تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ت
تدمري
[المجلد الثامن والثلاثون (سنة 551- 560)
]
[الطبقة السادسة والخمسين]
بسم الله الرحمن الرّحيم
حوادث سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
[دخول السلطان سُلَيْمَان شاه بغداد والخلعة عليه]
قدِم فِي أواخر سنة خمسين إلى بغداد السلطان سليمان شاه بن محمد بن ملك
شاه مستجيرا بالخلافة، فخرج لتلقَيه ولد الوزير عون الدِّين، ولم
يترجَّل أحدٌ منهما للآخر ولم يحتفل بمجيئه لتمكّن الخليفة وقوَّته،
وكَثرة جيوشه.
فَلَمّا كان فِي نصف المحرَّم استُدعي إلى باب الحجرة، وحلف على
النُّصْح ولُزوم طاعة أمير المؤمنين. ثُمَّ خُطِب له فِي آخر الشّهر
[1] . وذُكر فِي الخطبة بعد اسم السّلطان سَنْجر ولُقب بألقاب أبيه.
وفي وسط صَفَر أُحضِر وألبس الخلعة والتّاج والسِّوَارَيْن، وقرّر
بأنَّ العراق لأمير المؤمنين، ولا يكون لسليمان شاه إلّا ما يفتحه من
بلاد خُرَاسان.
ثُمَّ خرج، فقدّم له الخليفة عشرين ألف دينار ومائتي كرّ، وخلع على
أمرائه.
ثُمَّ سار الخليفة ومعه سُلَيْمَان شاه إلى أن وصل حُلْوان، ونفذ معه
العسكر [2] .
__________
[1] الدرّة المضيّة 569.
[2] المنتظم 10/ 164، 165 (18/ 106) ، دول الإسلام 2/ 67، العبر 4/
141، 142، البداية
(38/5)
[هرب السلطان سنجر من يد الغُزّ]
وفيها، في رمضان، هرب السّلطان سنجر بن ملك شاه من يد الغُزّ فِي جماعة
من الأمراء، فساروا إلى قلعة تِرْمِذ، فاستظهر بها على الغُزّ. وكان
خُوارزم شاه أتْسِز هُوَ والخاقان مُحَمّود بْن مُحَمَّد ابن أُخت
سَنْجَر يقاتلان الغُزّ، والحرب بينهم سجال، فذلّت الغُزّ بموت عَلَى
بك، وكان أشدّ شَيْءٍ، على السّلطان سَنْجَر وعلى غيره. ثُمَّ مضت
الأتراك الفارغليّة إلى خدمة سَنْجَر، وتجمّع جيش ورُدَّ إلى دار ملكه
مَرْو، فكانت مدَّة أسْره مع الغزّ إلى أن رجع إلى دَسْت سَلْطنته ثلاث
سنين وأربعة أشهر [1] .
[الزلازل بالشام]
وفيها، كَمَا قال أبو يَعْلَى التّميميّ [2] ، كانت بالشّام زلازل
عظيمة، انهدم كثير من مساكن شَيْزَر على أهلها. وأمّا كفر طاب فهرب
أهلُها منها خوفا على أرواحهم، وأمّا حماه فكانت كذلك.
قلت: وقد ذكر ابن الْجَوْزيّ [3] الزلزلة كَمَا يأتي فِي سنة اثنتين،
فبالغ ونقل ما لم يقع.
[موادعة نور الدين للفرنج وغدرهم]
قال حمزة [4] : وفي رمضان وصل الملك نور الدِّين إلى دمشق من
__________
[ () ] والنهاية 12/ 233، عيون التواريخ 12/ 491، النجوم الزاهرة 5/
322.
[1] ذيل تاريخ دمشق 336 (حوادث سنة 551 هـ.) و 337، 338 (حوادث سنة 552
هـ) ، الكامل في التاريخ 11/ 210، نهاية الأرب 26/ 338، المختصر في
أخبار البشر 3/ 30، مرآة الزمان 8/ 227، سير أعلام النبلاء 20/ 410،
دول الإسلام 2/ 67، العبر 4/ 142، تاريخ ابن الوردي 2/ 56، البداية
والنهاية 12/ 234، عيون التواريخ 12/ 491، الكواكب الدرّية 149، تاريخ
ابن سباط (بتحقيقنا) 1/ 103، النجوم الزاهرة 5/ 322.
[2] في ذيل تاريخ دمشق 334- 336.
[3] في المنتظم.
[4] وهو ابن القلانسي، في: ذيل تاريخ دمشق 336.
(38/6)
حلب بعد أن تفقّد أحوالها وهذّبها. وفي
شوّال تقرّرت الموادعة بينه وبين ملك الفرنج سنة كاملة، وأنّ المقاطعة
المحمولة إليهم من دمشق ثمانية آلاف دينار صوريَّة. وكُتبت الموادعة
بذلك، وأكِّدت الأيمان، فبعد شهرين غدرت الفرنج لوصول نجدة فِي البحر،
[ونهضوا] [1] إلى الشعرا من ناحية بانياس، وبها جشارات [2] الخيول،
فاستاقوا الجميع، وأسروا خلقا [3] .
[الحريق ببغداد]
وفيها كثُر الحريق ببغداد، ودام أَيَّامًا ووقع فِي تسع دروب سمّاها
ابن الْجَوْزِيّ [4] .
[سفر الخليفة إلى دُجَيل]
وفيها سافر أمير المؤمنين إلى ناحية دُجَيل بعد قُدومه من حُلوان
يتصَّيدُ [5] .
[المصافّ بين سُلَيْمَان شاه ومحمد شاه]
وانضاف إلى سليمان ابن أخيه ملك شاه وألْدَكز [6] وتحالفوا، فسار
لقتالهم مُحَمَّد شاه، فعملوا مصافا فانتصر مُحَمَّد شاه، ووصل إلى
بغداد من عسكرها خمسون فارسا بعد أن خرجوا ثلاثة آلاف. ولم يُقتل منهم
أحدٌ، إنّما
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: ذيل تاريخ دمشق.
[2] الجشار: مكان رعي الماشية من خيل وغيرها.
[3] ذيل تاريخ دمشق 337، كتاب الروضتين 1/ 258، 259.
[4] في المنتظم 1/ 165 (18/ 107) وهي: درب فراشا، ودرب الدواب، ودرب
اللبان، وخرابة ابن جردة، والظفرية، والخاتونية، ودار الخلافة، وباب
الأزج، وسوق السلطان. وانظر:
الكامل في التاريخ 11/ 216، والمختصر في أخبار البشر 3/ 30، وتاريخ ابن
الوردي 2/ 56، 57، والدرة المضية 569، وشذرات الذهب 4/ 157.
[5] المنتظم 10/ 165 (18/ 107) .
[6] يرد: «ألدكز» و «إيلدكز» .
(38/7)
نُهِبوا، وأُخذت خيولهم، وتشتّتوا. وردّ
سُلَيْمَان شاه فِي حالة نحِسةٍ، فخرج عليه أمير المَوْصِل، فقبض عليه
وطالعة إلى القلعة [1] .
وسار مُحَمَّد شاه يقصد بغداد، فوصل إلى ناحية بَعْقُوبا، وبعث إلى
كَوْجُك، فتأخّر عَنْهُ، فانزعجت بغداد، وأُحضِرت العساكر، واستعرضهم
الوزير [2] .
[تسلُّم نور الدِّين بعلبكّ]
وفيها تسلّم نور الدين بعلبكّ [3] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 337، الكامل في التاريخ 11/ 205، التاريخ الباهر 8،
10، المختصر في أخبار البشر 3/ 29، دول الإسلام 2/ 67، العبر 4/ 142،
تاريخ ابن الوردي 2/ 56، عيون التواريخ 12/ 491، البداية والنهاية 12/
233، تاريخ ابن سباط 1/ 102.
[2] المنتظم 10/ 165 (18/ 107) ، الكامل في التاريخ 11/ 212- 215،
تاريخ دولة آل سلجوق 228، المختصر في أخبار البشر 3/ 30، تاريخ الزمان
173، العبر 4/ 142، دول الإسلام 2/ 68 (حوادث سنة 5552) ، تاريخ ابن
الوردي 2/ 56، عيون التواريخ 12/ 495، مرآة الجنان 3/ 299 (حوادث سنة
552 هـ) ، البداية والنهاية 12/ 234، تاريخ ابن سباط 1/ 104.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 227، 228 (حوادث سنة 552 هـ) ، زبدة الحلب
2/ 305، كتاب الروضتين 1/ 250، المختصر في خبار البشر 3/ 33، نهاية
الأرب 27/ 161، تاريخ ابن الوردي 2/ 59، البداية والنهاية 12/ 236
(حوادث سنة 552 هـ) وفيه: «وقد قيل إن ذلك كان في سنة خمسين» .
(38/8)
سنة اثنتين وخمسين
وخمسمائة
[الحرب بين مُحَمَّد شاه والخليفة]
ثُمَّ قَرُب مُحَمَّد شاه بْن محمود من بغداد وجاءه زين الدِّين عليّ
كَوْجَك صاحب إربل نَجْدَةً، فحصرا بغداد، واختلف عسكر الخليفة عليه،
وفرَّق الخليفة سبعة آلاف جَوْشَن، وعُمِلت الأتْرسة الكِبار،
والمجانيق الكثيرة، وأذِن للوعّاظ فِي الجلوس، بعد منْعهم فِي سنةٍ
وخمسة أشهر.
ثُمَّ ركب مُحَمَّد شاه وعليّ كَوْجَك، وصاروا فِي ثلاثين ألفا، ورموا
بالنّشّاب إلى ناحية التّاج، وقاتَلَت العامَّة، ونهِب الجانب الغربيّ،
وأحرقوا مائتين وسبعين دولابا.
وقاتل عسكر الخليفة فِي السُّفُن، كلّ ذلك فِي المحرَّم.
فَلَمّا كان ثالث صَفَر جاء عسكر مُحَمَّد فِي جَمْعٍ عظيم، وانتشروا
على دجلة، وخرج عسكر الخليفة فِي السُفُن يقاتلون. وكان يَوْمًا
مشهودا. فَلَمّا كان يوم سادس عشر صفر، وصلت سفن للقوم، فخرجت سفن
الخليفة تمنعها من الإصعاد، وجرى قتال عظيم، وقاتل سائر أهل البلد.
وجاء الحاجّ سالمين فدخلوا بغداد من هذا الجانب. فَلَمّا كان يوم سادس
وعشرين جاء بريد يخبر بدخول ملك شاه بْن السّلطان مَسْعُود همذان، وكبس
بيوت المخالفين ونهبها. ففرح النّاس [1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 212- 214 (حوادث سنة 551 هـ) .
(38/9)
فَلَمّا كان يوم سلْخ صَفر عبر فِي
السُّفُن ألف فارس، وصعدوا فدخلوا دار السَّلطنة فنزل منكورس [1]
الشِّحْنَة، وكان أحد الأبطال المذكورين، فأحاط بهم وقتل منهم جماعة،
ورمى الباقون أنفسهم فِي الماء. واتّصل القتال، وكان الخليفة يفرّق كلّ
يوم نحوا من مائة كرّ [2] . وفي بعض الأيّام فرّق على الْجُنْد خمسة
وعشرين ألف نشابة، والكلّ من عنده، لم يكلّف أحدا ولا استقرض.
وحكى الزَّجّاج الحلبي [3] أنَّه عمل فِي هذه النَّوبة ثمانية عشر ألف
قارورة للنِّفْط.
وفي خامس ربيع الأوّل خرج منكورس، وقيَماز السُّلْطانّي، والخيّالة،
والرَّجّالة، فحملوا اثنتي عشر حملة، واقتتلوا.
وفي العشرين من ربيع الأوّل جاءوا بالسّلالم [4] التي عملوها، وكانت
أربعمائة سُلَّم، لينصبوها على السُّور فلم يقدروا، وأصبحوا يوم
الجمعة، فلم يجر يومئذ كبيرُ قتال، وهي الجمعة الثّالثة الّتي لم
تُصَلَّ بها الجمعةُ ببغداد فِي غير جامع القصر.
ثُمَّ قَدِمَتْ بِنْت خُوارَزْم شاه زَوْجَة سليمان شاه، وكانت قد
أصلحت بين ملك شاه وبين الأمراء جميعهم فِي هَمَذان، وجاءت فِي زيّ
الحُجَّاج الصُّوفية إلى المَوْصِل وعليها مُرَقَّعَة، ومعها رِكابيّ
فِي زِيّ شحّاذ. ثُمَّ جاءت حَتَّى صارت فِي عسكر مُحَمَّد شاه،
وتوصّلت وعبرت إلى الخليفة، فأُكرِمت وأُفْرِدت لها دار. وأخبرت بدخول
ملك شاه همذان، وبأنّه نهب دور المخالفين.
__________
[1] في المنتظم: «منكوبرس» .
[2] في المنتظم: وخرج بعض الأيام إلى الأتراك من الخزانة خمسة وعشرون
ألف نشّابة ومائتان ستون كرّا.
[3] في المنتظم: «زجاج الخاص» .
[4] في المنتظم: «بالسلاليم» .
(38/10)
وفي الخامس والعشرين منه صعِد أهل بغداد
السُّوَر بالسّلاح، وجاء العدوّ ومعهم السّلالم، وهمّوا بطمّ الخندق،
فخرج النّاس واقتتلوا.
وفي التّاسع والعشرين منه نادوا: اليوم يوم الحرب العظيم، فلا
يتأخَّرنَّ أحدٌ، فخرج النّاس ولم يجر قتال.
وبعث مُحَمَّد شاه إلى علي كَوْجَك يعاتبه ويقول: أنت وعدتني بأخْذ
بغداد، فبغداد ما حصَّلْت، وخرجت من يدي هَمَذَان، وأخربت بيوتي وبيوت
أمرائي. فأنا عازم على المُضِيّ، فشجّعه ونخّاه وقال: نمدّ الجسر،
ونعبر، ونطمّ الخندق، وكانوا قد صنعوا غرائر وملئوها ترابا، وننصب هذه
السّلالم الطِّوال، ونحمل حملة واحدة، ونأخذ البلد.
ثُمَّ أخذوا يتسلّلون، وقَلَّتْ عليهم الميرة، وهلك منهم خلْق. ثُمَّ
استأمن خلْقٌ كثير منهم وخامروا، ودخلوا، وأخبروا بأنَّ القوم على
رحيل.
وفي العشرين من ربيع الآخر جرى قتال، وعُطّلت الجمعة إلّا من جامع
القصر، وهي الجمعة السّابعة، ووقع الواقع بين مُحَمَّد شاه وبين
كَوْجَك. وهو يُطْمِعُه ويهوّن عليه أخْذَ بغداد.
ثُمَّ نصبوا الجسر، وعبر أكثر عسكر مُحَمَّد شاه، وعبر مُحَمَّد شاه من
الغَد فِي أصحابه إلى عَشِيَّة، فَلَمّا كان العشاء قطع كوجك الجسر،
وقلع الخِيَم، وبعث نقْله طول اللّيل. ثُمَّ أصبح وضرب النّار فِي
زواريق الجسر، وأخذ خزانة مُحَمَّد شاه وخزانة وزيره، ورحل [1] . وبقي
مُحَمَّد شاه وأصحابه بقيّة يوم الثّلاثاء. ثُمَّ وثب هُوَ وعسكره،
فمنع الخليفة العسكر من أن يلحقوه، ونهب أصحاب مُحَمَّد شاه بعض
الأعمال، ثُمَّ قال الخليفة: اذهبوا إلى هَمَذَان فكونوا مع ملك شاه.
وخلع عليهم، وفرح النّاس بالسّلامة.
__________
[1] الخبر باختصار في: ذيل تاريخ دمشق 337 (حوادث سنة 551 هـ) .
(38/11)
ثمّ ركب الخليفة [يفتقد السّور] [1] من
أوّله إلى آخره، وكثُرت الأمراض وغَلَت الأسعار.
ثُمَّ جاء الخبر بوفاة السّلطان سَنْجَر، فقُطِعت خطْبته [2] .
[غزو رستم الإسماعيلية]
وفيها غزا رستم بْن عليّ بْن شهريار الملك مازِنْدَران بلاد أَلَمُوت
وأوطأ الإسماعيليّة ذُلا، وخرّب بلادهم، وسبى النّساء والأولاد، وغنم،
وخُذِلت الإسماعيليّة، وخربت عامَّة قراهم [3] .
[خروج الإسماعيلية على الحجَّاج]
وفيها خرجت الإسماعيليّة لعنهم اللَّه، على حُجّاج خُراسان، فاقتتلوا
وثبت الفريقان إلى أن قُتل أمير الحاج، فذلّوا وألقوا بأيديهم، وقتلهم
الإسماعيلية قتلا ذريعا، وعظُم المُصاب ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا
إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 [4] .
وصبَّحهم من الغد شيخ فِي المقتلة ينادي: يا مسلمين، يا حُجّاج، ذهب
الملاحدة وأنا مُسْلِم، فمن أراد الماء سقيته. فكان كلّ من كلَمه أجهز
عليه، فهلكوا أجمعين إلّا القليل [5] .
[خراب خُراسان]
وأمّا خُراسان فخربت على يد الغزّ، ومات سلطانها سنجر، واختلف
__________
[1] ما بين الحاصرتين من المنتظم، وفي الأصل بياض.
[2] المنتظم 10/ 168- 176 (18/ 111- 118) وانظر: زبدة التواريخ للحسيني
247، 256، وتاريخ دولة آل سلجوق للبنداري 246- 255، وكتاب الروضتين 1/
285، وتاريخ الزمان 173، ودول الإسلام 2/ 68، والعبر 4/ 145، ومرآة
الجنان 3/ 299، والبداية والنهاية 12/ 235، 236، والمختصر في أخبار
البشر 3/ 30، 33، وعيون التواريخ 12/ 495 و 501، 502. والكواكب الدرّية
154، والنجوم الزاهرة 5/ 325.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 224.
[4] سورة البقرة، الآية رقم 156.
[5] الكامل في التاريخ 11/ 225، دول الإسلام 2/ 68، العبر 4/ 146، مرآة
الجنان 3/ 299، البداية والنهاية 12/ 236، شذرات الذهب 4/ 161.
(38/12)
أمراؤه بعده، وغلب كلّ مقدَّم على ناحية
واقتتلوا، وَجَرت أمورٌ طويلةٌ بخُراسان، فالأمر للَّه.
واشتد بخُراسان القَحْط، وأُكِلت الْجِيف.
قال ابن الأثير: فكان بِنَيْسَابُور طبّاخ، فذبح إنسانا علويّا وطبخه،
ثُمَّ ظهر ذلك فقتل الطّبّاخ [1] .
[سفر الخليفة إلى أوانا]
وسافر الخليفة إلى أوانا ودُجَيْل، ثُمَّ رجع. ثُمَّ راح يتصيَّد، ورجع
بعد عشرة أيّام [2] .
[انتصار نور الدِّين على الفرنج عند صفد]
وفيها كانت وقعة عظيمة بين نور الدِّين وبين الفرنج على صفد، ونصر
عليهم. ثُمَّ جاء إلى الخليفة رسولُهُ برءوس الفرنج وبتُحَفٍ وهدايا
[3] .
[الزلازل بالشام]
وفيها، وفي سنة إحدى وخمسين، كان بالشّام زلازل عظيمة هدّمت فِي ثلاثة
عشر بلدا، منها خمسة للفرنج، وبدَّعُت فِي شَيْزَر، وحماه،
والَمَعَرَّة وَحصن الأكراد، وطرابُلُس، وأنطاكية، وحلب. فأمّا حلب
فهلك فيها تحت الرّدم خمسمائة [4] نفس، وأمَّا حماه فهلكت جميعها إلّا
اليسير، وأمّا شَيْزَر فما سلِم منها إلّا امْرَأَة وخادم، وهلك جميع
من فيها، (وتسلّمها نور الدّين،
__________
[1] البداية والنهاية 12/ 236.
[2] المنتظم 10/ 176 (18/ 119) ، سير أعلام النبلاء 20/ 410.
[3] سير أعلام النبلاء 20/ 41، العبر 4/ 146، مرآة الجنان 3/ 299،
شذرات الذهب 4/ 161، الإعلام والتبيين 27 وفيه وردت «صفت» بالتاء
المثناة بدل الدال. وفي حاشية المحقّق رقم (203) ، «وصفر» بالراء،
وقال: هي المعروفة الآن بفلسطين المحتلّة.
[4] في المنتظم 10/ 176 (18/ 119) : «مائة نفس» .
(38/13)
فجدّد عمارتها وحصّنها. وهي على جبل منيع
بقي فِي يدي بني مُنْقِذ نحو مائةٍ وعشرين سنة أو أكثر) [1] .
وأمّا كفر طاب فما سِلم منها أحد، وأمّا فامية فهلكت وساخت قلعتها.
وأمّا حمص فهلك بها عالَمٌ عظيم، وأمّا المَعَرَّة فهلك بعضها. وأمّا
تلّ حَرّان فإنّه انقسم نصفين، وظهر من وسطه نواويس وبيوت كثيرة. وأما
حصن الأكراد وعِرْقة فهلكا [2] جميعا، وسِلم من اللّاذقية نفر.
وأمّا طرابُلُس فهلك أكثرها، وأمّا أنطاكية فسِلم نصفُها [3] .
قال ابن الجوزيّ فِي «المنتظم» [4] : وصل الخبر فِي رمضان بزلازل كانت
بالشّام عظيمة فِي رجب، ثمّ ذكر هذا الفصل.
قلت: اللَّه أعلم بصحَّة ذلك وبحقيقة تفاصيله [5] .
[إنفاق الوزير ابن هبيرة للإفطار]
قال: وفي رمضان أنفق الوزير ابن هُبَيْرة للإفطار طول الشّهر ثلاثة
آلاف
__________
[1] ما بين القوسين لم يرد في (المنتظم) .
[2] هكذا في الأصل، وفي المنتظم: «فهلكتا» .
[3] في المنتظم: «فسلم بعضها» .
[4] 10/ 176 (18/ 119) .
[5] انظر خبر الزلزلة في: الكامل في التاريخ 11/ 218، والتاريخ الباهر
110، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 208، وتاريخ الزمان، له 172، 173،
وكتاب الروضتين لأبي شامة 1/ 261- 268، وذيل تاريخ دمشق 337، وزبدة
الحلب لابن العديم 2/ 306، ورحلة بنيامين التطيلي- ترجمة عزرا حدّاد
87، 88 (طبعة بغداد 1945) ، والمختصر في أخبار البشر 3/ 31، ومرآة
الزمان 8/ 228، 229، ومسالك الأبصار لابن فضل الله العمري (مخطوط) ج 16
ق 2/ 318، والعبر 4/ 146، ودول الإسلام 2/ 67، وتاريخ ابن الوردي 2/
57، ومرآة الجنان 3/ 299، والدرّة المضيّة 569، 570، والبداية والنهاية
12/ 216، وعيون التواريخ 12/ 495، والكواكب الدرّية 151، وكشف الصلصلة
للسيوطي 187- 192، وتاريخ ابن سباط 1/ 104- 106، والنجوم الزاهرة 5/
325، وشذرات الذهب 4/ 160.
(38/14)
دينار، وكان يحضر عنده الأماثل. وخلع على
المُفْطرين عنده الخِلَع [السَّنِيَّة] [1] .
[استعادة غزَّة من الفرنج]
وفيها افتتح عسكر المسلمين غزَّة واستعيدت من الفرنج [2] .
[تَسَلُّم بانياس]
وتسلَّم نور الدِّين بانياس من الفرنج [3] .
[انقراض دولة الملثّمين]
وفيها انقرضت دولة الملثمين بالأندلس وتملّك عَبْد المؤمن مدينة
المَرِيَّة، واستعمل أولاده على الأندلس، ولم يبق للملثّمين إلّا جزيرة
مَيُورقَة [4] .
[تسلُّم المريَّة من الفرنج]
وكانت المَرِيَّة بيد الفرنج من عشر سنين، فنازلها أبو سَعِيد بْن
عَبْد المؤمن، وحاصرها برا وبحرا ثلاثة أشهر، وبنى بإزائها سورا، وجاع
أهلها فسلّموها بالأمان [5] .
[كتابة السلطان سَنْجَر إلى نور الدِّين بخلاصه من الغُزّ]
وفي صَفَر ورد على نور الدِّين كتاب السّلطان أبي الحارث سنجر بن ملك
شاه بالتّشوُّق إليه، وما ينتهي إليه من جميل أفعاله، وإعلامه بما منَّ
اللَّه عليه من خلاصه من الشّدَّة، والخلاص من أيدي الغُزِّ بحيلة
دبّرها بحيث عاد
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك بين الحاصرتين من المنتظم 10/ 177 (18/
119) .
[2] المنتظم 10/ 176 (18/ 119) ، أخبار مصر لابن ميسر 2/ 96، دول
الإسلام 2/ 68، سير أعلام النبلاء 20/ 410، الكواكب الدرية 154، اتعاظ
الحنفا 3/ 230 وفيه أن العسكر نهبت أطرافها فقط، تاريخ ابن سباط 1/ 106
[3] كتاب الروضتين 1/ 269، 270، العبر 4/ 146.
[4] الكامل في التاريخ 11/ 223، العبر 4/ 146، المختصر في أخبار البشر
3/ 30، تاريخ ابن الوردي 2/ 59، شذرات الذهب 4/ 161.
[5] الكامل في التاريخ 11/ 223، 224، دول الإسلام 2/ 68، 69، تاريخ ابن
الوردي 2/ 59.
(38/15)
إلى منصبه من السَّلْطنة، ووعده بنصره على
الفرنج. فأمر نور الدِّين بزينة دمشق، وفعل فِي ذلك ما لم تَجْرِ بهِ
عادةٌ فيما تقدَّم فِي أيّام ملوكها. وأمر بزينة قلعتها، فجُلِّلت
أسوارُها بالْجَوَاشن، والدّروع، والتّراس، والسّيوف، والأعلام، وأنواع
الملاهي، وهرعت الخلائق والغُرباء لمشاهدة هذا فأعجبهم وبقي أسبوعا [1]
.
[هزيمة الفرنج عند بانياس]
ثُمَّ جاءته الأخبار بإغارة الفرنج على أعمال حمص وحماه [2] .
ثُمَّ سارت الفرنج فِي سبعمائة فارس، سوى الرّجّالة إلى ناحية بانياس،
فوقع عليهم عسكر الْإِسْلَام ونزل النَّصر، فلم ينْجُ من الملاعين إلّا
القليل، وصاروا بين أسيرٍ وجريح وقتيل، وذلك فِي ربيع الأوّل. وجاءت
الرءوس والأسرى، وكان يوما مشهودا [3] .
ثُمَّ تهيَّأ نور الدِّين للجهاد، وجاءته الامداد، ونودي فِي دمشق
بالتَّأهب والحثّ على الجهاد، فتبِعَه خلْقٌ من الأحداث والفقهاء
والصّلحاء، ونازل بانياس. و [جدّ] [4] ملك الفرنج فِي حصارها، فافتتحها
بالسّيف.
ثُمَّ إنّ الفرنج تحزّبوا وأقبلوا لينصروا هنفري صاحب بانياس وهو
بالقلعة، فوصل ملك الفرنج بجموعه على حين غفْلة، فانقطع جيش الإسلام،
ووصلوا هُمْ إلى بانياس، فحين شاهدوا ما عمّها من خراب سورها ودُورها
يئسوا منها [5] .
[إنتصار نور الدِّين على الفرنج عند طبرية]
ثُمَّ إنّ الملك نور الدِّين عرف أن الفرنج على الملّاحة [6] بقرب
طبريّة،
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 337، 338.
[2] ذيل تاريخ دمشق 338.
[3] ذيل تاريخ دمشق 338، 339.
[4] في الأصل بياض، والمستدرك يقتضيه السياق.
[5] ذيل تاريخ دمشق 341، كتاب الروضتين 1/ 268- 271.
[6] قريبة جدا من الركن الشمالي الغربي لبحيرة الحولة.
(38/16)
فنهض بجيوشه، وجَدّ فِي السَّيْر، فشارفهم
وهم غارُّون [1] ، وأظّلَّتْهم عصائبه، فبادروا الخيل، وافترقوا أربع
فِرَق، وحملوا على المسلمين، فترجَّل نور الدِّين، وترجَّلت معه
الأبطال، ورموا بالسّهام، ونزل النّصر، ووقع القتل والأسر فِي
الكَفَرة.
قال أبو يَعْلَى [2] : فلم يفلت منهم، على ما حكاه الخبير الصّادق،
غيرُ عشرة نَفَر، قيل إنَّ ملكهم فيهم، وقيل قُتِلَ. ولم يُفْقَد من
المسلمين الأجناد سوى رجلين، أحدهما من الأبطال قتل أربعة من شجعان
الفرنج واستشهد.
وفرح المؤمنون بهذا النّصر العزيز، وجيء بالرءوس والأسرى إلى دمشق،
والخيّالة على الْجِمال، والمقدَّمون على الخيل بالزَّرِدِيّات
والخوَذ، وفي أيديهم أعلامهم. وضجَّ الخلْق بالدّعاء لنور الدِّين [3]
.
[الزلازل بالشام]
وفيها جاءت عدة زلازل عظيمة بالشّام [4] .
[مهادنة نور الدِّين للفرنج]
ثُمَّ جاءت الأخبار بوصول السّلطان مَسْعُود للنّزول على أنطاكية،
فاضطرّ نور الدِّين إلى مهادنة الفرنج، ثُمَّ توجّه إلى حلب [5] .
[خراب المدن بالزلازل]
وجاءت الأخبار من الشّمال بما يُرعب النّفوس من شأن الزّلزلة، بحيث
انهدمت حماه وقلعتها ودُورها على أهلها ولم ينج إلّا اليسير. وأمّا
شيزر فانهزم حصنها على واليها تاج الدّولة ابن منقذ. وأمّا حمص فهرب
أهلُها منها وتلفت قلعتُها. وأمّا حلب فهدّمت بعض دُورها، وتلفت سلمية
وغيرها.
__________
[1] وردت «غازون» بالزاي المشدّدة في: ذيل تاريخ دمشق، وكتاب الروضتين.
[2] في ذيل تاريخ دمشق 341.
[3] كتاب الروضتين 1/ 271، 272.
[4] ذيل تاريخ دمشق 343.
[5] ذيل تاريخ دمشق 343، كتاب الروضتين 1/ 273.
(38/17)
ثُمَّ جاءت عدَّة زلازل فِي أشهُرٍ مختلفة،
ورّخها حمزة التّميميّ [1] .
[مرض نور الدِّين]
وفي رمضان مرض [2] الملك نور الدِّين مرضا صعبا، فاستدعى أخاه نُصرة
الدِّين أمير ميران، وأسد الدّين شيركوه والأمراء، فقرّر معهم أنّ
الأمر من بعده لأخيه لاشتهاره بالشجاعة، فيكون بحلب، وينوب عَنْهُ
بدمشق شيركوه، وحلفوا لَهُ وتوجه فِي المحفّة إلى حلب، فتمرّض بالقلعة،
وهاج النفاق والكُفْر، وشنّعوا بموت نور الدّين. وذهب نضرة الدِّين إلى
حلب، فأغلق مجد الدِّين والي القلعة بابها وعصى، فثارت أحداث حلب
وقالوا: هذا ملكنا بعد أخيه، وحملوا السّلاح، وكسروا باب البلد، ودخله
النّضرة.
واقترحوا على النّضرة أشياءَ منها إعادة التأذين بحيَّ على خير العمل،
مُحَمَّد وعلي خير البَشَر، فأجابهم ونزل فِي داره.
ثُمَّ عوفي نور الدِّين وتوجه النُّصرة إلى حَرّان، وكان قد وليها،
وقدِم نور الدين دمشق [3] .
__________
[1] في ذيل تاريخ دمشق 343- 347.
[2] في الأصل: «ملك» وهو سبق قلم.
[3] ذيل تاريخ دمشق 349، 350، البداية والنهاية 12/ 236 (باختصار شديد)
، الدرّة المضيّة 569، كتاب الروضتين 1/ 274، 275، بغية الطلب (التراجم
الخاصة بتاريخ السلاجقة) 275.
(38/18)
سنة ثلاث وخمسين
وخمسمائة
[الاتفاق بين ملك شاه وأخيه]
وقع الاتّفاق بين ملك شاه وأخيه مُحَمَّد شاه، وأمدّه بعسكر ففتح به
خوزستان، ودفع عَنْهَا شملة التُرْكمانيّ [1] .
[زيارة المقتفي مشهد الْحُسَيْن]
وفي ربيع الآخر زار المقتفي مشهد الْحُسَيْن رَضِيَ اللَّه عَنْهُ،
ومضى إلى واسط، وعبر فِي سوقها [2] .
[إنفاق الوزير على مرضه]
وكان الوزير مريضا، فأنفق فِي مرضته نحو خمسة آلاف دينار لابن التلميذ
الطبيب حمله [3] .
[خروج الخليفة إلى المدائن]
وخرج الخليفة إلى المدائن، ثُمَّ خرج مرَّة أخرى إلى المدائن. وخرج يوم
الفِطْر. وكان موكبه بتجمُّلٍ وحشمة لم يعهد مثلها من الأعمار [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 181 (18/ 125) ، دول الإسلام 2/ 69، العبر 4/ 151،
تاريخ ابن الوردي 2/ 59، النجوم الزاهرة 5/ 328.
[2] المنتظم 10/ 181 (18/ 125) ، سير أعلام النبلاء 20/ 410، العبر 4/
151، البداية والنهاية 12/ 238.
[3] المنتظم 10/ 181 (18/ 125) .
[4] المنتظم 10/ 181 (18/ 125) ، سير أعلام النبلاء 20/ 410.
(38/19)
[وقوع المطر]
ووقع فِي شوال مَطَر وبَرَد أكبر من البَيْض [1] .
[حروب الغُزّ]
وأمّا خُراسان فكانت الغُزّ قد شبعوا، وسكنت سَوْرَتُهم، واستوطنوا
بلْخ، وتركوا النَّهْب. واتفقوا على طاعة الخاقان محمود بْن مُحَمَّد
ابن أخت سَنْجَر، وأتابكه الأمير أي به، فَلَمّا دخل شعبان سارت الغُزّ
إلى مَرْو، فنهض لحربهم الأمير المؤيَّد، فظفر بهم، وقتل بعضهم، فدخلوا
مرْو. فجاء الخاقان من سرخس، وانضمّ إليه المؤيَّد، فالتقوا فِي شوّال،
فكان بينهم مصافّ لم يُسْمَع بِمِثْلِهِ، وبقي القتال يومين. وتواقعوا
مرّات عديدة وانهدم الغُز ثلاث مرّات، ثُمَّ يعودون للقتال، فَلَمّا
طلع الضّوء من اللّيلة الثانية انجلت الحرب عن هزيمة الخُراسانيَّة،
وظفر الغُزِ بهم قتْلًا وأسْرًا، وعادوا إلى مَرْو، وقد استغنوا عن
الظُّلْم المُفرِط فشرعوا فِي العدْل وإكرام العلماء.
ثُمَّ أغاروا على سرخس وأخربوا رساتيقها، وعملوا كلّ شرّ. وَقُتِلَ من
أهل سرخس نحوٌ من عشرة آلاف نفس، وعادوا إلى مَرْو، وتقهقر الخاقان
بعساكره إلى جُرْجان. فَلَمّا دخلت سنة أربعٍ بعث إليه الغُزّ يسألونه
القُدوم ليملكوه كَمَا كان فلم يركن إليهم.
فأرسلوا يطلبون ابنه جلال الدِّين مُحَمَّد. وتردّدت الرُّسُل، فبعث
إليهم ابنه، ولمَّا اطمأنَّ هُوَ سار إليهم، وكان مستضعفا معهم فِي
السَّلطنة [2] .
[حجّ ابن الْجَوْزِيّ]
قال ابن الْجَوْزِيّ [3] : وحججت فيها، وتكلّمت بالحرم مرّتين.
__________
[1] المنتظم 10/ 181 (18/ 126) ، الدرّة المضيّة 571، الكواكب الدريّة
155.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 230- 232، العبر 4/ 151 (باختصار شديد) ،
البداية والنهاية 12/ 237.
[3] في المنتظم 10/ 182 (18/ 126) ، ومرآة الزمان لسبطه 8/ 230.
(38/20)
[مصرع الإسماعيلية الخُراسانية]
وفيها مصرع الإسماعيلية الخُراسانييّن. وذلك أنّهم نزلوا في ألف
وسبعمائة رَجُل على زُوق [1] كبير للتُّرْكُمان، فلم يجدوا به الرّجال،
فسبُوا الذُّرّيَّة، وحازوا الزّوق، وقتلوا الرجال وأحرقوا الأشياء
الثّقيلة. وبلغ الخبر عسكر التُّركُمان، فأسرعوا فأدركوا الإسماعيلية
لعنهم اللَّه، وهم يقتسمون الغنيمة، فأحاطوا بهم، ووضعوا فِيهِم
السّيف، وألقى اللَّه الذّلّ على الإسماعيليّة، واستولى عليهم القتْل
والأسر، فلم ينْج منهم إلّا تسعة أنفُس.
قاله ابن الأثير [2] .
[غارة جيش مصر على غزَّة وعسقلان]
وفي صَفَر خرج جيشٌ من مصر فأغاروا على غزة، وعسقلان، ونواحيها،
فالتقاهم الفرنج، فانتصر المصريّون، ووضعوا فِي الفرنج السّيف بحيث لم
يفلت إلّا الشّريد، ورجعوا بالغنائم [3] .
[غارة نور الدِّين على صيدا]
وخرج نور الدِّين من دمشق بآلات الحرب مجدّا فِي جهاد الفرنج، وأغار
عسكره على أعمال صيدا، فقتلوا خلْقًا [4] .
[السَّيْل الأحمر]
وفي أوّل تمّوز جاء سَيْلٌ أحمر بِبَرَدٍ كَمَا يجيء في الشتاء، وكثر
التعجب منه [5] .
__________
[1] هكذا بالزاي في الأصل، ومعناه البلد أو الناحية. وفي دول الإسلام
«روق» بالراء المهملة، وهي الخيام التي بها المتاع والذراري. وقد
تصحّفت في مرآة الجنان 3/ 303 إلى: «رزق» ، وفي شذرات الذهب 4/ 166
«روق» بالراء المهملة.
[2] في الكامل 11/ 238، دول الإسلام 2/ 69، 70، سير أعلام النبلاء 20/
411 العبر 4/ 151، مرآة الجنان 3/ 303، عيون التواريخ 12/ 506، الكواكب
الدرّية 155.
[3] ذيل تاريخ دمشق 351، أخبار مصر لابن ميسر 2/ 97، البداية والنهاية
12/ 238، كتاب الروضتين 1/ 288، سير أعلام النبلاء: 2/ 411.
[4] ذيل تاريخ دمشق 352، كتاب الروضتين 1/ 300.
[5] ذيل تاريخ دمشق 352، كتاب الروضتين 1/ 300 وكان هذا السيل بالبقاع،
الكواكب الدرّية 155.
(38/21)
[نجاة نور الدِّين بعد انهزام عسكره]
ثمّ التقى نور الدِّين الفرنج، فانهزم عسكره، وثبت هُوَ ساعة، ثُمَّ
ولّى العدوّ خوفا من كمينْ يكون للمسلمين، ونجّى اللَّهُ نورَ الدِّين
وسلَّمه [1] .
[تحريض نور الدِّين على فرض الرسوم]
وفي رجب تجمَّع قومٌ من الظَّلمة وعزموا على تحريض نور الدِّين على
إعادة ما كان أبطله، وتملك دمشق من رسوم دار البِطّيخ [2] والأنهار،
وضمنوا القيام بعشرة آلاف دينار حتّى أُجيبوا إلى ما راموه، وعَسَفُوا
النّاس، ثُمَّ أبطل نور الدِّين ذلك كلّه بعد أربعين يوما [3] .
[خروج ملك القسطنطينية لقتال المسلمين]
وفيها بدر ملك الروم من القُسطنطينيَّة بجيوشه، وقصد ممالك الإسلام،
ووصلت خيله غائرة على أعمال أنطاكية، فتأهّب المسلمون للجهاد [4] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 352، البداية والنهاية 12/ 238، كتاب الروضتين 1/
300- 2- 3، سير أعلام النبلاء 20/ 411.
[2] في الأصل: «دار بطيخ» ، والتصحيح من ذيل تاريخ دمشق.
[3] ذيل تاريخ دمشق 352، 353، كتاب الروضتين 1/ 302، 303.
[4] ذيل تاريخ دمشق 354، كتاب الروضتين 1/ 303، 304، سير أعلام النبلاء
20/ 411.
(38/22)
سنة أربع وخمسين
وخمسمائة
[الرضا عن ترشك]
فيها وقع ترشك ولم يُشعر به إلّا وقد ألقى نفسه تحت التّاج ومعه كَفَن،
فوقع الرضا عَنْهُ [1] .
[انتهاب الغُزّ نَيْسابور]
وفيها عاد الغُزّ ونهبوا نيسابور، وكان بها ابن أخت سَنْجَر، فهرب إلى
جُرْجان [2] .
[وقوع الخليفة]
وفيها سافر الخليفة إلى واسط، فرماه فرسه، وشُجَّ جبينه بقبيعة السّيف
[3] .
[وقوع البَرد]
ووقع بَرد كبار أهلك أماكن.
وذُكِر أنّه كان فِي البَرَد ما وزْنه خمسة أرطال ونحو ذلك [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 189 (18/ 134) ، الكامل في التاريخ 11/ 252.
[2] المنتظم 60/ 189 (18/ 134) ، الكامل في التاريخ 11/ 236 (حوادث 553
هـ) ، دول الإسلام 2/ 70، العبر 4/ 153، سير أعلام النبلاء 20/ 411.
[3] المنتظم 10/ 189 (18/ 134) ، العبر 4/ 153، البداية والنهاية 12/
240، عيون التواريخ 12/ 517.
[4] المنتظم 10/ 189 (18/ 135) ، البداية والنهاية 12/ 240، شذرات
الذهب 4/ 169.
(38/23)
وقيل إنّهم رأوا بَرَدَة فيها تسعة أرطال
[1] .
وفيها كان الغرق ببغداد، ووقع بعض سورها، وسقطت الدُّور [2] .
قال ابن الْجَوْزِيّ [3] : لم نعرف درْبَنَا إلّا بمنارة المسجد،
فإنّها لم تقع.
وغرقت مقبرة الإمام أَحْمَد، وخرجت الموتى على وجه الماء، وكانت آية
عجيبة [4] .
[أخْذُ عَبْد المؤمن المهديَّة بالأمان]
وفيها سار عَبْد المؤمن فِي نحو مائة ألف فنازل المَهْدية، فحاصرها
برّا وبحرا سبعة أشهر، وأخذها بالأمان [5] .
[غرق الفرنج]
وركب الفرنج فِي البحر قاصدين صَقَلِّية فِي الشّتاء، فغرق أكثرهم.
وكان ملك الفرنج قال: إن قتل عَبْد المؤمن نصارى المهديَّة فلأقتلنّ من
عندي من المسلمين بصَقَلّية. ولعلّ أكثر رعِيّته بصَقَلّية مسلمون،
فأهلك اللَّه النصارى بالغرق. وكان مدَّة ملكهم للمهديَّة اثنتي عشرة
سنة، ودخلها عَبْد المؤمن يوم عاشوراء سنة خمسين فبقي بها أيّاما. وكان
قد افتتح تونس، فنازلها أسطولُه فِي البحر ستون شينيا، وأخذها بالأمان
على مشاطرة أهلها أموالهم، لكونه عرض عليهم أولا التّوكيد والأمان،
فأبوا عليه. وبعدها افتتح المهديّة [6] .
__________
[1] عيون التواريخ 12/ 517، الكواكب الدرّية 157، مرآة الزمان 8/ 232.
[2] تاريخ مختصر الدول 209، عيون التواريخ 12/ 517.
[3] في المنتظم 10/ 190 (18/ 135) .
[4] البداية والنهاية 12/ 240، الكواكب الدرّية 157، مرآة الزمان 8/
232، النجوم الزاهرة 5/ 329، شذرات الذهب 4/ 169.
[5] الكامل في التاريخ 11/ 241 وما بعدها، آثار البلاد وأخبار العباد
276، 277 وفيه أخذها سنة 555 هـ. المختصر في أخبار البشر 3/ 34، دول
الإسلام 2/ 70، العبر 4/ 153، 154، تاريخ ابن الوردي 2/ 60، الدرّة
المضيّة 570، عيون التواريخ 12/ 517، مرآة الجنان 3/ 307، تاريخ ابن
سباط 1/ 108، البداية والنهاية 12/ 240.
[6] انظر الخبر مطوّلا في: الكامل في التاريخ 11/ 241- 245، وسير أعلام
النبلاء 20/ 412، وشذرات الذهب 4/ 69.
(38/24)
[القتال بين العلويَّة والشافعية]
وكان رئيس نَيْسابور هُوَ نقيب العلويّين ذُخْر الدِّين زَيْدُ بْن
الحسن الحسيني، فقتل بعض أصحابه أبو الفتوح الفستقاني الشافعيّ، فبعث
إلى رئيس الشّافعيَّة مؤيَّد الدِّين الموفّقي يطلب منه القاتل ليقتصّ
منه، فامتنع المؤيَّد وقال: إنّما حكمك على العَلَويَّة. فخرج النّقيب
وقصد الشّافعيَّة، فاقتتلوا وَقُتِلَ جماعة، وأحرق النّقيب سوق
العطّارين وسكَّة معاد، وعظُم البلاء. ثُمَّ جمع المؤيَّد جموعا وجيّش،
والتقى هُوَ والعلويَّة فِي شوّال سنة أربع، واشتدّ الحرب، وأُحرقت
المدارس والأسواق. واستمرّ القتل بالشّافعية، فالتجأ المؤيَّد إلى قلعة
فرخك، وخربت نَيْسابور بسبب هذه المصيبة الكبرى. وأمّا المؤيَّد أبه
الأمير فإنّه جرت لَهُ فصول وأسر، ثُمَّ هرب، وقدِم نَيْسابور، فنزل
إليه المؤيِّد رئيس الشّافعيَّة، وتحصّن العَلَويّ بنَيْسابور، واشتدّ
الخَطْب على المُعَتَّرِين الرّعية، وتمنّوا الموت، وسُفِكت الدّماء،
وهُتِكت الأستار، وخرّبوا ما بقي من البلد، وبالَغَ الشّافعيَّة فِي
الانتقام، وخرّبوا مدرسة الحَنَفِيَّة، واستؤصلت نَيْسابور، فلا حول
ولا قوة إلّا باللَّه. هذا ملخّص ما نقله ابن الأثير فِي «كامله» [1] .
[الخلاف بين قطب الدِّين مودود وأمير ميران]
ومرض نور الدِّين فِي آخر الماضية وأوّل سنة أربعٍ وضعف، فعهد بالأمر
بعده لأخيه قُطْب الدِّين مودود صاحب الموصل. وقال: ابن أخي أمير ميران
لا أرتضيه لتولية أمور المسلمين لسوء أفعاله وأخلاقه. فحلفت له الأمراء
وكاتب جماعة من الكبار أمير ميران يحثُّونه على المجيء ليستولي على
الشام، فبادر وقطع الفُرات، فبعث أسد الدِّين عسكرا فردّوه. وبلغ صاحبَ
الموصل الخبرُ، فبعث وزيره كمال الدّين محمد بن عليّ الجواد، فدخل
__________
[1] 11/ 250، العبر 4/ 154، مرآة الجنان 3/ 307، البداية والنهاية 12/
237 (حوادث سنة 553 هـ) ، الكواكب الدرّية 156، 157.
(38/25)
دمشق فِي أحسن زِيّ، وأبهى تَجَمُّل، وهو
حميد الخِلال، كثير الإنفاق فِي وجوه البِرّ، فصادف نور الدِّين قد
عوفي [1] .
[الزلازل بدمشق]
وجاءت بدمشق زلازل مهولة صعْبة، فسبحان من حرَّكها وسكَّنها [2] .
[مصالحة نور الدِّين ملك القسطنطينية]
وصالح نور الدِّين ملك الروم القادم من القسطنطينيّة وأجيب ملك الروم
إلى ما التمسه من إطلاق مقدَّمي الفرنج، فأطلقهم نور الدِّين، فبعث
لنور الدِّين عدَّة أثواب مثمّنة وجواهر، وخيمة من الدّيباج، وخَيْلًا،
وردّ إلى بلاده، ولم يؤذِ أحدا. واطمأنّ المسلمون [3] .
[إقامة نور الدِّين سِماطًا لقطب الدِّين]
وجاء الخبر إلى دمشق بأنّ الملك نور الدِّين صنع لأخيه قُطْب الدِّين
ولجيشه الَّذِين قدموا للجهاد فِي يوم جمعة سِماطًا عظيما هائلا، تناهى
فِيهِ بالاستكثار من ذَبْح الخيل والبقر والأغنام، بحيث لم يُشاهَد
مثلُه. وقام ذلك بجملةٍ كثيرة. وفرَّق من الخيل العربيَّة جملة، ومن
الخِلَع شيئا كثيرا. وكان يوما مشهودا [4] .
[تسليم حرّان لزين الدِّين]
ثُمَّ توجّه إلى حرّان وانتزعها من يد أخيه أمير ميران، وسلّمها إلى
الأمير زين الدِّين عليّ إقطاعا له.
إلى هنا زدْتُه من «تاريخ ابن القلانسيّ» [5] .
__________
[1] ذيل تاريخ دمشق 355، الكامل في التاريخ 11/ 251، 252، كتاب
الروضتين 1/ 305، 306، عيون التواريخ 12/ 517، مرآة الزمان 8/ 232، سير
أعلام النبلاء 20/ 411.
[2] ذيل تاريخ دمشق 357، كتاب الروضتين 1/ 307.
[3] ذيل تاريخ دمشق 357، 358، كتاب الروضتين 1/ 307 و 308، الكواكب
الدرّية 156.
[4] ذيل تاريخ دمشق 358، كتاب الروضتين 1/ 308.
[5] ذيل تاريخ دمشق 358، كتاب الروضتين 1/ 308، 309.
(38/26)
[أسر ابن أخت ملك
الروم]
وفيها جمع ملك الروم جَمْعًا عظيما، وقصد الشّام، فضاق بالمسلمين
الأمر، فنصر اللَّه تعالى، وأُسر ابن أخت ملكهم، وغنم المسلمون، وعادوا
خائبين [1] .
[موت مُحَمَّد شاه]
وفيها مات مُحَمَّد شاه ابن السّلطان محمود الَّذِي [2] حاصر بغداد.
مات بهَمَذان [3] .
[خروج عَبْد المؤمن إلى بلاد إفريقية]
قال عَبْد المنعم بْن عُمَر المغربي فِي أخبار ابن تُومَرْت: وفي سنة
أربع وخمسين توجّه أمير المؤمنين عَبْد المؤمن إلى بلاد إفريقية،
فتجهّز فِي مائة ألف فارس مُحصاةٍ فِي ديوانه، ومعهم من السُّوقة
والصُّنّاع والأتباع أضعافهم مِرارًا.
قال: وكان هذا الجمع الحفل يمشون بين الزُّرُوع فِي الطُّرُق الضّيّقة،
فلا يكسرون سُنْبلة، ولا يطئونها من هيبة الأمير، وكان حملهم وأسواقهم
مسافة فرسخين، وكلّهم يصلّون الخَمْس وراء إمام واحد بتكبيرة واحدة،
ولا
__________
[1] المنتظم 10/ 190 (18/ 135، 136) ، دول الإسلام 2/ 70، العبر 4/
154، عيون التواريخ 12/ 517.
[2] في الأصل: «الذين» ، وهو غلط.
[3] انظر عن وفاة محمد شاه في: المنتظم 10/ 191 رقم 281 (18/ 137 رقم
4232) ، والكامل في التاريخ 11/ 250، 251، ووفيات الأعيان 4/ 270،
وتاريخ مختصر الدول 209، ومفرّج الكروب 1/ 320، وتاريخ دولة آل سلجوق
262، 263، والمختصر في أخبار البشر 3/ 34، ودول الإسلام 2/ 70، والعبر
4/ 155، وتاريخ ابن خلدون 5/ 76، وتاريخ ابن الوردي 2/ 60، 61، والدرّة
المضيّة 572، والبداية والنهاية 12/ 240، 241، وعيون التواريخ 12/ 518،
ومرآة الجنان 3/ 308، ومآثر الإنافة 2/ 38، 39، وشذرات الذهب 4/ 172،
وتاريخ ابن سباط 1/ 108، وأخبار الدول للقرماني 275، والنجوم الزاهرة
5/ 330.
(38/27)
يتخلّف أحدٌ عن الصّلاة إذا قامت، كائنا من
كان من أصناف الجيش والسُّوقة وغيرهم.
وكان عَبْد المؤمن يسير وحده منفردا أمام الجيوش ليس معه فارس إلّا
ابنه وليّ عهده وراءه. وحوله من عبيده السّودان ألوف بالرماح والدّرَق.
قال: ولم يكن فِي دولته أحدٌ يُسمّى بالأمير ولا بالوالي، وإنّما
يسمّون الطَّلبة لأنّها دولة مَبْنية على العِلْم، ومَن دون الطَّلَبة
يُسمّون الحُفّاظ. وأمّا أولاد أمير المؤمنين فيُسَمَّوْن بالسّادة.
ولا يجتمع النّاس عنده فينصرفون إلّا عن دعاءٍ منه، ويؤمَّن الحاضرون.
وما لبس إلّا ثياب الصّوف طول عمره [1] .
__________
[1] انظر: الكامل في التاريخ 11/ 246، 247، وسير أعلام النبلاء 20/
411.
(38/28)
سنة خمس وخمسين
وخمسمائة
[سلطنة سُلَيْمَان شاه]
فيها أفرج عليّ كَوْجَك عن سُلَيْمَان شاه بْن مُحَمَّد وسلطنه وخطب
له، وبعثه إلى هَمَذان، وذهب ابن أخيه ملك شاه بْن محمود إلى أصبهان
طالبا للملك [1] ، فمات بها.
[منع المحدَثين من السماع بجامع القصر]
وفيها منع المُحْدَثُون من السَّماع فِي جامع القصر لأنّ بعض الأحداث
قرءوا شيئا من الصّفات وأَتْبَعوه بذمّ المناوئين [2] ، فمُنِعوا.
[وفاة المقتفي لأمر اللَّه]
وفي ثاني ربيع الأوّل تُوُفّي المقتفي لأمر اللَّه، وطُلِبت النّاس نصف
النّهار لبيعة المستنجد باللَّه، فأوّل من بايعه عمه أبو طالب ثم أخوه
أبو جَعْفَر، وكان أسنّ من أخيه المستنجد، ثُمَّ بايعه ابن هبيرة،
وقاضي القضاة [3] .
__________
[1] في المنتظم 10/ 192 (18/ 138) : «للأجمة» ، الكامل في التاريخ 11/
254، زبدة التواريخ 255، 256، راحة الصدور للراوندي 383، دول الإسلام
2/ 71، العبر 4/ 156، تاريخ ابن الوردي 2/ 62، شذرات الذهب 4/ 172.
[2] في المنتظم 10/ 192 (18/ 138) : «المتأولين» .
[3] المنتظم 10/ 192 (18/ 139) ، تاريخ الفارقيّ (ملحق بذيل تاريخ
دمشق) 360، 361، الكامل في التاريخ 11/ 256، زبدة التواريخ 268،
الإنباء في تاريخ الخلفاء 225، التاريخ الباهر 114، مفرّج الكروب 1/
131، الفخري 310، مختصر التاريخ لابن الكازروني 228- 232، كتاب
الروضتين 1/ 310، النبراس 156، مرآة الزمان 8/ 144، خلاصة
(38/29)
[الخطبة لرسلان شاه]
[1]
وفي شوّال اتّفق الأمراء. بهَمَذَان على القبض على سُلَيْمَان شاه
وخطبوا لرسلان شاه ابن طُغْرُل [2] .
[العفو عن عليّ كَوْجَك]
وفيه ورد عليّ كَوْجَك إلى بغداد قاصدا للحجّ، فخُلع عليه وعُفي عَنْهُ
ما أسلف من حصار بغداد مع مُحَمَّد شاه [3] .
[وفاة قاضي القضاة الثقفي]
وولي قضاء القضاة أبو جَعْفَر الثّقفي، وعُزِل أبو الْحَسَن عليّ بْن
أَحْمَد الدّامغَانيّ فلم يبق الثّقفيّ إلا أشهُرًا ومات، فولي مكانه
ولده جَعْفَر [4] .
[موت الفائز]
وفيها مات الفائز خليفة مصر، وعاش عشر سنين أو أكثر، وكان [صبيّا] [5]
. وقام بعده العاضد آخر خلفاء الباطنيّة.
__________
[ () ] الذهب المسبوك 275، 276، المختصر في أخبار البشر 3/ 37، تاريخ
الزمان لابن العبري 174، تاريخ مختصر الدول، له 209، سير أعلام النبلاء
20/ 399- 412 رقم 273، العبر 4/ 158، دول الإسلام 2/ 71، مرآة الجنان
3/ 310، تاريخ ابن الوردي 2/ 62، 63، عيون التواريخ 12/ 521، الوافي
بالوفيات 2/ 94، 95، البداية والنهاية 12/ 241، الدرّ المطلوب 11،
تاريخ ابن خلدون 3/ 522، مآثر الإنافة 2/ 35- 44، تاريخ الخميس 2/ 362،
الجوهر الثمين 1/ 207- 209، الكواكب الدرّية 157، النجوم الزاهرة 5/
332، 333، تاريخ الخلفاء 437- 442، تاريخ ابن سباط 1/ 111، شذرات الذهب
4/ 172- 174، أخبار الدول 175، 176.
[1] زبدة التواريخ 257، راحة الصدور 396، 397، تاريخ دولة آل سلجوق
296.
[2] المنتظم 10/ 196 (18/ 142، 143) .
[3] العبر 4/ 156، تاريخ ابن الوردي 2/ 62، سير أعلام النبلاء 20/ 415.
[4] المنتظم 10/ 196 (18/ 143) ، مرآة الجنان 3/ 308.
[5] في الأصل بياض، والمستدرك من: المنتظم 10/ 196 (18/ 143) وتاريخ
الفارقيّ (في
(38/30)
[عمارة المؤيِّد نَيْسابور]
وأمّا نَيْسابور فشرع فِي عمارتها المؤيِّد أي أَبَه، واستقلّ
بمملكتها، وأحسن إلى النّاس، فتراجعت بعض الشّيء [1] .
__________
[ () ] حاشية ذيل تاريخ دمشق) 360، 361، وكتاب الروضتين 1/ 311،
والمؤنس 72، والمنتقى من تاريخ مصر 149- 157، ونزهة المقلتين لابن
الطوير 69، 70، والكامل في التاريخ 11/ 255، والنجوم الزاهرة في حلى
حضرة القاهرة 93، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 212، وأخبار الدول
المنقطعة 106، 108- 110، ونهاية الأرب 28/ 322، والمختصر في أخبار
البشر 3/ 37، والعبر 4/ 156، ودول الإسلام 2/ 71، 72، وسير أعلام
النبلاء 15/ 205- 207 و 20/ 415، وتاريخ ابن الوردي 2/ 62، والدرّة
المضيّة 571 (حوادث 554 هـ.) ، والدرّ المطلوب 11، والبداية والنهاية
12/ 242، والكواكب الدرّية 158، وعيون التواريخ 12/ 521، ومرآة الجنان
3/ 308، 309، والجوهر الثمين 1/ 265، 266، وتاريخ ابن خلدون 4/ 75، 76
والمواعظ والاعتبار 1/ 357، واتعاظ الحنفا 3/ 238، 239، ومآثر الإنافة
2/ 39، وتاريخ ابن سباط 1/ 109، وشذرات الذهب 4/ 174، وأخبار الدول
193، والنجوم الزاهرة 5/ 317، 318، وحسن المحاضرة 2/ 18، وتحفة الأحباب
للسخاوي 311، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 228- 230.
[1] الكامل في التاريخ 11/ 259.
(38/31)
سنة ستّ وخمسين وخمسمائة
[قطْع خطبة سُلَيْمَان شاه]
فِي المحرَّم قُطِعت خطبة سُلَيْمَان شاه من المنابر، ثُمَّ خُطِب
لأرسلان شاه [1] .
[الخطبة لأرسلان شاه]
قال ابن الأثير [2] : لمّا قتِل سُلَيْمَان شاه أرسلوا إلى إيلدكز صاحب
أَرَّان وأكثر أَذَرْبَيْجان، فطلبه الأمير كُردباز [3] ليخطب لأرسلان
الَّذِي معه. وكان إيلدكز قد تزوَّج بأُمّ أرسلان، وولدت له
البَهْلَوان بْن إيلْدَكز. وكان إيلْدَكز أتابَكَه وأخوه لأمّه
البَهْلَوان حاجبه.
وكان إيلدكز مملوكا للسّلطان مَسْعُود، فأقطعه أرَّان وبعض
أَذَرْبَيْجان، ووقع الاختلاف، فلم يحضر إيلدكز عند فرقتهم أصلا. وعظُم
شأنه، وجاءته الأولاد من أمّ السّلطان أرسلان فسار إيلْدَكز فِي
العساكر، وهم نحوٌ من عشرين ألفا، ومعه أرسلان بْن طُغْرُل بْن
مُحَمَّد بن ملك شاه فتلقّاهم ابن كردباز، وأنزله بهمذان في دار
السّلطنة، وخطب لأرسلان [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 198 (18/ 146) ، البداية والنهاية 12/ 243.
[2] في الكامل 11/ 266 وما بعدها.
[3] في الكامل: «كردبازو» ، ومثله في: زبدة التواريخ للحسيني 257،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 36، وتاريخ ابن الوردي 2/ 62 ووردت فيه
الصيغتان.
[4] زيدة التواريخ للحسيني 256- 258، تاريخ دولة آل سلجوق 296، 297،
المختصر في أخبار البشر 3/ 36، 37، تاريخ ابن الوردي 2/ 62.
(38/32)
ثُمَّ بعثوا إلى بغداد يطلبون له السّلطنة،
فأُهين رسولهم.
وكان قد تغلّب على الرَّيّ الأمير إينانج، وقوي حاله، فصالحه،
إيلْدَكز، وزوَّج ولده البَهْلَوان بابنة إينانج وزُفَّت إليه بهَمَذان
[1] .
[انهزام البَهْلَوان]
ثُمَّ التقى البَهْلَوان وصاحب مَرَاغَة آقْسُنْقُر، فانهزم
البَهْلَوان فجاء إلى هَمَذَان على أسوأ حال [2] .
[النهب والإحراق بنيسابور]
وفيها كثُر اللّصوص والحراميّة بنيسابور، ونهبوا دُور النّاس نهارا
جهارا، فقبض المؤيِّد على نقيب العلويّين أبي القَاسِم زَيْدُ الحسينيّ
وعلى جماعةٍ، وقتل جماعة، وخُرِّبت نَيْسابور. وممّا خُرّب [3] سبع
عشرة مدرسة للحنفيَّة [4] ، وأُحرقت خمسُ خزائن للكُتُب، ونُهِبَت
سبْعُ خزائن، وبيعت بأبخس الأثمان. وخرب مسجد عقيل [5] .
[الخوف من الفتنة بين الرافضة والسُّنَّة]
وانتشر فِي هذه الأيّام، وقت عاشوراء، الرَّفْض والتّسِنُّن حَتَّى خيف
من فتنة تقع.
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 267، 268.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 268.
[3] في الأصل: «حرق» .
[4] في الكامل: «وخرّب أيضا من مدارس الحنفية ثماني مدارس، ومن مدارس
الشافعية سبع عشرة مدرسة» .
[5] انظر الخبر في الكامل 11/ 272، والمختصر في أخبار البشر 3/ 38،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 63، والكواكب الدرّية 159.
(38/33)
[ركوب المستنجد
للصيد]
وفيه ركب المستنجد باللَّه وراح إلى الصَّيد، ثُمَّ بعد أيّام خرج أيضا
إلى الصَّيد [1] .
[الرخص ببغداد]
وكان الرخص كثيرا ببغداد، فأُبيع اللَّحْم أربعة أرطال بقيراط، والبيض
كلّ مائة بقيراط [2] .
[مقتل الصالح طلائع بْن رُزّيك]
وفيها كان مقتل الملك الصّالح طلائع بْن رُزّيك، واستولى على مصر
شَاوَر [3] .
__________
[1] سيعاد هذا الخبر في السنة التالية، وهو في: العبر 4/ 159، وسير
أعلام النبلاء 20/ 415.
[2] المنتظم 10/ 200 (18/ 148) ، البداية والنهاية 12/ 245، الكواكب
الدرّية 159.
[3] انظر عن مقتل ابن رزّيك في: النكت العصرية في أخبار الوزارة
المصرية، لعمارة اليمني 32، والكامل في التاريخ 11/ 274، وخريدة القصر
(قسم مصر) 1/ 173- 185، ونزهة المقلتين 70- 72، 90، 122، وأخبار الدول
المنقطعة 85، 108- 113، وكتاب الروضتين 1/ 311، 316، ووفيات الأعيان 2/
526- 530، والإعتبار لأسامة بن منقذ 22، 23، 26، 34، والمختصر في أخبار
البشر 3/ 38، 39، والنجوم الزاهرة في حلى حضرة القاهرة 217- 223،
والمنازل والديار 154، 155، وبدائع البدائه لابن ظافر 185، 249، 250،
260، 392، ومرآة الزمان 8/ 146، ونهاية الأرب 28/ 324- 328، والدرّ
المطلوب 16، ودول الإسلام 2/ 72، والعبر 4/ 160، وسير أعلام النبلاء
20/ 397- 399 رقم 272، والمشتبه في الرجال 1/ 337، وتاريخ ابن الوردي
2/ 63، والبداية والنهاية 12/ 397- 399 رقم 272، ومرآة الجنان 3/ 311،
312، والانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق 1/ 56 و 2/ 45، والكواكب
الدرية 159، والجوهر الثمين 1/ 265، 266، وتبصير المنتبه 2/ 243،
والنجوم الزاهرة 5/ 345، 359، 360، وتحفة الأحباب 74، وحسن المحاضرة 2/
205- 215، واتعاظ الحنفا 3/ 246، والمواعظ والاعتبار 2/ 293، وتاريخ
ابن سباط 1/ 112 وشذرات الذهب 4/ 177، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 231.
(38/34)
سنة سبع وخمسين
وخمسمائة
[رجوع الحاجّ العراقي]
فمن الحوادث فيها أنّ الحاجّ العراقيّ وصلوا مكَّة، فلم يدخل أكثرهم
لَفتَنٍ جرت، وإنّما دخلت شِرْذِمَة، ورجع أكثر النّاس بلا حَجّ [1] .
[خروج الخليفة للصيد]
وفيها خرج الخليفة للصّيد على طريق واسط [2] .
[الحريق ببغداد]
ووقع فيها حريقٌ عظيم ببغداد، احترق سوق الطَّير، والبُزُورييّن وإلى
سوق الْصفر والخان، واحترق كثير من الطّيور [3] .
[انتصارُ المسلمين على الكُرج]
وفيها كان مصافٌ كبير وحرب شديد بين جيوش أَذَرْبَيْجان، وأرمينية،
وبين الكُرْج، فنُصِر المسلمون، وغنموا ما لا يحُدّ ولا يوصف [4] .
__________
[1] المنتظم 10/ 202، 203 (18/ 152) ، الكامل في التاريخ 11، 287، 288،
العبر 4/ 162، مرآة الجنان 3/ 312، المختصر في أخبار البشر 3/ 39،
تاريخ ابن الوردي 2/ 64، الكواكب الدرّية 160، مرآة الزمان 8/ 241.
[2] المنتظم 10/ 203 (18/ 152) ، دول الإسلام 2/ 72.
[3] المنتظم 10/ 203 (18/ 152) ، الكامل في التاريخ 11/ 288.
[4] الكامل في التاريخ 11/ 286، 287، دول الإسلام 2/ 72، العبر 4/ 161،
البداية والنهاية 12/ 245، المختصر في أخبار البشر 3/ 39، تاريخ ابن
الوردي 2/ 64.
(38/35)
سنة ثمان وخمسين
وخمسمائة
[عودة الحجيج]
جاءت الأخبار بما تمّ على الحجيج، عاث عُبَيْد مكَّة فِي الركْب، فثار
عليهم أصحاب أمير الحاجّ، فقتلوا منهم جماعة، فردّوا إلى مكَّة
وتجمّعوا، ثُمَّ أغاروا على جمال الحاجّ، فانتهبوا نحْوًا من ألف
جَمَل، فركب أمير الحاجّ وجُنْده بالسّلاح، ووقع القتال وَقُتِلَ
طائفة. ثُمَّ جمع الأمير النّاس، ورجع بهم ولم يطوفوا [1] .
[بناء كشك الخليفة والوزير]
وفيها بُني ببغداد كشْك للخليفة وكشْك للوزير، وأنفق عليهما مبلغ عظيم
[2] .
[ثورة بني خفاجة]
وثارت بنو خَفَاجة بالعراق، فعاثت وأفسدت. وكانت القوافل تؤخذ إلى باب
الحربيّة [3] .
__________
[1] المنتظم 10/ 205 (18/ 155) ، الكامل في التاريخ 11/ 288 (حوادث 557
هـ) ، المختصر في أخبار البشر 3/ 39، الكواكب الدرّية 160.
[2] المنتظم 10/ 205 (18/ 156) .
[3] المنتظم 10/ 206 (18/ 156) : وانظر عن بني خفاجة في: البداية
والنهاية 12/ 244 (حوادث سنة 556 هـ) .
(38/36)
[قتل العادل بْن الصالح طلائع]
وفيها قُتِلَ العادل بْن الصّالح طلائع بْن رُزّيك، وقام بعده شَاور
[1] .
[استيلاء المؤيِّد على بسطام ودامغان]
وفيها سار المؤيِّد أي أَبَه صاحب نَيْسابور، فاستولى على بسطام،
ودامغان، واستعمل عليهما مملوكه تنكز [2] .
[انتصار المؤيِّد على صاحب مازندران]
وفيها التقى المؤيِّد وصاحب مازَنْدَرَان وانتصر المؤيِّد.
[الخِلَع للمؤيّد]
وفيها بعث السلطان أرسلان بْن طُغْرُل خِلَعًا وأَلْوِيةً معقودة
وتقادم إلى المؤيِّد، وأمره أن يهتمّ باستيعاب بملك خُرَاسَان، فلبس
الخِلَع.
وكان السّبب فِي ذلك شمس الدِّين إِيلْدَكز أتابَك السلطان. وكان
إِيلْدَكز هُوَ الكلّ، وبينه وبين المؤيِّد ودّ وإخاء. وكانت الخطبة
فِي مَرْو، وبلْخ، وهَرَاة وهذه البلاد للغُزَ سوى هَرَاة، فإنّها بيد
أيْتكِين وهو مسالم للغزّ [3] .
__________
[1] انظر عن مقتل العادل بن طلائع في: النكت العصرية 49 و 53، والكامل
في التاريخ 11/ 290، 291، وخريدة القصر (قسم مصر) 1/ 180، والنجوم
الزاهرة في حلى حضرة القاهرة 94، وكتاب الروضتين ج 1 ق 2/ 331، وأخبار
الدول المنقطعة 85، 112- 114، والمختصر في أخبار البشر 3/ 40، ونهاية
الأرب 28/ 328، 329، والدرّ المطلوب 25، ودول الإسلام 2/ 72، والوافي
بالوفيات 14/ 118 رقم 149، والكواكب الدرّية 163، واتعاظ الحنفا 3/
251- 254 و 257- 259، والجوهر الثمين 1/ 267، وتاريخ ابن الوردي 2/ 66،
والنجوم الزاهرة 5/ 346، 347، 363، وحسن المحاضرة 2/ 123، وتاريخ ابن
سباط 1/ 113.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 292، المختصر في أخبار البشر 3/ 41.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 292، 293، تاريخ ابن الوردي 2/ 67.
(38/37)
[مقتل صاحب الغور]
وفيها قتل صاحب الغور سيف الدِّين مُحَمَّد [1] .
[نجاة نور الدِّين عند حصن الأكراد]
وفيها جمع نور الدِّين جيشه، وسار لغزو الفرنج، ونزل تحت حصن الأكراد
ومن عزْمه محاصرة طرابُلُس، فتجمعت الفرنج وكبسوا المسلمين، فلم يشعر
التُّرْك إلّا بظهور الصُّلْبان من وراء الجبل، فبعثوا إلى نور الدِّين
يعرّفونه، وتقهقروا فرهقتهم الفرنج بالجملة فهربوا، والفرنج فِي أقْفية
التُّرْك، إلى المخيم النُّوريّ، فلم يستمكن المسلمون من الأُهْبة،
فوقع فيهم القَتْل والأسْر، وقصدوا خيمة السّلطان نور الدِّين وقد ركب
فرسه، وطلب النّجاة، فلدهْشته ركب والشَّبْحة فِي رِجْل الفَرَس، فنزل
كُرْديّ فقطعها، فنجا نور الدِّين، وَقُتِلَ ذلك الكُرْديّ. ونزل نور
الدِّين على بُحَيْرة حمص وقال: والله لا أستظلّ بسقْفٍ حَتَّى آخذ
بالثأر. وأحضر الأموال والأمتعة، ولَمَّ شعث عساكره [2] .
[القضاء على بني أسد]
وفيها أمر المستنجد بقتال بني أسد أصحاب الحِلَّة وإجلائهم عن العراق،
فتجمَّع لحربهم عدَّة أمراء وخلْق من العسكر، فخُذِلت بنو [3] أسد
وزالت دولتهم، وَقُتِلَ منهم نحو أربعة آلاف، وتفرّق الباقون، وقُطِع
دابرهم.
ولم يبق فِي هذا الوقت أحد يعرف بالعراق من الأسديّين [4] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 293، 294، دول الإسلام 2/ 72، البداية
والنهاية 12/ 246.
[2] التاريخ الباهر 116- 118، الكامل في التاريخ 11/ 294- 296، كتاب
الروضتين 1/ 318- 320، 422، زبدة الحلب 2/ 313، تاريخ الزمان 176،
المختصر في أخبار البشر 3/ 41، دول الإسلام 2/ 73، العبر 4/ 163، سير
أعلام النبلاء 415، تاريخ ابن الوردي 2/ 67، الإعلام والتبيين (حوادث
سنة 557 هـ.) ، الكواكب الدرّية 161، البداية والنهاية 12/ 246، تاريخ
ابن سباط 1/ 114، وكتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ 1/ 511-
513.
[3] في الأصل: «بتوا» .
[4] الكامل في التاريخ 11/ 296، 297، دول الإسلام 2/ 73، العبر 4/ 164،
البداية والنهاية 12/ 246، المختصر في أخبار البشر 3/ 41، تاريخ ابن
الوردي 2/ 67، شذرات الذهب 4/ 181.
(38/38)
سنة تسع وخمسين
وخمسمائة
[مقتل بعض اللصوص]
فيها خرج ببغداد تسعة من اللُّصوص فقُتِلوا [1] .
[كسرة الفرنج]
وفيها كسر نور الدِّين الفرنج كسْرةً هائلة وأخذ الإبرنس والقُومّص
أسيرين [2] .
[قتل الملك المنصور ضرغام]
وفيها جهّز نور الدِّين جيشا عليهم أسد الدِّين شيركوه إلى مصر نجدة
لشاور، لكونه قصده واستجار به. فأوّل دخولهم قتل الملك المنصور ضرغام
الَّذِي كان قد قهر شاوَر، وأخذ وزارة مصر منه فِي آخر العام الماضي
[3] .
__________
[1] المنتظم 10/ 208 (18/ 160) .
[2] الكامل في التاريخ 11/ 301- 304، التاريخ الباهر 122- 126، كتاب
الروضتين 1/ ق 2/ 339- 343، زبدة الحلب 2/ 319، مفرّج الكروب 1/ 244،
سنا البرق الشامي 61، 62، مرآة الزمان 8/ 247، 248، تاريخ الزمان 176،
المختصر في أخبار البشر 3/ 41، نهاية الأرب 28/ 332، العبر 4/ 166، دول
الإسلام 2/ 74، البداية والنهاية 12/ 248، مرآة الجنان 3/ 341، تاريخ
ابن الوردي 2/ 67، تاريخ ابن الفرات 8/ 79، الكواكب الدرّية 166- 168،
مشارع الأشواق 2/ 934، تاريخ ابن سباط 1/ 115، تاريخ طرابلس 1/ 513.
[3] الكامل في التاريخ 11/ 298، أخبار الدول المنقطعة 114، نهاية الأرب
28/ 332، 333، الدرّ المطلوب 26، اتعاظ الحنفا 3/ 267- 272، دول
الإسلام 2/ 73، العبر 4/ 167،
(38/39)
[تمكّن شاور من مصر]
ثُمَّ تمكّن شاوَر ولم يلتفت على شيركوه، فاستولى على بِلْبِيس وأعمال
الشرقيّة [1] .
[استنجاد شاور بالفرنج]
وأرسل شاوَر يستنجد بالفرنج، فسارعوا إليه، وبذل لهم ذَهَبًا عظيما،
فجاءوا من القُدس والسواحل، والتجأ شيركوه وعسكر الشام إلى بِلْبِيس،
وجعلها ظهرا له، وحصروه ثلاثة أشهر ومَنَعته مع قِصَر سُورها وعدم
خندقٍ لها. فبينا هُمْ كذلك إذ أتاهم الفرنج أنّ نور الدِّين أخذ حصن
حارم منهم وسار إلى بانياس، فسقط فِي أيديهم، فهمّوا بالعَودة إلى
بلادهم ليحفظوها، وطلبوا الصُّلْح مع شيركوه، فأجابهم لقلَّة الأقوات
عليه، وسار إلى الشام سالما [2] .
[وقعة حارِم]
وفيها وقعة حارِم، وذلك أنّ نجم الدِّين [ألبى] [3] الأرتقيّ صاحب
ماردين نازل حارِم ونصب عليها المجانيق، فجاءتها نجدات الفرنج من كلّ
__________
[ () ] المختصر في أخبار البشر 3/ 41 تاريخ مختصر الدول 212، الكواكب
الدرّية 164، البداية والنهاية 12/ 247، 248.
[1] الكامل في التاريخ 11/ 298- 301، كتاب الروضتين ج 1 ق 2/ 331- 339،
النوادر السلطانية 29، التاريخ الباهر 119- 122، تاريخ مختصر الدول
212، تاريخ الزمان 176، زبدة الحلب 2/ 316، 317، النجوم الزاهرة في حلى
حضرة القاهرة 94، نهاية الأرب 28/ 334، 335، المختصر في أخبار البشر 3/
41، العبر 4/ 167، 168، دول الإسلام 2/ 73، تاريخ ابن الوردي 2/ 67،
البداية والنهاية 12/ 247، 248، مرآة الجنان 3/ 341، الكواكب الدرّية
164- 166، اتعاظ الحنفا 3/ 266- 275، تاريخ ابن سباط 1/ 114، 115.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 298، 299، نهاية الأرب 28/ 334، دول الإسلام
2/ 73، العبر 4/ 168، البداية والنهاية 12/ 248، كتاب الروضتين ج 1 ق
2/ 336، 337، تاريخ الزمان 177، تاريخ مختصر الدول 212، النجوم الزاهرة
في حلى حضرة القاهرة 94، الكواكب الدرية 165، 166.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من الكامل.
(38/40)
ناحية، واجتمع طائفة من ملوكهم، وعلى الكل
بِيمُند صاحب أنطاكية، فكشفوا عن حارِم، وترحّل عَنْهَا صاحب ماردين،
فقصدهم نور الدِّين رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فالتقى الْجَمْعَان، فحملت
الفرنج على ميمنة الإسلام فهزمتْها، فيُقال إنّهم انهزموا عن خديعةٍ
قُرِّرت، فتبِعَتْهم الفرنج الفُرسان، فمال المسلمون من الميسرة، فحصدت
رجاله الفرنج، ثُمَّ ردّت الفُرسان عليهم اللّعنة، فأحاط بهم المسلمون،
واشتدّت الحرب، وطاب القتل فِي سبيل اللَّه، وكثُر القتل فِي الفرنج
والأسر، فكان فِي جملة الأسرى سلطان [1] أنطاكية، وصاحب طرابُلُس،
والدُّوك مقدّم الرّوميّين، وابن جوسلين. وزادت عدَّة القتلى منهم على
عشرة آلاف، فلله الحمد على هذا الفتح المبين [2] .
[فتح قلعة بانياس]
ثُمَّ سار نور الدِّين بعد أن افتتح حارِم، فافتتح قلعة بانياس فِي آخر
السّنة. وكان لها بيد الفرنج ستَّة عشر عاما [3] . ولمّا عاد منها إلى
دمشق، قال ابن الأثير [4] : كان فِي يده خاتم بفَصّ ياقوت يُسمّى الجبل
لكبره وحسنه،
__________
[1] هكذا، والشائع استعمال مصطلح: «صاحب أنطاكية» .
[2] التاريخ الباهر 122- 126، الكامل في التاريخ 11/ 301- 304، كتاب
الروضتين 1/ ق 2/ 339- 342، زبدة الحلب 2/ 319، تاريخ إربل 1/ 273 (558
هـ.) ، مفرج الكروب 1/ 144، مرآة الزمان 1/ 247، 248، تاريخ الزمان
176، سنا البرق الشامي 61، 62، المختصر في أخبار البشر 3/ 41، الدرّ
المطلوب 32، 33، سير أعلام النبلاء 20/ 415، العبر 4/ 126، دول الإسلام
3/ 74، تاريخ ابن الوردي 2/ 68، البداية والنهاية 12/ 248، مرآة الجنان
3/ 341، تاريخ ابن الفرات 8/ 79، الإعلام والتبيين 28، 29، مشارع
الأشواق 2/ 934، تاريخ ابن سباط 1/ 115، تاريخ طرابلس 1/ 513 وقيل قتل
في هذه الموقعة: أبو القاسم عيسى بن لل الكردي الفقيه الشافعيّ، صاحب
كتاب «الاعتقاد» .
(تاريخ إربل 1/ 272، 273 رقم 169) .
[3] التاريخ الباهر 130، 131، الكامل في التاريخ 11/ 304، 305، زبدة
الحلب 2/ 321، مرآة الزمان 8/ 251، كتاب الروضتين ج 1 ق 2/ 236،
الأعلاق الخطيرة 2/ 141، 142، تاريخ الزمان 177، المختصر في أخبار
البشر 3/ 41، العبر 4/ 167، دول الإسلام 2/ 74، الكواكب الدرّية 168،
تاريخ ابن الوردي 2/ 67، تاريخ ابن سباط 1/ 115.
[4] في الكامل 11/ 305، والتاريخ الباهر 131، وانظر: سير أعلام النبلاء
20/ 415.
(38/41)
فسقطُ من يده فِي شعرة بانياس، فنفذ وراءه
من فتّش عليه فلقِيَه، فقال فِيهِ بعض الشّعراء:
إن يَمْتَرِي [1] الشُّكّاك فيك بأنّ [2] ... المَهْديّ مُطْفئ جمرة
الدّجّال
فلعَودة الْجَبَل الَّذِي أضْللتَه [3] ... بالأمس بين غياطل [4] وجبال
فِي أبياتٍ [5] .
[مقتل الملك أيتكين]
وفيها قتل الملك أيتكين صاحب هَرَاة فِي مصافٍّ بينه وبين عسكر الغور
[6] .
[استيلاء ملك مازندران على قومس وبسطام]
وفيها استولى ملك مازَنْدَران على قُومس، وبِسْطام، بعد أن هزم تنكز
مملوك المؤيّد أي أبه [7] .
__________
[1] في التاريخ الباهر: «تمتر» .
[2] في الروضتين: «فإنك» .
[3] في الروضتين: «أظللته» .
[4] في الروضتين: «عناطل» .
[5] انظر الأبيات في: التاريخ الباهر 131، والكامل في التاريخ 11/ 305،
والروضتين ج 1 ق 2/ 356، 357، وديوان ابن منير الطرابلسي (بعنايتنا)
269، 270 رقم 128 وقد علّق «أبو شامة» على هذا بقوله:
«هذه الأبيات لابن منير بلا شك، ولكن في غير هذه الغزاة، فإنّ ابن منير
قد سبق أنه توفي سنة ثمان وأربعين، وفتح بانياس كما تراه في سنة ستين.
وقد قرأت في ديوان ابن منير، وقال يمدحه، يعني نور الدين، ويهنئه
بالعود من غزاة، وضياع فص ياقوت جبل من يده لاشتغاله بالصيد، شراؤه ألف
ومائة دينار.
وفي نسخة: ووجد أن خاتما ضاع منه في الصيد قيمته ألف ومائة دينار،
وأنشده إياها بقلعة حمص، فذكر القصيدة أولها:
يوماك يوم ندي ويوم نزال
(الروضتين)
[6] الكامل في التاريخ 11/ 311، 312.
[7] الكامل في التاريخ 11/ 312.
(38/42)
[رجوع ملك
القسطنطينية بالخيبة]
وفيها سار ملك القسطنطينيّة، لعنه الله، بجيش عرمرم وقصد الإسلام
والبلاد الّتي لقلج أرسلان وابن دانْشمَند، فكان التُّرْكُمان يبيتونهم
ويغيرون عليهم باللّيل حَتَّى قتلوا منهم نحْوًا من عشرة آلاف، فرجعوا
خائبين. وكفى اللَّه شرّهم، وطمع المسلمون فيهم، وأخذوا لهم عدّة حصون
[1] .
__________
[1] الكامل في التاريخ 11/ 313، 314، دول الإسلام 2/ 74، سير أعلام
النبلاء 20/ 415، العبر 4/ 167، مرآة الجنان 3/ 341.
(38/43)
سنة ستين وخمسمائة
[القبض على الأمير ثوبة البدويّ]
فيها خرج الخليفة إلى الصَّيْد، فقبض على الأمير ثوبة البدويّ، وسُجِن
ثُمَّ أُهلِك، وكان قد واطأ عسكر هَمَذَان على الخروج [1] .
[مولد أربعة توائم]
وفي يوم النحْر ولدت امْرَأَة من درب بهْرُوز يقال لَهَا بِنْت أبي
العزّ [2] الأهوازي أربع بنات، ولم يُسْمَع بمثل هذا [3] .
[طرد الغُزّ عن هَرَاة]
وفيها كاتب أهل هَرَاة المؤيِّد صاحب نَيْسابور، فبعث إليهم مملوكه
تنكز، فتسلّمها وطرد الغُزّ عن حصارها [4] .
[الفتنة بأصبهان]
وفيها وقعت فتنةٌ عظيمة آلت إلى الحرب بأصبهان بين صدر الدِّين عَبْد
اللّطيف بن الخُجَنْديَ وغيره من أصحاب المذاهب، وسببها التّعُّصب
للمذاهب، فدام القتال بين الفريقين ثمانية أيّام، قُتل فيها خلْق كثير،
وأحُرق كثير من الدّروب والأسواق. قاله ابن الأثير [5] .
آخر الطبقة
__________
[1] المنتظم 10/ 210 (18/ 162) .
[2] في المنتظم: «بنت أبي الأعزّ» .
[3] المنتظم 10/ 210 (18/ 163) ، دول الإسلام 2/ 74، سير أعلام النبلاء
20/ 416، البداية والنهاية 12/ 249، تاريخ الخميس 2/ 408، الكواكب
الدرّية 168، مرآة الزمان 8/ 251.
[4] الكامل في التاريخ 11/ 316.
[5] في الكامل 11/ 319، سير أعلام النبلاء 20/ 416، العبر 4/ 169، مرآة
الجنان 3/ 343، البداية والنهاية 12/ 249، شذرات الذهب 4/ 188.
(38/44)
بسم الله الرّحمن الرّحيم
المتوفون في هذه الطبقة
سنة إحدى وخمسين وخمسمائة
- حرف الألف-
1- أَحْمَد بْن أبي المجد صاعد بْن أبي الغنائم [1] .
الحربيّ [2] الإسكاف والد عَبْد اللَّه بْن أبي المجد، وهو أخو عُمَر
بْن عَبْد اللَّه الحربيّ لأمّه [3] .
روى عن: أَبِي طَلْحَةَ النّعَالّيّ، والمطرِّف بْن الطُّيُوري،
وجماعة.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن ياسين.
وكان صالحا. حافظا للقرآن، يؤمّ النّاس، ويغسّل الموتى ب ... [4] .
تُوُفّي فِي شعبان عن سبعين سنة رحمه الله تعالى.
__________
[1] لم أجده.
[2] الحربيّ: بفتح الحاء وسكون الراء المهملتين وفي آخرها الباء
المعجمة بواحدة. هذه النسبة إلى محلة معروفة بغربي بغداد، بها جامع
وسوق. قَالَ أبو بَكْر محمد بْن عبد الباقي الأنصاري ببغداد: إذا جاوزت
جامع المنصور فجميع المحالّ يقال لها الحربية مثل النصرية، والشارسوك،
ودار البطيخ، والعتابين، وغيرها. كلها من الحربية، (الأنساب 4/ 99)
وانظر:
معجم البلدان 2/ 237.
[3] ذكره، ابن السمعاني في: الأنساب 4/ 100.
[4] في الأصل بياض.
(38/45)
2- أَحْمَد بْن الفَرَج بْن راشد [1] .
أبو الْعَبَّاس المدنيّ [2] ، ثمّ البغداديّ. قاضي دجيل.
ولد سنة تسعين وأربعمائة.
وسمع من: أبي غالب بن رزيق، وغيره.
كتب عَنْهُ أبو سَعْد السَّمْعانيّ وقال: كان يسمّع معنا ولده من
القاضي أبي سكر [3] .
3- أتْسِز بْن مُحَمَّد بْن أَنُوشْتِكِين [4] .
الملك خُوارَزْم شاه.
أصابه فالج فعالجوه بكُل ممكِنٍ فلم يبرأ، فأعطوه حرارات عظيمة [5]
بغير أمر الطّبيب، فاشتدّ مرضه وخارت قواه، ومات فِي جُمادى الآخرة،
وكان يقول عند الموت: مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي
سُلْطانِيَهْ 69: 28- 29 [6] .
ووُلد فِي رجب سنة تسعين، وامتدّت أيّامه.
وتملّك بعده ابنه أرسلان فقَتَل نفرا من أعمامه [7] .
وكان أتْسِز عادلا، عافّا عن أموال الرعيّة، محبّبا إليهم، خيّرا، ذا
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الفرج) في: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 230 رقم
115، وشذرات الذهب 4/ 157، 158.
[2] المدنيّ: نسبة إلى المدينة وهي قرية فوق الأنبار.
[3] وشهد ابن الفرج عند قاضي القضاة الزينبي.
[4] انظر عن (أتسز بن محمد) في: الكامل في التاريخ 11/ 209، والمختصر
في أخبار البشر 3/ 30، والعبر 4/ 142، وسير أعلام النبلاء 20/ 322، 323
رقم 215، ودول الإسلام 2/ 67، وتاريخ ابن الوردي 2/ 88، والوافي
بالوفيات 6/ 195، ومآثر الإنافة 2/ 42.
[5] في الكامل: «فاستعمل أدوية شديدة الحرارة» .
[6] سورة الحاقّة، الآيتان 28 و 29.
[7] زاد ابن الأثير: وسمل أخا له، فمات بعد ثلاثة أيام، وقيل بل قتل
نفسه
(38/46)
إحسان. وكان تحت طاعة السّلطان سَنْجَر [1]
.
4- آمنة بِنْت الشّريف أبي الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن
المهتدي باللَّه الهاشميّ.
سَمِعت: أَبَا عَبْد اللَّه النِّعاليّ، وطِراد.
كتب عَنْهَا: ابن السَّمْعانيّ.
وتُوُفّيت فِي رجب.
روى عَنْهَا: ابن الأخضر.
5- إِسْمَاعِيل بْن عليّ بْن الْحُسَيْن بْن أبي نصر [2] .
أبو القَاسِم النَّيْسَابُوريّ، ثُمَّ الأصبهانيّ، الصُّوفيّ المعروف
بالحمّاميّ.
شيخ معمَّر، عالي الرواية. ولد في حدود سنة خمسين وأربعمائة. وبكّر به
أَبُوهُ بالسّماع.
فسمع: أَبَا مُسْلِم مُحَمَّد بْن عليّ بْن مِهْرَبُزد [3] صاحب ابن
المقرئ، وأبا مَنْصُورٌ بَكْر بْن مُحَمَّد بْن حِيد، ومسعود بْن ناصر
السِّجْزيّ الحافظ، وأبا الفتح عَبْد الجبّار بْن عَبْد اللَّه بْن
بُرْزَة الواعظ، وأبا سهل حمد بْن وَلْكيز، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن
إِبْرَاهِيم بْن عليّ العَطَّار، وعبد اللَّه بْن مُحَمَّد
الكَرَوْنيّ، وأبا طاهر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر النّقّاش، وأبا
بَكْر بْن أسيد، والحسن بْن عُمَر بْن يونس، وعائشة بْنت الْحَسَن
الوَرْكانيَّة، وانفرد بالرواية عَنْهُمْ.
وأوّل سماعه سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وعاش بعد ما سمع نيّفا وتسعين
سنة. ولعلّ الّذين اتّفق لهم هذا لا يصلون إلى عشرة أنفس ليس فيهم
__________
[1] الكامل 11/ 209.
[2] انظر عن (إسماعيل بن علي) في: تاريخ إربل 1/ 405، والمعين في طبقات
المحدّثين 165 رقم 1773، ودول الإسلام 2/ 68، وسير أعلام النبلاء 20/
245، 246 رقم 161، والعبر 4/ 143، والإعلام بوفيات الأعلام 227، ودول
الإسلام 2/ 68، ومرآة الجنان 3/ 298، والنجوم الزاهرة 5/ 324، وشذرات
الذهب 4/ 158.
[3] في الأصل: «مهر برد» براءين مهملتين.
(38/47)
الأصمّ، ولا الطَّبَرَانيّ، ولا
القَطِيعيّ، ولا ابن غَيْلان، ولا الجوهريّ، ولا ابن البَطِر، ولا ابن
الحُصَيْن، ولا أبو الوقت، ولا السِّلَفيّ، ولا ابن كُلَيْب، ولا
الكِنْديّ، ولا ابن اللّتّيّ.
رَوَى عَنْهُ: السِّلَفِيُّ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ
السَّمْعَانِيِّ، وَأَبُو مُوسَى، وَيُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ وَقَالَ: أنبا الشَّيْخُ الْمُعَمَّرُ
الْمُمَتَّعُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعَقْلِ، وَقَدْ جَاوَزَ
الْمَائَةَ، أَبُو الْقَاسِمِ الصُّوفِيُّ، أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّخْوِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، أَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدَانُ بْنُ
أَحْمَدَ الْجَوَالِيقِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ عِيسَى، ثنا حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عن وكيع ابن حَدَسٍ، عَنْ
عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ [صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] : أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ
يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ؟
قَالَ: كَانَ فِي غَمَامَةٍ [1] فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَتَحْتَهُ هَوَاءٌ.
قُلْتُ: أَنَا بِهِ جَمَاعَةٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ
الْمَدِينِيِّ، أَنَّ أَبَا الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَهُمْ،
فَذَكَرَهُ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّ عِنْدَنَا عُمَرُ بْنُ مُوسَى،
وَهُوَ الصَّحِيحُ.
روى عَنْهُ أيضا: أبو المجد زاهر بْن أبي طاهر الثّقفيّ، وعبد الخالق
بْن أسد الدّمشقيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد ويرج، وإسماعيل بْن
ماشاذة، وحمزة بن أبي المطهّر الصَّالْحانيّ، وخضِر بْن معمَّر بْن
الفاخر، وأخوه يُوسُف، ومحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد بن
المستملي، ومحمد بن محمود بن خمار تاش الواعظ، ومحمد بن محمود
الصّبّاغ، ومودود بْن مَسْعُود الفهّاد، وأحمد بْن مُحَمَّد
الفاريابيّ، وأحمد بْن مُحَمَّد بْن عثمان الأصبهانيّون.
وآخر من روى عَنْهُ مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المذكور.
وسماع السِّلَفيّ مِنْهُ فِي سنة نيف وتسعين وأربعمائة.
__________
[1] في الأصل: غماما.
(38/48)
أخبرنا أبو عليّ الخلّال أنّ كريمة
الأَسَديَّة أخبرتهم عَنْ عَبْد الرحيم بْن أَبِي ألوفا الحافظ قال:
تُوُفّي أبو القَاسِم إِسْمَاعِيل بْن أبي الْحَسَن الحمّاميّ يوم
السّبت السّابع من صفر سنة إحدى وخمسين.
- حرف التاء-
6- تُرْكانشاه بْن مُحَمَّد بْن تُرْكانشاه.
الحاجب أبو المظفّر البغدادي المَرَاتبيّ.
سمع: هبة اللَّه بْن أَحْمَد المَوْصِليّ ببغداد، والإمام أَبَا
المحاسن الرُّويانيّ بالرّيّ، وجماعة.
وتُوُفيّ فِي رابعِ عشر ذي القَعْدَةِ وله سبْعٌ وستّون سنة.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر.
- حرف الجيم-
7- جَابِر بْن مُحَمَّد [1] .
أبو الْحُسَيْن اللّاذانيّ، الأصبهانيّ، القصّار.
سمع: أَبَا مَنْصُور بْن شكرُوَيْه، ورزق اللَّه.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ [2] ، وقال: مات فِي شوّال.
- حرف الحاء-
8- حُذَيْفَة بْن يحيى [3] .
أبو بَكْر البطائحيّ [4] المقرئ.
__________
[1] انظر عن (جابر بن محمد) في:
التحبير 1/ 152 رقم 79، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 62 ب، 62 أ.
[2] وهو قال: كتبت عنه بأصبهان.
[3] انظر عن (حذيفة بن يحيى) في: الأنساب 2/ 240.
[4] البطائحي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة والطاء المهملة والياء
المنقوطة باثنتين من تحتها بعد
(38/49)
شيخ صالح، سمع: أَبَا عليّ بْن المهديّ،
وأبا طَالِب الزَّينبيّ.
وعنه: السَّمْعانيّ [1] ، وعمر بْن طَبَرْزَد.
وعاش إحدى وستِّين سنة.
9- الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [2] .
أبو عليّ البَحِيريّ [3] ، المُلْقاباذيّ [4] ، النَّيْسَابُوريّ.
سمع: أَحْمَد بْن مُحَمَّد الشُّجاعيّ، وأبا سعد [5] البَحِيريّ [6] .
روى عَنْهُ: عبد الرحيم بْن السّمعانيّ وقال: تُوُفّي فِي شوّال [7] ،
أو ذي القعدة [8] .
__________
[ () ] الألف وفي آخرها الحاء، هذه النسبة إلى البطائح وهي موضع بين
واسط والبصرة وهي عدّة قرى مجتمعة في وسط الماء. (الأنساب 2/ 239) .
[1] وهو قال عنه: شاب صالح، سديد، من أهل القرآن، سمع معي وبقراءتي
الكثير من أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد الباقي الأَنْصَارِيّ، وكان
سمع قبلنا من أبي طالب الحسين بن محمد بن علي الزيني (كذا) ، وأبي
الخير المبارك بن الحسين الغسّال، وغيرهما، سمعت منه أحاديث يسيرة
ببغداد. وكانت ولادته في سنة تسعين وأربعمائة.
[2] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: التحبير 2/ 455 رقم 18 (بالملحق) ،
ومعجم البلدان 5/ 193 وفيهما: «الحسن بن محمد بن أحمد» .
[3] البحيري: بفتح الباء الموحّدة وكسر الراء بعدها الياء المنقوطة من
تحتها باثنتين وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بحير وهو اسم لبعض
أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 2/ 97) . وقد تحرّفت هذه النسبة إلى
«البحتري» في: الأنساب، ومعجم البلدان، والمثبت هو الصحيح، فالبحيري من
بيت العدالة والتزكية بنيسابور، وينسب أيضا إلى ملقاباذ.
[4] الملقاباذي: بالضم ثم السكون، والقاف، وآخره ذال معجمة محلّة
بأصبهان، وقيل:
بنيسابور. (معجم البلدان) .
[5] في (معجم البلدان) : «أبا سعد محمد بن المظهّر بن يحيى العدل
البحتري» . وورد في (التحبير) مرتين:
ففي ترجمة الملقاباذي المذكور، برقم (18) : «أبا سعد المظهر بن يحيى
العدل البحتري» .
وفي الترجمة رقم (954) ورد: «أبا القاسم المطهر بن بجير بن محمد
البجيري» .
[6] تحرّفت في التحبير (بالملحق) رقم (18) إلى «البحتري» ، وفي الترجمة
رقم (954) إلى «البجيري» ، وفي (معجم البلدان) إلى «البحتري» .
[7] وكانت ولادته في سنة 470 هـ.
[8] عبارة «أو ذي القعدة» ليست في (معجم البلدان) .
(38/50)
10- الْحُسَيْن بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد
[1] .
أبو القَاسِم بْن البُنّ الأسَديُ، الدّمشقيّ، الفقيه.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن أبي العلاء، وسهْل بْن بِشْر، وأبا عَبْد
اللَّه الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن أبي الحديد، وأبا البركات بْن طاوس،
والفقيه نصر المقدسيّ وعليه تفقّه.
وخلط على نفسه لكنّه تاب توبة نَصُوحًا. وكان حَسَن الظّنّ باللَّه.
قاله الحافظ ابن عساكر [2] وقال: قال: ولدت في رمضان سنة ستّ وستّين
وأربعمائة.
قلت: روى عَنْهُ: هُوَ، وابنه القَاسِم، والحافظ أبو المواهب بن صصرى،
وأخوه أبو القاسم بْن صَصْرى وهو آخر من حدّث عَنْهُ، وأبو القاسم بن
الحرستانيّ، وأبو محمد الحسن بن عليّ بن الحسين الأسديّ حفيده، وآخرون.
وتوفّي في نصف ربيع الآخر، ودفن بمقبرة باب الفراديس [3] .
- حرف السين-
11- سلمان بن مسعود بن الحسن [4] .
أبو محمد البغداديّ، الشّحّام.
__________
[1] انظر عن (الحسين بن الحسن) في: التحبير 1/ 227، 228، رقم 131،
ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 89 أ، 89 ب، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 7/ 98 رقم 99، والمشتبه في الرجال 1/ 95 و 2/ 649، وسير أعلام
النبلاء 20/ 246، 247 رقم 162، والعبر 4/ 143، ودول الإسلام 2/ 68،
والمعين في طبقات المحدّثين 165 رقم 1774، والإعلام بوفيات الأعلام
227، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 255، والنجوم الزاهرة 5/ 324،
والدارس 1/ 182، وشذرات الذهب 4/ 158، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 294.
[2] مختصر تاريخ دمشق.
[3] قال ابن عساكر: كان متديّنا ثم تغيّرت حاله وأدمن الخمر، ثم تاب،
وكان إذا قرئ عليه الحديث الّذي فيه: (ما من حافظين رفعا إلى الله ما
حفظا، فيرى الله في أول الصحيفة خيرا وفي آخرها خيرا، إلا قال الله
لملائكته: اشهدوا أني قد غفرت ما بين طرفي الصحيفة) ، فرح به ورجا أن
يجري أمره كذلك.
[4] انظر عن (سلمان بن مسعود) في: المنتظم 10/ 166 رقم 257 (18/ 108
رقم 4207) ، والإعلام بوفيات الأعلام 227.
(38/51)
سمع الكثير بنفسه من: أبي المعالي ثابت بن
بندار، وجعفر السراج، والمبارك بن عبد الجبّار الصّيرفيّ، وعليّ بن
محمد العلّاف، وطائفة.
وخرّج له الحافظ اليونازتيّ [1] خمسة أجزاء فوائد.
قال أبو سعد السّمعانيّ: سَمِعت عليه، وهو شيخ صالح، مشتغل بكسبه.
توفّي في المحرَّم، ووُلِد سنة سبْعِ وسبعين.
قال ابن الجوزيّ [2] : قرأت عليه كثيرا من حديثه، وكان من أهل
السُّنَّة، صحيح السَّمَاع.
قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الخالق بْن أسد، وأبو الْحَسَن مُحَمَّد بْن
أَحْمَد القطيعيّ.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة أبو الْحَسَن بْن المقُيّر.
تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من المحرّم. كذا أرّخه السَّمْعانيّ.
ثُمَّ قرأت بخطّ عُمَر بْن الحاجب قال: سَمِعت أَبَا الْحَسَن
القَطِيعيّ يقول فِي وفاة سلمان الشّحّام إنّها سَهْوٌ لأنّه أجاز فِي
ذي القعدة من السَّنة لأبي دَحْرُوج، وقرأ عليه فيها فِي ربيع الأوّل
ابن الخشّاب جزءا.
- حرف الشين-
12-[شُكْرُ] [3] بِنْت سهل بْن بشر بن أحمد الأسفرائينيّ.
أمة العزيز.
__________
[1] اليونارتي: بضم الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الواو وفتح
النون وسكون الراء وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه
النسبة إلى يونازت، وهي قرية على باب أصبهان. (الأنساب 12/ 433، 434) .
[2] في المنتظم.
[3] في الأصل بياض. والمستدرك من: تاريخ دمشق (تراجم النساء) 198،
وأعلام النساء 2/ 302، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي
(تأليفنا) ق 2 ج 5/ 189، 190 رقم 1564.
(38/52)
سَمِعت بدمشق من: أبيها، وأبي نصر أَحْمَد
الطُّرَيْثِيثيّ.
ومولدها بصور فِي سنة اثنتين وسبعين.
روى عَنْهَا: الحافظ ابن عساكر، وغيره.
وتُوُفّيت بدمشق فِي جُمادَى الْأولى.
- حرف الصاد-
13- صَدَقة بْن مُحَمَّد بْن حُسَيْنِ بْن المحلبان.
أبو القَاسِم سِبْط ابن السّياف البغداديّ.
شيخ متجمّل، ظاهره الخير، وكان على العمائر.
سمع الكثير من: مالك البانياسيّ، وأبي الفضل بْن خَيْرون، وأحمد بْن
عثمان بْن نفيس الواسطيّ، وأبي الفضل حَمْد الحداد.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وجماعة.
وتُوُفيّ فِي وسط جُمادَى الأولى.
وروى عَنْهُ: ابن الأخضر، وعبد الرزّاق.
- حرف العين-
14- عَبْد [اللَّه] [1] بْن مُحَمَّد بْن حُسَيْنِ بن المحلبان.
الكرجيّ الأديب، شيخ معمّر.
ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو مُوسَى المَدِينيّ، وقال: سَمِعت منه بالكْرخِ.
15- عَبْد الحميد بْن مظَّفر بْن أَحْمَد.
أبو نصر البنّاء، الصُّوفيّ، الهَرَويّ.
سمع: حاتم بْن مُحَمَّد الْأَزْدِيّ، ومحمد بْن أبي عمر النّرسيّ،
والحسين بن محمد الكتبيّ.
__________
[1] في الأصل بياض.
(38/53)
حدَّث ببغداد، وسمع منه: أبو سَعْد
السَّمْعانيّ.
قلت: عاش نيِّفًا وتسعين سنة.
16- عَبْد السّميع بْن أبي تمام عَبْد اللَّه بْن عَبْد السّميع.
الهاشميّ، أبو المظفَّر الواسطيّ. من ذُرّية جَعْفَر بْن سُلَيْمَان
الأمير.
قرأ القرآن على: المبارك بْن مُحَمَّد بْن الرّوّاس، وأحمد بْن
مُحَمَّد بْن العُكُبَرِيّ، والقلانسي.
ورحل إلى بغداد فقرأ على: أبي الخَطَّاب الجرّاح، وثابت بْن بُنْدار.
وسمع من: جَعْفَر السّرّاج.
قرأ عليه بحرف أبي عَمْرو أبو مُحَمَّد بْن سُكّيْنَة.
وأخذ عَنْهُ: السَّمْعانيّ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وستِّين وأربعمائة. وكان عابدا، صوّاما، مات رحمه
اللَّه فِي ذي القعدة.
17- عَبْد القاهر بْن عَبْد اللَّه بْن حُسَيْنِ [1] .
أبو الفَرَج الشَّيْبَانيّ، الحلبيّ، الشاعر المعروف بالوأواء.
له ديوان مشهور. تردَّد إلى دمشق غير مرَّة، وأقرأ بها النَّحْو. وكان
حاذقا به. وصنف «شرح المتنبّي» ، ومدح جماعة من الأكابر.
تُوُفّي فِي شوّال بحلب. وكان مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ.
18- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بن هشام بن سعد [2] .
__________
[1] انظر عن (عبد القاهر بن عبد الله) في: ديوان ابن منير (جمعنا) 71،
وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 24/ 298، وإنباه الرواة 2/ 186، 187،
وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 1/ 76، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور
15/ 169، 170 رقم 162، والكامل في التاريخ 11/ 217) ، والوافي بالوفيات
(مصوّر) 19/ 41، والنجوم الزاهرة 5/ 262، وعيون التواريخ 12/ 492،
وبغية الوعاة 1/ 310، وشذرات الذهب 4/ 158.
[2] انظر عن (عبد الملك بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم
1715، ومعجم شيوخ الصدفي 251 رقم 232، وبغية الملتمس للضبيّ 374 رقم
1055، والذيل والتكملة لكتابي
(38/54)
الْإِمَام أبو الْحَسَن بْن الطلّاء،
القَيْسيّ، الشِّلْبيّ. من كبار أئمَّة الأندلس.
كان أَبُوهُ طلّاء فِي اللّجم.
وسمع أبو الْحَسَن من: أبي عَبْد اللَّه بْن شبرين [1] ، وأبي
الْحُسَيْن [2] بْن الأخضر، وأبي مُحَمَّد بْن عتّاب، وأبي الْحَسَن
شُرَيْح، وأبي بحر بْن العاص، وأبي الوليد بْن ظريف، وخلْق كثير.
أجاز له: أبو عبد الله بن الطلاع، وأبو علي الغساني، وأبو القَاسِم
الهَوْزنيّ.
وأجاز له من بغداد أبو الفضل بْن خَيْرُون، وغيره.
قال أبو عَبْد اللَّه الأبّار [3] : وكان من أهل العلم بالحديث
والعُكُوف عليه، مع المعرفة باللّغة والآداب والنَّسَب والمشاركة فِي
الأُصُول.
ولي خطابة مدينة شِلْب [4] مدَّةً.
وتُوُفيّ فِي صَفَر.
وكان مولده في سنة خمس وسبعين وأربعمائة.
قال: وأجاز روايته لجميع المسلمين قبل موته بيومين [5] .
__________
[ () ] الموصول والصلة، السفر 5 ق 1/ 42- 44 رقم 92.
[1] أخذ عنه علم الكلام وأصول الفقه.
[2] في الذيل 43 «أبو الحسن» ، واختلف إليه كثيرا في علوم اللسان وعليه
معوّله فيها.
[3] في تكملة الصلة.
[4] شلب: بكسر أوله وسكون ثانيه، وآخره باء موحّدة. قال ياقوت: هكذا
سمعت جماعة من أهل الأندلس يتلفّظون بها، وقد وجدت بخط بعض أدبائها:
شلب. بفتح الشين. وهي مدينة بغربي الأندلس يتلفّظون بها، وقد وجدت بخط
بعض أدبائها: شلب. بفتح الشين. وهي مدينة بغربي الأندلس بينها وبين
باجة ثلاثة أيام، وهي غربي قرطبة، وهي قاعدة ولاية أشكونية.
(معجم الأدباء 3/ 357) .
[5] وقال المراكشي: وكان محدّثا حافظا، متّسع الرواية، حسن الخط،
ضابطا، متقنا، بصيرا بالحديث، عاكفا عليه، عارفا بالفقه وأصوله، وعلم
الكلام. وافر الحظ من علوم اللسان نحوا وأدبا ولغة ونسبا، معروف الفضل،
كريم الخلق، جميل العشرة، واستقضي بحصن مرجيق في فتنة ابن قسيّ، وشوور
ببلده وخطب به، ثم صرف عنهما معا، واستمرّ على إمامة الفريضة بجامع
بلده إلى أن توفي به ضحوة يوم الأربعاء لخمس بقين من صفر. (الذيل
والتكملة 44) .
(38/55)
19- عَبْد الواسع بْن المؤمن بْن أميرك.
أبو مُحَمَّد الْهَرَوِيَّ الصَّيْرَفيّ.
شيخ صالحٌ، عابدٌ، قانت.
سمع الكثير من: شيخ الإسلام عَبْد اللَّه الأنطاكيّ، وأبي عطاء عَبْد
الرَّحْمَن الجوهريّ، وأبي عامر الْأَزْدِيّ، وجماعة.
قال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ: سَمِعتُ منه قدْر خمسة عشر جزءا من
أمالي الْأَنْصَارِيّ.
وتُوُفيّ رحمه اللَّه فِي خامس رمضان.
20- عتيق بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن [1] .
أبو بَكْر الْأَزْدِيّ، الأندلسيّ، الأُوُرْيُوليّ [2] .
حجّ سنة تسع وثمانين وأربعمائة، ولقي بمكَّة أَبَا الفوارس طِراد
الزَّيْنَبيّ فسمع منه، وطال عمره، وتفرَّد عَنْهُ فِي الأندلس
بالرواية.
وقد حجّ سنة عشرين وخمسمائة أيضا، وجاور.
وسمع من: أَبِي عَبْد اللَّه الرَّازِيّ صاحب «السُّدَاسيّات» ، وزين
العَبْدَرِيّ، وزاهر الشّحّاميّ، وجماعة من القادمين للحجّ.
قال الأَبّار [3] : وكان ثقة، مُعْتنيًا بالرّواية.
روى عَنْهُ: أبو طاهر السّلَفيّ، وأبو القَاسِم بْن بَشْكُوال، وأبو
عُمَر بْن عيّاد، وأبو بَكْر بْن أبي ليلى، وغيرهم.
__________
[1] انظر عن (عتيق بن أحمد) في: صلة الصلة 55، وتكملة الصلة لابن
الأبار، رقم 1936، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر 5 ق
1/ 114، 115 رقم 221، والعبر 4/ 343، وشذرات الذهب 4/ 147.
[2] الأوريولي: بضم الأول وسكون الراء ثم ياء مضمومة ولام، نسبة إلى
أوريولة مدينة بالأندلس قريبة من مرسية. (معجم البلدان) .
[3] في تكملة الصلة.
(38/56)
وكان مولده بأوريولة سنة 467 وبها توفّي.
قلت: رواية السِّلَفيّ عَنْهُ فِي «الوجيز» له.
وسمع منه السَّمْعانيّ بمكَّة مجلسا.
21- العزيز بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صاعد بْن
مُحَمَّد.
القاضي أبو المفاخر الصّاعديّ، النَّيْسَابُوريّ. قاضي نيسابور.
ولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
وسمع: أبا بكر بن خَلَف، وأبا القَاسِم عَبْد الرَّحْمَن الواحديّ،
وعليّ بْن مُحَمَّد الجوزجانيّ [1] ، وغيرهم.
وبكّروا به وسمّعوه حضورا.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ، وقال: تُوُفّي فِي صَفَر.
22- عليّ بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن مَحْمُوَيْه [2] .
الْإِمَام أبو الْحَسَن اليَزْديّ، الشّافعيّ، المُقرئ، المحدّث،
الزّاهد، نزيل بغداد.
ولد بيزد [3] في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ظنّا.
وسمع: الحسين بن الحسن بن جوان شير، وأبا المكارم مُحَمَّد بْن عليّ
الفَسَويّ [4] ، ومحمد بن الحسين بن بلّوك.
__________
[1] الجوزجاني: نسبة إلى مدينة بخراسان مما يلي بلخ يقال لها:
الجوزجان. (الأنساب 3/ 361) .
[2] انظر عن (علي بن أحمد) في: الأنساب 12/ 400، والمعين في طبقات
المحدّثين 165 رقم 1775، والعبر 4/ 143، 144، وسير أعلام النبلاء 20/
334- 336 رقم 226، والإعلام بوفيات الأعلام 227 وفيه: «علي بن محمويه»
، ومعرفة القراء الكبار 2/ 531، 532، رقم 475، وطبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 7/ 211، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 564، 565، وفيه: «علي بن
الحسين بن أحمد» ، ومرآة الجنان 3/ 298، وغاية النهاية 1/ 517،
والفلاكة والمفلوكين 124، 125، والنجوم الزاهرة 5/ 324، وشذرات الذهب
4/ 159، وهدية العارفين 1/ 698.
[3] يزد: بفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وسكون الزاي وفي آخرها
الدال المهملة. مدينة من كور إصطخر فارس بين أصبهان وكرمان. (الأنساب
12/ 399) .
[4] تحرّفت هذه النسبة في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 211 إلى:
«الفوي» . وهي:
(38/57)
ورحل إلى أصبهان فقرأ بها على: أَبِي الفتح
أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحدّاد، وأبي سَعْد المطرّز، وأبي عليّ الحدّاد.
وسمع من: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحافظ أبي بَكْر بْن مَرْدُوَيْه.
وسمع بهَمَذان من: ناصر بْن مهدي المشطبيّ، وبالدُّون [1] من عَبْد
الرَّحْمَن بْن حَمْد الدّوني.
ودخل بغداد سنة خمسمائة فسمع بها: الْحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ، وأبا
القَاسِم عليّ بْن الْحُسَيْن الرَّبَعيّ، وأبا سَعْد بْن خشيش، وأبا
الْحَسَن العلّاف، وجماعة.
وتفقّه على الإمام أبي بَكْر الشاشيّ. ورحل إلى واسط، وتفقّه على
قاضيها أَبِي عليّ الفارقيّ.
وسمع بالكوفة، والبصرة، والحجاز. وصنَّف فِي الفقه، والحديث،
والزُّهْد.
وحدَّث «بسُنَن النَّسَائيّ» ، عن الدُّونيّ.
قال أبو سَعد السَّمْعانيّ: فقيه، فاضل، زاهد، حَسَن السّيرة، عزيز
النَّفسْ، سخيّ بما يملك، قانع بما هُوَ فِيهِ، كثير الصَّوم والعبادة.
صنَّف تصانيفا فِي الفقه، وأورد فيها أحاديث بأسانيده. سَمِعت منه وسمع
منّي.
وكان حسن الأخلاق دائم البشر، متواضعا. وكان له عمامة وقميص بينه وبين
أخيه، إذا خرَج ذاك قعد ذا، وإذا خرج ذا قعد الآخر [2] .
__________
[ () ] بفتح الفاء والسين. نسبة إلى نساء وهي بلدة من بلاد فارس يقال
لها: بسا. (الأنساب 90/ 305) .
[1] الدّون: بضم أوله، وآخره نون. قرية من أعمال دينور، (معجم البلدان
2/ 490) .
[2] وقال ابن السمعاني: الأخوان الإمامان علي ومحمد ابنا أحمد بن
الحسين بن محمويه اليزديان، نزلا بغداد، وكانا من الدين والعلم بمكان.
سمعت منهما. وكان عليّ يقول: أنا وأخي نحيي الليل، أنا أطالع النصف
الأول، ومحمد أخي يصلّي النصف الأخير. كتبت عنهما ببغداد. (الأنساب 12/
400) .
(38/58)
وقال ابن النّجّار فِي «تاريخه» : كان من
أعيان الفُقهاء مشهوري العُبّاد.
سَمِعت أَبَا يَعْلَى حمزة بْن عليّ يقول: كان شيخنا أبو الْحَسَن
اليَزْديّ يقول لنا: إذا مِتُّ فلا تدفنوني إلّا بعد ثلاثٍ، فإنّي أخاف
أَن يكون بي سكْتَة.
وكان جَثِيثًا صاحب بَلْغَم. وكان يصوم رجب، فَلَمّا كان سنة موته قبل
رجب بأيّام قال: قد رجعت عن وصيّتي، ادفنوني فِي الحال، فإنّي رَأَيْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوم وهو يقول:
يا عليّ، صُمْ رجب عندنا.
قال: فمات ليلة رجب.
قال: وقرأت بخطّ أَحْمَد بْن شافع وفاته فِي تاسع عشر جُمادى الآخرة،
وقال: زادت مصنَّفاته على خمسين مصنَّفًا.
قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بْن أسد، وعبد الملك بْن
ياسين الدَّوْلَعيّ الخطيب، وعليّ بْن أَحْمَد بْن سَعِيد الواسطيّ
الدّبّاس وقرأ عليه القراءات، وأبو أَحْمَد عَبْد الوهاب بن سكينة،
وعبد العزيز بن الأخضر، وآخرون.
23- عليّ بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه [1] .
أبو الْحُسَيْن الغَرْنويّ [2] الواعظ، نزيل بغداد.
سمع بغزنة من حمزة بن الحسين القائنيّ «صحيح البخاريّ» بروايته عن
العيّار.
__________
[1] انظر عن (علي بن الحسين) في: المنتظم 10/ 166- 168 رقم 258 (18/
108- 110 رقم 4208) ، والكامل في التاريخ 11/ 216، 217، وتاريخ إربل 1/
197 وفيه: «أبو الحسن النوري» ، ومرآة الزمان وخريدة القصر (قسم شعراء
العراق) 2/ 282، وسير أعلام النبلاء 20/ 324، 325 رقم 217، والوافي
بالوفيات 21/ 29، 30 رقم 11، وعيون التواريخ 12/ 493، 494، والبداية
والنهاية 12/ 234، 235، والنجوم الزاهرة 5/ 323، 324، وشذرات الذهب 4/
159.
[2] الغزنويّ: بفتح الغين المعجمة والزاي الساكنة المعجمة، وفي آخرها
النون المفتوحة. هذه النسبة إلى غزنة وهي بلدة أول بلاد الهند.
(الأنساب 9/ 142) .
(38/59)
وسمع ببغداد [1] : أَبَا سَعْد بْن
الطُّيُوريّ، وابن الْحُسَيْن.
قال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [2] : كان مليح الإيراد، لطيف
الحركات، بَنَت له زَوْجَة المستظهر باللَّه رباطا بباب الأزَج [3]
أوقفت عليه الوقوف، وصار له جاهٌ عظيم لمَيْل الأعاجم إليه.
وكان السّلطان يأتيه يزوره والأمراء والأكابر. وكَثُرَت عنده المحتشمون
والقُرّاء، واستعبد كثيرا من العلماء والفقراء بنواله وعطائه. وكان
محفوظُه قليلا [4] .
وسمعته يقول: حزمة حزن خيرٌ من أعدال أعمال.
وقال ابن السَّمْعانيّ: سمعته يقول: رُبَّ طالبٍ غير واجد، وواجد غير
طَالِب.
وقال: نشاط القائل على قدْر فَهْمِ المستمع.
وقال ابن الْجَوْزِيّ: كان يميل إلى التّشيُّع ويدلّ بمحبَّة الأعاجم
له، ولا يعظّم بيتَ الخلافة كَمَا ينبغي، فسمعته يقول: تتولّانا وتغفل
عنّا، فما تصنع بالسّيف إذا لم تكن قتّالا، فغيّر حلية السيف وضعها لك
خلخالا. ثُمَّ قال:
تُوَلّي اليهودَ فيسُبُّون نبيَّك يوم السّبت، ويجلسون عن يمينك يوم
الأحد. ثُمَّ صاح: اللَّهمّ هَلْ بلّغت.
قال: فبقيَتْ هذه الأشياء فِي النُّفوس حَتَّى مُنِع من الوعظ. ثُمَّ
قدِم السّلطان مَسْعُود، فجلس بجامع السّلطان، فحدّثني فقيه أنّه لمّا
جلس قال لمّا
__________
[1] وكان قدم إليها سنة 516.
[2] في المنتظم.
[3] بالتحريك. محلّة معروفة ببغداد.
[4] في المنتظم زيادة: فكان يردّد ما يحفظه.
قال ابن الجوزي: وحدّثني جماعة من الفقراء أنه كان يعيّن لهم ما يقرءون
بين يديه ويتحفّظ الكلام عليه.
سمعته يوما يقول في مجلس وعظه: الحكمة في المعراج لرَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رأى ما في الجنة والنار
ليكون يوم القيامة على سكون لا انزعاج فيه فلا يزعجه ما يرى لتقدّم
الرؤية، ولهذا المعنى قلبت العصا حيّة يوم التكليم لئلا ينزعج موسى عند
إلقائها بين يدي فرعون.
(38/60)
حضر السّلطان: يا سُلطان العالم، مُحَمَّد
بْن عَبْد اللَّه أمرني أن أجلس، ومحمد أبو عَبْد اللَّه منعني أن
أجلس، يعني المقتفي.
وكان إذا نبغ واعظٌ سعى فِي قطْع مجلسه. وكان يلقّب بالبرهان. فَلَمّا
مات السّلطان أُهين الغَزْنَويّ، وكان معه قريةٌ فأُخِذَت منه، وطولب
بمُغَلِّها عند القاضي. وحُبِس ثُمَّ أُطلق، ومنع من الوعظ.
وتشفّع في أمر القرية، فقال المقتفي: ألا ترضى أن نحقن دمه [1] ؟
ما زال الغَزْنَويّ يلقى الذُّلّ بعد العزّ الوافر [2] .
وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم.
وهو والد المُسْنِد أبي الفتح أَحْمَد بْن عليّ الغَزْنَويّ، راوي
التّرمذيّ [3] .
__________
[1] وقال ابن الجوزي: وحدثني عبد الله بن نصر البيع قال: أخذت من
الغزنوي القرية التي كانت وقفت عليه، فاستدعاني وسألني أن أقول لابن
طلحة صاحب المخزن أن يسأل فيه وقال:
هذه القرية اشترتها خاتون من الخليفة والّذي وقع عليه الشهادة صاحب
المخزن فهو أعرف الخلق بالحال. قال: فجئت فأخبرته، فقال: أنا رجل منقطع
عن الأشغال، وكان قد تزهد وترك العمل فعدت إليه فأخبرته فقال: لا بدّ
من إنعامه في هذا، فكتب صاحب المخزن إلى المقتفي: هذا رجل قد أوى إلى
بلدكم، وهو منسوب إلى العلم، فقال المقتفي: أو لا يرضى أن يحقن دمه؟
[2] وقال أبو بكر بن الحصري: سمعته يقول: من الناس من الموت أحبّ إليه
من الحياة، وعنى نفسه، وكان لا يحتمل الذلّ، فمرض، فحكى الطبيب الداخل
عليه أنه قد ألقى كبده، وكان مرضه في المحرّم هذه السنة، فبلغني أنه
كان يعرق في مرضه ويفيق ويقول: رضا وتسليم.
وقال ابن الأثير: وكان له قبول عظيم عند السلاطين والعامّة والخلفاء،
إلّا أنّ المقتفي أعرض عنه بعد موت السلطان مسعود لإقبال السلطان عليه.
(الكامل)
[3] ومن شعره:
كم حسرة لي في الحشا ... من ولد إذا نشا
وكم أردت رشده ... فما نشا كما أشا
وله:
يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني في صنعتي فارس
سهرت في ليلي واستنعسوا ... هل يستوي الساهر والناعس؟
(38/61)
24- عليّ بْن حَيْدَرة بْن جَعْفَر بْن
المحسن [1] .
أبو طَالِب الحسينيّ، العَلوَيّ، الشريف الدّمشقيّ، نقيب العَلَوييّن.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن أبي العلاء المصِّيصيّ، والفقيه نصر بْن
إِبْرَاهِيم.
روى عَنْهُ: ابن عساكر، وولده القَاسِم، وأبو المواهب، وأبو القَاسِم
ابنها صَصَرَى، وغيرهم.
وهو راوي السّابع من «فضائل الصّحابة» لخيثمة [2] .
__________
[ () ] وله:
فما تصنع بالسيف ... إذا لم تك قتّالا
فغيّر حلية السيف ... وضعه لك خلخالا
ولما مال الناس إلى ابن العبادي قلّ زبونه فكان يبالغ في ذمّه، فقام
بعض أذكياء بغداد في مجلس العبادي فأنشده:
للَّه قطب الدين من واعظ ... طبّ بأدواء الورى آس
مذ ظهرت حجّته في الورى ... قام بها البرهان في الناس
(المنتظم) وورد في (تاريخ إربل 1/ 197) : الشيخ أبو الحسن النوري،
والمرجّح أنه هو «أبو الحسين الغزنوي» ، قال: أنشدنا ابن الجواليقيّ:
ذهب المبرّد وانقضت أيامه ... وسينقضي بعد المبرّد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقي بيتها فسيخرب
فابكوا لما سلب الزمان ووطنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب
وتزوّدوا من ثعلب فبكأس ما ... شرب المبرّد من قليل يشرب
وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس مما يكتسب
[1] انظر عن (علي بن حيدرة) في: مشيخة ابن عساكر (مخطوط) 1/ ورقة 143،
وتاريخ دمشق، له، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/ 277 رقم 147، وسير
أعلام النبلاء 20/ 250، 251 رقم 168.
[2] فضائل الصحابة، كتاب في الحديث، وضعه المسند الحافظ خيثمة بن
سليمان بن حيدرة القرشي الأطرابلسي، المتوفى سنة 343 هـ. ولم يصلنا منه
سوى الجزء الثالث، منه نسخة خطّية ضمن مجموع رقم 110 قسم 3 في المكتبة
الظاهرية، ونسخة أخرى ضمن مجموع رقم 92/ 8 قسم 3 بالظاهرية أيضا، وقد
قمت بتحقيقهما ونشرتهما في كتاب بعنوان «من حديث خيثمة بن سليمان
الأطرابلسي» ، وأصدرته دار الكتاب العربيّ، بيروت 1400 هـ/ 1980 م.
(38/62)
تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة، ودُفِن بمقابر
باب الصّغير.
25- عليّ بْن أبي تراب بْن فيروز.
أبو الْحَسَن الزّنْكويّ [1] ، ثُمَّ البغداديّ، الخيّاط.
سمع: أَبَا الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام، وأبا الْحُسَيْن بْن
المبارك بْن الصَّيْرَفيّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتب لي جزءا عن شيوخه، وقرأته عليه ووُلِد سنة
أربع وسبعين.
ومات فِي ثاني ربيع الأوّل.
- حرف الميم-
26- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [2] بْن خِيَرَة [3] .
أبو الوليد القُرْطُبيّ.
قال ابن بشكوال [4] : روى عن جماعةٍ من شيوخنا وصحِبنَا عندهم، وكان من
جِلَّة العلماء الحفّاظ، متفنّنا فِي المعارف كلّها، جامعا لها، كثير
الدّراية، واسع المعرفة، حافل الأدب [5] .
وتُوُفيّ بزَبِيد فِي شوّال، وله اثنتان وستّون سنة [6] .
__________
[1] لم أجد هذه النسبة.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله القرطبي) في: الصلة لابن بشكوال 2/ 592
رقم 1302، والديباج المذهب 321، والمقفّى الكبير للمقريزي 6/ 105، 106
رقم 2548.
[3] خيرة: بكسر الخاء المعجمة وفتح الياء المنقوطة من تحتها باثنتين.
[4] في الصلة 2/ 592، 593.
[5] مولده سنة 489 هـ.
[6] وقال المقريزي: خرج من قرطبة في الفتنة بعد ما درّس بها وانتفع
الناس به فروع الفقه وأصوله، وأقام بالإسكندرية، خوفا من بني عبد
المؤمن بن علي، ثم قال: كأني والله بمراكبهم قد وصلت إلى الإسكندرية،
فسافر إلى مصر بعد ما روى عنه السلفي، وأقام بها مدّة. ثم قال: والله
ما مصر والإسكندرية بمتباعدتين، فسافر إلى الصعيد، وحدّث في قوص
بالموطأ، ثم قال: والله ما يصلون إلى مصر ويتأخّرون عن هذه البلاد!
فمضى إلى مكة وأقام بها. ثم قال: وتصل إلى هذه البلاد ولا تحجّ؟ ما أنا
إلّا هربت منه إليه! ثم دخل اليمن،
(38/63)
27- مُحَمَّد بْن عَبْد الخالق [1] .
الإمام أبو المحامد السَّمَرْقَنْديّ، الكِنْديّ [2] .
وَرِعٌ، عارفٌ بالفِقْه، له حلقة إشغال.
كتب عَنْهُ أبو سَعْد السَّمْعانيّ [3] . وكُندي من قرى سَمَرْقَند [4]
.
28- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سلامة بْن عُبَيْد اللَّه بْن
مَخْلَد [5] .
أبو عَبْد الكَرْخيْ، البغداديّ، الُّرطَبيّ [6] . من كرْخ جدّان [7] ،
لا كرخ بغداد.
__________
[ () ] فلما رآها قال: هذه أرض لا يتركها بنو عبد المؤمن، فتوجّه إلى
الهند، فأدركته وفاته بها سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.
وقيل: بل مات بزبيد من مدن اليمن.
وكان من كبار فقهاء المالكية، يتصرّف في علوم شتّى، حفظة للآداب، عارفا
بشعراء الأندلس، وكان علمه أو في من منطقه. ولم يرزق فصاحة ولا حسن
إيراد.
[1] انظر عن (محمد بن عبد الخالق) في: الأنساب 10/ 487، ومعجم البلدان
4/ 482، واللباب 3/ 115، والمشتبه في الرجال 2/ 554، وتوضيح المشتبه 7/
341، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: الكندي والكندي.
[2] الكندي: بضم الكاف.
[3] وهو قال: كان فقيها فاضلا، وإماما مبرّزا، ورعا، حسن السيرة. كانت
له حلقة يوم الجمعة في جامعها. وسمعت منه أحاديث يسيرة، (الأنساب) .
[4] وهي إحدى قرى ساغرج. (توضيح المشتبه) .
[5] انظر عن (محمد بن عبيد الله بن سلامة) في: الأنساب 6/ 137 بالحاشية
و 10/ 392، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) 2/ ورقة 191، وتاريخ إربل (انظر
فهرس التراجم) 2/ 333 رقم 4، ومعجم الآداب لابن الفوطي 1/ 181،
والاستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: الرطبي والزطني، والمشتبه في الرجال
1/ 319، وسير أعلام النبلاء 20/ 277 رقم 185، والعبر 4/ 144، ودول
الإسلام 2/ 68، والمعين في طبقات المحدّثين 615 رقم 1776، والإعلام
بوفيات الأعلام 227، وتوضيح المشتبه 4/ 202، والقاموس المحيط (مادّة:
الرطب) ، وتبصير المنتبه 2/ 629، والنجوم الزاهرة 5/ 324، وشذرات الذهب
4/ 159، وتاج العروس 1/ 271.
[6] الرطبي: بضم الراء، وفتح الطاء، وفي آخرها باء موحّدة.
[7] كرخ جدّان: بضم الجيم. قال ياقوت: وسمعت بعضهم يفتحها، والضم أشهر،
والدال مشدّدة، وآخره نون. زعم بعض أهل الحديث أن كرخ باجدّا وكرخ جدان
واحد، وليس بصحيح. فأمّا باجدّا فهو كرخ سامرّا، وأما كرخ جدّان فإنه
بليدة في آخر ولاية العراق يناوح خانقين عن بعد، وهو الحدّ بين ولاية
شهرزور والعراق. (معجم البلدان 4/ 449) .
(38/64)
وهو ابن أخي الكرخي القاصّ أبي الْعَبَّاس
أَحْمَد بْن سلامة ابن الرُّطَبيّ.
كان أحد الشُّهود المعدَّلين. كان جميل الأمر، لازما بيته، مشتغلا بما
يعنيه [1] .
سمع: أَبَا القَاسِم بْن البُسْريّ، وأبا نصر الزينبي، وعاصم بن الحسن،
وجماعة. وتُوُفيّ فِي شوّال.
وكان مولده فِي سنة ثمان وستّين وأربعمائة [2] .
روى عنه: ابن السمعاني، وعبد الخالق بن أسد، وداود بْن مُلاعب، وابن
الأخضر، وعمر بْن أَحْمَد بْن بكْرون، ومحمد بْن عليّ بْن يحيى بْن
الطّرّاح، وجماعة.
29- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
عَبْدِ الله [3] .
أبو الفتح بْن أبي الْحَسَن البِسْطاميّ، ثُمَّ البلْخيّ [4] . أخو
الحافظ أبي شجاع عُمَر.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان إماما صالحا، كثير العبادة، متواضعا [5] .
سمع الكثير ببلْخ من: أَبِيهِ، وأبي هُرَيْرَةَ عَبْد الرَّحْمَن بْن
عَبْد الملك بْن يحيى القَلانِسيّ، وأبي القَاسِم أَحْمَد بْن مُحَمَّد
الخليليّ، وإبراهيم بْن أبي نصر الأصبهانيّ، والوزير نظام المُلْك.
__________
[1] الأنساب 10/ 392.
[2] الأنساب.
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الله) في: التحبير 2/ 222، 223 رقم
868، والأنساب 5/ 204، ومعجم البلدان 2/ 490، واللباب 12/ 393،
والجواهر المضيّة 2/ 119.
[4] زاد ابن السمعاني: «الخورنقي» . وهي قرية على نصف فرسخ من بلخ،
يقال لها خبنك.
(معجم البلدان/ 2/ 490) .
[5] عبارته في التحبير: شيخ من أهل العلم، خيّر، عفيف كثير العبادة،
متواضع، متودّد، سليم الجانب ... كتبت عنه الكثير ببلخ، وبقريته
الخورنق. كانت له إجازة عن أبي علي الوخشي الحافظ، ومن جملة ما سمعت
منه كتاب «المحتضرين» لأبي بكر بن أبي الدنيا، بروايته عن أبي علي
الوخشي إجازة.. وكتاب التاريخ لأبي عيسى الترمذي.
وقال في الأنساب: وكان يحضر أيام الجمعات جامع بلخ فأقرأ عليه أيضا.
(38/65)
وأجاز له الحافظ أبو عليّ الوخْشي القاضي.
ولد في رمضان ستة ثمان وستّين وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي رمضان أيضا. روى عَنْهُ بالإجازة عبد الرحيم بن
السَّمْعانيّ.
30- محمود بْن إِسْمَاعِيل بْن قادوس [1] .
القاضي، أبو الفتح الْمَصْرِيّ الكاتب، صاحب ديوان الإنشاء بالدّيار
المصريّة.
أصله من دِمْياط، وهو أحد من اشتغل عليه الفاضل، وكان يعظّمه ويصفه
ويُسمّيه ذا البلاغتين. وكان لا يتمكّن من اقتباس فوائده غالبا إلّا
فِي ركوبه من القصر إلى منزله، ومن منزله إلى القصر، فيُسايرُهُ الفاضل
ويُجاريه فِي فنون الإنشاد والشِّعْر.
وله فيمن يوسوس ويكثر التكبير وقت الإحرام:
وفاتر النيّة عنينها ... مع كثرة الرعدة والهزَّة
يكبّر [2] سبعين [3] فِي مرَّةٍ ... كأنّه صلى [4] على حمزة [5]
__________
[1] انظر عن (محمود بن إسماعيل) في: خريدة القصر (قسم شعراء مصر) 1/
226، والروضتين 1/ ق 1/ 259، 26، والبداية والنهاية 12/ 235 وحسن
المحاضرة 1/ 324، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 231 وفيه وفاته سنة ست وخمسين
وخمسمائة. وهو غلط.
[2] في الروضتين، والخريدة: «مكبّر» .
[3] في الكامل، طبعة دار الكتاب العربيّ: «التسعين» .
[4] في الكامل، طبعة دار الكتاب العربيّ: «يصلي» .
[5] البيتان في: الخريدة 1/ 266، والكامل، والروضتين 1/ ق 1/ 259،
والبداية والنهاية 12/ 235 وله في وصف كتاب:
مداده في الطرس لما بدا ... قبله الصّب ومن يزهد
كأنما قد حلّ فيه اللّمى ... أو ذاب فيه الحجر الأسود
ومن شعره:
زارني في الدّجا فنمّ عليه ... طيب أردانه لهذي الرقباء
والثّريا كأنها كف خود ... برزت من غلالة زرقاء
(38/66)
31- مَسْعُود بْن قِلج أرسلان بْن
سُلَيْمَان بْن قتلمِش [1] .
السَّلْجُوقيّ، صاحب الروم.
مات بقُونية، وتمَّلك بعده ولده قلج أرسلان.
32- المرتضى بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن الْحُسَيْن [2] .
أبو القَاسِم العلويّ. شيخ معمّر [3] .
سمع: نجيب بْن ميمون الواسطيّ.
مات بِسجسْتان فِي ذي الحجَّة، ورّخه أبو سَعْد.
- حرف النون-
33- نبا بْن مُحَمَّد بْن محفوظ [4] .
__________
[1] انظر عن (مسعود بن قلج) في: الكامل في التاريخ 11/ 210.
[2] انظر عن (المرتضى بن محمد) في: التحبير 2/ 294 رقم 974، ومعجم شيوخ
ابن السمعاني، ورقة 259 أ، 259 ب.
[3] قال ابن السمعاني: من أهل هراة. كان علويا حسن السيرة، من بيت
مشهور، عمّر العمر الطويل حتى أقعد في داره ... وأظنّ أنّ لي عنه
إجازة.
[4] انظر عن (نبا بن محمد) في: ذيل تاريخ دمشق 333، ومعجم الأدباء 19/
213، 214، والروضتين ج 1 ق 1/ 260، ومرآة الزمان 8/ 227، 228، والعبر
4/ 144، 145، والمشتبه في الرجال 1/ 122، وسير أعلام النبلاء 20/ 226،
327، رقم 219، والمعين في طبقات المحدّثين 165 رقم 1777، والإعلام
بوفيات الأعلام 227، ودول الإسلام 2/ 68، ومرآة الجنان 3/ 298، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 318- 320، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 234،
والبداية والنهاية 12/ 235، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 333،
334 رقم 300، وعيون التواريخ 12/ 493 وتبصير المنتبه 1/ 221، والنجوم
الزاهرة 5/ 324، وبغية الوعاة 2/ 312، ومختصر تنبيه الطالب 160، 161،
وشذرات الذهب 4/ 160، وتاج العروس 9/ 152 و 10/ 355، وهدية العارفين 2/
489، ومنتخبات التواريخ لدمشق 481، ومعجم المؤلفين 13/ 75.
و «نبا» : بنون بعدها الباء الموحدة كما في: المشتبه 1/ 122، وتبصير
المنتبه 1/ 221، وقد تصحفت في: الكامل في التاريخ، وطبقات الشافعية
للإسنويّ، والبداية والنهاية إلى «بنا» بتقديم الباء الموحّدة على
النون، وتحرّفت في مرآة الزمان إلى «بيان» .
وذكره كحّالة في (معجم المؤلّفين) مرتين: 3/ 79 باسم «بنا» بتقديم
الباء على النون، وهو غلط، و 13/ 75 على الصواب، ولم يتنبّه إلى أنهما
واحد.
(38/67)
الشَّيْخ أبو البيان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ،
شيخ الطّائفة البيانيَّة بدمشق.
كان كبير القدر، عالما، عاملا، زاهدا، قانتا، عابدا، إماما فِي اللّغة،
فقيها، شافعيّ المذهب، سَلَفيَّ المعتَقَد، داعية إلى السُّنَة. له
تواليف ومجاميع، وشِعر كثير، وأذكار مسموعة مطبوعة، وقبره يُزار بمقابر
باب الصّغير.
ولم يذكره ابن عساكر فِي «تاريخه» ، ولا ابن خلَّكان فِي «الأعيان» .
تُوُفّي وقت الظُّهْر يوم الثّلاثاء ثاني ربيع الأوّل، ودُفِن من الغد،
وشيّعه خلْقٌ عظيم.
وقرأت بخطّ السَّيّف بن المجد الشَّيْخ الفقيه أبو البَيَان نَبَا بْن
محمد بن محفوظ القرشيّ، الشّافعيّ، رحمه الله، المعروف بابن الحورانيّ
[1] ، سمع:
أبا الحسين عليّ بْن المَوَازينيّ، وأبا الْحُسَيْن عليّ بْن أَحْمَد
بْن قُبَيْس المالكيّ.
وكان حَسَن الطّريقة، قد نشأ صبيّا إلى أن قضى متديّنا، عفيفا،
مُحِبًّا للعِلم والأدب والمطالعة للغة العرب.
قلت: روى عَنْهُ: يُوسُف بْن عَبْد الواحد بْن وفا السُّلَميّ، والقاضي
أسعد بْن المُنَجّا، والفقيه أَحْمَد العراقيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن
الْحُسَيْن بْن عَبْدَان، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ: أَنَا العلامَّة أبو مُحَمَّد بْن قُدَامة: حَدَّثَنِي أبو
المعالي أسعد بْن المُنَجّا قال: كنت يَوْمًا قاعدا عند الشَّيْخ أبي
البَيَان، رحمه اللَّه، فجاءه ابن تميم الَّذِي يُدعَى الشّيخ الأمين،
فقال الشَّيْخ بعد كلامٍ جرى بينهما: ويْحك، ما أنْحَسَكم، فإنّ
الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدّليل على أنّ القرآن بحرفٍ وصوت؟ قَالُوا:
قال اللَّه كذا، وقال رسوله كذا، وذكر الشَّيْخ الآيات والأخبار، وأنتم
إذا قيل لكم: ما الدّليل على أنّ القرآن مَعْنَى فِي النَّفْس؟ قلتم:
قال الأخطل إنّ الكلام من الفؤاد.. أيش
__________
[1] في الأصل: «الحوارني» . والتصحيح من ذيل تاريخ دمشق 333، وغيره.
(38/68)
هذا نصرانيٌّ خبيثٌ بَنَيْتُمْ مذهبَكم على
بيت شِعْرٍ من قوله وتركتم الكتاب والسّنة!!.
وحدُّث أبو عَبْد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم المعدَّل فِي «تاريخه» قال:
حكى جماعة من ثقات الدّمشقيّين أنّ طائفة من أصحاب الشَّيْخ أبي
البَيَان، بعد وفاته بأربع سنين، اجتمعوا وجمعوا دراهم واتّفقوا على أن
يبنوا لهم مكانا يجتمعون فيه للذِّكْر، واشتروا أخصاصا وبَوارِي
ومصابيح، وشرعوا فِي حفر الأساس، والفقراء قد فرحوا وهم يعملون، فبلغ
ذلك نور الدِّين، فسيَّر إليهم من منعهم، فنزل إليهم الرَّسُول من
القلعة، فالتقاه الشَّيْخ نصر صاحب أبي البَيَان، فقال له: أنت رسول
محمود بمنع الفقراء من البناء؟ قال: نعم. قال: ارجع إليه وَقُلْ بعلامة
ما قمت فِي جوف اللّيل وسألت اللَّه أن يرزقك ولدا ذَكَرًا من فلانة
وواقَعْتَها لا تتعرَّض إلى جماعة الشَّيْخ ولا تمنعهم.
فعاد الرَّسُول إلى السّلطان وأخبروه فقال: والله العظيم ما تفوّهت
بهذا لمخلوق. ثُمَّ أمر بعشرة آلاف درهم ومائة حِمْل خشب ليبنوا بها.
فبنوا الرباط، ووقف عليه مزرعة بجسرين.
هذه الحكاية منقطعة لا تصحّ.
وقال الشَّيْخ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الأرْمُوِيّ: أخبرني والدي، عن
جدّي، عن الشَّيْخ عَبْد اللَّه البطائحيّ قال: رأيت الشَّيْخ أَبَا
البَيَان والشيخ رسلان مجتمعين بجامع دمشق، فسألت اللَّه أن يحجبني
عَنْهُمَا حَتَّى لا يشتغلا بي، وتبِعْتُهما حَتَّى صعِدا إلى أعلى [1]
مغارة الدّم، وقعدا يتحدّثان، وإذا بشخص قد أتى كأنّه طائر فِي الهواء،
فجلسا بين يديه كالتّلميذين، وسألاه عن أشياء من جُملتها: على وجه
الأرض بلد ما رَأَيْته؟ قال: لا، فقالا: هَلْ رَأَيْت مثل دمشق؟ قال:
ما رَأَيْت مثلها. وكانوا يخاطبونه يا أَبَا الْعَبَّاس، فعلمت أنّه
الخَضِر عليه السّلام، فقلت: لو أنّ صحَّة هذه الحكاية عن عبد الله
البطائحيّ
__________
[1] في الأصل: «أعلا» .
(38/69)
فهو ظنٌّ منه فِي أنّ ذلك الشّخص الخضِر،
ومن النّاس من يقول إنّ الخضِر مرتبة من وصل إليها يُسمّى الخضِر
كالقُطْب والغَوْث، والله أعلم [1] .
- حرف الواو-
34- الواثق بْن تمّام بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن أبي عِيسَى [2] .
أبو مَنْصُورٌ الهاشميّ، الْعَبَّاسيّ، العِيسَوِيّ، البغداديّ،
العتّابيّ [3] .
سمع: عَبْد الخالق بْن هبة اللَّه المفسّر، ومحمد بْن عَبْد اللَّه
المستعمل.
روى عَنْهُ: يحيى بْن الْحُسَيْن الأواني [4] ، وعبد العزيز بْن
الأخضر.
تُوُفّي فِي شعبان عن بضعٍ وثمانين سنة [5] .
- حرف الياء-
35- يحيى بْن سلامة بن الحسين بن عبد الله [6] .
__________
[1] وقال ابن القلانسي: وكان حسن الطريقة مذ نشأ، صيّنا إلى أن قضى،
متديّنا، ثقة، عفيفا، محبّا للعم والأدب والمطالعة للغة العرب، وكان له
عند خروج سريره لقبره في مقابر الصغيرة المجاورة لقبور الصحابة من
الشهداء رضي الله عنهم يوم مشهور من كثرة المناسقين والمتأسفين عليه.
(ذيل تاريخ دمشق) .
وقال سبط ابن الجوزي: وحكى لي بعض مشايخه بدمشق أن أبا البيان دخل يوما
من باب الساعات إلى جامع دمشق، فنظر إلى أقوام في الحائط الشمالي وهم
يبلون أعراض الناس، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللَّهمّ كما
أنسيتهم ذكرك فأنسهم ذكري (مرآة الزمان 8/ 228) .
[2] انظر عن (الواثق بن تمّام) في: معجم الألقاب لابن الفوطي 4/ 862،
وتاريخ إربل 1/ 198.
[3] ووصف بالمقرئ المحدّث.
[4] الأواني: بفتح الهمزة والواو المخفّفة، وفي آخرها النون. هذه
النسبة إلى أوانا وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على
الدجلة (الأنساب 1/ 379) .
[5] وكان مولده سنة 466 هـ. وقال ابن الفوطي إن ابن الجوزي ذكره في
تاريخه، ولكنه غير موجود في المطبوع من (المنتظم) .
[6] انظر عن (يحيى بن سلامة) في: الأنساب 4/ 154 (الحصكفي) و 8/ 256،
257 (الطنزي) ، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 431- 540، والمنتظم
10/ 183- 188 رقم 276 (18/ 128- 133 رقم 4227) وفيات سنة 553 هـ، ومعجم
البلدان 4/ 44، ومعجم الأدباء 20/ 18، 19، والكامل في التاريخ 11/ 239،
240 وفيات سنة 553 هـ.) وفيه:
(38/70)
الخطيب، مُعِين الدِّين أبو الفضل
الحَصْكَفِيّ، نسبة إلى حصن كِيفا [1] .
تأدَّب ببغداد على أبي زَكَرِيّا التَّبْريزيّ.
وقرأ الفقه وجوَّدَه، ثُمَّ نزل ميّافارقين وولي خطابتها والفتوى بها.
واشتغل عليه أهلُها. وله ديوان معروف، وخُطَب، ورسائل.
قال العماد فِي «الخريدة» [2] : كان علّامة الزّمان فِي علمه، ومقرئ
العصر فِي نَثْره ونظْمه، له الرجيع البديع، والتّجنيس النّفيس،
والتّقسيم المستقيم، والفضل السّائر المقيم [3] .
ومن شعره:
وخَليع بِثُّ أعذُلُهُ ... ويرى عَذْلي من العَبَثِ
قلتُ: إنَّ الخَمرَ مَخْبَثَةٌ ... قال: حاشاها من الخَبَثِ
قلت: فالأَرْفاث تمنعها [4] ... قال: طَيِّبُ العَيْشِ فِي الرَّفَثِ
قلت: منها القَيْءُ قال: أَجَلْ ... شَرُفَتْ عن مَخْرَج الحَدَث
وسأجْفُوها [5] ، فقلت: مَتَى؟ ... قال: عند الكَوْن في الجدث [6]
__________
[ () ] «يحيى بن سلامة بن الحسن بن محمد» ، واللباب 1/ 369 و 2/ 286،
ومرآة الزمان 8/ 232 في وفيات 553 هـ.، ووفيات الأعيان 6/ 205- 210،
وتاريخ إربل 5/ 251، والمختصر في أخبار البشر 3/ 34، والبدر السافر
(مخطوط) ورقة 222، وتاريخ ابن الوردي 2/ 93، 94، وطبقات الشافعية
الكبرى للسبكي 7/ 330- 332، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 438، 439،
والبداية والنهاية 12/ 238- 240، وعيون التواريخ 12/ 511- 516، ومرآة
الجنان 3/ 298، والنجوم الزاهرة 5/ 328، وشذرات الذهب 4/ 168، 169،
وذيل تاريخ الأدب العربيّ 1/ 733، والأعلام 9/ 183، وفهرس مخطوطات
الموصل للحلبي 48.
وسيعاد في وفيات 553 هـ. برقم (167) .
[1] حصن كيفا: بين جزيرة ابن عمر وميافارقين.
[2] قسم شعراء الشام 2/ 431.
[3] وقال ابن الأثير: الأديب بميافارقين، وله شعر حسن ورسائل جيّدة
مشهورة، وكان يتشيّع، ومولده بطنزة. (الكامل) .
[4] في الكامل: «تتبعها» .
[5] في الكامل: «وسأسلوها» .
[6] الكامل في التاريخ 11/ 240، معجم الأدباء 7/ 282، عيون التواريخ
12/ 511.
(38/71)
وله فِي مُغَنّ:
ومُطرب قولُهُ بالكُره مسموعُ ... مُحَجَّبٌ عن بيوت النّاس ممنوع
غنّى فبرَّق عينيه وحوّل لِحْيَيْه ... فقلنا: الفتى، لا شكّ، مصروع
وقطَع الشَّعْر حَتَّى ودّ أكثَرُنا ... أنّ اللّسان الَّذِي فِي فِيهِ
مقطوع
لم يأتِ دعوةَ أقوامٍ بأمرهم ... ولا مضى قَطُّ إلّا وهو مصفُوع
تُوُفّي الخطيب الحَصْكَفيّ سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثلاثٍ.
36- يحيى بن عبد الباقي بن محمد [1] .
أبو بَكْر البغداديّ، الغزّال.
سمع: مالكا البانياسي، ورِزق اللَّه التّميميّ، وحمد الحدّاد
الأصبهانيّ، وجماعة [2] .
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وأحمد بْن حمزة بْن
المَوَازِينيّ، وجماعة.
وتوفّي في شوّال.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد الباقي) في: المنتظم 10/ 168 رقم 260 (18/
110 رقم 4210) ، والتقييد 485 رقم 658، وتجريد الوافي بالوفيات لابن
حجر (مخطوط) ورقة 258.
[2] وقال ابن نقطة: سمع «مسند أبي داود الطيالسي» و «حلية الأولياء» من
حمد بن أحمد الحدّاد ... حدثنا عنه غير واحد من أشياخنا، فسماعه صحيح.
(التقييد) .
(38/72)
سنة اثنتين وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
37- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن علي بْن أَحْمَد بْن الخرّاز [1] .
أبو عليّ الحَريمّي [2] ، البغداديّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: شيخ صالح، مستور، متديّن، لازم لمسجده.
سمع: أَبَا الغنائم مُحَمَّد بْن عليّ الدّقّاق، وولد فِي سنة خمسٍ
وسبعين وأربعمائة قرأتُ عليه جزءا من «أمالي المَحَامِليّ» - قلت: هُوَ
الجزء الأوّل، لأنَّه كان يرويه عن أبي الغنائم، وتفرّد به- وما كأنّه
روى سواه.
بلى، روى جزءا عن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الجبَّان العَطَّار، عن
أَحْمَد بْن عُمَر بْن الإسكاف، وروى جزءا عن، طراد الزَّيْنَبيّ، وآخر
عن مالك البانياسيّ.
وتُوُفيّ فِي أوّل ذي الحجَّة.
وقد روى عَنْهُ: عَبْد الخالق بْن أسد، وعمر بْن طَبَرْزَد، وأبو عليّ
الْحُسَيْن بْن الزَّبِيديّ، ومحمد وعبد الواحد ابنا المبارك ابن
المستعمل.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن أحمد) في: الإعلام بوفيات الأعلام 227، والعبر 4/
147، وسير أعلام النبلاء 20/ 327 رقم 220، والمشتبه في الرجال 1/ 161،
وتبصير المنتبه 1/ 331، وشذرات الذهب 4/ 161 وقد اختلطت ترجمته فيه
بترجمة شمس الملوك إبراهيم بن رضوان.
[2] الحريمي: بفتح الحاء المهملة وكسر الراء، بعدهما الياء آخر الحروف
وفي آخرها الميم.
نسبة إلى الحريم الطاهري محلّة كبيرة ببغداد بالجانب الغربي منها.
(38/73)
وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير،
فَأَخْبَرَنَا صُبَيْحٌ فَتَى صَوَابٍ الْمَالِقِيُّ، أَنَا ابْنُ
الْمُقَيَّرِ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ إِجَازَةً،
أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْبَيِّعِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ، ثنا
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، نا جَرِيرٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ
مُغِيرَةَ، عَنْ أُمِّ مُوسَى قَالَتْ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ الله
يَقُولُ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ابْنَ مَسْعُودٍ أَنْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَيَأْتِيَهُ بِشَيْءٍ
مِنْهَا. فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ، فَضَحِكُوا،
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما تضحكون
لرجل عند اللَّهِ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ
أُحُدٍ» [1] . قيل اسم أمّ مُوسَى حبيبة.
وقال ابن النّجّار: كان شيخا صالحا، له سَمْتٌ حَسَنٌ، وعليه وَقار
وسكينة.
قال لي بعض أهل العِلْم إنّهم يقولون إنَّ وجهه يَشْبه وجه أبي بَكْر
الصَّديَّق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
38- أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن اليُعْسُوب.
أبو الفتح البغداديّ.
سمع: أَبَا غالب مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد القزّاز، وأبا العزّ
مُحَمَّد بن المختار.
وكان أديبا شاعرا.
__________
[1] حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند 1/ 114 و 420 و 421، وابن سعد في
الطبقات الكبرى 3/ 155، وأبو نعيم في حلية الأولياء 1/ 137، والبسوي في
المعرفة والتاريخ 3/ 546، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 3/ 317،
وصحّحه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وأخرجه ابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ 35 رقم 87 من طريق: أبي
عتّاب، عن شُعْبَة، عَنْ معاوية بْن قُرّة، عَنْ أَبِيهِ.
وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 9/ 75 رقم 8452 و 8453 و 8454.
وابن الجوزي في صفة الصفوة 1/ 399.
والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 289 وقال: رواه البزّار، والطبراني،
ورجالهما رجال الصحيح.
(38/74)
روى عَنْهُ: أبو المُنَجّا بْن اللَّتَيّ.
قال ابن النّجّار: تُوُفّي رحمه اللَّه فِي سادس عشر جُمادى الآخرة.
39- أحمد بْن بختيار بْن علي بْن مُحَمَّد [1] .
القاضي أبو الْعَبَّاس المَنْدائيّ [2] ، الواسطيّ.
ولد سنة ستّ وسبعين وأربعمائة [3] ، ورحل إلى بغداد.
وسمع من: أبي القَاسِم بْن بَيَّان، وأبي غالب أَحْمَد بْن المعبّر،
وأبي عليّ بْن نبهان.
وكان فقيها، إماما، بارعا فِي كتابة الشّروط، بارعا فِي اللّغة والأدب،
ولي قضاء واسط مدَّةً، وهو والد أبي الفتح المَنْدَائيّ.
وحدَّث عن الحريريّ «بالمقامات» ، وصنَّف كتاب «القضاة» وغير ذلك [4] .
وكان ثقة صدوقا [5] .
قال أبو سَعْد السَّمْعانيّ: قرأت عليه «مقامات الحريريّ» .
وتُوُفيّ فِي نصف جُمادى الأولى.
قلت: وقد أجاز لابن المُقَيّر.
وعنه: ابنه، وجماعة [6] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن بختيار) في: معجم الأدباء 2/ 231، 232، والمنتظم
10/ 177، 178 رقم 262 (18/ 120 رقم 4212) ، والكامل في التاريخ 11/
218، وسير أعلام النبلاء 20/ 393 (دون ترجمة) ، والمشتبه في الرجال 2/
624، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 14، وطبقات الشافعية للإسنويّ
2/ 436 رقم 1113، والوافي بالوفيات 6/ 261، 262 رقم 2750، والبداية
والنهاية 12/ 236، وتبصير المنتبه 4/ 1399، وبغية الوعاة 1/ 129، وكشف
الظنون 291 و 300، ومعجم المؤلفين 1/ 172.
[2] المندائي: بفتح الميم وسكون النون، ودال مهملة، ويقال: الماندائي.
وفي (الكامل) :
«الماندايّ» . وقد تحرّفت هذه النسبة في (البداية والنهاية) إلى:
«المارداني» .
[3] معجم الأدباء 2/ 231.
[4] وصنّف كتاب «تاريخ البطائح» .
[5] وقال ابن الجوزي: وكان يسمع معنا على شيخنا ابن ناصر، (المنتظم) .
[6] وقال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشّاب: أنشدني صديقنا الشيخ
أبو العباس أحمد بن بختيار لنفسه في ابن المرخّم:
(38/75)
40- أَحْمَد بْن جُبَيْر بْن مُحَمَّد بْن
سَعِيد بْن جُبَيْر [1] .
الوزير أبو جَعْفَر الكِنَانيّ، من وُلِدَ بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن
كِنَانة بْن خُزيمة.
كان من وجوه أهل بَلَنْسِية.
روى عن: صهره أبي عِمران بْن أبي تليد، وأبي عَبْد اللَّه بْن خلصة
وعليه قرأ الأدب.
ووَزَرَ لمروان بْن عبد العزيز عند ثورته وخروجه ببَلَنْسَية لمّا
انقرضت دولة الملثّمين. وامتُحِن يوم خلْع مروان، فقبض عليه الجند، ثمّ
انتقل إلى شاطبة [2] .
__________
[ () ]
قد نلت بالجهل أسبابا لها خطر ... يضيق فيها على العقل المعاذير
مصيبة عمّت الإسلام قاطبة ... لا يقتضي مثلها حزم وتدبير
إذا تجاري ذوو الألباب جملتها ... قالوا: جهول أعانته المقادير
(معجم الأدباء 2/ 232، 233) .
وقال الصفدي: إن ابن المندائي من نواحي البطيحة، نشأ بها وقرأ الأدب
على أبي محمد الحريري، ودخل واسط بعد الخمسمائة واستوطنها وتفقّه بها
للشافعي على قاضيها أبي عبد الله الفارقيّ وشهد عنده، وسمع الحديث من
جماعة، وولي قضاء الكوفة نيابة عن أبي الفتح ابن البيضاوي قاضي الكوفة
وعزل، ثم قدم بغداد وولي الإعادة بالنظاميّة، وكتب بخطه الكتب المطوّلة
من الفقه والحديث والتاريخ، وكان يكتب خطا حسنا صحيحا.
أورد له ابن النجار:
إذا وعدت نعجّل ما وعدت به ... فالمطل من غير عذر آفة الجود
فإن تعذّر مطلوب بمانعة ... فاليأس أقرب مشكور ومحمود
إنّ السؤال وإن قلّت مصادره ... يوفي على كل مأمول ومعهود
وصون ماء المحيّا للفتى شرف ... وفي القناعة عزّ غير مفقود
وأورد له أيضا:
خلق أرقّ من النسيم إذا سرى ... سحرا على روض الربيع الزاهر
لو خالط البحر الأجاج أعاده ... عذبا يروق صفاؤه للناظر
(الوافي بالوفيات 6/ 262) .
[1] انظر عن (أحمد بن جبير) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 63، والذيل
والتكملة لكتابي الموصول والصلة، ج 1 ق 1/ 79- 81 رقم 90.
[2] شاطبة: بالطاء المهملة والباء الموحّدة، مدينة في شرقي الأندلس
وشرقيّ قرطبة. (معجم البلدان 3/ 309) .
(38/76)
روى عَنْهُ: ولده أَبُو الْحُسَيْن
مُحَمَّد بْن أَحْمَد [1] .
41- أَحْمَد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن لقمان [2] .
أبو اللَّيْث النَّسَفيّ، ثُمَّ السَّمَرْقَنْديّ، الفقيه، مجد الدِّين
الواعظ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان فقيها، فاضلا، واعظا، كاملا، سمّعه أبوه من
جماعة.
وكان مولده في سنة سبع وخمسمائة بسمرقند.
وكان أَبُوهُ حافظا. قدم مجد الدِّين بغداد حاجّا، ثُمَّ ردّ إلى وطنه
[3] ، فَلَمّا وصل إلى قُومِس [4] خرج طائفةٌ كبيرة من أهل القلاع
الإسماعيليّة وقطعوا الطّريق على القافلة، وقتلوا مقتلة عظيمة من
الحاجّ والعلماء، أكثر من سبعين نفْسًا، منهم مجد [الدِّين] النَّسفيّ
رحمه اللَّه.
42- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن أَحْمَد.
أَبُو الفضائل بْن الزَّيْتُونيّ [5] ، الهاشميّ، الْعَبَّاسيّ،
الواثقيّ، البغداديّ.
سمع: طِرادًا الزَّيْنَبيّ، وثابت بْن بندار.
__________
[1] وهو صاحب الرحلة المعروفة برحلة ابن جبير.
ومن شعر أحمد بن جبير وقد قاله عند ما امتحن:
لا تكترث لعلّه ... واصبر في الله العوض
وإذا سلمت فلا يكن ... لك في حطامك من غرض
فالنفس عندي جوهر ... والمال عندي كالعرض
[2] انظر عن (أحمد بن عمر) في: المنتظم 10/ 177 رقم 211 (18/ 120 رقم
4211) ، وعيون التواريخ 12/ 499، والبداية والنهاية 12/ 236 وفيه:
«أَحْمَد بن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن إسماعيل» ،
والنجوم الزاهرة 5/ 326.
[3] وقال ابن الجوزي: وكان ينشد وقت الوداع:
يا عالم الغيب والشهادة ... مني بتوحيدك الشهادة
أسأل في غربتي وكربي ... منك وفاة على الشهادة
[4] قومس: بالضم ثم السكون، وكسر الميم، وسين مهملة. كورة كبيرة واسعة
تشتمل على مدن وقرى ومزارع، وهي في ذيل جبال طبرستان وأكبر ما يكون في
ولاية ملكها، وقصبتها المشهورة دامغان، وهي بين الري ونيسابور. (معجم
البلدان 4/ 414) .
[5] الزّيتوني: بفتح الزاي وسكون الياء آخر الحروف وضم التاء ثالث
الحروف بعدها الواو وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى اسم الجدّ.
(الأنساب 60/ 339) .
(38/77)
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل مع تقدّمه
فِي مُعْجَمه، وثابت بْن مشرف، وعمر بْن أَحْمَد العَلَويّ.
وتُوُفيّ فِي صَفَر وله اثنتان وثمانون سنة.
43- إِبْرَاهِيم بْن رضوان بْن تُتش بْن ألب أرسلان [1] .
شمس الملوك، أبو نصر.
ولد سنة ثلاث وخمسمائة، ونزل على حلب مُحاصرًا لها فِي سنة ثمان عشرة
وخمسمائة، وكان معه الأمير دُبَيْس بْن صَدَقة الأسَدِيُ. صاحب
الحِلَّة، وبغدوين [2] ملك الفرنج.
وفي سنة إحدى وعشرين قدم أبو نصر إبراهيم هذا إلى حلب أيضا فدخلها
وملكها، وفرحوا به، ونادوا بشعاره. وخرج صاحب أنطاكية فأتاها
ونازَلَها، فتردّدت الرّسل لمّا ضايق حلب، فركب أبو نصر وعزيز الدّولة
في خلق عظيم، فتراسلوا، فانعقدت الهدنة، وحلف لهم، وحملوا إليه ما
افترضه، ولطف الله.
ثمّ بعد مدّة سار أبو نصر، وأعطاه الأتابك زنكي نصيبين، فملكها إلى أن
مات فِي ثاني عشر شعبان سنة اثنتين وخمسين.
قال ابن العديم فِي «تاريخه» [3] : أخبرني بذلك بعض أحفاده.
__________
[1] انظر عن (إبراهيم بن رضوان) في: بغية الطلب (التراجم الخاصة
بالسلاجقة) انظر فهرس الأعلام 391، وزبدة الحلب 2/ 238، 243، ومفرّج
الكروب 1/ 39، العبر 4/ 147، وسير أعلام النبلاء 20/ 328 رقم 221،
ومرآة الجنان 3/ 299، 300، والوافي بالوفيات 5/ 347، وعيون التواريخ
12/ 505، وشذرات الذهب 4/ 161 وقد سقط من ترجمته جزء، واختلط الباقي
بترجمة أَحْمَد بْن أَحْمَد بْن علي بْن أَحْمَد بْن الخرّاز.
[2] يرد في مصادر المؤرّخين المسلمين: «بغدوين» و «بلدوين» .
[3] زبدة الحلب.
(38/78)
- حرف الحاء-
44- الْحَسَن [1] بْن الْحُسَيْن بْن الْحُسَيْن [2] .
الأستاذ أبو عليّ [3] الأنَدَقيّ [4] ، العارف، شيخ الصُّوفية، وكبير
القوم بما وراء النَّهر. صحِب يُوسُف بْن أيّوب الهَمَذانِيّ الزّاهد
بمرو مدَّةً طويلة وكان يسافر معه.
وجالس جَدّه أَبَا المظفَّر عَبْد الكريم بْن أبي حنيفة الأنْدَقيّ
الفقيه المذكور فِي سنة إحدى وثمانين.
قال أبو سعد السَّمْعانيّ: هُوَ شيخ عصره أبو عليّ الأَنْدَقيّ من أهل
بُخارى. وأَندقي من قُرى بُخارى. ظهرت بركتُه على جماعةٍ كثيرةٍ من أهل
العِلْم والدّين، وكان صاحب طريقةٍ حسنة فِي ترتيبه المُرِيدين ودعاء
الخلق إلى اللَّه تعالى، مع ما رَزَقه اللَّه تعالى من صفاء الوقت،
ودوام العبادة والرياضة، واتَّباع الأثر والسُّنة النّبويّة.
وكان مهيبا، حَسَن الكلام، يتكلّم على الخواطر، وابتُلِي وامتُحِن،
وظهر له جماعة من الخصوم ممّن قصد قتله، فصبر ودفع اللَّه عَنْهُ،
وسلّمه من أيديهم.
وُلِدَ فِي ذي الحجّة سنة ثلاث وستّين وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي السّادس والعشرين من رمضان، وله تسعٌ وثمانون سنة.
قلت: ذكره أبو سَعْد في «الأنساب» [5] ، وفي معجم ولديه.
__________
[1] في الأصل: «الحسين» والتصحيح من المصادر.
[2] انظر عن (الحسن بن الحسين) في: الأنساب 1/ 363، 364، وسير أعلام
النبلاء 21/ 293 (دون ترجمة) .
[3] كنيته «أبو محمد» في (الأنساب) .
[4] الأندقيّ: بفتح الألف وسكون النون وفتح الدال المهملة وفي آخرها
القاف. هذه النسبة إلى أندقي وهي قرية من قرى بخارا على عشرة فراسخ.
(الأنساب 10/ 363) .
[5] وفيه قال: لقيته أولا بمرو في خانقاه الشيخ (يوسف بن أيوب
الهمدانيّ) ولم أكن عرفته، ثم
(38/79)
وروى عَنْهُ ولده عَبْد الرحيم حديثا واحدا
بروايته عن يُوسُف الهَمَذانِيّ.
45- الْحُسَيْن بْن سَعْد [1] .
أبو شجاع ابن القَوَارِيريّ [2] ، البغداديّ، البزّاز، أخو يعيش بْن
سَعْد قاضي باب البصْرة.
سمع: ثابت بْن بُندار، وابن سَوْسَن التّمّار.
قال ابن الأخضر: كان متكلّما أشعريّا.
وقال السَّمْعانيّ: شيخ صالح.
روى عَنْهُ: هُوَ، وابن عساكر.
مات فِي شوّال.
46- الْحُسَيْن بْن نصر بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن القَاسِم بْن
خميس [3] .
الْجُهَنيّ [4] ، الكَعْبيّ [5] ، المَوْصِليّ، القاضي أبو عَبْد
اللَّه، قاضي رحْبَة مالك بن طوق.
__________
[ () ] لقيته ببخارا وتردّدت إليه وتبرّكت به، وكان يكرمني غاية
الإكرام، والله تعالى يرحمه ويجزيه أحسن الأجزاء، سمعت منه أحاديث
يسيرة بروايته عن شيخنا يوسف الهمدانيّ متبركا به.
[1] انظر عن (الحسين بن سعد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني، ومشيخة ابن
عساكر.
[2] القواريري: بفتح القاف والواو، والراء المكسورة بعد الألف والياء
المنقوطة من تحتها باثنتين بعد الراءين. هذه النسبة إلى القوارير. وهي
عمل القارورة وبيعها. (الأنساب 10/ 254) .
[3] انظر عن (الحسن بن نصر) في: معجم البلدان 2/ 194، واللباب 1/ 318،
ووفيات الأعيان 2/ 139، 140، وسير أعلام النبلاء 20/ 291، 292 رقم 197،
ومرآة الجنان 3/ 302، 303، والوافي بالوفيات 13/ 78 رقم 66، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 81، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 488، 489،
وكشف الظنون 30، 359، وشذرات الذهب 4/ 162، وإيضاح المكنون 2/ 557،
وهدية العارفين 1/ 313، والفهرس التمهيدي 448، وفهرس مخطوطات التاريخ
بالظاهرية 695، ومعجم المؤلفين 4/ 66، وفهرس المخطوطات المصورة، لطفي
عبد البديع 2/ 167.
[4] الجهنيّ: بضم الجيم وفتح الهاء وفي آخرها النون: هذه النسبة إلى
جهينة وهي قرية من قرى الموصل. قال ابن الأثير إنّ ابن السمعاني فاته
أن يذكرها مع أن منها شيخه هذا. (اللباب 1/ 318، وانظر: معجم البلدان
2/ 194، ووفيات الأعيان 2/ 139) .
[5] الكعبي: بفتح الكاف وسكون العين المهملة وبعدها ياء موحّدة، هذه
النسبة إلى بني كعب، وهم أربع قبائل ينسب إليها. قال ابن خلكان: ولا
أعلم المذكور إلى أيّها ينتسب. (وفيات الأعيان 2/ 140) .
(38/80)
قال ابن السَّمْعانيّ: إمام فاضل، حَسَن
الأخلاق، بهيّ المنظر. قدم بغداد قبل الثّمانين وأربعمائة، وسمع بها:
قاضي القُضاة أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن المظفَّر السّامي، وطِرادًا
الزَّيْنَبيّ، وأحمد بْن عَبْد القادر بْن يُوسُف، ونصر بْن البَطِر.
وسمع بالموصل: أَبَا نصر بْن وَدْعان وأثبت عليه أحاديث.
وقال لي: وُلِدت فِي المُحَرَّم سنة ستّ وستين وأربعمائة بالموصل.
ثمّ ظفرت بوفاته، وأرّخها ابن خلِّكان وابن النّجّار سنة اثنتين وخمسين
[1] .
- حرف السين-
47-[سرخاك] [2] .
الأمير الكبير فخر الدِّين، متولي قلعة بُصْرَى.
قُتِلَ فِي شوّال غِيلةً بالقلعة بتدبير من زوج بنته الأمير عليّ بن
جولة ومن وافقه من أعيان خاصَته مع أنّه كان رحمه اللَّه يبالغ فِي
التّحرُّز والتيقّظ، لكنّه الأَجَل.
48- سَعْد بْن مُحَمَّد بْن أبي عُبَيْد [3] .
أبو مُحَمَّد الدَّسْتَجِرْديّ [4] ، المرْوَزِيّ، خطيب دَسْتِجِرْد.
فقيه صالح.
__________
[1] وذكر المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 20/ 292) :
وما وقع لنا حديثه بعلوّ وله مصنّفات: «منهج التوحيد» ، و «تحريم
الغيبة» ، و «أخبار المنامات» ، و «لؤلؤة المناسك» ، و «مناقب الأبرار»
، و «فرح الموضح على مذهب زيد بن ثابت» ، و «منهج المريد» .
[2] في الأصل بياض، واستدركت الاسم من: كتاب الروضتين ج 1 ق 1/ 286.
[3] انظر عن (سعد بن محمد) في: معجم البلدان 2/ 454، 455.
[4] الدستجردي: ضبطها ابن السمعاني بفتح الدال وسكون السين المهملتين،
وكسر التاء المنقوطة من فوقها بنقطتين وكسر الجيم وسكون الراء وكسر
الدال المهملة، (الأنساب
(38/81)
سمع: أَبَا الفتح عُبَيْد اللَّه [1] بْن
مُحَمَّد الهشاميّ، ومحمد بْن إِسْمَاعِيل اليعقوبيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ [فِي] رمضان رحمه الله [2] .
49- سنجر بن السّلطان ملك شاه بْن السّلطان ألْب رسلان بْن السّلطان
جغربيك بْن ميكائيل بْن سُلَيْمَان بْن سلْجُوق [3] .
سلطان خُرَاسَان، وغَزْنَة، وما وراء النّهر. وخُطِب له بالعراق،
والشّام، والجزيرة، وأَذَرْبَيْجان، وأرّان، وديار بَكْر، والحرمين [4]
. ولقبه السّلطان
__________
[5] / 309) أما ياقوت فضبطها مثله ولكن بفتح التاء. (معجم البلدان 2/
454) .
وهذه النسبة إلى عدّة من القرى اسمها دستجرد، منها بمرو قريتان، ومنها
بطوس قريتان أيضا، ومنها ببلخ، ومنها بسرخس، ومنها بأصبهان عدّة قرى
تسمّى كل واحدة دستجرد.
وقال البشاري: دستجرد مدينة بالصغانيان.
أما دستجرد المقصودة هنا فهي دستجرد مرو، قرية عند الرمل من نواحيها.
[1] في معجم البلدان «عبد الله» .
[2] وكان مولده سنة 477 هـ.
[3] انظر عن (سنجر بن ملك شاه) في: الأنساب 7/ 159 (السنجاري) ،
والمنتظم 10/ 178 رقم 263 (18/ 121 رقم 4213) ، ومعجم البلدان 3/ 262
(سنجر) ، وتاريخ دولة آل سلجوق 236- 259، والكامل في التاريخ 11/ 222،
223، وبغية الطلب (التراجم الخاصة بتاريخ السلاجقة) 230، 238، 256،
ووفيات الأعيان 2/ 427، 428، والروضتين ج 1 ق 1/ 288، وآثار البلاد
وأخبار العباد 386، 396، 415، 473، 587، وزبدة التواريخ 233، ونهاية
الأرب 26/ 389- 391، والمختصر في أخبار البشر 3/ 33، والعبر 4/ 147،
148، والإعلام بوفيات الأعلام 227، وسير أعلام النبلاء 20/ 362- 365
رقم 252، ودول الإسلام 2/ 69، وتاريخ ابن الوردي 2/ 92، والوافي
بالوفيات 15/ 471، 472، ومرآة الجنان 3/ 300، والبداية والنهاية 12/
237، وعيون التواريخ 12/ 501، ومآثر الإنافة 2/ انظر فهرس الأعلام 383،
وتاريخ ابن خلدون 5/ 56 و 70 و 73 و 74، والكواكب الدرّية 154، وتبصير
المنتبه 2/ 297، والنجوم الزاهرة 5/ 326، 327، وشذرات الذهب 4/ 161،
162 وفيه: «أحمد سنجر» ، وأخبار الدول (الطبعة الجديدة) 2/ 169، 177،
456، 463، 464، وتاج العروس 3/ 280، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة
333.
[4] قال ابن الأثير: أطاعه السلاطين وخطب له على أكثر منابر الإسلام
بالسلطنة نحو أربعين سنة، وكان فيها يخاطب بالملك عشرين سنة. (الكامل
11/ 222) .
(38/82)
الأعظم معزّ الدِّين، أبو الحارث، واسمه
بالعربيّ أَحْمَد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن دَاوُد. كذا ساقه ابن
السَّمْعانيّ، وقال فِي أَبِيهِ الْحَسَن إن شاء اللَّه.
ثُمَّ قال: وُلِدَ بسِنْجَار [1] من بلاد الجزيرة فِي رجب سنة تسع [2]
وسبعين [3] وأربعمائة حين تَوَجَّه أَبُوهُ إلى غَزْو الرّوم، ونشأ
ببلاد الخَزَر، وسكن خُرَاسَان، واستوطن مرْو [4] .
وقال ابن خِلِّكان [5] : تولّى المملكة نيابة عن أخيه بركياروق سنة
تسعين وأربعمائة، ثمّ استقلّ بالسّلطنة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
وقال ابن السَّمْعانيّ: وكان فِي أيّام أخيه يُلقَّب بالملك المظفَّر
إلى أن تُوُفّي أخوه السّلطان مُحَمَّد بالعراق فِي ذي الحجَّة سنة
إحدى عشرة، فلقِّب بالسّلطان.
وقال: ورث المُلْك عن آبائه وزاد عليهم. ملك البلاد، وقهر العباد،
وخُطِب له على أكثر منابر الإسلام. وكان وقورا، حييّا، سخيا، كريما،
مشفقا، ناصحا لرعيّته، كثير الصّفح. صارت أيّام دولته تاريخا للملوك،
وجلس على سرير المُلْك قريبا من ستّين سنة. أقام ببغداد، وانصرف منها
إلى خُرَاسَان، ونزل مَرْو، وكان يخرج منها ويعود.
قال: وحكى أنه دخل مع أخيه مُحَمَّد إلى الإمام المستظهر باللَّه، قال:
فَلَمّا وقفنا بين يديه ظنّ أني أَنَا هُوَ السّلطان، فافتتح كلامه،
فخدمتُ وقلت:
يا مولانا أمير المؤمنين السّلطان هُوَ وأشّرْتُ إلى أخي. ففوَّض إليه
السّلطنة، وجعلني وليّ العهد بعده بلفظه [6] .
__________
[1] سنجار: بكسر السين، وسكون النون، وفتح الجيم، والراء. مدينة
بالجزيرة، ولد بها سنجر فسمي باسمها. (الأنساب 7/ 159، معجم البلدان 3/
262) .
[2] في تاريخ دولة آل سلجوق، ص 236: مولده سنة 471 هـ.
[3] في الأصل: «تسع وتسعين» ، وهو غلط.
[4] الكامل 11/ 222.
[5] في وفيات الأعيان 2/ 428.
[6] المنتظم.
(38/83)
قال ابن السَّمْعانيّ: واتّفق أنّ فِي سنة
إحدى وتسعين لمّا هزم عساكر أخيه والأمير حبشيّ كان فتْحًا عظيما فِي
الإسلام، فإنْ أكثر ذلك العسكر كان ممّن يميل عن الحقّ. فبلغ ذلك
الإمام أَبَا الْحَسَن عليّ بْن أَحْمَد المَدِينيّ المؤذّن، فصلّى
ركعتين، وسجد شكرا للَّه تعالى.
ثمّ أجاز للسّلطان سَنْجَر جميع مسموعاته، فقرأت عليه بها أحاديث.
وكان قد حصل له طَرَش [1] .
قال ابن الْجَوْزِيّ [2] : واتّفق أنّه حارب الغُزّ، يعني قبل الخمسين،
فأسروه، ثُمَّ تخلص بعد مدَّة وجمع إليه أطرافه بمرو.
وقال ابن خِلِّكان [3] : كان من أعظم الملوك هِمَّةً، وأكثرهم عطاء.
ثُمَّ قال: ذُكر أنّه اصطبح خمسة أيّام متوالية، ذهب فِي الْجُود كلّ
مذْهب، فبلغ ما ذهب من العين سبعمائة ألف دينار، سوى الخلع والخيل [4]
.
قال: وقال خازنه: اجتمع فِي خزائنه من الأموال ما لم يُسمع أنّه اجتمع
فِي خزائن أحدٍ من ملوك الأكاسرة. وقلتُ له يَوْمًا: حصل فِي خزائنك
ألف ثوب ديباج أطلس، وأُحبّ أن تنظرها. فسكت، فأبرزْتُ جميعَها فحمد
اللَّه، ثُمَّ قال: يَقْبُحُ بمِثْلي أن يُقال: مالَ إلى المالِ. وأذِن
للأمراء فِي الدّخول، فدخلوا عليه، ففرَّق عليهم الثّياب وتفرَّقوا [5]
.
قال: اجتمع عنده من الجواهر ألف وثلاثون رِطْلًا، ولم يُسمع عند أحدٍ
من الملوك يُقارب هذا.
وقال ابن خِلِّكان [6] : ولم يزل أمره فِي ازديادٍ إلى أن ظهرت عليه
الغُزّ فِي سنة ثمانٍ وأربعين، وهي واقعة مشهورة استشهد فيها الفقيه
محمد بن
__________
[1] المنتظم.
[2] في المنتظم.
[3] في وفيات الأعيان.
[4] تاريخ دولة آل سلجوق 251.
[5] تاريخ دولة آل سلجوق 251، 252.
[6] في وفيات الأعيان.
(38/84)
يحيى فكسروه وانْحَل نظام مُلْكه، وملكوا
نَيْسابور، فقتلوا بها خلْقا كثيرا، وأسروا السّلطان سَنْجَر، وأقام
فِي أسْرهم خمسَ سِنين [1] .
قلت: بل بقي فِي أسرهم ثلاث سِنين وأربعة أشهر.
وتغلَّب خُوارَزْم شاه على مرْو، يعني بعده. وتفرّقت مملكة خُراسان.
وتُوُفيّ فِي رابع عشر ربيع الأوّل سنة اثنتين بعد خلاصه من الأَسْر
[2] ، وانقطع بموته استبداد الملوك السّلجوقيَّة بخُراسان. واستولى على
أكثر مملكته السّلطان خُوارزْم شاه أَتْسِز بْن مُحَمَّد بْن
نُوشْتِكين.
أتْسِز تُوُفّي قبله، فلعلّه أراد خُوارَزْم شاه أرسلان بْن أتسز بْن
مُحَمَّد، والله أعلم.
وقال ابن السَّمْعانيّ: تُوُفّي فِي رابع وعشرين ربيع الأول، وهو
الصحيح. وأظنّ ذَلِكَ غلطا من النّاسخ. ودُفِن فِي قبّة بناها وسمّاها
دار الآخرة.
قال ابن الْجَوْزِيّ [3] : ولمّا بلغ خبر موته إلى بغداد قُطعت خطْبته،
ولم يُعقد له العزاء، فجلست امْرَأَة سُلَيْمَان للعزاء، فرآها المقتفي
باللَّه وأقامها.
وقال ابن السَّمْعانيّ: تسلطن بعده ابن أخته الخاقان محمود بْن
مُحَمَّد بْن بغراجان.
- حرف الصاد-
50- صلاح [الدِّين] [4] .
متولّي حمص.
__________
[1] وأسرت خاتون زوجة السلطان وبقيت في الإسار إلى أن فديت بخمسمائة
ألف دينار. (تاريخ دولة آل سلجوق 254) .
[2] هكذا قال العماد باختصار البنداري في تاريخ دولة آل سلجوق 236.
[3] في المنتظم.
[4] في الأصل بياض، والمستدرك من: ذيل تاريخ دمشق 347، وكتاب الروضتين
ج 1 ق 1/ 286.
(38/85)
وكان قد تقدَّم عند الأتابَك زنْكيّ
بالمناصحة وسَداد الرأي، فَلَمّا شاخ عجز عن ركوب الفَرَس. وكان يُحمل
فِي المِحَفَّة.
وخَلَفَه من بعده فِي حمص أولاده، ثُمَّ تملّكها أسد الدِّين وذُريته.
- حرف الطاء-
51- طاهر بْن حَيْدَرة بْن مفوَّز بْن أَحْمَد بْن مُفّوَّز [1] .
أبو الْحَسَن المَعَافِريّ، الشّاطبيّ.
سمع: أخاه أَبَا بَكْر، وأبا علي الصَّدَفيّ.
وأجاز له عمّه طاهر بْن مُفَوَّز الحافظ.
قال الأبّار [2] : وكان فقيها حافظا، مُقَدَّمًا فِي عِلم الفرائض
يُلجأ إليه فِي ذلك. وولي قضاء شاطِبَة. ثُمَّ استعفى فأُعْفي.
روى عَنْهُ: ابناه أبو بَكْر عَبْد اللَّه، ومُفوَّز.
وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم.
- حرف العين-
52- عبد الباقي بن محمد بن عبد الباقي [3] .
أبو مَنْصُورٌ التّميميّ، المَوْصِليّ، الدّمشقيّ.
قرأ القرآن على أبي الوحش سبيع.
__________
[1] انظر عن (طاهر بن حيدرة) في: تكملة الصلة لابن الأبار 342، ومعجم
شيوخ الصدفي 91، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (بقية السفر
الرابع) 153 رقم 279.
[2] في تكملة الصلة 342.
[3] انظر عن (عبد الباقي بن محمد) في: تاريخ دمشق (المطبوع) 39/ 415،
416، سير أعلام النبلاء 20/ 293 (دون ترجمة) .
(38/86)
وسمع: الشّريف النّسيب، وأبا طاهر
الحِنّائيّ، وأبا الْحَسَن بْن المَوَازِينيّ. وكتب الحديث بخطٍّ
حَسَن.
وكان شاهدا متودَّدًا.
روى عَنْهُ: ابن عساكر [1] ، وابن السَّمْعانيّ، وأبو الْحَسَن عليّ
بْن مُحَمَّد بْن يحيى القاضي ابن الزّكيّ، وأبو المواهب بْن صَصَرَى،
وأخوه أبو القاسم.
تُوُفّي فِي رمضان [2] .
53- عَبْد الصَّبور بْن عَبْد السّلام بْن أبي الفضل [3] .
أبو صابر الهَرَويّ، الفاميّ، التّاجر.
قال ابن السَّمْعانيّ: وُلِدَ فِي رمضان سنة سبعين وأربعمائة. وكان
صالحا، كثير الخير، مشتغلا بنفسه.
سمع: أبا إِسْمَاعِيل عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، وأبا عامر محمود بن
القاسم الأزدي، ونجيب بن ميمون الواسطيّ، وإلياس بْن مُضَر البالكيّ.
وحدَّث «بجامع التِّرْمِذيّ» عن أبي عامر [4] .
وكان من التّجّار المعروفين، صَدوقًا أمينا. ورد بغداد حاجّا سنة تسع
وثلاثين وحدَّث بها «بجامع التِّرْمِذيّ» ، ورواه أيضا بهمذان.
__________
[1] وهو قال: وكان من جملة الشهود المعدّلين، مؤثرا لموادّة الناس،
تاركا لمشارّتهم، مشغولا بشغله عمّا سواه.
[2] وكان مولده في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربعمائة.
[3] انظر عن (عبد الصّبور بن عبد السلام) في: التقييد 386 رقم 500،
والإعلام بوفيات الأعلام 227، والعبر 4/ 148، وسير أعلام النبلاء 20/
328، 329 رقم 222، والنجوم الزاهرة 5/ 327، وشذرات الذهب 4/ 162.
[4] التقييد 386.
(38/87)
قلت: روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد
الرحيم، وأبو الْحَسَن عليّ بْن نجا الواعظ الحنبليّ، وأحمد بْن
الْحَسَن العاقُوليّ [1] ، وآخرون.
تُوُفّي بَهَراة فِي شعبان.
54- عَبْد القاهر بْن عليّ بْن أبي جَرَادة [2] .
الأمين مخلص الدِّين العُقَيْليّ، الحلبيّ، ناظر خزانة الملك نور
الدِّين بحلب.
قال أبو يَعْلَى حمزة: راعَني فَقْدُه لأنَّه كان خيَّرًا، بليغا،
حَسَن البلاغة.
نظْمًا ونثْرًا، بديع الكتابة، يتوقَّد ذكاء. وكانت بيننا مودَّة من
الصّبى بحكم تردّده إلى دمشق. ورثيته بأبيات، فذكر منها:
وقد كان ذا فضْلٍ وحُسْن بلاغةٍ ... ونظْمٍ كَدُرّ فِي قلائد حُور
يفوق بحُسْن اللَّفْظ كلَّ فصاحةٍ ... وخطٍّ بديع في الطّروس منير [3]
__________
[1] وقال ابن نقطة: حدثنا عنه أحمد بن الحسن العاقولي بأحاديث،
(التقييد) .
[2] انظر عن (عبد القاهر بن علي) في: ذيل تاريخ دمشق 345، وكتاب
الروضتين لأبي شامة ج 1 ق 1/ 286.
[3] وبقيّة الأبيات:
فجعت بخلّ كان يونس وحشتي ... تذكره في غيبة وحضور
فتى كان ذا فضل يصول بفضله ... وليس له من مشبّه ونظير
وقد كان ذا ...
يفوق بحسن اللفظ ...
وقد كنت ذا شوق إليه إذا نأى ... فقد صرت ذا حزن بغير سرور
سأشكو زمانا روعتني صروفه ... بفقدي من أهوى بغير مجير
وما نافعي شكوى الزمان وقد غدا ... على كل ملك في الزمان خطير
وأجناده بالمرهفات تحوطه ... وكل شجاع فاتك ونصير
سقى الله قبرا ضمّه بمجلجل ... بكل أصيل حادث وبكور
ليصبح كالروض الأنيق إذا بدا ... بزهر يروق الناظرين نضير
برحمة من يرجى لرحمة مثله ... وغفران ربّ للعباد غفور
(38/88)
55- عَبْد الملك بْن عليّ بْن حَمْد [1] .
أبو الفضل الهَمَذانِيّ، البزّاز.
عاش اثنتين وثمانين سنة.
سمع: أَحْمَد بْن عُمَر البيّع، وفند الشّعرانيّ، والدُّونيّ [2] .
وببغداد: أَبَا سَعد الصَّيْرَفيّ.
مات فِي ربيع الأوّل [3] .
56- عَبْد الملك بْن مَسَرَّة بْن فَرَج بْن خَلَف بْن عُزَيْر [4] .
أبو مروان اليَحْصُبِيّ، الشَّنْتَمَرِيّ [5] ، ثُمَّ القُرْطُبِيّ.
أحد الأئمّة الأعلام.
أخذ «الموطّأ» عن أبي عَبْد اللَّه بْن الطّلّاع سماعا، واختصّ بالقاضي
أبي الوليد ابن رشد، وتفقّه معه.
وصحب أبا بكر بن مفوّز، فانتفع به معرفة الحديث.
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن علي) في: التقييد 356، 357 رقم 447، وتاريخ
إربل 1/ 299 ومنه «عبد الملك بن علي بن محمد» ، ومعجم الألقاب 1/ 533 و
3/ 60 و 570، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (مخطوطة كمبرج) ورقة 49.
[2] سمع منه عبد الملك سنن النسائي في سنة خمس وتسعين وأربعمائة. سمعها
منه جماعة منهم: أبو محمد عبد اللطيف بن أبي النجيب السهروردي، وسليمان
وعلي ابنا محمد بن علي الموصلي. (التقييد) .
[3] قال ابن المستوفي: حدّث عنه مسعود بن عبد الله البغدادي بإربل في
كتابه الأربعين، عن شيوخه. (تاريخ إربل 1/ 299) .
وقال ابن نقطة: ثقة صدوق. (التقييد) .
[4] انظر عن (عبد الملك بن مسرّة) في: الصلة لابن بشكوال 1/ 348، وبغية
الملتمس للضبي 382 رقم 1079، والعبر 4/ 148، وفهرسة ابن خير 493، 512،
517، وملء العيبة للفهري 2/ 144، ومرآة الجنان 3/ 300 وفيه: «عبد الملك
بن ميسرة» ، والنجوم الزاهرة 5/ 327، وشذرات الذهب 4/ 162.
و «عزير» بضم العين المهملة، وفتح الزاي، وسكون الياء، ثم راء.
[5] الشّنتمري: بفتح الشين المعجمة، وسكون النون، وفتح التاء المنقوطة
باثنتين من فوقها، وفتح الميم، وكسر الراء، وتشديد الياء. قال ياقوت:
وأظنّه يراد به مريم بلغة الإفرنج، وهو حصن بالأندلس من أعمال شنت
بريّة. (معجم البلدان 3/ 367) وانظر: الروض المعطار 347.
وفي الأصل: «السنتمري» بالسين المهملة.
(38/89)
قال ابن بشكوال [1] : كان ممن جمع الله له
الحديث والفقه، مع الأدب البارع، والخط الحسن، والدّين، والورع،
والتّواضع والهدي الصّالح. كان على منهاج السّلف المتقدّم.
أخذ النّاس عنه، وكان أهلا لذلك لعلوّ ذكره، ورفعة قدره.
توفّي لثمان بقين من رمضان.
آخر من سمع منه أَبُو القَاسِم بْن بَقيّ. قاله ابن الزُّبَيْر.
57- عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن غالب [2] .
أبو العَرَب التُّجَيْبيّ، الأندلُسيّ، البَلَنْسيّ، المعروف
بالبقسانيّ، نسبة إلى قرية بغربيّ بَلَنْسِيَة.
سمع: أَبَا الْحَسَن بْن واجب، وأبا مُحَمَّد بْن خيرون، وخليص بْن
عَبْد اللَّه، وأبا علي الصَّدَفيّ، وأبا بحر الأسَدِيُ، وأبا مُحَمَّد
بْن أبي جَعْفَر الفقيه. وأجاز له طائفة آخرون.
وكان خطيبا مفوّها، فصيحا، شاعرا، ذا لسانٍ وبلاغة وعربيَّة، وله
مشاركة فِي العلوم.
ولي قضاء المَرِيَّة، وحدَّث [3] .
أخذ عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عيّاد، وأبو الْحَسَن بْن سعد الخير، وأبو
__________
[1] في الصلة.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبار، رقم
1970، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر 5 ق 1/ 94، 95 رقم
172.
[3] وقال ابن الأبار: وترك الرواية عنه شيوخنا البلنسيون ولا بأس به
فيما قرأ أو سمع، ولم يكن مسموعه من الحديث متسعا.
وكان عارفا بالفقه، بصيرا بفقد الشروط، مشاركا في النحو والعروض، حافظا
للآداب واللغات، ممتع المجالسة، ذاكرا لغرائب الأخبار، وملح الحكايات
وطرف الفوائد، أديبا شاعرا محسنا، خطيبا بالغا، حسن الخط، كتب الكثير
وأحكم ضبطه. ولاه بأخرة من عمره أبو الحسن زيادة الله بن الحلّال قضاء
لرية سنة أربعين وخمسمائة. مولده ببلنسية في شعبان سنة تسع وسبعين
وأربعمائة.
(38/90)
مروان بْن الجلّاد.
وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم عن ثلاثٍ وسبعين سنة.
58- عثمان بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي [1] .
أبو عَمْرو البَيْكَنْديّ [2] ، مُسْنَد أهل بُخارى.
قال ابن السَّمْعانيّ: وُلِدَ فِي شوّال سنة خمس وستّين وأربعمائة،
وكان إماما فاضلا، ورعا، عفيفا، نزها، قانعا باليسير، كثير العبادة،
ثقة، صالحا.
سمع: أَبَا مُحَمَّد عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن الزَّبِيديّ
المعمّر، وأبا بَكْر بْن الْحُسَيْن خُواهرزادة، وأبا الخَطَّاب
الطَّبَريّ القاضي، والإمام مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي سهل الفقيه،
وطائفة كبيرة.
روى عَنْهُ: تاسع شوّال، وشيَّعه أُمم. وهو آخر من حدَّث عن الإمام أبي
المظفَّر عَبْد الكريم الأَنْدَقيّ [3] .
59- عليّ بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن أبي نصر بْن الأشعث بْن حاشد
[4] .
الكندكينيّ [5] ، السّغديّ، السّمرقنديّ [6] .
__________
[1] انظر عن (عثمان بن علي) في: الأنساب 1/ 363، والعبر 4/ 149، وسير
أعلام النبلاء 20/ 336، 337 رقم 228، والإعلام بوفيات الأعلام 227،
والمعين في طبقات المحدّثين 165 رقم 1778، والنجوم الزاهرة 5/ 327،
وشذرات الذهب 4/ 162.
[2] البيكندي: نسبة إلى بيكند، بلدة كبيرة قريبة من بخارى. وقد تحرّفت
في شذرات الذهب إلى «السكندري» .
[3] توفي الأندقي سنة 481 هـ. وقال ابن السمعاني: روى لنا عنه أبو عمرو
عثمان بن علي البيكندي ببخارا ولم يحدّثنا عنه سواه. (الأنساب 1/ 363)
.
[4] انظر عن (علي بن أحمد) في: الأنساب 10/ 485، ومعجم البلدان 4/ 482،
واللباب 3/ 114، 115.
[5] الكندكيني: بفتح الكاف وسكون النون وضم الدال المهملة وكسر الكاف
الثانية وسكون الياء المنقوطة بنقطتين وفي آخرها نون أخرى. نسبة إلى
كندكين وهي قرية على نصف فرسخ من الدبّوسية من سغد سمرقند.
[6] قال ابن السمعاني: والده كان قاضي كندكين. وورد هو على كبر السّنّ
بخارى، وبها لقيناه.
(38/91)
روى بالإجازة عن السيد محمد بن محمد بْن
زَيْدٍ.
سمع منه: ابن السَّمْعانيّ، وولده عَبْد الرحيم.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
60- عليّ بن الوزير أبي عليّ الْحَسَن بْن عليّ بْن صَدقَة [1] .
صدْرٌ معظَّم [2] ، يلقَّب شرف الدّولة [3] .
سمع: أَبَا القَاسِم الرَّبَعيّ، وغيره.
وعنه: أبو سَعْد السَّمْعانيّ [4] .
61- عليّ بن الحَسَن بن عَليّ.
أَبُو الحَسَن بن شليها الدمشقي.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبا الفتح نصر بْن
إِبْرَاهِيم المقدسيّ، وأبا الفضل بن الفرات.
__________
[ () ] وسمعنا منه. وذكر أن السيد أبا المعالي محمد بْن محمد بْن زيد
الحسيني البغدادي ورد قريتهم، فقرأ والده له عليه ورقة من الكتاب،
واستجاز الباقي، ووجدنا سماعه في الجزء الثالث من كتاب «الحروف» للحسن
بن سفيان، عن القاضي أبي علي الحسن بن عبد الملك بن الحسين النسفي، عن
أبي نعيم الغوبديني، عن أبي القاسم النسوي، عن المصنّف، وقرأنا عليه.
وذكر ما يقتضي أن ولادته في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، أو قبلها بسنة
أو سنتين.
[1] انظر عن (علي بن الوزير أبي علي) في: المنتظم 10/ 178، 179 رقم 264
(18/ 121 رقم 4214) ، وتلخيص مجمع الآداب ج 4 ق 2/ 808 وج 5/ رقم 1853،
والفخري 311، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 126 رقم
1006 والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 225، ومختصر التاريخ
لابن الكازروني 228 و 231، وخلاصة الذهب المسبوك 275 و 276.
[2] كنيته: أبو القاسم.
[3] ويلقّب: قوام الدين، ومؤتمن الدولة.
[4] وقال ابن طباطبا: بيته بيت مشهور بالوزارة معروف بالرياسة. وكان
مؤتمن الدولة حسن الصورة والخلق لكن لا علم عنده بقوانين الوزارة، وكان
كثير التعبّد والصدقة. استوزره الخليفة المقتفي لأمر الله. قالوا: كان
هذا مؤتمن الدولة الوزير قليل الاشتغال بالعلم، وكان ضعيف القراءة في
الكتب، وكان قد أدمن في قراءة جزء واحد من أجزاء القرآن وفي كتاب واحد
من كتب الأدب، فكان لا يزال الجزء المذكور والكتاب بين يديه يقرأ فيهما
قراءة جيدة، فخفي على الناس حاله مدّة وزارته. فلما مات ظهر ذلك عنه.
ولم يكن له من السيرة ما يؤثر. (الفخري) .
(38/92)
روى عَنْهُ: ابن عساكر، وابنه القَاسِم،
وغيرهما.
وتُوُفيّ رحمه اللَّه فِي رمضان.
62- عليّ بْن صَدَقة بْن عليّ بْن صَدقَة [1] .
الوزير أبو القَاسِم قِوام الدِّين. استوزره أمير المؤمنين المقتفي
سنتين، ثُمَّ عزله سنة خمس وأربعين.
تُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من جُمادى الأولى.
ذكره ابن الْجَوْزِيّ.
قال ابن النّجّار: هُوَ ابن أخي الوزير جلال الدِّين.
63- عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن
الضّحاك [2] .
أبو الْحَسَن الفَزَاريّ، الغَرْنَاطيّ، المعروف بابن المقري.
روى عن: أبي الوليد بْن بقوي، وشُرَيْح بْن مُحَمَّد، وأبي الْحَسَن
بْن مغيث، وجماعة.
قال الأَبَّار [3] : اعتنى بالحديث، وشارك فِي غيره. وعُرف بصحَّة
العقل.
حدُّث عَنْهُ: أبو بَكْر بْن أبي زمنين، وأبو جَعْفَر بْن شراحيل ابن
أخته، وأبو الحسن بن جابر القرطبيّون [4] .
__________
[1] انظر عن (علي بن صدقة) في: المنتظم 10/ 178، 179 (18/ 121 رقم
4214) ، وانظر الترجمة السابقة رقم (60) .
[2] انظر عن (علي بن محمد) في: صلة الصلة 94، وتكملة الصلة لابن
الأبّار، رقم 1754، والديباج المذهب 210، والذيل والتكملة لكتابي
الموصول والصلة، السفر الخامس، ق 1/ 282- 285 رقم 566، وكشف الظنون
1059، ومعجم المؤلفين 7/ 177.
[3] في التكملة، رقم 1754.
[4] وقال المراكشي: وكان محدّثا نبيلا، حافظا للتواريخ وطبقات الرواة
وتعديلهم وتجريحهم، مميّزا صحيح الحديث من سقيمه، عني بهذا الشأن
طويلا، ماهرا في علمي الكلام وأصول الفقه، أديبا، وله مصنّفات كثيرة في
الحديث وتواريخه والكلام، منها: شرح إرشاد أبي
(38/93)
64- عُمَر بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي طاهر [1] .
أبو حفص الحربيّ، المقرئ شيخ صالح، خيّر، قيّم بكتاب اللَّه.
سمع بنفسه الكثير، وأفاد غيره. وتلا للكسائي، على ثابت بن بنذار.
وسمع: أَبَا عَبْد اللَّه النَّعَاليّ، وأبا الخَطَّاب القارئ، وأبا
بَكْر الطُّرَيْثِيُثيّ، وأبا الفوارس الزَّيْنَبيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن الحباريّ النّساج، وعمر بْن
طَبَرْزَد، وابن اللَّتّيّ، وآخرون.
وهو الَّذِي روى عَنْهُ ابن اللَّتّيّ الجزء الأوّل من «مشيخة الفسويّ»
و «الأمالي والقراءة» لابن عفّان.
تُوُفّي فِي حادي عشر شعبان.
وقرأ عليه: رَيْحان بْن تنكان الضّرير المقرئ، وعبد العزيز بْن
النّاقد.
65- عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن فَتُّوح بْن فَرَج [2] .
الأستاذ أبو الأَصْبَغ الهاشميّ، الأندلسيّ، المقرئ، المعروف بابن
المرابط. نزيل بلنسية.
__________
[ () ] المعالي، وأصول الفقه، وأجوبة على مسائل اقتضى منه الجواب
عليها، وردّ على مقالات في أنواع شتّى ظهر في ذلك كلّه إدراكه وحسن
نظره، وكتب بخطّه كثيرا وجوّده على شدّة إدماجه.
مولده آخر جمادى الآخرة سنة 509 هـ. وفي هامش نسخة خطية من: الذيل
والتكملة تعليقة نصّها: «هكذا قال المصنف اثنتين وخمسين، تبع في ذلك
لابن الأبار. وقال شيخنا أبو جعفر ابن الزبير: توفي في الكائنة بغرناطة
سنة سبع وخمسين وخمسمائة، خرج في جملة من خرج من غرناطة يريد وادي آش
ففقد قبل أن يصل إليها ولم يوقع له على خبر» .
وفي الديباج المذهب: توفي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
[1] انظر عن (عمر بن عبد الله الحربي) في: سير أعلام النبلاء 20/ 293
(دون ترجمة) ، ومعرفة القراء الكبار 1/ 509 رقم 460، والعبر 4/ 149،
وغاية النهاية 1/ 593، 594، والنجوم الزاهرة 5/ 357، وشذرات الذهب 4/
162.
[2] انظر عن (عيسى بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار، وغاية
النهاية 1/ 614 رقم 2502.
(38/94)
أخذ القراءات عن: أبي زَيْدٍ الورّاق، وأبي
عَبْد اللَّه بْن ثابت، وأبي بَكْر بْن الصّبّاغ الهدهد.
وتصدَّر للإقراء. وكان من جلَّة المقرءين.
أخذ عَنْهُ القراءات: أبو عَبْد اللَّه بْن الحبّاب [1] .
وحدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عيّاد، وابنه مُحَمَّد، وأبو عَبْد
اللَّه بْن سعادة.
وتُوُفيّ فِي رجب، وقد جاوز السّبعين. قاله الأَبَّار.
- حرف القاف-
66- أبو القَاسِم بْن الخليفة المستظهر باللَّه [2] .
تُوُفّي فِي ثامن عشر جُمادى الأولى، وحُمل إلى التُّربة الّتي للخلفاء
فِي الماء.
ومضى معه الوزير وأرباب الدّولة، وجلسوا للعزاء يومين. ثُمَّ خرج
توقيعٌ بإقامتهم من العزاء.
وكان أصغر أولاد المستظهر، وأخا أمير المؤمنين المقتفي.
- حرف الميم-
67- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [3] .
الأديب الكامل أبو المكارم بْن الآمِديّ، البغداديّ.
مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ. تأخَّر حَتَّى مدح ابن هبيرة.
ومات في هذه السّنة [4] .
__________
[1] في الأصل: «الخيار» .
[2] انظر عن (أبي القاسم ابن المستظهر باللَّه) في: المنتظم 10/ 179
رقم 266 (18/ 122 رقم 4216) .
[3] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الوافي بالوفيات 3/ 17 رقم 875.
[4] من شعره:
أبا حسن كففت عن التقاضي ... بوعدك لاعتصابك بالمطال
(38/95)
68- مُحَمَّد بْن خُذَادَاذ بْن سلامة [1]
.
الفقيه أبو بكر البغدادي، الحدّاد [2] .
كان إماما أصوليّا، مناظرا، من أعيان الحنابلة.
تفقّه على أبي الخَطَّاب، وسمع عن: ابن طَلْحَةَ النَّعاليَ، وطِراد،
وابن البَطِر.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر، وثابت بْن مُشَرَّف [3] .
وتُوُفيّ فِي جُمادى الأولى.
69- مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن خَلَف.
أبو عَبْد اللَّه النَّفْزيّ [4] ، الشّاطبيّ، المعروف بابن بركة.
__________
[ () ]
ومن ذمّ السؤال فلي لسان ... فصيح دابه حمد السؤال
جزى الله السؤال الخير أنّى ... عرفت به مقادير الرجال
[1] انظر عن (محمد بن خذاداذ) في: الأنساب 11/ 115، والإستدراك 2/ 414،
والوافي بالوفيات 3/ 36، 37 رقم 922 والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 231
رقم 117، وتوضيح المشتبه 3/ 409.
وفي الأصل: «خداذاد» ، والتصحيح من المصادر. وهو بدال مهملة بين ذالين
معجمتين.
[2] ذكره ابن السمعاني في نسبة «المباردي» ، وقال: كان ينقش المبارد
مثل أبيه.
[3] وقال ابن السمعاني: سمعت منه أحاديث يسيرة ببغداد.
وقال ابن نقطة: حدّث، وسماعه صحيح. وحدّث عنه ابن عساكر.
وذكره ابن القطيعي فقال: من أهل القرآن والفقه، وطريقته في النسخ
معروفة بالسرعة. ومما أنشده لنفسه:
لما رأيت أوار الحبّ في كبدي ... أجريت دمعي على الخدّين مهمولا
وقلت: يا قلب صبرا بعد بينهم ... ليقضي الله أمرا كان مفعولا
وقال ابن النجار: كان فقيها مناظرا، أصوليا، تفقّه على أبي الخطاب،
وعلّق عنه مسائل الخلاف، وقرأ الأدب، وقال الشعر. وكان خطّه رديئا.
روى لنا عنه: ابن الأخضر، وثابت بن شرف، وكان صدوقا.
[4] النّفزي: بفتح النون، ثم سكون الفاء، وزاي. نسبة إلى نفزة. مدينة
بالأندلس. وقال السّلفي: نفزة بكسر النون، قبيلة كبيرة منها بنو عميرة
وبنو ملحان المقيمون بشاطبة. (معجم البلدان 5/ 296) .
(38/96)
سمع من: أبي عِمران بْن أبي تليد، وأبي
جعفر بن جحدر، وأبي عليّ بْن سُكَّرَة.
وأخذ رواية نافع عن: أَبِي الْحَسَن بْن شفيع. وكان إماما مُفْتيًا،
نافذا فِي عقد الشُّرُوط، متقدّما فيها.
روى عَنْهُ: المُعَمَّر أبو عَبْد اللَّه بْن سعادة، وابن أخته محمد بن
أحمد النّحويّ.
وقد جاوز السّبعين، وتُوُفيّ رحمه اللَّه تعالى فِي هذا العام أو بعده.
70- مُحَمَّد بْن صافي بْن خَلَف [1] .
أبو عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، الأندلسيّ، قاضي أوريولة.
يروي عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بْن أبي جَعْفَر الفقيه.
71- مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن الْحُسَيْن بْن الْحَسَن [2] .
أبو الفتح الأُسْمَنْدي [3] ، السَّمَرْقَنْديّ، المعروف بالعلاء
العالم.
قال ابن السَّمْعانيّ [4] : كان فقيها، مناظرا، بارِعًا، صنَّف تصنيفا
فِي الخلاف، وسار فِي البلدان، وتخرَّج على الإمام الأشرف [5] ، وصار
من فحول المناظرين.
وسمع من: عليّ بْن عُمَر الخرّاط، وغيره.
لقِيته بسمرقند، وكان يقول لي: أَنَا تلميذ والدك، فإنّي دخلت مرو
لأتفقّه على مذهبه.
__________
[1] انظر عن (محمد بن صافي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الحميد) في: الأنساب 1/ 255، 256 ومعجم
البلدان 1/ 189، واللباب 1/ 59، والوافي بالوفيات 3/ 218 رقم 1209.
[3] الأسمندي: بضم الألف وسكون السين المهملة وفتح الميم وسكون النون
وفي آخرها الدال المهملة هذه النسبة إلى أسمند وهي قرية من قرى سمرقند.
[4] وفي الأنساب 1/ 256.
[5] في الأنساب: «أشرف العلويّ» .
(38/97)
قال ابن السّمعانيّ: كان على التّفسير. ولم
أسمع منه لأنّه كان مدمنا للخمر على ما سَمِعت عامَّة النّاس يقولون،
ولم يكن يُخْفى ذلك. وسمعت أَبَا الْحَسَن إِبْرَاهِيم بْن مهديّ بْن
قلينا الإسكندرانيّ يقول: سمعتُ من أثِق به أنّ العلاء العالم قال: ليس
فِي الدّنيا راحة إلّا فِي شيئين: كتاب أطالعه، وباطية خمْرٍ أشرب
منها.
وُلِدَ فِي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة بِسَمَرْقَنْد، وقدِم بغداد
حاجّا فِي سنة اثنتين هذه.
وقال أبو سَعْد: حَدَّثَنِي ولدي أبو المظفَّر، نا أبو الفتح مُحَمَّد
بْن عَبْد الحميد، نا عليّ بْن إِسْمَاعِيل الخرّاط، ثنا عليّ بْن
أَحْمَد بْن الربيع، نا أبي..
فذكر حديثا [1] .
72- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّطيف بْن مُحَمَّد بْن ثابت [2] .
العلّامة أبو بَكْر الْخُجَنْدِيُّ [3] ، ثُمَّ الأصبهانيّ.
سمع: أبا عليّ الحدّاد، وجماعة.
وقال ابن السَّمْعانيّ: لَقَبُه صدر الدِّين. كان صدْر العراق فِي وقته
على الإطلاق، إماما، مناظِرًا، فَحْلًا، واعظا، مليح الوعظ، سخيّ
النّفس، جوادا
__________
[1] وقال ابن السمعاني: وسمع ولدي أبو المظفّر منه أحاديث، ولما وافى
مرو منصرفا من الحجاز والحج والزيارة سنة ثلاث وخمسين قرأت عليه أحاديث
بقرية سيد (؟) على طرف البرية. (الأنساب 1/ 256) .
أقول: هذا يعني أن وفاته تأخّرت إلى ما بعد سنة 552 هـ.
[2] انظر عن (محمد بن عبد اللطيف) في: المنتظم 10/ 179 رقم 268 (18/
122 رقم 4218، والكامل في التاريخ 11/ 228، والمختصر في أخبار البشر 3/
33، والعبر 4/ 149، وسير أعلام النبلاء 20/ 386، 387 رقم 260، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 92، ومرآة الجنان 3/ 300، والوافي بالوفيات 3/ 284،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 133، 134، وطبقات الشافعية للإسنويّ
1/ 490، والبداية والنهاية 12/ 237، وعيون التواريخ 12/ 502، وشذرات
الذهب 4/ 163.
[3] الخجنديّ: نسبة إلى خجند، وهي بلدة كبيرة على طرف سيحون من بلاد
المشرق، ويقال لها أيضا: خجندة. بزيادة التاء. (الأنساب 5/ 52) .
(38/98)
مَهِيبًا. دخل بغداد مرّات، وكان حَسَن
التقّدُّم عند السّلطان. كان السّلطان محمود يصدر عَنْ رأيه. وكان
بالوزراء أشبه منه بالعلماء.
وكان يروي الحديث على المنبر من حفْظه.
قال ابن الجوزيّ [1] : قدِم بغداد، وتولّى تدريس النّظاميَّة، وكان
مليح المناظرة. حضرتُ مناظرَته وهو يتكلَّم بكلماتٍ معدودة كأنَّها
الدُّرر. ووعظ بجامع القصر والنّظاميَّة. وما كان يُدارِي فِي الوعظ،
وكان مَهِيبًا، وحوله السّيوف.
قال ابن السَّمْعانيّ: خرج إلى أصبهان من بغداد، فنزل قرية بين
هَمَذَان والكَرَج، نام فِي عافيةٍ وأصبح ميتا فِي الثّامن والعشرين من
شوّال فحُمِل إلى أصبهان.
قال ابن الأثير [2] : وقعت لموته فتنة عظيمة قتل فيها خلق بأصبهان.
73- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن نصر بْن السَّريّ [3] .
أبو بَكْر بْن الزّاغُوني [4] ، البغداديّ، المجلّد.
سمّعه أخوه الإمام أبو الْحَسَن من: أَبِي القاسم بْن البُسْريّ، وأبي
نَصْر الزَّيْنَبيّ، وعاصم بْن الْحَسَن، وأبي الفضل بْن خَيْرون،
ومالك البانياسيّ، ورِزق اللَّه التّميميّ، وطِراد، وطائفة.
وطال عمره، وتفرّد في عصره.
__________
[1] في المنتظم.
[2] في الكامل 11/ 228.
[3] انظر عن (محمد بن عبيد الله) في: المنتظم 10/ 179 رقم 267 (18/ 127
رقم 4217) ، ومعجم البلدان 3/ 127، والتقييد 80، رقم 73، وتاريخ إربل
1/ 102 و 131، والإعلام بوفيات الأعلام 227، ودول الإسلام 2/ 69،
والعبر 4/ 150، وسير أعلام النبلاء 20/ 278، 279، رقم 186، والمعين في
طبقات المحدّثين 165 رقم 1779 وفيه «محمد بن عبد الله» ، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 338، وعيون التواريخ 12/ 505، والنجوم
الزاهرة 5/ 327، وشذرات الذهب 4/ 164، وتاج العروس 9/ 226.
[4] الزّاغوني: نسبة إلى زاغونى. قال ياقوت: قرية ما أظنها إلّا من قرى
بغداد.
(38/99)
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وابن
الْجَوْزِيّ، وعمر بْن طَبَرْزَد، والتّاج الكِنْديّ، وابن مُلاعب،
ومحمد بن عبد الله بن البنّاء الصُّوفيّ، وعبد السّلام بْن يُوسُف
العَبَرتيّ [1] ومحاسن بْن عُمَر الخزائنيّ، وأبو عليّ الْحَسَن بْن
إسحاق بْن الجواليقيّ، وعبد السّلام بْن عَبْد اللَّه الدّاهريّ [2] ،
وأبو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد القَطِيعيّ وهو آخر من روى عَنْهُ
بالسّماع.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَلَوِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَدَ الْقَطِيعِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ،
أَنَا أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخَلَّصُ،
نا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، ثنا أَبُو الرَّبِيعِ
الزَّهْرَانِيُّ، نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ بِلَالٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ تِلْقَاءَ
وَجْهِهِ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [3] ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، فَوَافَقْنَاهُ. قال
ابن السَّمْعانيّ: أبو بَكْر بْن الزّاغُونيّ، شيخ صالح، متديّن،
مَرْضِيّ الطّريقة. قرأتُ عليه أجزاء، وكان له دُكّان يجلّد فيها. ولد
سنة ثمان وستّين وأربعمائة، وتوفي في الثالث والعشرين من ربيع الآخر.
قلت: وفي هذا الشّهر سمع منه: الدّاهريّ. وآخر من روى عنه بالإجازة ابن
المقير. عاش بعده نيّفا وتسعين سنة.
__________
[1] في الأصل: «اليرني» والتصحيح من: المشتبه في الرجال 2/ 477،
والنسبة إلى عبرتا: بفتح العين المهملة والباء الموحّدة، وتاء مثناة من
فوقها. وهي كرخ عبرتا. (التكملة لوفيات النقلة 3/ 137 رقم 2013، توضيح
المشتبه 6/ 385 و 7/ 315) ، وقال ياقوت: كرخ عبرتا.
وعبرتا: من نواحي النهروان ينسب إليه أبو محمد عَبْد السّلام بْن يوسُف
بْن مُحَمَّد بْن عبد السلام العبرتي الكرخي من كرخ عبرتا وهو خطيبها.
سمع من أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي مجلدين من أماليه الرابع
والخامس، وهو حيّ في سنة 260 فيما أحسب. (معجم البلدان 4/ 449) قلت
هكذا وقع في المعجم، وهو سهو، والصحيح 620 هـ. إذ المعروف أن العبرتي
هذا توفي سنة 622 هـ.
[2] الداهري: بالدال المهملة المشدّدة. نسبة إلى الداهرية، قرية من قرى
نهر عيسى، من أعمال بغداد. (توضيح المشتبه 4/ 261، وانظر المشتبه 1/
331) .
[3] في الحج (389) باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها.
(38/100)
وكان غاية فِي حُسن التّجليد اصطفاه
المقتفي باللَّه لتجليد خزانة كُتُبه، رحمه اللَّه تعالى [1] .
74- مُحَمَّد بْن المباركُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مُحَمَّدِ بْنِ الخلّ [2] .
الإمام أبو الْحَسَن بْن أبي البقاء البغداديّ، الفقيه الشّافعيّ.
كان إماما بارعا، خبيرا بالمذهب.
تفَقه على: أَبِي بَكْر الشّاشيّ، والمستظهريّ. ودرّس، وأفتى، وصنَّف،
وتفرَّد بالفتوى ببغداد فِي المسألة الشّرعيّة.
وصنّف كتابا سمّاه «توجيه التّنبيه على صورة الشَّرْح» وهو مختصر، وذاك
أوّل شرح صُنِّف للتّنبيه. وصنَّف كتابا فِي أصول الفقه.
وقد سمع الحديث مِنْ جماعة من الكبار، وحدَّث عن أبي عَبْد اللَّه
النِّعاليّ، ونصر بْن أبي الخَطَّاب بْن البَطِرِ، وثابت بْن بُنْدار،
وأبي عَبْد اللَّه بْن البُسْريّ، وجعفر السّرّاج، وأبي بَكْر
الطُّرَيْثيثيّ، وأبي الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام
الْأَنْصَارِيّ، وأبي غالب الباقِلانيّ، وأبي الْحَسَن بن الطّيوريّ،
وآخرين.
__________
[1] وقال ابن نقطة: حدّث بكتاب «الصحيح» لمسلم عن أبي الفتح- ويقال-
أبو الليث- نصر بن الحسن بن القاسم الشاشي التنكيّ ... وكان ثقة.
(التقييد) .
[2] انظر عن (محمد بن المبارك) في: المنتظم 10/ 179، 180 رقم 269 (18/
122، 123 رقم 4219، وتاريخ إربل (انظر تراجم الأعلام) 2/ 42، والكامل
في التاريخ 11/ 217 وذكره في وفيات سنة 551 هـ.، وطبقات الفقهاء
الشافعية لابن الصلاح 1/ 244، 245 رقم 66، ووفيات الأعيان 4/ 227، 228،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 31، ومعجم الألقاب 4/ 870، والعبر 4/ 150،
وسير أعلام النبلاء 20/ 300- 302 رقم 204، والإعلام بوفيات الأعلام
227، والمشتبه 1/ 168، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 1/
187، ودول الإسلام 2/ 69، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 36، والوافي
بالوفيات 4/ 381، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 176، 177، وطبقات
الشافعية للإسنويّ 1/ 486، 487، والبداية والنهاية 12/ 237، ومرآة
الجنان 3/ 302، 303، وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط) ورقي 27 أوب،
وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 338، 332، رقم 298، والنجوم الزاهرة
2/ 327، وكشف الظنون 1/ 489، وشذرات الذهب 4/ 164، 165، وهدية العارفين
2/ 93، والأعلام 7/ 239، ومعجم المؤلفين 11/ 170، وديوان الإسلام 2/
241، 242 رقم 882.
(38/101)
روى عنه: عبد الخالق بن أسد، وأبو سَعْد
بْن السَّمْعانيّ، وأحمد بْن طارق الكَرْكيّ، والفتح بْن عَبْد
السّلام، وجماعة آخرهم وفاة أبو الْحَسَن القَطِيعيّ.
وقيل: كان النّاس يتحيّلون على أخذ خطّه فِي الفتاوى لحُسْن خطّه لا
للحاجة إلى الفُتْيا.
وُلِدَ سنة خمس وسبعين وأربعمائة.
قال ابن السَّمْعانيّ: هُوَ أحد الأئمّة الشافعيَّة ببغداد، بَرَع فِي
العِلْم وهو مُصيب فِي فتاويه، وله السّيرة الحَسَنَة والطّريقة
الجميلة. خشن العَيْش، تارك للتكلُّف، على طريقة السَّلَف. حِلْسٌ [1]
بمسجده الَّذِي بالرّحْبَة لا يخرج منه إلّا بقدْر الحاجة [2] .
وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [3] : تُوُفّي فِي المُحَرَّم.
ودُفِن بالورديَّة [4] .
وتُوُفيّ أخوه:
أبو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن الخَلّ الشّاعر [5] فِي ذي القعدة من
السَّنَة أيضا.
قلت: وكان فقيها أيضا، وعاش سبعا وسبعين سنة [6] .
__________
[1] حلس: بالحاء المهملة وسكون اللام، أي ملازم له.
[2] طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 244، 245، وزاد ابن
السمعاني: وهو الّذي تفرّد في الفتوى بالسريجية الساعة ببغداد.
[3] في المنتظم 10/ 180 (18/ 123) .
[4] في المنتظم: «باللوزية» . وذكر ابن الأثير وفاته في سنة 551 هـ.
وقال: جمع بين العلم والعمل، وكان يؤمّ بالخليفة في الصلاة. (الكامل
11/ 217) .
[5] انظر عن (أحمد بن الخلّ) في: وفيات الأعيان 4/ 227، 228، وسير
أعلام النبلاء 20/ 302 (في ترجمة أخيه محمد بن المبارك) ، والوافي
بالوفيات 7/ 303، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 488، وشذرات الذهب 4/
165، وعيون التواريخ 12/ 499.
وقيل: اسم أبي الحسين: الحسن. كذا سمّاه ابن النجار. (سير أعلام
النبلاء 20/ 302) .
وفي تاريخ إربل 1/ 172 رقم 77 ترجمة لأبي على الحسن بن أبي الحسن محمد
بن خلّ الإربلي الكردي. توفي سنة 558 هـ.
[6] في السير: مات عن سبعين سنة.
(38/102)
وقع الجزء الأوّل من مشيخة أبي الْحَسَن
لنا بعُلُوّ [1] .
75- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الصّمد.
أبو الفتح المطيع البلْخيّ، الفقيه الحنفيّ.
سمع: أبا القاسم أحمد بن محمد الخليلي.
أخذ عَنْهُ: السَّمْعانيّ.
مات فِي شعبان عن اثنتين وستِّين سنة.
76- مُحَمَّد بْن مَسْعُود بْن أَحْمَد بْن الشَّدَنْك [2] .
أبو الغنائم المَيْدَانيّ، البغداديّ. كان يسكن الميدان عند دار
البَسَاسِيريّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: شيخ صالح: مستور. سمع: أَبَا الْحُسَيْن عاصم
بْن الْحَسَن. كتبت عَنْهُ.
وتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من ربيع الأول.
قلت: وسمع: ابن رزق اللَّه التّميميّ، وغيره.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وهبة اللَّه بْن وجيه بْن السَّقَطيّ،
وعبد العزيز بْن الأخضر.
77- مُحَمَّد بْن يحيى بْن مُحَمَّد بْن مذّال [3] .
أبو الفضل بن النّفيس البغداديّ، العطّار.
__________
[1] وقال أبو الحسين أحمد بن حمزة ابن الموازيني الشافعيّ في
«الأربعين» له: أنشدنا الإمام المفتي أبو الحسن محمد بن المبارك ابن
الخلّ الشافعيّ ببغداد قال: أنشدنا الإمام أبو محمد جعفر بن أحمد بن
الحسين القارئ لنفسه:
لاح شيب بمفرقي يتلالأ ... وتولى عنّي الشباب فزالا
لاذ بالفكر في القيامة قلبي ... وتذكّرت النار والأغلالا
لا وربّ العباد لا حلت عن طاعة ... ربّي ولو بقيت خيالا
لا تلم هاربا إلى الله خوفا ... من ذنوب قد أورثته خبالا
لا تظنّنّ ما حييت بخلّاقك ... سوءا سبحانه وتعالى
(طبقات الفقهاء الشافعية لابن الصلاح 1/ 245) .
[2] انظر عن (محمد بن مسعود) في: سير أعلام النبلاء 20/ 293 (دون
ترجمة) ، والوافي بالوفيات 5/ 21 رقم 1981.
[3] انظر عن (محمد بن يحيى) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
(38/103)
شيخ صالح، روى عن: أبي الْحُسَيْن بْن
الطّيوريّ.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وابن سكينة، وأبو الفرج بن الجوزيّ.
توفّي في صفر.
78- مبشّر بْن أحمد بْن محمود بْن عَبْد اللَّه بن أحمد [1] .
أبو الفتوح النّكويّ، الأصبهانيّ، الزّاهد، الواعظ.
سمع: رزق الله التّميميّ، وأبا منصور بن شكرويه، وأبا حفص عمر بن أحمد
السّمسار.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ وقال: سَأَلْتُهُ عن مولده فقال: فِي
حدود سنة تسعٍ وسبعين وأربعمائة.
وروى عَنْهُ: يُوسُف بْن المبارك الخفّاف.
وقال مُعَمَّر بْن الفاخر: تُوُفّي مبشّر بْن أبي سَعْد الزّاهد رحمه
اللَّه فِي الثّامن والعشرين من صفر.
79- محمود بْن إِبْرَاهِيم [2] .
أخو أَبِي بَكْر [3] الصّالْحانيّ، الزّاهد.
سمع: أَبَا الخير بْن ررا.
كتب عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ [4] .
80- محمود بْن حُسَيْنِ بن محمد [5] .
الأصبهانيّ.
__________
[1] انظر عن (مبشر بن أحمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] انظر عن (محمود بن إبراهيم) في: التحبير 2/ 270، 271، رقم 937،
ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 252 ب.
[3] كنيته: أبو محمد.
[4] وهو قال: شيخ صالح. سمعت منه أوراقا من تاريخ أصبهان لأبي بكر بن
مردويه، بروايته عن أبي الخير، عنه.
[5] انظر عن (محمود بن حسين) في: التحبير 2/ 278 رقم 945، ومعجم شيوخ
ابن السمعاني، ورقة 254 ب.
(38/104)
سمع: رزق اللَّه التّميميّ، والثّقفيّ [1]
.
ويكُنّى أَبَا الفتح.
روى عَنْهُ: السَّمْعانيّ، وقال: مات فِي شوّال [2] رحمه اللَّه تعالى.
81- المغيث بْن يونس بْن مُحَمَّد بْن مغيث [3] .
أبو يونس القُرْطُبيّ، من بيت العِلم والرواية.
روى عن: أَبِيهِ، وأبي القاسم بن صواب، وأبي بحر بن العاص، وجماعة.
وشُووِّر بقُرْطُبة. وشرّق [4] بنفسه وببيته، وتُوُفيّ رحمه اللَّه فِي
رجب عن ستٍّ وستِّين سنة [5] .
82-[مَنْصُور] [6] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن صاعد بْن
مُحَمَّد [7] .
برهان الدِّين أبو القَاسِم بْن أبي سَعْد بْن أبي نصر الصّاعديّ،
النَّيْسَابُوريّ، قاضي نَيْسابور.
سمع من: جَدّه أبي نصر، وَأَبِي بَكْر بْن خَلَف الشّيرازيّ، وأبي
القَاسِم عَبْد الرَّحْمَن الواحديّ، وإسماعيل بْن عَبْد الغافر
الفارسيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وابنه عَبْد الرحيم.
وقال أبو سَعْد: كان جيّد الولاية، مشتغلا بالعبادة. لزِم الجامع مدّة
معتكفا. وكان شديد الامتناع عن التّحديث [8] .
__________
[1] هو الرئيس أبو عبد الله القاسم الثقفي.
[2] وكانت ولادته في حدود سنة ثمانين وأربعمائة.
[3] انظر عن (المغيث بن يونس) في: بغية الملتمس للضبّي 469، 470 رقم
1371.
[4] في البغية: «وشهد» .
[5] مولده سنة 486 هـ.
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر الترجمة.
[7] انظر عن (منصور بن محمد) في: التحبير 2/ 315، 316 رقم 1014،
والكامل في التاريخ 11/ 228، وسير أعلام النبلاء 20/ 294، والجواهر
المضيّة 2/ 183، 184، والعسجد المسبوك (مخطوط) ورقة 71 ب.
[8] وعبارته في التحبير: من بيت العلم والقضاء، وكان حميد السيرة في
ولايته، وقورا،
(38/105)
وقال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ فِي
«مُعْجَمه» ، وهو كلام أَبِيهِ على لسان عَبْد الرحيم: كان إماما،
فاضلا. عالِمًا، مَهيبًا، وَقُورًا، قصير اليد عن أموال النّاس، غير
أنّه كان شديد المَيْل إلى مذهب أهل العذْل، يعني المعتزلة، قرأ والدي
عليه جزءا ضخْمًا بجَهْدٍ. وسمعت منه الأوّل من «تاريخ نَيْسابور»
بروايته عن مُوسَى بْن عِمْرَانَ، عَنْهُ.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر [1] .
- حرف النون-
83- ناصر بْن سَلْمان بْن ناصر بْن عِمران بْن مُحَمَّد [2] .
أبو الفتح، العلّامة بْن أبي القَاسِم الْأَنْصَارِيّ،
النَّيْسَابُوريّ.
قال ابن السَّمْعانيّ [3] : كان إماما، مُناظرًا، بارعا فِي الكلام،
حاز قَصَب السَّبق فِيهِ على أقرانه. وصار فِي عصره واحدَ مَيْدانه.
وصنَّف التَّصانيف، وترسَّل من جهة السّلطان سَنْجَر إلى الملوك. مولده
سنة تسع وثمانين وأربعمائة.
قال: وكان صاحب أوقاف الممالك، وكان لا يتورَّع عن مال الوقف، ولا عن
بيع رِقاب أوقاف المساجد والُّرُبط. وكان يقول: يجب صرفها إليَّ لأنيّ
أذبّ عن الدِّين.
سمع: أَبَاهُ، وأبا الْحَسَن المَدِينيّ المؤذّن، والفضل بْن عبد
الواحد التّاجر.
__________
[ () ] ساكنا، حسن الطريقة، مشتغلا بالعبادة، لزم الجامع القديم
بنيسابور، وكان أكثر أوقاته معتكفا فيه.. فرأت عليه شيئا يسيرا بجهد.
ثم لما رحلت بابني أبي المظفّر إلى نيسابور، قرأت عليه جزءا. وقدم
علينا مرو في سنة اثنتين وخمسين.
[1] وكانت ولادته في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وأربعمائة بنيسابور.
[2] انظر عن (ناصر بن سلمان) في: التحبير 2/ 337، 338 رقم 1048، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 317، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 65.
[3] في التحبير 2/ 338.
(38/106)
وتُوُفيّ بمَرْو فِي جُمادى الأولى.
قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم السَّمْعانيّ، وأبوه.
84-[نصر] [1] بْن نصر بْن عليّ بْن يونس [2] .
أبو القَاسِم العُكْبَرِيّ [3] الواعظ، الشّافعيّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: شيخ واعظ، متودّد، متواضع.
وقال ابن النّجّار: كان يتكلّم في الأعزية.
سمع: أبا القاسم بن البسري، وعاصم بن الْحَسَن التُّنْكَتِيّ.
ثنا عَنْهُ: ابن ابنه مُحَمَّد بْن عليّ، وأبو أَحْمَد بْن سُكَيْنة،
وابن الأخضر، وعبد السّلام الدّاهريّ، وعمر بْن كَرم، وجماعة.
قلت: وروى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه
بْن الشَّيْخ عَبْد القادر، وعبد الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن الغزّال،
وسعيد بْن مُحَمَّد بْن الرزاز، وداود بْن ملاعب الوكيل، ويوسف بْن
عُمَر بْن نظام المُلْك، والحسن بْن إسحاق بْن الجواليقيّ، وأبو
الْحَسَن القَطِيعيّ وهو آخرهم.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة أبو الْحَسَن بْن المقيّر.
قال ابن الْجَوْزِيّ [4] : كان ظاهر الكياسة، يعِظ وعظ المشايخ،
ويتخَّيره النّاس لعمل الأعزية.
وُلِدَ سنة ستٍّ وستين وأربعمائة، وتُوُفيّ فِي ذي الحجَّة. ونشأ ولده
أبو مُحَمَّد على طريقته إلى أن مات سنة خمس وسبعين.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] انظر عن (نصر بن نصر) في: المنتظم 10/ 180 رقم 270 (18/ 123 رقم
4221، والعبر 4/ 150، وسير أعلام النبلاء 20/ 296، 297 رقم 200، ودول
الإسلام 2/ 69، والمعين في طبقات المحدّثين 165 رقم 1780، والإعلام
بوفيات الأعلام 227، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 320، والنجوم
الزاهرة 5/ 327، وشذرات الذهب 4/ 166.
[3] تحرّفت النسبة في شذرات الذهب إلى «الطبري» .
[4] في المنتظم.
(38/107)
- حرف الياء-
85- يحيى بْن عِيسَى بْن حَسَن بْن إدريس [1] .
أبو البركات الأنباري، الواعظ، الزّاهد، بغداديّ كبير القذر.
ذكره أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [2] فقال: قرأ القرآن على جماعة،
وسمع من: عَبْد الوهّاب الأنماطيّ، وغيره.
وقرأ النَّحو على الزَّبِيديّ وصَحِبَه مدّه.
وتفقّه على القاضي الحرّانيّ، ووعظ. وكان يبكي على المنبر من حين صعوده
إلى حين نزوله. وتعبّد فِي زاويته نحو خمسين سنة. وكان ورِعًا حَتَّى
إِنَّهُ عطِش مرَّةً فجيء بماءٍ [بارد] من بعض دُور الحكّام فلم يشرب.
وكان لا يفعل شيئا إلّا بنيَّة. وكان من جياد أَهْل السَّنَة ورزق
أولادا صالحين فسمّاهم أَبَا بَكْر، وعثمان، وعمر، وعليّ. وكان أمّارا
بالمعروف نهّاء عن المُنْكر مُسْتجاب الدّعوة، له كرامات ومنامات
صالحة، رَأَى فِي بعضها رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ [3] .
وَكَانَ هُوَ وزوجته يصومان النّهار ويقومان اللّيل، ويُحييان بين
العشائين، ولا يُفْطِران إلّا بعد العشاء. وحتّما أولادهما القرآن،
وأقرءا جماعة من النّساء والرجال، فَلَمّا تُوُفّي إلى رحمة اللَّه
قَالَتْ زوجته: اللَّهمّ لا تُحييني بعده. فماتت بعده بخمسة عشر يوما
[4] .
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عيسى) في: المنتظم 10/ 180 رقم 271 (18/ 123،
124، رقم 4222) ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 246،
247 رقم 1355، ومرآة الزمان 8/ 229، وعيون التواريخ 12/ 502، والبداية
والنهاية 12/ 237.
[2] في المنتظم.
[3] زاد ابن الجوزي: وفي بعضها أحمد بن حنبل، فقال المروذي: يا أبا عبد
الله هذا من أصحابنا. فقال: وهل يشك فيه؟
[4] في مرآة الزمان: فعاشت خمسة وعشرين يوما.
(38/108)
سنة ثلاث وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
86- أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْمَاعِيل.
المقدسيّ. جدّ الحافظ الضّياء.
قرأت بخطّ الحافظ حفيده أنّه تُوُفّي فِي شعبان بجبل قاسيون بجُنينة
الحمصيّ. وكان قد هاجر من نحو سنة. وخلَّف من الولد عَبْد الرَّحْمَن،
وإبراهيم والد البهاء، وعبد الواحد والد الضّياء، والرّضا، وفاطمة.
وأُمّهم مباركة عمَّة الشَّيْخ موفّق الدِّين.
وقد حجّ فأخذتهم العرب، وسلم له ذَهَبٌ جعله فِي شمعة ألْزَقَها بكفّه.
- حرف الجيم-
87- جَعْفَر بْن الْحَسَن بْن مَنْصُورٌ [1] .
أبو الفضل الكثيري القُومسيّ، البياريّ [2] المعبّر. وكان كُثَيْرٌ
جَدّهُ لأُمِّهِ.
ذكره ابن السَّمْعانيّ فقال: أديب، فاضل، شاعر، عابر [3] .
سمع: عَبْد الواحد بْن القشيريّ، وطبقته.
__________
[1] انظر عن (جعفر بن الحسن) في: التحبير 2/ 454، 455 رقم 17 (بالملحق)
، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 64 ب، ومعجم البلدان 1/ 517.
[2] البياري: بالكسر. مدينة لطيفة من أعمال قومس، بين بسطام وبيهق.
[3] أي مفسّر للأحلام.
(38/109)
وتُوُفيّ ببُخارى عن اثنتين وثمانين سنة
[1] .
روى عَنْهُ: هُوَ، وولده عَبْد الرحيم [2] .
- حرف الحاء-
88- الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد [3] .
أبو عليّ المُوسِيَابَاذيّ [4] ، الصُّوفيّ، الهَمَذانِيّ.
سمع: الفضل بْن أَبِي حرب الْجُرْجانيّ، وأبا الفتح عَبْدوس بْن
مُحَمَّد الهَمَذانِيّ.
مات فِي نصف رجب، وله تسعون سنة، فإنّه وُلِدَ فِي المُحَرَّم سنة
اثنتين وستِّين.
روى عَنْهُ: السَّمْعانيّ فِي «التّحبير» [5] .
وقال ابن النّجار: سمع مِن أَحْمَد بْن عِيسَى بْن عَبّاد الدّيَنَوريّ
صاحب ابن لال.
وعنه: المبارك بْن كامل.
__________
[1] مولده سنة 471 هـ.
[2] وقال ابن السمعاني: أنشدني أبو الفضل البياري من حفظه لنفسه
ببخارى:
محق الزمان لها عواقب تنقضي ... لا بدّ فاصبر لانقضاء أوانها
إنّ المحالة في إزالة شرّها ... قبل الأوان تكون من أعوانها
[3] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: التحبير 1/ 176 رقم 95، والأنساب 11/
520، ومعجم البلدان 5/ 222، والمختار من ذيل تاريخ بغداد لابن السمعاني
(مخطوط) ورقة 198.
[4] الموسياباذي: بضم الميم، وكسر السين المهملة، وفتح الياء المنقوطة
باثنتين من تحتها، وفتح الباء المنقوطة بواحدة بين الألفين، وفي آخرها
الذال المعجمة هذه النسبة إلى موسياباذ، وهي إحدى قرى همذان. (الأنساب)
. وقيّدها ياقوت: «موسياباذ» بفتح السين المهملة. (معجم البلدان) وقال:
منسوبة إلى رجل اسمه موسى.
[5] وفيه قال: كان شيخا، صالحا، ظريفا، كيسا، حسن الأخلاق، له رباط
بهمذان يخدم الصوفية فيه بنفسه، ويعتقدون فيه ... كتبت عنه بهمذان في
النوبة الثانية.
(38/110)
وله رِباط بهَمَذان. وكان ظريفا مطبوعا،
رحمه اللَّه تعالى.
89- الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن زكوّن.
أبو عليّ القَلانِسيّ.
دخل إلى الأندلس، وسمع منه ابن سُكّرة، وطبقته.
تُوُفّي ليلة عيد الفِطْر.
90- الْحَسَن بْن عليّ بْن عَبْد الملك بْن يُوسُف.
أبو مُحَمَّد الإسكافيّ. وإسكاف [1] بلدة بالنّهْروان.
كان حافظا للقرآن. قرأ على الشَّيْخ أبي مَنْصُورٌ الخيّاط وسمع منه،
ومن: أبي الفَرَج القَزْوينيّ، وَأَبِي الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد
السّلام الْأَنْصَارِيّ، وأبي مُحَمَّد السّرّاج.
روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن صالح الجبليّ، وأحمد بْن طارق، وعبد العزيز
بْن الأخضر.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر عن ثمانين سنة ببغداد.
- حرف السين-
91- سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد [2] .
أبو الفخر الكرابيسيّ [3] ، الهَمَذانِيّ، الصُّوفيّ، الرجل الصّالح.
سمع: جَدّه عَبْد الأحد بْن عليّ، وعبد الغفّار بْن منصور السّمسار،
وعبد الرحمن الدّونيّ.
__________
[1] إسكاف: بكسر الألف وسكون السين المهملة وفي آخرها الفاء. ناحية
ببغداد على صوب النهروان وهي من سواد العراق. (الأنساب 1/ 45) .
[2] انظر عن (سعيد بن محمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[3] الكرابيسي: نسبة إلى بيع الثياب.
(38/111)
مات فِي شوّال عن ثمانين سنة غير أشهر.
أخذ عَنْهُ السَّمْعانيّ.
- حرف العين-
92- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن نبهان بْن محرز [1] .
أبو مُحَمَّد الغَنَويّ [2] ، الزَّمِن، أخو الشّيخ أبي إسحاق
الغَنَويّ.
شيخ صالح، ساكن، مقرئ. تلا على أَبِي الخَطَّاب بْن الجرّاح.
قال ابن السَّمْعانيّ: وُلِدَ بالرّافقة ونشأ بحَرَّان وسكن بغداد.
وأجاز له على يد أخيه طِراد الزَّيْنَبيّ، ورزق اللَّه التّميميّ،
وجماعة.
وسمع من: أبي القَاسِم بْن بنان، وجماعة.
كتبتُ عَنْهُ، وقال لي: وُلِدتُ سنة ثمانٍ وسبعين.
وتُوُفيّ رحمه اللَّه فِي ثاني عشر ربيع الآخر.
93- عَبْد الأوّل بْن عِيسَى بْن شُعَيب بْن إِبْرَاهِيم بن إسحاق [3]
.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن محمد) في: معجم الشيوخ لابن السمعاني.
[2] الغنوي: بفتح الغين المعجمة والنون، وكسر الواو. هذه النسبة إلى
غنيّ وهو غني بن يعصر وقيل أعصر، واسمه منبّه بن سعد بن قيس بن عَيْلان
بن مضر. (الأنساب 9/ 184) .
[3] انظر عن (عبد الأول) في: التحبير 1/ 111، 612 في ترجمة أبيه «عيسى»
، والأنساب 7/ 47، والمنتظم 10/ 182، 383 رقم 274 (18/ 127 رقم 4225) ،
والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: السجزيّ، والشجري، ومعجم البلدان 3/
41، والتقييد 386، 87 رقم 501، والكامل في التاريخ 11/ 239، واللباب 2/
105، ووفيات الأعيان 3/ 226، 227، والروضتين 1/ 304، والعبر 4/ 151،
152، ودول الإسلام 2/ 70، وسير أعلام النبلاء 20/ 303- 311 رقم 206،
والمعين في طبقات المحدّثين 165 رقم 1781، والإعلام بوفيات الأعلام
228، وتذكرة الحفاظ 4/ 1315، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد 150- 152،
ومرآة الجنان 3/ 304، والبداية والنهاية 12/ 238، والوافي بالوفيات 18/
10/ 8، والوفيات لابن قنفذ 282 رقم 553، وعيون التواريخ 12/ 506، 507
وفيه:
«عبد الأول بن شعيب» ، والنجوم الزاهرة 5/ 328، وشذرات الذهب 4/ 166،
ودول الإسلام 4/ 379 رقم 2183.
(38/112)
مُسْند الوقْت، أبو الوقْت بْن أبي عَبْد
اللَّه السِّجْزيّ [1] الأصل، الهَرَوَيّ، المالينيّ [2] ، الصُّوفيّ،
رحمه الله.
ولد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة.
وسمع «الصّحيح» ، و «منتخب مسند عبد» ، و «كتاب الدّارميّ» ، من جمال
الإسلام أبي الْحُسَيْن عَبْد الرحمن بن محمد الدّاوديّ فِي سنة خمسٍ
وستِّين ببوشَنج، حمله أَبُوهُ إليها، وهي مرحلة من هَرَاة [3] .
وسمع من: أبي عاصم الفُضَيْل بْن يحيى، ومحمد بْن أبي مَسْعُود
الفارسيّ، وأبي يَعْلَى صاعد بْن هبة اللَّه الفُضَيْليّ، وبِيبي بِنْت
عَبْد الصّمد الهَرْثَميَّة، وأبي مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَن بْن
مُحَمَّد بْن عفيف البُوسَنْجيّ كلار، وأحمد بْن أبي نصر الكُوفانيّ
[4] كاكو، وعبد الوهّاب بْن أَحْمَد الثّقفيّ، وأبي القَاسِم أَحْمَد
بْن مُحَمَّد العاصميّ، ومحمد بن الحسين الفضلويي، وأبي عطاء عَبْد
الرَّحْمَن بْن أبي عاصم الجوهريّ، وأبي عامر محمود بْن القَاسِم
الْأَزْدِيّ، وشيخه شيخ الإسلام عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ، وأبي
المظفَّر عَبْد اللَّه بْن عطاء البغاوَرْدَانيّ، وأبي سعد حكيم بْن
أَحْمَد الإسْفَرَائينيّ، وأبي عدنان القَاسِم بْن عليّ الْقُرَشِيّ،
وأبي القَاسِم عَبْد اللَّه بْن عُمَر الكَلْوَذَانيّ، وأبي الفتح نصر
بْن أحمد الحنفيّ، وغيرهم.
__________
[1] السّجزيّ: بكسر السين المهملة، وسكون الجيم، وفي آخرها. الزاي. هذه
النسبة إلى سجستان. قال ابن ماكولا: هذه النسبة على غير قياس. (الأنساب
7/ 43) .
[2] الماليني: بالياء المنقوطة باثنتين تحتها، بعد اللام المكسورة، وفي
آخرها النون، هذه النسبة إلى مالين، وهي في موضعين. أحدهما قرى مجتمعة
على فرسخين من هراة يقال لجميعها مالين، وأهل هراة يقولون: مالان.
ومالين أيضا قرية من قرى باخرز. (الأنساب 11/ 100) وأبو الوقت منسوب
إلى الأولى.
[3] التحبير 1/ 611، 612.
[4] في الأصل: «الكرماني» ، والتصحيح من: التقييد 386، وتوضيح المشتبه
7/ 345 وفيه:
«الكوفاني» بضم أوله، وسكون الواو، وفتح الفاء، تليها ألف، ثم نون
مكسورة.
(38/113)
وحدَّث بخُراسان، وأصبهان، وكَرْمان،
وهَمَذَان، وبغداد، واشتهر اسمه وازدحم عليه الطَّلَبة، وبقي كلّما
قدِم مدينةٌ تسامَعَ به الخلْق وقصدوه.
وسمع منه أُمم لا يُحْصَوْن.
روى عَنْهُ: ابن عساكر [1] ، وابن السَّمْعانيّ، وابنه عَبْد الرحيم،
وأبو الفتح بْن الْجَوْزِيّ، ويوسف بْن أَحْمَد الشّيرازيّ، وأحمد بْن
حمْد اللَّيْثيّ الأصبهانيّ، وحامد بْن محمود الرّوذَرَاوَرِيّ
المؤدَّب، والحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن نظام المُلْك، والحسين بْن
أَحْمَد الخَبّازيّ، والحسين بْن مُعَاذِ الهَمَذانِيّ، وسفيان بْن
إِبْرَاهِيم بْن مَنْدَهْ، وأبو ذَرّ سُهَيْل بْن مُحَمَّد البُوسَنجيّ
[2] ، وأبو الضوء شهاب الشَّذَبَانيّ، وأبو رَوْح عَبْد المُعِزّ، وعبد
الْجَبَّار بْن بُنْدار الهَمَذانِيّ القاضي، وعبد الجليل بْن
مَنْدوَيْه، وأحمد بْن عَبْد اللَّه السُّلَميّ العَطَّار، وعثمان بْن
عليّ الوَرْكانيّ الهَمَذانِيّ، وعثمان بْن محمود الأصبهانيّ، وفضل
اللَّه بْن مُحَمَّد البُوسَنْجيّ، ومحمد بْن ظَفَر بْن الحافظ
الطّرقيّ، وأخوه محمود، ومحمد بْن عَبْد الرّزّاق الأصبهانيّ، ومحمد
بْن عَبْد الفتّاح البُوسَنْجيّ، ومحمد بْن عطّيَّة اللَّه
الهَمَذانِيّ، ومحمد بْن مُحَمَّد بْن سرايا البلديّ المَوْصِليّ،
ومحمد بْن مَسْعُود البُوسَنْجيّ، ومحمود بْن الواثق البَيْهَقِيّ،
ومحمود شاه بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل اليعقوبيّ الهَرَويّ، ومقرَّب
بْن عليّ الهَمَذانِيّ الزّاهد، ويحيى بن سعد الرّازيّ الفقيه، ويوسف
بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن نظام المُلْك
البغداديّ، وحمّاد بْن هبة اللَّه الحربيّ، وعمر بْن طَبرْزَد، وأبو
مَنْصُور بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد الرّزّاز، وعمر بن محمد الدّينوريّ
السّديد الصّوفيّ، ويحيى بن عبد الله بن السّهرورديّ، وأنجب بن عليّ
الدارقزيّ الدّلّال، وعبد العزيز بْن أَحْمَد بْن النّاقد، ومحمد بْن
عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العزّ الواسطىّ نزيل المَوْصِل، ومحمد بْن
أَحْمَد بْن هبة اللَّه الرُّوذَرَاوَريّ، وداود بْن بُندار الجيليّ،
وأبو العبّاس محمد بن عبد الله
__________
[1] في مشيخته (مخطوط) ورقة 98 أ.
[2] ترد: البوسنجي والبوشنجي.
(38/114)
الرّشيديّ المقرئ، ويحيى بْن عَبْد
الْجَبَّار الصُّوفيّ، ومحمد بْن أبي عليّ الشَّطَرَنْجِيّ، وعليّ بْن
أبي الكَرَم العُمَريّ، وأحمد بْن ظَفَر بْن الوزير ابن هُبَيْرة،
وإسماعيل بْن مُحَمَّد بْن خُمارتِكِين، وعبد الواحد بْن المبارك
الخُرَيْميّ، ومحمد بْن أَحْمَد بْن العريسة الحاجب، ومحمد بْن هبة
الله بن المُكْرَم، وعبد الغني بْن عبد العزيز بْن البُنْدار، ومظفَّر
بْن أبي السّعادات بْن حَرِّكْها، وعليّ بْن يُوسُف بْن صَبُوخا، وأحمد
بْن يُوسُف بْن صِرْما، ومحمد بْن أبي القَاسِم المَيْبُذِيّ [1] ،
وزيد بْن يحيى البَيْع، وعبد اللّطيف بْن المُعَمَّر بْن عساكر، وعمر
بْن مُحَمَّد بْن أبي الرّيّان، وأسعد بْن عليّ بْن صعلوك، والنّفيس بن
كرم، وعبد الله ابن إِبْرَاهِيم الهَمَذانِيّ الخطيب، وأبو جَعْفَر
عَبْد اللَّه ابن شريف الرحبة، وعبد الرَّحْمَن بْن أبي العزّ ابن
الخبّازة، ومحمد بْن عُمَر بْن خليفة الرُّوبَانيّ [2] ، وأبو المحاسن
مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن المراتبيّ البَيِّع، وأبو الْحَسَن
عليّ بْن بُورْنداز، وأبو حفص عُمَر بْن أعَزّ السُّهْرَوَرْدِيّ [3] ،
وأبو هُرَيْرَةَ مُحَمَّد بْن لَيْث بْن الوسطاني، وصاعد بْن عليّ
الواعظ بإربل، وأبو بَكْر مُحَمَّد بْن المبارك المستعمل، وأبو عليّ
الْحَسَن بْن الجواليقيّ، وأبو الفتح مُحَمَّد بْن النّفيس بْن عطاء،
وأبو نصر المهذّب بْن قُنَيْدة، وعبد السّلام بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن
سُكَيْنَة، وعبد الرَّحْمَن بْن عتيق بْن صيلا، وأبو الرِّضا مُحَمَّد
بْن أبي الفتح المبارك بْن عَصِيَّة، وعبد السّلام بْن عَبْد اللَّه
بْن بَكْر بْن الزَّبِيديّ، وعمر بْن كَرَم الحمّاميّ، وأمَةُ الرّحيم
بنت عفيف
__________
[1] الميبذي: بفتح الميم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وضمّ
الباء المنقوطة بواحدة، وفي آخرها الذال المعجمة. هذه النسبة إلى ميبذ
وهي بلدة بنواحي أصبهان من كور إصطخر فارس قريبة من يزد. (الأنساب 11/
557) .
وفي سير أعلام النبلاء 20/ 305 «الميندي» ، بضم النون بدل الباء
الموحّدة، ودال مهملة.
[2] الرّوباني: بالباء الموحّدة، كما نصّ المؤلّف رحمه الله على ذلك في
سير أعلام النبلاء 20/ 305.
[3] في الأصل: «الشهرزوريّ» ، والتصحيح من: التكملة لوفيات النقلة 3/
202 رقم 2152، وسير أعلام النبلاء 20/ 305.
(38/115)
النّاسخ، وعبد الخالق بن أبي الفضل بن
عريبة، وظَفَر بْن سالم البيطار، وإبراهيم بْن عَبْد الرَّحْمَن
المواقيتيّ، وعبد البَرِّ بْن أبي العلاء الهَمَذانِيّ، وأحمد بْن
شِيرُوَيْه بْن شهروار الدَّيْلَميّ وبقي إلى سنة خمس وعشرين، وعبد
اللَّه بْن عَبْد اللَّه عتيق ابن باقا [1] ، وزكريّا بْن علي التغلبي،
وعليّ بْن أبي بَكْر بن روزبه القَلانِسِيّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد
المَدِينيّ، وأبو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر القَطِيعيّ،
وأبو المُنَجّا عَبْد اللَّه بْن عِمران اللَّتّيّ، وأبو بَكْر
مُحَمَّد بْن مَسْعُود بْن بهروز.
وآخر من ذُكِر أنّه سمع منه أبو سَعْد ثابت بْن أَحْمَد بْن أبي بَكْر
مُحَمَّد بْن الخُجَنْدِيّ الأصبهانيّ، نزيل شِيراز، فإنْ كان سمع منه
فسماعه عَنْهُ فِي الخامسة، فإنّهُ وُلِدَ سنة ثمانٍ وأربعين.
وسماع الأصبهانيّين من أبي الوقْت سنة اثنتين وخمسين أو قبلها.
وتُوُفيّ هذا الخُجَنْدِيّ فِي سنة سبْعٍ وثلاثين.
وروى عَنْهُ بالإجازة: جَهْمة أخت رشيد بْن مَسْلَمَة الدّمشقيّ
وتُوُفيّت سنة ثمانٍ وثلاثين، وأبو الكَرَم مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد
بْن أَحْمَد المتوكّلي، ويُعرف بابن شفتين، ومات سنة أربعين، وكريمة
بِنْت عَبْد الوهّاب الْقُرَشِيَّة وتُوُفيّت فِي جُمادى الآخرة سنة
إحدى وأربعين وهي آخر من روى عَنْهُ بالإجازة الخاصَّة.
وذكره ابن السَّمْعانيّ فقال: شيخ صالح، حَسَن السَّمْت والأخلاق،
متودَّد، متواضع، سليم الجانب، استسعد بصُحْبة الإمام عَبْد اللَّه
الْأَنْصَارِيّ وخدمه مدَّة، وسافر إلى العراق، وخُوزسْتان، والبصْرة،
وقدِم بغدادَ ونزل رِباط البِسْطاميّ، فيما ذكره لي وسمعتُ منه
بَهَرَاة، ومالين.
وكان صَبُورًا على القراءة، محِبًّا للرواية. وحدّث «بالصّحيح» ،
__________
[1] في السير 20/ 305 «وعبد الرحمن مولى ابن باقا» .
(38/116)
«ومُسْند عَبْد» ، والدّارميّ، عدَّة
نُوَب. وسمعتُ أنّ أَبَاهُ سمّاه مُحَمَّدًا، فسمّاه الإمام عَبْد
اللَّه الْأَنْصَارِيّ عَبْد الأوّل، وكنّاه بأبي الوقْت.
وقال الصُّوفيّ: ابن وقته.
وقال أبو سَعْد فِي «التّحبير» [1] فِي ترجمة والد أبي الوقْت إِنَّهُ
ولد بسجستان في سنة عشر وأربعمائة، وإنّه سمع من عليّ بْن بُشْرَى
اللَّيْثيّ الحافظ كتاب «مناقب الشّافعيّ» لمحمد بْن الْحُسَيْن
الآبُرِيّ [2] ، إلّا مجلسا واحدا، وهو من باب ما حكى عَنْهُ مالك إلى
باب سخائه وكرمه، بسماعه من الآبُرِيّ.
وقال: سكن هَرَاة، وهو صالح مُعَمَّر، له جدّ فِي الأمور الدّينيَّة،
حريص على سماع الحديث وطلبه حَمَلَ ابنه أَبَا الوقت على عاتقه إلى
بوشَنْج، وكان عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ يُكرمه ويراعيه.
قال: وسمع بغَزْنَة من الخليل بْن أبي يَعْلَى، وبهَرَاة من أبي
القَاسِم عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد بْن عِيسَى الخَطَّابيّ. وكتب
إليَّ بالإجازة لمسموعاته سنة سبْعٍ وخمسين، ومات بمالِين هَرَاة فِي
ثاني عشر شوّال سنة اثنتي عشرة، وقيل: سنة ثلاث عشرة. عاش مائة وثلاث
سِنين.
وقال زكيّ الدِّين البرْزَاليّ وغيره: طاف أبو الوقت العراق،
وخُوزسْتان، وحدَّث بِهَرَاة، ومالِين، وبُوشَنْج، وكَرْمان، ويَزْد،
وأصبهان، والكَرَج، وفارس، وهَمَذَان. وقعد بين يديه الحفاظ والوزراء،
وكان عنده كُتُب وأجزاء. وسمع عليه من لا يُحصى ولا يُحصر.
__________
[1] ج 1/ 611، 612.
[2] الآبريّ: بفتح الألف الممدودة وضم الباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها
الراء المهملة.
هذه النسبة إلى آبر وهي قرية من قرى سجستان. (الأنساب 1/ 89) وهو توفي
سنة 363 هـ.
وانظر ترجمته ومصادرها في (حوادث ووفيات 351- 380 هـ) ص 313.
(38/117)
وقال ابن الْجَوْزِيّ [1] : كان صَبُورًا
على القراءة عليه، وكان شيخا صالحا كثير الذكْر والتَّهجُّد والبكاء،
على سَمْت السَّلَف. وعزم فِي هذه السَّنَة على الحجّ، وهيّأ ما يحتاج
إليه فمات [2] .
وقال الحافظ يُوسُف بْن أَحْمَد فِي «الأربعين البلديّة» له، ومن خطّه
نقلت: ولمّا رحلت إلى شيخنا شيخ الوقْت ومُسْنَد العصْر ورحلة الدنيا
أَبِي الوقت، قدَّر اللَّه لي الوصول إليه فِي آخر بلاد كَرْمان على
طرف بادية سجستان، فسلّمت عليه وقبّلتهُ، وجلستُ بين يديه، فقال لي: ما
أَقْدَمَكَ هذه البلاد؟
قلت: كان قصْدي إليك، ومُعَوَّلي بعد اللَّه عليك. وقد كتبت ما وقع
إليَّ من حديثك بقلمي، وسعيت إليك بقدمي لأُدرك بركة أنفاسك، وأحظى
بعُلُوّ إسنادك.
فقال: وفقك اللَّه وإيّانا لمرضاته، وجعل سعْيَنا له، وقصْدنا إليه، لو
كنت عرفتني حقّ معرفتي لَمَا سلّمت عليّ، ولا جلست بين يديّ. ثُمَّ بكى
بكاء طويلا وأبكى من حَضَرَه، ثُمَّ قال: اللَّهمّ استُرْنا بسترك
الجميل، واجعل تحت السّتْر ما ترضى به عنّا. وقال: يا ولدي، تعلم أنّي
رحلت أيضا لسماع الصّحيح ماشيا مع والدي من هَرَاة إلى الدّاوديّ
ببُوشَنْج، وكان لي من العُمر دون عشر سِنين، فكان والدي يضع على يديّ
حَجَرين ويقول: احملهما فكنت من خوفه أحفظهما بيديّ، وأمشي وهو
يتأمّلني، فإذا رآني قد عَيِيت أمرني أن أُلقي حَجَرًا واحدا، فألقيه
ويخفّ عني، فأمشي إلى أن يتبيَّن له تعبي، فيقول لي: هل عييت؟
__________
[1] في المنتظم 10/ 183.
[2] وقال ابن الأثير: وكان قدم إلى بغداد سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة
يريد الحج، فسمع الناس بها عليه «صحيح البخاري» ، وكان عالي الإسناد،
فتأخّر لذلك عن الحجّ، فلما كان هذه السنة عزم على الحجّ فمات. (الكامل
11/ 239) .
(38/118)
فأخافه فأقول: لا.
فيقول: لِمَ تُقَصَّر فِي المشْي؟
فأُسرع بين يديه ساعة، ثُمَّ أَعجز، فيأخذ الحجر الآخر من يدي ويُلْقيه
عنّي، فأمشي حَتَّى أعطَبَ، فحينئذٍ كان يأخذني ويحملني على كتفه [1] .
وكنّا نلتقي على أفواه الطُّرق بجماعةٍ من الفلّاحين وغيرهم من
المعارف، فيقولون: يا شيخ عِيسَى، ادفع إلينا هذا الطِّفْل نُرْكِبه
وإيّاك إلى بُوشَنْج، فيقول: مَعَاذَ اللَّه أن نركب فِي طلب أحاديث
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجاء ثوابه
والانتفاع به.
وكان ثمرة ذلك حسن نيَّة والدي، رحمه اللَّه، أنّي انتفعت بسماع هذا
الكتاب وغيره، ولم يبق من أقراني أحدٌ سِوايَ، حَتَّى صارت الوفود ترحل
إليَّ من الأمصار.
ثُمَّ أشار إلى صاحبنا عَبْد الباقي بْن عَبْد الْجَبَّار الهَرَوي أن
يقدِّم لي شيئا من الحَلْواء، فقلت: يا سيّدي قراءتي بجزء عليّ بْن
الْجَهْم أحبّ إليَّ من أكل الحَلْواء. فتبسَّم وقال: إذا دخل الطّعام
خرج الكلام. وقدَّم لنا صحنا فِيهِ حلْواء الفانِيذ. فأكلنا، ثُمَّ
أخرجت الجزء وسألته إحضار الأصل، فأحضره وقال: لا تَخَفْ ولا تَحْرص،
فإنّي قد قبرت ممّن سمع عليَّ خلْقًا، فَسَل اللَّه السّلامة. فقرأت
الجزء وَسُرِرْتُ به، ويسَّرَ اللَّهُ سماع «الصّحيح» وغيره مِرارًا،
ولم أزل فِي صُحْبته وخدمته إلى أن تُوُفّي فِي بغداد فِي ليلة
الثّلاثاء من ذي القعدة.
قلت: بيّض لليوم، وهو سادس الشّهر.
__________
[1] وقال أبو سعد بن السمعاني: سمعت أن والده عيسى حمله على رقبته من
هراة إلى بوسنج، وسمّعه «مسند الدارميّ» ، و «صحيح البخاري» ، و
«المنتخب من حديث عبد بن حميد» ، وسمعت أن والده سمّاه مُحَمَّدًا
فسمّاه الإمام عَبْد اللَّه الْأَنْصَارِيّ:
عبد الأول، وكنّاه بأبي الوقت.
(38/119)
قَالَ: وَدَفَنَّاهُ بِالشُّونِيزِيَّةِ.
قَالَ لِي: تَدْفِنِّي تَحْتَ أَقْدَامِ مَشَايِخِنَا
بِالشُّونِيزِيَّةِ. وَلَمَّا احْتَضَرَ سَنَدْتُهُ إِلَى صَدْرِي،
وَكَانَ مُشْتَهِرًا بِالذِّكْرِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْقَاسِمِ الْعُوفِيُّ، فَأَكَبَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا سَيِّدِي،
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ
آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» [1] .
فَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْهِ، وَتَلَا هذه الآية: يَا لَيْتَ قَوْمِي
يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكْرَمِينَ 36:
26- 27 [2] فدهش إليه هو ومن حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم
السّورة، وقال: الله الله الله، ثمّ توفي وهو جالس على السّجّادة [3] .
وقال ابن الجوزيّ [4] : حدّثني محمد بن الحسين التكريتيّ الصّوفيّ قال:
أسندته إليّ فمات وكان آخر كلمة قالها: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكْرَمِينَ 36: 26- 27.
قرأت بخطّ الحافظ يُوسُف بْن أَحْمَد: أنشدنا الزَّيْنَبيّ أبو الفضل
مُحَمَّد بْن الفَضَل بْن بركاهَويْه لنفسه وقد دخل على أَبِي الوقت
فِي النّظاميَّة بأصبهان، وشاهد اجتماع العلماء والحُفّاظ فِي مجلسه
عند الإمام صدْر الدِّين مُحَمَّد بْن عَبْد اللّطيف الخُجَنْديّ،
والحافظ أبو مَسْعُود كُوتاه يقرأ عليه الصّحيح:
أتاكُمُ الشَّيْخ أبو الوقتِ ... بأحسن الأخبار عن ثَبْتِ
طوى إليكم علمه ناشِرًا ... مراحِل الأبرق والخبثِ
الحَقَ بالأشياخ أطفالكم ... وقد رمى الحاسد بالكتب
__________
[1] أخرجه أبو داود في الجنائز، رقم 311 باب في التلقين، وأحمد في
المسند 5/ 233، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 1/ 351، ووافقه
الذهبي في تلخيصه.
[2] سورة يس، الآيتان 26 و 27.
[3] وقال ابن شافع في تاريخه: كان شيخا صالحا، ألحق الصغار بالكبار،
ورأى في رئاسة التحديث ما لم ير أحد من أبناء جنسه.
وقال ابن نقطة: وكان حاضر الذهن، مستقيم الرأي وسماعه بعد الستين
وأربعمائة، وصحب شيخ الإسلام- يعني أبا إسماعيل- نيفا وعشرين سنة.
(التقييد) .
[4] في المنتظم 10/ 183.
(38/120)
فمِنَّة الشَّيْخ بما قد روى ... كمِنَّةِ
الغَيْث على النَّبْتِ
بارك فِيهِ اللَّه مِن حامِلٍ ... خُلاصَةَ الفِقْه إلى المُفْتي
انتهِزُوا الفرصة يا سَادَتي ... وحصِّلُوا الإسْنَادَ فِي الوقْت
فإنّ مَن فَوَّتَ ما عِنْدَه ... يَصِيرُ ذا الحَسْرة والمَقْتِ [1]
94- عَبْد الْجَبَّار بْن عَبْد الْجَبَّار بْن مُحَمَّد بْن ثابت بْن
أَحْمَد [2] .
أبو مُحَمَّد الثّابتيّ [3] ، الخَرَقيّ [4] ، المَرْوَزَيّ.
فقيه بارع فاضل. تفقَّه على تاج الإسلام أبي بَكْر بْن السَّمْعانيّ،
وعلى الإمام أبي إسحاق إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد المَرْوَرُّوذيّ، ثُمَّ
اشتغل فِي الحساب والهندسة، وتجاوزها إلى علوم الأوائل، ومع ذلك كان
حَسَن الصّلاة [5] .
سمع الكثير من الحديث فانتفع به، وجمع تاريخا لمَرْو [6] .
وسمع: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن السَّمْعانيّ، وإسماعيل بْن أَحْمَد
البَيْهَقِيّ.
روى عَنْهُ: عبد الرحيم بن السَّمْعانيّ، وقال: وُلِدَ بقرية خَرَق فِي
سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
وتُوُفيّ بمرْو يوم عيد الفِطْر. قاله أبو سعد وحدّث عنه في «التّحبير»
.
__________
[1] في سير أعلام النبلاء 20/ 310: أنبأنا طائفة عن ابن النجار قال:
أنشدنا داود بن معمر بأصبهان، أنشدنا محمد بن الفضل العقيلي لنفسه في
سنة إحدى وخمسين. وذكر الأبيات.
[2] انظر عن (عبد الجبار بن عبد الجبار) في: التحبير 1/ 421، 422 رقم
380، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 143، وطبقات الشافعية للإسنويّ
1/ 331، 332، والوافي بالوفيات 18/ 39 رقم 38، والجواهر المضيّة 1/
305، والفوائد البهية 78، 79.
[3] تحرّفت هذه النسبة في (طبقات الشافعية للإسنويّ) إلى: «التابتي» .
[4] تحرّفت هذه النسبة في (طبقات الشافعية للإسنويّ) إلى: «الحرقي» .
[5] زاد في (التحبير) : «نظيف الثياب» .
[6] وقال ابن السمعاني: جمع تاريخا لمرو غير مسند ذكر فيه أحوال الأئمة
والمحدّثين والعلماء أستحسنه. سمعت منه أحاديث يسيرة قبل خروجي إلى
الرحلة.
(38/121)
95- عَبْد الجليل بن مُحَمَّد بن عَبْد
الواحد بن إبراهيم [1] بن شهر مرد [2] ابن مهرة.
الحافظ الكبير، أبو مَسْعُود الأصبهاني كُوتَاه [3] .
ذكره الحافظ أبو مُوسَى، وروى عَنْهُ، وقال فِيهِ: أوحد وقته فِي علمه
مع طريقته وتَوَاضعه. ثنا لفْظًا وحفظا [4] على مِنْبر وعْظه سنة تسع
عشرة [5] وخمسمائة، وسمعته يقول: ولدت سنة ستّ وسبعين وأربعمائة.
وقال ابن السَّمْعانيّ [6] : من أولاد المحدّثين: حَسَن السِّيرة، مكرم
الغُرباء، فقير، قَنُوع، صحِب والدي مدَّة مُقامه بأصبهان، وسمع
بقراءته الكثير، وله معرفة تامَّة بالحديث، وهو مِن متقدّمي أصحاب
شيخنا إِسْمَاعِيل الحافظ [7] .
سمع: رزق اللَّه التّميميّ، وأحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الذَّكْوانيّ،
وأبا بَكْر بْن ماجة الأَبْهَريّ، وأبا عَبْد اللَّه الثّقفيّ، وجماعة
كبيرة من أصحاب أبي سَعِيد النّقّاش، وأبي نعيم.
__________
[1] انظر عن (عبد الجليل بن محمد) في: الأنساب 3/ 341، 342، والتحبير
1/ 432- 434 رقم 392، والمنتظم 10/ 182 رقم 273 (18/ 126، 127 رقم
4224) ، ومعجم البلدان 2/ 76) واللباب 1/ 302، وتذكرة الحفاظ 4/ 1314،
1315، وسير أعلام النبلاء 20/ 329- 331 رقم 223، والمعين في طبقات
المحدّثين 166 رقم 1782، والإعلام بوفيات الأعلام 228، والعبر 4/ 152،
والوافي بالوفيات 18/ 50 رقم 47، ومرآة الجنان 3/ 304، وتبصير المنتبه
1326، والنجوم الزاهرة 5/ 329، وطبقات الحفاظ 471، وشذرات الذهب 4/
167، ومعجم طبقات الحفاظ والمفسّرين 107 رقم 1054.
[2] في الأصل: «شهرد» والتصحيح من: التحبير.
[3] كوتاه: بالفارسية: القصير. وفي نسبه زيادة: «الجوباري» . نسبة إلى
جوبارة محلّة معروفة بأصبهان (التحبير) .
[4] في المنتظم: كان واحد بلدته حفظا وعلما ونفعا وصحّة عقيدة.
[5] في شذرات الذهب: «سبع عشرة» .
[6] في التحبير 1/ 432، 433.
[7] زاد في التحبير: «وعنه أخذ العلم وتخرّج عليه، غير أنه وقع بينهما
شيء قبل أن دخلت أصبهان فإن أبا مسعود كان يقول في النزول بالذات.
والإمام إسماعيل الحافظ كان ينكر عليه ويقول: إنّ السلف ما نقل عنهم
هذا» .
(38/122)
كتبتُ عَنْهُ وحضرت مجلس إملائه، وسمعتُ
أَبَا القَاسِم الحافظ بدمشق يُثني عليه ثناء حَسَنا، ويفخَّم أمره،
ويَصِفُه بالحِفْظ والإتقان.
قال أبو سَعْد [1] : ولمّا وردتُ أصبهان كان لا يخرج من داره إلّا
لحاجةٍ مهمَّة كان شيخه إِسْمَاعِيل الحافظ هَجَره ومنعه من حضور مجلسه
لمسألةٍ جَرَت فِي النُّزُول، وكان كُوتَاه يقول: أقول النّزول
بالذّات، وكان شيخنا إِسْمَاعِيل يُنكر هذا، وأمره بالرجوع عن هذا
الاعتقاد، فما فعل، فهجره لهذا [2] .
قلت: ورحل بعد الخمسمائة إلى بغداد، وحجّ وسمع، ورحل إلى نَيْسابور،
ولقي أَبَا بَكْر الشَّيرُويّيّ [3] .
وقد رُوِيَ عن ابن ماجة [4] بجزء لوَيْن [5] ، وكان عاليا له. وقد روى
عَنْهُ الكبار.
وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: ثنا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ زَاهِرٍ
بِنَيْسَابُورَ، نا أَبُو الْعَلاءِ صَاعِدُ بْنُ سَيَّارٍ الْحَافِظُ
إِمْلاءً، ثنا عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
الْوَاحِدِ بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنَا رَوْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الخرجانيّ [6] ،
أنا ابن خرّزاذ،
__________
[1] في التحبير 1/ 533.
[2] وقال ابن السمعاني: سمعت منه بأصبهان وقرأت عليه، وكتبت عنه مجلسا
في إملائه.
[3] الشيرويّيّ: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها
باثنتين، ضم الراء، وفي آخرها ياء أخرى. هذه النسبة إلى شيرويه، وهو
اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
(الأنساب 7/ 466) .
[4] هو أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة الأبهري الأصبهاني. سمع
جزء لوين من أبي جعفر بن المرزبان، وتفرّد بعلوّه في الدنيا. توفي سنة
481 هـ.
[5] لوين: هو الحافظ أبو جعفر محمد بن سليمان بن حبيب الأسدي. توفي سنة
246 هـ.
(تقدّمت ترجمته في الطبقة 25 (حوادث ووفيات 241- 250 هـ. / ص 438 رقم
437) .
[6] الخرجاني: بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء ثم جيم. نسبة إلى خرجان،
محلّة كبيرة بأصبهان. وهو: علي بن أحمد بن محمد بن الحسين الخرجاني
الأصبهاني. توفي سنة 420 هـ. (تقدّمت ترجمته في الطبقة 42- حوادث
ووفيات 401- 420 هـ- ص 485، 486 رقم 409) .
(38/123)
ثنا عَلِيُّ بْنُ رَوْحَانَ، نا أَحْمَدُ
بْنُ سِنَانٍ: سَمِعْتُ شَيْبَانَ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: مَا أَعْلَمُ
طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ أَقْصَرَ مِمَّنْ سَلَكَ طَرِيقَ
الْحَدِيثِ.
قلت: وهذا من جملة ما رَوَتْه كريمة بالإجازة عن عَبْد الجليل كُوتَاه،
وبين وفاتها ووفاة صاعد بْن سَيّار مائة وعشرون سنة، وذلك مُسْتفاد فِي
السّابق واللّاحق [1] .
وقد روى عَنْهُ: ابن عساكر، ويوسف بْن أَحْمَد الشّيرازيّ، وآخرون.
وتُوُفيّ فِي أوّل شعبان، وقيل فِي ثامنه [2] ، رحمه اللَّه.
96- عَبْد الرَّحْمَن بْن مدرك بْن عليّ [3] .
أبو سهل التّنوخيّ، المَعَرّيّ، الشّاعر.
زُلْزِلت حماه فِي رجب، فهلك جماعة تحت الردْم منهم أبو سهل.
روى عَنْهُ من شِعره أَبُو اليُسْر شاكر التُّنوخيّ الكاتب مُقَطَّعات،
فيها قوله:
سارَقْتُهُ نظرَة طال بها ... عذابُ قلبي وما له ذَنْبُ
يا جَوْر حُكْم الهَوَى ويا عَجَبًا ... تُسْرقُ عيني ويُقْطع القلبُ
97- عَبْد الكريم بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن يَحْيَى [4] .
أَبُو القَاسِم التّميميّ، النَّيْسَابُوريّ، الكاتب.
رئيس فاضل، لغويّ، شاعر.
__________
[1] ليس المقصود هنا كتاب «السابق واللاحق» للخطيب البغدادي.
[2] قال ابن السمعاني: توفي في أواخر سنة خمس أو أوائل سنة ست وخمسين
وخمسمائة، وقيل: صوابه في آخر رجب سنة ثلاث وخمسين، وبخط أحمد النايني:
مستهل شعبان ليلة الخميس سنة ثلاث وخمسين.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن مدرك) في: عيون التواريخ 12/ 507، وتاريخ
دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 15/ 34، 35 رقم 29، وخريدة القصر
(قسم شعراء الشام) 2/ 46، 47، والوافي بالوفيات 18/ 265، 266 رقم 322.
[4] انظر عن (عبد الكريم بن الحسن) في: معجم الشيوخ ابن السمعاني.
(38/124)
سمع: إِسْمَاعِيل بْن زُهْر النّوقانيّ،
وأبا إسحاق الشّيرازيّ الفقيه، وأبا بَكْر بْن خَلَف، وغيرهم.
روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، والمؤيّد الطُّوسيّ.
قال أبو سَعْد: كان صحيح السَّماع.
تُوُفّي رحمه اللَّه فِي رمضان.
ومن شعره:
سئمت تكاليف هذا الزّمان ... إلى كم أقاسي وحتّى مَتَى
فهل من إياب لوْصلٍ مضى ... وصل من ذَهاب لهجرٍ أتى
98- عَبْد الواحد بْن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن
إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بْن جَعْفَر [1] .
الإمام أبو الفتح الباقَرْحيّ [2] ، البغداديّ، من بيت الحديث.
تغرَّب وجال فِي الآفاق. وسمع ببغداد، وخراسان.
سمع: أباه، وأبا الْحَسَن العلّاف.
وتفقه على إلْكِيا الهَراسيّ.
وبخُراسان على الغَزَاليّ. وسمع بها من: إِسْمَاعِيل بْن الحسن
الفرائضيّ، وعبد الغفّار الشّيرويّيّ [3] .
وكان فقيها فاضلا، سكن غَزْنَة. ومولده سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
وتوفّي بغزنة في في أواخر العام ظنّا.
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن الحسن) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار
15/ 218- 222 رقم 120، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 268.
[2] الباقرحي: بفتح الباء والقاف وسكون الراء وفي آخرها الحاء المهملة.
هذه النسبة إلى باقرح وهي قرية من نواحي بغداد. (الأنساب 2/ 48) .
وقد تحرّفت النسبة في طبقات السبكي إلى «الباقرجي» بالجيم.
[3] تقدّم التعريف بهذه النسبة في حاشية الترجمة رقم (95) .
(38/125)
قال ابن النّجّار: كان مقدَّمًا فِي الأدب
وفي التَّرَسُّل درّس بالنّظاميَّة ثُمَّ عُزِل بأسعد المِيهَنيّ [1] .
99- عليّ بْن عساكر بْن سرور [2] .
أبو الْحَسَن المقدسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الخشّاب، الكيّال.
سمع: الفقيه أَبَا الفتح نصر بْن إِبْرَاهِيم ببيت المقدس، وأبا عَبْد
اللَّه الْحَسَن بْن أبي الحديد بدمشق وكان قد جاء إليها تاجرا، ثُمَّ
سكنها بعد أخْذ القدس.
وكان يصحب الفقيه نصر اللَّه المَصِّيصيّ.
وُلِدَ سنة ثمانٍ وخمسين وأربعمائة، وسمع سنة سبعين من أبي الفتح.
وتُوُفيّ فِي سنّ أبي الوقت صحيح الذِّهْن والجسم [3] .
__________
[1] وقال ابن النجار: قدم بغداد في يوم الأربعاء السابع والعشرين من
جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وخمسمائة ومعه كتب من السلطان سنجر بن ملك
شاه وابن أخيه محمود بن محمد إلى الديوان بتسليم المدرسة النظامية إليه
ليدرّس بها، فأجيب إلى ذلك بعد أن نفد الفقهاء بها من ذلك واجتهدوا في
منعه، فألزمهم الديوان بمتابعته، فدرّس بها إلى شعبان من السنة
المذكورة، ثم وصل أسعد الميهني. حدّث ابن الباقرحي ببغداد بيسير. سمع
منه أبو بكر المبارك بن كامل الخفّاف، وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه،
وروى عنه في كتاب «سلوة الأحزان، من جمعه.
وقال إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الفرّاء: سمعت أبا الفتح عبد الواحد
بن الحسن ابن الباقرحي يقول: بتّ ليلة مفكرا في قلّة حظّي من الدنيا،
فرأيت في النوم مغنيا يغنّي، فالتفت إليّ وقال: اسمع أي شيخ:
أقسمت بالبيت العتيق وركنه ... والطائفين ومنزل القرآن
ما العيش في المال الكثير وجمعه ... بل في الكفاف وصحّة الأبدان
[2] انظر عن (علي بن عساكر) في: مشيخة ابن عساكر (مخطوط) 1/ ورقة 147،
ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 18/ 135 رقم 42، والعبر 4/ 152، 153،
وسير أعلام النبلاء 20/ 355، 356 رقم 245، والمعين في طبقات المحدّثين
166 رقم 1783، والإعلام بوفيات الأعلام 228، وعيون التواريخ 12/ 516،
والنجوم الزاهرة 5/ 329، وشذرات الذهب 4/ 167، 168.
[3] مختصر تاريخ دمشق.
(38/126)
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر، وابنه
القاسم، وأبو القاسم بن صصريّ، وآخرون.
توفّي فِي شوّال.
100- عليّ بْن هبة اللَّه بْن عليّ بْن عَبْد الملك بْن يُوسُف.
الصُّوفيّ، أبو الْحَسَن.
كان كثير الكلام فيما لا يعنيه.
روى عَنْ: ثابت بْن بُنَدَار، والحسين بْن عليّ بْن البُسْريّ،
وغيرهما.
وتُوُفيّ إن شاء اللَّه فِي هذه السَّنَة.
101- عُمَر بْن أَحْمَد بْن مَنْصُور بْن أبي بَكْر مُحَمَّد بْن
القَاسِم بْن حبيب [1] .
العلّامة أبو حفص بْن الصّفّار النَّيْسَابُوريّ، خَتَن أبي نصر
القُشَيْريّ على ابنته.
ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
وسمع بقراءة جَدّه إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الغافر بْن أبي بَكْر بْن
خَلَف، وأبي المظفَّر مُوسَى بْن عِمْرَانَ، وأبي تُراب عَبْد الباقي
المَرَاغيّ، وأبي القَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد الواحديّ،
وأبي الْحَسَن المَدِينيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابنه أبو سَعْد عَبْد اللَّه، وابن ابنه القَاسِم بْن
عَبْد اللَّه، وأبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، وابنه المظفَّر عَبْد
الرحيم، والمؤيَّد الطُّوسيّ، ومنصور الفُرَاويّ، ويحيى بْن الربيع
الواسطيّ الفقيه، وسليمان الموصليّ، وأخوه
__________
[1] انظر عن (عمر بن أحمد) في: المنتخب من السياق 372 رقم 1238،
والتقييد 395 رقم 517، والعبر 4/ 153، ومعجم الألقاب ق 1/ 431، وسير
أعلام النبلاء 20/ 337، 338 رقم 229، والمشتبه 1/ 233، وتذكرة الحفاظ
3/ 1315، والإعلام بوفيات الأعلام 228، والمعين في طبقات المحدّثين 166
رقم 1784، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 240، 241، وطبقات الشافعية
للإسنويّ 2/ 142، 743، والوافي بالوفيات 22/ 419 رقم 300، وعيون
التواريخ 12/ 516، وتبصير المنتبه 661، والنجوم الزاهرة 5/ 329، وشذرات
الذهب 4/ 168.
(38/127)
عليّ، وأبو الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد
الكريم الرافعيّ، وزينب الشّعْريَّة، وآخرون.
ولَقَبُه: عصام الدِّين. وكان من كبار أئمّة الشّافعيَّة.
قال حفيده القَاسِم: كان جدّي نظيرا لمحمد بْن يحيى، وكان يزيد على ابن
يحيى بعلم الأصلين.
وقال ابن السَّمْعانيّ: إمام، بارع، مبرّز، جامع لأنواع الفضل من
العلوم الشّرعيَّة، وكان سديد السّيرة، مُكْثِرًا من الحديث.
تُوُفّي يوم عيد الأضحى.
وقد ذكره عَبْد الغافر [1] فقال: شابّ فاضل، ديّن ورع، أصيل، من أحفاد
الْإِمَام أبي بَكْر بْن فُورَك، والفقيه أبي بَكْر الصّفّار، ومِن
أسباط أبي القَاسِم القُشَيْريّ. نشأ معي وفي حجْر الوالد مع أخيه أبي
بَكْر، وسمعا الكثير بإفادة جدّهما والدي، وأدركا إسناد السّيد أبي
الْحَسَن، والحاكم، وعبد اللَّه بْن يُوسُف، وهذا الإمام أحد وجوه
الفُقَهاء الآن، يُرجى له البقاء إنْ شاء اللَّه إلى وقت الرّواية [2]
.
102- عِيسَى بْن هارون.
أبو موسى المغربيّ، المالكيّ.
__________
[1] في المنتخب من السياق 372.
[2] وقال ابن نقطة: حدّث بمسند الإمام أبي عبد الله، الشافعيّ، عن نصر
الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي، وعلي بن أحمد المديني، وحدّث أيضا عن
أبي القاسم الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي حرب، وقدم بغداد وحدّث بها عن
أبي بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي وغيره. وكان ثقة.
حدّثنا عنه جماعة من أشياخنا، وحدّث عنه بالمسند يَحْيَى بْن الربيع
بْن سُلَيْمَان بْن حَرَّاز الفقيه أبو علي الواسطي، وثنا عنه سليمان،
وعلي ابنا محمد بن علي الموصلي بغيره.
رأيت بخط عمر بن الصفار في إجازة يذكر أن مولده في شهور سنة سبع وستين
وأربعمائة.
وكانت وفاته في ذي القعدة من سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. قاله ابن
الإخوة الغرناطي، وكان عمر ثقة. (التقييد) .
(38/128)
مدرس حلقة المالكيَّة بدمشق. إمام فِي
المذهب والفرائض.
- حرف الميم-
103- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ثابت [1] .
أبو العزّ بن الشَّيْرَجِيّ [2] ، البغداديّ.
روى عن: أبي الْحَسَن بْن أيّوب، وأبي سَعْد بْن خُشَيش.
وعنه: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، ومحمد بْن أبي غالب الباذرائيّ.
تُوُفّي فِي رمضان.
104- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي القَاسِم [3] .
أبو بَكْر النَّسَفيّ، اللُّؤلؤُيّ، نزيل بُخَارى.
سمع بنَسَف من: أبي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَلّديّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي نصف ربيع الآخر ببُخَارى.
105- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يَعْلَى.
أبو البركات ابن الصّائغ البغداديّ، المؤدّب.
كان مليح الخطّ، جيّد النّظم.
صحب أبا النّجيب السّهرورديّ مدَّةً طويلة.
وحدَّث عن: أَحْمَد بْن عَبْد القادر بْن يُوسُف.
روى عَنْهُ: المبارك بْن كامل، ويوسف بْن مقلّد.
وعاش إحدى وثمانين سنة.
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد الشيرجي) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] الشيرجي: بكسر الشين المعجمة، وسكون الياء، وفتح الراء، وفي آخرها
الجيم، هذه النسبة إلى بيع دهن الشيرج، وهو دهن السمسم، وببغداد يقال
لمن يبيع الشيرج: الشيرجي والشيرجاني. (الأنساب 7/ 454) .
[3] انظر عن (محمد بن أحمد اللؤلؤي) في: الأنساب 11/ 40.
(38/129)
106- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد
اللَّه بْن مُعَاذ [1] .
أبو بَكْر اللَّخْميّ، الإشبيليّ، المعروف بالفَلَنْقيّ.
أخذ القراءات من شُرَيْح، وخَلَفَه في حلقته، وترحّل إلى قلعة حَمَّاد،
فقرأ بها على أبي بَكْر عتيق بْن مُحَمَّد المقرئ تلميذ الْعَبَّاس بْن
نفيس الْمَصْرِيّ.
وروى عَن: أبي الْحَسَن بْن الأخضر، وأبي مروان الباجيّ، وأبي مُحَمَّد
بْن عَتّاب.
قال الأَبَّار [2] : كان إماما فِي صناعة الأقراء، مُجَوِّدًا،
مُسْندًا، مشارِكًا فِي العربيَّة، مليح الخطّ، له تأليف فِي القراءات
«سمّاه كتاب الإنماء إلى مذاهب السَّبْعة القراء» .
أخذ عَنْهُ: أبو الْحَسَن نجبة، وأبو مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه،
وأبو ذرّ الخَشَنيّ.
واستوطن فارس وأقرأ بها.
وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم.
وآخر من تلا عليه بالسَّبْع الإمام مُحَمَّد بْن البوت الفاسيّ.
107- مُحَمَّد بْن أبي مَنْصُورٌ مُعَمَّر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد
[3] .
أبو رَوْح العبْديّ اللُّنبَانيّ [4] ، الأصبهانيّ.
روى عن: أبي مطيع، وسليمان بن إبراهيم الحافظ، ورزق الله.
__________
[1] انظر عن (محمد بن محمد بن عبد الله) في: تكملة الصلة لابن الأبار
2/ 488، ومعرفة القرّاء الكبار 2/ 529، 530 رقم 473، والوافي بالوفيات
1/ 126، وغاية النهاية 2/ 242 رقم 3420.
[2] في تكملة الصلة.
[3] انظر عن (محمد بن أبي منصور) في: الأنساب 11/ 33، وتوضيح المشتبه
7/ 362.
[4] اللّنباني: بضم اللام، وسكون النون، وفتح الباء المنقوطة بواحدة،
وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى محلّة كبيرة بأصبهان، ولها باب يعرف
بهذه المحلّة، يقال له: باب لنبان.
(38/130)
روى عنه: مُحَمَّد بْن أبي المكارم
المَدِينيّ شيخ الأَبَرْقُوهيّ، وأحمد بْن عُمَر بْن لَبِيدة، وعليّ
بْن يعيش، وجماعة.
حجَّ، وحدَّث ببغداد.
ومات فِي شوّال. وقع لنا حديثه عاليا.
108- المبارك بْن أَحْمَد بْن زُرَيق [1] .
أبو الفتح الواسطيّ، الحدّاد مقرئ أهل واسط وإمام جامعها، وأحد
الموصوفين بالحذق في القراءات.
قرأ علي: أبي العزّ القلانِسِيّ، وسِبْط الخيّاط.
وسمع من: أبي نُعَيْم الْجُماريّ [2] ، وخميس الحَوْزيّ، وأبي القَاسِم
بْن الحُصَيْن.
وصنَّف فِي القراءات.
روى عَنْهُ: ابنه المبارك بْن المبارك، وابن إِبْرَاهِيم بن البنّاء.
قَالَ ابن الدّبيثيّ [3] : سَمِعتُ الثّناء عَنْهُ جميلا.
وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم.
109- المبارك بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
أبو القَاسِم البغداديّ، الصَّيْرَفيّ، صاحب أبي بكر المزرفيّ.
سمع: طِرادًا الزَّيْنَبيّ، والنّعاليّ، وهبة الله بن عبد الرّزّاق.
وعنه: ابن سكينة، وعبد العزيز بن الأخضر.
__________
[1] انظر عن (المبارك بن أحمد) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 3/ 166 رقم 1114، ومعرفة القراء الكبار 2/ 43 رقم 484، تذكرة
الحفاظ 4/ 1315، وسير أعلام النبلاء 20/ 311 (دون ترجمة) ، وغاية
النهاية 2/ 37 رقم 2649.
وهو في الأصل: «رزيق» بتقديم الراء، وفي بعض المصادر «زريق» بتقديم
الزاي.
[2] في الأصل «الحماري» بالحاء المهملة. والتصويب من: معرفة القراء،
ومختصر ابن الدبيثي.
[3] في المختصر.
(38/131)
وكان شيخا صالحا، عاش نيّفا وسبعين سنة.
وتوفّي في ربيع الأوّل سنة ثلاث.
110- الْمُبَارَك بْن أَحْمَد بْن مَنْصُور [1] .
أبو مُحَمَّد بن الشّاطر [2] ، بغداديّ.
روى عنه: أبي سَعْد الأسَدِيُ [3] .
روى عَنْهُ: ابن الأخضر [4] ، وغيره.
وتوفّي في رمضان.
111- المبارك بن المبارك بن عليّ بن نصر [5] .
الإمام الزّاهد الكبير، أبو محمد بن التّعاويذيّ [6] ، الجوهريّ.
ولد سنة 476، وسمع: النَّعاليّ، وطِرادًا الزَّيْنَبيّ، وابن البطر
وحصّل الأجزاء، وصحب الشّيخ حمّادا الدّبّاس.
قال ابن النّجّار [7] : كان يتكلّم على لسان القوم، وله رياضات
ومقامات. ثنا عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة، وابن الأخضر، وابن الحصريّ. وكان
صدوقا [8] .
__________
[1] انظر عن (المبارك بن أحمد) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 3/ 166 رقم 1115.
[2] في المختصر: «أبو محمد بن أبي السعادات ابن الشاطر» .
[3] وروى عن: هبة الله بن علي بن الشريحي.
[4] وهو عبد العزيز بن الأخضر، وأبو المحاسن القرشي.
[5] انظر عن (المبارك بن المبارك) في: الأنساب 3/ 59، 60، واللباب 1/
217.
[6] التّعاويذي: بفتح التاء والعين المهملة وكسر الواو بعد الألف،
بعدها الياء آخر الحروف وفي آخرها الذال المعجمة، هذه النسبة إلى كتابة
التعاويذ.
[7] في الجزء المفقود من ذيل تاريخ بغداد.
[8] وقال ابن السمعاني: كَانَ شيخا صالحا، سديد السيرة، يقعد في سوق
الجوهريين ببغداد، وكان الناس يتبركون به، ولعلّ والده كان يرقي ويكتب
التعاويذ.. كتبت عنه أحاديث يسيرة، وعلّقت عنه بيتين من شعره أنشدناهما
من لفظه لنفسه.
(38/132)
تُوُفّي فِي جُمادى الأولى في سنة ثلاث.
112- المباركة بِنْت أبي بَكْر مُحَمَّد بْن مَنْصُور بْن عُمَر
الكرْخيّ.
وتُعرف بستّ الإخوة، أخت أَبِي البدر الكَرْخيّ.
سَمِعت من: عاصم بْن الْحُسَيْن.
وتُوُفيّت فِي ذي الحجَّة.
روى عَنْهَا: ابن طَبْرَزَد، وابن الأخضر، وثابت بْن مشرّف، وآخرون.
113- مَسْعُود بْن مُحَمَّد بْن غانم بْن مُحَمَّد [1] .
أبو المحاسن الغانِميّ [2] الهَرَويّ، الأديب.
وُلِدَ بطوس، ونشأ بنَيْسَابور، وتفقَّه ببلْخ، وسكن هَرَاة.
أجاز له: الأستاذ أبو القَاسِم القُشَيْريّ، وأبو صالح المؤذّن.
وسمع «مُسْند الهَيْثَم» من أبي القَاسِم أَحْمَد بْن مُحَمَّد
الخليليّ.
وسمع: أَبَا إسحاق إِبْرَاهِيم الأصبهانيّ، وأبا جَعْفَر
السَّمِنْجانيّ [3] ، وغيرهم.
قال ابن السَّمْعانيّ [4] : كان إماما فاضلا، ورِعًا، كثير العبادة.
كان يتورَّع عند طعام والده لاختلاطه بالدّولة. وعمّر العمر الطّويل
فِي طاعة اللَّه.
وكان سريع النَّظْم، ويسمّي أشعاره «السّحريّات» .
__________
[1] انظر عن (مسعود بن محمد) في: الأنساب 9/ 120، والتحبير 2/ 301،
302، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب الغانمي والقائمي، واللباب 2/
374، وسير أعلام النبلاء 20/ 359، 360 رقم 250، والجواهر المضيّة 2/
170، 171.
[2] الغانمي: بفتح الغين المعجمة وكسر النون وفي آخرها الميم. هذه
النسبة إلى غانم وهو اسم لجدّ المنتسب إليه.
[3] السّمنجاني: بكسر السين والميم، وسكون النون والجيم. نسبة إلى
سمنجان: بليدة من طخارستان وراء بلخ، وهي بين بلخ وبغلان. (الأنساب 7/
150) .
وأبو جعفر السمنجاني توفي سنة 504 هـ.
[4] في التحبير.
(38/133)
ولد سنة أربع وستّين وأربعمائة، وتُوُفيّ
فِي ربيع الأوّل.
قلت: هُوَ آخر مَن روى عن القُشَيْريّ.
وروى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ [1] ، وولده عَبْد الرحيم، وابن عساكر.
سمع منه عَبْد الرحيم «مُسْند الهَيْثَم بْن كليب» ، و «رسالة
القُشَيْريّ» .
114- مَسْعُود [2] بْن مُحَمَّد بْن شُنَيْف [3] .
الورّاق [4] ، أخو أَحْمَد.
سمع: أَبَا غالب مُحَمَّد بْن مُحَمَّد العَطَّار، والحسين بْن
مُحَمَّد السّرّاج.
سمع منه: أَحْمَد بْن يحيى بْن هبة اللَّه، وابن عمّه الْحُسَيْن بْن
شُنَيْف، وابن اللَّتّيّ [5] ، وإبراهيم بْن مُحَمود الشّعّار، وغيرهم.
كنيته أَبُو الفتح.
تُوُفّي فِي شعبان سنة ثلاثٍ وخمسين.
- حرف النون-
115- نصر بْن مَنْصُور بْن حُسَيْنِ [6] .
أبو القَاسِم بْن العَطَّار، الحرّانيّ، التّاجر، نزيل بغداد.
كان متموَّلًا، كثير الصَّدَقات، وفَكِّ الأسارى، وصلة المحدّثين، مع
__________
[1] وهو قال: كتبت عنه الكثير، وسمعت منه جميع مسند الهيثم بن كليب،
والشمائل لأبي عيسى الترمذي، وغيرهما من الفوائد، وكتبت عنه من أشعاره
الشيء الكثير. (الأنساب) .
[2] في الأصل: «منصور» ، والمثبت عن مصدر ترجمته.
[3] انظر عن (مسعود بن محمد) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 3/ 190 رقم 1198.
[4] كنيته: أبو الفتح.
[5] في المختصر: «أبو المنجي ابن الليثي» .
[6] انظر عن (نصر بن منصور) في: المنتظم 10/ 183 رقم 275 (18/ 127، 128
رقم 4226) ، والكامل في التاريخ 11/ 239، ومرآة الزمان 8/ 230، وعيون
التواريخ 12/ 509، والبداية والنهاية 12/ 238، وشذرات الذهب 4/ 168.
(38/134)
الدِّين والخير.
قال ابن الأخضر: سَأَلْتُهُ يَوْمًا عن زكاة ماله فضحك وقال: سبعة آلاف
دينار.
قال ابن النّجّار: حَدَّثَونا أنّه غرق له مركب، فأحضر الغوّاصين، فلم
يزالوا يُصعدون ما فِيهِ حَتَّى قال: قد بقي طشْتٌ وإبريق، فإنّ هذا
المال مُزَكّى لا يضيع منه شيء. فغاصوا فوجدوه.
تُوُفّي فِي شعبان ببغداد، وله أربعٌ وثمانون سنة [1] . ولم يروِ شيئا.
وكان يحفظ القرآن.
قال أبو المظفَّر [2] : كان خِصّيصًا بجدّي، يحبّه ويُحسن إليه. حكى لي
جماعة عَنْهُ أنّ عينه ذهبت، قال: فتوضّأت من دِجلة، وإذا بفقيرٍ عليه
أطْمار رَثَّة، فقلت: امسح على عيني. فمسح عليها، فعادت صحيحة،
فناولتُه دنانير، فامتنع وقال: إن كان معك رغيفٌ فَنَعَم. فقمت وأتيت
بخُبزٍ، فلم أره [3] .
فكان نصر رحمه اللَّه لا يمشي إلّا وفي كُمّه خبز.
وسمعت جماعة يحكون أنّ نصْرًا اشترى مملوكا تُرْكيًّا بألف دينار،
وأعطاه تجارة بألف دينار، وجهّزه إلى بلاد التُّرْك. وكان جدّي قد جمع
كتاب «المغفّلين» فكتب نصر إليه فعاتبه، وقال: أَنَا من جملة المحبّين
لك، وأنت تُلْحقُني بالمغفّلين؟ فقال: بلغني كذا وكذا، وكيف يعود إليك
وقد صار ببلاده
__________
[1] وكان مولده بحرّان سنة 484 هـ.
[2] في مرآة الزمان 8/ 230.
[3] وقال ابن الجوزي: وحدّثني أبو محمد العكبريّ قَالَ: رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المنام، فقلت:
يا رسول الله امسح بيدك عيني فإنّها تؤلمني، فقال: اذهب إلى نصر ابن
العطار يمسح عينك.
قال: فقلت في نفسي: أترك رسول الله وأمضي إلى رجل من أبناء الدنيا،
فعاودته القول: يا رسول الله امسح عيني بيدك، فقال لي: أما سمعت الحديث
«إن الصدقة لتقع في يد الله» وهذا نصر قد صافحته يد الحق فامض إليه.
قال: فانتبهت فقصدته، فلما رآني قام فتلقّاني حافيا، فقال: الّذي رأيته
في المنام قد تقدّم في حقك بشيء. فقرأ على عيني الفاتحة والمعوّذات،
فسكن الألم ووجدت العافية. (المنتظم) .
(38/135)
ومعه ألف دينار؟ قال: فإنّه عاد. قال جدي:
أَمْحُو اسمك واكتب اسمه.
قلت: هُوَ والد الوزير ظهير الدِّين مَنْصُور العَطَّار [1] المقتول
فِي سنة 75 [2] .
- حرف الياء-
116- يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد [3] .
أبو طاهر بْن أبي الفُتُوح الطّائيّ، الهَمَذانِيّ سلّار الحاجّ، وأخو
المحدّث أبي الفُتُوح مُحَمَّد صاحب «الأربعين» .
حج أكثر من عشرين حجة.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان جَلدًا، خيّرا مُتَحَرِّيًا، عارفا
بالطُّرُق، دخّالا فِي الأمور.
سمع بهَمَذان: أَبَا الْحَسَن طريف بْن مُحَمَّد الحِيريّ، وأبا
المظفَّر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الأبِيوَرْدِيّ الأديب.
سمعتُ منه بالحجاز، وكان يختم القرآن كلَّه فِي ليلةٍ قائما فِي مسجد
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تُوُفِّيَ فِي شعبان.
117- يحيى بن سلامة [4] .
__________
[1] الكامل 11/ 239 وهو أستاذ دار المضيء.
[2] وقال سبط ابن الجوزي إنه كان يأتي إليه في كل سنة فقير من دار
القزّ فيعطيه من الزكاة خمس دنانير. ومضت مدة ولم يذهب إليه، فعبر ذلك
الفقير يوما إلى خان الحسبة وتحت يده منديل فيه ثياب عتابي ونصر جالس
في الخان، فناداه: يا فقير، تعال خذ رسمك. فقال له: أنا اليوم لا يجب
عليّ الزكاة. قال: وكيف؟ قال: الخمس دنانير التي أعطيتني إياها اتّجرت
بها فصارت عشرين دينارا، فبكى نصر وقال: الحمد للَّه على هذه النعمة.
[3] انظر عن (يحيى بن محمد) في: مشيخة ابن السمعاني.
[4] تقدّم برقم (35) .
(38/136)
تقدَّم فِي سنة إحدى وخمسين.
وقال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ: تُوُفّي سنة ثلاث فِي ربيع الأوّل
بِميَّافارقين، ثُمَّ ذكر له أشعارا كثيرة.
118- يحيى بْن عَبْد الملك بْن شُعَيْب [1] .
أبو زَكَرِيّا الكافوريّ [2] ، التّاجر، الصّالح.
ورِع، خيِّر، صحِب حَمَّاد الدّبّاس ولازمه، وجمع كلامه بعد وفاته.
سمع: أَبَا غالب النَّعَاليّ، وأبا الْحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ.
وعنه: ابن الأخضر.
مات فِي جُمادى الآخرة فِي عشْر الثّمانين [3] .
الكنى
119- أبو إسحاق بْن المستظهر [4] .
أخو الخليفة المقتفي لأمر اللَّه.
تُوُفّي فِي منتصف المُحَرَّم، واغتم عليه الخليفة غما شديدا.
وماتت بعده والدته بيومين.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد الملك) في: الأنساب 10/ 328، 329، واللباب 3/
77.
[2] الكافوري: بفتح الكاف وضم الفاء وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى
كافور، وهو من الطيب وبيعه.
[3] قال ابن السمعاني: بغدادي المنشأ والمقام، كان ساكنا، سليم الجانب،
عفيفا، ذا سمت ووقار صاحب الشيخ حمّادا الدباس وانتفع بصحبته ولازمه،
وكان قد جمع كلامه بعد وفاته.. سمعت منه أحاديث يسيرة، وكانت ولادته
سنة ست وسبعين وأربعمائة بحلب.
[4] انظر عن (أبي إسحاق بن المستظهر) في: المنتظم 10/ 182 رقم 272 (18/
126 رقم 4223) .
(38/137)
120- أبو بَكْر السَّمَرْقَنْديّ [1] .
ظهير الدّين.
من كبار الحنفيّة. درّس بدمشق بمسجد خاتون [2] .
__________
[1] انظر عن (أبي بكر السمرقندي) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق
لابن منظور 28/ 198 رقم 142.
[2] وقال ابن عساكر: قدم دمشق وأقام بها مدّة، وعقد له مجلس التدريس في
الخزانة الشرقية بالشام من جامع دمشق التي جعلت مسجدا، ثم فوّض إليه
التدريس بمسجد خاتون إلى أن مات بدمشق في شوّال سنة ثلاث وخمسين
وخمسمائة.
(38/138)
سنة أربع وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
121- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن بركة [1] .
أبو القَاسِم بْن ناجية [2] الحربيّ [3] ، الفقيه.
تفقّه على أبي الخَطَّاب، وبرع فِي مذهب أَحْمَد، ثُمَّ صار حنفيّا،
ثُمَّ تحوَّل شافعيّا، وكان إماما بارِعًا، بصيرا بالفقه، فقيه النّفس،
قيّما بالمناظرة، مليح الوعْظ، ديِّنًا.
قال ابن السَّمْعانيّ: اجتمعت به يَوْمًا فقال لي: أَنَا السّاعة متّبع
الدّليل ما أقلّد أحدا.
سمع من: ثابت بن بندار.
وحدّث.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله بن بركة) في: المنتظم 10/ 190 رقم 277
(18/ 136 رقم 4228) وفيه: «أحمد بن معالي بن بركة» ، وسير أعلام
النبلاء 20/ 315 رقم 209، والوافي بالوفيات 7/ 112، والبداية والنهاية
12/ 240، وفيه: «أحمد بن معالي بن بركة» ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 232،
233، وشذرات الذهب 4/ 170.
[2] تصحّفت في (الوافي بالوفيات) إلى: «باجية» بالباء الموحّدة بدل
النون. وناجية هي أمّه.
وهو: أحمد بن معالي، كما في: المنتظم، والبداية والنهاية، وذيل طبقات
الحنابلة. وفي:
سير أعلام النبلاء 20/ 315: أبو القاسم أحمد بن أبي المعالي عبد الله،
ومثله في: الوافي بالوفيات، ثم قال: يعرف بأحمد بن معالي بن ناجية.
[3] تقدّم التعريف بنسبة «الحربي» في الترجمة الأولى من هذه الطبقة،
بالحاشية رقم (2) .
(38/139)
وتُوُفيّ فِي جُمادى الآخرة.
رُوِيَ عَنْهُ: ابن الأخضر، وأحمد بْن يحيى بْن هبة اللَّه.
ومولده سنة 475 [1] .
122- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد العزيز بْن عليّ بْن إِسْمَاعِيل
بْن سُلَيْمَان بْن يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن الأمير
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاس [2] .
أبو جَعْفَر [3] الْعَبَّاسيّ، المكّيّ، نقيب الهاشميّين بمكَّة.
سمع من: أبي عليّ بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّافعيّ، وغيره، وأبي مكتوم
عِيسَى بْن أبي ذرّ، وعبد القاهر بْن عَبْد السّلام الْعَبَّاسيّ
المقرئ.
ورد بغداد وحدَّث بها وبأصبهان. وولد سنة ثمان وستّين وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي شعبان.
قال أبو سَعْد: شيخ، ثقة، صالح، متواضع، ما رَأَيْت فِي الأشراف مثله
[4] . قدِم علينا أصبهان، وأنا بها، لِدَيْنٍ رَكِبَه ومعه خمسة أجزاء
فسمعت منه. وسمع في الكهولة ونسخ الكُتُب. ثمّ قدم أصبهان راجعا من
كرمان في
__________
[1] وقال ابن الجوزي: تفقه على أبي الخطاب الكلواذاني، وبرع في النظر.
سمعت درسه مدّة وكان قد انتقل إلى مذهب الشافعيّ ثم عاد إلى مذهب أحمد
ووعظ، وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب، وكان
سبب موته أنه ركب دابّة فانحنى في مضيق ليدخله فاتكأ بصدره إلى قربوس
السرج فأثّر فيه وانضم إلى ذلك إسهال فضعفت القوة وكان مدّة يومين أو
ثلاثة. (المنتظم) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن عبد العزيز) في: المنتظم 10/ 191 رقم 278
(18/ 136 رقم 4229) ، والتقييد 180 رقم 200، وتاريخ إربل (تراجم
الأعلام) 2/ 49 والتكملة لوفيات النقلة 1/ 128، ومعجم الألقاب لابن
الفوطي 3/ 100، والعبر 4/ 155، وسير أعلام النبلاء 20/ 331، 332، رقم
224، والمعين في طبقات المحدّثين 166 رقم 1786، والإعلام بوفيات
الأعلام 228، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 1/ 3، ومرآة
الجنان 3/ 307، والعقد الثمين 3/ 148، والنجوم الزاهرة 5/ 331، وشذرات
4/ 170.
[3] وأبو العباس أيضا: كما في التقييد 180.
[4] وقال ابن الجوزي نحوه في (المنتظم) .
(38/140)
سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
قلت: تفرّد في وقته عن أبي عليّ الشّافعيّ.
روى عَنْهُ: ابن عساكر، والقاضي أبو المعالي أسعد بن المنجّا، وثابت بن
مشرّف، وعبد السّلام بْن عَبْد اللَّه الدّاهريّ، وأبو الحسن محمد بن
أحمد القطيعيّ، وطائفة.
وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير.
وسماعه من الشّافعيّ في الخامسة من عمره فإنّه قال: وُلِدتُ فِي إحدى
الْجُمَادّين سنة ثمانٍ وستِّين.
وهو من أولاد إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبَّاس.
قال ابن النّجّار: كان صَدُوقًا، زاهدا، عابدا. قرأت بخطّه قال: سمعتُ
الحديث من أبي عليّ الشّافعيّ سنة اثنتين وسبعين ولي من العُمر سبْع
سِنين.
قلت: وهذا مخالف لِما مرّ [1] .
123- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زيادة اللَّه [2] .
قاضي القُضاة أبو الْعَبَّاس بْن الخلّال [3] الثّقفيّ، المُرْسيّ.
روى عن: أبي عليّ بْن سُكَّرة، وصحِبَ أبا بَكْر بْن فَتْحُون.
وتفقَّه على أبي القَاسِم بْن أبي حمزة.
ومال إلى الفِقْه والمسائل. ووُليّ القضاء بأُوريُولَة، ثُمَّ استعفى
ثُمَّ وُلّي
__________
[1] وقال ابن نقطة: حدّث بصحيح مسلم عَنْ أَبِي عبد الله الحسين بْن
عليّ الطبري نزيل مكة..
وكان موصوفا بالخير والصلاح، ثقة في الرواية، حدّثنا غير واحد من
شيوخنا عنه.
(التقييد) .
[2] انظر عن (أحمد بن محمد بن زيادة الله) في: بغية الملتمس للضبيّ 168
رقم 367، وتكملة الصلة لابن الأبّار 6/ 64، ومعجم أصحاب الصدفي 40،
والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 2/ 425، 426 رقم 627.
[3] في الذيل والتكملة «الحلال» بالحاء المهملة. والمثبت يتفق مع: بغية
الملتمس.
(38/141)
القضاء للأمير مُحَمَّد بْن سَعْد، ثُمَّ
قَبَض عليه وسجنه، وأخذ أمواله، ثُمَّ قتله [1] .
روى عَنْهُ: أبو بَكْر عتيق بْن عطّاف، وعبد المنعم الخَزْرجيّ، وابن
واجب [2] .
124- أَحْمَد بْن مهلهل بْن [3] [عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد] [4] .
أَبُو العَبَّاس البَرْدانيّ [5] ، البغداديّ، الضّرير، العبد الزّاهد.
كان فقيها، عابدا، قانتا للَّه. تفقَّه على أَبِي الخَطَّاب
الكَلْوَذَانيّ [6] .
وسمع من: أبي غالب البقّال. ومن أبي طَالِب بْن يُوسُف، وغيره.
وحدَّث.
__________
[1] وكان مولده سنة 498 هـ.
[2] وقال المراكشي: وكان فقيها مشاورا، ذاكرا للمسائل، بصيرا بالفتاوى
في النوازل، مشاركا في الأدب، ولي خطّة الشورى، واستقضي بأوريولة،
واستعفى منها فأعفي وعاد إلى الفتيا إلى أن قلّده الأمير محمد بن سود
القضاء بمرسية وأعمالها مضافا إلى قضاء قضاته بسائر أعماله كلّها بعد
أن خلّصه من نكبة محمد بن عياض الأمير قبله، وأطلعه من معتقله، وفوّض
إليه في أموره، فكان قاضي قضاة شرق الأندلس كافة، ولم يكن بالحصيف
الرأي ولا الراجح العقل، وسعي به عند أميره محمد بن سعد فقبض عليه
واستصفى أمواله وغرّبه إلى أندة، واعتقل بها شهورا ثمّ قتل ليلا.
[3] انظر عن (أحمد بن مهلهل) في: المشتبه في الرجال 1/ 61، والذيل على
طبقات الحنابلة 1/ 236، 237 رقم 122، وتوضيح المشتبه 1/ 427، وتبصير
المنتبه 1/ 137 وفيه «محمد بن مهلهل» ، وشذرات الذهب 4/ 170، 171.
[4] ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل.
[5] البرداني: بفتح الباء الموحدة، وسكون الراء. نسبة إلى قرية
بردانية. (توضيح المشتبه 1/ 427) .
وقد وقع في (الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 236) : «قرية برد» .
[6] الكلوذاني أو الكلواذانيّ: بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الواو
والذال المعجمة بين الألفين وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى كلواذان
وهي قرية من قرى بغداد على خمسة فراسخ منها. (الأنساب 10/ 460) . وأبو
الخطاب الكلوذاني هو: محفوظ بن أحمد بن الحسن، المتوفى سنة 510 هـ.
(انظر ترجمته ومصادرها في الطبقة الحادية والخمسين (501- 520 هـ.) ص
251 رقم 302) .
(38/142)
وكان المقتفي لأمر اللَّه يزوره، والنّاس
كافَّة.
وبَرْدَانِية: قرية من قُرى إسكاف. وكان يُعرف بالأَزَجِيّ.
تُوُفّي فِي جُمادى الأولى [1] .
- حرف الجيم-
125- جَعْفَر بْن زَيْدِ بْن جامع [2] .
أبو زَيْدٍ الحمويّ، الشّاميّ.
قَدِمَ بغداد، وسمع: أَبَا سَعْد أَحْمَد بْن عَبْد الْجَبَّار
الصَّيْرَفيّ، وأبا طَالِب بْن يُوسُف، وأبا القَاسِم بْن الْحُسَيْن،
وأبا العلاء بْن كادش، وغيرهم.
ذكره ابن السَّمْعانيّ [3] وذكر أنّه سمع من أبي الْحُسَيْن بْن
الطُّيُوريّ، وهو وهْم من ابن السَّمْعانيّ. ثُمَّ قال: شيخ صالح، كثير
العبادة، دائم التّلاوة.
كتبتُ عَنْهُ أحاديث يسيرة.
قلت: ذكره ابن النّجّار [4] ، فقال: ويُكنّى أَبَا الفضل، حمويّ نزل
بغداد، إلى حين وفاته كان نقطعيا. سمع الكثير من: أبي الْحُسَيْن بْن
المبارك، وأبي سَعْد أَحْمَد بْن عَبْد الْجَبَّار. بهذا قال ابن
النّجّار أيضا ومشى فِيهِ خَلف أبي سعد.
__________
[1] وذكره ابن القطيعي وقال: سمعت أبا الحسن البراندسي الفقيه يقول:
كان هذا الشيخ يصلّي في كل يوم أربعمائة ركعة.
وقال ابن النجار: كان منقطعا في مسجده لا يخالط أحدا، مشتغلا باللَّه
عزّ وجلّ. وكان الإمام المقتفي يزوره، وكذلك وزيره ابن هبيرة، والناس
كافة يتبركوا به.
[2] انظر عن (جعفر بن زيد) في: المنتظم 10/ 191 رقم 279 (18/ 136، 137
رقم 4230، والعبر 4/ 155، وسير أعلام النبلاء 20/ 340، 341 رقم 232،
والإعلام بوفيات الأعلام 228، ومرآة الجنان 3/ 307، والوافي بالوفيات
11/ 105، وعيون التواريخ 12/ 520، والنجوم الزاهرة 5/ 331، وكشف الظنون
850، وشذرات الذهب 4/ 171، وهدية العارفين 1/ 253.
[3] في معجم شيوخه.
[4] في الجزء الضائع من ذيل تاريخ بغداد.
(38/143)
قال: وكتب بخطّه كثيرا، وجمع وخرَّج، وكان
مشهورا بالصّلاح. وكان مولده سنة ثلاثٍ أو خمس وثمانين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [1] ، وأبو عَبْد اللَّه بْن
الزَّبِيديّ وعنده عَنْهُ «رسالة البرهان» من تصنيفه ينتصر فيها لِقدَم
القرآن ويردّ على المخالفين.
تُوُفّي فِي ذي الحجَّة [2] .
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُؤْمِنٍ: أَخْبَرَكُمُ الْحُسَيْنُ بْنُ
الْمُبَارَكِ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ زَيْدٍ
الْحَمَوِيُّ فِي رِسَالَتِهِ، أَنَا أَبُو الْعِزِّ الْعُكْبَرِيُّ،
أَنَا أَبُو طَالِبٍ الْحَرْبِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ
الْعَزِيزِ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا يُونُسُ
بْن عَبْد الأعلى: سَمِعْتُ الشّافعيّ يَقُولُ: بنيت هَذِهِ الصِّفَاتُ
الَّتِي جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ وَوَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ،
وَانْتَفَى التَّشْبِيهُ عَنْهُ، كَمَا نَفَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ،
فَقَالَ تَعَالَى:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 42: 11 [3] .
- حرف الحاء-
126- الْحَسَن بْن أَحْمَد [4] .
أبو المعالي بْن الكَرْخِيّ، الأَزَجيّ، المعدَّل.
سمع: ابن طَلْحَةَ النَّعَاليّ، والحسين بْن البُسْريّ.
وعنه: ابن السَّمْعانيّ وأثنى عليه، وابن الأخضر.
متعبّد ورع.
مات فِي ذي القعدة عن أربعٍ وسبعين سنة رحمه الله تعالى.
__________
[1] وهو قال: قرأ القرآن وكان كثير الدراسة.. وانقطع عن مخالطة الناس
متشاغلا بنفسه.
(المنتظم) .
[2] ودفن في صفّة ملاصقة لمسجده في محلّته المعروفة بقطفتا. (المنتظم)
.
[3] سورة الشورى، الآية: 11.
[4] انظر عن (الحسن بن أحمد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
(38/144)
127- الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن عَبْد
الصّمد بْن المتوكّل على اللَّه [1] .
أبو عليّ الهاشميّ، الْعَبَّاسيّ، البغداديّ.
سمع: أَبَا الْحَسَن بْن العلّاف، وأبا غالب الباقِلانيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ وقال: له معرفة: بالأدب والشَّعْر [2] ،
قال لي إنّه ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
وكان شيخا صالحا، له أصُول ببعض ما سمع.
وقال ابن النّجّار: صنَّف كتاب «سرعة الجواب» [3] أتى فِيهِ بكلّ مليح.
وقال أبو الفرج بن الجوزي [4] : كان فيه لُطْف وظُرْف. جمع مسيرة
المسترشد، وسيرة المقتفي [5] .
وتُوُفيّ فِي جُمادى الآخرة [6] .
قلت: وكان يلقّب بهاء الشَّرَف.
روى عَنْهُ: عَبْد المغيث بْن زُهَير، وعبد اللَّه بْن عُمَر بْن
اللَّتّيّ، وغيرهما [7] .
__________
[1] انظر عن (الحسن بن جعفر) في: المنتظم 10/ 191 رقم 280 (18/ 137 رقم
4231) ، والعبر 4/ 155، وسير أعلام النبلاء 20/ 387، 388، رقم 261،
والإعلام بوفيات الأعلام 228، ومرآة الجنان 3/ 307، والوافي بالوفيات
11/ 414، وعيون التواريخ 12/ 520، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 233- 236،
رقم 120، وفيه: «الحسين» ، وشذرات الذهب 4/ 171، وهدية العارفين 1/
278.
[2] الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 233.
[3] اسمه الكامل: «سرعة الجواب ومداعبة الأحباب» . (الذيل على طبقات
الحنابلة 1/ 233) .
[4] في المنتظم.
[5] وجمع لنفسه مشيخة.
[6] هكذا ورّخه ابن الجوزي. أما ابن القطيعي فقال إنه توفي ليلة
الاثنين لخمس عشرة ليلة مضت من جمادى الأولى من السنة المذكورة.
[7] وقال ابن رجب: وكان يؤمّ في مسجد ابن الثعلبي الزاهد.
وقال ابن النجار: وكان أديبا فاضلا، يقول الشعر، ويروي الحكايات
والنوادر. وكان صالحا، متديّنا، صدوقا.
ومن شعره مما كتبه في بعض الأجايز:
(38/145)
128- حَمَّاد بْن مجد بْن هبة اللَّه
الغسّانيّ.
الدّمشقيّ الشَّيْخ أبو مُحَمَّد القطائفيّ، المقرئ.
قرأ القرآن على أَبِي الوحش سُبَيْع، وأقرأه. وكان شيخا مستورا.
تُوُفّي فِي رمضان.
- حرف الزاي-
129- زيد بن سعد بن علي بن أحمد بن عليّ [1] .
__________
[ () ]
أجزت للسادة الأخيار ما سألوا ... فليرووا عنّي بلا بخس ولا كذب
مهما أحيوه من شعر ومن خبر ... ومن جميع سماعاتي من الكتب
وليحذروا السهو والتصحيف من غلظ ... ويسلكوا سنّة الحفّاظ في الأدب
وذكر له ابن النجار قصيدة طويلة مطلعها:
الدهر يعقب ما يضرّ وينفع ... والصبر أحمد ما إليه المرجع
والمرء فيما منه كان مصيره ... حينا، وليس عن المنيّة مدفع
فاحذر مفاجئات المنون، فإنه ... لا يلتجى منها ولا يستشفع
ومن شعره:
يا ذا الّذي أضحى يصول ببدعة ... وتشيّع وتمشعر وتمعزل
لا تنكرنّ تحنبلي وتسنّني ... فعليهما يوم المعاد معولي
إن كان ذنبي حبّ مذهب أحمد ... فليشهد الثّقلان أنّي حنبلي
ومن شعره أيضا:
بشرقيّ بغداد لي حاجة ... سأقضي وما خلتها تنقضي
ديون على ماطل ظالم ... ووجد بمستكبر معرض
أحنّ إليه حنين المحبّ ... ويهجرني هجر المبغض
ومن شعره:
ألا بأبي من صدّ عنّي، وإنّه ... على صدّه شخص إليّ حبيب
تجنّبني خوف الوشاة وفي الحشا ... رسيس جوى ما ينقضي ووجيب
ولي كبد حرّى عليه قريحة ... وقلب معنّى في هواه يذوب
هموا نسبوا حبّي إلى غير عفّة ... وظنّوا بنا سوءا وذلك حوب
وو الله، ما حدّثت نفسي بريبة ... وحاشا لمثلي أن يقال مريب
[1] انظر عن (زيد بن سعد) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
(38/146)
أبو إِسْمَاعِيل العَلوَيّ، الْحَسَنيّ،
الهَمَذانِيّ.
سمع: أَبَا الفتح عِبْدُوس بْن عَبْد اللَّه، وأبا العلاء مُحَمَّد بْن
طاهر.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ.
مات بهَمَذان، وله ثمانون سنة.
- حرف السين-
130- سَعِيد بْن الْحُسَيْن بْن شُنَيْف [1] .
أبو عَبْد اللَّه الدارقَزّيّ [2] . أمين القُضاة. وهو والد الْحُسَيْن
بْن شُنَيْف.
سمع: الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد السّرّاج، وابن طَلْحَةَ النَّعَاليّ.
روى عَنْهُ: ابنه، وعمر بْن طَبَرْزَد، وعبد العزيز بْن الأخضر [3] .
تُوُفّي فِي آخر السَّنَة [4] .
ذكره ابن السَّمْعانيّ، لكنّه غلط فسمّاه عَبْد اللَّه.
- حرف الظاء-
131- ظهير بْن أبي سَعْد بْن عليّ الرّفّاء [5] .
أبو الفتوح الهمذانيّ.
كذا سمّاه السَّمْعانيّ، وسمّاه ابن عساكر: خبّاثا.
سمع: عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه.
وتُوُفيّ فِي شوّال، وله تسعون سنة.
__________
[1] انظر عن (سعيد بن الحسين) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 2/ 85 رقم 688، والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 237 رقم 123،
وشذرات الذهب 4/ 171، 172.
[2] الدارقزّي: بفتح القاف وكسر الزاي المشدّدة، نسبة إلى دار القزّ،
وهي محلّة كبيرة ببغداد في طرف الصحراء (معجم البلدان 2/ 422) .
[3] قال ابن رجب: تفقّه في المذهب، وكان إماما بجامع دار القزّ، وأمينا
للقاضي بمحلّته وما يليها. وكان شيخا صالحا، ثقة.
[4] ومولده سنة 479 هـ.
[5] انظر عن (ظهير بن أبي سعد) في: مشيخة ابن عساكر، ومعجم شيوخ ابن
السمعاني.
(38/147)
- حرف العين-
132- عبد الحليم بْن مُحَمَّد [1] بْن أبي القَاسِم [2] بْن عليّ بْن
أبي الفوارس.
أبو مُحَمَّد البَرَّانيّ [3] ، الْبُخَارِيّ، المعروف بالحَليميّ،
النَّحْويّ، المقرئ.
قال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ: كان أديبا فاضلا، ومقرِئًا صالحا،
عالما بالنَّحْو. كان يعلّم الصِّبْيان، ويُقرئ القرآن، وله حلقة بجامع
بخارى يختم فيها القرّاء يقرءون عليه.
سمع: عثمان الفُضَيْليّ، وعبد اللَّه بْن عطاء الهَرَويّ، وأبا الفضل
بَكْر الزّرنجريّ، ومحمد بْن عَبْد الواحد الدّقّاق.
سمعتُ منه كتاب «الزّهد» [4] لهَنَاد بْن السَّرِيّ [5] . وكان مولده،
تقديرا، فِي سنة ثلاثٍ وتسعين بالبَرَّانية.
وتُوُفيّ ببُخَارى فِي رجب.
133- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن أبي القَاسِم بْن أَحْمَد.
أبو القَاسِم المَرْوَزِيّ، المؤذّن، المقرئ.
__________
[1] انظر عن (عبد الحليم بن محمد) في: الأنساب 2/ 122، 123.
[2] في الأنساب 2/ 222 «بن أبي بكر» .
[3] البرّاني: بفتح الباء المعجمة بنقطة وتشديد الراء المهملة: منسوب
إلى قرية فراني ببخارا على خمسة فراسخ منها.
[4] عني بطبعه ونشره عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، بتحقيق محمد أبو
الليث الخيرآبادي، وصدر في مجلّدين كبيرين على نفقة أمير دولة قطر
الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني 1406 هـ. / 1986 م.
[5] توفي سنة 243 هـ. تقدّمت ترجمته في الجزء الخاص بحوادث ووفيات 241-
250 هـ. ص 529- 531 رقم 578.
(38/148)
قرأ بالرّوايات على الأستاذ أبي مُحَمَّد
الكركانجيّ فأتقنها: وسمع بمَرْو، ثُمّ سمع ببغداد «جزء
الْأَنْصَارِيّ» وغيره على قاضي المارستان.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وثمانين وأربعمائة، وتُوُفّي فِي ذي القِعْدة.
134- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور [1] .
أبو القَاسِم الحضْرميّ، الإسكنْدَريّ.
ولد سنة ستّ وستّين وأربعمائة.
وسمع من: أبي إسحاق الحبّال، وعبد المحسن الشّيحيّ، التّاجر.
ورّخه ابن المفضّل المقدسيّ. وأبوه ممّن قرأ على ابن نفيس.
وقرأ عليه ابن الخطيَّة من سنة عشر.
ورأيت فِي «مُعْجَم السّفر» للسِّلَفيّ: أَنَا أبو القَاسِم الحضْرميّ
قال: أَنَا زَيْدُ بْن الْحُسَيْن الطّحّان سنة سبعين وأربعمائة، ثنا
المحسن بْن جَعْفَر بْن أبي الكرام، نا أبو بَكْر أَحْمَد بْن عُبَيْد
الحمصيّ، ثنا مُوسَى بْن عِيسَى بْن المنذر، فذكر حديثا.
قال السِّلَفيّ: عَبْد الرَّحْمَن من أولاد المحدّثين. تُوُفّي أَبُوهُ
قبل دخولي الثَّغْر بمُدَيْدة قريبة، وهو مُحَمَّد بْن مَنْصُور بْن
مُحَمَّد بْن الفَضْلُ بْن مَنْصُور بْن أَحْمَد بْن يونس بن عبد
الرحمن بن الليث بن المغيث بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن العلاء بْن
الحضْرميّ. أخرج إليَّ هذه النّسبة عَبْد الرَّحْمَن بخطّ أبيه.
كتب عَبْد الرَّحْمَن بخطّه كُتُبا كِبارًا، وكتب عن أجزاء كثيرة.
قلت: وقد سمَّع ولديه أَحْمَد ومحمد من أبي عبد الله الرّازيّ.
قال ابن المفضّل: توفّي في رمضان.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: المقفّى الكبير للمقريزي 4/ 97
رقم 1462، وذكره المؤلّف الذهبي- رحمه الله- عرضا في ترجمة ابنيه: محمد
وأحمد، في (سير أعلام النبلاء 21/ 216، 217 رقم 106 و 107) .
(38/149)
135- عَبْد الرَّحْمَن بن محمد بْن عدنان
بن محمد بن عليّ [1] .
أبو شجاع الزّينبيّ، الخريميّ.
قال ابن السّمعاني: أحد الأشراف، سمع الكثير بقراءة شجاع الذّهليّ،
فسمع: ثابت بْن بُنَدَار، وأبا سَعْد بْن خُشَيْش.
كتبتُ عَنْهُ، وتُوُفيّ فِي ذي القعدة.
136- عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن مهذَّب بْن المفضّل [2] .
أبو المجد التُّنوخيّ، المَعَرّي.
سمع من أبيه بالمعرّة في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة نسخة أبي هدْبَة
عن آبائه. وسكن دمشق حين أخذت الفرنج المَعَرَّة.
وسمع: أَبَا القَاسِم بْن النّسيب، وغيره.
ثُمَّ انتقل إلى المَعَرَّة بعد مدَّة طويلة حين استُنقِذت مِن العدوّ.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، وغيره.
137- عَبْد الواسع بْن عطاء بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد.
أبو أَحْمَد الهَرَويّ، الصَّيْرَفيّ، أخو عَبْد المعزّ وعبد الفتّاح.
سمع من: القاضي صاعد بْن سَيّار الكِنانيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ، وقال: تُوُفّي رحمه اللَّه
فِي ربيع الآخر.
138- عَبْد الوهّاب بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن عُمَر [3] .
أبو الفتح النَّيْسَابُوريّ الصَّيْرَفيّ سِبْط أَبِي القَاسِم
القُشَيْريّ.
عالم فاضل، مليح الخطّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن محمد) في: معجم الشيوخ ابن السمعاني.
[2] انظر عن (عبد الواحد بن محمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق
لابن منظور 15/ 263، 264 رقم 256.
[3] انظر عن (عبد الوهاب بن إسماعيل) في: سير أعلام النبلاء 20/ 341
(دون ترجمة) .
(38/150)
سمع الكثير، وسمع: فَاطِمَة بْنت أبي عليّ
الدّقّاق جدّته، وأبا بَكْر بْن خَلَف، والفضل بْن أَحْمَد
الْجُرْجانيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي شوّال وله إحدى وثمانون سنة.
روى عَنْهُ: المؤيِّد الطُّوسيّ.
139-[عَبْد الوهاب] [1] بْن عِيسَى.
أبو مُحَمَّد [2] اليَشْكُريّ، المغربيّ، الفقيه المالكيّ، نزيل دمشق.
قَدِمَها سنة خمس وثلاثين، واعتنى به بعض الأمراء. واجتمع عليه جماعةٌ
من المغاربة. ودرّس ووعظ وفُتِح عليه، فَلَمّا قُتِلَ الفَنَدْلاوي
رحمه اللَّه جلس أبو مُحَمَّد فِي حلقة المالكيَّة. ثُمَّ بنى السّلطان
نور الدِّين دار الحجر الذّهب عند المارستان، وجعلها مدرسة، وولّى هذا
تدريسَها.
وتُوُفيّ فِي رجب.
140- عليّ بْن عليّ بْن نصر.
أبو الْحَسَن بْن أبي تراب البصْريّ الأديب، الشّاعر.
سمع ببغداد من: أبي البركات الوكيل، وأبي الْحُسَيْن الطُّيُوريّ.
وعنه: حمزة بْن القبّيطيّ.
مات فِي ذي الحجَّة عن بضْعٍ وتسعين سنة.
141- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه [3] .
أبو حفص الهَمَذانِيّ، المعروف بالزّاهد.
ورد بغداد بعد الخمسمائة، وتفقّه على أسعد الميهنيّ.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من الروضتين ج 1 ق 1/ 42.
[2] في الروضتين: «أبو القاسم» .
[3] انظر عن (عمر بن محمد) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 287.
(38/151)
قال ابن السَّمْعانيّ: كان ورِعًا، صالحا،
متديّنا.
ثُمَّ ورد خُرَاسَان، وسكن مرْو مدَّة.
وصحِب يُوسُف الهَمَذانِيّ الزّاهد، وكان يُروِّض نفسه ويُداوم على
التّهجّد والصّوم وأكل الحلال. وكان لا يخاف فِي اللَّه لومة لائمٍ،
يأمر بالمعروف ويَنْهَى عن المُنكر.
وصحِب ببغداد الشَّيْخ حَمَّاد الدّبّاس، ثُمَّ سكن قرية بأرض مَرْو،
وتأهَّل ورُزِق الأولاد، واشتغل بالعبادة ودعوة الخَلْق إلى الحقّ.
وسمع «صحيح الْبُخَارِيّ» من أبي طَالِب الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد
الزَّيْنَبيّ.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد، وقال: تُوُفّي فِي أحد الربيعين أو
الْجُمَادَيْن، وله أربعٌ وستّون سنة.
- حرف الفاء-
142- فاطمة بنت سعد الله بن سعد بن سعيد بن الشيخ أبي سعيد الميهني [1]
.
أمّ عطيّة.
قَدِمَتْ بغداد وأقامت، وروت عن: مُحَمَّد بْن أَحْمَد الكامخيّ، ومحمد
بْن الْحَسَن الإسْفَرَائينيّ.
وعنها: عُمَر بْن كَرَم.
تُوُفّيت فِي جُمَادَى الآخرة رحمها اللَّه.
- حرف الميم-
143- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد الملك بْن عبد العزيز.
الفقيه أَبُو ثابت المستملي الْبُخَارِيّ، الصّفّار. إمام الجامع.
__________
[1] قيّدها في الأصل بفتح الميم. وضبطها ابن السمعاني بكسر الميم وسكون
الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين وفتح الهاء وفي آخرها النون. هذه
النسبة إلى ميهنة وهي إحدى قرى خابران ناحية بين سرخس وأبيورد.
(الأنساب 11/ 580) .
(38/152)
سمع: أَبَا عليّ النَّسَفيَ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي رمضان ببُخَارى، وله سبْعٌ وثمانون سنة رحمه اللَّه
تَعَالَى.
144- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مكتوم بْن الربيع.
أبو القَاسِم الشَّيْبَانيّ، الخُوارَزْميّ، الصُّوفيّ.
تغرّب ورأى المشايخ ودخل الشّام بعد الخمسمائة.
وسمع بأصبهان، وخَدَم بمرْو يُوسُف الهَمَذانِيّ.
وتُوُفيّ فِي ربيع الأوّل فِي عَشْر التّسعين.
145- مُحَمَّد شاه بن محمود بن محمد بن ملك شاه [1] .
السَّلْجُوقيّ. طلب أن يُخطَب له ببغداد، فلم يُجَب إلى ذلك، فسار
إليها وحاصَرَها على ما هُوَ مذكور فِي الحوادث [2] .
ثُمَّ رحل عن بغداد، وتُوُفيّ فِي ذي الحجَّة بقُرب هَمَذَان بعِلَّة
السّلِّ وله ثلاثٌ وثلاثون سنة [3] .
وكان موصوفا بالعقل والكرم والتأنّي فِي أموره. واختلفت الأمراء بعده،
فطائفة طلبت أخاه ملك شاه، وطائفةٌ طَلَبَت أخاه الآخر سُلَيْمَان شاه
وهم الأكثر، وطائفة طلبت أرسلان الَّذِي مع إِلْدِكِز [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد شاه) في: المنتظم 10/ 191 رقم 281 (18/ 137 رقم
4232) ، وبغية الطلب (قسم السلاجقة) 301، ووفيات الأعيان 4/ 270،
وتاريخ دولة آل سلجوق 259، 260، 261، 262، والكامل في التاريخ 11/ 250،
251، والعبر 4/ 155، ودول الإسلام 2/ 70، والبداية والنهاية 12/ 240،
وعيون التواريخ 12/ 518، ومرآة الجنان 3/ 308، ومآثر الإنافة 2/ 37-
39، وشذرات الذهب 4/ 172.
[2] انظر حوادث سنة 552 هـ. وما بعدها.
[3] وكان مولده في سنة 522 هـ.
[4] تاريخ دولة آل سلجوق 262، 263، والكامل 11/ 251 وفيه: وكان حليما
كريما عاقلا، كثير التأنّي في أموره.
(38/153)
146- مسعود بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي
يَعْلَى.
أَبُو عليّ الشّيرازيّ، ثُمَّ البغداديّ الخيّاط.
سمع: الْحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ، وأبا سَعْد بْن خَشَيْش.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ الصُّوفيّ.
تُوُفّي فِي المُحَرَّم عن ثمانٍ وسبعين سنة.
147- مَسْعُود بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الغفّار بْن عَبْد السّلام [1] .
أبو سَعْد الغِياثيّ، الماهانيّ، المَرْوَزِيّ فقيه عالم بمذهب أبي
حنيفة، واعظ كثير المحفوظ، كثير الرغبة فِي تحصيل المال.
سمع: أَبَا نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الماهانيّ، ومحمد بْن عَبْد
الواحد الدّقّاق.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ [2] ، وولده.
وتُوُفيّ فِي ذي الحجّة. وعظ ببغداد.
148- مُنجْح بْن مُفْلح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [3] .
أبو سَعْد بْن أبي الفتح الروميّ، البغداديّ.
سمع: أَبَا عَبْد اللَّه النَّعَاليّ، وأبا طاهر الباقِلانيّ، وجماعة.
وكان فقيها، يعمل الورق.
كتب عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، وقال: تُوُفّي فِي جُمَادَى
الآخرة.
روى عَنْهُ بالإجازة ابن المُقَيَّر.
- حرف النون-
149- نيروز بْن مُسْلِم بْن عَبْدُون بْن أبي فوناس.
الْإِمَام أبو عليّ الرزهونيّ الفاسيّ.
__________
[1] انظر عن (مسعود بن محمد) في: الأنساب 9/ 199، والتحبير 2/ 304.
[2] وقال: سمعت منه شيئا يسيرا بالآخرة.
[3] انظر عن (منجح بن مفلح) في: الإكمال (بالحاشية) 3/ 371، والإستدراك
لابن نقطة (مخطوط) باب: الدومي، والرومي، وسير أعلام النبلاء 20/ 165
(في ترجمة أبيه رقم 100) .
(38/154)
مولده سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ودخل
إلى الأندلس، وسمع من:
أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وعَبّاد بْن سَرْحان.
وكان فقيها بارعا، تخرَّج به أهل فاس.
ورّخه ابن فرتون وقال: ثنا عنه محمد بن أحمد بْن وسون، وعبد الرحيم بْن
الملجوم.
- حرف الياء-
150- يحيى بْن نزار المَنْبِجِيّ [1] .
فاضل، شاعرٌ محسِن.
قال ابن الْجَوْزِيّ [2] : كان يحضر مجلسي، وَجَدَ فِي أُذُنِهِ ثقَلًا
فخاف الطَّرَش، فاستدعى طُرُقِيًّا فامتصّ أذُنَه حَتَّى خرج شيءٌ من
مُخّه، وكان سبب موته.
وقد ذكره أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ.
وقدِم الشّام ومدح السّلطان نور الدِّين، فمِن شِعره:
لو صَدَّ عني دلالا أو مُعاتبةَ ... لكنتُ أرجو تلاقيه وأعتذِرُ
لكن ملالا فلا أرجو لعطْفه ... جَبْرُ الزُّجاج عسير حين ينكسر [3]
__________
[1] انظر عن (يحيى بن نزار) في: المنتظم 10/ 191 رقم 282 (18/ 137 رقم
4233) ، وخريدة القصر (قسم العراق) 2/ 234، ووفيات الأعيان 5/ 293-
297، وعيون التواريخ 12/ 519.
[2] عبارته في المنتظم: «كان فيه فضل وأدب، ويقول الشعر، وكان يحضر
مجلسي، ويدهشه كلامي» .
[3] عيون التواريخ.
(38/155)
سنة خمس وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
151- أَحْمَد بْن عَبْد الجليل [1] .
أبو الْعَبَّاس التُّدْمِيريّ [2] ، الأندلسي.
روى عن: أبي عليّ بْن سُكَّرَة، وأبي مُحَمَّد بْن عطيَّة، وجماعة.
وكان عالما باللُّغَة والنَّحْو، مصنَّفًا نبيلا. أدّب أولاد صاحب
مَرّاكُش.
وتُوُفيّ بفاس [3] .
152- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن.
أَبُو بَكْر البغداديّ، المراوحيّ المقرئ.
سمع: ابن بيان، وأُبيًّا النَّرْسيّ، وأبا الخَطَّاب الكَلْوَذَانيّ.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر، وغيره.
وكان يؤمّ بمسجد.
توفّي في شعبان.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الجليل) في: بغية الوعاة 1/ 321 رقم 608،
وكشف الظنون 508، 604، 273، والأعلام 1/ 140، ومعجم المؤلفين 1/ 260.
[2] التدميري: بالضم ثم بالسكون، وكسر الميم، وياء ساكنة، وراء، نسبة
إلى تدمير، كورة بالأندلس تتّصل بأحواز كورة جيّان، وهي شرقيّ قرطبة.
(معجم البلدان 2/ 19) .
[3] من مصنفاته: التوطئة في النحو، وشرح الفصيح، وشرح أبيات الجمل،
ومختصره، وشرح شواهد الغريب للعزيريّ، وغير ذلك.
(38/156)
153- أَحْمَد بْن هبة اللَّه بْن مُحَمَّد
بْن البيضاويّ.
أبو طَالِب.
سَمِعَ: ثابت بْن بُنَدَار، وغيره.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ الْقُرَشِيّ الحافظ.
تُوُفّي فِي شوّال. وكان من الحُجّاب.
154- إِبْرَاهِيم بْن منبّه بْن عُمَر.
أَبُو أُميَّة الغافقيّ، الأندلسيّ. من أهل المريَّة.
أخذ القراءات عن: ابن شفيع.
وسمع: أَبَا عليّ بْن سُكَّرَة، وابن رَغيبة، وأبا مُحَمَّد بْن عتّاب.
وحجّ، فسمع من سلطان بْن إِبْرَاهِيم المقدسيّ.
وولي الخطابة والقضاء بمُرْسِية.
سمع منه: أبو القَاسِم بْن حنيش، وغيره.
ولم تُحفظ وفاته، لكنّه حدُّث فِي هذا العام «بصحيح الْبُخَارِيّ» عن
رجلٍ، عن كريمة.
- حرف الباء-
155- بُزَان [1] بْن مامين [2] .
الأمير الكبير مجاهد الدِّين الكُرْدِيّ، أحد الموصوفين بالشّجاعة،
والرّأي، والسّماحة، وصاحب الصَّدَّقات الكثيرة.
مات بداره عند باب الفراديس، ودُفِن بمدرسته الْجَمَاليَّة، ولم يَخْلُ
من باكٍ عليه ومتأسّف لفقده. ورثي بقصائد.
__________
[1] في الأصل: «بزار» ، وفي الكامل لابن الأثير: طبعة دار الكتاب
العربيّ، «نزار» ، والمثبت عن ذيل تاريخ دمشق، والكامل طبعة دار صادر،
والروضتين.
[2] انظر عن (بزان بن مامين) في: ذيل تاريخ دمشق 359، والكامل في
التاريخ 11/ 207، والروضتين ج 1 ق 1/ 309، ودول الإسلام 2/ 71 وفيه:
«نزار» ، والبداية والنهاية 12/ 242 وفيه: «نزار» .
(38/157)
وكان من أمراء دمشق، وبقي فِي الإمرة
زمانا.
ورّخه حمزة التّميميّ أو إنسانٌ بعده، فإنّ حمزة [مات فِي هذه
السَّنَة] [1] .
وقد تُوُفّي فِي أوائل العام.
- حرف الحاء-
156- حمزة بْن أسد بْن عليّ بن محمد [2] .
__________
[1] ما بين الحاصرتين مكانه بياض في الأصل. وقد أضفته على الأصل
لاقتضاء السياق.
ويظهر أنّ المؤلّف الذهبيّ- رحمه الله- شكّ في أن يكون حمزة التميمي
المعروف بابن القلانسي ترجم له، بل هو الّذي ترجم له في تاريخه، وقال
إنه موصوف بالشجاعة والبسالة والسماحة مواظب على بثّ الصّلات والصدقات
في المساكين والضعفاء والفقراء مع الزمان وكل عصر ينقضي وأوان، جميل
المحيّا، حسن البشر في اللقاء.
ورثي بهذه الأبيات المختصرة:
كم عاقل وسهام الموت مصمية ... تصميه في غفلة منه ونسيان
بينا تراه سريع الخطو في وطر ... حتى تراه سريعا بين أكفان
كذاك كان بزان في إمارته ... ما بين جند وأنصار وأعوان
هبّت رياح الرزايا في منازله ... فغادرتها بلا أنس وجيران
أمسى بقبر وحيدا جنب مدرسة ... بلا رفيق ولا خلّ وإخوان
ما عاينت نعشه عين مؤرّقة ... إلّا بكته بأنواء وتهتان
فرحمة الله لا ينفكّ زائره ... لحدا حوى جسمه منه بغفران
ولا أغبّت ثراه كلّ مرعدة ... تهمي عليه بغيث ليس بالواني
حتى تروّضه منها بصيّبها ... بكل زهر غضيض ليس بالغاني
ما دامت الشهب في الأفلاك دائرة ... وناحت الورق ليلا بين أغصان
من يفعل الخير في الدنيا فقد ظفرت ... يداه بالحمد من قاص ومن دان
[2] انظر عن (حمزة بن أسد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 7/ 259 رقم 241، ومعجم الأدباء 10/ 278- 280، وتلخيص مجمع الآداب
1/ 912، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 259 رقم 241، والعبر 4/ 156،
وسير أعلام النبلاء 20/ 388، 389، 389 رقم 262، والمعين في طبقات
المحدّثين 166 رقم 1787، والإعلام بوفيات الأعلام 228، ومرآة الجنان 3/
308، والنجوم الزاهرة 5/ 332، وشذرات الذهب 4/ 174، وفيه: «حمزة بن
راشد» ، ومنتخبات
(38/158)
أبو يَعْلَى التّميميّ، الدّمشقيّ، العميد
بْن القلانِسِيّ، الكاتب.
حدّث عن: سهل بْن بِشْر، وحامد بْن يُوسُف التِّنِّيسيّ.
قال الحافظ ابن عساكر [1] : سمع منه بعض أصحابنا، ولم أسمع منه.
قال: وكان أديبا كاتبا. تولّى رئاسة دمشق مرَّتين، وكانَ يكتب له فِي
سماعه أبو العلاء المسلم بْن القلانِسيّ، فذكر أَنّه هُوَ ذاته. كذلك
كان يُسمّى.
وقد صنَّف تاريخا للحوادث [2] من بعد سنة أربعين وأربعمائة إلى حين
وفاته [3] .
وقرأت من شِعْره:
يا نفسُ لا تَجْزعي من شِدَّةٍ عَرَضَتْ ... وأيقَني من إله الخَلْقِ
بالفَرَجِ
كم شِدَّةٍ عظمت [4] ثُمَّ انْجَلَت ومضت ... من بعدِ تأثيرها فِي
المالِ والمُهَجِ [5]
تُوُفّي فِي ربيع الْأَوَّل.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابن صَصَرَى، ومُكْرَم بْن أبي الصَّقْر،
وجماعة.
وجمع بين كتابة الإنشاء وكتابة الحساب، وحُمِدتْ ولايته. وتُوُفيّ فِي
عَشْر التّسعين [6] .
__________
[ () ] التواريخ لدمشق 477، ومعجم المطبوعات العربية لسركيس 218، 219،
وكنوز الأجداد لمحمد كردعلي 295- 298، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 68، 69،
ومعجم المؤلفين 4/ 77، والأعلام 2/ 308، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 442،
443.
[1] في تاريخه.
[2] هو: ذيل تاريخ دمشق. نشره آمدروز، وطبعته مطبعة الآباء اليسوعيين
ببيروت 1908، ثم نشرته دار حسّان بدمشق 1403 هـ/ 1983 م. بتحقيق د.
سهيل زكار.
[3] الصحيح أن تاريخه يبدأ بسنة 360 هـ.
[4] في تاريخ دمشق وتهذيبه ومختصره ومعجم الأدباء: «كم شدّة عرضت» .
[5] تاريخ دمشق، والتهذيب، والمختصر، ومعجم الأدباء 10/ 280.
[6] ومن شعره:
يا من تملّك قلبي طرفه فغدا ... معذّبا بين أشواق وأشجان
(38/159)
157- حمزة بْن عَليّ بْن هبة اللَّه بْن
الْحَسَن بْن عَلِيّ [1] .
الثّعلبي [2] ، أبو المعالي، الدّمشقيّ، المعروف بأبي الحُبُوبيّ [3] ،
البزّار.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبا الفتح المقدسيّ،
وسهْل بْن بِشْر الإسْفَرَائينيّ.
سمّعه عمّه أبو المجد معالي بْن هبة اللَّه.
قال ابن عساكر [4] : كان شيخا لا بأس به. سمعته يقول: ولدت في آخر
__________
[ () ]
امنن بوصل لعلّي أستجير به ... من سطوة البين في صدّ وهجران
ما لي منيت بممنوع يعذّبني ... ولا يزيد فؤادي غير أحزان
لا برّد الله قلبي من تحرّقه ... إن شبت حبّي له يوما بسلوان
إذا ترنّم قمريّ على فنن ... في ليلة زاد في حزني وأشجاني
وكم أسرّ غرامي ثم أعلنه ... وليس يخفى بكم سرّي وإعلاني
لا برّد الله شوقي إن نويت لكم ... تغيّرا ما بأشكال وألوان
وله أيضا:
إيّاك تقنط عند كلّ شديدة ... فشدائد الأيام سوف تهون
وانظر أوائل كلّ أمر حادث ... أبدا فما هو كائن سيكون
[1] انظر عن (حمزة بن علي) في: مشيخة ابن عساكر (مخطوط) 2/ ورقة 58،
وتاريخ دمشق، له، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: الحبوبي والحني،
ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 7/ 263، 264 رقم 252، والعبر 4/ 156،
157، وسير أعلام النبلاء 20/ 357، 358 رقم 247، والمشتبه في الرجال 1/
256، والإعلام بوفيات الأعلام 228، والمعين في طبقات المحدّثين 166 رقم
1788، والطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 7، والنجوم الزاهرة 5/ 333،
وشذرات الذهب 4/ 174، وتهذيب تاريخ دمشق 4/ 449.
[2] في الأصل غير معجمة، والمثبت عن مصادر الترجمة.
[3] الحبوبي: بحاء مهملة مضمومة، وموحّدتين بينهما واو. وقد تحرّفت في
شذرات الذهب، وتهذيب تاريخ دمشق إلى: «الحبري» .
[4] في تاريخ دمشق.
(38/160)
سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. ومات فِي
جُمَادَى الأولى. ودُفِن بسَفْح قاسيون.
قلت: روى عَنْهُ: ابن عساكر، وابنه البهاء، وأبو المواهب بن صصرى،
وأخوه أبو القاسم، وعبد الخالق بْن أسد، وابنه غالب، وحمزة بْن عَبْد
الوهّاب الكِنْديّ، وأحمد بْن المُسْمِع، ومُكْرَم بْن أبي الصَّقْر،
وأبو نصر مُحَمَّد بْن الشّيرازيّ.
وآخر من روى عَنْهُ كريمة القرشيّة.
- حرف الخاء-
158- خسرو شاه [1] .
سلطان غَزْنَة، وابن سلاطينها. ولي المُلْك بعد أَبِيهِ الملك بهرام
شاه بْن مَسْعُود بْن إِبْرَاهِيم بْن مَسْعُود بْن مُحَمَّد بْن
سُبُكْتكين.
قال ابن الأثير [2] : تُوُفّي فِي رجب من سنة خمس. وكان عادلا حَسَن
السّيرة فِي رعيّته، مُحِبًّا للخير، مقرِّبًا للعلماء، راجعا إلى
أقوالهم. وكان ملكه تسع سِنين. وملك بعد ابنه ملك شاه، فَلَمّا ملك نزل
علاء الدِّين ملك الغُور فحاصَر غَزْنة، وكان الثّلج كثيرا، فلم يمكنُه
المُقام وعاد إلى بلاده.
- حرف الطاء-
159- طاهر بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد بْن عَبْد
الرَّحْمَن.
أبو الطَّيِّب الْقُرَشِيّ، الزُّهْرِيّ، العوفيّ، البخاريّ، فاضل،
طريف،
__________
[1] انظر عن (خسرو شاه) في: الكامل في التاريخ 11/ 262، والمختصر في
أخبار البشر 3/ 38، والعبر 4/ 157، وسير أعلام النبلاء 20/ 389، 390
رقم 263، وتاريخ ابن الوردي 2/ 98، والوافي بالوفيات 13/ 316، 317 رقم
391، والبداية والنهاية 12/ 242، والسلوك 1/ ق 1/ 80، والنجوم الزاهرة
5/ 333، وشذرات الذهب 4/ 175، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 418.
[2] في الكامل.
(38/161)
كيّس، مطبوع الحركات. طلب الحديث وتفقُّه،
ووعظ وعْظًا مليحا.
وسمع من: جَدّه مُحَمَّد بْن عَبْد الحميد العَوْفيّ، وعثمان بْن
إِبْرَاهِيم الفُضَيْلي، وبكر بْن الرزنجريّ [1] .
وتُوُفيّ فِي رجب وله إحدى وسبعون سنة.
- حرف العين-
160- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن
إِسْمَاعِيل بْن مَنْصُور.
أبو عَبْد الكريم المَقْدِسيّ.
شيخ صالح، مقرئ. هاجر إلى دمشق قبل الجماعة. وتعلَّم بها شيئا من
العِلم، ثُمَّ عاد. وكان كثير الخير، نظيف الثّياب صالحا. ثُمَّ جاء
ومضى إلى حرّان المرح [2] ، فأمّ بأهلها، وعاد مريضا إلى دمشق، فمات
فِي رجب.
وهو عمّ الحافظ الضّياء.
قال: سَأَلتُ خالي موفَّق الدِّين عَنْهُ، فقال: كان أكبر إخوته. انتقل
إلى قرية جحا وأمّ بأهلها، ثُمَّ قَدِمَ علينا بعد أن انتقلنا إلى
الجبل من مسجد أبي صالح، فأسّس له بيتا فِي الدَّيْر، وخرج إلى حَران
المرح.
وسمعتُ شيخنا العِماد إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الواحد قال: كان يخطب فِي
حَرّان، فقال فِي خطبته: اللَّهمّ ارحم أمير المؤمنين المقتفي، بدل
أصلح، فَلَمّا كان بعد أيّام جاءنا الخبر بموت المقتفي.
161- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي سَعْد مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
إِبْرَاهِيم بْن مُوسَى.
أبو القاسم الفارسيّ، ثمّ السّرخسيّ [3] .
__________
[1] لم أجد هذه النسبة، وقد تكون: «الزرنجري» بتقديم الزاي.
[2] قرية بغوطة دمشق.
[3] السّرخسي: هذه النسبة إلى بلدة قديمة من بلاد خراسان يقال لها:
سرخس،
(38/162)
فقيه ورع، قانع، خيّر. تفقَّه على مُحيي
السُّنَّة البَغَوَيّ، وبعده على عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه
النِّيهيّ [1] ، وأتقن مذهب الشّافعيّ.
وتُوُفيّ فِي الكهولة بنَسَا فِي هذا العام ظنّا.
162- عبد الرّشيد بن أبي بكر بن أبي الفضل بن ينال.
أبو محمد الهرويّ، الطّائيّ، البنّاء. شيخ صالح.
سمع كثيرا من: مُحَمَّد بْن عليّ العُمَيْريّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ وغيره.
توفّي بسجستان في ربيع الأوّل.
163- عَبْد الرشيد بْن أبي بَكْر بْن ينال [2] .
أبو مُحَمَّد الهرَوَيّ، المهندس.
شيخ صالح، سمع كثيرا من مُحَمَّد بْن عليّ العُمَيْريّ وحده، من ذلك:
«العوالي فِي التّاريخ» لابن عَدِيّ، رَوَاهُ عن العُمَيْريّ، عن
البُوشَنْجيّ [3] ، عَنْهُ.
سمعه منه السَّمْعانيّ وقال: مات بسِجِسْتان فِي ربيع الآخر عن ثمانين
سنة.
164- عَبْد [ ... ] [4] بْن مكيّ بْن أيّوب.
أبو مُحَمَّد التَغْلبيّ، الشّاطبيّ، فقيه، حافظ، شُرُوطيّ حاذق، شاعر.
وُلّي خطَّة الشُّورَى بشاطبة.
__________
[ () ] وسرخس، وهو اسم رجل من الذّعّار في زمن كيكاوس سكن هذا الموضع
وعمره.
(الأنساب 7/ 69) .
[1] النّيهي: بكسر النون وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي
آخرها الهاء هذه النسبة إلى نيه، وهي بلدة بين سجستان وإسفزار، صغيرة،
(الأنساب 12/ 188) .
[2] هو الّذي قبله.
[3] بضم الباء الموحّدة وفتح الشين المعجمة وسكون النون، وفي آخرها
الجيم. هذه النسبة إلى بوشنج وهي بلدة على سبعة فراسخ من هراة يقال لها
بوشنك، وقد تعرّب فيقال لها:
فوشنج. (الأنساب 2/ 332، 333) .
[4] في الأصل بياض.
(38/163)
وروى عَنْ أبيه، وأبي عَبْد اللَّه بْن
سيف، وأبي بَكْر بْن مُفوَّز، وأبي عليّ بْن سُكَّرَة.
165- عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حمزة بْن
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [1] .
الثّقفيّ، أبو جَعْفَر قاضي القُضاة.
سمع: أَبَا الغنائم مُحَمَّد بْن عليّ النَّرْسيّ، ووُلّي قضاء الكوفة
مدَّة. ثُمَّ ولّاه المستنجد باللَّه فِي هذا العام قضاء العراق،
فتُوُفيّ فِي آخر العام وقد ناهز الثّمانين.
قال أبو سعد السّمعانيّ: [من] بيت القضاء والعلم، فصيح العبارة، يحفظ
التّواريخ. سمع ببغداد أَبَا الخَطَّاب بْن البَطِر، وأبا عَبْد اللَّه
بْن البُسْريّ، وقال لي: وُلِدتُ في صفر سنة 479 بالكوفة. وقرأت عليه
جزءا من «المَحَاملِيَات» .
166- عَبْد الواحد بْن ثابت بْن رَوْح بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد
[2] .
أبو القَاسِم الصُّوفيّ، الرَّارّانيّ [3] ، الأصبهانيّ. ورَارَان
قرية.
قال أبو سَعْد: صالح، خيّر، من بيت الحديث والتّصوُّف [4] .
سمع: الحافظ سُلَيْمَان بْن إِبْرَاهِيم، وطراد بْن مُحَمَّد
الزَّيْنَبيّ، وجماعة بأصبهان. وتُوُفيّ فِي السابع والعشرين من ذي
الحجَّة.
167- عليّ بْن حسّان بْن عليّ [5] .
__________
[1] انظر عن (عبد الواحد بن أحمد) في: المنتظم 10/ 196 رقم 283 (18/
143 رقم 4234) ، والعبر 4/ 157، ومرآة الجنان 3/ 3008، والبداية
والنهاية 12/ 243، وشذرات الذهب 4/ 175.
[2] (عبد الواحد بن ثابت) في: الأنساب 6/ 39، وتوضيح المشتبه 4/ 86.
[3] الراراني: راران بالراءين المفتوحتين المنقوطتين من تحتها بنقطة
واحدة (علامة الإهمال) . قرية من قرى أصبهان.
[4] وقال: سمعت منه بأصبهان، ثم قدم علينا بغداد وكتبت عنه بها شيئا
يسيرا.
[5] انظر عن (علي بن حسان) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 3/ 125 رقم 1003، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مصوّرة
الظاهرية) ورقة 199 أ.
(38/164)
أبو الْحَسَن بْن العُلْبيّ [1] والد
زَكَرِيّا. شيخ بغداديّ.
سمع من: طِراد الزَّيْنَبيّ.
روى عَنْهُ: مُحَمَّد بْن مشّق، وغيره.
تُوُفّي رحمه اللَّه فِي شعبان.
168- عِيسَى بْن الظّافر إِسْمَاعِيل بْن الحافظ عبد المجيد بْن
مُحَمَّد بْن المستنصر باللَّه [2] .
العُبَيْديّ. الفائز بنصْر اللَّه أبو القَاسِم، خليفة مصر.
بُويع بالقاهرة يوم قُتِلَ والده وله خمسُ سِنين، وقيل: بل سنتان،
فحمله الوزير عَبَّاس على كتِفِه، ووقف فِي صحن الدّار به، مُظهِرًا
الحزن والكآبة، وأمر أن يدخل الأمراء، فدخلوا فقال: هذا وُلِدَ مولاكم،
وقتل عَمّاهُ مولاكم، وقد قتلتُهُما كَمَا تَرَوْن به، والواجب إخلاص
الطّاعة لهذا الطّفل. فقالوا
__________
[1] العلبي: بضم العين المهملة وسكون اللام وكسر الباء الموحّدة.
وبعضهم بفتح اللام.
[2] انظر عن (عيسى بن الظافر: الفائز بنصر الله) في: النكت العصرية 32
و 170، والمنتظم 10/ 196 (18/ 143) ، وتاريخ الفارقيّ (في حاشية ذيل
تاريخ دمشق) 360، 361، والكامل في التاريخ 11/ 255، وأخبار مصر لابن
ميسّر 2/ 93، والمنتقى من تاريخ مصر 149، 150، وكتاب الروضتين 1/ 311،
وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 212، والمؤنس 72، ونزهة المقلتين لابن
الطوير 69، 70، وأخبار الدولة المنقطعة 106، 108- 110، والمغرب في حلى
المغرب 93، والمختصر في أخبار البشر 3/ 37، ونهاية الأرب 28/ 322،
والدرّ المطلوب (من كنز الدرر) 11، ووفيات الأعيان 3/ 491- 494، والعبر
4/ 156، ودول الإسلام 2/ 71، 72، وسير أعلام النبلاء 15/ 205- 207 رقم
77 و 20/ 415، والإعلام بوفيات الأعلام 228، والدرة المضيّة 571 (حوادث
سنة 554 هـ.) ، وتاريخ ابن الوردي 2/ 62، والبداية والنهاية 12/ 242،
والكواكب الدرّية 158، وعيون التواريخ 12/ 521، ومرآة الجنان 3/ 308،
309، وتاريخ ابن الفرات (مصوّرة التيمورية) 3/ 181 أ، والجوهر الثمين
1/ 265، 266، وتاريخ ابن خلدون 4/ 75، 76، والمواعظ والاعتبار 1/ 357،
واتعاظ الحنفا 3/ 238، 239، ومآثر الإنافة 2/ 39، والنجوم الزاهرة 5/
306- 317، وتاريخ ابن سباط 1/ 109، وحسن المحاضرة 2/ 18، وتحفة الأحباب
للسخاوي 311، وشذرات الذهب 4/ 174، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 228- 230،
وأخبار الدول 1193.
(38/165)
كلّهم: سمِعْنا وأَطَعْنا. وضجّوا ضجَّةً
واحدة بذلك، ففزع الغلام، وبال على كتِفِ عَبَّاس من الفَزَع. وسمّوه
الفائز، وسيّروه إلى أمّه، واختلّ عقله من تلك الصَّيْحة فيما قيل،
فصار يتحرّك فِي بعض الأوقات ويُصْرع. ولم يبق على يد عَبَّاس يدٌ،
ودانت له الممالك [1] .
وأمّا أهل القصر فإنّهم اطَّلعوا على باطن القضيَّة، فأخذوا فِي إعمال
الحيلة فِي قتل عَبَّاس وابنه، فكاتبوا طلائع بْن رزُيّك الأرمنيّ والي
مُنْيَة بني خصيب [2] ، وكان موصوفا بالشّجاعة والرأي، فسألوه
النُّصْرَة، وقطعوا شُعور النِّسْوان والأولاد، وسيّروها فِي طيّ
الكتاب، وسوّدوا الكتاب. فَلَمّا وقف عليه اطلَع من حوله من الْجُنْد
عليه، وأظهر الحُزْن، ولبس السّواد، واستمال عرب الصّعيد، وحشد وجمع.
ثُمَّ كاتَبَ أمراء القاهرة فِي الطَّلَب بدم الظافر، فوعدوه بما يحبّ
فسار إلى القاهرة، فَلَمّا قرُب خرج إليه الأمراء، والْجُنْد،
والسُّودان، وبقي عَبَّاس فِي نَفَرٍ يسير، فهرب هُوَ وابنه وغلمانه
والأمير أسامة بْن منقذ [3] .
وقيل هُوَ الَّذِي أشار عليهما بقتل الظّافر [4] ، والعلم للَّه.
فنقل ابن الأثير [5] قال: اتّفق أنّ أسامة بْن منقذ قَدِمَ مصر، فاتّصل
بعبّاس، وحسَّن له قتْل زوج أمّه العادل عليّ بْن السّلّار فقتله،
وولّاه الظّافر الوزارة، فاستبدَّ بالأمر، وتمّ له ذلك [6] .
__________
[1] أخبار الدول المنقطعة 108، وفيات الأعيان 3/ 492، نزهة المقلتين
70.
[2] في الكامل: «حصيب» بالحاء المهملة، والمثبت يتفق مع: أخبار الدول
المنقطعة، والانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق، ق 2/ 21، ووفيات
الأعيان 3/ 492، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 94.
[3] أخبار الدول المنقطعة 108، ووفيات الأعيان 3/ 492، أخبار مصر لابن
ميسّر 2/ 94، نزهة المقلتين 70، 71.
[4] نزهة المقلتين 72.
[5] في الكامل 11/ 191.
[6] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 92، نزهة المقلتين 72، 73.
(38/166)
وعلم الأمراء أنّ ذلك من فِعل ابن منقذ،
فعزموا على قتْله، فخلا بعبّاسٍ وقال له: كيف تصبر على ما أسمع من قبيح
القَول مِن النّاس: أنّ الظّافر يفعل بابنك نصر؟ وكان من أجمل النّاس،
وكان ملازما للظّافر.
فانزعج لذلك فقال: كيف الحيلة؟
قال: اقتله فيذهب عنك العار.
فاتفق مع ابنه على قتله [1] .
وقيل: إنَّ الظّافر أقطع نصر بْن عَبَّاس قَلْيُوب كلَّها، فدخل وقال:
أَقْطَعَني مولانا قليوب. فقال ابن مُنْقذ: ما هِيَ فِي مَهْرك بكثير.
فجرى ما ذكرناه [2] .
وهربوا فقصدوا الشَّام على ناحية أيْلَة فِي ربيع الأوّل سنة تسعٍ
وأربعين [3] .
وملك الصّالح طلائع بْن رُزِّيك ديار مصر من غير قتال، وأتى إلى دار
ابن عَبَّاس المعروفة بدار الوزير المأمون ابن البطائحي التي هِيَ
اليوم المدرسة السيُّوفيَّة الحنفيَّة [4] ، فاستحضر الخادم الصّغير
الَّذِي كان مع الظافر لمّا نزل سرّا، وسأله عن الموضع الَّذِي دفن
فِيهِ الظّافر، فعرَّفه به، فقلع البلاطة الّتي كانت عليه، وأخرج
الظّافر ومَن معه من المقتولين، وحُمِلوا، وقُطَّعَت عليهم الشُّعور،
وناحوا عليهم بمصر، ومشى الأمراء قُدّام الجنازة إلى تربة [القصر] [5]
. وتكفّل الصّالح بالصّغير ودبّر أحواله.
وأمّا عَبَّاس ومن معه، فإنّ أخت الظّافر كاتبت الفرنج بعسقلان الّذين
__________
[1] أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 93.
[2] الكامل.
[3] وفيات الأعيان 3/ 492.
[4] انظر: أخبار مصر لابن ميسر 2/ 92.
[5] في الأصل بياض. والمستدرك من: الكامل 11/ 193، ووفيات الأعيان 3/
493، وأخبار مصر لابن ميسّر 2/ 94، وهي «تربة آبائه» كما في: (نزهة
المقلتين لابن الطوير 72) .
(38/167)
استولوا عليها من مُدَيْدةٍ يسيرة،
وشَرَطَتْ لهم مالا جزيلا إذا خرجوا عليه وأخذوه. فخرجوا عليه،
فواقَعَهُم، فَقُتِلَ عَبَّاس، وأُخِذت أمواله، وهرب ابن منقذ فِي
طائفةٍ إلى الشَّام [1] . وأرسلت الفرنج نصر بْن عَبَّاس إلى مصر فِي
قفص حديد، فَلَمّا وصل تسلّم رسولهم المال، وذلك فِي ربيع الأوّل سنة
خمسين. ثُمَّ قُطِعت يد نصر، وضُرِب ضربا مُهْلكًا وقُرِض جسمه
بالمقاريض، ثُمَّ صُلِب على باب زَويْلة حيّا، ثُمَّ مات. وبقي مصلوبا
إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين، فأُحرِقت عظامه [2] .
وهلك الفائز سنة خمسٍ، وهو ابن عشر سِنين أو نحوها.
وقيل: إنّ الملك الصّالح ابن رُزِّيك بعث إلى الفرنج يطلب منهم نصر بْن
عَبَّاس، وبذل لهم أموالا، فَلَمّا وصل سلّمه الملك الصّالح إلى نساء
الظّافر، فأقمن يضربْنه بالقباقيب واللّوالك أيّاما، وقطَّعْن لحمه،
وأطعمنه إيّاه إلى أن مات، ثُمَّ صُلِب.
ولمّا مات الفائز باللَّه بايعوا العاضد لدين اللَّه أَبَا مُحَمَّد
عَبْد اللَّه بْن يُوسُف بْن الحافظ عبد المجيد بْن مُحَمَّد بْن
المستنصر العُبَيْديّ، ابن عمّ الفائز، وأجلسه الملك الصالح طلائع بن
رزّيك على سرير الخلافة، وزوّجه بابنته [3] . ثمّ استعمل الصّالح على
بلد الصّعيد شاور البدويّ الّذي وزر.
- حرف الفاء-
169- فضل بن حسن [4] .
أبو القاسم الأنصاريّ، الدّمشقيّ، الكتّانيّ.
__________
[1] الكامل 11/ 194، وفيات الأعيان 3/ 493، نزهة المقلتين 73، أخبار
الدول 109.
[2] أخبار الدول المنقطعة 109، وفيات الأعيان 3/ 493.
[3] الكامل 11/ 255.
[4] انظر عن (فضل بن حسن) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 20/ 274 رقم 105 وفيه: «فضائل» .
(38/168)
كان يخرج إلى الغوطة [1] ويقارض الكتّان
بالغزل.
روى عَنْ: سهل بْن بِشْر.
روى عَنْهُ: الحافظ بْن عساكر، وقال: مات فِي ذي الحجَّة.
170- الفضل بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد.
الخطيب أبو نصر الطُّوسيّ، المقرئ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان يؤمّ الوزراء. قَدِمَ علينا مع الوزير محمود
بْن أبي تَوْبة، وخطب بجامع مَرْو. وكان حَسَن الصّوت، عالما، كثير
المحفوظ.
حجّ وسمع أَبَا القَاسِم بْن بيان، وأبا الرّضا عليّ بْن يحيى
النَّسَفيَ، وهادي بْن إِسْمَاعِيل الْحُسَيْنيّ.
وكان قد سمع: أَبَا تُراب عَبْد الباقي المَرَاغيّ [2] ، ونصر اللَّه
بْن أَحْمَد الحسناميّ [3] على ما ذكر لي يَوْمًا، وما رَأَيْت له أصلا
يفرح به.
وُلِدَ سنة ستّ وسبعين وأربعمائة، وتُوُفيّ بمَرْو فِي جُمَادَى
الآخرة.
قلت: روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم.
- حرف القاف-
171- القَاسِم بْن الْحُسَيْن بْن القَاسِم [4] .
أبو بَكْر الهَرَويّ، الحَصيريّ [5] .
__________
[1] في تاريخ دمشق: «القرى» .
[2] في الأصل: «المرادغي» ، والتصحيح من الأنساب 11/ 224 وفيه:
المراغي: بفتح الميم والراء وفي آخرها الغين المعجمة. هذه النسبة إلى
القبيلة والبلد. وعبد الباقي المذكور منسوب إلى مراغة البلدة التي من
بلاد أذربيجان.
[3] لم أجد هذه النسبة.
[4] انظر عن (القاسم بن الحسين) في: التقييد 431، 432 رقم 578،
والتحبير 2/ 39، 40 رقم 639.
[5] الحصيري: بفتح أوله وكسر الصاد المهملة، وسكون المثنّاة تحت، وكسر
الراء. نسبة إلى الحصير. محلّة ببخارى يعمل فيها الحصر. (توضيح المشتبه
3/ 249) .
(38/169)
قال عَبْد الرحيم فِي «مُعْجمه» : كان شيخا
صالحا، حَسَن الخطّ، حملني والدي إليه ليُسَمّعني منه «صحيح
الإسماعيليّ» . فسمعت منه.
سمع: أَبَا عامر محمود بْن القَاسِم الْأَزْدِيّ، وإسماعيل بْن حمزة
الهَرَويّ، وأبا أَحْمَد إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الله القهندزيّ [1] .
ولد سنة سبع وسبعين [2] وأربعمائة، وتُوُفيّ بِهَرَاة فِي رابع
جُمَادَى الآخرة.
وقال أبو سَعْد فِي «التّحبير» [3] : سَمِعت منه «الجامع الصّحيح»
للإسماعيليّ بروايتين، عن إِسْمَاعِيل بْن حمزة بْن فَضَالة العَطَّار،
ثُمَّ الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الباشانيّ [4] ، عَنْهُ. وسمعت منه
«الجواهر» لمحمد بْن المنذر شكر [5] .
__________
[1] القهندزي: بضم القاف والهاء وسكون النون وضم الدال المهملة وفي
آخرها الزاي. هذه النسبة إلى قهندز، بلاد شتّى، وهي المدينة الداخلة
المسوّرة، وأما قهندز بخارى فهي المدينة الداخلة (الأنساب 11/ 274) .
[2] في التقييد 431، 432 سنة سبع وستين. والمثبت يتفق مع التحبير 2/
40.
[3] ج 2/ 39.
[4] في التقييد 431 «الباساني» بالسين المهملة. والمثبت يتفق مع
التحبير. وهي: الفاشاني ويقال: باشاني، بالفاء والباء الموحّدة والشين
المعجمة، نسبة إلى فاشان أو باشان من قرى هراة. (توضيح المشتبه 7/ 21)
.
[5] توفي المعروف بشكر في سنة 303 هـ.
وقال ابن السمعاني عن الحصيري القاسم إنه كان سليم الجانب، مليح
المجاورة، صحب القضاة بهراة، وكان يكتب الصكاك بجامع هراة. ولما أردت
الانصراف من هراة استصحبته وحملته إلى مرو لأسمع منه. (التحبير) .
وقال ابن نقطة: حدّث عن إسماعيل بن حمزة بن فضالة، عن الحسين بن محمد
الباشاني بجميع صحيح الإسماعيلي، وحدّث عن أبي عامر محمود بن القاسم
الأزدي، لا أعلم سمع منه جميع كتاب الجامع لأبي عيسى أو بعضه.
حدّث عنه أبو القاسم بن عساكر في معجم شيوخه. (التقييد) .
(38/170)
- حرف الكاف-
172- كريمة بِنْت أَحْمَد بْن عليّ الكوفيّ، الأبيورديّ [1] .
أمّ الحسين العابدة.
نزلت مَرْو، وسمعت مع السَّمْعانيّ [2] . وكانت صوَّامة، قوَّامة،
متهجِّدة قانتة، عابدة.
- حرف الميم-
173- مُحَمَّد المقتفي لأمر الله [3] .
__________
[1] انظر عن (كريمة بنت أحمد) في: ملحق التحبير 2/ 435، ومعجم شيوخ ابن
السمعاني، ورقة 298 أ.
[2] وهو زاد في نسبها: الغازي، الكوفني، من أهل أبيورد، وقال: سكنت مرو
في دارنا، امرأة صالحة، كثيرة العبادة من الصوم والتهجّد، وأعمال
الخير. تعلّمت قراءة القرآن على كبر السّنّ، وحفظت التواريخ، وكانت
تديم التلاوة. سمعت: الإمام أبا يعقوب يوسف بن أيوب الهمذاني، وأبا
طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السخيمي ... سمعت منهم بقراءتي عليهم
كتبت عنها شيئا يسيرا ... وكانت ولادتها سنة نيّف وثمانين وأربعمائة
بكوفن أبيورد، وماتت بمرو ليلة الخميس الثامن والعشرين من صفر. (معجم
الشيوخ) .
[3] انظر عن (المقتفي لأمر الله) في: المنتظم 10/ 197 رقم 286 (18/ 144
رقم 4237) ، والتاريخ الباهر 114، والكامل في التاريخ 11/ 256،
والنبراس 156، وتاريخ الفارقيّ (ملحق يذيل تاريخ دمشق) 360، 361، وزبدة
التواريخ للحسيني 268، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 225،
وكتاب الروضتين 1/ 310، ومفرّج الكروب 1/ 131، والفخري 310، ومختصر
التاريخ لابن الكازروني 228- 232، ومرآة الزمان 8/ 144، وخلاصة الذهب
المسبوك 275، 276، وتاريخ الزمان لابن العبري 174، وتاريخ مختصر الدول،
له 209، والمختصر في أخبار البشر 3/ 37، وبغية الطلب (التراجم الخاصة
بتاريخ السلاجقة) 257، 259، 300، 301، والاعتبار لابن منقذ 173، 174،
وخريدة القصر (قسم العراق) ج 1 ق 1/ 34، 35، وانظر فهرس الأعلام 403،
ووفيات الأعيان (انظر فهرس الأعلام) 8/ 216، 217، وآثار البلاد وأخبار
العباد 267، 472، والعبر 4/ 158، ودول الإسلام 2/ 71، وسير أعلام
النبلاء 20/ 399- 411 رقم 273، والإعلام بوفيات الأعلام 228، 229،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 62، 63، وعيون التواريخ 12/ 521، ومرآة الجنان 3/
310، والوافي بالوفيات 2/ 94، 95، والبداية والنهاية 12/ 241، والدرّ
المطلوب (من كنز الدرر) 11، وتاريخ ابن خلدون 3/ 522، والجوهر الثمين
1/ 207-
(38/171)
أمير المؤمنين أبو عَبْد اللَّه بْن
المستظهر باللَّه أَحْمَد بْن المقتدي باللَّه جَعْفَر بْن المعتضد
الهاشميّ، الْعَبَّاسيّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
من سَرَوات الخلفاء، كان عالِمًا، ديَّنًا، شُجاعًا، حليما، دمِث
الأخلاق، كامل السُّؤدُد، خليقا للإمامة، قليل المِثْل فِي الأئمَّة
عليهم السلام، لا يجري في دولته أمرٌ وإن صَغُر إلّا بتوقيعه. وكتب فِي
خلافته ثلاث رَبْعات منها رَبْعةٌ نُفّدت إلى بلاد فارس.
ووَزَرَ له عليّ بْن طِراد الزَّيْنَبيّ، ثُمَّ أبو نصر بْن جَهِير،
ثُمَّ أبو القَاسِم عليّ بْن صَدَقة، ثُمَّ أبو المظفَّر يحيى بْن
هُبَيْرة، وحَجَبَه أبو المعالي بْن الصّاحب، ثُمَّ كامل بْن مسافر،
ثُمَّ أبو غالب بْن المعوّج، ثُمَّ أبو الفتح بْن الصُّيْقل، ثُمَّ أبو
القَاسِم عليّ بْن الصّاحب.
وكان آدَمَ، مجدُور الوجه، مليح الشّيبة، له هَيْبة عظيمة، وأمّه
حَبَشِيَّة.
ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة فِي الثّاني والعشرين من ربيع الأوّل،
وبوُيع بالخلافة فِي السادس والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاثين
وخمسمائة، وقد جاوز الأربعين.
وسمع من مؤدّبه أبي البَرَكات بْن أبي الفَرَج بْن السّيبيّ [1] .
قال ابن السَّمْعانيّ: وأظنّ أنّه سمع «جزء ابن عَرَفَة» من أبي
القَاسِم بْن بيان، مع أخيه المسترشد باللَّه، واتَّفق أني كتبتُ
قصَّةً إليه، وسألته الإنعام بالأحاديث، والإذن فِي السّماع منه، فأنعم
وفتّش على الجزء ونفذه إليَّ على يد شيخنا أبي مَنْصُور بْن الجواليقيّ
وكان يؤمّ به الصّلوات، فخرجت من بغداد
__________
[ () ] 209، ومآثر الإنافة 2/ 35- 44، والكواكب الدرّية 157، وتاريخ
الخميس 2/ 362، والنجوم الزاهرة 5/ 332، 333، وتاريخ الخلفاء 437- 442،
وتاريخ ابن سباط 1/ 111، وشذرات الذهب 4/ 172- 174، وأخبار الدول 175،
176.
[1] السّيبي: بالسين المهملة.
(38/172)
قبل أن أسمعه منه، غير أنّي سمعته من ابن
الجواليقيّ، وكان قد قرأه عليه.
حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ، ثنا الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ
أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ أَحْمَدُ بْنُ
عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّرِيفِينِيُّ، أَنَا
الْمُخَلَّصُ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ الْوَرَّاقُ، ثنا حَفْصُ بْنُ
عَمْرٍو الرَّبَالِيُّ، نا أَبُو سُحَيْمٍ، عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ
صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ إِلَّا شِدَّةً وَلَا
النَّاسُ إِلَّا شُحًّا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا عَلَى
شِرَارِ الْخَلْقِ» [1] . قلت: أَنَا أبو المعالي الهَمَذانِيّ، أَنَا
أبو عليّ بْن الجواليقيّ، أَنَا أبو المظفَّر يحيى بْن مُحَمَّد الوزير
قال: قرأت على مولانا المقتفي لأمر اللَّه سنة اثنتين وخمسين حدَّثكم
السّيبيّ، فذكره.
وأجاز لنا جماعة سمعوه من الكِنْديّ، أَنَا أبو الفتح عَبْد اللَّه بْن
البيضاويّ، أَنَا أبو محمد بن هزارمرد الصَّرِيفينيّ، فذكره.
وقد جدَّد المقتفي بابا، واتَّخذ من العتيق تابوتا لدفنه. وكان محمود
السّيرة، مشكور الدّولة، يرجع إلى دين، وعقل، وفضل، ورأي، وسياسة، جدّد
معالم الإمامة، ومهَّد رسوم الخلافة، وباشر الأمور بنفسه، وغزا غير
مرَّةٍ في جنوده، وامتدّت أيّامه.
__________
[1] إسناده ضعيف لضعف أبي سحيم مولى عبد العزيز بن صهيب، وهو المبارك
بن سحيم.
قال الشيخ شعيب الأرنئوط:
وفي الباب عن معاوية عند الطبراني في (المعجم الكبير) 19/ 357،
والبيهقي في (بيان خطأ من أخطأ على الشافعيّ) ص 301، ورجاله ثقات.
وأورده الهيثمي في (مجمع الزوائد 8/ 14) وقال: رجاله رجال الصحيح.
وعن أبي أمامة عند الحاكم في (المستدرك على الصحيحين) 4/ 440،
والطبراني في المعجم الكبير، رقم (7757) ، والبيهقي في (بيان خطأ من
أخطأ على الشافعيّ) ص 302.
وفي سنده عندهم عبد الله كاتب الليث وهو سيّئ الحفظ، لكن قال البيهقي:
تابعه معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، وباقي رجاله ثقات. وصحّحه
الحاكم، ووافقه الذهبي.
وله طريق آخر عند الطبراني في (المعجم الكبير) رقم (7894) ، وانظر:
مجمع الزوائد 7/ 285 والفقرة الأخيرة من الحديث أخرجها مسلم في صحيحه
(2949) من حديث ابن مسعود.
(38/173)
وذكر أبو طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن
مُحَمَّد بْن عَبْد السّميع الهَاشِميّ فِي كتاب «المناقب
الْعَبَّاسيَّة» المقتفي، فقال: كانت أيّامه نَضِرة بالعدْل، زَهِرة
بفعل الخيرات، وكان على قَدَم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه ومعه.
وكان فِي أوّل عمره متشاغلا بالدِّين، ونسخ [ربعات] [1] وقرأ القرآن
إلى أن قال: ولم يُر مع سماحته ولِين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة
فِي شهامته وصرامته وشجاعته، مع ما خُصَّ به من زُهده وورعه وعبادته.
ولم تزل جيوشه منصورة حيث يمَّمت.
قال ابن الْجَوْزِيّ [2] : مات بالتَّرَاقي، وقيل: دُمّل فِي عُنُقه،
فتُوُفّي ليلة الأحد ثاني ربيع الأوّل، عن ستٍّ وستِّين سنة [إلّا] [3]
ثمانيةٍ وعشرين يَوْمًا.
قال: ومن العجائب أنّهُ وافق أَبَاهُ فِي علَّة التّراقي، وماتا جميعا
فِي ربيع الأوّل.
وتقدَّم موت شاه مُحَمَّد على موت المقتفي بثلاثة أشهر، وكذلك المستظهر
مات قبله السّلطان محمد بن ملك شاه بثلاثة أشهر. ومات المقتفي بعد
الغَرَق بسنة، وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة [4] .
وكان من سلاطين دولته السّلطان سَنْجَر صاحب خُرَاسَان، والسّلطان نور
الدِّين صاحب الشَّام.
واستوزر عَوْنَ الدِّين يحيى بْن هُبَيْرة. وكان هُوَ الَّذِي قام
بحشمة الدّولة العبّاسيَّة، وقطع عَنْهَا أطماع الملوك السّلجوقيّة
وغيرهم من المتغلّبين. ومن
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في المنتظم 10/ 197 (18/ 144) .
[3] في الأصل: «ست وستين سنة وثمانية» . والتصويب من (المنتظم) .
[4] زاد ابن الجوزي: قال لنا عفيف الناسخ- وكان رجلا صالحا-: رأيت في
المنام قبل دخول سنة خمس وخمسين قائلا يقول: إذا اجتمعت ثلاث خاءات كان
آخر خلافته. قلت: خلافة من؟ قال: خلافة المقتفي. قلت: ما معنى اجتماع
الخاءات؟ قال: سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
(38/174)
أيّام المقتفي عادت بغداد والعراق إلى يد
الخلفاء، ولم يبق لهم فيها مُنَازع.
وقبل ذلك لعلّ من دولة المقتدر إلى وقته كان الحكم للمتغلّبين من
الملوك، وليس للخليفة معهم إلّا اسم الخلافة.
وكان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كريما، جوادا، محِبًا للحديث وسَمَاعه،
معتنيا بالعِلم، مُكرِمًا لأهله.
وبُويع بعده ولده أبو المظفَّر يُوسُف، ولُقِّب بالمستنجد باللَّه.
174- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ بْن الْحَسَن [1] .
أبو المظفَّر بْن التُّرَيْكيّ [2] ، الهاشميّ، الْعَبَّاسيّ، خطيب
جامع المهتدي.
كان من كبار العُدول ببغداد، وله إسناد عال على قلّته [3] .
روى عن: أبي نصر الزَّيْنَبيّ، وعاصم، ورزق اللَّه.
ولد سنة سبعين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وعليّ بْن هارون الحِلّيّ
النَّحْويّ، وأبو الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن [4] ،
والشّطّيّ التّاجر، وعبد السّلام بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سُكَيْنَة،
ويحيى بْن أبي المظفّر الحنفيّ مدرّس النّفيسيّة،
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: المنتظم 10/ 197 رقم 287 (18/
144 رقم 4238) ، والأنساب 10/ 197، واللباب 1/ 215، ومعجم الألقاب لابن
الفوطي 1/ 289 و 599 و 2/ 843، والإعلام بوفيات الأعلام 229، والمعين
في طبقات المحدّثين 166 رقم 1790، والعبر 4/ 159، وسير أعلام النبلاء
20/ 359 رقم 249، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 238، وتبصير المنتبه 1/ 145،
والنجوم الزاهرة 5/ 333، وشذرات الذهب 4/ 175، والدرّ المنضّد في رجال
أحمد (مخطوط) ورقة 70 ب.
[2] التّريكي: بلفظ تصغير الترك. وقد تحرّفت هذه النسبة في (ذيل طبقات
الحنابلة) إلى:
«البرمكي» ، وفي (شذرات الذهب) إلى: «النويلي» .
[3] وقال ابن رجب: وكان جليل القدر، وكان من رجالات الهاشميين. ذا أدب
وعلم، وله نظم، وخطب بجامع له.
[4] وهو قال: كان يخطب في الجمع والأعياد، وكان حسن الصورة، فاضلا.
(المنتظم) .
(38/175)
وآخرون تُوُفّي فِي نصف ذي القعدة.
175- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عُمَر.
الخطيب أبو بَكْر البُرُوجِرْديّ [1] .
قَدِمَ بغداد، وتفقّه على أسعد الميهَنيّ. وتفقّه بمَرْو مدَّة حَتَّى
برع فِي المذهب، وصار من أئمَّة الشّافعيَّة. وانقطع إلى صُحبة يُوسُف
بْن أيّوب الزَّاهد، وتعبَّد ولزِم الطّاعة، وحجّ.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ أناشيد، وقال: يُعرف بالموفَّق،
وأثنى عليه وروى عن: أبي منصور محمد بْن عليّ الكُرَاعيّ [2] ، والفقيه
عمر بن مُحَمَّد السَّرْخَسِيّ، وجماعة.
وسمع الكثير، وقرأ بنفسه ببغداد على قاضي المَرِسْتان.
ومات فِي ربيع الأوّل وله 61 سنة.
176- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحَسَن بْن علويّ بْن
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن زَيْدِ بْن غَبَرَة [3] .
الهاشميّ، أبو الْحَسَن الحارثيّ، الكوفيّ، المعروف بابن المعلّم. أحد
عُدُول الكوفة.
من وُلِدَ ربيعة بْن الحارث بْن عبد المطّلب.
__________
[1] البروجردي: بضمّ الباء والراء بعدها الواو وكسر الجيم وسكون الراء
وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى بروجرد وهي بلدة حسنة على
ثمانية عشر فرسخا من همذان.
(الأنساب 2/ 174) .
[2] الكراعي: بضم الكاف وفتح الراء وفي آخرها العين المهملة. هذه
النسبة إلى بيع الأكارع والرءوس. (الأنساب 10/ 373، 374) .
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد) في: سير أعلام النبلاء 20/ 333 رقم
225، والمشتبه في الرجال 2/ 482، وتبصير المنتبه 3/ 1038.
(38/176)
ولد سنة ثمان وستّين وأربعمائة، وسمع سنة
خمسٍ وسبعين مِن العَدْل أبي الفَرَج مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن علّان،
وأبي عليّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمدان الخالديّ،
وأبي القَاسِم الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان الدَّهْقان،
وأبي غالب بْن المنثور الجهنيّ، وجماعة.
وتفرّد بالرّواية عن بعضهم.
ورحل إليه الطّلبة إلى الكوفة.
قال ابن النّجّار: روى لنا عن جماعة سمعوا منه بالكوفة، وقد سمع منه:
أبو الفضل أَحْمَد بْن صالح بْن شافع، وأبو الفَرَج بْن النَّقُّور.
وحدَّث ببغداد قديما.
مات بالكوفة فِي سلْخ ذي الحجَّة سنة خمس. قاله مَسْعُود بْن النّادر.
وقال أبو الفضل بْن شافع: تُوُفّي فِي أواخر محرّم سنة ستٍّ.
قال: وكان ثقة فِي روايته، سَمِعت عليه بقراءتي الأجزاء الّتي ظهرت له
جميعها.
قلت: آخر من روى عَنْهُ بالإجازة كريمة الدّمشقيَّة.
177- مُحَمَّد بْن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بْن علي بْن مُحَمَّد [1] .
أبو الفُتُوح الطّائيّ، الهَمَذانِيّ، صاحب «الأربعين الطّائيَّة» .
ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة بهَمَذان.
وسمع: فَيْدَ بْن عَبْد الرَّحْمَن الشّعْرانيّ، وعبد الرحمن بن حمد
الدّونيّ،
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي جعفر) في: العبر 4/ 159، وسير أعلام النبلاء
20/ 360، 361 رقم 251، والمعين في طبقات المحدّثين 166 رقم 1789،
وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 188، 189، والوافي بالوفيات 1/ 144،
ومرآة الجنان 3/ 310، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 172، 173، والنجوم
الزاهرة 5/ 333، وكشف الظنون 56، وشذرات الذهب 4/ 175، وهدية العارفين
2/ 93، وتاريخ الأدب العربيّ 6/ 247، ومعجم المؤلفين.
(38/177)
وظريف بْن مُحَمَّد، ومحمد بْن أبي
الْعَبَّاس الأَبِيوَرْدِيّ الأديب، وإسماعيل بْن الْحَسَن الفرائضيّ،
وعبد الغفّار الشَّيرُوييّ، وفخر الإسلام عَبْد الواحد بْن إِسْمَاعِيل
الرُّويَانيّ، وتاج الإسلام أَبَا بَكْر السَّمْعانيّ، وشِيرُوَيّه
الدَّيْلَميّ الحافظ، وابن طاهر المَقْدِسيّ، وأبا القَاسِم بْن بيان
الرّزّاز.
وتفقّه بمرو على مُحيي السُّنَّة البَغَوَيّ، وعلى أَبِي بَكْر
السَّمْعانيّ.
قال: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ: يرجع إلى نصيب من العلوم، فقه،
وحديث، وأدب، ووعظ.
حضرتُ وعْظه بهَمَذان فاستحسنته.
قلت: روى عَنْهُ: محمد بن عبد الله بن البنّاء الصُّوفيّ بْن الْحَسَن
بْن الزَّبِيديّ، وأخوه الْحَسَن، وجماعة.
وتُوُفيّ فِي شوّال بهَمَذان، وآخر من روى عَنْهُ ابن اللَّتّيّ.
178- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم.
أبو المفضّل بْن زَنْبَقَة الواسطيّ، المعدّل [1] .
ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وعدّل سنة خمسمائة.
وسمع: أَبَا تمّام، وأبا الفضل مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن السُّواديّ
[2] ، وأبي غالب مُحَمَّد بْن حمد.
وسمع «الْبُخَارِيّ» ببغداد من نور الهدى أبي طَالِب.
روى عَنْهُ: أبو يَعْلَى مُحَمَّد بْن عليّ بْن القارئ، وأبو طَالِب
بْن عبد
__________
[1] المعدّل: بضم الميم، وفتح العين، والدال المشدّدة المهملتين، وفي
آخره اللام. هذا اسم لمن عدّل وزكّي وقبلت شهادته عند القضاة. (الأنساب
11/ 396) .
[2] السّوادي: بضم السين المهملة وفتح الواو، وفي آخرها الدال المهملة.
هذه النسبة إلى سواديزه، وهي قرية من قرى نخشب، وكان أهل نسف ينسبون
إليها، ويقولون: السوائي، والنسبة الصحيحة: السّوادي. (الأنساب 7/ 179)
.
(38/178)
السّميع، وغيرهما.
وتُوُفيّ فِي ذي الحجَّة.
179- مُحَمَّد بن بركة بن بكّا.
شيخ صالح سُنّيّ.
سمع: أَبَا غالب الباقِلانيّ، وأبا الْحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ.
وعنه: ابن الأخضر.
180- مُحَمَّد بْن يحيى بْن عليّ بْن مُسْلِم بْن مُوسَى بْن عِمْرَانَ
[1] .
الْقُرَشِيّ، اليمنيّ، الزَّبِيديّ [2] ، الواعظ، أبو عَبْد اللَّه.
وُلِدَ فِي المُحَرَّم سنة ستّين وأربعمائة [3] ، وقدم دمشق في حدود
سنة ستّ وخمسمائة فوعظ وأخذ يأمر بالمعروف ويَنْهَى عن المُنْكَر، فلم
يحتمل طُغْتِكِين أتابَك له ذلك، وأخرجه عن دمشق، فذهب إلى العراق،
ودخلها سنة تسع وخمسمائة [4] ، ووعظ. وكان له معرفة بالنَّحْو والأدب.
وكان صَبُورًا على الفقر، متعفَّفًا.
ثُمَّ قَدِمَ دمشق رسولا من المسترشد باللَّه فِي أمر الباطنيّة وعاد.
وكان حنفيّ المذهب، على طريقة السّلف في الأصول.
__________
[1] انظر عن (محمد بن يحيى) في: الأنساب 6/ 247، 248، والمنتظم 10/
197، 198 رقم 288 (18/ 145 رقم 4239) ، ومعجم الأدباء 19/ 106- 108،
والكامل في التاريخ 11/ 264، ومرآة الزمان 8/ 235، 236، والمعين في
طبقات المحدّثين 167 رقم 1791، وسير أعلام النبلاء 20/ 316- 319 رقم
211، والوافي بالوفيات 5/ 198، والبداية والنهاية، 12/ 243، والجواهر
المضيّة 2/ 142، وفيه ورد «مسلمة» بدل «مسلم» ، وتبصير المنتبه 2/ 654،
وبغية الوعاة 1/ 263، 264، وهدية العارفين 2/ 93، وذيل تاريخ الأدب
العربيّ 1/ 764، ومعجم المؤلفين 12/ 106، 107.
[2] الزّبيديّ: بفتح الزاي المشدّدة، وكسر الباء الموحّدة. نسبة إلى
زبيد بلدة باليمن.
[3] في المنتظم 10/ 197 (18/ 145) : «مولده على التقريب سنة ثمانين
وأربعمائة» ، ومثله في:
مرآة الزمان 8/ 235.
[4] في مرآة الزمان 8/ 235 «سنة 519» .
(38/179)
قال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ:
حَدَّثَني البراندسيّ [1] قال: جلستُ مع الزَّبِيديّ من بكرة إلى قريب
الظُّهْر، وهو يلوك شيئا فِي فِيه، فسألته، فقال: لم يكن لي شيء، فأخذت
نَواةً أتعلّل بها.
قال ابن الْجَوْزِيّ [2] : وكان يقول الحقّ وإن كان مرّا، ولا تأخذه
فِي اللَّه لومةُ لائم. ولقد حُكي أنّه دخل على الوزير الزَّيْنَبيّ
وقد خُلِعَتْ عليه خِلَع الوزارة، والنّاس يهنّونه بالخِلْعة، فقال
هُوَ: هذا يوم عزاء لا يوم هناء. فقيل له، فقال: أهنّئُ [3] على لبْس
الحرير!؟
قال أبو الفَرَج [4] : وحدّثني عَبْد الرَّحْمَن بْن عِيسَى الفقيه
قال: سَمِعت مُحَمَّد بْن يحيى الزَّبِيديّ قال: خرجت إلى المدينة على
الوحدة، فأواني اللّيل إلى جبلٍ، فصعدت ونادَيت: اللَّهمّ إنّي اللّيلة
ضَيْفُك. ثُمَّ نزلت فتَوَارَيْت عند صخرة، فسمعت مناديا يُنادي: مرحبا
يا ضيفَ اللَّه. لك [5] مع كلّ طلوع الشّمس تَمُرُّ بقومٍ [على] [6]
بئرٍ يأكلون خُبزًا وتمرا، فإذا دَعوْك فأجِبْ، فهذه ضيافتك.
فَلَمّا كان من الغد سِرْتُ، فَلَمّا طلعت الشّمسُ لاحت لي أهداف بئرٍ،
فجئتُها، فوجدت عندها قوما يأكلون خُبزًا وتمرا، ودَعَوْني، فأجبت.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان يعرف النَّحْو معرفة حَسَنة، ويعِظ، ويسمع
معنا مِن غير قصْد من القاضي أبي بَكْر الْأَنْصَارِيّ، وغيره. وكان
فنّا عجيبا.
وكان فِي أيّام المسترشد يَخْضِب بالحِنّاء، ويركب حمارا مخضوبا
بالحِنّاء، وكان يجلس ويجتمع عليه العوامّ، ثُمَّ فَتَر سوقه. ثُمَّ
إنّ الوزير عَوْن الدِّين ابن هُبَيْرة نَفَقَ عليه الزَّبِيديّ ورِغب
فِيهِ.
__________
[1] في الأصل: «حدّثني الوزير ابن هبيرة» . والتحرير من (المنتظم) .
[2] في المنتظم 10/ 198 (18/ 145) .
[3] في المنتظم: «الهناء» .
[4] في المنتظم.
[5] في المنتظم: «إنك» .
[6] إضافة من المنتظم.
(38/180)
وسمعت جماعة يحكون عَنْهُ أشياء السكُّوت
عَنْهَا أَوْلَى.
ثُمَّ قال: وقيل لي إنّه يذهب إلى مذهب السّالميَّة، ويقول إنَّ
الأموات يأكلون ويشربون وينكحون فِي قبورهم، والسّارق والشّارب للخمر
والزّاني لا يُلام على فِعْله لأنّه يفعل بقضاء اللَّه.
وسمعت عليّ بْن عَبْد الملك الأندلسيّ يقول: زاد الزَّبِيديّ فِي أسماء
اللَّه تعالى أسامي، ويقول: هُوَ المتمّم، والمبهم، والمظهر، والزّارع.
وقال أبو البركات عَبْد الوهّاب الأنماطيّ: حمل إليَّ الزَّبِيديّ جزءا
صنَّفه وذكر فِيهِ أنّ لكلّ ميّتٍ بيتا فِي الجنَّة وبيتا فِي النّار،
فإذا دخل الجنَّة هُدِم بيته الَّذِي فِي النّار، وإذا دخل النّار
هُدِم بيته الَّذِي فِي الجنَّة.
قلت: وحفيداه اللذان رويا «الصّحيح» هما الْحَسَن والحسين ابنا المبارك
بْن مُحَمَّد.
وقال ابن عساكر: قال ولده إِسْمَاعِيل: كان أبي فِي كلّ يومٍ وليلة من
أيّام مرضه يقول: اللَّه اللَّه، قريبا من خمسة عشر ألف مرَّة، وما زال
يَقُولُ اللَّه اللَّه حَتَّى لقي رحمة اللَّه. تُوُفّي فِي ربيع
الآخر.
وقال أَحْمَد بْن صالح بْن شافع: كان له فِي علم الأصُول وعِلْم
العربيَّة حظٌّ وافر، وقد صنَّف كُتُبًا فِي فنون العِلم تزيد على مائة
مصنَّف. ولم يضيّع شيئا من عمره.
ثُمَّ بالغ الْجِيلي فِي تعظيمه وقال: كان يَخْضِب بالحنّاء ويعتمّ
متلحّيا دائما. حُكيت لي عَنْهُ من جهاتٍ صحيحة غير كرامة، منها رؤيته
للخَضِر وجماعة من الأولياء.
181- مُحَمَّد بْن أَبِي بَكْر بْن عثمان بْن محمد [1] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أبي بكر) في: التحبير 2/ 258، 259، والأنساب 7/
28، ومعجم البلدان 3/ 183، واللباب 2/ 99، وسير أعلام النبلاء 20/ 286
رقم 193، والمشتبه في
(38/181)
أبو طاهر السّبخيّ [1] ، البزدويّ،
الْبُخَارِيّ، الصّابونيّ، الفقيه الزَّاهد.
سمّعه أَبُوهُ بقرية وَرْكي [2] أجزاء من الإمام المعمّر أبي مُحَمَّد
عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّبَيْريّ.
وسمع القاضي: أَبَا اليُسْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الحسين
البَزْدَوِيّ، وعليّ بْن أَحْمَد بْن خدام، وأبا صادق أَحْمَد بْن
الْحُسَيْن الزَّنْدي [3] ، وجماعة.
وُلِدَ بعد الثّمانين وأربعمائة. وكان فقيها صالحا صحِب يُوسُف
الهَمَذانِيّ الزَّاهد، وإبراهيم الصّفّار الزّاهد واختصّ به [4] .
__________
[ () ] الرجال 1/ 94 و 1/ 348، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 6/ 188،
والجواهر المضيّة 2/ 35، وتبصير المنتبه 2/ 719، وتوضيح المشتبه 1/ 615
و 5/ 30.
[1] السّبخيّ: بالسين المهملة، والباء الموحّدة المفتوحتين، والخاء
المعجمة. (الأنساب، اللباب، الجواهر المضيّة تبصير المنتبه) .
وفي (المشتبه في الرجال) ضبطها المؤلّف- رحمه الله-: «السّبحي» بضم
السين المهملة وفتح الموحّدة وبالحاء المهملة. وقد علّق الحافظ ابن حجر
على ذلك بقوله: ضبطه السمعاني بفتحتين وخاء معجمة، وهو أعرف بشيخه.
(تبصير المنتبه) .
و «السّبخة» نسبة إلى الدباغة بالسبخة. وهي التراب المالح الّذي لا
ينبت فيه النبات. وقد تصحّفت في (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي) إلى
«السنجي» بالنون والجيم.
[2] الوركي: بالفتح ثم السكون، وكاف، من قرى بخارى. (معجم البلدان 5/
373) .
[3] الزّندي: بفتح الزاي، وسكون النون، وفي آخرها الدال المهملة هذه
النسبة إلى قرية ببخارى. (الأنساب 6/ 315) .
[4] وجاء في (توضيح المشتبه لابن ناصر الدين ج 5/ 30) في مادّة
«السّبحيّ» ، وهو ينقل عن المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في كتابه
«المشتبه 1/ 348» قال: «وأبو طاهر محمد بن أبي بكر عثمان البخاري
الصوفي السّبحي الصابوني. يروي عن عبد الواحد الوركي، وعنه أبو سعيد
السمعاني، وابنه عبد الرحيم، مات سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
قلت: كذا نقلته من خط المصنّف، وفيه وهمان:
أحدهما: أنه جعل والد أبي طاهر عثمان، وكنيته أبا بكر، وليس كذلك، بل
هو ابن أبي بكر بن عثمان، فعثمان جدّه، ومحمد بن أبي بكر بن عثمان بن
محمد بن أحمد بن إسماعيل البزدوي الصابوني، وكناه أبو العلاء الفرضيّ:
أبا عبد الله.
والثاني: أن المصنف جعله السّبحي، بمهملتين، الأولى مضمومة، والحاء
مكسورة، بينهما موحّدة مفتوحة، وإنما هو السّبخي، بفتح المهملة
والموحّدة معا، وكسر الخاء المعجمة،
(38/182)
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وابنه.
أبو طاهر مُحَمَّد بْن أبي بَكْر المَرْوَزِيّ المؤذّن، ويشتبه بأبي
طاهر مُحَمَّد بْن أبي بَكْر السّبخيّ هذا، فينبغي أن يتفطّن له [1] .
__________
[ () ] ذكره كذلك ابن السمعاني، وهو أعرف بشيخه، وهي نسبة- عند ابن
السمعاني على ما سمع- إلى الدّباغ بالسّبخة، ولم يجوّده ابن نقطة (في
الإستدراك، باب السبحي والسبخي) ، فقاله السّنجي، بالمهملة المكسورة،
ثم نون ساكنة، ثم جيم مكسورة، وقد ذكره المصنّف على الصواب في نسبه
ونسبته في حرف الموحّدة، فقال في ترجمة الثيابي: ونسبة إلى حفظ الثياب
في الحمّام، أبو بكر محمد بن عمر الثيابي البخاري، حدّث عنه محمد وعمر
ابنا أبي بكر بن عثمان السّبخي البخاري. انتهى. كذا وجدته بخط المصنّف،
وضبط السّبخي، وصحّح فوقه، وهو الصواب.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : إن المؤلف
الذهبي- رحمه الله- قد أثبت اسم صاحب الترجمة «محمد بن أبي بكر بن
عثمان» في تاريخه هنا، وفي (سير أعلام النبلاء) على الصحيح، فلعلّ لفظ
«بن» بين «أبي بكر» و «عثمان» سقط سهوا من كتابه «المشتبه» ، والله
أعلم.
[1] وقال ابن ناصر الدين في (توضيح المشتبه 5/ 32- 34) معقّبا على قول
المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (المشتبه 1/ 349) في مادّة «السّنجي» :
قال: والحافظ محمد بن أبي بكر السّنجي، رحل وسمع نصر الله بن أحمد
الخشنامي وخلقا، وعنه عبد الرحيم بن السمعاني.
قلت: هو الشيخ الفقيه الزاهد أبو طاهر محمد بن أبي بكر بن عثمان بن
محمد بن أحمد بن إسماعيل السّنجي البزدوي الصابوني، من أهل مدينة
بخارى، هكذا نسبه أبو سعد عبد الكريم بن السمعاني في «ثبت» ولده أبي
المظفر عبد الرحيم، وقد ذكره المصنّف قبل مختصرا، فوهم في إعادته هنا
ونسبته أيضا، وقد ذكره في ثلاثة مواضع من الكتاب، فالأول وهو الصواب
قيّد نسبته في حرف الموحّدة: السّبخي، فتح السين المهملة والموحّدة
معا، وذكره بخاء معجمة وصحّح فوقه، والثاني ذكره قريبا في ترجمة
السّبحي، بضم السين المهملة، وفتح الموحّدة، تليها حاء مهملة، وهذا
خطأ، وتقدّم التنبيه على ذلك قريبا، والثالث جعله هنا في ترجمة السّنجي
بكسر السين المهملة، ثم نون ساكنة، ثم جيم، وهو خطأ أيضا، وقد نقلت
نسبته مجوّدة كما ذكرها المصنّف على الصواب في حرف الموحّدة من خط
الحافظ الضياء محمد بن عبد الواحد المقدسي في «ثبت» شيخه الإمام أبي
المظفّر عبد الرحيم بن السمعاني فيما قرأه عليه في سنة تسع وست مائة
بمرو، توفي أبو طاهر السّبخي هذا ببخارى في جمادى الأولى سنة خمس
وخمسين وخمس مائة فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني، وقال: كان والده من
الفقهاء الورعين، وكان يكتب مجالس الإملاء التي كانت
(38/183)
182- الْمُبَارَك بْن الْمُبَارَك بْن هبة
اللَّه بْن معطوش [1] .
أبو القَاسِم بْن أبي المعالي البغداديّ، التّاجر، السّفّار.
سمع: أَبَا العزّ مُحَمَّد بْن الْمُخْتَارِ، وحدَّث [2] .
قال أخوه أبو طاهر المبارك بن المعطوش: تُوُفّي أخي بدمشق سنة خمسٍ
وخمسين.
قلت: وسمع من: ابن بيان أيضا.
روى عَنْهُ: دَاوُد بْن الفاخر.
183- المبارك بْن هبة اللَّه بْن عليّ بْن العقّاد [3] .
أبو المعالي البغداديّ، المؤدِّب.
سمع من: طِراد الزَّيْنَبيّ، وأبي الْحَسَن الأنباريّ الأقطع، وابن
طَلْحَةَ النَّعَاليّ.
وقد سمّاه السَّمْعانيّ فِي «الذَّيل» : المبارك بْن الْحُسَيْن،
وإنّما هُوَ ابن أبي الْحُسَيْن.
روى عَنْهُ: أبو الحسن الشّهرستانيّ، وأبو محمد بن الأخضر.
__________
[ (-) ] للأئمة في وقته حسبة وديانة، وكان يحضر ولديه: محمدا هذا،
وأخاه عمر في أكثر المجالس، انتهى.
وأما أبو طاهر السّنجي بكسر السين المهملة، وسكون النون تليها جيم
مكسورة، فهو أول شيخ ذكره أبو سعد ابن السمعاني في «ثبت» ابنه أبي
المظفّر، وهو أبو طاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي
سهل بن أبي طلحة المؤذّن الخطيب، ولد في سنة اثنتين أو سنة ثلاث وستين
وأربع مائة بقرية سنج، وتوفي بمرو في شوال سنة ثمان وأربعين وخمس مائة،
وكان فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني ديّنا ثقة مكثرا متواضعا قانعا
بما هو فيه، رحمه الله.
[1] انظر عن (المبارك بن المبارك) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ
ابن الدبيثي 3/ 176 رقم 1151.
[2] سمع منه: عمر القرشي.
[3] ترجمة (المبارك بن هبة الله) في: الذيل على تاريخ بغداد لابن
السمعاني، وهو ضائع.
(38/184)
مات فِي صَفَر سنة خمس، وله خمسٌ وثمانون
سنة.
184- المبارك بْن أبي الفضل [1] .
البغداديّ، الطّبّاخ، المؤدِّب.
سمع: أَبَا الفضل بْن خَيْرُون.
وتُوُفيّ فِي ذي القعدة.
روى عَنْهُ: عُمَر الْقُرَشِيّ الدّمشقيّ، وغيره.
185- مجاهد الدِّين [2] .
واقف المدرسة المجاهديَّة. واسمه بُزَان. وقد ذُكِر.
186- مَسْعُود بْن عَبْد الواحد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ
بْنِ أَحْمَدَ بْن الْعَبَّاس بْن الحُصَين [3] .
أبو مَنْصُور بْن أبي الفَرَج الشَّيْبَانيّ، الكاتب.
بغداديّ جليل. حَدَّث عن: أبي الخَطَّاب بْن البطِر، وطبقته.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبتُ عَنْهُ. ولا أعرف من حاله شيئا. وسمعته
يقول: وُلِدتُ سنة سبع وستّين وأربعمائة. وتُوُفيّ فِي أواخر ذي
الحجَّة.
قلت: وأخبرونا عن ابن المُقَيّر أنّ مَسْعُود بْن الحُصَيْن أجاز له.
أَنَا أبو الخَطَّاب عليّ بْن عَبْد الرحيم بْن الجرّاح.
وقد سمع أيضا من: رزق اللَّه، وأبي الْحَسَن الأنباريّ، وطِرَاد [4] .
__________
[1] انظر عن (المبارك بن أبي الفضل) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ
ابن الدبيثي 3/ 180 رقم 1163.
[2] تقدّمت ترجمته باسم «بزان بن مامين» رقم (155) .
[3] انظر عن (مسعود بن عبد الواحد) في: الإعلام بوفيات الأعلام 229
وفيه: «مسعود بن الحصين» ، وسير أعلام النبلاء 20/ 362 (دون ترجمة) ،
ومعرفة القراء الكبار 2/ 519، 520 رقم 462.
[4] وقال المؤلّف الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء) : روى عنه ابن
الأخضر، وأحمد بن صدقة، وداود بن يونس الأنصاري، وعبد الرحمن بن عمر
الغزال.
(38/185)
وقرأ القراءات على أَبِي مَنْصُور الخيّاط.
وطلب، وكتب ما لا يوصف.
وكان ثقة.
187- ملك شاه بْن السّلطان محمود بْن مُحَمَّد السَّلْجُوقيّ [1] .
تُوُفّي بأصبهان في ربيع الأوّل. قاله ابن الْجَوْزِيّ [2] . فقيل إنّه
سُمّ، وسبب ذلك أنّه لمّا كثُر جَمْعُه بأصبهان فِي السَّنَة الماضية
أرسل إلى بغداد وطلب أن تُقْطَع خطْبة عمّه سُلَيْمَان شاه بْن
مُحَمَّد، وتُقام له الخطْبة، ويعيدوا [3] القواعد القديمة. فوضع ابن
هبيرة الوزير خادما اسمه غلبك [4] الكوهرائيّ [5] فمضى واشترى جارية
بألف دينار، وباعها لملِكْشاه، وقرَّر معها أنْ تسُمَّه، ووعدها أمورا
عظيمة، فسمّته فِي لحمٍ مَشْويّ، فأصبح ميّتا، فضُرِبتْ فأقَرَّت. وملك
أصبهان بعده عمُّه سُلَيْمَان شاه، فلم تطل مدّته، ومات بعد سنة [6] .
__________
[ (-) ] وقال أحمد بن شافع: كان قديما للتلاوة، قرأ بالروايات العالية،
وسمع ما لا يدخل تحت الحصر، إلّا أنّ أكثره على كبر السّنّ، وتفقّه
وتميّز، وهو من بيت الكتابة والحديث، ما أظنّ أنّ أحدا من أهل بيته
مثله زهادة وخيرا ودينا، وكان ثقة، فهما.
[1] انظر عن (ملك شاه) في: المنتظم 10/ 198 رقم 289 (18/ 145 رقم 4240)
، والكامل في التاريخ 11/ 263، وتاريخ دولة آل سلجوق 262 و 269، 270،
والبداية والنهاية 12/ 242، ومآثر الإنافة 2/ 37، 38.
[2] في المنتظم.
[3] في الأصل: «يعيدون» ، وهو غلط نحوي.
[4] في الكامل: «أغلبك» .
[5] في الأصل: «اللوهراني» .
[6] الخبر في الكامل 11/ 263. وقال العماد باختصار البنداري: وكان
مغرورا بالشباب مشبوب الغرار، مقدار للآمن آمنا من الأقدار، فلم ينقض
عليه شهر حتى اشتهر أنه قضى ومضى، وأن برقه ويومه مضى، وذلك في يوم
الإثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول من غير مرض سبق، ولا عرض عرض. بل
كانت له مغنيّة قد استهوته واستغوته، وخبلت خلبه، وسلبت لبّه، فصار
يأكل من يدها ويشرب، ويجيء بحبّها ويذهب. وقيل إنها بغت موته فمات
بغتة. وقيل: بل أصابه سكتة، وأنها قد رغّبت حتى سقته سمّا، وكان قدرا
حتما، قد أحاط الله به علما. (تاريخ دولة آل سلجوق 270) .
(38/186)
188- مَنْصُور بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن
مَسْعُود بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود [1] .
أبو المظفَّر بْن أبي الفضل المسعوديّ، المَرْوَزِيّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان أحد الفُضَلاء المبرّزين، وأحد الدُّهاة
الأجلاد وكان كثير المحفوظ، مليح الشّغر.
سمع: الإمام أَبَا المظفَّر جدّي، وإسماعيل النّاقديّ، وأبا جَعْفَر
أَحْمَد بْن الْحُسَيْن الخُزَاعيّ.
وبنَيْسَابور: أَبَا بَكْر الشِّيرُويّيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: ابن السّمعانيّ، وابنه عبد الرحيم، وآخرون.
وولد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي أواخر رجب.
- حرف الياء-
189- يحيى بْن سَعِيد بْن مُظَفَّر [2] .
القاضي أبو ألوفا البغداديّ. عُرِف بابن المرخّم.
اشتغل بالطَّبّ والنّجوم ومذهب الأوائل، حَتَّى انطفأ نور إيمانه،
وتقدَّم، ورَأس إلى أن ناب فِي القضاء عن عليّ بْن الْحُسَيْن
الزَّيْنَبيّ، وعلا شأنه. ثُمَّ وُلّي أقضى القُضاة، وظَلَم، وعَسَف،
وارتشى. وكان من سيئات المقتفي.
وكان يتظاهر بالفلسفة، فَلَمّا مات مخدومه واستُخِلف المستنجد سجنه
مُدَيدة، ثُمَّ أخرج من السِّجن ميّتا فِي شوّال سنة خمس.
وله نظم جيّد.
__________
[1] انظر عن (منصور بن محمد) في: الأنساب 11/ 309، وطبقات الشافعية
الكبرى للسبكي 4/ 312.
[2] انظر عن (يحيى بن سعيد) في: المنتظم 18/ 48 و 56.
(38/187)
ذكره عليّ بْن أنجب فِي قضاة بغداد.
190- يحيى بن عبد الرحمن بن محمد بن رافع [1] .
أبو اليُمْن ابن تاج القُرّاء الطُّوسيّ، أخو عليّ.
سمع: البانياسيّ، وأبا الْحَسَن الأنباريّ، ورزق اللَّه.
وعنه: ابن سُكَيْنَة، وابن الأخضر.
وُلِدَ سنة 477- ومات رحمه اللَّه فِي ربيع الآخر.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن عبد الرحمن) في: سير أعلام النبلاء 20/ 362 (دون
ترجمة) .
(38/188)
سنة ست وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
191- أَحْمَد بْن ظَفَر.
أبو الوفاء الثّقفيّ، الأصبهانيّ، المُعَدَّل.
مات فِي أوّل السَّنَة.
192- أَحْمَد بْن كبيرة بْن مقلّد.
أبو بَكْر الأَزَجيّ، الخزّاز، الصّالح، العابد.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن بيان، وابن ملَّة المحتسب.
روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن يحيى بْن هبة اللَّه، وعبد العزيز بْن الأخضر.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل.
193- أحمد بن المبارك بن عبد الباقي بن مُحَمَّد بْن قَفَرْجَل [1] .
القطّان الذّهبيّ، أبو القَاسِم البغداديّ.
شيخ مُسْنِد، مستور.
سمع: عاصم بْن الْحُسَيْن، وطِراد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبيّ، ورزق
اللَّه
__________
[1] انظر عن (أحمد بن المبارك) في: سير أعلام النبلاء 20/ 356، 357 رقم
246، والإعلام بوفيات الأعلام 228 (وفيات سنة 554 هـ) ، والمعين في
طبقات المحدّثين 166 رقم 1785 (وفيات 554 هـ) ، والنجوم الزاهرة 5/ 331
في وفيات 554 هـ، وشذرات الذهب 4/ 170 (وفيات 554 هـ) .
(38/189)
التّميميّ، والفضل ابن أبي حرب
الْجُرجانيّ، وأبا الغنائم بْن أبي عثمان، وابن خَيْرون، وأبا طاهر
الباقِلانيّ، وغيرهم.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، وسعد بْن طاهر البلْخيّ، وزيد
بْن يحيى البيّع، وأبو هُرَيْرَةَ مُحَمَّد بْن ليث الوسطانيّ، وجماعة.
وآخر من روى عنه بالإجازة ابن المقير.
وكان له أخٌ اسمُه باسمه أَحْمَد حدُّث أيضا بشيء عن شيوخ أخيه،
وتُوُفيّ قديما [1] .
194- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهّاب.
أبو المحاسن بْن أبي نصر ابن الدّبّاس. من أرباب البيوتات الكبار
ببغداد، ومن ذريَّة القَاسِم بْن عُبَيْد اللَّه الوزير.
أديب، كاتب، شاعر، قعد به الوقت، وصار ينسخ بالأجرة.
سمع: النَّعَاليّ، وطِراد الزَّيْنَبيّ.
روى عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة، ويوسف بْن المبارك الخفّاف.
وتُوُفيّ رحمه اللَّه فِي المُحَرَّم.
195- أَحْمَد بْن هبة الله بن محمد [2] .
أبو عبد الله بن الفُرْضيّ، بسكون الراء [3] . البغداديّ المقرئ.
قرأ بالروايات على: أبي ياسر الحمّاميّ، وثابت بْن بُنْدَار، وعبد
العزيز بْن عليّ الخبّاز، ومحمد بْن أحمد الوقاياتيّ [4] ، وجماعة.
__________
[1] توفي قبل عشر سنين من وفاة أخيه.
[2] انظر عن (أحمد بن هبة الله) في: الاستدراك (الفرضيّ) ، والمشتبه في
الرجال 2/ 506، وتوضيح المشتبه 7/ 80.
[3] وضم الفاء.
[4] الوقاياتي: بكسر الواو وفتح القاف والياء المنقوطة باثنتين من
تحتها بين الألفين وفي آخرها التاء المنقوطة باثنتين من فوقها. هذه
النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة، ويقال لمن يبيعها
(38/190)
وسمع من: رزق اللَّه التّميميّ، وعليّ بْن
قريش، وجماعة.
روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن طارق، وابن الأخضر، وجماعة.
وقرأ عليه بالرّوايات أبو الفتوح بْن الحُصْريّ. وكان عالي الإسناد فِي
القراءات. سكن الدَّسْكَرة وخطب بها. وكان القرّاء يقصدونه لعُلُوّ
روايته.
وكان صالحا، خيّرا، مُسِنًّا.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الآخرة. ذكره ابن الدَّبِيثيّ، والمحبّ بْن
النّجّار.
196- إِبْرَاهِيم بْن دينار بْن أَحْمَد [1] .
أبو حكم النَّهْرَوَاني [2] ، الفقيه الحنبليّ، من علماء بغداد.
كان من المشهورين بالزّهد والورع، والحلم الزّائد، وإليه كان المرجع
فِي عِلم الفَرَائض. أنشأ مدرسة من ماله بباب الأَزَج، وانقطع بها
للعِلْم والعمل. وكان يُؤثِر الخُمول والتّواضع والعَيْش الخَشِن،
ويقتات من خياطة يده، فيأخذ على القميص حبَّتين فقط.
ولقد اجتهد جماعةٌ فِي إغضابه وإضجاره فلم يقدروا.
وكان صَبُورًا على خِدْمة الفقراء والعجائز والزَّمْنَى، ولم يُرَ
عابسا قَطّ.
سمع: أَبَا الْحَسَن العلّاف، وابن بيان الرّزّاز، وغيرهما.
__________
[ () ] الوقاياتي. (الأنساب 12/ 282) .
[1] انظر عن (إبراهيم بن دينار) في: المنتظم 10/ 201، 202 رقم 290 (18/
149، 150 رقم 4241، ومرآة الزمان 8/ 236، والعبر 4/ 159، وسير أعلام
النبلاء 20/ 396 رقم 270، والإعلام بوفيات الأعلام 229، ومرآة الجنان
3/ 310، والوافي بالوفيات 5/ 346، 347، والبداية والنهاية 12/ 245،
وذيل طبقات الحنابلة 1/ 239- 241 رقم 239، والنجوم الزاهرة 5/ 360،
والدرّ المنضّد في رجال أحمد للعليمي (مخطوط) ورقة 70 ب و 71 أ، وشذرات
الذهب 4/ 176، وهدية العارفين 1/ 9، ومعجم المؤلفين 1/ 31.
[2] النهرواني: بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو وفي
آخرها نون أخرى. هذه النسبة إلى بلدة قديمة على أربعة فراسخ من الدجلة
يقال لها النهروان. (الأنساب 12/ 174) .
(38/191)
روى عَنْهُ: أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ،
وابن الأخضر، وأبو نصر عُمَر بْن مُحَمَّد المقرئ.
وكان صدوقا، صحيح السّماع. وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وأربعمائة [1] .
وسمع أيضا من أبي الخطّاب الكَلْوَذَانيّ. وتفقّه على صاحبه أبي سَعْد
بْن حمزة، وقرأ عليه كثيرا.
وقال ابن الْجَوْزِيّ [2] : أعَدْتُ درسَه بمدرسة ابن الشَمحل، فَلَمّا
تُوُفّي درّست بعده بها. وكان يُضرب به المَثَل فِي الحُلم والتّواضع.
قرأت عليه القرآن والمذهب.
وقرأتُ بخطّه على ظهر جزءٍ له:
رَأَيْتُ ليلة الجمعة عاشر رجب سنة خمسٍ وأربعين فيما يرى النّائم،
كأنّ شخصا فِي وسط داري، فقلت له: من أنت؟ قال: الخَضِر، وقال:
تأهّب لِلذي لا بُدّ منه ... من الموت الموكَّل بالعباد
ثُمَّ كأنّه علِم أنّني أريد أن أقول له: هَلْ ذلك عن قُرْبٍ، فقال: قد
بقي من عُمرك اثنتا عشرة سنة تمام سِنِيّ أصحابك. وعُمري يومئذ خمسٌ
وستّون [3] سنة.
قال ابن الجوزيّ [4] : فكنت أترقَّب صحَّة هذا، ولا أفاوضه، فمرض اثنين
وعشرين، وتوفّي في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ستّ وخمسين.
__________
[1] في المنتظم 10/ 201 (18/ 149) : «ولد سنة ثمانين وأربعمائة» ،
ومثله في مرآة الزمان 8/ 236.
[2] في المنتظم 10/ 201 (18/ 149، 150) .
[3] في المنتظم 10/ 201 (18/ 150) : «خمس وسبعون» ، والمثبت هو الصحيح
لأنه ولد سنة 480 ورأى المنام سنة 545 هـ. فيكون عمره عندئذ 65 سنة.
[4] في المنتظم.
(38/192)
قلت: إنّما يكون اثنتي عشرة سنة إذا حسبنا
السَّنَة الّتي رَأَى فيها والّتي تُوُفّي فيها [1] .
197- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عليّ.
أبو إسحاق الهَمَذانِيّ الخطيب.
وُلِدَ سنة خمسٍ وسبعين.
وسمع من: نصر بْن مُحَمَّد بْن زيرك المقرئ.
كتب عنه: السّمعانيّ.
__________
[1] وقال ابن القطيعي: سمعت ابن الجوزي يقول: كان الشيخ أبو حكيم تاليا
للقرآن، يقوم الليل ويصوم النهار، ويعرف المذهب والمناظرة، وله الورع
العظيم، وكان يكتب بيده فإذا خاط ثوبا فأعطي الأجرة مثلا قيراطا، أخذ
منه حبّة ونصفا وردّ الباقي، وقال: خياطتي لا تساوي أكثر من هذا. ولا
يقبل من أحد شيئا.
وقال ابن رجب: وقد صنّف أبو حكيم تصانيف في المذهب والفرائض، وصنّف
شرحا للهداية، كتب منه تسع مجلّدات، ومات ولم يكمله.
وقال ابن القطيعي: أنشدني أحمد التاجر، أنشدني إبراهيم بن دينار الفقيه
لنفسه:
يا دهر إن جارت صروفك واعتدت ... ورميتني في ضيقة وهوان
إني أكون عليك يوما ساخطا ... وقد استفدت معارف الإخوان
قال القطيعي: وقرأت في كتاب أبي حكيم النهرواني بخطه:
وإني لأذكر غور الكلام ... لئلّا أجاب بما أكره
أصم عن الكلم المحفظات ... وأحكم والحكم بي أشبه
إذا ما آثرت سفاه السفيه ... عليّ، فإنّي أنا الأسفه
فكم من فتى يعجب الناظرين ... له ألسن وله أوجه
ينام إذا حضر المكرمات ... وعند الدناءة يستنبه
قال: وقرأت في كتابه بخطّه:
عجبا وقد مررت بآثارك ... إني اهتديت نهج الطريق
أتراني أنسيت عهدك ... فيها؟ صدقوا، ما لميت من صديق
وقد امتدحه الصرصري في قصيدته اللامية، التي مدح فيها الإمام أحمد
وأصحابه، فقال:
وبالحلم والتقوى وصفة الرضا ... أبو الحكيم غدا للفقه أكبر مجمل
(ذيل طبقات الحنابلة 1/ 239- 241) .
(38/193)
- حرف الحاء-
198- حاتم بْن شافع بْن صالح.
أبو الفتح الجيليّ [1] . بوّاب دار الخلافة. أخو صالح بْن شافع.
روى عن: جَعْفَر بْن الحكَّاك، وأبي مَنْصُور الخيّاط.
وعنه: ابن الأخضر، وداود بْن مُعَمَّر، وغيرهما.
مات فجأة فِي ربيع الآخر سنة ستٍّ وخمسين، وله سبعون سنة.
199-[الْحُسَيْن] [2] بْن الْحُسَيْن.
الملك علاء الدِّين الغوريّ صاحب الغُور.
تُوُفّي بعد رجوعه من محاصرة مدينة غَزْنَة. وكان من أجْوَد الملوك
سِيرةَ.
وكان قد كثُر فِي جبالهم الإسماعيليَّة، فأخرجهم من تلك الأرض، ونظّفها
منهم، وراسل الملوك وهاداهم، واستَمال صاحب نَيْسابور المؤيِّد أي
أَبَه وهادنه.
200- حمزة بْن عليّ بن طلحة [3] .
أبو الفتوح [4] البغداديّ.
__________
[1] الجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه
النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان ويقال لها كيل وكيلان فعرّب ونسب
إليها وقيل جيلي وجيلاني. (الأنساب 3/ 414) .
[2] بياض في الأصل. والمستدرك من: الكامل في التاريخ 11/ 271، والعبر
4/ 160، ومرآة الجنان 3/ 310، وشذرات الذهب 4/ 176، ومآثر الإنافة 2/
49.
[3] انظر عن (حمزة بن علي) في: المنتظم 10/ 202 رقم 291 (18/ 150 رقم
4242) ، والكامل في التاريخ 11/ 280، 281، وتلخيص مجمع الآداب ج 5 رقم
340، ومرآة الزمان 8/ 236، 237، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني 45
بالحاشية، وتاريخ ابن الدبيثي (مخطوطة باريس) ورقة 202، والمختصر
المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 2/ 48، 49 رقم 633، والبداية
والنهاية 12/ 245، والوافي بالوفيات 13/ 179، 180 رقم 207.
[4] في مرآة الزمان: أبو الفتح.
(38/194)
روى عن: أبي القَاسِم بْن بيان.
وولي حَجَبَة الباب، ثُمَّ الخزانة. وكان قريبا من المسترشد، وولي
المقتفي وهو على ذلك.
وبنى مدرسة إلى جانب داره، وحجَّ، وتزهَّد، وانقطع فِي بيته حَتَّى
تُوُفّي [1] ، وكان محتَرمًا يزوره الأكابر والدّولة [2] .
- حرف السين-
201- سُلَيْمَان شاه بْن السّلطان محمد بن السّلطان ملك شاه [3] .
السّلطان السَّلْجُوقيّ.
كان فاسقا، مُدمْن الخمر، أَهْوج، أحمق.
__________
[1] قال ابن الجوزي، وابن الأثير: انقطع في بيته نحوا من عشرين سنة.
وعند ما عاد من الحج وتزهّد أنشده أبو الحسين ابن الخلّ الشاعر:
يا عضد الإسلام يا من سمت ... إلى العلى همّته الفاخرة
كانت لك الدنيا فلم ترضها ... ملكا فأخلدت إلى الآخرة
(المنتظم) و (الكامل) .
[2] قال ابن الدبيثي في تاريخه: «كان أحد الأماثل الأعيان وممن رزق
الحظوة عند السلطان، وتخصّص بالقرب من خدمة الإمام المسترشد باللَّه-
رضي الله عنه- فولّاه حجابته في أواخر سنة اثنتي عشرة. وفي صفر سنة
أربع عشرة وخمسمائة جعله صاحب مخزنة ووكّله وكالة جامعة شرعية شهد عليه
بها، ولم تزل حاله عنده عالية ومنزلته وافية مدّة خلافته وكذلك من بعده
في أيام المقتفي لأمر الله- قدّس الله روحه- إلى أن حجّ واستعفى من
الخدمة في سنة سبع أو ست وثلاثين وخمسمائة فأعفي ولزم بيته منقطعا إلى
الاشتغال بالخير وأسبابه. وكان كثير الحج والمجاورة بمكة- شرّفها الله-
وبنى مدرسة للفقهاء الشافعيين مجاورة لداره بباب العامة المحروس ووقف
عليها ثلث أملاكه، ورتب فيها أبا الحسن محمد بن الخلّ مدرّسا.
وقد سمع الحديث من الإمام المسترشد باللَّه، ومن أبي القاسم علي بن
أحمد بن بيان، وغيرهما. وحدّث عنهم» . (مخطوطة باريس، ورقة 202) .
[3] انظر عن (سليمان شاه) في: تاريخ دولة آل سلجوق 262، 273 و 267،
268، والكامل في التاريخ 11/ 266، 267، وزبدة التواريخ للحسيني 171 و
174 و 219 و 221 و 239 و 240 و 253- 258، والعبر 4/ 160، ومرآة الجنان
3/ 310، وشذرات الذهب 4/ 177، ومآثر الإنافة 2/ 39.
(38/195)
قال ابن الأثير [1] : شرب الخمر فِي رمضان
نهارا، وكان يجمع المَسَاخِر، ولا يلتفت إلى الأمراء، فأهمل العسكر
أمْرَه، وصاروا لا يحضرون بابه. وكان قد ردّ الأمور إلى الخادم شرف
الدِّين كُرْدباز [2] ، أحد مشايخ الخَدَم السَّلْجُوقيَّة، وكان
الخادم يرجع إلى دين وعقل، فاتّفق أنّ سُلَيْمَان شرب يَوْمًا بظاهر
هَمَذَان، فحضر عنده كُرْدَباز فكشف له بعضُهُم سَوْأتَهُ، فخرج
مُغْضِبًا. ثُمَّ إنّه بعد أيّام عَمَد إلى مَسَاخِر سُلَيْمَان شاه
فقتلهم، وقال:
إنّما أفعل هذا صيانة لمُلْكك. فوقعت الوَحْشَة.
ثُمَّ إنّ الخادم عمل دعوة حَضَرَها السّلطان، فقبض الخادم على
السّلطان بمعونة الأمراء، وعلى وزيره محمود بْن عبد العزيز الحامديّ
فِي شوّال سنة خمس وخمسين، وقتلوا الوزير، وجماعة من خاصَّة سُلَيْمَان
شاه، وحبسه فِي قلعة، ثُمَّ بعث من خنقه فِي ربيع الآخر سنة ستٍّ.
وقيل: بل سمّه.
وقد ذكرنا من أخباره فِي الحوادث.
- حرف الطاء-
202- طلائع بْن رزُيّك [3] .
__________
[1] في الكامل 11/ 266.
[2] في تاريخ دولة آل سلجوق 263 «كردبازو» ومثله في الكامل.
[3] انظر عن (طلائع بن رزّيك) في: أخبار مصر لابن ميسّر 2/ 94- 97،
والنكت العصرية 1/ 32 وما بعدها، والمنازل والديار لابن منقذ 1/ 154،
والإعتبار، له 22، 23، 26، 43، وخريدة القصر (قسم مصر) 1/ 173- 185،
والكامل في التاريخ 11/ 174، ونزهة المقلتين لابن الطوير 70- 72، 90،
122، وكتاب الروضتين 1/ 311، 316، ووفيات الأعيان 2/ 526- 530، وأخبار
الدول المنقطعة 85، 108- 113، والمختصر في أخبار البشر 3/ 38، 39،
وبدائع البداية 185، 249، 250، 260، 392، ومرآة الزمان 8/ 146، ونهاية
الأرب 28/ 324- 328، والدرّ المطلوب (من كنز الدرر) 16، والعبر 4/ 160،
ودول الإسلام 2/ 72، وسير أعلام النبلاء 20/ 397- 399 رقم 372،
والمشتبه في الرجال 1/ 337، والإعلام بوفيات الأعلام 229، وعقود الجمان
للزركشي (مخطوط) 1/ ورقة 141 ب، والوافي بالوفيات 16/ 503- 506 رقم
552، وتاريخ ابن الوردي 2/ 63، والمغرب في حلى المغرب 217- 223،
والبداية والنهاية 12/ 243، 244، ومرآة
(38/196)
الأرمنيّ، ثُمَّ الْمَصْرِيّ، الشّيعيّ،
الرّافضيّ، أبو الغارات، وزير الدّيار المصريّة، الملقَّب بالملك
الصّالح.
كان واليا على الصَّعيد، فَلَمّا قُتِلَ الظّاهر سيَّر أهل القصر إلى
ابن رزُيّك واستصرخوا به، فحشد وأقبل وملك ديار مصر، كَمَا ذكرنا فِي
ترجمة الفائز [1] ، واستقلّ بالأمور.
وكانت ولايته فِي سنة تسعٍ وأربعين. وكان أديبا، شاعرا، سَمْحًا،
جوادا، محِبًّا لأهل الفضائل، وله دِيوان شِعْر صغير [2] .
ولمّا مات الفائز وبويع العاضد استمرّ ابن رُزّيك فِي وزارته، وتزوَّج
العاضد بابنته. وكان العاضد من تحت قبضته، فاغترَ بطول السّلامة، وقطع
أرزاق الخاصَّة، فتعاقدوا على قتله، ووافقهم العاضد، وقرَّر مع أولاد
الراعي قتْله، وعيَّن لهم موضعا فِي القصر يكمنون فِيهِ، فإذا عبر أبو
الغارات قتلوه، فخرج من القصر ليلة، فقاموا إليه، فأراد أحدهم أن يفتح
الباب فأغلقه، وما علم لتأخير الأَجَل. ثُمَّ جلسوا له يَوْمًا آخر،
ووثبوا عليه عند دخوله القصر نهارا وجرحوه عدَّة جراحات، ووقع الصَّوت،
فدخل حَشَمُه، فقتلوا أولئك، ثُمَّ حملوه إلى داره جريحا، ومات ليومه
فِي تاسع عشر رمضان، وخرجت الخِلَع لولده العادل رزّيك بالوزارة [3] .
__________
[ () ] الجنان 3/ 311، 312، والانتصار لواسطة عقد الأمصار لابن دقماق
1/ 56 و 2/ 45، والكواكب الدرّية 159، والجوهر الثمين 1/ 265، 266،
وتبصير المنتبه 2/ 243، وتحفة الأحباب للسخاوي 74، والنجوم الزاهرة 5/
345، 359، 360، وحسن المحاضرة 2/ 205- 215، واتعاظ الحنفا 3/ 246،
والمواعظ والاعتبار 2/ 293، وتاريخ ابن سباط 1/ 112، وشذرات الذهب 4/
177، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 231، ومعجم الأنساب والأسرات، الحاكمة
150، وأخبار الدول 2/ 248، 249، وأعيان الشيعة 36/ 328- 335، والأعلام
32/ 329، 330، ومعجم المؤلفين 5/ 41 و «رزّيك» : بضم الراء وتشديد
الزاي المكسورة وسكون الياء المثنّاة من تحتها وبعدها كاف.
[1] انظر الترجمة رقم (168) من هذا الجزء.
[2] وقال ابن خلّكان: وقفت على ديوان شعره وهو في جزأين.
[3] وفيات الأعيان 2/ 528.
(38/197)
ورثاه عُمَارة اليمنيّ بعدَّة قصائد [1] .
ومن شِعْر أبي الغارات:
ومُهَفْهَفٍ ثملِ القوامِ سَرَتْ إلى ... أعطافه النّشواتُ [2] من
عَيْنيهِ
ماضي اللّحاظِ كأنَّما سَلَّتْ يدي ... سيفا [3] غداةَ الروع من
جَفْنَيهِ
قد قلتُ إذ خطّ [4] العِذارُ بمسكةٍ [5] ... فِي خدّه [6] إلْفَيْهِ لا
لامَيْهِ
ما الشَعْر دَبّ [7] بعارِضَيْهِ، وإنّما ... أصْداغُهُ تَقَبّضتْ [8]
على خَدَّيهِ
النّاسُ طَوْعُ يدي وَأمري نافِذٌ ... فيهمْ وقلبي الآنَ طَوْعُ
يَدَيهِ
فاعْجَبْ لسلطان يعمُّ بعدْلِهِ ... ويجُورُ سلطانُ الغرامِ عليهِ [9]
وله أشعار كثيرة فِي أهل البيت تدلّ على تشيّعه، وسوء مذهبه [10] ،
حَتَّى قال الشّريف الجوانيّ: كان فِي نصر المذهب كالسّكَّة
المُحْمَاة، لا يفرى فرِيَّة، ولا يُبارَى عَبْقَريَّة، وكان يجمع
العلماء من الطّوائف، ويناظرهم على الإمامة.
قلت: وكان يرى القَدَر، وصنَّف كتابا سمّاه: «الاعتماد فِي الرّدّ على
أهل العناد» يقرّر فِيه قواعد الرّفْض، وتعظيم بني عبيد [11] .
__________
[1] انظر كتابه «النكت العصرية في أخبار الوزارة المصرية» .
[2] في المغرب: «الفترات» .
[3] في ديوان ابن رزّيك، وخريدة القصر: «سيفي» ، والمثبت يتفق مع:
المغرب في حلى المغرب.
[4] في المغرب: «إذ كتب» .
[5] في المغرب: «بخدّه» .
[6] في المغرب: «في ورده» .
[7] في المغرب: «لاح» .
[8] في الديوان، والخريدة: «نفضت» .
[9] ديوان ابن رزّيك 74، خريدة القصر (شعراء مصر) 1/ 177، وفيات
الأعيان 2/ 526، 527، والمغرب في حلى المغرب 219، 220.
[10] المغرب: 222.
[11] زاد المؤلّف- رحمه الله- في (سير أعلام النبلاء 20/ 399) : «ولقد
قال لعليّ بن الزّبد لما ضجّت الغوغاء يوم خلافة العاضد وهو حدث: يا
عليّ، ترى هؤلاء القوّادين دعاة الإسماعيلية يقولون: ما يموت الإمام
حتى ينصّها في آخر، وما علموا أني من ساعة كنت أستعرض لهم خليفة كما
أستعرض الغنم!» .
(38/198)
وقال عُمارة [1] : دخلت عليه قبل قتله
بثلاثة أيّام، فناولني قِرطاسًا [2] فِيهِ بيتان من شِعره، وهما:
نَحْنُ فِي غفلةٍ ونومٍ، وللموتِ ... عيون يَقْظانة لا تنامُ
قد دخلنا إلى الحمّامْ سِنينًا [3] ... ليت شِعْري مَتَى يكون
الحِمَامُ؟ [4]
وقد كان أبو مُحَمَّد بْن الدّهان النّحْويّ نزيل الموصل شرح بيتا من
شعر ابن رزّيك وهو هذا:
تجنَّب سمعي ما تقولُ العَوَاذلُ ... وأصبح لي شُغلٌ، من الغُرّ شاغلُ
فبَلَغه ذلك، فبعث إليه هديَّة سنيَّة.
ولمّا قُتِلَ رثاه عُمارة اليمنيّ، فأبلغ وأجاد حيث يقول:
خزَتْ رُبُوعُ [5] المكْرَمات لراحلٍ ... عُمِرتْ به الأَجْدَاثُ وهي
قِفارُ
شَخَصَ الأَنَامُ إليه تحت جنازةٍ ... خُفِضَتْ بِرِفْعة قِدْرِها
الأقدارُ
وكأنّه [6] تابوت مُوسَى أُودِعَتْ ... فِي جانبَيْه سَكِينَةٌ
وَوَقارُ
وتغايَرَ الحَرَمانِ والهَرَمانِ [7] فِي ... تابوته وعلى الكريم
يُغارُ [8]
أنبأني أَحْمَد بْن سلامة، عن علي بْن نجا الواعظ قال: قرأت على الملك
الصّالح طلائع لنفسه:
قولوا لمغرورٍ بطُول العُمرٍ: ... ويْحَك، ما عرفت صرف الدّهر
__________
[1] في النكت العصرية 48، 49.
[2] في الأصل: «قرطاس» .
[3] في مرآة الزمان: «قد دخلنا الحمّام عاما ودهرا» .
[4] النكت العصرية 49.
[5] في الأصل: «الربوع» .
[6] في النكت: «وكأنها» .
[7] في النكت: «للهرمان والحرمان» .
[8] النكت العصرية 63، 64.
(38/199)
نَحْنُ قُعُودٌ والزّمانُ يجري ... والموتُ
يغدو نحونا ويسري
يطرق فِي غَسَق وفجرٍ ... وبعده أهوالُ يوم الحشرِ
طُوبَى لِمَنْ جانب طُرُق الشرّ ... ومَرَّ جذْلانَ خفيفَ الظَّهرِ
يمضي ويبقى منه حُسْنُ الذِّكْرِ
- حرف العين-
203- عبد الحميد بْن إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد [1] .
أبو الفَرَج المُوسِيَاباذيّ [2] ، الهَمَذانِيّ، الصُّوفيّ.
سمع: عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه، والفضل بْن أَحْمَد الزَّجّاجيّ.
مات فِي رمضان عن اثنتين وثمانين سنة.
أخذ عَنْهُ السَّمْعانيّ.
204-[عبد العزيز] [3] بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد.
أبو مُحَمَّد البَغَوَيّ [4] الخطيب، من أَهل بَغْشُور [5] .
شيخ صالح، ورع، تقيّ، قانتٌ للَّه. وُلّي خطابة بغشور مدَّةَ، وكان
النّاس يتبرَّكون به.
__________
[1] انظر عن (عبد الحميد بن إسماعيل) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
[2] الموسياباذي: بضم الميم، وكسر السين المهملة، وفتح الياء المنقوطة
باثنتين من تحتها، وفتح الباء المنقوطة بواحدة بين الألفين، وفي آخرها
الذال المعجمة. هذه النسبة إلى موسياباذ وهي إحدى قرى همذان، (الأنساب
11/ 520) وضبطت في (معجم البلدان 5/ 222) بفتح السين المهملة.
[3] في الأصل بياض.
[4] البغويّ: بالتحريك. نسبة إلى بغ، وهي على غير قياس. ويقال لها
بغشور. (معجم البلدان 1/ 468) وهي بلدة من بلاد خراسان بين مرو وهراة.
(الأنساب 2/ 254) وفي (المشتبه 1/ 85) للمؤلّف- رحمه الله-: «البغوي من
بغشور: بين هراة وسرخس» .
وتعقبه ابن ناصر الدين الدمشقيّ فقال: هي قصبتان بغ وبغشور. (توضيح
المشتبه 1/ 566) فخالفه وخالف ابن السمعاني وياقوت.
[5] بغشور: بضم الشين المعجمة، وسكون الواو، وراء. بليدة بين هراة
ومروالروذ. ويقال لها: بغ، أيضا. (معجم البلدان 1/ 467) .
(38/200)
سمع من: القاضي أبي سَعِيد بْن أبي صالح
البَغَوَيّ، الدّبّاس.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ وقال: وُلِدَ سنة إحدى
وثمانين وأربعمائة.
وتُوُفيّ بِهَرَاة فِي ربيع الأوّل.
205- عَبْد الكريم بن أبي الفتح عبيد الله [1] بن الإمام أبي القَاسِم
القُشَيْريّ [2] .
أبو المعالي الواعظ.
سمع: أَبَاهُ، والفضل بْن أَحْمَد الْجُرْجانيّ.
لقيه السّمعانيّ بأسفرايين، وقال: كان بنَيْسَابور ويقع فِي الرّوافض،
فقتلوه فِي أحد الْجُمَادَيْن سنة ستٍّ هذه.
206- عَبْد الملك بْن عَبْد السّلام بْن عَبْد الملك بْن الصَّدْر [3]
.
التَّيْميّ [4] ، البغداديّ [5] .
سمع: الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد السّرّاج.
وحدَّث وتُوُفيّ فِي رمضان، وهو مُقِلّ.
سمع منه: أَحْمَد بْن طارق الكَرْكيّ [6] .
__________
[1] ذكر ابن السمعاني أباه «أبا الفتح عبيد الله» في ترجمة جدّه الإمام
أبي القاسم عبد الكريم.
في (الأنساب 10/ 156) .
[2] القشيريّ: بضم القاف، وفتح الشين المعجمة وسكون الياء المنقوطة من
تحتها باثنتين، وفي آخرها الراء. هذه النسبة إلى بني قشير. (الأنساب
10/ 152، 153) .
[3] انظر عن (عبد الملك بن عبد السلام) في: المختصر المحتاج إليه من
تاريخ ابن الدبيثي 3/ 30 رقم 792، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام لابن
النجار (مخطوطة المجمع العلمي العراقي المصوّرة) ورقة 15 أ، وذيل تاريخ
بغداد لابن النجار 1/ 104- 106 رقم 31.
[4] كنيته: أبو محمد.
[5] في التاريخ المجدّد: ويعرف بابن الأبيض أيضا من ساكني دار القزّ.
[6] وسمع منه: عمر القرشي.
(38/201)
207- عبد ال [وهّاب] [1] بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ الْحُسَيْن [2] .
أبو الفتح بْن الصّابونيّ، المالكيّ [3] ، المقرئ، الخفّاف.
وهو من قرية المالكيَّة الّتي على الفُرات [4] .
وُلِدَ سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة [5] .
وسمع من: أبي عَبْد اللَّه النَّعَاليّ، ونصر بْن البِطِر، وأبا طاهر
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن قيداس، وثابت بْن بُنْدَار، والمبارك بْن
الطُّيُوريّ، وخلْقًا كثيرا.
وسمع ونسخ، وحصّل الأصول، وروى الكثير. وقرأ القراءات على أبي بَكْر
بْن بدران الحلْوانيّ، وأبي العزّ القَلانِسِيّ.
وأقرأ النّاس، وكان قيّما بالرّوايات ومعرفتها، ثَبْتًا، صالحا، حَسَن
الطّريقة.
روى عَنْهُ: عبد العزيز بْن الأخضر، وسِبْطه عُمَر بْن كَرَم.
قال ابن السَّمْعانيّ: هُوَ شيخ صَدُوق، قيِّم بكتاب اللَّه، يأكل من
كدّ يده كتبتُ عَنْهُ [6] .
وقال عُمَر بْن عليّ الْقُرَشِيّ: تُوُفّي فِي صَفَر.
قلت: وله أربعون حديثا. رواها عَنْهُ عُمَر بن كرم [7] .
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر الترجمة.
[2] انظر عن (عبد الوهاب بن محمد) في: الأنساب 11/ 96، ومعجم البلدان
5/ 43، 44، واللباب 3/ 152، ومعرفة القراء الكبار 2/ 523، 26 رقم 466،
والعبر 4/ 160، 161، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم 1792، وسير
أعلام النبلاء 20/ 354، 355 رقم 244، ومرآة الجنان 3/ 312، وذيل تاريخ
بغداد لابن النجار 1/ 386- 388 رقم 229، وغاية النهاية 1/ 481 رقم
2002، والنجوم الزاهرة 5/ 361، وشذرات الذهب 4/ 177.
[3] وهو حنبليّ المذهب.
[4] وقال ابن النجار: من سكان الجعفرية.
[5] وقيل: سنة 481 هـ. (ذيل تاريخ بغداد 1/ 388) .
[6] وقال ابن السمعاني: سمعت منه أجزاء في دكّانه بدرب الدّواب.
(الأنساب) .
[7] وقال ابن النجار: وله دكان يبيع فيه خفاف النساء. (معرفة القراء 2/
524) .
(38/202)
208- عَبْد المنعم بن أبي سهل مُحَمَّد بْن
إِبْرَاهِيم بْن سعدوَيْه.
أبو مُحَمَّد الأصبهانيّ.
روى عن: أبي الخير بْن رَرَا [1] .
روى عَنْهُ: محمود بْن مَنْدَهْ أبو ألوفا.
تُوُفّي فِي الثّالث والعشرين من شعبان.
209- عدنان بْن مُحَمَّد بْن عدنان [2] .
أبو هاشم الزَّيْنَبيّ.
سمع من: أبي القَاسِم الرَّبَعيّ، وأبي سعد بن خشيش.
روى عنه: ابن السّمعانيّ، وعبد العزيز بن الأخضر [3] .
210- عليّ بن محمد بن طاهر بن عليّ [4] .
أبو تراب التّميميّ، الكرمينيّ [5] ، أحد الأئمّة الكبار.
قال ابن السّمعانيّ: أديب عديم النّظير، حافظ، لأصول اللّغة. لا نعرف
فِي زماننا له نظيرا. ومع هذا الفضل كان ورِعًا، عفيفا، كثير التّلاوة
والتَّهَجُّد، مُتَدَيّنًا، مُتْقِنًا لِما ينقله.
سمع من: القاضي أبي بَكْر محمود بْن مَسْعُود، وغيره.
لقيتُهُ ببُخارى، ومات بكرمينية فِي صَفَر.
قلت: وروى عنه: ابنه عبد الرحيم بن السّمعانيّ.
__________
[1] براءين مفتوحتين.
[2] انظر عن (عدنان بن محمد) في: ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 2/ 247،
248 رقم 475.
[3] وكان مولده ليلة الثلاثاء ثالث عشري ذي الحجة سنة ست وتسعين
وأربعمائة. (الذيل 2/ 248) .
[4] انظر عن (علي بن محمد) في: الأنساب 10/ 405، 406 و 407.
[5] الكرميني: بفتح الكاف وسكون الراء وكسر الميم والياء المنقوطة
باثنتين من تحتها والنون في آخرها. هذه النسبة إلى كرمينية، وهي إحدى
بلاد ما وراء النهر على ثمانية عشر فرسخا من بخارى.
(38/203)
211- العلاء بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي
[1] .
أبو الفَرَج بْن السّواديّ [2] ، الواسطيّ، الكاتب، الشّاعر المشهور،
من بيت تقدُّم وحشمة.
وقد كان أبو الفضل هبة اللَّه بْن الفضل القطّان هجا قاضي القُضاة
أَبَا القَاسِم الزَّيْنَبيّ بقصيدته الّتي أوَّلها:
يا أخي الشّرط أَمْلَكُ ... لستُ للثَّلْبِ [3] أترُكُ
وهي زيادة على مائة بيت مشهورة.
فأحضر الزّينبيّ أَبَا الفضل وصفعه، وحبسه مدَّة. ثُمَّ بعد ذلك مدح
أبو الفَرَج هذا قاضي القُضاة الزَّيْنَبيّ لمّا قدِم من واسط،
فتأخرَّت عَنْهُ جائزته، وتردّد مرّات، فما أجْدَى، فاجتمع بابن
القطّان وشرح له حاله، ثُمَّ كتب إلى صديق لقاضي القضاة الزّينبيّ:
يا أَبَا الفتح الهجاء [4] إذا ... جاش صدرٌ منه متسعُ
وقوافي الشَّعْر دانيةٌ [5] ... ولها الشَيطانُ متَّبعُ
فاحْذَرُوا كافاتِ منحدَرٍ ... ما لكم فِي صَنْعه طمعُ [6]
واتّصلت الأبيات بالزَّيْنَبيّ، فأجاز ابن السّواديّ وأرضاه.
ولد سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة بواسط، والسّواديّ نسبة إلى سواد
العراق.
__________
[1] انظر عن (العلاء بن علي) في: وفيات الأعيان 3/ 481، 482 رقم 510.
[2] السّوادي: بفتح السين المهملة والواو، وبعد الألف دال مهملة، هذه
النسبة إلى سواد العراق، وإنما قيل له السواد لأنّ العرب لما رأت خضرة
الأشجار قالت: ما هذا السواد؟
فبقي الاسم عليه.
[3] في الأصل: «للترك» والتصحيح من: وفيات الأعيان 3/ 482.
[4] في الأصل: «أهجا» .
[5] في وفيات الأعيان: «واثبة» .
[6] وفيات الأعيان 3/ 482.
(38/204)
ومن شِعْره:
أشكو إليك ومن صُدُودك أشتكي ... وأظنّ من شَغَفي بأنّك منصفي
وأصدّ عنك مخافة من إن يُرى ... منك الصدود فيشتفي من يشتفي [1]
212- عُمَر بْن أَحْمَد بْن أبي الْحَسَن [2] .
الإمام أبو مُحَمَّد الفَرْغَانيّ [3] ، المَرغِينَانيّ [4] . نزيل
سَمَرْقَنْد.
فقيه، إمامٌ، ورعٌ، متواضع.
سمع ببلْخ من: أبي جَعْفَر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن السَّمِنْجَانيّ
[5] ، وإسماعيل بْن أَحْمَد البَيْهَقِيّ، ومحمد بْن أبي القصر
السَّجْزِيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن أبي سَعْد السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ رحمه اللَّه فِي المُحَرَّم سنة ستٍّ [6] وله سبعون سنة.
213- عُمَر بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الملك [7] بْن بَنْكي [8] .
__________
[1] الوفيات 3/ 481.
[2] انظر عن (عمر بن أحمد) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 285.
[3] الفرغاني: بفتح الفاء وسكون الراء وفتح الغين المعجمة وفي آخرها
النون. هذه النسبة إلى موضعين: أحدهما فرغانة وهي ولاية وراء الشاش من
بلاد المشرق وراء نهر جيحون وسيحون. (الأنساب 9/ 274، 275) .
[4] المرغيناني: بفتح الميم، وسكون الراء، وكسر الغين، وسكون الياء
المنقوطة باثنتين من تحتها، وفتح النون، وفي آخرها نون أخرى. هذه
النسبة إلى مرغينان، وهي بلدة من بلاد فرغانة. (الأنساب 11/ 248) .
[5] السّمنجاني: بكسر السين والميم، وسكون النون، والجيم. نسبة إلى
سمنجان، بليدة من طخارستان وراء بلخ، وهي بين بلخ وبغلان. (الأنساب 7/
150) .
[6] في الأصل: «اد» .
[7] انظر عن (عمر بن محمد) في: الأنساب 9/ 266، والتحبير 1/ 533- 535
رقم 520، ومعجم البلدان 1/ 524 و 4/ 247، واللباب 2/ 419، 420.
[8] بنكي: بفتح الباء الموحّدة، وسكون النون، وكاف وياء. وزاد في
(التحبير 1/ 533) : «بن مذكور» .
(38/205)
أبو حفْص الفَرْخُوزْدِيزِجيّ [1] ،
النَّسَفيَ [2] ، نزيل بُخَارَى.
شيخ صالح، عالم، متميّز.
سمع: أَبَا بَكْر البَلَدي [3] .
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وعاش خمسا وستين سنة [4] .
__________
[1] في الأصل: «الفرخودويزجي» ، والتصويب من مصادر الترجمة.
و «الفرخوزديزجيّ» : بالفاء المفتوحة، وسكون الراء، وضم الخاء المعجمة،
وسكون الواو، والزّاي، وكسر الدال المهملة، وياء منقوطة من تحتها
باثنتين، وفتح الزاي، وكسر الجيم. نسبة إلى: فرخوزديزه. وهي قرية من
قرى نسف على بعد فرسخين منها من العوالي. (انظر: الأنساب) وفي (معجم
البلدان) : على بعد فرسخ.
[2] زاد في معجم البلدان 1/ 524، والتحبير 1/ 534: «البيراني» (بالراء
المهملة) من أهل بيران قرية عند فرخوزديزه على فرسخ من نسف.
أقول: وردت في المطبوع من (التحبير» : «فرخورديزه» بالراء بدل الزاي.
وقد علّقت الأستاذة منيرة ناجي سالم في تحقيقها للتحبير 1/ 534
بالحاشية رقم (695) أن في (الأنساب 2/ 365، 366) و (اللباب 1/ 197) :
«البيزاني: بكسر الباء وسكون الياء، نسبة إلى بيزان وهو جدّ أبي علي
محمد بن همام بن سهل بن بيزان الكاتب. وأرى أنها تصحيف البيراني» .
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : لا أظنّ
أن لأبي علي محمد بن همام بن سهل بن بيزان الكاتب علاقة بصاحب الترجمة
«عمر بن محمد» ، ولهذا أرى أن «البيزاني» ليست تصحيفا ل «البيراني» .
وعلى المتأمّل أن يراجع المصادر المذكورة للتحقّق.
[3] قال ابن السمعاني: «سمعه بنسف مع أخيه الأكبر أحمد، ثم سمع مع أخيه
عثمان الأصغر، وسمع الثلث من «الجامع الصحيح» للبجيري، وكذلك سمع
«أخبار مكة» لأبي الوليد الأزرقي. سمعت منه» . (التحبير 1/ 534) وقال
في (الأنساب 9/ 266) :
«.. وكتاب أخبار مكة للأزرقي إلا جزءين من أوله بروايته عن أبي بكر
البلدي، ولم يسمع منه أحد الحديث قبلي» .
وقد وقع في المطبوع: «البخاري» بدل: «البجيري» وهو غلط فليصحّح، إذ ليس
للبخاريّ كتاب باسم «الجامع الصحيح» . و «البجيري» هو: أبو حفص عمر بن
محمد بن بجير الخشوفغني. ولد سنة 223 ومات سنة 310 هـ.
[4] مولده تقديرا سنة 491 هـ.
(38/206)
- حرف القاف-
214- قاسم بْن هاشم بْن فُلَيْتَة بن قاسم بن أبي هاشم [1] .
العلوي، الحسني، صاحب مكَّة.
كان ظالما جبّارا، صادر المجاورين وأهل مكَّة، وهرب من عسكر الخليفة،
فَلَمّا وصل أمير الحاجّ أُرْغُش رتَّب مكانه عمّه عِيسَى، فبقي كذلك
إلى رمضان من السَّنَة المقبلة، فجمع قاسم العرب، وقصد عمَّه، فهرب
منه، فأقام بمكَّة أيّاما ولم يكن له مالٌ يوصله إلى العرب. ثُمَّ إنّه
قتل قائدا كان معه، فتغيَّرت نيّات أصحابه وكاتبوا عسكرَ عِيسَى فقدِم.
وهرب قاسم، فصعِد جبل أبي قُبَيْس، فسقط عن فَرَسه، فأخذه أصحاب عِيسَى
فقتلوه. فتألّم لقتله عمُّه وغسَّله، ودفنه عند أَبِيهِ فُلَيْتَة [2]
.
واستقرّ الأمر لعيسى.
ينبغي أن يُحَوَّل إلى سنة سبْعٍ.
- حرف الميم-
215-[مُحَمَّد] [3] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
القاضي أبو طاهر بن الكرخيّ [4] ، قاضي باب الأزج [5] .
__________
[1] انظر عن (قاسم بن هاشم) في: النكت العصرية 32، والكامل في التاريخ
11/ 113 و 279، والمختصر في أخبار البشر 3/ 39، ووفيات الأعيان 3/ 432،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 63، 64، وشفاء الغرام (بتحقيقنا) 2/ 313، ومآثر
الإنافة 2/ 47، 48.
[2] وقال قاضي مكة: ووجدت بخط بعض المكّيّين ما يقتضي أنه قتل سنة ست
وخمسين. (شفاء الغرام 2/ 313) .
[3] في الأصل بياض. والمستدرك من: المنتظم 10/ 202 رقم 292 (18/ 151
رقم 4243) ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 64.
[4] في طبقات السبكي: «الكرجي» بالجيم.
[5] باب الأزج: محلّة مشهورة ببغداد.
(38/207)
ولي قضاء واسط أيضا، وطالت أيّامه فِي
القضاء [1] ، وهو الَّذِي حكم بفسْخ خلافة الراشد.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل [2] .
سمع من النَّعَاليّ، والحسين بْن البُسْريّ.
وعنه: ابن الأخضر.
216-[مُحَمَّد] [3] بْن أَحْمَد بْن صَدَقة.
الوزير جلال الدِّين أبو الرِّضا.
وَزَرَ للراشد باللَّه، وكان هُوَ المدبّر لأموره. وكان الراشد مهيبا،
جبّارا، ذا سطْوةٍ، فخاف منه ابن صدَقَة، فصار إلى متولّي المَوْصِل
الأتابَك زنكي، ثُمَّ صلُح أمرُه عند الراشد، فعاد إلى بغداد، فَلَمّا
خرج الراشد من بغداد سنة ثلاثين تأخّر الوزير ابن صَدَقة عَنْهُ،
فَلَمّا خُلِع الراشد وبويع المقتفي استخدم ابن صَدَقة فِي غير
الوزارة.
وكان يرجع إلى خيرٍ ودين وحدَّث عن أبي الْحُسَيْن بْن العلّاف.
سمع منه: أَحْمَد بْن شافع، وعمر بْن عليّ الْقُرَشِيّ.
وُلِدَ سنة ثمان وتسعين وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي شعبان ببغداد.
وروى عَنْهُ: أَحْمَد بن طارق الكركيّ [4] .
__________
[1] قال ابن الجوزي: ولي قضاء باب الأزج، وقضاء واسط، وقضاء الحريم،
وقد ولي في زمن خمسة خلفاء: المستظهر، والمسترشد، والراشد، والمقتفي،
والمستنجد.
[2] وهو يعرف بشرف القضاة. قال ابن السمعاني: شافعيّ المذهب وهو أحد
نواب قاضي القضاة الزينبي ببغداد، مرضيّ الطريقة في القضاء والأحكام
وحسن المعاشرة، مليح المجالسة ... سَأَلْتُهُ عن مولده فقال: فِي سنة
خمسٍ وسبعين وأربعمائة.
(طبقات السبكي) .
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من: العبر 4/ 161، وشذرات الذهب 4/ 177.
[4] الكركي: بفتح الكاف وسكون الراء المهملة، نسبة إلى قرية الكرك في
أصل جبل-
(38/208)
217-[محمد] [1] ابن المقرئ أبي طاهر
أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن سِوار.
أبو الفتوح البغداديّ، الوكيل [2] .
سمع: أَبَاهُ، وطِرادًا، وأبا الفضل عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد
الدّقّاق، وجماعة.
وعنه: ثابت بْن مشرِّف، وغيره.
وكان عسِرًا فِي التَّحديث.
ومات فِي جُمَادَى الآخرة.
218- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الكريم بْن مُحَمَّد [3] .
أبو مُحَمَّد بْن المادح [4] التّميميّ، البغداديّ.
شيخ مُعَمَّر عالي الرّواية. كان يروي السِّتة أجزاء ونحوها.
سمع: أَبَا نصر الزَّيْنبيّ، وأبا الغنائم بْن أبي عثمان، وأبا الحسن
الأنباريّ، وابن البطر.
__________
[ () ] لبنان، وليس هو من قلعة الكرك، بفتح الراء، التي بالأردن.
(انظر: معجم البلدان 4/ 452) .
وهو: أحمد بن طارق بن سنان بن محمد، أبو الرضا القرشي العلويّ الكركي،
وكان رافضيّا. ولد ببغداد سنة 527 ومات سنة 592 هـ.
انظر ترجمته في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي
ق 2 ج 1/ 303- 305 رقم 143 وفيه ذكرت مصادر الترجمة.
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من سياق التراجم.
[2] الوكيل: اسم لمن يتوكّل لأحد على باب دار القاضي أو يكون كذاخدي
واحد من المعروفين في قضاء حوائجه ومهمّاته. (الأنساب 12/ 285) .
و «كذاخدي» : تركية. يقال: كتخدا، أي وكيل أعمال.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن عبد الكريم) في: العبر 4/ 161، وسير
أعلام النبلاء 20/ 391 رقم 265، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم
1793 وفيه «محمد بن عبد الكريم» ، والإعلام بوفيات الأعلام 229،
والنجوم الزاهرة 5/ 361، وشذرات الذهب 4/ 178.
[4] تحرّف في شذرات الذهب إلى «ابن المارح» بالراء.
(38/209)
روى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم بْن محمود
الشّعّار، وأحمد بْن طارق، وعمر بْن مُحَمَّد الدِّيَنَوَريّ، وأحمد
بْن يحيى بْن هبة اللَّه، وعبد الحقّ بْن مُحَمَّد بْن المقرون، وعبد
الرَّحْمَن بْن عُمَر بْن الغزّال، ونصر بْن أبي الفَرَج بْن
الحُصْريّ، وعليّ بْن بُورنْداز [1] ، وثابت بْن مشرِّف، وعبد اللّطيف
بْن عَبْد الوهّاب بْن مُحَمَّد الطَّبَريّ، وأبو الْحَسَن مُحَمَّد
بْن مُحَمَّد بْن أبي حرب النَّرْسيّ، وطائفة سواهم.
وتُوُفيّ فِي ذي القعدة، وكان [أَبُوهُ] [2] ينوح على الصَّحابة
بالقصائد، ويمدحهم فِي المواسم بصوتٍ طيّب مُلَحَّن.
219- مُحَمَّد بْن عليّ بْن إِبْرَاهِيم بْن زِبْرِج [3] .
أبو مَنْصُور البغداديّ، النَّحْويّ، المعروف بالعتَّابيّ [4] ، صاحب
الخطّ المنسوب.
أَخَذَ العربيَّة عن: أَبِي السّعادات بْن الشَّجريّ، وأبي مَنْصُور
بْن الجواليقيّ.
وسمع من: قاضي المرستان.
__________
[1] في الأصل: «بورندار» براءين مهملتين. والتحرير من (سير أعلام
النبلاء 20/ 391) ولم أقف على هذا الاسم في المصادر التي تحت يدي.
[2] إضافة على الأصل اعتمادا على السير 20/ 391.
[3] انظر عن (محمد بن علي بن إبراهيم) في: معجم الأدباء 8/ 251 رقم 57،
وذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي 2/ 113، 114 رقم 336، والمختصر المحتاج
إليه لابن الدبيثي 1/ 88 وإنباه الرواة 3/ 188 رقم 687، ووفيات الأعيان
4/ 389 رقم 658، والوافي بالوفيات 4/ 152 رقم 1681، وبغية الوعاة 1/
173 رقم 291 و «زبرج» بالزاي المكسورة، وسكون الباء الموحّدة، والراء
المكسورة، وآخره جيم.
[4] العتّابيّ: بفتح العين المهملة وتشديد التاء المثنّاة من فوقها
وبعد الألف باء موحّدة.
هذه النسبة إلى العتّابين، وهي إحدى محالّ بغداد في الجانب الغربيّ
منها، وكان أبو منصور المذكور قد تركها وسكن في الجانب الشرقي. (وفيات
الأعيان 4/ 389) .
(38/210)
وكان من كبار النُّحاة، وخطُّه يتنافس
فِيهِ الفُضَلاء [1] .
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى، وقد جاوز السّبعين [2] رحمه اللَّه
تعالى.
220- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [3] .
أبو عَبْد اللَّه الشّاشيّ [4] ، فقيه، عابد، خيّر.
تفقَّه بمَرْو علي مُحيي السُّنَّة البَغَوَيّ، وحدَّث عَنْهُ
«بالأربعين الصُّغرى» له.
رواها عَنْهُ عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي شعبان، وله بِضْعٌ وسبعون سنة.
221- مُحَمَّد بْن محفوظ بْن مَسْعُود بْن الْحَسَن بْن القَاسِم بْن
الفضل.
الثّقفيّ، الأصبهانيّ، أبو طَالِب الرئيس.
تُوُفّي فِي ذي القعدة. قاله عَبْد الرحيم الحاجّيّ.
222- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبد الرحمن بن يعيش [5] .
__________
[1] قال ابن خلّكان: وكتب الكثير، وكل كتاب يوجد بخطّه فهو مرغوب فيه.
وقال ياقوت: كان إماما في النحو والعلوم العربية، وتصدّر للقرّاء، وكتب
الخطّ المليح مع الصحّة والضبط، وكان بينه وبين أبي محمد بن الخشّاب
البغدادي النحويّ منافرات ومناظرات. (معجم الأدباء 18/ 251) .
زاد الصفدي: كان يقول ابن الخشّاب: الناس يتعجّبون إذا رأوا حمارا
عتّابيا فكيف لا أتعجّب إذا رأيت عتّابيا حمارا؟ ويقول: عندي ثلاث نسخ
ب «الإيضاح» ، و «التكملة» ، لا تطيب نفسي أن أفرّط في واحدة. منهنّ
واحدة بخطّي، وأخرى بخطّ شيخي ابن الجواليقيّ، وأخرى بخطّ العتّابيّ،
كلّما نظرت فيها ضحكت عليه.
(الوافي بالوفيات 4/ 152) .
[2] وكان مولده سنة 484 هـ.
[3] انظر عن (محمد بن عمر) في: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 92.
[4] الشاشي: بالألف الساكنة بين الشينين المعجمتين. هذه النسبة إلى
مدينة وراء نهر سيحون يقال لها: الشاش، وهي من ثغور الترك.
[5] انظر عن (محمد بن محمد اللخمي) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(38/211)
أبو عَبْد اللَّه اللَّخْميّ،
البَلَنْسِيّ، نزيل شاطِبَة.
روى عن: أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن خيرون.
وحجّ سنة ستّ وخمسمائة، وأقام بمصر مدَّة.
وسمع: أَبَا بَكْر عَبْد اللَّه بْن طَلْحَةَ بْن الفابريّ، وأبا
الْحَسَن بْن الفرّاء، وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد
الرّازيّ، وأبا بَكْر الطُّرْطُوشيّ، ورافع بْن دغش.
قال أبو عَبْد اللَّه الأَبَّار: كان ثقة ولم يكن له كبيرُ معرفة.
حَدَّثَ عَنْهُ صهْرُه أبو عَبْد اللَّه بْن الخبّاز، وأبو عُمَر بْن
عبّاد.
وكان مولده سنة 480.
223- مُحَمَّد بْن المؤيِّد بْن عَبْد المنعم بْن رَوْج.
الأصبهانيّ، أبو عَبْد اللَّه.
تُوُفّي فِي آخر السّنة.
224- محمود بْن مُحَمَّد [1] .
الخاقان التُّركيّ، صاحب ما وراء النّهر، وابن أخت السّلطان سنجر
السّلجوقيّ.
قد ذكرنا من أخباره في الحوادث، وأنّه ولي ملك خراسان من تحت يد الغزّ،
لا بارك اللَّه فيهم، فَلَمّا كان فِي وسط سنة ستٍّ هذه سار بالغُزّ،
وحاصر نَيْسابور شهرين، وكان من تحت حكمة الغُزّ، فأظهر أنّه يريد
الحمّام، وهرب من الغُزّ إلى المؤيِّد أي أَبَه صاحب نَيْسابور.
ثُمَّ ترحّلت الغُزّ عن نَيْسابور بعد أشهُر، فعاثوا وأفسدوا، ونهبوا
طُوس، والمشهد. ثُمَّ أمهله المؤيِّد إلى رمضان من سنة سبْعٍ الآتية،
فقبض عليه وعلى ابنه الملك جلال الدِّين مُحَمَّد، وكحّلهما، وسجنهما،
واستولى على ذخائر محمود وجواهره، وقطع خطْبته، وخطب لنفسه بعد
الخليفة، فلم تطل
__________
[1] انظر عن (محمود الخاقان) في: العبر 4/ 161، وسير أعلام النبلاء 20/
392 (دون ترجمة) ، ومرآة الجنان 3/ 312، وشذرات الذهب 4/ 178، ومآثر
الإنافة 2/ 42.
(38/212)
أيّامُهما فِي الحبْس. ومات السّلطان
محمود، ثُمَّ مات بعده ابنه مُحَمَّد. وكان قد أكرمهما فِي الحبس بعضَ
الشَّيء، ونقل إليهما سراريهما، ولا أعلم مَتَى تُوُفّيا، فلعلّه فِي
سنة ثمانٍ وخمسين.
225- مقبل [1] بْن أَحْمَد بْن بركة بْن الصَّدْر [2] .
أبو القَاسِم الْقُرَشِيّ، التَّيْميّ، الطّلْحيّ، البغداديّ، القزّاز،
المعروف بابن الأبيض الحنبليّ، فقيه، إمام، فَرَضِيّ، صالح، مقرئ،
مجوّد.
قرأ بالرّوايات على: أبي غالب مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد القزّاز، وسمع
من ثابت بْن بُنْدَار، وأبي الْحَسَن المبارك بْن الْجَبَّار، وأبي
القَاسِم الرَّبَعيّ، والعلّاف، وجماعة.
ووُلِد فِي سنة ستٍّ وثمانين وأربعمائة.
وعاش سبعين سنة.
روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن الأخضر، وزَنْجان بْن تيكان، ومحمد بْن
مُحَمَّد بْن اليُعْسُوب، وثابت بْن مُشرف، وغيرهم.
وتوفّي في ربيع الآخر، قاله ابن النّجّار.
وآخر من روى عَنْهُ: ابن اللَّتّيّ.
226- مَنْصُور بْن أبي فوناس.
أبو عليّ، فقيه مُشَاوَر.
روى بالأندلس عن: أبي عليّ الصَّدَفيّ، وأبي مُحَمَّد بْن عتّاب.
ومات فِي عشر التّسعين.
يعرف بالزّرهونيّ.
__________
[1] في الأصل «مقاتل» ، والتصحيح عن مصدر ترجمته، وعمّا سيأتي في ترجمة
أخيه:
«سلامة بن أحمد» في وفيات السنة 558 هـ. برقم (273) .
[2] انظر عن (مقبل بن أحمد) في: سير أعلام النبلاء 20/ 392 (دون ترجمة)
.
(38/213)
تفقَّه به أهل فاس، وحدَّث عَنْهُ جماعة.
227- مَنْصُور بْن مُحَمَّد بْن أبي القَاسِم بْن مُحَمَّد بْن أبي
جَعْفَر بْن الميني.
الكُشْمَيْهَنيّ [1] ، الأمير أبو الغنائم ابن الأمير أبي جَعْفَر،
صاحب التّقدّم والرئاسة بمَرْو.
نظر فِي الفلسفة والنُّجوم، وضيّع أمواله فِي اللَّهْو والعِشْرة،
وقَلّ ما بيده، وأصابته فِي الآخر زمانَةٌ من النّقْرس.
سمع: أَبَا المظفَّر مَنْصُور بْن السَّمْعانيّ، وأبا نصر أَحْمَد بْن
مُحَمَّد بْن صاعد القاضي، وجماعة.
وعنه: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي رمضان وله خمسٌ وثمانون سنة وأشْهُر.
- حرف الهاء-
228- هبة اللَّه بْن عبد العزيز بْن المفرّج بْن عَمْرو بْن مَسْلَمَة.
أبو المعالي التّنوخيّ، الدّمشقيّ، المعدّل، الطّيّبيّ.
سمع: هبة اللَّه بْن الأكْفانيّ.
روى عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن الصَّصرَى.
وقد حجّ مرّات. وكان صالحا، كثير الصَّدَقَة.
تُوُفّي فِي رجب، ودفن بقاسيون.
__________
[1] الكشميهني: بضم الكاف وسكون الشين المعجمة وكسر الميم، وسكون الياء
المنقوطة من تحتها باثنتين وفتح الهاء وفي آخرها النون. نسبة إلى قرية
من قرى مرو، على خمسة فراسخ منها في الرمل إذا خرجت إلى ما وراء النهر
(الأنساب 10/ 436) .
وضبطها ياقوت بفتح الميم. (معجم البلدان 4/ 463) .
(38/214)
- حرف الياء-
229- يحيى بْن مُحَمَّد بْن يحيى بْن سَعِيد بْن سعدون بْن زيدون [1] .
أبو بَكْر القَهْرَميّ، القُرْطُبيّ.
روى عَنْ: أبيه وتفقّه به. وروى عن: أبي عَبْد اللَّه بْن الطّلاع،
وخازم بْن مُحَمَّد، وأبي عَبْد اللَّه بْن حمدين، وأبي عَبْد اللَّه
بْن خليفة المَروانيّ، وجماعة.
قال الأَبَّار: وكان فقيها، حافظا، مُشَاوَرًا فِي الأحكام. ثُمَّ
انتقل إلى قُرْطُبَة إلى لبلة وتجوّل فِي الأندلس.
حَدَّثَ عَنْهُ: أبو القَاسِم القَنْطريّ، وأبو بَكْر بْن خير، وأبو
القَاسِم بْن الملجوم.
وكان مولده فِي رمضان سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
وتوفّي بإشبيليّة.
__________
[1] انظر عن (يحيى بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(38/215)
سنة سبع وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
230- أَحْمَد بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر بْن خالُوَيْه.
الأصبهانيّ.
فِي رمضان.
231- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الفتح.
الأصبهانيّ.
سمع: عَبْد الوهّاب بْن أبي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ.
روى عَنْهُ: أبو الوفاء محمود بْن مَنْدَهْ.
وتُوُفيّ فِي ربيع الآخر.
232- أَحْمَد بْن يحيى بْن أَحْمَد بْن زَيْدِ بْن ناقة [1] .
أبو الْعَبَّاس المُسْليّ [2] الكوفيّ.
شيخ محدّث سمع بنفسه، ورحل إلى بغداد، ونسخ وحصَّل.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن يحيى) في: الأنساب 11/ 216، والإستدراك لابن نقطة
(مخطوط) باب:
نافه وناقة، واللباب 3/ 212، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم 1794،
والإعلام بوفيات الأعلام 229، وسير أعلام النبلاء 20/ 393 (دون ترجمة)
، والوافي بالوفيات 8/ 231، وتبصير المنتبه 4/ 1365، وبغية الوعاة 1/
395 وفيه «ناقد» بدل «ناقة» .
[2] المسلي: بضم الميم وسكون السين المهملة، نسبة إلى مسلية محلّة
بالكوفة. وقد تحرّفت هذه النسبة في (الوافي) إلى «المسكي» بالكاف، وفي
(بغية الوعاة) إلى «المسبكي» .
(38/216)
سمع: أَبَا البقاء الحبّال، وأبا الغنائم
النَّرْسيّ، وهبة اللَّه بْن أَحْمَد المَوْصِليّ، وأبا مُحَمَّد
التّككيّ.
وله شَعْرٌ وسَط.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ [1] .
ومولده فِي سنة سبْعٍ وسبعين وأربعمائة.
وممّن روى عَنْهُ: مسمار بْن العُوَيْس، ونصر اللَّه بْن مُحَمَّد بْن
مدلّل.
وآخر من روى عنه بالإجازة أبو الحسن بن المقير.
وتُوُفيّ يوم عيد الفِطْر بالكوفة [2] .
233- أَحْمَد بْن أبي المظفَّر مُحَمَّد بْن أبي مطيع أَحْمَد بْن
مُحَمَّد [3] .
القاضي أبو مُطيع الهَرَويّ، ثُمَّ المَرْوَزِيّ.
عالم، فاضل، كثير المحفوظ [4] .
سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد السَّرْخَسِيّ، وأبا عَمْرو الفضل
[5] بْن أَحْمَد بْن مَتُّوَيْه.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بن السمعاني، وقال: توفي في ربيع الأوّل.
وكان مولده فِي نصف ذي الحجَّة سنة سبع وسبعين.
__________
[1] وهو قال: وكان شيخا، فاضلا، شاعرا، له أنس بالحديث، سمع الكثير،
وجمع كتابا في الحديث سمّاه «الأمثال» ... كتبت عنه أولا ببغداد لما
قدمها، ثم بالكوفة، وكنت أقرأ عليه بالكوفة على باب داره في بني مسلية.
(الأنساب) .
[2] أجمعت المصادر على وفاته في سنة 559 هـ.
[3] انظر عن (أحمد بن أبي المظفر) في: التحبير 2/ 451 رقم 11 (بالملحق)
، ومعجم شيوخ ابن السمعاني، ورقة 25 أ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي
6/ 44، 45، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 432، 533.
[4] في التحبير: كان شيخا، عالما، بهيّ المنظر، كثير المحفوظ، واعظا،
مليح الوعظ، يحفظ الحكايات وأحوال الناس.
[5] في الأصل: «أبا عمرو بن الفضل» ، وهو وهم. والتصحيح من: التحبير 1/
268، والأنساب 472 ب، واللباب 3/ 23.
(38/217)
234- أسعد بْن الْحُسَيْن [1] .
أبو المعالي بْن الشّهرستاني، الدّمشقيّ.
سمع: أَبَا البركات بْن طاوس، وأبا طاهر مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن
الحِنّائيّ، وهبة اللَّه بن الأكفاني.
روى عنه: أبو القاسم بن عساكر.
كان خيّرا نزل الرّبوة مدَّة [2] .
- حرف الباء-
235- جُهيْس بْن عَبْد الخالق بْن زاهر بْن طاهر [3] .
الشّحّاميّ، أبو هُرَيْرَةَ النَّيْسَابُوريّ.
سمع: جَدّه، وأبا سَعْد مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن صاعد.
كتب عَنْهُ أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وقال: مات تحت الهدم.
__________
[1] انظر عن (أسعد بن الحسين) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 4/ 326، 327 رقم 331، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 466، 467.
[2] وقال ابن عساكر: سمعت منه شيئا يسيرا، وكان خيّرا، وسكن الربوة
مدّة، فكان يحسن إلى زوّارها، ثم أخرج منها فانقطع، وسكن النّيرب. وكان
له بستان بين النهرين يظلّ أكثر أوقاته فيه منفردا عن الناس.
حكى عن أبي محمد ابن الأكفاني، بسنده عن حسين الصيرفي، قال: قال لي
العتّابيّ: قدمت على أبي ومعي حمار موقر كتبا، فقال لي: يا كلثوم، ما
على حمارك؟ قلت: كتب يا أبه.
فقال: والله، إن ظننت عليه إلّا مالا. فعدلت كما أنا إلى يعقوب بن صالح
أخي عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس، فدخلت عليه
فأنشدته، فقلت:
حسن ظنّي إليك أصلحك الله ... دعاني فلا عدمت الصلاحا
ودعاني إليك قول رسول الله ... إذا قال مفصحا إفصاحا:
إن أردتم حوائجا من وجوه ... فتنقّوا لها الوجوه الصّباحا.
فلعمري لقد تنقّيت وجها ... ما به خاب من أراد النجاحا
فقال لي: يا كلثوم، ما حاجتك؟ قلت: بدرتان. قال: فأمر لي بها. قال:
فأتيت أبي وهما معي، فقلت له: يا أبه، هذا بالكتب التي أنكرت.
[3] انظر عن (جهيس) في: معجم شيوخ ابن السمعاني.
(38/218)
- حرف الحاء-
236-[الْحَسَن] [1] بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عَبْد
الكريم.
القاضي أبو ثابت النَّسَفيَ، البَزْدَوِيُّ [2] .
سمع جميع «مُسْنَد الْحَسَن بْن سُفْيَان» من أبي عليّ الْحَسَن بْن
عَبْد الملك النَّسَفيَ.
وسمع من عليّ بْن مُحَمَّد بْن خدام [3] صاحب أبي الفضل مَنْصُور
الكاغدِيّ «مُسْنَد» عليّ بْن عبد العزيز البَغَوَيّ [4] .
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
تُوُفّي بِسَمَرْقَنْد وله ثمانون سنة [5] .
237- الْحُسَيْن بْن عليّ بْن القَاسِم [6] بْن مظفَّر بن
الشّهْرُزُورِيُّ [7] .
المَوْصِليّ، أبو عَبْد اللَّه قاضي بغداد، مُشاركًا لأبي البركات جعفر
الثّقفيّ.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: الأنساب 2/ 188، 189، ومعجم البلدان
1/ 409، 410.
[2] البزدويّ: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الزاي وفتح الدال
المهملة وفي آخرها الواو، هذه النسبة إلى بزدة وهي قلعة حصينة على ستة
فراسخ من نسف على طريق بخارا.
(الأنساب) وكان أبوه من هذه القرية.
[3] خدام: بالخاء المعجمة والدال المهملة.
[4] وولّي أبو ثابت القضاء بسمرقند، وكذلك ولّي القضاء ببخارى ثم عزل،
فانصرف إلى بزدة فسكنها، وسمع الحديث ورواه.
[5] ومولده سنة نيّف وسبعين وأربعمائة.
[6] انظر عن (الحسين بن علي بن القاسم) في: المختصر المحتاج إليه من
تاريخ ابن الدّبيثي 2/ 37 رقم 614.
[7] الشّهرزوري: بفتح الشين المعجمة، وسكون الهاء، وضم الراء والزاي،
وفي آخرها راء.
هذه النسبة إلى شهرزور، وهي بلد بين الموصل وزنجان، بناها زور بن
الضحّاك، فقيل «شهرزور» يعني: بلد زور. (الأنساب 7/ 417) وبعضهم يضبط
الراء بالفتح، مثل ياقوت في (معجم البلدان) .
(38/219)
روى عن: أَبِي البركات مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن خَمِيس.
أخذ عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ القرشيّ.
وتوفّي في جمادى الآخرة [1] .
238- حمزة بْن أَحْمَد بْن فارس [2] بْن المُنَجّا بْن كَرُّوس [3] .
أبو يَعْلَى السُّلَميّ، الدّمشقيّ.
وُلِدَ يوم النّحر سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة [4] .
وسمع من: نصر بْن إِبْرَاهِيم الفقيه، وسَهْل بْن بِشْر
الإسْفَرَائينيّ، ومكّيّ بْن عَبْد السّلام الرّميليّ.
قال ابن عساكر [5] : كتبت عنه بعد ما تاب، وكان شيخا حَسَن السَّمْت،
تُوُفّي فِي صَفَر.
قلت: وروى عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ الْقُرَشِيّ، وأخوه عَبْد الوهّاب
بْن عليّ، والقاضي عَبْد الرَّحْمَن بْن سُلطان الْقُرَشِيّ، وأبو
القَاسِم بن صصريّ.
__________
[1] قال ابن الدبيثي في أصل كتابه: «من البيت المشهور بالقضاء والولاية
والتقدّم. قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته وولي القضاء بها مطلقا في
يوم الخميس ثامن عشر صفر سنة ست وخمسين وخمسمائة مع قاضي القضاة ابن
البركات جعفر بن عبد الواحد ابن الثقفي، وأسكن بدار بباب العامة من دار
الخلافة، وكان يجلس للحكم بباب النوبي المحروس. وفي شهر ربيع الآخر من
السنة تقدّم إلى الشهود بمدينة السلام أن يحضروا مجلسه ويشهدوا عنده
وعليه فيما يسجّله، وأذن له أن يسجّل عن الإمام المستنجد باللَّه، فحضر
الشهود عنده وسمع البيّنة يوم الأربعاء سابع عشري الشهر المذكور، وهو
أول مجلس أثبت فيه بدعوى الوكلاء المثبتين على المديرين وقد سمع الحديث
بالموصل.
[2] انظر عن (حمزة بن أحمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 7/ 257 رقم 239، العبر 4/ 162، وسير أعلام النبلاء 20/ 392، 393
رقم 266، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم 1795، والإعلام بوفيات
الأعلام 229، والنجوم الزاهرة 5/ 362، وشذرات الذهب 4/ 178، وتهذيب
تاريخ دمشق 4/ 442.
[3] في الأصل: «كردوس» والتصحيح من المصادر.
[4] تاريخ دمشق.
[5] في تاريخ دمشق.
(38/220)
وآخر من روى عَنْهُ: إسحاق بْن طرخان
الشّاغُوريّ.
وآخر من روى عَنْهُ «الموطّأ» من رواية يحيى بْن بُكَيْر: مُكْرَم بْن
أبي الصَّقْر.
وقد طلب بنفسه وكتب الحديث بخطّه.
- حرف الخاء-
239- خَلَف بْن مُحَمَّد بْن خَلَف بْن سُلَيْمَان بْن خَلَف بْن
مُحَمَّد بْن فَتْحُون [1] .
أبو القَاسِم الأندلسيّ، الأُوريُوليّ.
سمع: أَبَاهُ أَبَا بَكْر.
وتفقّه بأبي عليّ بْن سُكَّرَة، وسمع منه.
وأجاز له جَدّه أبو القَاسِم خلف المذكور في سنة خمس وخمسمائة.
وقرأ على أَبِي بَكْر بْن عمّار.
وكتب إليه أبو عَبْد اللَّه الخَوْلانيّ، وغيره.
ووُلّي قضاء مُرْسِيَة، ثُمَّ قضاء أُوريُولَة.
قال أبو عَبْد اللَّه الأَبَّار: كان من قُضاة العدل، صارما، مَهِيبًا.
تُوُفّي فِي جُمادى الأولى وله اثنتان وستّون سنة، وثَكِلَهُ أهلُ
بلده، وبَكَوْهُ دهْرًا.
- حرف الزاي-
240-[زُمُرُّد] [2] بِنْت الأمير جاولي بن عبد الله [3] .
__________
[1] انظر عن (خلف بن محمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[3] انظر عن (زمرّد) في: تاريخ دمشق (مخطوط) 48/ 238، (والمطبوع) تراجم
النساء 112 رقم 29، وبغية الطلب لابن العديم (قسم تراجم السلاجقة) 222،
ومرآة الزمان 8/ 241، 242، والعبر 4/ 162، وسير أعلام النبلاء 20/ 393،
والوافي بالوفيات 14/ 213، 214 رقم 296، والبداية والنهاية 12/ 245،
ومختصر تنبيه الطالب 86، وشذرات الذهب-
(38/221)
الخاتون الجهة، صَفْوة المُلْك، أخت الملك
دُقَاق لأمّه، وزوجة الملك بُوري تاج الملوك، وأمّ الملك إِسْمَاعِيل
شمس الملوك، ومحمود.
سَمِعت من: أبي الْحُسَيْن بْن قُبَيْس المالكيّ، ونصر اللَّه بْن
مُحَمَّد المصِّيصيّ الفقيه، واستنسخت الكُتُب، وقرأت القرآن على: أبي
مُحَمَّد هبة اللَّه بْن طاوس، والقُرْطُبيّ.
وبَنَت المسجدَ الكبير الَّذِي فِي [صنعاء] [1] دمشق ووَقَفته مدرسة
على الحنفيَّة، وهي من كبار مدارسهم وأجْودها معلوما.
وكانت كبيرة القدر، وافرة الحُرْمة، ولمّا خافت من ابنها شمس الملوك
دبّرت الحيلة فِي قتْله حَتَّى قُتِلَ فِي حضرتها. وأقامت فِي المُلْك
أخاه شهاب الدِّين محمود.
ثُمَّ تزوّجها الأتابَك قسيم الدّولة زنكيّ والد السّلطان نور الدِّين
وسارت إليه إلى حلب سنة اثنتين وثلاثين. فَلَمّا مات عادت إلى دمشق.
ثُمَّ حجّت على درب بغداد، وجاورت إلى أن ماتت بالمدينة، ودفنت
بالبقيع.
قاله أبو القَاسِم بْن عساكر [2] بمعناه.
وأمّا خاتون بِنْت مُعين الدِّين أُنُرْ فتأخّرت ولها مدرسة بدمشق
وخانكاه غربيّ البلد.
__________
[ () ] 4/ 178، وأعلام النساء 2/ 37، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ
لبنان الإسلامي ق 2 ج 5/ 177، 178 رقم 1545.
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من مرآة الزمان 8/ 242.
[2] في تاريخ دمشق.
(38/222)
- حرف السين-
241- سَعْد [اللَّه] [1] بْن مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن أَحْمَد بن
حمدي.
أبو البركات، أخو الْحُسَيْن.
بغداديّ، صالح، خيّر، يتّجر فِي البُرّ عند باب النُّوبيّ.
سمع: نصر بْن البَطِر، والحسين بْن أَحْمَد النَّعَاليّ، وأبا بَكْر
الطُّريثيثيّ.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وقال: تُوُفّي فِي رابع شعبان.
وروى عَنْهُ: أبو الفرج بن الجوزيّ [2] ، وابن سكينة المقري، وجماعة.
ومات ابنه إِسْمَاعِيل سنة أربع عشرة، وسيأتي.
242- سهل بْن مُحَمَّد بْن سهل [3] .
الكَمّونيّ [4] ، أبو القاسم السّرخسيّ، ثمّ المروزيّ.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: المنتظم 10/ 204 رقم 294 (18/ 153،
154 رقم 4245) ، ومن ترجمة ابنه التي ستأتي في وفيات سنة 614 هـ.
[2] وهو قال: سمع أبا الخطاب الكلوذاني، وأبا عبد الله بن طلحة، وأبا
بكر الشاشي، وكان خيّرا. وسمعت عليه كتاب «السّنّة» للّالكائي، عن
الطريثيثي، عنه.
[3] انظر عن (سهل بن محمد) في: الاستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب:
الكمّوني والكنوني، وتوضيح المشتبه 7/ 339.
[4] جاء في (توضيح المشتبه) : «الكمّوني: بتشديد الميم: أبو القاسم بن
محمد بن عبد الله الكمّوني السرخسي، كان بعض أجداده يبيع الكمّون، وكان
فقيها شافعيا، توفي سنة ثمان وستين وأربعمائة.
وأبو القاسم سهل بن محمد بن سهل الكمّوني، سمع من أبي عبد الله محمد بن
عبد الواحد الدّقّاق بمصر، شدّده ابن نقطة» .
وقد علّق محقّق «التوضيح» السيد «محمد نعيم العرقسوسي» في الحاشية رقم
(5) بقوله:
«ولا أدري أهو الّذي قبله نفسه أم لا فأبو القاسم الأول اسمه سهل أيضا»
.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
لقد اعتمد السيد «العرقسوسي» في أنّ أبا القاسم الأول اسمه «سهل» أيضا،
على كتاب «الأنساب» لابن السمعاني 10/ 471، 472 الّذي جاء فيه في
مادّة: «الكموني» (من غير تشديد الميم) : «بفتح الكاف وضم الميم وفي
آخرها النون.. وأبو القاسم سهل بن محمد بن عبد الله الكموني السرخسيّ،
والظنّ أنه قيل له الكموني، لأن بعض أجداده كان يبيع
(38/223)
شيخ صالح خيّر متواضع.
سمع: أَبَا نصر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الماهانيّ، ومحمد بْن عَبْد
الواحد الدّقّاق.
وتُوُفيّ فِي رمضان وله سبعون سنة.
روى عَنْهُ: أبو المظفَّر عَبْد الرحيم.
243-[سهل] [1] بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ.
__________
[ () ] الكمّون، وهو من الحبوب. كان إماما فاضلا، ورعا، سديد السيرة،
تفقّه على أبي طاهر السنجي، وتخرّج عليه. وجرى بينه وبين شريكه أبي
الفضل التميمي وحشة ومنافرة، فمدّ أبو الفضل يده إلى السكين وجذبه،
فأمسك أبو القاسم، وقرأ عليه هذه الآية لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ
لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي
أَخافُ الله رَبَّ الْعالَمِينَ 5: 28 (سورة المائدة، الآية 28) . فسمع
أستاذهما أبو طاهر بالقصّة، فأخرج التميمي من البلد ونفاه. وسمع الحديث
الكثير، وحدّث باليسير روى لي عنه أبو سعد ناضر بن سهل البغدادي
بنوقان.
وخرج في محنة الإمام جدّي موافقة له ولسائر الأئمّة إلى طوس، فمرض
بميهنة، وتوفي بها في سنة ثمان وستين وأربعمائة، أظنّ في شهر رمضان،
وزرت قبره بها» .
ويقول خادم العلم «عمر» :
كيف يكون الاثنان اللذان ذكرهما ابن ناصر الدين في «التوضيح» واحدا،
والأول قد توفي سنة 468 هـ. كما يؤكد ابن السمعاني، وابن ناصر الدين
نفسه، بينما الثاني توفي سنة 557 هـ.
أي بعده بنحو تسعين عاما؟! وكيف لم يتنبّه السيد «العرقسوسي» إلى الفرق
بين الاسمين؟ فالأول اسمه «سهل بن محمد بن عبد الله» ، والثاني: «سهل
بن محمد بن سهل» رغم اتفاقهما بالكنية، والنسبة، والبلد.
ولدينا أهمّ من هذا وذاك.. فإذا كان الأول أبو القاسم سهل بن محمد بن
عبد الله توفي سنة 468 هـ. فكيف يكون سماعه من أبي عبد الله محمد بن
عبد الواحد الدقاق بمصر المتوفى سنة 516 هـ؟ أو من محمد بن محمد
الماهاني المتوفى قريبا من الدقّاق؟
ثم إنّ الأول كان معاصرا لجدّ صاحب «الأنساب» ، وزار ابن السمعاني قبره
كما يقول في كتابه، بينما نجد الثاني- وهو صاحب الترجمة هنا- حيّا، حيث
يروي عنه أبو المظفّر عبد الرحيم ابن مصنّف «الأنساب» . والّذي أخلص
إليه هو أنّ ابن ناصر الدين قد أصاب عند ما جعلهما اثنين. وكان على
السيد «العرقسوسي» أن يتحقّق من ذلك بالطريقة التي يتطلّبها «التحقيق»
فعلا، دون الاكتفاء بطرح التساؤلات التي لا تغني عن الحقيقة.
[1] في الأصل بياض.
(38/224)
أبو مُحَمَّد المَرْوَزِيّ، الخيّاط،
الزَّاهد. من صُلحاء مُرِيدي الشَّيْخ يُوسُف الهَمَذانِيّ.
قال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ: كان صالحا، خيّرا، ورِعا، كثير
العبادة، متواضعا، يأكل من الخياطة. حملني أبي إليه فِي سنة خمسٍ
وخمسين عائدا وزائرا، وقرأ عليه حديثين وحكاية.
- حرف الشين-
244-[شجاع] [1] .
الفقيه الحَنَفِيّ.
مدرّس مشهد أبي حنيفة ببغداد.
وتفقّه عليه جماعة. وتُوُفيّ فِي ذي القعدة.
قاله أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [2] .
- حرف الصاد-
245- صَدَقة بْن الْحُسَيْن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن وزير [3] .
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من المنتظم 10/ 204 رقم 295 (18/ 154 رقم
4246) ، والكامل في التاريخ 11/ 289، والبداية والنهاية 12/ 245،
والوافي بالوفيات 16/ 112، 113 رقم 124، والجواهر المضية 2/ 246، 247
رقم 640، وكتائب أعلام الأخيار، رقم 376، والطبقات السنية، رقم 966،
والفوائد البهية 83.
[2] وهو قال: جيّد الكلام في النظر.
وقال ابن أبي الوفاء القرشي: شجاع بن الحسن بن الفضل البغدادي أبو
الغنائم. أحد المبرّزين من الفقهاء، مع دين اشتهر به.. تفقّه عليه ولده
عبد الرحمن بن شجاع. كان عالما بالمذهب والخلاف، متديّنا، حسن الطريقة.
روى شيئا من الأناشيد عن الشريف أبي طالب الزينبي، والكيا عليّ بن محمد
الهرّاسي. روى عنه أحمد بن طارق.
أنشد شجاع ما أنشده أبو طالب الزينبي وقد دخل عليه الموفق رسول ملك
غزنة:
يا نازحا شطّ المزار به ... شوقي إليك يزيد عن وصفي
أغفي لكي ألقاك في حلمي ... ومن العجائب عاشق يغفي
وكان مولده سنة 479 هـ.
[3] انظر عن (صدقة بن الحسين) في: المنتظم 10/ 204 رقم 296 (18/ 154
رقم 4247) ،
(38/225)
أبو الْحُسَيْن [1] الواسطيّ، الواعظ.
قال ابن الدَّبِيثيّ [2] : كان أَبُوهُ من تنّاء [3] قرية خُسْرُو [4]
، بها وُلِدَ صَدَقة، وأحبَّ العِلْم، وأقبل عليه.
وقرأ القراءات عَلَى: المبارك بْن زُريق الحدّاد، وغيره.
وطلب الحديث فسمع فِي حدود الخمسين بالبصْرة من إمامها إِبْرَاهِيم بْن
عطيَّة.
وبالكوفة من: أبي الْحَسَن بْن غَبَرة.
وببغداد من: أَبِي الوقْت، وأبي جَعْفَر الْعَبَّاسي، وأحمد بْن
قَفَرْجَل، وجماعة.
وتكلَّم فِي الوعظ، وحصل له الْقَبُولُ، وأخذ نفسه بالمجاهدة والرياضة
وإدامة الصَّوم والتَّعَبُّد. وله أتباع من أهل الخير.
وسكن بغداد، وأكثَرَ من طَلَب الحديث، وبنى له رِباطًا بقراح القاضي
[5] وسكن فِيهِ جماعة، فكان يخدمهم بنفسه، ويأخذ نفسه بكثرة المجاهدة.
سمع منه: الشّيخ أحمد بن أبي الهيّاج الّذي خَلَفَه بعد موته، وأحمد
بْن مبشّر، وعمر بْن مُحَمَّد المقري، وجماعة.
أَنَا عُمَر بْن مُحَمَّد بْن هارون، نا صَدَقة، أَنَا مُحَمَّد بن
حمزة بن أبي
__________
[ () ] والكامل في التاريخ 11/ 289، ومعجم الألقاب 5/ رقم 83 و 1/ 470،
ومرآة الزمان 8/ 242، 243، وتاريخ إربل 1/ 138، 39 و 388، 389، وسير
أعلام النبلاء 20/ 393 (دون ترجمة) ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ
ابن الدبيثي 2/ 106، 109 رقم 727، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/
112، والبداية والنهاية 12/ 245، والوافي بالوفيات 16/ 291، 292 رقم
322.
[1] في الوافي: «أبو الحسن» .
[2] في المختصر المحتاج إليه 2/ 107، 108.
[3] تناء: مثل عمّال. مفردها التاني، وهو رئيس القرية أو الضيعة.
[4] هي قرية خسرو سابور، والعامّة تقول: خسّابور. قرية معروفة قرب واسط
بينهما خمسة فراسخ معروفة بجودة الرمّان.
[5] قراح القاضي: محلّة من محالّ شرقيّ بغداد. (معجم البلدان) .
(38/226)
الصّقْر بمكّة، أَنَا ابن قُبَيْس:
أَخْبَرَنَا أبو الْحَسَن بْن أبي الحديد، نا جدّي، نا الخرائطيّ، فذكر
حديثا من مساوىء الأخلاق.
وقد روى [عن] [1] ابن أبي الصَّقْر: مُحَمَّد بْن عَبْد الهادي، وعاش
بعد صَدَقة مائة [2] سنة وأشهرا [3] .
وقال ابن الْجَوْزِيّ فِي «المنتظم» [4] : دخل صَدَقة بْن وزير إلى
بغداد، ولازم التَّقشُّف زائدا فِي الحدّ ووَعَظ. وكان يصعد إلى
المِنْبر وليس عليه فرش. وأخذ قلوب العوامّ بثلاثة أشياء، أحدها
التّقَشْف الخارج، والثّاني التَّمَشْعُر، فإنْه كان يميل إلى مذهب
الأشعريّ، والثّالث الرّفض، فإنّه كان
__________
[1] إضافة من المختصر 2/ 109.
[2] في المختصر 2/ 109 «ثمانين سنة» .
[3] وقال مكي بن الخطيب بخسرسابور: أنشدنا أبو الحسن (كذا) صدقة بن
وزير الزاهد لنفسه من قصيدة طويلة في طريق مكة:
الحمد للَّه حمدا لا نفاد له ... حتى الممات ويوم الحشر آمله
مهيمن جلّ عن شبه وعن صفة ... بلا نظير ولا حدّ يشاكله
دعا الأنام إلى البيت الحرام فمن ... هدي أجاب ولم يشغله شاغله
من كل برّ تقيّ مخلص ورع ... صفت سرائره عفّت شمائله
ومن مخدّرة عفّت وزيّنها ... طرف جريح بدمع فاض هاطله
كم فدفد قد قطعناه وكم حدب ... أعيت ركائبنا منه جنادله
وفي منى بلغ الأحباب منيتهم ... والحب محبوبه الأدنى مواصله
وفي آخرها:
يا خسرسابور لا نابتك نائبة ... ولا عداك من الوسميّ هاطله
لا زلت في سعة، لا زلت في دعة ... لا باد ربعك واخضرّت منازله
وأنشد الشيخ صدقة لنفسه:
أخيّ لولا اشتياقي لم أزرك فإن ... تبعد فما دنوّي منك إرباح
أبدي الجميل تكافيني بمحزنة ... كأنني طائر كافاه تمساح
(تاريخ إربل 1/ 388، 389) .
[4] ج 10/ 204 (18/ 154) .
(38/227)
يقول [1] : سلَّموه إلى أصحابي. فتمّ له ما
أراد، وبنى رِباطًا اجتمع فِيهِ جماعة.
وتُوُفيّ فِي ثامن ذي القعدة [2] .
- حرف العين-
246- عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان بْن سالم [3] .
أبو مُحَمَّد التُّنوخيّ، المَعَرِّيّ، المعروف بابن المنجّم، الواعظ.
كان
__________
[1] في المنتظم بعدها: «أنا لا آخذ» .
[2] زاد ابن الجوزي: وبنى يزدن في رباطه منارة، وتعصّب لهم لأجل ما كان
يميل إليه من التشيّع، فصار رباطه مقصودا بالفتوح.
وقال أبو الفَرَج مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي العزّ
الواسطىّ: سمعت الشيخ الإمام صدقة بن وزير الخسروسابوري على الكرسي في
مجلس وعظه ببغداد ينشد، وقد رفعت إليه رقعة فيها شكاية من يهوديّ يدعى
ابن كمّونة متولّي دار الضرب بها، والمستنجد باللَّه يسمع وعظه من حيث
لا يرى. قال: ولا أعلم أهي له أم لغيره:
يا ابن الخلائف من قريش والّذي ... طهرت مناسبه من الأدناس
ولّيت أمر المسلمين عدوّهم ... ما هكذا كان بنو العباس
ما العذر إن قالوا غدا: هذا الّذي ... ولّى اليهود على رقاب الناس
في موقف ما فيه إلّا خاضع ... أو مهطع أو مقنع للرأس
أعضاؤهم فيه الشهود وسجنهم ... نار وحاكمهم شديد الباس
إن كنت ماطلت الديون مع الغنى ... فغدا تؤدّيها مع الإفلاس
أنشد: «مطلت» رباعيا فقدّم الألف، ثم قال: يا ابن هاشم، أذكر غدا يوم
يكون الحاكم الله والشهود الجوارح، وأخذ في وعظه ثم نزل، فما أحسّ إلا
وقطب الدين قد أوثق اليهودي كتافا. وأتى به إلى الشيخ صدقة وقال له: مر
فيه بأمرك. فأمر به أن يعزل وتكفّ يده. فقال قطب الدين: أنفعل به زيادة
على ما أمرت؟ فقال: أنتم أخبر. فأخذ جميع ماله ولم يبق له شيء. (تاريخ
إربل 1/ 138، 139) .
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن مروان) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق
لابن منظور 15/ 36 رقم 30، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) 2/ 92- 97،
وسير أعلام النبلاء 20/ 393 (دون ترجمة) ، وفوات الوفيات 2/ 300، 301،
والوافي بالوفيات 18/ 266، 267 رقم 324، وشذرات الذهب 4/ 178، 179.
(38/228)
أَبُوهُ ينجّم بدمشق، وكان هُوَ يمشي على
الدّكاكين يُنْشِد فِي الأسواق بصوتٍ مُطْرِب. خرج عن دمشق ورجع بعد
مدَّةٍ، فكان يعظ فِي الأعزية، ثُمَّ وعظ على الكُرسيّ ورُزِقَ القبول.
ثُمَّ سافر إلى العراق وتزَّهد، وظهر له بها سُوق. ثُمَّ رجع إلى دمشق
فوعظ، وأقبلوا عليه.
قال ابن عساكر [1] : وكان يُظهِر لكلّ طائفةٍ أنّه منهم حِرصًا على
التّحصيل، وطلع صبيّ يتوب فحمله وقال: هذا صغير ما أتى صغيرة فهل كبيرٌ
ركب الكبائر. فضجّ النّاس وبكوا.
وحضرنا عزاء أمير المؤمنين المتّقي، فقام ورثاه بأبيات، فخلع عليه
القاضي أبو الفضل ابن الشّهْرُزُوريّ ثوبه، وقال فِي ذلك اليوم: أَبَا
المُعرَّى لا المُعزَّى.
وذكر أشياء أضحك منها الحاضرين.
وقال ابن النّجّار: قدم بغداد، قبل الأربعين وخمسمائة وعليه مسح مثل
السّيّاح، وصار له ناموس عظيم ووعْظ. ازدحموا عليه، وجلس بدار
السّلطان، فحضر السّلطان مجلسه، وصار له الجاه العظيم. ونفّذه الخليفة
رسولا إلى المَوْصِل. ومشى أمره.
وكان مستهترا بنكاح الأبكار وأكثر من ذلك، حَتَّى قيلت فِيهِ الأشعار
فِي الأسواق، وصار له جوار ومغنّين. وفرَّ من بغداد هاربا من
الغُرَماء، وأقام بدمشق.
وله ديوان شِعْر رَأَيْته فِي مجلَّدة. وأنشدنا عَنْهُ ابن سُكَيْنَة.
ومن شِعْره:
يا ساهرا عبراته ذرف ... في الحدّ إلّا أنّها علق
__________
[1] في تاريخ دمشق.
(38/229)
أتُقيمُ بعدَها وقد رحلوا ... ومَطيَّتَاكَ
الشَّوْقُ وَالْقَلْقُ
وله:
أرى حبّ ذات الطَّوْق يزداد لوعة ... إذا نخت أَوْ ناح الحَمَام
المُطَوِّق
وقلبي على جَمْر الوداع مُوَدِّعٌ ... وإنسان عيني بالمدامع يطرقُ
247- عَبْد الملك بْن زُهر بْن عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مروان [1]
.
الإشبيليّ، شيخ الأطبّاء. له مصنَّفات فِي الطّبّ.
أخذ عن والده، وتقدَّم فِي الطّبّ، وشاع ذِكْره، ولحِق بأبيه أبي
العلاء ابن زُهْر فِي الصّناعة، وأقبل الأطبّاء على حِفْظ مصنَّفاته.
وكان فاضلا عند عَبْد المؤمن، عالي القدْر، صنّف له «التِّرْياق
السّبعينيّ» ونال من جهته دُنيا عريضة. ومن أجلّ تلامذته أبو
الْحُسَيْن بْن سدون المصدوم، وأبو بَكْر بْن الفقيه ابن قاضي إشبيلية،
والزَّاهد أبو عِمْرَانَ بْن أبي عِمْرَانَ.
ومات بإشبيليّة.
248- عَدِيُّ بْن مسافر بْن إِسْمَاعِيل بْن مُوسَى [2] .
__________
[1] انظر عن (عبد الملك بن زهر) في: عيون الأنباء 1/ 66، 67، وتكملة
الصلة لابن الأبار 2/ 616، والعبر 4/ 193، وشذرات الذهب 4/ 179، ومرآة
الجنان 3/ 312، وكشف الظنون 520، وهدية العارفين 1/ 626، 627، والأعلام
4/ 303، ومعجم المؤلفين 6/ 182.
[2] انظر عن (عديّ بن مسافر) في: الكامل في التاريخ 11/ 298، وتاريخ
إربل 1/ 114، 115 رقم 41، وفيه «عديّ بن سافر» ، ووفيات الأعيان 3/
254، 255، والحوادث الجامعة 271- 274، وبهجة الأسرار 100- 105،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 40، ودول الإسلام 2/ 72، وسير أعلام
النبلاء 20/ 342- 344 رقم 233، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم
1796 والعبر 4/ 163، والإعلام بوفيات الأعلام 229، وتاريخ ابن الوردي
2/ 100- 103، ومرآة الجنان 3/ 39، والبداية والنهاية 12/ 243، وروضة
المناظر 12/ 68، والكواكب الدرّية 2/ 93، والنجوم
(38/230)
الزَّاهد الشَّاميّ، ثُمَّ الهَكَّاريّ [1]
سَكَنًا، وذكره الحافظ عَبْد القادر فسمّاه عَدِيّ بْن صخْر الشَّاميّ،
وقال: ساح سِنين كثيرة، وصحِب المشايخ، وجاهد أنواعا من المجاهدات.
ثُمَّ إنّه سكن بعض جبال المَوْصِل فِي موضع ليس به أنيس، ثُمَّ آنسَ
اللَّه تلك المواضع به، وعمّرها ببركاته حَتَّى صار لا يخاف أحدٌ بها
بعد قطْع السّبيل، وارتدع جماعة من مُفْسِدي الأكراد ببركته. وعمّره
اللَّه حَتَّى انتفع به خلْق، وانتشر ذِكره [2] .
وكان معلّما للخير، ناصحا، متشرّعا، شديدا فِي أمر اللَّه، لا تأخذه
فِي اللَّه لومةُ لائم.
عاش قريبا من ثمانين سنة [3] ما بَلَغَنا أنّه باع شيئا قَطّ، ولا
اشترى، ولا تلبّس بشيءٍ من أمر الدّنيا.
كانت له غليلة يزرعها بالقدّوم فِي الجبل ويحصدها، وصار يتقوّت منها.
وكان يزرع القطن ويكتسي منه. ولا يأكل من مال أحدٍ شيئا، ولا يدخل منزل
أحد. وكان يجيء إلى المَوْصِل فلا يدخلها.
وكان له أوقات لا يُرى فيها محافظة على أوراده. وقد طفتُ معه أيّاما
فِي سواد المَوْصِل، فكان يُصلّي معنا العشاء، ثُمَّ لا نراه إلى
الصُّبْح. ورأيته إذا أقبل إلى القرية يتلقّاه أهلها من قبل أن يسمعوا
كلامه تائبين، رجالُهم ونساؤهم، إلّا من شاء الله منهم. ولقد أتينا معه
على دَيْرٍ فِيهِ رُهْبان، فتلقّاه منهم راهبان، فَلَمّا وصلا إلى
الشَّيْخ كشفا رأسيهما وقبّلا رجليه وقالا: ادع
__________
[ () ] الزاهرة 5/ 261، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 81، وشذرات الذهب
4/ 179، وجامع كرامات الأولياء للنبهاني 2/ 147، وهدية العارفين 1/
662، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 313،
314 رقم 669، والأعلام 5/ 11، وفهرس دار الكتب المصرية 2/ 72.
[1] الهكّاري: نسبة إلى جبل الهكارية من أعمال الموصل.
[2] الكامل 11/ 289.
[3] في تاريخ إربل 1/ 114 عاش تسعين سنة.
(38/231)
لنا، فما نَحْنُ إلّا فِي بركاتك. وأخرجا
طبقا فِيهِ خُبْزٌ وعَسَل فأكل الجماعة.
وأوّل مرّة خرجت إلى زيارته مع طائفة، فَلَمّا أقبلنا أخذ يحادثنا
ويسائل الجماعة ويؤانسهم، وقال: رَأَيْت البارحة فِي النّوم كأنّنا فِي
نجوم، ونحن ينزل علينا شيءٌ مثلُ البَرَد. ثُمَّ قال: الرحمة. فنظرت
إلى فوق، فرأيت ناسا، فقلت: مَن هؤلاء؟ فقيل: أهل السُّنَّة والصِّيت
الحنابلة. وسمعت شخصا يقول: يا شيخ، لا بأس بمداراة الفاسق؟ فقال: يا
أخي، دِينٌ مكتومٌ دِينٌ مَيْشُوم.
وكان يواصل الأيّام الكثيرة على ما اشتهر عَنْهُ، حَتَّى أنّ بعض
النّاس كان يعتقد أنّه لا يأكل شيئا قَطّ. فَلَمّا بلغه ذلك أخذ شيئا،
وأكله بحضرة النّاس.
واشتهر عَنْهُ من الرّياضات، والسّير، والكرامات، والانتفاع به ما لو
كان في الزّمان القديم لكان أُحْدُوثة.
ورأيته قد جاء إلى المَوْصِل فِي السَّنَة الّتي مات فيها، فنزل فِي
مشهدٍ خارج المَوْصِل، فخرج إليه السّلطان وأصحاب الولايات والمشايخ
والعوامّ، حَتَّى آذوه ممّا يقبّلون يده فأُجِلس فِي موضع بينه وبين
النّاس شُبّاك، بحيث لا يصل إليه أحد، فكانوا يسلّمون عليه وينصرفون.
ثُمَّ رجع إلى زاويته فمات على أحسن حالاته.
وقال القاضي ابن خِلِّكان [1] : أصله من قرية بيت فار من بلاد
بَعْلَبَكّ، والبيت الَّذِي وُلِدَ فِيهِ من بيت فار يُزار إلى اليوم.
وتوجّه إلى جبل الهكّارية من أعمال المَوْصِل، وانقطع فِيهِ. وبنى هناك
له زاوية، ومال إليه أهل البلاد مَيْلًا لم يُسْمَع بِمِثْلِهِ، وساد
ذِكْره فِي الآفاق، وتَبِعَه خلْق، وجاوز اعتقادُهم فِيهِ الحّدَ
حَتَّى جعلوه قِبْلَتهم الّتي يُصلّون إليها، وذخيرتهم في الآخرة الّتي
يعوّلون عليها.
__________
[1] في وفيات الأعيان.
(38/232)
صحِب الشَّيْخ عقيل المَنْبجِيّ، والشّيخ
حَمَّاد الدّبّاس، وغيرهما. وقُبِر بزاويته، وقبرُهُ من كِبار المزارات
عندهم.
وعاش تسعين سنة.
وتُوُفيّ سنة سبْعٍ، وقيل: سنة خمسٍ وخمسين.
قلت: قرأت بخطّ الحافظ الضّياء. سَمِعت الشَّيْخ نصر يقول: قَدِمَ
الشَّيْخ عديّ المَوْصِل سنة ستٍّ وخمسين، وفيها: أخذ من شِعْري.
وتُوُفيّ يوم عاشوراء وقت طلوع الشّمس سنة سبْعٍ [1] .
249-[علي] [2] بْن مُحَمَّد بْن عبد العزيز.
أبو القَاسِم العِجْليّ، البُنْدُكانيّ [3] ، المروزيّ.
__________
[1] وقال الشيخ حمّاد بن محمد بن جسّاس: ما رأيت أحسن سيرة ولا أكثر
هيبة، ولا أكثر خشوعا، ولا أغزر دمعة من عديّ. وكان حمّاد هذا من
أصحابه.
وقال حمّاد: ركب عديّ جوادا ما نزل عنه حتى مات، ما أفطر في النهار،
ولا نام في الليل، ولا أكل وشرب غذاء أحد، ولا أخذ أحد عليه سوء خلق.
وقال البلهثي: جاء رجل أعمى إلى عديّ يزوره، فقلت له: كل خطوة حسنة.
فقال عديّ: بل كل خطوة حجّة، أورد ذلك- أدام الله سلطانه- على طريق
الإنكار له، ومدح العلماء وذمّ الجهّال.
وذكر أحمد بن شجاع بن منعة، عن الخضر بن عبد الله القلانسي قال: سمعت
الشيخ عديّا يقول وقد ذكرنا عنده قلعة إربل- فقال: بها وليّان، أحدهما
بالباب الغربي، والآخر بالباب الشرقي، في السور كلاهما، كان بالباب
الغربي موضع تنذر له النذور، تزعم النصارى أنه الشهيد الّذي كان في حبس
القلعة المعروف الآن بحبس الحلبي، وهو الّذي أشار إليه عديّ، وهو أولى.
وعديّ هو الّذي نبّه على القبر الّذي بعقبة داران.
وقال ابن المستوفي: وحدّثني أبو سعيد كوكبوري قال: رأيت بالموصل عديّا-
وأنا صغير وهو رجل قصير، أسمر.
وقال ابن المستوفي: أخبرني حسن بن عديّ أنّ عديّا توفي سنة 555!
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من: الأنساب 2/ 312، 313، ومعجم البلدان
1/ 499.
[3] البندكاني: بضم الباء الموحّدة وسكون النون وضم الدال المهملة وفي
آخرها النون.
(38/233)
وبَنْدُكان: على بريدٍ من مَرْو.
سمع: الإمام أَبَا المظفَّر السَّمْعانيّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم السَّمْعانيّ.
وتُوُفيّ فِي عاشر رمضان [1] .
250-[عليّ] [2] بْن موجود [3] بْن حُسَيْنِ.
أبو الْحَسَن النَّظَرِيّ [4] ، الكُشَانيّ [5] . وكُشَانِيَّة من
سُغْد سَمَرْقَنْد.
إمام، مُنَاظِر، علّامة. تفقَّه ببُخارَى على البُرْهان عبد العزيز،
وبمَرْو على مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [6] النَّسَفيَ [7] ، وسمع من
جماعة.
وعاش سبعين وسبع سِنين.
مات فِي ربيع الأوّل. قاله السَّمْعانيّ [8] .
251-[عُمَر] [9] بْن مُحَمَّد بن واجب.
__________
[1] وقال ابن السمعاني: كان يدخل البلد أحيانا، وكان مليح الشيبة، جميل
الظاهر.
سمعت منه مجالس من أماليه. (الأنساب) .
[2] في الأصل بياض، والمثبت من: الأنساب 10/ 433، والتحبير 1/ 592، 593
رقم 581، واللباب 3/ 42، والجواهر المضية 2/ 616، 617 رقم 1016، وكتائب
أعلام الأخيار، رقم 347، والطبقات السنية، رقم 1580، والفوائد البهية
138، 139.
[3] في الفوائد البهية: «مودود» .
[4] النظري: بالتحريك.
[5] كشانية: بضم الكاف، والشين المعجمة، وفي آخرها النون.
[6] في الأصل: «الحسن» .
[7] في الجواهر المضية: «الأرسابندي» .
[8] قال في (الأنساب) : إمام، فاضل، مناظر فحل، واعظ، قوّال بالحق، سمع
عمّه مسعودا، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن فاعل السّرخكتي، وغيرهما.
تولّى التدريس بالمدرسة الخاقانية بمرو وسكنها، لقيته بمرو ثم ببخارى،
ثم بسمرقند وكتبت عنه شيئا يسيرا بمرو، وكانت بيني وبينه صداقة أكيدة.
وورّخ ولادته في (التحبير) سنة 480 هـ.
[9] في الأصل بياض، والمستدرك من: تكملة الصلة لابن الأبّار.
(38/234)
أبو حفص القَيْسيّ، البَلَنْسيّ.
شيخ المالكيَّة، وصاحب الأحكام بَبَلنْسِية.
سمع من: أَبِيهِ، وأبي مُحَمَّد بْن خَيْرُون، وأبي بحر بْن العاص،
وأبي مُحَمَّد البَطَلْيُوسيّ. وتفقّه بأبي مُحَمَّد بْن سَعِيد، وعرض
عليه مختصر «المدوَّنة» .
وكان بصيرا بالأحكام، مُفْتيًا، إماما كبيرا. نُوظر عليه فِي حياة
أَبِيهِ وبعده وكان متواضعا، نَزِهًا، قانعا، متعفِّفًا، منقبضا عن
السّلطان، حَسَن السَّمْت. وُلّي قضاء دانية، وكان مولده فِي حدود سنة
ستٍّ وسبعين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: حفيده أبو الخَطَّاب أَحْمَد بْن واجب، وأبو عُمَر بْن
عيّاد، وأبو عَبْد اللَّه بْن سعادة، وأبو مُحَمَّد بْن سُفْيَان.
وتُوُفيّ فِي سَلْخ رمضان.
قال الأَبَّار: وهو آخر حُفّاظ المسائل بشرق الأندلس، رحمه اللَّه.
- حرف الكاف-
252-[إلْكِيا] [1] الصّبّاحيّ [2] .
صاحب الأَلْمُوت، ومُقَدَّم الإسماعيليَّة ورئيس الضُّلال الباطنيَّة.
هلك فِي هذا العام، وقام بعده ابنه فأظهر التّوبة وأَلْزَم
الإسماعيليّة الّذين عنده الصّلوات وصوم رمضان، وبعثوا إلى قزوين
يطلبون مَن يصلّي بهم ويعَّلمهم حدود الإسلام، والله أعلم بالنّيّات
[3] .
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من المصدر.
[2] انظر عن (الكيا الصبّاحي) في: الكامل في التاريخ 11/ 288، واللباب
3/ 234، وسير أعلام النبلاء 20/ 393 (دون ترجمة) .
[3] الكامل 11/ 288، 289.
(38/235)
- حرف الفاء-
253-[فضل اللَّه] بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم.
أبو بَكْر المَرْوَزِيّ، الفقيه، الأديب، العالم، العابد، الصَوَّام.
أخذ عَنْهُ السَّمْعانيّ وعاش نيِّفًا وسبعين سنة.
مات فِي المُحَرَّم.
- حرف الميم-
254- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن تَغْلِب [1] .
أبو عَبْد اللَّه البغداديّ، التّاجر، السّفّار.
تأدَّب على ابن الجواليقيّ.
وحدّث عن: أبي القاسم بن بيان، وابن نبهان بدمشق، وغيرهما.
روى عَنْهُ: الحافظ ابن عساكر، وابنه القَاسِم.
وقال الحافظ: بلغني أنّه تُوُفّي سنة ثمانٍ وخمسين.
وقال ابن مَشِّقْ: تُوُفّي سابع وعشرين ذي القعدة سنة سبْعٍ وخمسين.
255- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحُسَيْن بْن محمود [2] .
أبو نصر العراقيّ الأَوَانيّ [3] ، الكاتب المعروف بالفروخي.
كان مستوفيا على السّواد من قِبَلِ الوزير ابن هُبَيْرة، وله يد طُولَى
فِي النَّظْم والنّثر والرسائل [4] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن تغلب) في: الأنساب 1/ 105، وتاريخ دمشق
لابن عساكر، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 264 رقم 168، والمقفى
الكبير للمقريزي 5/ 149، 150، رقم 1688.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن الحسين) في: تاريخ إربل 1/ 69، 70 (في
ترجمة عمر بن شمّاس الخزرجي) ، ومعجم الألقاب لابن الفوطي 1/ 196،
وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار (مخطوط أسعد أفندي 2323-
2330) ج 3 ورقة 238، والمحمدون من الشعراء للقفطي 56، وفوات الوفيات 4/
168، والوافي بالوفيات 2/ 109.
[3] الأواني: بفتح الهمزة والواو المخففة وفي آخرها النون هذه النسبة
إلى أوانا هي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على الدجلة.
(الأنساب 1/ 379) .
[4] وقال عمر بن شمّاس الخزرجي: اجتازني العميد ابن الأواني وقد خلع
عليه ورتّب عميدا فقلت:
(38/236)
256- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن عليّ بْن
صَدَقة.
أبو العزّ بْن الوزير أبي عليّ.
سمع «المقامات» من أبي مُحَمَّد الحريريّ، وسمع من أبي سَعْد بْن
الطُّيُوريّ.
روى عَنْهُ إِبْرَاهِيم بْن محمود الشّعّار.
انقطع إلى العبادة وصحِبَ الصُّوفية، ومات- رحمه اللَّه- كَهْلًا.
257- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد.
أبو الفتح الأنباريّ، الخطيب، المُعَدَّل.
سمع: أَبَا الْحُسَيْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الأنباريّ.
روى عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ الْقُرَشِيّ، وأحمد بْن الْحُسَيْن
العاقوليّ.
حدُّث فِي هذه السَّنَة، ولم تُحْفَظْ وفاته.
258- محمد بن حمزة بن أحمد [1] .
__________
[ () ]
رأيت نجل الأواني ... في خلعة مختالا
قد رتّبوه عميدا ... يثمّر الأموالا
والناس طرّا حواليه ... يهرعون عجالا
وأنفه فوق روقيه ... ، قد ترامى وطالا
فقلت: لا تتدانى ... فأنت ثور ولالا
قد رتّبوك لكي ... منك يقطّعوا الأوصالا
(تاريخ إربل)
[1] انظر عن (محمد بن حمزة) في: معجم السفر (نشره شير محمد زمان،
بإسلام آباد 1988) ص 341 رقم 1194، والتكملة لوفيات النقلة 3/ 236،
وملء العيبة للفهري 2/ 241، والمقفّى الكبير للمقريزي 5/ 610، 611 رقم
2173، وطبقات المفسّرين للداوديّ 2/ 248، وموسوعة علماء المسلمين في
تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) ق 2 ج 4/ 12، 13 رقم 995، وانظر
كتابنا: «لبنان» في العصر الفاطمي- القسم الحضاريّ، أعلام من عرقة»
طبعة دار الإيمان بطرابلس.
وورد في الأصل: «محمد بن حمزة بن محمد» ، والتصويب من المصادر.
(38/237)
العِرْقيّ [1] ، التُّنوخيّ، المقرئ [2] .
من شيوخ السِّلَفيّ.
قال: ولد بمصر سنة خمس وستّين وأربعمائة.
وذكر أنّه سمع من الخِلَعيّ، وغيره.
وقرأ اللّغة على ابن القَطّاع [3] .
259- مُحَمَّد بْن طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن علي بْن إسحاق.
أبو بَكْر الطُّوسيّ رئيس نَيْسابور.
صدْرٌ كبير. سمع فِي أيّام عمّه النّظّام بأصبهان من ابن شكروَيْه،
وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن ماجة، وسُليمان الحافظ.
أخذ عَنْهُ السَّمْعانيّ.
ومات فِي أوائل العام.
260- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أبو الفتح الْبُخَارِيّ، ثُمَّ المروزيّ، الصّفّار، الفقيه.
تفقّه على القاضي عبد الرحمن بن عبد الرحيم.
__________
[1] العرقي: بكسر العين المهملة، وسكون الراء، وكسر القاف. نسبة إلى
عرقة، مدينة وحصن مهم كان على مسافة نحو عشرين كيلومترا إلى الشمال
الشرقي من طرابلس الشام، اندثرت في أوائل العهد العثماني.
[2] كنيته: أبو البركات.
[3] زاد السّلفي: وسمع عليّ كثيرا هو وأخوه أبو الحسن أحمد
بالإسكندرية، وكان لي بهما أنس تامّ، وعلقت عنهما فوائد أدبية. (معجم
السفر) .
أقول: وهو القاضي، وليّ الدولة، المعدّل، كان أبوه يتولّى قضاء القضاة
بديار مصر لبدر الجمالي، وأخوه هو أبو الحسن أحمد وكان أديبا، توفي
قبله بالإسكندرية، فصلّى عليه بعد أن حمل تابوته إلى مصر. (انظر عنه
في: معجم السفر، بتحقيق بهيجة الحسني، بغداد ج 1/ 129، 130 رقم 17،
ومعجم البلدان 4/ 109، وإنباه الرواة 1/ 40، تلخيص ابن مكتوم (مخطوط)
11، ورفع الإصر عن قضاة مصر، للسخاوي ق 1/ 217- 219، وكتابنا:
موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 1 ج 2/ 185) .
وقال المقريزي: ولأبي البركات هذا أخ اسمه محمد وكنيته أبو عبد الله،
يروي عن ابن القطّاع، وعنه أبو العباس أحمد بن عبد الله ابن الأستاذ
الحلبي. (المقفى 5/ 611) .
(38/238)
وسمع منه، ومن سَعْد بْن مُحَمَّد
الباهليّ.
أخذ عَنْهُ: السَّمْعانيّ، وقال: مات بخُوارَزْم فِي رجب فِي عَشْر
الثّمانين.
261- مُحَمَّد بْن مفضَّل بْن سَيّار.
أبو نصر.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وثمانين. وسمع من: أبي عطاء المَلِيحيّ، وصاعد بْن
سَيّار القاضي.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
وبقي بعد أخيه المذكور فِي سنة 48.
وجدت وفاته فِي «التحبير» [1] للسّمعانيّ فِي ربيع الأوّل هذه
السَّنَة.
262- مُحَمَّد بْن النُّعمان بْن مُحَمَّد بْن أبي عاصم.
أبو الفتح الباقِلانيّ، المَرْوَزِيّ، ويُعرف بأبي حنيفة.
كان كثير التلاوة، ملازِمًا لصلاة الجماعة، غير أنّه كان يشرب الخمر،
ويعرف النّجوم. قاله ابن السَّمْعانيّ.
سمع: أَبَا المظفَّر بْن السَّمْعانيّ، وإسماعيل بْن مُحَمَّد
الزُّهْرِيّ.
وُلِدَ سنة ستٍّ وسبعين.
ومات بِهَرَاة فِي شوّال أو ذي القعدة.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
263- مُحَمَّد بْن أبي بَكْر بْن أبي الخليل.
أبو بَكْر التّميميّ، الأندلسيّ، المَرِينيّ.
أخذ القراءات عن شُرَيْح.
وروى عن: ابن خَلَصة النَّحْويّ، وأبي عَبْد اللَّه بن أبي الخصال.
وكان
__________
[1] لم أجده في (التحبير) كما قال المؤلّف- رحمه الله-.
(38/239)
ذا فَهْمٍ ومعرفة:
أخذ عَنْهُ: أبو عَبْد الله بن نوح الغافقيّ، وغيره.
264- محمود بن المبارك بن أبي غالب.
أبو [ ... ] [1] البوّاب. بغداديّ.
روى عن: أبي الحسن بن العلّاف، وابن الطّيوريّ.
روى عنه: أبو محمد بن الأخضر.
وتوفّي في رمضان.
265- المؤيِّد [2] بْن مُحَمَّد بْن عليّ [3] .
أبو سَعِيد الأُلُوسِيّ [4] الشَاعر.
كان منقطعا إلى الوزير ابن هُبَيْرة.
وكان بزيّ الأَجناد. وله ديوان شِعر. وقد أكثر من الهجاء والغَزَل،
وجرت له أقاصيص، وسُجِن مدَّة، ثُمَّ أخرج عن بغداد.
وتُوُفيّ بالمَوْصِل فِي رمضان وهو فِي عَشْر السّبعين [5] .
__________
[1] في الأصل بياض. ولم أقف على صحّته.
[2] في الأصل «محمد» والتصويب من مصادر ترجمته.
[3] انظر عن (المؤيّد بن محمد) في: الأنساب 1/ 343 (بالحاشية) ، ومعجم
الأدباء 19/ 207- 209 رقم 69 وفيه: «المؤيّد بن عطّاف بن محمد بن علي
بن محمد» ، ومعجم البلدان 1/ 246، 247، واللباب 1/ 83، وتاريخ إربل 1/
58 ووفيات الأعيان 5/ 346- 350 رقم 753، وخريدة القصر (قسم العراق) 2/
172- 179، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 198 رقم
1223، وذيل تاريخ بغداد لابن النجار (مخطوطة كمبرج 10/ 1403) ورقة 428،
وفوات الوفيات 2/ 453- 455 رقم 328، وفيه «عطاف بن محمد بن علي» ،
ومرآة الجنان 3/ 314 وحياة الحيوان الكبرى للدميري (طبعة إيران) 277،
وشرح نهج البلاغة 1/ 308، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مخطوطة
الظاهرية) ورقة 139 أ، وشذرات الذهب 4/ 185 وفيه: «المؤيد محمد
الألوسي» .
[4] تقرأ في الأصل: «الأنوشي» .
[5] وقال ياقوت: ولد بألوس سنة أربع وتسعين وأربعمائة، ونشأ بدجيل
واتّصل بخدمة ملك شاه مسعود بن محمد السلجوقي فعلا ذكره وتقدّم وأثرى،
ودخل بغداد في أيام المسترشد فصار
(38/240)
والأُلُوس: بالضّمّ وهي ناحية عند حديثة
عانة [1] .
__________
[ () ] جاويشا، ولمّا صارت الخلافة إلى المقتفي تكلّم فيه وفي أصحابه
بما لا يليق، فقبض عليه وسجن، فلبث في السجن عشر سنين وأخرج منه في
خلافة المستنجد.
ومن شعره:
رحلوا فأفنيت الدموع لبعدهم ... من بعدهم وعجبت إذ أنا باق
وعلمت أنّ العود يقطر ماؤه ... عند الوقود لفرقة الأوراق
وأبيت مأسورا وفرحة ذكركم ... عندي تعادل فرحة الإطلاق
لا تنكر البلوى سواد مفارقي ... فالحرق يحكم صنعة الحرّاق
وقال في صفة القلم:
ومثقّف يغني ويفني دائما ... في طوري الميعاد والإيعاد
فلم يفلّ الجيش وهو عرمرم ... والبيض ما سلّت من الأغماد
وهبت به الآجام حين نشا بها ... كرم السّيول وهيبة الآساد
وقال العماد الكاتب:
بغداديّ الدار، ترفّع قدره، وأثرت حاله، ونفق شعره، وكان له قبول حسن،
واقتنى أملاكا وعقارا، وكثر رياشه، وحسن معاشه، ثم عثر به الدهر عثرة
صعب منها انتعاشه، وبقي في حبس أمير المؤمنين المقتفي بأمر الله أكثر
من عشر سنين إلى أن خرج في زمان أمير المؤمنين المستنجد باللَّه سنة
خمس وخمسين وخمس مائة عند توليته، من الحبس. ولقيته حينئذ وقد عشي بصره
من ظلمة المطمورة التي كان فيها محبوسا. (الخريدة) .
[1] قال ابن السمعاني: الألوسي نسبة إلى ألوس وهو موضع بالشام في
الساحل عند طرسوس.
(الأنساب 1/ 343) ، وعقّب ياقوت على قوله بأنه سهو منه، والصحيح أنها
على الفرات قرب عانات والحديثة. (معجم البلدان 1/ 246) وتابعه ابن
الأثير في (اللباب 1/ 83) وقيّدها ابن شاكر الكتبي: «آلس» . بمدّ
الألف. (فوات الوفيات 2/ 453) . وقال محمد محيي الدين عبد الحميد في
تحقيقه لفوات الوفيات (طبعة مطبعة السعادة بمصر) 2/ 76: «عطاف بن محمد
بن علي أبو سعيد البالسي (كذا) الشاعر المعروف المؤيّد. ولد ببالس
(كذا) . ثم قال في الحاشية: «لم أعثر له على ترجمة فيما بين يديّ من
كتب الرجال» ! وقد علّق الدكتور مصطفى جواد على ذلك بقوله: «ليت شعري
ما الّذي كان بين يديه من كتب الرجال» ! (المختصر المحتاج إليه،
بالحاشية) .
وقال ياقوت: واتفق للمؤيّد الشاعر هذا الألوسي قصّة قلّ ما يقع مثلها،
وهو أنّ المقتفي لأمر الله اتّهمه بممالأته السلطان ومكاتبته، فأمر
بحبسه فحبس وطال حبسه، فتوصل له ابن المهتدي صاحب الخبر في إيصال قصّة
إلى المقتفي يسأله فيها الإفراج عنه، فوقّع المقتفي:
أيطلق المؤبّد؟ بالباء الموحّدة. فزاد ابن المهتدي نقطة في «المؤيّد»
وتلطّف في كشف الألف من «أيطلق» ، وعرضها على الوزير، فأمر بإطلاقه،
فمضى إلى منزله، وكان في أول النهار، فضاجع زوجته، فاشتملت على حمل، ثم
بلغ الخليفة إطلاقه فأنكره وأمر بردّه إلى محبسه-
(38/241)
- حرف النون-
266-[نصر اللَّه] بْن علي بْن صالح.
أبو الفتح البغداديّ، الصُّوفيّ.
سمع: أَبَا البركات مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه الوكيل.
سمع منه بواسط مُحَمَّد بْن عليّ الْأَنْصَارِيّ فِي هذه السَّنَة.
- حرف الهاء-
267- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بن الشِّبْليّ [1] .
أبو المظفَّر القصّار، الدّقّاق، المؤذّن.
وُلِدَ سنة سبعين وأربعمائة.
وسمع من: أبي نصر الزَّيْنَبيّ، وهو آخر من سَمِعَ منه.
وسمع من: طِراد، وأبي الغنائم بْن أبي عثمان، وأبي نصر بْن المُجْلي،
وغيرهم.
روى عَنْهُ: إِبْرَاهِيم الشّعّار، وأحمد بْن طارق، وأبو طَالِب بْن
عَبْد السِّميع، وأبو الفتوح بْن الحصْريّ، وعبد العزيز بْن الأخضر،
وظفر وياسين
__________
[ () ] من يومه وبتأديب ابن المهتدي، فلم يزل محبوسا إلى أن مات
المقتفي فأفرج عنه فرجع إلى منزله. وله ولد حسن قد ربّي وتأدّب واسمه
محمد. (معجم البلدان 1/ 247) .
وقال أبو محمد الموصلي: أنشدني الألوسي لنفسه:
أضحت ديار كمال الدين نازحة ... عنكم فغالبكم في صفوه القدر
أما اشتفت سودة الأقدار من فلك ... نأت به الشمس حتى يخسف القمر
(تاريخ إربل 1/ 58) .
[1] انظر عن (هبة الله بن الشبلي) في: الإستدراك لابن نقطة (مخطوط)
باب: الشبلي والسلي، وتاريخ الإربلي 1/ 138 و 192، ومعجم الألقاب 1/
520، والتكملة لوفيات النقلة 1/ 127، والعبر 4/ 163، وسير أعلام
النبلاء 20/ 393، 394 رقم 267، ودول الإسلام 2/ 72، والمعين في طبقات
المحدّثين 167 رقم 1797، والإعلام بوفيات الأعلام 229، والمختصر
المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 219، 220 رقم 1278، والنجوم
الزاهرة 5/ 362، وشذرات الذهب 4/ 181.
(38/242)
ولدا سالم البيطار، وأبو حفص عُمَر بْن
مُحَمَّد السُّهْروردِيّ، وعليّ بْن أبي سَعْد بْن نُمَيْرة، وأخته
فَرْحة، وزيد بْن يحيى البيَّع، والنَّفيس بْن كرم، وعُبَيْدِ اللَّه
بْن عليّ بن جوبا.
وآخر من روى عَنْهُ: هبة اللَّه بْن عُمَر بْن كمال القطّان [1] ،
وتُوُفيّ هُوَ وياسمين فِي سنة أربعٍ وثلاثين.
وتُوُفيّ الشّبْليّ فِي سَلْخ ذي الحجَّة.
وقع لي من طريقه جزءان.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة: نجيبة [2] بِنْت الباقداريّ [3] .
268- هبة اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد [4] .
أبو بَكْر البغداديّ، الحفّار.
سمع من: رزق اللَّه التّميميّ.
كتب عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ، وإبراهيم بْن الشّعّار.
وآخر من روى عَنْهُ إجازة كريمة الزُّبَيْريَّة.
وتُوُفيّ فِي شوّال.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، وَجَمَاعَةٌ
آخِرُهُمْ مَوْتًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الشِّيرَازِيِّ قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيمَةُ، أَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ
الْحَفَّارُ فِي كِتَابِهِ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ،
أَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاعِظُ، نا
الْمَحَامِلِيُّ، نا أَبُو الْأَشْعَثِ، نا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ،
نا ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنّ
__________
[1] في المختصر المحتاج إليه: آخر من سمع منه شهاب الدين السهروردي،
وياسمين بنت البي [طار] ، وهبة الله بن عمر الحلّاج.
[2] في سير أعلام النبلاء 20/ 394 «عجيبة» .
[3] لم أجد هذه النسبة.
[4] انظر عن (هبة الله بن أحمد الحفّار) في: ابن الدبيثي 3/ 220 رقم
1279، والعبر 4/ 163، وسير أعلام النبلاء 20/ 394 (في آخر الترجمة رقم
267) ، وشذرات الذهب 4/ 181.
(38/243)
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو عَلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
لَيْسَ لَكَ من الْأَمْرِ شَيْءٌ، 3: 128 [1] الآيَةَ [2] .
- حرف الياء-
269-[يحيى] [3] بْن بختيار.
أبو زَكَرِيّا الشّيرازيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ [4] .
حدُّث عن الفقيه نصر المَقْدِسيّ.
وروى عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن عساكر، وقال: تُوُفّي فِي رجب، وله
ثمانون سنة [5] .
وروى عَنْهُ: أبو المواهب بْن صَصْرَى، وقال: كان صوفيّا، صالحا، خيّرا
[6] .
__________
[1] سورة آل عمران، الآية 128.
[2] أخرجه الترمذي في التفسير من سورة آل عمران (4091) وقال: هذا حديث
حسن غريب صحيح يستغرب من هذا الوجه من حديث نافع، عن ابن عمر.
ورواه يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان.
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من: تاريخ دمشق، ومختصر تارخ دمشق لابن
منظور 27/ 218، 219 رقم 106.
[4] زاد ابن عساكر: «القرقوبي المعروف بابن كثامة العالمة» .
[5] وكان مولده سنة 475 أو 476 هـ.
[6] وحدّثه نصر المقدسي قال: أنشدني نصر بن معروف المسافر:
نل ما بدا لك أن تنال من الغنى ... إن أنت لم تقنع فأنت فقير
يا جامع المال الكثير لغيره ... إنّ الصغير غدا يكون كبير
(في البيت إقواء) .
وبه قال:
وإذا ائتمنت على عيوب فاخفها ... واستر عيوب أخيك حين تطلع
لا تفش سرّك ما حييت إلى امرئ ... يفشي إليك سرائر تستودع
فكما تراه بسرّ غيرك صانعا ... فكذا بسرّك لا محالة يصنع
(38/244)
270-[يحيى] [1] بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف.
أبو بَكْر الْأَنْصَارِيّ، الغَرْناطيّ، الشّاعر، المعروف بابن
الصَّيْرَفيّ [2] .
ألّف «تاريخ الدّولة اللَّمْتُونيَّة» [3] . وكان من أعيان شُعرائها،
ومُدَّاح أمرائها.
تُوُفّي بأُورْيُولَة وله تسعون سنة [4] .
__________
[ (-) ]
وكتاب ربّك كن به متهجّدا ... إنّ المحبّ لربّه لا يهجع
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: تكملة الصلة لابن الأبّار 723، وبغية
الوعاة 2/ 343 رقم 2143، وإيضاح المكنون 1/ 11، 215، 482، وهدية
العارفين 2/ 520، والأعلام 9/ 208، ودليل مؤرّخ المغرب لبن سودة 151،
ومعجم المؤلفين 13/ 230.
[2] وقال ابن الزبير: كان من أهل المعرفة بالعربية والآداب واللغات
والتاريخ، ومن الكتّاب المجيدين والشعراء المكثرين. أخذ عن أبي بكر بن
العربيّ.
[3] واسمه: «الأنوار الجليّة في أخبار الدولة المرابطية» ، وله: «إبراز
اللطائف» ، و «رسالة الدوريات في قول المديون لربّ الدين» .
[4] قال السيوطي: ومات في حدود السبعين وخمسمائة، أو قبل ذلك عن سنّ
عالية.
(38/245)
سنة ثمان وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
271- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قُدَامة بْن مِقْدام بْن نصر [1] .
الرجل الصّالح، أبو الْعَبَّاس المَقْدِسيّ، الْجَمَاعيليّ، الحنبليّ.
والد الشَّيْخ أبي عُمَر، والشّيخ الموفَّق، نزيل سَفْح قاسيون رَضِيَ
الله عنه.
ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة، وهاجر إلى دمشق سنة إحدى وخمسين
وخمسمائة، فنزل بمسجد أبي صالح بظاهر باب شرقيّ نحو سنتين، وانتقل إلى
الجبل، وبنى الدَّيْرَ المبارك، وسكن بالجبل.
وقد حجّ وجاور. وسمع من: زين العَبْدَريّ «صحيح مُسْلِم» . وحدَّث به.
روى عَنْهُ ابناه.
وتُوُفيّ فِي شوّال.
وكان صالحا، زاهدا، عابدا، قانتا، صاحب كرامات وأحوال.
جمع أخباره سِبْطُه الحافظ ضياء الدِّين، وساق له عدَّة كرامات، وحكى
عن خاله الموفّق، أنّ أَبَاهُ قرأ فِي شهر رمضان بمسجد أبي صالح خمسا
وستّين ختمة.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن محمد بن قدامة) في: العبر 4/ 164، وسير أعلام
النبلاء 20/ 377 (دون ترجمة) ، والوافي بالوفيات 8/ 83، ومرآة الجنان
3/ 314، والنجوم الزاهرة 5/ 364 دون ترجمة، وشذرات الذهب 4/ 182.
(38/246)
ثُمَّ حكاها عن الشَّيْخ العماد، عن
الشَّيْخ أَحْمَد، أنّه قرأ ذلك.
وقال العماد: كان الشَّيْخ أَحْمَد بين عينيه نور لا يكاد أحد يراه
إلّا قبّل يده.
قلت: قبره بمقبرة المقادسة الّتي فوق مرقد الحورانيّ، مقصود بالزّيارة،
رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
272- أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن يحيى بْن إِبْرَاهِيم [1] .
أبو جَعْفَر بْن سكينة القيسيّ، السّرقسطيّ، ثمّ الشّاطبيّ.
سمع من: أبي عامر بن حبيب، وعبد الحقّ بن عطيّة، وجماعة.
ووُلّي خطْبة الشُّورّى بشاطِبَة.
قال ابن الأَبَّار: وكان محدِّثًا، حافظا، متقنا.
أخذ عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن فِيرَّة [2] الضّرير، وغيره.
قال ابن عَيّاد: لم أر بعد أبي الوليد بْن الدّبّاغ أحفظ منه لأسماء
الرجال. وكان ورِعًا، مُنْقَبِضًا، متواضعا، تزهّد فِي آخر عُمره،
حَتَّى عُرِف بإجابة الدّعوة.
تُوُفّي فِي رمضان. ويُقال، تُوُفّي سنة سبْعٍ وخمسين.
ومولده سنة خمسٍ وخمسمائة.
وكان رحمه اللَّه بارعا فِي كتابة الوثائق [3] .
__________
[1] انظر عن (أحمد بن مسعود) في: تكملة الصلة لابن الأبار 1/ 65،
والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 2/ 540، 541 رقم 828
وفيهما: «أحمد بن مسعود بن إبراهيم بن يحيي» .
[2] فيرّه: بكسر الفاء، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وضم
الراء المشدّدة، ثم هاء.
[3] وقال المراكشي: وكان محدّثا، حافظا، متقنا فيما قيّد، ثقة فيما روى
على منهاج أهل
(38/247)
- حرف السين-
273- سخاء بِنْت المبارك بْن عليّ البغداديّ [1] .
وتُدْعى مهناز.
سَمِعت من: أبي القَاسِم الرَّبَعيّ.
روى عَنْهَا: أبو المعالي بْن هبة، ونصر بْن الحصْريّ.
وعاشت إلى هذه السَّنَة.
سديد الدِّين بْن الأنبَاريّ.
اسمه مُحَمَّد، سيأتي إن شاء اللَّه [2] .
274- سلامة بْن أَحْمَد بْن عَبْد الملك بْن الصَّدْر [3] .
أبو بَكْر البغداديّ التّاجر، أخو «مقبل» المذكور سنة سبْعٍ [4] .
سمع: رزق اللَّه التّميميّ، وطِرادًا، والنِّعاليّ.
وتُوُفيّ فِي ثامن ربيع الأوّل [5] .
__________
[ () ] الحديث ومن أهل المعرفة به والتمييز لعلله والذكر لرواته
بأسمائهم وكناهم وموالدهم ووفياتهم، عالما بالشروط، بصيرا بعقدها، حسن
الخط، دؤوبا على النسخ، يتنافس فيما يكتب ويقيّد له تنابيه مفيدة.
[1] انظر عن (سخاء بنت المبارك) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 3/ 263 رقم 1408.
[2] في وفيات هذه السنة برقم (291) وهو «محمد بن عبد الكريم بن
إبراهيم» .
[3] انظر عن (سلامة بن أحمد) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن
الدبيثي 2/ 99، 100 رقم 712، وسير أعلام النبلاء 20/ 377 (دون ترجمة) .
[4] كذا في الأصل، والصواب سنة ست. انظر ترجمة «مقبل بن أحمد» في وفيات
سنة 556 هـ. برقم (225) .
[5] قال ابن الدبيثي: من بيت معروف بالرواية. وذكر من شيوخه: نصر بن
البطر. سمع منه: عمر القرشي، وإبراهيم الشعار. روى عنه: ابن الأخضر،
وعمر بن محمد الدينَوَريّ، ويحيى بن القاسم.
(38/248)
روى عَنْهُ: ابن الحصْريّ، وأحمد بْن
البَنْدنيجيّ [1] .
- حرف الشين-
275- شَهْرَدار [2] بْن شِيرَوَيْه بْن شُهْردَار بْن شِيرَوَيْه [3]
بْن فَنّاخسرو بْن خُسَرُكان بْن رينوَيْه بْن خُسْرُو بْن زرّود بْن
دَيْلم بْن الدّبّاس بْن لَشْكريّ بْن راجي بْن كيّوس بْن عَبْد
الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه ابن صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضّحّاك بْن فيروز الدَّيْلَميّ.
أبو مَنْصُور ابن المحدّث المؤرّخ أبي شجاع الهَمَذانِيّ.
قال ابن السَّمْعانيّ فِي «الذّيل» : كذا قرأت نَسَبَه فِي ديباجة
كتابه.
ثُمَّ قال: كان أبو مَنْصُور حافظا، عارفا بالحديث، فَهِمًا، عارفا
بالأدب، ظريفا، خفيفا، لازما مسجده، مُتّبِعًا أثر والده فِي كتابة
الحديث وسماعه وطلبه [4] .
__________
[1] البندنيجيّ: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال
المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها
الجيم هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد دونهما عشرين
فرسا. (الأنساب 2/ 313) .
[2] انظر عن (شهردار) في: التحبير 1/ 327- 330، وطبقات الفقهاء
الشافعية لابن الصلاح 1/ 484، 485 رقم 175، والوفيات لأبي مسعود
الأصبهاني 43، والتقييد لابن نقطة 297 رقم 362، وتلخيص مجمع الآداب ق 3
ج 4/ 182، 183، والعبر 4/ 164، وسير أعلام النبلاء 20/ 375- 377 رقم
255، والإعلام بوفيات الأعلام 230، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/
110، 111، والوافي بالوفيات 16/ 193، 194، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/
205، وتوضيح المشتبه 1/ 534، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 324
رقم 288، والنجوم الزاهرة 5/ 364، وتاريخ الخلفاء 444، وكشف الظنون
1684، وشذرات الذهب 4/ 182، وهدية العارفين 1/ 419، والرسالة المستطرفة
75، وفهرس المخطوطات المصوّرة 1/ 102، ومعجم المؤلفين 4/ 309.
[3] في الأصل: «شهرويه» ، والتصحيح من المصادر.
[4] التقييد 297.
(38/249)
رحل إلى أصبهان مع والده سنة خمسٍ
وخمسمائة، ثُمَّ رحل إلى بغداد سنة سبْعٍ وثلاثين.
سمع: أَبَاهُ، وأبا الفتح عَبْدُوس بْن عَبْد اللَّه، ومكّيّ بْن
مَنْصُور الكرجيّ، وحَمْد بْن نصر الْأَعْمَشُ، وقَيْدس بْن عَبْد
الرَّحْمَن الشّعرانيّ، وأبا مُحَمَّد الدُّونيّ.
وبِزَنْخَان: الفقيه أَبَا بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
زَنْجُوَيْه. وذكر أنّه سمع منه «مُسْنَد أَحْمَد بْن حنبل» سنة
خمسمائة، بروايته عن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الفلّاكيّ، عن
القَطِيعيّ. وله إجازة من أبي بَكْر بْن خَلَف الشّيرازيّ، وأبي
مَنْصُور الْحُسَيْن بْن المُقَوّميّ.
كتبتُ عَنْهُ، وكان يجمع أسانيد كتاب «الفِرْدَوس» لوالده، ورتّب لذلك
ترتيبا عجيبا حَسَنًا. ثُمَّ رَأَيْت الكتاب سنة ستٍّ وخمسين بمَرْو
فِي ثلاث مجلدَّات ضخمة، وقد فرغ منه، وهذّبه ونقّحه. وقال: أَنَا
المقوّميّ سنة ثلاثٍ وثمانين إجازة، وفيها وُلِدْتُ.
قلت: روى عَنْهُ: ابنه أبو مُسْلِم أَحْمَد وأبو سهل عَبْد السّلام
السرنولي، وطائفة.
وسمعنا من طريقه كتاب «الألقاب» لأبي بَكْر الشّيرازيّ.
وقيَّد وفاته فِي هذه السَّنَة عَبْد الرحيم الحاجّيّ.
زاد السَّمْعانيّ: فِي رَجَبَها.
- حرف العين-
276- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ بْن
حُسَيْنِ [1] .
أَبُو القَاسِم الْأَنْصَارِيّ، الدّمشقيّ، الشّاهد، المعروف بابن
الشّيرجيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الله بن علي) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق 13/
145 رقم 29.
(38/250)
سمع من: سَعْد بْن أَحْمَد البَسَويّ
الَّذِي استُشْهد بالقدس.
روى عَنْهُ: ابن عساكر، وغيره.
وتُوُفيّ فِي ربيع الآخر، رحمه اللَّه.
277- عَبْد الرَّحْمَن بْن أبي الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد
اللَّه [1] .
أَبُو مُحَمَّد الكِنَانيّ، الدّارانيّ، الدّمشقيّ ابن أخت مُحَمَّد
بْن إِبْرَاهِيم النَّسَائيّ.
سمّعه خاله من: أبي الفضل بْن الفُرات. وسهل بْن بِشْر، وعبد اللَّه
بْن عَبْد الرّزّاق.
روى عَنْهُ: ابن عساكر وقال [2] : لم يكن الحديث من صنعته، وابنه
القَاسِم، والمسلم بْن أَحْمَد المازِنيّ، ومُكْرَم بْن أبي الصَّقْر،
وكريمة، وآخرون.
تُوُفّي فِي الخامس والعشرين من جُمَادَى الأولى.
وقد سمع قطعة كبيرة من «السُّنن» الكبير للنَّسَائيّ على سهل بْن بِشْر
الإسْفَرَائينيّ.
278- عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْدِ بْن الفضل [3] .
أبو مُحَمَّد الورّاق. بغداديّ، ثقة.
ذكره ابن السَّمْعانيّ وقال: شيخ صالح، ديِّن، كثير التّلاوة،
والصّلاة، والعبادة، مشتغل بما يعنيه.
سمع: أَبَا الْحَسَن بْن العلّاف، وابن نبهان، وابن الزّينبيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الحسن) في: تاريخ دمشق 40/ 264 (مطبوع)
، ومشيخة ابن عساكر (مخطوط) ورقة 106 ب، ومختصر تاريخ دمشق 14/ 237 رقم
162، وسير أعلام النبلاء 20/ 348، 349 رقم 235.
[2] في تاريخ دمشق، والمشيخة.
[3] انظر عن (عبد الرحمن بن زيد) في: سير أعلام النبلاء 20/ 377 (دون
ترجمة) .
(38/251)
ولد في حدود سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
كتبتُ عَنْهُ.
قلت: هذا كان من الصّالحين ببغداد.
روى عن: ابن طَلْحَةَ النَّعَاليّ أيضا.
وعنه: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن برهان النّسَّاج، وعبد الواحد بن
علوان السَّقْلاطُونيّ، ومحمد بْن عُمَر العَطَّار، وهبة اللَّه بْن
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الحلّاج، والحَرَمِيُّون.
وتُوُفيّ فِي العشرين من شوّال. وأصله مدنيّ.
279- عَبْد اللّطيف ابن المحدّث أبي سَعْد أَحْمَد بْن مُحَمَّد.
البغداديّ، ثُمَّ الأصبهانيّ.
سمع: أَبَا مطيع، وأبا الفتح الحدّاد.
وكان صدوقا.
قرأ عليه ابن ناصر.
مات فِي ذي القعدة بأصبهان.
280- عَبْد المؤمن بْن عليّ بْن علويّ [1] .
القَيْسيّ المغربيّ، الكوميّ [2] التّلمسانيّ.
__________
[1] انظر عن (عبد المؤمن بن علي) في: الكامل في التاريخ 11/ 291، 292،
والمعجب 284- 303 و 327- 344، وخريدة القصر (شعراء الأندلس) 2/ 339 و
3/ 438، والروضتين ج 1 ق 1/ 322، وتاريخ إربل 1/ 250 (في ترجمة الفقيه
الصنهاجي معاذ بن علي بن يونس، رقم 148) ، ومرآة الزمان 8/ 144، 163،
172، 269، 451، 462، 522، 540، 562، 578، والمختصر في أخبار البشر 3/
40، ودول الإسلام 2/ 73، وسير أعلام النبلاء 20/ 366- 375 رقم 254،
والعبر 4/ 165، والإعلام بوفيات الأعلام 230، وتاريخ ابن الوردي 2/
104، والبداية والنهاية 12/ 246، 247، والحلل الموشّية 107- 119، وشرح
رقم الحلل 190، 199، وبغية الرواد 1/ 87، ومآثر الإنافة 2/ 30، 43، 44،
49، 252، وتاريخ ابن خلدون 6/ 229، والنجوم الزاهرة 5/ 363، 364، وجذوة
الاقتباس 272، ونفح الطيب 1/ 442، وشذرات الذهب 4/ 183، والخلاصة
النقية 55، والاستقصاء 2/ 99- 145، وأخبار الدول 2/ 410، ومعجم الأنساب
113، وأخبار المهدي 21، وأعمال الأعلام 307، ودائرة المعارف الإسلامية
ج 1/ 321.
[2] الكومي: نسبة إلى كومية، وهي قبيلة صغيرة نازلة بساحل البحر من
أعمال تلمسان. (وفيات
(38/252)
وُلِدَ بقرية من ضياع تِلِمْسان، وكان
أَبُوهُ صانعا فِي الفخّار.
نقل عَبْد الواحد المَرَاكُشيّ فِي كتاب «المُعْجِب» [1] فقال إنَّ
عَبْد المؤمن قال: إنّما نَحْنُ لقَيْس، لقَيْس غَيْلان من مُضَر بْن
نِزَار، ولكُومِيَة علينا حقٌّ الولادة فِيهِم والمنشأ، وهم أخوالي.
وأمّا خُطَباء المغرب فكانوا يقولون إذا ذكروا الملك عَبْد المؤمن بعد
ابن تُومِرْت. قسيمُهُ فِي النَّسَب الكريم.
ولد سنة سبع وثمانين وأربعمائة، واستقلّ بالمُلك إحدى وعشرين سنة، وعاش
إحدى وسبعين سنة [2] .
واستوسق [3] له أمراءُ العرب بموت أمير المسلمين علي بْن يُوسُف بْن
تاشفين.
قال: وكان أبيض، ذا جسم عَمَمٍ [4] تعلوه [حُمْرة] [5] وكان أسود
الشَّعر، معتدل القامة، رصينا، جهوريّ الصّوت، فصيحا، جَزْل المنطق، لا
يراه أحدٌ إلّا أحبّه بديهة.
قال: وبَلَغَني أنّ ابن تُومَرت كان إذا رآه أنشد:
تكامَلَتْ فيك [6] أخلاقٌ [7] خُصصْتَ بها ... فكُّلنا بك مسرورٌ
ومغتبطُ
فالسّنُّ ضاحكةٌ والكفُّ مانحةٌ ... والصَّدْرُ مُنْشَرِحٌ [8] والوجه
منبسط [9]
وقال ابن خَلِّكان [10] : كان عند موته شيخا نقيّ البياض، معتدل
القامة،
__________
[ (-) ] الأعيان 3/ 240، الاستقصاء 2/ 99) .
[1] ص 288.
[2] وقيل: كانت ولادته سنة خمسمائة، وقيل: سنة تسعين وأربعمائة. (وفيات
الأعيان 3/ 239) .
[3] استوسق: اجتمع.
[4] عمم: بالتحريك. عظم الخلق في الناس وغيرهم. (القاموس المحيط) .
[5] ما بين الحاصرتين ساقطة من الأصل، والمستدرك من (المعجب) .
[6] في الأصل: «بك» .
[7] في وفيات الأعيان: «أوصاف» .
[8] في الوفيات: «والنفس واسعة» .
[9] وفيات الأعيان 3/ 238.
[10] في وفيات الأعيان 3/ 239.
(38/253)
عظيما، أشْهَل العينين، كثّ اللّحْية،
شَثنَ الكَفَّين [1] ، طويل القعدة، واضح بياض الأسنان. بخدّه الأيمن
خال، عظيم الهامة [2] .
قال صاحب سيرته: هكذا رَأَيْته.
قال ابن خِلِّكان [3] : وحُكي أنّ عَبْد المؤمن كان فِي صباه نائما،
فسمع أَبُوهُ دَوِيًّا، فرفع رأسه، فإذا سحابة سوداء من النَّحل قد
أهوت مُطْبِقَة على بيته، فنزلت كلُّها على عَبْد المؤمن وهو نائم، فلم
يستيقظ، ولا أذاه شيء منها، فصاحت أمّه، فَسَكَّتَهَا أَبُوهُ، وقال:
لا بأس، ولكنّي متعجّب ممّا يدلّ عليه هذا. ثُمَّ طار عَنْهُ النّحل
كلُّه، واستيقظ الصّبيّ سالما فمشى أَبُوهُ إلى زاجر فأخبره الأمر،
فقال: يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب.
وقد ذكرنا فِي ترجمة ابن تُومَرْت كيف وقع بعبد المؤمن، وأفضى إليه
بسِرَه. وكان ابن [4] تُومَرْت يقول لأصحابه: هذا غلّاب الدّول.
وقد مرَّ أيضا فِي ترجمة ابن تُومَرْت: وفي سنة إحدى وعشرين جرت وقعة
البحيرة على باب مرّاكش استؤصلت فيها عامَّة عسكر الموحّدين، ولم ينْجُ
منهم إلّا أربعمائة مقاتل، وولّت المَصَامِدة. فَلَمّا تُوُفّي ابن
تومرت سنة أربعٍ وعشرين أخْفُوا موته، فكان عَبْد المؤمن وغيره يخرج
الرجل منهم ويقول: قال المهديّ كذا. وأمَرَ بكذا. وجعل عَبْد المؤمن
يخرج بنفسه، ويُغير على البلاد، وأمْرهم يكاد أن يُدْثر، حَتَّى وقع
بين المرابطين وبين الفلاكيّ ما أوجب عليه الهرب منهم فقدِم إلى جبلٍ،
فتلقّاه عَبْد المؤمن بالإكرام، واعتضد به اعتضادا كليّا.
فلمّا كان في سنة تسعٍ وعشرين صرّحوا بموت المهديّ، ولقَّبوا عَبْد
__________
[1] في الأصل: «الكتفين» .
[2] قوله: «عظيم الهامة» ليس في (وفيات الأعيان) .
[3] في وفيات الأعيان 3/ 37، 238.
[4] في الأصل: «أبو» .
(38/254)
المؤمن بأمير المؤمنين. ورجعت حصون
الفلاكيّ كلُّها للموحّدين والفلاكيّ يُغِير على نواحي السُّوس،
وأغْمات، وهم كلّهم تنمو أحوالهم وتستفحل.
قال صاحب «المَعْجب» [1] : قبل وفاة ابن تُومَرْت بأيّام استدعى
المسمّين بالجماعة، وأهلَ الخمسين، والقوّاد الثّلاثة: عُمَر بْن عَبْد
اللَّه الصّنْهاجيّ المعروف بعمر أرتاج [2] ، وعمر بْن ومْزَال المعروف
بعمر إينتي، وعبد اللَّه بْن سُلَيْمَان، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ سبحانه، وله الحمد، مَنَّ عليكم
أيَّتُها الطّائفة بتأييده، وخصَّكم من بين أهل هذا العصر بحقيقة
توحيده، وقيَّض لكم مَن ألْفاكم ضُلالا لا تهتدون، وعُمْيًا لا
تُبْصِرون، لا تعرفون معروفا، ولا تُنكِرونُ مُنْكَرًا، قد فَشَتْ فيكم
البِدَعُ، واستهوَتْكُمُ الأباطيل، وزَّين لكم الشّيطان أباطيل
وتُرَّهات، أُنزِّه لساني عن النُّطْق بها، فهداكم اللَّه به بعد
الضّلالة، وأبصَرَكُم به بعد العَمَى، وجَمَعَكُم بعد الفُرْقَة،
وأعزَّكم بعد الذّلَّة، ورفع عنكم سلطان هؤلاء المارِقين،
وسِيُورِثكُمُ أرضَهم وديارَهُم، وذلك بما كَسَبَت أيديكُم، وأضمرته
قلوبكم، فجدّدوا للَّه خالص نيّاتكم، وأروه من الشُّكْر قولا وفِعلًا
ما يزكّي به سَعْيَكُمْ، واحذروا الفُرقة، وكونوا يدا واحدة على
عدوّكم، فإنّكم إنْ فعلتم ذلك هابكم النّاس، وأسرعوا إلى طاعتكم، وإنْ
لا تفعلوا شملكُمُ الذُّلُ، واحتقرتكُم العامَّة. وعليكم بمزج الرّأفة
بالغِلْظة، واللّين بالعُنف. وقد اخترنا لكم رجلا منكم، وجعلناه أميرا
عليكم بعد أن بَلَوْنَاه، فرأيناه ثَبْتًا فِي دينه، متبِّصرًا فِي
أمره، وهو هذا، وأشار إلى عبد المؤمن، فاسمعوا له وأطيعوا، ما دام
سامعا مطيعا لربّه تعالى وتقدَّس، فإنْ بدّل ففي الموحّدين بركةٌ وخير،
والأمر أمر اللَّه يقلّده من يشاء.
فبايع القوم عَبْدَ المؤمن، ودعا لهم ابن تُومَرْت، ومسح صدورهم.
وأمّا ابن خِلِّكان فقال [3] : لم يصحّ عنه أنّه استخلفه، بل راعى
أصحابه
__________
[1] ص 285- 287.
[2] في (المعجب) : «أزتاج» .
[3] في وفيات الأعيان 3/ 239.
(38/255)
فِي تقديمه إشارته، فتمّ له الأمر.
قال: وأوّل ما أخذ من البلاد وَهْران، ثُمَّ تلمسان، ثُمَّ فاس، ثُمَّ
سلا، ثُمَّ سَبْته. ثمّ إنّه حاصر مرّاكش أحد عشر شهرا، ثُمَّ أخذها
فِي أوائل سنة اثنتين وأربعين. وامتدّ مُلْكه إلى أقصى المغرب وأدناه،
وبلاد إفريقية، وكثيرٍ من الأندلس، وسمّى نفسه: أمير المؤمنين، وقصدته
الشُّعراء وامتدحوه.
ولمّا قال فِيهِ الفقيه مُحَمَّد بْن أبي الْعَبَّاس التّيفاشيّ هذه
القصيدة وأنشده إيّاها:
ما [هزّ] [1] عطْفَيْه بين البِيض والأَسَلِ ... مثل الخليفة عَبْد
المؤمن بْن عليّ [2]
فَلَمّا أنشده هذا المطلع أشار إليه أن يقتصر عليه، وأجازه بألف دينار.
وقال صاحب «المُعْجِب» [3] : ولم يزل عَبْد المؤمن بعد موت ابن
تُومَرْت يَقْوى، ويظهر على النّواحي، ويدوّخ البلاد. وكان من آخر ما
استولى عليه مَرَاكُش كرسيّ ملك أمير المسلمين علي بْن يُوسُف بْن
تاشفين. وكان لمّا تُوُفّي عليّ عَهَد إلى ابنه تاشفين، فلم يتَّفق له
ما أمَّلَهُ فِيهِ من استقلاله بالأمور، فخرج قاصدا نحو تلمسان، فلم
يتهيّأ له من أهلها ما يحبّ، فقصد مدينة وهران، وهي على ثلاثة مراحل من
تلمسان، فأقام بها، فحاصره جيش عَبْد المؤمن، فَلَمّا اشتدّ عليه
الحصار خرج راكبا فِي سلاحه، فاقتحم البحر، فهلك.
ويقال: إنّهم أخرجوه وصلبوه، ثُمَّ أحرقوه فِي سنة أربعين. فكانت
ولايته ثلاثة أعوام فِي نَكَدٍ، وخوف، وضعْف.
ولمّا ملك عَبْد المؤمن مَرّاكُش طلب قبر أمير المسلمين، وبحث عَنْهُ،
فما وقع به. وانقطعت الدّعوة لبني العبّاس بموت أمير المسلمين وابنه
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: الكامل والوفيات.
[2] الكامل في التاريخ 11/ 244، وفيات الأعيان 3/ 239، سير أعلام
النبلاء 20/ 370.
[3] ص 288.
(38/256)
تاشفين، فإنّهم كانوا يخطبون لبني
الْعَبَّاس. ثُمَّ لم يُذكروا إلى الآن، خلا أعوام يسيرة بإفريقية فقط،
فإنّه تملَّكها الأمير يحيى بْن غانية ... [1] من جزيرة مَيُورْقَة.
وقال [سِبط] ابن الْجَوْزِيّ فِي «المرآة» [2] : استولى عَبْد المؤمن
على مَرّاكُش، فقتل المقاتلة، ولم يتعرَّض للرّعيّة، وأحضر الذّميَّة
وقال: إنَّ المهديّ أمرني أن لا أُقِرّ النّاس إلّا على مِلَّة
الإسلام، وأنا مُخَيِّرُكُم بين ثلاث:
إمّا أنْ تُسْلِموا، وإمّا أن تَلْحَقُوا بدار الحرب، وإمّا القَتْل.
فأسلم طائفة، ولحِق بدار الحرب آخرون وخرَّب الكنائس وردَّها مساجد،
وأبطل الجزية.
وفعل ذلك فِي جميع مملكته. ثُمَّ فرّق فِي النّاس بيت المال وكَنَسَه،
وأمر النّاس بالصّلاة فِيه اقتداء بعليّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وليعلم
النّاس أنّه لا يُؤثِر جَمْعَ المال. ثُمَّ أقام معالم الإسلام مع
السّياسة الكاملة، وقال: مَن ترك الصّلاة ثلاثة أيّام فاقْتُلُوه. وكان
يصلّي بالنّاس الصّلوات، ويقرأ كلّ يوم سُبْعًا، ويلبس الصُّوف، ويصوم
الإثنين والخميس، ويُقَسِّم الفَيْءَ على الوجه الشّرعيّ، فأحبّه
النّاس.
وقال عزيز فِي كتاب «الجمع والبيان» : كان يأخذ الحقّ إذا وجب على
ولده، ولم يدع مشركا فِي بلاده، لا يهوديّا، ولا نصرانيّا، ولا كنيسَةً
فِي بقعة من بلاده، ولا بيعة، لأنّه من أوّل ولايته كان إذا ملك بلدا
إسلاميّا لم يترك ذِميًّا إلّا عرض عليه الإسلام، ومن أبى [3] قُتِلَ،
فجميع أهل مملكته مسلمون لا يخالطهم سواهم.
قال عَبْد الواحد بْن عليّ [4] : ووَزَرَ لعبد المؤمن أوَلًا عُمَر
أرتاج [5] ، ثُمَّ أحّلهُ عن الوزارة ورفعه عَنْهَا، واستوزر أَبَا
جعفر أحمد بن عطيّة الكاتب،
__________
[1] بياض في الأصل.
[2] مرآة الزمان 8/ 195 (حوادث سنة 542 هـ) .
[3] في الأصل: «أبا» .
[4] في المعجب 290.
[5] في المعجب: «أزتاج» .
(38/257)
وجمع له بين الوزارة والكتابة، فَلَمّا
افتتح بجّاية استكتب من أهلها أبا القَاسِم القالميّ [1] .
ودامت وزارة ابن عطيَّة إلى أن قتله فِي سنة ثلاثٍ وخمسين، وأخذ
أمواله، ثُمَّ استوزر بعده عَبْد السّلام الكُوميّ، ثُمَّ قتله سنة
سبْعٍ وخمسين، واستوزر ابنه عُمَر.
وكان قاضيه أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن جَبَل الوهْرانيّ، ثُمَّ
عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن المالقيّ، فلم يزل قاضيا له وصدْرًا
من أيّام ابنه يُوسُف بْن عَبْد المؤمن.
قال: ولمّا دان له أقصى [2] المغرب ممّا كان يملكه المرابطون قبله، سار
من مَرّاكُش إلى بِجَايَة، فحاصر صاحبها يحيى الصّنْهاجيّ، فهرب يحيى
فِي البحر حَتَّى أتى مدينة يُولة، وهي أوّل حدّ إفريقية، ومضى منها
إلى قُسَنطينة [3] المغرب، فأرسل عَبْد المؤمن وراءه جيشا، فأخذه
بالأمان، وأتوا به عَبْد المؤمن.
وتملّك عَبْد المؤمن بِجَاية وأعمالها، وكان يحيى بْن العزيز، وأبوه،
وجدّه المنصور، وجدّ أَبِيهِ المنتصر، وجدّهم حَمَّاد من الشّيعة
الرّافضة بني عُبَيْد، والقائمين بدعوتهم. وطالت أيّامهم حَتَّى أخرجهم
عَبْد المؤمن.
واستعمل عَبْد المؤمن على مملكة بِجَايَة ابنه عبد الله، ثمّ رجع إلى
مرّاكش ومعه يحيى بْن العزيز، وجماعة من أمراء دولة يحيى، فأمر لهم
بِخَلع، وبوّأهم المنازل، وخصّ يحيى به [وصيّره من قوّاده] [4] ، ونال
يحيى عنده مرتبة لا مزيد عليها.
__________
[1] في الأصل: «الغايمي» ، والتصحيح من المعجب، وسير أعلام النبلاء 20/
371.
[2] في الأصل: «أقصا» .
[3] في الأصل «قسطنطينية» .
[4] ما بين الحاصرتين استدركته من المعجب 290، وفي الأصل بياض.
(38/258)
قال: وكان عَبْد المؤمن مُؤثِرًا لأهل
العلم، مُحبًّا لهم يستدعيهم من البلاد، ويُجري عليهم الصِّلات،
ويُنَوِّه بهم.
قال [1] : وتسمَّى المَصَامِدة الموحّدين، لأجل خوض ابن تُومَرْت بهم
فِي عِلم الاعتقاد. وكان عَبْد المؤمن فِي نفسه كامل السُّؤدُد، خليقا
للإمارة، سَرِيّ الهمَّة، لا يرضى إلّا بمعالي الأمور، كأنّه، ورِث
المُلْك كابرا عن كابر. وكان شديد السّطْوة، عظيم الهيبة.
قال عزيز فِي تاريخه: أخبرني رَجُل من أهل المهديّة سنة إحدى وخمسين
وخمسمائة بصَقَلَّية قال: افتتح عَبْد المؤمن بِجَايَة، فأتيتها
بأحمالٍ لنبتاع، فَلَمّا كنّا على مرحلةٍ منها سُرِقت لي شَدَّةٌ من
المتاع، فدخلت وبعت المتاع، وأفدت فِيهِ فائدة يسيرة. فقلت لتاجر: سرقت
لي شَدَّة، وأخاف اللَّه عليّ فِي الباقي. فقال: وما أَنْهَيْتَ ذلك
إلى أمير المؤمنين عَبْد المؤمن؟
قلت: لا.
قال: واللهِ إنْ عَلِم بك للحِقَكَ ضَرَرٌ. فرحتُ إلى القصر، فأدخلني
خادمٌ عليه، فأعلمته ورجعت.
فَلَمّا كان صبيحة اليوم الثّالث جاءني غلامٌ فقال: أجِبْ أمير
المؤمنين.
فخرجت معه، فإذا جماعة كبيرةٌ، والمصامدة محيطةٌ بهم، فقال الغلام لي:
هؤلاء أهل الصَّقع الَّذِي أُخذ رَحْلُكَ فِيهِ. فدخلت وأُجلِستُ بين
يديه، فاستدعى [2] مشايخهم، وقال لي: كَم [كان] [3] لك فِي الشَّدَّة
الّتي فقَدْتَ أُخْتَها؟ قلت: كذا وكذا.
فأمر من وَزَنَ لي المبلغ وقال: قم، أنت أخذت حقَّك، وبقي حقّي وحقُّ
اللَّه. وأمر بإخراج المشايخ، وبقتل الجميع، فأقبلوا يتضرّعون ويبكون
__________
[1] في المعجب.
[2] في الأصل: «فاستدعا» .
[3] في الأصل بياض.
(38/259)
وقالوا: تؤاخذ، سيّدنا، الصُّلحاء
بالمفسدين؟ فقال: يخرج كلّ طائفة منكم من فيها من المفسدين.
فصار الرجل يُخْرج ولَده، وأخاه، وابنَ عمّه، إلى أن اجتمع نحو مائة
نفْسٍ، فأمر أهلهم أن يتولَّوْا قتْلهم، ففعلوا.
فخرجتُ من المغرب إلى صَقَلِّيةَ خوفا على نفسي من أهل المقتولين.
قال عَبْد الواحد: قلت: كان عَبْد المؤمن من أفراد العالم فِي زمانه
على هَنَاته.
قال عَبْد المؤمن بْن عُمَر الكحّال فِي أخبار ابن تُومَرت: توجّه أمير
المؤمنين عَبْد المؤمن إلى بلاد إفريقية، فسار فِي مائة ألف فارس
مُحصاةٍ فِي ديوانه، سوى من يتْبعها، وكانوا يصلّون كلُّهم خلْفَ إمامٍ
واحد.
قال: وكان هُوَ يصلّي الُّصبْح مُبْكِرًا، ثُمَّ يركب، ويقف عند باب
خيثمة، وبين يديه منادي يقول بصوتٍ عالٍ: الاستعانة باللَّه، والتوكّل
عليه.
فينتظم حوله الكُبَراء على خَيْلهم، ويدعوا، ويؤمّنون. ثُمَّ يأخذ فِي
قراءة حزب من القرآن، وهم يقرءون معه بصوتٍ واحدٍ.... [1] .
فإذا فرغ أمسك عنان فَرَسه، فيدعوا ويؤمّنون، ثُمَّ يلحق أولئك
الأعيان، ويُلقَّبون بالطَّلَبَة والحُفّاظ، لا بالأمراء والقُوّاد،
إلى عساكرهم، ويبقى وحده، وحوله أُلُوفٌ من عبيده السُّود، رَجّالةً
بالرّماح والدُّرَق.
وكان إذا مرّ على قومٍ سلَّم ودعا لهم، فيؤمِّنون. وكان فصيحا
بالعربيَّة، حَسَن العبارة.
قال: وكان فِي جُوده بالمال كالسِّيل، وفي محبّته لحُسْن الثّناء
كالعاشق. مجلسه مجلسَ وقار وهيبة، مع طلاقة الوجه. انعمرت البلاد فِي
أيّامه، وما لبس قَطّ إلّا الصُّوف طُول عُمره. وما كان فِي مجلسه حصر،
بل
__________
[1] بياض في الأصل.
(38/260)
مفروشٌ بالحَصْباء، وله سجّادة من الخُوص
تحته خاصَّة.
وأمّا الأندلس فاختلّت أحوالها اختلالا بيّنا، أوجب تخاذل المرابطين
وَميلهم إلى الراحة، فهانوا على النّاس، واجترأ عليهم الفرنج، وقام
بكلّ مدينة بالأندلس رئيسٌ منهم، فاستبدّ بالأمر، وأخرج مَن عنده مِن
المرابطين.
وكادت الأندلس تعود إلى مثل سيرتها بعد الأربعمائة عند زوال دولة بني
أميَّة.
وأمّا بلاد مَرَاغَة فاستولى عليها صاحب أرغن، لعنه اللَّه، ثُمَّ أخذ
سَرَقُسْطَة ونواحيها، فلا قوَّة إلّا باللَّه.
وأمّا أهل شرق الأندلس بَلَنْسية ومُرْسِية، فاتّفقوا على تقديم
الزَّاهد عَبْد الرَّحْمَن بْن عِياض. بَلَغَني عن غير واحدٍ أنّه كان
مُجاب الدّعوة، بكَّاءً، رقيقا، فإذا ركب للحرب لا يقوم له أحدٌ. كان
الفرنج يعدّونه بمائة فارس، فحمى اللَّه بابن عِياض تلك النّاحية مدَّة
إلى أن تُوُفّي، رحمه اللَّه، ولا أتحقّق تاريخ وفاته، فقام بعده
خادمُه مُحَمَّد بْن سَعْد وهو خليفته على النّاس، فاستمرَّت أيّامه
إلى أن مات سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.
وأمّا أهل المَرِيَّة فأخرجوا عَنْهُمْ أيضا المرابطين، وندبوا للأمر
عليهم الأمير أَبَا عَبْد اللَّه بْن ميمون الدّانيّ، فأبى عليهم وقال:
إنّما وظيفتي البحر وبه عُرفت. فقدَّموا عليهم عَبْد اللَّه بْن
مُحَمَّد بْن الزّيميّ، فلم يزل على المَرِيَّة إلى أن دخلها الفرنج
واستباحوها.
وأمّا جَيّان، وحصن شَقُّورَة، وتلك النّاحية فاستولى عليها عَبْد
اللَّه بْن همشك، وربّما تملّك قُرْطُبة أيّاما يسيرة.
وأمّا إشبيلية، وغَرْنَاطة فأقامت على طاعة المرابطين.
وأمّا غرب الأندلس، فقام به دُعاةُ فِتَنٍ ورءوس ضلالة، منهم أَحْمَد
بْن قسيّ، وكان فِي أوّل أمره يدَّعي الولاية، وكان ذا حِيَل
وشَعْوَذَة، ومعرفة بالبلاغة، فقام بحصن مارتلة، ثُمَّ اختلف عليه
أصحابه وتحيّلوا، فأخرجوه
(38/261)
وأسلموه إلى جُنْد عَبْد المؤمن، فأتوه به،
وهو الّذي قال له عَبْد المؤمن:
بَلَغَني أنّك دعيت إلى الهداية. فقال: أليس الفَجر فجرَيْن، كاذب
وصادق؟
فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك وعفا عَنْهُ [1] .
وجهّز عَبْد المؤمن الشَّيْخ أَبَا حفص عُمَر إينتي، فعدّى البحر إلى
الأندلس، فافتتح الجزيرة الخضراء، رُنْدَة، ثُمَّ افتتح إشبيلية،
وغَرْنَاطة، وقُرْطُبة. وسار عَبْد المؤمن فِي جيوشه وعبر من زُقاق
سَبْتَة، فنزل جبلَ طارق، وسمّاه: جبل الفتح. فأقام هناك شهرا، وابتنى
هناك قصرا عظيمة ومدينة، فوفد إليه رؤساء الأندلس، ومدحه شُعراؤها، فمن
ذلك:
ما للعِدَى جِنَّةٌ أَوْفَى من الهربِ ... أين المفرُّ وخيل اللَّه فِي
الطَّلبِ
فأين يذهب من فِي رأس شاهقةٍ ... وقد رَمَتْه سهامُ اللَّه بالشُّهُبِ
حدُّث عن الروم فِي أقطار أندلسٍ ... والبحر قد ملأ البرّيْن بالعربِ
[2]
فَلَمّا أتمّ القصيدة [3] قال عَبْد المؤمن: بمثل هذا تُمدح الخلفاء.
ثُمَّ استعمل على إشبيلية ولَدَه يُوسُف الَّذِي ولي الأمر بعده،
واستعمل على قُرْطَبة وبلادها أَبَا حفص إينتي، واستعمل على غَرْنَاطة
ابنه عثمان بن عبد المؤمن.
وكان قد استخدم العرب الّذين ببلاد بِجَاية، وهم قبائل من بني هلال بْن
عامر، خرجوا إلى البلاد حين خلَّى بنو [4] عُبيد بينهم وبين الطّريق
إلى المغرب، فعاثوا فِي القيروان عَيْثًا شديدا وجب خرابها إلى اليوم،
ودوَّخوا مملكة بني زيرك بْن مَنَاد، وهذا كان بعد موت المُعِزّ بْن
باديس، فانتقل ابنه تميم إلى المهديَّة، وسار هؤلاء العربان حَتَّى
نزلوا على المنصور الحماديّ، فصالحهم على أن يجعل لهم نصف غلَّة
البلاد، فأقاموا على ذلك إلى أن
__________
[1] سيعيد المؤلف هذه الحكاية في ترجمة أحمد بن قسيّ الآتية برقم (374)
.
[2] المعجب 314، 315.
[3] هكذا في الأصل. ولم يذكر اسم المنشد.
[4] في الأصل: «بني» .
(38/262)
حاربوا عَبْد المؤمن فِي سنة ثمانٍ
وأربعين، فتحزَّبوا عليه، وهم بنو هلال، وبنو الأثجّ، وبنو عَدِيّ وبنو
رَبَاح، وغيرهم من القبائل، وقالوا: لو جاورنا عَبْد المؤمن أجلانا
وتحالفوا عليه. فبذل لهم رُجار الفرنجيّ ملك صَقَلّية نجدة بخمسة آلاف
مقاتل، فقالوا: لا نستعين إلّا بمسلم. وساروا فِي عددٍ عظيم، وسار جيش
عَبْد المؤمن فِي ثلاثين ألفا، عليهم عبد الله بن عمر الهنتانيّ.
فالتقوا، وانهزمت العرب، وأخذت البربر جميع متاعهم ونسائهم وأطفالهم،
وأتوا بها عَبْد المؤمن، فقسّم المتاع والمال، وصان الحريم وأحسن
إليهم، وكاتب العرب واستمالهم، وحلف لهم، فأتوا مَرّاكُش، فخلع عليهم،
وبالَغَ فِي إكرامهم.
ثُمَّ استخدمهم عَبْد المؤمن، وأنزلهم بنواحي إشبيلية وشريش، فهم باقون
إلى وقتنا.
قال: وعبور عَبْد المؤمن إلى الأندلس فِي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وكان قد كتب إلى أمراء هؤلاء العربان رسالة فيها أبياتٌ قالها هُوَ
وهي:
أَقيموا إلى العَلْيَاءِ هَوْجَ الرَّوَاحِلِ ... وَقُودُوا إلى
الهيجاءِ جُرْدَ الصَّوَاهِلِ
وقوموا لِنَصْرِ الدِّينِ قومَةَ ثَائِرٍ ... وشُدُّوا على الأعداء
شَدَّة صَائِلِ
فما العِزُّ إلّا ظَهْرَ أجْرَدَ سابحٍ ... وأبيضُ مأثورٌ وليسَ بسائل
[1]
بني العمّ من عليا هلال ابن عامرٍ ... وما جَمَعْتَ من باسلٍ وابن
باسِلِ
تعالَوْا فقد شُدَّتْ إلى [الغزْو نيَّة] [2] ... عواقِبُها منصورةٌ
بالأوائِلِ
هِيَ الغزوةُ الغَرّاءُ والموعدُ الَّذِي ... تَنَجَّزَ من بعد المَدَى
المتطاوِلِ
بها نفتحُ الدُّنيا بها نبلُغُ المُنَى ... بها نُنْصِفُ التّحقيقَ من
كلّ باطل
__________
[1] في (المعجب 329) جعل هذا البيت بيتين:
فما العزّ إلّا ظهر أجود سابح ... يفوت الصبا في شدّه المتواصل
وأبيض مأثور كأنّ فرنده ... على الماء منسوج، وليس بسائل
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من: المعجب، وسير أعلام النبلاء.
(38/263)
فلا تَتَوَانَوْا فالبِدارُ غنيمةٌ ...
وللمُدْلِجِ السّاري صَفَاءُ المناهِلِ [1]
قال عَبْد الواحد بْن عليّ المُرَاكُشيّ: أَخْبَرَني غير واحدٍ ممّن
أرضى [2] نقله، أنّ عَبْد المؤمن لمّا نزل مدينة سَلا، وهي على البحر
المحيط، ينصبّ إليها نهر عظيم يصبُّ فِي البحر، عَبَر النَّهر، وضُرِبت
له خيمة، وجعلت الجيوش تعبر قبيلة قبيلة، فخرَّ ساجدا، ثُمَّ رفع رأسه،
وقد بلَّ الدَّمْعُ لحيَتَه، والتفَّ إليه الخواصّ وقال: أعرفُ ثلاثة
وردوا هذه المدينة لا شيء لهم إلّا رغيفٌ واحدٌ، فراموا عبور هذا
النّهر، فبذلوا الرّغيف لصاحب القارب على أن يُعدّي بهم، فقال: لا آخذه
إلّا على اثنين خاصَّة. فقال له أحدهم، وكان شابّا، خُذ ثيابي، وأنا
أعبر سباحة. ففعل ذلك. فكان كلّما أعيا من السّباحة دنا من القارب ووضع
يده عليه ليستريح، فيضربه صاحبه بالمجذاف الَّذِي معه، فما عدّى إلّا
بعد جَهْد.
قال: فما شكّ السّامعون أنّه هُوَ العابر سباحة، وأنّ الآخرين ابن
تومرت، وعبد الواحد الشّرقيّ [3] .
ثُمَّ نزل عَبْد المؤمن مَرّاكُش، وأقبل على البناء والغِراس [4] ،
وترتيب المملكة، وبسْط العدْل، وجعل ابنه عَبْد اللَّه الَّذِي على
بجاية يشنّ الغارات على نواحي إفريقيَّة بعد القيروان، فحاصرها، وقطع
أشجارها، وغَور مياهها، وبها يومئذٍ عَبْد اللَّه بْن خُرَاسَان نائب
صاحبها لُوجار [5] بْن الدّوقة الروميّ، لعنه اللَّه، وهو صاحب
صَقَلّية. فَلَمّا طال على ابن خُرَاسَان الحصارُ، أجمع رأيه على
مناجزة المَصَامدة، فخرج، فالتقوا، فانهزم المصامدة، وَقُتِلَ منهم
خلْق، وردّ ابن خُرَاسَان إلى البلد، فكتب عَبْد الله بن عبد المؤمن
إلى أبيه
__________
[1] الأبيات في المعجب 329، 330 وفيه زيادة ثلاثة أبيات أخرى قبل البيت
الأخير.
[2] في الأصل: «أرضا» .
[3] المعجب 331.
[4] وذكر القزويني إنه كان له بها بستان يعرف باسمه، طوله ثلاثة فراسخ،
وكان ماؤه من الآبار فجلب إليها ماء من أعماق تسير تسقي بساتين لها.
(آثار البلاد 112) .
[5] في الكامل 11/ 185 «رجّار» .
(38/264)
يخبره. فَلَمّا كان فِي آخر سنة ثلاثٍ
وخمسين تهيّأ عَبْد المؤمن لتونس، وسار حَتَّى نازلها، ثُمَّ افتتحها
عَنْوةً، وفصل عَنْهَا إلى المهديَّة، وبها النّصارى أصحاب ابن
الدُّوقة، وهي له، ولكنّ نائبة بها يحيى بْن حَسَن بْن تميم بْن
المُعِزّ بْن باديس، فحاصرها عَبْد المؤمن أشدّ الحصار، لأنّها حصينة
إلى الغاية.
بَلَغَني أنّ عرض سورها مَمَرَّ ستّة أفراس، وأكثرها فِي البحر، فكانت
الأمداد تأتيها فِي البحر من صَقَلّية. فأقام يحاصرها سبعة أشهر، فنقل
ابن الأثير [1] : نازَل عَبْد المؤمن المهديَّة، فكانت الفرنج تخرج
شُجعانهم لقتال العسكر ويعودون، فأمر ببناء سورٍ من غربيّها، وأحاط
أسطوله بالبحر، وركب عَبْد المؤمن فِي شيني، ومعه الْحَسَن بْن عليّ
بْن باديس الَّذِي كان صاحبها، وأخذتها الفرنج منه من سنوات، فطاف بها
فِي البحر، فهال عَبْد المؤمن ما رَأَى من حصانتها، وعرف أنّها لا تؤخذ
بقتالٍ، وليس إلّا المطاولة، فأمر بجلْب الأقوات، وترك القتال، فلم يمض
إلّا أيّام حَتَّى صار فِي العسكر كالجبلين من القمح والشّعير، وكان من
يجيء من بعيدٍ يقول: مَتَى حدثت هذه الجبال؟ فيقال: إنّما هِيَ غلَّة.
وتمادى الحصار. وفي مدّته أخذ بالأمان سفاقُس، وبلد طَرَابُلُس، وقصورَ
إفريقيَّة، وافتتح قابس بالسّيف. وكانت عساكره تغير. وجاءت جيوش صاحب
صَقَلَّية، لعنه اللَّه، فكانت مائتين وخمسين شِينيًّا، فنصر اللَّه
عليهم أسطول عَبْد المؤمن.
قال عَبْد المؤمن: قال عَبْد الواحد: واشتدّ على جيشه الغلاء. بلغني عن
غير واحدٍ أنهم اشتروا سبْع باقِلات بدِرهم مؤمنيّ، وهو نصف درهم ...
[2] ، ثُمَّ افتتحها بعد أن أمّن النّصارى على أن يلحقوا بصَقَلّية.
ثُمَّ جهّز إلى قابس من افتتحها، ثمّ افتتح طرابُلُس الغرب. وأرسل إلى
تَوْزَر وبلاد الجريد، فافتُتحت كلّها، وأخرج الفرنج منها وألحقهم
ببلادهم،
__________
[1] في الكامل 11/ 241- 245 حوادث سنة 554 هـ.
[2] في الأصل بياض.
(38/265)
وتطهَّرت افريقية من الكُفْر، وتمَّ له
مَلْك المغرب من طرابُلُس إلى سوس الأقصى، وأكثر جزيرة الأندلس.
قال: وهذه مملكة لا أعلمها انتظمت لأحدٍ قبله منذ أيام مروان الحمار.
وقيل: إنّه بدا له أن يمرّ في هذا الوجه على قرية باجسرى، وبها وُلِدَ،
ليزور قبر أمّه وَلْيصِلْ مَنْ هناك مِنْ ذوي رَحِمه، فَلَمّا أطلّ
عليها والجيوشُ قد نُشِرت بين يديه، والرّايات قد خفقت على رأسه، أكثر
من ثلاثمائة راية من بنود وأَلْوية، وهزَّت أكثر من مائتي طبل، وطبولهم
فِي نهاية الكِبَر، وغاية الضّخامة، يُخَيَّل لسامعها إذا ضُرِبت أنّ
الأرض من تحته تهتزّ، فخرج أهل القرية للقائه، فقالت عجوزٌ منهم: هكذا
يعود الغريب إلى بلده، ورفعت صوتها [1] .
وفي سنة ثمانٍ وخمسين أمر النّاس بالجهاد لغزو الروم بالأندلس، واستنفر
أهل مملكته ثُمَّ سار حَتَّى نزل مدينة سَلا، فمرض، ثُمَّ مات بها فِي
السّابع والعشرين من جُمَادَى الآخرة. وكان قد جعل وليَّ عهده
مُحَمَّد، ولَدَه الكبير، وكان لا يصلح، لإدمانه الخمور، وكَثْرة
طَيْشه. وقيل كان به جُذَام.
فَلَمّا مات اضطرب مُحَمَّد هذا، وخلعوه بعد شهرٍ ونصف، وأجمعت الدّولة
على تولية أحد أخَوَيه يُوسُف أو عمر، فأباها عُمَر، فبايعوا أَبَا
يَعْقُوب يُوسُف، فبقي فِي الخلافة اثنتين وعشرين سنة.
وخَلَّف عَبْد المؤمن ستّة عَشْر ابنا، وهم: مُحَمَّد المخلوع، وعليّ،
وعمر، ويوسف، وعثمان، وسليمان، ويحيى، وإسماعيل، والحَسَن، والحسين،
وعبد الله، وعبد الرَّحْمَن، وعيسى، وموسى، وإبراهيم، ويعقوب [2] .
__________
[1] المعجب 339، 340.
[2] المعجب 289.
(38/266)
قال صاحب «الجمع والبيان» : وقفت على كتاب
كتبه عَنْهُ بعض كُتّابه، يقول بعد البَسْملة: من الخليفة المعصوم
الرضيّ الزَّكيّ، الَّذِي وردت البشائر به من النَّبيّ العربيّ، القامع
لكلّ مُجَسِّم غَوِيّ، النّاصر لدين اللَّه الكبير العليّ، أمير
المؤمنين الوليّ، عَبْد المؤمن بْن عليّ [1] .
281- عليّ بن أحمد [2] .
أبو الحسن ابن الدّلاء الدّمشقيّ.
روى عَنْ نصر الدّمشقيّ مجلسا، سمعه منه أبو القَاسِم بْن عساكر [3] ،
وقال: تُوُفّي فِي شعبان، وله ثلاثٌ وثمانون سنة [4] .
__________
[1] وقال أبو الخير معاذ بن علي بن يونس بن المنصور الفقيه المغربي
الصنهاجي: حدّثني غير واحد ممن أدرك عبد المؤمن أمير المغرب، قال: كان
عبد المؤمن رجلا، عالما، ورعا، فقيها. وكان لا يخلو مجلسه من العلماء
بكل فن من فنون العلم، ومتى خاضوا فنّا خاض معهم فيه كأحدهم، فاتفق أن
حضر مجلسه خلق كثير من العلماء والفقهاء والشعراء، فجرت مسألة فسكتوا
لاستماع كلامه فقال لهم: لم لا تتكلّمون؟ فابتدر أحدهم فقال: لا علم
لنا إلّا ما علّمتنا. فسمع بعض من كان حاضرا، فكتب في الحال رقعة
لطيفة، فيها:
يا ذا الّذي قهر العباد بسيفه ... ماذا يصدّك أن تكون إلها؟
أنطق بها فيما ابتدعت، فإنه ... لم يبق شيء لم تقله سواها
ثم ألقاها في غمار المجلس، من غير أن يعلم أحد. فلمّا قاموا لمحها عبد
المؤمن فدعا بها واعتقد أنها لمظلوم أو طالب حاجة، فلما قرأها أمر بكل
من يعرف بقول الشعر أن يحبس، فحبس جماعة كثيرة، فلما رأى ذلك قائلها،
لم ير أن يؤخذ بها غيره ممن ليس له ذنب، فطالع عبد المؤمن بذلك. فدعاه،
فلما وقف بين يديه قال له: ما الّذي دعاك إلى هذه؟
فأعلمه أنه فعله غير مرة غيرة على دينه، ولم يرض ما خوطب به من قول
القائل: لا علم لنا إلا ما علّمتنا، إذ هذا خطاب الملائكة للَّه- جلّ
وعلا- فقال: يا شيخ مثلك من نبّه على حسن ونهى عن مكروه. ووصله وصلة
حسنة، ولم يهجه بما خاطبه به من قوله: انطق بها فيما ابتدعت، ولا أنكره
عليه. (تاريخ إربل 1/ 250) .
[2] انظر عن (علي بن أحمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 14/ 176 رقم 57.
[3] وهو قال: كان يجيد اللعب بالشطرنج، ويحاضر الأمراء لأجله، ثم صلحت
طريقته قبل موته.
[4] سئل ابن الدلاء عن مولده فقال: في سنة خمس وسبعين وأربعمائة.
(38/267)
282- عليّ بْن عَبْد الرحيم بْن مُحَمَّد
بْن عليّ بْن أبي مُوسَى.
الهاشميّ الشّريف أبو المظفَّر البغداديّ.
نبيل. ذَكَر وفاته أبو بَكْر مُحَمَّد بْن مَشّقَ.
- حرف الكاف-
283- كمال [1] بِنْت المحدث أَبِي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد
بْن عمر بن أبي الأشعث ابن السَّمَرْقَنْديّ.
أمّ الْحُسَيْن.
صالحة خيّرة. وهي زَوْجَة أبي الفَرَج عَبْد الخالق بْن أَحْمَد
اليُوسُفيّ.
سمَّعها أبوها من: طِراد الزَّيْنَبيّ، وأبي عَبْد اللَّه النَّعَاليّ،
وابن البَطِر، وجماعة فِي سنة إحدى وخمسين.
ومولدها سنة نيّف وأربعمائة.
روى عَنْهَا: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن بُرهان النَّسّاج.
- حرف الميم-
284- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سُفْيَان.
أبو بَكْر السُّلَميّ، المُرْسيّ.
روى عَنْ: أبي مُحَمَّد بْن أبي جَعْفَر الفقيه، وأبي القَاسِم بْن أبي
المتان.
روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه بن عَبْد الحقّ التِّلْمِسَانيّ.
تُوُفّي فِي هذا العام ظنّا أو قبله.
285- مُحَمَّد بن أحمد بن محمد.
الدّبّاس، المنقريّ [2] .
__________
[1] انظر عن (كمال بنت أبي محمد) في: سير أعلام النبلاء 20/ 420 رقم
276، وذكرها في صفحة 377 (دون ترجمة) ، وأعلام النساء 4/ 262.
[2] المنقري: بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف، وراء، هذه النسبة إلى
بني منقر بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب ... بن عدنان. (الأنساب 11/
502) .
(38/268)
هُوَ ابن أخي أبي عَبْد اللَّه البارع. كان
صالحا مقرئا، ورَّاقًا.
سمع: مالكا البانياسيّ، والنَّعَاليّ.
وعنه: ابن الأخضر.
عاش ثمانين سنة.
مات فِي صَفَر.
286- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أبي العافية.
أبو عَبْد اللَّه الملَحمِيّ [1] ، المُرْسيّ، يُعرف بالقَسْطَليّ.
روى عن: أبي عليّ بْن سكّرة، وتفقّه عليه.
وكان بصيرا بمذهب الْإِمَام مالك، موصوفا بذلك.
تفقَّه عليه: أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان بْن بَرْطَلَة.
287- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن [2] .
الملك سيف الدِّين ابن الملك علاء الدِّين الغُوريّ، صاحب الغُور.
تفرّد من عسكره يتفرّج ويتصيَّد، فشعر به أمراء الغُزّ، فأسرعوا إليه
وأحاطوا به، فقاتلهم أشدّ قتال، إلى أن قُتل هُوَ وجماعة، وأُسِر
الباقون.
وبلغ جيشَه الخبرُ، فانهزموا.
وكان عاملا، حَسَن السّيرة. لمّا ملك منع جُنْده من أذِيَّة المسلمين.
قُتِلَ فِي رجب وله نحوٌ من عشرين سنة.
288- مُحَمَّد بْن حَمَّاد.
أبو غالب المُوسَويّ، المَرْوَزِيّ.
سمع: أَبَا المظفَّر بْن السَّمْعانيّ وخدمه مدَّة، وإسماعيل بن محمد
الزّاهريّ.
__________
[1] الملحميّ: بضم الميم وسكون اللام وفتح الحاء المهملة، وفي آخرها
الميم. هذه النسبة إلى الملحم، وهي ثياب تنسج من الإبريسم.
[2] انظر عن (محمد بن الحسين) في: الكامل في التاريخ 11/ 293، 294،
ودول الإسلام 2/ 72، والبداية والنهاية 12/ 246.
(38/269)
قال أبو سَعْد الحافظ: اتّصل بالأمراء،
وكان يوافقهم على شرب الخمر، وكان رافضيا مبالِغًا.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة وله ثمانون سنة.
289- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن سُفْيَان بْن سيّد ... [1] .
التُّجْيبيّ، الشّاطبيّ.
روى عن: أبي القَاسِم بْن الجنان، وأبي بكر بن أسد.
وتفقّه بصهره أبي بَكْر بْن أسد. وكان عارفا بالحديث. له مجموع فِي
رجال الأندلس ذيَّل به على «الصَّلة» لابن بَشْكُوال.
وتُوُفيّ قبله سنة ثمانٍ هذه.
290- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن البيضاويّ [2] .
القاضي أبو عَبْد اللَّه، بغداديّ، فاضل، نبيل.
وُلِدَ سنة ستٍّ وثمانين وأربعمائة، وحَدّث.
وتُوُفيّ فِي شوّال.
روى عن: ابن طَلْحَةَ النَّعَاليّ، وابن البَطِر، وأبي الْحَسَن بْن
الطُّيُوريّ.
وعنه: أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [3] ، وأبو محمد بن الأخضر،
وإسماعيل بن حمدي [4] .
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] انظر عن (محمد بن عبد الله البيضاوي) في: المنتظم 10/ 206 رقم 298
(18/ 157 رقم 4249) ، وتاريخ إربل 1/ 368، 369 رقم 267 وفيه «مُحَمَّد
بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي الفتح الإربلي» .
[3] وهو قال: قرأت عليه أشياء من مسموعاته.
[4] وقال ابن المستوفي: «محمد الإربلي هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي الفتح الإربلي. كذا وجدت في آخر جزء سمعه على أبي
بكر محمد بن علي الأنصاري الجياني، جماعة بجامع
(38/270)
291- مُحَمَّد بْن عَبْد الكريم بْن
إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الكريم بْن رفاعة [1] .
سديد الدّولة الشَّيْبَانيّ، المعروف بابن الأنبَاريّ.
كاتب الإنشاء بالدّيوان العزيز. أقام بديوان الإنشاء خمسين سنة [2] ،
وناب فِي الوزارة، ونُفِّذ رسولا إلى ملوك الشَّام، وخُراسان، وكان ذا
رأيٍ وتدبيرٍ وحُسْن سِيرة. وكان بينه وبين أبي مُحَمَّد الحريريّ
مصنَّف «المقامات» رسائل، وقد دُوِّنَت.
حدُّث عن: ابن الحُصَيْن، وأبي مُحَمَّد بْن السَّمَرْقَنْديّ.
وسمع من أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخيّاط [3] ، وأبي عَبْد اللَّه
مُحَمَّد بْن نصر القَيْسرانيّ بعضَ شِعْرهما.
سمع منه: أَحْمَد بْن صالح بْن شافع، والمبارك بْن عَبْد اللَّه بْن
النَّقُّور، وعبد المحسن بْن خطلخ.
وعاش نيّفا وثمانين سنة.
__________
[ () ] الموصل يوم الجمعة سادس عشر المحرّم، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة،
محمد بن عبد الله هذا منهم. ووجدته سمع كتاب «الدعاء» للحسين بن
إسماعيل المحاملي، على محمد بن بركة بن خلف بن الحسن بن كرما الصلحي
بالموصل في محرّم سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
[1] انظر عن (محمد بن عبد الكريم) في: المنتظم 10/ 206 رقم 299 (18/
157 رقم 4250) ، والكامل في التاريخ 11/ 297، والمختصر في أخبار البشر
3/ 41، والعبر 4/ 165، 166، وسير أعلام النبلاء 20/ 350، 351 رقم 238،
وصفحة 377، والوافي بالوفيات 3/ 279، 280، والبداية والنهاية 12/ 247،
ومرآة الجنان 3/ 318. والنجوم الزاهرة 5/ 364، وشذرات الذهب 4/ 184،
185.
[2] وقال ابن الجوزي: كان شيخا مليح الشيبة، ظريف الصورة، فيه فضل
وأدب، وانفرد بإنشاء المكاتبات، وبعث رسولا إلى سنجر وغيره من
السلاطين، وخدم الخلفاء والسلاطين من سنة ثلاث وخمسمائة، وعمّر حتى
قارب التسعين. (المنتظم) .
[3] في الأصل «الحناط» بالحاء المهملة والنون، وكذا في: الوافي
بالوفيات 3/ 3/ 279 وهو غلط، والصحيح ما أثبتناه. وابن الخياط هو
الشاعر الدمشقيّ المشهور صاحب الديوان.
توفي سنة 517 هـ.
(38/271)
وشيّعه ابن هُبَيْرة الوزير فَمَن دونه.
وكان رائق اللّفْظ، بليغ الكتابة، مليح الخطّ.
وقد مدحه إبراهيم الغزّيّ، وأبو بكر الأرّجانيّ، ومحمد بن نصر
القيسرانيّ. وللأرّجانيّ فيه أشعار لو دوّنت لجاءت تخلّده. وله قصَّة
فِي كتابته للإنشاء، فأنبأني أَحْمَد بْن سَلامة، عن أَحْمَد بْن طارق،
أنّه سمع سديد الدّولة ابن الأنبَاريّ يقول: كتب إليَّ صديقي هبة
اللَّه بْن السَّقَطيّ المحدِّث سنة ستّ وخمسمائة رُقْعةً، وقد مات
كاتب الإنشاء ابن رضوان:
قُلْ لسديد الدّولة المجتبى ... فِي الأصْل والإفضال والغَرْس
قد عنّت لرُتبة فانهضْ لها ... واخطُبْ جديدَ كتبة المجلس
قال: فكتبت على ظهرها:
يا من هَوَى مع فضله همَّةً ... بغير ثوب الشُّكر لا تكتسي
أرْهَقْتُ عزمي فِي طلب العُلا ... لو رغبوا فِي كاتب مُفْلِس [1]
__________
[1] ومن شعر سديد الدولة:
يا قلب إلام لا يفيد النصح ... دع مزحك كم هوى جناه المزح
ما جارحة منك خلّاها جرح ... ما تشعر بالخمار حتى تصحو
ومن شعره أيضا:
لا تيأسنّ إذا حويت فضيلة ... من العلم من نيل المرام الأبعد
بينا ترى الإبريز يلقى في الثّرى ... إذ صار تاجا فوق مفرق أصيد
وله:
يا ابن الكرام نداء من أخي ثقة ... تطويه نحوك أشواق وتنشره
ما اختار بعدك لكن للزمان يد ... على خلاف الّذي يهواه تجيره
وله:
إن قدّم الصاحب ذا ثروة ... وعاف ذا فقر وإفلاس
فاللَّه لم يدع إلى بيته ... سوى المياسير من الناس
(الوافي بالوفيات) -
(38/272)
ودفعتها إلى الرَّسُول، وكان صَبيًّا، فخرج
فِي الحال، فاجتاز بباب العامَّة والرُّقعة بيده، والخطّ رطْب،
فأخذ تُرابًا ينشّفه، فصادف ابن الحلوانيّ صاحب الخبر فقال: يا
صبيّ ما هذه الرُّقْعة؟ قال: كَتَبَها ابن السَّقْطيّ إلى سديد
الدّولة ابن الأنبَاريّ.
فكتب نُسختها وعرضها على الإمام المستظهر باللَّه، فَلَمّا كان من
الغد إذا رُقْعة ظهير الدِّين صاحب المخزن جاءتني إلى داري، يذكر
فيها: إن رأى التَّجشُّم إلى داره الّتي أَنَا ساكُنها لألقي إليه
ما رُسِم فقل إن شاء اللَّه. فركبتُ إليه فِي الحال، فحين دخلت قام
متمثّلا وقال للجماعة: الخلْوة. فانصرفوا، فقال: أمير المؤمنين
يهدي إليك السّلام ويقول: قد رغِبْنا فِي كاتبٍ مُفْلس.
فقلت فِي الحال: التّصريح بطلب الرُّتّب ما لا يقتضيه الأدب.
فقُلِّدت ولي يومئذٍ خمسٌ وثلاثون سنة.
وأنبأني أَحْمَد، عن ابن طارق: حَدَّثَني سديد الدّولة أنّ
الحريريّ صاحب «المقامات» كتب إليه رُقْعة، فكتب إليه فِي كتابٍ
بديها:
أهلا بمن أهدى إليَّ صحيفة ... صافَحْتُها بالرّوح لا بالرّاحِ
وتَبَلَّجَتْ فتأرَّجَتْ نَفَحَاتها ... كالمَسْك شِيبَ فسيحُهُ
بالرّاح
فكتب إليَّ جواب هذه: لقد صَدَقَتْ رُواةُ الأخبار أنْ معدن
الكتابة الأنبار [1] .
وقد ذكر وفاته ابن الأثير فِي «الكامل» فِي سنة خمسٍ وثلاثين،
والنّسْخة سقيمة فلعلّه بدل «تُوُفّي» : «عُزِل» ، أو نحوه [2] .
__________
[ () ] ولهبة الله بن الفضل بن عبد العزيز المتّوثي قصيدة في مدح
سديد الدولة ابن الأنباري، ستأتي في ترجمته القريبة برقم (296) .
[1] سير أعلام النبلاء 20/ 351.
[2] لقد ذكر ابن الأثير وفاته في التاريخ الصحيح سنة 558 هـ. وقال
إنه خدم من سنة ثلاثين وخمسمائة إلى الآن ديوان الخلافة، وعاش حتى
قارب تسعين سنة. (الكامل 11/ 297) .
(38/273)
292- مُحَمَّد بْن عليّ بْن خطّاب بْن أبي
الفتح [1] .
أبو شجاع الدّيَنَوريّ، ثُمَّ البغداديّ، الخَيميّ، أَخو يحيى.
سمع: أبو الفضل أَحْمَد بْن خَيْرُون، وأبا غالب الباقِلانيّ،
ومحمد بْن عَبْد السّلام.
روى عَنْهُ: أبو مُحَمَّد بْن الخشّاب، وعمر الْقُرَشِيّ، وابن
أخيه عَبْد اللّطيف بْن يحيى، وابن الحصْريّ.
تُوُفّي فِي شوّال.
293- المبارك بْن أبي طاهر [2] .
أبو نصر بْن الملّاح. بغداديّ.
روى عَنْ: الْحُسَيْن بْن عليّ البُسْري، وغيره [3] .
294- مكّيّ بْن عليّ بْن المبارك بْن طُلَيْب.
الحربيّ، شيخ صالح.
سمع من: أبي الْحَسَن بْن الطُّيُوريّ، وغيره.
وروى عَنْهُ: عَبْد اللَّه بْن خجستوَيْه، وعبد العزيز بْن الأخضر.
وتُوُفيّ فِي رجب.
- حرف النون-
295- نَصْر اللَّه بْن أَحْمَد بْن أبي العزّ مُحَمَّد بْن
الْمُخْتَارِ بْن المؤيِّد باللَّه.
أبو الْعَبَّاس بْن أبي تمّام الهاشميّ، الخريميّ [4] ، التّاجر،
السّفّار.
__________
[1] انظر عن (محمد بن علي بن خطاب) في: ذيل تاريخ مدينة السلام
بغداد لابن الدبيثي 2/ 115، 116 رقم 338، والمختصر المحتاج إليه
لابن الدبيثي باختصار الذهبي 1/ 88.
[2] انظر عن (المبارك بن أبي طاهر) في: المختصر المحتاج إليه من
تاريخ ابن الدبيثي 3/ 180 رقم 1164.
[3] سمع منه عمر القرشي.
[4] الخريمي: بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون الياء المنقوطة
باثنتين من تحتها وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى خريم وهو اسم
رجل (الأنساب 5/ 99) .
(38/274)
كثير المال، من بيت العِلْم والشَّرَف.
حدُّث بمَرْو عن جَدّه.
ومات بِسَمَرْقَنْد.
وروى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وابنه عَبْد الرحيم.
- حرف الهاء-
296- هبة اللَّه بْن الفضل بْن عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن
الحسين بن علي [1] .
أبو القَاسِم بْن القطّان المَتُّوثيّ [2] ، الشّاعر.
سمع: أَبَاهُ الفضل، وأبا الفضل بْن خيْرُون، وأبا طاهر أَحْمَد
بْن الْحُسَيْن الباقِلانيّ، وأبا عَبْد اللَّه النَّعَاليّ،
وغيرهم.
وكان شاعرا محِسنًا، بليغ الهجاء [3] .
روى عنه: أبو سعد السمعاني، وقال: سألته عن مولده فقال: سنة ثمان
وسبعين.
وتوفّي يوم عيد الفطر.
__________
[1] انظر عن (هبة الله بن الفضل) في: خريدة القصر (قسم العراق) 2/
270، والمنتظم 10/ 207 رقم 300 (18/ 157، 158 رقم 4251) ، وأخبار
الدولة السلجوقية 120، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 380- 389،
ووفيات الأعيان 6/ 53- 61، وسير أعلام النبلاء 20/ 339، 340 رقم
231، وصفحة 377، ومرآة الجنان 3/ 315، ولسان الميزان 6/ 189، وفوات
الوفيات 2/ 314، ومفتاح السعادة 1/ 714، والأعلام 8/ 75.
[2] المتّوثي: بفتح الميم، وضم التاء المشدّدة، وفي آخرها الثاء
المثلّثة، هذه النسبة إلى متّوث وهي بليدة بين قرقوب وكور الأهواز.
(الأنساب 11/ 125، 126، اللباب 3/ 162) .
[3] في المنتظم: كان شاعرا مطبوعا لكنه كان كثير الهجاء متفسّحا.
وفي الخريدة، رأيته شيخا مسنّا، مطبوعا، حاضر النادرة.. له شعر
كثير لم يدوّن، والغالب عليه الهجاء والمجون، وما خلا من ذلك لا
يكون له طلاوة. هجا الأكابر ولم يغادر أحدا من أهل زمانه.
سمعته ينشد بيتا له في نفي الخيال الكرى، وهو:
ما زارني طيفها إلّا موافقة ... على الكرى، ثم ينفيه وينصرف
ورأيته كثيرا ينشد الوزير ابن هبيرة ويمدحه ويجتديه، وقال يوما:
ارحم يتيما في سنّي.
(38/275)
قلت: وكان يعرف الطِّبّ والكحالة، وديوانه
مشهور.
وقد هجا الحَيْص بَيْص، وهو الَّذِي شهره بهذا اللَّقَب.
وله قصيدة طِنّانة فِي كاتب الإنشاء سديد الدّولة مُحَمَّد بْن
الأنبَاريّ، أوّلها:
يا مَنْ هَجَرْتَ فلا [1] تُبالي ... هَلْ ترجعُ [دولة] [2]
الوِصال
ما [3] أطمعُ يا حياة [4] قلبي ... أن يَنْعَمَ فِي هواكِ بالي
الطَّرْفُ من الصَّدود [5] باكِ ... الجسمُ، كَمَا تَرَيْنَ، بالي
[6]
أهواك [7] وأنت حظُّ غيري ... يا قاتلتي، فما احتيالي [8]
واللّوّم [9] فيك يزجر [وني] [10] ... عن حُبّكِ ما لهم، وما لي
[11] ؟
طلَّقْتُ تجلّدي ثلاثا ... والصّبوة بعد في خيالي [12]
__________
[1] في الخريدة: «ولا» ، ومثله في الكامل.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[3] في البداية والنهاية: «هل» ، ومثله في الكامل 11/ 297.
[4] في الخريدة، والمنتظم، والكامل: «يا عذاب» .
[5] في الخريدة، والكامل: «الطرف كما عهدت» .
[6] هذا البيت ليس في المنتظم.
[7] في المصادر بيت قبله:
ما ضرّك أن تعلّليني ... في الوصل بموعد محال
[8] في المصادر بيت بعده:
أيام عناي فيك سود ... ما أشبههنّ بالليالي
[9] في المصادر: «العذّل» .
[10] في الأصل بياض، والمستدرك من: المنتظم.
وفي الخريدة: «العذل فيك قد نهبوني» .
وفي البداية والنهاية: «العذل فيك يعدلوني» .
[11] بعد هذا البيت ثلاثة أبيات في المصادر:
يا ملزمي السّلوّ عنها ... الصّبّ أنا، وأنت سالي
والقول بتركها صواب ... ما أحسنه لو استوى لي
في طاعتها بلا اختياري ... قد صحّ بعشقها اختلالي
[12] في المنتظم والخريدة: «حبالي» . والمثبت يتفق مع: البداية
والنهاية.
وبعد هذا البيت بيت أخير:
(38/276)
روى عَنْهُ: أبو الفتوح بْن الحصْريّ،
وثابت بْن مشرّف، وابن الأخضر.
وكان عَسِرًا فِي الرّواية. كذا [1] .
- حرف الياء-
297- ياقوت المسترشديّ [2] .
عن: أبي غالب بْن البنّاء.
وعنه: أبو الفُتُوح بْن الحصْريّ [3] .
ورَّخه ابن الدَّبِيثي.
298- يحيى بْن سالم [4] بن سعد بْن يحيى.
الفقيه، أبو الخير بْن أبي الخير العِمْراني، الشّافعيّ.
مصنَّف كتاب «البيان» فِي المذهب. قيل إنّه كان يكرّر على المذهب
لأبي إسحاق، فكان يقرأه فِي ليلةٍ واحدة.
وله مصنَّفات مفيدة منها: «غريب كتاب الوسيط» للغزاليّ.
نَشَر العِلْم باليمن، ورحل النّاس إليه، وتفقّهوا عليه [5] .
__________
[ () ]
ذا الحكم عليّ من قضاه ... من أرخصني لكلّ غال؟
[1] ذكر العماد كثيرا من شعره في الخريدة.
[2] انظر عن (ياقوت المسترشدي) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ
ابن الدبيثي 3/ 255 رقم 1379.
[3] وسمع منه: أبو بكر الباقداري.
[4] في الأصل: «يحيى بن سام» ، والتصحيح من: طبقات فقهاء اليمن
174، ومعجم البلدان 3/ 296، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 278، وسير
أعلام النبلاء 20/ 378 (دون رقم) ، ومرآة الجنان 3/ 318، وطبقات
الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 336- 338، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/
212، 213، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 335، 336 رقم 302،
وطبقات الشافعية لابن هداية الله 210، 11) ، وشذرات الذهب 4/ 185،
وهدية العارفين 2/ 520.
[5] وقال ابن قاضي شهبة: ولد سنة تسع وثمانين وأربعمائة. تفقه على
جماعات منهم زيد البقاعي. كان شيخ الشافعية في بلاد اليمن، وكان
إماما! زاهدا، ورعا، عالما، خيّرا،
(38/277)
وتُوُفيّ فِي هذه السَّنَة رحمه اللَّه
تعالى.
299- يغمر بْن ألْب سارخ [1] .
الفقيه أبو النّدى [2] التركيّ، المقرئ.
كان أَبُوهُ جُنْديًّا [3] .
قال ابن عساكر: كان يعمل في القراءة، وتفقّه على شيخنا أبي
الْحَسَن بْن مُسْلِم، وكان يحفظ قطعَةً صالحة من الأخبار
والأشعار. وكان يحثّني على تبييض التّاريخ، وكان قد حصل عندي فتور
عن تبييضه [4] ، فلمّا
__________
[ () ] مشهور الاسم، بعيد الصيت، عارفا بالفقه وأصوله والكلام
والنحو، من أعرف أهل الأرض بتصانيف الشيخ أبي إسحاق الشيرازي في
الفقه والأصول والخلاف، يحفظ المهذب عن ظهر قلب.
وقيل: إنه كان يقرأه في كل ليلة واحدة، وكان ورده في كل ليلة أكثر
من مائة ركعة بسبع من القرآن العظيم. رحل إليه الطلبة من البلاد.
قال النووي في التنقيح: إنه يحكي طريقة العراقين، وفي بعض الأماكن
ينقل الطريقتين.
ومن تصانيفه: «البيان» في نحو عشرات مجلّدات، واصطلاحه أن يعبّر ب
«المسألة» عمّا في «المهذّب» وب «الفرع» عمّا زاد عليه. وكتاب
«الزوائد» له جزءان، جمع فيه فروعا زائدة على «المهذّب» من كتب
معدودة، وكتاب «السّؤال عمّا في المهذّب من الإشكال» وهو مختصر، و
«الفتاوى» مختصر أيضا، و «غرائب الوسيط» ، و «مختصر الإحياء» . وله
في علم الكلام كتاب «الانتصار» في الردّ على القدرية. وابتدأ تصنيف
«الزوائد» في سنة سبع عشرة، فمكث فيها أربع سنين إلا قليلا. وكان
ذلك منه بإشارة شيخه زيد البقاعي. وابتدأ تصنيف البيان سنة ثمان
وعشرين، وفرغ منه في سنة ثلاث وثلاثين. نقل الرافعي عنه في أول
النجاسات أنه حكى وجها أنّ النبيذ طاهر. ثم في الوضوء، ثم في
الاستنجاء، ثم في نواقض الوضوء، ثم في الحيض، ثم كرّر النقل عنه» .
(طبقات الشافعية) .
[1] في الأصل: «يعمر» (بالعين المهملة) بن ألب «سارج» (بالجيم) ،
والتصحيح من: تاريخ دمشق، ومختصره لابن منظور 28/ 62، 63 رقم 47.
[2] في الأصل: «أبو البدر» .
[3] وزاد ابن عساكر: كان يختلف إلى الدرس بالمدرسة الأمينية،
ويلقّن القرآن في المسجد الجامع، ويؤم بالناس في الصلوات الخمس في
مسجد العقيبة، وكانت له مروءة مع ضعف ذلك، يضيف من نزل به في مسجده
وكان حسن الاعتقاد، ذا صلابة في الدين.
[4] وفي التاريخ زيادة: حتى أنه عزم عند وجود فترة مني عنه،
وانصراف همّتي عن تبييضه على
(38/278)
مات فِي هذه السَّنَة وكنت فِي جنازته
فكّرت وقلت: أَنَا والله أحقّ بالاهتمام بهذا التّاريخ فَصرفتُ
همّتي إليه وشرعت فِي تبييضه [1] .
300- يُوسُف بْن مُحَمَّد بْن مقلّد بْن عِيسَى [2] .
أبو الحَجَّاج الدّمشقيّ، المعروف بابن الدّوانيقيّ [3] .
قال ابن عساكر: سمع معنا من: هبة اللَّه بْن الأكفانيّ، وطاهر بْن
سهل بْن بِشْر، ورحل فسمع ببغداد: أبا القاسم بْن الحُصَيْن، وأبا
غالب بْن البنّاء.
وتفقّه على أبي مَنْصُور بْن الرّزّاز.
واستوطن بغداد، وتصوَّف وصحب أَبَا النّجيب السّهْرُوَرْدِيّ. ووعظ
وناظَّرَ، وقدِم دمشقَ ومرض بالاستسقاء [فعُدْته فِي المنزل
الَّذِي كان فِيهِ] [4] .
وقرأ لابني أبي الفتح ثلاثة أحاديث من حِفْظه، ومات فِي عاشر شهر
صَفَر [5] .
وأنشدنا أبو الْحُسَيْن أَحْمَد بْن حمزة أنشدنا يُوسُف بْن
مُحَمَّد التُّنوخيّ لنفسه:
__________
[ () ] أن يكتب إلى الملك العادل نور الدين قصّة على لسان أصحاب
الحديث يسأله أن يتقدّم إليّ بإنجازه، فنهاه بعض أصحابنا عن ذلك،
إلى أن يسّر الله الشروع فيه بعد وفاته.. ويا ليت أنه كان بقي حتى
يراه، ولو كان رآه لعلم أنه أكثر مما وقع في نفسه.
[1] وزاد: ويسّر الله تمامه بهمّة يغمر، فإنه كان صالحا، وكان
يتأسّف على ترك الشروع فيه، وكان شديد الاهتمام به، يكاد يبكي إذا
ذكره، ويقول: لو تمّ هذا الكتاب لا يكون في الإسلام كتاب مثله.
[2] انظر عن (يوسف بن محمد) في: تاريخ دمشق، ومختصره لابن منظور
28/ 91 رقم 74.
[3] في تاريخ دمشق «الدونقي» .
[4] في الأصل بياض، وما بين الحاصرتين مستدرك من تاريخ دمشق.
[5] وكان يناظر في مسائل الخلاف، ويعقد المجلس للتذكير، ويتردّد من
بغداد إلى الموصل للوعظ، ثم رجع إلى دمشق في آخر عمره.
وقال في مرضه الّذي مات فيه: أنا أبرأ إلى الله من اعتقاد التشبيه.
(38/279)
أنوم بعد ما هجع النّيام ... وظلم بعد ما
انقشَع الظَّلامُ
[نور] [1] الصبح فِي الفوزينِ بادٍ ... يُنَادِي ما بقي إلّا
مَنَامُ
فَبَادِرْ يا فتى قبل المَنَايا ... فَما لَكَ بعد ذا عُذرٌ يُقامُ
فعِند اللَّهِ موقِفُنَا جميعا ... وبين يديه ينفصل الخصام
__________
[1] في الأصل بياض.
(38/280)
سنة تسع وخمسين
وخمسمائة
- حرف الألف-
301- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هُذَيْل [1] .
أبو الْعَبَّاس الْأَنْصَارِيّ، البَلَنْسيّ.
سمع: أَبَا الوليد بن الدّبّاغ، وابن النّعمة.
وتفقّه عند أبي مُحَمَّد بْن عاشر.
ورحل فلقي بقُرْطبة أَبَا عَبْد اللَّه بْن الحاجّ، وغيره.
ووُلّي قضاء بلده، فلم تُحمَد سِيرته. وكان عارفا بالأدب والكتابة
[2] .
تُوُفّي كهْلًا.
302- أَحْمَد بْن مَسْعُود بْن سَعْد بْن عَليّ.
أبو الرّضا بن النّاقد، الجصّاص [3] .
__________
[1] انظر عن (ابن هذيل) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 1/ 67،
والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 1 ق 2/ 525، 526 رقم 775.
[2] وقال المراكشي: وكان فقيها، حافظا للنوازل، بصيرا بعقد الشروط،
مائلا إلى الأدب، ضاربا في نظم الشعر بسهم، حسن الخط، نحى فيه منحى
شيخه أبي عبد الله بن أبي الخصال فقاربه. ولّي قضاء باغة، ثم ولّي
قضاء استجه، فأقام على ذلك إلى أن قتل ابن الحاج فانصرف إلى بلده،
فولّي قضاء لارده وشبرانه وغيرهما من بلاد الثغر الشرقي في الدولة
اللمتونية، فلم تحمد سيرته.. ثم ولّي خطة الشورى ببلنسية لأبي
العباس بن الحلال ولأخيه زيادة الله، ثم ولّي بأخرة خطّة المواريث
وأحكامها ببلنسية في إمارة محمد بن سعد فامتحن وضرب وغرّب إلى
جزيرة شقر، وهنالك توفي مضيّقا عليه في ذي القعدة سنة تسع وخمسين
وخمسمائة، ودفن بقبليّ جامعها. ومولده سنة أربع وخمسمائة.
[3] الجصّاص: بفتح الجيم والصاد المشدّدة المهملة، وفي آخرها صاد
أخرى. هذه النسبة إلى
(38/281)
بغداديّ، ثقة جليل.
سمع: أَبَا غالب الباقِلانيّ، وأبا سَعْد بْن خُشَيْش، وأبا
الْحَسَن العلّاف.
فروى عَنْهُ: أَحْمَد بْن طارق، وعبد العزيز بْن الأخضر، وابنه عبد
العزيز بْن أَحْمَد.
وتُوُفيّ فِي ذي الحجَّة.
سقط من بناءٍ للدّولة فمات صائما.
303- أَحْمَد بْن موهوب بْن عليّ بْن حمزة [1] .
أبو إسحاق المقصّص السُّلَميّ، الدّمشقيّ.
سمع من: أبي الْحَسَن عليّ بْن الْحَسَن بْن الحزوّر، وإبراهيم بْن
يونس المَقْدِسيّ، ونصر بْن أَحْمَد الهَمَذانِيّ المؤدِّب.
سمع من المؤدّب في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
وكان شيخا مباركا من قرّاء السَّبْع الكبير.
سمع منه: الحافظ ابن عساكر، وابنه أبو المواهب، وأخوه أبو
القَاسِم.
ودُفِن بمقبرة باب الصّغير.
- حرف السين-
304- سَعْد بْن إِسْمَاعِيل بْن حُسَيْن.
العميد، أبو الفتح النَّسَويّ، المستوفي.
ساكِن وَقُور متّصل بالدّولة.
سمع «التّرغيب» لحميد بْن زَنْجُوَيْه من أبي بَكْر بْن خُزَيْمة.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السّمعانيّ.
وتوفّي في ذي الحجّة.
__________
[ () ] العمل بالجص وتبييض الجدران.
[1] انظر عن (أحمد بن موهوب) في: مشيخة ابن عساكر.
(38/282)
305- سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد بْن الفضل.
أبو القَاسِم الكنْدوج الأصبهانيّ.
تُوُفّي فِي الثّاني والعشرين من شَوَّال.
وَكَانَ عَدْلًا متميّزا.
سمع الرئيس بْن الثّقفيّ.
أخذ عَنْهُ: السَّمْعانيّ، وغيره.
306-[سَعْد اللَّه] بْن مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْن أَحْمَد بن حمدي
[1] .
أبو البَرَكات البغداديّ، الدّقّاق، البزّاز.
روى عن: أبي عَبْد اللَّه بْن طَلْحَةَ النَّعَاليّ، ونصر بْن
البَطِر، وأحمد بْن عليّ الطُّرَيثِيثيّ.
وكان من أهل الخير.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، وعبد الخالق بْن أسد،
وأبو الفَرَج ابن الْجَوْزِيّ. وجماعة.
تُوُفّي فِي شعبان.
- حرف الضاد-
307- الضّرْغام بْن عامر بْن سِوار [2] .
الملك المنصور، فارس المسلمين، أبو الأشبال اللَّخْميّ،
المُنْذِريّ، الَّذِي استولى على الدّيار المصريّة، وهرب منه شاور
إلى نور الدِّين يستنجد به عليه، فسيَّر معه أسد الدِّين شيركوه،
فدخلوا مصر في رجب من هذا العام، فوجدوا الضّرْغام قد قُتِلَ فِي
الثّامن والعشرين من جمادى الآخرة من السّنة.
__________
[1] مر ذكره في وفيات سنة 557، ص 223، رقم 241.
[2] انظر عن (الضرغام بن عامر) في: مرآة الجنان 3/ 341، والوافي
بالوفيات 16/ 365، 366 رقم 398.
(38/283)
قُتِلَ عند قبر السّتّ نفيسة، وطافوا
برأسه، وبقيت جثّته حَتَّى أكَلَتْها الكلاب، ثُمَّ دُفِن وبُنيَ
عليه قبَّة معروفة عند بركة الفيل [بها] [1] القَلَنْدَرِية.
وفي التّاريخ وهْم، لأنّ الضِّرْغام ما قُتِلَ إلّا بعد دخول أسد
الدِّين [2] .
- حرف الطاء-
308-[طاهر] بْن معاوية بْن خُلَيْف.
أبو السّعادات الحربيّ، الخيّاط، الصّالح، ساكن من أهل القرآن
والصّلاح.
سمع: أَبَا سَعْد بْن خُشَيْش، وأبا عليّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد
بْن المهتدي، وغيرهما.
قال ابن السَّمْعانيّ: كتبت عَنْهُ، وكان كخير الرجال.
وقال ابن مَشِّق: تُوُفّي فِي سابع جُمَادَى الآخرة.
وكان مولده سنة خمس وثمانين وأربعمائة.
قلت: روى عَنْهُ: أَحْمَد بْن سَلْمان السُّكّريّ.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: الوافي بالوفيات.
[2] وقال ابن قلاقس يرثيه:
أصابت سهام اليأس قلب المطامع ... وصابت بغيث اليأس سحب الفجائع
وما أرسل الناعي به يوم موته ... سوى صمم أصمى صميم المسامع
وقد خلّفت فينا أياديه روضة ... سقاها سحاب الوجد غيث المدامع
فكم لبيوت الشعر من دوحة بها ... وكم للقوافي من حمام سواجع
وكم جفن ضيف سائل الدمع ساهر ... وكم جفن سيف جامد الدّم هاجع
وكم منيّات الظّبى بيمينه ... فقد أمنت من جورها المتتابع
وأحسب أن الموت وافاه سائلا ... فبلّغه ما رامه غير مانع
وما كنت أخشى غيره وقد انقضى ... فكلّ مصاب بعده غير فاجع
وأقسم لو مات امرؤ قبل وقته ... لكنت على الأعقاب أول تابع
عجبت لقبر بات بين ضلوعه ... يقال له سقّيت غيث الهوامع
وهل تنفع الأنواء في سقي تربة ... تفيض بمتن اللّجّة المتدافع
(38/284)
- حرف العين-
309- عَبْد الرَّحْمَن بْن هبة الرَّحْمَن بن عبد الواحد بن
الأستاذ أبي القاسم القُشَيْريّ [1] .
أبو خَلَف. نَيْسَابُوريّ ورع، عالم، خيِّر، مليح الوعظ. وُلّي
خطابة، نَيْسابور بعد والده. وكان ضريرا.
سمع: أعمام أَبِيهِ، وعليّ بْن عَبْد اللَّه بْن أبي صادق، وعبد
الغفّار الشّيرازيّ، وإسماعيل بْن عَبْد الغافر الفارسيّ.
روى عنه: عبد الرحيم بن السّمعانيّ.
وتوفّي بنيسابور يوم عاشوراء.
310- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عليّ ابْن
الإخوة.
أبو الفتح بْن أبي الغنائم البغداديّ، البيَّع، اللُّغَويّ،
الأديب.
نزيل أصبهان.
روى عن أبي الْحَسَن بْن فتحان الشَهْرزُوريّ مجلسا من أمالي ابن
بِشْران، سمعه منه ابن السَّمْعانيّ، وقال: شابّ، له معرفة تامَّة
باللّغة والأدب. تُوُفّي فِي صَفَر.
311-[عَبْد الوهّاب] [2] بْن الْحَسَن بْن عَبْد اللَّه [3] .
أبو سَعْد الكِرْمَانيّ. [خاتمة أصحاب أبي بَكْر بْن خَلَف] [4] .
شيخ صالح من أهل نَيْسابور.
__________
[1] انظر عن (عبد الرحمن بن هبة الرحمن) في: طبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 4/ 249.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[3] انظر عن (عبد الوهاب بن الحسن) في: العبر 4/ 168، والإعلام
بوفيات الأعلام 230، والمعين في طبقات المحدّثين 167 رقم 1798،
وسير أعلام النبلاء 20/ 339 رقم 230، والنجوم الزاهرة 5/ 366،
وشذرات الذهب 4/ 187.
[4] ما بين الحاصرتين بياض في الأصل.
(38/285)
سمع: أبا بكر بن خلف الشيرازي، وأبا
المظفّر موسى بن عمران، وأبا سهل عَبْد الملك بْن عَبْد اللَّه
الدَّشْتيّ، وغيرهم.
وولد في ربيع الأوّل سنة ثمانين وأربعمائة، وهو آخر من روى عن
هؤلاء الثّلاثة فيما أعلم.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، وابن عَبْد الرحيم، ومحمد
بْن ناصر بْن سلمان الْأَنْصَارِيّ، وجماعة.
312- عليّ بْن حمزة بْن إِسْمَاعِيل بْن حمزة بْن حمزة بْن
مُحَمَّد بْن السّيّد [1] .
أبو الْحَسَن العَلوَيّ المُوسّوِيّ، الهَرَويّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: كان سيّدا، عالما، زاهدا، عفيفا، مواظبا على
الجماعات. سمع الكثير بِهَرَاة من أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن
عَليّ العُمَيريّ، ونجيب بْن ميمون، ومحمود بْن القَاسِم
الْأَزْدِيّ، والحافظ عَبْد اللَّه بْن يُوسُف الْجُرْجانيّ، وصاعد
بْن سَيّار الكِنَانيّ، وجماعة وخرَّج له أبو النَّصْر عَبْد
الرَّحْمَن الفاميّ جزءا ضخْمًا عن شيوخه.
وحدَّث بمَرْو، وهَرَاة، وحدَّث بكتاب «العوالي» لابن عَدِيّ، وهو
مجلَّد.
ووُلِدَ سنة ثمان وستّين وأربعمائة.
قلت: وقد ذكره فِي كتاب «ذيل تاريخ الخطيب» ، فقال: عَلَوَيّ،
حَسَن السّيرة، مَرْضِيّ، جميل الظّاهر والباطن، كثير العبادة
والخير، يتفقَّد الفقراء ويراعيهم، محترم عند أهل بلده.
__________
[1] انظر عن (علي بن حمزة) في: التحبير 1/ 568، والعبر 4/ 168،
وسير أعلام النبلاء 20/ 394، 395 رقم 268، والإعلام بوفيات الأعلام
230، والنجوم الزاهرة 5/ 366، وشذرات الذهب 4/ 187.
(38/286)
قلت: روى عَنْهُ هُوَ وابنه وعبد اللَّه
بْن عِيسَى بْن أبي حبيب الْأَنْصَارِيّ، وحفيده مُحَمَّد بْن
إِسْمَاعِيل المُوسَويّ، وحفيده عليّ بْن مُحَمَّد الموسويّ، ويحيى
بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللّطيف المَرْوَزِيّ، وأبو رَوْح عَبْد
المعزّ الهَرَويّ، وآخرون.
وعاش إحدى [1] وتسعين سنة. وكان مُسْنِد هَرَاة فِي عصره.
سمع «الجامع» لأبي عِيسَى، من أبي عامر الْأَزْدِيّ.
313- عُمَر بن عليّ بْن نصر [2] .
أبو المعالي الصَّيْرَفيّ، البغداديّ، الخفّاف.
سمع: رزق الله التميمي، وغيره.
روى عنه: القاضي الصُّوفيّ القصّار، وآخرون.
وآخر من روى عنه بالإجازة: كريمة بْنت عَبْد الوهّاب.
تُوُفّي فِي شهر ربيع الأوّل.
وآخر من روى عَنْهُ بالسّماع: إِسْمَاعِيل بْن باتكين.
- حرف الميم-
314- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر [3] .
الأصبهانيّ، المقدّر [4] ، البنّاء، أبو الخير الباغبان [5] .
__________
[1] في الأصل: «أحد» .
[2] انظر عن (عمر بن علي) في: سير أعلام النبلاء 20/ 379 (دون
ترجمة) ، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 101 رقم
943، والتاريخ المجدّد لمدينة السلام (مخطوطة باريس 2121) ورقة 115
أ.
[3] انظر عن (محمد بن أحمد بن محمد) في: التحبير 2/ 77 رقم 78،
والأنساب 2/ 44، والتقييد لابن نقطة 56 رقم 34، والعبر 4/ 168،
وسير أعلام النبلاء 20/ 378، 379 رقم 256، والمعين في طبقات
المحدّثين 167 رقم 1799، والإعلام بوفيات الأعلام 230، ودول
الإسلام 2/ 74، والوافي بالوفيات 2/ 111، والنجوم الزاهرة 5/ 366،
وشذرات الذهب 4/ 187.
[4] المقدّر: يقال هذا لمن يعلم الفرائض والمقدّرات والحساب.
(اللباب 3/ 246) .
[5] الباغبان: حافظ الباغ وهو البستان.
(38/287)
شيخ مُسْنِد، عالي الإسناد، مشهور.
سمع: أَبَا عَمْرو بْن مَنْدَهْ، وأبا عِيسَى بْن زياد، والمطهّر
البزّانيّ، وأبا بَكْر بْن ماجة، وحكيم بْن مُحَمَّد
الإسْفَرَائينيّ، حدُّث عَنْهُ (بمُسِنَد الشّافعيّ) ، بسماعه من
جدّه لأمّه عليّ بن محمد السّقّاء.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وجامع بْن خُمارْتَاش، وصالح بْن
أَحْمَد، ومحمد بْن أَحْمَد بْن أبي الفتح النّجّار، ومحمد بْن
مكّيّ الحنبليّ، وأحمد بْن صالح بْن أَحْمَد الهَرَويّ، وداود بْن
مَعْمَر، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه المستملي الخانيّ، وعبد البرّ
بْن أبي العلاء، ومحمود بْن أَحْمَد المعلَّم، ومعمر بْن مُحَمَّد
بْن مبشّر، وأبو الوفاء محمود بْن مَنْدَهْ الأصبهانيّون.
وآخر من روى عَنْهُ بالإجازة: كريمة ثُمَّ عجيبة الباقداريَّة.
قال أبو مَسْعُود الحاجّيّ: تُوُفّي فِي ثاني عَشْر شوّال.
وقال ابن نقطة [1] : كان ثقة، صحيح السَّماع، حدُّث بحضرة أبي
العلاء الحافظ، وسمع منه «مُسْنَد الشّافعي» أشياخنا أبو مُسْلِم
أَحْمَد بْن شِيرُوَيْه، وعليّ ومحمد ابنا عَبْد الرشيد بْن نبهان،
وعبد السّلام بْن شُعَيب الوطيسيّ، وغيرهم بهَمَذان.
315- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عامر [2] .
أبو عامر البَلَويّ الطُّرْطُوشيُّ، السّالميّ. من مدينة سالم، سكن
مُرْسِيَّة.
وكان عالما، أديبا، مؤرَّخًا، لُغَويًا، صنَّف فِي اللّغة كتابا
مفيدا.
وله كتاب فِي الطّبّ سمّاه: «الشّفا» . وكتاب فِي التّشبيهات.
قال الأَبَّار: روى عنه: عَبْد المنعم بْن الفَرَس، وَأَبُو القاسم
بْن البراق.
__________
[1] في التقييد 56.
[2] انظر عن (محمد بن أحمد بن عامر) في: بغية الملتمس للضبّي 43،
وتكملة الصلة لابن الأبّار 213، والوافي بالوفيات 2/ 111، 112،
وبغية الوعاة 1/ 12، وكشف الظنون 1055، 1404، ومعجم المؤلفين 8/
272.
(38/288)
316- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَلِيِّ بْن
محمود [1] .
أَبُو الفُتُوح الزَّوْزَنيَ، الصُّوفيّ، ابن أبي سَعْد أَحْمَد
بْن مُحَمَّد.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وسبعين، وحدَّث.
وتُوُفيّ فِي الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة [2] .
317- مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن
عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن يَعْقُوب [3] .
الحافظ، العلّامة، أبو عَبْد الله البنجديهيّ [4] ، الزّاغوليّ [5]
، الأ [رزيّ] [6] .
وزاغُول من عمل بنْجديه، وقيل من عمل مروالرّوذ، بها قبر المهلَّب
بْن أبي صُفْرة الأمير.
ذكره أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ فقال: وُلِدَ سنة اثنتين وسبعين
وأربعمائة
__________
[1] انظر عن (محمد بن أحمد بن علي) في: الأنساب 6/ 322، 323.
[2] قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وكان سماعه عن الشيوخ بقراءة
والدي رحمه الله.
[3] انظر عن (محمد بن الحسين الزاغولي) في: الأنساب 6/ 221،
واللباب 2/ 53، وسير أعلام النبلاء 20/ 492، 493 رقم 311، والوافي
بالوفيات 2/ 53، وسير أعلام النبلاء 20/ 492، 493 رقم 311، والوافي
بالوفيات 2/ 373، وطبقات الشافعية الكبرى 6/ 99، 100، وطبقات
الشافعية الوسطى للسبكي (مخطوط) ورقة 74 أ، وطبقات الشافعية
للإسنويّ 1/ 115، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 329، 330 رقم
296، وكشف الظنون 1367، وشذرات الذهب 4/ 187، 188، وهدية العارفين
2/ 94، والأعلام 6/ 333.
[4] البنجديهي: بسكون النون. نسبة إلى بنج ديه: معناه بالفارسية
الخمس قرى، وهي كذلك خمس قرى متقاربة من نواحي مروالروذ ثم من
نواحي خراسان، عمّرت حتى اتصلت العمارة بالخمس قرى وصارت كالمحالّ
بعد أن كانت كل واحدة مفردة. وقد تعرّب فيقال لها: فنج ديه،
وينسبون إليها: فنجديهي. (معجم البلدان 1/ 498) .
[5] الزاغولي: بفتح الزاي بعدها الألف والغين المعجمة المضمومة
بعدها الواو وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى قرية من قرى بنج ديه
من مروالروذ، مدينة بخراسان. (الأنساب 6/ 221) .
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر الترجمة.
و «الأرزّي» : بفتح الألف وبضم الراء وكسر الزاي وتشديدها. وبعضهم
يقول: الرزّي.
(38/289)
ببنجديه، وسكن مرو، وتفقّه على والدي وعلى:
الموفَّق بْن عَبْد الكريم الهَرَويّ.
وسمع: أَبَا الفتح نصر بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الحَنَفِيّ،
وعيسى بْن شُعَيب السِّجْزيّ، ومُحيي السُّنَّة أَبَا مُحَمَّد
البَغَوَيّ.
وكان فقيها صالحا، حَسَن السّيرة، خشن العَيْش، تاركا للتكلُّف،
قانعا باليسير، عارفا بالحديث وطُرُقه، اشتغل بطلبه وجمْعه طول
عمره، وجمع كتابا مطوَّلًا أكثر من أربعمائة مجلَّدة، مشتملة على
التّفسير، والحديث، والفِقّه، واللّغة، سمّاه «قَيْدُ [1] الأوابد»
.
وسمع جماعة كثيرة. وسمعتُ بإفادته. ووفاته بقرية بوس كارنجان [2]
فِي ثاني عَشْر جُمَادَى الآخرة.
قلت: روى عَنْهُ هُوَ وابنه عَبْد الرحيم بْن أبي سَعْد.
318- مُحَمَّد بْن طاهر بْن عَبْد اللَّه أخي نظام الملك
الْحُسَيْن ابني عليّ بْن إسحاق بْن الْعَبَّاس.
الرئيس أبو بَكْر الطُّوسيّ، الزّادكانيّ.
حمله أَبُوهُ أيّام عمّه النّظام إلى أصبهان، وسمَّعه من الكبار.
وكان مولده فِي سنة أربع وسبعين وأربعمائة.
حدّث عن: أبي بَكْر بْن مَاجة الأَبْهريّ، وأبي مَنْصُور مُحَمَّد
بْن شكروَيْه، وسليمان بْن إِبْرَاهِيم الحافظ، وأبي الْحَسَن عليّ
بْن أَحْمَد المؤدِّب.
قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه «جزء لُوَيْن» .
وتُوُفيّ فِي بسردة من سواد نَيْسابور، فِي أحد الربيعين أو
الْجُمادين.
وبخطّ الضّياء: مات سنة سبع كما مرّ.
__________
[1] تقرأ في الأصل: «مبيد» .
[2] لم أجدها.
(38/290)
319- مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الأشعر [1] .
الأُمَويّ، الدّاني، المقرئ، نزيل سَبْتَة.
أخذ القراءات عن: أبي الْحَسَن بْن أبي الْحَسَن بْن شفيع، وأبي
مُحَمَّد بْن إدريس.
قال الأَبَّار [2] : أقرأ القرآن، وكان عالي الرواية، فاضلا، مُجاب
الدّعوة.
أخذ عَنْهُ أَبُو الصَّبْر أيّوب بْن عَبْد اللَّه، وقال: تُوُفّي
رحمه اللَّه في جمادى الآخرة.
320- مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ [3] .
أبو الفتح الحَمْدَوي [4] ، المَرْوَزِيّ، البَنْجَدِيهيّ، الفقيه.
سمع «جامع» التِّرْمِذيّ من أبي سَعِيد الدّبّاس.
وقد سمعه منه السَّمْعانيّ.
وسمع من: هبة اللَّه الشّيرازيّ، والمظفَّر بْن مَنْصُور البرازيّ.
وُلِدَ سنة بضْع وستِّين.
ومات بمَرْو فِي جُمَادَى الآخرة فِي تاسعه سنة تسع [5] .
قاله أبو سَعْد.
321- مُحَمَّد بْن عليّ بْن أبي منصور [6] .
__________
[1] انظر عَنْ (مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ) في: تكملة الصلة لابن الأبّار 2/ 494، والذيل
والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي 6/ 284، ومعرفة القراء
الكبار 2/ 548 رقم 495، وغاية النهاية 2/ 180.
[2] في التكملة.
[3] انظر عن (محمد بن عبد الرحمن) في: الأنساب 4/ 216، 217.
[4] الحمدوييّ: بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وضم الدال المهملة
وفي آخرها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها. هذه النسبة إلى
حمدويه، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.
[5] وكانت ولادته بعد سنة 470 بمرست إحدى القرى الخمس.
[6] انظر عن (محمد بن علي بن أبي منصور) في: المنتظم 10/ 209، رقم
301 (18/ 161 رقم-
(38/291)
الصّاحب جمال الدِّين أبو جَعْفَر
الأصبهانيّ، الملقَّب بالجواد.
وزير صاحب المَوْصِل أتابَك زنْكي بْن آقْسُنْقر.
استعمله زنكيّ على ولاية نصيبين والرَّحْبة، وجعله مشرف مملكته،
واعتمد عليه. وكان نبيلا رئيسا، دمث الأخلاق، حَسَن المحاضرة،
محبوب الصّورة، سَمْحًا، كريما.
ومدحه مُحَمَّد بْن نصر القَيْسَرانيّ بقصيدته الّتي أوّلها:
سقى اللَّه بالزَّوْراء من جانب الغربي ... مَهًا وردت ماء [1]
الحياة من القلب
قال القاضي ابن خِلِّكان [2] : وكان يحمل فِي السَّنَة إلى
الحَرَمَيْن أموالا وكسوة تقوم بالفقراء سنتهم كلّها. وتنوّع فِي
أفعال الخير، حَتَّى جاء فِي زمنه غلاءٌ عظيم، فواسى النّاس حَتَّى
لم يبق له شيء وباع بقياره، وعُرِف بالجواد.
وأجرى الماء إلى عَرَفَات أيّام الموسم، وبنى سور مدينة النَّبيّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وبالغ فِي أنواع البِّر والقِرَب
[3] ، ولمّا قتل أتابك زنكيّ على قلعة جعبر رتّبه سيف الدِّين غازي
ابن زنْكيّ وزيره إلى أن مات. ثمّ وزر بعده لقطب الدّين مودود
وأخيه.
ثُمَّ إنّه استكثر إقطاعه، وثقُل عليه، فقبض عليه سنة ثمانٍ
وخمسين.
ومات محبوسا مُضَيَّقًا عليه فِي سنة تسعٍ. وكان يوم جنازته يوما
مشهودا من
__________
[ (- 4252] ، والكامل في التاريخ 11/ 306- 310، والتاريخ الباهر
227- 130، وتاريخ دولة آل سلجوق 193- 195، وتاريخ إربل 1/ 61
والروضتين ج 1 ق 2/ 348- 356، ومرآة الزمان 8/ 248- 251، ووفيات
الأعيان 5/ 143- 147 والمختصر في أخبار البشر 3/ 41، 42، والعبر 4/
166، وسير أعلام النبلاء 20/ 349، 350 رقم 236، وتاريخ ابن الوردي
2/ 105، والوافي بالوفيات 4/ 159- 161، ومرآة الجنان 3/ 342، 343،
والبداية والنهاية 12/ 248، 249، والعقد الثمين 2/ 212، والنجوم
الزاهرة 5/ 365، وشذرات الذهب 4/ 185.
[1] في وفيات الأعيان 5/ 144: «وردت عين الحياة» .
[2] في وفيات الأعيان 5/ 144، 145.
[3] قال ابن الجوزي: إلا أن تلك الأموال، فيما يذكر، أكثرها من
المكوس.
(38/292)
ضجيج الضُّعَفاء والأيتام حول جنازته.
ودُفِن بالموصل، ونُقِل بعد سنة إلى مكَّة فِي تابوت، فوقفوا به
وطافوا بتابوته، ثُمَّ ردّوه فدفنوه بالمدينة النّبويَّة.
قلت: خالفوا السُّنَّة بما فعلوا.
ولمّا دخل تابوته الكوفَة ذكره الخطيب [1] وأثنى عليه وقال:
سرى نعْشُه فوق الرَّقاب وطالَمَا ... سرى برّه [2] فوق الركاب
ونائلُهْ
فتى مرّ بالوادي فانثنت رماله [3] ... عليه وبالنّادي فحنّت [4]
أرامله [5]
فضجَّ النّاس بالبكاء، وكانت ساعة عجيبة.
قال ابن خلّكان [6] : وكان ابنه جلال الدِّين عليّ من بُلغاء
الأدباء، له ديوان رسائل أجاد فِيهِ. وكان الصَّدْر مجد الدِّين
أبو السّعادات المبارك بْن الأثير فِي صِباه كاتبا بين يديه، فكان
يُملي عليه الإنشاء. وتُوُفيّ سنة أربعٍ وسبعين. وقد وُلّي وزارة
المَوْصِل، ومات بدُنَيْسِر [7] ، ودُفِن عند أبيه.
وقد حكى ابن الأثير [8] فِي ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع
بمثلها فاللَّه يرحمه [9] .
__________
[1] في وفيات الأعيان 5/ 146: الشخص الّذي كان مرتبا معه.
[2] في الوفيات: سرى جوده.
[3] في الكامل، والوفيات: «يمرّ على الوادي فتثني رماله» .
[4] في الوفيات: «فتبكي» ، وفي الكامل «فتثني» .
[5] الكامل في التاريخ 11/ 307، التاريخ الباهر 1/ 127، وفيات
الأعيان 5/ 146، مرآة الزمان 8/ 250، الروضتين ج 1 ق 2/ 349.
[6] في وفيات الأعيان 5/ 146.
[7] دنيسر: بضم الدال المهملة وفتح النون وسكون الياء المثنّاة من
تحتها وفتح السين المهملة، وهي لفظ مركّب عجمي، وأصله دنيا سر.
ومعناه: رأس الدنيا. وعادة العجم في الأسماء المضافة أن يؤخّروا
المضاف عن المضاف إليه. وسر بالعجمي: رأس.
[8] في الكامل 11/ 307- 310.
[9] وقال سبط ابن الجوزي: وكان فصيحا، أديبا لبيبا، عارفا وشاعرا،
ولما حبس قال:
أين اليمين وأين ما عاهدتني ... ما كان أسرع في الهوى ما خنتني
وتركتني حيران حيّا مدنفا ... أرعى النجوم وأنت ترقد هني
-
(38/293)
322- مُحَمَّد بْن مهديّ بْن الْحُسَيْن
بْن عُمَر.
أبو الْحُسَيْن الطَّبَريُّ الصُّوفيّ، نزيل بغداد. وبها نشأ.
ومولده سنة ستّ وثمانين وأربعمائة.
وأسمعه أَبُوهُ من مُحَمَّد بْن عَبْد السّلام الْأَنْصَارِيّ،
وثابت بن بُنْدَار.
323- مُحَمَّد بْن أبي زَيْدِ بْن جمكا.
الأصبهانيّ.
الرجل الصّالح، والد حفصة.
تُوُفّي فِي نصف شوّال بأصبهان.
- حرف النون-
324- نصر بْن خَلَف [1] .
السّلطان أبو الفضل، صاحب سِجِسْتان.
قال ابن الأثير [2] : عُمّر مائة سنة، وتملَّك ثمانين سنة.
قلت: لا أعلم فِي الإسلام بقي ملكا هذه المدّة سوى هذا، وبعده
تملّك ابْنه شمس الدِّين أبو الفتح أَحْمَد بْن نصر.
قال: وكان أبو الفضل ملكا عاقلا، عفيفا عن رعيّته، وله آثار حسنة
فِي نُصْرة السّلطان سَنْجَر فِي غير موقف.
تُوُفّي رحمه اللَّه فِي سنة تسع هذه.
__________
[ (-) ]
فلأرفعنّ إلى إلهي قصّتي ... بلسان مظلوم وأنت ظلمتني
ولأدعونّ عليك في غسق الدّجى ... فعساك تبلى بالذي أبليتني
(مرآة الزمان 8/ 251) .
وقد طوّل أبو شامة ترجمته في كتاب الروضتين.
[1] انظر عن (نصر بن خلف) في: الكامل في التاريخ 11/ 313، والعبر
4/ 169، ومرآة الجنان 3/ 342، وشذرات الذهب 4/ 188.
[2] في الكامل.
(38/294)
- حرف الياء-
325- يحيى بْن عليّ بْن خطّاب.
أبو شجاع البغداديّ، المقرئ. وليس هذا بالخيميّ. ذاك يأتي سنة
أربعٍ وستِّين.
وهذا ورّخه ابن مشّق في شعبان.
(38/295)
سنة ستين وخمسمائة
- حرف الألف-
326- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن هِشَام [1] .
أبو الْعَبَّاس بْن الخطيئة [2] اللَّخْميّ، الفاسيّ، المقرئ،
النّاسخ، الشَّيْخ.
إمام صالح كبير القلب، مقرئ بارع مجوّد، من أعلام المقرءين. نسخ
الكثير بالأجرة. وكان مليح الخطّ، جيّد الضّبط.
ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة بمدينة فاس، وحجّ ودخل الشَّام ولقي
الكبار. ثُمَّ استوطن مصر بجامع راشدة خارج الفُسْطاط.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الله الحطيئة) في: إنباه الرواة 1/ 39،
ووفيات الأعيان 1/ 170، 171، والعبر 4/ 169، وسير أعلام النبلاء
20/ 344- 348 رقم 234، ومعرفة القراء الكبار 2/ 526، 527، رقم 470،
والمعين في طبقات المحدّثين 168 رقم 1800، والإعلام بوفيات الأعلام
230، وتلخيص ابن مكتوم 11، والوافي بالوفيات 7/ 121، وغاية النهاية
1/ 71، والنجوم الزاهرة 5/ 370، وحسن المحاضرة 1/ 453، و 495،
وسلّم الوصول 89، وشذرات الذهب 4/ 188.
[2] الحطيئة: بضم الحاء المهملة وفتح الطاء المهملة وسكون الياء
المثنّاة التحتية وبعد الهمزة هاء. (وفيات الأعيان 1/ 171) .
وقد ورد في الأصل: «الخطية» بالخاء المعجمة، ويرد في بعض المصادر
«الحطيّة» بياء مشدّدة. (شذرات الذهب) .
وفي العبر 4/ 169 «الحطئة» . وقال محقّقه الدكتور صلاح الدين
المنجد في الحاشية: «وفي النجوم» «الحطيئة» خطأ» . بل هو الصواب.
(38/296)
وكان لأهل مصر فِيهِ اعتقاد كبير لا مَزِيد
عليه.
قرأت بخطّ أبي الطّاهر بْن الأنْماطيّ: سَمِعت شيخنا أَبَا
الْحَسَن شجاعا المدلجيّ، وكان من خيار عَبّاد اللَّه يقول: كان
شيخنا ابن الحُطَيْئة شديدا فِي دين اللَّه، فظّا غليظا على أعداء
اللَّه. لقد كان يحضر مجلسه داعي الدُّعاة مع عِظم سلطنته ونفوذ
أمره، فلا يحتشمه ولا يُكرمه، ويقول: أحمق النّاس فِي مسألة كذا
الرّوافض، خالفوا الكتاب والسُّنَّة وكفروا باللَّه.
وكنت عنده يَوْمًا فِي مسجده بشُرَف مصر، وقد حضر بعض وزراء
المصريّين، أظنّ ابن عَبَّاس، فاستسقى فِي مجلسه، فأتاه بعض غلمانه
بإناء فضَّة، فَلَمّا رآه ابن الحُطَيْئة وضع يده على فؤاده، وصرخ
صرخة ملأت المسجد وقال: وا حرّاها على كبِدي، أتَشربُ فِي مجلس
يُقْرأ فِيه حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فِي آنية الفضَّة؟ لا والله لا تفعل، وطرد الغلام، فخرج،
ثُمَّ طلب كوزا، فجاء بكوز قد تثلَّم فشرب، واستحيا من الشَّيْخ،
فرأيته والله كَمَا قال اللَّه تعالى: يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ
يُسِيغُهُ 14: 17 [1] .
أتى رَجُل إلى شيخنا ابن الحُطيْئة بِمِئْزَر، وحَلَف بالطّلاق
ثلاثا لا بدّ أن يقتله. فوبّخه على ذلك وقال: عَلِّقْه على ذاك
الوَتَد. قال لنا شجاع وغيره:
فلم يزل على الوتد حَتَّى أكله العتَّ وتساقط.
وكان ينسخ بالأجرة، ولا يقبل لأحدٍ قَطّ هديّة. وكان له على الجزية
فِي الشهر ثلاثة دنانير. ولقد عرض عليه غيرُ واحدٍ من الأمراء أن
يزيد جامكِيَّته فما قَبِل.
وكان له من الموقع فِي قلوبهم، مع كَثرة ما يهينهم ما لم يكن لأحدٍ
سواه، وعرضوا عليه القضاء بمصر فقال: لا والله لا أقضي لهم.
قال شيخنا شجاع: وكتب «صحيح مسلم» كلّه بقلم واحد.
__________
[1] سورة إبراهيم، الآية: 17.
(38/297)
وسمعته يقول وقال له إنسان: فُلانٌ رُزق
نعمة ومعدة، فقال: حسدتموه على التّردّد إلى الخلاء.
وسمعته يقول: إذا ذكر عُمَر بْن الخَطَّاب: طُويت سعادة المسلمين
فِي أكفان عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
قلت: وقرأ بالرّوايات على أبي القَاسِم بْن الفحّام بالإسكندريَّة،
وعلَّم زوجته وابنته الكتابة، فكانا يكتبان مثل خطّه سواء. فإذا
شرعوا فِي نسخ كتاب أخذ كلّ واحدٍ منهم جزءا من الكتاب ونسخوه، فلا
يفرِّق بين خطوطهم إلّا الحاذق.
ووقع بمصر الغلاء، فأتاه جماعة وسألوه قبول شيء فامتنع، فخطب الفضل
بْن يحيى الطّويل ابنتَه وتزوّجها. ثُمَّ سَأَلَ أباها أن تكون
أمّها عندها لتؤنسها، ففعل. فما أحسن ما تلطّف هذا الرجل فِي بِرّ
أبي الْعَبَّاس. وبقي أبو الْعَبَّاس وحده ينسخ ويقتنع.
قرأ عليه جماعةُ منهم: شجاع بْن مُحَمَّد بْن سيدهم المُدْلجّي،
وأبو الطّاهر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن بُنَان الأنبَاريّ ثُمَّ
الْمَصْرِيّ وجماعة سواهم.
وحدَّث عَنْهُ السِّلَفيّ، وهو أكبر منه، وقال: تُوُفّي فِي آخر
المُحَرَّم بمصر، قال: وكان رأسا فِي القراءات. سمع الحديث من أبي
عَبْد اللَّه الحضْرميّ، وأبي الْحَسَن بْن مشرِّف. وسمعته يقول:
وُلِدتُ بفاس، ودخلت الشَّام.
قلت: وروى عَنْهُ صنيعة المُلْك هبة اللَّه بْن يحيى بْن
حَيْدُورة، والأمير إِسْمَاعِيل بْن أَحْمَد اللَّمْطيّ [1] ،
والنّفيس أسعد بْن قادوس. وهو آخر من حدُّث عَنْهُ. وقبره يُزار
بالقرافة الصُّغْرى. وطُلِب لقضاء مصر فأبى.
__________
[1] اللّمطيّ: بفتح اللام ثم سكون الميم، وطاء مهملة. نسبة إلى
لمطة: أرض لقبيلة من البربر بأقصى المغرب من البرّ الأعظم يقال
للأرض وللقبيلة معا لمطة. (معجم البلدان 5/ 23) .
(38/298)
قرأت بخطّ ابن الأنْماطيّ الحافظ: حكى لنا
أبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم قال: كان الشَّيْخ أبو الْعَبَّاس
قد أخذ نفسه بتقليل الأكل، بحيث بلغ فِي ذلك إلى الغاية. وكان
يَعْجَب ممّن يأكل ثلاثين لُقمة ويقول:
لو أكل النّاس من الضارّ ما أُكل من النّافع ما اعتلّوا.
وحكى لي شجاع أنّ أَبَا الْعَبَّاس وُلِدت له ابنته هند وكبرت،
وقرأت عليه بالسَّبع، وقرأت عليه الصّحيحين، وغير ذلك. وكَتَبَت
الكثير، وتعلَّمت عليه كثيرا من علوم القرآن، والحديث، وغير ذلك.
ولم ينظر إليها قَطّ.
فسألتُ شجاعا أكان ذلك عن قصْد؟ فقال: كان فِي أوّل العُمر
اتّفاقا، لأنّه كان يشتغل بالإقراء إلى المغرب، ثُمَّ يدخل إلى
بيته وهي فِي مَهْدها، وتمادى الحال إلى أنْ كبرت فصارت عادة.
وزوّجها ودخلت بيتها والأمر على ذلك، ولم ينظر إليها قَطّ إلى أن
تُوُفّي رحمه اللَّه تعالى [1] .
327- أَحْمَد بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن سُلَيْمَان.
الحمّاميّ، الْبُخَارِيّ، أبو الْعَبَّاس، الأديب، من مشيخة أبي
سَعْد السَّمْعانيّ.
قال: كان فقيها، زاهدا، عارفا باللُّغة، كثير الاجتهاد والتّعبُّد.
سمع: عَبْد الواحد بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّبَيْريّ، والقاضي
مُحَمَّد بْن الْحَسَن النَّسَفيَ، وجماعة.
مولده سنة تسعٍ وثمانين.
ومات فِي ربيع الأوّل سنة ستّين. وكان إمام النّاس في الجمعة.
__________
[1] وقال الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء) : وبلغنا أن الناس
بقوا بمصر بلا قاض ثلاثة أشهر في عام ثلاثة وثلاثين وخمسمائة، ثم
وقع اختيار الدولة على أبي العباس ابن الحطيئة، فاشترط عليهم أن لا
يقضي بمذهبهم، فلم يمكنوه من ذلك إلّا أن يحكم على مذهب الشيعة
وولّوا غيره.
(38/299)
328- إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد.
أبو إسحاق المَوْصِليّ، الحنبليّ، الفقيه.
نزل دمشق، ودرَّس بالصّادريَّة، وناب فِي الحكم للقاضي الزّكيّ.
وتُوُفيّ فِي هذه السَّنَة.
329-[أمير ميران] [1] بْن أتابَك بْن زنْكي بْن آق سنقر.
التُّركيّ، أَخو السّلطان نور الدِّين.
كان شجاعا مِقْدامًا.
[مرض] [2] صاحب الشَّام نور الدِّين أخوه، فكاتب هُوَ الأمراء
ليملِّكُوه، فَلَمّا عُوفي نور الدِّين سار إليه، وأخذ منه حرّان
بعد الخمسين وطرده، فمضى إلى صاحب الروم، وجيَّش الجيوش في العام
الماضي. وكان نور الدّين نازلا على رأس الماء، فالتقوا، فكسره نور
الدّين. وقتل في الوقعة جماعة منهم ابن الدّاية الأمير، وردّ أمير
ميران إلى صاحب حصن كيفا.
ثُمَّ اصطلح هُوَ وأخوه. وأصابه سَهْمٌ فِي عينه على بانياس فقتله.
مات منه بدمشق.
- حرف الحاء-
330- حسّان بْن تميم بن نصر [3] .
أبو النّدى الزّيّات.
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: ذيل تاريخ دمشق، ومرآة الزمان 8/
252، والعبر 4/ 169، والوافي بالوفيات 9/ 384، 385 رقم 4311،
والنجوم الزاهرة 5/ 367، وشذرات الذهب 4/ 188.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من: مرآة الزمان.
[3] انظر عن (حسّان بن تميم) في: تاريخ دمشق، ومختصره 6/ 289 رقم
167، ومرآة الزمان 8/ 253، وزبدة التواريخ للحسيني 222، والعبر 4/
170، والإعلام بوفيات الأعلام 230، والمعين في طبقات المحدّثين 168
رقم 1801 وفيهما: «حسّان بن إبراهيم» ، وسير أعلام النبلاء 20/ 397
رقم 271، والنجوم الزاهرة 5/ 370، وشذرات الذهب 4/ 188، وتهذيب
تاريخ دمشق 4/ 127.
(38/300)
شيخ صالح، دمشقيّ. سمع مجالس من الفقيه
نصر.
وروى عَنْهُ: ابن عساكر [1] ، وابنه، وأبو المواهب الثّعلبيّ، وعبد
الخالق بْن أسد، ومُكْرم بْن أبي الصَّقْر، وكريمة الْقُرَشِيَّة،
وآخرون.
تُوُفّي الحاجّ حسّان في تاسع عشر رجب، ودُفِن بباب الفراديس عن
نيَّفٍ وثمانين سنة [2] .
331- الحسين بن محمد بن الحسين بن حما.
البغداديّ، سِبْط أبي سَعْد مُحَمَّد بْن عَبْد الملك الأسَدِيُ.
سمع من: جَدّه أبي سَعْد.
وحدَّث فِي هذه السَّنَة.
روى عَنْهُ: أبو الفُتُوح بْن الحصْريّ، وغيره.
- حرف الخاء-
332- خُزِيفَة [3] بن سعد بن الحسن بن الهاطر [4] .
__________
[1] وهو قال: وكان قد ترك الصرف قبل أن يموت بمدّة، وحجّ وحسنت
طريقته، ولازم صلاة الجماعة.
[2] وقال سبط ابن الجوزي: وكتب عنه الحافظ ابن عساكر لعبد الملك بن
جهور القرطبي:
الموت يقبض ما أطلقت من أهلي ... لو صحّ عقلي طلبت الفوز في مهل
ما ينقضي أمل إلّا أتى أمل ... والدهر في ذا وذا لم ينقضي شغلي
من أين أرضيك إلّا أن توفقني ... هيهات هيهات بالتوفيق من قبلي
فارحم بعزّتك اللَّهمّ ملتهفا ... مما أتى واغتفر ما كان من زللي
(مرآة الزمان) .
[3] انظر عن (خزيفة بن سعد) في: الإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب
حذيفة وخزيفة، والعبر 4/ 170 وفيه «حذيفة» ، وسير أعلام النبلاء
20/ 438، 439 رقم 285، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي
144 رقم 774، وفيه: «الحسين» بدل «الحسن» ، ومرآة الجنان 3/ 344
وفيه «حذيفة» ، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 289، وتبصير المنتبه 1/
431، وشذرات الذهب 4/ 159 وفيه: «حذيفة» .
و «خزيفة» بالخاء المعجمة والزاي.
[4] في (الإستدراك) و (تبصير المنتبه) ومختصر ابن الدبيثي:
«الهاطرا» بزيادة ألف في آخره،
(38/301)
أبو المُعَمَّر الأَزَجيّ، الورّاق.
وُلِدَ سنة ثمانين وأربعمائة.
شيخ صالح، مُسْنِد.
سمع: ابن البَطِر، وأبا الفضل بْن خَيْرُون، وأبا الْحَسَن بْن
أيّوب البزّاز، وجماعة.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، ومحمد بْن المبارك بدمشق، وشهاب
الدِّين السُّهْرَوَرْديّ، وآخرون.
تُوُفّي فِي العشرين من رجب. وقد روى عَنْهُ بالإجازة الرشيد
أَحْمَد بْن مَسْلَمَة.
- حرف الراء-
333- رستم بْن عليّ بْن شَهْرَيَار بْن قارِن [1] .
ملك مازَنْدران.
كان ملكا شجاعا مَخُوفًا، استولى فِي العام الماضي على بِسْطام
وقُومس، واتَّسعت ممالكه.
مات فِي ثامن ربيع الأوّل، فكتم ابنه علاء الدِّين الْحَسَن موته
أيّاما حَتَّى تمكَّن وثبت ملكه. ثُمَّ خرج عليه صاحب جُرجان
ونازَعَه فِي المُلْك فلم يبالِ به.
__________
[ () ] وكذا زادها المؤلّف الذهبي، رحمه الله، في (سير أعلام
النبلاء 20/ 425) عند ما ذكره في وفيات سنة 560 هـ. وعند ما أفرد
ترجمته برقم (285) حذف الألف من آخره. وسيعيده المؤلّف- رحمه الله-
بعد قليل باسم «عبد الله» رقم (337) وفي المرّتين يقرأ: «المهاطر»
.
وفي تاريخ ابن الدبيثي (مخطوطة باريس) : «ابن الهاطور» .
[1] انظر عن (رستم بن علي) في: الكامل في التاريخ 11/ 315، والعبر
4/ 170، والوافي بالوفيات 14/ 120 رقم 152، وشذرات الذهب 4/ 189.
(38/302)
- حرف السين-
334- سَعِيد بْن سهل بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه [1] .
أبو المظفَّر النَّيْسَابُوريّ، ثُمَّ الخُوارَزْميّ، الوزير
المعروف بالَفَلَكيّ [2] .
سمع: أَبَا الْحُسَيْن المؤدِّب، ونصر اللَّه بْن الحمد
الخُشْناميّ [3] .
وسافر إلى خُوارَزْم، ووَزَرَ لصاحبها. وكان ذا رأي وشهامة وكفاية
وحُسْن سيرة وسخاء ومكارم. ثُمَّ إنّه خاف من صاحب خُوارَزْم فحجَّ
وتصدَّق بأموالٍ كثيرة، وتزهَّد، وتعبَّد.
وحدَّث ببغداد ودمشق، وسكن بخانقاه السُّمَيْساطِيّ [4] ، وجدَّد
بها الصّفَّة الغربيَّة والبرْكة والقناة الّتي بها من ماله.
وتولّى النَّظَر فِي وقف الخانقاه.
وكان ثقة، متواضعا، صالحا، حَسَن الاعتقاد. أثنى عليه ابن عساكر
وغيره. ووقع لنا جزء الفلكيّ عن الشَّيخين المذكورين.
روى عَنْهُ: ابن عساكر، وأبو القَاسِم بْن صَصْرَى، وأخوه أبو
المواهب، وأبو عَبْد اللَّه بْن المجاور، وزَين الأُمَناء،
ومُكْرَم، ومحمد بْن غسّان.
ومات فِي شوّال، ودُفِن بمقابر الصُّوفيَّة.
__________
[1] انظر عن (سعيد بن سهل) في: تاريخ دمشق، ومختصره 9/ 303، 304
رقم 148، وتاريخ إربل 1/ 406، ومعجم الألقاب 3/ 495، 496، والعبر
4/ 170، وسير أعلام النبلاء 20/ 422، 423 رقم 280، والمعين في
طبقات المحدّثين 168 رقم 1802، والإعلام بوفيات الأعلام 231،
والوافي بالوفيات 15/ 224، والنجوم الزاهرة 5/ 370، والدارس 2/
120، وشذرات الذهب 4/ 188، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 131، 132.
[2] تحرّفت نسبته في شذرات الذهب إلى «العلكي» بالعين بدل الفاء.
[3] الخشنامي: بضم الخاء وسكون الشين المعجمتين وفتح النون وفي
آخرها الميم. هذه النسبة إلى بعض أجداده وهو خشنام. (الأنساب 5/
130) .
[4] تقع بالقرب من الباب الشمالي للجامع الأموي يفصل بينها وبين
الجامع الحائط فقط. وهي نسبة إلى أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى
السلمي الدمشقيّ السميساطي، من أكابر دمشق، توفي سنة 453 هـ.
(انظر: مختصر تنبيه الطالب 144- 146، والدارس 2/ 118 وما بعدها،
ومنادمة الأطلال 276- 278) .
(38/303)
335-[ ... ] [1] بْن عبد المطّلب.
السّيّد أَبُو عليّ العَلوَيّ، الأصبهانيّ.
تُوُفّي فِي رجب.
- حرف الطاء-
336-[طُغْرُل] [2] شاه بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن.
الشَّيْخ أبو المعالي الكاشْغَريّ.
تُوُفّي بأصبهان فِي ثاني جُمَادَى الأولى [3] .
- حرف العين-
337-[عَبْد اللَّه] [4] بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن سبعون
[5] .
أبو مُحَمَّد القَيْروانيّ الأصل، البغداديّ.
سمع: أَبَاهُ، وأبا الفضل بْن خَيْرُون.
وحدَّث فِي هذا العام [6] .
روى عَنْهُ: عُمَر بْن عليّ الْقُرَشِيّ، ونصر بْن الحصريّ [7] .
__________
[1] في الأصل بياض، ولم أعرفه.
[2] في الأصل بياض، والمثبت عن: الأنساب 10/ 326.
[3] قال ابن السمعاني: سمع معنا الحديث الكثير بنيسابور، عن أبي
عبد الله الفراوي، وأبي القاسم الشجاعي، وأبي محمد عبد الجبار بن
محمد الخواريّ، وطبقتهم. وكان واعظا حسن الوعظ، سكن هراة، ونفق
سوقه عندهم، وصاهر بعض الأتراك، ولقيته بهراة في النوبة الثانية
سنة ست وأربعين وخمسمائة، وسمع بقراءتي أجزاء، وسمّع أولاده، وسمع
بنفسه «الصحيح» مع ولدي من أبي الوقت السجزيّ، بروايته عن
الداوديّ، عن الحمّوئي، عن الفربري، عن البخاري. وكتب بخطّه أحاديث
يسيرة، وسمعت منه ذلك.
[4] في الأصل بياض، والمستدرك من مصدر ترجمته.
[5] انظر عن (عبد الله بن أحمد القيرواني) في: المختصر المحتاج
إليه من تاريخ ابن الدبيثي 2/ 127 رقم 754.
[6] قال ابن الدبيثي: بقي إلى سنة ستين وخمسمائة.
[7] قال الدكتور مصطفى جواد في تحقيقه للمختصر بالحاشية رقم 295:
«هذه الترجمة سقطت
(38/304)
338-[عبد الله] [1] بن سعد بن الحسن [2] بن
الهاطر.
الوزّان، لَقَبُه خُزَيْفَة. ذكرته فِي الخاء [3] .
339-[عَبْد اللَّه] [4] بْن عليّ بْن الْحُسَيْن.
أبو مُحَمَّد الكوفيّ، العَطَّار.
سمع بدمشق: أَبَا البركات بْن طاوس.
وحدَّث.
وتُوُفيّ بدمشق فِي ذي القعدة.
وكان كثير التّلاوة.
روى عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن صَصْرَى.
340-[عَبْد القَاهِر] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الطُّوسيّ.
أبو عليّ. نزيل الموصل.
أخو عبد الله خطيب الموصل، وعبد الرَّحْمَن، ومحمد، وعبد الوهّاب.
سمع من: جَعْفَر السّراج، وغيره.
وتُوُفيّ يوم عيد الأضحى.
341-[عَبْد المحسن] [5] بْن عَبْد المنعم بْن عليّ بْن مُنِيب.
الفقيه أبو مُحَمَّد الكَفَرْطابيّ [6] ، ثُمَّ الشّيزريّ [7] .
__________
[ () ] من نسخة باريس مع القسم الضائع منها» .
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من ترجمته التي تقدّمت باسم «خزيفة»
رقم (332) .
[2] هكذا هنا والترجمة المتقدّمة. وفي مختصر ابن الدبيثي «الحسين»
.
[3] قال ابن الدبيثي: «عبد الله بن سعد بن الحسين بن الهاطرا أبو
المعمّر الوزّان الأزجي. يعرف بخزيفة، وبه سمّاه ابن السمعاني في
تاريخه» . (المختصر 2/ 144 رقم 774) .
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل بياض. والمثبت من: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/
261.
[6] الكفرطابي: بسكون الراء، وطاء مهملة، وبعد الألف باء موحّدة.
نسبة إلى كفرطاب بلدة بين المعرة ومدينة حلب في برّيّة معطشة.
(معجم البلدان 4/ 470) .
[7] في طبقات السبكي: «الشيرازي» وهو غلط. و «الشيزري» : بتقديم
الزاي على الراء وفتح
(38/305)
رحل، وسمع من: أبي القَاسِم بْن الحُصَيْن،
وأبي العزّ بن كادش، وطبقتهما.
وتفقّه بالنّظاميَّة، وسكن دمشق.
روى عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن صَصْرَى.
وكان ثقة، خيَّرًا.
342-[عَبْد الملك] [1] بْن أَحْمَد بْن أبي يدّاس [2] .
أبو مَرْوان الصّنْهاجيّ، الْجَيّانيّ.
قرأ القرآن والعربيَّة على أبي بَكْر بْن مَسْعُود.
وأخذ بالمرِّية عن: أبي الحَجَّاج القُضاعيّ، وغيره.
وأقرأ بشاطِبة القرآن والعربيَّة.
روى عَنْهُ: أبو عَبْد اللَّه بْن سعادة المُعَمَّر [3] .
343-[عَبْد الواحد] [4] بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [5] .
أبو الفضل [6] بن القزّة [7] الدّمشقيّ.
__________
[ () ] أوله. نسبة إلى شيزر: قلعة تشتمل على كورة بالشام قرب
المعرّة. (معجم البلدان 3/ 383) .
[1] في الأصل بياض، والمثبت من: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم
1719، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة ج 5 ق 1/ 9، 10 رقم
2، وبغية الوعاة 2/ 108 رقم 1563.
[2] يدّاس: بتشديد الدال المهملة.
[3] قال ابن عبد الملك: كان شاعرا نحويا لغويا، أديبا ذاكرا
للآداب، راوية للأخبار، ذا حظّ من قرض الشعر.. خرج من بلده بعد
أربعين وخمسمائة، فنزل شاطبة، وتصدّر بها لإقراء القرآن وتدريس
العربية، ثم تحوّل إلى شعوره وأقرأ بها وخطب يجامعها إلى أن مات..
ومولده بجيان سنة عشر وخمسمائة أو نحوها.
[4] في الأصل بياض. والمستدرك من المصادر.
[5] انظر عن (عبد الواحد بن إبراهيم) في: مختصر تاريخ دمشق لابن
منظور 15/ 246 رقم 231، ومرآة الزمان 8/ 253، وسير أعلام النبلاء
20/ 397، (مذكور في آخر الترجمة رقم (271) ، والمشتبه في الرجال 2/
527، وتبصير المنتبه 3/ 1128.
[6] في مرآة الزمان: «أبو الفضائل» .
[7] في المرآة: «قرة» .
(38/306)
روى «صحيح الْبُخَارِيّ» عن الفقيه نصر عن
عليّ بْن مُوسَى السِّمْسار، عن أبي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، عن
الفِرَبْريّ.
وسمع مجلسا من نصر أيضا.
روى عَنْهُ: ابن عساكر، وقال: سَأَلْتُهُ عن مولده فقال: سنة خمس
وسبعين وأربعمائة.
ومات فِي ذي الحجَّة.
قال: وكان قد اختلط.
قلت: وروى عَنْهُ: عليّ بْن مُحَمَّد بْن جمال الإسلام، وأبو
القَاسِم بْن صَصْرَى، وغيرهما.
وقد روى بالإجازة عن: عاصم بْن الْحُسَيْن العاصميّ [1] .
344-[عُبَيْد اللَّه] بْن خليفة.
أبو الْحُسَيْن البَطلُيوسيّ.
وُلّي قضاء إشبيلية فِي الدّولة اللّمْتُونيَّة بعد القاضي أبي
بَكْر بْن العربيّ ثُمَّ عُزِل، وتُوُفيّ فِي شوّال.
345- عتيق بْن عبد العزيز.
أبو بَكْر السَّمَرْقَنْديّ، الدّرغميّ [2] ، ثُمَّ
النَّيْسَابُوريّ، الأديب الأوحد.
له المحفوظات فِي اللّغة والشّعر الجيّد.
__________
[1] وقال ابن عساكر: أنشدني:
يا صاحب المعروف كن تاركا ... تردادي الحاجة في حاجته
فشرّ معروفك ممطوله ... وخيره ما كان من ساعته
لكلّ شيء آفة تتّقى ... وحبسك المعروف من آفته
[2] الدّرغميّ: بفتح الدال المهملة والغين المعجمة بينهما الراء
الساكنة وفي آخرها الميم هذه النسبة إلى درغم وهي ناحية بسمرقند
على فرسخين منها مشتملة على قرى عدة. (الأنساب 5/ 300) .
(38/307)
سمع: عَبْد الغفّار بْن شيرُوَيْه، وغيره.
وُلِدَ سنة سبْعٍ وسبعين.
ومات فِي حدود السّتين.
346- عطاء بْن عَبْد المنعم.
أبو الغنائم الأصبهانيّ.
حجّ فِي هذا العام، فحدَّث ببغداد عن غانم البرجي.
روى عنه: أبو الفتوح بن الحصْريّ، وغيره.
347- علي بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أبي الْعَبَّاس [1] .
أبو الْحَسَن الأصبهانيّ، المعروف باللّبّاد.
سمع: رزق اللَّه بْن عَبْد الوهّاب التّميميّ، وأبا بكر محمد بن
أَحْمَد بْن ماجة، والقاسم بْن الفضل الثّقفيّ، ورجاء بْن عَبْد
الواحد بْن قولُوَيْه، وأبا نصر عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد
السِّمْسار، وجماعة.
وأجاز له أبو بكر بن خلف الشيرازي.
وخرَّج له مُعَمَّر بْن الفاخر جزءا، وروى عنه جماعة.
وروى عنه بالإجازة، أبو المنجا ابن اللّتّي، وكريمة.
وتُوُفيّ فِي ثامن عَشْر شوّال.
348- عليّ بْن أَحْمَد بْن مقاتل بْن مَطْكُود [2] .
أبو الْحَسَن السُّوسيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ، الشّاغُوريّ، ويُعْرف
بابن المعلّم.
سمع جزءا واحدا من أبي القَاسِم عليّ بْن مُحَمَّد المصِّيصيّ،
وَهُوَ آخِرُ مَنْ حدُّث عنه.
__________
[1] انظر عن (علي بن أحمد اللبّاد) في: العبر: 4/ 171، وسير أعلام
النبلاء 20/ 351 رقم 239، والنجوم الزاهرة 5/ 370، وشذرات الذهب 4/
189.
[2] انظر عن (علي بن أحمد بن مقاتل) في: تاريخ دمشق، ومختصره 17/
190 رقم 75، وسير أعلام النبلاء 20/ 248، 249 رقم 164، وذكره دون
ترجمة في الصفحة 20/ 425، والنجوم الزاهرة 5/ 370.
(38/308)
قَالَ ابْنُ عساكر [1] : وكان قبل أن يحجّ
يتولّى توظيف ما يوجد من مَزَارع الشّاغور. وتُوُفيّ فِي رمضان.
قلت: روى عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن صَصْرَى، وزَين الأُمنَاء أبو
البركات، ومُكْرَم، وجماعة.
وهو أخو نصر بْن أَحْمَد.
349- عليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن علّان.
أبو الحسن البوّاب.
سمع: أبا الحسين بْن الطُّيُوريّ.
ووُلِدَ فِي سنة سبْعين. وكان يمكنه أن يسمع من أبي نصر
الزَّيْنَبيّ، لكنّ السّماع قسميَّة.
تُوُفّي فِي المحرَّم.
350- عُمَر [2] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عِكْرَمة [3] .
أبو القَاسِم بْن البَزْريّ [4] ، الشّافعيّ، العلّامة، فقيه أهل
الجزيرة.
__________
[1] في تاريخ دمشق.
[2] في الأصل: «علي» والتصحيح من المصادر.
[3] انظر عن (عمر بن محمد بن أحمد) في: معجم البلدان 2/ 138،
والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: البزري والبرزي، والكامل في
التاريخ 11/ 321، وفيه: «عمر بن عكرمة» ، ووفيات الأعيان 3/ 444،
445، والمختصر في أخبار البشر 3/ 42، 43، والعبر 4/ 171، وسير
أعلام النبلاء 20/ 352 رقم 240، وصفحة 425، وتاريخ ابن الوردي 2/
106، ومرآة الجنان 3/ 344، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 7/ 251-
253، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 257، 258، وتوضيح المشتبه 1/
433، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 327، 328 رقم 293، والنجوم
الزاهرة 5/ 370، وكشف الظنون 2/ 1913، وشذرات الذهب 4/ 189، وهدية
العارفين 1/ 784، ومعجم المؤلفين 7/ 306، والأعلام 5/ 222.
[4] البزري: بتقديم الزاي، ثم راء، وقد تحرّفت هذه النسبة في
(الكامل 11/ 321) إلى:
البرزي، بتقديم الراء.
(38/309)
رحل إلى بغداد، واشتغل على إلْكيا
الهَراسيّ، وأبي حامد الغزاليّ، وجماعة.
وبرع فِي المذهب ودقائقه، وقصده الطَّلَبة من البلاد وتفقّهوا به.
وصنَّف كتابا كبيرا شرح فِيهِ إشكالات «المهذَّب» . وكان من
الدِّين والعِلم بمحلٍّ رفيع.
قال القاضي ابن خِلِّكان [1] : كان أحفظ من بقي فِي الدّنيا على ما
يقال لمذهب الشّافعيّ. وكان يُنْعَت بزَيّن الدِّين جمال الإسلام.
انتفع به خلْقٌ كثير، ولم يخلف بالجزيرة مثله [2] .
وكان قد قرأ أوّلا على أَبِي الغنائم مُحَمَّد بْن الفَرَج
السُّلَميّ الطّارقيّ، قليلا من الفقه، فمات أبو الغنائم سنة ثلاثٍ
وثمانين وأربعمائة.
تُوُفّي ابن البَزْرِيّ فِي أحد الربيعين، وله تسعُ وثمانون سنة.
والبَزْريّ:
نسبة إلى عمل البُزْر وبَيْعه، والبزْر فِي تلك البلاد اسم للدّهن
المستَخْرَج من حبّ الكُتّان وبه يستصبحون.
وكان مولده في سنة إحدى وسبعين وأربعمائة.
351-[عُمَر] [3] بْن بهليقا [4] .
الطّحّان، البغداديّ.
عمّر جامع العقيبة [5] بالجانب الغربيّ من بغداد.
__________
[1] في وفيات الأعيان 3/ 444.
[2] وقال ابن الأثير: وكان واحد عصره في الفقه تأتيه الفتاوى من
العراق وخراسان وسائر البلاد.
(الكامل) .
[3] في الأصل بياض. والمستدرك من المصادر.
[4] انظر عن (عمر بن بهليقا) في: المنتظم 10/ 212 رقم 302 (18/
164، 165 رقم 4253) ، ومرآة الزمان 8/ 253، 254، والبداية والنهاية
12/ 249.
[5] في المنتظم: عمّر جامع العقبة، وكان مسجدا لطيفا فاشترى ما
حوله وأوسعه وسمعت همته حتى استأذن أن يجعله جامعا فأذن له إلّا
أنّ أكثر المواضع التي اشتراها كانت تربا فيها
(38/310)
وتوفي فِي ذي القعدة.
- حرف الميم-
352- مُحَمَّد بْن أبي سعد أحمد بن محمد بن البروديّ.
أبو الفُتُوح الصُّوفيّ.
سمع: الزَّيْنَبيّ، وابن البَطِر.
وعنه: ابن سُكَيْنَة، وابن الأخضر.
مات فِي جُمَادَى الآخرة سنة تسع.
353- مُحَمَّد بْن حمزة بْن الْحَسَن بْن المفرّج.
أبو عَبْد اللَّه بْن أبي يَعْلَى الْأَزْدِيّ، الدّمشقيّ،
الشُّرُوطيّ.
سمع: أَبَاهُ، وعليّ بْن طاهر النَّحْويّ، وسُبَيْع ابن المقرئ.
مات فِي شعبان، وله إحدى وسبعون سنة.
354- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن المسلم بْن أبي سُرَاقة [1] .
أبو المجد الهَمَذانِيّ، ثُمَّ الدّمشقيّ.
سمع: أبا الحسين بن المَوَازِينيّ، وعبد المنعم بْن الغَمْر
الكِلابيّ، وحَيْدَرة بْن أَحْمَد.
سمع منه: أبو الفتح.
وتولّى عمالة الجامع [2] ، ثمّ عمالة الحشريّة.
__________
[ () ] موتى فأخرجوا وبيعت، وكان المسجد الأول مما يلي على الباب
والمنارة. وتوفي يوم الإثنين ثامن عشر ذي القعدة من هذه السنة ودفن
من على باب الجامع بعيدا من حائطه ثم نبش بعد أيام وأخرج فدفن
ملاصقا لحائط الجامع ليشتهر ذكره بأنه باني الجامع، فتعجّب من هذا
من له فطنة وقال: هذا رجل سعى في نبش خلق من الموتى وأخرجهم وجعل
تربتهم مسجدا فقضي عليه بأن نبش بعد دفنه.
[1] أنظره عن (محمد بن عبد الله بن المسلم) في: تاريخ دمشق،
ومختصره لابن منظور 22/ 330 رقم 388.
[2] في تاريخ دمشق: عمالة أوقاف الجامع، وتولّى عمالة المواريث
الحشرية والجزية بدمشق.
(38/311)
مات في شعبان أو رمضان.
روى عَنْهُ: أَبُو المواهب، وأبو القاسم ابنا صَصْرَى.
355- مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ
الحميد المُعَدَّل [1] .
أبو عَبْد اللَّه الحرَّانيّ، ثُمَّ البغداديّ [2] . أحد العُدُول
الكبار.
كيَّس، متودّد.
سمع: هبة اللَّه بْن عَبْد الرّزّاق الْأَنْصَارِيّ، ورِزق اللَّه
التّميميّ، وطِراد بْن مُحَمَّد الزَّيْنَبيّ، وأبا الفتح أَحْمَد
بْن مُحَمَّد الحدّاد، وأبا سَعْد المطرِّز، ويحيى بْن مَنْدَهْ
الحافظ، وغيرهم.
ورحل إلى أصبهان.
روى عَنْهُ: أبو سعد السمعاني، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عن مولده
فَقَالَ: سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة.
قلت: وروى عَنْهُ ابن الْجَوْزِيّ [3] وقال: كان لطيفا ظريفا، جمع
كتابا سمّاه «روضة الأدباء» [4] ، وهو آخر من مات من شهود القاضي
أبي الْحَسَن الدّامَغَانيّ [5] .
وروى عَنْهُ: ابنته خديجة، وعبد اللّطيف بْن مُحَمَّد القُبَّيْطي.
وله شِعرٌ حسن [6] .
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الله بن العباس) في: المنتظم 10/ 212،
213 رقم 303 (18/ 165 رقم 4254) ، والعبر 4/ 171، وسير أعلام
النبلاء 20/ 352، 353 رقم 241، والمعين في طبقات المحدّثين 168 رقم
1803، والوافي بالوفيات 3/ 330، 340، 341، والبداية والنهاية 12/
249، 250، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 250 رقم 130، والنجوم الزاهرة 5/
368، 369، وكشف الظنون 916، وشذرات الذهب 4/ 189، وهدية العارفين
2/ 94.
[2] زاد ابن رجب في نسبته: «الأزجي» .
[3] في المنتظم 10/ 212 (18/ 165) .
[4] وزاد: «فيه نتف حسنة» .
[5] شهد عند الدامغانيّ في سنة 504 هـ. (المنتظم) .
[6] قال ابن الجوزي: زكّاه أبو سعد المخرمي، وأبو الخطّاب
الكلوذاني.. وسمعت منه أشياء، ولي منه إجازة. وزرته يوما فأطلت
الجلوس عنده فقلت: قد ثقّلت. فأنشدني: -
(38/312)
تُوُفّي فِي ثاني عَشْر جُمَادَى الأولى
[1] .
وآخر من روى عنه بالإجازة: الرشيد أحمد بن سَلَمَةَ [2] .
356- مُحَمَّد بْن عَبْد الْجَبَّار بْن جُوريَّة.
الأصبهاني.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر.
357- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن
مُحَمَّد بْن يُوسُف بْن العلّاف.
أبو طاهر بْن أبي الْحُسَيْن ابن حجاب الدّيوان ومن بيت العلم.
سمع: أَبَاهُ، وابن طَلْحَةَ النَّعَاليّ، وابن البَطِر.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر، وغيره.
وتفرَّد بإجازته الرشيد بْن مَسْلَمَة.
وتُوُفيّ فِي ثاني عَشْر شعبان، ولم يكن مَرْضيًا.
358- مُحَمَّد بْن أبي خازم مُحَمَّد بْن القاضي أبي يَعْلَى
مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الفَرّاء [3] .
القاضي أبو يَعْلَى الصّغير، شيخ الحنابلة.
تفقَّه على: أبيه، وعمّه القاضي أبي الحسين.
__________
[ () ]
لأن سمّيت إبراما وثقلا ... زيارات رفعت بهنّ قدري
فما أبرمت إلا حبل ودّي ... ولا ثقّلت إلّا ظهر شكري
[1] في المنتظم: «جمادى الآخرة» .
[2] وسمع منه ابن القطيعي وقال: كان ثقة مأمونا، عالما، لطيفا،
صاحب نادرة، حسن المعاشرة، (الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 250) .
[3] انظر عن (محمد بن أبي خازم) في: المنتظم 10/ 213 رقم 304 (18/
165، 166 رقم 4255) والعبر 4/ 171، 172، وسير أعلام النبلاء 20/
353، 354، رقم 242، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 244- 250 رقم 129،
ومرآة الجنان 3/ 344، والنجوم الزاهرة 5/ 370، والدرّ المنضّد في
رجال أحمد ورقة 71 أ، وشذرات الذهب 4/ 190، وهدية العارفين 2/ 94،
ومعجم المؤلفين.
(38/313)
وكان من أنبل الفُقَهاء وأنظرهم وأفصحهم.
وفي سنة ثمانٍ وعشرين زُكّيَ، ثُمَّ بعد ذلك ولي قضاء واسط، فبقي
بها مدَّة، ثُمَّ عزل عن القضاء والعدالة، ولزم العلم والمقام
بمنزلة إلى أن تُوُفّي وقد أَسَنّ [1] .
سمع: الْحَسَن بْن مُحَمَّد التككيّ، وأبا الْحَسَن بْن العلّاف،
وأبا الغنائم بْن النَّرْسيّ.
روى عَنْهُ: أبو الفتح المَنْدائيّ، وأبو مُحَمَّد بْن الأخضر،
وغيرهما [2] .
وتُوُفيّ في ربيع الآخر ببغداد، وله ستّ وستّون سنة. والأصحّ أنّه
تُوُفّي فِي خامس جُمَادَى الأولى، وقد درّس وأفتى وأفاد وتخرَّج
به خلْق. وكانت جنازته مشهودة.
359- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن [قُرطف] [3] .
أبو الفتح النُّعمانيّ، الشّاعر المشهور، يعرف بابن الأديب.
__________
[1] قال ابن الجوزي: ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.. وأفتى ودرّس،
وكان له ذكاء وفهم جيّد، وتولّى القضاء بباب الأزج وبواسط، ثم أشهد
قاضي القضاة أبو الحسن ابن الدامغانيّ على نفسه ببغداد أنه قد عزله
عن القضاء فذكر عنه أنه لم يلتفت إلى العزل، ثم خاف من حكمه بعد
العزل فتشفّع بابن أبي الخير صاحب البطيحة إلى الخليفة حتى أمنه،
فقدم بعد إحدى عشرة سنة وقد ذهب بصره، فلازم بيته، فلما مرض طلب أن
يدفن في دكة أحمد بن حنبل. قال لي عبد المغيث: بعث بي إلى الوزير
فقال: في الدكة جدّي لأمّي. فأنكر الوزير هذا وقال: كيف تنبش عظام
الموتى؟
[2] وقال ابن القطيعي: قرأت عليه شيئا من المذهب، وحضرت درسه، ولم
ير مثله في حسن عبارته، وعذوبة محاورته، وحسن سمته، ولطافة طبع،
ولين معاشرة، ولطف تفهيم. عطر بالرياسة، خليق بالتصدر، جدّ واجتهد
حتى صار انظر أهل زمانه، وأوحد أقرانه، ذو خاطر عاطر، وفطنة ناشئة.
أعرف الناس باختلاف أقوال الفقهاء. ظهر علمه في الآفاق. ورأى من
تلاميذه من ناظر ودرّس وأفتى في حياته. وصنّف القاضي أبو يعلى
تصانيف كثيرة منها:
«التعليقة» في مسائل الخلاف، كبيرة، و «المفردات» ، وكتاب «شرح
المذهب» وهو مما صنفه في شبيبته، وكتاب «النكت والإشارات في
المسائل المفردات» (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[3] انظر عن (محمد بن محمد بن عمر) في: الوافي بالوفيات 1/ 126 رقم
38، والمستدرك منه، وفي الأصل بياض. وقد جوّد الصفدي ضبطه فقال:
قرطف بالقاف والراء والطاء المهملة والفاء على وزن قطرب.
(38/314)
ولد سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ببغداد،
ومات فِي الخامس والعشرين من جُمَادَى الآخرة.
وكان من ظُرَفاء البغداديّين وشُعرائهم. وله مع براعته فِي
النَّظْم كتابةٌ فِي غاية الحُسْن.
روى عَنْهُ من شِعْره: أَبُو سَعْد السَّمْعانيّ، وأبو أَحْمَد بْن
سُكَيْنَة، وأحمد بْن طارق الكَرْكيّ [1] .
أنبأنا جماعة، عن ابن سُكَيْنَة: أنشدنا أبو الفتح ابن الأديب
لنفسه:
عاطل وهو بالمناقب خالي ... نَسَبُ المجدِ غيرُ عمَّ وخالِ
شبهُ قربِ الشّخوصِ وفي ... نقْد المعاني تبايُن الأشكالِ
ما استطال القنا بطُول الأنابيب ... ولكنْ بالصبر يوم النِّزال
رُبّ حُسْنٍ يعود قُبْحًا إذا لم ... تُرْوَ عَنْهُ مما حسُن
الأفعال
يوجد التِّبْرُ فِي التُّراب كَمَا ... يُسْتَخْرَجُ المِسْكُ من
[دم] [2] الغزال
وبالإسناد له:
طليقُ دمْعٍ أسير القلب عاينه ... كل بعينك فانظر ما يعانيهِ
تنام عن سهرٍ لا تلتقي قصّر ... أجفانه كلّما طَالِب بلياليهِ
تحيى على زَفَرات الشَّوق أَضْلُعُه ... وأنت فِي غفلةٍ عمّا
يُلاقيهِ
منها:
سهمٌ على القلب قُبَيْل السَّمْع موقفُهُ ... قد أَتْبَعتْهُ بسهمٍ
كفُّ راميهِ
وليلةُ الجزع لمّا بات يرشقني ... ثغرَ الزُّجاجة والصَّهْبَاءَ
مَن فِيهِ
شربتُ كأسَ مُدامٍ من سُلافتِهِ ... فبُحتُ بكاس عِتابٍ من تجنّيه
__________
[1] تقرأ في الأصل: «التركي» ، وهو من الكرك بالبقاع من أصل جبل
لبنان. وقد تقدّم التعريف بهذه النسبة.
[2] في الأصل بياض.
(38/315)
وبه له:
لم يبق بعد المَفْرِق الأشْيبِ ... لدَيْك من مَلْهى ولا ملعبِ
أنذرت الخمسينُ أنيابَهَا ... بعد ذَهاب العُمر المذهبِ
أُنْسِيتَ ما فات كأنّ الَّذِي ... مضى من الأيّام لم يُحْسَبِ
هَلْ هُوَ إلّا أَمَدٌ مُنْتَهَى ... إلى بعيد الدّار لم يعقبِ
مسافةٌ قد تطمعُ فِي قَطْعها ... بغير زادٍ وبلا مركبِ
يا وَيْحَ من أنفق أيّامَهُ ... فِي طلب المَتْجَرِ والمَكْسَبِ
ما هُوَ آتٍ غيرُ مُسْتَبْعَدٍ ... قد آن وضْع الحامِل المقربِ
وكلّ عام يرتجي المنى ... وهنّ قد سوّفن الوعد بي
وليس لي همٌّ سوى وَقْفةٍ ... فِي حَرَم المدفون فِي يَثْرِبِ [1]
360- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن عليّ بْن زَيْدٍ [2] .
الشّريف أَبُو طَالِب العَلوَيّ، الْحُسَيْنيّ، الْبَصْرِيّ،
النّقيب، نقيب الطّالبيّين بالبصرة ثُمَّ عُزل من النّقابة.
قال ابن السَّمْعانيّ: قَدِمَ بغداد عدّة نُوَب، وانحدَرْتُ فِي
صُحبته إلى البصرة واجتمعتُ به. وكان ظريفا مطبوعا.
__________
[1] وأورد له ابن النجار من قصيدة:
كلا السّوادين من قلبي ومن بصري ... فداء ما بيّض الفودين من شعري
صبغ على الرأس موقوف قضيت به ... ما شئت من لذة تلهى ومن وطر
مرّ الجديد به حينا فأخلقه ... وإنّما ذلك الأخلاق للعمر
ما ساعد تنقضي إلّا وقد أخذت ... شطرا من السمع أو شطرا من البصر
لو فكّر المرء في أطوار خلقته ... ما كان في غيرها يوما بمقبر
[2] انظر عن (محمد بن محمد بن محمد العلويّ) في: التقييد 107، 108
رقم 120، والعبر 4/ 172، وسير أعلام النبلاء 20/ 423- 425 رقم 281،
والمعين في طبقات المحدّثين 168 رقم 1804، والإعلام بوفيات الأعلام
231، ومرآة الجنان 3/ 344، والنجوم الزاهرة 5/ 370، وشذرات الذهب
4/ 190.
(38/316)
وكان أصحابنا البصْرييّن يقولون إنّه يكذب
كثيرا، فاحشا في أحاديث النّاس.
وروى ببغداد عن أبي علي البُسْريّ.
قال: وسمع منه، ومن: جَعْفَر العّبَّادانيّ، وأبي عُمَر الْحَسَن
بْن عليّ بْن مُحَمَّد بْن غسّان النَّحْويّ، ومحمد بْن عليّ بْن
العلّاف المؤدِّب.
قال ابن نقطة [1] : قدم بغداد سنة خمس وخمسين، وحدَّث بها على
أَبِي عليّ بكتاب «السُّنَن» لأبي دَاوُد الجزء الأوّل بالسّماع
المتّصل، والباقي إجازة، إن لم يكن سماعا.
ثنا عَنْهُ: أبو طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد
السّميع، وسماعه من التُّسْتَريّ سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
وقال عُمَر بْن عليّ الْقُرَشِيّ فِي «معجمه» : أَنَا الشّريف أبو
طَالِب مُحَمَّد بْن أبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْنِ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عليّ بْن ماعز [2] ابن الأمير
عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن جَعْفَر بْن
الْحُسَيْن بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ [3] بْنِ أَبِي طَالِبٍ
الهاشميّ، العَلوَيّ، ويعرف بابن أبي زيد، وسألته عن مولده فقال:
في ربيع الأول سنة إحدى وستّين وأربعمائة.
وتُوُفيّ فِي ربيع الأوّل سنة ستّين.
قلت: وقال ابن السَّمْعانيّ: وُلِدَ سنة تسعٍ وستِّين وأربعمائة.
وقال ابن النّجّار: سَأَلت النّقيب أَبَا جَعْفَر يحيى بن محمد بن
محمد،
__________
[1] في التقييد 107.
[2] في الأصل: «ياعز» ، والتصحيح من: التقييد.
[3] هكذا في الأصل، وفي التقييد 107 «جعفر بن الحسن بن علي» ، وفي
سير أعلام النبلاء 20/ 424 «جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي» .
(38/317)
عن والده مَتَى وُلِدَ؟ قال: سنة تسعٍ
وستِّين.
قلت: وروى أبو طَالِب ببغداد كتاب «السُّنَن» . استقدمه الوزير ابن
هُبَيْرة وألزمه، وسمع منه الكتاب.
وقد حدُّث أبو الفتوح بْن الحصْريّ عَنْهُ بالسّماع المتّصل، وقال:
أُخبرت أنّ سماعه ظهر بعد ذلك [1] .
قال ابن نُقْطة [2] : وهذا القول عندي فِيهِ نَظَر، لأنّا لم نسمع
أحدا قاله غير ابن الحصْريّ، والصّحيح عندي ما قيّده أبو المحاسن
الْقُرَشِيّ، يعني الجزء الأول فقط، وآخره عند كراهة مسِّه
الذَّكَر فِي الاستبراء.
قال ابن نُقْطة: وحدَّثني أبو مَسْعُود [3] مُحَمَّد بْن مُحَمَّد
بْن جَعْفَر الْبَصْرِيّ الفقيه قال:
قال لي عليّ بْن الْحَسَن ابن المعلَّمة: لمّا ورد [إلى بغداد] [4]
وأقرأنا «السُّنَن» على أبي زَيْدٍ النّقيب، كتب لي أبو المحاسن
الْقُرَشِيّ [5] يطلب منّا سماع الشّيخ في «سنن أبي داود» ، فطلبت
[6] فلم أجد سماعه إلا فِي جزءٍ واحد [7] .
__________
[1] قال ابن نقطة: حدّث عنه بالسنن شيخنا أبو الفتوح نصر بن أبي
الفرج بن علي الحصري البغدادي المجاور بمكّة، ورأيت بمصر بعض طلبة
الحديث قد كتب من مصر إلى مكة استجازة إلى ابن الحصري وسأله أن
يبين عنه إسناده بالسنن: هل فيه إجازة أم لا؟ فكتب إليه: أنه
بالسماع المتصل، وكذلك حدّث بها بمكة، وقال: أُخبرت أنّ سماعه ظهر
بعد ذلك، (التقييد) .
[2] في التقييد 108 وهو تعقيب على ما تقدّم.
[3] في التقييد 108 «أبو السعود» .
[4] ما بين الحاصرتين إضافة يقتضيها السياق للتوضيح.
[5] في التقييد 108 «الدمشقيّ» .
[6] في التقييد: «فطفت» .
[7] زاد ابن نقطة: وسألت شيخنا أبا طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن
مُحَمَّد بْن عَبْد السّميع الهاشمي الواسطي بها في الرحلة الثانية
عن كتاب «السنن» وسماع ابن أبي زيد فيه، فقال لي: سمعت منه أشياء
في أول الكتاب وسمعت الناس يتكلمون في روايته، فما أخرجت في مشيختي
عنه
(38/318)
قلت: عاش ستَّا وتسعين سنة، وقد رَوَاهُ
المقداد بْن أبي القَاسِم القَيْسيّ بدمشق، أعني «السُّنَن» كلَّه،
عن ابن الحصْريّ، بسماعه عن العَلوَيّ، عن التُّسْتَريّ لجميع
الكتاب سَماعا، فاللَّه أعلم بحقيقة الأمر.
أنبئونا عن أَحْمَد بْن طارق: أنشدنا أبو طَالِب العَلوَيّ لنفسه:
لا تشكون دهرا [سَطَا] [1] ... شَكْوَاكُهُ عينُ الخَطَا
واصْبِر على حَدَثَانهِ ... إن جارَ يَوْمًا وامتطى [2]
الدَّهْرُ دهرٌ قُلَّبٌ ... يوماهُ بؤسٌ أو عَطَا [3]
361- مُحَمَّد بْن سعود بْن عَبْد الملك بْن خُنَيْس [4] .
أبو الكَرَم الغسّال، البزّار. بغداديٌّ، مطبوعٌ، صاحب نوادر،
وحكايات، وأشعار، وله بضاعة يتّجر فيها إلى الحجاز والرّيّ.
سمع من: جَعْفَر السّرّاج، وأبي القَاسِم الزَّيْلعيّ، وجماعة.
قال ابن السمعاني: كتبت عنه، وقال لي: ولدت سنة أربع وتسعين
وأربعمائة.
وقال ابن مَشِّق: تُوُفّي فِي سابع عَشْر ربيع الأوّل.
روى عَنْهُ: ابن الأخضر، وابن الحصريّ [5] .
__________
[ () ] شيئا خيفة أن يكون إسناده لا يصحّ، فقلت له: إنّ سماعه
بالجزء الأول صحيح متصل، ثم قرأت عليه منه.
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: سير أعلام النبلاء.
[2] في الأصل: «امتطا» .
[3] سير أعلام النبلاء 20/ 425.
[4] انظر عن (محمد بن سعود) في: الكامل في التاريخ 11/ 321 وفيه
«محمد بن سعد» .
[5] قال ابن الأثير: وله شعر حسن، فمن قوله:
أفدي الّذي وكّلني حبّه ... بطول إعلال وإمراض
ولست أدري بعد ذا كلّه ... أساخط مولاي أم راض
(38/319)
362-[مُرْجان] [1] الخادم [2] .
قال ابن الْجَوْزِيّ: كان يقرأ القرآن، ويعرف شيئا من مذهب
الشّافعيّ، وتعصب على الحنابلة فوق الحدّ. [حتّى أنّ الحطيم
الَّذِي كان برسْم الوزير ابن هُبَيْرة بمكة يصلّي فِيهِ ابن
الطيّاخ الحنبلي مضى مرجان وأزاله من غير تقدّم بُغضًا للقوم،
وناصبني] [3] دون الكُلّ، وبلغني أنّه كان يقول: مقصودي [قلْع هذا]
[4] المذهب، ولمّا مات الوزير ابن هُبَيْرة سعى بي إلى الخليفة
فقال: عنده كُتُبٌ مثل كتب الحريريّ [5] ، فقال الخليفة: هذا
مُحال، فإنّ فلانا كان عنده أحد عشر دينار [ألأبي حكيم وكان
حشريّا] [6] فما فعل لها شيئا حَتَّى [طالَعَنا] [7] . فدفع عنّي
شرّه [8] .
ومات فِي ذي القعدة.
363-[ ... ] [9] بْن عَبْد اللَّه بْن عزيزة.
أبو الغنائم الأصبهانيّ.
تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] انظر عن (مرجان الخادم) في: المنتظم 10/ 213 رقم 305 (18/ 166
رقم 4256) ، ومرآة الزمان 8/ 255، والبداية والنهاية 12/ 250.
[3] ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم.
[4] في الأصل بياض. والمستدرك من المنتظم.
[5] في المنتظم: «عنده كتب من كتب الوزير» .
[6] إضافة من المنتظم.
[7] في الأصل بياض. والمستدرك من المنتظم.
[8] وزاد ابن الجوزي: ولقد حدّثني سعد الله البصري وكان رجلا
صالحا، وكان مرجان حينئذ في عافية، قال: رأيت مرجان في المنام ومعه
اثنان قد أخذا بيده، فقلت: إلى أين؟ قالا: إلى النار. قلت: لماذا؟
قالا: كان يبغض ابن الجوزي. ولما قويت عصبيّته لجأت إلى الله
سبحانه ليكفيني شرّه فما مضت إلّا أيام حتى أخذه السّدّ فمات يوم
الأربعاء حادي عشر ذي القعدة من هذه السنة ودفن بالترب.
[9] في الأصل بياض، لم أتبيّنه.
(38/320)
364-[محمود] [1] بْن عبد العزيز.
شهاب الدِّين الحامديّ، الهَرَويّ، وزير السّلطان رسلان، ووزير
أتابكه إلْدكِزِ.
تُوُفّي فِي ربيع الأوّل من سنة ستّين. وكان من رجال الدّهر حزْمًا
ورأيا.
365- المظفَّر بْن هبة اللَّه بْن المظفَّر.
أبو شجاع ابن المسلمة، البغداديّ.
سمع: أَبَا القَاسِم بْن بَيَان، وشُجاعًا الذُّهْليّ.
روى عَنْهُ: يُوسُف بْن الطُّفَيْل الدّمشقيّ.
وتُوُفيّ فِي رمضان.
- حرف النون-
366- نصر بْن إدريس [2] .
أبو عَمْرو الشَّقوريّ [3] .
الرجل الصّالح، قاضي شاطِبة.
روى عن: أبي الحريز العاص، ويونس بْن مغيث.
ورّخه أبو عَبْد اللَّه الأَبَّار.
- حرف الهاء-
367- هبة اللَّه بْن صاعد بن هبة الله بن إبراهيم [4] .
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من: الكامل في التاريخ 11/ 321.
[2] انظر عن (نصر بن إدريس) في: تكملة الصلة لابن الأبار.
[3] الشّقوري: بفتح أوله، وبعد الواو الساكنة راء، نسبة إلى شقورة:
مدينة بالأندلس شمالي مرسية. (معجم البلدان 3/ 355) .
[4] انظر عن (هبة الله بن صاعد) في: معجم الأدباء 19/ 276- 282
وخريدة القصر (قسم العراق) 1/ 155 و 2/ 281، وتاريخ الحكماء 144،
وتاريخ مختصر الدول 209، 210، وأخبار العلماء بأخبار الحكماء 222-
224، وعيون الأنباء في طبقات الأطباء 1/ 349- 371، ووفيات الأعيان
6/ 69- 77، والمختصر في أخبار البشر 3/ 45، والعبر 4/ 172،
(38/321)
أمين الدّولة، أبو الْحَسَن ابن التّلميذ
النَّصْرانيّ، المسيحيّ، البغداديّ، شيخ الطّبّ. سُقْراط عصره،
وجالينوس زمانه، شيخ النَّصارى لعنهم اللَّه وقِسِّيسهم.
ذكره العماد فِي «الخريدة» [1] وما بلغ فِي وصف هذا الخنزير، ومن
ما قاله: هُوَ سلطان الحكماء، ومقصِد العالم فِي علم الطّبّ [2] .
وقال الموفَّق أَحْمَد بْن أَبِي أُصَيْبَعَة فِي تاريخه [3] : ابن
التّلميذ، أوحد زمانه فِي صناعة الطِّبّ، ومباشرة أعمالها، ويدلّ
على ذلك ما هُوَ مشهورٌ من تصانيفه وحواشيه على الكُتُب
الطّبّيَّة، وكان [ساعور] [4] البيمارستان المعتضديّ ببغداد إلى
حين وفاته.
__________
[ () ] وسير أعلام النبلاء 20/ 354 رقم 243، وصفحة 423 في آخر
الترجمة رقم 280، والإعلام بوفيات الأعلام 231، ونزهة الأرواح
(مخطوط) بالمجمع العلمي العراقي، ورقة 234، وتاريخ ابن الوردي 2/
106، 107، ومرآة الجنان 3/ 344، والوافي بالوفيات (مخطوط) 27/ 115-
118، والبداية والنهاية 12/ 250، وشذرات الذهب 4/ 190، 191، وهدية
العارفين 2/ 505، وديوان الإسلام لابن الغزّي 2/ 45، 46 رقم 626،
والأعلام 8/ 72، ومعجم المؤلفين 13/ 138.
[1] لم يترجم له في القسم العراقي، بل أورده عرضا في قول بعض
الشعراء فيه.
[2] وزاد ابن خلكان: بقراط عصره وجالينوس زمانه. ختم به هذا العلم،
ولم يكن في الماضين من بلغ مداه في الطب، عمّر طويلا، وعاش نبيلا
جليلا، ورأيته وهو شيخ بهيّ المنظر، حسن الرواء، عذب المجتلى
والمجتنى، لطيف الروح ظريف الشخص، بعيد الهمّ، وعالي الهمّة، ذكيّ
الخاطر، مصيب الفكر، حازم الرأي. شيخ النصارى وقسّيسهم، ورأسهم
ورئيسهم. وله في النظم كلمات رائقة، وحلاوة جنيّة، وغزارة بهيّة.
ومن شعره في الميزان لغزا:
ما واحد مختلف الأسماء ... يعدل في الأرض وفي السماء
يحكم بالقسط بلا رياء ... أعمى يري الإرشاد كلّ راء
أخرس لاعق علّة وداء ... يغني عن التصريح بالإيماء
يجيب إن ناداه ذو امتراء ... بالرفع والخفض عن النداء
يفصح إن علّق في الهواء
[3] في عيون الأنباء 1/ 349.
[4] في الأصل بياض، والمستدرك من: عيون الأنباء، ومعجم الأدباء.
والساعور: مقدّم النصارى في علم الطب.
(38/322)
سافر فِي صِباه إلى العجم، وبقي بها فِي
الخدمة زمانا. وكان يكتب خطّا منسوبا، خبيرا باللّسان السُّرْيانيّ
واللّسان الفارسيّ، واللّغة، وله نَظْمٌ حَسَن، ظريف. وكان والده
أبو العلاء صاعد طبيبا مشهورا.
وكان أمين الدّولة، وأبو البركات أوحد الزّمان فِي خدمة المستضيء
بأمر اللَّه، وكان أوحد الزّمان أفضل من أمين الدّولة فِي العلوم
الفلسفيَّة، وله فيها تصانيف. وكان الآخر أبصر بالطّبّ، وكان
بينهما عداوة، ولكن كان ابن التّلميذ أوفر عقلا، وأجود طباعا.
وقال ابن خِلِّكان [1] : كان أوحد الزّمان، واسمه هبة اللَّه بْن
مُحَمَّد بْن مَلْكَا [2] ، يهوديّا فأسلم فِي آخر أيّامه، وأصابه
الجذام فعالَجَ روحه [بتسليط الأفاعي] [3] على جسده بعد أن
تجرَّعَها، فبالَغَتْ فِي نهشه، فبرئ من الجذام وعَمى [4] ، فعمل
ابن التلميذ:
لنا صديق يهوديّ حماقته ... إذا تكلّم تبدو فِيهِ مِن فِيهِ
يتِيهُ والكلبُ أعلى [5] منه مَنْزِلَةً ... كأنّه بعدُ لم يخرجْ
من التِّيهِ [6]
وقال الموفّق عَبْد اللّطيف بْن يُوسُف: كان ابن التّلميذ كريم
الأخلاق، عنده سخاء ومُرُوءة، وأعمال فِي الطَّبِّ مشهورة، وحُدُوس
صائبة، منها أنّه أُدِخل إليه رجلٌ ينزف دما [فِي زمن الصّيف] [7]
فسأل تلاميذه، وكانوا قدر
__________
[1] في وفيات الأعيان 6/ 74.
[2] في الوفيات: «هبة الله بن علي بن ملكان» ، والمثبت يتفق مع:
معجم الأدباء، وأخبار العلماء 224، ومن ترجمته الآتية برقم (380) ،
وجاء في وفيات الأعيان 6/ 76: «ملكان جدّ أوحد الزمان، وهو بفتح
الميم والكاف وبينهما لام ساكنة، وبعد الألف نون» .
[3] في الأصل بياض. والمستدرك من وفيات الأعيان 6/ 74.
[4] ستأتي ترجمة أوحد الزمان برقم (380) .
[5] في الأصل: «أعلا» .
[6] معجم الأدباء 19/ 278، وفيات الأعيان 6/ 74، أخبار العلماء
225، تاريخ مختصر الدول 210.
[7] في الأصل بياض، والمستدرك من وفيات الأعيان 6/ 77.
(38/323)
خمسين، فلم يعرفوا المرض، فأمره أن يأكل
خُبْز شعير مع باذنْجان مَشْويّ، ففعل ذلك ثلاثة أيّام، فبرئ،
فسأله أصحابه عن العلّة، فقال: إنّ دمه قد رقّ، ومَسَامَّهُ
تفتَّحت، وهذا الغذاء من شأنه تغليظ الدّم وتكثيف المسامّ.
قال: ومن مُرُوءته أنّ ظهر دارهِ كان يلي [المدرسة ال] [1]
نظاميّة، فإذا مرض فقيه نقله إليه، وقام فِي مرضه عليه، فإذا أبلّ
وهْب له دينارين وصرفه [2] .
وقال الموفَّق بْن أبي أُصَيْبعة [3] : كان الخليفة قد فوَّض إليه
رئاسة الطّبّ، فَلَمّا اجتمع الأطبّاء ليمتحنهم، كان فيه شيخٌ له
هيئةٌ ووَقَارٌ، فأكرمه، وكان للشّيخ ذريَّة، وكان يعالج من غير
عِلْم. فَلَمّا انتهى الأمر إليه قال له ابن التّلميذ: لِمَ لا
[تلزم] [4] الجماعة فِي التَّخْت لتعلم ما عندهم فِي هذه
الصَّنْعة؟
فقال: وهل تكلّموا بشيء إلّا وأنا أعلمه، وسبق لي فَهْمُ أضعافه.
قال: فَعَلَى مَن قرأتم؟
قال: يا سيّدنا إذا صار الْإِنْسَان فِي هذا السّنّ ما يليق به
إلّا أن يُسأل:
كم لكم من التّلاميذ.
قال: فأخبِرْني ما قرأتَ من الكُتُب.
قال: سبحان اللَّه، صرنا إلى حدّ الصّبْيان. أتسألُ مثلي هذا؟
أَنَا يقال لي: ما صنفتم فِي الطّبّ، وكم عندكم من الكُتُب
والمقالات. ولا بدّ أن أُعرِّفَك بنفسي.
ثُمَّ دنا من أُذُن أمين الدّولة وقال له سرّا: اعلم أنّني قد شخت
وأنا
__________
[1] في الأصل: «كان يلي نظامية» ، والمستدرك من وفيات الأعيان.
[2] وفيات الأعيان 6/ 77.
[3] في عيون الأنباء.
[4] في الأصل بياض.
(38/324)
[جاهل] [1] بالطبّ، وما عندي إلّا معرفة
اصطلاحات مشهورة، وعُمري كلّه الكسْب بهذا الفنّ، ولي عائلة،
فسألتُك باللَّه أنْ [تسترني] [2] ولا تفضحني بين الجماعة.
فقال: على شرط أنّك لا تهجم على مريضٍ بما لا تعلمه.... [3] فقال
الشَّيْخ: هذا مذهبي مُذْ كنتُ وما تعدَّيت [وصف شراب] [4]
اللّيمون والْجُلاب.
فقال ابن التّلميذ للجماعة جَهْرًا: يا شيخ ما كنّا نعرفك
فاعذُرنا.
وقال ابن أبي أُصَيْبَعة: حَدَّثَني سَعْد الدِّين بْن أبي سهل
البغداديّ: رَأَيْت ابنَ التّلميذ، وكان يحبّ صناعة الموسيقى، وله
مَيْلٌ إلى أهلها.
وكان شيخا رُبْع القامة، عريض اللّحية، حُلْو الشّمائل، كثّير
النّادرة.
ومن نَظْم ابن التّلميذ:
[لو كان] [5] يحسِن غُصْن [البان] [6] ... مشيَتُها تأوُّدًا
لَحَكَاهَا غيرَ محتّشِمِ
فِي صدْرها كوكبا نورٍ أَقَلَّهُما ... ركْنان لم يقربا [7] من كفّ
مستلِمِ
هتانَتْهُما فِي حريرٍ من غَلائِلها ... فنحن [8] فِي الحِلّ
والرّكْنان فِي الحَرَمِ [9]
وله:
عانَقْتُها وظلامُ اللّيل مُنْسَدلٌ ... ثُمَّ انتبهتُ برد الحي في
الغلس
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل بياض. والمستدرك من (معجم الأدباء) .
[6] إضافة على الأصل من المعجم.
[7] في المعجم: «ركنان ما لمسا» .
[8] في المعجم: «فتلك» .
[9] الأبيات في: معجم الأدباء 19/ 281.
(38/325)
فغرقت [ ... ] [1] خوفا أنْ أُنَبِّهَهَا
... وأتّقي أنْ يذوب العِقْد من نَفَسِي
وله:
[.........] [2] كتمنا ... مستقيم فنام نظيرك
[.........] [3] خصيتك ... فلا يقوم ببيض غيرك [4]
وله من الكُتُب [أقراباذين] [5] وهو مشهور يتداوله النّاس، وآخر
اسمه «الموجز» صغير، واختصار كتاب «الحادي» للرّازيّ، واختصار «شرح
جالينوس» لفصول أبِقْراط، «وشرح مسائل [حُنَين بْن إسحاق] [6]
واختصر «الحواشي على القانون» لابن سينا، ومقابلة فِي الفَصْد،
وتصانيف سوى ذلك [7] .
وتُوُفيّ فِي الثامن والعشرين من ربيع الأول، وله أربع وتسعون [8]
سنة،
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] ومن شعره:
كانت بلهنية الشبيبة سكرة ... فصحوت واستأنفت سيرة مجمل
وقعدت أرتقب الفناء كراكب ... عرف المحلّ فبات دون المنزل
(تاريخ مختصر الدول 209) .
[5] في الأصل بياض، والمستدرك من وفيات الأعيان.
[6] في الأصل بياض، والمستدرك من معجم الأدباء.
[7] وذكر ياقوت: «حاشية على المنهاج» لابن جزلة، و «حاشية على كتاب
المائة» للمسيحي، و «شرح أحاديث نبوية تشتمل على مسائل طبّيّة» ، و
«تتمّة جوامع الإسكندرانيّين لكتاب حيلة البرء» ، و «مختصر تفسير
تقدمة المعرفة» لأبقراط، و «كتاب الأشربة» لمسكويه، و «مختار كتاب
أبدال الأدوية لجالينوس» ، و «مختار كتاب المائة للمسيحي» ، و
«الكنّاش في الطب» ، و «المقالة الأمينية في الأدوية
البيمارستانية» ، و «الأقراباذين» الكبير، و «الأقراباذين» الصغير،
و «ديوان رسائل» مجلّد ضخم، و «ديوان شعر» مجلّد صغير. (معجم
الأدباء 19/ 278، 279) .
[8] في الأصل: «أربع وسبعون» ، والفصيح من معجم الأدباء 19/ 279،
ووفيات الأعيان 6/ 76 وفيه أنه ناهز المائة من عمره.
(38/326)
لا رحمه اللَّه، وخلّف أموالا جزيلة،
وكُتُبًا فائقة. ورثه ابنه، ثُمَّ أسلم ابنه قُبَيْلَ موته، وعاش
نحوا من الثّمانين [1] ، واختنق فِي داره، وأُخِذ ماله، ونُقِلَت
كُتُبُه على عَشْر جمال.
وكان ابن التّلميذ قد قرأ الطّبّ على أبي الْحَسَن سَعِيد بْن هبة
اللَّه [2] صاحب المصنّفات.
وذكر الموفّق بْن عَبْد اللّطيف أنّ ولدَ أمين الدّولة كان شيخه
فِي الطّبّ، وأنّه انتفع به، وقال: لم أر من يستحقّ اسم الطّبّ
غيره، وخُنِق فِي دِهْليزه [3] .
قلت: ومن قارب أمين الدّولة لأجل الحكمة:
368- مُعْتمد المُلْك أبو الفَرَج يحيى بْن صاعد بْن يحيى ابن
التّلميذ [4] .
وكان بارعا فِي الطّبّ رأسه فِي الفلسفة، وله شِعْرٌ رائق، وله
عدَّة تلاميذ. وقد مدحه الشّريف أبو يَعْلَى مُحَمَّد بْن سارية،
وكان قد أتاه إلى أصبهان، فحصّل له من الأمراء والأعيان مالا
كثيرا، فقال فِيهِ قصيدة منها:
نعْمَى أبي الفَرَج بْن صاعد الَّذِي ... ... فِي المكاسب نائبا
ثقة أخلاقه سيّد الحكماء ... معتمد الملوك الفيلسوف الكاتبا
- حرف الياء-
369- ياغي أرسلان بن دانشمند [5] .
صاحب ملطية جرى بينه وبين قلج أرسلان بْن مَسْعُود السلجوقي حروب
لأنَّه كان جاره بقونية. وسببها أن قلج أرسلان تزوج بابنة الملك
قتليق
__________
[1] وفيات الأعيان 6/ 77.
[2] في الوفيات 6/ 75: «هبة الله بن سعيد» ، والمثبت يتفق مع: عيون
الأنباء.
[3] وفيات الأعيان 6/ 77.
[4] انظر عن (معتمد الملك يحيى بن صاعد) في: معجم الأدباء 20/ 20
رقم 7، وأخبار العلماء بأخبار الحكماء 28، 229.
[5] في الأصل: «الشمند» ، وفي العبر 4/ 172 «الداشمند» ، وفي سير
أعلام النبلاء 20/ 425 «دانشمد» ، وفي شذرات الذهب 4/ 191
«الداشمند» .
(38/327)
فجهِّزت إليه، فنزل ياغي أرسلان فأخذ
العروس وجهازها ثُمَّ أراد أن يزوجها بابن أخيه ذي النون فقيل لَهُ
لا يصلح هذا، فعلمه بعض فقهاء الرأي أن يأمرها بالردة عن الإسلام
فارتدت لينفسخ النكاح، ثُمَّ أسلمت فزوجها لذي النون.
فسار قلج أرسلان لقتاله فعملا مصافا فانهزم قلج أرسلان. وهلك ياغي
أرسلان عقب ذلك، وتملك بعده ابن أخيه إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن
كشمند وأخوه ذو النون واتفقا مع قلج أرسلان.
370- يحيى بْن مُحَمَّد بْن هُبَيْرة بْن سَعِيد بْن الْحَسَن بْن
جَهْم [1] .
أبو المظفَّر [يمين الخلافة] [2] الوزير عون الدّين.
ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة بدُور [3] ، وهو موضع من سواد
العراق، بقرية بني أوقر [4] ، ودخل بغداد فِي صِباه، وطلب العلم،
وعاشر
__________
[1] انظر عن (يحيى بن محمد) في: الإنباء في تاريخ الخلفاء 225،
226، وخريدة القصر (قسم العراق) 1/ 96، والمنتظم 10/ 214- 217،
والكامل في التاريخ 11/ 321، وزبدة التواريخ للحسيني 226، 239،
242، 245، 248، 250، 251، 259، ومختصر التاريخ لابن الكازروني 231،
233، ومرآة الزمان 8/ 255- 261، وكتاب الروضتين 2/ 349، ووفيات
الأعيان 6/ 230- 244، وتاريخ إربل 1/ 196 و 243، ومفرّج الكروب 1/
147، والفخري 312- 315، وتلخيص معجم الألقاب ج 4 ق 2/ 988 رقم
1464، وآثار البلاد وأخبار العباد 367، 368، والتذكرة الفخرية 95،
والمختصر في أخبار البشر 3/ 42، وخلاصة الذهب المسبوك 276- 278،
وتراجم ابن عبد الهادي (مخطوط) 2/ 110، والعبر 4/ 172، والمعين في
طبقات المحدّثين 168 رقم 1805، والإعلام بوفيات الأعلام 231،
والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي 3/ 248 رقم 1358، 173،
وسير أعلام النبلاء 20/ 426- 432 رقم 282، ودول الإسلام 2/ 74، 75،
وتاريخ ابن الوردي 2/ 106، ومرآة الجنان 3/ 344- 346، والبداية
والنهاية 12/ 251، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 251- 289، رقم 131،
وتاريخ ابن خلدون 3/ 524، ومطالع البدور 2/ 114، والنجوم الزاهرة
5/ 369، 370، وتاريخ الخلفاء 444، والدرّ المنضّد في رجال أحمد
للعليمي (مخطوط) ورقة 71 ب، و 72 أ، وكشف الظنون 33، 103، 1462،
وشذرات الذهب 4/ 191- 197، وإيضاح المكنون 1/ 255 و 2/ 77، وهدية
العارفين 8/ 159- 163.
[2] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[3] في الأصل: «دوار» والتصحيح من: آثار البلاد.
[4] في الأصل: «ذخر» . والمثبت من (معجم البلدان 2/ 481) .
(38/328)
الفُقهاء والأدباء وسمع الحديث، وقرأ
القراءات، وشارك في فنون عديدة.
وكان خبيرا باللّغة، ويعرف النّحو والعروض. وكان مسدّدا في السّنّة
واتّباع السّلف، ثمّ أمضّه الفقر فتعرّض للكتابة وأدّب، [وشارف]
[1] الخزانة، ثمّ ولي ديوان الزّمام للمقتفي بأمر الله، ثمّ
استوزره المقتفي سنة أربع وأربعين فدام وزيره، ثمّ وزر لولده
المستنجد إلى أن مات.
وكان من خيار الوزراء أدبا، وصلاحا، ورأيا، وعقلا، وتواضعا لأهل
العلم وَبَرًّا بهم.
سمع: أَبَا عثمان بْن ملَّة، وأبا القَاسِم بْن الحُصَيْن، ومن
بعدهما.
وكان يحضر مجلسَه الأئمَّةُ والفقُهاء، ويُقرأ عنده الحديث على
الرُّواة، ويُجْرى من البحوث والفوائد عجائب. دخل عليه الحَيْصُ
بَيْصُ مرَّةً، فقال له ابن هُبَيْرة، قد نَظَمْتُ بيتين تقدر أن
تعزِّزَهُما بثالثٍ؟. فقال: وما هما؟ قال:
زار الخيالُ نحيلا [2] مثلَ مُرْسِلِهِ ... فما شفاني منه الضَّمُّ
والقُبِلُ
ما زارني قَطُّ [3] إلّا أنْ [4] يوافقني ... على الرُّقاد
فينْفيهِ ويرتحلُ
فقال الحَيْصُ بَيْص من غير رَويَّةٍ:
وما دَرَى أنّ نومي حيلةٌ نُصِبَتْ ... لوصْلِهِ حين رَأَى [5]
اليقْظَةَ الحيل [6]
__________
[1] في الأصل بياض. والمستدرك من (سير أعلام النبلاء) .
[2] في الأصل: «نجلاء» ، وفي التذكرة الفخرية: «نجيلا» .
[3] في سير أعلام النبلاء: «ما زارني الطيف» .
[4] في المصادر: «إلّا كي» .
[5] في المصادر: «حين أعيّا» .
[6] الأبيات في: وفيات الأعيان 6/ 57 (في ترجمة ابن القطان
البغدادي) . وفيه إن ابن القطان هو الّذي أنشد البيتين الأولين
أمام الوزير عليّ بن طراد الزينبي، وطلب من الحيص بيص أن يعزّزهما
بثالث، فأنشده البيت الأخير، وهو في ديوانه 2/ 16. والأبيات
الثلاثة في (التذكرة الفخرية) للإربلي ص 95 وفيه إنّ الحيص بيص دخل
على الوزير ابن هبيرة وهو ينشد البيتين، ويقول: هذا والله تامّ
وفوق التامّ، لا بل التامّ جزء منه. فقال الحيص بيص: يا مولانا له
تمام، فقال: انظر ما تقول! قال: نعم بشرط أن يعيده الوزير، فأعاده.
فقال البيت الأخير، فأجازه وأحسن صلته.
(38/329)
وذكره أَبُو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [1]
فقال: كان يجتهد فِي اتّباع الصّواب، ويحذر الظُّلْم، ولا يَلْبَس
الحرير. قال لي: لمّا رجعت من الحِلَّة دخلت على المقتفي، فقال لي:
ادخل هذا البيتَ وغيّر ثيابك. فدخلت فإذا خادم وفرّاش [2] ومعهم
[3] خلعة حرير، فقلت: واللهِ ما ألبَسُها. فخرج الخادم فأخبر
المقتفي فسمعت صوته يقول: قد واللهِ قلتُ إنّه ما يلْبَس.
وكان المقتفي مُعْجَبًا به ولمّا استُخلِف المستنجد دخل عليه فقال
له:
يكفي فِي إخلاصي أنّي ما حابَيْتُك فِي زمن أبيك. فقال: صَدَقْت.
قال: وقال مُرجانُ الخادم: سَمِعت المستنجد باللَّه ينشد لوزيره
وقد مثُل بين يديه فِي أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدِّين
وإصلاح أمور المسلمين، فأُعجِب المستنجد به، فأنشده لنفسه:
صَفَتْ نِعمتان خَصَّتَاكَ وَعَمَّتا ... فذِكْرُهُمَا حَتَّى
القيامةِ يُذْكَرُ [4]
وجُودك والدَّنيا إليك فقيرةٌ ... وجُودُك والمعروفُ فِي النّاس
يُنْكَرُ [5]
فلو رامَ يا يحيى مكانَك جَعْفَر ... ويحيى لكَفّا عَنْهُ يحيى
وجعفرُ [6]
ولم أر من يَنْوِي لك السُّوء يا أَبَا المظفَّر ... إلا كنتَ أنت
المظفّر [7]
__________
[1] في المنتظم 10/ 214 (18/ 166، 167) .
[2] في الأصل: «وأفرش» .
[3] في المنتظم: «ومعه» .
[4] هذا الشطر في ديوان ابن حيّوس: «حديثهما حتّى القيامة يؤثر» .
[5] في ديوان ابن حيّوس: «وجودك والمعروف في الخلق منكر» .
[6] المقصود هما الوزيران: يحيى بن خالد البرمكي، وابنه جعفر بن
يحيى، وهما وزرا لها دون الرشيد.
[7] الأبيات في المنتظم 10/ 214 (18/ 167) ، وسير أعلام النبلاء
20/ 427، 428، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 260.
والبيتان الأوّلان ليسا لابن هبيرة بل هما لابن حيّوس الغنوي
قالهما من قصيدة يمدح بها نصر بن محمود بن صالح بن مرداس أمير حلب،
مطلعها:
هل العدل إلّا دون ما أنت مظهر ... أو الخير إلّا ما تذيع وتضمر
(انظر ديوان ابن حيّوس- بتحقيق خليل مردم بك 1/ 269 و 275) .
(38/330)
قال ابن الْجَوْزِيّ [1] : وكان يبالغ فِي
تحصيل التّعظيم للدّولة، قامعا للمخالفين بأنواع الْحِيَلِ. حسم
أمور السّلاطين السّلْجُوقيَّة [2] ، وكان شِحْنةٌ، قد أذاه فِي
صِباه [3] ، فَلَمّا وَزَرَ أحضره وأكرمه. وكان يتحدّث بِنَعم
اللَّه، ويذكر فِي منصبه شدَّة فقره القديم.
ثمّ قال: نزلت يَوْمًا إلى دِجْلة وليس معي رغيف أعبر به، وكان
يُكثر مجالسةَ العلماء والفُقراء، وكان يبذل لهم الأموال. وكانت
السَّنَةُ تدور وعليه ديون، وقال: ما وَجَبتْ عليَّ زكاةٌ قَطّ [4]
.
وكان إذا استفاد شيئا قال: أفادَنِيه فلان. أفَدْتُه معنى حديث [5]
، فكان يقول: أفادِنيه ابن الْجَوْزِيّ. فكنت أسْتحِي من الجماعة.
وجعل لي مجلسا فِي داره كلّ جمعة، وأذن للعوامّ فِي الحضور. وكان
بعض الفقراء يقرأ عنده كثيرا، فأعجب وقال لزوجته: أريد أن أزوّجه
بابنتي. فغضبت الأمّ من ذلك.
وكان يقرأ عنده الحديثَ كلّ يومٍ بعد العصر. فحضر فقيهٌ مالكيٌّ،
فذُكِرَتْ مسألةٌ، فخالف فيها الجميع وأصرّ، فقال الوزير:
أَحِمَارٌ أنت! أما ترى الكلَّ يُخالفونَك!؟ فَلَمّا كان فِي اليوم
الثّاني قال للجماعة: إنّه جرى منّي بالأمس على هذا الرجل ما لا
يليق، فليَقُلْ لي كَمَا قلتُ له، فما أَنَا إلّا كأحدكم.
فضجّ المجلس بالبكاء، واعتذر الفقيه وقال: أَنَا أَوْلَى
بالاعتذار. وجعل يقول: القِصاص القِصاص، فلم يزل حَتَّى قال يُوسُف
الدّمشقيّ: إذْ أبى [6] القِصاص فالفِداء، فقال الوزير: له
حُكْمُهُ. فقال الفقيه: نِعَمُكَ عليَّ كثيرةٌ، فأيُّ حُكْمٍ بقي
لي؟
قال: لا بدّ.
__________
[1] في المنتظم 10/ 214، 215 (18/ 167، 168) .
[2] ذكر ابن الجوزي بعدها حكاية.
[3] ذكر ابن الجوزي حكايته في المنتظم. وانظر: الفخري 312 و 313.
[4] وانظر: الفخري 312.
[5] «من فاته حزبه بالليل فصلّاه قبل الزوال كان كأنّه صلاه
بالليل» . الحديث.
[6] في المنتظم 10/ 215 (18/ 169) «إذا أبى» .
(38/331)
قال: عليَّ دَيْنٌ [1] مائة دينار.
فقال: أعطوه مائةَ دينارٍ لإبراء ذِمَته، ومائة لإبراء ذمّتي.
فأُحضِرت فِي الحال.
وما أحسن قولَ الحَيْصَ بَيْص فِي قصيدته فِي الوزير:
يَهُزُّ حديثُ الْجُودِ ساكِنَ عِطْفِهِ ... كَمَا هزَّ شُربَ
الْحَيِّ صَهْباءُ قَرْقَفُ
إذا قيل عَوْنَ الدّين يحيى تألّق ... الغمام وماسَ السَّمْهَريُّ
المُثَقَّف [2]
قال [3] : وكان الوزير يتأسّف على ما مضى من زمانه، ويندم على ما
دخل فِيهِ. ولقد قال لي: كان عندنا بالقرية مسجد فِيهِ نخلة تحمل
ألف رطْل، فحدَّثْتُ نفسي أن أُقيم فِي ذلك المسجد، وقلت لأخي
مُحِبّ الدِّين [4] : أقعُدُ أَنَا وأنت وحاصِلُها يكفينا. ثُمَّ
انظر إلى ما صرْت. ثُمَّ صار يسأل اللَّه الشّهادة ويتعرَّض
لأسبابها.
وفي ليلة ثالث عَشْر جُمَادَى الأولى استيقظ وقت السَّحَر فقاء،
فحضر طبيبه ابن رشادة فسقاه شيئا، فيُقال إنّه سمّه، فمات وسقي
الطّبيب بعده بنصف سنة سمّا، فكان يقول: سُقيتُ كَمَا سَقيْتُ،
فمات.
ورأيت أَنَا وقت الفجر كأنّي فِي دار الوزير وهو جالسٌ، فدخل رجلٌ
بيده حَرْبَة، فضربه بها، فخرج الدَّمُ كالفوّارة، فالتفتُّ فإذا
خاتم ذهب، فأخذته وقلت: لمن أُعطيه؟ أنتظر خادما يخرج فأُسلّمه له.
فانتبهتُ فأخبرتُ مَن كان معي، فما استْممتُ الحديثَ حَتَّى جاء
رجلٌ فقال: مات الوزير. فقال واحدٌ: هذا مُحال أَنَا فارقته في
عافية أمس العصر.
__________
[1] في المنتظم: «بقية دين» .
[2] البيتان في ديوان الحيص بيص، ووفيات الأعيان 6/ 235، وسير
أعلام النبلاء 20/ 429.
وهما ليسا في رواية ابن الجوزي.
[3] أي ابن الجوزي في المنتظم 10/ 216 (18/ 169) .
[4] هكذا في الأصل والمنتظم. وفي سير أعلام النبلاء 20/ 429 «مجد
الدين» .
(38/332)
فنفَّذوا إليَّ، فقال لي ولده: لا بُدّ أن
تغسّله. فغسّلته، ورفعت يده ليدخل الماء في مَغَابِنِه [1] ، فسقط
الخاتم من يده حيث رَأَيْت ذلك الخاتم.
ورأيت آثارا بجسده ووجهه تدلّ على أنّه مسموم. وحملت جنازته إلى
جامع القصر، وخرج معه جمْعٌ لم نره لمخلوق قَطّ، وكثُر البكاءُ
عليه لِما كان يفعله من البِرّ والعدْل، ورثاه الشُّعراء [2] .
قلت: وقد روى عن المقتفي تلك الأحاديث المُقْتَفوِية. سمعتها من
الأبَرْقُوهيّ [3] ، عن ابن الجواليقيّ، عَنْهُ.
وقد شرح صَحيحَيّ الْبُخَارِيّ ومسلم فِي عدَّة [4] مجلَّدات،
وسمّاه كتاب «الإفصاح عن معاني الصَّحاح» [5] . وألّف كتاب
«العبادات» [6] في مذهب أحمد، وأرجوزة في المقصور والممدود، وأخرى
فِي عِلْم الخطّ، واختصر «إصلاح المنطق» لابن السّكّيت [7] .
__________
[1] المغابن: مطاوي البدن مثل الإبط وغيره. واحدها مغبن. بفتح
الميم وكسر الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة.
[2] ومنهم «النميري» كما في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 286، وقد تحرّف
في المنتظم بطبعتيه إلى «البحتري» ، فقال في مطلع قصيدة:
ألمم على جدث حوى تاج الملوك وقل: سلام واعقر سويد الضمير، فليس
يقنعني السوام وقال بعضهم:
مات يحيى ولم نجد بعد يحيى ... ملكا ماجدا به يستعان
وإذا مات من زمان كريم ... مثل يحيى بن يموت الزمان
[3] الأبرقوهي: بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم
القاف وفي آخرها الهاء هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي
أصبهان على عشرين فرسخا منها. (الأنساب 1/ 115) .
[4] في سير أعلام النبلاء 20/ 430: «في عشر مجلّدات» .
[5] قال العماد الكاتب إنه بذل على حفظه ونسخه أمواله حتى كان في
زمانه لا يشتغل إلّا به.
(الخريدة 2/ 98) .
[6] في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 252 «العبادات الخمس» .
[7] وقال ابن رجب: وقد صنّف ابن الجوزي كتاب «المقتبس من الفوائد
العونية» وذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير عون الدين، وأشار
فيه إلى مقاماته في العلوم. وانتقى من زبد كلامه في «الإفصاح» على
الحديث كتابا سمّاه «محض المحض» . (ذيل طبقات الحنابلة 1/ 253) .
(38/333)
وولي الوزارة بعده شرفُ الدِّين أبو
جَعْفَر أَحْمَد بْن البَلَديّ، فأخذ فِي تَتَبُّع آل هُبَيْرة،
فقبض على ولديه مُحَمَّد وظَفَر ثُمَّ قتلهما [1] .
وقال أبو المظفَّر [2] : اضطرّ وَرَثةُ ابن هُبَيْرة إلى بيع
ثيابهم وأثاثهم، وبيعت كُتُب الوزير الموقوفة على مدرسته حَتَّى
أُبيع كتاب «البستان» فِي الرقائق لأبي اللَّيْث السَّمَرْقَنْديّ
بدانِقَيْن وحَبَّة، وكان يساوي عشرة دنانير، فقال واحد: ما أرخص
هذا البستان. فقال جمال الدِّين بْن الحُصَيْن: لِثقَل ما عليه من
الخراج. يشير إلى الوقْفية. فأُخِذ وضُرِب وحُبِس، فلا قوّة إلّا
باللَّه [3] .
__________
[1] ترجم لهما العماد في الخريدة (قسم العراق) 2/ 100 و 101.
[2] في مرآة الزمان 8/ 262 وفيه تحرّف اسم «ظفر» إلى «مطر» .
[3] وقال القزويني: كان وزيرا ذا رأي وعلم ودين وثبات في الأمور.
حكى الوزير وقال: تطاول علينا مسعود بن محمود السلجوقي، فعزم
المقتفي أن يحاربه، فقلت: هذا ليس بصواب، ولا وجه لنا إلّا
الالتجاء إلى الله، فاستصوب رأيي، فخرجت من عنده يوم الجمعة لأربع
وعشرين من جمادى الأولى وقلت: إنّ النبي، عليه السلام، دعا شهرا
فينبغي أن ندعو شهرا، ثم لازمت الدعاء كل ليلة إلى أن كان يوم
الرابع والعشرين من جمادى الآخرة، فجاء الخبر بأن السلطان مات على
سرير ملكه وتبدّد شمل أصحابه، وأورثنا الله أرضهم وديارهم.
حكي أنه قبل وزارته كان بينه وبين رجل بغداديّ ساكن بالجانب الغربي
صداقة، فسلّم الرجل إلى يحيى ثلاثمائة دينار وقال له: إذا أنا متّ
جهّزني منها، وادفنّي بمقبرة معروف الكرخي، وتصدّق بالباقي على
الفقراء، فلما مات قام يحيى وجهّزه ودفنه كما وصّى، والذهب في كمّه
عائدا إلى الجانب الشرقي، قال: فوقفت على الجسر فسقط الذهب من كمّي
في الماء وهو مربوط في منديل، فضربت بيدي على الأخرى وحوقلت، فقال
رجل: ما لك؟ فحكيت له فخلع ثيابه وغاص، وطلع والمنديل في فمه،
فأخذت المنديل وأعطيته منها خمسة دنانير، ففرح بذلك ولعن أباه،
فأنكرت عليه، فقال: إنه مات وأزواني! فسألته عن أبيه، فإذا هو ابن
الرجل الميت، فقلت: من يشهد لك بذلك؟ فأتى بمن شهد له أنه ابن ذلك
الميت، فسلّمت إليه المال.
وكان كثيرا ما ينشد لنفسه:
يا أيّها الناس، إني ناصح لكم ... فعوا كلامي فإنّي ذو تجاريب
لا تلهينّكم الدنيا بزخرفها ... فما يدوم على حسن ولا طيب
وحكى عبد الله بن زرّ قال: كنت بالجزيرة فرأيت في نومي فوجا من
الملائكة يقولون: مات الليلة وليّ من أولياء الله! فتحدّثت بها
وأرّختها، فلما رجعت إلى بغداد وسألت قالوا: مات في تلك الليلة
الوزير ابن هبيرة، رحمة الله عليه! -
(38/334)
371-[يحيى] [1] بْن مُحَمَّد بْن رزق.
أبو بَكْر الأندلسيّ.
قال ابن بشْكُوال: هُوَ من أهل المَرِيَّة. أخذ عن جماعة من شيوخنا
وَصَحِبَنَا عند بعضهم. وكان محدثا حافظا، متيقّظا، عارفا بالحديث
ورجاله، ثقة، ديّنا.
وقد أُخِذ عَنْهُ.
وتُوُفيّ بسَبْتَة فِي شعبان.
وكان مولده سنة ثلاث وخمسمائة.
__________
[ () ] وحكى عبد الله بن عبد الرحمن المقري قال: رأيت الوزير ابن
هبيرة في النوم فسألته عن حاله فأجاب:
قد سئلنا عن حالنا فأجبنا ... بعد ما حال حالنا وحجبنا
فوجدنا مضاعفا ما كسبنا ... ووجدنا ممحّصا ما اكتسبنا
(آثار البلاد وأخبار العباد 367، 368) .
وقال ابن العمراني: وكان كافيا يملأ العين والقلب، وكان كاتبا
بليغا، فصيحا، عالما بالنحو، واللغة، والفقه، والأحاديث، والقرآن
العظيم المجيد وتفسيره، وصنف كتبا في ذلك كله. وكان حسن التدبير
للأمور السياسية، محبّا لأهل العلم، كثير الميل إلى أرباب الصلاح
والدين. ولو أخذت في ذكر مناقبه وحسن سيرته لجاءت مجلّدات عظيمة
ولم أقدر أستقصي على بعضها، ولم يسمع بأن كان لبني العباس وزير
مثله قبله ولا بعده.. رضي الله عنه وأرضاه.. (الإنباء في تاريخ
الخلفاء 225) .
وقد طوّل ابن رجب في ترجمته، وكذا ابن خلّكان، وذكرا بعضا من شعره،
وانظر شعره أيضا في الخريدة، والفخري، وغيره.
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من: الصلة لابن بشكوال 2/ 673، 674
رقم 1487.
(38/335)
المتوفون تقريبا
- حرف الألف-
372- أحمد بن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن علي.
القاضي أبو الخطاب الطَّبَريّ، الْبُخَارِيّ، العلّامة. أستاذ فِي
علم الخلاف، قدوة فِي علم النَّظَر، تفقَّه على والده، والإمام
البرهان.
وحدَّث عن: أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن عَبْد الواحد الدّقاق،
وغيره.
وكان مولده في سنة سبع وتسعين وأربعمائة.
روى عَنْهُ: أبو المظفَّر عبد الرحيم السّمعانيّ وقال: هُوَ أستاذي
فِي علم الخلاف.
373- أَحْمَد بن الحسن بن سيّد [1] .
أبو العبّاس الجراويّ [2] ، المالقيّ [3] .
من كبار النُّحَاة والأُدباء بالأندلس.
حدُّث عن: أبي الحسن بن مغيث.
__________
[1] انظر عن (أحمد بن الحسن) في: التكملة للصلة لابن الأبّار 1/
69، والمقتضب من تحفة القادم 44، والذيل والتكملة لكتابي الموصول
والصلة ج 1 ق 1/ 92، 93 رقم 108، والوافي بالوفيات 6/ 307، 308 رقم
2811، وبغية الوعاة 1/ 302 رقم 555، ونفح الطيب 2/ 562.
[2] في الأصل «الجرداني» ، والمثبت من المصادر.
[3] وهو يلتبس بأبي العباس ابن علي بن سيد الإشبيلي اللّص، وهما
اثنان. (التكملة، والذيل) .
(38/336)
قال الأَبَّار [1] : تُوُفّي نحو السّتين
[2] .
ومن شعره:
وبين ضُلُوعي للصَّبابة لَوَعةٌ ... بحُكْم الْهَوَى تقضي عليَّ
ولا أقضي
جَنَى ناظري [3] منها على القلب ما جَنَى ... فيا من رأى بعضا
يُعِينُ على بعضٍ [4]
374-[أَحْمَد] [5] بْن قسيّ.
صاحب خلْع النَّعْلَيْن. من أهل الأندلس.
قال عَبْد الواحد بْن عليّ التّميميّ المرّاكُشيّ: كان فِي أوّل
أمره يدّعي
__________
[1] في تكملة الصلة 1/ 69.
[2] وقال المراكشيّ: وكان متحقّقا بالعربية، عارفا بالآداب،
درّسهما كثيرا، شاعرا محسنا، كاتبا، بليغا. ونالته وحشة من قبل
القاضي أبي محمد ابن أحمد الوحيدي لأمور تقوّلت عليه اضطرّته إلى
التحوّل عن مالقة إلى قرطبة، فسكنها نحو أربعة أعوام، ثم استمال
جانب الوحيدي حتى لان له وخاطبه بالعود إلى وطنه، فرجع مكرّما
مبرورا إلى أن ولّي خطّة القضاء أبو الحكم بن حسّون فاختصّ به
وبآله وحظي لديهم، ثم توجّه إلى مرّاكش عقب الطارئ على آل ابن
حسّون فاستخلصه أبو محمد عبد المؤمن بن علي لتأديب بنيه، فسما قدره
وعظم صيته، وارتقى محلّه، وأقام على ذلك إلى أن توفي بعد الستين
وخمسمائة بيسير في مراكش.
[3] في تكملة الصلة: «ناظر» .
[4] التكملة 1/ 69، الذيل ج 1 ق 1/ 93، الوافي بالوفيات 6/ 307.
ومن نظمه حين اغترابه:
تفاجئني الحوادث كل يوم ... فتعجمني حصاة لا تهدّ
فيا للَّه ما أحيي فؤادي ... ولكنّي على الأيام جلد
وله:
لمّا رأيتك عين الزمان ... وأنّ إليك تحثّ الخطا
بكرت إليك بكور الغراب ... ورحت عليك رواح القطا
وله أيضا:
حسدتك نشّاب القسيّ لأن رأت ... عينيك أمضى في الإصابة مقصدا
فجنت عليك ويا لها ممّا جنت ... لهفي عليك فكم خشيت الحسّدا
[5] في الأصل بياض، والمستدرك مما تقدّم في ترجمة «عبد المؤمن بن
علي» برقم (280) .
(38/337)
الولاية، وكان ذا حيل وشعبذة ومعرفة
بالبلاغة. ثُمَّ قام بحصن مارتلة، ودعا إلى بَيعته، ثم اختلف عليه
أصحابه، ودسوا عليه من أخرجه من الحصن بحيلة حتى أسلموه إلى
الموحدين، فأتوا به عبد المؤمن، فقال له: بَلَغَني أنّك دعيت إلى
الهداية.
فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين: كاذب وصادق؟ قال:
بلى.
قال: فأنا كنت الفجر الكاذب. فضحك عَبْد المؤمن ثُمَّ عفا عَنْهُ
[1] .
ولم يزل بحضرة عَبْد المؤمن حَتَّى قُتل. قتله صاحب له.
قلت: كان سيّئ الاعتقاد، فلسفيّ التّصوّف، له فِي خلْع النَعلين
أوابد ومصائب.
375- إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد [2] .
القاضي أبو إسحاق السُّلَميّ، الغَرْنَاطيّ، ويُعرف بابن صَدَقة.
روى ببلده عن: أبي بَكْر بْن غالب بْن عطيَّة، وغيره.
وحجّ فسمع من: أبي بَكْر الطُّرْطُوشيّ، وأبي الْحَسَن بْن
الفرّاء.
روى عَنْهُ: أبو القَاسِم بْن سَمْحُون.
قال الأَبَّار: بقي إلى بعد الخمسين.
376- إِبْرَاهِيم بْن عطيَّة بْن عليّ بْن طَلْحَةَ [3] .
أبو إسحاق الْبَصْرِيّ، الضّرير، المقرئ، إمام الجامع.
شيخ صالح، طريف، كثير المحفوظ.
سمع من: قاضي البصرة أَبِي عمر مُحَمَّد بْن أَحْمَد
النَّهاوَنْديّ. وأحسبه آخر من روى عنه.
__________
[1] تقدّمت هذه الحكاية عن ابن قسيّ في ترجمة «عبد المؤمن» .
[2] انظر عن (إبراهيم بن أحمد) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.
[3] انظر عن (إبراهيم بن عطية) في: المختصر المحتاج إليه من تاريخ
ابن الدبيثي، ج 1.
(38/338)
وسمع ببغداد من مالك البانياسيّ.
قال ابن الدَّبيثيّ: بقي إلى سنة إحدى وخمسين، وحدّثنا عَنْهُ
سَعِيد بْن مخادش، وأحمد بْن مبشّر المقرئ، وغيرهما.
376- إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عقيل بْن الأشعث.
الحكيم أبو إسحاق السَّمَرْقَنْديّ، المعروف جدّه بالدّغوش.
ولد سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
قال عَبْد الرحيم السَّمْعانيّ: سَمِعت منه جزءا من حديث
قُتَيْبَةَ، قال:
أنبأنا عليّ بْن أَحْمَد بْن حَسَن الصَّيْرَفيّ، أَنَا عُمَر بْن
أَحْمَد بْن شاهين السَّمَرْقَنْديّ سنة إحدى وخمسين وأربعمائة،
أنا محمد بن جعفر بن محمد الدزّماريّ سنة اثنتين وسبعين، ثنا
مُحَمَّد بْن الفضل البلْخيّ، عَنْهُ.
377-[أخمشاد] [1] بْن عَبْد السّلام بْن محمود.
العلّامة الواعظ، أبو المكارم الغزنويّ، الحَنَفِيّ.
أحد فُحُولِ الْفُضَلاءِ والعلماء، بحر يتموّج، وفجر يتبلّج، وهمام
فتاك، وحسام بتّاك، وفقيه مُدْرَه، وفصيح مُفَوُّه، وواعظ مذكِّر.
كان بأصبهان، ثُمَّ لَحِقَ بالعسكر، ووُلّي أرانية [2] وحيرة.
ثُمَّ لمّا كان مُحَمَّد شاه محاصرا بغداد، ورد أبو المكارم هذا من
جهة إلْدِكز، وعبر إلى الجانب الشّرقيّ، كأنّه يؤدّي رسالة واجتمع
بالوزير ابن هُبَيْرة وعاد، فاتّهمه محمد شاه ونكبه. ثمّ عاد إلى
حيرة، ومات بعد سنة اثنتين وخمسين وهو فِي الكهولة.
قال العماد فِي «الخريدة» : أنشدني لنفسه:
__________
[1] في الأصل بياض. والمثبت من مصادر ترجمته: الوافي بالوفيات 8/
308 رقم 3725، وفيه:
«أحمشاذ» (بالحاء المهملة وذال معجمة) ، والجواهر المضية 1/ 359،
360 رقم 288، والطبقات السنية، رقم 441 وفيه مثل: الوافي بالوفيات.
[2] في الوافي: «أراينة» بتقديم الياء على النون، والمثبت عن:
الجواهر المضيّة.
(38/339)
أمالِكَ رِقيّ ما لَكَ اليومَ رقةٌ ... على
صَبْوَتي والحَيْنُ [من تَبِعَاتها] [1]
سَأَلتَ حياتي إذ سألتُك قُبلةً ... ليَ الرِّبْحُ فيها خُذْ حياتي
وهامشها [2]
379-[إِسْمَاعِيل] [3] بْن عليّ بْن بركات.
أبو الفضل الغسّانيّ، الدّمشقيّ، المقرئ، ويُعرف بابن النجاديّ [4]
.
من ذرّية الْإِمَام يحيى بْن يحيى الغسّانيّ.
قرأ بالرّوايات على سُبيع بْن المسلم. وسمع من: الشَريف نسيب
الدّولة، وأبي طاهر الحِنّائيّ.
وقدم بغداد سنة اثنتين وخمسين، فسمّع ولده من أبي الوقت السّجزيّ.
ثمّ مات.
قال ابن النّجّار: قرأ عليه شيخنا أَحْمَد بْن عَبْد الملك بن
[باتانة] [5] ، وعبد الوهّاب بْن عِيسَى وأقرأ عَنْهُ.
وكان عالما بالقراءات ووجوهها، صَدُوقًا، موثَّقًا، رحمه اللَّه
تعالى [6] .
380- أوحد الزّمان الطّبيب [7] .
__________
[1] في الأصل بياض، والمستدرك من مصادر ترجمته.
[2] البيتان في: الوافي 8/ 308، والجواهر 1/ 360، والطبقات السنية.
ومن شعره أيضا:
يا عاذلي أقصر وكن عاذري ... في حبّ ظبي أكحل الناظر
فأكحل الناظر ذاك الّذي ... قد قصد الأكحل من ناظري
حلا مذاقا وهو مستملح ... والملح في الحلو من النادر
[3] في الأصل بياض، والمثبت من: غاية النهاية 1/ 166 رقم 773.
[4] هكذا في الأصل. وضبّبها في (غاية النهاية) فأتت النسبة:
«الحاوي» .
[5] في الأصل بياض. والمثبت من: غاية النهاية.
[6] وقال ابن الجزري: قال الذهبي كأنه توفي قبل الستين وخمسمائة.
[7] انظر عن (أوحد الزمان) في: تاريخ حكماء الإسلام 343- 346،
وأخبار العلماء بأخبار الحكماء 224، وعيون الأنباء في طبقات
الأطباء 374- 376، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 210، والمختصر
في أخبار البشر 3/ 43، وسير أعلام النبلاء 20/ 419 رقم 275، وتاريخ
ابن الوردي 2/ 107، ونكت الهميان 304، والنجوم الزاهرة 5/ 364،
ومطالع-
(38/340)
واسمه هبة اللَّه بْن عليّ بْن مَلْكا [1]
، أبو البَرَكات البَلَديّ. ووُلِدَ ببَلَد وسكن بغداد. وكان
يهوديّا فأسلم فِي أواخر عمره، وخدم المستنجد باللَّه.
قال الموفَّق أَحْمَد بْن أبي أُصَيبعة: تصانيفه فِي غاية
الْجَوْدة، وكان له اهتمامٌ بالغ فِي العلوم وفطرة فائقة. وكان
مبدأ تعلُّمه الطّبّ أنّ أَبَا الْحُسَيْن سَعِيد بْن هبة اللَّه
كان له تصانيف وتلامذة، ولم يكن يقرئ يهوديّا، وكان أوحد الزّمان
يشتهي الأخْذ عَنْهُ والتّعلُّم منه، ونقل عليه بكلّ طريق فما
مكّنه، فكان يتخادم للبوّاب ويجلس فِي الدِّهْليز، بحيث يسمع جميع
ما يُقرأ على أبي الْحُسَيْن. فَلَمّا كان بعد سنةٍ جرت مسألة
وبحثوا فيها، فلم [يجدوا] [2] لهم عنها جوابا، وبقوا متطلّعين في
حلّها، فلمّا تحقّق ذلك منهم أبو البركات، دخل وخدم الشَّيْخ،
وقال: يا سيّدنا، بإذنك أتكلّم فِي هذه المسألة. فقال: قُلْ. فأجاب
بشيءٍ من كلام جالينوس، فقال: يا سيّدنا، هذا جرى فِي اليوم
الفُلانيّ، فِي ميعاد فلان، وحفِظْتُه. فبقي الشَّيْخ يتعجّب من
ذكائه وحرصه، واستخبره عن المكان الَّذِي كان يجلس فِيهِ، فأعلمه
به، فقال: من يكون عنده [ذكاؤك] [3] ما نمنعه. وقرّبه وصار من
أجَلّ تلاميذه.
وكان ببغداد مريض بالمالِيخُولْيا، بقي يعتقد أنّ على رأسه دنّا،
وأنّه لا يفارقه، وكان يتحايد السُّقُوف القصيرة، ويطأطئ رأسَه،
فأحضره أبو البَرَكات عنده، وأمر غلامه أن يرمي دنّا بقرب رأسه،
وأن يضربه بجسمه بكسرة، فزال ذَلِكَ الوهْم عن الرجل وعُوفي،
واعتقد أنّهم كسروا الدّنّ الَّذِي على رأسه.
ومثل هذه المداواة بالأمور الوهميَّة مُعْتَبَر عند الأطبّاء.
وقد أضرّ أبو البَرَكات فِي عُمره، وكان يُملي على عليّ الحمّال بن
__________
[ () ] البدور 2/ 105، وكشف الظنون 1731، وشذرات الذهب 4/ 185،
وهدية العارفين 2/ 505، 506، ومعجم المؤلفين 13/ 142، 143.
[1] انظر التعليق على اسمه في حواشي الترجمة رقم (367) .
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
(38/341)
فَضْلان، وعلى ابن الدّهّان المنجّم، وعلى
يُوسُف والد عَبْد اللّطيف، وعلى المهذَّب بْن النّقّاش كتاب
«المعتبر» [1] .
وقيل: إنّ سبب إسلامه أنّه دخل يَوْمًا على الخليفة، فقام الحاضرون
سوى قاضي القُضاة، فلم يقُم له لكَوْنه يهوديّا، فقال: يا أمير
المؤمنين، إن كان القاضي لم يوافق الجماعة لكونه يراني على غير
مِلَّته، فأنا أُسْلم بين يدي أمير المؤمنين، ولا أتركه ينقصني.
وأسلم.
خلّف أوحد الزّمان أبو البركات ثلاث بنات، وعاش نحو ثمانين سنة.
وحدَّثني نجم الدِّين عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الكُرَيْديّ قال: كان
أوحد الزّمان وأمين الدّولة ابن التّلميذ بينهما معاداة، وكان أوحد
الزّمان لمّا أسلم ينتقل بين اليهود ويلعنهم، فحضر فِي مَجْمَعٍ
فقال أوحد الزّمان: لعن اللَّه اليهود. فقال ابن التّلميذ: نعم
وأبناء اليهود. فوجم أوحد الزّمان ولم يتكلّم.
وله كتاب «المعتبر» ، وهو فِي غاية الجودة فِي الحكمة الّتي فِي
دين الفلاسفة، ومقالة فِي سبب ظهور الكواكب ليلا واختفائها نهارا،
واختصار «التّشريح» ، وكتاب «أقرباذين» [2] ، ورسالة فِي العقل
[وماهيّته] [3] وغير ذَلِكَ [4] .
من تلامذته: المهذّب بْن ميل.
__________
[1] قال ابن العبري: أخلاه من النوع الرياضي، وأتى فيه بالمنطق
والطبيعي والإلهي، فجاءت عبارته فصيحة، ومقاصده في ذلك الطريق
صحيحة. (تاريخ الدول 210) .
[2] في الأصل «قرباذين» .
[3] في الأصل بياض، والمستدرك من المصادر.
[4] أرّخ ابن تغري بردي وفاته في سنة 558 هـ. وقال: وله شعر جيد،
من ذلك في الشيب:
نفرت هند من طلائع شيبي ... واعترتها سآمة من وجوم
هكذا عادة الشياطين ينفرن ... إذا ما بدت رجوم النجوم
(النجوم الزاهرة 5/ 364) .
(38/342)
381-[....] [1] بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد
بْن جَعْفَر.
شرف القُضاة أبو المعالي الكَرْخِيّ، الفقيه، الشّاهد.
خيِّر متعبّد، ولد سنة ثمانين وأربعمائة، وسمع: النَّعَاليّ،
والحسين بْن البُسْريّ.
كتب عَنْهُ: أبو سَعْد بْن السَّمْعانيّ، والمسعوديّ.
382-[....] [2] بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن.
أبو المعالي الدّنانيّ، الأصبهانيّ، الفقيه.
سمع من: طِراد الزَّيْنَبيّ، والرئيس أبي عَبْد اللَّه الثّقفيّ،
وغيرهما.
روى عَنْهُ: حفيده أبو الفتح مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي
المعالي.
توفّي قريبا [3] من السّتين وخمسمائة.
وكان من أئمَّة الفُتْيا بأصبهان.
- حرف الدال-
383-[دُرّيّ] [4] .
الظّافريّ، الْمَصْرِيّ، الأمير.
وُلّي إمرة الإسكندريَّة، وإمرة دِمْياط [ثُمَّ تزهّد] [5] ، وأقبل
على الاشتغال والتّحصيل، فبرع فِي علوم الرّافضة، وصنّف التّصانيف،
من ذَلِكَ كتاب [معالم الدِّين] [6] على قواعد الرّافضة والمعتزلة،
ينكر فيه الرؤية
__________
[1] في الأصل بياض لم أتحقّقه.
[2] في الأصل بياض لم أتحقّقه.
[3] في الأصل: «قريب» .
[4] في الأصل بياض، والمستدرك من: الوافي بالوفيات 14/ 8 رقم 8.
[5] في الأصل بياض.
[6] في الأصل بياض.
(38/343)
والقَدَر. وله مصنَّفٌ فِي الفِقْه مشهور
بينَ [الرافضة] [1] ، لا بارك اللَّه فيهم.
وكان له منزلة عظيمة فِي دولة الرّافضة ... [2] وكان الصّالح بْن
رُزِيك يحترمه ويُكْرمه.
384-[....] [3] بْن أبي سهل بْن أبي سهل.
أبو مُحَمَّد القصّاب، اللّحّام، الهَرَويّ.
سمع من: أبي ... [4] الغميريّ.
قال ابن السَّمْعانيّ: قيل: كان يشرب الخمر.... [5] .
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
- حرف الراء-
385- رسلان [6] بْن يَعْقُوب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد
اللَّه [7] .
الْجَعْبَرِي [8] الأصل، الدّمشقيّ النَّشْأة، الزّاهد القُدْوة
رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. قال شمس الدِّين الْجَزَريّ: رسلان معناه
بالتُّرْكي أسد.
قال: وقال الشَّيْخ نجم الدِّين مُحَمَّد بْن إسرائيل الشّاعر:
سَمِعت المشايخ الدّين أدركتهم من أصحابه يقولون إنّه من قلعة
جعبر، من أولاد
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض، ولم ينقل الصفدي شيئا يزيد عمّا هو موجود هنا.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل بياض.
[6] يرد: «رسلان» و «أرسلان» .
[7] انظر عن (رسلان بن يعقوب) في: المعين في طبقات المحدّثين 168
رقم 1806، والعبر 4/ 145، وسير أعلام النبلاء 20/ 379، 380 رقم
257، والوافي بالوفيات 8/ 345، 346، والطبقات الكبرى للشعراني 1/
132، وكشف الظنون 1/ 867، وشذرات الذهب 4/ 160، وهدية العارفين 5/
367، ومنتخبات التواريخ لدمشق 473، 474، والإعلام بفضائل الشام
128، وكتاب «الشيخ رسلان» لأحمد الحارون.
[8] الجعبريّ: بفتح الجيم، وسكون العين، وفتح الباء المنقوطة من
تحتها بواحدة، وكسر الراء، نسبة إلى جعبر وهي قلعة على الفرات بين
بالس والرّقة.
(38/344)
الأجناد. صحِب شيْخه أَبَا عامر المؤدِّب،
وهو مقبور فِي القُبة، الّتي بظاهر باب تُوما، وتُعرف بتُرْبة
الشَّيْخ رسلان فِي القبر القِبْليّ، والشّيخ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ
فِي الأوسط، والشّيخ أبو المجد خادم الشَّيْخ رسلان فِي القبر
الثّالث.
وصحِب أبو عامر الشَّيْخ ياسين، وهو صحِب مَسْلَمَة وهو صحِب
الشَّيْخ عقيل، وهو صحِب الشَّيْخ عليّ بْن عليم، وهو صحِب
الشَّيْخ أَبَا سَعِيد بْن أَحْمَد بْن عِيسَى الخزّاز، وهو صحِب
السَّريّ السَّقَطيّ.
قال: وكان الشَّيْخ رسلان يعمل فِي صنعة النَّشْر فِي الخشب،
فذكروا عَنْهُ أنّه بقي مدَّة عشرين سنة يأخذ ما يحصل له من
أُجرته، ويعطيها لشيخه أبي عامر، وشيخه يُطْعمه، فتارة يجوع، وتارة
يشبع.
وقيل عَنْهُ، وهو الأشهر، إنّه كان يقسم أجرته أثلاثا، ثُلث
يُنْفقه، وثُلث يتصدَّق به، وثُلث يكتسي به ولمصالحه.
وكان أوّلا يتعبَّد بمسجدٍ صغير داخل باب تُوما، جوار بيته ودُكَان
النَّشْر، ثُمَّ انتقل إلى مسجد درب الحجر، وقعد بالجانب الشّرقيّ
منه، وكان ينام هناك. وكان الشَّيْخ أبو البَيَان فِي الجانب
الغربيّ، وبقيا على ذَلِكَ زمانا يتعبّدان، وكلّ واحدٍ منهما
بأصحابه فِي ناحيةٍ من المسجد.
ثُمَّ خرج إلى ظاهر باب تُوما، إلى مسجد خَالِد بْن الوليد، وهو
مكان خيمة خَالِد لمّا حاصر دمشق، وعَبَد اللَّه فِيهِ إلى أن
تُوُفّي بعد الأربعين وخمسمائة.
وحكى الشَّيْخ دَاوُد بْن يحيى بْن دَاوُد الحريريّ، وكان صدوقا،
قال:
حكى لي جماعة أنّ الشَّيْخ رسلان لمّا شرع فِي بُنْيان المعبد،
سيَّر إليه الشَّيْخ أبو البيان ذَهَبًا مع بعض أصحابه حَتَّى
يصرفه فِي العمارة، فَلَمّا اجتمع به، وعرض عليه الصُّرَّة قال
الشَّيْخ رسلان: ما يستحي شيخُك يبعث إليَّ هذا، وفي عَبّاد اللَّه
من لو أشار إلى ما حوله لصار ذَهَبًا وفضَّة؟ وأشار بيده، فرأى
الرَّسُول الطّين ذَهَبًا وفضَّة. وقال: عُدْ إليه. فقال: واللهِ
ما بقيت أرجع، بل أكون فِي خدمتك إلى المَّوت. وانقطع عنده.
(38/345)
وقال الشَّيْخ دَاوُد: كان الشَّيْخ
أَحْمَد بْن الرفاعيّ قد ذكر النّخيل الّتي له، وعيّن على واحدةٍ،
وقال لأصحابه: إذا استوت هذه أدَّيناها للشّيخ رسلان. فمرّ بها بعد
مدَّة، فوجد أكثر ما عليها قد راح فسألهم، فقالوا: لم يطلع إليها
أحدٌ، ولكن فِي كلّ يوم يجيء إليها بازٌ، أشهب يأكل منها، ولا
يقرُب غيرَها، ثُمَّ يطير.
فقال لهم: الباز الَّذِي يجيء هُوَ الشَّيْخ رسلان، فلذلك يقال له:
الباز الأشهب.
قال دَاوُد: ولمّا احتضر الشَّيْخ أبو عامر المؤدِّب سألوه أن يوصي
إلى ولده عامر، فقال: عامر خراب، ورسلان عامر. فَلَمّا تُوُفّي قام
الشَّيْخ رسلان مُقامه، ولم تَخْفَ من عامرٍ حالُه.
قال شمس الدِّين بْن الْجَزَريّ: صلّيتُ العصر فِي مسجدٍ كان فِيهِ
الشَّيْخ رسلان، داخل باب توما، فقال لي يُوسُف المؤدِّب: يا
سيّدي، هنا بئر حفره الشَّيْخ رسلان بيده، وأهل هذه النّاحية
يشربون منه [للتداوي] [1] ، ومن [اشتكى] [2] جوفه، أو حصل له
أَلَمٌ، يشرب منه، فيُعافى بإذن اللَّه، وقد جرّبه جماعة ثُمَّ
أشار بإصبعه وقال: هذا بيت الشَّيْخ رسلان، وإلى جانبه الطّريق.
وكان..... [3] فكلّما كان يعمل بالمنشار..... [4] كلّمه المنشار
مرّتين، وفي الثّالث كلّمه وانقطع [قطعة] [5] وقال: يا رسلان ما
لهذا خُلِقت ولا بهذا أُمِرتْ. فترك العمل، وجلس فِي هذا المعبد،
وهو مسجد صغير.
وعاد نور الدِّين الشهيد اشترى دارا مجاورة للمسجد [فوسّعه] [6]
وبنى [7] له منارة، ووقف عليه.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل بياض.
[6] في الأصل بياض.
[7] في الأصل: «وبنا» .
(38/346)
قال: وحكى لي الشَّيْخ يُوسُف المؤدِّب، عن
الشّريف نصر اللَّه أنّ نور الدِّين الشّهيد سيّر إلى الشَّيْخ
رسلان ألف دينار مع مملوكٍ، وقال إنْ أخذها منك، فأنت حُرٌّ، لوجه
اللَّه. فجاء بها إليه وهو يبني المعبد الَّذِي بظاهر دمشق، فقال
له: ما يستحي محمود ويبعث هذه، وفي عَبّاد اللَّه من لو شاء لجعل
ما حوله ذهبا وفضّة! فرأى المملوك البُنْيان والطّين ذَهَبًا
وفضَّة، فتحيِّر وقال: يا سيّدي قد جعل عِتْقي قبولَك هذا الذّهب.
فأخذها وصرفها فِي الحال على المساكين، والأرامل، والأيتام،
ففُرِّقت بحضور المملوك.
وذكر أيضا أنّ الشَّيْخ رسلان أعطى نور الدِّين من المنشار الَّذِي
كلّمه وتقطّع قطعة فأوصى نور الدِّين لأصحابه وأهله: إن مات أن
يضعوه فِي كَفَنِه.
قلت: الشَّيْخ عليّ الحريريّ صحِب المُغَرْبِل صاحب الشَّيْخ.
ويقال: إنَّ هذه القُبَّة بناها الشَّيْخ رسلان على شيخه أبي عامر
لمّا أعطاه بعض التّجار مبلغا من المال، فاللَّه أعلم.
ومناقب الشَّيْخ رسلان كثيرة، اقتصرنا منها على هذا، فرحِمَه
اللَّه ورضي عَنْهُ وكان عُرْيًا من العِلْم، بخلاف الشَّيْخ أبي
البيان.
385- رَيْحان الحبشيّ [1] .
أبو مُحَمَّد، الزّاهد، الشّيعيّ [2] . كان بالدّيار المصريّة بعد
الخمسين.
وكان من فُقهاء الإماميَّة الكِبار.
قال ابن أبي طيِّئ فِي «تاريخه» : كان مقيما بالقاهرة، وكان
مَوْلَى الأمير سديد الدّولة ظَفَر الْمَصْرِيّ.
تفقّه على الشَّيْخ: الفقيه عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد
العزيز بْن كامل الفقيه
__________
[1] انظر عن (ريحان الحبشي) في: الوافي بالوفيات 14/ 160 رقم 216،
ولسان الميزان 2/ 469 رقم 1889، وطبقات أعلام الشيعة (الثقات
العيون في سادس القرون) 108، وأمل الآمل 1/ 120 رقم 338، وأعيان
الشيعة (الطبعة الجديدة) 7/ 39، 40.
[2] تحرّفت هذه النسبة في (لسان الميزان) إلى: «السبيعي» .
(38/347)
الْمَصْرِيّ [1] ، وعليه تخرَّج، وقرأ عليه
فِي سنة أربع وثلاثين وخمسمائة كتابا [2] . روى عن رَيْحان: سديد
الدِّين شاذان بْن جبريل القُميّ.
وحكى لي أبي مذاكرة: كان الفقيه رَيْحان من أضبط النّاس، وكان
يكرّر على «النهاية» [3] و «المقنعة» [4] و «الذّخيرة» [5] ، فقال:
ما حفظت شيئا فنسيته.
وحدَّثني أبي عن القاضي الأسعد مُحَمَّد بْن عليّ الْمَصْرِيّ قال:
كان الفقيه رَيْحان يصوم جميع الأيّام [المسنونة] [6] إلى صومها.
وكان لا يأكل إلّا من طعام يعلم أصلَه. وكان إذا قُدّمت الغِلال
التقط من الطُّرُقات حبّاتٍ من الشَعير والقمح، فيتقوَّت به وكان
يزجر نفسه إذا احتاج. وكان لا يصلّي النّوافل مقابل أحدٍ، ويقول:
الرّياء. وكان إذا علم أحدا يحبّ العِلْم قصده فِي بيته وعلّمه،
ولا يأكل له شيئا. وإذا علم أنّ الطالب محتاجٌ، دخل له على الصّالح
بن رزّيك، فيعلم ابن رزّيك [أنه] جاء في مثوبة فيقوم لذلك الرجل
بجميع ما يحتاج إليه.
وكان لا يطأ له على بساط، ولا يزيده أكثر من السّلام في باب داره.
__________
[1] في طبقات أعلام الشيعة، يروي عن القاضي عبد العزيز بن أبي كامل
الطرابلسي تلميذ الشيخ الطوسي في «إجازة صاحب المعالم- ص 104» .
وفي أعيان الشيعة: يروي عن عبد العزيز بن أبي كامل الكراجكي! هذا
في بداية الترجمة، أما في وسطها فينقل عن العاملي في (أمل الأمل)
قوله: يروي عن عبد العزيز بن أبي كامل، والكراجكي.
ويقول خادم العلم محقق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» :
إن عبد العزيز بن أبي كامل يعرف بالطرابلسي، وهو تلميذ قاضي طرابلس
عبد العزيز بن البراج، وتلميذ الطوسي، وسلّار، والكراجكي المتوفى
سنة 449 هـ. بصور. انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء
المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق 2 ج 2/ 212 رقم 547.
[2] في الأصل: «كتاب» ، ولم يذكر اسمه.
[3] للطوسي.
[4] للشيخ محمد بن محمد بن النعمان الملقّب بالمفيد.
[5] للسيد المرتضى.
[6] في الأصل بياض. والمثبت من: طبقات أعلام الشيعة.
(38/348)
وكان ابن رزّيك [1] يبجّله ويعظّمه، ويقول:
يقولون ما ساد من بني حام إلّا اثنان: لُقمان، وبلال، وأنا أقول:
رَيْحان ثالثهم.
وقيل: إنّ رَيْحان هذا عبدٌ تفقَّه، ما نام إلّا جالسا، ولا جلس
قَطّ إلّا على [رِجلَيه] [2] . وأنّه ما ذكر النّار. إلّا وأخذه
دمعٌ منها. وكان سريع الدّمعة، كثير الحبّ لآل رَسُول الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خفيف الرَّفْض.
- حرف العين-
387-[عَبْد اللَّه] [3] بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن سَوْرة.
أبو مُحَمَّد التّميميّ، النَّيْسَابُوريّ، الدّلّال.
سمع: عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن الورّاق، ونصر اللَّه بْن
مُحَمَّد الخُشْناميّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بن السّمعانيّ جزء الذّهليّ.
388-[عَبْد اللَّه] [4] بْن سَيّار بْن صاعد بْن سَيّار بْن يحيى.
الكتّانيّ القاضي أبو محفوظ الهَرَويّ. أخو القاضي أبي الفتح نصر
بْن سَيّار كان يؤُثر الانفراد والعُزْلة.
سمع من جَدّه.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
389-[عبد الله] [5] بن طاهر بْن علي بْن مُحَمَّد بْن علي بْن
فارس.
أبو المظفر بْن أبي المعالي البغداديّ، الخيّاط، التّاجر.
خرج عن بغداد قديما، ودخل خُرَاسَان، والهند، وسكن لوهور، ووُلِد
له بها، ثُمَّ كان يتردّد إليها.
__________
[1] تحرّف في لسان الميزان إلى: «ابن دريك» .
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل بياض.
(38/349)
وحدَّث عن: ثابت بْن بُنْدَار، وجعفر
السّرّاج، وحسين بن البسريّ، وأبي بكر الطّريثيثيّ، وأبي غالب
الباقلّانيّ، وتمّام البرجيّ، وأبي عليّ الحدّاد، وأبي بكر
الشّيروييّ.
قال ابن السّمعانيّ: هو شيخ، عالم، فاضل، حسن السّيرة، متواضع، له
لسنة بالحديث، يحفظ الأجزاء والكتب التي سمعها، والطرق وأسماء
شيوخه. وكان ثقة مكثرا، حدُّث بمرو، وبَلْخ.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وابنه عَبْد الرحيم.
ووُلِد سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
390-[عَبْد اللَّه] [1] بْن مُحَمَّد بْن المظفَّر بْن المتولّي.
أبو مُحَمَّد البَغَوَيّ، البنّاء، الفقيه.
قال ابن السَّمْعانيّ: وُلِدَ ببَغْشُوار سنة تسعٍ وسبعين
وأربعمائة وكان فقيها، مُفْتيًا، ذكيّا. تفقَّه على محيي السّنّة
أبي محمد البغويّ، وولي قضاء بغشور مدَّة.
وسمع بنَيْسَابور: الْعَبَّاس بْن أَحْمَد الشّقانيّ، وأبا بَكْر
الشِّيرُوييّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: أبو المظفَّر عَبْد الرحيم.
391-[عَبْد الرَّحْمَن] [2] بْن أبي نصر بْن مُحَمَّد بْن أبي نصر.
أبو أَحْمَد البَغَوَيّ، شيخ الصُّوفيَّة ببغداد.
شيخ صالح، جواد، وسخيّ، يخدم الفقراء.
سمع: عُمَر بْن أحمد بن محمد البغويّ.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
(38/350)
روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال: ولد
سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة.
391-[عَبْد الرشيد] [1] بْن أبي حنيفة النُّعمان بْن عَبْد
الرّزّاق بْن عَبْد الملك.
الْإِمَام أبو الفتح الوَلْوَالِجِيّ [2] .
إمام فاضل، حَسَن السّيرة.
سمع ببلْخ: أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخليليّ، ومحمد بْن الْحُسَيْن
السِّمِنْجانيّ [3] ، وببُخَارَى: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن
الْحَسَن [4] النَّسَفيَ، وأحمد بْن أبي سهل [5] ، وأبا المعين
المكحوليّ واسمه ميمون.
وبسَمَرْقَنْد. مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أيّوب التُّطْوانيّ [6]
.
قال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ: لقِيتُه بتُطْوان وسمعت منه.
ومولده بولوالج سنة سبع وستّين وأربعمائة [7] .
393-[....] [8] بْن أبي مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن
عَبْد الواحد بْن مَنْدُوَيْه.
أبو القَاسِم الأصبهانيّ، الضّرير.
__________
[1] في الأصل بياض، والمثبت عن: معجم البلدان 5/ 384.
[2] الولوالجيّ: بالفتح ثم السكون، وكسر اللام، والجيم. نسبة إلى
ولوالج، بلد من أعمال بذخشان خلف بلخ وطخارستان.
[3] السّمنجاني: بكسر السين والميم، وسكون النون، وجيم نسبة إلى
سمنجان: بليدة من طخارستان وراء بلخ، وهي بين بلخ وبغلان. (الأنساب
7/ 150) .
[4] في الأصل: «الحسين» والتحرير من (معجم البلدان) .
[5] في معجم البلدان: وأحمد بن سهل العتابي.
[6] لم أجد هذه النسبة.
[7] قال ياقوت: ولا أدري متى مات، إلّا أنّ السمعاني رحمه الله،
روى عنه. وكان سكن كش مدّة ثم انتقل إلى سمرقند.
[8] في الأصل بياض.
(38/351)
سمع: أَبَاهُ، وأبا بَكْر بْن ماجة، ورزق
اللَّه.
وعنه: السَّمْعانيّ، وقال: كان حيّا فِي سنة خمسٍ وأربعين.
394-[....] [1] بْن عَبْد الْجَبَّار بْن ناصر.
أبو الفتح الهَرَويّ، القوّاس.
شيخ، صالح، مستور.
سمع: أَبَا عَبْد اللَّه العُمَيْريّ.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ، وغيره.
395-[....] [2] بْن عبد العزيز بْن مُحَمَّد بْن شداد.
أبو بَكْر المَعافِريّ الأندلسيّ، الشُّوذَرِيّ.
وشَوْذَر من عمل جَيّان.
أخذ عن: شُرَيْح بْن مُحَمَّد، وأبي بَكْر بْن العربيّ، وأبي عَبْد
اللَّه بْن أبي الخصال، وجماعة.
وكان أديبا، كاتبا، بليغا، مفوّها، شاعرا.
قال الأَبَّار: تُوُفّي فِي حدود الخمسين وخمسمائة.
396-[....] [3] بْن عليّ بْن الْحَسَن.
الرئيس أبو الفتح العَلوَيّ، النَّيْسَابُوريّ، شيخ، عالم، عابد،
راغبٌ فِي الخير، عفيف.
سمع: إِسْمَاعِيل بْن زاهر النَّوْقَانيّ، وأبا عَدِيّ بْن
مُحَمَّد بْن عليّ الأَبِيوَرْدِيّ.
روى عنه: عبد الرحيم بن السّمعانيّ.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض.
(38/352)
397-[....] [1] بْن أَبِي طاهر مُحَمَّد
بْن عَبْد الواحد.
أبو القاسم الأصبهانيّ، الشّرابيّ، الخبّاز، النّشاستجيّ [2] .
سمع: رزقَ اللَّه التّميميّ، وغيره.
وأجاز لابن اللَّتّيّ فِي سنة تسعٍ وخمسين.
398-[....] [3] بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد.
أبو عليّ الهَرَويّ، البَنَاذَانيّ، وبناذان: من قُرى هَرَاة.
وهو أخو أَمَة اللَّه، وأمَة الرَّحْمَن.
شيخ مستور، سمع: نجيب بْن ميمون الواسطيّ.
روى عَنْهُ: عبد الرحيم.
399-[عَبْد الوهّاب] [4] بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حَسْنُونَ النَّرْسِيّ.
أبو الفضل البغداديّ. تاجر متميّز، صاحب صَدَقات وديانة.
سمع: أخاه أَحْمَد، وأبا الْحَسَن العلّاف، وابن بدران الحلوانيّ.
وحدَّث بِسَمَرْقَنْد «بمقامات الحريريّ» بسماعه بقوله من مصنّفها
[5] .
سمعها عَنْهُ عَبْد الرحيم [6] .
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] النّشاستجيّ: بفتح النون والشين المعجمة بعدها الألف ثم السين
المهملة والتاء المفتوحة ثالث الحروف وفي آخرها الجيم. هذه النسبة
إلى النّشاستج، وهو شيء يؤخذ من الحنطة ويقال له: النّشا. والنسبة
إليه: نشائي ونشاستجي. (الأنساب 12/ 84) .
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض، والمثبت من: الأنساب 12/ 70، وذيل تاريخ بغداد
لابن النجار 1/ 412- 414 رقم 245.
[5] وقال ابن السمعاني: شيخ سديد السيرة، لقيته ببلخ ثم بسمرقند،
وسمعت منه كتاب «المقامات» لأبي محمد القاسم بن علي الحريري
بروايته عن منشئها، ثم لقيته ببخارى وسألته عن النرس، فقال: سمعت
أنها قرية بقارس.
[6] وقال ابن النجار: ولم يكن معه شيء من الحديث فيحدّث به.
(38/353)
400-[....] [1] بْن عليّ بْن مَنْصُور.
الْإِمَام أبو بَكْر المَرْوَزِيّ، الغازي، المقرئ، فقيه فاضل،
مقرئ، كامل، ورِع، قانع، مقلّ. له تصانيف فِي القراءات، والحساب،
ومنازل القمر.
سمع: أَبَا المظفَّر مَنْصُور بْن السَّمْعانيّ، وأبا الفتح
عُبَيْد اللَّه الخُشْناميّ، وغير واحد.
روى عَنْهُ: ابن السَّمْعانيّ، وولده عَبْد الرحيم.
401-[....] [2] بْن عطاء المُلْك بْن عَبْد الْجَبَّار بْن أبي
طاهر.
أبو المعالي السَّمَرْقَنْديّ، الخطيب، النَّحْويّ.
سمع: أَبَاهُ، وأبا بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد البلديّ، وأبا
القَاسِم عُبَيْد اللَّه الكُشَانيّ، وأبا الْحَسَن الخرّاط.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم.
__________
[ () ] وأنشد عبد الوهاب بسمرقند مما أنشده الحريري:
إذا ما حويت جنى نخلة ... فلا تقربنّها إلى قابل
وإما سقطت على بيدر ... فحوصل من السنبل الحاصل
ولا تلبثن إذا ما لقطت ... فتنشب في كفة الحابل
ولا توغلن إذا ما سبحت ... فإنّ السلامة في الساحل
وخاطب بهات وجاوب بسوف ... وبع آجلا منك بالعاجل
ولا تكثرن على صاحب ... فما ملّ قطّ سوى الواصل
وقال ابن السمعاني: سألته عن مولده فقال: بباب المراتب في سابع عشر
ربيع الأول سنة ست وتسعين وأربعمائة، وقال لي: أصلنا من فارس من
نرس، قرية بفارس، سمع شيخنا أبو المظفر ابن السمعاني المقامات من
ابن النرسي في سنة تسع وأربعين أو ست وخمسين وخمسمائة بسمرقند
وأظنه توفي هناك. (ذيل تاريخ بغداد) .
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
(38/354)
402-[عثمان] [1] بْن عليّ بْن عثمان.
أبو عَمْرو بْن الْإِمَام الأندلسيّ، الشِّلْبيّ [2] ، نزيل
إشبيلية.
سمع مِن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم العامريّ، وأبي عبد
الله بن مكي، وأبي بكر بْن العربيّ، وجماعة.
وكان أديبا بارعا، بليغ القَلَم واللّسان، كاتبا، كامِلًا،
وشاعِرًا محسِنًا.
له مصنَّف فِي شعراء عصره [3] .
تُوُفّي بعد الخمسين.
403- عليّ بْن طويل بْن أَحْمَد بْن طويل.
الشَّيْخ أبو الْحَسَن بْن بيضا القَيْسيّ الفاسيّ. من ذوي الهيئة
والشّارة والصّيانة.
تفقَّه وبرع، وقرأ «الملخّص» سنة خمسٍ وسبعين على مُحَمَّد بْن
عليّ الْأَزْدِيّ.
وسمع بالأندلس من عَبْد اللَّه بْن أبي جَعْفَر، وغيره.
حدُّث عَنْهُ: ولده أبو الْحُسَيْن يحيى، ومحمد بْن رساحة القرويّ.
قال ابن فَرْتُون: مات فِي عَشْر السّتّين وخمسمائة.
__________
[1] في الأصل بياض. والمثبت من: تكملة الصلة لابن الأبّار، رقم 833
أ، والذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي ج 5 ق 1/ 135
رقم 372.
[2] الشّلبي: بكسر الشين المعجمة، وسكون اللام، وآخره باء موحّدة.
قال ياقوت: هكذا سمعت جماعة من أهل الأندلس يتلفظون بها، وقد وجدت
بخط بعض أدبائها: شلب: بفتح الشين، وهي مدينة بغربيّ الأندلس بينها
وبين باجة ثلاثة أيام، وهي غربي قرطبة، وهي قاعدة ولاية أشكونية.
(معجم البلدان 3/ 357) .
[3] قيل هو على منحى «المطمح» (أي مطمح الأنفس) ، و «قلائد
العقيان» لابن خاقان. وسمّاه:
«سمط الجمان وسقط الأذهان» دلّ به على حسن إنشائه وجودة انتقائه.
(38/355)
404- عليّ بْن مُحَمَّد بْن حمزة بْن
مُحَمَّد بْن حمزة [1] .
أبو الْحَسَن الأصبهانيّ، الفِلَكيّ [2] ، الخطّاط.
شيخ صالح متميّز. سمع «الحلية» ، و «مسند أَحْمَد» ، من أبي عليّ
الحدّاد.
قال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ: سَمِعت منه جميع «الحلية»
الأولى بسمرقند وولد في حدود تسعين وأربعمائة [3] .
405- عُمَر بْن أبي بَكْر بْن عثمان بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد.
أبو حفص البَزْدَوِيّ [4] ، الشيْخيّ [5] ، الصّابونيّ، أخو
مُحَمَّد.
سكن بُخَارى، وسمع: أَبَا محمد عبد الواحد الزّبيريّ الوركيّ [6] ،
__________
[1] انظر عن (علي بن محمد الفلكي) في: الأنساب 9/ 330، 331،
والتحبير 1/ 580، والإستدراك لابن نقطة (مخطوط) باب: الفلكي
والفلكي، والمشتبه في الرجال 2/ 510، وتوضيح المشتبه 7/ 116،
وتبصير المنتبه 3/ 1111، وتاج العروس 7/ 170.
[2] الفلكي: بكسر الفاء وفتح اللام وفي آخرها الكاف. هذه النسبة
إلى الفلك وهي جمع فلكة وهي التي تعمل في المغازل.
[3] وقال أبو سعد: شيخ صالح سديد السيرة، حافظ القرآن، كثير
التلاوة، حسن الخط، كثير الخير. قدم علينا سمرقند سنة خمسين
وخمسمائة، وذكر لي أنه سمع كتاب «الحلية» لأبي نعيم الحافظ عن أبي
علي الحسن بن أحمد الحداد عنه، وقال: سمعت كتاب المعجم الصغير لأبي
القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني بروايته عن أبي علي
الحدّاد، عن أبي بكر بن ريدة، عن الطبراني، وقرأت أكثر الكتابين
عليه وسمعت الباقي منه وإن لم يكن له أصل مثبت سماعه فيه ولكن
محلّه الصدق، وقرأنا عليه بقوله. وكان سمع معي الحديث بمكة في سنة
أربع وثلاثين من بلديّه أبي سعد البغدادي، وسمعت بعد ذلك أنه عاد
من سمرقند على طريق خوارزم إلى وطنه أصبهان. (الأنساب) .
وفي (التحبير 1/ 581) : وكانت ولادته بأصبهان في حدود سنة تسع
وثمانين وأربعمائة.
وقال ابن ناصر الدين الدمشقيّ: توفي بسمرقند سنة خمسين وخمسمائة عن
ستين سنة.
(توضيح المشتبه) .
[4] البزدوي: بفتح الباء وسكون الزاي وفتح الدال المهملة. نسبة إلى
بزدة، ويقال: بزدوة. قلعة حصينة على ستة فراسخ من نسف.
[5] في الأصل: «الشيحي» بالحاء المهملة، والأرجح كما أثبتناه
بالخاء المعجمة.
[6] لم أجد هذه النسبة.
(38/356)
وأبا صادق أَحْمَد بْن الْحُسَيْن، وأبا
اليُسْر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد البَزْدَوِيّ.
ووُلِد سنة أربعٍ وثمانين وأربعمائة.
روى عنه: ابن السمعاني، وابنه عبد الرحيم، وغيرهما.
406- عمر بن الفضل بْن أَحْمَد.
أبو ألوفا بْن مميَّز الأصبهانيّ.
شيخ صالح، سديد.
سمع بإفادة أخيه أَحْمَد من رزق اللَّه التّميميّ، وغيره.
وعُمّر حَتَّى حدُّث بالكثير.
روى عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وغيره.
- حرف القاف-
407-[القَاسِم] [1] بْن مُحَمَّد بْن مبارك.
أبو مُحَمَّد بْن الحاجّ الأُمويّ، الزّقّاق [2] .
أخذ القراءات بالأندلس عن: شُرَيْح بْن مُحَمَّد، ومنصور بْن
الخير.
وروى عَنْ: أبي عَبْد اللَّه الخَوْلانيّ، وجماعة.
ونزل مدينة فاس. وتصدَّر للإقراء، وأخذ النّاس عَنْهُ.
أخذ عَنْهُ: ابن خَرُوف، وَهُذَيْلُ بْن مُحَمَّد، وأبو الصَّبْر
أيّوب بْن عَبْد اللَّه.
وتوفّي في سلا في حدود السّتّين وخمسمائة.
408-[....] [3] بْن سَعِيد بْن الفضل.
أبو الفضل الخِرَقيّ، المفتاحيّ، التّاجر.
__________
[1] في الأصل بياض. والمثبت من: غاية النهاية 2/ 24 رقم 2605.
[2] في الأصل: «الرقاق» بالراء. والتحرير من: غاية النهاية.
[3] في الأصل بياض.
(38/357)
رَجُل خيّر من أهل نَيْسابور.
سمع: أَبَا الْحَسَن عليّ بْن أَحْمَد المَدِينيّ، وغيره.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم السَّمْعانيّ.
409-[....] [1] بْن سَعِيد الأصبهانيّ المَغَازِليّ.
سمع: رزق اللَّه التّميميّ، وغيره.
روى عَنْهُ: شيوخ ابن الْبُخَارِيّ مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أبي
بَكْر، وعمر بْن أبي الحَنَش الفصّال، وأبو بَكْر شَيْبان بْن
الْحُسَيْن الكيمختيّ [2] الأصبهانيّون، وغيرهم.
410- قُر [....] [3] بْن طُنْطَاش.
أبو صالح الظَّفَريّ، البغداديّ.
شيخ صُعْلُوك، وهو رأس طبقة البغداديّين فِي لعب الشّطرنج.
سمع: أَبَا الْحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ، وهبة اللَّه المَوْصِليّ،
وابن بَيَان.
كتب عَنْهُ: أبو سَعْد السَّمْعانيّ، وقال له إنّه ولد سنة تسع
وسبعين وأربعمائة.
411-[....] [4] بن علي بن محمد بن عمر.
أبو مطيع الباغْبَان [5] ، الخبّاز.
شيخ صالح.
سمع: أَبَا مطيع، وغيره.
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] لم أجد هذه النسبة.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض.
[5] الباغبان: بفتح الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة وباء أخرى
في آخرها النون. هذه النسبة إلى حفظ الباغ وهو البستان. (الأنساب
2/ 44) .
(38/358)
وأجاز من أصبهان لعبد الرحيم بْن
السَّمْعانيّ.
- حرف الميم-
412-[مُحَمَّد] [1] بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أبو عَبْد اللَّه بْن الصَّيْقَلِ الفِهْريّ، المُرسيّ، الملقّب:
أَبَا هُرَيْرَةَ [....] [2] الآثار.
سمع: أَبَا مُحَمَّد بْن أبي جَعْفَر، وأبا الوليد بْن الدّبّاغ.
وأجاز له جماعة.
روى عَنْهُ: أبو بَكْر بْن سُفْيَان، وغيره.
413-[محمد] [3] بْن أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن المنخّل.
أبو بَكْر المِهْريّ الأديب الشِّلْبيّ [4] .
أحد الشُّعراء المجوِّدين. كان يعرف عِلم الكلام.
روى عَنْهُ من ديوانه عَبْد الله بن أحمد الشّلبيّ. فمن شِعره:
مضت لي ستٌ بعد سبعين حَجَّةٍ ... ولي حَرَكَاتٌ بعدها وسُكُونُ
فيا لَيْتَ شِعْري أَيْنَ، أو كيف، أو مَتَى ... يكون الَّذِي لا
بدّ أن سيكونُ؟
414-[مُحَمَّد] [5] بْن الْحَسَن بْن محمود.
أبو جَعْفَر المَرْوَزِيّ، البيّع، صاحب أموال كثيرة ذهبت فِي نهب
مَرْو وفي المصادرة. وكان ديِّنًا خيّرا.
سمع ببغداد من: أبي القَاسِم بْن بيان.
__________
[1] في الأصل بياض، والمرجح ما أثبتناه.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض، والمرجح ما أثبتناه.
[4] الشّلبي: بكسر الشين المعجمة وسكون اللام، نسبة إلى شلب. وقد
تقدّم قبل قليل.
[5] في الأصل بياض. والمرجح ما أثبتناه انسجاما مع سياق التراجم.
(38/359)
روى عنه: عبد الرحيم بن السمعاني وقال:
قال: وزنت لابن بيان دينارا أحمر حَتَّى سمعت منه. يعني «جزء ابن
عَرَفَة» .
وُلِدَ سنة أربع وثمانين.
415- مُحَمَّد بْن عَبْد الحق بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن
بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الحقّ [1] .
أبو عَبْد اللَّه الخَزْرَجي، القُرَيْشيّ.
سمع: أَبَا عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الفَرَج
مَوْلَى ابن الطّلّاع، وأكثر عَنْهُ.
وعُنِي بالفِقْه، وطال عُمره، وعلا سَنْدهُ. وسمع فِي الكُهُولَةِ
من أبي محمد ابن عتّاب، وغيره.
روى عَنْهُ: ابنه القاضي أبو مُحَمَّد عَبْد الحقّ، وغيره.
وآخر من روى عَنْهُ: أبو القَاسِم أَحْمَد بْن بَقِيّ سمع منه
«الموطّأ» ، وأجاز له.
وتُوُفيّ قريبا [2] من سنة ستّين وخمسمائة.
وقد أجاز لنا عبد الله بن هارون الطّائيّ سنة سبعمائة من المغرب.
قال:
ثنا حمْد بْن بَقِيّ «بالموطّأ» ، نا مُحَمَّد بْن عَبْد الحقّ،
أَنَا ابن الطّلّاع، وهذا أعلى [3] ما يوجد من الرّوايات بالمغرب.
416-[مُحَمَّد] [4] بْن عَبْد الحميد بْن الحسين.
العلّامة أبو الفتح الأسمنديّ [5] ، السمرقنديّ.
__________
[1] انظر عن (محمد بن عبد الحق) في: سير أعلام النبلاء 20/ 420،
421 رقم 278، والمعين في طبقات المحدّثين 168 رقم 1807، والنجوم
الزاهرة 5/ 561، وشذرات الذهب 4/ 198.
[2] في الأصل: «قريب» .
[3] في الأصل: «أعلا» .
[4] في الأصل بياض، والمثبت عن: الأنساب 1/ 255، 256، ومعجم
البلدان 1/ 189.
[5] الأسمندي: بضم الألف وسكون السين المهملة وفتح الميم وسكون
النون وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى أسمند، وهي قرية من
قرى سمرقند.
(38/360)
ولد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وسمع
الحديث من: عليّ بْن عثمان [1] الخرّاط، وأُسمند من قرى
سَمَرْقَنْد.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ وقال: كان إماما
مناظِرًا، له الباع الطَوِيلُ فِي عِلْم الْجَدَل، وصنَّف
التّصانيف فِي عِلم الخلاف، وشاعت تصانيفه فِي البلدان [2] .
417- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن حمدان
[3] .
أبو سَعِيد، وأبو عَبْد اللَّه الجاوانيّ، الحِلَّويّ [4] ،
العراقيّ.
وجاوان: قبيلةٌ من الأكراد سكنوا الحِلَّة.
قَدِمَ بغدادَ فِي الصّبى، وتفقّه بها على: أبي حامد الغَزَاليّ،
وإلْكِيا الهَرّاسيّ حتّى برع وتميَّز.
وسمع من: الحُمَيْديّ، وأبي سَعْد عَبْد الواحد بْن القُشَيْريّ،
وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن المظفَّر الشّاميّ القاضي، وجماعة.
وقرأ «المقامات» على الحريريّ. وكان إماما مناظرا. شرح كتاب
__________
[1] في الأنساب 1/ 256 «علي بن عمر» .
[2] وقال ابن السمعاني: كان فقيها فاضلا، ومناظرا فحلا، تفقّه على
السيد الإمام أشرف العلويّ، وكانت له عبارة حسنة، وصنّف تصنيفا في
الخلاف، سمع أبا الحسن علي بن عمر الخراط، لقيته بسمرقند غير مرة،
وقال لي: وردت مرو قاصدا إلى الأرسابندي ولم يكن حاضرا فحضرت درس
والدك، رحمه الله، وعلّقت عنه مسألة بيع اللحم بالشاة، وانصرفت من
مرو، ولم أسمع منه شيئا من الحديث لأنه كان متظاهرا بشرب الخمر،
وسمع ولدي أبو المظفّر منه أحاديث، ولما وافى مرو منصرفا من الحجاز
والحج والزيادة سنة ثلاث وخمسين قرأت عليه أحاديث بقرية سيد على
طرف البرّية.
[3] انظر عن (محمد بن عليّ بن عبد الله) في: الوافي بالوفيات 4/
155 رقم 1688، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 88، وبغية الوعاة
182، 183 رقم 206، وكشف الظنون 342، 825، 927، 1187، 1255، 1256،
1667، 1941، وإيضاح المكنون 1/ 484 و 2/ 134 و 595، وهدية العارفين
2/ 95، والأعلام 7/ 166، ومعجم المؤلفين 11/ 23، وتكملة تاريخ
الأدب العربيّ 1/ 493.
[4] الحلّويّ: بكسر الحاء وتشديد اللام وواو. ويقال: الحليّ. من
غير واو نسبة إلى الحلّة.
(38/361)
«المقامات» ، وله كتاب «عيون الشَّعْر» ،
وكتاب «الفرق بين الرّاء والغَيْن» .
وحدَّث بإربل، والمَوْصِل، وسكن البَوَازِيج [1] .
وحدّث ببغداد قديما بكتاب: «إلجام العوام» للغزاليّ.
وحدّث عنه قاضي أسيوط أبو البركات محمد بن عليّ الأنصاريّ، وقال:
أنبا شيخنا الْإِمَام رَضِيّ الدِّين الجاوانيّ بالمَوْصِل فِي رجب
سنة تسع وخمسين وخمسمائة قال: أَنَا أبو سَعْد القُشَيْريّ قراءة
عليه ببغداد.
وقال ابن النّجّار: أَخْبَرَنَا الشّهاب المزكّي، أَخْبَرَنَا أبو
سَعْد بْن السَّمْعانيّ، أنشدني أبو الفوارس الحسن بن عبد الله بن
شافع الدّمشقيّ بمَرْو:
أنشدني أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عليّ العراقيّ لنفسه بإربل:
دعَاني مَن مَلامِكُمَا دَعاني ... فداعي الحبِّ للبَلْوَى دعاني
أجاب له الفؤاد وَنَوْمُ عيني ... وسارا فِي الرّفَاق وودّعاني [2]
فَطَر فِي ساهِرٌ فِي طُولِ ليلي ... وقلبي في يد الأشواق عاني
فكيف يصيخ للعُذّال سمعي ... ولا عقلي لديَّ ولا جَنَاني؟ [3]
وقد قرأ عليه أبو سَعْد أَحْمَد بْن إبراهيم المؤدّب «مقامات
الحريري»
__________
[1] البوازيج: بعد الزاي ياء ساكنة، وجيم. بلد قرب تكريت على فم
الزأب الأسفل حيث يصبّ في دجلة، ويقال لها: بوازيج الملك، وهي من
أعمال الموصل (معجم البلدان 1/ 503) .
[2] البيتان في: الوافي بالوفيات 4/ 55 أوبغية الوعاة 1/ 182.
[3] ومن شعره مما أورده العماد:
أفديك بالعين الصحيحة ... فالمريضة لا تساوي
إني أقيكم بالمحاسن ... لا أقيكم بالمساوي
(الوافي بالوفيات) .
وله:
عباد الله أقوام كرام ... بهم للخلق والدنيا نظام
أحبّوا الله ربّهم فكلّ ... له قلب كئيب مستهام
سقاهم ربّهم بكئوس أنس ... فلذّ لهم برؤيته المقام
(بغية الوعاة) .
(38/362)
بإربل فِي سنة إحدى وخمسين، وبقي إلى قريب
السّتّين، وعاش اثنتين وتسعين سنة [1] .
418- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي العاص [2] .
النّفْزيّ [3] ، الأستاذ، أبو عَبْد اللَّه الشّاطبيّ، ويُعرف
ببلده بابن اللايُه بتفْخيم اللّام وضمّ الياء، ثمّ هاء ساكنة،
المقرئ الضّرير.
__________
[1] وقد أورده ابن المستوفي في (تاريخ إربل) في الجزء الّذي لم
يصلنا، وفيه: إمام عالم بالنحو والفقه، له كتب مصنّفة، شرح
المقامات، وكان أخذها عن مؤلّفها. وله «الذخيرة لأهل البصيرة» ، و
«البيان لشرح الكلمات المنتظم في سلوك الأدوات» ، لم يذكر فيه من
النحو طائلا، و «مسائل الامتحان» ذكر فيه العويص من النحو. وله
فصول وعظ ورسائل.
أقام بإربل، ورحل إلى بلاد العجم، ومات في خفتيان، وحمل فدفن
بالبوازيج. وكان سمع من محمد بن الحسين البرصي، وسمع منه أبو
المظفّر بن طاهر الخزاعي. قال- أعني أبو المظفر-: وحدّثني في ذي
الحجة سنة ست وخمسمائة أنه سمع تفسير الكلبي، عن ابن عباس، على أبي
علي القطيعي. (بغية الوعاة) .
وجاء في المطبوع من (تاريخ إربل 1/ 86) في ترجمة عتيق بن علي بن
علوي، رقم 24:
«وسمع عتيق بن علي بن علوي محمد بن علي الحلّي العراقي الواعظ،
وجدت ذلك بخط الحلّي، وحكايته: قرأ عليّ الخطب المعروفة ببني
نباتة- رحمهم الله- من هذا الكتاب وغيره، صاحبه القاضي، - وذكر
ألقابا تركت ذكرها- أبو بكر عتيق بن علي ابن علوي الإربلي، وأذنت
له أن يرويها عنّي مع ما شرحت له من غريب فيها سألني عنه، بروايتي
عن الشيخ الإمام أبي علي الحسن بن أحمد بن الحسن القيسي القطيعي،
بروايته عن أبيه- وكانا من المعمّرين- برواية أبيه عن الإمام عبد
الرحيم بن نباتة وابنه أبي طاهر- رحمهما الله- وكتب العبد المذنب
محمد بن علي الحلّوي العراقي في سلخ جمادى الأولى من سنة تسع
وخمسين وخمسمائة» .
وذكر ابن المستوفي اثنين ممن أخذوا عنه:
1- أبو محمد عبد الكريم بن أحمد بن محمد البوازيجي، المتوفى سنة
611 هـ. (تاريخ إربل 1/ 364 رقم 259) .
2- أبو مسعود سعد بن عبد العزيز الضرير المقرئ البوازيجي. (تاريخ
إربل 1/ 374 رقم 279) وقد أرّخ بعضهم وفاته بسنة 561 هـ.
[2] في الأصل: «بن أبي القاضي» ، والمثبت من: غاية النهاية 1/ 124
رقم 577 و 2/ 204/ رقم 3663.
[3] النّفزي: بالكسر ثم السكون، وزاي، وبعد الألف واو مفتوحة. نسبة
إلى نفزاوة: مدينة من أعمال إفريقية.
وقد تحرّفت إلى «النفري» بالراء في: غاية النهاية 1/ 124.
(38/363)
أخذ القراءات عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه
مُحَمَّد بْن غلام الفَرَس الدّانيّ. وتصدَّر للإقراء مدَّة.
أخذ عَنْهُ القراءات: أبو القَاسِم الرُّعَيْنيّ، الشّاطبيّ، وأبو
عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن سعادة، والقاضي أبو
بَكْر بْن مُفَوَّز مع تقدُّمه.
وكان موصوفا بالإتقان والدّيانة.
قال شيخنا أبو حَيّان: كان حيّا فِي سنة خمس وخمسين وخمسمائة، وهو
والد المقرئ أبي جَعْفَر أَحْمَد بْن مُحَمَّد [1] ، وهو الَّذِي
خَلَفَ أَبَاهُ أَبَا عَبْد اللَّه فِي الإقراء رحمة [2] اللَّه
عليهم.
419- مُحَمَّد بْن عُمَر بْن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس بْن عليّ.
الأديب، أبو الفضل الْقُرَشِيّ، المخزوميّ، الخالديّ، الإشتيخنيّ
[3] السّغديّ [4] ، السَّمَرْقَنْديّ.
كان أديبا، نَحْويًا، بارعا، صالحا، خيّرا، سريع الدّمعة، كتب
بنفسه أمالي أئمَّة سَمَرْقَنْد، واختصّ بالإمام مسعود بن الحسين
الكشانيّ [5] ، وعليه تفقَّه. وسمع منه، ومن: عليّ بْن عثمان
الخرّاط، ومحمود بْن مَسْعُود الشُّعَيْبيّ، [6] ، وجماعة كثيرة.
__________
[1] غاية النهاية 1/ 124 رقم 577.
[2] في الأصل: «رحمت» .
[3] الإشتيخنيّ: بكسر الألف وسكون الشين المعجمة وكسر التاء
المنقوطة بنقطتين من فوقها بعدها ياء معجمة بنقطتين من تحتها ساكنة
وفتح الخاء المنقوطة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى إشتيخن وهي
قرية من قرى السغد بسمرقند على سبعة فراسخ منها. (الأنساب 1/ 268)
.
[4] السّغدي: بضم السين المهملة، وسكون الغين المعجمة، وفي آخرها
الدال المهملة. نسبة إلى السّغد، ناحية من نواحي سمرقند. (الأنساب
7/ 86) .
[5] الكشاني: بضم الكاف والشين المعجمة وفي آخرها النون. هذه
النسبة إلى كشانية، وهي بلدة من بلاد السّغد بنواحي سمرقند.
[6] الشعيبي: بضم الشين المعجمة، وفتح العين المهملة، وسكون الياء
بعدها الباء المنقوطة بواحدة. هذه النسبة إلى الجدّ، وهو «شعيب» .
(38/364)
وكان مولده بإشتِيخن فِي سنة ثلاثٍ وتسعين
وأربعمائة.
ومات الخرّاط فِي سنة عَشْر، ومات الشّعيبيّ سنة أربعِ عشرة.
روى عَنْهُ: عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
420- مُحَمَّد بْن أبي القَاسِم بْن محمد الأصبهانيّ.
روى «جزء لوين» عن: أبي عِيسَى بْن زياد، وعن أبي بَكْر بْن ماجة
الأَبْهَريّ.
روى عَنْهُ: جامع بْن إِسْمَاعِيل، عُرف ببالَهْ، والأمير أبو
المعالي، وابنه غانم بْن أبي المعالي بْن حيدر الْحُسَيْنيّ، ومحمد
بْن أبي الفتوح السُّوذَرْجَانيّ [1] ، ومحمد بن أميرك بْن حَسَن
الصَّيْرَفيّ، والوجيه مُحَمَّد بْن أبي رشيد بن عبد المطّلب
الضرّاب، الْبَصْرِيّ، ومحمد بْن مُحَمَّد بْن أبي نصر البقّال،
وسُفْيان بْن إِبْرَاهِيم بْن مَنْدَهْ، وآخرون.
وكان أديبا نبيلا. كنيته أبو بَكْر الصّالحانيّ [2] .
421- مُحَمَّد بْن الفضل بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور [3] .
العلّامة، أبو طاهر البُرْجيّ [4] ، الأصبهانيّ، العَرُوضيّ، إمام
مُنَاظِر، فحل، صاحب فُنون.
سمع: أَبَا المطيع الْمَصْرِيّ، ومكّيّ بْن مَنْصُور الكرجيّ،
وجماعة.
عظّمه السَّمْعانيّ، وأخذ عَنْهُ ببلْخ وببُخارَى فِي سنة إحدى
وخمسين، ثُمَّ دخل بلاد التُّرْك.
__________
[1] السّوذرجاني: بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة،
وسكون الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى سوذرجان، وهي من قرى
أصبهان. (الأنساب 7/ 185) .
[2] الصّالحاني: بفتح الصاد المهملة وسكون اللام وفتح الحاء
المهملة، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى «صالحان» وهي محلّة
كبيرة بأصبهان. (الأنساب 8/ 12) .
[3] انظر عن (محمد بن الفضل) في: الأنساب 2/ 133.
[4] البرجي: بضم الباء المعجمة بنقطة وسكون الراء المهملة وفي
آخرها الجيم. هذه النسبة إلى قرية برج وهي من قرى أصبهان.
(38/365)
422- مُحَمَّد بْن المُجَلَّى بْن الصّانع
[1] .
أبو المؤيَّد الْجَزَري، الطّبيب، المعروف بالعَنْتَريّ. عُرِف
بذلك لأنّه كان فِي أوّل أمره يكتب سيرة عَنْتَرة العَبْسيّ.
قال ابن أبي أُصَيْبعة [2] : كان طبيبا مشهورا، وعالما مذكورا
حَسَن المعالجة والتّدبير، فيلسوفا، متميّزا فِي عِلم الأدب،
شاعرا.
روى السّديد محمود بن عمر بن رقيقة الطّبيب، عن الحكيم مؤيَّد
الدِّين بْن العَنْتريّ، عن أبيه، له هذه الأبيات:
احفظ بُنيَّ وصِيّتي واعملْ بها ... فالطِّبُّ مجموعُ بعضِ كلامي
فدم على طِبِّ المريضِ عناية ... فِي حفْظِ قُوَّته مع الأيّام
بالشّبه تحفظ صحَّة موجودة ... والصّدفيَّة شفاءُ كلِّ سقامِ
أقْلِلْ نِكاحَكَ ما استطعتَ فإنّه ... ماء الحياةِ يُراقُ فِي
الأرحامِ
واجعلْ طعامَكَ كلَّ يَوْمٍ مرَّةً ... وَاحْذَرْ طعاما قبل هضْم
طعامِ
لا تحقر الْمَرَضَ اليسيرَ فإنّه ... كالنّار تُصبحُ وهي ذاتُ
ضِرامَ
لا تَهْجُرَنّ القَيْء واهجُرْ كلّما ... كيموسه سبّب لي الأسقامَ
إنَّ الحمّى عَوْنُ الطّبيعة مسعد ... شافِ من الأمراضِ والآلامِ
لا تَشْرَبَنَّ بعقِبِ أَكْلٍ عاجِلًا ... أو تأكُلَنَّ بعقِب
شُربِ مُدام
إيّاكَ تلْزَمْ أكْلَ شيءٍ واحدٍ ... فيقود طبعك للأذى بزِمامِ [3]
في أبيات أخر، وهي تنسب أيضا إلى الرئيس ابن سينا، وتنسب إلى
المختار بن بطلان.
__________
[1] انظر عن (محمد بن المجلّى) في: الوافي بالوفيات 4/ 384- 386
رقم 1942، وعيون الأنباء 1/ 290- 297، وإيضاح المكنون 1/ 562 و 2/
270، 286، 687، وهدية العارفين 20/ 100، ومعجم المؤلفين 11/ 173.
[2] في عيون الأنباء.
[3] عيون الأنباء، وفي الوافي بالوفيات 4/ 385 البيت الرابع فقط.
(38/366)
قال ابن أبي أُصَيْبَعة [1] : والصّحيح
أنّها للعنْتَري.
وله:
من لزم الصّمت اكتسى هيبة ... تخفى عن النّاس مساويه
لسان من يعقل فِي قلبه ... وقلب من يجهل في فيه [2]
وله:
جرّدته الحمّام من كلّ ثوبٍ ... وأَرَتْني منه الَّذِي كان قَصْدي
بَدَنًا كالصَّباح من تحت ليلٍ ... حالِكِ اللّون أسْوَدَ غيرِ
جعدِ
سكَبَ الماءَ فوق جسمٍ حكى ... الفضَّةَ حَتَّى اكتسى غُلالةَ ورد
[3]
__________
[1] في عيون الأنباء.
[2] عيون الأنباء، الوافي بالوفيات 4/ 386.
[3] ومن شعره:
أبلغ العالمين عنّي أنّي ... كلّ علمي تصوّر وقياس
قد كشفت الأشياء بالفعل حتى ... ظهرت لي وليس فيها التباس
وعرفت الرجال بالعلم لمّا ... عرف العلم بالرجال الناس
ومنه:
قالوا رضيت وأنت أعلم ذا الورى ... بحقائق الأشياء عن باريها
تجتاب أبواب الخمول فقلت عن ... كره ولست كجاهل راضيها
لي همّة مأسورة لو صادفت ... سعدا بغير عوائق تثنيها
ضاق الفضاء بها فلا تسطيعها ... لعلوّها الأفلاك أن تحويها
ما للمقاصد جمّة ومقاصدي ... ناط القضاء بها القضاء واليها
أطوي الليالي بالمنى وصروفها ... تنشرنني أضعاف ما أطويها
إنّي على نوب الزمان لصابر ... إمّا ستفني العمر أو يفنيها
أمّا الّذي يبقى فقد أحرزته ... والفانيات فما أفكر فيها
ومنه:
بنيّ كن حافظا للعلم مطّرحا ... جميع ما الناس فيه تكتسب نسبا
فقد يسود الفتى من غير سابقة ... للأصل بالعلم حتى يبلغ الشهبا
غذّ العلوم بتذكار تعش أبدا ... فالنار تخمد مهما لم تجد حطبا
إنّي أرى عدم الإنسان أصلح من ... عمر به لم ينل علما ولا نشبا
قضى الحياة فلما مات شيّعه ... جهل وفقر لقد قضاهما نصبا
(38/367)
وله من المصنَّفات كتاب «الحماية» فِي
الطّبيعي والإلهي، وكتاب «الأقراباذين» وهو كبير مفيد، وكتاب
«رسالة الشّعرى اليَمَانية إلى الشّعْري الشّمالية» ، كتبها إلى
عرفة النّحوي بدمشق، ورسالة يهنّي بها الوزير مروان الّذي وزر بعده
أتابك زنكي بن آقسنقر، ورسالة الفرق ما بين الدّهر والزّمان
والكُفر والإيمان، ورسالة العشْق الإلهي والطّبيعي، وكتاب النّور
المُجْتَنى فِي المحاضرة [1] .
423- مُحَمَّد بْن الفضل بن إِسْمَاعِيل بْن الفضل.
أبو الفضل بْن كاهويَه التّميميّ، الأصبهانيّ، الكاتب.
وُلِدَ سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وسمع: أَبَا القاسم بْن بيان،
وأبا عليّ بْن نَبْهان، وابن ملَّة، وخلْقًا كثيرا [2] بأصبهان،
وبغداد، وخُراسان، وخرَّج لنفسه مُعْجَمًا.
وكان كاتبا بليغا، ناظما، ناثرا، مَرْضِيّ الأخلاق.
423-[مُحَمَّد] [3] بْن طَيْفُور [4] السّجاونديّ [5] .
أحد القُرّاء، هُوَ أبو عَبْد الله الغزنويّ، المقرئ، المفسّر
النّحويّ، له
__________
[ () ] ومنه:
قد أقبلت غولة الصبايا ... تنظر عن معلم النقاب
فقلت من أعظم الرزايا ... قفل على منزل خراب
أحسن ما كنت في عباة ... ملفوفة الرأس في جراب
[1] ورّخ بعضهم وفاته بسنة 580 هـ.
[2] في الأصل: «وخلق كثير» .
[3] في الأصل بياض. والمثبت من المصادر.
[4] انظر عن (محمد بن طيفور) في: إنباه الرواة 3/ 153 رقم 657
والوافي بالوفيات 3/ 178، وغاية النهاية 2/ 157 رقم 3084، وطبقات
المفسّرين للسيوطي 32، 33، وكشف الظنون 1182، ومعجم المؤلفين 10/
112، ومفتاح السعادة 1/ 79، ومعجم طبقات الحفاظ المفسرين 277 رقم
500.
[5] لم أجد هذه النسبة.
(38/368)
تفسير حَسَن للقرآن، وكتاب «عِلَل
القراءات» فِي عدّة مجلّدات، وكتاب «الوقف والابتداء» فِي مجلَّدٍ
كبير يدلّ على تبحُّره. ولم يبلُغْني على مَن قرأ، ولا من أخذ
عَنْهُ.
وذكره القِفْطيّ مختصرا [1] وقال: كان فِي وسط المائة السّادسة
رحمه الله [2] .
425-[محمد] [3] بن هبة الله بن عليّ.
أبو المعالي بن العقّاد، البغداديّ، المؤدّب.
سمع: أبا الحسن الأنباريّ الخطيب، وأبا عبد الله النّعاليّ.
وعنه! السّمعانيّ، والمسعوديّ، وغيرهما.
قال أبو سعد السّمعانيّ: كان صالحا، خيّرا من أولاد المحدّثين. ولد
سنة ثمان وسبع وستّين وأربعمائة.
قلتُ: وبقي إلى سنة أربع وخمسين.
426-[محمود] [4] بْن أَحْمَد بْن الفَرَج بْن عبد العزيز.
أبو المَحَامد الشّاعر، أخي السّاغَرْجِيّ [5] ، السَّمَرْقَنْديّ،
المعروف بشيخ الإسلام.
قال ابن السَّمْعانيّ: إمام، فاضل، بارع، مبرّز فِي أنواع الفضل،
والتّفسير، والحديث، والأصول، والخلاف، والوعظ، ومع اجتماع هذه
__________
[1] في إنباه الرواة 3/ 153.
[2] أرّخ بعضهم وفاته بسنة 560 هـ.
[3] في الأصل بياض.
[4] في الأصل بياض. والمثبت عن: الأنساب 7/ 9، 10 و 12/ 151.
[5] السّاغرجي: بفتح السين المهملة والغين المعجمة وسكون الراء،
وفي آخرها الجيم، وقد يقال بالصاد بدل السين، فيقال: ساغرج وصاغرج.
وهي قرية من قرى السغد على خمسة فراسخ من سمرقند، وهي من نواحي
إشتيخن. (الأنساب 7/ 9) .
(38/369)
الفضائل هُوَ حَسَن السِّيرة، سليم الباطن،
كثير الخير والعبادة، تاركٌ لما لا يعنيه وُلِدَ سنة ثمانين
وأربعمائة، وقال لي: أوّل ما كتبت الحديثَ، عن شيخ والدي الْإِمَام
يوسف بن صالح الخطيبيّ سنة إحدى وتسعين.
وسمع بسمرقند من: الحسن بن عطاء السّغديّ، وأبي إبراهيم إسحاق بن
محمد النّوحيّ [1] .
وببخارى: أبا المعين ميمون المكحوليّ، وعليّ بن أحمد الكلاباذيّ،
والبرهان عبد العزيز بن عمر أستاذه.
قرأت عليه «تنبيه الغافلين» لأبي اللّيث السّمرقندي، عن النُّوحيّ
[2] ، عن سِبْط التِّرْمِذيّ، عَنْهُ، من أوّله إلى باب الوَرَع.
كتبت عنه بسمرقند، وحجّ سنة إحدى وعشرين وخمسمائة.
قلت: روى عَنْهُ عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ.
427-[....] [3] بْن عليّ بْن نصر بْن أبي يَعْمَر.
الأديب، أبو القَاسِم النَّسَفيَ، نزيل سَمَرْقَنْد.
نحْويٌّ لُغويّ، فاضل، كان يعلِّم أولاد الخاقان، وكان خيّرا،
صالحا، صَدُوقًا.
سمع: أَبَا بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد البَلَديّ [4] ، وعبد
اللَّه بْن أبي جَعْفَر النَّسَفيَ، وعليّ بْن عثمان الخرّاط،
وغيرهم.
قال عبد الرحيم بن السمعاني: سمعت منه «أخبار مكّة» للأزرقيّ، أنا
__________
[1] النّوحي: بضم النون وسكون الواو وفي آخرها الحاء. هذه النسبة
إلى نوح، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه. (الأنساب 12/ 150) .
[2] تحرّفت في الأنساب 7/ 10 إلى «التنوخي» ، والمثبت هو الصحيح
كما في (الأنساب 12/ 150) .
[3] في الأصل بياض.
[4] توفي سنة 505 هـ.
(38/370)
البَلَديّ، أَنَا معتمد بْن مُحَمَّد بْن
مُحَمَّد النَّسَفيَ، أَنَا هارون بْن أَحْمَد الأسْترَابَاذِيّ،
عن إسحاق بْن أَحْمَد الخُزَاعيّ، عن أبي الوليد مُحَمَّد بْن
عَبْد اللَّه الأزرقيّ.
وُلِدَ سنة سبع وسبعين وأربعمائة.
وتُوُفيّ سنة نيِّفٍ وخمسين.
428-[....] [1] بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن.
أبو القَاسِم المَرْوَزِيّ، التّاجر، السّفّار.
سمع: أَبَا المظفَّر منصورا السَّمْعانيّ، وعبد الغفّار
الشِّيرُوييّ.
قال عَبْد الرحيم بْن السَّمْعانيّ: سَمِعت منه بمرو،
وسَمَرْقَنْد، ووُلِد سنة تسعٍ وتسْعين وأربعمائة.
429-[مَسْعُود] [2] بْن مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مَسْعُود بْن
عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود.
أبو الفتح المسعوديّ، المَرْوَزِيّ، الخطيب بجامع مَرْو القديم.
وُلِدَ فِي ثاني عَشْر ربيع الأوّل سنة ثلاثٍ وثمانين.
وسمع: الإمام أبا المظفَّر السَّمْعانيّ، ومحمد [3] بْن الْحُسَيْن
الخُزاعيّ، وأبا المظفَّر سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد الصَّيْدلانيّ.
وعنه: عَبْد الرحيم [4] .
__________
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض، والمثبت من: الأنساب 11/ 309.
[3] في الأنساب: «أحمد» .
[4] وقال أبو سعد ابن السمعاني: فاضل، حسن السيرة، جميل الأمر،
كثير المحفوظ، مليح الأخلاق، شديد التواضع. تفقّه على الإمام
والدي، رحمه الله، ورأى جدّي الإمام أبا المظفّر السمعاني وسمع منه
الحديث، ومن أبي جعفر أحمد بن الحسين الفقيه الخزاعي، وأبي المظفر
سليمان بن محمد بن داود الصيدلاني، وغيرهم، وكانت له إجازة عن أبي
بكر أحمد بن علي بْن خَلَف الشّيرازيّ، وأبي القَاسِم عَبْد
الرَّحْمَن بن أحمد الواحدي، وأبي-
(38/371)
430-[....] [1] بن محمد بن أحمد بن القاسم.
أبو الفَرَج البغداديّ، الخشّاب.
سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن البُسْريّ، وأبا القَاسِم الرَّبَعيّ.
روى عَنْهُ: عبد العزيز بْن الأخضر.
431-[ ... ] [2] بْن عليّ بْن عِيسَى بْن مختار.
أبو عُمَر الغافقيّ، الأندلسيّ، الشَّقُوريّ.
سمع: «جامع» التِّرْمِذيّ، من أبي علي بْن سُكَّرَة. وأجاز له من
خُرَاسَان أبو عَبْد اللَّه الفُرَاويّ، وغيره.
ولي قضاء شَقُورَة.
روى عَنْهُ: ابن أخيه مُحَمَّد بْن عبد العزيز، وسِبْطه نصر بْن
عَبْد اللَّه.
بقي سِبْطُه إلى بعد العشرين وستّمائة.
- حرف الهاء-
432-[هبة اللَّه] [3] .
هُوَ أوحد الزّمان الطّبيب.
قد تقدَّم ذكره.
433-[هبة اللَّه] [4] بْن مُوَفّق.
مَوْلَى ابن [....] [5] الْأَزْدِيّ، الْجَيانيّ، أبو الْحَسَن. من
أهل وادي آش.
__________
[ () ] محمد الحسن بن أحمد السمرقندي، وغيرهم، سمعت منه الكثير مثل
تاريخ نسف لأبي العباس المستغفري، وكتاب الشعر والشعراء للمستغفري
أيضا، بروايته عن السمرقندي، عنه، وكان كثير الميل إليّ، وكنت آنس
به كثيرا، وأفرح بلقياه ومحاورته.
[1] في الأصل بياض.
[2] في الأصل بياض.
[3] في الأصل بياض. والمثبت من ترجمته التي تقدّمت في وفيات سنة
560 هـ. برقم (380) .
[4] في الأصل بياض.
[5] في الأصل بياض.
(38/372)
حجّ وسمع من: أبي عَبْد اللَّه الرّازيّ،
وأبي بَكْر الطُّرْطُوشيّ.
وسمع «تجريد الصّحاح» من رزين العَبْدَريّ، وأدخله الأندلس.
روى عَنْهُ: أبو خَلَد البزدانيّ، وأبو عَبْد اللَّه المِكْنَاسيّ،
وأبو خَلَد بْن رفاعة. وكان صالحا، ذا مشاركةٍ فِي الفِقْه
والأُصول. ونيّف على الثّمانين.
أجاز لأبي مُحَمَّد بْن سُفْيَان فِي سنة 554 [1] .
- حرف الْيَاءِ-
434-[يَحْيَى] [2] بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّد بْن
رافع.
أبو اليُمْن ابن تاج القُرّاء الطُّوسيّ، أخو أبي الْحَسَن عليّ.
سمع من: مالك البانياسيّ، ورِزْق اللَّه بْن عَبْد الوهّاب.
وكان مولده سنة سبْعٍ وسبعين.
435-[يحيى] [3] بْن عَبْد الملك بْن أَحْمَد بْن الخطيب.
أبو زكريّا السِّدْريّ [4] ، الكافُوريّ.
وُلِدَ بحلب سنة ستٍّ وسبعين وأربعمائة، ونشأ ببغداد وصحِب الشَّيخ
حَمَّادًا الدّبّاس، وجمع كلامه بعد وفاته.
وسمع الحديث من: الْحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ، والحسن بْن مُحَمَّد
بْن عبد العزيز التككيّ [5] .
قال ابن السَّمْعانيّ: شيخ، صالح، ديّن، مشتغل بما يعنيه، له سكون
وحَياء ووقار كتبت عنه الحديث.
__________
[1] هكذا في الأصل.
[2] بياض في الأصل.
[3] في الأصل بياض، والمثبت من: الأنساب 7/ 57.
[4] السّدري: بكسر السين وسكون الدال وكسر الراء المهملات. هذه
النسبة إلى السّدر، وهو ورق شجرة النبق، تغسّل به الشعور في
الحمّامات، ويقال لمن يبيعه ويطحنه: السّدريّ.
[5] التككي: بكسر التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وفتح الكاف، وفي
آخرها كاف أخرى هذه النسبة إلى تكك وهي جمع تكة. (الأنساب 3/ 68) .
(38/373)
436- يُوسُف بْن آدم بْن مُحَمَّد بْن آدم
[1] .
أبو يَعْقُوب المراغي ثُمَّ الدمشقيّ المحدّث.
شيخ سنّي خيّر، له معرفة قليلة.
رحل وَسَمِعَ من: أَبِي الفضل مُحَمَّد بْن ناصر، وجماعة.
وحدَّث «بصحيح مُسْلِم» عن: أبي عَبْد اللَّه محمد بن الفضل
الفراويّ.
وحدّث بدمشق، وبغداد، ونصيبين، ونسخ الكثير.
وكان مولده في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
روى عنه: عبد الرّزّاق بن الشّيخ عبد القادر، والشّيخ أحمد والد
الشّيخ الموفّق، وأبو الخير سلامة الحدّاد، والفقيه هلال بن محفوظ
الرّسعينيّ [2] ، وغيرهم.
وفي سنة نيّف وخمسين ضرب السّيف البلخيّ الواعظ أنف يوسف بن آدم
بدمشق فأدماه، فأخرج الملك نور الدّين يوسف منفيّا من دمشق، وانقطع
خبره.
قال ابن النّجّار: حدُّث «بصحيح مُسْلِم» ، سمعه منه شيخنا عَبْد
الرّزّاق الجيليّ، ومحمد بْن مشِّق. وكان كثير الشَّغَب، مُثِيرًا
للفِتَن بين الطّوائف.
وقال أبو الْحُسَيْن القَطِيعيّ: كان إذا بَلَغَه أن قاضيا
أشْعِريًا عقد نكاحا فسخ نكاحه، وأفتى أنّ الطّلاق لا يقع فِي
ذَلِكَ النّكاح، فأثار بذلك فتنة، فأخرجه صاحب دمشق منها، فسكن
حَرّان، ثُمَّ مَلَكَها نور الدِّين، فطلب منه أن يعود ليرى أمّه
بدمشق، فأذِن له بشرط أن لا يدخل البلد، فجاء ونزل كهف آدم، فخرجت
أمّه إليه. ثمّ دخل دمشق يوم جمعة، فخاف الوالي من فتنة، فأمره
بالعود إلى حرّان، فعاد إليها. لقيته وسلّمت عليه بها، ومات في قرب
ربيع الأوّل سنة تسع وستّين، والله أعلم.
آخر الطبقة السادسة والخمسين من تاريخ الإسلام، والحمد للَّه أولا
وآخرا
__________
[1] انظر عن (يوسف بن آدم) في: سير أعلام النبلاء 20/ 590، 591 رقم
371.
[2] الرّسعيني: بفتح الراء المشدّدة، وسكون السين المهملة، وفتح
العين المهملة، وسكون الياء المنقوطة من تحت باثنتين، ونون. نسبة
إلى: رأس عين.
(38/374)
(بعون الله تعالى وتوفيقه، أنجز خادم العلم
وطالبه، الفقير إلى عفو ربّه الحاج «أبو غازي» «عمر عبد السلام
تدمري» أستاذ التاريخ الإسلامي في الجامعة اللبنانية، ممثّل لبنان
في الهيئة العربية العليا لإعادة كتابة تاريخ الأمة في اتحاد
المؤرّخين العرب، الطرابلسي مولدا، وموطنا، الحنفيّ مذهبا- هذه
الطبقة السادسة والخمسين من موسوعة «تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير
والأعلام» لمؤرّخ الإسلام الحافظ شمسُ الدين مُحَمَّدُ بْنُ
أَحْمَد بْن عثمان الذهبي الدمشقيّ مولدا ووفاة، وقام بضبط نصّها،
وتوثيق مادّتها، والإحالة إلى مصادرها، وتخريج أحاديثها وأشعارها،
بقدر الطاقة والإمكان، مع الاعتراف بالنقص والتقصير، وكان الفراغ
منها بعد مغرب يوم الثلاثاء الواقع في 8 من شهر رجب الخير 1414 هـ.
الموافق 21 من كانون الأول (ديسمبر) 1993 م. وذلك بمنزلة بساحة
النجمة من مدينة طرابلس الفيحاء المحروسة حماها الله وجميع بلاد
الإسلام. والحمد للَّه رب العالمين) .
(38/375)
|