكب، فطلب الإفراج عَنِ الأمير أبي الحَسَن أخي المسترشد باللَّه، فبذل له ثلاثمائة ألف دينار ليسكت عَنْ هذا [3] .
[انهزام المسلمين أمام ابن رُدْمير ملك الإفرنج]
وفيها نازل ملك الفرنج ابن رُدمير مدينة قُتُنْدَة [4] فحاصرها، وهي قريبة مِن مَرْسيّة، فجاء عسكر المسلمين، فطلب المَصافّ، فانهزم المسلمون، وقُتل خلْق، منهم ابن الفّراء، وابن سُكَّرَة، واستطال ابن ردمير لعنه الله [5] .
__________
[ () ] التواريخ 12/ 104، المعجب 178، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 71، تاريخ ابن خلدون 6/ 225، الحلل الموشية 84، الاستقصاء 2/ 78.
[1] المنتظم 9/ 218 (17/ 187) ، تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 370 (تحقيق سويم) 35، الكامل في التاريخ 10/ 565، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 226.
[2] المنتظم 9/ 218 (17/ 187) .
[3] المنتظم 9/ 218 (17/ 188) ، وانظر: الكامل في التاريخ 10/ 595.
[4] قتندة: بلدة بالأندلس ثغر سرقسطة. (معجم البلدان) وفي الكامل 10/ 586: «كتندة» بالكاف.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 586، دول الإسلام 2/ 42، معجم البلدان 4/ 310.

(35/285)


سنة خمس عشرة وخمسمائة
[وفاة جدّة السّلطان محمود]
فيها بلغ السّلطان محمود وفاةُ جدّته، فردّ مِن الصَّيد، وعمل عزاءها ببغداد، وتكلّم أبو سَعْد إسماعيل بْن أحمد، وأبو الفتوح أحمد الغزّاليّ الطُّوسيّان [1] .
[عُزِل ابن طراد عَنِ النقابة وإعادته]
وفيها استُدْعي عليّ بْن طِراد النّقيب الحاجب مِن الدّيوان، وقرأ عَليْهِ الوزير توقيعًا بأنْ قد استُغْني عَنْ خدمتك. فمضى ولزِم بيته. وكانت بنته متّصلة بالأمير أبي عَبْد الله بْن المستظهر، وهو المقتفي.
وفي ربيع الأوّل انحدر أبو طَالِب عليّ بْن أحمد السميرميّ وزير السّلطان متفرّجًا، فلمّا حاذى باب الأزج عبر إليه عليّ بْن طِراد وحدَّثه، فوعده، ثمّ تكلّم في حقّه، فأُعيد إلى النّقابة [2] .
[انقضاض كوكب]
وفيه انقض كوكب صارت مِن ضوئه أعمدة عند انقضاضه، وسمع عند ذَلِكَ هدّة كالزّلزلة [3] .
[خِلعَة القضاء للهروي]
وفيه خُلِع عَلَى القاضي أبي سَعْد الهَرَويّ خِلْعةُ القضاء، قلّده السّلطان
__________
[1] المنتظم 9/ 222 (17/ 192) ، الكامل في التاريخ 10/ 593.
[2] المنتظم 9/ 223 (17/ 193) .
[3] المنتظم 9/ 223 (17/ 193) ، الكامل في التاريخ 10/ 595، الكواكب الدرّية 86.

(35/286)


محمود القضاء بجميع الممالك سوى العراق مُرَاعاةً لقاضي القُضاة أبي القاسم الزَّيْنَبيّ، وركب إلى داره ومعه كافّة الأمراء [1] .
[احتراق دار المملكة] وفي جُمَادَى الآخرة احترقت دار المملكة الّتي استجدّها بهروز الخادم، وكان بها السّلطان نائمًا عَلَى سطح، فنزل وهرب في سفينة، وذهب مِن الفَرْش والآلات والجواهر ما يزيد ثمنه عَلَى ألف ألف دينار، وغسّل الغسّالون التّراب، وظفروا بالذّهب والحُليّ قد تسبَّك [2] ، ولم يَسْلَم مِن الدّار ولا خَشَبَة، وأمر السّلطان ببناء دارٍ عَلَى المُسَنّاة المستحدثة [3] ، وأعرض عَنِ الدار الّتي احترقت، وقال: إنّ أَبِي لم يُمَتّع بها ولا امتدّ بقاؤه بعد انتقاله إليها. وقد ذهبت أموالنا فيها [4] .
[احتراق جامع بإصبهان]
واحترق بإصبهان جامعٌ كبير أنفِقَت عَليْهِ أموال، يقال إنّه غرم على أخشابه ألف ألف دينار [5] .
[انعقاد مجلس السّلطان]
وفي شعبان عقد مجلس، وحلف السّلطان للخليفة عَلَى المناصحة والطّاعة. ثمّ نفَّذ هديةً إلى الخليفة. وجلس الخليفة في الدّار الشّاطئيّة، وهي مِن الدُّور البديعة الّتي أنشأها المقتدي، وتمَّمها المسترشد، فجلس في قُبَّته، وعليه ثوب مُصْمت وعِمامة رصافية [6] ، وعلى كتفه البردة [7] ، وبين يديه القضيب.
__________
[1] المنتظم 9/ 223 (17/ 193) .
[2] في المنتظم: «فظفروا بالذهب والحليّ سبائك» .
[3] في المنتظم: «المستجدة» ، وهما سواء.
[4] المنتظم 9/ 223، 224 (17/ 194) ، الكامل في التاريخ 10/ 594، 595، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 96، العبر 4/ 34، مرآة الجنان 3/ 211، عيون التواريخ 12/ 120، الكواكب الدرّية 86، 87، شذرات الذهب 4/ 47.
[5] المنتظم 9/ 224 (17/ 194) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 97، البداية والنهاية 12/ 188، عيون التواريخ 12/ 120، الكواكب الدرّية 87.
[6] في الأصل: «وعمامة وصافنة» . والتصحيح من: المنتظم.
[7] في الأصل: «البرد» .

(35/287)


ورتَّب وزيره ابن صَدَقة الأمور.
وأتى وزير السّلطان أبو طالب [1] السّميرميّ [و] [2] المستوفي وخواصّ دولتهم، ثمّ وقف ابن صَدَقة عَنْ ياسر السُّدَّة، وأبو طَالِب السُّمَيْرميّ عَنْ يمينها.
وأقبل السّلطان محمود ويده في يد أخيه مسعود، فلمّا قرُب استقبله الوزيران والكبار، وحجبوه إلى بين يدي الخليفة، فلمّا قاربوا كُشِفت السّتارة لهما، ووقف السّلطان في الموضع الَّذِي كَانَ وزيره واقفًا فيه، وأخوه إلى جانبه، فخذ ما ثلاث مرّات ووقفا، والوزير ابن صَدَقة يذكر لَهُ عَنِ الخليفة أُنْسَه بِهِ وتقرُّبه وحُسْن اعتقاده فيه.
ثمّ أمر الخليفة بإفاضة الخِلَع عَليْهِ، فحمُل إلى مجلسٍ لذلك، ثمّ وقف الوزيران بين يدي الخليفة يحضران الأمراء أميرًا أميرًا، فيخدم ويعرّف خدمته، فيقبّل الأرض وينصرف.
ثمّ عاد السّلطان وأخوه، فمثّلًا بين يدي الخليفة، وعلى محمود الخِلَع السَّبْع [3] والطَّواق، والسّواران، والتّاج، فخدما. وأمر الخليفة بكُرْسيّ، فجلس عَليْهِ السّلطان، ووعظه الخليفة وتلى عَليْهِ قوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ 99: 7- 8 [4] وأمره بالإحسان إلى الرّعيّة، ثمّ أذن للوزير أَبِي طَالِب في تفسير ذَلِكَ عَليْهِ، ففسّره، وأعاد عَنْهُ أنّه قَالَ: وفّقني الله لقبول أوامر مولانا أمير المؤمنين، وارتسامها بالسّعادات. فلمّا فعلا قال: اقمع بهما الكُفّار والمُلْحِدين. وعَقَد لَهُ بيده لواءين حُمِلا معه، وخرج، فقُدَّم لَهُ في صحن الدّار فَرَسٌ مِن مراكب الخليفة، بمركبٍ جديد صينيّ، وقيد بين يديه أربعةُ أفراس بمراكب الذَّهَب [5] .
__________
[1] في المنتظم: «أبو الحسن» ، والمثبت يتفق مع: الكامل في التاريخ 10/ 595.
[2] زيادة من المنتظم.
[3] في الأصل: «السبع» .
[4] آخر سورة الزلزلة.
[5] المنتظم 9/ 225، 226 (17/ 195، 196) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 97، عيون التواريخ 12/ 121، الكواكب الدرّيّة 87.

(35/288)


[الأمطار ببغداد]
وفيها كان ببغداد أمطار عظيمة متوالية، ثمّ وقع ثلْجٌ، عظيم وكبرُ حتى كَانَ عُلُوَّ ذِراع [1] .
[الثلج بالبصرة]
قال ابن الجوزيّ: [2] وقد ذكرنا في كتابنا هذا، يعني «المنتظم» ، أنّ الثّلج وقع في سنين كثيرة في أيام الرّشيد، وفي أيّام المقتدر، [والمعتمد] [3] ، وفي أيّام المطيع، والطّائع، والقادر، والقائم، وما سمع بمثل هذا الواقع في هذه السّنة، فإنّه بقي خمسة عشر يومًا ما ذاب، وهلك شجر الأتْرُجّ، [والنارنج] [4] واللّيمون، ولم يُعْهَد سقوط ثلجٍ بالبصرة إلّا في هذه السّنة [5] .
[خروج دُبَيْس إلى الحلّة ومصالحته]
ودخل دبيس الحِلّة، فأخرج أهلها، فازدحموا على المعابر، فغرق منهم نحو الخمسمائة، ودخل أخوه النّيل، فأخرج شِحْنة السّلطان منها، وأخذ ما فيها مِن الميرة، فحثّ الخليفةُ السّلطان عَلَى دُبَيْس، فندب السّلطان الأمراء لقصد دُبَيْس، فلمّا قصدوه أحرق دار أَبِيهِ، وذهب إلى النّيل، فأتى العسكر الحِلّة، فوجدوها فارغة، فقصدوه وهو بنواحي النّيل، ثمّ صالحوه. وخَلَف السّلطان [6] .
[إقطاع المَوْصِل لأقسنقر]
وفي صَفَر أقطع السّلطان أقسُنْقُر البُرْسُقيّ المَوْصِل وأعمالها، وبعثه إليها،
__________
[1] دول الإسلام 2/ 42، الكواكب الدرّية 87.
[2] في المنتظم 19/ 226 (17/ 197) .
[3] إضافة من المنتظم.
[4] إضافة من المنتظم.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 595، 596 وفيه: فقال فيه بعض الشعراء:
يا صدور الزمان ليس بوفر ... ما رأيناه في نواحي العراق
إنّما عمّ ظلمكم سائر الخلق ... ، فشابت ذوائب الآفاق
والبيتان في: مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 98، والخبر في: الكواكب الدرّية 87.
[6] المنتظم 9/ 227 (17/ 197، 198) ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 226، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 98.

(35/289)


وأمره بجهاد الفرنج، فسار إليها في عسكر كبير، واستقرّ بها [1] .
[حُكم إيلغازي بماردين]
وكان الأمير إيلغازي بْن ارْتُق في هذه المدّة حاكمًا عَلَى ماردين وحلب، وابنه سليمان بحلب، فعزل سليمان منها لكونه أراد أن يعصي عَلَى أَبِيهِ [2] .
[إلزام الباعَةَ المكوس]
وفيها أُعيدت المُكُوس، وأُلْزمت الباعة أن يدفعوا إلى السّلطان ثُلُثي ما يأخذونه مِن الدّلالة، وفُرِض عَلَى كلّ ثوبٍ مِن السّقْلاطونيّ ثمانية قراريط. ثمّ قِيلَ للباعة: زِنوا خمسة آلاف شكرًا للسلطان، فقد أمر بإزالة المُكُوس [3] .
[مرض الوزير وشفاؤه]
ومرض وزير السّلطان، فعاده السّلطان وهنّأه بالعافية، فاحتمل واحتفل وعمل، أعني الوزير، وليمة عظيمة إلى الغاية، فيها الملاهي والأغاني، نابه عليها خمسون ألف دينار [4] .
[وفاة ابن يلدرك]
وفيها تُوُفّي عليّ بْن يلدرك التُّرْكيّ، وكان شاعرًا مترسّلًا ظريفًا، تُوُفّي في صَفَر ببغداد.
قَالَ أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ [5] : نقلت مِن خطّ ابن عقيل قَالَ: حدَّثني الرئيس أبو الثّناء عليّ بْن يلدرك، وهو مِن خَبرته بالصّدْق، أنّه كان في سوق نهر
__________
[1] كتاب الروضتين 1/ 73، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 133، المختصر في أخبار البشر 2/ 235، تاريخ ابن الوردي 2/ 28، البداية والنهاية 12/ 188، عيون التواريخ 12/ 120.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 591، 592، وانظر: زبدة الحلب 2/ 200، ونهاية الأرب 27/ 76، والمختصر في أخبار البشر 2/ 235، تاريخ ابن الوردي 2/ 28.
[3] المنتظم 9/ 228 (17/ 198) .
[4] المنتظم 228 (17/ 198) .
[5] في المنتظم 9/ 229، 230 رقم 380 (17/ 200 رقم 3903) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 99، وخريدة القصر (قسم شعراء العراق) ج 3 ق 2/ 395، ومعجم الألقاب لابن الفوطي 1/ 269، والوافي بالوفيات 22/ 334، 335 رقم 238.

(35/290)


المُعَلَّى، وبين يديه رَجُل عَلَى رأسه قفص زجاج، وهو مضطّرب المشْي، يظهر منه عدم المعرفة بالحَمْل، فما زلت أترقَّب سقوطه.
قَالَ: فسقط، فتكسّر الزّجّاج، فبُهت الرجل، ثمّ أخذ عند الإفاقة مِن البكاء يَقُولُ: هذا والله جميعُ بضاعتي، والله لقد أصابني بمكّة مصيبة عظيمة تُوُفّي عَلَى هذه، ما دخل عَلَى قلبي مثل هذه.
واجتمع حوله جماعة يَرْثُون لَهُ، ويبكون عَليْهِ، وقالوا: ما الَّذِي أصابك بمكّة؟
قَالَ: دخلت قُبَّة زمزم، وتجرَّدت للاغتسال، وكان في يدي دُمْلُج ثمانون مثقلًا، فخلعته واغتسلت، وأُنْسيتُه، وخرجت.
فقال رَجُل مِن الجماعة: خُذْه، لَهُ معي سنين. فدُهش النّاس مِن إسراع جَبْر مصيبته.
[منازلة ابن تاشفين قُرْطُبَة]
وفيها نازل المُلْك عليّ بْن يوسف بْن تاشفين البربريّ مدينة قُرْطُبَة وحاصرها، وأذلّ النّاس، فتذلَّلوا لَهُ، وبذلوا لَهُ أموالًا عظيمة، حتّى ترحّل عَنْهُم.
وكانوا قد خرجوا عَليْهِ لكونه بعث عَلَى نيابه قُرْطُبَة قائدًا ظالمًا، فأراد عبدٌ مِن عُبَيْده أن يُكره امرَأَة ويضطهدها علانية، فضربه النّاس، فآل الأمر إلى قتال، حتّى تسوّروا عَلَى القائد وأخرجوه، بعد أن كادوا يقتلوه. وجَرَت فتنة عظيمة.
وكان البربر في هذه السّنين غالبين عَلَى الأندلس، وفيهم قِلّة دِين.
وقبل سفر ابن تاشّفين وقف لَهُ بجامع مُرّاكُش محمد بْن تُومَرْت الفقيه، وكلّمه بكلام فجّ، فقال: أيّها الأمير، إنّك حِلْت بين بصرك وبين الحقّ، فظلمت التّقليد، وقلّدت قومًا أكلوا الدّنيا بالآخرة، وأنا أُناظرهم بين يديك، وأصقل مرآتك، حتّى تأمر بالاحتياط عَليْهِ. وأحضر لَهُ جماعة مِن أهل الأُصول والفروع.

(35/291)


سنة ست عشرة وخمسمائة
[مصالحة البرسقيّ ودبيس بن صَدَقة]
فيها كلّم الخليفة الوزير أبا طَالِب السّميرميّ في أمر دُبَيْس، وأنّ في قريةٍ من بغداد خطرا، فنؤثر مقام آق سنقر البُرْسُقيّ عندنا لنُصْحه، فوافق السّلطان محمود عَلَى ذَلِكَ [1] .
ثمّ خرج في ربيع الأوّل مِن بغداد، وكانت إقامته بها سنة وسبعة أشهُرٍ ونصف. وخلع عَلَى البُرْسُقيّ، وكُلّم في شأن دُبَيْس، فتوجّه إلى صَرْصر، وتصافّ [2] العسكران، وانْجَلَت الوقعة عَنْ هزيمة البُرْسُقيّ، وكان في خمسة آلاف فارس، ودبيس في أربعة آلاف [3] ، وبأسلحة ناقصة، إلّا أنّ رَجّالته كانت كثيرة. ورأى البُرْسُقيّ في الميسرة خَلَلًا، فأمر بحطّ خيمته لتُنْصب عندهم ليشجعهم بذلك، وكان ذَلِكَ ضلّة من الرّأي، لأنهم لمّا رأوْها حُطَّت أشفقوا فانهزموا، وكان الحَرّ شديدًا، فهلكت البراذين والهمالج عطشًا، وترقّب النّاس مِن دُبَيْس الشّرَّ، فلم يفعل، وأحسن السّيرة، وراسل الخليفة وتلطّف، وتقرَّرت قواعد الصُّلح [4] .
[وزارة الزَّيْنَبيّ]
ثمّ جرت أمور، وولي عليّ بْن طِراد الزَّيْنَبيّ نيابة الوزارة، وعزل ابن صدقة، ولم يؤذ [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 231 (17/ 203) .
[2] في الأصل: «وتصافى» .
[3] في المنتظم: «وكان عسكر دبيس في خمسة آلاف فارس» .
[4] المنتظم 9/ 232، 233 (17/ 204، 205) .
[5] المنتظم 9/ 233، 234 (17/ 205، 206) ، الفخري 305.

(35/292)


[وزارة عثمان بْن نظام المُلْك]
ثمّ قِدم قاضي القضاة أبو سعيد الهَرَويّ مِن العسكر بتُحَفٍ مِن سَنْجَر، وأنّ السّلطان محمود قد استوزر عثمان بْن نظام المُلْك [1] ، وعوَّل عثمان عَلَى أَبِي سَعْد بأن يخاطب الخليفة في أن يستوزر أخاه أحمد بْن نظام المُلْك، وأنّه لَا يستقيم لَهُ وزارة بدار الخلافة.
[نزول ابن صَدَقة حُديثة الفرات]
فتخيّر ابن صَدَقة حُدَيْثة الفرات ليكون عند سليمان بْن مُهارش. فأُخرج وخُفِر [2] ، فوقع عَليْهِ يوسف الحراميّ [3] ، وجَرَت لَهُ معه قصص [4] .
[وزارة أحمد بن النظام]
واستدعى أبو نصر أحمد بن النّظام مِن داره نقيب النُّقباء عليّ بْن طِراد، وابن طلحة، ودخل الخليفة وحده وخرج مسرورًا، وخلع عَليْهِ للوزارة [5] .
[تألُّم دُبَيْس مِن معاملة الخليفة لَهُ]
وفي رمضان بعث دُبَيْس طائفة، فنهبوا أكثر مِن [مائة] [6] ألف رأس، فأرسل إليه الخليفة يُقَبّح ما فعل، فبثّ ما في نفسه، وما يعامَل بِهِ مِن الأمور المُمضّة [7] ، منها أنّهم [ضمنوا] [8] لَهُ إهلاك عدوّه ابن صَدَقة الوزير، فأخرجوه مِن الضّيق إلى السَّعة، ومنها أنّه طلب إخراج البُرْسُقيّ مِن بغداد، فلم يفعلوا. ومنها أنّهم وعدوه في حقّ أخيه منصور أن يُطْلقُوه [9] .
وكان قد عصى عَلَى السّلطان بَركْيَارُوق وخطب لمحمد، فلمّا ولي محمد
__________
[1] انظر: تاريخ دولة آل سلجوق 108، والبداية والنهاية 12/ 190، وعيون التواريخ 12/ 130.
[2] في المنتظم 9/ 234 (17/ 206) : «وحقر» .
[3] في المنتظم: «يونس الحرمي» .
[4] المنتظم 9/ 234 (17/ 207) .
[5] المنتظم 9/ 234 (17/ 206) ، الفخري 306.
[6] إضافة من المنتظم 9/ 235 (17/ 207) .
[7] في الأصل: «الممضية» .
[8] إضافة من المنتظم.
[9] المنتظم 9/ 230 (17/ 206، 207) .

(35/293)


صار لَهُ بالخطبة، جاءه عند محمد، وقرّر مَعَ أخيه أن لَا يتعرَّض لصَدَقة، وأقطعه الخليفة الأنبار، ودممًا، والفَلُّوجة، وأعطاه واسط، وأذن لَهُ في أخْذ البصرة، فصار يدلّ عَلَى السّلطان الإدلال الَّذِي لَا يحتمله، وإذا وقّع إليه زاد [1] التوقيع، وطال مُقام الرَّسُول عَلَى مواعيد لَا يُنْجزها، وأوحش أصحاب السّلطان، وعادى البُرْسُقيّ. وكان أيضًا قد أظهر سبّ الصّحابة بالحِلّة، فأخذ العميد أبو جعفر ثقة الملك فتاوى فيما [2] يجب عَلَى من سبّ، وكتب المَحَاضِر فيما يتمّ في بلاد ابن مَزْيَد مِن تَرْك الصَّلَوات، وأنّهم لَا يعتقدون الجمعة ولا الجماعات، ويتظاهرون بالمحرَّمات. فكتب الفُقهاء بأنّه يتعيَّن قتالهم.
ثمّ قصد العميد باب السّلطان وقال: إنّ حال ابن مَزْيَد قد عظُمَت، وقد قلّت فكرته في أصحابك، واستبدّ بالأموال، وأراه الفَتْوَى وقال: هذا سُرْخاب قد لجأ إِليْهِ، وهو عَلَى غاية مِن بِدْعته الّتي هِيَ مذهب الباطنيّة. وكانا قد اتّفقا عَلَى قلب الدّولة، وإظهار مذهب الباطنيّة.
[احتماء سُرْخاب بابن مَزْيَد]
وكان السّلطان قد تغيّر عَلَى سُرخاب، فهرب منه إلى الحِلّة، فتلقّاه [دُبَيْس] [3] بالإكرام، فراسله السّلطان، وطالبه بتسليم سُرخاب، فقال: لَا أسلَّم من لجأ إليَّ [4] ، وإنّ السّلطان قَصَده. فاستشار أولاده، فقال ابنه دُبَيْس: تُسلّم إليَّ مائة ألف دينار، وتأذن لي أن أنتقي ثلاثمائة فرس من الإصطبلات، وتجرّد معي ثلاثمائة فارس، فإنّي أقصد باب السّلطان، وأعتذر عنك، وأخدمه بالمال والخيل، ويقرّر معه أن لَا يتعرَّض لأرضك.
فقال غيره: الصّواب أن لَا تُصانع مِن تغيَّرت [5] فيك نيتّه. فقال: هذا الرأي. وجمع عشرين ألف فارس، وثلاثين ألف راجل، وتمّت وقعة هائلة، ثمّ قُتِل صدقة. وقد مرّ ذلك [6] .
__________
[1] في المنتظم 9/ 236 (17/ 208) : «رد» .
[2] في المنتظم: «مما» .
[3] إضافة على الأصل يقتضيها السياق.
[4] الفخري 302.
[5] في المنتظم: «تغير» .
[6] المنتظم 9/ 236، 237 (17/ 208، 209) .

(35/294)


[خروج الخليفة لقتال دُبَيْس]
ونشأ دُبَيْس، ففعل القبائح، ولقي النّاس منه فنون الأذى، وطغى وبغى، فنفذّ إليه المسترشد يهدّده، فتواعد وأوعد، وأرسل، وبعث طلائعه، فانزعج أهل بغداد. فلمّا كَانَ ثالث شوّال صلب البُرْسُقيّ تسعةً، قِيلَ: إنّهم مجهّزون مِن دُبَيْس لقتْل البُرْسُقيّ، وعبر البُرْسُقيّ في ذي القِعْدة. ونصب [1] الخليفة سُرَادقة عند رقة ابن دحروج، ونصب هناك الجسر. وبعث القاضي أبا بَكْر الشّهْرَزُورِيّ إلى دُبَيْس يُنْذره. وفي الكلام: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا 17: 15 [2] .
فاحْتدّ وغضب وجمع، فكانت فرسانه تزيد عَلَى ثمانية آلاف، ورجّالته عشرة آلاف. ونزل المسترشد باللَّه راكبًا مِن باب الغربة، ثمّ عبر في الزّبزب، وعليه القباء والعمامة، وبيده القضيب، وعلى كتفه البُرْدَة النّبويّة، وعلى رأسه طَرْحة، ومعه وزيره أحمد بْن نظام المُلْك، وقاضي القُضاة الزَّيْنَبيّ، والنّقيبان، والهاشميّون، والقُضاة، فنزل بالمخيم، وأقام بِهِ أيّامًا [3] .
[مقتل الوزير السُّمَيْرميّ]
وفيها قُتِل الوزير أبو طَالِب السُّمَيْرميّ ببغداد [4] .
[وزارة شمس المُلْك]
وولي وزارة السّلطان محمود بعده شمس المُلْك عثمان بْن نظام المُلْك، فأبطل ما جدّده السُّمَيْرميّ مِن المُكُوس [5] .
[مقتل الأمير جيوش بك]
وفي رمضان قتل السّلطان محمود الأمير جيوش بك. وكان تُركيّا مِن
__________
[1] في الأصل: «وصرن» .
[2] سورة الإسراء، الآية: 15.
[3] المنتظم 9/ 237، 238 (17/ 209، 210) ، ذيل تاريخ دمشق 206، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 101، البداية والنهاية 12/ 190.
[4] المنتظم 9/ 239، 240 رقم 390 (17/ 212، 213 رقم 3912) ، الكامل في التاريخ 10/ 601، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 107، عيون التواريخ 12/ 130، والكواكب الدرّيّة 89.
[5] الكامل في التاريخ 10/ 602، تاريخ دولة آل سلجوق 108، عيون التواريخ 12/ 130.

(35/295)


مماليك السّلطان محمد، وكان مَهِيبًا شجاعًا. قتله محمود خوفًا، فأمِن غائلته [1] .
[وفاة إيلغازي]
وفيها مات إيلغازي صاحب ماردين، وحلب، وميّافارقين [2] .
[إقطاع البُرْسُقيّ واسط وأعمالها]
وفيها أقطع السّلطان محمود قسيم الدّولة البرسقيّ واسطا وأعمالها، مُضافًا إلى ولاية المَوْصِل، وشِحنكيّة العراق. فسيّر إلى واسط عماد الدّين زنْكيّ بْن أقسُنْقُر [3] .
[الغزنوي الواعظ ببغداد]
وفيها وصل إلى بغداد أبو الحَسَن الغَزْنَويّ، فوعظ، وأقبلوا عَليْهِ [4] ،
[ورُود أَبِي الفتوح الإسْفرائينيّ بغداد]
ثمّ ورد بعدُ أبو الفتوح الإسْفرائينيّ، ونزل برباط أبي سَعْد، وتكلَّم بمذهب الأشْعَريّ، ثمّ سلّم إِليْهِ رباط الأرجوانيّة [5] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 603، 604، المختصر في أخبار البشر 2/ 236.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 604، تاريخ مختصر الدول 202، زبدة الحلب 2/ 206، ذيل تاريخ دمشق 208، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 102، نهاية الأرب 27/ 77، المختصر في أخبار البشر 2/ 236، دول الإسلام 2/ 43، العبر 4/ 36، تاريخ ابن الوردي 2/ 29، والدرّة المضيّة 490، النجوم الزاهرة 5/ 223، شذرات الذهب 4/ 48.
[3] الكامل في التاريخ 10/ 604، 605، كتاب الروضتين 73، المختصر في أخبار البشر 2/ 236، تاريخ ابن الوردي 2/ 29.
[4] المنتظم 9/ 238 (17/ 210) ، الكامل في التاريخ 10/ 605.
[5] المنتظم 9/ 238 (17/ 210) ، الكامل في التاريخ 10/ 605.

(35/296)


سنة سبع عشرة وخمسمائة
[الحرب بين المسترشد ودُبَيْس]
في أوّلها رحل المسترشد باللَّه، ثمّ نزل بقرية تعرف بالحُدَيْثة مِن نهر المُلْك، وأتاه البُرْسُقيّ وجماعة مِن الأمراء، وحلفوا عَلَى المناصحة والمبالغة في الحرب.
وقرأ محمد بْن عُمَر الأهوازيّ عَلَى المسترشد «جُزْء ابن عَرَفَة» وهو سائر [1] . ثمّ سار إلى النّيل. ورتّب البُرْسُقيّ بنفسه الجيش صفوفًا، فكانوا نحو الفرسخ عَرْضًا، وجعل بين كلّ صفين مجالًا للخيل، ووقف الخليفة في موكبه مِن ورائهم، بحيث يراهم: فرتَّب دُبَيْس عسكره صَفًا واحدًا، والرّجالة بين يدي الفُرْسان بالتّراس الكبار، ووقف في القلب، ومنّى عسكره، ووعدهم نهْبَ بغداد.
فلمّا تراءى الْجِمْعان حملت رجّالة دُبَيْس، وكان قد استصحب معه القِيان والمخانيث بالدُّفوف والزَّمْر يحرّضون عسكره، ولم يُسمع في عسكر الخليفة إلّا القرآن والذَّكر والدّعاء، فحمل عنبر الكرديّ عَلَى صفّ الخليفة، فتراجعوا وتأخّروا، ثمّ جرّد الخليفة سيفه وصعد على تلّ، فقال عسكر دُبَيْس إنْ عنبرًا [2] خامر، فلم يصدَّق. فلمّا رَأَى المهد والعَلَم والموكب قد صعدوا أيقن غدر عنبر [2] بْن أَبِي العسكر، فهرب ووقعت الهزيمة. وعَبَر دبيس الفُرات بفرسه،
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 109.
[2] في المنتظم 9/ 242 (17/ 217) : «عنتر بن أبي العسكر» ، وكذا في الكامل 80/ 608، والتاريخ الباهر 26.

(35/297)


وأدركته الخيل، ففاتهم [1] ، فقيل: إنّ عجوزًا هناك قَالَتْ: دُبَيْس دُبَيْر خبيث [2] .
فقال: دُبير مِن لم يجيء. وقُتِل خلْقٌ مِن رَجّالته، وأُسِر خلْق كبير. وقُتل مِن عسكر الخليفة عشرون فارسًا، وعاد منصورًا [3] .
[بناء سور بغداد]
ودخل بغداد يوم عاشوراء. وأمر بجباية الأموال ليعمل سورًا عَلَى بغداد، فجبي شيء كثير، ثمّ أعيد إليهم، فعظُم دعاؤهم لَهُ، وشرعوا في عمل السُّور في صَفَر.
وكان كلّ جمعة يعمل أهله محلّةً يخرجون بالطّبول والخيالات [4] .
[ختان أولاد الخليفة]
وعزم الخليفة عَلَى ختان [5] أولاده وأولاد إخوته، فكانوا اثنا عشر صبيا، فغلّقت بغداد، وعمل النّاس القباب، عملت خاتون قبّة باب النّوبيّ، وعلَّقت عليها مِن الدّيباج والجواهر ما أدهش الأبصار، وعملت قبّة عَلَى باب السّيّد العلويّ، عليها غرائب الحليّ والحلل، من ذَلِكَ ستران [6] مِن الدّيباج الرُّوميّ، طُول الستْر نحو عشرين ذراعًا، عَلَى الواحد اسم المتّقي للَّه، وعلى الآخر اسم المعتزّ باللَّه، وبقوا أسبوعا [7] .
__________
[1] في الأصل: «فقاتلهم» ، والتصحيح من المنتظم.
[2] هكذا في الأصل. وفي بغية الطلب (قسم السلاجقة) 237: «جئت» .
[3] المنتظم 9/ 242، 243 (17/ 216، 217) ، تاريخ العظيمي (تحقيق زعرور) 372 (تحقيق سويم) 37، الإنباء في تاريخ الخلفاء 215، 216، ذيل تاريخ دمشق 208، 209 (باختصار) ، الكامل في التاريخ 10/ 607- 610، التاريخ الباهر 25، 26، كتاب الروضتين 1/ 73، 74، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 227، 228 و 237، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 110، المختصر في أخبار البشر 2/ 236، دول الإسلام 2/ 42، العبر 4/ 39، تاريخ ابن الوردي 2/ 31، مرآة الجنان 3/ 221، البداية والنهاية 12/ 190، 191.
[4] في المنتظم 9/ 245 (17/ 219) : «الجنكات» ، الكامل في التاريخ 10/ 616، 617، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 110.
[5] في الأصل: «ختام» .
[6] في الأصل: «سترات» . والتصحيح من المنتظم، والسياق.
[7] المنتظم 9/ 245 (17/ 219) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 110، 111، دول الإسلام 2/ 42،

(35/298)


[أعمال دُبَيْس المنكَرَة]
وجاء الخبر أنّ دُبَيْس ذهب إلى غَزَيَّة [1] ، فدعاهم إلى الشّقاق، فقالوا: ما عَادتُنا معاداةُ الملوك، فذهب إلى بني المنتفق [2] ، فخالفوه، وقصد البصرة، وكبس مشهد طلْحة والزُّبَيْر، فنهب ما هناك، وقتل خلقًا كثيرًا، وعزم عَلَى قطْع النَّخْل، فصالحوه عَلَى مال، وجعلوا عَلَى كلّ رأس شيئًا [3] .
[القبض عَلَى الوزير شمس المُلْك]
وفيها قبض السّلطان محمود عَلَى وزيره شمس المُلْك عثمان بْن نظام المُلْك، لأنّ سَنْجَر طلبه منه، فقال أبو نصر المستوفي لَهُ: مَتَى ذهب إلى سَنْجَر لم تأمَنْه، فاقتله وابعث برأسه. فقتله وبعث إلى الخليفة ليعزل أخاه، فانقطع في منزله، وناب في الوزارة عليّ بْن طِرَاد [4] .
[وزارة ابن صَدَقة]
ثمّ طلب الوزير ابن صَدَقة مِن الحُدَيْثَة، فأُحضر، واستوزر في ربيع الآخر [5] .
[استيلاء الأمير بَلْك عَلَى حرّان وحلب]
وفيها استولى الأمير بَلْك بْن بهرام بْن أُرْتُق عَلَى حَرّان، وسار منها فنزل عَلَى حلب، وضيّق عليها، وبها ابن عمّه بدر الدّولة سليمان بن عبد الجبّار،
__________
[ () ] البداية والنهاية 12/ 193، الكواكب الدرّية 90.
[1] غزيّة: بضم الغين، وفتح الزاي، وتشديد الياء، وقيل: بفتح الغين، وكسر الزاي، وقيل: بفتح الراء المهملة. موضع قرب فيد وبينهما مسافة يوم. (معجم البلدان 4/ 203) .
وفي الأصل: «غزنة» .
[2] في الأصل: «المتفق» ، وما أثبتناه يتفق مع: بغية الطلب (قسم السلاجقة) 228.
[3] المنتظم 9/ 245 (17/ 219، 220) ، الكامل في التاريخ 10/ 609، 610، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 228، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 111، العبر 4/ 39، البداية والنهاية 12/ 191، شذرات الذهب 4/ 53.
[4] المنتظم 9/ 245، 246 (17/ 220) ، الكامل في التاريخ 10/ 614، تاريخ دولة آل سلجوق 108 و 132، النجوم الزاهرة 5/ 226.
[5] المنتظم 9/ 246 (17/ 220) ، الكامل في التاريخ 10/ 615.

(35/299)


فسلمها إِليْهِ بالأمان، فدخلها وتزوَّج بِنْت المُلْك رضوان [1] .
[التدريس في نظاميّة بغداد]
وقدم ابن الباقَرْحِيّ ومعه كُتُب محمود وسَنْجَر بتدريس نظامية بغداد. ثمّ وصل في شَعْبان أسعد المِيهَنيّ بتدريسها، وصرف ابن الباقر حيّ [2] .
[موت ابن قُراجا صاحب حماه]
وفيها سار محمود بْن قُراجا صاحب حماه إلى حصن فامية، ونهبَ ودخلها، فأصابه سَهْم، وعاد فمرض ومات، وكان ظالمًا جائرًا، فاستولى طُغتِكين صاحب دمشق عَلَى حماه، ورتّب بها واليا وعسكرًا [3] .
[مقتل بَلْك صاحب حلب]
وفيها التقى بَلْك صاحب حلب بالفرنج، فهَزمهم وقتل منهم خلقًا، وعاد إلى مَنْبج فحاصرها وبها الأمير حسّان، فأتاه سهْمٌ غَرْب قتله [4] .
[تحوّل تمرتاش عَنْ حلب]
وتسلَّم حسام الدّين تمرتاش حلب فسكنها [5] ، رتَّب بها نوّابه، ثمّ سار إلى ماردين لأنّه رَأَى الشّام في بلاء وحروب مَعَ الفرنج مستمرّة، وكان يحبّ الرَّفاهيّة والرّاحة، فأُخذِت حلب منه [6] .
__________
[1] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 372 و 373 (بتحقيق سويم) 38 و 39، الكامل في التاريخ 10/ 611، زبدة الحلب 2/ 211، 212، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، المختصر في أخبار البشر 2/ 237، تاريخ ابن الوردي 2/ 31.
[2] المنتظم 9/ 246 (17/ 220) ، البداية والنهاية 12/ 193، عيون التواريخ 12/ 141.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 373 (وتحقيق سويم) 35، الكامل في التاريخ 10/ 618، المختصر في أخبار البشر 2/ 237، تاريخ ابن الوردي 2/ 31.
[4] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 374 (وتحقيق سويم) 39 (حوادث 518 هـ-.) ، الكامل في التاريخ 10/ 619 (حوادث 518 هـ-.) ، تاريخ الزمان 139، تاريخ مختصر الدول 202، زبدة الحلب 2/ 219، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، النجوم الزاهرة 5/ 228 (حوادث 518 هـ-.) .
[5] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 374 (وتحقيق سويم) 39 (حوادث 518 هـ-.) ، تاريخ الزمان 319 وفيه «تيمور طاش» ، زبدة الحلب 2/ 220، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 207.
[6] الكامل في التاريخ 10/ 619 (حوادث 518 هـ-.) ، زبدة الحلب 2/ 223.

(35/300)


سنة ثمان عشرة وخمسمائة
[ظهور الباطنيّة بآمد]
وردت الأخبار بأنّ الباطنيّة ظهروا بآمد وكثروا، فنفر إليهم أهل آمد، فقتلوا منهم سبعمائة رَجُل [1] .
[ردّ شِحنكيّة بغداد إلى برتقش]
ورُدَّت شِحنكيّة بغداد إلى سَعْد الدّولة برتقش [2] الزَّكَويّ، وأُمِر البُرْسُقيّ بالعَوْد إلى المَوْصِل [3] .
[تأهّب الخليفة لمواجهة ابن صدقة]
وورد الخبر بأنّ دُبَيْس بْن صَدَقة التجأ إلى المُلْك طُغْرُلْبَك أخي السّلطان محمود بعد عوده مِن الشّام، وأنّهما عَلَى قصْد بغداد، فتأهَّب الخليفة، وجمع الجيوش من كلّ ناحية [4] .
__________
[1] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) ، الكامل في التاريخ 7/ 625، دول الإسلام 2/ 44، البداية والنهاية 12/ 194، عيون التواريخ 12/ 155، الكواكب الدريّة 90.
[2] في المنتظم: «بر نقش» ، ومثله في: الكامل في التاريخ 10/ 622، والبداية والنهاية 12/ 194.
[3] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) ، الكامل في التاريخ 10/ 622، بغية الطلب (قسم السلاجقة) 204، البداية والنهاية 12/ 194، عيون التواريخ 12/ 155.
[4] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) ، الكامل في التاريخ 10/ 624، 625، التاريخ الباهر 27، كتاب الروضتين 1/ 74، النجوم الزاهرة 5/ 228.

(35/301)


[الوباء ببغداد والبصرة]
وجاء الوباء ببغداد وإلى البصرة في ربيع الأوّل [1] .
[زواج الخليفة]
وتزوَّج الخليفة ببنت السّلطان سَنْجَر [2] .
[قتل جماعة مِن الباطنية]
وفيها أُخِذَ جماعة مِن الباطنيّة كانوا قد قدموا في قافلة، فقَتلوا في بغداد.
قِيلَ: جاءوا لقتل الوزير ابن صَدَقة والأمير نظر. وأُخذ في الجملة ابن أيّوب قاضي عُكْبَرا ونُهِب، فقيل: كانت عنده مدارج مِن كُتُب الباطنيّة، وأُخذ آخر كَانَ يُعينهم [3] .
[القبض عَلَى أستاذ الدار]
وفيها قُبِض عَلَى ناصح الدّولة أستاذ الدّار وصودر، وقُرّرَ عَليْهِ أربعون ألف دينار [4] .
[مقتل بَلْك صاحب حلب]
وفيها التقى صاحب حلب بَلْك بن بهرام هُوَ والفرنج، فهزمهم وقتل منهم خلقًا، وعاد فحاصر مَنْبج، وهي لحسّان البَعْلَبَكّيّ، فجاءه سهمٌ غَرْبٌ قتله، وكان معه ابن عمّته تمرتاش بْن إيلغازيّ، فحمله قتيلًا إلى ظاهر حلب، وتسلّمها في ربيع الأوّل مِن السّنة، واستقرّ بها. ثمّ رتَّب بها نائبًا لَهُ، وردّ إلى ماردين لأنّه رَأَى الشّام كثيرة الحروب مَعَ الفرنج، وكان يحبّ الرّاحة، فلمّا ردّ أُخذت حلب منه [5] .
__________
[1] المنتظم 9/ 249 (17/ 224) .
[2] المنتظم 9/ 250 (17/ 224) .
[3] المنتظم 9/ 250 (17/ 225) .
[4] المنتظم 9/ 250 (17/ 225) .
[5] تقدّم الخبر بإيجاز في حوادث السنة السابقة 517 هـ. وهو في الكامل في التاريخ 10/ 619 في هذه السنة 518 هـ.، وكذا في: زبدة الحلب 2/ 219، والأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 205، ونهاية الأرب 27/ 77، والمختصر في أخبار

(35/302)


[محاصرة الإفرنج صور]
وفيها أخذت الفرنج صور، وكان بها عسكر للعُبَيْدييّن ونائبٌ إلى سنة ستّ وخمسمائة، فحاصرتها الفرنج، وخرَّبوا ضِياعها، ثمّ نَجَدَهُم صاحب دمشق طُغتِكين، وأمدَّهم بما يُصلحهم، ولم يقطع منها خطبة المصرييّن، فبعث إليه صاحب مصر يشكره ويُثْني عَليْهِ، وجهَّز لها أسطولًا [1] .
[القبض عَلَى والي صور]
واستقام أمرها عشر سنين لأمر مسعود الطّغْتكِينيّ، لكنّه كثرت الشّكاية منه، فجاء أصطول مِن مصر، ومعهم أمرٌ أن يقبضوا عَلَى مسعود، فخرج مسعود للسّلام عَلَى مقدَّم الأصطول، وطلع إلى المركب، فقبض عَليْهِ المقدّم، ونزل إلى البلد، فاستولى عَليْهِ، وبعث مسعودا إلى مصر، فأكرموه وردّوه إلى دمشق، فرضي طُغتِكين بذلك [2] .
[عودة الفرنج لمحاصرة صور وسقوطها]
وتحرّكت الفرنج، وقويت أطماعهم، فرأى المصريّون أن يردّوا أمرها إلى طُغتِكين، وراسلوه بذلك، فملكها، ورتّب بها الْجُنْد، فنازلها الفرنج، وجَدُّوا في الحصار، وقلَّت بها الأقوات. وسار طُغتِكين إلى بانياس ليرهب الفرنج، فما فكّروا فيه، واستنجد بالمصرييّن، فما نجدوه، وتمادت الأيّام، وأشرف أهلها على الهلاك، فراسل طغتكين ملك الفرنج، على أن يسلّمها إليه، ويمكّن أهلها مِن حمل ما يقدرون عَليْهِ مِن الأمتعة، فأجابه إلى ذَلِكَ، ووفى بالعهد، وتفرَّقت أهلوها في البلاد، ودخلها الفرنج في الثّالث والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
وكانت مِن أمنع حصون الإسلام، فإنا للَّه وإنّا إِليْهِ راجعون. ودامت في يد الفرنج إلى سنة تسعين وستّمائة [3] .
__________
[ () ] البشر 2/ 237، ودول الإسلام 2/ 44، والعبر 4/ 42، وتاريخ ابن الوردي 2/ 32، مرآة الجنان 3/ 222، البداية والنهاية 12/ 194.
[1] الكامل في التاريخ 10/ 620، نهاية الأرب 28/ 271.
[2] ذيل تاريخ دمشق 211، الكامل في التاريخ 10/ 620، 621، نهاية الأرب 28/ 271، 272، الدرّة المضيّة 490، اتعاظ الحنفا 3/ 96.
[3] انظر عن سقوط صور في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 374 (وتحقيق سويم) 39،

(35/303)


[عزل البرسقي عن بغداد]
وفيها عزل عن بغداد البرسقيّ، وولي سعد الدّولة برتقش الزّكويّ، ولأنّ المسترشد نفر عَنِ البُرْسُقيّ، وطلب مِن السّلطان أن يصرفه، فأجابه [1] .
[إكرام السّلطان لعماد الدين زنكي]
وسار عماد الدّين زنكي مِن البصرة، وكانت إقطاعه، إلى خدمة السّلطان محمود، فأكرمه وردّه عَلَى إمرة البصرة [2] .
[ملك البُرْسُقيّ حلب]
وفي ذي الحجّة ملك البُرْسُقيّ مدينة حلب، وكانت الفرنج لمّا ملكوا صور طمِعوا، وقويت نُفُوسهم، ثمّ وصل إليهم دُبَيْس بْن صَدَقة، قبّحه الله، فطمَّعهم أيضًا في المسلمين، وقال: إنّ أهل حلب شيعة، ويميلون إلى، ومتى رأوْني سلّموها إلى، فأكون نائبًا لكم. فساروا معه، وحاصروا حصارًا شديدًا، فاستنجد أهلها بالبُرْسُقيّ، فسار إليها بجيوشه، فترحّل الفرنج عنها وهو يراهم، فلم يهجمهم، ودخل حلب ورتّب أمرها [3] .
__________
[ () ] وذيل تاريخ دمشق 211، والكامل في التاريخ 10/ 620- 622، وتاريخ الزمان 140، وتاريخ مختصر الدول 202، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 113، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 64، ونهاية الأرب 28/ 270- 272، والمختصر في أخبار البشر 2/ 237، ودول الإسلام 2/ 44، والعبر 4/ 42، وتاريخ ابن الوردي 2/ 32، والدرّة المضيّة 495، ومرآة الجنان 3/ 222، والإعلام والتبيين 24، والكواكب الدرّية 90، والأعلاق الخطيرة 2/ 169- 171، وتاريخ سلاطين المماليك- ص 3 (ضمن أخبار فتح عكا) ، واتعاظ الحنفا 3/ 107، والنجوم الزاهرة 5/ 182، 183، والمغرب في حلى المغرب 84، وشذرات الذهب 4/ 57.
[1] تقدم هذا الخبر في أول السنة.
[2] الكامل في التاريخ 10/ 622، 623، التاريخ الباهر 28.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 375 (وتحقيق سويم) 40، وقال العظيمي: «عبرت بالعسكر عند عودتي من دمشق ومدحت البرسقي بقولي:
«عصمت العواصم أن يهضم»
والخبر في: الكامل في التاريخ 10/ 623، 624، وانظر: زبدة الحلب 2/ 222، 223 و 227- 230، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 205، 206 و 228، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 114، والمختصر في أخبار البشر 2/ 238، وتاريخ ابن الوردي 2/ 232، والدرّة المضيّة 494.

(35/304)


سنة تسع عشرة وخمسمائة
[القبض عَلَى دُبَيْس]
في صِفْر برز الخليفة إلى صحراء الشّمّاسيّة بجيوشه، ثمّ رحل فنزل الدَّسْكَرَة. وجاء دُبَيْس وطُغْرُلْبَك فدبّروا أن يكبسوا بغداد ليلا، ويحفظ دبيس المخائض، ويَنْهب طُغْرُلْبَك بغداد، فمرض طُغْرُلْبَك تِلْكَ الليلة، وجاء المطر [1] ، وزاد الماء، وضجّ النّاس بالابتهال إلى الله تعالى، وأُرْجِف عند الخليفة بأنّ دُبَيْسا دخل بغداد، فرحل مُجدّا إلى النّهروان، فلم يشعر دُبَيْس إلّا برايات الخليفة، فلمّا رآها دُهش، وقبّل الأرض، وقال: أَنَا العبد المطرود، أمّا أن يُعْفى عَنِ العبد المذنب، فلم يُجِبْه أحد، فأعاد القول والتضرُّع، فرقَ لَهُ الخليفة، وهم بالعفو عَنْهُ، فصرفه عن ذَلِكَ الوزير أَبُو علي بن صدقة، وبعث الخليفة نظر الخادم إلى بغداد بالبشارة، ونودي في البلد بأن يخرج العسكر لطلب دُبَيْس، والإسراع مَعَ الوزير ابن صَدَقة. ودخل الخليفة. وسار دُبَيْس وطُغْرُلْبَك إلى سَنْجَر مستجيرين بِهِ، هذا مِن أخيه، وهذا مِن الخليفة، فأجارهما، وليّسا [2] عَليْهِ فقالا: قد طَرَدنا الخليفة وقال: هذه البلاد لي.
فقبض سنجر على دبيس وسجنه خدمة للخليفة [3] .
[شكوى برتقش مِن الخليفة]
وفي رجب راح سَعْد الدّولة برتقش، فاجتمع بالسّلطان خاليا وأكثر
__________
[1] حتى هنا في الكواكب الدرّية 91.
[2] ليّسا عليه: احتالا عليه. وفي المنتظم: «لبسا» .
[3] المنتظم 9/ 252، 253 (17/ 228، 229) ، الكامل في التاريخ 10/ 627، 628، الفخري 302، العبر 4/ 44، مرآة الجنان 3/ 223، البداية والنهاية 12/ 194، 195.

(35/305)


الشّكوى مِن الخليفة، وحقّق عنده أنّه يطلب المُلْك، وأنّه خرج مِن بيته نَوْبَتَين وكَسَر مِن قَصَده، وإن لم يفكّر في حسْم ذَلِكَ اتسع الخَرْق. وسترى حقيقة ذَلِكَ إذا دخلت بغداد. والّذي يحمله عَلَى ذَلِكَ وزيره.
وقد كاتب أمراء الأطراف، وجمع الأكراد والعرب. فحصل في نفس محمود ما دعاه إلى المجيء إلى بغداد [1] .
[رواية ابن الجوزي عَنْ قتل أقسُنْقُر]
وفيها قتلت الباطنيّة بالموصل أقسُنْقُر البُرْسُقيّ في مقصوره الجامع، فيما ذكر ابن الجوزي [2] .
والصّحيح سنة عشرين.
[كسرة الفرنج للبُرْسُقيّ]
وفيها قِدم البُرْسُقيّ فنازل كَفَرْطاب، وأخذها مِن الفرنج، ثمّ عمل مَصَافًا مَعَ الفرنج، وكانوا خلقا، فكسروه، وقتلوا نحوا الألف مِن المسلمين، وأسروا خلقًا [3] .
[هزيمة المسلمين أمام بغدوين]
وفيها جمع بغدوين الصّغير صاحب القدس وحشد، وأغار عَلَى حَوْران، فخرج لحربه طُغتِكين في خلْق كثير وتُرْكُمانٌ قدموا للجهاد، وخلْقٌ مِن أحداث دمشق، ومن المرج، والغُوطةً بالعُدَد التّامّة، فالتقوا بمرج الصُّفَّر، فحملت الملاعين عَلَى المسلمين، فهزموهم إلى عَقَبَة سحوراء، وقتلوا أكثر الرّجّالة، وما نجا إلّا مِن لَهُ فرس جواد. ورجاء طُغتِكين وقد أُسِرت أبطالُه، وما شكّ النّاس أنّ الفرنج يصبّحون البلد، فحازوا الغنائم والأسْرى ورجعوا، [4] فلا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[1] المنتظم 9/ 253، 254 (17/ 229) .
[2] المنتظم 9/ 154 رقم 413 (17/ 230 رقم 36 39) ، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 116.
[3] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 375 (وتحقيق سويم) 40، الكامل في التاريخ 10/ 628، 629، زبدة الحلب 2/ 231، المختصر في أخبار البشر 2/ 238، تاريخ ابن الوردي 2/ 33.
[4] ذيل تاريخ دمشق 212، 213، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 116.

(35/306)


[منازلة ابن رُدْمير بلاد الأندلس]
وفيها عَسْكَر اللّعين ابن رُدْمير الَّذِي استولى عَلَى شرق الأندلس في جيشٍ بأربعة آلاف فارس بفاوة مِن سَرَقُسْطَة، ثمّ عَلَى بلنسية، ثمّ مُرْسِيّة، ومرّ عَلَى جزيرة شُقَير، فنازلهم أيّامًا.
وكان عَلَى الأندلس تميم بْن يوسف بْن تاشَفين، ومُقامه بغُرْناطة، فجمع الجيوش.
والتفّ عَلَى ابن أردمير سوادٌ عظيمٌ مِن نصارى البلاد، فوطئ بلاد الإسلام يغِير ويَنْهَب. وقصده المسلمون، فالتقوا، فأصيب خلْقٌ مِن المسلمين.
وغاب ابن أردمير في بلاد الإسلام أكثر مِن سنة، ورجع بغنائم لا تحصى [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 10/ 631 (حوادث سنة 520 هـ.) .

(35/307)


سنة عشرين وخمسمائة
[كتاب سَنْجَر إلى السّلطان محمود]
لمّا علم السّلطان محمود بقتال الخليفة لطُغْرُلْبَك فرح، وكاتب الخليفة وقال: قد علمت ما فعلت لأجلي، وأنا خادمك. وتراسلا بالأيْمان والعهود عَلَى أنّهما يَنْقَضّان عَلَى سَنْجَر، فعلم سَنْجَر، وبعث إلى محمود يَقُولُ: أنت صبيّ، والخليفة قد عزم عَلَى أن يمكر بك وبي، فإذا اتّفقتما عليَّ ففرغ مني، عاد إليك، فلا تَصْغِ إليه. وأنا فما لي ولدٌ ذَكَر، وأنت لمّا ضربْتَ معي مصَافّا فظفرت بك، لم أسئ إليك وقتلتُ مِن كَانَ سببًا لقتالنا، وأَعَدْتك إلى السَّلطنة، وجعلتك وُلّي عهدي، وزوَّجتُك ابنتي، فلمّا تُوُفّيَتْ زوَّجتُك الأخرى، فسِر إلى بغداد بالعساكر، وأمسِك الوزير ابن صَدَقة، واقتل رءوس الأكراد وخُذ آلة السَّفَر الّتي عملها، وتقول للخليفة: ما تحتاج إلى هذا، أَنَا سيفك وخادمك، فإنْ فعل وإلّا أخذته بالشّدّة، وإلّا لم يبق لي ولا لك معه أمر.
وبعث إليه رجلًا، وقال: هذا يكون وزيرك. فثنى عزمه.
[انزعاج الخليفة مِن قدوم السّلطان إلى بغداد]
فكتب صاحب الخبر إلى الخليفة بذلك، فنفَّذ الخليفة إِليْهِ سديد الدّولة ابن الأنباريّ يقول له: ينبغي أن تتأخّر في هذه السّنة لقلّة المِيرة. فقال: لَا بدّ لي مِن المجيء: وتوجّه. فلمّا سَمِعَ الخليفة نفّذ رسولًا وكتابًا إلى وزير السّلطان، يأمره بردّ السّلطان عَنِ المجيء، فأبي، وأجاب بجوابٍ ثَقُل سماعُه عَلَى الخليفة، وشرع في عمل آلة القتال، وجمع الجيش. ونوديَ ببغداد في ذي القِعْدة بعبور النّاس إلى الجانب الغربيّ، وازدحم الخلق [1] ، وبعد أيّام بدا
__________
[1] وقال ابن العمراني: وصار العامّة يغنّون في الأسواق:

(35/308)


للخليفة وقال: أَنَا أُخَلّي البلد لَهُ، وأحقن دماء المسلمين، ونوديَ بالعبور إلى الجانب الشرقيّ، واشتدّت الأمطار حتّى كادت الدُّور أن تغرق. وانتقل الخليفة إلى مخيَّمة بالجانب الغربيّ تحت الرَّقَّة، فعرف السّلطان، وقُرب من بغداد، فبعث برتقش الزَّكَويّ، وأسعد الطُّغْرائيّ، فذهبا إلى الخليفة، وأدّيا رسالة السّلطان وتألُّمه مِن انزعاج الخليفة. ثمّ حشيا في آخر الرّسالة، فقال المسترشد:
أَنَا أقول لَهُ يجب أن تتأخر في هذه السّنة، ولا يقبل، ما بيني وبينه إلّا السّيف.
وقال لبرتقش، أنت كنت السبّب في مجيئه وأنت أفسَدته. وهمَّ بقتله، فمنعه الوزير وقال: هُوَ رسول. فرجعا بكتاب الخليفة وبالرسالة، فاستشاط غضبًا، وأمر بالرحيل إلى بغداد [1] .
[صلاة الخليفة بالناس يوم الأضحى]
وفي يوم الأضحي نُصِبت خيمة عظيمة، وصلّى المسترشد الخليفة بالنّاس، وكان المكبّرون خُطباء الجوامع ابن الغريق، وابن المهتدى، وابن التُرَيكيّ [2] . وصعد المنبر، ووقف وُلّي عهده الراشد باللَّه دونه، بيده سيفٌ مشهور، فقال: الله أكبر، ما سحّت الأنواء، وأشرق الضّياء، وطلعت ذُكاء، وعَلَت عَلَى الأرض السّماء، الله أكبر، ما هَمَع سحاب، ولمع سراب، وأنجح طلاب، وسُرّ قادم بإياب [3] . وذكر خطبة بليغة، ثمّ جلس، ثمّ قام فخطب وقال:
اللَّهمّ أَصْلِحْني في ذُرّيتي، وأعِنّي عَلَى ما ولّيتني، وأودِعْني شُكر نِعمتك، ووفّقْني وانصُرني. فلمّا أنهاها وتهيّأ للنزول بَدَره أبو المظفَّر محمد بْن أحمد بْن عَبْد العزيز الهاشميّ فأنشده:
عليك سلامُ الله يا خير مِن عَلا ... عَلَى مَنْبرٍ قد حفَّ أعلامه [4] النَّصْرُ
__________
[ () ]
يا جلال الدين ذا شرح يطول ... وابن الأنباري فما يرجع رسول
والقرايا كلّها صارت تلول ... تزرع الكرّ وتحصد كارتين
(الإنباء في تاريخ الخلفاء 216) .
[1] الكامل في التاريخ 10/ 635، 636، تاريخ دولة آل سلجوق 141.
[2] في الأصل: «البرمكي» .
[3] في الأصل: «وسر قادما أناب» .
[4] في الأصل: «أعلام» .

(35/309)


وأفضل من أمّ الأنام وعمّهم ... بسريته الحُسْنى وكان لَهُ الأمرُ
وأفضل [1] أهل الأرض شرقًا ومَغْربًا ... ومَن جدّه مِن أجله نزل القَطْرُ
لقد شَرَّفَتْ [2] أسماعَنَا منك خُطْبةٌ ... وموعظةُ فَضْلٍ يَلين لها الصَّخْرُ
ملأتَ بها كلّ القُلُوب مَهَابة ... فقد رجَفَتْ مِن خوفٍ تخويفها مصرُ
وزُدْتَ بها عدنانَ مَجْدًا مؤثّلًا ... فأضْحَى لها بين [3] الأنام بك [4] الفخْرُ
وسُدْتَ بني العبّاس حتّى لقد غدا ... تُباهي بك السّجاد والعلم البحرُ [5]
فلله عصر أنت فيه إمامُهُ [6] ... وللَّه دينٌ أَنْتَ فيه لنا الصَّدْرُ
بقيتَ عَلَى الأيّام [7] والمُلْك كلَّمًا ... تَقَادَم عصرٌ أنت فيه أتى عصرُ
وِأصبحت بالعيد السعيد مهنّئًا ... تشرّفنا فيه صلاتُك والنَّحْر [8]
ونزل، فنَحَر البَدَنَة بيده، وكان يومًا لم يُرَ مثلُه مِن دهره. ثمّ دخل السُّرادق، ووقع البكاء عَلَى النّاس، ودعوا لَهُ بالنّصر، وجُمعت السّفُن جميعها إلى الجانب الغربيّ، وانقطع عبور النّاس بالكُلّيّة [9] .
[وصول السّلطان إلى حُلوان]
وبلغ السّلطان حُلْوان، فأرسل مِن هناك الأمير زنكيّ إلى واسط، فأزاح عَنْهَا عفيف الخادم، فلحِق بالخليفة، ولم يبق بالجانب الشرقيّ سوى الحاجب لحِفْظ دار الخلافة. وسُدّت أبوابها كلّها سوى باب النّوبي، ونزل السّلطان بالشّمّاسيّة في ثامن عشر ذي الحجّة، ونزل عسكره في دُور النّاس. وتردّدت
__________
[1] في المنتظم: «وأشرف» .
[2] في تاريخ الخلفاء: «شنفت» .
[3] في الأصل: «من» ، والتصحيح من المنتظم.
[4] في تاريخ الخلفاء: «لك» .
[5] في المنتظم: «يباهي بك السجاد والعالم الحبر» . وفي تاريخ الخلفاء: «يباهي ... والعالم» .
[6] في تاريخ الخلفاء: «إمامنا» .
[7] في المنتظم: «الإسلام» .
[8] الأبيات في المنتظم 9/ 258، 259 (17/ 235، 236) وفيه زيادة أبيات أخرى، وتاريخ الخلفاء 434، 435.
[9] العبر 4/ 45، مرآة الجنان 3/ 224، البداية والنهاية 12/ 195، عيون التواريخ 12/ 173، 174.

(35/310)


الرّسُل إلى الخليفة تتلطّف بِهِ، وتطلب الصُّلْح وهو يمتنع ثمّ وقف عسكر السّلطان بالجانب الشّرْقيّ، والعامّة بالجانب الغربي يسبُّون الأتراك، ويقولون: يا باطنيّة، يا مَلاحدة. عصيتم [1] أمير المؤمنين، فعُقُودكم [2] باطلة وأنكحتكم [3] فاسدة. وتراموا بالنّشّاب [4] .
[وصول ابن رُدْمير إلى قرب قُرْطُبَة]
وفيها عاث ملك الفرنج ابن رُدْمير، لعنة الله، بالأندلس، وشقّ بلاد المسلمين جميعها، وسبي ونهب، حتى انتهى إلى قرب قُرْطُبَة، فحشد المسلمون وقصدوه، فكبسهم وقتل منهم مقتلة، ثمّ عاد نحو بلاده، وهو الَّذِي كسر المسلمين أيضًا سنة أربع عشرة وخمسمائة. ثمّ حاصر سنة ثمانٍ وعشرين مدينة أفراغة [5] ، وأهلكه الله.
[هياج الإسماعيلية بخراسان]
وفيها هاجت الإسماعيلية بخُراسان، ونُصِر عليهم عسكر سَنْجَر، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة [6] .
[مقتل البُرْسُقيّ]
وفيها قُتِل البرسقيّ [7] .
__________
[1] في الأصل: «غضبتم» .
[2] في الأصل: «بعقودكم» .
[3] في الأصل: «وانكحتم» .
[4] الخبر بطوله في: المنتظم 9/ 254- 259 (17/ 231- 236) ، وانظر: الإنباء في تاريخ الخلفاء 216، وزبدة التواريخ 193.
[5] في الأصل: «مراغة» وهو وهم.
[6] تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 376 (وتحقيق سويم) 42، الكامل في التاريخ 10/ 632.
[7] انظر عن قتل البرسقي في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 376 (وتحقيق سويم) 41، ذيل تاريخ دمشق 214، الكامل في التاريخ 10/ 633، التاريخ الباهر 31، وتاريخ مختصر الدول 202، وكتاب الروضتين 1/ 74، 75، وزبدة الحلب 2/ 234، 235، الأعلاق الخطيرة ج 3 ق 1/ 54، و 165 و 219، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 213- 215، ونهاية الأرب 234، 235، والمختصر في أخبار البشر 2/ 238، والعبر 4/ 46، وتاريخ ابن الوردي

(35/311)


[تكاثر الإسماعيلية بالشام]
وفيها كثُرت الإسماعيلية بالشام، وكان النّاس والكبار يخافونهم، فرأى طاهر بْن سَعْد الدّين المَزْدقانيّ [1] مِن المصلحة أن يسلّم إلى رئيسهم بهرام حصنًا، فأعطاه طُغتِكين بانياس وتألَّم النّاس [2] .
[وقعة مرج الصُّفَّر]
وفي سنة عشرين وقعة مَرْج الصُّفَّر.
[استفحال الباطنية بحلب والشام]
وفيها استفحل أمر بهرام داعي الباطنيّة بحلب والشّام، وعظُم الخَطْب وهو عَلَى غاية الاختفاء، يغيّر الزيّ، ويطوف البلاد والقلاع، ولا يُعرف، إلى أن حصل بدمشق بتقريرٍ قرره إيلغازي بْن أُرْتُق مَعَ طُغتِكين، فأكرم اتّقاءً لشّره، وما كذب العناية بِهِ، فتبِعَه جَهَلةٌ وسُفهاء مِن العامّة وأهل البَرّ وتَحَزَّبُوا معه. ووافقه الوزير طاهر بْن سَعْد المَزْدَقانيّ، وإن لم يكن عَلَى عقيدته. وأعانه عَلَى بثّ شَرّه، وخَفَّى سرّه ليكون عونًا لَهُ.
ثمّ التمس مِن طُغتِكين حصنًا يحتمي بِهِ، فأعطاه بانياس سنة عشرين هذه، فصار إليها يجمع إليها أوباشا [3] استغواهم مُحَالةً وخداعة، فعظُمت البَليّة بهم، وتألَّم العلماء وأهل الدّين، وأحجموا عَنِ الكلام فيهم بالتّعرّض لهم، خوفًا مِن شرّهم، لأنّهم قتلوا جماعة مِن الأعيان، بحيث لَا يُنكر عليهم ملك ولا وزير [4] ، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه.
__________
[2] / 33، والدرّة المضيّة 497.
[1] في المقفى الكبير للمقريزي 2/ 517: «أبو علي ظاهر بن سعد المزدغاني» .
[2] ذيل تاريخ دمشق 215، الكامل في التاريخ 10/ 362، مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 118، 119، أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 70، الكواكب الدرّية 91، المقفى الكبير 2/ 517.
[3] في الأصل: «أوباش» .
[4] ذيل تاريخ دمشق 215، الكواكب الدرّية 91، اتعاظ الحنفا 3/ 121 (حوادث سنة 522 هـ.) .

(35/312)


[تراجم وفيات]
سنة إحدى عشرة وخمسمائة
[- حرف الألف-]
1- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد [1] .
أبو جعفر بْن سُفْيان القُرْطُبيّ.
أخذ عَنْ: أَبِي جعفر أحمد بْن رزق.
وسمع الكثير مِن: حاتم بْن محمد.
وشوّور في الأحكام. ووُلّي خطابة قُرْطُبَة.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة وله أربعٌ وستّون سنة [2] .
2- أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد الحق [3] .
أبو جعفر الخزرجيّ القرطبيّ المقرئ.
روى عن: أَبِي القاسم الخَزْرَجيّ، وأبي عَبْد الله الطّرفيّ المقرءين ونظرائهما.
وقرأ عَلَى الأستاذ مكّيّ بْن أَبِي طَالِب أحزابًا مِن القرآن.
وأقرأ النّاس دهرًا. وعمّر وعاش تسعين سنة [4] ، وتُوُفّي في ربيع الأوّل.
قال ابن بشكوال: جالسته وأنا صغير.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 74، 75 رقم 163.
[2] وكان مولده سنة ست وأربعين وأربعمائة.
[3] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 74 رقم 162، وغاية النهاية 1/ 66 رقم 287.
[4] ومولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.

(35/313)


3- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله [1] .
أبو الوفا بْن الخضر، الكاتب، المحدّث.
سَمِعَ الكثير بنفسه، وكتب وعلّق.
روى عَنْ: أَبِي نصر الزَّيْنَبيّ، وعاصم بْن الحَسَن فَمَن بعدهما، بحيث انّه أكثر عن أصحاب الجوهريّ.
روى عَنْهُ: الحُسَيْن بْن خسْرُو السّلَفيّ.
وله شِعر جيّد.
4- أحمد العربيّ [2] .
الرجل الصّالح.
رَأَى أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وقرأ عَليْهِ شيئًا مِن القرآن.
ذكره أحمد بْن صالح فقال: وليّ للَّه، حزر الْجَمْعُ في جنازته بمائة ألف.
وصلّى عَليْهِ أبو الحُسَيْن بْن الفرّاء بوصيّةٍ منه. ودُفِن بقرب قبر معروف. وكان مِن المُنْطَقين المُلْهَمين، ومن بقايا العُبّاد ببغداد.
تُوُفّي في رمضان.
قَالَ المبارك بْن كامل الحمصيّ: ممّن حضره ينيف عَلَى سبعين ألفًا.
5- أسعد بْن طبيب خُراسان عَبْد الرَّحْمَن بْن علي بْن أَبِي صادق [3] .
أبو الفَضْلُ النَّيْسابوريّ الطّبيب. كَانَ أبوه جالينوس زمانه.
سَمِعَ أسعد مِن: أَبِي عثمان البَحيريّ، وأبي سَعْد الكَنْجَرُوذيّ.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أسمعني منه والدي حضورًا [4] .
وعاش نحوًا من ثمانين سنة [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (أحمد العربيّ) في: الكامل في التاريخ 10/ 532، والمنتظم 9/ 193، 194 رقم 328 (17/ 156 رقم 3850) وفيه: «أحمد القزويني» .
[3] انظر عن (أسعد بن عبد الرحمن) في: التحبير في المعجم الكبير لابن السمعاني 1/ 118، 119 رقم 43، ومعجم شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 49 ب.
[4] وقال: كان شيخا معمّرا ظريف اللقاء، مليح الشيبة، وكان أبوه أبو القاسم جالينوس عصره في الحذق والطب.
[5] وكانت ولادته سنة نيّف وثلاثين وأربعمائة. ووفاته في حدود سنة عشر وخمسمائة بنيسابور، إما

(35/314)


[- حرف الباء-]
6- بختيار السّلار [1] .
نائب طُغتِكين عَلَى دمشق.
كَانَ ورِعًا نزهًا، دينًا حسن السّيرة، وافر الحُرْمة، أمّارًا بالمعروف نهّاءً عَنِ المنكر، كثير المحاسن.
تُوُفّي في شَعْبان، وحزن عَليْهِ النّاس، وولي شِحنكيّة دمشق بعده ابنه عُمَر السّلار.
7- بغدوين [2] .
هُوَ بردويل [3] الفرنجيّ الطّاغية الَّذِي افتتح القدس وغيرها مِن مدن الشّام.
وكان شجاعًا مهيبًا خبيثًا. وقد استفحل شرُّه، وكثُر جُنْدُه، فجمع العساكر وسار ليأخذ الدّيار المصريّة مِن بني عُبَيْد، إلى أن قارب تِنّيس، فسبح في النّيل، فانتقض عَليْهِ جرح كَانَ بِهِ، فرجع ونزل بداء الموت بالسبخة [4] المعروفة، فمات، فشقّوا بطنه، ورموا بحشوته هناك، فهي تُرْجَم إلى اليوم، وحملوه فدفنوه بالقُمامة بالقدس في ذي الحجّة سنة إحدى عشرة. وكان قد جاء القُمّص صاحب الرُّها إلى القدس زائرًا، فوصّى بغدوين لَهُ بالمُلْك مِن بعده. فبعث يطلب عقد الهدنة مَعَ طُغتِكين، فسار طُغتِكين إلى طبريّة، فنهبها وما حولها، وسار إلى عسقلان، وكاتب المصريّين، فجاءته سبعة آلاف فارس، وأقاموا بعسقلان شهرين، ولم يؤثّروا في الفرنج، ورجع طغتكين.
__________
[ () ] سنة إحدى أو اثنتي عشرة وخمسمائة. قاله ابن السمعاني.
[1] انظر عن (بختيار السلار) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (وتحقيق سويم) 33، وذيل تاريخ دمشق 198، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 69، وعيون التواريخ 12/ 80.
[2] انظر عن (بغدوين) في: الكامل في التاريخ 10/ 543، وتاريخ حلب للعظيميّ (انظر فهرس الأعلام) ، وذيل تاريخ دمشق (انظر فهرس الأعلام) ، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 201 (في حوادث سنة 512 هـ-.) ، والدرّة المضيّة 480، 481.
[3] وهو.
Baldwin:
[4] في الأصل: «بالصخه» .

(35/315)


- حرف الحاء-
8- الحُسَيْن بْن أحمد [1] .
أبو عَبْد الله بْن الشّقّاق [2] البغداديّ.
لم يكن لَهُ نظير في الفرائض ببغداد، ولا في الحساب.
روى عَنْهُ خطيب المَوْصِل مِن شِعْره.
وعليه تفقَّه أبو حكيم الخَبْريّ [3] ، وغيره.
وممّن روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو طَالِب بْن العجمي الحلبيّ، والسّلَفيّ، وقال: كان آية مِن آيات الزمان، ونادرة مِن نوادر الدهر.
قَالَ ابن النّجّار: وسمع مِن أَبِي الحُسَيْن بْن المهتدي باللَّه، وكان شقّاقًا للقرون للعشّيّ. قرأ الفرائض والحساب عَلَى الخَبْريّ، وعبد المُلْك بْن إبراهيم الهَمَذَانيّ. ومات في ذي الحجة عَنْ إحدى وسبعين سنة.
9- الحُسَيْن بْن محمد بْن الحُسَيْن [4] .
الوزير أبو منصور ابن الوزير الكبير أبي شجاع الرُّوذْراوَرِيّ، ثمّ البغداديّ.
وَزَرَ أَبُوهُ للمقتدي، ووزر هو للمستظهر سنة ثمان وخمسمائة.
ثمّ خرج إلى إصبهان، فمات بها.
ذكره ابن الدَّبِيثّي.
- حرف العين-
10- عبّاد بن محمد بن المحسّن [5] .
__________
[1] انظر عن (الحسين بن أحمد) في: المنتظم 9/ 194 رقم 329 (17/ 157 رقم 3851) وفيه:
«الحسن» ، والكامل في التاريخ 10/ 532 وفيه «الحسن» ، والمختصر المحتاج إليه لابن الدبيثي 2/ 31 رقم 606 «الحسين» ، وسير أعلام النبلاء 19/ 385، 386 رقم 227، والوافي بالوفيات 12/ 325، 326، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 73.
[2] في الأصل: «السقاق» بالسين المهملة، وفي طبقات الشافعية الكبرى للسبكي تحرّفت إلى «الشقاف» بالفاء.
[3] في المنتظم: «الطبري» . وخبر: قرية بنواحي شيراز من فارس.
[4] انظر عن (الحسين بن محمد) في: المختصر المحتاج إليه لابن الدبيثي 2/ 42 رقم 623.
[5] انظر عن (عبّاد بن محمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 511، 512 رقم 493، ومعجم

(35/316)


أبو القاسم الجعفريّ الإصبهانيّ.
من بيت شرف وتقدُّم.
سَمِعَ تفسير أَبِي الشَّيْخ ابن أبي أحمد محمد بْن عليّ ابن المكفوف، عَنْ مؤلّفه.
وسمع: أبا سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن عُمَر الصَّفّار، وعليّ بْن مهران.
قَالَ السّمعانيّ: أجاز لنا في ذي القِعْدة سنة عشرة [1] .
قلت: لعلّ السّلَفيّ سَمِعَ منه.
11- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن صابر بن عمر [2] .
المحدّث أبو محمد السُّلَميّ الدّمشقيّ، ويعرف بابن سَيّده.
سَمِعَ: أبا القاسم بْن أبي العلاء، وأبا عبد الله بن أبي الحديد، وأبا الفتح نصرًا المقدسيّ، وخلْقًا بعدهم.
قَالَ ابن عساكر: [3] سمعنا بقراءته الكثير [4] ، وكان ثقة متحرّزا. ولد سنة إحدى وستّين وأربعمائة.
قلت: روى عَنْهُ الحافظان: السّلَفيّ، وابن عساكر. وتوفّي في رمضان.
وهو والد أَبِي المعالي عَبْد الله.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ قارئ الحديث بدمشق، وكان ثقة، سيّئ الخُلُق، بخيلًا بالإفادة.
12- عَبْد الرحيم بْن يحيى بن إسماعيل [5] .
__________
[ () ] شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 66 ب.
[1] وزاد: كتب إليّ الإجازة، ومن جملتها كتاب «الصحيح» للبخاريّ، وكتاب التفسير لأبي الشيخ.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن أحمد) في: تاريخ دمشق (عبد الحميد بن حبيب- عبد الرحمن بن عبد الله) 40/ 114، 115، ومشيخة ابن عساكر، ورقة 105 ب، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 14/ 200 رقم 126، والاستدارك لابن نقطة، ورقة 88 أ، وسير أعلام النبلاء 19/ 423، 424 رقم 246، وتبصير المنتبه 706.
[3] في تاريخ دمشق 114.
[4] زاد بعدها: «وسمعت منه شيئا يسيرا» .
[5] سيعاد في وفيات السنة التالية 512 هـ-. برقم (34) باسم: «عبد الرحمن بن يحيى» .

(35/317)


أبو الفضائل الأُمَويّ العثمانيّ الدّيباجيّ.
روى عَنْ جدّه لأُمّه أَبِي حفص البُوصِيريّ.
وعنه: ولده أبو محمد عَبْد الله العثمانيّ.
ورّخه ابن المفضّل، وقال: تكلّم في سماعه.
13- عليّ بْن أحمد بْن كُرْز [1] .
أبو الحَسَن الأنصاريّ الغَرْناطيّ المقرئ.
روى عَنْ: أَبِي القاسم بن عبد الوهّاب المقرئ، وغانم بْن دليل، وأبي عَبْد الله بْن عتّاب، وجماعة.
وعُني بالإقراء وسماع العِلم. وكان ثقة فاضلًا [2] .
- حرف الغين-
14- غانم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْن أيّوب بْن زياد [3] .
أبو القاسم بْن أبي نصر الإصبهانيّ البُرجيّ. وبرج قرية مِن قرى إصبهان.
سَمِعَ أبا نُعَيْم، مِن ذَلِكَ «مسند الحارث بن أبي أسامة» ، أنبا ابن خلّاد النَّصيبيّ، ولأبي نُعَيْم فَوْت معروف.
وسمع مِن ابن فاذشاه، وأجاز لَهُ: أبو عليّ بْن شاذان، وأبو القاسم بن بشران، والحسين بْن شجاع المَوْصِليّ- أجازوا لَهُ في سنة تسع عشرة وأربعمائة- والحسين بن إبراهيم الحمّال.
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 424، وبغية الملتمس للضبيّ 419، 420، ومعرفة القراء الكبار 1/ 481، 482 رقم 425، وغاية النهاية 1/ 523 رقم 2162.
[2] وقال ابن الجزري: «وقع في كلام بعضهم أنه قرأ على المهدوي، وهو غلط، وقع من عبد المنعم بن الخلوف، والصواب أنه قرأ على غانم، عنه» (غاية النهاية) .
[3] انظر عن (غانم بن محمد) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) الورقة 189 ب- 190 ب، والأنساب 12/ 132، والتحبير 2/ 10- 16 رقم 612، والتقييد 421 رقم 564، ومعجم البلدان 1/ 548، 549، والعبر 4/ 24، ودول الإسلام 2/ 38، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1627، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 320- 322 رقم 203، وتقصير المنتبه 134، وشذرات الذهب 4/ 31، وقاموس الأعلام 2/ 1277.

(35/318)


وعاش تسعين سنة أو نحوها.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو بَكْر محمد بْن منصور السّمعانيّ، وأبو العلاء الحَسَن بْن أحمد العطّار، ومَعْمَر بْن الفاخر، وأبو طاهر محمد بن محمد السّنْجيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو سَعْد محمد بْن عَبْد الواحد الصّائغ الحفّاظ، والفضل بْن القاسم الصَّيْدلانيّ، ومسعود بْن أَبِي منصور الجمّال، ومحمد بْن عُبَيْد الله بْن الشَّيْخ أبي عليّ الحدّاد.
وآخر مِن روى عَنْهُ بالإجازة أبو المكارم اللّبّان.
قَالَ السّمعانيّ: [1] أجاز لي، وهو شيخ صالح، سديد، ثقة، مُكثر. عُمّر العُمر الطّويل، وكان مِن تلاميذ محمد الخابوطيّ.
سَمِعَ: أبا نُعَيْم، وابن فاذشاه، والفضل بْن محمد القاشانيّ، ومحمد بْن عَبْد الله بْن شَهْرَيار، وعمر بْن محمد بْن عَبْد الله بْن الهيثم، وأبا الفتح محمد بْن عَبْد الرّزّاق بْن أبي الشَّيْخ.
ومن مسموعه «مُسْنَد الطَّيَالِسيّ» ، مِن أَبِي نُعَيْم، وسمع «الحلْية» سوى أجزاء من موضعين، و «جزء محمد بن عاصم» ، و «جزء الجابريّ» .
ثم سمّى السّمعانيّ عدّة مَرْوِيّات [2] .
قَالَ أبو موسى: وفاته في سابع وعشرين ذي القِعْدة. وسأله أَبِي عَنْ مولده فقال في ذي القِعْدة سنة 417.
- حرف الميم-
15- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عبد الله بن فاذُوَيْه [3] .
أبو الفَضْلُ ابن العجميّ الواسطيّ البزّاز.
__________
[1] في التحبير 2/ 10.
[2] انظر التحبير 2/ 11- 16.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد العجمي) في: سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 75 رقم 48، والمختصر المحتاج إليه 1/ 2- 4، وله سماع في تاريخ واسط لبحشل، انظر ص: 294 و 298.

(35/319)


سَمِعَ: أبا الحَسَن بْن مَخْلَد، والحسن بْن أحمد الغَنْدَجانيّ [1] .
وببغداد مِن: ابن المسلمة، وابن الَّنُّقور [2] .
وروى الكثير.
روى عَنْهُ: أبو طَالِب الكتّانيّ المحتسب، وهبةِ اللَّه بْن نصرِ اللَّه بْن الْجَلَخْت، وأحمد بن سالم البرجونيّ، وعدّة.
وأملى بجامع واسط.
وثّقه أبو الكرم الحَوْزِيّ، وأثنى عَلَى فهمه [3] .
تُوُفّي بواسط في صَفَر.
16- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه بْن باكبر [4] .
الكاتب الشّيعيّ.
تولّى في الأعمال السّلطانية.
وسمع: الحَسَن بْن عليّ الشّاموخيّ بالبصرة، وعبد السّلام بْن سالبة الصُّوفيّ بفارس، سَمِعَ منه تفسير النّقّاش، بروايته عَنْ أَبِي القاسم عليّ بْن محمد الزّيديّ الحرّانيّ، عَنْهُ.
روى عَنْه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وهبة الله بْن محمد بْن مميك الشّيرازيّ.
قَالَ ابن ناصر: حاله أشهر مِن أن يُذْكر، صاحب المظالم، لَا تحلّ الرواية عَنْهُ.
تُوُفّي في ربيع الأول عَنْ بضْعٍ وثمانين سنة [5] .
__________
[1] الغندجاني: بفتح الغين. نسبة إلى غندجان، بلدة من كور الأهواز. (الأنساب، اللباب) ، وفي (معجم البلدان) : «غندجان» بالضم ثم السكون، وكسر الدال، بليدة بأرض فارس، في مفازة قليلة الماء معطشة.
[2] ولازم أبا إسحاق وعلّق عنه كتبه.
[3] سؤالات السلفي.
[4] انظر عن (محمد بن الحسن الأشعري) في: لسان الميزان 5/ 134 رقم 446.
وفي الأصل: «باكيرا» .
[5] وقال ابن النجار: كان سيدا وفيه أدب وفضل، وكان يتشيّع. وكان مولده سنة سبع وسبعين

(35/320)


17- محمد بْن سَعِيد بْن إبراهيم بْن سَعِيد بْن نَبْهَان [1] .
أبو عليّ الكاتب.
مِن أهل الكرْخ.
سَمِعَ: أبا عليّ بْن شاذان، وبشْر بْن الفاتنيّ، وابن دُوما النّعاليّ، وجدّه لأُمّه أبا الحسين الصّابيء [2] .
وطال عُمره، وأَلْحَقَ الصّغار بالكبار.
روى عنه: حفيده محمد بْن أحمد، ومحمد بْن جعفر بْن عقيل، وأبو طاهر بْن سِلفة، ودَهْبَل بْن كَارَة [3] ، وعيسى بن محمد الكَلْوَذَانيّ [4] .
وآخر من روى عنه عبد المنعم بن كليب.
ذكره ابن السّمعانيّ فقال: شيخ عالم فاضل مُسِنّ، مِن ذوي الهيئات.
وهو آخر مِن روى عَنِ ابن شاذان، وُلّي منه إجازة.
وقال ابن ناصر: كَانَ فيه تشيُّع، وكان سماعه صحيحًا. وبقي قبل موته بسنة مُلقَى عَلَى ظهره لَا يَعْقِل، مِن قرأ عَليْهِ في تلك الحال فقد أخطأ وكذب
__________
[ () ] وأربعمائة.
[1] انظر عن (محمد بن سعيد) في: المنتظم 9/ 195 رقم 335 (17/ 158 رقم 3857) ، والكامل في التاريخ 10/ 532 وفيه «محمد بن سعد» ، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 308، والمحمّدون من الشعراء 2/ 485، ودول الإسلام 2/ 38، وسير أعلام النبلاء 19/ 255- 257 رقم 158، والعبر 4/ 25، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وميزان الاعتدال 3/ 566، وعيون التواريخ 12/ 73، ومرآة الجنان 3/ 203، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 325، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 121، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 297، والوافي بالوفيات 3/ 104، والبداية والنهاية 12/ 181، ولسان الميزان 5/ 179، 180، والنجوم الزاهرة 5/ 214، وشذرات الذهب 4/ 31.
[2] قال الصفدي نقلا عن ابن النجار (الوافي 3/ 104) : «ولم يبق على وجه الأرض من يروي عن هؤلاء الأربعة غيره، فألحق الصغار بالكبار، وقصده الطلّاب من الأقطار، وحدّث كثيرا، وكان صحيح السماع» .
[3] كاره: بفتح الراء.
[4] الكلوذاني: بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الواو والذال المعجمة بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كلوذان، وهي قرية من قرى بغداد، على خمسة فراسخ منها، فالنسبة إليها: كلواذاني، وكلوذاني. (الأنساب 10/ 460) .
وقد ورد في (سير أعلام النبلاء 19/ 256) : «كلواذاني» .

(35/321)


عَليْهِ، فإنّه لم يكن يفهم ولا يعقل ما يُقرأ عَليْهِ مِن أوّل سنة إحدى عشرة [1] .
وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مولدي سنة إحدى عشرة وأربعمائة. ثمّ سمعته مرّةً أخرى يَقُولُ: سنة خمس عشرة. فقلت لَهُ ذَلِكَ، فقال: أردت أن يدفع عنيّ العَيْن، وإلّا فمولدي سنة إحدى عشرة [2] .
وقال ابن السّمعانيّ: سَمِعْتُ أبا العلاء بْن عقيل يَقُولُ: كَانَ شيخنا ابن نَبْهان إذا مكث عنده أصحاب الحديث وطوّلوا قَالَ: قوموا، فإنّ عندي مريضًا.
بقي عَلَى هذا سنين، فكانوا يقولون: مريض ابن نبهان لَا يبرأ.
تُوُفّي ابن نَبْهان ليلة الأحد السّابع عشر مِن شوّال، وقد استكمل مائة سنة.
قَالَ ابن النّجّار: وقرأ بخطّ ابن ناصر: كَانَ ابن نبهان قد بلغ ستّا وتسعين سنة، وسمعه جدّه هلال بْن المحسّن مِن ابن شاذان أوّل أمره عَلَى معاملة الظلَمَة، وكان رافضيا، وقد تغيَّر في سنة إحدى عشرة.
قَالَ: والصّحيح أنّ مولده سنة خمس عشرة، وكذلك وجد بخط الحُمَيْديّ.
وذكر ابنه، وجده بخطّ جدّه ابن الصّابيء [3] .
18- محمد بْن عليّ بْن طَالِب [4] .
أبو الفضل البغداديّ الخرقيّ الحنفيّ، ويعرف بابن زبيبا.
__________
[1] في المنتظم: «فمن سمع منه في تسع وعشر فسماعه باطل» .
[2] زاد في المنتظم: «فبلغ مائة سنة» .
[3] وقال ابن الجوزي: أنبأنا شيخنا أبو الفضل بن ناصر، قال: أنشدنا أبو علي بن نبهان لنفسه في قصيدة:
لي أجل قدّره خالقي ... نعم ورزق أتوفّاه
حتى إذا استوفيت منه الّذي ... قدّر لي لم أتعدّاه
قال حرام كنت ألقاه ... في مجلس كنت أغشاه
صار ابن نبهان إلى ربّه ... يرحمنا الله وإيّاه
(المنتظم) والأبيات في: عيون التواريخ 12/ 73، والبداية والنهاية 12/ 181.
[4] انظر عن (محمد بن علي) في: المنتظم 9/ 195، 196 رقم 337 (17/ 159 رقم 3859) وفيه «ابن أبي طالب» ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 137، 138 رقم 62، وشذرات الذهب 4/ 31.

(35/322)


حدَّث عَنْ: أَبِي عليّ بْن المُذْهب، وأبي بَكْر بْن بِشْران، وأبي حفص بْن أَبِي طالب المكّيّ، وأبي محمد الجوهريّ.
وتوفّي في شوّال [1] .
قَالَ ابن ناصر: كَانَ كثير السّماع، ولم يكن في دينه مرضيّا. كان يذهب إلى أنّ النّجوم هِيَ المدبّرة للعالم. لَا تجوز الرواية عَنْهُ [2] .
قلت: وكان بزّازًا، أجاب لابن كُلَيْب.
وروى عَنْهُ: الصّائن ابن عساكر، وأبو المُعَمَّر المبارك بْن أحمد.
19- المبارك بْن طَالِب [3] .
الإمام أبو السُّعُود الحلاويّ الحَنْبليّ صاحب الزّاهد أَبِي منصور الخيّاط.
سَمِعَ: ابن هزارمرد، وأبا عليّ بن البنّاء.
وتلا على ابن البنّاء، وعلي الخيّاط.
سَمِعَ منه: ابن ناصر، وغيره.
وكان أمّارًا بالمعروف، زاهدًا، حَسَن التّلاوة [4] .
مات في ربيع الأوّل.
- حرف النون-
20- نصر بْن أَحْمَد بْن إبراهيم بْن أسد بْن أحمد [5] .
__________
[1] وولد سنة 436 هـ-.
[2] في المنتظم عن ابن ناصر: «لم يكن بحجّة، لأنه كان على غير السمت المستقيم» .
[3] انظر عن (المبارك بن طالب) في: المنتظم 9/ 196 رقم 339 (17/ 159، 160 رقم 3861) ، والبداية والنهاية 12/ 182.
[4] وقال ابن الجوزي: «وكان نقيّ العرض، آمرا بالمعروف، وانتقل من نهر معلّى لكثرة المنكر بها، وأقام بالحربية حتى توفي» .
[5] انظر عن (نصر بن أحمد) في: التحبير في المعجم الكبير 2/ 341، 342 رقم 1053، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) الورقة 273 ب، 274 أ، والجواهر المضيّة 2/ 192، وتذكرة الحفاظ 4/ 1262 (دون ترجمة) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 391 رقم 232، وهدية العارفين 2/ 491، ومعجم المؤلفين 13/ 87، 88 وفيه أرّخ وفاته في سنة 510 هـ-.
وقد أضاف الشيخ شعيب الأرنئوط في تحقيقه لكتاب سير أعلام النبلاء 19/ 391 إلى مصادر

(35/323)


أبو الفتح الحنفيّ الهَرَويّ.
وساق السّمعانيّ نسبه إلى حنيفة بْن لُجَيْم [1] بْن صَعْب بْن عليّ بْن بَكْر بْن وائل. وقال: هُوَ مِن أهل العِلْم والسّداد والصّلاح. أفنى عمره في كتابة العِلْم.
حدَّث بالكثير، وتفرد بالرواية الكثيرة.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وجدّه أبا العبّاس إبراهيم، وجدّه لأمّه منصور بْن إسماعيل الحنفيّ، وأبا عثمان سَعِيد بْن العبّاس الْقُرَشِيّ، وإسحاق بْن أَبِي إِسْحَاق القرّاب، وعبد بْن محمد بْن عيسى، ومحمد بْن الفُضَيْل الفُضَيْلي.
وحدَّثني عَنْهُ جماعة بهَرَاة، ومَرْو، وبوسنج [2] .
وُلِد سنة تسع عشرة وأربعمائة، ومات بهَرَاة في سابع شَعْبان.
قلت: هذا كَانَ مُسْنَد تِلْكَ الدّيار في عصره. وقد مرَّ أيضًا في سنة عشر، ولكن هذا أصحّ.
- حرف الهاء-
21- هبة الله بْن المبارك بْن عَبْد الجبّار بن الطُّيُوريّ [3] .
الأخرس.
سمعّه أبوه من أبي الحسين بن الزّينبيّ.
وتوفّي رحمه الله في شوّال.
22- هبة الله بْن المبارك بْن أحمد [4] .
أبو المعالي ابن الدَّواتيّ [5] الكاتب.
__________
[ () ] صاحب الترجمة كتاب «معجم شيوخ الذهبي» (انظر الحاشية) .
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هذا وهم، فالموجودون في (معجم شيوخ الذهبي) لا علاقة لهم بصاحب الترجمة. انظر المطبوع منه، ص 627.
[1] في الأصل: «نجيم» .
[2] في التحبير 2/ 342 «فوشنج» .
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] انظر عن (هبة الله بن المبارك الدواتي) في: المغني في الضعفاء 2/ 708 رقم 6731، وميزان الاعتدال 4/ 292 رقم 9205، ولسان الميزان 6/ 190 رقم 676.
[5] في لسان الميزان: «الدواني» بالنون.

(35/324)


مِن أهل باب المراتب.
كَانَ ينسخ بالأُجرة.
سَمِعَ: ابن غَيْلان، وأبا الحُسَيْن التَّوَّزيّ [1] ، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، والبرمكيّ.
قَالَ ابن ناصر: لم يكن في دينه بذاك، وكان يُتَّهم بالرَّفْض والاعتزال.
وكان جَمَع نحو مائتي دينار، وهو يُظهِر الفَقْر، فأُخذت منه في الحمام وبقي متحسّرّا عليها. وترك من كان يُحسن إليه مراعاته.
أخبرني جماعة أنّه لم يُرَ في يوم جمعة قطّ في الجامع.
- حرف الياء-
23- يُمْن [2] .
أبو الخير مولى المستظهر باللَّه.
كَانَ مَهِيبًا وقورًا، سَمْحًا، جوادًا، فطِنًا، ذا رأيٍ ومعرفة، وُلّي إمرة الحاجّ، ونُفّذ رسولًا غير مرّة إلى السّلطان.
وسمع: أبا عَبْد الله النّعاليّ.
وحدَّث بإصبهان.
وكان يُلقَّب أمير الجيوش.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
__________
[1] التّوزيّ: بفتح التاء المنقوطة باثنتين من فوقها وتشديد الواو، وفي آخرها الزاي. هذه النسبة إلى بعض بلاد فارس، وقد خفّفها الناس ويقولون: الثياب التّوزيّة، وهو مشدّد، وهو توّج.
(الأنساب 3/ 104) .
[2] انظر عن (يمن) في: المنتظم 9/ 196، والكامل في التاريخ 10/ 545، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 70، وعيون التواريخ 12/ 73، والبداية والنهاية 12/ 182.

(35/325)


سنة اثنتي عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
24- أحمد المستظهر باللَّه [1] .
أمير المؤمنين أبو العبّاس ابن المقتدي باللَّه أمير المؤمنين أبي القاسم عَبْد الله ابن الأمير محمد الذّخيرة ابن القائم بأمر الله أَبِي جعفر عَبْد الله ابن القادر باللَّه أحمد بْن إِسْحَاق بْن المقتدر باللَّه جعفر بْن المعتضد الهاشميّ العبّاسيّ.
بُويع بالخلافة بعد موت المقتدي في ثامن عشر المحرَّم سنة سبْعٍ وثمانين، وعمره ستّة عشر عامًا وشهران، فإنّه وُلِد في شوّال سنة سبعين، وصلّى بالنّاس الظُّهْر، ثمّ صلّى عَلَى والده.
وكان ميمون الطَّلْعة، حميدَ الأيّام. وَزَرَ له أبو منصور بن محمد بن جهير.
__________
[1] انظر عن (المستظهر باللَّه) في: تاريخ الفارقيّ 384، 385، والكامل في التاريخ 10/ 534- 536، وتاريخ مختصر الدول 200، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) 1/ 26- 29، والمنتظم 9/ 197، 198 (17/ 165 رقم 3865) ، وتاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 368 (وتحقيق سويم) 34، والإنباء في تاريخ الخلفاء 208، وذيل تاريخ دمشق 200، والتاريخ الباهر 22، وتاريخ دولة آل سلجوق 113، والفخري 300، 301، وكتاب الروضتين 71، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 73، ووفيات الأعيان 4/ 220، 445 و 5/ 71، 134، 182، 257، 288، 289، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 215، وخلاصة الذهب المسبوك 270، 271، ونهاية الأرب 23/ 260، والمختصر في أخبار البشر 2/ 230، ودول الإسلام 2/ 39، والعبر 4/ 26، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 396- 412 رقم 236، وتاريخ ابن الوردي 2/ 24، 25، والدرّة المضيّة 482، ومرآة الجنان 3/ 203، وعيون التواريخ 12/ 82، والبداية والنهاية 12/ 182، والجوهر الثمين 200، وتاريخ ابن خلدون 3/ 495 و 5/ 45، والكواكب الدرّية 82، والنزهة السنية 111، ومحاضرة الأبرار 1/ 85، 86، وشرح رقم الحلل 108، 119، 120، والنجوم الزاهرة 5/ 215، وتاريخ الخلفاء 430، 431، وشذرات الذهب 4/ 33، وأخبار الدول 2/ 167.

(35/326)


وولي القضاء لَهُ أبو بَكْر بْن المظفَّر الشّاميّ قليلًا، ومات فولي بعده القضاء أبو الحَسَن علي بْن محمد بْن علي الدّامَغَانيّ. ووَزَرَ لَهُ بعدُ عميد الدّولة أَبِي منصور سديد الدّولة أبو المعالي الأصفهانيّ، ثمّ زعيم الرُّؤساء أبو القاسم عليّ بْن عميد الدّولة بْن جَهير، ثمّ مجد الدّين أبو المعالي هبة الله بْن المطَّلب، ثمّ نظام الدّين أبو منصور الحُسَيْن بْن أَبِي شجاع الوزير.
قَالَ ابن الأثير: [1] كَانَ ليّن الجانب، كريم الأخلاق، يسارع في أعمال البَرّ، وكانت أيّامه [أيّام] [2] سرور للرّعيّة، فكأنّها مِن حُسْنها أعياد. وكان حسن الخطَّ، جيّد التّوقيعات، لَا يُقاربه فيها أحد، يدلّ عَلَى فضلٍ غزير، وعِلْمٍ واسع.
ومات بعِلّة التّراقي، وهي دُمَّل تطلع في الحَلْق.
وكان سَمْحًا جوادًا.
قَالَ ابن الجوزي: [3] كَانَ حافظًا للقرآن، مُحبًا للعلماء والصّالحين، منكرًا للظُّلم.
ومن شِعْره:
أذاب حَرُّ [4] الهوى في القلب ما جَمَدا ... لمّا [5] مددت يدي إلى رسْم الوداع يدا
وكيف أسْلُكُ نَهجَ الاصطبار وقد ... أرى طرائقَ مَهْوَى الهَوَى قِدَدا
إنْ كنتُ انقُضُ عهدَ الحبّ [في خَلَدي] [6] ... مِن بعد حبّي، فلا عاتبتكم [7] أبدا [8]
وكانت خلافته خمسًا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وأيّامًا ولم تَصْفُ لَهُ الخلافة، بل كانت أيّامًا مضطّربة، كثيرة الحروب. وغسّله شيخ الحنابلة ابن
__________
[1] في الكامل 10/ 535 بتصرّف.
[2] إضافة من الكامل.
[3] في المنتظم.
[4] في الأصل: «إذا بحر» .
[5] في الأصل: «يوما» .
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من الكامل.
[7] في الكامل: «من بعد هذا، فلا عاينته» .
[8] في الكامل 10/ 536 زيادة بيت قبل الأخير:
قد أخلف الوعد بدر قد شعفت به، ... من بعد ما قد وفى دهري بما وعدا

(35/327)


عقيل، وصلّى عَليْهِ ابنه المسترشد باللَّه الفَضْلُ، وخلّف مِن الأولاد هذا، والمقتفي لأمر الله، ومحمدًا، وعليا، وأبا طَالِب العبّاس، وإبراهيم، وعيسى، وإسماعيل.
وتُوُفّيت بعده بقليل جدّته أرْجُوان الأرمنيّة [1] والدة المقتدي، ولا يُعَلم خليفة عاشت بعده جدّته إلّا هُوَ.
قَالَ السّلَفيّ: قَالَ لي أبو الخطّاب ابن الجرّاح: صلّيت بالمستظهر باللَّه في رمضان فقرأت: إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ 12: 81 [2] رويناها عَنِ الكِسائيّ، فلمّا سلّمتُ قَالَ:
هذه قراءة حَسَنة، فيها تنزيهُ أولاد الأنبياء عَنِ الكذِب.
وللصّارم مُرَجّا البطائحي الشّاعر فيه:
أصبحت بالمستظهر بن المقتدي ... باللَّه بْن القائم بْن القادر
مستعصمًا أرجو نوافل جُودِه ... وبأن يكون عَلَى العشيرة ناصري
فيقرّ مَعَ كَبِري قراري عنده، ... ويفوز مِن مدحي بشِعرٍ سائرِ
فوقّع المستظهر: يُخَيَّر بين الصّلات [3] والانحدار، أو المُقام والإدبار.
فاختار الانحدار.
ولمُرجّا هذا شِعْرٌ كثير، أكثره في الهجو.
تُوُفّي أمير المؤمنين إلى رضوان الله في يوم الأربعاء الثّالث والعشرين مِن شهر ربيع الآخر من هذه السّنة.
25- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن علي [4] .
أبو العبّاس بْن الزّوال الهاشميّ العبّاسيّ المأمونيّ المعدّل.
سَمِعَ: القاضي أبا يَعْلَى، وأبا جعفر ابن المسلمة، وعبد الصَّمد بْن المأمون، وجماعة.
__________
[1] ستأتي ترجمتها بعد قليل برقم (27) .
[2] سورة يوسف، الآية 81، وفيها «سرق» .
[3] في الأصل: «الصلاة» .
[4] انظر عن (أحمد بن محمد الهاشمي) في: المنتظم 9/ 199 رقم 341 (17/ 164 رقم 3863) .

(35/328)


وقد قرأ القرآن عَلَى: محمد بْن عليّ الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء.
تُوُفّي في المحرَّم عَنْ سبعين سنة [1] .
26- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلَام بْن قيداس [2] .
البغداديّ، أبو نصر المقرئ.
سَمِعَ: أبا طَالِب محمد بْن الحُسَيْن بْن بُكَيْر، وأبا طاهر بْن العلّاف، وأبا بَكْر بْن بِشْران.
وعنه: أبو محمد بْن الخشّاب، وأبو العزّ محمد بْن محمد بْن الخُراسانيّ.
وُلِد سنة أربع وثلاثين.
قلت: إنْ صحّ مولده، فروايته عَنْ أبي بَكْر حُضورًا غلط.
قَالَ أبو الحَسَن بْن الزّاغُوانيّ: تُوُفّي ابن قيداس المقرئ بالحريم في جمادى الأولى. وقد قرأ القرآن، وسمع الحديث.
27- أرجوان [3] .
وتُدعى قُرّة العين، الأرمنيّة. والدة الخليفة المقتدي، وجدّه المستظهر.
عاشت في العزّ والجاه حتّى رأت البطْنَ الرّابع مِن أولادها.
وكانت صالحة، كثيرة الصَّدَقة. حجّت مرّات ولها رِباط بمكّة، ورِباط ببغداد، ولها حشمة وهيبة ومعروف وبِرّ، رحمها الله.
عاشت إلى هذا الوقت.
- حرف الباء-
28- بَكْر بْن [4] مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن الفَضْلُ بْن الحَسَن بْن أحمد بْن إبراهيم [5] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «وشهد عند أبي عبد الله الدامغانيّ، وكان يسلك طريقة الزهد والتقشّف» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (أرجوان) في: المنتظم 9/ 200 رقم 344 (17/ 165 رقم 3866) ، وسير أعلام النبلاء 19/ 412 (في آخر ترجمة المستظهر باللَّه) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 74.
[4] كتب بجانبه في هامش الأصل: «شمس الأئمة الأنصاري» .
[5] انظر عن (بكر بن محمد) في: التحبير في المعجم الكبير 1/ 136- 139 رقم 62، والأنساب

(35/329)


العلّامة أبو الفَضْلُ [1] الأنصاريّ الجابريّ، مِن وُلِد جَابِر بْن عَبْد الله الْبُخَارِيّ الزَّرَنْجَريّ [2] . وزَرَنْجَر مِن قرى بُخارى الكبار. ويُعرف بشمس الأئمّة أَبِي الفَضْلُ.
كَانَ فقيه تِلْكَ الدّيار، ومفتي ما وراء النّهر. وكان يضرب بِهِ المثل في حِفْظ مذهب أبي حنيفة [3] .
قَالَ لنا أبو العلاء الفَرَضيّ: كَانَ الإمام عَلَى الإطلاق، والموفود إِليْهِ مِن الآفاق. رافق في أوّل أمره برهان الأئمّة سراج الأمّة الماضي عَبْد العزيز بن عمر ابن مازة تفقهًا معًا على شمس الأئمّة محمد بن أبي سهل السَّرْخسيّ.
وُلِد أَبِي الفَضْلُ في سنة سبع وعشرين وأربعمائة [4] . وسمع الحديث في صغره، وأدرك الكبار.
وتفقَّه أيضا على شمس الأئمّة أبي [2] محمد عَبْد العزيز بْن أحمد الحَلْوائيّ [5] ، وكان أَبُوهُ محمد يروي عَنْ إسماعيل بْن أحمد الفضائليّ، وغيره.
سَمِعَ: أباه، وأبا حفص عُمَر بْن منصور بْن خَنْب [6] ، وأبا مسعود أحمد بْن محمد البَجَليّ، وميمون بْن عليّ الميموني، وأبا سهل أحمد بن عليّ
__________
[6] / 288، والمنتظم 9/ 200، 201 رقم 345 (17/ 165، 166 رقم 3867) ، ومعجم البلدان 3/ 138، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) ، والكامل في التاريخ 10/ 545، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 74، ودول الإسلام 2/ 39، والعبر 4/ 26، 27، وسير أعلام النبلاء 19/ 415- 417 رقم 240، وعيون التواريخ (مخطوط) 13/ ورقة 350، ومرآة الجنان 3/ 203، والبداية والنهاية 12/ 183، والجواهر المضيّة 1/ 465- 467، ولسان الميزان 2/ 58، 59، والنجوم الزاهرة 5/ 316، 317، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 284، والطبقات السنية، رقم 573، وكشف الظنون 1/ 164، وشذرات الذهب 4/ 33- 35، والفوائد البهية 56، ومعجم المؤلفين 3/ 74.
[1] في الجواهر المضيّة: «أبو الفضائل» .
[2] الزّرنجريّ: بفتح الزاي والراء، وسكون النون والجيم المفتوحة، وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى زرنجرى، ويقال لها: زرنكرى. (الأنساب 6/ 270) .
[3] التحبير 1/ 137.
[4] التحبير 1/ 139.
[5] الحلوائي: بفتح الحاء وسكون اللام. نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها.
[6] خنب: بالخاء المعجمة المفتوحة، وسكون النون، والباء.

(35/330)


الأبِيَوَرْدِيّ، وإبراهيم بْن عليّ الطَّبَريّ، ويوسف بْن منصور السّيّاريّ الحافظ، وأبا بَكْر محمد بْن سليمان الكاخُسْتُوائيّ [1] .
وسمع «صحيح الْبُخَارِيّ» مِن أبي سهل المذكور. أنبا أبو عليّ بْن حاجب الكُشَانيّ [2] .
وقال أبو سَعْد السّمعانيّ: وورد بغداد حاجّا قبل الخمسمائة، وتفرَّد بالرّواية عَنْ جماعة. وكتب لي بالإجازة بمسموعاته. وكان يسمّى أبا حنيفة الأصغر. سألوه عن مسألة فقال: كرّرت عليها أربعمائة مرّة. وكانت لَهُ معرفة بالأنساب والتّواريخ [3] . وثنا عَنْهُ جماعة منهم: عُمَر بْن محمد بْن ظاهر الفَرَغَانيّ، وأبو جعفر أحمد بْن محمد الحلميّ البلْخيّ، ومحمد بْن يعقوب نزيل سَرْخَس، وعبد الحليم بْن محمد الْبُخَارِيّ.
تفقَّه عَلَى شمس الأئمّة: ابنه عمر، وتوفّي ابنه عمر سنة 584، وشيخ
__________
[1] هكذا في الأصل بالسين المهملة. وفي الأنساب، واللباب، ومعجم البلدان: «الكاخشتواني» بالشين المعجمة.
قال ابن السمعاني: بضم الكاف وضم الخاء، وسكون الشيم المعجمتين وضم التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كاخشتوان، وهي قرية ببخارى. وبها رباط يقال له: رباط كاخشتوان. (الأنساب 10/ 311، 312) .
[2] الكشاني: بضم الكاف والشين المعجمة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد السّغد بنواحي سمرقند، على اثني عشر فرسخا منها. (الأنساب 10/ 431) .
وضبطها ياقوت بفتح الكاف ثم التخفيف وبعد الألف نون وياء خفيفة- (معجم البلدان 4/ 276) .
[3] وقال في التحبير) «وكان يحفظ الرواية بحيث إذا طلب منه المتفقّه الدرس يلقي عليه من أيّ موضع أراده، من غير مطالعة ومراجعة في الكتاب. اشتغل بسماع الحديث في صغيره، وسمع الحديث الكثير، وتفرّد بالرواية في وقته عن جماعة لم يحدّث عنهم سواه، وأملى الكثير، وكتبوا عنه ... كتب إليّ الإجازة في سنة ثمان وخمسمائة، حصّلها لي أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الحافظ. روى لي عنه جماعة كبيرة بخراسان وما وراء النهر.
وكانت عنده كتب حالية، ما وقعت إلينا إلا من روايته» .
وقال ابن الجوزي: «وتفرّد بالرواية عن جماعة، منهم لم يحدّث عنهم، وبرع في الفقه، فكان يضرب به المثل. وحفظ مذهب أبي حنيفة، ويقولون: هو أبو حنيفة الصغير، ومتى طلب المتفقّه منه الدرس ألقى عليه من أيّ موضع أراد من غير مطالعة ولا مراجعة لكتاب. وكان الفقهاء إذا أشكل عليهم شيء رجعوا إليه وحكموا بقوله ونقله. وسئل يوما عن مسألة فقال:
كرّرت هذه المسألة ليلة في برج من حصن بخارى أربعمائة مرة» . (المنتظم) .

(35/331)


الإِسْلَام برهان الدّين عَلِيّ بْن أَبِي بَكْر الفرغانيّ، وجماعة.
وتوفّي في تاسع عشر شَعْبان.
29- الحَسَن بْن عُمَر بْن الحَسَن بْن عُمَر [1] .
أبو القاسم الهَوْزنيّ الإشبيليّ.
روى عَنْ: أبيه، وأبي محمد بْن الباجيّ، وأبي عبد الله بن منصور [2] وحجّ، وسمع بالمَهْديّة مِن: عَبْد الله بْن منصور الحضْرميّ.
وبمصر مِن: محمد بْن بركات.
وأجاز له أبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بْن وليد.
وكان فقيهًا مشاورًا، فاضلا، رحل النّاس إليه.
وتوفّي في ذي القعدة.
وكان مولده في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
30- الحُسَيْن بن محمد بْن عليّ بْن الحَسَن [3] .
نور الهدى أبو طَالِب الهاشميّ العبّاسيّ الزَّيْنَبيّ، الفقيه الحنفيّ، رئيس الطّائفة الحنفيّة.
كَانَ إمامًا معظّمًا كبير الشّان، مكرّمًا للغرباء، بارِعًا في المذهب. ولد سنة عشرين وأربعمائة.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا القاسم الأزهريّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ، والحسن بْن المقتدر.
وسمع بمكّة «الصّحيح» مِن كريمة. وتفرّد بِهِ عنها ببغداد.
__________
[1] انظر عن (الحسن بن عمر) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 139 رقم 318.
[2] في الصلة: «بن منظور» .
[3] انظر عن (الحسين بن محمد الزينبي) في: الأنساب 6/ 346، والمنتظم 9/ 201 رقم 346 (17/ 166، 167 رقم 3868) ، والكامل في التاريخ 10/ 545، 546، والتقييد لابن نقطة 250، 251 رقم 304، والإعلام بوفيات الأعلام 210، والعبر 4/ 27، وتذكرة الحفاظ 4/ 1249، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1630، وعيون التواريخ 12/ 87، 88، والبداية والنهاية 12/ 183 وفيه: «الحسين بن محمد بن عبد الوهاب» ، والوافي بالوفيات 13/ 41، والجواهر المضيّة 2/ 133، 134، والعقد الثمين 4/ 206، 207، والنجوم الزاهرة 5/ 217، والطبقات السنية، رقم 785، وشذرات الذهب 4/ 34.

(35/332)


وسمعه منه الناس.
روى عنه: عَبْد الغافر الكاشْغَريّ [1] ، ومات قبله بأربعين سنة أو أكثر، وابن أخيه عليّ بْن طِراد الوزير، والصّائن هبة الله بْن عساكر.
وسمع منه «الصّحيح» عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
وقد قرأ القرآن عَلَى الزّاهد أَبِي الحَسَن القَزْوينيّ.
وتفقه على قاضي القضاة أبي عبد الله الدّامَغَانيّ.
وقد مدحه الغزّي الشّاعر بقصيدة حَسَنة [2] .
تُوُفّي في صَفَر، وله اثنتان وتسعون سنة، فهو وأخوه أبو نصر محمد، وطِراد ماتوا في عَشْر المائة. وتفرّدوا في وقتهم.
ولم يزل نور الهدى مدرّس مدرسة شرف المُلْك، وترسَّل إلى ملوك الأطراف. وولي نقابة العبّاسييّن والطّالبيّين. ثمّ استعفى بعد أشهر، [3] فأُعفي، وأُحضر أخوه، طِراد مِن الكوفة، كَانَ نقيبها، فوُلّي نقابة العبّاسييّن [4] .
31- حَمْدُ بْن نصر بْن أحمد [5] .
__________
[1] الكاشغري: بفتح الكاف، وسكون الشين، وفتح الغين. نسبة إلى كاشغر بلدة من بلاد المشرق، وهي من ثغور المسلمين. (الأنساب 10/ 325) وفيه «عبد الغافر» هذا.
[2] أولها:
جفون يصحّ السقم فيها فيسقم ... ولحظ يناجيه الضمير فيفهم
معاني جمال في عبارات خلقه ... لها ترجمان صامت يتكلّم
محا الله نونات الحواجب لم تزل ... قسيّا لها دعج النواظر أسهم
وأطفأ نيران الخدود، فقل لمن ... رأى قبلها نارا يقبّلها فم
ومنها في المديح:
بنور الهدى قد صحّ معنى خطابه ... وكل بعيد من سنا النور مظلم
رحيق المعاني جلّ إنجاز لفظه ... عن الوصف حتى عنه سحبان يقحم
يجود ويخشى أن يلام كأنه ... إذا جاد من خوف الملامة مجرم
وما حرم الدنيا، ولكن قدره ... من الملك في الدنيا أجلّ وأعظم
(عيون التواريخ 12/ 87، 88) .
[3] قيل: حمل إليه هاشميّ قد جني جناية تقتضي معاقبته، فقال: ما يحتمل قلبي أن أسمع المعاقبين وما أراهم، فاستعفى، فأعفي. (المنتظم) .
[4] وقال ابن عقيل: كان نور الهدى يقول: بلغ أبي العلم إلى ما لا أبلغه من العلم. (المنتظم) .
[5] انظر عن (حمد بن نصر) في: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 141، 142 رقم 65، والتحبير 1/ 248، 249 رقم 162، وتذكرة الحفاظ 4/ 1248، 1249، وسير أعلام النبلاء

(35/333)


الحافظ أبو العلاء الهَمَذَانيّ الأعمش الأديب.
أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ [1] ، وقال: كَانَ عارفًا بالحديث حافظًا ثقة، مكثرًا. سَمِعَ الكثير بنفسه وأملى وحدَّث.
سَمِعَ: أبا مُسْلِم بْن غزو [2] النّهاوندي، وأبا الحَسَن عُبَيْد الله بْن مَنْدَهْ، وهارون بْن ماهلة [3] الهَمَذَانيّ، وطبقتهم.
ومولده بهَمَذَان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
ومات في عاشر شوّال.
أَنْبَأَ أحمد بْن عَبْد الكريم، أنبا نصر بْن جَرْو، أنبا أبو طاهر السّلَفيّ:
سَمِعْتُ حَمْدُ بْن نصر الحافظ بهَمَذَان: سَمِعْتُ عليّ بْن حُمَيْد الحافظ: سَمِعْتُ طاهر بْن عَبْد الله الحافظ يَقُولُ: سَمِعْتُ حمْد بْن عُمَر الزَّجّاج الحافظ يَقُولُ: لمّا أملى صالح بْن أحمد التّميميّ الحافظ بهمذان كانت له رحى، فباعها بسبعمائة دينار، ونثرها عَلَى محابر أصحاب الحديث.
رواها أبو سَعْد السّمعانيّ، عَنْ شيخ له، عَنِ السّلَفيّ، فكأني لقِيتُه وسمعتها منه، مَعَ أنّ حَمْدُ بْن نصر، رحمه الله، قد أجاز لأبي سَعْد.
- حرف الراء-
32- رابعة بِنْت الإمام أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري [4] .
أمّ الفضل والدة الحافظ ابن نصر.
__________
[19] / 276، 277 رقم 175، ومختصر طبقات علماء الحديث، ورقة 223، والمنهج الأحمد 2/ 213، وطبقات الحفاظ 454، وشذرات الذهب 4/ 31، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 81 رقم 1021.
[1] في سنة 509 هـ-.
[2] في الأصل: «عزو» .
[3] في الأصل: «ماطلة» .
[4] انظر عن (رابعة) في: المنتظم 9/ 201 رقم 347 (17/ 167 رقم 3869) ، ومعجم السفر للسلفي 1/ 265، 266 رقم 145، واللباب 1/ 419، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 75.
و «الخبري» : بفتح الخاء المعجمة، وسكون الباء الموحّدة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى خبر، وهي قرية من قرى شيراز من بلاد فارس. (اللباب 1/ 419) .

(35/334)


امرَأَة صالحة، سَمِعْتُ: أباها، وأبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة.
روى عنهَا: ابنها، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ [1] .
وتُوُفّيت في ذي القِعْدة.
- حرف الطاء-
33- طلحة بْن أحمد بْن طلحة بْن أحمد بْن الحَسَن بْن سليمان بْن الحارث [2] .
أبو البركات الكِنْديّ العاقُوليّ، وُلِد بدَيْر العاقُوليّ [3] ، وهي عَلَى خمسة عشر فرسخ مِن بغداد.
ودخل بغداد سنة ثمانٍ وأربعين، واشتغل بالعلم.
وقرأ عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى كتاب «الخصال» ، وسمع منه، ومن: أَبِي محمد الجوهريّ [4] ، وأبي الحَسَن بْن حَسْنُون النَّرْسيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: هبة الله الصائن، ومحمد بْن أَبِي القاسم بْن حمزة الشّاوي، وابن ناصر، وغيرهم. وكان من الأئمّة الصّالحين [5] .
__________
[1] سمعها السلفي بقراءته عليها ببغداد. (معجم السفر) وهو قال: وأبوها أبو حكيم الخبري كان فرضيّا مشهورا بالتقدّم في علم الفرائض.
وابنها أبو الفضل محمد بْن ناصر بْن مُحَمَّد بْن علي كان من أهل العلم والأدب. سمع منا كثيرا من الحديث على شيوخ الجانبين، ورفيقه في السماع والقراءة أبو منصور بن الجواليقيّ، وأبو منصور في الآداب أميز منه- رحمهما الله-. وكان شافعيّ المذهب، أشْعَرِيّ المعتَقَد. ثمّ انتقل إلى مذهب أحمد في الأصول والفروع، ومات على ذلك.
[2] انظر عن (طلحة بن أحمد) في: المنتظم 9/ 202 رقم 348 (17/ 167، 168 رقم 3870) ، وطبقات الحنابلة 2/ 259، 260 رقم 706، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 138- 141 رقم 63، وشذرات الذهب 4/ 34.
[3] الدير عاقولي: بفتح الدال المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وبعدها الراء ثم العين المهملة وفيها قاف بعد الألف. ويقال: دير العاقول والنسبة إليها دير عاقولي أيضا.
(الأنساب 5/ 395) .
[4] سمع منه في سنة 453 هـ-.
[5] وقال ابن الجوزي: «وقرأ الفقه على يعقوب البرزباني، وكان عارفا بالمذهب، حسن المناظرة، وكانت له حلقة بجامع القصر للمناظرة» .

(35/335)


تُوُفّي في شَعْبان ببغداد، وله ثمانون سنة.
- حرف العين-
34- عَبْد الرَّحْمَن بْن يحيى بْن إسماعيل [1] .
أبو الفضائل الأُمَويّ العثمانيّ، الدّيباجيّ، والد العثمانيّين.
قال ابن المفضّل: روى عَنْ جدّه لأُمّه أَبِي حفص البُوصِيريّ.
روى عَنْهُ: ولده أبو محمد العثمانيّ.
ثمّ قَالَ ابن المفضل الحافظ: وقد تكلّم في سماعه.
مات في المحرَّم.
35- عَبْد الكريم بْن أحمد بْن قاسم بْن أبي عَجينة [2] .
الشَّيْخ أبو محمد القباريّ [3] ، المعروف بالخُلْقانيّ [4] الإسكندرانيّ، المؤذّن المُعَمَّر.
مِن شيوخ السّلَفيّ.
قَالَ فيه: كَانَ يقال إنّه ابن مائة وعشرين سنة.
أنبا عَنْ أحمد بْن إبراهيم الرّازيّ، وغيره.
وسمعت أبا عَبْد الله بْن الحطاب الرّازيّ، وجماعة يقولون: ما عندنا أكبر منه سنًا.
قَالَ أبو عَبْد الله: وقد بلغ مائة وعشرين سنة أو دُونها بقليل، وبَلَغني أنّه بقي ثلاثًا وستّين سنة لَا يأكل لحمًا إلّا لحم الصَّيد الَّذِي يصيده بنفسه، ومنه قُوتُه. ولم يأكل اللَّبَن ولا الْجُبْن هذه المدّة تورُّعًا. وكان يأكل مِن القبار المُباح، ويعبّر المنامات ويُصيب، وهو أُميّ لَا يكتب. رَأَيْته وهو حاضر الذّهن يبصر
__________
[1] تقدّم في وفيات السنة السابقة 511 هـ-. برقم (12) واسمه هناك: «عبد الرحيم بن يحيى» .
انظر عنه في: المقفّى الكبير للمقريزي 4/ 81 رقم 1451.
[2] انظر عن (عبد الكريم بن أحمد) في: معجم السفر للسلفي (مصوّر) بدار الكتب المصرية، ق 2.
[3] لم يذكر ابن السمعاني هذه النسبة.
[4] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها. (الأنساب 5/ 163) .

(35/336)


ويسمع، ويعبّر المنامات، ولا يتتعتع في حرف. وقد سَمِعَ عَلَى أَبِي العبّاس الرّازيّ كثيرًا.
وتوفّي في رجب، رحمه الله تعالى.
قَالَ السّلَفيّ: وقد كنت أداعبه وأقول: أنت مكبَّر، مخبّر، معبّر. فيبتسم.
وقد ذكر لي أنّه رَأَى أبا عِمران الفاسيّ لمّا قِدم الإسكندريّة حاجًا. قَالَ:
وكان مخبّر. وكان مالكيا. كَانَ مَعَ كَبِر سِنّه يقصدني إلى أن مات محمولًا كأنّه قُفّه.
36- عَبْد الكريم بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن فُورَجَة [1] .
أبو الخير الأصبهانيّ.
ولد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
وروى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن بْن فاذشاه، وأبي طاهر بْن عَبْد الرحيم.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وغيره.
وآخر مِن روى عَنْهُ حضورًا أبو جعفر الصَّيْدلانيّ.
تُوُفّي في ثامن عشر شوّال.
وممّا يروي «الزُّهْد» [2] لأسد [3] ، سمعه مِن ابن فاذشاه، وكتاب «ثواب الأعمال» لأبي الشَّيْخ، رواه عَنِ الفَضْلُ بْن محمد بْن سَعِيد، عَنْهُ [4] .
37- عُبَيْد بْن محمد بْن عُبَيْد [5] .
أبو العلاء القُشَيْريّ النَّيْسابوريّ التّاجر، مِن بيت عدالة ورواية.
__________
[1] انظر عن (عبد الكريم بن علي) في: التحبير 1/ 479 رقم 449، ومعجم شيوخ ابن السمعاني (مخطوط) ورقة 158 ب.
وفورجة: بضم الفاء، وفتح الراء والجيم. (المشتبه في الرجال 2/ 511) .
[2] في الأصل: «الزاهد» ، والتصحيح من التحبير.
[3] هو أسد بن موسى.
[4] وقال ابن السمعاني: شيخ سديد صالح ... وكانت ولادته في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
(التحبير) .
[5] انظر عن (عبيد بن محمد) في: التحبير 1/ 458، 459، والعبر 4/ 28، وسير أعلام النبلاء 19/ 293، 295 رقم 185، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 177- 179 رقم 401، وشذرات الذهب 4/ 35.

(35/337)


سمع: عبد الرحمن بن حمدان النّصروييّ [1] ، وعبد القاهر بْن طاهر البغداديّ، وأبا حسّان محمد بْن أحمد المُزَكّيّ، وأبا حفص بْن مسرور.
وسافر في شبيبة إلى المغرب تاجرًا، وأقام هناك مُدَّة، وحصَّل أموالًا، ثمّ عاد إلى نَيْسابور ولزم داره.
وكان قليل المخالطة.
وحدَّث ببغداد مَعَ أخيه لمّا قِدم للحجّ، وقد مرَّ أخوه الفَضْلُ مِن سنوات.
روى عَنْهُمَا: أبو الفتح محمد بْن عَبْد السّلام. سَمِعَ منهما في سنة سبْعٍ وثمانين [2] .
وسأله اليُونارتيّ [3] عَنْ مولده فقال: في سنة سبع عشرة وأربعمائة. وذكر أنّه غاب عن نَيْسابور نيّفًا وعشرين سنة [4] .
ووصفه عَبْد الغافر في «تاريخه» [5] : بالصّدق والعدالة والعبادة، وصحّة السّماع، والإنفاق عَلَى الفقراء. وتصدّق في آخر عمره بصدقات كثيرة. وثقُل سمعه. وتُوُفّي في شَعْبان [6] .
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: [7] كان والدي أحضرني للسّماع عليه في سنة تسع وخمسمائة.
__________
[1] في ذيل تاريخ بغداد 2/ 178 «النضروي» بالضاد المعجمة، وهو تحريف، والمثبت عن (الأنساب 12/ 91) وفيه: «النصرويي: بفتح النون وسكون الصاد المهملة والراء المضمومة وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى نصرويه وهو في أجداد المنتسب، والمظهور بهذا الانتساب: أبو سعد عبد الرحمن بن حمدان.
[2] ذيل تاريخ بغداد 2/ 178.
[3] اليونارتيّ: بضم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفتح النون وسكون الراء، وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها، هذه النسبة إلى يونارت، وهي قرية على باب أصبهان.
(الأنساب 12/ 433، 434) وهو الحافظ أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن علي بن حيّويه المقرئ. توفي في حدود سنة 530 هـ-.
[4] ذيل تاريخ بغداد 2/ 179.
[5] ذيل تاريخ نيسابور.
[6] ذيل تاريخ بغداد 2/ 179.
[7] انظر التحبير 1/ 458، 459.

(35/338)


وتوفّي في ثامن عشر شَعْبان سنة 512، رحمه الله. قاله ابن النّجّار.
38- عيسى بْن شُعيب بْن إبراهيم [1] .
الزّاهد المُعَمَّر أبو عَبْد الله السّجْزيّ الصُّوفيّ. نزيل هَرَاة.
ولد بسِجِسْتان بعد سنة عشر وأربعمائة.
وسمع مِن عليّ بْن بزّيّ الحافظ، وبهَرَاة مِن عَبْد الوهّاب بْن محمد الخطّابيّ، وبغزْنَة الخليل بْن أبي يَعْلَى.
وحَمَلَ ولده أبا الوقت عَلَى كتفه مِن هَرَاة إلى بوسَنْج [2] ، فأسمعه «الصّحيح» .
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: شيخ صالح، مُسِنّ، حريص عَلَى السّماع. أجاز لي مرويّاته [3] .
مولده في سنة عشرين [4] وأربعمائة، وتوفّي بمالين هَرَاة في ثاني عشر شوّال، وله مائة وسنتان.
- حرف الميم-
39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن [5] .
أبو عَبْد الله الأنصاريّ الطُّلَيْطُليّ، المقرئ. ويُعرف بابن فرقاش [6] . نزيل فارس.
له مصنّف في القراءات [7] .
__________
[1] انظر عن (عيسى بن شعيب) في: التحبير 1/ 611- 613 رقم 602، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني (مخطوط) ورقة 187 ب، وعيون التواريخ 12/ 88، وسير أعلام النبلاء 19/ 389، 390 رقم 231 وسيعاد برقم (195) .
[2] في التحبير: «فوشنج» .
[3] في سنة 507 هـ.
[4] في التحبير 1/ 613: «سنة عشر» .
[5] انظر عن (محمد بن أحمد الطليطلي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 148، 149، ومعجم المؤلّفين 8/ 274.
[6] في التكملة، ومعجم المؤلّفين: «فرقاشش» .
[7] وهو مؤلّف صغير في اختلاف القراء السبعة.

(35/339)


أخذ عَنْ: المَغَاميّ، وأبي الحَسَن الألْبِيريّ.
قرأ عَليْهِ في هذا العام بغَرْنَاطة: أبو إِسْحَاق الغَرْنَاطيّ.
40- محمد بْن أحمد بْن عَوْن [1] .
أبو عَبْد الله المَعَافِريّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب.
وكان فقيهًا، إمامًا، ورِعًا، مُتَصَاونًا، كثير الكُتُب.
ومات في ذي القِعْدة [2] ، فصلّى عَليْهِ ابنه أبو بَكْر.
41- محمد بْن الحُسَيْن بْن محمد [3] .
فخر القُضاة أبو بَكْر الأرسابَنديّ [4] المَرْوَزِيّ. وأرسابَند مِن قرى مَرْو.
تفقَّه عَلَى الأستاذ أَبِي منصور السّمعانيّ.
ورحل إلى بُخارى، فتفقَّه عَلَى القاضي الزَّوْزنيّ صاحب أَبِي زيد.
وبرع حتّى صار يُضْرب بِهِ المثل في علم النَّظر [5] .
وحجّ، وسمع مِن رزق الله التّميميّ.
روى عَنْهُ: صاحباه أبو الفَضْلُ عَبْد الرَّحْمَن بْن أميرُوَيْه الكرْماني، وقاضي مَرْو محمد بن عبد الله الصّائنيّ، وغيرهما من كبار الحنفيّة.
وتوفّي ربيع الأوّل [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن عون) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 571، 572 رقم 1260.
[2] وكان مولده سنة أربعين وأربعمائة.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الأنساب 1/ 184، والمنتظم 9/ 202 رقم 349 (17/ 168 رقم 3871) ، ومعجم البلدان 1/ 151.
[4] الأرسابندي: أرسابند: بالفتح ثم السكون، وسين مهملة وألف وباء موحّدة مفتوحة، ونون ساكنة، ودال مهملة. من قرى مرو، على فرسخين منها. (الأنساب 1/ 184) .
[5] قال ابن السمعاني: وهو إمام فاضل مناظر، انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة، رحمه الله، بمرو، وكان كريما سخيا، حسن الأخلاق، متواضعا. أملى وحدّث.
وقال ابن الجوزي: «نظر في الأدب، وبرع في النظر، وولي القضاء، وكان حسن الأخلاق، متواضعا جوادا، وورد بغداد فسمع بها محمد التميمي وغيره إلّا أنّه يروي عنه التحريف في الرواية، فإنه كان يقول: عندنا أنه من صنّف شيئا فقد أجاز لكل من يروي عنه ذلك» .
وقال ياقوت: وكان من أجلّاء الرجال ملكا في صورة عالم.
[6] وكتب على قبره:

(35/340)


42- محمد بْن عتيق بْن أَبِي بَكْر محمد بْن أَبِي نصر [1] .
أبو عَبْد الله التّميميّ القَيْرواني الأشعريّ المتكلّم، ويُعرف بابن أَبِي كُدَيَّة [2] .
درس الأصول بالقيروان عَلَى أَبِي عَبْد الله الحُسَيْن بْن حاتم الأزْديّ صاحب ابن الباقِلّانيّ.
وسمع بمصر مِن أَبِي عبد الله القُضاعيّ.
وقدم الشّام، فأخذ عَنْهُ أبو الفتح نصر الله بْن محمد المصّيصيّ [3] . ودخل العراق، وأقرأ علم الكلام بالمدرسة النّظاميّة [4] . وكان صلْبًا في الاعتقاد.
تُوُفّي ببغداد في ذي الحجّة. وقد سَمِعَ بالأندلس مِن ابن عبد البَرّ. وقرأ بالروايات بمصر عَلَى أَبِي العبّاس بْن نفيس.
وسمع ببغداد مِن عَبْد الباقي العطّار، وصاحب المخلّص. وأقام بالشّام مدّة، ثمّ قِدم بغداد ثانيا، وأقرأ بها القرآن أيضًا.
قرأ عَليْهِ: أبو الكرم الشّهْرَزُورِيّ.
وحدَّث عَنْهُ: عَبْد الحق اليُوسُفيّ بكتاب «الشّهاب» ، فقال فيه ابن عقيل:
ذاكَرْتُهُ، فرأيته مملوءًا عِلمًا وحِفظًا.
وقال السّلَفيّ في «مُعْجَمه» : كَانَ مشارًا إليه في علم الكلام، وقال لي:
أَنَا أدرّس علم الكلام من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. وكان مقدّما على
__________
[ () ]
من كان معتبرا ففينا معتبر ... أو شامتا فالشامتون على الأثر
[1] انظر عن (محمد بن عتيق) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ج 38/ 431، 432، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 45، 46 رقم 74، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 75، 76، وعيون التواريخ 12/ 85، 86، وتذكرة الحفاظ 4/ 1250، ومعرفة القراء الكبار 1/ 467، 468 رقم 411، وسير أعلام النبلاء 19/ 417، 418 رقم 241، وعيون التواريخ 12/ 85، 86، وفوات الوفيات 2/ 473، والوافي بالوفيات 4/ 79، والعسجد المسبوك، ورقة 47، وغاية النهاية 2/ 195، 196، والنجوم الزاهرة 5/ 217، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 4/ 79، 80 رقم 1071.
[2] كديّة: بالكاف المضمومة، ودال مهملة مفتوحة، وتشديد الياء المنقوطة باثنتين وهاء.
[3] وذلك في مدينة صور.
[4] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 75.

(35/341)


نُظَرائه، مبجلًا عند مِن ينتحل مذهبه، مجانبًا عند مخالفيه. جَرَت بينه وبين الحنابلة فتن، وأُوذي غاية الإيذاء.
وأتي مِن شِعْر صديقه الحَسَن بْن رشيق. وقال لي إنّه قرأ أيضًا الكلام ببلده عَلَى أبي طاهر عليّ بْن محمد بْن عُرْس المَوْصِليّ صاحب ابن الباقِلّانيّ.
وأنّه سَمِعَ مِن أَبِي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد الخِرَقيّ.
قلت: عاش تسعين سنة أو جاوزها. وسأله السّلَفيّ عَنْ مسألة الاستواء، فذكر أنّ أحد الوجهين لأبي الحَسَن الأَشْعريّ أن يُحمل عَلَى ما ورد ولا يفسّر [1] .
__________
[1] زاد المؤلّف الذهبي رحمه الله في ترجمته في (سير أعلام النبلاء 19/ 418) ما يلي:
«وقال أحمد بن شافع: قال ابن ناصر وجماعة: كان أصحاب القيرواني يشهدون عليه أنه لا يصلّي ولا يغتسل من جنابة في أكثر أحواله، ويرمى بالفسق مع المرد، واشتهر بذلك، وادّعى قراءة القرآن على ابن نفيس.
قلت: هذا كلام «بهوى» .
وذكر ابن عساكر أن ابن عتيق القيرواني سمع يوما قائلا ينشد لأبي العلاء المعرّي:
ضحكنا وكان الضّحك منّا سفاهة ... وحقّ لسكان البسيطة أن يبكوا
تحطّمنا الأيام حتى كأنّنا ... زجاج ولكن لا يعاد لنا سبك
فقال ابن عتيق مجيبا:
كذبت وبيت الله حلفة صادق ... سيسبكنا بعد النّوى من له الملك
وترجع أجسامنا صحاحا سليمة ... تعارف في الفردوس ما عندنا شكّ
ووقع في (مختصر تاريخ دمشق لابن منظور) أن الّذي ردّ على أبي العلاء هو: «أبو عبد الله محمد الطائي البجّائي المتكلّم» . (23/ 45) وقد أكّد الصفدي، وابن شاكر الكتبي، وسبط ابن الجوزي أن الّذي ردّ هو القيرواني صاحب الترجمة.
وبيتا أبي العلاء في (شرح المختار من لزوميّات أبي العلاء للبطليوسي 1/ 182) .
وقد وقع في (مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 45) أن ابن عتيق القيرواني قتل سنة ثمانين وأربعمائة!! ولم يتنبّه السيد «إبراهيم صالح» محقّق الكتاب إلى هذا الخطأ الواضح، وأقول أنا خادم العلم «عمر تدمري» : إن هذا الخبر مقحم على الأصل بدليل أن تاريخ الوفاة مذكور في آخر الترجمة (23/ 46) «توفي سنة اثنتي عشرة وخمسمائة خارج الكرخ، بالجانب الغربي» .
ووقع في (عيون التواريخ 12/ 86) العبارة الآتية:
«وقال سبط الجوزي في كتاب المرآة كان يحفظ كتاب سيبويه» .
وأقول: ليس في ترجمة القيرواني عند سبط الجوزي هذه العبارة.
وقال سبط الجوزي: إن القيرواني دفن عند قبر الأشعري، وكان يزعم أنه على مذهبه، وقد قال:
كلام إلهي ثابت لا يفارقه ... وما دون ربّ العرش فاللَّه خالقه

(35/342)


43- محمد بْن عيسى بْن محمد بْن بقاء [1] .
أبو عَبْد الله الأنصاريّ الأندلسيّ.
أحد القرّاء المجوّدين.
قرأ عَلَى أبي داود صاحب أَبِي عَمْرو الدّانيّ.
وأقرأ بدمشق.
قرأ عَليْهِ جماعة مِن الدّمشقيّين.
وكان فاضلًا، تاركًا للتكلُّف حَفَظَه للحكايات. يسكن في دار الحجارة [2] .
تُوُفّي في ذي القِعْدة وله ثمانية وخمسون سنة [3] .
44- محمد بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن حكيم [4] .
أبو عَبْد الله الباهليّ القرقويّ، الأندلسيّ، المُرّيّ.
سَمِعَ: أبا خَالِد يزيد مولى المعتصم، وأبا عَلَيّ الغسّانيّ.
وحدَّث «بتقييد المُهْمَل» لأبي عليّ بالإسكندريّة، فأخذه عَنْهُ: السّلَفيّ، وأبو محمد العثماني، وأخوه أبو الفَضْلُ العثمانيّ.
وروى عَنْهُ بالإجازة: بركات الخُشُوعيّ.
ووصفه السّلَفيّ بالحِفْظ، وقال: ثنا مِن حفظه، عن أبي بكر حازم بْن محمد الطُّلَيْطُليّ. وكان مِن أهل المعرفة بقوانين الحديث. أخذ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عليّ الجيّانيّ، وغيره. وقد كتب عنّي.
__________
[ () ]
ومن لم يقل هذا فقد صار ملحدا ... وصار إلى قول النصارى موافقة
قالوا: وليس هذا مذهب الأشعري، وإنما قوله أول البيت (كلام إلهي ثابت لا يفارقه) مذهب الأشعري، وقوله (ما دون ربّ العرش فاللَّه خالقه) مذهب المعتزلة. (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 76) .
[1] انظر عن (محمد بن عيسى) في: معجم البلدان 1/ 488، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 157 رقم 185، والمقفّى الكبير للمقريزي 6/ 470، 471 رقم 2982، ونفح الطيب 2/ 153 رقم 103.
[2] وقال ابن عساكر: خرج الناس إلى المصلّى للاستسقاء، فأنشد قصيدة على المنبر أوّلها:
أستغفر الله من ذنبي وإن كبّرا ... وأستقلّ له شكري وإن كثرا
[3] وكان مولده في شعبان سنة 454 هـ-. (مختصر تاريخ دمشق) .
[4] انظر عن (محمد بن محمد الباهلي) في: معجم السفر للسلفي (مصوّر بدار الكتب المصرية، ق 2) .

(35/343)


قَالَ ابن الأبّار: تُوُفّي في رجب سنة اثنتي عشرة.
قَالَ السّلَفيّ: تُوُفّي في رجوعه مِن الحجّ بالبادية.
45- محمود بْن الفضل بْن محمود بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو نصر الصَّبَّاغ الأصبهانيّ الحافظ، نزيل بغداد.
بالغ في الطّلب، وكتب بخطّه السّريع كثيرًا لنفسه ولغيره. وكان حُمَيْد الطّريقة مفيدًا لُغَويا. نسخ الكُتُب الكبار.
وقد سمع: عبد الرحمن وعبد الوهاب ابني أبي عبد الله بن منده، وأبا الفضل البزاني [2] ، وأبا بكر بن ماجه.
وحدث ببغداد بشيء يسير عَنْ عَائِشَة بِنْت الحُسَيْن الوَرْكانيّة [3] .
قَالَ شِيرَوَيْه الدَّيْلَميّ: قِدم علينا هَمَذَان سنة اثنتين وخمسمائة، وكان حافظا ثقة، يحسن هذا الشّأن، حسن السّيرة، عارفًا بالأنساب والأسماء، مفيدًا لطلبة العِلْم.
وقال غيره: تُوُفّي في جُمَادَى الأولى ببغداد، وقد سمع بها من رزق الله التّميميّ، وطراد، وطبقتهما، وخلقًا مِن أصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان. ثمّ خلقًا مِن أصحاب ابن غَيْلان. وبالغ حتّى كتب عَنْ أصحاب الصَّريْفينيّ، وعليّ بْن البُسْريّ [4] .
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وأبو الفتح بْن عَبْد السّلام، والمبارك بن كامل. قال
__________
[1] انظر عن (محمود بن الفضل) في: المنتظم 9/ 202، 203 رقم 351 (17/ 168 رقم 3873) ، ومختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي، ورقة 224، وسير أعلام النبلاء 19/ 374، 375 رقم 216، وتذكرة الحفاظ 4/ 1252، 1253.
[2] البزاني: بضم الباء المنقوطة بواحد، وفتح الزاي، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بزان وهي قرية من أصبهان. (الأنساب 2/ 186، 187) .
[3] الوركانيّة: بفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى محلّة وقرية. أما الأولى فوركان: محلّة معروفة بأصبهان وبها سوق قائمة، منها عائشة هذه.
والثانية: منسوبة إلى وركان، وهي قرية من قرى قاشان، بلدة عند قم. (الأنساب 12/ 249، 250) .
[4] البسري: بضم الباء المنقوطة بواحدة، وسكون السين المهملة، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى بسر بن أرطاة، وقيل: ابن أبي أرطاة. (الأنساب 2/ 210) .

(35/344)


السّلَفيّ: كَانَ رفيقنا محمود بْن الفَضْلُ يطلب الحديث، ويكتب العالي والنّازل، فعاتبته في كَتْبَه النّازل، فقال: والله، إذا رَأَيْت سماع هَؤلَاءِ لَا أقدر عَلَى تركه.
فرأيته بعد موته، فقلت: ما فعل اللَّه بك؟ قَالَ: غُفِر لي بهذا. وأخرج مِن كُمّه جُزءًا [1] .
46- مروان بْن عَبْد المُلْك.
الفقيه.
وُلّي قضاء المَريّة. وجَرَت لَهُ قصّة مَعَ أبي الحَسَن البرجيّ المقرئ في إحراق كُتُب أبي حامد الغزّاليّ الّذي اتّبعه عليها أبو القاسم بن ورد وغيره.
وتوفّي بالمَرِيّة سنة اثنتي عشرة.
- حرف الياء-
47- يحيى بْن عثمان بْن الحُسَيْن بْن عثمان [2] .
أبو القاسم بْن الشّوّاء البغداديّ، البيّع، الفقيه الحَنْبليّ، تلميذ القاضي أبي يَعْلَى، كتب أكثر تواليفه.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وأبا جعفر ابن المسلمة.
أجاز لابن كُلَيْب.
مات في جُمَادَى الآخرة سنة 512 [3] .
48- يحيى بْن محمد بْن حسّان [4] .
__________
[1] مختصر طبقات علماء الحديث.
وقال ابن الجوزي: «سمع الكثير وكتب، وكان حافظا ضابطا، ثقة، مفيدا لطلّاب العلم» .
[2] انظر عن (يحيى بن عثمان) في: المنتظم 9/ 203 رقم 353 (17/ 169 رقم 3875) ، وطبقات الحنابلة 2/ 258 رقم 703، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 141 رقم 64، وشذرات الذهب 4/ 35.
[3] قال ابن رجب: وكان فقيها حسنا صحيح المساع، وحدّث بشيء يسير. روى عنه أبو المعمّر الأنصاري في معجمه.
ولد في شوال سنة 442 هـ-.
وقال ابن الجوزي: وقرأ بالقراءات.
[4] انظر عن (يحيى بن محمد) في: غاية النهاية 2/ 377 رقم 3861.

(35/345)


أبو محمد القَلْعيّ الأندلسيّ المقرئ، مِن قلعة أيّوب.
أخذ القراءات عَنْ أَبِي جعفر عَبْد الوهّاب بْن حَكَم، ورحل فأخذ عَنْ أَبِي عَبْد الله بْن الحدّاد الأقطع القراءات بالمهدية، وعن أبي عَبْد الله الطّرابُلُسي الأشقر.
وتصدَّر ببلده للإقراء.
أخذ عَنْهُ: أبو عَمْرو البلْخيّ.
وكان صالحًا صوّامًا.
تُوُفّي في سنة اثنتي عشرة أو نحوها.

(35/346)


سنة ثلاث عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
49- أحمد بْن الحَسَن بْن طاهر [1] .
أبو المعالي الفتح، بغداديّ جليل.
روى عَنْ: أبي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي يَعْلَى بْن الفرّاء.
قَالَ المبارك بْن كامل: تُوُفّي في رجب.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، والمبارك بْن خضر، وعبد الحقّ اليُوسُفيّ [2] .
50- أحمد بْن محمد بْن شاكر [3] .
أبو سعيد [4] الطّرسوسيّ، ثمّ البغداديّ الخرزيّ.
شيخ مستور يبيع الخَرزَ في رَحبة الجامع.
سَمِعَ: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، والجوهريّ، وابن غَيْلان.
وحدّث.
وتوفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وذاكر بْن كامل.
وعاش خمسًا وتسعين سنة. وقد كان يمكنه أن يسمع مِن أَبِي عليّ بْن شاذان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: المنتظم 9/ 208 رقم 358 (17/ 174، 175 رقم 3880) .
[2] قال ابن الجوزي: وكان سماعه صحيحا.
[3] انظر عن (أحمد بن محمد بن شاكر) في: المنتظم 9/ 207، 208 رقم 357، 17/ 174 رقم 3879:
[4] في المنتظم: «أبو سعد» .

(35/347)


قرأ القرآن عَلَى القَزْوينيّ أيضًا. قاله ابن النّجّار.
ويقال له: البارزيّ، وكذا يقال لبيّاع الخَرزَ والخواتم.
روى عَنْهُ السّلَفيّ وقال فيه: الموازينيّ العتّابيّ [1] .
- حرف الحاء-
51- الحُسَيْن بْن عليّ بْن داعي بْن زيد بْن عليّ [2] .
الشّهيد أبو عَبْد الله العَلَويّ الحَسَنيّ النّسّابة النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ بإفادة أَبِيهِ أبي الحَسَن الزّاهد مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي سعد الكنجروذيّ، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وجماعة.
وختم بِهِ كثير مِن الأجزاء، فإنّه كَانَ مِن المكثرين في السّماع.
وتُوُفّي في المحرَّم.
وكان رحمه الله تعالى معتنيا بالأنساب ودقائقها [3] .
- حرف الخاء-
52- خُلَيْص بْن عُبَيْد الله بْن أحمد [4] .
أبو الحَسَن العَبْدَريّ البَلَنْسِيّ.
روى عَنْ: أبي عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبي الوليد الباجيّ، وجماعة.
وكتب بخطّه عِلمًا كثيرًا، ولم يكن بالضّابط لما كتب.
قَالَ ابن بَشْكُوال: [5] سَمِعْتُ بعضهم يضعّفه وينسبه إلى الكذِب.
قلت: روى عَنْهُ السّلفيّ بالإجازة.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «وكان صالحا» .
[2] انظر عن (الحسين بن علي) في: السياق، ورقة 12 أ، والمنتخب من السياق 204 رقم 614، والتحبير 1/ 237، 238 رقم 142.
[3] وقال ابن السمعاني: «علويّ فاضل، من بيت الشرف والسيادة، وكان يدّعي المهارة في علم الأنساب ومعرفة رسومها ودقائقها، ويزعم أنه سافر في طلبها وتحصيلها إلى البلاد، وكان يراجع فيها ويصنّف، وكان حسن السيرة ... كتب إليّ الإجازة سنة اثنتي عشرة، وكانت ولادته قبل سنة أربعين وأربعمائة» . (التحبير) .
[4] انظر عن (خليص بن عبيد الله) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 180، 181 رقم 413 وفيه:
«خليص بن عبد الله» ، والمغني في الضعفاء 1/ 213 رقم 1951، وميزان الاعتدال 1/ 665 رقم 2559، ولسان الميزان 2/ 407 رقم 1174 وفيه: «ابن عبد الله» .
[5] في الصلة.

(35/348)


- حرف العين-
53- عَبْد الباقي بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [1] .
أبو منصور البغداديّ الغزّال، والد يحيى بْن عَبْد الباقي.
شيخ صالح عابد.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا الغنائم بْن المأمون.
روى عنه جماعة.
وتوفّي في رجب.
54- عليّ بْن عقيل بْن محمد بْن عقيل بْن عَبْد الله [2] .
الإمام أبو الوفاء البغداديّ، الظَّفَريّ [3] ، شيخ الحنابلة، وصنف التّصانيف.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن عقيل) في: مناقب الإمام أحمد 526، 527، وطبقات الحنابلة 2/ 259 رقم 705، وخريدة القصر وجريدة العصر (قسم شعراء العراق) 3/ 29- 32، والمنتظم 9/ 212- 215 رقم 360، (17/ 179- 182 رقم 3882) ، والكامل في التاريخ 10/ 561، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 83- 88، وعيون التواريخ 12/ 90، 91، ومعرفة القراء الكبار 1/ 468، 469 رقم 412، ودول الإسلام 2/ 29، والعبر 4/ 229، 230، وميزان الاعتدال 3/ 146 رقم 5892، وسير أعلام النبلاء 19/ 443- 451 رقم 259، والإعلام بوفيات الأعلام 210، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1631 وفيه: «علي بن محمد» وهو غلط، والوافي بالوفيات 21/ 326- 328 رقم 208، ومرآة الجنان 3/ 204، والبداية والنهاية 12/ 184، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 142- 165 رقم 66، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 8/ 60، 61، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 192- 194 رقم 147، وغاية النهاية 1/ 556، 557 رقم 2278، وتقصير المنتبه 3/ 1061، ولسان الميزان 4/ 243، 244، رقم 661، والنجوم الزاهرة 5/ 219، والمنهج الأحمد 2/ 252- 270، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 417 رقم 362، ومختصر طبقات الحنابلة لابن شطّي 36- 38، وكشف الظنون 71، 1447، 1955، وشذرات الذهب 4/ 35- 40، وجلاء العينين لابن الألوسي 99، وإيضاح المكنون 1/ 85، 130، 312، 341 و 2/ 54، 299، 338، والتاج المكلل للقنوجي 194 رقم 191، وهدية العارفين 1/ 695، ومعجم المؤلفين 7/ 151، 152، والأعلام 4/ 313.
[3] الظّفري: بفتح الظاء المعجمة والفاء، وفي آخرها راء مهملة. نسبة إلى الظّفرية، محلّة بشرقيّ بغداد كبيرة، وإلى جانبها محلّة أخرى كبيرة يقال لها: قراح ظفر، وهي في قبليّ باب أبرز، والظفرية في غربيّه. قال ياقوت: أظنّهما منسوبتين إلى ظفر أحد خدم دار الخلافة. (معجم البلدان 4/ 20) .

(35/349)


كَانَ يسكن الظَّفَريّة، ومسجده بها معروف.
وُلِد سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر محمد بْن عَبْد المُلْك بْن بِشْران، وأبا الفتح بْن شيطا المقرئ، وأبا محمد الجوهريّ، والقاضي أبا يَعْلَى، والحسن بْن غالب المقرئ، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو حفص المغازليّ، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، والسّلفيّ، وخطيب المَوْصِل، وآخرون.
وتفقَّه عَلَى القاضي أَبِي يَعْلَى، وعلى الموجودين بعده.
وقرأ عِلم الكلام عَلَى أَبِي عليّ بن الوليد، وأبي القاسم بن التّبّان البغداديّين صاحبي القاضي أبي الحسين البصريّ [1] .
__________
[1] وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي: «إن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردّده إلى ابن الوليد، وابن التبان شيخي المعتزلة، وكان يقرأ عليهما في السّر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السّنّة وتأوّل لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات، رحمه الله» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 144) .
وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء 1/ 468، 469) : وأخذ علم الكلام عن أَبِي عليّ بْن الوليد، وأبي القاسم بْن التبان، ومن ثم حصل فيه شائبة تجهّم واعتزال وانحرافات.
وقال في (ميزان الاعتدال 3/ 146) : أحد الأعلام، وفرد زمانه علما ونقلا وذكاء وتفنّنا ... إلّا أنه خالف السلف، ووافق المعتزلة في عدّة بدع، نسأل الله السلامة، فإنّ كثرة التبحّر في علم الكلام ربّما أضرّ بصاحبه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
وقال في (سير أعلام النبلاء 19/ 444) : وأخذ علم العقليات عن شيخي الاعتزال: أبي علي بن الوليد، وأبي القاسم بن التبّان صاحبي أبي الحسين البصري، فانحرف عن السّنّة.
وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية نوع الخطأ الّذي وقع فيه فقال في (درء تعارض العقل والنقل 8/ 60، 61) : ولابن عقيل أنواع من الكلام، فإنه كان من أذكياء العالم، كثير الفكر والنظر في كلام الناس، فتارة يسلك مسلك نفاة الصفات الخبرية وينكر على من يسمّيها صفات، ويقول:
إنما هي إضافات موافقة للمعتزلة، كما فعله في كتابه «ذم التشبيه وإثبات التنزيه» وغيره من كتبه، واتبعه على ذلك أبو الفرج بن الجوزي في «كف التشبيه بكف التنزيه» ، وفي كتابه «منهاج الوصول» . وتارة يثبت الصفات الخبرية ويردّ على النفاة والمعتزلة بأنواع من الأدلة الواضحات، وتارة يوجب التأويل كما فعله في كتابه «الواضح» وغيره. وتارة يحرّم التأويل ويذمّه وينهى عنه، كما فعله في كتابه «الانتصار لأصحاب الحديث» ، فيوجد في كلامه من الكلام الحسن البليغ ما هو معظّم مشكور، ومن الكلام المخالف للسّنّة والحق ما هو مذموم

(35/350)


أُنبئتُ عَنْ حمّاد الحَرّانيّ قَالَ: سَمِعْتُ السّلَفيّ يَقُولُ: ما رأت عيني مثل الشَّيْخ أَبِي الوفاء بْن عقيل الفقيه. ما كَانَ أحد يقدر أن يتكلّم معه لغزارة عِلْمه، وحُسْن إيراده، وبلاغة كلامه، وقوّة حُجّته. ولقد تكلَّم يومًا مَعَ شيخنا أَبِي الحَسَن إلْكيا [1] في مسألةٍ، فقال لَهُ شيخنا: هذا لَيْسَ بمذهبك. فقال لَهُ أبو الوفاء:
أكون مثل أَبِي عليّ الْجُبّائيّ، وفلان، وفلان لَا أعلم شيئًا؟ أَنَا لي اجتهاد، حتى ما طالبني خصْمٌ بحُجةٍ، كَانَ عندي ما أدفع بِهِ عَنْ نفسي وأقوم لَهُ بحجَّتي.
فقال شيخنا: كذلك الظنّ بك.
قلت: وكان إمامًا مبرَّزًا، مناظرًا، كثير العِلْم، لَهُ يدٌ طُولي في علم الكلام. وكان يتوقّد ذكاءً. لَهُ كتاب «الفنون» [2] لم يصنَّف في الدُّنيا أكبر منه.
حدَّثني مِن رَأَى المجلّد الفلانيّ بعد الأربعمائة يحكي فيه بحوثًا شريفة ومناظرات وتواريخ ونوادر، وما قد وقع لَهُ [3] .
قَالَ رحمه الله: عَصَمني الله في شبابي بأنواع مِن العصمة، وقَصَر محبّتي عَلَى العِلْم، وما خالَطْتُ لعّابًا قطّ، ولا عاشرت إلّا أمثالي مِن طَلَبة العِلْم، وأنا في عَشْر الثّمانين، أجد مِن الحرص عَلَى العِلْم أسند ما كنت أجده وأنا ابن عشرين [4] ، وبلغت لاثنتي عشرة سنة. وأنا اليوم [5] لَا أرى نقصًا في الخاطر والفِكْر والحِفْظ، وحدَّة النَّظر بالعين لرؤية الأَهِلَّة [6] الخفيّة، إلّا أنّ القوّة ضعيفة [7] .
__________
[ () ] ومدحور ... ولابن عقيل من الكلام في ذم من خرج عن الشريعة من أهل الكلام والتصوّف ما هو معروف كما قال في «الفنون» ومن خطّه نقلت.
[1] هو الكيا الهرّاسي. بكسر الكاف.
[2] قال ابن رجب: وأكبر تصانيفه «الفنون» ، وهو كتاب كبير جدا، فيه فوائد كثيرة جليلة في الوعظ، والتفسير، والفقه، والأصلين، والنحو، واللغة، والشعر، والتاريخ، والحكايات، وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له، وخواطره، ونتائج فكره قيّدها فيه. (ذيل طبقات الحنابلة) .
[3] وقال ابن الجوزي: وهذا الكتاب مائتا مجلّد، وقع لي منه نحو من مائة وخمسين مجلّدا.
وقال سبط ابن الجوزي: واختصر منه جدّي عشر مجلّدات فرّقها في تصانيفه، وقد طالعت منه في بغداد في وقف المأمونية نحوا من سبعين، وفيه حكايات ومناظرات، وغرائب وعجائب وأشعار. (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 151) .
[4] المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[5] في المنتظم: «وأنا في سنة الثمانين» .
[6] في الأصل: «لرؤية أهلة الخفية» .
[7] في المنتظم: «إلّا أن القوّة بالإضافة إلى قوّة الشبيبة والكهولة ضعيفة» .

(35/351)


قَالَ ابن الجوزيّ: [1] وكان دَينًا، حافظًا للحدود. تُوُفّي لَهُ وَلَدان، فظهر منه مِن الصَّبر ما يتُعَجَّب منه. وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلَّف سوى كُتُبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار [2] .
وتُوُفّي بُكْرة الجمعة ثاني عشر جُمَادَى الأولى. وكان الْجَمْع يفوت الإحصاء.
قَالَ شيخنا ابن ناصر: حزرتهم بثلاثمائة ألف [3] .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْأَسَدِيُّ: أَنَا أَبُو الْبَقَاءِ يَعِيشُ، أَنْبَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَطِيبُ، أَنْبَا أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلٍ الْفَقِيهُ: أَنْبَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَا أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نَبَا هَوْذُ، نَبَا عَوْفٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِن صَنْعَةِ يَدَيِ التَّصَاوِيرِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً، عَذَّبَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَنْفُخَ فيها، وليس بنافخ فيها أبدا» [4] .
__________
[1] في المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[2] كذا في الأصل. وفي المنتظم بقيّة: «كفنه وقضاء دينه. وكان إذ طال عمره يفقد القرناء والإخوان» .
وقال ابن الجوزي: «فقرأت بخطه: رأينا في أوائل أعمارنا أناسا طاب العيش معهم كالدينوري والقزويني، وذكر من قد سبق اسمه في حياته، ورأيت كبار الفقهاء كأبي الطيب، وابن الصباغ، وأبي إسحاق، ورأيت إسماعيل والد المزكّي تصدّق بسبعة وعشرين ألف دينار، ورأيت من بياض التجار كابن يوسف وابن جردة وغيرهما، والنظّام الّذي سيرته بهرت العقول، وقد دخلت في عشر التسعين وفقدت من رأيت من السادات ولم يبق إلا أقوام كأنهم المسوخ صورا، فحمدت ربي إذ لم يخرجني من الدار الجامعة لأنوار المسار بل أخرجني ولم يبق مرغوب فيه فكفاني محنة التأسّف على ما يفوت، لأن التخلّف مع غير الأمثال عذاب، وإنما هوّن فقداني للسادات نظري إلى الإعادة بعين اليقين، وثقتي إلى وعد المبدئ لهم، فلكأنّي أسمع داعي البعث وقد دعا كما سمعت ناعيهم وقد نعى، حاشى المبدئ لهم على تلك الأشكال والعلوم أن يقنع لهم في الوجود بتلك الأيام اليسيرة المشوبة بأنواع الغصص وهو المالك، لا والله لا أقنع لهم إلّا بضيافة تجمعهم على مائدة تليق بكرمه، نعيم بلا ثبور، وبقاء بلا موت، واجتماع بلا فرقة، ولذّات بغير نغصة.
وحدّثني بعض الأشياخ أنه لما احتضر ابن عقيل بكى النساء، فقال: قد وقفت خمسين سنة، فدعوني أتهنّأ بلقائه» :
[3] المنتظم 9/ 215 (17/ 182) .
[4] صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند 1/ 360 من طريقين عن عوف بهذا الإسناد. وأخرجه

(35/352)


فَرَنَا لَهُ الرَّجُلُ وَاصْفَرَّ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ بُدٌّ فَعَلَيْكَ بِالشَّجَرِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ.
رَأَيْت شيخنا وغيره مِن علماء السُّنَّة والأثر يحطّون عَلَى ابن عقيل لمّا تورَّط فيه مِن تأويل الجهْميّة، وتحريف النّصوص، نسأل الله السّتْر والسّلامة.
وقد تُوُفّي في سادس عشر جُمَادَى الآخرة، وقيل في جُمَادَى الأولى، فاللَّه أعلم.
وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فيه [1] : فريد دهره، وإمام عصره، وكان حَسَن السّيرة والصّورة، ظاهر المحاسن.
قرأ بالروايات عَلَى أبي الفتح بْن شيطا، وأخذ النَّحْو عَنْ أَبِي القاسم بْن برهان.
وقال: [2] قرأت عَلَى القاضي أبي يَعْلَى مِن سنة سبْعٍ وأربعين إلى أن تُوُفّي [3] . وحظيت مِن قُربه بما لم يحظ بِهِ أحدٌ مِن أصحابه مَعَ حداثة سنّي.
وكان أبو الحَسَن الشّيرازيّ إمام الدُّنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلّمني المناظرة، وانتصفت بمصنَّفاته. ثمّ ذكر جماعة مِن شيوخه.
قَالَ: [4] وكان أصحابنا الحنابلة يريدون منّي هجران جماعة مِن العلماء، وكان ذَلِكَ يحرمني عِلمًا نافعًا. وأقبل عليَّ أبو [5] منصور بْن يوسف، [6] وقدَّمني عَلَى [7] الفتاوى، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لمّا مات شيخي
__________
[ () ] من طرق أخرى كل من: البخاري (2225) و (5963) في اللباس، ومسلم (1110/ 100) في اللباس والزينة، والنسائي 8/ 215.
[1] في المنتظم 9/ 212 (17/ 179) بتصرّف.
[2] في المنتظم 9/ 212 (17/ 180) .
[3] العبارة في المنتظم: «وفي الفقه أبو يعلى بن الفرّاء المملوء عقلا وزهدا وورعا، قرأت عليه حين عبرت من باب الطاق لنهب الغزّ لها سنة أربع وأربعين، ولم أخل بمجالسته وخلواته التي تتسع لحضوري والمشي معه ماشيا، وفي ركابه إلى أن توفي» .
[4] في المنتظم 9/ 213 (17/ 180) .
[5] في الأصل: «أبي» .
[6] في المنتظم زيادة بعدها: «فحظيت منه بأكثر من حظوة» .
[7] المنتظم: «في الفتاوى مع حضور من هو أسنّ منّي» .

(35/353)


سنة ثمانٍ وخمسين. وقام بكلّ مئونتي وتجمُّلي [1] ، وأما أهل بيتي فأيّ بيت، أي كلّهم [2] أرباب أقلام وكتابة وأدب [3] ، وعانيت مِن الفقر والنَّسْخ بالأجرة شدّةً [4] ، مَعَ عفّة وتُقَى. ولا أزاحم فقيهًا في حلقة، ولا تطلب نفسي رُتبةً مِن رُتَب أهل العِلْم القاطعة [5] عَنِ الفائدة [6] ، وأوذيت مِن أصحابي حتّى طُلب [7] الدّم. وأوذيت في دولة النّظام بالطّلب والحبْس [8] .
وقال ابن الأثير في تاريخه: [9] كَانَ قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته عَلَى أَبِي عليّ بْن الوليد [10] ، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدّة سنين، ثمّ أظهر التّوبة.
قَالَ ابن الجوزيّ: [11] وتكلّم عَلَى المنبر بلسان الوعظ مدّة، فلمّا كانت سنة خمسٍ وسبعين، وجَرَت الفتنة ترك الوعظ [12] .
وذكر سِبْط ابن الجوزيّ [13] في ترجمة ابن عقيل حكايات، ثمّ قَالَ: ومنها ما حكاه ابن عقيل عَنْ نفسه، قَالَ: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ منظوم في خيط
__________
[1] في المنتظم زيادة: «فقمت من الحلقة أتتبّع حلق العلماء لتلقّط الفوائد» .
[2] في المنتظم: «فأما أهل بيتي فإن بيت أبي فكلهم أرباب ... » .
[3] بعدها زيادة في المنتظم: «وكان جدّي محمد بن عقيل كاتب حضرة بهاء الدولة، وهو المنشئ لرسالة عزل الطائع وتولية القادر، ووالدي انظر الناس، وأحسنهم جدلا وعلما، وبيت أمّي بيت الزهري صاحب الكلام والمدرّس على مذهب أبي حنيفة» .
[4] كلمة «شدّة» ليست في المنتظم.
[5] في المنتظم: «القاطعة لي» .
[6] في المنتظم زيادة: «وتقلّبت على الدول فما أخذتني دولة السلطان ولا عاقه عمّا اعتقد أنه الحقّ» .
[7] هكذا. وفي المنتظم: «طل» .
[8] في المنتظم زيادة: «فيا من خسرت الكلّ لأجله لا تخيّب ظنّي فيك، وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع مِن العصمة، وقَصَر محبّتي عَلَى العِلْم وأهله، فما خالطت ملعابا. ولا عاشرت إلّا أمثالي مِن طَلَبة العِلْم» .
[9] الكامل 10/ 561.
[10] في المطبوع من الكامل: «على أبي الوليد» .
[11] في المنتظم 9/ 214 (17/ 181) .
[12] في المنتظم: «جرت فيها فتن بين الحنابلة والأشاعرة، فترك الوعظ واقتصر على التدريس، ومتّعه الله بسمعه وبصره وجميع جوارحه» .
[13] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 84 وما بعدها.

(35/354)


أحمر، فإذا بشيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار. فرددْتُه عَليْهِ وقال: خُذ الدّنانير. فامتنعت.
قَالَ: وخرجت إلى الشّام، وزرت القدس، ونزلت إلى دمشق، وقصدت بغداد، وكانت أمّي باقية، فاجتزت بحلب، وأوَيت إلى مسجدٍ وأنا جائع بردان، فقدّموني فصلّيت بهم، فعشّوني، وكانت ليلة رمضان، وقالوا: إمامنا تُوُفّي مِن أيّام، ونسألك أن تصلّي بنا هذا الشّهر. ففعلت. فقالوا: لإمامنا الميت بِنْت.
فتزوَّجت بها، فأقمت معها سنة، ووُلِد لي منها وُلِد. ثمّ مرضَتْ في نفاسها، فتأمّلتها ذات يوم، وإذا خيط أحمر في عنقها، وإذا بِهِ العقْد الَّذِي لقيته بعينه.
فقلت لها: يا هذه، إنّ لهذا العقد قصّة. وحكيت لها، فبكت وقالت: أنتَ هُوَ والله، لقد كَانَ أَبِي يبكي ويقول: اللَّهمّ ارزُق بنتي مثل الَّذِي ردّ عليَّ العقد. وقد استجاب الله منه. ثمّ ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد [1] .
ومنها ما حكاه أيضًا عَنْ نفسه قَالَ: كَانَ عندنا بالظَّفَريّة دار [2] كلمّا سكنها ناس أصبحوا موتى. فجاء مرّة رجل مقريء، فقال: أُكْروني إيّاها.
فقالوا: قد عرفتَ حالها.
قَالَ: قد رضيت.
فبات بها وأصبح سالمًا. فعجب الجيران، وأقام بها مدّة، ثمّ انتقل، فسُئل عَنْ ذَلِكَ فقال: لمّا دخلتها صلّيت العشاء، وقرأت شيئًا، وإذا بشابٍ قد صعد مِن البئر، فسلَّم عليَّ، فبُهتُّ، فقال: لَا بأس عليك، علَّمني شيئًا مِن القرآن. فشرعت أُعلّمه. فلمّا فرغت قلت: هذه الدّار كيف حديثها؟
قَالَ: نحن قوم مِن الجنّ مسلمون نقرأ ونصلّي، وهذه الدّار ما يكتريها إلّا الفُسّاق، فيجتمعون عَلَى الخمر، فنخنقهم.
قلت: وفي اللَّيلْ أخاف منك فاجعل مجيئك في النّهار.
قَالَ: نعم. فكان يصعد مِن البئر في النّهار، ووالفته. فبينما هو قاعد
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 85، 86.
[2] في الأصل: «دارا» .

(35/355)


عندي يقرأ إذا بمعزّم في الدّرْب يَقُولُ: المُرْقي مِن الدّبيب ومن العين ومن الْجِنّ.
فقال: إيش هذا؟
قلت: هذا معزّم يعرف أسماء الله، يفعل ما تسمع.
فقال: اطلبه. فقمت وأدخلته، فإذا بالجنّيّ قد صار ثعبانًا في السّقْف، فضرب المعزّم المنْدَل وعَزَّم، فما زال الثّعبان يتدلّى حتّى سقط في وسط المندل. فقام ليأخذه ويدعه في الزّنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني مِن صَيْدي؟
فأعطيته دينارًا وأخرجته. فانتفض الثّعبان، وخرج الجّنيّ وقد ضعّف واصْفَرّ وذاب، فقلت: ما لك؟
قَالَ: قتلني هذا الرجل بهذه الأسامي، وما أظنّني أُفْلح، فأجعل بالك اللّيلة، مَتَى سَمِعْتُ مِن البئر صُراخًا فانهزم.
قَالَ: فسمعت تِلْكَ اللّيلة النَّعيّ، فانهزمت.
قَالَ ابْن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تِلْكَ الدّار [1] .
ولابن عقيل في الفنون، قَالَ: الأصحّ لاعتقاد العوامّ ظواهر الآي، لأنهم ما يثبتون بالإثبات. فمتى مَحَوْنا ذَلِكَ مِن قلوبهم زالت الحشْمة. فتهافُتُهم في التّشبيه أحبّ إليَّ مِن إغراقهم في التّنزيه. لأنّ التّشبيه يغمسهم في الإثبات، فيخافون ويرجعون، والتّنزيه يرمي بهم إلى التُّقَى، ولا طمع ولا مخافة في التُّقَى. ومن تدبّر الشّريعة رآها غامسة للمكلّفين في التّشبيه بالألفاظ الّتي لَا يعطي ظاهرها سواه، لقول الأعرابيّ: أو يضحك ربّنا؟ قَالَ: نعم. فلم يكْفَهر لقوله، بل تركه وما وقع لَهُ.
- حرف الكاف-
55- كتائب بْن عليّ بْن حمزة بْن الخَضِر [2] .
السُّلَميّ الدّمشقيّ الجابي، أبو البركات ابن المقصّص الحَنْبليّ.
سَمِعَ: أبا بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ.
__________
[1] مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 86، 87.
[2] انظر عن (كتائب بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 135 رقم 96.

(35/356)


ورحل إلى بغداد وإصبهان، وسمع: مالكًا البانياسيّ، وغيره.
قَالَ السَّلَفيّ: قَالَ لي كتائب: لمّا دخلت إلى إصبهان كتب عنّي الحافظ يحيى بْن مَنْدَهْ، وكتب عنّي عُمَر الدّهستانيّ وقت قُدُومه دمشق وقال: اسمك غريب نحتاج إليه في مُعْجَم الشّيوخ.
وقال الحافظ ابن عساكر: سَمِعْتُ أبا محمد بْن الأكفانيّ يَقُولُ للحافظ أبي طاهر الإصبهانيّ: بَلَغَني أنّك سَمِعْتُ مِن ابن المقصّص؟
قَالَ: نعم، دخل إلينا في الدُّوَيْرة، وسمعنا منه.
فقال: هذا كَانَ في صِبَاه يغنّي ويأخذ الجزر عَلَى الغناء.
فاعتذر إِليْهِ أبو طاهر بأنّه ما علم بذلك.
ولد كتائب سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وتوفّي قريبا من سنة ثلاث عشرة وخمسمائة [1] .
- حرف الميم-
56- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الْحُسَيْن بْن محموَيْه [2] .
أبو عَبْد الله اليزديّ [3] ، أخو أَبِي الحسن.
سافر في طلب القراءات إلى البلاد [4] ، وكان طيّب الصّوت يبكّي مِن يسمعه.
وقد حدَّث عَنْ أَبِي إسحاق الشّيرازيّ.
وكان مولده في سنة خمسٍ وخمسين.
وقرأ عَلَى أصحاب الحمّاميّ، وغيره.
__________
[1] وقال ابن عساكر: رأيته مرات ولم أسمع منه، وسمع منه أبو محمد بن صابر، وابنه وكان قد صنّف رسالة ذكر فيها بعض الخلفاء وجماعة من الأئمة بسوء، فحملت إلى الرحبة، فوقف عليها فقيه من أهل الرحبة، فحملها إلى والي الرحبة وأوقفه على ما فيها، فكتب إلى طغتكين أتابك والي دمشق، فعرّفه بذلك، فقبض على ملكه، ونفاه عن دمشق.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد) في: المنتظم 9/ 215 (17/ 183 رقم 3883) وليس فيه «بن محمويه» ، وشذرات الذهب 4/ 41.
[3] في طبعة حيدرآباد من المنتظم 9/ 215 «البردي» ، وفي الطبعة الجديدة كما هنا.
[4] في المنتظم: «البلاد البائنة، وعبر ما وراء النهر» .

(35/357)


57- محمد بْن عبد الباقي بْن محمد بْن يُسْر [1] .
أبو عَبْد الله الدُّوريّ السَّمْسار.
شيخ صالح، ثقة، بغداديّ.
سَمِعَ: أبا محمد الجوهريّ، وأبا طَالِب العُشاريّ [2] ، وأبا بَكْر بْن بِشْران، وغيرهم.
ولد في سنة 435 [3] . وتوفّي في صَفَر.
روى عَنْهُ: أبو عامر العَبْدَريّ، وابن ناصر، والسَّلَفيّ، وذاكر بْن كامل، والصّائن ابن عساكر، وجماعة.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ شيخًا صالحًا، ثقة، خيرًا.
وقال ابن نُقْطة: [4] هُوَ محمد بْن عَبْد الباقي بْن محمد بْن أَبِي البُسْر.
وآخر مِن حدَّث عَنْهُ بالإجازة عَبْد المنعم بْن كُلَيْب.
58- محمد بْن محمد بْن القاسم بْن منصور [5] .
أبو بَكْر بْن عِمران العُمرانيّ النَّسَويّ [6] النَّسَفيّ، الوزير.
ثمّ ترك الوزارة في آخر عمره. وتوفّي في ذي القِعْدة سنة ثلاث عشرة، وهو ابن ثلاثٍ وثمانين سنة.
قاله مصنَّف «القنْد» ، وحدث عَنْهُ قال: أنبا الدّهقان إبراهيم بن محمد الحاجّيّ الحليميّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الباقي) في: المنتظم 9/ 215 رقم 363 (17/ 183 رقم 3885) ، والتقييد لابن نقطة 81 رقم 75، والعبر 4/ 31، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1632، والإعلام بوفيات الأعلام 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 427 رقم 248، وعيون التواريخ 12/ 102، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 92، وشذرات الذهب 4/ 21.
[2] العشاري: بضم العين المهملة، وفتح الشين المعجمة، والراء بعد الألف. (الأنساب 8/ 459) .
[3] في المنتظم: ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
[4] في التقييد 81.
[5] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في كتاب «القند في تاريخ سمرقند» .
[6] النّسوي: بفتح النون والسين المهملة والواو. هذه النسبة إلى نسا. النسبة إليها النسائي. ومنهم من قال بالواو وجعل النسبة إليها: النسوي. (الأنساب 12/ 82) .

(35/358)


59- المبارك بْن عليّ بْن الحُسَيْن [1] .
أبو سَعْد المخرَّميّ [2] ، الفقيه الحَنْبليّ، أحد شيوخ المذهب.
وُلّي القضاء بباب الأزج، وكان إمامًا مُفْتيا، ذكيا، كثير المحفوظ، جميل السّيرة، مليح العِشْرة.
تفقَّه عَلَى: السيف أَبِي جعفر بْن أَبِي موسى الهاشميّ، وعلى: القاضي يعقوب بْن إبراهيم الطَّبَريّ.
وسمع: القاضي أبا يَعْلَى، وأبا الحُسَيْن بْن المقتدي باللَّه، وجماعة.
وكان مولده في سنة 449 [3] . وتوفّي ليلة الجمعة ثامن عشر المحرَّم.
روى عَنْهُ: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتفقَّه بِهِ جماعة كثيرة.
ودُفِن بجنب المَرُّوذِيّ [4] في مدرسته بباب الأزج، ثمّ شُهِرت بالشّيخ عَبْد القادر تلميذه، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ [5] .
60- المؤمَّل بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن علي بْن عَبْد الواحد بْن إسحاق بْن المعتمد عَلَى الله بْن المتوكّل ابن المعتصم بن الرشيد [6] .
__________
[1] انظر عن (المبارك بن علي) في: طبقات الحنابلة 2/ 258، 259 رقم 704، والمنتظم 9/ 215، 216 رقم 364 (17/ 183، 184 رقم 3886) ، والعبر 4/ 31، وسير أعلام النبلاء 19/ 428 رقم 429، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 88، 89، ومرآة الجنان 3/ 205، وعيون التواريخ 12/ 102، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 166- 171 رقم 67، والبداية والنهاية 12/ 185، وشذرات الذهب 4/ 40.
[2] المخرّمي: بكسر الراء. نسبة إلى المخرّم، محلّة بشرقيّ بغداد نزلها بعض ولد يزيد بن المخرّم فسمّيت به. (الأنساب) .
[3] في المنتظم: «ولد في رجب سنة ست وأربعين وأربعمائة» .
[4] في المنتظم: «ودفن إلى جانب أبي بكر الخلّال عند رجلي الإمام أحمد بن حنبل» .
[5] وقال ابن الجوزي: «وأفتى ودرّس، وجمع كتبا كثيرة، ولم يسبق إلى جمع مثلها، وشهد عند أبي الحسن الدامغانيّ في سنة تسع وثمانين، وناب في القضاء عن السيبي والهروي، وكان حسن السيرة، جميل الطريقة، شديد الأقضية. وبنى مدرسة بباب الأزج، ثم عزل عن القضاء في سنة إحدى عشرة، ووكّل به في الديوان على حساب وقوف الترب، فأدّى مالا» .
(المنتظم) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/359)


أبو البقاء العبّاسيّ الواسطيّ الخطيب، ويعرف بابن المنبور.
سكن بغداد، وأمَّ بالنّظامية.
وسمع: أبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
سَمِعَ منه: الصّائن هبة الله بْن عساكر، وغيره.
- حرف الياء-
61- يوسف بْن محمد [1] .
أبو الفَضْلُ القَيْرَوانيّ، ابن النَّحْويّ.
روى عَنْ أَبِي الحَسَن اللَّخْميّ «صحيح البخاريّ» ، وعن أبي عبد الله المازريّ.
وكان عارفا بالفقه وأصول الدّين، وله تصانيف [2] . وكان لَا يرى التّقليد.
روى عَنْهُ: القاضي موسى بْن حمّاد، وغيره.
وعاش ثمانين سنة. وله رحلة إلى الأندلس.
__________
[1] انظر عن (يوسف بن محمد) في: جذوة الاقتباس 346، وكشف الظنون 1346، 1347، ونيل الابتهاج 349، وإيضاح المكنون 232، 233، وهدية العارفين 2/ 551، والوفيات لابن قنفذ 268، 269 رقم 513، والبستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان 299.
[2] له: «المنفرجة» التي مطلعها:
«اشتدّي أزمة تنفرجي» .

(35/360)


سنة أربع عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
62- أحمد بْن إبراهيم بْن محمد بْن أَبِي ليلى [1] .
أبو القاسم المُرْسيّ.
روى عَنْ: هشام بْن أحمد بْن وضّاح المُرْسيّ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي العبّاسيّ العُذْريّ.
وكان فقيهًا فاضلًا، شُرُوطيا، استُقْضِي بشِلْب [2] .
ومات فجأة عَنْ 65 سنة [3] .
63- أحمد بْن الْخَطَّاب بْن حسن [4] .
أبو بَكْر البغداديّ الحَنْبليّ، ويُعرف بابن صُوفان الغسّال.
قرأ بالرّوايات عَلَى: أَبِي [عليّ] بْن البنّاء.
وسمع مِن: عَبْد الصّمد بْن المأمون، والصَّريْفينيّ.
روى عنه: ذاكر بْن كامل.
ومات رحمه الله في ذي القِعْدة. قاله ابن النّجّار [5] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 75 رقم 164.
[2] شلب: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحّدة. قال ياقوت: هكذا سمعت جماعة من أهل الأندلس يتلفّظون بها، وقد وجدت بخطّ بعض أدبائها شلب، بفتح الشين. وهي مدينة بغربيّ الأندلس بينها وبين باجة ثلاثة أيام، وهي غربي قرطبة، وهي قاعدة ولاية أشكونية.
(معجم البلدان 3/ 357) .
[3] مولده سنة 449 هـ-.
[4] انظر عن (أحمد بن الخطّاب) في: المنتظم 9/ 219 رقم 368 (17/ 189 رقم 3890) .
[5] وقال ابن الجوزي: «وكان صالحا مستورا، يقرئ القرآن، ويؤمّ الناس» .

(35/361)


64- أحمد بْن عَبْد الوهّاب بْن هبة الله بْن عَبْد الله [1] .
أبو البركات السّيبيّ [2] البغداديّ. مؤدَّب أولاد المستظهر باللَّه.
سَمِعَ: أبا محمد الصَّريْفينيّ [3] ، وأبا الحُسَيْن بْن الَّنُّقور، وأبا القاسم بْن البُسْريّ.
وكان كثير الصَّدقات والمعروف. وحدَّث، وولي نظر المخزن سنة وثمانية أشهر [4] ، وخلّف مائة ألف دينار أو نحوها، وأوصى بثُلث [5] ماله. وعاش ستًا وخمسين سنة وثلاثة أشهر.
روى عنه: الخليفة المقتفي، والمبارك بن كامل.
وتوفّي في المحرم سنة أربع عشرة.
65- أحمد بن محمد بن عليّ بن أحمد [6] .
أبو المعالي ابن البخاريّ، البزّاز. بغداديّ.
قال أبو بكر المفيد: هو ابن البُخُوريّ فجُعِل البخاريّ كما جرت عادة البغاددَة في تقليب الألفاظ. كان جدّه يبخّر النّاس يوم الجمعة بالمبخرة، وكان شيخًا مستورًا خيِّرا [7] .
سمع: أبا طالب بن غيلان، وأبا علي بن المذهب، وأبا محمد الجوهريّ.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الوهاب) في: المنتظم 9/ 219 رقم 365 (17/ 188 رقم 3887) .
والكامل في التاريخ 10/ 587، ونزهة الألبّاء لابن الأنباري 284، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 91، 92، والبداية والنهاية 12/ 187.
[2] السّيبي: بكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى سيب. قرية بواحي قصر ابن هبيرة. (الأنساب 7/ 215) .
[3] الصّريفيني: بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، والفاء بين الياءين، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى صريفين: قريتين: إحداهما من أعمال واسط.
والأخرى صريفين بغداد. ومنها أبو محمد المذكور. (الأنساب 8/ 58، 59) .
[4] في المنتظم: «وكان يعلّم أولاد المستظهر، فأنس بالمسترشد، فلما صارت الخلافة إليه وقبض على ابن الخرزي ردّ إلى هذا الرجل النظر في المخزن» .
[5] في المنتظم: «بثلثي» .
[6] انظر عن (أحمد بن محمد البخاري) في: المنتظم 9/ 219 رقم 367 (17/ 188، 189 رقم 3889) .
[7] وقال ابن الجوزي: «وسماعه صحيح» .

(35/362)


روى عنه: هبة الله بن عساكر، وأبو المعمَّر الأنصاريّ، وأبو منصور الدّقّاق، والسَّلفيّ، وابن أبي عصرون، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة وله أربعٌ وثمانون سنة [1] .
66- إسماعيل بن مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن [2] .
أبو القاسم المَدِينيّ.
روى عن: ابن ريذة.
وتُوُفّي في ذي القعدة فجأة في التّشهُّد الأول من صلاة العصر، وهو إمام.
روى عنه أبو موسى الحافظ. وبالإجازة ابن السّمعانيّ.
عُرِف بالكَاغَذيّ [3] .
- حرف الثاء-
67- ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت [4] .
أبو القاسم [5] السَّرَقُسْطيّ العَوْفيّ، قاضي سَرَقُسْطَة.
من بيت فضل وجلالة وعِلم، رحمه الله.
- حرف الحاء-
68- الحَسَن بن خَلَف بن عبد الله بن بلّيمة [6] .
__________
[1] وكان مولده سنة 430 هـ-.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الكاغذي: بفتح الغين، وكسر الذال المعجمتين. هذه النسبة إلى عمل الكاغذ الّذي يكتب عليه وبيعه. (الأنساب 10/ 326) .
[4] انظر عن (ثابت بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 122، 123 رقم 288 وفيه: «ثابت بن عبد الله بن ثابت بن سعيد بن ثابت بن قاسم بن ثابت بن حزم ... » .
[5] في الطبعة المصرية «أبو الحسن» ، والمثبت يتفق مع الطبعة الأوربية.
[6] انظر عن (الحسن بن خلف) في: عيون التواريخ 12/ 116، والعبر 4/ 32، وتذكرة الحفاظ 4/ 1254، ومعرفة القراء الكبار 1/ 469، 470 رقم 313، والإعلام بوفيات الأعلام 211، ومرآة الجنان 3/ 210، والوافي بالوفيات 11/ 430 رقم 615، وغاية النهاية 1/ 211 رقم 970، والمقفّى الكبير 3/ 362، 363، رقم 1183، وحسن المحاضرة 1/ 494، وشذرات الذهب 4/ 41.
واكتفى المؤلّف بذكره في (سير أعلام النبلاء 19/ 430) دون أن يترجم له.

(35/363)


أبو عليّ القَرويّ [1] المقرئ الأستاذ. نزيل الإسكندريّة، ومصنَّف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات» ، في القراءات [2] .
وُلِد سنة سبْعٍ أو ثمانٍ وعشرين وأربعمائة، وعُنِي بالقراءات في صِغَره، فقرأ بالقيروان على: أبي بكر القصْريّ، والحَسَن بن عليّ الجلوليّ، وأبي العالية البندونيّ، وعثمان بن بلال العابد، وعبد الملك بن داود القسطلانيّ.
وقرأ على أبي عبد الله محمد بن سُفيان الفقيه مصنَّف كتاب «الهادي» .
ثمّ رحل إلى مصر، وقرأ بها سنة خمسٍ وأربعين على محمد بن أحمد بن عليّ القزوينيّ تلميذ طاهر بن غلبُون، وعلى: عبد الباقي بن فارس، وأبي العبّاس أحمد بن سعيد بن نفيس. وتَصَدَّرَ للإقراء والإفادة.
قرأ عليه: أبو القاسم عبد الرحمن بن عطيّة شيخ الصَّفْراويّ، وأبو العبّاس أحمد بن الحُطَيْئَة.
وتُوُفّي في ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة.
وكان هو وابن الفحّام أسند من بقي بديار مصر، وماتا بالإسكندريّة.
69- الحُسين بْن علي بْن محمد بْن عَبْد الصّمد [3] .
__________
[ () ] و «بليمة» : بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وسكون الياء المثنّاة من تحتها، وفتح الميم.
[1] يقال: القروي، والقيرواني.
[2] قال ابن الجزري: «وقد قرأت به ورويته سماعا من لفظ الأستاذ ابن اللبان وذكرت الخلف بينه وبين الشاطبية في كتاب الفوائد المجمعة» . (غاية النهاية) .
[3] انظر عن (الحسين بن علي الطغرائي) في: الأنساب 11/ 496، 497، ومعجم الأدباء 10/ 56- 79، واللباب 3/ 262، 263، وتاريخ إربل لابن المستوفي 1/ 66، وزبدة التواريخ 192، وتاريخ دولة آل سلجوق 97 و 105- 108 و 111، ووفيات الأعيان 2/ 185- 190، وكتاب الروضتين 1/ 29، وخريدة القصر (قسم العراق) 2/ 151، والعبر 4/ 32، ودول الإسلام 2/ 41 وفيه: «الحسن» ، والإعلام بوفيات الأعلام 211، وسير أعلام النبلاء 19/ 454، 455 رقم 262، وتاريخ ابن الوردي 2/ 49، 50، وعيون التواريخ 12/ 93- 101، والوافي بالوفيات 12/ 431- 439 رقم 387، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 92- 94، ومرآة الجنان 3/ 210، والبداية والنهاية 12/ 190، والنجوم الزاهرة 5/ 220، وحسن المحاضرة 2/ 244، ومفتاح السعادة 1/ 197، 198، وكشف الظنون 1/ 68، وشذرات الذهب 4/ 41- 43، ونزهة الجليس للموسوي 2/ 73، وديوان الإسلام لابن الغزّي 3/ 238 رقم 1373، وهدية العارفين 1/ 311، وتنقيح المقال 1/ 336، وروضات الجنات 248،

(35/364)


العميد مؤيَّد الدّين، أبو إسماعيل الإصبهاني، صاحب ديوان الإنشاء، ويُعرف بالطُّغْرائيّ.
كان يتولّى الطُّغْراء، وهي العلامة الّتي تُكتَب على التّواقيع.
ولّي من قبل السّلطان محمد بن ملك شاه. ثم وُلّي الوزارة لابنه السّلطان مسعود بن محمد. وكان من أفراد الدّهر، وحامل لواء الشَّعْر. كامل الظُّرْف، لطيف المعاني.
وهو صاحب لاميّة العجم المشهورة:
أصالَةُ الرَّأْي صانَتْني عن الخطل ... وحليلة الفضْلِ زانْتني لَدَى العَطَلِ [1]
ومن شِعره في قصيدةٍ مدح بها نظام المُلْك:
إذا ما دجى ليلُ العُجاجة لم تَزَلْ ... بأيديهم حُمرٌ إلى الهند منصوبُ
عليها سُطُور الضَّرب يُعجبها الفتا ... صحائف يغشاها من النّقع تثريبُ
وله:
تمنَّيت أن ألقاك في الدّهر مرّةً ... فلم أكُ في هذا التّمنيّ بمرزوقِ
سوى ساعة التّوديع دامت فكَمْ منّي ... أنالت وما قامت بها أملًا سوقِ
فيا ليت أنّ الدهر كلّ زمانه ... وداع، ولكن لَا يكون بتفريقِ
وله:
يا قلبُ ما لَكَ والهوى من بعد ما ... طالب السُّلُوُّ وأَقْصَرَ العُشّاقُ
أوَ مَا بدا لَكَ في الإفاقَةِ والأُلَى ... نازَعْتَهُمْ كأسَ الغرامِ أفاقُوا
مرض النّسيم وصحّ والدّاء الّذي ... أشكوه [2] لَا يُرْجَى له إفْرَاقُ
وهذي [3] خُفُوقُ البَرقُ والبرق [4] الّذي ... تُطْوَى عليه أضالِعِي خفّاق [5]
__________
[ () ] وأعيان الشيعة 27/ 76- 788 والأعلام 2/ 246، ومعجم المؤلفين 4/ 36، وانظر: ديوان الطغرائي، مطبعة الجوائب، باستانبول 1300 هـ-.، وتاريخ آداب اللغة العربية 3/ 23.
[1] القصيدة في: معجم الأدباء 10/ 60- 68 في 59 بيتا، ووفيات الأعيان 2/ 185- 188، والغيث المنسجم في شرح لاميّة العجم للصفدي، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/ 235، وعيون التواريخ 12/ 97، 101، والوافي بالوفيات 12/ 436- 439.
[2] في وفيات الأعيان، وسير أعلام النبلاء: «تشكوه» .
[3] الوفيات، والسيرة: «وهذا» ، وفي الوافي بالوفيات: «وهدا» . (بالدال المهملة) .
[4] في سير أعلام النبلاء 19/ 455: «والقلب» ، ومثله في وفيات الأعيان، وعيون التواريخ.
[5] الأبيات في: وفيات الأعيان 2/ 188، وسير أعلام النبلاء 19/ 454، 455، وعيون التواريخ 12/ 96 وفيه: «جوانحي خفاق» ، وفي الوافي بالوفيات 12/ 435 البيتان الأخيران، وفيه البيت الأخير:
وهدا خفوق البرق والقلب الّذي ... ضمّت عليه جوانحي خفّاق
والأبيات في ديوانه- ص 110.

(35/365)


وله يرثي غلامًا:
يا أرض تِيهًا فقد ملكتِ به ... أُعجوبةً من محاسن الصّورِ
إنّ قذيت مُقْلتي فلا عجب، ... فقد حثوا تُرْبَه على بَصَري
لا غرْوَ إنْ أشرقَتْ مضاجعُهُ ... فإنّها من منازل القمرِ
وذكره أبو البركات ابن المستوفي في «تاريخ إربل» [1] ، وأنّه وُلّي الوزارة بمدينة إربل مدّةً.
وذكره العماد الكاتب في كتاب «نُصْرة الفترة وعُصْرة الفطرة» ، وهو تاريخ الدّولة السّلْجُوقيّة، وذكر أنه كَانَ يُنْعَتُ بالأستاذ، وكان وزير السّلطان مَسْعُود بالمَوْصِل. وَأَنَّهُ لَمَّا جرى المصاف بين مَسْعُود وبين أخيه السُّلْطَان محمود بقرب هَمَذَان، فكانت النَّصْرة لمحمود، وانهزم مسعود، أسِر الطُّغْرائيّ، وذُبح بين يدي محمود. وذلك في ربيع الأوّل سنة أربع عشرة.
وقيل: في سنة ثلاث عشرة. وجاوز السّتّين سنة.
وقيل: قتله طُغْرُل أخو محمد بيده [2] .
__________
[1] في الجزء المفقود. وقد وردت له ثلاثة أبيات في الجزء المطبوع 1/ 66.
ونيلوفر أعناقها أبدا صفر ... كأنّ بها كرّا وليس بها سكر
إذا انفتحت أوراقها فكأنها ... وقد ظهرت ألوانها البيض والصفر
أنامل صبّاغ صبغن بنيلة ... وراحته بيضاء في وسطها تبر
[2] وفيات الأعيان 2/ 189.
وقال العماد الكاتب: وكان ذا فضل غزير، وأدب كثير. وكان في حياة الأمير العميد منشئا على سبيلي النيابة عن الطغراء. ثم تولّاه بالأصالة متصدّرا في دست العلاء. وكان مع ذلك بطيء العلم كليله، ملتات الخط عليلة. وهتف به أبو طاهر الخاتوني في نظمه، وسلط سفه الهجاء على حلمه. وأشار إلى القلم في يده وقال: كأنه وهو يجرّه برجله، مذنب يعاقبه بجرمه.
وكانت بديهته أبيّة، ورويته روية محبّية. فإذا أنشأ تروّى بطيئا وتفكّر مليّا. وغاص في بحر خاطره، ثم أتى بالمعاني البديعة والاستعارات الغربية. (تاريخ دولة آل سلجوق 105) .

(35/366)


70- الحسين بن محمد [1] بن فِيرَّة [2] بن حيُّون بن سُكَّرَة.
أبو عليّ الصَّدَفيّ [3] السَّرَقُسْطيّ الأندلسيّ الحافظ.
أخذ ببلده عن: أبي الوليد الباجيّ، وغيره.
ورحل فسمع ببَلَنْسيَة من أبي العبّاس بن دِلْهاثِ، وبالمَريَّة من محمد بن سعدون القَرَويّ الفقيه.
وحجّ سنة إحدى وثمانين ودخل مصر على أبي إسحاق الحبّال، وقد منعه
__________
[ () ] وأرّخ ابن السمعاني وفاته بسنة 515 هـ-. وقال إنه: صدر العراق، وشهرة الآفاق، غزير الفضل، لطيف الطبع، أقوم أهل عصره بصنعة النظم والنثر، خدم الملوك وقرّبوه إلى أن شرف بفضله، وقتل بالري سنة خمس عشرة وخمسمائة ... ومن مليح شعره ما أنشدني أبو بكر محمد بن القاسم الإربلي إملاء بجامع الموصل، أنشدني أبو إسماعيل المنشئ لنفسه في صفة الشمعة.
ومساعد لي بالبكاء مساهر ... بالليل يؤنسني بطيب لقائه
هامي المدامع أو يصاب بعينه ... حامي الأصابع أو يموت بدائه
يحيى بما يغني به من جسمه ... فحياته مرهونة بغنائه
ساويته في لونه ونحو له ... وفضلته في بؤسه وشقائه
هب أنه مثلي يحرقه قلبه ... وسهاده جنح الدّجا وبكائه
أفوادع طول النهار مرفّه ... كمعذّب بصباحه ومسائة؟
(الأنساب 11/ 496، 497) .
[1] انظر عن (الحسين بن محمد بن فيرة) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 144- 146 رقم 330، وبغية الملتمس للضبيّ 269 رقم 655، والغنية للقاضي عياض 192- 201، وفهرسة ابن خير 477، 497، 511، ومقدّمة المعجم لابن الأبار، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 173 رقم 162، والإعلام بوفيات الأعلام 216، وسير أعلام النبلاء 19/ 376- 378 رقم 218، ودول الإسلام 2/ 42، والمعين في طبقات المحدّثين 150 رقم 1633، والعبر 4/ 32، 33، وتذكرة الحفاظ 4/ 1253- 1255، وعيون التواريخ 12/ 119، ومرآة الجنان 3/ 210، والوافي بالوفيات 13/ 43، 44 رقم 41، والديباج المذهب 10/ 230- 232، وغاية النهاية 1/ 250، 251، رقم 1138، وطبقات الحفاظ 455، وأزهار الرياض 3/ 51، وتبصير المنتبه 685، ونفح الطيب 2/ 90- 93، وشذرات الذهب 4/ 43، وشجرة النور الزكية 1/ 128، 129، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 362، والتاج المكلّل للقنوجي 288 رقم 319، وكشف الظنون 1736، والرسالة المستطرفة 165، والأعلام 2/ 255، ومعجم المؤلفين 4/ 56، ودائرة المعارف لبطرس البستاني 3/ 191، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسرين 79 رقم 1024.
[2] فيّرة: بكسر أوله، وتشديد الراء.
[3] تحرّفت في تهذيب تاريخ دمشق إلى: «الصرمي» .

(35/367)


المستنصر العُبَيْديّ الرّافضيّ من التّحديث.
قال: فأوّل ما فاتحته الكلام أجانبي على غير سؤالي، حَذرًا أنْ أكون مدسوسًا عليه، حتّى بسطته وأَعلمتُه أنّني من أهل الأندلس أريد الحج، فأجاز لي لفظا، وامتنع من غير ذلك. وأخبرني أنّ مولده سنة إحدى وتسعين، وأنّه سمع من عبد الغنيّ بن سعيد سنة سبع وأربعمائة، وأنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ.
ورحل أبو عليّ إلى العراق، فسمع بالبصرة من: جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن الفضل العَبَّادانيّ، وعبد الملك بن شَغَبة [1] .
وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن عليّ بن محمد بن محمد الأقطع.
وببغداد: عليّ بن الحسين بن قُريش بن الحسن صاحب ابن الصّلت الأهوازيّ، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحُمَيْديّ، ومالك بن أحمد البانياسيّ.
وبواسط: أبا المعالي محمد بن عبد السّلام بن أُحْمُولَة [2] .
وتفقّه ببغداد على: أبي بكر الشّاشيّ، وأخذ عنه «التّعليقة الكبرى» .
وأخذ بالشّام عن الفقيه نصر المقدسيّ.
ورجع إلى بلاده في سنة تسعين بعلْمٍ كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مُرْسِيّة، وجلس للإسماع بجامعها.
ورحل النّاس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطُرُقه، عارفًا بعَلله ورجاله، بصيرًا بالجرْح والتّعديل. مليح الخطّ، جيّد الضَّبْط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنَّفات الحديث، ذاكرًا لمتُونها وأسانيدها. وكان قائمًا على الصّحيحين [3] مع «جامع» أبي عيسى. ولّي قضاء مُرْسِيّة، ثمّ استعفى منه فأُعفيَ، وأقبل على نشر العلم وتأليفه [4] .
__________
[1] شغبة: بالشين والغين المعجمتين المفتوحتين، وباء موحّدة.
[2] أحمولة: بهمزة مضمومة في أولها.
[3] قال القاضي عياض: لقد حدّثني الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر أن أبا علي الحافظ قال له: خذ الصحيح، فأذكر أيّ متن شئت منه، أذكر لك سنده، أو أيّ سند، أذكر لك متنه.
[4] انظر الصلة 1/ 145.

(35/368)


وكان صالحًا ديَّنًا، خيّرًا، عاملًا بعلِمه، حليمًا، متواضعا.
قال ابن بشكوال [1] : هو أجلّ مَن كتبَ إلي بالإجازة.
وخرَّج له القاضي عِياض مشيخةً، فذكر في أوّلها ترجمة لأبي عليّ في أوراق، وأنّه أخذ عن مائة وستّين شيخًا، وأنّه جالَس نحو أربعين شيخًا من الصّالحين والفُضَلاء، وأنّه أُكرِه على القضاء فوليه، ثمّ اختفى حتّى أُعفي منه.
وأنّه قرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون، ولقالون على رزق الله التّميميّ.
وأنّ الفقيه نصر بن إبراهيم كتب عنه ثلاثة أحاديث قلت: روى عنه بدمشق: أنبا صابر، وأبو المعالي محمد بن يحيى القُرَشيّ.
وبالمغرب: القاضي عِياض، وخلْق.
وقد سمع منه عِياض «صحيح مسلم» ، حدثه به عن العُذْريّ، عن أبي العبّاس أحمد بن الحسن الرّازيّ.
استُشْهِد أبو عليّ الصَدَفيّ في وقعة قُتُنْدَة [2] بثغر الأندلس، لسِتّ بقين من ربيع الأوّل. وهو من أبناء السّتّين. وكانت هذه الوقعة على المسلمين.
وكان عَيْش أبي عليّ من كسْب بضاعة مع ثقات إخوانه [3] .
71- حمْدُ بن محمد بن أحمد بن مَنْدُوَيْه [4] .
أبو القاسم الإصبهاني القاضي.
ولد في حدود الثّلاثين.
__________
[1] في الصلة 1/ 145.
[2] قتندة: بضم أوله وثانيه، وسكون النون، وفتح الدال المهملة. بلد بالأندلس ثغر سرقسطة.
(معجم البلدان) .
[3] وقال ابن بشكوال: أخبرنا القاضي أبو علي هذا مكاتبة بخطّه، وقرأته على القاضي أبي بكر محمد بن عبد الله الناقد قالا: أنشدنا الشيخ الصالح أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي ببغداد، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري لنفسه:
قل لمن أنكر الحديث وأضحى ... عائبا أهله ومن يدّعيه
أبعلم تقول هذا؟ ابن لي ... أم بجهل، فالجهل خلق السّفيه
أيعاب الذين هم حفظوا الدّين ... من التّرّهات والتمويه
وإلى قولهم وما قد رووه ... راجع كلّ عالم وفقيه
[4] انظر عن (حمد بن محمد) في: التحبير 1/ 250 رقم 163، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 97 ب.

(35/369)


وسمع: أبا بكر بن ريذَة.
روى عنه: السّمعانيّ بالإجازة.
ومن مسموعاته: «الفِتَن» لنُعَيم بن حمّاد، عن ابن ريذة.
مات في شعبان [1] .
- حرف الخاء-
72- خَلَف بن محمد بن عبد الله بن صَواب [2] .
أبو القاسم التُّجيْبيّ القُرْطُبيّ.
روى عن: سِراج بن عبد الله القاضي، وأبي عبد الله الطّرفيّ المقرئ، وأبي محمد بن شعيب، وأبي محمد البُسْكُلاريّ [3] وطائفة سواهم.
وكان فاضلًا ثقة قديم الطّلب، ذا عناية بلقى الشيوخ، عارفًا بالقراءات وطُرُقها. كتب بخطّه عِلْمًا كثيرًا.
قال ابن بَشْكُوال: وأجاز لي ما رواه. وسمع منه جلة أصحابنا. وعُمَّر وكُفّ بصره في آخر عمره. ولم ألقَ في شيوخنا أسنّ منه.
وُلِد في المحرَّم سنة أربعٍ وعشرين وأربعمائة.
وتُوُفّي في ثالث جُمَادى الأولى، وصلّى عليه قاضي الجماعة أبو الوليد بن رُشْد.
قلت: لعلّه قرأ على ابن شُعَيب.
- حرف العين-
73- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن نجا بن محمد بن عليّ بن شاتيل [4] .
الدّبّاس. أخو عبد الله، وعمّ عُبَيْد الله، ووالد قاضي المدائن حمد.
__________
[1] وقال ابن السمعاني: فقيه فاضل، من أهل العلم والدين، كتب إليّ الإجازة، وكانت ولادته في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.
[2] انظر عن (خلف بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 175، 176 رقم 399.
[3] في الأصل: «البسكلاوي» ، والمثبت عن: الصلة.
[4] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: المنتظم 9/ 220 رقم 372 (17/ ج 189، 190 رقم 3894) .

(35/370)


أبو البركات الأَزجيّ.
سمع: أبا جعفر بن المسلمة، وأبا بكر محمد بن عليّ الخيّاط.
وتوفّي في ذي القعدة.
روى عنه: عبد الله بن شاتيل، وغيره [1] .
74- عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع [2] .
أبو الحسن الأندلسيّ المَريّيّ [3] ، الفقيه الأستاذ.
تلميذ أبي محمد عبد الله بن سهل.
روى عن: أبي عمر بن عبد البرّ، وأبي تمّام القطينيّ النّحويّ، وخلف بن إبراهيم المقرئ الطليطلي، وابن سهل، وغيرهم.
وأقرأ الناس بجامع المرية.
أخذ عنه: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام النرسي، وغيره.
قال ابن بشكوال [4] ، كان شيخا صالحا، مجودا للقرآن، حسن الصوت به.
وسمعت صاحبنا أبا عبد الله القطّان يُثني عليه، ويصحّح سماعه من ابن عبد البَرّ [5] .
مولده قبل الثّلاثين وأربعمائة. وتُوُفّي بالمَريّة في شعبان، وله بضعٌ وثمانون سنة.
75- عبد العزيز بن عليّ بن عمر [6] .
__________
[1] قال ابن الجوزي: «وكان مستورا من أهل القرآن والحديث، وسماعه صحيح» .
[2] انظر عن (عبد العزيز بن عبد الملك) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 373 رقم 798، وبغية الملتمس للضبيّ 386 رقم 1097، والعبر 4/ 33، وتذكرة الحفاظ 4/ 1254، ومعرفة القراء الكبار 1/ 470، 471 رقم 414، وعيون التواريخ 12/ 119، والبداية والنهاية 12/ 188، وغاية النهاية 1/ 394 رقم 1678، والنجوم الزاهرة 5/ 221، وشذرات الذهب 4/ 46.
[3] المرييّ: بفتح الميم، وكسر الراء المهملة، وتشديد الياءين. نسبة إلى مدينة المريّة.
[4] في الصلة 2/ 373.
[5] زاد ابن بشكوال: «وقد أخذ عنه بعض أصحابنا، وتكلّم بعضهم فيه، وأنكر سماعه من ابن عبد البر» . (الصلة) .
[6] انظر عن (عبد العزيز بن علي) في: المنتظم 9/ 221 رقم 374 (17/ 190 رقم 3896) ، والبداية والنهاية 12/ 188، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 95.

(35/371)


الدَّيْنَورِيّ، ثم البغداديّ أبو حامد.
أحد ذوي اليَسار المعروفين بفعل الخيرات والإيثار [1] .
روى قليلًا عن: أبي محمد الجوهريّ، وابن النَّقُّور.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن خالد.
وهو والد المحدَّث أبي بكر محمد بن عبد العزيز الدَّيْنَورِيّ، وجدّ شيخ الأَبَرْقُوهيّ مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
روى عنه: عبد الحقّ اليُوسُفيّ.
76- عُبَيْد الله بن نصر [2] .
أبو محمد الزَّعْفرانيّ [3] . والد العلّامة أبي الحسن، والمُسْنِد أبي بكر.
كان صالحًا من أهل القرآن.
سمع: أبا جعفر ابن المسلمة، وجماعة.
روى عنه: ذاكر بن كامل.
وتوفّي في صفر [4] .
- حرف الميم-
77- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد [5] .
أَبُو عَبْد الله الأبيوردي [6] المقري الصُّوفِيّ، نزيل بَغْدَاد.
قرأ بالروايات على: أَبِي معشر الطَّبَرِيّ بمَكَّة.
وَسَمِعَ من: إسماعيل بن مسعدة، وغيره.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «كان أحد أرباب الأموال الكثيرة، وعرف بفعل الخير والإحسان إلى الفقراء، وكانت له حشمة وتقدّم عند الخليفة وجاه عند التجار» .
[2] انظر عن (عبيد الله بن نصر) في: المنتظم 9/ 220 رقم 371 (17/ 189 رقم 3893) وفيه:
«عبيد الله بن نصر بن السريّ» .
[3] في المنتظم: «الزاغوني» .
[4] وقال ابن الجوزي: «كان من حفّاظ القرآن وأهل الثقة والصيانة والصلاح، وجاوز الثمانين» .
[5] لم أجد مصدر ترجمته.
[6] الأبيوردي: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان.
وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .

(35/372)


قرأ عليه: أبو العلاء العطّار الهَمَذَانيّ، برواية أبي عَمْرو.
وروى عنه: هو، والسَّلَفيّ، وعبد الملك بن عليّ الهَرّاسيّ، وسعد الله بن محمد المقرئ.
وتوفّي في شوّال، وله نيِّفٌ وثمانون سنة.
78- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن إسحاق [1] .
أبو الفوارس الكرْخيّ.
قيل إنّه من كرْخ البصْرة.
سمع: أبا بكر بن بِشْران، وأبا جعفر بن المسلمة.
روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره.
وتوفّي في ربيع الآخر.
وعنه أيضًا حفيده عبد الرحمن بن محمد.
79- محمد بن عليّ بن محمد الدَّيْنَورِيّ [2] .
القصّاب المؤدّب، أبو بكر.
شاعر بليغ، كان يؤدّب بدرب الدّوابّ.
أخذوا عنه من شِعْره.
وتُوُفّي في المحرَّم.
كتبوا عنه كثيرا، وهو مشهور [3] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (محمد بن علي القصّاب) في: عيون التواريخ 12/ 115، 116، وفوات الوفيات 2/ 476، والنجوم الزاهرة 5/ 89.
[3] وقال ابن النجار: وله أشعار في الزهد والغزل، ولم يكن يعرف النحو ولا اللغة. وروى عنه عمر بن ظفر المغازلي، والمبارك بن السرّاج، وغيرهم. وأورد له ابن النجار كثيرا من ذلك:
يا غافلا يتمادى غدا عليك ينادى ... هذا الّذي لم يقدّم قبل التّرحّل زادا
هذا الّذي وعظوه وأخلف الميعادا ... فلم يكن لتماديه طائعا منقادا
وقال:
ومشمّر الأذيال في ممزوجة ... متبرّج تاجا من العقيان
بالجاشرية ظلّ يهتف مسرعا ... ويصيح من طرب إلى الندمان
يا طيب لذّة هذه دنياكم ... لو أنه أبقت على الإنسان

(35/373)


80- محمد بن محمد بن عليّ [1] .
أبو الفتح الفُرَاويّ [2] الواعظ.
كان حَسَن الوعْظ، حُلْو الإيراد، مليح الإشارة.
قدِم بغداد وعقد بها مجلس الوعظ والإملاء.
وحدث عن: أبي القاسم القُشَيْريّ، وغيره.
وكانت وفاته بالرَّيّ.
قال ابن الجوزيّ [3] : لكنّه كان يروي الكثير من الموضوعات [4] .
قال: وكذلك مجالس الغزّاليّ الواعظ وابن العبّاديّ فيها العجائب المتخرّصة [5] والمعاني الّتي لَا توافق الشّريعة. وهذه المحنة تعمّ أكثر القُصّاص، بل كلّهم، لاختيارهم ما يَنْفُق على العوامّ.
وذكره ابن النّجّار [6] .
__________
[ () ]
هبّوا إلى شرب الخمور ... لصبوحكم لا للصلاة أذاني
طلعت كؤوس الراح من أيديهم ... مثل النجوم وغبن في الأبدان
[1] انظر عن (محمد بن محمد الفراوي) في: المنتظم 9/ 221، 222 رقم 375 (17/ 190، 191 رقم 3897) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 95، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 190، 191، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن كثير (مخطوط) 111 ب، 112 أ، وطبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 248 رقم 69، والوافي بالوفيات 1/ 127.
[2] الفراوي: بضم الفاء وفتح الراء بعدهما الألف وفي آخرها الواو. هذه النسبة إلى فراوة وهي بليدة على الثغر مما يلي خوارزم يقال لها رباط فراوة بناها أمير خراسان عبد الله بن طاهر في خلافة المأمون. (الأنساب 9/ 256) وفي المنتظم: «الخزيمي» .
[3] في المنتظم 9/ 221 (17/ 191) .
[4] عبارته في المنتظم: «ورأيت من مجالسه أشياء قد علّقت عنه فيها كلمات، ولكن أكثرها ليس بشيء، فيها أحاديث موضوعة، وهذيانات فارغة بطول ذكرها» وذكر حديثا فيه كذب فاحش.
[5] في الأصل: «المخرصة» .
[6] وقال ابن الجوزي: «احتضر الخزيمي بالريّ فأدركه حين نزعه قلق شديد، قيل له: ما هذا الانزعاج العظيم؟ فقال: الورود على الله شديد» .
وقال ابن السمعاني: هو واعظ حسن الوعظ، مليح الإيراد، حلو المنطق، خفيف الروح، لطيف العبارة، حسن الإشارة. وأنشد له:
إذا كنت ترضى بالتمنّي من التقى ... فإنّ التمنّي بابه غير مغلق
ما ينفع التحقيق بالقول في التقى ... إذا كان بالأفعال غير محقّق
(طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 248) .

(35/374)


81- محمود [1] بْن إِسْمَاعِيل بن محمد بن محمد [2] .
أبو منصور الإصبهانيّ الصَّيْرفيّ الأشقر.
راوي «المعجم الكبير» [3] عَنْ أَبِي الحُسَيْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فاذشاه.
وهو محمد بن أبي العلاء.
وُلِد في ربيع الآخر سنة إحدى عشرين وأربعمائة [4] .
وَسَمِعَ «المعجم» وغيره في سنة إحدى وثلاثين.
وسمع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الأعرج.
روى عنه: أبو القاسم إسماعيل التّيميّ في كتاب «التّرغيب» ، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو بكر محمد بن أحمد المهّاد، ومحمد بن إسماعيل الطّرسوسيّ، ومحمد بن أبي زيد الكرّانيّ [5] .
وآخر من روى عنه أبو جعفر الصّيدلانيّ سمع منه حضورًا.
قال السّلَفيّ: كان رجلًا صالحًا، وله اتّصال ببني مَنْدَهْ، وبإفادتهم سمع الحديث [6] .
وقال أبو موسى: تُوُفّي في ذي القعدة.
82- محمود بن مسعود بن عبد الحميد [7] .
__________
[1] في الأصل: «محمد» .
[2] انظر عن (محمود بن إسماعيل) في: التحجير 2/ 275- 277 رقم 942، ومعجم الشيوخ لابن السمعاني، ورقة 254 أ، والتقييد لابن نقطة 443 رقم 950، ومشيخة ابن عساكر، ورقة 236 ب، والعبر 4/ 34، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1636، والإعلام بوفيات الأعلام 211، وسير أعلام النبلاء 19/ 428- 430 رقم 250، وعيون التواريخ 12/ 119، ومرآة الجنان 3/ 211، والعسجد المسبوك للخزرجي، ورقة 48، والنجوم الزاهرة 5/ 221، وشذرات الذهب 4/ 46.
[3] للحافظ الطبراني.
[4] التحبير 2/ 277.
[5] الكرّاني: بفتح الكاف والراء مع التشديد وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كرّان. وهي محلّة كبيرة بأصبهان. (الأنساب 10/ 377) .
[6] وقال ابن السمعاني: شيخ صالح سديد معمّر، مكثر من الحديث، وسمع منه الغرباء وأهل البلد ... كتب إليّ الإجازة، وسمع منه الإمام والدي رحمه الله، وحدّثني عنه جماعة بخراسان، والعراق، والجبال.
[7] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/375)


أبو بكر الشُّعَيْبيّ [1] البُوزْجَنْديّ [2] ، وبُوزْجَنْدَة بلدة بفَرغانة.
ولد سنة أربعين وأربعمائة تقريبًا.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ إمامًا، فاضلًا، مُفْتِيًا، متفنّنًا، مناظرًا، مبرّزًا، تفقّه على الإمام محمد بن أبي سهل السَّرْخَسيّ، وحظي من الملوك. وجاء رسولًا إلى المستظهر باللَّه من جهة الخاقان صاحب ما وراء النَّهر، وأكرم مورده.
سمع من: شيخه ابن أبي سهل، وأبي بكر محمد بن عليّ بن حيدرة الجعفريّ، والمشطّب الفَرغانيّ، وعطاء بن عليّ الأديب.
روى عنه: محمد بن عمر ابنا أبي بكر محمد بن عثمان السّنْجيّ، ومحمود بن أبي بكر الصّابونيّ، وغيرهم.
قال عمر بن محمد النسفي في كتاب «القند» : تُوُفّي قاضي القُضاة أبو بكر الشُّعَيْبيّ بسمرقند في سابع ربيع الأوّل، وحمل تابوته إلى بُخَارَى.
83- محمد بن يحيى بن عبد الله بن زكريّا [3] .
القاضي الزّاهد أبو عبد الله بن الفرّاء الأندلسيّ، قاضي المَريّة.
روى عن: أبي العبّاس العُذْريّ كثيرًا، وعن: أبي عبد الله بن المرابط، وأبي محمد بن العسّال.
وكان إمامًا، زاهدًا، صالحًا، ورِعًا، متواضعًا، قوّالًا بالحقّ، مقبلًا على الآخرة. لمّا شرعوا في جباية المعونة كتب إلى عليّ بن يوسف بن تاشفين: إنّ الله قلّدك أمر المسلمين ليَبْلُوَك فيما آتاك ممّا يُزْلِفك لديه أو يُدْنيك بين يديه.
وهذا المال الّذي يُسمّى المعونة جُبِيَ من أموال اليتامى والمساكين بالقَهْر والغصْب، وأنت المسئول عنه، والمجيب على النّقير والقطمير، والكلّ في صحيفتك.
__________
[1] الشّعيبيّ: بضم الشين المعجمة، وفتح العين المهملة، وسكون الياء، بعدها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى الجد، وهو شعيب. (الأنساب 7/ 347) .
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 572 رقم 1261.

(35/376)


ولعلّ بعض فُقهاء السّوء أشار عليك بهذا، واحتجّ لك بأنّ عُمَر أخذ من المسلمين معونةً جهَّز بها جيشًا، فإن عمر لم يفعل حتّى توجَّه إلى القِبْلة، وحلف أنّه ليس في بيت المال دِرهم، وإنّ تجهيز ذلك الجيش مهّم، فيلْزمك أن تفعل كعمر.
فلمّا وقف على هذا الكتاب قَالَ: صدق، هم والله أشاروا عليَّ، وما بيت المال يحتاج. ثمّ ردّ ثُلث الأموال إلى أربابها.
ولم يكن بين يدَى ابن الفرّاء شرطيّ قطّ.
استشهد ابن الفرّاء في وقعة كُتُندَة، ويقال قُتُنْدَة، رحمه الله وقد أراد ابن تاشفين مرّة مصادرته، وأن يقيّده، فدفع الله عنه بصِدْقه ودِينه.
84- المُعَمَّر بن محمد بن الحسين [1] .
أبو نصر الأنْماطيّ البيّع، بغداديّ صالح، مكثر كثير التّلاوة، مقريء، فاضل.
حدَّث «بتاريخ» الخطيب، عنه.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وابن المسلمة، وأبا الحسين ابن الأبنوسيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن هالة، وهبة الله بن عساكر، وآخرون آخرهم ذاكر بن كامل.
كان يؤدّب الصّبيان.
وزعم الحافظ ابن ناصر أنّه كان ضعيفًا، ألْحق سماعه في جزءين من «تاريخ الخطيب» ، فقلت له: لِمَ فعلت هذا؟.
قال: لأنّي سمعت الكتاب كلّه.
تُوُفّي في شعبان، عن تسعين سنة.
قلت: لَا يؤثّر قدْح ابن ناصر فيه، فإنّ الرجل كان فيه نباهة، وما يمنع من
__________
[1] انظر عن (المعمّر بن محمد) في: ميزان الاعتدال 4/ 158 رقم 8695، ولسان الميزان 6/ 71 رقم 270.

(35/377)


أنّه كان له فَوْتٌ، فأعيد له بعد كتابة الطبّقة، ثمّ ألْحق اسمه، بل الضّعيف من يروي الموضوعات، ولا يتكلّم عليها.
85- مكّيّ بن أحمد بْن محمد بْن مُظَفَّر [1] .
أبو بَكْر البغداديّ المقرئ الحنبليّ.
قرأ بالروايات على: غلام الهَرّاس، وابن موسى الخيّاط، وأبي عليّ بن البنّاء.
وكانت رحلته إلى غلام الهرّاس في سنة خمسٍ وخمسين.
قرأ عليه طائفة منهم: أحمد بن محمد بن شقيق، ومقبل بن الصَّدْر.
وحدَّث عنه: أبو طالب بن خضير.
تُوُفّي في رمضان سنة أربع عشرة.
- حرف الياء-
86- يونس بن أبي سهولة بن فَرَج [2] .
أبو الوليد الشَّنْتَجَاليّ [3] ، نزيل دانية.
لقي أشياخ طُلَيْطُلَة كأبي محمد بن عبّاس، وأبي المُطَرّف بن سَلَمَةَ.
وكان إمامًا مدرّسًا مشاوَرًا.
تحدَّث عنه: أبو عبد الله ابن برنجال، وأبو عبد الله بن سعيد بن غلام الفرس، وأبو إِسْحَاق بن خليفة.
تُوُفّي بدانية في ربيع الأوّل.
__________
[1] انظر عن (مكّي بن أحمد) في: غاية النهاية 2/ 308 رقم 3643.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الشّنتجالي: بالأندلس، وبخط الأشتري شنت جيل، بالياء. (معجم البلدان 3/ 367) .

(35/378)


سنة خمس عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
87- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن جَحْدَر [1] .
أبو جعفر الأنصاريّ الشّاطبيّ.
روى عن: طاهر بن مُفَوَّز، ومحمد بن سعدون القرويّ، وعلي بن عبد الرحمن المقرئ.
وكان حافظا للفقه، بصيرا بالفتوى. ثقة ضابطا. وولي القضاء بشاطبة، ثم صرف.
- حرف الحاء-
88- الْحَسَن بْن أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بْن مهرة [2] .
أبو علي الإصبهاني الحدادي المقرئ. مسند إصبهان في القراءات والحديث. ولد في شعبان سنة تسع عشرة وأربعمائة، فسمع الحديث في سنة أربع وعشرين وأربعمائة، وبعدها. وعاش بعد ما سمع إحدى وتسعين سنة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 75، 76 رقم 166.
[2] انظر عن (الحسن بن أحمد الحدادي) في: التحبير 1/ 177- 192، رقم 97، والمنتظم 9/ 228 رقم 376 (17/ 199 رقم 3898) ، والتقييد لابن نقطة 236- 238 رقم 280، والعبر 4/ 34، وسير أعلام النبلاء 19/ 313- 307 رقم 193، والإعلام بوفيات الأعلام 211، ودول الإسلام 2/ 42، ومعرفة القراء الكبار 1/ 471، 472 رقم 415، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1637، ومختصر طبقات علماء المحدّثين 151 رقم 1637، ومختصر طبقات علماء الحديث (مخطوط) ورقة 227، وعيون التواريخ 12/ 129، وغاية النهاية 1/ 206 رقم 946، وشذرات الذهب 4/ 47، وعقد الجمان (مخطوط) 15/ ورقة 794، والرسالة المستطرفة 26، ومعجم المؤلفين 3/ 198، والأعلام 2/ 195.

(35/379)


سمع: أبا بكر محمد بن علي بن مُصْعَب، وأبا نُعَيْم أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الحافظ، فأكثر عنه إلى الغاية، وأبا الحسين بن فاذشاه، ومحمد بن عبد الرّزّاق بن أبي الشّيخ، وهارون بن محمد الكاتب، وأبا القاسم عبد الله بن محمد العطّار المقرئ، وأبا سعد عبد الرحمن بن أحمد بن عمر الصّفّار، وعليّ بن أحمد بن مهران الصّحّاف، وأحمد بن محمد بن بزدة الملنجيّ [1] ، وأحمد بن محمد بن الأسود الشُّرُوطيّ، وأبا نصر الفضل بن محمد القاشانيّ، ومحمد بن عبد الله التّبّان، وأبا أحمد محمد بن عليّ بن سيُوَيْه [2] المكفوف، ومحمد بن عبد الله بن مهران البقّال، وأبا ذَرّ محمد بن إبراهيم الصّالْحانيّ، وأبا بكر بن ريذة، وطائفة كبيرة.
وخرّج لنفسه «مُعْجَمًا» سمعناه، أو لعلّه بتخريج ولده الحافظ عُبَيْد الله.
وقرأ بالروايات على: أبي القاسم عبد الله بن محمد العطّار مقريء إصبهان، صاحب أبي جعفر التّميميّ الصّابونيّ، ومحمد بن جعفر الّذي قرأ على جعفر بن محمد بن الطّيّار.
وقرأ على: أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الرّازيّ الزّاهد، وأحمد بن الفضل الباطرقانيّ، وأحمد بن بزدة، وجماعة.
قال السّمعانيّ في (تحبيره) : [3] رحل النّاس إليه، ورأى من العزّ ما لم يره أحدٌ في عصره. وكان خيّرًا، صالحًا، مقرئًا، ثقة، صَدُوقًا. وهو أجلّ شيخ أجاز لي. وحدَّثني عنه جماعة كثيرة.
ومن مسموعه على أبي نُعَيْم: كتاب «التّوبة والاعتذار» [4] ، وكتاب «شرف الصَّبر» ، وكتاب «ذمّ الرّياء والسُّمعة» ، وكتاب «الحثّ على كسب الحلال» [5] ،
__________
[1] بزدة: بموحّدة وزاي، ودال مهملة، والملنجيّ: بكسر الميم وفتح اللام، ونون ساكنة، وجيم.
(المشتبه في الرجال 2/ 612) .
[2] سيّويه: بالسين المهملة المفتوحة، وياء مشدّدة مضمومة، وواو مفتوحة، ثم ياء وهاء. (المشتبه 1/ 390) .
[3] ج 1/ 177.
[4] في التحبير 1/ 180: «التوبة والتنصّل والاعتذار» .
[5] في التحبير: «الحث على اكتساب الحلال والذبّ عن تناول الحرام» .

(35/380)


وكتاب «حفظ اللّسان» ، وكتاب «تثبيت الإمامة» ، وكتاب «رياضة الأبدان» ، وكتاب «فضل التّهجُّد» [1] ، وكتاب «الإيجاز [2] وجوامع الكَلِم» ، وكتاب «خصائص فضل عليّ» ، وكتاب «الخُطَب النّبويّة» ، وكتاب «لباس [3] السّواد» ، وكتاب «تعظيم الأولياء» ، وكتاب «السّاعين» [4] ، وكتاب «التّعبير» [5] ، وكتاب «رفع اليدين في الصّلاة» ، وكتاب «تجويز المزاح» [6] . وكتاب «الهديّة» [7] ، وكتاب «حُرْمة المساجد» ، وكتاب «فضل الجار» ، وكتاب «فضل السُّحُور» [8] ، وكتاب «الفرائض» [9] ، وكتاب «اثنتين وسبعين فرقة» [10] ، وكتاب «مدح الكرام» ، وكتاب «الجواب عن: ثمّ أورثنا الكتاب» ، وكتاب «إسماع الكليم» [11] ، وكتاب «سحنة العقلاء» [12] ، وكتاب «حديث الطَّيْر» ، وكتاب «لبْس الصُّوف» ، وكتاب «الأربعين في الأحكام» [13] و «أربعي الصُّوفيّة» [14] ، وكتاب «الاستسقاء» ، وكتاب «الخسْف» [15] ، وكتاب «الصّيام والقيام» [16] ، وكتاب «الرؤية» [17] ، وكتاب «قراءات النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ» ، وكتاب «معرفة الصّحابة» [18] ، وكتاب «علوم الحديث» [19] ، و «تاريخ أصبهان» [20] ،
__________
[1] في التحبير: «فضل التهجّد وقيام الليل» .
[2] في الأصل: «الإنجاز» .
[3] في سير أعلام النبلاء 19/ 360 «لبس» .
[4] اسمه بالكامل: «فضيلة الساعين الأبطال المنفقين على العيال» . وفي السير: «السّعاة» .
[5] «الرؤيا والتعبير» .
[6] في الأصل: «المزاج» .
[7] اسمه: «جواز قبول الهدايا» .
[8] في التحبير: «فضيلة المتسحّرين» .
[9] «الفرائض والسهام» .
[10] «الافتراق على اثنتين وسبعين فرقة» .
[11] «إبداع الحكيم لإسماع الكليم» .
[12] لم يذكر في التحبير. وفي السير 19/ 306: «العقلاء» .
[13] كشف الظنون 1/ 57.
[14] في التحبير: «الأربعين في التصوّف وهي على مذهب المحقّقين من المتصوّفة» .
[15] في التحبير: «الخسف والآيات» .
[16] في التحبير: «فضل الصيام والقيام» .
[17] في التحبير: «تثبيت الرؤية للَّه في القيامة» .
[18] كشف الظنون 2/ 1739.
[19] في التحبير: «معرفة علوم الحديث على كتاب الحاكم» .
[20] في التحبير: «أخبار أصبهان ومن حدّث بها» . وهو مطبوع بليدن 1934 باسم: «ذكر أخبار

(35/381)


وكتاب «الإخوة» [1] ، وكتاب «العلم» ، وكتاب «الحلْية» [2] ، وكتاب «المتواضعين» [3] ، وكتاب «القراءة خلف الإمام» ، وكتاب «التّشهُّد» [4] ، وكتاب «حسن الظّنّ» ، وكتاب «المؤاخاة» [5] ، وكتاب «وعيد الزّناة» [6] ، وكتاب «الشُّهداء» [7] ، وكتاب القدر، وكُتُبًا غير ذلك، الجميع تأليف أبي نُعَيْم، وسماعه منه.
روى عنه: معمّر بن [الفا] خر، وأبو العلاء الحسن بن أحمد الهمدانيّ العطّار. وقرأ عليه بالرّوايات وأكثر عنه، وأبو طاهر السّلَفيّ، وأبو موسى المَدِينيّ، وأبو مسعود الحاجّيّ، وأبو الفتح عبد الله الخِرَقيّ، وأبو الفضل الخطيب الموصل، وأبو سعد الصّائغ، ويحيى الثّقفيّ، والفضل بن القاسم الصَّيْدلانيّ، ومحمد بن الحسن بن الفضل الأَدَميّ، والأديب محمد بن أحمد المصلح، وعبد الرحيم بن محمد الخطيب، ومسعود بن أبي منصور الخيّاط، وخليل بن بدر الرّارانيّ [8] ، ومحمد بن إسماعيل الطَّرَسُوسيّ، وأبو المكارم اللبان، ومحمد بن أبي زيد الكراني، وأبو جعفر الصَّيْدلانيّ، وله عنه حضور كثير، ولم يسمع منه مع إمكان ذلك.
وآخر من روى عنه بالإجازة عفيفة الفارقانيّة، وعاشت بعده إحدى وتسعين سنة.
قال أبو سعد السّمعانيّ: [9] كان عالما ثقة، صدوقا، من أهل العلم
__________
[ () ] أصبهان» ، وأعيد طبعه مؤخّرا في بيروت.
[1] في التحبير: «الإخوة من أولاد المحدّثي» .
[2] وهو «حلية الأولياء وطبقات الأصفياء» ، وهو مطبوع في عشرة أجزاء.
[3] في التحبير: «منفعة المتواضعين ومثلبة المتكبّرين» .
[4] في التحبير: «التشهّد بطرقه واختلافه» .
[5] في التحبير: «مراعاة الإخوان وفضيلة مراعاة حقوق الخلّان» .
[6] في التحبير: «ذكر الوعيد في الزناة واللاطة» .
[7] في التحبير: «ذكر الشهود وأسماء الشهداء» .
[8] في سير أعلام النبلاء 19/ 305: «الراري» ، والمثبت يتفق مع: المشتبه في الرجال 1/ 296.
[9] في التحبير 1/ 177.

(35/382)


والقرآن والدّين. قرأ القرآن بروايات، وعمّر العمر الطّويل، حتّى حدَّث بالكثير، ورحل النّاس إليه. كان والده يخرج إلى حانوته ليعمل في الحديد [و] يأخذ بيد الحسن، ويدفعه في مسجد أبي نُعَيْم، فأكثر عنه، حتّى صار بحيث لَا يفوته إلّا ما شاء الله.
قال ابن نُقْطَة: سمع من أبي نُعَيْم «الموطّأ» ، عن الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ القَعْنِبيّ، عن مالك.
(ح) وعن ابن خلّاد النَّصِيبيّ، عن تمتام، عن القَعْنِبيّ، عن مالك.
وسمع من أبي نُعَيْم «مُسْنَد الإمام أحمد» ، عن ابن الصّوّاف بعضه، وتمامه عن القَطِيعيّ، كلاهما عن عبد الله، عن أبيه.
وسمع منه «مسند الطّياليسيّ» ، و «مسند الحارث بن أبي أُسامة» ، ولكن لأبي نُعَيْم فوت في «مسند الحارث» ، وذلك جزءان معلومان: الثّالث عشر، والسّادس والعشرون، وكتاب «السُّنَن» لأبي مسلم رواه له عن فاروق الخطّابيّ، وبعضه عن حبيب القزّاز.
وسمع منه المستخرجين على الصحيحين، وكتاب «الحلية» ، وأشياء كثيرة، و «المعجم الأوسط» للطَّبَرانيّ، ومسانيد سُفيان الثَّوْريّ، وعوالي الأوزاعيّ، و «الجود» ، و «مسند الشّاميّين» و «السّنن المخرّجة من كتب عبد الرّزّاق» ، و «جامع عبد الرّزّاق ومغازيه» ، الكلّ سمعه من أبي نُعَيْم، أنبا الطَّبَرانيّ.
وسمع من أبي نُعَيْم كتاب «غريب الحديث» لأبي عُبَيْد، وكتاب «مقتل الحسين» ، وكتاب «الشّواهد» ، وكتاب «القضاء» بسماعه الكلّ من الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أبي عُبَيْد.
وسمع من أبي نُعَيْم «فوائد» سمّويه، وفوائد أبي عليّ بن الصّوّاف، و «مسند الطّيالسيّ» ، و «الطّبقات» لابن المدينيّ، و «تاريخ الطّالبيّين» للجعابيّ، و «جزء محمد بن عاصم» ، و «جزء ابن الفرات، و «أربعي الآجرّيّ» .
وسمع ابن ريذة «المعجم الكبير» للطّبرانيّ [1] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «انتهى إليه الإقراء والحديث بأصبهان» .

(35/383)


- حرف الخاء-
89- خلف بن سعيد بن خير [1] .
أبو القاسم الطّليطليّ الزّاهد، نزيل قرطبة.
كان يلقّن القرآن، وقد قرأ على: أبي عبد الله المَغَاميّ.
وأخذ أيضًا عن: عبد الصّمد بن سَعْدُون.
وكان ورعا، قانعا، متواضعا، متبرّكا به، حَسَن الأخلاق مذكور بإجابة الدّعوة. وكان ينوب في جامع قُرْطُبة.
تُوُفّي في نصف ذي القعدة. وكانت جنازته مشهورة قلّ أن سُمع بمثلها، رحمه الله تعالى.
- حرف الراء-
90- رُوزبَة بن موسى بن رُوزبَة [2] .
أبو الحسن الخُزَاعيّ الفقيه.
وُلّي القضاء بغير موضع بمصر، ثمّ استعفى من القضاء.
وكان مولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة.
قال السّلَفيّ: روى لنا عن نصر بن عبد العزيز الشّيرازيّ، وأبي إسحاق الحبّال [3] .
وتُوُفّي في رجب.
وكان حَسَن الخَلْق والخُلُق، كثير العبادة.
__________
[1] انظر عن (خلف بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 176 رقم 400.
[2] انظر عن (روزبه بن موسى) في: معجم السفر 1/ 255- 252 رقم 137.
[3] وقال السلفي: وذكر أنه سمع الشريف أبا إبراهيم بن حمزة العلويّ، ولم نجد له شيئا عنه، ورأيته له سماعا عن زيد بن الحسين الطحّان، وأبي العباس الرازيّ، جميعا بالإسكندرية.
وكانت عنده كتب حسنة. ومولده في رجب سنة عشرين وأربعمائة.
وحكى ابنه عبد الرحمن قال: قالت والدتي إنّ والدك ليلة بنى بي، قام وتطهّر وصلّى ركعات، ومن ذلك الوقت ما رأيته أخلّ ليلة بالصلاة في جوف الليل.

(35/384)


قال ابنه: كان أبي يختم في اليوم واللّيلة، ويقوم اللّيل [1] رحمه الله.
- حرف السين-
91- سعيد بن فتح.
أبو الطّيّب الأنصاريّ الأندلسيّ القَلْعيّ المقرئ، من قلعة أيّوب.
أخذ القراءات عن: أبي داود، وابن الدس، وابن البيّاز، وأبي القاسم بن النّحّاس.
وسمع من جماعة.
وتصدَّر للإقراء بمُرْسِيّة، وعلَّم. وكان ماهرًا مجوّدًا، أديبًا، محقّقًا.
أخذ عنه: أبو عبد الله بن فَرَج المكناسيّ، وغيره.
وتُوُفّي بقُرْطُبة فِي هَذِهِ السّنة أو فِي الّتي بعدها.
- حرف الشين-
92- شاهنشاه الأفضل [2] .
أمير الجيوش أبو القاسم ابن أمير الجيوش بدر الجماليّ الأرمنيّ.
كان بدر هو الكُلّ، وكان المستنصر مقهورًا معه، وتُوُفّي سنة ثمانين. فلمّا مات قام الأفضل مقام أبيه. وقضيّته مع نزار بن المستنصر وغلامه أفْتِكين متولّي الإسكندريّة مشهورة في أخْذِهما وإحضارهما إلى القاهرة، ثمّ لم يظهر لهما خبرٌ بعد ذلك. وذلك في سنة ثمانٍ وثمانين أيضا.
__________
[1] وزاد: فحين ضعف كان يصلّي في قعود، فإذا بقي عليه قليل قام فقرأ وركع.
[2] انظر عن (الأفضل) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 371 (وتحقيق سويم) 36، والكامل في التاريخ 10/ 589- 591، وذيل تاريخ دمشق 203، 204، ونزهة المقلتين لابن الطوير 108، 112، 113، 122، 125، والإشارة إلى من نال الوزارة 57، ووفيات الأعيان 2/ 448- 451 وأخبار الدول المنقطعة 77، 81- 88، 91، 92، 98، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 57، 58، والإعلام بوفيات الأعلام 211، وسير أعلام النبلاء 19/ 507- 510 رقم 294، والعبر 4/ 34، ودول الإسلام 2/ 42، 43، وتاريخ ابن الوردي 2/ 26، والمختصر في أخبار البشر 2/ 235، ومرآة الجنان 3/ 211، 212، والدرّة المضيّة 485- 487، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 104- 106، وعيون التواريخ 12/ 125- 127، والبداية والنهاية 12/ 188، 189، واتعاظ الحنفا 3/ 281، والنجوم الزاهرة 5/ 222، وشذرات الذهب 4/ 47، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 222، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 149.

(35/385)


فأمّا أفْتِكين فقتل ظاهرًا، وأمّا نزار فيقال إنّ المستعلي أخاه بنى عليه حائطًا.
ونزار المذكور هو الّذي تُنْسَب إليه الإسماعيليّة أرباب قلعة الأَلَمُوت.
وكان الأفضل داهية، شهْمًا، مَهِيبًا كأبيه، فَحْل الرأي، جيّد السّياسة.
أقام في الخلافة الآمر وُلِد المستعلي بعد موت المستعلي، ودبّر دولته، وحَجَر عليه، ومنعه من شهواته، فإنّه كثير اللّعِب، فحمله ذلك على قتْله، فأوثب عليه جماعة. وكان يسكن بمصر، فلمّا ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلْخ رمضان في هذه السّنة [1] .
وخلَّف من الأموال ما لم يُسمع بمثله.
قال ابن الأثير: [2] كانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة، وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسبابٍ، منها تضييقه على إمامهم، وترْكه ما يجب عندهم سلوكُه معهم، وترْكه معارضة أهل السُّنّة في اعتقادهم، والنَّهْي عن معارضتهم، وإذْنه للنّاس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.
قال: وكان حَسَن السّيرة، عادلًا. يُحكى أنّه لمّا قُتِل وظهر الظّلْم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة. وكان من جملة قولهم: إنّهم لعنوا الأفضل. فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنّه عَدَل وأحسن السّيرة، ففارقْنا بلادنا وأوطاننا، وقصدْنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظُّلم، فهو كان سبب ظُلْمنا.
فأمر الخليفة بالإحسان إليهم إلى النّاس.
وقيل إنّ الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان قد فسد ما بينهما.
وكان أبو عبد الله البطائحيّ هو الغالب على أمر الأفضل، فأسرّ إليه الآمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه. فلمّا قُتِل وُلّي البطائحي وزارة الآمر، ولُقّب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصلب.
__________
[1] أخبار الدول المنقطعة 88 ووقع فيه: «فقتلوه سنة خمس وعشرين وخمسمائة» ، وهذا وهم، والصحيح 515 هـ-.
[2] في الكامل 10/ 590.

(35/386)


وقال سبط الجوزيّ في ترجمة الأفضل [1] ، ووضعها في سنة ستّ عشرة، وكأنّه وهِم، قال: إن الأفضل وُلِد بعكّا سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة.
قال أبو يَعْلَى بن القلانِسِيّ: [2] وكان الأفضل حَسَن الاعتقاد، سُنّيّا، حميد السّيرة مُؤْثِرًا للعدل، كريم الأخلاق، صادق الحديث. لم يأتِ الزّمان بمثله، ولا حُمِد التّدبير عند فقْده. واستولى الآمر على خزائنه، وجميع أسبابه.
وكان الأفضل جوادًا مُمَدَّحًا، مدحه جماعة، منهم قاضي مصر القاضي الرشيد أحمد بن القاسم الصَّقَلّيّ صاحب الدّيوان الشّعْر.
قال القاضي شمس الدّين [3] : قال صاحب «الدّول المنقطعة» [4] : خلّف الأفضل ستّمائة ألف ألف دينار [5] ، ومائتين وخمسين إرْدَبّ دراهم، وخمسة وسبعين ألف ثوب ديباج، وثلاثين راحلة أحقاق ذهب عراقيّ، ودواة من ذهب مجوهرة، قيمتها اثنا عشر ألف دينار، ومائة مسمار من ذهب، وزن المِسْمار مائة مِثقال [6] ، في كلّ مجلس منها عشرة، على كلّ مِسْمار منديل مشدود مذهّب، فيه بذلة بلون من الألوان، أيّما أحبّ منها لبسه [7] ، وخمسمائة صندوق كِسْوة لخاصّته [8] . وخلّف من الرقيق والخيل والبِغال والطّيب والتّجمُّل ما لم يعلم قدرَه إلّا الله، ومن الجواميس والبَقَر والغَنَم ما يستحيى من ذِكر عدده، بلغ ضمان ألْبانها في العام [9] ثلاثين ألف دينار.
وقلت: كذا قال هذا النّاقل ستّمائة ألف ألف دينار، والعهدة عليه.
وفي الجملة فإنّ الأفضل هذا تصرَّف في الممالك، وكنز الأموال، وجمع
__________
[1] في مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 104- 106.
[2] في ذيل تاريخ دمشق 203.
[3] ابن خلكان في وفيات الأعيان 2/ 451.
[4] أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر 91، 92.
[5] في الأخبار: «ستة ألف ألف دينار» .
[6] في الأخبار: «مائة دينار» .
[7] في أخبار الدول: «لبسها. وله لعبة من العنبر قدر ثيابه، إذا نزع الثياب جيئت على اللعبة» .
(91، 92) .
[8] في أخبار الدول زيادة: «من دقّ تنّيس ودمياط» .
[9] في الأخبار: «في سنة وفاته» .

(35/387)


ما لم يجمعه ملك. وكان ملكه سبْعًا وعشرين سنة.
وفي أيّامه تغلّبت الفرنج، لعنهم الله، على القدس، وأنطاكية، وعكّا، وطرابُلُس، وصور، وصيدا، وبيروت، وقَيْساريّة، وعدّة حصون سوى ذلك.
وكذا كلّ ملك نَهْمَتُه في جَمْع الأموال يبخل عن استخدام الجيوش، ويفْرط.
فلله الأمر كلُّه.
قال ابن الأثير في «كامله» [1] : وثبَ عليه ثلاثةٌ، فضربوه بالسّكاكين، فقتلوه، وحُمِل وبه رَمَق إلى داره، ونزل الآمر بأحكام الله إلى داره، وتوجّع له، فلمّا مات نقل من أمواله ما لَا يعلمه إلّا الله. وبقي الخليفة الآمر في داره أربعين يومًا أو نحوها، والكتاب بين يديه، والدّوابّ تحمل وتنقل ليلًا ونهارًا، ووجد له من الأعلاق النّفيسة، والأشياء المعدومة، ما لَا يوجد لغيره، وحبس أولاده.
93- شمس النّهار [2] بنت الحافظ أبي عليّ أحمد بن محمد البَرَدَانيّ [3] .
أمّ الفضل، زوجة أَبِي منصور عَبْد الرَّحْمَن بن زُرَيْق القزّاز.
سمّعها أبوها من: أبي جعفر ابن المسلمة، وغيره.
روى عنها: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
- حرف الطاء-
94- طُلْحةُ بن الحسن بن أبي ذرّ محمد بن إبراهيم الصّالحانيّ [4] .
الأديب أبو الطّيّب.
ولد سنة ستّ وعشرين وأربعمائة.
وسمع من: جدّه، وابن ريذة.
روى عنه: أبو موسى، وقال: تُوُفّي في صفر.
وأجاز لابن السّمعانيّ، وقال: فمن مسموعاته: كتاب «أخلاق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
__________
[1] ج 10/ 591.
[2] لم أجد مصدر ترجمتها.
[3] البرداني: بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[4] انظر عن (طلحة بن الحسن) في: التحبير 1/ 350- 352 رقم 297، ومعجم البلدان 3/ 263، ونكت الهميان 175، والرسالة المستطرفة 44.

(35/388)


وشمائله» [1] لأبي الشّيخ، يرويه عن جدّه أبي ذَرّ، عنه، وكتاب «السُّنّة» الصّغير [2] لأبي الشّيخ، عن جدّه، و «البرّ والصّلَة» لأبي الشيخ بالإسناد، وكتاب «القدر» لعليّ بن محمد الطَّنَافسيّ، وكتاب «الصَّوم» لابن أبي عاصم، عن جدّه، عن القبّاب، عنه.
- حرف العين-
95- عبد الله بن إدريس [3] .
أبو محمد السَّرَقُسْطيّ المقرئ.
كان من أهل الضَّبْط.
أخذ عن: عبد الوهاب بن حَكَم، وغيره.
وتصدَّر بجامع سبْتَة للإقراء.
وقرأ عليه: القاضي عِياض، وغيره.
96- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن [4] .
أبو ياسر البَرَدَانيّ، أخو أبي عليّ [5] .
شيخ صالح خيّر.
سمع: أباه، وأبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا إسحاق البرمكيّ، وأبا محمد الجوهريّ، وجماعة.
روى عنه: عليّ بن طِراد، وشُعْبة بن عمر الإصبهانيّ، والصّائن هبة الله، والسّلَفيّ، وجماعة.
97- عبد الوهّاب بن حمزة [6] .
__________
[1] في الرسالة المستطرفة 44: «أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلّم» .
[2] في التحبير 1/ 351: «السنّة الصغيرة» .
[3] انظر عن (عبد الله بن إدريس) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 292 رقم 643، وغاية النهاية 1/ 410 رقم 1743.
[4] لم أجد مصدر ترجمته، وذكر ابن السمعاني أباه محمدا في (الأنساب 2/ 136) .
[5] اسمه أحمد بن محمد البرداني. ولد سنة 426 وتوفي سنة 498 هـ-. (الأنساب 2/ 136) .
[6] انظر عن (عبد الوهاب بن حمزة) في: المنتظم 9/ 229 رقم 379 (17/ 200 رقم 3901) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 172 رقم 71، وشذرات الذهب 4/ 47.

(35/389)


أبو سعد الحنبليّ صاحب أبي الخطّاب.
كان فقيهًا مُفْتِيا، معدّلًا.
سمع: أبا محمد الصّريفينيّ، وابن النّقّور [1] .
روى عنه: أبو حكيم إبراهيم بن دينار النّهروانيّ.
وتوفّي في شعبان.
98- عليّ بن جعفر بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن حسين بن أحمد بن محمد بن زيادة الله بن محمد بن الأغلب [2] .
الأغلبيّ أبو القاسم بن القطّاع، السّعديّ الصّقليّ [3] ، الكاتب اللّغويّ.
ولد بصقلّية في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وأخذ بها عن: أبي بكر محمد بن عليّ بن البرّ اللُّغَويّ، وغيره.
وبرع في النَّحْو، وصنَّف التّصانيف.
ونزح عن صَقَلّية حين أشرف الفرنج على تملّكها، وقدم مصر في حدود الخمسمائة، فبالغوا في إكرامه، وأحسنت [4] إليه الدّولة.
وله كتاب «الأفعال» [5] ، من أجْوَد الكُتُب في معناه، وكتاب «أبنية الأسماء»
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «وتفقّه على الشيخ أبي الخطاب وأفتى، وشهد عند أبي الحسن الدامغانيّ، وكان مرضيّ الطريقة حميد السيرة، من أهل السّنّة» .
[2] انظر عن (علي بن جعفر) في: معجم الأدباء 12/ 279- 283، وإنباه الرواة 2/ 236، ووفيات الأعيان 3/ 322- 324، والمختصر في أخبار البشر 2/ 236، والعبر 4/ 35، وسير أعلام النبلاء 19/ 433- 435 رقم 253، وتاريخ ابن الوردي 2/ 31، ومرآة الجنان 3/ 212، وعيون التواريخ 12/ 121- 123، والبداية والنهاية 12/ 236، ولسان الميزان 4/ 209، وحسن المحاضرة 1/ 532، 533، وبغية الوعاة 2/ 153، 154، والنجوم الزاهرة 5/ 209 (في وفيات 509 هـ-.) ، وشذرات الذهب 4/ 45، 46،
[3] بفتح الصاد والقاف. هكذا ضبطها أبو بكر محمد بن عليّ بن البرّ اللُّغَويّ فقال: هكذا عرّبتها العرب، واسمها باللسان الرومي: «سبكه» بكسر السين وفتح الكاف، وسكون الهاء. و «كيليه» بكسر الكاف واللام وتشديد الياء وسكون الهاء، وتفسير هاتين: «التين والزيتون» (المطرب لابن دحية 59) .
[4] في الأصل: «وأحسن» .
[5] قال ابن خلّكان: «أحسن فيه كل الإحسان، وهو أجود من «الأفعال» لابن القوطية، وإن كان ذلك سبقه إليه» . (وفيات الأعيان 3/ 323) .

(35/390)


جَمَعَ فيه فأوعب [1] . وله مصنَّف في العَرُوض، وكتابَ «الدّرّة الخطيرة» في المختار من شعراء الجزيرة، جزيرة صَقَلّية، وأورد فيه لمائةٍ وسبعين شاعرًا [2] ، وكتاب «لُمَح المُلَح» .
وكان نقّاد المصريّين ينسبونه إلى التّساهل في الرواية. وذلك لأنّه لمّا قدِم سألوه عن كتاب «الصَّحاح» للجوهريّ، فذكر أنّه لم يصل إلى صَقَلّية. ثمّ إنّه لمّا رأى اشتغالهم فيه ركَّب له إسنادًا، وأخذه النّاس عنه مقلّدين له [3] .
قال السّلَفيّ: سمعت عبد الواحد بن غلّاب يقول: سمعت أبا القاسم بن القَطاع يقول: لمّا خرجت من المغرب، شيّعني شيخي أبو بكر محمد بن عليّ ابن البَرّ التّميميّ اللُّغَويّ، وقال: توجَّهْ حيث أردت، فما يُرى مثلُك.
قال ياقوت الحمويّ: كان أبوه جعفر ذا طبقة عالية في اللّغة والنّحْو، وجدّه عليّ شاعر محسِن، مَدَح الحاكم، ووُلّي ديوان الخاصّة. وجدّ أبيه من الشّعراء أيضًا. وكذلك جدّهم الأعلى الحسين بن أحمد.
وكان أبو القاسم بن القَطّاع يعلّم وُلِد الأفضل أمير الجيوش، إلى أن ذكر أنّه مات سنة 514 [4] . وكان ذكيا شاعرًا، راويةً للأدب.
وله في غلام اسمه حمزة:
يا من رمى النّار، في فؤادي ... وأنْبَطَ العينَ بالبكاء
اسمُكَ تصحيفُهُ بقلبي ... وفي ثناياك بُرْءُ دائي
أردُدْ سلامي فإنّ نفسي ... لم يَبْقَ منها سوى الذّماء [5]
وله:
وشادن في لسانه عُقَدٌ ... حلَّت عُقُودي وأوهنت جلدي
__________
[1] زاد ابن خلّكان: «وفيه دلالة على كثرة اطلاعه» .
[2] 12/ 281.
[3] إنباه الرواة 2/ 236.
[4] معجم الأدباء 12/ 279، 280.
[5] الأبيات في إنباه الرواة 2/ 236 وعيون التواريخ 12/ 122، بزيادة بيت أخير:
أنهكه في الهوى التجنّي ... فصار في رقّة الهواء

(35/391)


عابوه جَهْلًا بها، فقلت لهم: ... أما سمعِتم بالنَّفث في العُقدِ؟ [1]
تُوُفّي رحمه الله بمصر في صفر. وهو من وُلِد زيادة الله بن الأغلب الأمير.
99- عليّ بن زيد بن شهريار [2] .
أبو الوفاء الأصفهانيّ التّاجر المقرئ.
في جُمَادَى الأولى تُوُفّي.
سمع: أبا الحسن الدّاوديّ، وأبا عمر المَلِيحيّ، وأحمد بن الفضل الباطِرْقانيّ، وطبقتهم.
وعنه: أحمد بن مسعود بن النّاقد، ويحيى بن ثابت، والسّلَفيّ.
من كبراء أهل إصبهان وثقاتهم. له بصرٌ بالحديث.
عاش سبْعًا وسبعين سنة [3] .
- حرف الميم-
100- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن مبارك القطّان [4] .
أبو عبد الله القُرْطُبيّ.
سمع: أبا عليّ الغسّانيّ، وأبا عبد الله أحمد بن محمد الخولانيّ [5] .
وكان مختصًا بالقراءة على الشّيوخ لمعرفته وذكائه [6] ، وحُسْن قراءته [7] ، وكان الشّيوخ يعظّمونه ويكرمونه.
تُوُفّي كهلا.
101- محمد بن الحسن بن عليّ [8] .
__________
[1] عيون التواريخ 12/ 122، مرآة الجنان 3/ 213.
[2] انظر عن (علي بن زيد) في: غاية النهاية 1/ 543 رقم 2224.
[3] وقرأ عليه الحسن بن أحمد الهمذاني، رواية قتيبة عن الكسائي، وأثنى عليه.
[4] انظر عن (محمد بن أحمد القرطبي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 573 رقم 1264.
[5] سمع منه الموطّأ.
[6] في الصلة: «ونباهته» .
[7] زاد ابن بشكوال: «وكان فاضلا ديّنا متواضعا، حسن الخط. عني بالحديث وروايته وشهر به.
وكان بارّا بأصحابه وإخوانه» .
[8] انظر عن (محمد بن الحسن الخولانيّ) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 572 رقم 1262،

(35/392)


أبو عبد الله الخولانيّ الأندلسيّ المربّي، ويُعرف بالبَلَغيّ [1] . رحل، وقدِم دمشق. وحدَّث بها عن: خَلَفُ بن إبراهيم، والحسين بن بُكَيْر. وسمع من: سهل ابن بِشْر الإسْفَرَائينيّ، وأبي حامد الغزّاليّ، والشّريف النّسيب.
وكان صالحًا، مقبلًا على شأنه، قانعًا باليسير، طَلّابةً للعِلْم.
روى عنه: هبة الله بن طاوس.
وتُوُفّي بالمَرِيّة في رمضان سنة خمس عشرة، وله ثلاثٌ وسبعون سنة [2] .
102- محمد بن خليفة بن محمد بن حسين [3] .
أبو عبد الله النَّمَريّ [4] العراقيّ، الشّاعر المعروف بالسَّنْبِسيّ، [5] لأنّ أُمّه سِنْبِسِية. وأصله من هِيت [6] .
وأقام في الحِلّة عند صَدَقة بن مَزْيَد، وكان شاعره وشاعر ولده دُبَيْس.
لكن لم يحسن له دُبَيْس فتركه، وقدِم بغداد، ومدح الوزير أبا عليّ بن صَدَقة، فأجزل عطاءه. وأقام ببغداد.
وله شِعْرٌ رائق.
__________
[ () ] ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 102 رقم 114، والأنساب 2/ 292 (بالحاشية) ، والمقفّى الكبير للمقريزي 5/ 552 رقم 2073 و 5/ 555 رقم 2079.
[1] البلغي: بفتح أوله وثانيه، وغين معجمة، وياء مشدّدة. كذا ضبطه أبو بكر بن موسى. وهو بلد بالأندلس من أعمال لاردة ذات حصون عدّة. (معجم البلدان 1/ 488) .
[2] ذكره المقريزي مرتين، وأرّخ مولده في الأولى بسنة 441 هـ-. (5/ 552 رقم 2073) وفي الثانية بسنة 442 هـ-. (5/ 555 رقم 2079) وقال: كانت له عناية بمعرفة الأوقات.
[3] انظر عن (محمد بن خليفة) في: خريدة القصر (القسم العراقي) 4/ 209- 226، وتلخيص مجمع الآداب 4/ رقم 2709، والمختصر المحتاج إليه للدبيثي 1/ 259، وعيون التواريخ 12/ 123- 125، وفوات الوفيات 2/ 402، والوافي بالوفيات 3/ 48.
[4] النّمري: بفتح النون والميم وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى النّمر، وهو النّمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. (الأنساب 12/ 140) وفي عيون التواريخ 12/ 123: «النميري» .
[5] السّنبسيّ: بالنون الساكنة، والباء الموحّدة المكسورة بين السينين المهملتين المكسورتين. هذه النسبة إلى سنبس، وهي قبيلة معروفة من طيّ. (الأنساب 7/ 158) .
[6] هيت: بالكسر، وآخره تاء مثنّاة. بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وهي مجاورة للبرّية. (معجم البلدان 5/ 420، 421) .

(35/393)


روى عنه: السَّلَفيّ، وعبد الرحيم ابن الإخْوة، وهزارسب [1] بن عوض، وغيرهم.
وكان يُعرف بالقائد السَّنْبِسيّ.
وتُوُفّي في أول العام، وقد عمي، وجاوز التّسعين.
قال عزّ الدّين أبو القاسم بن رواحة: أنشدنا السَّلَفيّ قال: أنشدني أبو عبد الله السَّنْبِسيّ لنفسه من قصيدة:
وكم ليلةٍ قد سِرْتُها غيرَ مرّةٍ ... إليها وقد نام الغَيُور المخلفُ
فبات حَشَاها تحت رُكْبتي بطانةً ... لكَشْحي وما عينٌ من النّاس تَطْرُفُ
وما بينا إلّا النّطاقُ وحُليُّها ... وأبيضُ مسحور العِذارين أهْيفُ
فبِتُّ أُجاريها الحديثَ وأشتكي ... جَوى الحُبَّ حتّى كادتِ الشّمسُ تشرفُ
فرأيتُ ولم تحلُلْ معاقِدَ مِئْزَري ... على ريبةٍ أخْزَى بها حين أقرفُ
سوى رَشَفاتٍ من شِفاهٍ وكأنّها ... جنْي الورْد من أغصانه حين يُقْطفُ
أُبرَّدُ أنفاسي بهنَّ وأَلْتَوي ... على كَبِدي والله بالسّرِّ أعرفُ
وممّا شجاني يوم بانتْ حمُولُها ... حَمامٌ بأعلى دمْنةِ الدّار هُتّفُ
عشيّة راحوا بالنّياق فغرَّبُوا ... وأصبحتُ في آثارها أتعرّفُ
بكيت إلى أن لان من ماء أدمُعِي ... صميمُ الحصا أو كاد بالدَّمْع ينطفُ
وما الحيُّ بالحي الّذين ألِفْتُهُم ... ولا الدّار بالدّار الّتي كنت أعرفُ
103- محمد بن عبد الباقي بن جعفر بن محمد بن مجالد [2] .
أبو منصور البَجَليّ الكوفيّ الشّاهد.
سمع: الشّريف محمد بن علي بن عبد الرحمن العَلَويّ، وعبيد الله بن عليّ بن أبي قربة، ومحمد بْن عَبْد العزيز النّهْشَليّ العطّار، ومحمد بْن إِسْحَاق بن فدّويه، ودارم بن محمد، ومحمد ومحمد ابني محمد بْن عيسى بْن حازم، ومحمد بْن حمزة التّميميّ الزّيّات، وجماعة.
وخرّج له أبيّ النّرسيّ جزءا عن شيوخه.
__________
[1] في الأصل: «هزارست» ، والتصحيح من ترجمته الآتية برقم (105) .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الباقي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 343 رقم 406.

(35/394)


وقدِم بغداد تاجرًا غير مرّة.
روى عَنْهُ: ابن ناصر، وعبد الوهّاب بْن الصّابونيّ، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وغيرهم.
وثّقة أُبَيّ.
وقال يَحْيَى بْن سَعْد اللَّه بْن عَبْد الباقي البَجَليّ: تُوُفّي عمّي في السّابع والعشرين مِن ربيع الأوّل بالكوفة.
قلت: وسمع منه: السّلَفيّ، والصّائن ابن عساكر.
ذكره الحافظ ابن عساكر وقال: أجاز لي. وذكر أنّه قِدم دمشق.
104- محمد بْن عليّ بْن عُبَيْد الله [1] .
أبو بَكْر بْن الدَّنِف [2] .
بغداديّ مقريء.
سَمِعَ: عَبْد الصّمد بْن المأمون، وابن المسلمة.
وكان إمامًا صالحًا، خيرًا، حنبليا [3] .
تُوُفّي في شوّال [4] .
وقد تفقّه على أبي جعفر بن أَبِي موسى، وجلس للاشتغال مدّة.
روى عَنْهُ: ذاكر بْن كامل، وابن بَوش.
- حرف الهاء-
105- هزارسب [5] بن عوض بن حسن [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي الدنف) في: المنتظم 9/ 230 رقم 382 (17/ 201 رقم 3904) ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 172، 173 رقم 72، وسير أعلام النبلاء 19/ 485، 486 رقم 282، وشذرات الذهب 4/ 47- 49.
[2] الدّنف: بفتح الدال المهملة، وكسر النون، وآخره فاء. (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 173) .
[3] في المنتظم: «وكان من الزّهّاد الأخيار، ومن أهل السّنّة، وانتفع به خلق كثير، وحدّث بشيء يسير» .
[4] ولد سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
[5] في الأصل: «هزاردست» .
[6] انظر عن (هزارسب) في: المنتظم 9/ 231 رقم 386 (17/ 202 رقم 3908) ، والكامل في التاريخ 10/ 596، والإعلام بوفيات الأعلام 211، والعبر 4/ 36، وعيون التواريخ

(35/395)


أبو الخير الهَرَويّ، المفيد، المحدّث، نزيل بغداد.
أحد مِن عنِي بهذا الشأن وتعبَ عَليْهِ. وكان يحرّض النّاس عَلَى السّماع، ويفيدهم ويبالغ. وحصّل أصُولًا كثيرة [1] .
وتُوُفّي قبل أوان الرّواية.
سَمِعَ: طِراد الزَّيْنَبيّ، وأحمد بْن عَبْد القادر بْن يُوسُف، وأصحاب أَبِي عليّ بْن شاذان. إلى أن سَمِعَ مِن أصحاب أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
وتُوُفّي في ربيع الأوّل، وخطّه دقيق مليح.
روى عَنْهُ: عليّ بْن أحمد البزديّ، وذاكر بْن كامل.
- حرف الياء-
106- يحيى بْن صاعد بْن سيّار [2] .
الكِنانيّ، الهَرَويّ، الحنفيّ، أبو عَمْرو، قاضي قُضاة هَرَاة.
قَالَ أبو النّصر عَبْد الرَّحْمَن الفاميّ: كَانَ في العلوم بحرًا لَا يُدرك قَعْره.
عاش ثلاثًا وتسعين سنة.
__________
[12] / 129، ومرآة الجنان 3/ 213، وشذرات الذهب 4/ 48.
[1] في المنتظم: «وكان ثقة من أهل السّنّة» .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/396)


سنة ست عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
107- أحمد بْن سَعْد بْن خَالِد [1] بْن بَشْتَغير [2] .
أبو جعفر اللَّخْميّ اللوُرْقيّ [3] .
روى عَنْ: أَبِي العبّاس العُذْريّ، وطاهر بْن هشام، وجماعة.
وأجاز لَهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وحاتم بْن محمد.
وكان واسع الرّواية، كثير السَّماع، عالي الإسناد.
أجاز لابن بَشْكُوال.
- حرف الجيم-
108- جامع بْن عَبْد الصّمد [4] .
أبو منصور الخلقانيّ [5] الصّوفيّ النّيسابوريّ [6] .
روى عَنْ: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وابن مسرور الكنجروذيّ، وجماعة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن سعد) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 76 رقم 167.
[2] في الأصل: «بستغير» ، والمثبت عن الصلة.
[3] اللّورقي:، بضم اللام والواو، وسكون الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى لورقة وهي من بلاد الأندلس من المغرب. (الأنساب 11/ 36) .
[4] انظر عن (جامع بن عبد الصمد) في: المنتخب من السياق 177 رقم 471، والتحبير 1/ 157، 158 رقم 86، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 63 أ.
[5] الخلقاني: بضم الخاء المعجمة وسكون اللام وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بيع الخلق من الثياب وغيرها. (الأنساب 5/ 163) .
[6] في المنتخب: «المعروف بجويه أو بجوبين» . وفي التحبير: «الخلقاني المقرئ الغسّال المعروف بخوش خوش» .

(35/397)


وتُوُفّي في ذي القِعْدة [1] .
وكان كثير الصّلاة والصّيام، لَهُ عناية بإحياء قبور المشايخ.
سَمِعَ منه: أبو سَعْد السّمعانيّ، وغيره.
- حرف الحاء-
109- الحَسَن [2] بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد [3] .
أبو عليّ الباقَرْحِيّ [4] ، ثمّ البغداديّ.
مِن أولاد المحدّثين [5] . رَجُل مستور كثير السَّماع.
ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة [6] .
وسمع: أبا الحَسَن القَزْوينيّ، وأبا بَكْر بْن بَشْران، وأبا الفتح بْن شيطا، وأبا طاهر محمد بْن عليّ العلّاف، وأبا إِسْحَاق البرمكيّ، وأبا القاسم التّنُوخيّ.
روى عَنْهُ جماعه. وله مشيخة سمعناها.
روى عنه: ذاكر بْن كامل، وأبو نصر بن يوسف.
ومات في رجب.
- حرف الدال-
110- دَاوُد بْن إسماعيل بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن بْن دَاوُد [7] .
السّيّد أبو جعفر ابن النّقيب أَبِي المعالي العَلَويّ النّيسابوريّ.
__________
[1] وكانت ولادته في سنة 442 هـ-.
[2] في الأصل: «الحسين» وكذا في بعض المصادر، وفي البعض الآخر: «الحسن» .
[3] انظر عن (الحسين بن محمد) في: المنتظم 9/ 238 رقم 387 (17/ 210 رقم 3909) وفيه «الحسن» ، واللباب 1/ 90، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والعبر 4/ 36، وسير أعلام النبلاء 19/ 384، 385 رقم 226، وتذكرة الحفاظ 4/ 1256، وعيون التواريخ 12/ 140، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 104، وشذرات الذهب 4/ 48.
[4] الباقرحي: بفتح الباء والقاف وسكون الراء، وفي آخرها الحاء المهملة. هذه النسبة إلى باقرح وهي قرية من نواحي بغداد. (الأنساب 2/ 48) وتحرفت في شذرات الذهب إلى:
«الباخرحي» .
[5] قال ابن الجوزي: «فهو محدّث، وأبوه، وجدّه، وأبو جدّه، وجدّ جدّه» .
[6] المنتظم.
[7] انظر عن (داود بن مسلم) في: المنتخب من السياق 220 رقم 684.

(35/398)


شيخ أهل بيته في وقته.
سَمِعَ: أبا حفص بْن مسرور، وأبا الحُسَيْن عَبْد الغافر، وأبا سَعْد الكَنْجَرُوذيّ.
تُوُفّي في سادس صَفَر، وعنده «صحيح مُسْلِم» .
- حرف السين-
111- سليمان بْن الفيّاض.
أبو الربيع الإسكندرانيّ، الشّاعر.
تلميذ أُمَيَّةَ بْن الصّلْت. قرأ عَلَيْهِ مِن الفلسفة والعلوم المهجورة شيئًا كثيرًا.
وكان مِن فُحُولِ الشُّعراء. دخل العراق، وخُراسان، والهند.
وتُوُفّي في الغُربة في حدود سنة ستّ عشرة، أو بعد ذَلِكَ بيسير.
وله يَقُولُ:
بَيْني وبَيْنَكَ ما لو شئت لم يضع ... سر إذا ذاعت الأسرارُ لم يَذِعِ
تِه احْتَمِلْ، واسْتَطِلْ أصْبِر، أعزّ أهِن ... ووَلّ أقْبِل، وَقُلْ أسْمَع، وَمُرْ أطعِ
- حرف العين-
112- عَبْد الجبّار بْن أَبِي بَكْر محمد بْن حمديس [1] .
أبو محمد الصَّقَلّيّ الشّاعر.
امتدح ملوك الأندلس بعد السّبعين وأربعمائة، واختصّ بالمعتمد بْن عبّاد، فحظي لديه لحُسْن شِعره [2] . فلمّا أُسِر المعتمد وسُجِن بأغمات قدِم عليه أبو
__________
[1] انظر عن (عبد الجبّار بن أبي بكر) في: خريدة القصر (قسم شعراء الأندلس) ق 4 ج 2/ 66- 84، وبغية الملتمس للضبيّ 536- 537 رقم 1562، وبدائع البدائه 70- 72 و 179، 180 و 310، ومسالك الأبصار (مصوّر) ج 11/ 288- 293، والمطرب لابن دحية 54- 57، ونفح الطيب 1/ 321- 327 و 2/ 417، والعرب في صقلّيّة للدكتور إحسان عباس 235- 263، وبلاغة العرب في الأندلس للدكتور أحمد ضيف 129- 148، وانظر: ديوان ابن حمديس.
وقد تحرّف في (بغية الملتمس) إلى: «حمريش» .
[2] قال الأديب المعروف بابن رزين: أخبرني عبد الجبّار بن حمديس الصّقلّي قال: أقمت بإشبيليّة لما قدمتها وافدا على المعتمد بن عباد مدّة لا يلتفت إليّ، ولا يعبأ بي، حتى قنطت لخيبتي مع

(35/399)


محمد وافيًا لَهُ ومعزّيًا. وانصرف إلى إفريقيا، فامتدح ملكها يحيى بْن تميم الصّنْهاجيّ، ثمّ ابنه الحَسَن، وآخر العهد بِهِ سنة ستّ عشرة.
ومن شِعره:
حَرّك لمعناك لفظًا كي يُزانَ بِهِ ... وَقُلْ مِن الشّعْر سحْرًا أو فلا تَقُلْ
فالكحْل لَا يفتنُ الأبصار منظَرُهُ ... حتّى يصير حشْوَ الأَعْيُن النُّجْل
113- عَبْد الْجَبّار بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بْن أصْبَغ [1] .
أبو طَالِب الأُمَويّ المَرْوانيّ الهشاميّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: محمد بْن فرج الفقيه، وأبي جعفر بْن رزق، وجماعة.
وجمع تاريخًا كبيرًا [2] . وكان أديبًا إخباريًا، شاعرًا ذكيًا.
وُلِد سنة خمسين وأربعين، وتُوُفّي في رمضان.
وقد لقي أبا عبيد البكريّ المؤرّخ، وحمل عنه.
__________
[ () ] فرط تعبي، وهممت بالنكوص على عقبي، فإنّي كذلك ليلة من الليالي في منزلي، إذا أتاني غلام، ومعه شمعة ومركوب، فقال لي: أجب السلطان. فركبت من فوري ودخلت عليه، فأجلسني على مرتبة فنك، وقال: افتح الطاق الّذي يليك، ففتحته فإذا بكور زجاج على بعد، والنار تلوح من بابه، وواقده يفتحهما تارة، ويسدّهما أخرى، ثم أدام سدّ أحدهما وفتح الآخر، فحين تأمّلتهما قال لي: ملّط:
انظرهما في الظلام قد نجما فقلت:
كما رنا في الدّجنّة الأسد فقال:
يفتح عينيه ثم يطبقها فقلت:
فعل امرئ في جفونه رمد فقال:
فابتزّه الدهر نور واحدة فقلت:
وهل نجا من صروفه أحد! فاستحسن ذلك، وأمر لي بجائزة سنيّة، وألزمني خدمته، (بدائع البدائه 179، 180) .
[1] انظر عن (عبد الجبّار بن عبد الله) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 379، 380 رقم 813، والوافي بالوفيات 18/ 35 رقم 28، وبغية الوعاة 2/ 72.
[2] سمّاه «عيون الإمامة ونواظر السياسة» .

(35/400)


114- عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد القادر بْن مُحَمَّد بْن يوسف [1] .
أبو طَالِب بْن أَبِي بَكْر البغداديّ.
كَانَ يسكن القرية داخل دار الخلافة.
ولد سنة نيّف [2] وثلاثين وأربعمائة، وسمع المصنّفات الكبار مِن: أَبِي عليّ بْن المُذْهب، وأبي إِسْحَاق البرمكيّ، وأبي بَكْر بْن بَشْران، وأبي محمد الجوهريّ، وجماعة.
وتفرّد في وقته بكثرة المرويّات.
روى عنه: السّلَفيّ، وأبو العلاء الهَمَذَانيّ، والصّائن ابن عساكر، وأبو طَالِب بْن خُضَيْر، وأبو محمد بْن الخشّاب، وأبو الحَسَن بْن عساكر البطائحيّ، وأبو الحسين عَبْد الحقّ، وأبو بَكْر بْن الَّنُّقور، والشّيخ عَبْد القادر الجيليّ، وأبو الحسين عَبْد الحقّ اليُوسُفيّ، وأبو منصور محمد بْن أحمد الدّقّاق، ويحيى بْن برش، وخلْق سواهم.
قَالَ السّمعانيّ: شيخ صالح، ثقة، ديّن، متحرّ في الرّواية، كثير السَّماع. انتشرت عَنْهُ الرواية في البُلدان، وحمل عَنْهُ الكثير.
وقال السّلَفيّ: تربّي أبو طَالِب عَلَى طريقة والده في الاحتياط التّامّ في الدّين مِن غير تكلُّف، وكان كامل الْفَضْلِ، حَسَن الجملة، ثقة، متحرّيًا إلى غايةٍ ما عليها مَزْيَد. قَلَّ مِن رَأَيْت مثله. وكان والده أبو بَكْر أزهد خلْق الله [3] .
وقال محمد بْن عطاف: تُوُفّي في آخر يوم الجمعة، وقيل: ليلة السّبت، ثامن عشر ذي الحجَّة، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
__________
[1] انظر عن (عبد القادر بن محمد) في: المنتظم 9/ 239 رقم 389 (17/ 211 رقم 3911) ، والكامل في التاريخ 10/ 606، والمختصر في أخبار البشر 2/ 236، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1642، ودول الإسلام 2/ 43، وسير أعلام النبلاء 19/ 386، 387 رقم 228، والعبر 4/ 38، وعيون التواريخ 12/ 140، وتاريخ ابن الوردي 2/ 31، وشذرات الذهب 4/ 49، ومذكور في تذكرة الحفاظ 4/ 1256 دون ترجمة.
[2] في المنتظم: ولد سنة ست وثلاثين.
[3] وقال ابن الجوزي: «وسمع الكثير وحدّث بالكثير سنين، وكان الغاية في التحرّي واتّباع الصدق والثقة، وكان صالحا كثير التلاوة للقرآن، كثير الصلاة. وَهُوَ آخر من حدَّث عَنْ أَبِي القاسم الأزجي» . (المنتظم) .

(35/401)


115- عليّ بْن أحمد بْن حرب [1] .
أبو طَالِب السُّمَيْرميّ [2] .
وزير السّلطان محمد. وسُمَيْرم: قرية مِن قرى إصبهان.
كَانَ مجاهرًا بالظُّلْم والفسْق، بنى ببغداد دارًا فظلم النّاس، وأخرب محلّه التُّوثَةِ [3] ، ونقل آلتها [4] ، فاستغاث أهلُها، فحبسهم وغرّمهم.
وهو الَّذِي أعاد المُكُوس بعد أربع عشرة [5] سنة. وكان يَقُولُ: قد فرشت حصيرًا في جهنم، وقد استحييت مِن كثرة الظُّلْم.
قَالَ هذا في اللّيلة الّتي قُتِلَ في صبيحتها. ركب في موكبٍ عظيم وحوله السّيوف المسلّلة، فمرّ بمضيق، فظهر رجلٌ مِن دكَّة فضربه، فجاءت في البغلة، فهرب، فتبِعه الأعوان والغلْمان، وبقي منفردًا، فوثب عَلَيْهِ آخر فضربه في خاصرته، وجذَبه رماه، ثمّ ضربه عدَّة جراحات ثمّ ذبحه. وَقُتِلَ ذَلِكَ الرجل فوق الوزير، وَقُتِلَ اثنان مِن أصحاب الوزير، وَقُتِلَ ثلاثة كانوا مَعَ قاتله يقاتلون الغلمان فقُتلوا. وذلك في سلخ صفر [6] .
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد) في: المنتظم 9/ 239، 240 رقم 390 (17/ 212، 213 رقم 3912) ، والكامل في التاريخ 10/ 601، وتاريخ دولة آل سلجوق 120، 127، 128، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 107، وفيه «علي بن حرب» ، والعبر 4/ 28، والعبر 4/ 38، وسير أعلام النبلاء 19/ 432، 433 رقم 252، وعيون التواريخ 12/ 132، 133، والبداية والنهاية 12/ 191، والكواكب الدرّية 89، وشذرات الذهب 4/ 50.
[2] السّميرمي: بضم السين المهملة، وفتح الميم، وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها راء ثم ميم. نسبة إلى سميرم بلدة بين أصبهان وشيراز. وهي آخر حدود أصبهان.
وقد تحرفّت في (مرآة الزمان ج 8 ق 1/ 107) إلى: «السميرقي» .
[3] في الأصل: «النوبة» . وتوثة: بلفظ واحد التّوث، محلّة في غربي بغداد متصلة بالشونيزية مقابلة لقنطرة الشوك. (معجم البلدان 2/ 56) .
[4] في الأصل: «ونقل إليها» ، والمثبت عن: المنتظم وفيه: «ونقل آلاتها إلى عمارة داره» .
[5] في المنتظم: «بعد عشر سنين» .
[6] انظر التفاصيل في المنتظم 9/ 239، 240 (17/ 212، 213) ، وفيه: «وكانت زوجة هذا الوزير قد خرجت في بكرة اليوم الّذي قتل فيه راكبة بغلة تساوي ثلاثمائة دينار بمركب لا يعرف قيمته، وبين يديها خمس عشرة جنيبة بالمراكب الثقال المذهبة، ومعها نحو مائة جارية مزيّنات بالجواهر والذهب، وتحتهنّ الهمالج بمراكب الذهب والفضة، وبين بديهم الخدم والغلمان والنفاطون بالشموع والمشاعل، فلما استقرّت بالخيم المملوءة بالفرش والأموال والحمال جاءها

(35/402)


116- عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الحُسَيْن [1] .
أبو الحسن المَداريّ [2] ، أخو أحمد، وأبي السّعود.
بغداديّ مِن باب المراتب.
كَانَ محتشمًا متموّلًا.
سَمِعَ: أبا الحُسَيْن بْن الأَبَنُوسيّ، وأبا الحَسَن الْمَكِّيّ [3] .
وعنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
مات في ذي الحجَّة.
117- عُمَر بْن الأستاذ أَبِي بَكْر محمد بْن الحُسَن الخُراسانيّ [4] .
المعروف بالحامديّ الزّاهد الصُّوفيّ، الأستاذ أبو عَبْد الرَّحْمَن.
ذكره عَبْد الغافر فقال: مِن وجوه أصحاب أبي عَبْد الله الإمام في علم القراءات.
وسمع «صحيح مُسْلِم» مِن: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر.
وسمع مِن: عُمَر بْن مسرور.
وحدث.
تُوُفّي في ثامن عشر ربيع الأوّل [5] .
- حرف الميم-
118- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي عُمَر المطهّر بْن أَبِي نزار مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بجير [6] .
__________
[ () ] خبر قتل زوجها، فرجعت مع جواريها وهنّ حواسر حواف، فأشبه الأمر قول أبي الْعَتَاهِيَةِ:
رُحْنَ فِي الْوَشْيِ وَأَصْبَحْنَ ... عَلَيْهِنَّ الْمُسُوحُ
[1] انظر عن (علي بن محمد) في: المنتظم (في الطبعة الجديدة 17/ 214 رقم 3914) ، وترجمته ساقطة من طبعة حيدرآباد.
[2] في الأصل: «المزاري» ، والمثبت عن المنتظم.
[3] وفي المنتظم: «سمع القاضي أبا يعلى، وابن المهتدي، وابن المسلمة، وغيرهم، وحدّث عنهم، وقرأ بالقراءات، وكان سماعه صحيحا» .
[4] انظر عن (عمر بن أبي بكر محمد) في: المنتخب من السياق 370، 371 رقم 1231.
[5] وكانت وفاته عن مرض أصابه بسبب قرصة في جبهته لكثرة السجود بقي فيها مدة.
[6] انظر عن (محمد بن أحمد بن أبي عمر) في: التحبير 2/ 81- 84 رقم 686، ومعجم شيوخ

(35/403)


الرئيس أبو عدنان الرَّبَعيّ الإصبهانيّ.
مِن أولاد المحدّثين.
ولد سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
وسمع «المعجم الصغير» مِن ابن ريذة.
روى عَنْهُ: يحيى الثَّقَفيّ، وأبو موسى وقال: تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وأجاز للسّمعانيّ، وقال فيه: شيخ سديد، [1] صالح، وهو والد شيخنا عَبْد المغيث، وعبد الجليل.
وسمع مِن: جدّه المطهّر، وجعفر بْن محمد بْن جعفر، وأبي القاسم عَبْد الرَّحْمَن بن محمد الذَّكْوانيّ.
يروي كتاب «الرهان» [2] للأسلميّ، عَنِ الذَّكْوانيّ، عَنْ أبي عثمان، عَنِ الشّعرانيّ، عَنْهُ، وكتاب «معرفة شيوخ شُعْبَة» ، ألّفه أبو دَاوُد الطَّيَالِسيّ، بسماعه مِن الذَّكْوانيّ، عَنْ أَبِي الشَّيْخ، وكتاب «العيد» [3] لأبي الشَّيْخ، و «الأطعمة» لابن أبي عاصم، و «السّنّة» [4] ليعقوب الفسويّ، و «المحنة» [5] جمع صالح بن أحمد، وعدّة تواليف ذكرها السّمعانيّ [6] .
119- محمد بْن عَبْد الله.
أبو الوفاء الطّوسيّ، المعروف بالمقدسيّ. شيخ الحرم في وقته.
رَأَى الكبار وخَدَمهم. وكان سديد الطّريقة، مَرْضِيّ الأمر.
جاورَ مدَّة طويلة.
وسمع مِن: هياج بْن عُبَيْد.
وببغداد مِن: أَبِي بَكْر الطّريثيثيّ [7] .
__________
[ () ] ابن السمعاني، ورقة 202 ب.
[1] في الأصل: «شديد» .
[2] في التحبير 2/ 82: «الرهبان» .
[3] في التحبير 2/ 82: «العيدين» .
[4] في التحبير 2/ 83: «السّنّة ومجانبة أهل البدع» .
[5] «محنة أحمد بن حنبل ونسبته وخلقه» .
[6] انظر التحبير 2/ 82- 84.
[7] الطريثيثي: بضم الطاء المهملة، وفتح الراء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وبعدها

(35/404)


وتُوُفّي في حدود سنة ستٌّ عشرة، رحمه اللَّه.
120- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن محمد [1] .
الحافظ أبو عَبْد الله الدّقّاق، الإصبهانيّ.
قَالَ: عرفت بين المحدّثين بالدّقّاق بصديقي أَبِي عليّ الدّقّاق. فإنّهم سألوني في وقت سماعي: بأيّ شيء تكتب تعريف سماعك؟ فقلت: بالدّقّاق.
وولدت بمحلّة جرواآن [2] سنة بضع وثلاثين وأربعمائة، وسمعت سنة سبْعٍ وأربعين مِن أَبِي المظفَّر عَبْد الله بْن شبيب الضّبّيّ المقرئ الخطيب، وأبي بَكْر أحمد بْن الْفَضْلِ الباطِرْقانيّ [3] المقرئ.
وسمعتُ سنة مِن أصحاب أَبِي بَكْر بْن المقرئ، وسمعت مِن أَبِي الْفَضْلِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الرّازيّ المقرئ قِدم علينا، ومن سَعِيد بْن أَبِي سَعِيد العيّار.
وأوّل مِن سَمِعْتُ منه: السّديد الأوحد، أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْدَهْ.
وأوّل رحلتي في سنة ستّ وستّين وأربعمائة. وأوّل ما أمليت الحديث بِسَرْخَس في سنة أربعٍ وسبعين، فسمع منيّ: الإمام أبو عَبْد الله العُمَيريّ، وأبو عَرُوبة عَبْد الهادي الأنصاريّ، وأبو الفتح عَبْد الرّزّاق بْن حسّان المَنِيعيّ، وجماعة من شيوخي.
__________
[ () ] الثاء المثلّثة بين الياءين، وفي آخرها مثلثة أخرى. هذه النسبة إلى طريثيث وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، بها قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية: «ترشيز» . (الأنساب 8/ 238) .
[1] انظر عن (محمد بن عبد الواحد) في: التحبير 1/ 107، 138، 276، 393، 539، 55، 575، 576 و 2/ 9، 113، 165، 174، 220، 305، 346، 352، 390، 393، 395، 409، ومختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي، ورقة 225، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1645، وسير أعلام النبلاء 19/ 474، 475 رقم 277، وتذكرة الحفاظ 4/ 1255، 1256، والعبر 4/ 38، 39، وعيون التواريخ 12/ 140، ومرآة الجنان 3/ 221، وشذرات الذهب 4/ 53.
[2] جرواآن: محلّة كبيرة بأصبهان. وفي الأصل: «جروان» .
[3] الباطرقاني: بفتح الباء وكسر الطاء المهملة وسكون الراء وفتح القاف وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى باطرقان وهي إحدى قرى أصبهان. (الأنساب 2/ 40) .

(35/405)


وكان أَبِي مِن أهل البيوتات، لم يكن مِن المحتشمين، كَانَ مِن أوساط المسلمين مِن أهل القرآن والصّلاح، معبرًا، يرجع إلى قليل مِن العِلْم، سَمِعَ مِن أبي سَعِيد النّقّاش، وغيره.
ثمّ إنّه ذكر البُلدان الّتي دخلها لسماع الحديث، فذكر نَيْسابور، وطُوس، وسَرْخَس، وهَرَاة، ومرو، وبَلْخ، وجُرْجان، وبُخارى، وسَمَرْقَنْد، وكرْمان، إلى أن ذكر أكثر مِن مائةٍ وعشرين موضعًا، ما بين مدينةٍ إلى قرية. ولم يصل إلى العراق، ولا حجّ، مَعَ كَثْرة تَرْحاله وتغرُّبه.
وقال: فأمّا المشايخ الّدين كتبت عَنْهُمْ بإصبهان، فأكثر مِن ألف شيخ إنّ شاء الله، وأمّا مِن كتبت عَنْهُمْ في الرحلة، فأكثر مِن ألف أخرى، لأني سمعتُ بنَيْسابور، وهَرَاة مِن نحو ستّمائة شيخ.
وكان الدّقّاق صالحًا، محدّثا، سُنّيًا، أثريًا، قانعًا باليسير، فقيرًا متقلّلًا.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وخليل بْن أبي الرجاء الرّارانيّ [1] ، وأبو سعد محمد بن عبد الواحد الصائغ.
أخبرنا أبو عليّ الخلّال أَنَّ أمَّ الْفَضْلِ الأَسَديَّة أخبرتهم، عَنْ عَبْد الرحيم بْن أَبِي الوفاء الحاجيّ قَالَ: تُوُفّي الشَّيْخ الحافظ أبو عبد الله الدّقّاق ليلة الجمعة، وقْت السَّحَر، السّادس مِن شوّال، سنة ستّ عشرة.
121- محمد بْن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي العلاء [2] .
أبو عَبْد الله ابْن الفقيه أَبِي القاسم المَصّيصيّ، ثمّ الدّمشقيّ المعدّل.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وأبا القاسم السّمَيْساطيّ، وأبا القاسم الحِنّائيّ، وعبد الدّائم الدّلّال، وأبا بَكْر الخطيب [3] ، وجماعة.
وكان ثقة صحيح السَّماع.
__________
[1] في الأصل: «الرازيّ» .
[2] انظر عن (محمد بن علي) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 119 رقم 142.
[3] حدّث عنه سنة 505 هـ-.

(35/406)


روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو القَاسِم بن عساكر، وعبد الرّزّاق النّجّار.
وتُوُفّي في رمضان، وله إحدى وسبعون سنة [1] .
122- محمد بْن عليّ بْن منصور بْن عَبْد المُلْك [2] .
أبو منصور القُرّائيّ [3] ، قيّده ابن نقطة بضمّ القاف، وألف ساكنة، القرّاء القَزْوينيّ، اللُّغَويّ، نزيل بغداد. أو وُلِد بها.
قرأ القرآن عَلَى: أَبِي بَكْر بْن موسى الخيّاط. وأقرأ عَنْهُ.
وسمع: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا إسحاق البرمكي، وأبا الطيب الطبري، وأبا الحَسَن الماوَرْديّ.
روى عنه: الصّائن ابن عساكر، وجماعة آخرهم يحيى بْن بوش.
ومولده تقديرًا في سنة أربعٍ وثلاثين، وتُوُفّي في شوّال.
والقرّاء من أجداده [4] .
123- المعلّى بن عبد العزيز [5] .
أبو محمد المَرْغِينانيّ [6] الحنفيّ.
__________
[1] كان مولده سنة 445 هـ-.
[2] انظر عن (محمد بن علي القرائي) في: التدوين في أخبار قزوين 1/ 471، 472، والمنتظم 9/ 241، 242، رقم 393 (17/ 215 رقم 3916) ، والأنساب 10/ 87، 88.
[3] هكذا في الأصل، وفي المصادر: «القزويني» . وهو «القرّائي القزويني» . قال ابن السمعاني:
القرّائي بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة، وفي آخر الياء المنقوطة من تحتها باثنتين. هذه النسبة إلى القرّاء. عرف بهذا اللقب بعض أجداد المنتسب إليه، وهو بيت كبير بقزوين.
(الأنساب 10/ 87) .
[4] وقال ابن السمعانيّ في المذيّل: «كان شيخا صالحا، له معرفة بالعربية.. وسألت عنه أبا البركات الأنماطي فأثنى عليه» .
ووقع في (الأنساب 10/ 88) أنه توفي سنة عشر وخمسمائة. وهو غلط.
[5] ترجم ابن السمعاني لأبيه «عبد العزيز» في (الأنساب 11/ 249) .
[6] المرغيناني: بفتح الميم، وسكون الراء، وكسر الغين، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح النون، وفي آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى مرغينان، وهي بلدة من بلاد فرغانة، ومن مشاهير البلاد بها. (الأنساب 11/ 248) .

(35/407)


حجّ في أواخر عمره، وسكن بغداد يدرّس بها ويفتي ويناظر.
أملى عَنْ: والده، ومحمد بْن أبي سهل السرخسي، وأبي المعالي محمد ابن محمد بن زيد الحسيني الحافظ.
روى عَنْ: الحُسَيْن بْن خسْرو، وعليّ بْن أبي سعد الخباز.
مات في رمضان رحمه الله عَنِ اثنتين وسبعين سنة.
- حرف الهاء-
124- هشام بْن محمد بْن سَعِيد [1] .
القُدوة، أبو عليّ المغربيّ الطُّلَيْطُليّ الزّاهد، نزيل بغداد.
مِن كبار المشايخ. لَهُ كلام في الحقيقة. ونظر في الزُّهْد.
حكى عَنْهُ جماعة.
ذكره ابن النّجّار.
- حرف الياء-
125- يحيى بْن محمد بْن أَبِي نُعَيْم [2] .
أبو نُعَيْم الأبِيَوَرْدِيّ [3] ، شيخ الصُّوفيَّة بأَبيوَرْد.
حجّ سبْعٍ حجّج، وكان مِن سادة القوم.
تُوُفّي رحمه الله ورضي عنه في صفر.
__________
[1] ترجمته في الجزء الضائع من (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأبيوردي: بفتح الألف وكسر الباء الموحّدة وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الواو وسكون الراء وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى أبيورد وهي بلدة من بلاد خراسان، وقد ينسب إليها الباوردي. (الأنساب 1/ 128) .

(35/408)


سنة سبع عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
126- أحمد بْن عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن القاسم [1] .
أبو سَعْد ابن الطُّيُوريّ، الصَّيْرفيّ، الكُتُبيّ، المقرئ، المجوّد.
البغداديّ.
أخو المبارك.
شيخ صالح مكثِر، اعتنى به أخوه، وسمّعه واستجاز لَهُ.
سَمِعَ: أبا طَالِب بْن غَيْلان، وأبا محمد الخلال، وأبا الطيب الطبري، وأبا طَالِب العشاريّ، وأبا محمد الجوهريّ، وآخرين.
وأجاز لَهُ محمد بْن عليّ الصُّوريّ الحافظ، وأبو عليّ الأهوازيّ المقرئ.
وكان دلّالًا في الكُتُب، صدوقًا.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، والحسين بْن عَبْد المُلْك الخلّال، والصّائن ابن عساكر، وذاكر بْن كامل، وجماعة آخرهم وفاة يحيى بْن برش.
وكان مولده في سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.
وتوفّي في رجب.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الجبار) في: المنتظم 9/ 247 رقم 394 (17/ 221 رقم 3917) ، والمعين في طبقات المحدّثين 151 رقم 1646، وسير أعلام النبلاء 19/ 467، 468، والإعلام بوفيات الأعلام 212، والعبر 4/ 39، وتذكرة الحفاظ 4/ 1265، وعيون التواريخ 12/ 154، والوافي بالوفيات 7/ 14، وغاية النهاية 1/ 65، وشذرات الذهب 4/ 53، 54.
وانظر: الفوائد العوالي المؤرّخة من الصحاح والغرائب للتنوخي، (تحقيقنا) ص 39، وكتابنا:
موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 1/ 305 رقم 144.

(35/409)


قَالَ ابنُ النّجّار: قرأ بالروايات عَلَى: أَبِي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي بن البنّاء.
وأجاز لَهُ: الحَسَن بْن محمد الخلّال، وعبد العزيز الأَزَجيّ أيضًا [1] .
127- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بن حَسْنُونَ [2] .
أبو نصر النَّرْسيّ [3] . مِن أهل باب المراتب.
سمع: جدّه أبا الحُسَيْن.
وَقِيلَ أنّه تغيّر بآخرة واختلط.
تُوُفّي في ربيع الأوّل.
وقد شهد عند أَبِي الحَسَن عليّ بْن الدّامَغَانيّ [4] .
وكان متدينًا، حسن الطّريقة.
روى عنه: ابن ناصر، ويحيى بْن بوش، وأبو طاهر بْن سِلَفة وقال: ذكر لي أبو منصور بْن الَّنُّقور قَالَ: قَلَّما قمت مِن اللّيل إلّا وسمعت قراءة أبي نصر بْن النَّرْسيّ في الصلاة.
128- إبراهيم بن محمد بْن خِيَرة [5] .
أبو إِسْحَاق القُونكيّ، نزيل قُرْطُبَة.
روى بقُونْكَة [6] عَنِ القاضي محمد بْن خَلَف بْن السّقّاط «صحيح الْبُخَارِيّ» .
وأكثر بقرطبة عن: أبي علي الغسّانيّ، [7] وحازم بن محمد.
__________
[1] وقال ابن الجوزي: «سمع من جماعة ولا نعرف فيه إلّا الخير» . (المنتظم) .
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] النّرسي: بفتح النون وسكون الراء وكسر السين المهملة. هذه النسبة إلى النّرس، وهو نهر من أنهار الكوفة، عليه عدّة من القرى. (الأنساب 12/ 69) .
[4] الدّامغانيّ: بالدال المفتوحة المشدّدة المهملة والميم المفتوحة والغين المنقوطة، بلدة من بلاد قومس. (الأنساب 5/ 259) .
[5] انظر عن (إبراهيم بن محمد التونكي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 99 رقم 224، ومعجم البلدان 4/ 415.
[6] في الأصل: «التونكي» و «تونكة» . والمثبت عن (معجم البلدان 4/ 415) وفيه: «قونكة: بوزن التي قبلها إلّا أنّ هذه بالكاف، مدينة بالأندلس من أعمال شنت بريّة» .
[7] تحرّفت في معجم البلدان إلى «العسّالي» .

(35/410)


وكان حافظا للحديث، وهو من شيوخنا. قال ابن بَشْكُوال.
وتُوُفّي في شوّال.
129- إبراهيم بْن محمد.
أبو إِسْحَاق الأنصاريّ [1] .
القُرْطُبيّ الضّرير [2] .
جوّد القرآن عَلَى أَبِي عَبْد الله المَغَاميّ.
وسمع مِن: جُماهر بن عبد الرَّحْمَن.
وأقرأ النّاس القراءات.
وكان ثقة صالحًا منقبضًا، مقبِلًا عَلَى شأنه.
تُوُفّي في شَعْبان.
130- إسماعيل بْن نصر بْن بَكْر بْن أحمد بْن الحُسَيْن بْن مِهْران [3] .
المقرئ النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ: أبا عثمان الصّابونيّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ.
أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ.
مات في صَفَر، وكان من أولاد الأئمَّة [4] .
- حرف الحاء-
131- حمزة بْن الْعَبَّاس بْن علي بْن الحَسَن بْن عليّ [5] .
الشريف أبو محمد العَلَويّ الحُسَيْني الإصبهانيّ الصُّوفيّ.
تُوُفّي في سادس عشر جمادى الأولى [6] .
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن محمد الأنصاري) في: الصلة 1/ 98. 99 رقم 323.
[2] ويعرف بالمجنقوني.
[3] انظر عن (إسماعيل بن نصر) في: التحبير 1/ 111 رقم 34، ومعجم شيوخ ابن السمعاني ورقة 47 أ، 47 ب، والمنتخب من السياق 153 رقم 360 وفيه كنيته «أبو المحاسن» .
[4] قال عبد الغافر: «يحضر أحيانا مجالس الأمالي والحديث» ، وقال: ولد سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة» .
[5] انظر عن (حمزة بن العباس) في: التحبير 1/ 253- 255 رقم 169، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 98 أ، 98 ب.
[6] في التحبير 1/ 256: «وفاته في المحرّم سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة» .

(35/411)


قَالَ أبو موسى: سَمِعَ أبا طاهر بْن عَبْد الرحيم الكاتب، وغير واحد بإصبهان.
وعنه: أبو موسى، وأبو سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الصائغُ، وأَبُو طاهر السّلَفيّ، ومحمد بن عبد الخالق بْن أَبِي سكر الجوهريّ، وجماعة سواهم، آخرهم موتًا عفيفة الفارقانيَّة.
وروى عَنْهُ بالإجازة أبو سَعْد السّمعانيّ، وقال: مات سنة ستٌّ عشرة.
وطوّل ترجمته بتسمية مسموعاته.
وقال: كَانَ شيخ الصُّوفيَّة ومقدّمهم، ويُعرف ببرطلة. سيّد، حَسَن السّيرة، حُمَيْد الأمور، ورِع، عفيف. رحل النّاس إليه [1] .
سَمِعَ: أبا أحمد محمد بْن عليّ بْن سَمُّوَيْه المكفوف، وابن ريذة، والحسين بْن عَبْد الله بْن فَنْجُوَيْه، وعليّ بْن القاسم الخيّاط، وابن النُّعْمان القَصّاص، وأبا طاهر بْن عَبْد الرَّحِيم.
وأجازَ لَهُ: أَبُو الحَسَن بْن صخر الأزْديّ مِن مكَّة، وأبو سَعْد عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد الصَّفّار.
ومن مسموعاته: «فوائد» أَبِي عليّ بْن فَنْجُوَيْه، خمسون جزءًا سمعها منه، وكتاب «التّوحيد» لعليّ بْن أحمد البُوسنْجيّ، رواه عَنْ عليّ بْن القاسم، عَنْ أَبِي بَكْر الطّاهريّ، عَنْ محمد بْن حامد المَوْصِليّ، عَنْهُ، وكتاب «الهادي» للحافظ ابن مَنْدَهْ.
وكان مولده في حدود سنة ثلاثين وأربعمائة [2] .
__________
[1] وزاد: «مشهور في بلده عند الخواص والعوام، وكان شيخ الصوفية ومقدّمهم، عمّر العمر الطويل حتى حدّث، وسمع منه الناس» .
وقال ابن السمعاني أيضا: «سمع منه جماعة من القدماء، كتب إليّ الإجازة، وكان زيديّ المذهب، مائلا إليهم» .
[2] في التحبير: «وكانت ولادته في المحرّم سنة تسع وعشرين وأربعمائة» .

(35/412)


- حرف العين-
132- عَبْد الصّمد بْن أبي الفوارس أحمد بْن الْفَضْلِ [1] .
أبو نَهْشَلٍ العنْبريّ الإصبهانيّ.
مِن بني العنبر.
وُلِد سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة.
وسمع: أبا بَكْر بْن ريذة.
وله إجازة مِن ابن فاذشاه، وعاينت أصل سماعه بالزُّهد لأسد مِن ابن فاذشاه سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو جعفر الطَّرَسُوسيّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي الحجَّة.
وروى عَنْهُ أيضًا: عَبْد الرحيم بْن محمد بْن حَمُّوَيْه الإصبهانيّ، ومسعود بْن أبي منصور الجمّال، ومسعود بْن محمود بْن خَلَف العِجْليّ، وعبد الواحد بْن أَبِي المطهَّر الصَّيْدلانيّ.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وقال: كَانَ مَعْمَرا مكثِرا، ووالده [2] أبو الفوارس كَانَ مِن فُضَلاء الأدباء.
وكان عَبْد الصّمد مِن غُلاةِ العبد رحمانيَّة. سَمِعَ هارون بْن محمد بْن أحمد، وابن فاذشاه، وابن ريذة، وأبا بَكْر بْن شاذان الأعرج.
فمن مسموعاته: «المعجم الكبير» و «المعجم الصّغير» للطّبرانيّ، رواهما عَنِ ابن ريذة، وكتاب «فضائل القرآن» لعبد الرّزّاق، رواه عَنْ هارون، عَنِ الطّبَرانيّ، عَنِ الديريّ، عَنْهُ، وكتاب «المواعظ» لأبي عُبَيْد، «وبِرّ الوالدين» لأبي الشّيخ، و «فضائل القرآن» لإسماعيل بْن عُمَر [3] البَجَليّ، رواه عَنْ أَبِي القاسم بْن مِهْران، عَنْ عَبْد العزيز بْن محمد السّعديّ، عَنْ محمد بْن عليّ بن
__________
[1] انظر عن (عبد الصمد بن أبي الفوارس) في: التحبير 1/ 455- 457 رقم 424، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 153 ب.
[2] في الأصل: «ولده» .
[3] في التحبير 1/ 456: «عمرو» .

(35/413)


مخلد، عنه، و «الموطّأ» ، رواه عن أبي القاسم بن مهران، عن المعرّي، عَنْ عليّ بن عبد الله بْن عَبْدان الْمَكّيّ القّزّاز، عَنْ أَبِي مُصْعَب، عَنْ مالك رحمه الله تعالى.
133- عَبْد المنعم بْن حفّاظ بن أحمد بْن خَلَف.
أبو البركات بْن البَقَليّ، الأنصاريّ، الدمشقي.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِم بْن أَبِي العلاء، وبمصر: أبا الحَسَن الخِلَعيّ، وبمكَّة:
هيّاج بْن عُبَيْد.
ووَزَرَ لصاحب حمص، ثمّ غضب عَلَيْهِ وكحّله فأعماه.
سَمِعَ منه جماعة.
134- عُبَيْد اللَّه [1] بْن أَبِي عَلِيّ الحَسَن بْن أحمد بْن الحَسَن الإصبهانيّ [2] .
الحدّاد، أبو نُعَيْم الحافظ.
رحل في الحديث، وعُني بجمعه، ونسخ الكثير بخطّه المليح.
وكان يكرم الغرباء ويفيدهم، ويقرأ لهم، ويهبهم الأجزاء، وينسخ لهم، مَعَ الدّين والتَّقوى والبُكاء والخشْية والفضيلة التّامَّة.
جمع أطراف «الصّحيحين» ، وانتشرت عَنْهُ، واستحسنها كلّ مِن رآها.
وانتقى على الشّيوخ.
سَمِعَ: أبا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وسليمان بْن إبراهيم، وأبا طاهر أحمد بْن محمد النّقّاش، وحَمْد بْن ولكيز.
ورحل بُعَيْد الثّمانين، فسمع بنَيْسابور: أبا المظفَّر موسى بْن عِمران، وأبا بَكْر بْن خلف.
__________
[1] يقال: عبيد الله، وعبد الله.
[2] انظر عن (عبيد الله بن أبي علي) في: المنتظم 9/ 247 رقم 395 (17/ 221 رقم 3918) ، والكامل في التاريخ 10/ 617 وفيه: «عبد الله» ، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1647، والعبر 4/ 41، وسير أعلام النبلاء 19/ 486- 488 رقم 283، وتذكرة الحفاظ 4/ 1265، 1266، وعيون التواريخ 12/ 153، ومرآة الجنان 3/ 321، وتاريخ الخميس 2/ 403، وفيه: «عبد الله بن الحسين» ، وطبقات الحفاظ 459، وشذرات الذهب 4/ 56، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 125 رقم 1032.

(35/414)


وبهَرَاة: أبا عَبْد الله العُمَيْريّ، وأبا سهل نجيب بْن ميمون، وأبا عامر الأزْديّ.
وببغداد: أبا الغنائم بْن أبي عثمان، وابن طلحة النّعاليّ، وجماعة.
قَالَ محمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق: بإصبهان صديقٌ لي هُوَ ابن نُعَيْم بْن الحدّاد، أحد العلماء في فنون كثيرة، بلغ مبلغ الإمامة بلا مُدَافَعة. وله عندي أيادٍ كثيرة سَفَرًا وحَضرًا. وجمع ما لم يجمعه أحدٌ مِن أقرانه، وحصّل ما لم يحصّلْه أحدٌ مِن إخوانه، مِن الكُتُب الكثيرة، والسّماعات الغزيرة النّفيسة.
صدوقٌ في جَمْعه وكَتْبه، أمين في قراءته، بارك الله فيه وفي عُمره.
قَالَ السّمعانيّ: سألت الحُسَيْن بْن الحدّاد عَنْ وفاة أخيه فقال: في جُمَادَى الأولى، ثمّ كتب إليَّ مَعْمَر إنّها في ربيع الأوّل.
قلت: هذا غلط، فإن أبا موسى الحافظ روى عَنْهُ وقال: تُوُفّي يوم الإثنين السّادس والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
وكان مولده في سنة ثلاثٍ وستّين وأربعمائة [1] .
وقال أبو مسعود الحلبيّ: مات يوم الثلاثاء وقت الظُّهْر السّابع والعشرين مِن جُمَادَى الأولى.
قلت: كأنه ورَّخ ساعة دفْنه، وورّخ أبو موسى موته.
وآخر مِن روى عَنْهُ بالإجازة عفيفة الفارقانيَّة.
135- عليّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الحُسَيْن أَحْمَد بْن محمد بْن الَّنُّقور [2] .
أبو الحَسَن البغداديّ.
شيخ صالح.
سَمِعَ جدّه، وحدَّث.
تُوُفّي رحمه الله في ربيع الأوّل.
136- عليّ بن منكدر بن محمد بن محمد [3] .
__________
[1] المنتظم.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/415)


السّيّد أبو الحَسَن العَلَويّ الحُسَيْني الفارسيّ، الأمير الشّاعر المُفْلِق.
تُوُفّي فجأة في شوّال.
ذكره عَبْد الغافر الفارسيّ.
137- عيسى بْن إسماعيل بْن عيسى بْن إسماعيل بْن محمد [1] .
أبو زيد العَلَويّ الحُسَيْني الصُّوفيّ الأبهريّ [2] .
شيخ عارف نبيل، كثير الأسفار. لَهُ حال عجيب في السَّماع، وفيه كَيْس وظُرْف.
سَمِعَ في الْكُهُولَةِ مِن: فاطمة بِنْت أَبِي عليّ الدّقّاق، ومحمد بْن عليّ العُمَيْريّ الهَرَويّ، ورزق الله التّميميّ، ومكّيّ الرمليّ، وخلْق.
روى عَنْهُ: شهردار بْن شِيرَوَيْه، ومحمد بْن أَبِي بَكْر السّنْجيّ، وجماعة.
تُوُفّي في شوّال بنَيْسابور.
- حرف الميم-
138- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر بْن الطّبر [3] .
أبو غالب البغداديّ الحريريّ.
روى عَنْ: أَبِي الحَسَن ابن زوج الْحُرَّةِ، وأبي الطَّيّب الطَّبَريّ، وأبي طَالِب العشاريّ.
تُوُفّي في صفر [4] .
وهو أخو هبة الله بن الطّبر.
139- محمد بن حيدر [5] .
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] الأبهري: بفتح الألف وسكون الباء المنقوطة بواحدة وفتح الهاء وفي آخرها الراء المهملة، هذه النسبة إلى موضعين أحدهما إلى أبهر وهي بلدة بالقرب من زنجان. (الأنساب 1/ 124) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد) في: المنتظم 9/ 248 رقم 400 (17/ 222 رقم 3923) وفيه:
«يعرف بابن الطيوري» .
[4] قال ابن الجوزي: «حدّث، وكان سماعه صحيحا، وكان خيّرا صالحا، روى عنه شيخنا عبد الوهاب» .
[5] انظر عن (محمد بن حيدر) في: خريدة القصر (قسم العراق) 2/ 219- 226، وفوات الوفيات

(35/416)


أبو طاهر البغداديّ، الشّاعر المشهور.
شاعر محسن، سائر القول [1] .
تُوُفّي في رجب.
ومن شِعره يَقُولُ:
بنفسي الّتي عاد عَوْد الأراك ... عَنْ ثغرها وهو للطّيب عود
ولكنْ علا قدرُهُ في النُّفُوس ... مِن أن يحكم فيه الوقود [2] .
140- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد [3] .
أبو منصور بْن أَبِي ياسر البَرَدَانيّ [4] الخُرَيْميّ [5] .
مِن بيت الحديث والفضيلة.
سَمِعَ: أبا جعفر ابن المسلمة، وأبا الغنائم بْن المأمون.
وعنه: عليّ بْن أَبِي سَعْد الخبّاز، وأبو المُعَمَّر الأنصاريّ.
وتُوُفّي في أوّل العام وله نيّفٌ وستّون سنة.
141- محمد بْن عثمان بْن أَبِي بَكْر بْن نصر [6] .
الإمام أبو بكر السَّمَرْقَنْديّ الدّبّاس أمير الحاجّ.
حجّ بأهل سَمَرْقَنْد مرّات.
وتُوُفّي بسرخس.
__________
[2] / 398، وعيون التواريخ 12/ 151، 152، والوافي بالوفيات 3/ 32، والنجوم الزاهرة 5/ 372، ومجلّة المجمع العلمي العربيّ، مجلّد 7/ 36.
[1] وقال العماد الكاتب: كان شاعرا بليغا مجيدا، حسن الشعر، رقيقه، يسكن سوق الثلاثاء، أعور. سمعت شيخنا عبد الرحيم بن الإخوة البغدادي بأصفهان يقول: كان له شعر حسن، وكان من مادحي سيف الدولة صدقة بن منصور. (الخريدة 2/ 219، 220) .
[2] وله رسالة في فن البيان عنوانها «قانون البلاغة» نشرت في مجلّة المجمع العلمي العربيّ، المجلّد السابع.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] البرداني: بفتح الباء الموحّدة والراء والدال المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى بردان وهي قرية من قرى بغداد. (الأنساب 2/ 135) .
[5] الخريمي: بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى خريم وهو اسم رجل. (الأنساب 5/ 99) .
[6] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/417)


روى عَنْهُ: أَبِي الحُسَيْن بْن الَّنُّقور.
وعنه: عُمَر بن محمد النَّسَفيّ.
142- مرشد بْن يحيى بْن القاسم [1] .
أبو صادق المَدِينيّ، ثمّ المصريّ.
سَمِعَ: أبا الحَسَن عليّ بْن حِمّصَة الحرّانيّ، وعليّ بْن ربيعة، وعلي بْن محمد الفارسيّ، وأبا الحَسَن محمد بْن الحُسَيْن الطّفّال، وداجن، والحليميّ، وجماعة.
وأجاز لَهُ عليّ بْن منّير بْن أحمد الخلّال، والقاضي أبو الحَسَن بْن جعفر، وغيرهما.
قَالَ السّلَفيّ: كَانَ ثقة، صحيح الأُصُولِ، أكثرها بخطّ ابن بقا وبقراءته.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، ومحمد بْن عليّ بن محمد الرَّحْبيّ، وعسير بْن عليّ المزارع، وإسماعيل بْن قاسم الزّيّات، وعليّ بْن هبة اللَّه الكامليّ، وعبد اللَّه بْن برّيّ النَّحْويّ، وأبو القاسم هبة الله بْن عليّ البُوصيريّ، وجماعة.
تُوُفّي في ذي القِعْدة.
143- موسى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خَلَف بْن موسى بْن أبي تَلِيد [2] .
أبو عِمران الشّاطبيّ.
مِن بيت الرّواية، فإنّ جدّه الأعلى [3] أبا تَلِيد رحل وسمع مِن النَّسَائيّ، وحدَّث «بالسُّنَن» بالأندلس سنة خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة، وابنه موسى سَمِعَ مِن قاسم بْن أصْبَغ وجماعة، وحفيده خَلَف بْن موسى سَمِعَ مِن عَبْد الوارث بْن سُفْيان، وروى عَنْهُ ولده عَبْد الرَّحْمَن.
ووُلِد موسى سنة أربعٍ وأربعين. وسمع كثيرًا مِن أَبِي عُمَر بْن عَبْد البرّ، وسماعه بخطوط الثّقات.
__________
[1] انظر عن (مرشد بن يحيى) في: الإعلام بوفيات الأعلام 212، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1646، وسير أعلام النبلاء 19/ 475، 476 رقم 278، ودول الإسلام 2/ 44، والعبر 4/ 41، وعيون التواريخ 12/ 154، ومرآة الجنان 3/ 222، وشذرات الذهب 4/ 57.
[2] انظر عن (موسى بن عبد الرحمن) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 610، 611 رقم 1336.
[3] في الأصل: «الأعلا» .

(35/418)


روى عنه: ابن الدّبّاغ وأثنى عَلَيْهِ، وقال: سمع كتاب «الإستذكار» ، وكتاب «التّقصّي» . وحجّ، وسمع عيسى بْن أَبِي ذَرّ الهَرَويّ. وحدَّث.
روى عَنْهُ جماعة: أبو عَبْد الله بْن زرقون، وغيره [1] .
- حَرْفُ الْيَاءِ-
144- يَحْيَى بْنُ عَامِرِ بْنِ عَلِيٍّ.
أبو الْحُسَيْنِ المقدسيّ الرمليّ، خطيب الأغربة بدمشق.
سَمِعَ بالقدس: أبا عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء، وبدمشق: أبا القاسم بْن أبي العلاء.
تُوُفّي في رمضان وله سبْعٌ وستّون سنة.
أجاز للحافظ ابن عساكر.
__________
[1] وقال ابن بشكوال: وكان فقيها مفتيا ببلده، أديبا شاعرا ديّنا فاضلا. أنشدنا صاحبنا أبو عمرو زياد بن محمد، قال: أنشدنا شيخنا أبو عمران لنفسه:
حالي مع الدهر في تقلّبه ... كطائر ضمّ رجله شرك
همّته في فكاك مهجته ... يروم تخليصها فتشتبك
حدّث عنه جماعة من أصحابنا، رحلوا إليه ووثّقوه، وكتب إلينا بإجازة ما رواه بخطّه.

(35/419)


سنة ثمان عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
145- أحمد بْن محمد بْن الفَضْلِ بْن عَبْد الخالق [1] .
أبو الفضل بْن الخازن الدّيَنَوريّ الأصل، البغداديّ. الكاتب الشّاعر، صاحب الخطّ الفائق.
وهو والد أبي الفتح نصر الله الكاتب المشهور أيضًا الَّذِي توّج بخطّه «مقامات الحريريّ» كثيرًا.
ومن شِعْر أبي الفَضْلِ- وقد دعاه صديقٌ لَهُ إلى بستان وفيه حمّام، فدخله وتغسّل:
وَافَيْتُ منزلَهُ فلم أر حاجبًا [2] ... إلّا تلقّاني بسِنّ [3] ضاحكِ
وَالْبِشْرُ في وجه الغلام أمارةً [4] ... لمقدّمات حَياء [5] وجه المالكِ
ودخَلت جنّتَهُ وَزُرْتُ جحيمه ... فشكرتُ رضوانًا ورأفةَ مالكِ [6]
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن الفضل) في: المنتظم 9/ 204 (17/ 170 رقم 3877) ، ووفيات الأعيان 1/ 149- 151، وخريدة القصر (قسم العراق) 512 هـ-. 2/ 198 و 242، وسير أعلام النبلاء 19/ 482، 483 رقم 280، وعيون التواريخ 12/ 156- 166، والبداية والنهاية 12/ 183، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 76، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 79، 80، والوافي بالوفيات 8/ 78- 80، والنجوم الزاهرة 5/ 218 و 229، وكشف الظنون 765، وشذرات الذهب 4/ 57، 58، ومعجم المؤلفين 2/ 144.
[2] في المنتظم: «صاحبا» .
[3] في المنتظم: «بوجه» .
[4] في المنتظم: «نتيجة» .
[5] في المنتظم: «ضياء» .
[6] المنتظم، وفيات الأعيان 1/ 150.

(35/420)


وله:
مَن لي بأسمَرَ حَجَّبُوهُ بمثلهِ ... في لوِنه والقدّ والعَسلانِ
مَن رامَهُ فلْيَدَّرِعْ صبرًا عَلَى ... طَرَفِ السّنانِ وطرْفهِ الوسْنان
راحُ الصَّبا [1] تثنيهِ لَا ريحُ الصّبا ... سَكرانُ [وُلّي] مِن حُبّهِ سُكرانِ [2]
تُوُفّي في صَفَر سنة ثمان عشرة، وله سبعٌ وأربعون سنة. وذكره ابن الجوزيّ في «المنتظم» [3] في سنة اثنتي عشرة.
وذكره ابنه وغيره سنة ثمان عشرة، وهو الصّحيح [4] .
وقد ذكره العماد في «الخريدة» ، وقال: ما بعد خطّ أَبِي الفوارس بْن الخازن مثل خطّه في الحُسْن.
وكلاهما يقال لَهُ ابن الخازن، وقد تناسبا خطّا وفضلًا. فهو أبو الفضل وابن الْفَضْلِ كنيته، وَنَسَبًا، وأدبًا، وحَسَبًا. وكان ظريفًا، لبيبًا، أديبًا، أريبًا، كاتبًا حاسبًا.
مرّ أبو الفوارس سنة 452.
146- أحمد بْن أَبِي الفتوح مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ [5] .
أَبُو الْعَبَّاس الخُراسانيّ الواعظ.
حدَّث بإصبهان عَنِ الحَسَن بن عبد الرَّحْمَن الْمَكّيّ الشّافعيّ.
وعنه: أبو موسى الحافظ.
وسمع أيضًا مِن: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العيّار، وعبد الوهّاب بْن مَنْدَهْ.
وحجّ خمس حجج، وجاور، ووعظ ببغداد، ونفق عليهم [6] لعذوبة منطقه ولزهده وورعه.
__________
[1] في الأصل: «الصبى» .
[2] الأبيات في وفيات الأعيان 1/ 149 بزيادة بيت:
طرف كطرف جامح مرح متى ... أرسلت فضل عنانه عنّاني
[3] ج 9/ 204 (17/ 170) .
[4] وفي النجوم الزاهرة ذكر مرتين، في المتوفين سنة 412 وسنة 513 هـ-.
[5] انظر عن (أحمد بن أبي الفتوح) في: المنتظم 9/ 250 رقم 404 (17/ 225 رقم 3927) ، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 114.
[6] المنتظم.

(35/421)


قَالَ مَعْمَر بْن الفاخر: بِتُّ عند أحمد بن أبي الفتوح ابن الخُراسانيّ، ففرغ الدّهْن مِن السّراج، فقال: أَدْنُوا منّي السّراج. فأدنيته، فأصلح الفتيلة وقال: لَا تقربوا منه. فكان يضيء إلى أن فرغت مِن نسْخ جزءي جملةً، ثمّ نمنا وهو يزهر.
147- إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهيم بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن نوح [1] .
الخطيب أبو إبراهيم النَّسَفيّ النوحي [2] ، الفقيه.
أملى بسَمَرْقَنْد. وسمع منه أُمَم.
روى عَنْ محمد بْن عَبْد الرحيم المقرئ، ناقلة محمد بْن عليّ التّرْمِذيّ، روى كتاب «تنبيه الغافلين» عَنْ مصنّفه أَبِي اللَّيْثُ السَّمَرْقَنْديّ. وكان محمد هذا مَعْمَرا.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: عاش أزْيَد مِن مائةٍ وعشْر سِنين.
وروى النُّوحيّ عَنْ: عليّ بْن الحُسَيْن السَّعْديّ، وعليّ بْن الحَسَن بْن مكّيّ النَّسَفيّ، وعمر بْن أحمد بْن شاهين السَّمَرْقَنْديّ، والفقيه أحمد بْن عَبْد العزيز بْن أحمد الحَلْوانيّ، وأبي مسعود أحمد بْن محمد البَجَليّ، وجماعة.
وتُوُفّي في جُمَادَى الأولى.
وكان مِن كبار الفقهاء أصحاب الرأي، وعاش خمسًا وثمانين سنة.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن الحَسَن الدّرْعيّ، وإبراهيم بْن يعقوب الواعظ، ومحمد بْن محمد بْن السَّعديّ المعلّم، ومحمد بْن يوسف النّجَانيكثيّ [3] ، وأسعد بْن إبراهيم القطواني، ومحمد بْن أحمد بْن فارس الهاشمي، ومحمود بن علي النَّسَفيّ، وعليّ بن عبد الخالق السُّكَّريّ، وخلْق مِن مشيخة عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ.
__________
[1] انظر عن (إسحاق بن محمد) في: الأنساب 12/ 150، 151.
[2] النّوحي: بضم النون وسكون الواو وفي آخرها الحاء. هذه النسبة إلى نوح. وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[3] النّجانيكثي: بضم النون وفتح الجيم بعدها الألف ثم نون أخرى مكسورة وياء ساكنة آخر الحروف والكاف المفتوحة وفي آخرها الثاء المثلثة. هذه النسبة إلى نجانيكث، وهي بليدة بنواحي سمرقند عند أسروشنة. (الأنساب 12/ 41) .

(35/422)


148- إسماعيل بْن عليّ بْن سهل المُسَيّبيّ [1] .
شيخ الصّوفيّة.
سمع: أبا عثمان الصّابونيّ، والقشيريّ.
أجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وأرّخه في «مُعْجَمه» [2] .
149- أسعد بْن نصر [3] .
المِهْرَانيّ [4] النَّيْسابوريّ المقرئ.
سَمِعَ: أبا محمد عَبْد الله بْن يوسف الْجُوَيْنيّ، وعبد الغافر الفارسيّ، والكَنْجَرُوذيّ.
أجاز للسّمعانيّ.
مات في جُمَادَى الأولى [5] .
- حرف الحاء-
150- حمزة بْن أَبِي عليّ محمد بْن طاهر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بْن إبراهيم الملقّب بطباطبا ابن إسماعيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَالِب.
الشّريف أبو الْفَضْلِ الإصبهانيّ العَلَويّ.
تُوُفّي يوم الجمعة سلْخ السّنة.
من شيوخ أبي موسى.
__________
[1] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: التحبير 1/ 101 رقم 26، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 44 ب.
و «المسيّبي» : نسبة إلى أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن المسّيب بْن السائب المسيّبي. (الأنساب) .
[2] وقال في التحبير: من أهل نيسابور، بقيّة مشايخ الصوفية ومن المحقّقين القائمين بشرائط الطريقة والتصوّف.
[3] انظر عن (أسعد بن نصر) في: المنتخب من السياق 168 رقم 412، والتحبير 1/ 123، 124 قم 48، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 51 أ.
[4] المهراني: بكسر أوله وسكون ثانيه، وراء مهملة ونون. نسبة إلى مهران، اسم لجدّ المنتسب إليه.
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا كبيرا مسنّا ظريفا من بيت الإمامة والعلم، خدم الكبار، ولقي الصدور.

(35/423)


- حرف الدال-
151- دَاوُد [1] الملك الكرجيّ [2] .
ملك الأبخاز الَّذِي افتتح تَفْلِيس.
مات في هذه السّنة وهو عَلَى كُفْره.
- حرف العين-
152- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن الهيثم [3] .
أبو طاهر الإصبهانيّ الذّهبيّ الصّبّاغ، المعروف بالدَّشْتَج وبالدَّشْتيّ:
آخر مِن حدَّث عَنْ أَبِي نُعَيْم الحافظ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل في ثاني عشر [4] .
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأحمد بْن أَبِي الفَضْلِ الكّرانيّ، وعفيفة الفارقانيَّة، وجماعة. وعفيفة آخر مِن سَمِعَ منه.
وروى عَنْهُ حضورًا: أبو جعفر، وعَبْد الواحد بْن القاسم الصَّيْدلانيّان.
وهو أيضًا آخر مِن حدَّث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن عُمَر الصَّفّار.
وسمع مِن: ابن ريذة، وأبي الوفاء مهديّ بن محمد، وعُبَيْد الله بْن المعتزّ النَّيْسابوريّ.
سَمِعَ منه أيضا حضورا يحيى الثّقفيّ [5] .
__________
[1] وردت هذه الترجمة في الأصل بعد «أسعد بن نصر المهراني» فقدّمت إلى هنا مراعاة لترتيب الحروف.
[2] انظر عن (داود الكرجي) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 373 (وتحقيق سويم) 39 (حوادث سنة 517 هـ-.) ، والكامل في التاريخ 10/ 625.
[3] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: التحبير 1/ 497، 498 رقم 475، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 163 أ، والعبر 4/ 43، والإعلام بوفيات الأعلام 213، وسير أعلام النبلاء 19/ 472، 473 رقم 275، والمعين في طبقات المحدّثين 152 رقم 1650، وتذكرة الحفاظ 4/ 1270، وعيون التواريخ 12/ 168.
[4] وكانت ولادته سنة نيّف وعشرين وأربعمائة.
[5] وقال ابن السمعاني: كان شيخا صالحا.. كتب إليّ الإجازة بجميع مسموعاته، ومن جملتها كتاب «التوكل» لأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.. وأحاديث علي بن حجر، وكتاب «نكت الجواهر ومنثور كلمات يزيّن بها المحاضر» ، وكتاب «طبقات الصوفية» للسلمي.

(35/424)


153- عثمان بْن عَبْد الرحيم بْن محمد [1] .
أبو عمرو الكبيكيّ النّيسابوريّ.
حدّث في هذا العام بإصبهان عَنْ: عُمَر بْن مسرور.
روى عَنْهُ: أبو موسى المَدِينيّ، وأبو إبراهيم أحمد بْن القاسم الحُسَيْني.
سكن في أيّام الشّدَّة الثّغر، وكان شافعيًا، فتمذهب لمالك.
وكان كثير السّماعات.
ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
وأدرك ابن الفارسي، والطّفّال.
وسمع مِن: أَبِي زكريّا الْبُخَارِيّ، ونصر الشّيرازيّ.
وانتقيت مِن أصوله الّتي ارتاب فيه أكثر مِن مائة جزء، ووقفتُ فيها عَلَى ما لَا أرتضيه. وخلّف كتبا كثيرة.
مات في شعبان.
154- علي بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي الفتح [2] .
أبو الحسن بن المعبر.
شيخ بغدادي من أولاد الشيوخ [3] .
سمع: ابن المسلمة، وأبا بكر الخطيب، وأبا محمد الصريفيني.
وعنه: أبو المعمر الأنصاري، وأبو طاهر السلفي، وأحمد بن محمد الزناتي.
توفي في ربيع الأول [4] .
155- علي بن أبي سعد هاشم بن طاهر بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بن الشريف طباطبا.
العلوي أبو الحسين الأصبهانيّ، صاحب ابن ريذة.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (علي بن أحمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 3/ 87، 88 رقم 582.
[3] في الذيل: «من أولاد المحدّثين» .
[4] وكان مولده في سنة 456 هـ-.

(35/425)


تُوُفّي في ذي الحجَّة قبل ابن عمّه المذكور بعدَّة أيّام، وله ستٌّ وتسعون سنة.
وعنه: أبو موسى.
- حرف الفاء-
156- الْفَضْلُ بْن محمد بْن أحمد بْن أَبِي منصور [1] .
أبو القاسم الأبِيَوَرْدِيّ العطّار.
أحد شيوخ نَيْسابور.
كَانَ صالحًا عفيفًا، حسن السّيرة، عابدًا، جاوَرَ بمكَّة مدَّة.
وسمع: فضل الله بْن أَبِي الخير الميْهَنيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، وأبا القاسم القُشَيْريّ.
وروى عَنْهُ: عُمَر الفَرْغُوليّ [2] ، وإبراهيم بْن سهل المسجديّ، ويوسف بن شعيب، وجماعة.
وأجاز لأبي سَعْد السّمعانيّ، وهو الَّذِي ترجمه وقال: تُوُفّي في سادس صَفَر بنَيْسابور [3] .
وقال عَبْد الغافر: شيخ مشهور، مَعْمَر، نيَّفَ عَلَى المائة. وكان كثير العبادة، مشتغلًا بنفسه.
سَمِعَ الكثيرين، مثل: أَبِي الحُسَيْن عَبْد الغافر، وابن مسرور.
وسمّى جماعة، ثمّ قَالَ: وسمع «معجم البَغَويّ» مِن أَبِي نصر الإسْفرائينيّ، رحل إليه إلى أسفراين.
__________
[1] انظر عن (الفضل بن محمد) في: التحبير 2/ 23- 25 رقم 620، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 191 ب، 192 أ، والتقييد لابن نقطة 424 رقم 567، والمنتخب من السياق 415 رقم 1412، والمختصر الأول للسياق، ورقة 75 ب، وتذكرة الحفاظ 4/ 1270، وسير أعلام النبلاء 19/ 292 رقم 183 و 19/ 513، 514 رقم 296.
[2] الفرغولي: بفتح الفاء وسكون الراء وضم الغين المعجمة. هذه النسبة إلى فرغول. قرية من قرى دهستان. (الأنساب 9/ 278) .
[3] التحبير 2/ 25.

(35/426)


وعاش حتّى قُرِئ عَلَيْهِ الكثير.
وقد سَمِعَ «سنن الدّارقطنيّ» عاليًا، وانقطع إسناده بموته.
رواه عَنِ النّوقانيّ، عَنْهُ. رواه عَنْهُ أبو سَعْد الصَّفّار.
وقال السّمعانيّ: [1] لقد عُمّر حتّى أناف عَلَى المائة، وكان كثير العبادة.
سمع: محمد بْن عَبْد العزيز النيليّ، وعدَّة [2] .
روى لي عَنْهُ جماعة كثيرة، رحمه الله تعالى.
- حرف الكاف-
157- كامل بْن ثابت [3] .
أبو تمّام الصُّوريّ الفَرضيّ.
وُلِد سنة إحدى وثلاثين.
وسمع بصور: أبا بَكْر الخطيب، وغيره.
وبمصر: أبا الحَسَن الخِلَعيّ.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: كامل كَانَ كاملًا في فنون العِلْم، منها الفرائض. وله حلقة بمصر لإقراء الفرائض. وكان فريد عصره.
قَالَ لي: ألّفت في الفرائض تصانيف، ووُلِدتُ بعكّا سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وأنا أدرّس الفرائض والحساب مِن ستّين سنة.
قرأتُ الفرائض عَلَى أَبِي عَبْد الله الونّيّ [4] ، وعلى أبي الحَسَن الجهرميّ [5] .
قَالَ السّلَفيّ بعد أن روى عَنْهُ حديثًا وشيئًا من نظْمه: توفّي سنة ثمان عشرة، أو سنة تسع عشرة بمصر [6] .
__________
[1] في التحبير 2/ 23.
[2] وزاد: «وكان حانوته مجمع الظرفاء والمشايخ» .
[3] انظر عن (كامل بن ثابت) في: معجم السفر (مصوّر) ق 2/ 345، 346، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 159، 160 رقم 855.
وهو: كامل بن ثابت بن عمار.
[4] الونّي: بفتح الواو وفي آخرها النون المشدّدة. (الأنساب 12/ 293) .
[5] الجهرمي: بفتح الجيم وسكون الهاء وفتح الراء وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى جهرم وهي بلدة أو قرية. (الأنساب 3/ 390) .
[6] وقال السلفي: أنشدنا أبو تمام كامل بن ثابت بن عمار الصوري الفرضيّ بمصر لنفسه:

(35/427)


- حرف الميم-
158- مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن أَبِي الخير بْن عليّ [1] .
أبو عَبْد الله الأنصاريّ السَّرَقُسْطيّ القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: أبي الوليد الباجيّ واختصّ بِهِ، وأبي العبّاس العُذْريّ، ومحمد بْن سعدون القرويّ، وأبي دَاوُد المقرئ.
وقرأ القراءات عَلَى أبي عَبْد الله المَغَاميّ فأحكمها. وكان عارفًا بالأصول والفروع، كامل المروءة، كثير البَرّ.
وقد أخذ عَنْهُ: أبو عليّ الغسّانيّ، والقاضي أبو عَبْد الله بْن الحاجّ.
قَالَ ابن بشكوال: قرأت عَلَيْهِ كثيرًا مِن روايته، وصحِبْتُه إلى أن تُوُفّي في رجب، وصلّى عَلَيْهِ أخوه أبو جعفر.
159- محمد بْن نصر بْن منصور [2] .
القاضي أبو سَعْد الهَرَويّ الحنفيّ.
قِدم دمشق ووعظ بها، ثمّ توجّه إلى بغداد فولي قضاء الشّام، وعاد قاضيًا فأقام مدَّة، ثمّ رجع إلى العراق.
__________
[ () ]
يا عدّتي عند كل نائبة ... ويا غياثي عليك معتمدي
قد مسّني الضرّ يا رجائي ... ولم أشك الّذي سالني إلى أحد
وأنت غوثي عند الكروب ... فجد بكشف ما حلّ بي وخذ بيدي
مولاي فرّج عنّي الهموم فقد ... قلّ اصطباري وخانني جلدي
وقال الصوري: وكتبت بالمعتقد الّذي سمعته على نصر الفقيه المقدسي مائة وستين نسخة ودفعتها للناس.
[1] انظر عن (محمد بن عبد العزيز) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 573، 574 رقم 1265.
[2] انظر عن (محمد بن نصر) في: تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) 375 (وتحقيق سويم) 40، وذيل تاريخ دمشق 210، واللباب 1/ 157، والمنتخب من السياق 76 رقم 168، وطبقات الشافعية البكري للسبكي 4/ 31، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 477، والدرة المضيّة 494، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 335، والجواهر المضيّة 3/ 379 رقم 1255، وعيون التواريخ 12/ 169 و 170، 171، والوافي بالوفيات 5/ 111 رقم 2128، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 299، 300 رقم 260، والمقفّى الكبير 7/ 338، 339 رقم 3433، والنجوم الزاهرة 5/ 228، وهدية العارفين 3/ 54، وفيه: «محمد بن أبي أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي يوسف أبو سعد الهروي تلميذ أبي عاصم العبّادي» .

(35/428)


وقد وُلّي القضاء في مدن كثيرة بالعجم. وكان في صباه يؤدّب الصّبيان، ثمّ ترقّت حاله وبلغ ما بلغ. وكان مِن دُهاة العالم. قتلته الباطنيَّة لعنهم الله بجامع هَمَذَان في هذه السّنة.
وله شِعْر رائق، فمنه يَقُولُ:
البحرُ أنت سماحةً وفضلًا ... فالدّرّ يُنْثَر بين يديكَ وفيكا
والبدرُ أنت صباحةً وملاحةً ... والخير مجموع لديك وفيكا
وكان بفرد عين، ويلقَّب بزَيْن الإسلام.
وترسَّل مِن الدّيوان العزيز إلى الملوك، وبَعُدَ صِيتُه، وعظُمت رُتْبته.
قَالَ ابن النّجّار: وُلّي القضاء ببغداد سنة اثنتين وخمسمائة للمستظهر باللَّه عَلَى حريم دار الخلافة وما يليه مِن النّواحي والأقطار، وديار مُضَر، وربيعة، وغير ذَلِكَ.
وخوطب بأقضى القُضاة زين الإسلام. واستناب في القضاء أبا سَعْد المبارك بْن عليّ المخرَّميّ الحنبليّ بباب المراتب وباب الأزَج، والحسن بْن محمد الإسْتِراباذي الحنفيّ بباب النّوبيّ، وأبا الفتح عَبْد الله بْن البيضاويّ بسوق الثّلاثاء.
ثمّ عُزِل في شوّال سنة أربعٍ وخمسمائة، واتّصل بخدمة السّلاطين السَّلْجُوقيَّة إلى أن قُتِلَ.
وقد حدَّث بأحاديث مظلمة، رواها عَنْهُ الحُسَيْن بن محمد البلْخيّ.
وللغزّيّ يهجوه:
واهًا لإسلامٍ غدا ... والأعورُ الهَرَويّ زَيْنُه
أَيزينُ الإسلامَ مَن ... عُميَتْ بصيرتُهُ وعينُهّ!
160- مُحَمَّد بْن وهْب بْن مُحَمَّد بْن وهْب.
أبو عَبْد الله بْن نوح الغافقيّ الأندلسيّ.
أحد الفقهاء.

(35/429)


كَانَ إمامًا مشاوَرًا معظمًا، ترعاه السّلاطين.
ونزل بَلَنْسِيه، وولي قضاء سقر، وبها مات في صَفَر.
حدَّث عَنْهُ: ابنه أيّوب.

(35/430)


سنة تسع عشرة وخمسمائة
- حرف الألف-
161- أحمد بْن عَبْد المُلْك بْن موسى بْن المظفَّر [1] .
القاضي أبو نصر الأَشْرُوسْنيّ [2] ، المعروف بكال.
مِن علماء ما وراء النَّهر.
ولد سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
وحدّث عن العلّامة محمود بْن حسن القاضي، فسمع منه «المصنّف» .
وفاته في ربيع الأول.
162- أحمد بْن مُحَمَّدِ بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم [3] .
أَبُو البقاء البغداديّ الملحيّ، المقرئ، المؤدِّب.
قرأ بالروايات عَلَى: أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخيّاط، وأبي الخطّاب ابن الجرّاح.
وسمع مِن: أَبِي بَكْر الخطيب، وأبي محمد الصَّريْفينيّ.
روى عنه: المبارك بن كامل، وغيره.
توفي في جُمَادَى الأولى. وما أعلم أحدًا قرأ عَلَيْهِ.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] في الأصل: «الأوشروسني» (بالواو بعد الألف) ، والمثبت يتفق مع معجم البلدان.
أما في (الأنساب 1/ 232) : «الأسروشني: بضم الألف وسكون السين المهملة وضم الراء وسكون الواو وفتح الشين المعجمة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «أسروشنة» وهي بلدة كبيرة وراء سمرقند دون سيحون، وقد يزاد فيها التاء فنسب إليها بالأسروشنتي، غير أن الصحيح هو الأول.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/431)


- حرف الحاء-
163- الحَسَن بْن الحُسَيْن ألْب رسلان [1] .
الحافظ، الإمام، أبو عليّ.
روى عَنْ: إِسْحَاق بْن أبي منصور.
روى عَنْهُ: عُمَر النَّسَفيّ في كتاب «القنْد» ، وَقَالَ: تُوُفّي في تاسع عشر ربيع الآخر، وهو ابن مائة سنة وتسع وثلاثين سنة. وخرجت الحَيّات مِن المقبرة الّتي دُفن فيها بسَمَرْقَنْد.
- حرف العين-
164- عَلِيّ بْن إبراهيم بْن عُمَر [2] .
أبو الحسن النّاتليّ [3] ، الحلبيّ، التّاجر بنَيْسابور.
سَمِعَ مِن: موسى بْن عِمران، ومحمد بْن إسماعيل التّفْلِيسيّ، وأبي بَكْر بْن خَلَف.
وكان يفهم ويعرف.
سَمِعَ منه ابن ناصر.
وحدَّث عَنْهُ: أبو محمد بْن الخشّاب، ويحيى بْن بوش.
وكان مولده بحلب، وعاش سبعين سنة.
165- عليّ بْن الحُسَيْن بْن عُمَر [4] .
أبو الحَسَن بْن الفرّاء المَوْصِليّ، ثمّ الْمَصْرِيّ.
روى عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: مِن ثقات الرُّواة، وأكثر شيوخنا بمصر سماعًا.
ومن شيوخه: عَبْد العزيز بْن الضّرّاب أخذ عَنْهُ المجالسة، وعبد الباقي بن
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته، وهو في كتاب «القند» المفقود.
[2] انظر عن (علي بن إبراهيم) في: الأنساب 12/ 10.
[3] الناتلي: بفتح النون وكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفي آخرها اللام. هذه النسبة إلى ناتل، وهي بليدة بنواحي آمل بطبرستان.
[4] انظر عن (علي بن الحسين) في: الإعلام بوفيات الأعلام 212، وسير أعلام النبلاء 19/ 500، 501 رقم 289، والعبر 4/ 44، وعيون التواريخ 12/ 172، وذيل التقييد لقاضي مكة 2/ 190، 191 رقم 1412، وشذرات الذهب 4/ 59.

(35/432)


فارس، وأبو زكريّا عَبْد الرحيم الْبُخَارِيّ، وابن المَحَامِليّ، وأبو إبراهيم أحمد بْن القاسم بْن ميمون العَلَويّ، ومحمد بْن مكّيّ الأزْديّ، وكريمة المَرْوَزِيَّة بمكَّة، وابن الفرّاء بالقدس.
وأصوله أُصول أهل الصّدْق. وقد انتخبت مِن أجزائه مائة جزء.
وقال لي: وُلِدتّ في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة في أوّل يوم منها.
وتُوُفّي في ربيع الآخر.
روى عَنْهُ: أبو القاسم البُوصيريّ، وبالإجازة أبو عَبْد الله الأرتاحيّ.
166- عليّ بْن القاسم بن محمد [1] .
أبو الحسن التّميميّ، المغربيّ، القُسَنْطينيّ، الأَشْعريّ، المتكلّم.
سَمِعَ بدمشق «الْبُخَارِيّ» مِن الفقيه نصر المقدسيّ.
وأخذ الكلام عَنْ أَبِي عَبْد الله محمد بْن عتيق القَيْروانيّ.
ورحل إلى العراق.
وله تصنيف سمّاه «تنزيه الإلهيَّة وكشف فضائح المشبّهة المشويّة» ، خرج فيه عَنْ قشوره.
قَالَ ابن عساكر: وكَانَ يُذكر عَنْهُ أنّه يعمل الكيميا الفِضَّة.
تُوُفّي بدمشق [2] .
167- عليّ بْن أَبِي القاسم محمود بن محمد [3] .
النَّصْراباذيّ [4] النَّيْسابوريّ أبو الحَسَن، المتفنّن في العلوم.
أنفق عمره وماله على العلم.
__________
[1] انظر عن (علي بن القاسم) في: الوافي بالوفيات 21/ 387 رقم 262.
[2] ومن شعره:
رحلت بروحي يوم ولّيت راحلا ... وخلّفت أحشائي عليك تقطّع
فو الله ما فارقت بعدك حسرة ... ولا جفّ لي من بعد نأيْك مدمع
[3] انظر عن (علي بن أبي القاسم) في: المنتخب من السياق 397، 398 رقم 1352، والتحبير 1/ 590، 591 رقم 579، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 183 ب.
[4] النصرآباذيّ: بفتح النون وسكون الصاد وفتح الراء المهملتين والباء الموحّدة وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى محلّتين، إحداهما بنيسابور وهي من أعالي البلد. (الأنساب 12/ 88) .

(35/433)


وحدَّث عَنْ: أبي صالح المؤدّب، وجماعة.
وكان مكثرًا بمرَّة.
تُوُفّي في نصف شَعْبان.
وسمع أيضًا مِن: عليّ بْن محمد الدّيَنَوريّ نزيل غَزْنَة، وأبي الحَسَن الواحدي، وطائفة.
أجاز للسّمعانيّ [1] .
- حرف الميم-
168- المأمون [2] .
أبو عبد الله بن البطائحيّ، وزير الدّيار المصريَّة.
وُلّي الممالك بعد قَتْلِ الأفضل أمير الجيوش سنة ستٌّ عشرة.
وكان أَبُوهُ مِن جواسيس أمير الجيوش بالعراق، فمات ولم يخلف شيئًا، ورُبّي محمد هذا يتيمًا، فاتّصل بإنسان يعرف البنات بمصر، ثمّ صار حمّالًا بالسّوق، فدخل مَعَ الحمّالين إلى دار الأفضل مرةً بعد أخرى، فرآه الأفضل شابًا ضعيفًا، حُلْو الحركات، فأعجبه، فسأل عَنْهُ، فقيل: هُوَ ابن فُلان. فاستخدمه مَعَ الفرّاشين. ثُمَّ تقدَّم عنده، وترقّت حاله.
وكان آخر أمره أنّه عمل على قتل الأفضل، وولّي منصبه.
__________
[1] وهو قال: كان شيخا فاضلا، متفنّنا، متنقنا، أنفق ماله وعمره وما ورثه على العلم والتحصيل والنسخ، وجمع الأصول، وقرأ الأدب والعربية على أبي الحسن الواحدي، واشتغل بالوعظ والتذكير ثم تركه، ونظر في الطب وحصّله. ورد مرو وأقام بها، وكان من الأفاضل الجامعين للفوائد.
وقال عبد الغافر: ولم أرغب في تحصيل النسخ منه، وقرئ عليه الكثير.
[2] انظر عن (المأمون ابن البطائحي) في: الكامل في التاريخ 10/ 629، 630، وذيل تاريخ دمشق 204، 209، 213، ونزهة المقلتين لابن الطوير 142، 143، والإشارة إلى من نال الوزارة 2، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 60- 80، وأخبار الدول المنقطعة 87، 88، 92، 93، ووفيات الأعيان 5/ 599، والمغرب في حلى المغرب 83- 85، 252، 361، ونهاية الأرب 28/ 288، 291، 292، والعبر 4/ 44، 45، وسير أعلام النبلاء 19/ 553 رقم 320، والدرّة المضيّة 488، وعيون التواريخ 12/ 172، واتعاظ الحنفا (انظر فهرس الأعلام) 3/ 412، والمواعظ والاعتبار 1/ 125، 126، والنجوم الزاهرة 5/ 229، وشذرات الذهب 3/ 60، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 223، 224.

(35/434)


وكان كريمًا، شَهْمًا، مقدّمًا، سفّاكًا للدّماء. وفي الآخر راسَلَ أخا الآمر بذلك، فأمسكه، ثمّ صلبه.
169- محمد بْن عَبْد الله بْن حسين.
أبو عَبْد الله بْن حسّون الكلبيّ المالقيّ [1] ، قاضي مالقة وابن قاضيها.
وكان فصيحًا بليغًا، ماضي الأحكام.
وولي قضاء مالقة.
170- محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن موسى بْن عِياض [2] .
أبو عَبْد الله المخزوميّ الشّاطبيّ المقرئ المنتيشي [3] ، مِن قرية المنتيشة [3] .
أخذ القراءات عَنْ: أَبِي دَاوُد، وابن الدّشّ، وابن شفيع، وأبي القاسم بْن النّحّاس، ومنصور بْن الخير، وجماعة.
وسمع مِن: ابن سُكَّرَة، وجماعة.
وتصدّر للإقراء بشاطبة، فأخذ عَنْهُ النّاس. وكان إمامًا في التفسير، مُقَدَّمًا في البلاغة، مشاركًا في أشياء.
وكان يفسّر كلّ جمعة.
روى عَنْهُ أبو عَبْد الله المكناسيّ.
وتُوُفّي وهو كهل.
171- مُحَمَّد بْن واجب بْن عُمَر بْن واجب [4] .
أبو الحَسَن القَيْسيّ البلنسيّ، قاضي بلنسية.
روى عن: أبي العبّاس العذريّ وأكثر عنه.
__________
[1] المالقي: بفتح الميم وكسر اللام، وفي آخرها القاف، هذه النسبة إلى مالقة، وهي بلدة من بلاد الأندلس بالمغرب. (الأنساب 11/ 94) .
[2] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: معجم البلدان 5/ 208.
[3] في الأصل: «المنتشي» و «المنتشة» ، والتصحيح من معجم البلدان، وفيه: منتيشة: بالفتح ثم السكون، وكسر التاء المثناة من فوقها، وياء، وشين معجمة، مدينة بالأندلس قديمة من أعمال كورة جيّان، حصينة مطلّة على بساتين وأنهار وعيون، وقيل إنها من قرى شاطبة.
[4] انظر عن (محمد بن واجب) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 574، 575 رقم 1268.

(35/435)


وعن: أَبِي الوليد الباجيّ، وأبي اللَّيْثُ السَّمَرْقَنْديّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: كتب إلينا بمرويّاته، وكان محببًا إلى أهل بلده، رفيقًا [1] بهم، عفيفًا.
تُوُفّي في ذي الحجة، وله اثنان وسبعون سنة [2] .
172- منصور بن علي [3] .
روى عَنْهُ العثماني بالإسكندريّة.
ورّخه ابن المفضّل.
__________
[1] في الصلة: «رفيعا فيهم، جامد اليد عن أموالهم من بيت فضل وجلالة، ونباهة وصيانة» .
[2] مولده سنة 446 هـ-.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/436)


سنة عشرين وخمسمائة
- حرف الألف-
173- أحمد بْن عليّ بْن غَزْلُون [1] .
أبو جعفر الأُمَويّ الأندلسي.
روي عَنْ: أَبِي الوليد الأندلسيّ.
قَالَ ابن بَشْكُوال: وهو معدود في كبار أصحابه، وكان من أهل الحفظ والمعرفة والذكاء. أخذ عنه أصحابنا، وتوفّي بالعدوة في نحو العشرين وخمسمائة.
وقيل: توفّي سنة أربع وعشرين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين.
174- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن منظور [2] .
أبو القاسم القيسي الإشبيلي، قاضي إشبيلية.
روي عَنْ: أبيه، وابن عم أَبِيهِ أَبِي عَبْد الله محمد بْن أحمد.
واستقضى ببلده مدَّة طويلة.
أخذ عَنْهُ ابن بَشْكُوال.
وعاش أربعًا وثمانين سنة.
والصّواب في جدّهم محمد بدل عيسى، حرّره ابن رشيد.
175- إِسْحَاق بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز [3] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي بن غزلون) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 77 رقم 169.
[2] انظر عن (أحمد بن محمد القيسي) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 78 رقم 171.
[3] انظر عن (إسحاق بن عمر) في: المنتخب من السياق 160، 161 رقم 387، والتحبير 1/ 125، 126 رقم 50، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 51 ب، 52 أ.

(35/437)


أبو القاسم النَّيْسابوريّ الشّجاعيّ الجميليّ، الشّاعر المشهور الشُّرُوطيّ.
كَانَ كثير الفنون، شاعرًا مفلقًا، مجودًا في فنون الشّعر، كثير القول.
سَمِعَ: عُمَر بْن مسرور، وعبد الغافر بن محمد الفارسيّ، وأبا عثمان الصّابونيّ، والطبقة.
وكان يختم أماليه بأشعاره الرائقة، وحسُنَت سريرته وتوبته في آخر أيّامه.
وكان ذا تجمَّل وحشمة.
تُوُفّي في جمادي الآخرة، وعاش ثمانين سنة.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السّمعانيّ بالإجازة [1] .
176- إسماعيل بْن أحمد بْن محمد بْن مُكْرَم [2] .
أبو القاسم الصَّيْدلانيّ النَّيْسابوريّ العطّار.
كَانَ والده أبو حامد محدّث عصره.
وُلِد أبو القاسم سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة [3] .
وسمع: عَبْد الغافر، والفارسيّ، وابن مسرور، وعبد الله بن يوسف الجوينيّ.
أجاز للسّمعانيّ [4] .
__________
[1] وقال عبد الغافر: «شرف الأفاضل، مشهور بنيسابور، لقي الأكابر وخدم الصدور. كان من أركان مجلس القضاء، جميل المعاشرة، ظريف الصحبة، محبوب المحاورة والمحاضرة، مقبولا عند الخاص والعام، وله الأشعار الكثيرة الرائقة في كل فن، والطريقة المستعملة في الأغاني والخمريات للفسقة، ثم الغزليات والرباعيات المعشّقة باللسانين، ثم المقطّعات المستحسنة في فضائل الصحابة، وأبواب التوبة والزهد التي أنشأها لأذناب الأمالي، وتدارك ما مضى في أيام الشباب مما جمعه في ديوان وقع في مجلّدتين عنده. وقارب الثمانين أو نيّف عليها. وطبعه بعد غضّ كما كان في أيام الشبيبة مع خلل ظهر في لسانه وطرفه لم يغض ما طرفه ... وعقد له مجلس الإملاء في مسجد الصّرافين المعروف بمسجد الأصبهاني إلى اليوم، فأملى مدة حتى عجز عن الحضور. وخرّج لنفسه فوائد من الأحاديث والحكايات. ولم يزل منذ كان في تجمّل ونعمة ورفعة وثروة ومعاشرة» .
[2] انظر عن (إسماعيل بن أحمد) في: المنتخب من السياق 153 رقم 358، والتحبير 1/ 80 رقم 358، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 38 ب، 39 أ.
[3] وقيل كانت ولادته سنة 424 هـ-.
[4] بجميع مسموعاته في سنة 509 هـ-.

(35/438)


- حرف الباء-
177- بهرام بْن بهرام بْن فارس [1] .
أبو شجاع البغداديّ البَيَّع.
أحد الرُّؤساء والمتموّلين.
ولد في المحرّم سنة ثلاثين وأربعمائة.
وسمع: أبا القاسم التّنُوخيّ، وأبا محمد الجوهري، وغيرهما.
قَالَ ابن السّمعانيّ: صَلُح أمرُه في آخره عمره، وحسُنَت طريقته، وكان لَهُ معروف كثير وصدقة جارية.
قَالَ أبو الفَرَج [2] : كَانَ سماعه صحيحًا. وكان كريمًا، بنى مدرسة للحنابلة بكلواذى ودُفِن فيها. ووقف قطعة مِن أملاكه عَلَى الفقهاء.
وتُوُفّي في سادس عشر محرَّم.
- حرف الجيم-
178- جَابِر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْن متّ [3] .
الأنصاريّ، شيخ هَرَاة، أبو عطيَّة ابن شيخ الإسلام أَبِي إسماعيل.
كَانَ زاهدًا صلفًا، تامّ المروءة، ذا هيبة وجلالة.
وُلِد سنة 444، وسمع الكثير مِن أصحاب عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي شُرَيح، وغيرهم.
وكان قليل العلم. وكان يعظ ويزدحمون عليه [4] .
__________
[1] انظر عن (بهرام بن بهرام) في: المنتظم 9/ 262 رقم 417 (17/ 240 رقم 3940، والبداية والنهاية 12/ 107.
[2] في المنتظم.
[3] انظر عن (جابر بن عبد الله) في: التحبير 1/ 153- 155 رقم 83، ومعجم شيوخ ابن السمعانيّ، ورقة 62 أ، 62 ب.
[4] وقال ابن السمعاني: كان خاليا عن الفضل، غير أنه كان معتقدا فيه بين مريدي والده، ورأى منهم ما لم ير أحد في عمره من القبول التام، وجري أموره على سداد واستقامة. وكان يعقد المجلس في الأشهر الثلاثة: رجب، وشعبان، ورمضان يوم الإثنين على ما كان والده في جامع هراة. ويحضر مجلسه عالم لا يحصون. وكان سليم الجانب، بهيّ المنظر.

(35/439)


سَمِعَ: أبا عُمَر المليحيّ، ومحلم بْن إسماعيل الضّبّيّ، ومحمد بْن عَبْد العزيز الفارسيّ.
روى عَنْهُ طائفة.
ومات في غرَّة ذي القِعْدة [1] .
- حرف الطاء-
179- طُرْخان بْن محمود الشَّيْبانيّ [2] .
أحد الأمراء الكبار بدمشق، وصاحب المدرسة الّتي بجَيْرُون.
تُوُفّي في رجب [3] .
- حرف العين-
180- عَبْد الله بْن طاهر بْن محمد بْن كاكو [4] .
أبو محمد الصُّوريّ، الواعظ، المعروف بالقاضي ابن زينة.
واعظ الأعزية.
قَالَ ابن عساكر: كَانَ كثير التّطفيل. ذكر لي أنّه سَمِعَ بمصر مِن أبي عَبْد الله القُضاعيّ، وأنّه تفقَّه ببغداد عَلَى أَبِي إِسْحَاق الشّيرازيّ، وأنّه وُلِد سنة نيّف وثلاثين وأربعمائة [5] .
اجتمعت به غير مرّة [6] .
__________
[1] وكانت ولادته في شهر ذي القعدة سنة 444 هـ-.
[2] انظر عن (طرخان) في: ذيل تاريخ دمشق 216، والوافي بالوفيات 15/ 425 رقم 462، والدارس في تاريخ المدارس 1/ 415، ومنادمة الأطلال 179، 190.
[3] وكانت وفاته بعلّة حادّة.
[4] انظر عن (عبد الله بن طاهر) في: تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 21/ 127، 128، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 12/ 283 رقم 149، ومرآة الزمان ج 8 ق 1/ 129، والنجوم الزاهرة 5/ 234، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (القسم الثاني) ج 3/ 258، 259 رقم 598.
[5] وفاته في (مرآة الزمان) سنة 522 هـ-. وفي (النجوم الزاهرة) 523 هـ-. وقال ابن عساكر: توفي في سنة عشرين وخمسمائة وأنا غائب ببغداد. في رحلتي الأولى.
[6] وقال ابن عساكر: أصله من مروالرّوذ، وولد بصور، ونشأ بالشام. رأيت له سماعا من أبي عبد الله بن الحسن بن أبي فجّة البعلبكي سنة 486 وهو إذ ذاك كثير، وكان كثير الحفظ للنتف والأشعار المقطّعة، حسن الإيراد، حلو اللسان، وذكر أنه ولد في حدود سنة 437 واجتمعت به

(35/440)


181- عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بْن الحَسَن [1] .
أبو القاسم الإصبهانيّ الصَّفّار.
أخو أَبِي عليّ الدّقّاق الحافظ.
روى عَنْ: إبراهيم سِبْط بحرُوَيْه.
وعنه: أبو موسى.
وتُوُفّي فِي رمضان.
182- عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [2] .
أبو محمد الجيزباران [3] .
ذكره عَبْد الغافر [4] فقال: شيخ معروف مِن أبناء المياسير وذوي النّعَم.
سَمِعَ الكثير مِن: أَبِي حفص بْن مسرور، وأبي عثمان الصّابونيّ، وأبي الحُسَيْن عَبْد الغافر، والكَنْجَرُوذيّ، وأبي عثمان البَحيريّ، وأبي بَكْر البَيْهَقيّ، والمتأخرين.
تُوُفّي سنة عشرين.
__________
[ () ] غير مرة غير أني لم أكتب عنه شيئا.
قال غيث الصوري: أنشدني القاضي أبو محمد عبد الله بن طاهر، أنشدني أبو إسحاق الشيرازي.
لما أتاني كتاب منك مبتسما ... عن كل معنى ولفظ غير محدود
حكت معانيه في أثناء أسطره ... أفعالك البيض في أحوالي السود
قال: وأنشدني أيضا ولم يذكر عمّن أنشده:
عزيز على عزّتي عزّتي ... وألبسني الهجر إن سلما
فلما تملّكني واحتوى ... على مهجتي سلاما سلّما
وسمعته ينشد لبعضهم في وزير عزل عن الوزارة ثم أعيد:
قد رجع الأمر إلى نصابه ... وأنت من كل الورى أولى به
ما كان إلا السيف سلّته يد ... ثم أعادته إلى قرابه
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: المنتخب من السياق 319 رقم 1053، والتحبير 1/ 407، 408 رقم 361، والتقييد لابن نقطة 340 رقم 415.
[3] في الأصل: «الجزباران» .
[4] في المنتخب 319.

(35/441)


وذكر السّمعانيّ [1] فيمن أجاز لَهُ، وقال فيه: التّميميّ البَيَّع الجيزبارانيّ المعروف بالجيزباران [2] . مات في ربيع الأوّل. سَمِعْتُ مِن ولده محمد الكثير، وأمّا والده فعاش مائةً وخمس سنين [3] .
183- عَبْد العظيم بْن سَعِيد اليَحْصُبي [4] .
الدّانيّ، المقرئ أبو محمد.
روى عَنْ: أَبِي سهل المقرئ، وأبي الوليد الباجيّ، وأبي الحسن ابن الخشّاب، وأبي القاسم الطليطلي.
وأقرأ الناس بدانية.
وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة.
184- علي بن محمد بن دري [5] .
أبو الحسن الطليطلي الغرناطي، خطيب غرناطة.
روى عَنْ: أَبِي عَبْد الله المَغَامِيّ، وأبي الوليد الوقْشيّ، وأبي المطّرف ابن سَلَمَةَ، وجماعة.
وكان مقرئًا، فاضلًا، ضابطًا، عارفًا. أخذ الناس عَنْهُ.
وتُوُفّي رحمه الله في رمضان.
185- عُمَر بْن محمود بْن غَلّاب [6] .
أبو حفص الإفريقيّ الباجيّ، باجة إفريقيَّة، لَا باجة الأندلس.
تُوُفّي في صَفَر، وله ستّ وثمانون سنة [7] .
__________
[1] في التحبير، وقال: كتب لي الإجازة سنة تسع وخمسمائة.
[2] في الأصل: «بالجزباران» .
[3] وقال ابن نقطة: حدّث بكتاب المختصر لمحمد بن أسلم الطوسي، عن أبي مسعود البجلي.
سمعه منه جماعة منهم عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن أَحْمَد بْن منصور الصفار بنيسابور، بقراءة حمزة بن بحسول الهمدانيّ الحافظ في مجالس آخرها في جمادى الأولى من سنة تسع عشرة وستمائة.
(التقييد) .
[4] انظر عن (عبد العظيم بن سعيد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 388 رقم 833، وغاية النهاية 1/ 397 رقم 1690.
[5] انظر عن (علي بن محمد) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 425 رقم 914.
[6] انظر عن (عمر بن محمود) في: معجم البلدان 1/ 315، 316.
[7] كانت ولادته في رجب سنة 434.

(35/442)


قَالَ السّلَفيّ: علّقت عَنْهُ حكايات عَنْ شيوخه الّذين صحبهم، كعبد الحقّ ابن محمد السّبْتيّ، وعبد الجليل بْن مخلوف [1] .
- حرف الفاء-
186- فضل الله بْن عُمَر بْن أحمد بْن محمد [2] .
أبو طاهر المعروف بليلى النَّسَويّ.
سَمِعَ بدمشق: أبا القاسم الحُسَيْن بْن محمد.
وبصور: أبا بَكْر الخطيب.
وبالقدس: عَبْد العزيز بن أحمد النَّصيبيّ.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السمعاني، وقال: كَانَ شيخًا مَعْمَرا مشهورًا، سَمِعَ منه الكبار في مجلس نظام المُلْك مثل جدّي أبي المظفَّر السّمعانيّ، ووالدي، وعمّي.
وتُوُفّي في رمضان ودُفن برباط بمرو، وله تسعون سنة.
- حرف الميم-
187- مُحَمَّد بن أَحْمَد بن أحمد بن رُشْد [3] .
أَبِي الوليد القُرْطُبيّ المالكيّ، قاضي الجماعة بقُرْطُبَة.
روى عَنْ: أَبِي جعفر أحمد بْن رزق الفقيه شيخه، وعن: أبي عليّ الغسّانيّ.
__________
[1] تحرّفت في (معجم البلدان) إلى: «مخلوق» .
[2] انظر عن (فضل الله بن عمر) في: مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 20/ 287 رقم 116.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد المالكي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 576، 577 رقم 1270، والغنية للقاضي عياض 122- 125، وبغية الملتمس للضبّي 50، وقضاة الأندلس 98، 99، والمغرب في حلى المغرب 162، والإعلام بوفيات الأعلام 213، وسير أعلام النبلاء 19/ 501، 502 رقم 290، والعبر 4/ 47، ودول الإسلام 2/ 44، وتذكرة الحفاظ 4/ 1271 (دون ترجمة) وعيون التواريخ 12/ 187 وفيه «رشيد» بدل «رشد» ، ومرآة الجنان 3/ 225، والمرقبة العليا 98، 99، والديباج المذهب 248- 250، والوفيات لابن قنفذ 270 رقم 520، وأزهار الرياض 3/ 59، وكشف الظنون 361، 1412، وشذرات الذهب 4/ 62، وهدية العارفين 2/ 85، والمجدّدون في الإسلام للصعيدي 220- 223، وشجرة النور الزكية 1/ 129، ومعجم المؤلفين 8/ 228.

(35/443)


وأجاز له أبو العباس العذري.
قال ابن بَشْكُوال: [1] وكان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفِقْه، مقدَّمًا فيه عَلَى جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى عَلَى مذهب مالك وأصحابه، بصيرًا بأقوالهم [2] ، نافذَا في علم الفرائض والأُصُول، مِن أهل الرئاسة في العِلْم والبراعة في [3] الفهم، مَعَ الدّين والفضل والوقار والحلْم، والسَّمْت الحَسَن والهدْي الصّالح.
ومن تصانيفه: كتاب «المقدمات لأوائل كُتُب المدوَّنَة» [4] ، وكتاب «البيان والتّحصيل لمّا في المستخْرَجَة مِن التّوجيه والتّعليل» [5] ، و «اختصار المبسوطة» [6] ، واختصار «مشكل الآثار» للطّحاويّ، إلى غير ذَلِكَ.
سمعنا عَلَيْهِ بعضها، وأجاز لنا سائرها. وسار في القضاء بأحسن سيرة وأقْوَم طريقة، ثمّ استعفى منه فأُعفي. ونشر كُتُبُه وتواليفه، وكان النّاس يعوّلون عَلَيْهِ ويلجئون [7] إِليْهِ.
وكان حَسَن الخُلُق، سهل اللّقاء، كثير النَّفْع لخاصّته، وجميل العِشرة لهم، حافظًا لعهدهم، بارَّا بهم.
تُوُفّي في حادي عشر ذي القِعْدة.
وصلّى عَلَيْهِ ابنه أبو القاسم، وعاش سبعين سنة.
قلت: روى عَنْهُ: أبو الوليد ابن الدّبّاغ فقال: كَانَ أفقه أهل الأندلس في وقته، وقد صنَّف شرحًا للعتبية، وبلغ فيه الغاية.
قلت: وهو جدّ ابن رشد الفيلسوف.
__________
[1] في الصلة.
[2] زاد في الصلة: «واتفاقهم واختلافهم» .
[3] «في» ليست في الصلة.
[4] في الأصل: «المقدمة» .
[5] قال في الديباج 1/ 248: وهو كتاب عظيم نيّف على عشرين مجلّدا.
[6] في الأصل: «المبسوط» ، والتصحيح من: الصلة، وسير أعلام النبلاء.
[7] في الأصل: «يلجون» .

(35/444)


188- محمد بْن خَلَف بْن سليمان بْن فَتْحُون [1] .
أبو بَكْر الأندلسيّ الأُورِيُوليّ [2] الحافظ.
روى عَنْ: أَبِيهِ، وأبي الحَسَن طاهر بْن مُفَوَّز. وأكثر عَنْ: أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وغيره.
وكان معتنيًا بالحديث، عارفًا بالرجال، وله استدراك عَلَى ابن عَبْد البَرّ في كتاب «الصّحابة» في سِفْرَين، وكتاب، آخر في «أوهام الصّحابة» المذكور، وأصلح أيضًا أوهام «معجم ابن قانع» في جزء.
وأجاز لابن بَشْكُوال مِن مُرْسِيَة [3] .
189- محمد بْن الربيع [4] .
أَبُو سَعْد الهَرَويّ الجيلي.
يروى «صحيح الْبُخَارِيّ» عَنْ: أَبِي عمر المليحيّ.
ويروي «جامع التّرْمِذيّ» عَنْ جماعة.
تُوُفّي في حدود العشرين.
190- محمد بْن عَبْد الخالق بْن محمد [5] .
القاضي أبو المؤيَّد ابن القاضي أبي بَكْر.
ولّي قضاء سَمَرْقَنْد، ثمّ قضاء كِسّ أكثر مِن ثلاثين سنة.
وكان مِن خِيار الحَنفِيَّة.
مات أبوه في سنة ثمانين وأربعمائة، وكان أَبُوهُ مستملي شمس الأئمَّة الحَلوانيّ بكِسّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن خلف) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 577، 578 رقم 1271، والمعجم لابن الأبّار 103- 107، وفهرسة ابن خير 480، ومعجم البلدان 1/ 280، والوافي بالوفيات 3/ 45، 46، وهدية العارفين 2/ 84، وإيضاح المكنون 1/ 73، ومعجم المؤلفين 9/ 284، 285.
[2] الأوريولي: بالضم ثم السكون، وكسر الراء، وياء مضمومة، ولام، وهاء. مدينة قديمة من أعمال الأندلس من ناحية تدمير. (معجم البلدان) .
[3] قال ياقوت: مات سنة 520 وقيل سنة 519.
[4] لم أجد مصدر ترجمته.
[5] لم أجد مصدر ترجمته.

(35/445)


191- مسعود بْن الحسين [1] .
أبو المعالي الكُشَانيَ [2] السَّمَرْقَنْديّ.
نقله الخاقان مِن بُخارى إلى سَمَرْقَنْد للتّدريس بالمدرسة الخاقانيَّة وولّاه خَطَابة سَمَرْقَنْد، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدَّة.
وتُوُفّي فِي ربيع الأوّل، وَلَهُ ثلاثٌ وسبعون سنة.
تفقَّه عَلَيْهِ غير واحد.
__________
[1] انظر عن (مسعود بن الحسين) في: الأنساب 10/ 432.
[2] الكشاني: بضم الكاف والشين المعجمة وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد السغد بنواحي سمرقند على اثني عشر فرسخا منها.

(35/446)


ومن هذه الطبقة ممن لَا أعرف وفاته
- حرف الألف-
192- أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن سلمُوَيْه [1] .
أبو العبّاس النَّيْسابوريّ الصُّوفيّ، مِن أولاد المشايخ.
مرَّ أَبُوهُ سنة ثمانٍ وسبعين.
وهو: شيخ صالح، سَمِعَ مِن: عَبْد الغافر الفارسيّ، وابن مسرور، وغيرهما.
سَمِعَ منه: أبو سَعْد السّمعانيّ حضورًا، وذكره في «الأنساب» في السّلموييّ [2] ، وقال: توفّي سنة عشرة وخمسمائة.
193- أسعد بْن أحمد بْن أَبِي رَوْح [3] .
القاضي العالم أبو الفَضْلِ الطَّرَابُلُسي.
رأس الشّيعة بالشّام، وتلميذ القاضي ابن البرّاج [4] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن علي) في: الأنساب 7/ 116.
[2] السّلموييّ: بفتح السين المهملة، وسكون اللام، وضم الميم، وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى سلمويه.
[3] انظر عن (أسعد بن أحمد) في: ديوان ابن الخياط 121، 122، وفيه: «ابن أبي الدوح» (بالدال) ، وعيون التواريخ 12/ 183، وميزان الاعتدال 1/ 210، وسير أعلام النبلاء 19/ 499، 500 رقم 288، والوافي بالوفيات 9/ 40، والكنى والألقاب للقمّي 1/ 219، ولسان الميزان 1/ 386، 387، وروضات الجنات 1/ 113، وطبقات أعلام الشيعة آقا بزرگ 2/ 30، وأعيان الشيعة 11/ 134، وكتابنا: الحياة الثقافية في طرابلس الشام 192- 195، وكتابنا: دار العلم بطرابلس في القرن الخامس الهجريّ 37- 39، وكتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 388- 392 رقم 261.
[4] ابن البرّاج هو: أبو القاسم عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البرّاج، من كبار علماء الشيعة. ولي قضاء طرابلس عشرين يوما، وقيل ثلاثين عاما. توفي سنة 481 هـ-. (انظر

(35/447)


جلس بعد ابن البرّاج بطرابُلُس لتدريس الرَّفْض، وصنَّف التّصانيف.
وولّاه ابن عمّار [1] قضاء طرابُلُس بعد ابن البرّاج.
وله كتاب «عيون الأدلَّة في معرفة الله» ، وكتاب «التَّبصرة» في خلاف الشّافعيّ للإمامية، وكتاب «البيان عَنْ حقيقة الْإنْسَان» ، وكتاب «المقتبس في الخلاف بيننا وبين مالك بْن أنَس» ، وكتاب «التّبيان في الخلاف بيننا وبين النُّعْمان» ، «مسألة تحريم الفُقّاع» ، كتاب «الفرائض» ، كتاب «المناسك» ، كتاب «البراهين» ، وأشياء أخرى ذكرها ابن أبي طيِّئ في «تاريخه» ، وأنه انتقل مِن طرابُلُس إلى صيدا، وأقام بها، وكان مرجع الإماميَّة بها إِليْهِ. فلم يزل بها إلى أن ملكت الفرنج صيدا.
قال [ابن أبي طيّ،] [2] . فأظنّه قتل بصيداء عند ما ملكت الفرنج البلاد.
ورأيت مِن يَقُولُ إنّه انتقل إلى دمشق [3] .
قَالَ: وذكره ابن عساكر فقال: كَانَ جليل القدر، يرجع إليه أهل عقيدته.
قَالَ: وكَانَ عظيم الصّلاة والتّهجُّد، لَا ينام إلّا بعض اللّيل. وكان صمته أكثر من كلامه.
__________
[ () ] ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي، القسم الأول- ج 3/ 147- 152 رقم 824) ، ووقع في (لسان الميزان 1/ 386) : «ابن البداح» .
[1] ابن عمّار هو: صاحب طرابلس جلال الملك (464- 492 هـ-.) ، (انظر عنه كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ (طبعة ثانية) ج 1/ 359- 375) .
[2] في الأصل: «قال أبي» . وهو «يحيى بن حميدة بن ظافر الحلبي» توفي سنة 630 هـ-.
[3] ذكر المؤلّف القول الأول، ولم يذكر القول الثاني، في (سير أعلام النبلاء 19/ 499) ، أما ابن حجر فقال إنه توفي قبل سنة 520، وينقل عن ابن أبي طيِّئ أنه قتل في حيفا عند ما ملكها الصليبيون. (لسان الميزان 1/ 386، 387) .
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب: هكذا وقع في المطبوع من (لسان الميزان) ، وهذا لا يتفق مع ما ذكره المؤرّخون من أن حيفا سقطت بيد الصليبيين سنة 494، والصحيح أنه كان بصيداء.
وقد ذكره ابن شاكر الكتبي في وفيات سنة 520 هـ-. (عيون التواريخ 12/ 183) .
وقيل إنه حين تحوّل إلى صيدا اتخذ بها دارا للكتب جمع فيها أزيد من أربعة آلاف مجلّدة.
(لسان الميزان 1/ 386) .

(35/448)


قلت: لم أره في «تاريخ ابن عساكر» [1] .
وحكى أبو اللُّطْف [2] الدّارانيّ، قَالَ: ما استيقظت مِن اللّيل قَطّ إلّا وسمعت حسّه بالصّلاة. وبالغ في وصفه، وحكى لَهُ كرامة.
وحكى الرّاشديّ [3] تلميذه قَالَ: جمع ابن عمّار بين أبي الفَضْلِ وبين مالكيّ مناظرة في تحريم الفقّاع، وكان الشّيخ جريئا فصيحًا، فنطق بالحجَّة ووضح دليله، فانزعج المالكيّ وقال: كُلْني كُلْني.
فقال: ما أَنَا عَلَى مذهبك. أراد أن مذهبه جواز أكل الكلب.
وقال لَهُ ابن عمّار يومًا: ما الدّليل عَلَى حدَّث القرآن؟
قَالَ: النَّسخُ، والقديم لَا يتبدَّل ولا يدخله زيادة ولا نقص [4] .
وقال له آخر: ما الدّليل على أنّا مخيَّرون في أفعالنا؟
قَالَ: بعْثةُ الرُّسُل.
وقال لَهُ أبو الشُّكر؟ بن عمّار: [5] ما الدليل عَلَى المتْعة؟
قَالَ: قولُ عُمَر: مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا أنهى عَنْهُمَا.
فقبِلْنا روايته، ولم نقبل قوله في النَّهْي.
قلت: هلّا قبلتَ رواية إمامك عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه في النَّهْي عَنْ متعة النّساء [6] ؟!
__________
[1] ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لقد قرأت تاريخ دمشق لابن عساكر مرتين في دار الكتب المصرية، نسخة المكتبة التيمورية، وهي من 48 مجلّدا، ولم أقف فيه على ذكر لابن أبي روح الطرابلسي، كما يقول المؤلّف الذهبي، رحمه الله.
[2] في الأصل: «اللطيف» .
[3] هو: محمد بن الحسين بن مخلوف الراشدي المعروف بابن بركات الطرابلسي. توفي سنة 540 هـ-. انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي- القسم الثاني- ج 4/ 12 رقم 994.
[4] علّق ابن حجر على قوله هذا فقال: «هذا هذيان، والنسخ إنما دخل على الحكم فقط» .
(لسان الميزان 1/ 387) .
[5] لم أقف في كل أبحاثي عن بني عمّار على من يعرف بأبي الشكر. انظر لي شجرة نسب بني عمّار في كتابي: «لبنان في العصر الفاطمي» . طبعة دار الإيمان، بطرابلس.
[6] وجاء في ديوان ابن الخياط أن القاضي جلال الملك ابن عمّار صاحب طرابلس أمره أن يفرّق

(35/449)


- حرف العين-
194- عَلِيِّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن الهيصم [1] .
__________
[ () ] على أهل دار العلم ذهبا، وكان ابن الخياط يدرس في دار العلم وهو في عداد طلبتها، فلم يصله شيء، وكان ابن أبي روح يتولّى النظر على دار العلم، فأعطاه من ماله لما كتب له هذه الأبيات:
أبا الفضل كيف تناسيتني ... وما كنت تعدل نهج الرشاد
فأوردت قوما رواء الصدور ... وحلّات مثلي وإنّي لصاد
لقد أيأستني من ودّك ... الحقيقة إن كان ذا باعتماد
منحتك قلبي وعاندت فيك ... من لا يهون عليه عنادي
أظنّ نهاري والحاسدوك ... كأني وإيّاهم في جهاد
ويجدب ظنّي فيمن أودّ ... وظنّي فيك خصيب المراد
إلى أن رأيت جفاء يدلّ ... أنّ اعتقادك غير اعتقادي
فيا ليتني لم أكن قبلها ... شغفت بحبّك يوما فؤادي
فإنّ القطيعة أشهى إليّ ... إذا أنا لم أنتفع بالوداد
بلوت الأنام فما أن رأيت ... خليلا يصح مع الانتقاد
ولولا شماتة من لامني ... على بثّ شكرك في كل ناد
وقولهم ودّ غير الودود ... فجوزي على قربه بالبعاد
لما كنت من بعد نيل الصفاء ... لأرغب في النائل المستفاد
وما بي أن يردع الشامتين ... وصالك برّي وحسن افتقادي
ولكن لكي يعلموا أنني ... شكرت حقيقا بشكر الأيادي
ولم أمنح الحمد إلّا أمرا ... أحقّ به من جميع العباد
وما كنت لو لم أعم في نداك ... لأثني على الروض قبل ارتيادي
وإنك أهل لأن تقتني ... ثنائي قبل اقتناء العتاد
فلا يحفظنك أني عتبت ... فتمنعني من بلوغ المراد
فإنّ البلاد إذا أجدبت ... فما تستغيث بغير المهاد
إذا ما تجافى الكرام الشداد ... عنّا فمن للخطوب الشداد؟
(ديوان ابن الخياط 121، 122) .
وينقل «آغا بزرگ الطهراني» عن نسخة من (لسان الميزان) أن ابن أبي روح كان قاضيا من قبل ابن عماد المهري الّذي قتله المعتمد العباسي بيده في سنة 477 (طبقات أعلام الشيعة- النابس في القرن الخامس 2/ 30، بيروت 1971) .
ويقول خادم العلم «عمر عبد السلام تدمري» : هذا وهم، فالمعتمد العباسي توفي قبل نحو قرنين أي سنة 279 هـ-.
[1] انظر عن (علي بن عبد الله) في: المنتخب من السياق 397 رقم 1347.
وأقول: هو غير: «علي بن عبد الله بن محمد بن الهيضم» (بالضاد المعجمة) ، فصاحب الترجمة

(35/450)


الإمام أبو الحسين النَّيْسابوريّ، أحد الوجوه.
مِن أئمَّة أصحاب أَبِي عَبْد الله، البارع في الفنون.
سَمِعَ الحديث في صباه، وسمع «صحيح مُسْلِم» مِن: أبي الحُسَيْن عَبْد الغافر.
وسمع مِن أَبِيهِ.
وله أولاد نُجَبَاء.
195- عيسى بْن شُعيب بْن إبراهيم [1] .
أبو عَبْد الله السّجْزيّ، شيخ صالح، خيّر.
سكن هَرَاة وولد سنة بها أبو الوقت.
سَمِعَ: عليّ بْن بشرى اللَّيْثي.
قَالَ أبو سَعْد السّمعانيّ: أجاز لي مسموعاته، ومات سنة نيّف عشرة وخمسمائة.
قلت: مرّ سنة اثنتي عشرة [2] .
- حرف الميم-
196- مُحَمَّد بْن أحمد بْن الحُسَيْن [3] .
أبو منصور الرّزّاز [4] الخلّال. ويُعرف بالرّفّاء. أخو أَبِي ثعلب. شيخ بغداديّ عالي الإسناد.
حدَّث في سنة عشرة. وكان ذا دين وصلاح وتلاوة.
وُلِد سنة ثمان وعشرين وأربعمائة في صفر.
__________
[ () ] نيسابوري محدّث. وهذا هرويّ أديب له مصنّفات ديوان شعر. انظر عنه في: الوافي بالوفيات 21/ 209 رقم 132 وفيه مصادره.
[1] انظر عن (عيسى بن شعيب) في: التحبير 1/ 611- 613 رقم 602، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 187 ب.
[2] وقد تقدّم برقم (38) .
[3] مذكور في (ذيل تاريخ بغداد لابن النجار) في الجزء المفقود.
[4] الرزّاز: بفتح الراء وتشديد الزاي المفتوحة والألف بين الزايين المعجمتين. هذه النسبة إلى الرزّ وهو الأرزّ، وهو اسم لمن يبيع الرزّ. (الأنساب) .

(35/451)


وسمع مِن: الحافظ أَبِي محمد الخلّال، وأبي طَالِب العُشَاريّ، والجوهريّ.
روى عَنْهُ: المبارك بْن أحمد الأنصاريّ، وصالح بْن زرعان التّاجر، ويحيى بْن بوش.
ذكره ابن النَّجَّار.
197- محمد بْن عَبْد الجبّار بْن محمد بْن الحَسَن [1] .
أبو سَعْد الجويميّ الفارسيّ، المقرئ الشّيرازيّ.
أحد مِن عُني بالقراءات، ورحل إلى الآفاق فيها. وصنف فيها التّصانيف.
قرأ عَلَى: أَبِي القاسم هبة اللَّه بْن عَلِيّ بْن عِراك المغربيّ التّاجر، تلميذ أَبِي عَمْرو الدّانيّ، وأبي عليّ الأهوازيّ.
وقرأ بالأهواز عَلَى: أَبِي بَكْر محمد بْن عَبْد الكريم الفَرغانيّ.
وببغداد عَلَى: أَبِي الْخَطَّاب بْن الجرّاح، وابن سوار.
وسمع مِن: طِراد، وجماعة.
وسكن بغداد [2] .
قرأ عَلَيْهِ: المبارك بْن كامل الخفّاف، وهبة الله بْن بدران العجّان في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
وروى عَنْهُ: مَعْمَر بْن الفاخر.
198- مُحَمَّد بْن عَبْد المُلْك بْن مُحَمَّد [3] .
أَبُو بَكْر الأُشْنانيّ [4] ، المؤدّب، الأديب، المعروف بالباقلّانيّ.
وأُشْنان مِن قُرى بلد الخالص.
سكن بباب الأزج يؤدّب.
روى عنه من شعره: منوجهر بن تركانشاه، وأبو نصر الرسوليّ، وأبو
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الجبار) في: غاية النهاية 2/ 158، 159 رقم 3093.
[2] فأقرأ بها، قرأ عليه أحمد بن هبة الله بن أحمد الجزري سنة سبع وخمسمائة.
[3] لم أجد مصدر ترجمته.
[4] الأشناني: بضم الهمزة وسكون الشين المعجمة ونون.

(35/452)


المعمّر المبارك الأنصاريّ.
قَالَ أبو المُعَمَّر: أنْشَدَنا لنفسه:
قلْ للمليحة في الخمار المُذْهب ... ذهب الزَّمانُ وحبكّم لم يذهب
وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما مِن مُذهب
نورُ الخمار ونورُ وجهكٍ نُزْهةً ... عَجبَا لخدّك. كيف لم يتلهَّب؟
وإذا رَنَتْ عيني لتسرق نظرةً ... قَالَ الجمال لها: اذهبي لَا تذهبِ
199- أبو عدنان.
محمد بْن أَبِي نزار. مرّ سنة 417.
200- المؤمّل بْن الْجُنَيْد بْن محمد [1] .
أبو الفتوح الإسْفرائينيّ، الصُّوفيّ. شيخ الصُّوفيَّة.
قَالَ عَبْد: يختم في اليوم واللّيلة ويتهجد لصلاة اللّيل، ويقوم بحقوق الصُّوفيَّة.
سَمِعَ مِن: سَعِيد بْن أبي سَعِيد العَيَّار.
وتُوُفّي قبل العشرين وخمسمائة.
- حرف الهاء-
201- هبة اللَّه بْن عَليّ بْن العقّاد [2] .
أبو الحَسَن العِجْليّ، المؤدّب.
مِن فُضَلاء بغداد.
روى عَنْ: أَبِي طَالِب بْن غَيْلان.
قَالَ ابن السّمعانيّ: كَانَ أديبًا لَسِنًا، له بلاغة وفصاحة وفيه دين وعفة.
سمع بإفادة أبيه.
نبا عنه: أبو المعمر الأزجي [3] ، ومحمد بن عليّ بن عبد السّلّار الكاتب.
__________
[1] لم أجد مصدر ترجمته.
[2] لم أجد مصدر ترجمته.
[3] الأزجي: بفتح الألف والزاي وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى باب الأزج، وهي محلّة كبيرة ببغداد. (الأنساب 1/ 197) .

(35/453)


- حرف الياء-
202- يَحْيَى بْن عليّ بْن عَبْد اللطيف [1] .
أبو الحسن التنوخي المعري، الأديب.
ذكر أنّه سمع مِن أبي صالح محمد بْن المهذب بالمعَرَّة، وروى أناشيد عَنْ عَبْد الباقي بْن أَبِي حُصَين المَعَرّيّ، وغيره.
كتب عَنْهُ: السّلَفيّ، وقال: هُوَ حَفَظَه للتواريخ وأخبار العرب والملوك، وأشعار القُدَماء والمحدّثين.
قَالَ لي قاضي دمشق أبو المعالي: هذا تاريخ الشّام.
قَالَ السّلَفيّ: وكان يتحرّى الصّدْق، ويُذكر بالصّلاح.
وقال السّلَفيّ: أنْشَدَنا يحيى بْن عليّ قَالَ: حفّظني أبي هذين البيتين، ثمّ أمر غلامنا، فحملني إلى أبي العلاء المَعَرّيّ، فقرأتهما عَلَيْهِ، وهما:
إلى الله أشكو أنّني كلّ ليلةٍ ... إذا نمتُ لم أُعدَم طوارق أوهام
فإنْ كَانَ شرّا فهو لا بدّ واقعٌ ... وإنْ كَانَ خيرًا فهو أضغاثُ أحلام
203- يوسف بْن أحمد بْن عبد الله [2] .
أبو يعقوب اللّجاميّ [3] الغَزْنَوِيّ، الواعظ الشّهير.
سار ذكره في الآفاق، وتخرَّج بِهِ العلماء. وله رحلة إلى العراق وغيرها.
وعمّر حتّى صار يحمل في محفَّة.
ذكره السّمعانيّ هكذا فيمن أجاز لَهُ، وقال: سَمِعَ: أبا بَكْر بْن ريذة الضّبّيّ، وخاله محمد بْن أحمد بْن حمدان الحدّاديّ، ويوسف بْن إسرائيل القاضي، وأبا محمد سَعِيد بْن إِسْحَاق المفسّر، وأبا عثمان العَيّار، وعليّ بْن نصر الدّيَنَوريّ اللّبان، وأبا جعفر محمد بن إسحاق البحّاثيّ الزّوزنيّ.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن علي) في: معجم السفر للسلمي (مصوّر بدار الكتب المصرية) ق 2.
[2] انظر عن (يوسف بن أحمد) في: التحبير 2/ 386 رقم 1110، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 286 ب.
[3] في الأصل: «اللحامي» بالحاء المهملة.

(35/454)


تُوُفّي بغَزْنَة في السّنة الّتي تُوُفّي فيها القاضي الفخر.
كذا قَالَ، ولم أعرف وفاة الفخر [1] .
(بعون الله وتوفيقه، تم تحقيق هذه الطبقة الثانية والخمسين من «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَد بْن عثمان الذهبي، المتوفى سنة 748 هـ-. وضبط نصّه، وتخريج أحاديثه وأشعاره، وتوثيق مادّته، والإحالة إلى مصادره، وصنعة فهارسه، على يد خادم العلم وطالبه الحاج الأستاذ الدكتور «أبي غازي عمر عبد السلام تدمري» الطرابلسي مولدا وموطنا، الحنفي مذهبا، وذلك بعد ظهر يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك 1413 هـ-. الموافق للسابع عشر من آذار (مارس) 1993 م. في منزله بساحة النجمة، بمدينة طرابلس الشام المحروسة، حفظها الله دار أمان، وجعلها سخاء رخاء بحفظة ورعايته. والحمد للَّه رب العالمين) .
__________
[1] ممّن عرف بفخر القضاة: محمد بن الحسين الأرسابندي، رحل إلى بخارى في طلب الفقه، ورجع إلى مرو وانتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بها، ثم ولي قضاء مرو. له مصنّفات.
توفي سنة 512 هـ-.
وأبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي نزيل بغداد، ولد سنة 459 وتوفي سنة 547 هـ-.

(35/455)