تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، ط التوفيقية
المجلد التاسع
والعشرون
الطبقة الثالثة والأربعون
أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة الثالثة والأربعون:
أحداث سنة إحدى وعشرين وأربعمائة:
فتنة أهل الكرْخ بعاشوراء:
في عاشوراء أغلقَ أهل الكرْخ أسواقهم، وعلّقوا عليها المُسُوح وناحوا،
وذلك لأنّ السلطان انحدر عنهم فوقع القتال بينهم وبين السُّنة. ثمّ
أُنزل المُسُوح وقُتل جماعة من الفريقين، وخرِّبت عدة دكاكين. وكَثُرت
العملات من البرجميّ مقدّم العيّارين وأخذ أموالًا عظيمة1.
انتهاب الأهواز:
وفيها دخل جلال الدّولة وعسكره إلى الأهواز ونهبتها الأتراك وبدّعوا
بها، وزاد قيمة الّذي أخذ منها على خمسة آلاف دينار، وأُحرقت عدّة
أماكن، بل ما يمكن ضبطه2.
ولاية عهد القادر بالله:
وفي جُمَادى الأولى جلس القادر بالله، وأذِن للخاصّة والعامّة، وذلك
عقِيب شَكاةٍ عرضت له.
وأظهر في هذا اليوم تقليد ولده أبي جعفر بولاية العهد وهنّى الناسُ أبا
جعفر ودَعوا لله، وذُكِرَ في السّكّة والخطْبة3.
غزو الخَزَر:
وجاء الخبر أنّ مطلوب الكُرديّ غزا الخَزَر فقَتَل وسبي وغنِم وعاد،
فاتّبعوه وكسروه واستنقذوا الغنائم والسَّبْي، وقتلوا من الأكراد
والمطّوعة أكثر من عشرة آلاف، واستباحوا أموالهم4.
__________
1 المتظم "8/ 46، 47، 50"، البداية والنهاية "12/ 28".
2 المنتظم "8/ 47"، دول الإسلام "1/ 250".
3 المنتظم "8/ 47، 48"، الكامل في التاريخ "9/ 409، 410"، والبداية
والنهاية "12/ 28".
4 المنتظم "8/ 49، 50"، دول الإسلام "1/ 250"، البداية والنهاية "12/
27، 28".
(29/3)
انهزام ملك الروم عند حلب:
وكان ملك الروم، لعنه الله، قد قَصَد حلب في ثلاثمائة ألف، ومعه أموال
على سبعين جمّازة، فأشرف على عسكره مائة ألف فارس من العرب، وألف راجل،
فظنّ أنّها كبْسة، فلبس ملكهم خُفًّا أسودَ حتّى يخفي، فهرب. وأخذوا من
خاصه أربعمائة بغْل بأحمالها، وقتلوا من جيشه مقتلةً عظيمة1.
الفتنة بين الهاشميّين والأتراك:
وفي شوّال اجتمع الهاشميّون إلى جامع المنصور، ورفعوا المصاحف
واستنفروا النّاس، فاجتمع لهم الفُقَهاء وخلقُ من الكَرْخ وغيرها،
وضجوّا بالاستعْفاء من الأتراك، فلمّا رَأَوْهم قد رفعوا أوراق القرآن
على القَصَب رفعوا لهم قناةً عليها صليب. وترامى الفريقان بالآجُرّ
والنشّاب وقُتِل طائفة، ثمّ أُصلح الحال.
وكَثُرت العَمْلات والكَبْسات من البرجميّ ورجاله، وأخذ المخازن
الكِبار وفتح الدّكاكين، وتجدّ دخول الأكراد المتلصِّصة إلى بغداد،
وأخذوا خيل الأتراك من الإصطبلات2.
امتناع الركْب من العِرَاقِ:
ولم يخرج رَكْبٌ من العراق في هذه السنة.
وفاة ابن حاجب النعمان:
وتُوُفّي ابن حاجب، النُّعمان الكاتب.
شراء ملك الروم نصف الرُّها:
وفيها اشترى ملك الروم الَّنْصرانيّ نصف مدينة الرُّها بعشرين ألف
دينار من عُطَيْر النُّمَيريّ، فهدمَ الملعون المساجد وأجلى المسلمين
منها3.
__________
1 الكامل في التاريخ "9/ 404، 405"، والبداية والنهاية "12/ 28"،
والنجوم الزاهرة "4/ 254".
2 المنتظم "8/ 50، 51"، الكامل في التاريخ "9/ 410"، والبداية والنهاية
"12/ 28".
3 الكامل في التاريخ "9/ 413"، والنجوم الزاهرة "4/ 275".
(29/4)
استِرجاع الرُّها:
ثمّ أخذها السّلطان مَلكْشاه سنة تسعٍ وسبعين، وسلّمها إلى الأمير
توران. ثمّ أخذتها الفرنج في أوّل ظهورهم على البلاد سنة اثنتين
وتسعين، وبقيت بأيديهم إلى أن افتتحها زنْكي والد الملك نور الدين
محمود سنة تسع وثلاثين وخمسمائة1.
__________
1 الكامل في التاريخ "11/ 98".
(29/5)
أحداث سنة اثنتين
وعشرين وأربعمائة:
سرقة دار الملكة:
في المحرم نقب اللصوص دار الملكة وأخذوا قماشًا وهربوا، وأقام التّجّار
على المبيت في الأسواق، وأمْر العيّارين يتفاقم لأنّ أمور الدّولة
مُنحلّة، فلا قوّة إلا بالله.
عزْل أبي الفضل ابن حاجب النعمان:
وفيها عُزِل أبو الفضل مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن عَبْد الْعَزِيز بْن
حاجب النُّعْمان عن كتابة الإنشاء للقادر بالله، وكانت مباشرته سبعة
أشهر، لأنه لمّا تُوُفّي أبوه أبو الحسن وأُقيم مقامه لم تكن له
دِرْبَةٌ بالعمل1.
فتنة الصّوفيّ:
وفيها عزم الحرميّ الصُّوفيّ الملقّب بالمذكور على الغزو، واستأذن
السّلطان، فأذِن له وكتب له منشورًا، وأُعطي منْجُوقًا. واجتمع إليه
طائفة فقصد الجامع للصّلاة ولقراء المنشور، ومرّ بطاق الحرّانيّ وعلى
رأسه المَنْجُوق وقُدّامه الرّجال بالسّلاح، وصاحوا بذِكْر أبي بكر
وعمر وقالوا: هذا يوم معاويٌّ. فرماهم أهل الكَرْخ، وثارت الفتنة،
ومُنعت الصّلاة، ونُهِبت دار الشّريف المرتضى، فخرج مُرَوَّعًا، فجاءه
جيرانه الأتراك فدافعوا عنه وعن حرَمه. وأُحرقت إحدى سَرِيّاته. ونُهبت
دُور اليهود وطُلبوا لأنهم أعانوا اهل الكَرْخ فيما قيل.
ومن الغد اجتمع عامّة السُّنَّة، وانضاف إليهم كثير من الأتراك، وقصدوا
الكَرْخ، فأحرقوا الأسواق، وأشرف أهل الكرخ على خطة عظيمة.
__________
1 المنتظم "8/ 54، 55".
(29/5)
وركب الخليفة إلى الملك والإسْفَهسلاريّة
يُنْكر ذلك، وأمر بإقامة الحدّ على الجُناة، فركب وزير الملك، فوقعت في
صدره آجُرّة وسقطت عمامته، وقُتِل من أهل الكَرْخ جماعة، وانتهب
الغلمان ما قدروا عليه، وأُحرق وخُرِّب في هذه الفتنة سوق العروس، وسوق
الصّفّارين، وسوق الأنماط، وسوق الزّيّاتين، وغير ذلك. وزاد الاختلاف
والفُرْقة.
وعبرَ سَكْرانٌ بالكَرْخ فضُرب بالسّيف فقُتِل، ولم يجر في هذه الأشياء
إنكار من السُّلطان لسقوط هيبته1.
مقتل الكلالكيّ ناظر المعونة:
ثمّ قتلت العامّة الكلالكيّ، وكان ينظر في المعونة، وتبسّط العوامّ
وأثاروا الفِتَن، ووقع القتال في البلد من الجانبين، واجتمع الغلمان،
وأظهروا الكراهة للملك جلال الدّولة، وشكوا إطّراحَهم واطّراح تدبيرهم،
وأشاعوا أنّهم يقطعون خطبته. وعلم الملك فقلق، وفرَّق مالًا في بعضهم،
ووعدهم وحلف لهم.
ثم عادوا للخوض في قَطْع خُطْبته وقالوا: قد وقفت أمورنا وانقطعت
موَادُّنا ويئسنا من خير ذا. ودافع عنه الخليفة.
هذا، والعامّة في هرْج وبلاء، وكبْسَات وويل2.
أخْذ الروم قلعة فامية:
وأقبلت النّصارى الرُّوم، فأخذوا من الشّام قلعة فامية.
وفاة القادر بالله:
ومات في آخر السّنة القادر بالله.
خلافة القائم بأمر الله:
واستخلف القائم بأمر الله، وله إحدى وثلاثون سنة، وأمه أم ولد أرمنية
اسمها
__________
1 المنتظم "8/ 55"، الكامل في التاريخ "9/ 419"، دول الإسلام "1/ 251".
2 المنتظم "8/ 56، 57"، الكامل في التاريخ "9/ 419، 420" البداية
والنهاية "12/ 13".
(29/6)
بدرُ الدُّجى، أدركت خلافته. فأوّل من
بايعه الشّريف المرتضي، وقال:
إذا ما مضي جبلٌ وانْقَضَى ... فمنك لنا جبلٌ قد رسى
وإنّا فُجعنا ببدْر التّمامِ ... وعنه لنا نابَ بدْرُ الدُّجى
لنا حَزَنٌ في محل السُّرور ... وكم ضَحِك في خلالِ البُكا
فيا صارمًا أغْمَدتْه يدٌ ... لنا بعدك الصّارمُ المُنْتَضَى
ولمّا حضرناك عند البياع ... عَرفنا بِهَديِك طُرُقَ الهُدَى
فقَابَلْتَنا بوَقَار المَشِيب ... كمالًا وسِنُّك سِنُّ الفتى
وصلّى بالنّاس في دار الخلافة المغرب، ثمّ بايعه من الغد الأمير حسن بن
عيسى بن المقتدر.
شغب الأتراك للحصول على رسْم البيعة:
ولم يركب السّلطان للبيعة غضبًا للأتراك وذلك لأنّهم همُّوا بالشَّغب،
لأجل رسْمهم على البيعة، فتكلّم تركّيٌّ بما لا يصلُح في حقّ الخليفة،
فقتله هاشميّ، فثار الأتراك وقالوا: إن كان هذا بأمر الخليفة خرجنا عن
البلد. وإن لم يك فيسلّم إلينا القاتل1.
فخرج توقيع الخليفة: لم يجرِ ذلك بإيثارنا، ونحن نقيم في القاتل حدّ
الله.
ثمّ ألحّوا في طلب رسْم البَيْعة، فقيل لهم: إنّ القادر لم يخلّف
مالًا. ثم صولحوا على ثلاثة آلاف دينار. فعَرَضَ الخليفة خانًا
بالقطيعة وبستانًا وشيئًا من أنقاض الدُّور على البيع.
وزراء القائم بأمر الله:
ووَزَرَ له: أبو طالب محمد بن أيّوب، ثمّ جماعة منهم: أبو الفتح بن
دارْست، وأبو القاسم بن المسلمة، وأبو نصر بن جهير.
__________
1 المنتظم "8/ 59".
(29/7)
قُضاة القائم:
وكان قاضيه: أبو عبد الله بن ماكولا، ثمّ أبو عبد الله الدّامغاني1.
عناية القائم بالأدب:
وكان للقائم عناية بالأدب.
الاحتفال بيوم الغدير ويوم الغار:
وفي ثامن عشر ذي الحجّة عملت الشّيعة، "يوم الغدير"، وعمل بعدهم أهل
السُّنَّة الذي يسمونه "يوم الغار". وهذا هَذَيانٌ وفُشَار.
سرِقات العيّارين وكبْساتهم:
ثمّ إن العيّارين ألْهبوا النّاسَ بالسَّرِقَة والكبْسات، ونزلوا بواسط
على قاضيها أبي الطّّيب وقتلوه، وأخذوا ما وجدوا.
امتناع الحجّ العراقي:
ولم يحجّ أحدٌ من العراق لاضطّراب الوقت.
انحلال أمر الخلافة:
وخرجت السُّنَّة ومملكة جلال الدّولة ما بين بغداد وواسط والبَطَائح،
وليس له من ذلك إلى الخطْبة. فأمّا الأموال والأعمال فمُنْقَسمة بين
الأعراب والأكراد، والأطراف منها في أيدي المُقْطَعين من الأتراك،
والوزارة خالية من ناظرٍ فيها. والخِلافة مستضعفة، والناس بلا رأس2.
فلِلّهِ الأمر.
__________
1 المنتظم "8/ 59"، البداية والنهاية "12/ 32، 67، 214".
2 المنتظم "8/ 60"، والعبر "3/ 147، 148".
(29/8)
أحداث سنة ثلاث
وعشرين وأربعمائة:
الاستسقاء ببغداد:
في المحرّم خرجوا ببغداد للاستسقاء.
تعليق المُسُوح في عاشوراء:
وفي عاشوراء عُلقت المسوح، وناحوا. أقام ذلك العيارين.
ثورة أهل الكَرْخ بالعيّارين:
وفيها ثار أهل الكرخ بالعيَّارين فهربوا، وكبسوا دورهم ونهبوا سلاحَهم،
وطلبوا من السلطان المعاونة، لأن العيّارين نهبوا تاجرًا فغضب له أهلُ
سوقه، فرد العيارين بعضَ ما أخذوا، ثم كبسوا دار ابن الفَلْو الواعظ
وأخذوا ماله. وأخذوا في الكبْسات، وانضاف إليهم مولدوا الأتراك
وحاشيتهم.
ثمّ إنّ الغلمان صمّموا على عزل جلال الدّولة وإظهار أمر أبي كاليجار،
وتحالفوا وقالوا: لا بُدَّ أن يروح عنّا إلى واسط1.
إرغام الملك جلال الدولة على النزوح:
ثمّ قطعوا خطبته، فانزعج وأرسل سراريه إلى دار الخلافة، وخيّر الباقيات
في أن يُعْتِقُهُنَّ. وطلب من الغلمان أن يخْفُرُوه، وقال لا أخرج على
غير قاعدة.
وامتلأ جانبا دجلة بالناس، وتردّدت الرسل إلى الملك بالنُّزُوح، وقال:
ابعثوا معي مائة غلام يحرسوني. فقالوا: بل عشرون. فقال: أريد سفينةً
تحملني، ونفقة تُوصلني.
فقرّروا بينهم إطلاق ستّين دينارًا نَفَقَة، فالتزم بعض القوّاد منها
بثلاثة دنانير. فلمّا كان اللّيل خرج نفرٌ من غلمانه إلى عُكْبِرا على
وجه المخاطرة فبادر الغلمان إلى دار المملكة فنهبوها2.
تردّد أبي كاليجار في التّجاوب مع الثائرين:
وكَتَب الملأ إلى أبي كاليجار بما فعلوه من اجتماع الكلمة عليه، وطلبوا
منه مَن ينوب عنه. فلمّا بلغه قال: هؤلاء الأتراك يكتبون ما لا يعتقدون
الوفاء به ولا يَصْدُقون. فإنْ كانوا مُحِقِّين في طاعتهم فليُظهروا
شعارنا ولْيُخرجوا مَن عندهم. ولا أقل من أنّ يسيروا إلي منهم خمسمائة
غلام لأتوجه معهم.
__________
1 المنتظم "8/ 62، 63"، والكامل في التاريخ "9/ 431"، البداية والنهاية
"12/ 33".
2 المنتظم "8/ 63، 64"، البداية والنهاية "12/ 33".
(29/9)
الوزير ابن فنة:
وكان وزيره ابن فنة الّذي وقفَ الكُتُب على العلماء، وهي تسعة عشر ألف
مجلَّد، فيها أربعة آلاف بخطّ ابن مُقْلَة.
افتقار جلال الدولة:
ثمّ اختلّت المملكة، وقطع عن جلال الدولة المادة التي حتى باع من ثيابه
الملبوسة في الأسواق، وخَلَت دارُه من حاجب وفرّاش. وقُطع ضرب الطَّبل
لانقطاع الطّبّالين1.
تخبُّط الأمر ببغداد:
وتخبّط أمر بغداد، ومدَّ الأتراك أيديهم إلى النَّهْب.
التشاور في الخطبة لأبي كاليجار:
وتشاور القُوّاد أن يخطبوا للملك أبي كاليجار، وتوقّفوا.
خروج جلال الدولة إلى عُكْبَرا وزواجه:
وخرج جلال الدّولة إلى عُكْبَرا وقَصَد كمال الدّولة أبا سِنان؛
فاستقبله أبو سِنان وقبّل الأرض وقال: خزائني وأولادي لك. وأنا أتوسط
بينك وبين جُنْدك. وزوّجه ابنته.
ثمّ جاءه جماعة من الْجُنْد معتذرين، وأُعِيدت خُطبته. وجاءته رُسُل
الخليفة وهو يستوحش له2.
سفارة الماوردي إلى أبي كاليجار:
ثمّ بعث الخليفة القاضي أبا الحسن الماوَرْديّ والطُّواشِيّ مبشِّرًا
إلى الأهواز إلى أبي كاليجار.
قال الماوردي: قدِمْنا عليه فأنْزَلنا، وحُمِلَت إلينا أموال كثيرة.
وأحضرنا وقد
__________
1 المنتظم "8/ 64"، البداية والنهاية "12/ 33".
2 المنتظم "8/ 64"، الكامل في التاريخ "9/ 432"، البداية والنهاية "12/
33".
(29/10)
فُرِشت دار الإمارة، ووقف الخواصّ على
مراتبهم من جانِبَيْ سريره. وفي آخر الصَّفَّين ستّمائة غلام داغريّة
بالبِزَّة الحَسَنة الملوَّنة، فخدمنا وسلَّمنا عليه وأوصلْنا الكتاب.
تلقيب أبي كاليجار بملك الدولة:
وتردّد القول بين إخبار واستخبار، وانصرفنا.
ثمّ جرى القول فيما طلب من اللّقب، واقترح أن يكون اللّقب: "السلطان
الأعظم مالك الأمم".
قلنا هذا لا يمكن؛ لأنّ السّلطان المعظّم الخليفة، وكذلك مالك الأمم.
فعدلوا إلى: "ملك الدولة".
فقلت: هذا ربما جاز. وأشرت بأن يخدم الخليفة بألطافٍ.
وقالوا: يكون ذلك بعد التلقيب. قلت: الأوْلى أن يُقدَّم. ففعلوا.
هدايا أبي كاليجار للخليفة:
وحمَّلوا معي ألفَيْ دينار، وثلاثين ألف درهم نَقْرَة، ومائتي ثوب
ديباج، وعشرين منًّا عُود، وعشرة أَمْناء كافور، وألف مثقال عنبر، وألف
مثقال مسك، وثلاثمائة صحن صينيّ.
إقطاع وكيل الخدمة:
ووقّع بإقطاع وكيل الخدمة خمسة آلاف دينار من معاملة البصرة. وأن
يُسلَّم إليه ثلاثة آلاف قَوْصَرة تمرٍ كلَّ سنة.
مرتَّب عميد الرؤساء:
وأُفرِد عميد الرؤساء أبو طالب بن أيوب بخمسمائة دينار وعشرة آلاف
درهم، وعشرة أثواب.
وعُدنا إلى بغداد، فَرُسِم لي الخروج إلى جلال الدولة، فأجريت معه حديث
اللّقب، وما سأله الملك. فثقُل عليه، واقتضى وقوف الأمر.
(29/11)
تأخُّر المطر:
واستمرّ تأخُّر الأمطار، واستسقوا مرَّتين وما سُقوا. وكان الّذين
خرجوا إلى الاستسقاء عدد قليل. وأجدَبت الأرض، وهلكت المواشي، وتلِفَ
أكثر الثمار1.
كبْسات رئيس العيّارين البرجميّ:
وكبس رئيس العيّارين البُرْجميّ خانًا فأخذ ما فيه، فقوتلَ، فقتل
جماعة، وكان يأخذ كلّ مُصَعِّدٍ ومُنحَدِر. وكبسَ دارًا وأخذ ما فيها
وأحرقها. هذا والعسكر ببغداد.
منع الخطبة للخليفة:
واجتمع الخدم ومنعوا من الخطبة للخليفة لأجل تأخُّر رسْم البيعة، فلم
تُصَلّ الْجُمُعة، ثمّ تُلُطِّف في الأمر في الجمعة الآتية2.
تحليف الملك للخليفة يمينًا:
وفيها حلف الملكُ للخليفةِ يمينًا حضرها المرتضي وقاضي القُضاة، وركب
الوزير أبو القاسم بن المسلمة من الغد، فحضر عند الخليفة هو والمرتضى
والقاضي، فحلف للملك وهي: أقسمَ عبد الله أبو جعفر القائم بأمر الله
باللهِ الّذي لا إله إلا هو الطالب الغالب المدرِك المهلِك، عالم
السِّر والعلانية، وحق رسول الله -صلى الله عليه سلم، وحقّ القرآن
الكريم، لأُقِيمنَّ لركن الدّين جلالَ الدّولة أبي طاهر بن بهاء
الدّولة أبي نصر على إخلاص النّيّة والصّفاء بما يُصْلِح حاله، ويحفظ
عليه مكانه، ولأكوننَّ له على أفضل ما يؤثر من حراسته، ولوزير الوزراء
أبي القاسم وسائر حاشيته، وإقراره على رُتْبَته. له بذلك عليَّ عهدُ
الله وميثَاقُه، وما أخذ على ملائكته المُقرَّبين، وأنبيائه المرسَلين،
والله يشهد عليَّ. وهذه اليمين منّي والنّيّة فيها بنية جلال الدولة3.
__________
1 المنتظم "8/ 66"، والكامل في التاريخ "9/ 426"، والبداية والنهاية
"12/ 33".
2 المنتظم "8/ 66"، البداية والنهاية "12/ 34".
3 المنتظم "8/ 66"، البداية والنهاية "12/ 34".
(29/12)
انقضاض كوكب:
وفي جُمَادى الأولى عند تصويب الشّمس للغروب انقضّ كوكب كبير كثير
الضّوء.
ازدياد شرّ العيّارين:
وزاد شرُّ العيّارين حتّى ولي ابن النسوي فردعهم وانكفؤا.
هياج ريح عظيمة:
وهاجت ريح عظيمة ثلاثة أيّام احتجبت منها السّماء والشّمس، ورمت
تُرابًا أحمر، ورملًا.
الغلاء وتلف الغلات:
وغَلَت الأسعار، وتَلِفت غلات الموصل، ولم تردّ البِذار، وكذلك الأهواء
وواسط.
أكل الأولاد في الإحساء:
ووصلت الأخبار من الإحساء وتلك النواحي بأنّ الأقوات عدِمت. واضطّرت
الأعراب إلى أكل مواشيهم، ثمّ أولادهم، حتّى كان الواحد يعاوض بولده
ولدَ غيره لئلا تدركه رِقّة إذا ذبحه1.
انقضاض كوكب آخر:
وفي شوّال انقضّ ليلة الإثنين كوكب أضاءت منه الأرض، وارتاع له العالم،
وكان في شكل التّرس، ولم يزل يقلّ حتّى اضمحلّ2.
سُكْر جلال الدّولة:
وفي شوّال سكر جلال الدولة ونزل من داره في سُميريه متنكّرًا إلى دار
الخلافة، ومعه ثلاثة، وصعِد إلى بستان، ورمى بعض معيناته القصب، ودخل
منه، وجلس
__________
1 المنتظم "8/ 67".
2 المنتظم "8/ 67".
(29/13)
تحت شجرة، واستدعى نبيذًا يشربه، وزمّر
الزَّامر. فعرف الخليفة ذلك، فشُق عليه وأزعجه. ثمّ خرج إليه القاضي
ابن أبي موسى، والحاجب أبو منصور بن بكران، فحدّثاه ووقفا بين يديه
وقالا: قد سُرَّ الخليفة بقُرب مولانا وانبساطه، وأمّا النّبيذ
والزّمْر فلا ينبغي.
فلم يقبل ولا امتنع وقال: قُلْ لأمير المؤمنين: أنا عبدك، وقد حصل
وزيري أبو سعد في دارك، ووقف أمري بذلك فأُريد أتسلَّمه.
وأخذوا يدارونه حتّى نزل في زَبْزَبه، وأُصعد إلى دار المملكة. واجتمع
خلق من الناس على دجلة.
تهديد الخليفة بالانتقال:
فلمّا كان من غد استدعى الخلفية المختصّ أبا غانم، وأبا الوفاء القائد
وقال: إنّا قد عرفنا ما جرى أمس، وإنّه أمرٌ زاد عن الحدّ وتناهى في
القُبْح واحتملناه. وكان الأوْلى لجلال الدّولة أن يتنزّه عن فِعْله
وينزّهنا عن مثله. في كلام طويل. فإن سلك معنا الطّريقة المُثْلى، وإلا
فارقْنا هذا البلد ودَبَّرنا أمرنا.
فقبّلا الأرض ومضيا إلى الملك، فركب بعد ذلك في زبزبه، وأشعر الخليفة
بحضوره للاعتذار، فنزل إليه عميد الرّؤساء وخدم، وقال: تذكّر حضوري
للخدمة واعتذاري. فرجع الجواب بقبول العذر. ثم مضى إلى الميدان ولعب
بالصَّوْلجان1.
امتناع الحجّ من العِرَاقِ:
ولم يحجّ ركْب العراق لفساد الطريق.
ورود كسوة الكعبة:
وورد من مصر كِسْوة الكعبة، وأموال للصدقة وصِلات لأمير مكة.
الوباء الْعَظِيمِ:
وورد الخبر بوباءٍ عظيم بالهند، وغَزْنَة، وأصبهان، وجرجان، والري،
نواحي الجبل، والموصل، وأن ذلك زاد، على مجاري العادة.
__________
1 المنتظم "8/ 67، 68"، البداية والنهاية "12/ 34".
(29/14)
وخرج من أصبهان فيه أربعون ألف جنازة. ومات
في الموصل بالْجُدَري أربعة آلاف صبي1.
خروج المملكة من جلال الدولة:
وخرجت السّنة ومملكة جلال الدولة مشتملة على ما بين الحضرة وواسط
والبطيحة، وليس له من جميع ذلك إلا إقامة الاسم2.
خُلُوّ الوزارة:
وأمّا الوزارة فخالية عن آمرٍ فيها.
انتهاب ابن سبكتكين لإصبهان:
وجاء إلى أصبهان مسعود بن محمود بن سُبكتكين فنهب البلد وقتل عالمًا لا
يحصى.
__________
1 المنتظم "8/ 69"، النجوم الزاهرة "4/ 277".
2 المنتظم "8/ 69".
(29/15)
أحداث سنة أربع
وعشرين وأربعمائة:
معافاة الخليفة من الجدري:
فيها هُني الخليفة بالعافية من جُدَري أصابه، وكتم ذلك إلى أن عُوفي.
كبْسة البرجميّ:
وكبس البرجمي دربًا وأخذ أموالًا. وتفاوض أنَّ جماعةً من الْجُنْد
خرجوا إليه وواكلوه، فخاف ونقلوا الأموال إلى دار الخلافة. وواصلوا
المبيت في الأسواق والدُّروب، فقُتِل صاحب الشُّرطة بباب الأزج، واتصلت
العَمْلات.
وأُخِذ من دار تاجر ما قيمته عشرة آلاف دينار. وبقي لا يتجاسرون على
تسميته إلا أن يقولوا القائد أبو عليّ1.
وشاع عنه أنّه لا يتعرض لامرأة، ولا يمكِّن أحدًا من أخذ شيء عليها أو
معها.
__________
1 دول الإسلام "1/ 253"، شذرات الذهب "3/ 226، 227"، البداية والنهاية
"12/ 35".
(29/15)
فخرج جماعة من القُوّاد والجند، وطلبوه
لمّا تعاظَمَ خطره وزاد بلاؤه. فنزلوا الأَجَمَة التي يأوي إليها، وهي
أجَمَة ذات قصب كثير تمتدّ خمسة فراسخ، وفي وسطها تلّ اتّخذه معقلًا،
ووقفوا على طُرُقها.
فخرج البُرْجميّ وعلى رأسه عمامة فقال: من العجب خروجكم إليّ وأنا كلّ
ليلة عندكم، فإن شئتم أن ترجعوا وأدخل إليكم، وإن شئتم أن تدخلوا
فافعلوا.
فم زادت العَمْلات والكبْسات، ووقع القتال في القلايين وفي القنطرتين،
وأُحرقت أماكن وأسواق ومساجد، ونُهب درب عَوْن وقُلعت أبوابه، ودَرْب
القراطيس، وغير ذلك.
إخراج السلطان ورجمه:
ثمّ ثارت الجند ووقعوا في السلطان، وأنهم ضائعون. واجتمعوا وراسلوه أن
ينتقل إلى واسط أو البصرة. واعتقلوه وأنزلوه سُمَيْريّة وابتلّت ثيابه
وأهين. ثم رجموه وأخرجوه ومشوا به ثم أعطاه بعض الأتراك فرسَه فرَكبها.
وواجهوه بالشَّتم، ثم أنزلوه فوقف على العَتَبة طويلًا، ثمّ أُدخل
المسجد.
ثمّ تآمروا على نقله إلى دار المهلَّبية. وخرج القائد أبو الوفاء ومعه
عشرون غلامًا وحاشية الدَّار والعوّام ومن تاب من العيَّارين وهجموا
على الأتراك فتفرَّقوا، وأخذوه من أيديهم وأعادوه إلى داره. وكان ذلك
في رمضان.
ثمّ عبرَ في آخر الليل إلى الكَرْخ فتلقّاه أهلُها بالدّعاء، فنزل في
الدَّار التي للشّريف المرتضى1.
مكاتبة الأتراك للملك جلال الدّولة:
ثمّ اجتمع الأتراك وعزموا على عقد الجسر والعبور إلى الكَرْخ ليأخذوا
الملك. ثمّ وقع بينهم الخُلْف وقالوا: ما بقي من بني بُويه إلّا هذا.
وابن أخيه أبو كاليجار قد سلَّم الأمر إليه ومضى إلى فارس.
ثمّ كتبوا إليه رُقْعة: نحن عبيدك وقد ملَّكناك أمورنا مِن الآن، وقد
تعدَّينا عليك، ولكنْ نكلّمك في مصالحنا، فتعتذر إلينا ولا نجد لذلك
أثرًا، ولَك ممالك كثيرة فيجوز أن تطرح ذلك مدّة، وتوفر علينا هذه
الصبابة من المادّة، والصواب أن لا تخالفنا.
__________
1 دول الإسلام "1/ 253"، البداية والنهاية "12/ 35".
(29/16)
وأنفَذوا الرُّقعة إلى المرتضى ليعرضها
عليه، فأجاب بأنّا معترفون لكم بما ذكرتم، وما يحصل لنا نصرفه إليكم.
فلمّا وصل القول نَفَروا وقالوا: هذا غرضه المدافعة.
ثمّ حلّفوه على صلاح النِّيَّة: وبعد ذلك دخلوا وقبَّلوا الأرضَ بين
يديه، وهو في دار المرتضى. وسألوه الصَّفْح. وركب معهم إلى دار
المملكة1.
زيادة العَمْلات والكبْسات:
ثمّ زاد أمر العَمْلات والكبْسات. وتعدَّوا إلى الجانب الشَّرقيّ
فأفسدوا. ووقع القتال. وحمل العيارون السلاح، وكثر الهرج.
منع الخطبة في جامع الرصافة:
ثم ثار العوّام إلى جامع الرّصافة ببغداد فمُنعوا من الخطبة ورجموا
القاضي أبا الحسين بن الغريق، وقالوا: إن خطبت للبرجميّ، وإلّا فلا
تخطب لخليفة ولا لملك.
ولاية أبي الغنائم المعونة:
ثم أُقيم على المعونة أبو الغنائم بن عليّ، فركب وطاف وفتك، فوقعت
الرَّهْبة.
ثم إنّ بعض القُوّاد أخذ أربعةً من أصحاب البرجميّ فاعتقلهم، فاحتدّ
البرجميّ وأخذ أربعةً من أصحاب ذلك القائد، وجاء بهم إلى دار القائد
فطرق عليه الباب فخرج، ووقف خلف الباب فقال له: قد أخذتُ أربعةً من
أصحابك فأطلق أصحابي لأطلق أصحابك وإلا ضربت أعناقهم وأحرقت دارك.
فأطلقهم له2.
وممّا يشاكل هذا الوهْن أنّ بعض أعيان الأتراك أراد أن يطهّر ولده،
فأهدى إلى البرجميّ حُمْلانًا وفاكهةً وشرابًا، وقال: هذا نصيبك من
طهور ولدي. يُداريه بذلك.
امتناع العراقيّين والمصريّين عن الحجِّ:
ولم يحجّ العراقيّون ولا المصريّون أيضًا خوفًا مِن البادية.
الغدر بحجّاج البصرة:
وحجّ أهل البصرة مَعَ مَن يخفرهم، فغدروا بهم ونهبوهم، فالأمر لله.
__________
1 المنتظم "8/ 73"، الكامل في التاريخ "9/ 431، 432"، البداية والنهاية
"12/ 35".
2 المنتظم "8/ 75، 76".
(29/17)
أحداث سنة خمس
وعشرين وأربعمائة:
مواصلة العيّارين لعملاتهم:
كان العيّارون مواصلين للعَمْلات باللّيل والنّهار، ومضى البرجميّ إلى
العامل الذي على الماصر الأعلى، فقرّر معه أن يعطيه كلَّ شهر عشرة
دنانير من الارتفاع. ثم أخذ عدّة عَمْلات كِبار.
هذا والناس يبيتون في الأسواق. ثم جدّ السّلطان والخليفة في طلب
العيّارين1.
هبوب ريح بنصيبين:
وورد كتاب من نصيبين أنّ ريحًا سوداء هبّت فقلعت من بساتينها أكثر من
مائتي ألف شجرة.
وأنّ البحر جَزَرَ في تلك النّاحية نحو ثلاثة فراسخ، وخرج الناس يتبعون
السّمك والصَّدَف، فردّ البحر ففرّق بعضهم2.
الزلازل بفلسطين:
وكان بالرّملة زلازل خرج النّاس منها إلى البرِّ، فأقاموا ثمانية أشهر.
وهدمتِ الزلازل ثُلث البلد، وتعدت إلى نابلس، فسقط بعض بُنْيانها، وهلك
ثلاثمائة نفس. وخسِف بقرية، وسقط بعض حائط بيت المقدس، وسقطت منارة
عسقلان، ومنارة غزّة3.
الخانوق ببغداد والموصل:
وكُثر الموت بالخوانيق ببغداد والموصل، وكان أكثره من النساء.
__________
1 المنتظم "8/ 77".
2 المنتظم "8/ 77"، البداية والنهاية "12/ 36"، النجوم الزاهرة "4/
279".
3 الكامل في التاريخ "9/ 438"، البداية والنهاية "12/ 36"، النجوم
الزاهرة "4/ 279".
(29/18)
الوباء بفارس:
واتّصل الخبر بما كان بفارس من الوباء، حتّى كانت الدُّور تُسَدّ على
أصحابها.
إسقاط ضريبة الملح:
وفيها أُسقط ما كان على الملح من الضّريبة، وكان ارتفاعه في السّنة نحو
ألفي دينار. خاطب الملك في ذلك الدّينَوَري الزّاهد.
الفتنة بين أهل الكرخ وأهل باب البصرة:
ثمّ عاد العيّارون وانتشروا واتّصلت الفتنة بأهل الكَرْخ مع أهل باب
البصرة، ووقع القتال بينهما، وانتشرت العرب ببادَرَايا وقُطْرَبُّل،
ونهبوا النّواحي، وقطعوا السُّبُل. ووصلوا إلى أطراف بغداد، وسلبوا
الحريم في المقابر.
شغب الْجُنْد:
وعاد الْجُند إلى الشَّغب، وقَوِيَت أيديهم على خاصّ السّلطان،
واستوفوا الجوالي وحاصل دار الضَّرْب.
غَرَقُ البرجميّ:
وفي رمضان غرِّق البرجميّ بفم الدُّجَيلْ، أخذه معتمد الدّولة
فغرَّقَه، فبذل له مالًا كثيرًا على أن يتركه، فلم يقبل.
مقتل أخي البرجمي:
ودخل أخو البرجمي إلى بغداد، فأخذ أخًا له من سوق يحيى، فخرج فتُبع
وقُتل.
قبول العيّارين بالخروج من بغداد:
وفي شوّال رُوسل المرتضى بإحضار العيّارين إلى داره، وأن يقول لهم: مَن
أراد منكم التوبة قُبِلت توبته، ومن أراد خدمة السلطان استُخْدِم مع
صاحب المعونة، ومن
(29/19)
أراد الانصراف عن البلد كان آمنًا على نفسه
ثلاثة أيّام. فعرض ذلك عليهم، فقالوا: نخرج. وتجدّد الفساد والاستيفاء.
انقضاض شهاب:
وفي ذي القعدة انقضّ شهابٌ كبير مُهَوِّل، ثم بعد جمعة انقض شهاب ملأ
ضوءه الأرض وغلب على ضوء المشاعل، وروّع مَن رآه، وتطاول مكثه على ما
جرت به عادة أمثاله، حتّى قيل: انفرجت السّماء لَعِظَمِ ما شوهد منه1.
الفَنَاء ببغداد:
وفي ذي الحجّة وقع الفناء ببغداد، فذُكِر انه مات فيه سبعون ألفًا.
__________
1 المنتظم "8/ 79"، الكامل في التاريخ "9/ 439".
(29/20)
أحداث سنة ست وعشرين
وأربعمائة
مقاتلة أبي الغنائم للعيّارين:
تجدّد في المحرّم وصول العرب إلى أطراف الجانب الغربيّ، فعاثوا ونهبوا.
ثمّ ظهر قومٌ من العيّارين ففتكوا وقتلوا. فنهض أبو الغنائم بن عليّ
المتولّي فقتل اثنين، فعاودوا الخروج وقتلوا رجلين، وقاتلوا أبا
الغنائم.
وتتابعت العَمْلات، فنهض أبو الغنائم ومَسَك وقتل. ثم عاد الفساد
والعيّارون يكمنون في دُور الأتراك، ويخرجون ليلًا.
وكتب العيّارون رقاعًا يقولون فيها: إنْ صُرِف أبو الغنائم عنّا حفظْنا
البلد وإن لم يُصرف ما نترك الفساد1.
نهْب ثمر الخليفة:
وكبسَ غلامٌ قراحًا للخليفة ونهبَ من ثمره، فامتعض الخليفة وكتب إلى
الملك والوزير بالقبض عليه وتأديبه، فتوانوا لضَعْف الهيبة. فزاد حنق
الخليفة، فأمر القُضاة بالامتناع من الحكم، والفُقَهاء من الفتوى،
والخطباء من القعود. وعمل على غلق
__________
1 الكامل في التاريخ "9/ 440"، المنتظم "8/ 82"، النجوم الزاهرة "4/
281".
(29/20)
الجوامع، فَحُمِل الغلام ورُسم عليه ثم
أُطْلِق1.
خُذلان الترك والسلطان:
وزادت الِفَتن، وكثُر القتل، ومُنع أهل سوق يحيى من حمل الماء من دجلة
إلى أهل باب الطّاق والرّصافة. وخُذل الأتراك والسّلطان في هذه الأمور
حتّى لو حاولوا دفعَ فسادٍ لزاد، وتملّك العيّارون البلد.
فتح بلاد بالهند وجُرجَان وطبرستان:
وفيها وصل كتاب السلطان مسعود بن محمود بفتحٍ فتحه بالهند، ذكر فيه
أنّه قتل من القوم خمسين ألفًا، وسبى سبعين ألفًا، وغنِم منهم ما يقارب
ثلاثين ألف ألف درهم. فرجع وقد ملك الغُزّ بلاده، فأوقع بهم، وفتح
جُرجان وطَبَرِستان2.
الجهر بالمعاصي:
واشتدّ البلاء بالعيارين، وتجهرموا بالإفطار في رمضان، وشُرْب الخمور،
والزّنا. وعاد القتال بين أهلِ المحَالّ. وكثُرت العَمْلات، واتّسع
الخَرْق على الرّاقع، وقال الملك: أنا أركب بنفسي في هذا الأمر. فما
التفتوا له، وتحيّر النّاس، وعظُم الخَطْب. وهاجت العرب، وقطعوا
الطُّرُق3.
وصول الروم إلى أعمال حلب وهزيمتهم:
وعلمت الرّومُ بوهْن المسلمين، فوصلوا إلى أعمال حلب فاستباحوها
فالتقاهم شبل الدولة ابن مِرْداس فهزمهم.
انتهاب الكوفة:
ونَهَبت عربُ خَفَاجة الكوفة، فلا قوة إلا بالله.
__________
1 المنتظم "8/ 82"، الكامل في التاريخ "9/ 440".
2 المنتظم "8/ 83"، الكامل في التاريخ "9/ 442"، البداية والنهاية "12/
37"، النجوم الزاهرة "4/ 281".
3 المنتظم "8/ 83"، البداية والنهاية "12/ 37"، شذرات الذهب "3/ 229،
230".
(29/21)
أحداث سنة سبع
وعشرين وأربعمائة:
ثورة الهاشميّين على ابن النّسويّ:
في المحرّم كبَس العيّارون دارًا فأخذوا ما فيها. وردّ أبو محمد بن
النَّسويّ لكشف العمْلَة، فأخذ هَاشميًّا فقتله، فثار أهل النّاحية
ورفعوا المصاحف على القَصَب، ومَضَوا إلى دار الخلافة، وجرى خَطْبٌ
طويل1.
إحراق دار ابن النّسويّ:
وفي ربيع الآخر دخل العيّارون بغداد في مائة نفس من الأكراد والأعراب،
فأحرقوا دار ابن النّسويّ، وفتحوا خانًا وأخذوا ما فيه وخرجوا بالكارات
على رءوسهم، والنّاسُ ينظرون.
شغب الْجُنْد على جلال الدولة:
وشغب الْجُند على جلال الدولة وقالوا: هذا البلد لا يحملنا وإيّاك،
فاخرج فإنّه أَوْلَى بك.
قال: كيف يمكنني الخروج على هذه الصوّرة؟ أمهِلوني ثلاثة أيام حتّى آخذ
حُرِمي وولدي وأمضي.
فقالوا: لا تفعل. ورَمَوْه بآجِرَّةٍ، فتلقّاها بيده، وأُخرى في كتفه،
فاستجاش بالحاشية والعامّة.
وكان عنده المرتضى، والزَّيْنبيّ، والماوَرْديّ، فاستشارهم في العبور
إلى الكرْخ كما فعل تلك المرَّة، فقالوا: ليس الأمر كما كان، وأحداث
الموضع قد ذهبوا. وحوّل الغلمان خيامهم إلى حول الدّار وأحاطوا بها.
وبات النّاس على أصعب خطّة، فخرج الملك في نصف اللّيل إلى زُقاق غامض،
فنزل إلى دجلة، وركب سُمَيْريّة فيها بعض حاشيته، ومضى إلى دار
المرتضى، وبعث حُرَمه إلى دار الخلافة. ونَهب الأجناد دار الملك حتّى
الأبواب وساجَها. وراسلوا الخليفة أن تُقطع خطبة جلال الدّولة، فقيل
لهم: سننظر. وخرج الملك إلى أوانا، ثم
__________
1 المنتظم "8/ 88"، البداية والنهاية "12/ 39".
(29/22)
إلى كرْخ سامرّاء. ثمّ خرجوا إليه واعتذروا
ومشي الحال1.
الظُّلمة ببغداد:
وفي جُمَادى الآخرة وردت ظُلْمة طبّقت البلد، حتّى كان الرجل لا يرى
صاحبه، وأخذت بالأنفاس حتّى لو تأخَّّر انكشافها لهلكوا2.
انقضاض كوكب:
وفي رجب ضحوة نهار انقض كوكب غلب ضوءه ضوء الشّمس، وشوهد في آخره شيء
مثل التِّنين بلون الدُّخان. وبقي نحو ساعةٍ3. فسبحان الله العظيم ما
أكثر البلاء بالمشرق.
__________
1 المنتظم "8/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 446".
2 المنتظم "8/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 451".
3 المنتظم "8/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 451".
(29/23)
أحداث سنة ثمان
وعشرين وأربعمائة
تقلُّد الزَّيْنبيّ نقابة العبّاسّيين:
فيها قُلِّد أبو تمام محمد بن محمد بن عليّ الزَّيْنبيّ نقابة
العبّاسيّين، وعُزِل أبوه.
شغب الْجُنْد على جلال الدّولة مجدّدًا:
ثمّ عاد شَغَبُ الْجُنْد على جلال الدّولة المعثّر، وآل الأمرُ إلى أن
قطعوا خطْبته وخطبوا للملك أبي كاليجار، ثمَّ عادوا وخطبوا لهما. ثمّ
صلُحَت حال جلال الدّولة، وحلف الخليفة القائم له1.
القبض على ابن ماكولا:
وقبض على الوزير ابن ماكولا.
وزارة أبي المعالي:
ووزر أبو المعالي بن عبد الرحيم.
__________
1 المنتظم "8/ 91"، البداية والنهاية "12/ 40".
(29/23)
مطر فيه سمك بفم الصِّلْح:
وفيها ورد كتاب من فم الصلح فيها: إنَّ قومًا من أهلِ الجبل ورَدوا
فحكوا أنهم مُطروا مطرًا كثيرًا في أثنائه سمك، وزنوا بعضه فكانت
رِطْلًا وَرِطْلَين، يعني بالعراقيّ1.
ثورة العيارين بالشرطة:
وفيها ثار العيّارون وكبسوا الحبس، وقتلوا جماعة من رجال الشرطة،
وانبسطوا انبساطًا زائدًا.
__________
1 المنتظم "8/ 91"، البداية والنهاية "12/ 40".
(29/24)
أحداث سنة تسع
وعشرين وأربعمائة:
هلاك جماعة تحت الردم:
في ليلة الميلاد أوقدوا النّيران والفتائل في الأسطحة، فأوقدت فتيلةٌ
في سطْحٍ كبير بعُكَبْرا، فوقع بهم، فهلك تحت الرَّدْم ثلاثةٌ وأربعون
نفسًا.
إلزام أهل الذّمة باللّباس:
وفي رجب اجتمع القضاة والدولة، واستدعي جاثليق النَّصارى ورأس جالوت
اليهود، وخرج توقيع الخليفة في أمر الغِيار وإلزام أهل الذّمّة به،
فامتثلوا1.
تلقيب جلال الدّولة بشاهنشاه:
وفي رمضان استقرّ أن يزاد في ألقاب جلال الدولة: "شاهنشاه الأعظم ملك
الملوك"، وخطب له بذلك بأمر الخليفة، فنفَر العامّة ورموا الخُطَباء
بالآجُرّ، ووقعت فتنة، وكتب إلى الفُقَهاء في ذلك.
كتابات العلماء بلقب الشاهنشاه:
فكتب الصّيمُريّ: أنّ هذه الأسماء يُعتبر فيها القصْد والنية:
__________
1 المنتظم "8/ 96، 97"، البداية والنهاية "12/ 43".
(29/24)
وكتب الطّبريّ أبو الطَّيّب: إنّ إطلاق
"ملك الملوك" جائز، يكون معناه: ملك ملوك الأرض. وإذا جاء إنّ يقال:
قاضي القضاة، وكافي الكفاة، جاء أن يُقال ملك الملوك. وكتب التَّميميّ
نحو ذلك.
وذكر محمد بن عبد الملك الهمْدانيّ أن الماورديّ منع من جواز ذلك، وكان
مختصًّا بجلال الدّولة. فلمّا امتنع عن الكتابة انقطع، فطلبه جلال
الدولة، فمضى على وجلٍ شديد، فلما دخل قال للملك: أنا أتحقق أنّك لو
حابيت أحدًا لَحَابَيْتني لمّا بيني وبينك، ما حملكَ إلّا الدِّين فزاد
بذلك محلك في قلبي.
قال ابن الجوزيّ: والّذي ذكره الأكثرون هو القياس، وإذا قصَد به ملوك
الدُّنيا. إلا أني لا أرى إلا ما رآه الماورديّ؛ لأنّه قد صحّ في
الحديث ما يدلُّ على المنع، ولكنّهم عن النَّقْل بمعْزلٍ.
ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ مِنَ الْمُسْنَدِ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ
أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ
النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أخنع اسم عن
اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ" 1.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: سَأَلْتُ أبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ
عَنْ أَخْنَعَ فَقَالَ: أَوْضَعُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ثُمَّ سَاقَ مِنَ "الْمُسْنَدِ" مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ، عَنْ خِلَاسٍ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ، قَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى
مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ
تَسَمَّى بِمَلِكِ الْمُلُوكِ. لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى2.
قلتُ: وهي بالعجمي شاهان شاه.
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "6206"، ومسلم "2143"، وأبو داود "4961"،
والترمذي "2837"، وأحمد في المسند "2/ 244".
2 "حديث صحيح": أخرجه أحمد في المسند "2/ 492"، وأخرجه مختصرًا:
البخاري "4073"، ومسلم "1793".
(29/25)
أحداث سنة ثلاثين
وأربعمائة:
تملُّك السَّلاجقة البلاد:
فيها، في جُمَادى الآخرة، تملَّك بنو سُلْجُوق خُرَاسان والجبل، وهرب
مسعود بن محمود بن سُبُكْتِكِين، وأخذوا المُلْك منه، وتملّك طغرلبك
أبو طالب محمد، وأخوه داود. واستولى أولاد ميكائيل بن سُلْجُوق على
البلاد1.
مخاطبة ابن جلال الدولة بالملك العزيز:
وفي هذه السّنة خوطب أبو منصور بن السلطان جلال الدّولة أبي طاهر
بالملك العزيز2.
قلتُ: وهذا أوّل مَن لُقِب بألقاب ملوك زماننا، كالملك العادل والملك
المظفّر.
انقراض ملك بني بُويه:
قَالَ: وَكَانَ مقيما بواسط، وبه انقرض ملك بَنِي بويه.
امتناع الحجّ هذا الموسم:
ولم يحجّ في هذه السّنة من العراق، ومصر، والشام كثيرُ أحد.
الثلج ببغداد:
وفيها وقع ثلج عظيم ببغداد وبقي سبعة أيّام في الدُّروب3. وقد جاء
الثّلج ببغداد مرةً في خلافة الرّشيد، ومرةً في خلافة المعتمد، ومرات
أخر قليلة.
__________
1 تاريخ حلب "333"، والمنتظم "8/ 99".
2 المنتظم "8/ 99"، البداية والنهاية "12/ 45"، والنجوم الزاهرة "5/
29".
3 المنتظم "8/ 99"، الكامل في التاريخ "9/ 466"، البداية والنهاية "12،
45".
(29/26)
بسم الله الرحمن الرحيم
المتوفون في الطبقة الثالثة والأربعون:
وفيات سنة إحدى وعشرين وأربعمائة:
"حرف الألف":
1- أحمد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حفص بن
مسلم بن يزيد1.
القاضي أبو بكر بن أبي عليّ ابن الشيخ المحدِّث أبي عَمْرو الحِيريّ.
وأبو عَمْرو هو سِبْط أحمد بن عَمْرو الحَرَشِيّ شيخ نَيْسابور في
العدالة والثروة. روى أبو عَمْرو عن: محمد بن رافع، وإسحاق الكَوْسَج،
وهذه الطبقة. وروى ابنه الحسن عنه، وعن: أبي نُعَيْم بن عَدِيّ.
وعاش إلى سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة.
وأمّا القاضي أبو بكر هذا فكان شيخ خُراسان عِلمًا ورئاسةً وعُلُوِّ
إسنادٍ.
سمع: أبا عليّ محمد بن أحمد المَيْدانيّ، وحاجب بن أحمد، ومحمد بن
يعقوب الأصمّ، وجماعة بنيسابور. وبمكّة: أبا بكر الفاكهيّ، وبكر بن
أحمد الحدّاد. وببغداد: أبا سهل بن زياد.
وبالكوفة: أبا بكر بن أبي دارم. وبجُرجان: أبا أحمد بن عدي. وقرأ
بالروايات على أحمد بن العبّاس الإمام صاحب الأشْنَانيّ.
ودرس الفِقْه على أبي الوليد حسّان بن محمد. ودرس الكلام والأصول على
أصحاب أبي الحسن الأشعري. وانتقى له الحاكم أبو عبد الله فوائد. وأملى
من سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وقُلِّدَ قضاءَ نَيْسابور. وكان
إمامًا عارفًا بمذهبِ الشافعيِّ. وكان مولده في سنة خمسٍ وعشرين
وثلاثمائة. كذا ورَّخه الحافظ أبو بكر محمد بن منصور السَّمْعَانيّ،
وقال: هو ثقة في الحديث.
__________
1 الأنساب "4/ 108-110"، سير أعلام النبلاء "17/ 356-358"، والوافي
بالوفيات "6/ 306".
(29/27)
قلتُ: روى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وهو
أكبر منه، وأَبَوَا بكر البَيْهَقيّ، والخطيب، وأبو صالح المؤذّن، وأبو
عليّ الحسن بن محمد الصّفّار، ومحمد بن إسماعيل المقرئ، ومحمد بن مأمون
المُتَوليّ، ومحمد بْن عبد الملك المُظفَّريّ، وأحمد بْن عبد الرحمن
الكتَّانيّ، وقاضي القُضاة أبو بكر محمد بن عبد الله النّاصحيّ مفتي
الحنفيّة، ومحمد بن إسماعيل بن حَسْنَويه، ولعله المقرئ، ومحمد بن عليّ
العُمَريّ الهَرَويّ، والقاسم بن الفضل الثّقفيّ، ومكّيّ بن منصور
الكُرْجيّ، وأسعد بن مسعود العُتْبيّ، ومحمد بن أحمد الكامخيّ، ونصر
الله بن أحمد الخشاميّ، وخلق كثير آخرهم موتًا عبد الغفّار بن محمد
الشّيرويّ. تُوُفّي في رمضان من السّنة.
قال عبد الغافر: أصابه وقْرٌ في أُذنه في آخر عُمره. وكان يُقرأ عليه
مع ذلك إلى أن اشتدّ ذلك قريبًا من سنتين أو ثلاث، فما كان يُحسن أن
يسمع. وكان من أصحّ أقرانه سماعًا، وأوفرهم إتقانًا، وأتمّهم ديانة
واعتقادًا، صنّف في الأصول والحديث.
2- أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد1.
أبو الحسن الدّمشقيّ الواعظ. أصله من الجزيرة، ويعرف بابن الرّان. كان
رجلًا صالحًا عارفًا، له مصنَّفات في الوعظ. وكان يَعِظ في الجامع. قال
عبد العزيز الكتّانيّ: لم أر أحسن وعْظًا منه رحمه الله تعالى.
3- أحمد بن عليّ بن عثمان بن الْجُنَيْد2.
أبو الحسين البغداديّ، المعروف بابن السَّوادي. مؤلّف الخُطَب. سمع:
أبا بكر القطيعي، وابن ماسي. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة.
4- أحمد بن عيسى بن زيد3.
أبو عقيل السُّلَميّ البغداديّ القزّاز. سمع: أبا بكر النّجّاد،
والشّافعيّ. قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة. مات في شوّال.
5- أحمد بْن محمد بْن الحسين بن سليمان4:
أبو الحسن السَّليطيّ النَّيْسَابوريّ العدل النَّحويّ.
__________
1 البداية والنهاية "12/ 29"، النجوم الزاهرة "3/ 272".
2 تاريخ بغداد "4/ 322، 323".
3 تاريخ بغداد "4/ 284".
4 سير أعلام النبلاء "17/ 389".
(29/28)
روى عن: أبي العباس الأصمّ، وغيره. روى
عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، ومحمد بن يحيى المزكّيّ، وأبو
صالح المؤذّن. وثّقه عبد الغافر. تُوُفّي فِي جُمَادَى الأولى.
6- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحسن1.
أبو عليّ الأصبهاني المرزوقيّ النَّحْويّ. من كبار أئمة العربية. أخذ
الناس عنه، وخبّوا إليه آباط المطِيّ. له: "شرح الحماسة" وهو في غاية
الحسْن. وكتاب "شرح الفصيح". وتُوُفّي في ذي الحجّة. تخرَّج به خلق،
وطال عمره. حدّث عن: عبد الله بن جعفر بن فارس. وعنه: سعيد بن محمد
البقّال، وأبو الفتح محمد بن عبد الواحد الزّجّاج. قال السِّلَفيّ: ما
روي لنا عن المرزوقيّ سوى الزّجّاج.
7- أحمد بن محمد بن محمد.
أبو العباس الطّبريّ، ثمّ البصْريّ. ورد جُرجَان. وسمع: أبا أحمد بن
عَدِيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو مسعود البَجليّ. تُوُفْي بآمل في شوّال.
8- أحمد بن محمد بن العاص بن أحمد بن سليمان بن عيسى بن دراج2.
أبو عمرو القَسْطَلِّيّ الأديب، الشاعر البليغ.
قال أبو محمد بن حزْم: كان عالمًا بنقْد الشِّعْر. لو قلت إنّه لم يكن
بالأندلس أشْعَرَ من ابن درّاج لم أبعِد. وقال ابن حزْم أيضًا: ولو لم
يكن لنا من فُحُول الشّعراء إلّا أحمد بن درّاج لما تأخّر عن شأوِ حبيب
والمتنبّيّ.
قلتُ: وهو من مدينة قَسْطَلَّة درّاج، وقيل: هو اسم ناحية. وكان من
كُتّاب الإنشاء في أيّام المنصور بن أبي عامر. وقال الثَّعالبيّ: كان
بِصُقْع الأندلس كالمتنبّي بِصُقْع الشام.
ومن شعره:
أضاء لها فجر النُّهى فنهاها ... عن الدَّنِفِ المُضْنَى بحرِّ هواها
__________
1 سير أعلام النبلاء "17/ 475، 476"، والوافي بالوفيات "8/ 5".
2 سير أعلام النبلاء "17/ 315"، والوافي بالوفيات "8/ 49-52"، الأعلام
"1/ 204".
(29/29)
وضلّلها صُبحٌ جلا ليلِهُ الدُّجا ... وقد
كان يهديها إليَّ دُجاهَا
وفي أوّل شأنه عمل هذه القصيدة، ومدح بها المنصور. فتكلّموا فيه
واتهموه بسرِّقة الشِّعر، فقال في المجلس لوقته:
حسْبي رضاكَ من الدَّهرِ الّذي عَتَبَا ... وعطفُ نُعْماكَ للحظِّ الذي
انقلبا
ولستُ أوّلُ من أَعيْت بدائَعهُ ... فاستدْعتِ القولَ ممّن ظنَّ أو
حسبا
إنّ امرءَ القيسِ في بعضٍ لمتهمٌ ... وفي يديهِ لواءُ الشِعرِ "إنْ
ركِبا
والشِّعر قد أَسَرَ الأعشى وقيدهُ ... دهرًا، وقد قِيلَ: "والأعشى إذا
شَرِبا
وكيفِ أظمأُ وبحري زاخِرٌ فِطَنًا ... إلى خيالٍ من الضّحْضَاحِ قد
نَضَبَا
عبدٌ لنُعْماك فكَّيه نجمُ هُدى ... سار بمدْحِكَ يجْلُو الشَّكَّ
والرِّيَبَا
إنْ شئتَ أملَى بديعَ الشِّعرِ أو كَتَبَا ... أو شئتَ خاطبَ بالمنثورِ
أو خَطَبا
كروضةِ الحُزنِ أهدى الوشي منظرها ... والماءَ والزَّهرَ والأنواءَ
والعُشبا
أو سابق الخَيْل أعطى الحضر متئدًا ... والشدَّ والكرَّ والتقريبَ
والخَبَبا
وله في ذي الرئاستين منذر بن يحيى صاحب سَرَقُسْطَة:
قُلْ للرَّبيعِ: اسحبْ مُلاء سَحائبي ... واجرُر ذُيولك في مَجَرّ
ذَوَائبي
لا تكذِبنّ ومن ورائك أدْمُعي ... مَدَدًا إليكَ بفيضِ دمعٍ ساكبِ
وامزُج بطِيبِ تحيّتي غدْق الحَيَا ... فاجعله سقي أحِبّتي وحبائبي
واجْنَح لقُرطبةَ فعانقْ تُربهَا ... عنّي بمثل جوانحي وتَرَائبي
وانشرْ على تلك الأباطِح والرُّبا ... زهرًا يخبّر عنك أنكَ كاتبي
وهي طويلة وله فيه:
يا عاكفين على المُدامِ تنبَّهوا ... وسَلوا لساني عن مكارم منذرِ
ملكٌ لو استوهبتُ حبةَ قلْبهِ ... كَرَمًا لجَادَ بها ولم يتعذّرِ
وله ديوان مشهور. وقد توفي في سادس جُمَادى الآخرة، وله أربعٌ وسبعون
سنة.
(29/30)
9- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عليّ2.
أبو محمد العامريّ المصريّ. روى عن: أبي إسحاق بن شعبان الفقيه
المالكيّ، ومحمد بن العبّاس الحلبيّ. ودخل إلى الأندلس سنة ستٍّ وخمسين
وثلاثمائة. وكان من أهل الدّين والتّعاون والعناية بعلم الفِقْه. ثقة.
محدِّث.
حدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، والخَوْلانيّ. وُلِد بمصر
سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وتُوُفّي بإشبيلية يوم عيد الفِطْر فجأةً.
وروى عنه يونس بن عبد الله بن مغيث أيضًا.
10- إسماعيل بن محمد بن خَزْرج بن محمد2.
أبو القاسم الإشبيليّ.
روى عن: أبيه، وعن: خاله إبراهيم بن سليمان. ورحل إلى المشرق.
وحجّ سنة إحدى عشر وأربعمائة. وكتب الكثير. وكان من أهل الدّين والعلم
والعمل الزهد في الدّنيا، مشاركًا في عدّة علوم، يغلب عليه علم الحديث
والرّجال. توفي في المحرم عن بضع وخمسين سنة.
11- إسماعيل بن يَنَال3.
أبو إبراهيم المَرْوَزيّ المحبوبيّ.
سمع من المحبوبيّ مولاه جامع التِّرمذِيّ. وسمع من: أبي بكر
الدّارَبُرْدِيّ وغيرهما.
قال الحافظ أبو بكر السّمَعَانيّ: كان ثقة عالمًا. أدركتُ بحمد الله
نفرًا من أصحابه. ولد سنة أربعٍ وثلاثين وثلاثمائة. قال: وتُوُفْي سنة
إحدى وعشرين. زاد غيره: في صفر. وهو آخر من حدَّث عن أبي العبّاس
المحبوبيّ.
12- إسحاق بن عليّ.
الأمير أبو قدامة القرشيّ. أمير الغُزاة بخراسان.
__________
1 جذوة المقتبس "163، 164".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 103".
3 سير أعلام النبلاء "17/ 376، 377"، الوافي بالوفيات "9/ 244"، شذرات
الذهب "3/ 219".
(29/31)
"حرف الحاء":
13- الحَسَن بْن أحمد بن محمد بن فارس البغداديّ البزّاز1.
وأخوه هو أبو الفتح بن أبي الفوارس. سمع هذا بإفادة أخيه من: أبي عليّ
الصّواف، وأبي بكر الشّافعيّ، وإسحاق النّعّال.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة. تُوُفّي في صفر، وكنيته أبو الفوارس.
14- الحسن بن سهل بن محمد بن الحسن.
أبو عليّ. تُوُفّي في شعبان. كأنّه أصبهانيّ. يروي عن: أبي الشيخ.
15- الحسن بن محمد2.
أبو عليّ بن أبي الطَّيّب الدّمشقيّ الورّاق. حدَّث في هذه السّنة عن:
أبي القاسم بن أبي العَقِب.
روى عنه: الكتّانيّ، وعلي بن محمد المَصِّيصيّ.
16- الحسين بْن أَحْمَد بْن محمد بْن يحيى3.
أبو عبد الله المُعاذِي النَّيْسابوريّ، الأصمّ. روى مجلسين عن أبي
العبّاس الأصمّ. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاريّ. ورّخه ابن جبرون.
وقال الفارسيّ: توفّي في جمادى الأولى. سمع من الأصمّ في سنة أربعٍ
وثلاثين وثلاثمائة مجلسين، وهو ثقة.
17- الحسين بن إبراهيم بن محمد4.
أبو عبد الله الأصبهاني الحمّال.
سمع: عبد الله بن فارس، ومحمد بن أحمد الثقفي، وجماعة.
وله جزء معروف سمعناه.
__________
1 تاريخ بغداد "7/ 278"، المنتظم "8/ 51".
2 تاريخ دمشق "10/ 273".
3 سير أعلام النبلاء "17/ 390"، شذرات الذهب "3/ 219".
4 العبر "3/ 143"، سير أعلام النبلاء "17/ 377"، شذرات الذهب "3/ 219".
(29/32)
روى عنه: أبو بكر أحمد بن مردوَيْه، وعليّ
بن الفضل بن عبد الرزاق اليَزْديّ، والقاسم بن الفضل الثّقفيّ، ومحمد
بن عليّ الخبّاز، وآخرون. مات في ربيع الأول.
18- الْحُسَيْن بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن يعقوب1.
أبو عليّ البَجّانيّ، من مدينة بَجّانة بالأندلس. روى عن: أبي عثمان
سعيد بن مَخْلُوف صاحب يوسف المُغاميّ كتاب "الواضحة" لعبد الملك بن
حبيب، وهو آخر من رواها عن ابن فَحْلُون.
كما أنّ فَحْلُون آخر من روى عن المغامي صاحب ابن حبيب. وقد تُوُفّي
ابن فَحْلُون سنة ستٍّ وأربعين وثلاثمائة. روى عنه: الخَوْلانيّ وقال:
كان قديم الطلب، كثير السَّماع من أهل العلم أسنَّ وعمّر طويلًا وقارب
المائة، واحْتيج إليه.
روى عَنْهُ أيضًا: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عتاب، وأبو عمر بن
عبد البَرّ، والمُصْحَفيّ أبو بكر، والمحدِّث أبو العباس العُذْريّ.
وكان مولده في سنة ست وعشرين وثلاثمائة.
19- الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد بن يوسف2.
أبو عليّ النَّيْسابوريّ السَّخْتيانيّ، المعدّل ثقة. ثقة، ثَبْت،
مشهور. سماعه في كُتُب أبي عبد الرحمن السُّلَميّ عن: يحيى بن منصور
القاضي، وأبي العبّاس الصِّبْغيّ، وأبي عليّ الرّفّاء.
تُوُفّي في رمضان وله تسعون سنة. روى عنه: أبو صالح المؤذّن.
20- حُمَام بْن أحمد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بن أكدرَ بن حُمام بن
حَكَم3.
القاضي أبو بكر القُرطُبيّ.
قال أبو محمد بن حزْم: كان واحد عصره في البلاغة، وفي سعة الرّواية،
ضابِطًا لِمَا قيّده.
روى عن: أبي محمد الباجيّ، وأبي عبد الله بن مفرّج فأكثر، وكان شديد
__________
1 سير أعلام النبلاء "17/ 377-379"، شذرات الذهب "3/ 219".
2 التقييد لابن نقطة "250".
3 جذوة المقتبس "199"، العبر "3/ 144".
(29/33)
الانقباض. مَا أرى أحدًا سلِم من الفتنة
سلامته مع طول مدّته فيها، وكان حَسَن الخطّ، قويًّا على النّسخ، ينسخُ
في نهارِه نيفًا وعشرين ورقة. حسن الشعر، حسن الخُلُق، فَكِه
المُحادثة. ولي قضاءَ يابُرَة، وشَنْتَرين، والأُشبونة.
وتُوُفْي في رجب بقرْطبة. ووُلِد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
روى عنه ابن حزْم في تصانيفه.
"حرف الخاء":
21- خَلَف بن عيسى بن سعيد بن أبي درهم1.
أبو الحزم التُّجَيْبيّ الوَشْقيّ، قاضي وشْقة. رَوَى عَنْ: أَبِي عيسى
اللَّيْثي، وأَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن عُمَر بْن عَبْد العزيز بْن
القُوطِيّة. ورحل، فسمع من: الحسن بن رشيق، وأبي محمد بن أبي زيد.
حدَّث عَنْهُ: القاضي أَبُو عُمَر بْن الحَذَّاء، وقَالَ: كان فاضل
جهته وعاقلها، فهِمًا.
"حرف السين":
22- سعيد بن سليمان2.
أبو عثمان الهمداني الأندلسي، المقرئ المجود، المعروف بنافع. أخذ
القراءة عن أبي الحسن الأنطاكي، وضبط عنه حرف نافع وأقرأ به، وعرف
العربية. توفي بدانِية، ذكره أبو عَمْرو.
"حرف العين":
23- عُبَادة بن عبد الله بن ماء السّماء3.
أبو بكر، شاعر الأندلس، ورأس شعراء الدّولة العامريّة. صنّف كتاب
"شعراء الأندلس". وبقي إلى هذه السّنة، فإنه جاء فيها بردٌ مَهُولٌ
كالحجارة، فقال:
__________
1 جذوة المقتبس للحميدي "207، 208"، الصلة لابن بشكوال "1/ 167".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 216، 217"، غاية النهاية "1/ 306".
3 جذوة المقتبس "293، 294"، الوافي بالوفيات "16/ 621-628"، الأعلام
"4/ 30".
(29/34)
يا عِبرةً أُهْدِيَت لمُعتَبِر ... عشِيّة
الأربعاء من صفرِ
أقبلنا اللهُ بأسَ منتقمٍ ... فيها وثَنَى بعفوِ مقتدرِ
أرسلَ مِلءَ الأَكُفِّ من بردٍ ... جلامدًا تَنْهَمي على البشرِ
فيا لها آيةٌ وموعظةٌ ... فيها نذيرٌ لكلِّ مزدجرِ
كاد يُذيب القلوبَ منظرُها ... ولو أعِيرت قساوةَ الحجرِ
لا قدَّر الله في مشيئته ... أن يبتلينا بسيءِ القدرِ
وخصّنا بالتُّقى ليجعلنا ... من بأسه المتَّقى على حذرِ
24- عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن حَمدِيّة1.
أخو الحسن. سمع من: أبي بكر النّجاد، وعبد الباقي بن قانع، فيما ذُكِر.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ضعيفًا. سمّع لنفسه في "أمالي النّجّاد"
وقعت له.
25- عَبْد الله بْن إبراهيم بْن عَبْد الله بن سيما الدّمشقيّ2.
أبو محمد المؤدِّب، إمام مسجد نُعَيم. روى عَنْ: أَبِي عبد الله محمد
بْن إِبْرَاهِيم بن مروان، وأبي علي بن آدم. روى عنه: عبد العزيز
الكتاني، وإسماعيل السمان.
26- عبد الله بن الحسن بن جعفر الإصبهاني القصار.
سبط فاذويه. توفي في ربيع الأول، أو في صفر.
27- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بن محمد بن أحمد بن
إبراهيم بن محفوظ3.
أبو محمد المحفوظي الملقاباذي المعدل. ثقة مشهور. حدث عن: أبي العبّاس
الصِّبْغيّ، وهارون الأسْتِرَابَاذيّ، وأبي عمرو بن مطر. روى عنه: محمد
بن يحيى المزكي. وتوفي في ذي القعدة عن اثنتين وثمانين سنة.
__________
1 تاريخ بغداد "9/ 398"، ميزان الاعتدال "2/ 391"، لسان الميزان "3/
249".
2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 293".
3 المنتخب من السياق "302".
(29/35)
28- عبد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد1.
الشَّيْخ أبو بَكْر الباطِرْقانيّ الأصبهاني المقرئ. إمامٌ في
القراءات، حافظٌ للرّوايات. قُتِل في الجامع في جمادى الآخرة. وقيل:
قتل في داره. يروي عن: الطبرانيّ، وأبي الشيخ، وأبي حامد أحمد بن محمد
بن حسين الجرجانيّ. وعنه: أبو عبد الله الثقفي الرئيس، وأبو منصور أحمد
بن محمد بن علي شيخا السلفي، وجماعة.
29- عبد الواحد بن الحسين بن الحسن2.
أبو أحمد الدمشقي الكاتب المعروف بابن الوراق. سمع: أبا عبد الله بن
مروان. وعنه: عبد العزيز الكتاني.
30- علي بن أحمد بن مندويه.
أبو الحسن الأصبهاني المقرئ. في شعبان.
31- علي بن عبد العزيز بن حاجب النعمان3.
بغدادي. روى عن النَّجّاد. وذكر أنّه سمع أيضًا من: ابن مِقْسَم، وأبي
بكر الشّافعيّ. روى عنه: الخطيب، وقال: كان رئيسًا له لسنٌ وبلاغة. ولم
يكن في دِينه بذاك. مات في عَشْر التّسعين. قلتُ: كان صاحب الإنشاء
ببغداد، له النَّظْم والنّثر.
32- عليّ بن محمد بن موسى بن الفضل.
أبو الحسن الصَّيرفيّ. ولد أبي سعيد.
33- عليّ بن محمد بن عُمَيْر بن محمد بن عُمَيْر.
أبو الحسن، والد الزّاهد أبي عبد الله العُمَيْريّ الهَرَويّ. روى عن:
العبّاس بن الفضل بن زكرّيا الهَرَويّ. روى عنه: ابنه.
34- عمر بن أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الذَّكوانيّ.
المعدّل، أبو حفص. أخو أبي بكر بن أبي عليّ. توفي في المحرم.
__________
1 الأنساب "2/ 40، 41"، معجم البلدان "1/ 324".
2 مختصر تاريخ دمشق "15/ 248".
3 تاريخ بغداد "12/ 31، 312"، المنتظم "8/ 51، 52"، الكامل في التاريخ
"9/ 410".
(29/36)
35- عمر بن عيَيْنة بن أحمد.
أبو حفص الضَّبيّ العدْل. يروى عن: المُعافى الجريريّ. روى عنه: شيخ
الإسلام الهَرَويّ.
36- عَمْرو بن طِراد بن عَمْرو1.
أبو القاسم الأسديّ الدّمشقيّ الخلّاد. حدَّث عن: يوسف المَيَانِجِيّ،
والفضل بن جعفر. روى عنه: أبو علي الأهوازي، وأبو سعد السّمّان، وعبد
العزيز الكتّانيّ وقال: كان ثقة من أهل السُّنّة.
"حرف القاف":
37- القاسم بن عبد الواحد.
أبو أحمد الشّيرازيّ. قال أبو إسحاق الحبّال: تُوُفّي في عاشر ربيع
الأوّل، وحضرتُ جنازَتَه.
حدَّث أبوه وأهل بيته الكثير.
"حرف الميم":
38- محمد بْن أحمد بْن عثمان بن محمد2.
أبو الفرج الزَّمْلكانيّ الإمام. روى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ،
وغيره.
روى عنه: عليّ بن الخِضِر السُّلَميّ، ومحمد بن أحمد بن ورقاء.
39- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أحمد بن جعفر. أبو
الفضل الأصبهاني. الخطيب. في رجب.
40- محمد بن أحمد بن أبي عون النهرواني3.
حدَّث في هذا الوقت عن: محمد بن محمد الإسكافيّ، وعمر بن جعفر بن
سَلْم.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق "19/ 230".
2 مختصر تاريخ دمشق "21/ 287"، معجم البلدان "3/ 150".
3 تاريخ بغداد "1/ 307".
(29/37)
روى عنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا.
41- محمد بن جعفر بن عِلّان1.
أبو الفَرَج الطَّوَابيقيّ الورّاق. بغداديّ، صدوق. من شيوخ الخطيب.
حدَّث عن: أبي بكر بن خلاد، ومَخْلَد الباقِرْحِيّ. وقرأ القراءات.
42- محمد بن الحسين بن أبي أيوب2.
الأستاذ حجة الدين أبو منصور، المتكلم تلميذ أبي بكر بن فورك، وختنه.
له مصنفات مشهورة، منها: "تلخيص الدلائل". تُوُفّي فِي ذي الحجّة.
43- مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحسين3.
أبو بكر، ويقال: أبو الحسن الدمشقي النحوي، الشاعر المعروف بابن
الدوري.
روى عن: أبي عبد الله بن مروان، وعليّ بن يعقوب بن أبي العَقِب، وأبي
علي بن أبي الرمرام، وأبي عمر بن فضالة. وكتب الكثير بخط حسن. روى عنه:
أبو سعد السمان، والكتاني وقال: كانوا يتّهمونه في دينه.
44- محمد بن عليّ بن حَيْد.
يُقال تُوُفّي فيها. وفد مرّ سنة تسع عشرة.
45- محمد بْن محمد بْن عَبْد الله.
أبو أحمد الهَرَويّ المعلّم. روى عن: أبي حاتم بن أبي الفضل، وأبي عبد
الله العُصْميّ. روى عنه: أبو عبد الله العُمَيْريّ.
46- محمد بن أبي المظفّر4.
أبو الفتح البغدادي الخيّاط. صدوق. حدَّث عن: القَطِيعيّ، وأحمد بن
جعفر بن سَلْم. قال الخطيب: لا أعلم كتب عنه غيري.
__________
1 تاريخ بغداد "2/ 159"، المنتظم "8/ 52"، غاية النهاية "2/ 110".
2 طبقات الشافعية "3/ 62"، الوافي بالوفيات "3/ 10"، معجم المؤلفين "9/
235".
3 مختصر تاريخ دمشق "22/ 269".
4 تاريخ بغداد "3/ 265، 266".
(29/38)
46- محمد بن المنتصر بن الحسين.
أبو عبد الله الهَرَويّ الباهليّ. من ولد أَمِيرُ خُراسان قُتَيْبة بن
مسلم.
سمع: أبا عَلِيَّ الرّفاء، وأبا منصور الأزهريّ اللُّغويّ. وروى عنه:
شيخ الإسلام الأنصاريّ، ومحمد بن علي العُمَيْري، وجعفر بن مسلم
العُقَيليّ.
48- محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان1.
أبو سعيد بن أبي عَمْرو النَّيْسابوريّ الصَّيْرفيّ، أحد الثّقات،
والمشاهير بنَيْسابور.
سمع الكثير من: أبي العبّاس الأصمّ، وأبي عبد الله محمد بن يعقوب بن
الأخرم، ويحيى بن منصور القاضي، وأبا حامد أَحْمَد بن محمد بن شعيب،
وجماعة.
وكان أبوه ينفق على الأصمّ، فكان الأصمّ لا يحدِّث حتّى يحضر أبو سعيد،
وإذا غاب عن سماع جزءٍ أعاده له.
روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، والخطيب، وشيخ الإسلام، وأبو زاهر طاهر
بن محمد الشّحّاميّ، وخلق آخرهم موتًا عبد الغفار الشيروبي المتوفى سنة
عشر وخمسمائة. تُوُفّي، رحمه الله، في ذي الحجّة.
49- محمود بن سُبُكْتِكِين2.
السّلطان الكبير أبو القاسم يمين الدّولة ابن الأمير ناصر الدّولة أبي
منصور.
وقد كان قبل السّلطنة يُلقَّب بسيف الدّولة. قدِم سُبُكْتِكِين بُخارى
في أيّام الأمير نوح بن منصور السّاماني، فوردها في صُحْبة ابن
السُّكَيْن، فعرفه أركان تلك الدّولة بالشّهامة والشّجاعة، وتوسَّموا
فيه الرّفْعَة. فلمّا خرج ابن السُّكَيْن إلى غَزْنَةَ أميرًا عليها
خرج في خدمته سُبُكْتكين، فلم يلبث ابن السُّكِين أن مات، واحتاج إلى
من يتولى أمرهم فاتفقوا على سبكتكين وأمروه عليهم. فتمكن وأخذ في
الإغارات على
__________
1 العبر "3/ 144"، سير أعلام النبلاء "17/ 350"، الوافي بالوفيات "5/
81"، شذرات الذهب "3/ 220".
2 المنتظم "8/ 52-54"، سير أعلام النبلاء "15/ 32-135"، البداية
والنهاية "12/ 27، 28، 29".
(29/39)
أطراف الهند. فافتتح قلاعا عديدة، وجرى
بينه وبين الهند حروب، وعظمت سطوته، وفتح ناحية بست. واتصل به أبو
الفتح علي بن محمد البستي الكاتب، فاعتمد عليه وأسر إليه أموره. وكان
سبكتكين على رأي الكرامية.
قال جعفر المستغفري: كان أبو القاسم عبد الله بن عبد الله بن الحسين
النَّضريّ المروزي قاضي نسف صلب المذهب، فلما دخل سبكتكين صاحب غزنة
بَلخ دعاهم إلى مناظرة الكَراميّة -وكان النَّضري يومئذٍ قاضيا ببلْخ-
فَقَالَ سُبُكْتِكِين: ما تقولون فِي هَؤُلاءِ الزُّهاد والأولياء؟
فقال النَّضْريّ: هؤلاء عندنا كَفَرة. فقال: ما تقولون فيَّ؟ قال: إن
كنت تعتقدُ مذهبهم فقَولُنا فيك كقولنا فيهم.
فوثب من مجلسه وجعل يضربهم بالطَّبَرزين حتّى أدماهم، وشجّ القاضي،
وأمر بهم فقيدوا وحبسوا. ثم خاف الملامةَ فأطلقهم. ثمّ إنّه مرِض
ببلْخ، فاشتاق إلى غَزْنَة، فسافر إليها ومات في الطّريق في سنة سبع
وثمانين وثلاثمائة، وجعل وليّ عهدِه ولده إسماعيل. وكان محمود غائبًا
ببلْخ، فلمّا بلغه نعي أبيه كتَب إلى أخيه ولاطَفَه على أن يكون
بغَزْنَة، وأن يكون محمود بخُراسان. فلم يوافقه إسماعيل، وكان في
إسماعيل رخاوة وعدم شهامة، فطمع فيه الْجُنْد وشغّبوا عليه، وطالبوه
بالعَطَاء، فأنفق فيهم الخزائن. فدعا محمود عمَّهُ إلى موافقته،
فأجابه، فقويّ بعمِّه وبأخيه، وقَصَد غَزْنَة في جيشٍ عظيم، وحاصرها
إلى أن افتتحها بعد أن عمل هو وأخوه مَصّافًا هائلًا، وقُتِل خلقٌ من
الجيش، وانهزم أخوه إسماعيل وتحصَّن. فنازل حينئذٍ محمود البلَد، وأنزل
أخاه من قلعتها بالأمان. ثمّ رجع إلى بَلْخ، وحبس أخاه ببعض الحصون
حبْسًا خفيفًا، ووسَّع عليه الدّنيا والخَدَم.
وكان في خُراسان نوابٌ لصاحب ما وراء النَّهر من الملوك السَّامانية،
فحاربهم محمود ونُصِر عليهم، واستولى على ممالك خُراسان، وانقطعت
الدّولة السّامانية في سنة تسعٍ وثمانين. فسيَّر إليه القادر بالله
أمير المؤمنين خلعة السّلطان.
وعظُم ملكُه، وفرض على نفسه كلَّ عامٍ غَزْوَ الهند، فافتتح منها
بلادًا واسعة، وكسر الصَّنم المعروف بسُومنات، وكانوا يعتقدون أنّه
يُحيي ويُميت، ويقصدونه مِن البلاد، وافتتن به أممٌ لا يُحصيهم إلّا
الله. ولم يبقَ ملك ولا محتشم إلّا وقد قرَّب له قُرْبانًا من نفيس
ماله، حتّى بلغت أوقافه عشرةَ آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من أصناف
الأموال والجواهر.
(29/40)
وكان في خدمة هذا الصّنم ألف رجل من
البراهمة يخدمونه، وثلاثمائة رجل يحلقون رءوس الحُجَّاج إليه ولِحاهم
عند القدوم، وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنّون ويرقصون عند بابه.
وكان بين الإسلام وبين القلعة الّتي فيها هذا الوَثن مسيرة شهرٍ، في
مفازةٍ صَعْبَةٍ، فسار إليها السّلطان محمود في ثلاثين ألف فارس
جريدةً. وأنفق عليهم أموالًا لا تُحصى، فأتوا القلعةَ فوجدوها منيعةً،
فسهّل الله تعالى بفتحها في ثلاثة أيّامٍ، ودخلوا هيكلِ الصّنمِ، فإذا
حوله من أصناف الأصنام الذَّهب والفضة المُرصَّعة بالجواهر شيءٌ كثير،
محيطون بعَرْشه، يزعمون أنّها الملائكة. فأحرقوا الصَّنم الأعظم ووجدوا
في أُذُنيه نيِّفًا وثلاثين حلْقةً. فسألهم محمود عن معنى ذلك، فقالوا:
كلُّ حلْقةٍ عبادة ألف سنة.
ومن مناقب محمود بن سُبُكْتِكِين ما رواه أبو النصر عبد الرحمن بن عبد
الجبّار الفاميّ قال: لمّا وردَ التَّاهَرْتيّ الداعي من مصر على
السلطان محمود يدعوه سرا إلى مذهب الباطنية، وكان يركب البغل الذي أتى
به معه، وذاك البغل يتلون كل ساعة من كل لون، ووقف السلطان محمود على
شر ما كان يدعو إليه، وعلى بطلان ما حثه عليه أمر بقتله وأهدى بغله إلى
القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ الشافعي شيخ هراة، وقال
السّلطان: كان هذا البغْل يركبه رأس الملحدين، فلْيَرْكَبْه رأسُ
الموحّدين.
ولولا ما في السّلطان محمود من البِدْعة لَعُدَّ من ملوك العدْل.
وذكر إمام الحَرَميْن الْجُوَينيّ أنّ السّلطان محمود كان حنفيّ المذهب
مولعًا بعلم الحديث، يسمع من الشيوخ ويستفسر الأحاديث، فوجدها أكثرها
موافقًا للمذهب الشّافعيّ، فوقع في نفسه، فجمع الفُقَهاء في مرو، وطلبَ
منهم الكلام في ترجيح أحد المَذْهَبَين. فوقع الاتفاق على أن يُصَلُّوا
بين يديه على مذهب الإمامين ليختار هو. فصلّى أبو بكر القفّال بطهارةٍ
مُسْبِغةٍ، وشرائطَ مُعْتَبرةٍ من السُّتْرَة والقِبْلَةِ، والإتيان
بالأركان والفرائض صلاةً لا يجوز للشافعي دونها، ثمّ صلّى صلاةً على ما
يجوّز أبو حنيفة -رضي الله عنه، فلبس بدْلة كلبٍ مدبوغًا قد لُطِّخ
رُبْعُهُ بالنَّجاسة، وتوضّأ بنبيذ التّمر، وكان في الحرِّ، فوقع عليه
البَعُوض والذُّباب، وتوضَّأ منكِّسًا، ثمّ أحرم، وكبَّر بالفارسيّة:
"دو بركك سَبْز"، ثمّ نقر نقرتين كنقرات الدِّيك من غير فصْلٍ ولا
رُكُوع
(29/41)
ولا تَشَهُّد، ثمّ ضرط في آخره من غير نية
السلام، وقال: هذه صلاة أبي حنيفة.
فقال: أن لم تكن هذه الصّلاة صلاة أبي حنيفة لَقَتَلْتُكَ.
قال: فأنكرتِ الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة فأمرَ القفّال بإحضار
كتب أبي حنيفة، وأمر السّلطان بإحضار نَصْرانيّ كاتبًا يقرأ المذهبين
جميعًا، فوُجِدت كذلك. فأعرض السّلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسّك بمذهب
الشّافعيّ، هكذا ذكر إمامُ الحرمين بأطول من هذه العبارة.
وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ في ترجمة محمود السّلطان: كان
صادقَ النّيّة في إعلاء كلمة الله، مظفَّرًا في الغزوات، ما خَلَتْ
سنةٌ من سِنِيّ مُلكه عن غزوةٍ وسَفْرةٍ، وكان ذكيا بعيد الغَوْرِ،
موفَّقُ الرأي. وكان مجلسه مورد العلماء، وقبره بغَزْنَة يُدْعى عنده.
وقال أبو عليّ بن البنَّا: حكى عليّ بن الحُسين العُكْبَريّ أنّه سمع
أبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ، قال: دخل ابن فُورَك على السُّلطان
محمود فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفَوْقيّة؛ لأنه يلزمك أن تَصِفَه
بالتَّحْتيّة؛ لأن من جاز له أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت.
فقال السّلطان: ليس أنا وصفته حتّى تُلْزِمَني. هو وصف نفسه. فبُهِت
ابن فُورَك. فلمّا خرج من عنده مات، فيقال: انشقت مرارته.
وقال عبد الغافر: قد صُنِّف في أيّام محمود وغزواته تواريخ، وحُفِظَت
حركاتُه وسكناتُه وأحواله لحظةً لحظة. وكانت مستغرقة في الخيرات ومصالح
الرِّعية. وكان متيقّظًا، ذكي القلب، بعيد الغَوْر، يسَّرَ الله له من
الأسباب والجنود والهيبة والحشمة في القلوب ما لم يره أحده.
كان مجلسه مورد العلماء.
قلتُ: وقال أبو النَّضْر محمد بن عبد الجبَّار العُتْبيّ الأديب في
كتاب "اليمينيّ" في سيرة هذا السّلطان: رحم الله أبا الفضل الهمداني
حيث يقول في يمين الدولة وأمين الله محمود:
تعالى الله ما شاءَ ... وزاد اللهُ إيماني
(29/42)
أَأَفريدون في التّاج ... أَم الإسكندرُ
الثّاني؟
أم الرَّجْعَة قد عادت ... إلينا بسليمانِ؟
أَظَلَّت شَمسُ محمودٍ ... على أَنجمِ سامانِ
وأمسى آلُ بهرامٍ ... عبيدًا لابن خاقانِ
إذا مَا ركب الفِيل ... لحرب أو لميدانِ
رأت عيناكَ سُلطانًا ... على مَنْكبِ شيطانِ
فمن واسطة الهند ... إلى ساحة جرجانِ
ومن قاصية السِّند ... إلى أقصى خراسانِ
فيومًا رُسُل الشاه ... وبعده رُسُل الخانِ
لك السَّرجُ إذا شئت ... على كاهل كيوانِ
قلتُ: ومناقب محمود كثيرة وسيرته من أحسن السِّير، وكان مولده في سنة
إحدى وستين وثلاثمائة ومات بغَزْنَة في سنة إحدى، وقيل: سنة اثنتين
وعشرين. قام بالسّلطنة بعده ولده محمد، فأنفق الأموال، وكان منهمكًا في
اللَّهو واللَّعب، فعمل عليه أخوه مسعود بإعانة الأمراء فقبض عليه،
واستقرّ المُلك لمسعود. ثمّ جرت خُطُوب وحروب لمسعود مع بني سُلْجوق،
إلي أن قُتل مسعود سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، وتملَّك آلُ سُلْجوق،
وامتدَّت أيّامُهم، وبقي منهم بقيّةٌ إلى أيّام السّلطان الملك
الظَّاهر بَيْبَرس، وهم ملوك بلد الرّوم. قال عبد الغافر: تُوُفّي في
جُمَادى الأولى سنة إحدى بغَزْنَة.
وفيات سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة:
"حرف الألف":
50- أحمد بْن إِبْرَاهِيم بْن أحمد1.
أبو حامد الأندلسيّ النَّيْسابوريّ. شيخٌ ثقة. تُوُفْي في نصف رجب عن
ثمان
__________
1 المنتخب من السياق "84".
(29/43)
وسبعين سنة. روى عن: أبي عَمْرو بن مطر،
وغيره. وعنه: أبو صالح المؤذِّن.
51- أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن أبي أحمد طلحة ابن المتوكل على
الله بن المعتصم بن الرشيد1. أبو العبّاس، الخليفة القادر بالله أمير
المؤمنين ابن الأمير أبي أحمد بن المقتدر بالله الهاشميّ، العباسيّ،
البغداديّ.
بويع بالخلافة عند القبض على الطّائع لله في حادي عشر رمضان سنة إحدى
وثمانين وثلاثمائة. ومولده في سنة ستٍّ وثلاثين.
وأمُّه تمني مولاة عبد الواحد بن المقتدر، كانت ديّنة خيرة معمرة توفيت
سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وكان أبيض كثّ اللَّحية طويلها، يَخْضِبُ شَيْبَه. وكان من أهل الستر
والصيانة، وإدامة التجهد.
تفقّه على العلّامة أبي بِشْر أحمد بن محمد الهَرَويّ الشّافعيّ،
وعدَّه ابن الصّلاح في الفُقَهاء الشّافعيّة.
قال الخطيب: كان من الدَّيانة وإدامة التهجُّد، وكثرة الصَّدقات على
صفةٍ اشتهرت عنه، وصنَّف كتابًا في الأُصُول ذكر فيه فضل الصّحابة
وإكفار المعتزلة والقائلين بخلْق القرآن.
وكان ذلك الكتاب يُقرأ كلّ جُمُعةٍ في حلقة أصحاب الحديث بجامع
المهديّ، ويحضره مدّة خلافته، وهي إحدى وأربعون سنة وثلاثة أشهر.
تُوُفّي ليلة الاثنين الحادي عشر من ذي الحجّة.
ودُفِن بدار الخلافة فصلّى عليه ولده الخليفة بعده القائم بأمر الله
ظاهرًا، والخلْقُ وراءه، وكبَّر عليه أرْبَعًا، فلم يزل مدفونًا في
الدّار حتّى نُقِل تابوته في المركب ليلًا إلى الرّصافة، ودُفِن بعدها
بعد عشر أشهر. وعاش سبْعًا وثمانين سنة إلّا شهرًا وثمانية أيّام، رحمه
الله.
52- أحمد بن الحسين بن الفضل الهاشميّ2.
__________
1 تاريخ بغداد "4/ 37، 38"، سير أعلام النبلاء "15/ 127-137"، البداية
والنهاية "12/ 31".
2 تاريخ بغداد "4/ 109، 110".
(29/44)
أبو الفضل بن دودان. بغداديّ، سمع: ابنَ
خلّاد الضّبّي.
وكتب الكثير بخطّه.
قال الخطيب: لم يزل يسمع معنا ويكتب إلى حين وفاته. كتبتُ عنه، وكان
صدوقًا. وُلِد سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.
53- أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
هارون.
أبو الحسين الأصبهاني الفقيه الواعِظ، المعروف بابن رَرَا. والد أبي
الخير إمام جامع أصبهان.
روى عن: أبي القاسم الطّبرانيّ. وكان غاليا في الاعتزال. تُوُفّي في
ربيع الأوَّل.
54- أحمد بْن محمد بن إبراهيم.
أبو عليّ الأصبهاني الصّيدلانيّ. سمع من الطَّبْرانيّ "مسند الثوري"،
جمعه. وعنه: سعد بن محمد النعال، ومحمد بن إبراهيم العطار.
55- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن إسحاق بن ماجه.
أبو عبد الله الأصبهاني، الزاهد، الساماني. روى عن: أبي أحمد العسال،
وجماعة. وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة. ومن شيوخه: أبو إسحاق بن حمزة،
والطبراني، وأحمد بن بُنْدار، وخلق كثير.
وله رحلة. وكان زاهدًا، قُرئ عليه ما لم يسمعه، فلم ينتبه لذلك.
روى عنه: عبد الرحمن بن منده، وأخوه.
56- إبراهيم بن عليّ بن زقازق.
أبو إسحاق الصَّيْرفيّ المصريّ. تُوُفّي فِي ربيع الأخر.
"حرف الحاء":
57- الْحَسَن بن أحمد بن السّلّال1.
الحنبلي، المؤدب.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 181".
(29/45)
يروي عن: عبد الباقي بن قانع.
58- الحسين بن الضَّحّاك: أبو عبد الله الطِّيبيّ الأنماطيّ1. روى عن:
أبي بكر الشّافعيّ وكان ثقة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن أبي العلاء الفقيه.
59- الحسين بن مُحَمَّد بن جَعْفَر2.
أَبُو عَبْد الله البغداديّ الشّاعر. ويُعْرف بالخالع.
حدث عن: أحد بن خُزَيْمَة، وأحمد بن كامل، وأبي عُمَر الزّاهد.
وعنه: الخطيب، وغيره.
قال أبو الفتح محمد بن أحمد المصريّ الصّواف: لم أكتب ببغداد عمّن أطلق
فيه الكَذِب غير أربعة، أحدهم أبو عبد الله الخالع. مات في شعبان، وقد
قارب السبعين.
60- حَمْد بن محمد بن أحمد بن سلامة. أبو شُكْر الأصبهاني.
"حرف السين":
61- سعيد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن فُطَيْس3.
أبو عثمان القُرَشيّ الورّاق.
حدث عن: أبيه ومحمد بن العباس بن كَوْذَك، وأبي عمر بن فَضَالة.
روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد بن عليّ الحدّاد، وجماعة. ولم
يكن الحديث من صنعته.
62- سليمان بن رستم.
إمام الجامع بمصر. ورّخه الحبّال، وقال: كان عنده الكثير.
__________
1 تاريخ بغداد "8/ 55"، الإكمال لابن ماكولا "5/ 258"، الأنساب لابن
السمعاني "8/ 289".
2 تاريخ بغداد "8/ 105، 106"، ميزان الاعتدال "1/ 547"، لسان الميزان
"2/ 310، 311".
3 لسان الميزان "3/ 37، 38".
(29/46)
"حرف الطّاء":
63- طلْحة بن عليّ بن الصّقْر البغداديّ الكتّانيّ1. أبو القاسم.
سمع: أحمد بن عثمان الأدَميّ، وأبا بكر النّجاد، ودعْلَج بن أحمد،
ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم الشّافعيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان ثقة صالحًا، وأبو بكر البَيْهَقيّ،
وأبو القاسم عليّ بن أبي العلاء المَصِّيصيّ، وخلْق آخرهم وفاة أبو
القاسم بن بيان الرّزّاز.
ومات في ذي القعدة وَلَهُ ستٌّ وثمانون سنة.
"حرف العين":
64- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن ميلَة الأصبهاني.
أخو الفقيه عليّ بن ماشَاذَه. أبو محمد. تُوُفّي في المحرَّم. حدَّث
عن: الطَّبْرانيّ، وعنه: سعيد بن محمد المَعْدانيّ.
65- عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بِشر بن غِرْسِيَّة2.
أبو المطِّرف القُرْطُبيّ، قاضي الجماعة ابن الحصّار، مولى بني
فُطَيْس.
روى عن: أبيه.
وصَحِب أبا عمر الإشبيليّ وتفقّه به. وأخذ أيضًا عن: أبي محمد
الأصيليّ.
وكان من أهل العلم والتفنن والذكاء. ولاه عليّ بن محمود القضاء في صدر
سنة سبع وأربعمائة، فسار بأحسن سيرة. فلما توفي عليّ وولي الخلافة أخوه
القاسم أقره أيضًا على القضاء، مضافًا إلى الخطابة إلى سنة تسع عشرة،
فعزله المعتمد بسعايات ومطالبات.
روى عنه: أبو عبد الله بن عتّاب، وقال: كان لا يفتح على نفسِهِ بابَ
رواية ولا مدارسة.
__________
1 تاريخ بغداد "9/ 352، 353"، المنتظم "8/ 61"، سير أعلام النبلاء "17/
479-481".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 326-328"، سير أعلام النبلاء "17/ 473-475"،
شذرات الذهب "3/ 223".
(29/47)
وصَحِبته عشرين سنة. وذهَب في أوّل أمره
إلى التّكلُّم على "الموطّأ"، وقراءته في أربعة أَنْفُس.
فلمّا عُرِف ذلك أتاه جماعة ليسمعوا فامتنع. وكنّا نجتمع عنده مع شيوخ
الفتوى، فيشاوَر في المسألة، فيخالفونه فيها، فلا يزال يُحاجّهم
ويستظهر عليهم بالرّوايات والكُتُب حتّى ينصرفوا ويقولوا بقوله.
قال ابن بَشْكُوال: سمعت أبا محمد بن عتّاب: نا أبي مِرارًا قال: كنت
أرى القاضي ابن بِشر في المنام في هيئته وهو مقبل من داره، فأسلّم
عليه، وأدري أنه ميت، وأسأله عن حاله وعمّا صار إليه، فكان يقول لي:
إلى خير ويُسْر بعد شدّة.
فكنت أقول له: وما تذكر من فضل العلم؟ فكان يقول لي: ليس هذا العلم،
ليس هذا العلم. يُشير إلى علْم الرّأي، ويذهب إلى أنّ الّذي انتفع به
من ذلك ما كان من علم كتاب الله، وحديث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تُوُفيّ يوم نصف شعبان، ولم يأتِ بعده قاضٍ مثله. ووُلِد سنة أربع
وثلاثمائة.
قال أبو محمد بن حزم في آخر كتاب "الإجماع": ما لقيتُ أشدّ إنصافًا في
المناظرة منه، ولقد كان من أعلم مَن لقيت بمذهب مالك، مع قُوتّه في علم
اللُّغة والنَّحو ودقَّة فَهْمِه، رحمه الله.
66- عبد الرحمن بن أحمد: أبو سعيد السَّرْخَسيّ.
سمع: محمد بن إسحاق القُرشيّ صاحب عثمان بن سعيد الدّارميّ.
روى عنه: أبو إسماعيل الأنصاريّ.
67- عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أَحْمَد1.
القاضي أبو محمد البغداديّ المالكيّ الفقيه.
سمع: الحسين بن محمد بن عبيد العسكري، وعمر بن سَبَنْك، وأبا حفص بن
شاهين. وكان شيخ المالكيّة في عصره وعالمهم.
قال الخطيب: كتبت عنه وكان ثقة، لم ألقَ من المالكيين أفقه منه.
__________
1 المنتظم "8/ 61، 62"، الكامل في التاريخ "9/ 422"، سير أعلام النبلاء
"17/ 429-432"، البداية والنهاية "12/ 32".
(29/48)
ولي القضاء ببادَرَايا ونحوها. وخرج في آخر
عمره إلى مصر، فمات بها في شعبان.
وقال القاضي ابن خَلِّكان: هو عبد الوهّاب بْن عَلِيّ بْن نصر بْن
أَحْمَد بْن الحسين بن هارون ابن الأمير مالك بن طَوْق التَّغلبيّ، من
أولاد صاحب الرَّحْبَة. كان شيخ المالكيَّة. صنَّف كتاب "التّلقين"،
وهو مع صِغَره من خيار الكُتُب. وله كتاب "المعونة" و"شرح الرِّسالة"،
وغير ذلك.
وقد اجتاز بالمَعَرَّة، فأضافه أبو العلاء بن سليمان المَعَرِيّ، وفيه
يقول:
والمالكيُّ ابنُ نصْر زارَ في سَفَرٍ ... بلادَنا فحمدْنا النَّأْيَ
والسَّفَرا
إذا تفقَّه أحيا مالِكًا جَدَلًا ... وينشر الملك الضِّلّيل إن شعرا
وقال أبو إسحاق في "الطّبقات": أدركته وسمعت كلامه في النَّظر. وكان قد
رأى أبا بكر الأبْهَريّ، إلْا أنّه لم يسمع منه. وكان فقيهًا متأدِّبًا
شاعرًا، وله كُتُبٌ، كثيرةٌ في كلّ فنٍّ من الفقه. وخرج في آخر عمره
إلى مصر، وحصل له هناك حالٌ من الدّنيا بالمَغَارِبَة.
وله في خروجه من بغداد:
سلامٌ على بغدادَ في كلِّ موطِنٍ ... وحُقَّ لها منّي سلامٌ مُضَاعفُ
فَوَالله ما فارقتها عن قِلى لها ... وإنّي بشَطَّيْ جانبيها لعَارِفُ
ولكنّها ضاقتْ عليّ بأسْرِها ... ولم تكنِ الأرزاقُ فيها تُساعفُ
وكانت كخِلٍّ كنتُ أهوى دُنُوَّه ... وأخلاقُهُ تَنْأى به وتخالِفُ
قلت: وله:
ونائمةٍ قبَّلتُها فتَنَبَّهَتْ ... وقالتْ: تعالَوْا فاطْلُبوا
اللِّصَّ بالحدِّ
فقلت لها: إنّي لثمتُك غاصبٌ ... وما حكموا في غاصب بسِوى الرّدِّ
خُذيها وفُكِّي عن أثيمٍ ظُلامةً ... وإن أنتِ لم تَرْضَيْ فألفًا من
العدِّ
فقالت: قِصاصٌ يشهدُ العقلُ أنّهُ ... على كَبِدِ الجاني ألذُّ من
الشَّهْدِ
وكانت يميني وهي هِميان خصْرها ... وباتت يساري وهي واسطةُ العقد
(29/49)
وقالت ألم أُخْبِرْ بأنّك زاهِدٌ؟ ... فقلت
بلى ما زلت أزهدُ في الزُّهدِ
وذكره القاضي عياض فقال: ولي قضاء الدّينَوَر وغيرها. وقد رأى أبا بكر
الأبْهَريّ، وتفقّه على كبار أصحابه ابن القصّار، وابن الجلْاب. ودرس
علم الكلام والأصول على القاضي أبي بكر بن الباقِلانيّ. وصنَّف في
المذهب والأصول تواليف كثيرة، وشرح المدوّنة، وكتاب "الأدلّة في مسائل
الخلاف"، وكتاب "النُّصْرة لمذهب مالك"، وكتاب "عيون المسائل".
وخرج من بغداد لإملاقٍ أصابه.
وقيل: إنّه قال في الشّافعيّ شيئًا، فخاف على نفسه فخرج.
حدَّثني بكتاب "التّلقين" له أبو عليّ الصَّدَفيّ، ثنا مهديّ بن يوسف
الورّاق، عنه.
قلتُ: وكان مولده في سنة اثنتين وستّين وثلاثمائة.
وأخوه.
- أبو الحسن محمد1.
كان أديبًا شاعرًا، توفي بواسط سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.
وتوفي أبوهما سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. قال ابن خَلِّكان.
68- علي بن أحمد الْجُرجَانيّ الزّاهد.
عُرِف بابن عَرَفَة. يروي عن: ابن عَدِيّ، والإسماعيليّ.
69- عليّ بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن عثمان2.
أبو الحسن البغدادي الطِّرازي الحنبليّ الأديب.
وسمع ابنه هذا من: الأصمّ، وأبي حامد أحمد بْن عليّ بْن حَسْنَوية
المقرئ، وأبي بكر محمد بن المؤمّل، وأبي عمر بن مطر، وجماعة.
__________
1 سير أعلام النبلاء "17/ 432"، شذرات الذهب "3/ 225".
2 العبر "3/ 150"، سير أعلام النبلاء "17/ 409"، شذرات الذهب "3/ 225".
(29/50)
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو سعد علي بن
عبد الله بن أبي صادق الحِيري، وصاعد بن سَيّار الهَرَويّ، وآخرون.
وهو آخر من حدّث عن الأصمّ في الدّنيا. تُوُفّي فِي الرّابع والعشرين
من ذي الحجّة.
70- علي بن يحيى بن جعفر بن عبْدكُويْه1.
أبو الحسن الأصبهاني. إمام جامع أصبهان.
سمع: محمد بن أحمد بن الحسن الكِسائيّ، وأحمد بن بُنْدَار الشعار،
وَعَبُدَ الله بْنُ الْحَسَنُ بْنُ بندار السَّدُوسيّ، وأحمد بن
إبراهيم بن يوسف، وسليمان الطّبرانيّ، وابن حمزة، وجماعة بأصبهان.
والفاروق الخطّابي، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازيّ، وأحمد بن
القاسم بن الرّيّان بالبصرة.
وإبراهيم بن محمد الدَّيْبُليّ بمكّة. وأملى عدّة مجالس وقع لنا منها.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، ومحمد بن عبد الجبار الفِرْسانيّ، ورَوْح بن
محمد الدّارانيّ الصُّوفيّ، وفضلان بن عثمان القَيْسيّ، وآخرون.
تُوُفّي في المحرَّم.
"حرف الميم":
71- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن عُبَيْد الله بن جعفر بن
خرْجُوش2.
أبو الفَرَج الشِّيرازيّ الخرْجوشيّ.
حدَّث ببغداد ودمشق عن: أبيه، والحسن بن سعيد المّطّوعيّ المقرئ، ومحمد
بن خفيف الزاهد، والطيب بن علي التميمي، وجماعة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كتبنا عنه بانتقاء ابن أبي الفوارس،
وكان صالحًا فاضلًا، ثقة أديبًا. تُوُفيَ ببغداد فِي آخر العام.
وروى عنه: عليّ بن محمد بن شجاع، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو إسحاق
__________
1 العبر "3/ 150"، سير أعلام النبلاء "17/ 478، 479"، شذرات الذهب "3/
225".
2 تاريخ بغداد "2/ 336، 337"، الأنساب "5/ 79، 80"، مختصر تاريخ دمشق
"23/ 38".
(29/51)
الشّيرازيّ الفقيه، وأبو سعْد السّمّان.
حدَّثه المّطّوعيّ عن: أبي مسلم الكّجّي، وأبي عبد الرحمن النسائي.
72- محمد بن علي بن مخلد الوراق1.
أبو الحسين. بغدادي صدوق. روى قليلا عن: أبي بكر القَطِيعيّ، وغيره.
وعنه: الخطيب.
73- محمد بن عليّ بن موسى2.
أبو الحسن الْجُرجَانيّ الطَّبري.
روى عن: عبد الله بن عَدِيّ، والإسماعيليّ، وأبي بكر القَطِيعيّ، وابن
ماسيّ، وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة. قاله حمزة السَّهْمي.
74- محمد بن عليّ بن الطّبيّب3.
أبو الحسن المعدّل. مات ببغداد عن ستٍّ وثمانين سنة. له عن: أبي الفضل
الزُّهريّ. وعنه: أبو بكر الخطيب، وقال: ثقة.
75- محمد بن القاسم بن أحمد4.
الأستاذ أبو الحسن النَّيْسابوري الماوَرْديّ، المعروف بالقُلُوسيّ.
مصنّف كتاب المصباح، وغيره.
كان فقيهًا متكلّمًا أُصُوليًّا واعظًا، مصنِّفًا.
حدَّث عن: أبي عَمْرو بن مطر، وأبي عمرو بن نجيد، وأبي الحسن السراج،
وأبي الحسن محمد بن عبد الله السليطي، وجماعة فأكثر.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: أنبأ عنه خالي أبو سعد عبد الله.
__________
1 تاريخ بغداد "3/ 94، 95".
2 تاريخ جرجان "461، 462".
3 تاريخ بغداد "3/ 94".
4 المنتخب من السياق "35، 36"، الوافي بالوفيات "4/ 339".
(29/52)
76- مُحَمَّد بْن مروان بْن زُهْر1.
أبو بَكْر الإياديّ الإشبيليّ.
حدَّث بقُرطُبة عن: أبي بكر محمد بن معاوية القُرشيّ، وإسحاق بن
إبراهيم، وأبي عليّ القاليّ، ومحمد بن حارث القيروانيّ.
وكان فقيهًا حافظًا لمذهب مالك، حاذقًا في الفتوى، مقدّمًا في
الشُّورى. أكثرَ النّاسُ عنه.
روى عنه: أبو عبد الله الخَوْلانيّ، وأبو محمد بن خَزْرَج، وعبد الرحمن
بن محمد الطُّلَيْطُليّ، وأبو حفص الزَّهْراويّ، وحاتم بن محمد،
وجُمَاهِر بن عبد الرحمن، وأبو المطِّرف بن سلمة.
كان واسع الرّواية. عُمّر ستًّا وثمانين سنة.
وهو والد الطبيب الماهر.
- أبي مروا ن عبد الملك2.
وجدَّ الطبيب الكبير الرئيس.
- أبي العلاء زُهْر بن عبد الملك3.
وجدُّ جدَ.
- أبي بكر محمد بن عبد الملك4.
المُتَوَفَّى سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
77- مُحَمَّد بْن يحيى بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ
بن مخلد5.
__________
1 بغية الملتمس "130"، سير أعلام النبلاء "17/ 422، 423"، الوافي
بالوفيات "5/ 16".
2 وفيات الأعيان "4/ 436، 437"، سير أعلام النبلاء "17/ 422، 423"،
الوافي بالوفيات "5/ 16".
3 ترتيب المدارك "4/ 747، 748"، سير أعلام النبلاء "17/ 422، 423".
4 وفيات الأعيان "4/ 434-436"، سير أعلام النبلاء "17/ 432"، الوافي
بالوفيات "4/ 39".
5 المنتخب من السياق "35".
(29/53)
أبو عبد الله المَخْلَديّ النَّيْسابوريّ
المعدّل. من بيت التّزكية والحديث. ثقة، نبيل.
حدّث عن: إسماعيل بن نجيد، وبشر بن أحمد الإسفرائيني، ومحمد بن الحسن
السراج، وجماعة. وخرجت له فوائد.
روى عنه: أبو سعد عبد الله بن القشيري، ومحمد بن يحيى بن المزكي.
78- محمد بن يوسف بن أحمد1.
أبو عبد الرحمن النيسابوري القطان الأعرج، الحافظ.
توفي كهلا ولم يمتع بسماعه.
روى عن: أبي عبد الله الحاكم، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفَرَضيّ، وأبي
عمر الهاشميّ البصْريّ، وعبد الرحمن بن عمر بن النّحّاس، وطبقتهم.
ورحل إلى العراق، والشّام، ومصر.
حدَّث عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ. وتُوُفّي ببغداد.
79- المبارك بن سعيد بن إبراهيم2.
أبو الحسين التّميميّ النَّصيبيّ، قاضي دمشق وخطيبها.
روى عن: المظفّر بن أحمد بن سليمان، والحسن بن خالُوَيْه النَّحْويّ،
والقاضي أبي بكر الأبْهَريّ.
روى عنه: أبو عليّ الأهوازي، وأبو سعد السمان، وعبد العزيز الكتاني،
وأبو طاهر بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وجماعة. تُوُفّي في رجب بدمشق.
80- مكّيّ بن عليّ بن عبد الرّزّاق3.
أبو طالب البغدادي الحريريّ، المؤذّن.
سمع: أبا بكر الشّافعيّ، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبا سليمان
الحرّانيّ، وأبا إسحاق المزكّيّ، وجماعة. روى عنه: الخطيب، ووثّقه،
ونصر بن البطر، وجماعة.
__________
1 تاريخ بغداد "3/ 411"، العبر "3/ 150"، سير أعلام النبلاء "17/ 423".
2 تاريخ دمشق "40/ 486"، مختصر تاريخ دمشق "24/ 81".
3 تاريخ بغداد "13/ 121".
(29/54)
81- منصور بن الحسين بن محمد بن أحمد1.
أبو نصر النَّيْسابوريّ المفسِّر. تُوُفّي في هذه السّنة قبل
الطِّرازِيّ.
روى عن: أبي العبّاس الأصمّ.
سمع منه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري وروى عنه في عدة مواضع،
وعبد الواحد بن القشيري. وكان مولده في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.
وسمع أيضًا من: أبي الحسن الكارَزَيّ، وأبي عليّ الحافظ، وجماعة.
وطال عمره. تُوُفّي فِي ربيع الأوَّل.
"حرف الياء":
82- يحيى بْن عمال بن يحيى بن عمّار بن العَنْبَس2.
الإمام الواعظ أبو زكريا الشيباني النيهي السِّجِستانيّ.
انتقل من سِجِسْتان إلى هَرَاة، عندَ جَوْر الأمراء، فعظُم شأنُه
بهَرَاة، وكثُر أتباعه، واقتدوا به.
روى عن: أبيه، وأبي عليّ حامد بن محمد الرفاء، وعبد الله بن عدي بن
حمدويه الصابوني لا الْجُرْجَانيّ، وأخيه محمد بن عَدِيّ، ومحمد بن
إبراهيم بن جَناح.
روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ وتخرّج به، وأبو نصر
الطبسي وأبو محمد بن عبد الواحد الهَرَويّ، وغيرهم.
وكان متصلِّبًا على المُبْتدعة والْجَهْمية. وله قبولٌ زائد عند
الكافّة لفصاحته وحسن موعظته.
عملوا له المنبر وكان يعظ. وقد فسر القرآن من أوله إلى آخره للناس،
وختمه سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. ثمّ افتتحه ثانيا فتُوُفِّيَ
يُفسِّر في سورة القيامة. وصلّى عليه الإمام أبو الفضل عمر بن إبراهيم
الزاهد.
__________
1 العبر "3/ 151"، سير أعلام النبلاء "17/ 441، 442".
2 العبر "3/ 151"، سير أعلام النبلاء "17/ 481-483"، شذرات الذهب "3/
226".
(29/55)
تُوُفّي في ذي القِعْدة، وله تسعون سنة.
وفيه يقول جمال الإسلام الداودي:
وسائلٍ: ما دهاك اليوم؟ قلتُ لَهُ ... أنكرتِ حالي وأَنى وقتُ إنكارِ
أما ترى الأرضَ من أقطارِها نَقَصَتْ ... وصار أقطارُها يبكي لأقطارِ
لموتِ أفضلِ أهلِ العصرِ قاطِبةً ... عمّارِ دينِ الهُدى يحيى بن عمارِ
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْخَلَّالِ: أَخْبَرَكُمُ ابْنُ
اللُّتِّيُّ، أَنَا أَبُو الْوَقْتِ، أنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ بن عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ الْفَقِيهُ إِمْلَاءً، أَنَا دعلج.
قَالَ: وَثَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ إِمْلَاءً، أَنَا حَامِدُ بْنُ
مُحَمَّدٍ قَالَا، ثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ
ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ:
وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا
الْقُلُوبُ.
فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هذه موعظة مودع، فماذا
تعهد إلينا؟ قال: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ... " 1 الْحَدِيثَ.
وذكر السّلَفيّ في "معجم بغداد" له قال: قال أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ محمد الأَنْصَارِيُّ: كَانَ يحيى بن عمّار مَلِكًا في
زِيِّ عالمٍ. كان له مُحِبٌّ مُثْري يحمل إليه كلَّ عامٍ مائة ألف
دينار هَرَوِيّة.
ولمّا تُوُفْي يحيى وجدوا في ترِكته أربعين بِدْرةً لم يُنفق منها
شيئًا، ولم يكسر عنها الخَتْم.
قال شيخ الإسلام الأنصاريّ: سمعتُ يحيى بن عمّار يقول: العلوم خمسة:
علمٌ هو حياة الدّين وهو علم التّوحيد، وعلمٌ هو قُوت الدّين وهو علم
العِظَة والذكر،
__________
1 "حديث صحيح": أخرجه أبو داود "4607"، والترمذي "2676، وابن ماجه
"44"، وأحمد في المسند "4/ 126، 127"، والدارمي في سننه "95"، وابن
حبان في صحيحه "5"، وصححه الشيخ الألباني في الإرواء "2455".
(29/56)
وعلمٌ هو دواء الدّين وهو الفِقْه، وعلمٌ
هو داء الدّين وهو أخبار فِتَن السَّلف، وعلمٌ هو هلاك الدّين وهو علم
الكلام.
وأراه ذكر النّجوم.
83- يحيى بن نجاح1.
أبو الحسين بن الفلّاس الأُمويّ، مولاهم القُرْطُبيّ.
رحل وحجّ، واستوطن مصر. وكان عالمًا زاهدًا ورِعًا.
وهو مُصنِّف كتاب "سُبُل الخيرات في المواعظ والرقائق". وهو كثير
بأيدي. وقد رواه بمكة.
أخذه عنه: أبو محمد عبد الله بن سعيد الشَّنْتَجَاليّ، وأبو يعقوب بن
حماد.
وفيات سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة
"حرف الألف":
84- أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس2.
أبو الحسين البغداديّ الصَّيْدلانيّ المقرئ.
سمع: أبا طاهر المخلّص.
وكان أحد القرّاء المذكورين بإتقان السَّبْع. له في ذلك تصانيف.
تُوُفّي شابًّا.
وقد كان النّاس يقرأون عليه في حياة الحمّاميّ لِعلمه.
قال الخطيب: حضرته ليلة في الجامع، فقرأ في تلك الليلة ختمتين. قبل أن
يطلع الفجر.
قلت: صنَّف كتاب "الواضح في القراءات العَشر". قرأ به عليه: عبد
السّيّد بن عتاب سنة اثنتين وعشرين، عن قراءته على عليّ بن محمد بن
يوسف العلاف، وعبد الملك بن بكران النهرواني، وطبقتهما.
__________
1 معجم البلدان "3/ 367"، سير أعلام النبلاء "17/ 423، 424"، معجم
المؤلفين 13/ 234".
2 تاريخ بغداد "4/ 161"، غاية النهاية "1/ 54"، معجم المؤلفين "1/
223".
(29/57)
85- أحمد بن علي بن عَبْدُوس1.
أبو نصر الأهوازيّ الجصّاص المعدّل.
سمع من: أبي عليّ بن الصّوّاف، وابن خلّاد النَّصِيبيّ ببغداد، وأبي
القاسم الطّبْرانيّ، وأبي الشيخ بأصبهان.
قال الخطيب: كتبنا عنه بانتخاب ابن أبي الفوارس. وكان ثقة ثبتًا.
ثم رجع إلى الأهواء، وبقي إلى سنة ثلاثٍ وعشرين.
86- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حُشْكان2.
أبو نصر الْجُدَاميّ النَّيْسَابوريّ.
سمع: إسماعيل بن نُجَيْد، ومحمد بن جعفر بن محمد المزكّيّ.
وعنه: حفيده الحاكم عُبَيْد الله بن عبد الله الخُشْكانيّ. مات فِي
ربيع الآخر.
87- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن أبان
اللُّنْبانيّ3.
الصُّوفيّ الأصبهاني. سمع: أبا الشّيخ. وله تصانيف.
88- إسماعيل بن إبراهيم بن عُرْوة4.
أبو القاسم البُنْدار. حدَّث عن: أبي بكر الشّافعيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صدوقا. مات في المحرم.
قلت: وروى عنه: البيهقي في النكاح، فقال: ثنا أبو سهل بن زياد القطّان.
عاش خمسًا وثمانين سنة.
89- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن زنْجُوِيه.
أبو الحسن المزكّيّ. روى عن: أبي بكر القبّاب. وله رحلة إلى العراق.
مات في شوال.
__________
1 تاريخ بغداد "4/ 323".
2 المنتخب من السياق "85".
3 معجم البلدان "5/ 23"، المشتبه في أسماء الرجال "2/ 559".
4 تاريخ بغداد "6/ 313"، المنتظم "8/ 780".
(29/58)
90- إسماعيل بن رجاء بن سعيد بن عُبَيْد
الله1.
أبو محمد العسقلاني الأديب.
روى عَنْ: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد الحُنْدُرِيّ العسْقلانيّ،
ومحمد بن محمد بن عبد الرّحيم القيسرانيّ، وعبد الوهّاب الكِلابيّ.
وقرأ بصَيْدا على أبي الفضل محمد بن إبراهيم الدّيْنَوَريّ.
روى عنه: أبو نصر بن طلّاب، وأبو عبد الله القُضَاعيّ، وأبو عَمْرو
الدّانيّ، ومحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ.
ومات بالرّملة في رمضان.
"حرف الجيم":
91- جعفر بن أحمد بن جعفر بن لُقمان.
أبو الفَرَج. حدَّث في هذا العام بمصر عن: حمزة الكِنَانيّ، وأبي
الطّاهِر الذُّهْليّ. وعنه: سعْد بن عليّ الزَّنْجانيّ، وأبو طاهر بن
أبي الصَّقْر.
"حرف الحاء":
92- الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حسْنَويه.
أبو سعيد المؤدِّب، الأصبهاني، الكاتب.
سمع: أبا جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن أفْرُجَة، وأحمد بن مَعْبَد،
وغيرهما.
روى عنه: أبو المعالي عبد الملك بن منصور الكاتب، ولامعة بنت سعيد
البقّال، وأبو الفتح الحدّاد، ومحمد بن عمر الواعِظ. تُوُفّي في
جُمَادى الآخرة.
93- الحسين بن شجاع بن المَوْصِليّ2.
الصُّوفيّ البغداديّ.
ثقة، سمع: أبا عليّ بن الصّوّاف، وأبا بكر بن مِقْسَم، وأبا بكر
الشّافعيّ، قال أبو بكر الخطيب: كتبنا عنه.
__________
1 تاريخ دمشق "5/ 512"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 22، 23"، غاية النهاية
"1/ 164".
2 تاريخ بغداد "8/ 53"، التقييد لابن النقطة "244، 245".
(29/59)
94- الحسين بن محمد بن الحسن بن
مَتُّوَيْه.
أبو عليّ الرّسانيّ الأصبهاني.
قال يحيى بن مَنْده: عارف بالحديث والأسانيد.
روى عن: أبي الشّيخ، وعبد الله بن محمد الصّائغ.
وعنه: أحمد بن محمد بن مردويه، وأبو الفتح الحداد. مات في رجب.
95- الحسين بن محمد بن علي بن جعفر.
أبو عبد الله بن البزري الصيرفي1.
بغدادي كذاب.
روى عنه: أبي الفرج صاحب "الأغانيّ"، وأحمد بن نصر الذّارع.
قال الصوري: قدم ابن البزري مصر وادعى أشياء وبان كذبه، واشتهر بالفسق.
"حرف الراء":
96- روح بْن مُحَمَّد بْن الحافظ أَبِي بَكْر أَحْمَد بن محمد بن السني
الدينوري2.
أبو زرعة. سمع إسحاق بن سعيد النسوي، وجعفر بن فناكي.
روى عنه: الخطيب، ووثقه.
"حرف الطاء":
97- طاهر بن أحمد بن الحسن. أبو منصور الإمام الهمذاني. حفيد الرحمن
الإمام.
روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وصالح بن أحمد، وأبي بكر بن
المقرئ، والدّارَقُطْنيّ، وخلْق. ورحل وطوّف. روى عنه: محمد بن الحسين
الخطيب،
__________
1 تاريخ بغداد "8/ 106، 107"، ميزان الاعتدال "1/ 547"، لسان الميزان
"2/ 311".
2 تاريخ بغداد "8/ 410"، المنتظم "8/ 70"، سير أعلام النبلاء "17/ 51،
52".
(29/60)
ويوسف، ويوسف، وعليّ الحَسَنيّ
الهَمْدانيون، وكان ثقة غازيا مجاهدًا.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
"حرف العين":
98- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن مَعْمر1.
أبو الوليد الأندلسيّ، اللُّغويّ. مؤلّف "التّاريخ في الدّولة
العامريّة". كان رحمه الله واسع الأدب والمعرفة. قاله ابن حيّان.
99- عَبْد الرَّحْمَن بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
محمد2.
أبو القاسم البغداديّ الحَربيّ الحُرْفيّ.
سمع: أبا بكر النّجّاد، وحمزة بن محمد الدِّهْقان، وعليّ بن محمد بن
الزُّبَيْريّ الكوفيّ، وأبا بكر الشّافعيّ، وأبا بكر النّقّاش، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، غير أنّ سماعه في بعض ما رواه عن
النّجّاد كان مضطربًا. وولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ومات في شوّال.
قلتُ: روى عنه أيضًا: أبو بكر البيهقي، وأبو عبد الله الثقفي، ومحمد بن
عبد السّلام الأنصاريّ، والحسين بن محمد بن السّرّاج، وأبو طاهر محمد
بن أحمد بن قنْداس، وثابت بن بُنْدار البقّال.
100- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْحَسَنِ بن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْحُسَيْن بْن حفص
الذَّكْوانيّ.
الأصبهاني المعدّل. روى عن: الطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ.
وعنه: عبد الرحمن بن مَنْدَهْ، وأحمد بن الفضل العنْبريّ. من رؤساء
البلد. توفي في شعبان.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 328"، معجم المؤلفين "5/ 193".
2 تاريخ بغداد "10/ 303، 304"، الإكمال لابن ماكولا "3/ 282"، سير
أعلام النبلاء "17/ 411، 412".
(29/61)
101- عبد السّلام بن الفَرَج1.
أبو القاسم المَزْرَفيّ الفقيه.
صاحب ابن حامد الحنبليّ. له حلْقة أشغال بجامع المدينة من بغداد،
ومصنّفات.
102- عبد الواسع بن محمد بن حسن2.
أبو الحسن الجرجاني.
حدّث عن: جده لأمّه أبي بكر الإسماعيليّ، وعبد الله بن عَدِيّ الحافظ
وتُوُفْي في ذي القعدة.
103- عثمان بن أحمد بن شَذْرة.
الخطيب أبو عمرو المَدِينيّ. مات في شعبان.
104- علي بن أحمد بن الحسن بن محمد بن نُعيم3.
أبو الحسن البصْريّ، الحافظ، المعروف بالنُّعَيميّ.
نزيل بغداد. حدَّث عن: أحمد بن محمد بن العبّاس الأسْفاطيّ، وأحمد بن
عُبَيْد الله النّهْردَيْرِيّ، ومحمد بن عدي ين زُحْر، وعليّ بن عمر
الحربيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان حافظًا، عارفًا، متكلّمًا، شاعرًا، وقد
ثنا عنه أبو بكر البَرْقانيّ بحديث.
وسمعت الزُّهْريّ يقول: وضع النُّعَيْميّ على ابن المظفّر حديثًا، ثمّ
تنبّه أصحاب الحديث له، فخرج عن بغداد لهذا السّبب، فغاب حتّى مات ابن
المظفّر، ومات مَن عرف قصته في الحديث ووَضْعه، ثمّ عاد إلى بغداد.
سمعت أبا عبد الله الصُّوريّ يقول: لم أَرَ ببغداد أكمل من النُّعيميّ.
كان قد جمع معرفة الحديث والكلام والأدب.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 181".
2 تاريخ جرجان "261".
3 تاريخ بغداد "11/ 331، 332"، الكامل في التاريخ "9/ 427"، سير أعلام
النبلاء "17/ 445-447"، ميزان الاعتدال "3/ 114"، لسان الميزان "4/
202، 203".
(29/62)
قال: وَكَانَ البرقاني يَقُولُ: هُوَ كاملٌ
فِي كل شيء لولا بأو فيه.
قلت: ومن شعره السّائر:
إذا أظمأتك أكفُّ اللّئامَ ... كَفَتْك القناعةُ شِبْعًا وَرِيّا
فكنْ رجُلًا رِجْلُهُ في الثّرى ... وهامةُ همَته في الثُّريّا
أبيَّا لِنائلِ ذي ثروةٍ ... تراه بما في يديه أبيَّا
فإنّ إراقةَ ماءَ الحيا ... ة دونَ إراقةِ ماءِ المُحيّا
مات النُّعيميّ في عَشْر الثمانين، وكان يحدِّث من حفظه، وتلك الهفوة
منه كانت في شبيبته، وتاب.
105- عليّ بن محمد بن عليّ بن الحسين.
أبو الحسين الباشانيّ الهَرَويّ المزكّيّ. روى عن: أبي عَمْرو بن حمدان
النَّيْسابوريّ، وأقرانه.
وانتقى عليه أبو الفضل الجاروديّ. روى عنه: أبو العباس الصَّيْدلانيّ،
ومحمد بن عليّ العُمَيريّ.
"حرف الميم":
106- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن مَزْدين1.
أبو المنصور القُومَسَانيّ الهَمْدانيّ.
روى عن: أبيه، وعبد الرحمن الجلّاب، وعبد الرحمن بن عُبَيْد، وعَمْرو
بن الحسين الصّرّام، وأَوْس بن أحمد، وحامد بن محمد الرّفّاء، وأبي
جعفر بن بَرْزَة الرُّوذْرَاوَرِيّ، والفضل الكِنديّ، وجماعة.
روى عنه: حُمَيد بن المأمون، وابن أخيه أبو الفضل محمد بن عثمان،
وحفيده أبو عليّ أحمد بن طاهر بن محمد القُومَسَانيّان، وأبو طاهر أحمد
بن عبد الرحمن الرُّوذْبَاريّ، وآخرون كثيرون. قال شيروَيْه: هو صدوق
ثقة. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وصلّى عليه ابنه طاهر.
__________
1 معجم البلدان "4/ 414"، سير أعلام النبلاء "17/ 442".
(29/63)
107- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن
حمدان1.
أبو عبد الله الأصبهاني الخانيّ من قرية خان لَنْجَان.
سمع: الطّبرانيّ، وأبا الشّيخ، وجماعة.
ويعرف بالعجل. ورّخه يحيى بن منده.
وورّخ فيها أيضًا.
108- عثمان بن فهد الخانيّ الأصبهاني.
حدث عن: أبي حفص، وغيره.
وعنه: أبو الحسين بن رَرَا، وعبد الرحمن بن مَنْدَهْ.
109- محمد بن إبراهيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه2.
أبو بكر الأصبهاني المقرئ، الضّرير. ويعرف بالبقار، بباء لا بِنُون.
ذكره يحيى بن مَنْدَهْ، وإنّه مات في المحرّم، وقال: هو أحد الأئمة في
القراءات.
حدّث عن: أبي بكر القَطِيعي، وأبي بكر القباب الأصبهاني، وعدة. وسمع
منه: أبو علي اللباد. قلت: لم يذكر على من قرأ.
110- محمد بن سليمان بن محمود3.
أبو سالم الحرّانيّ الظّاهريّ.
دخل الأندلس للتّجارة، وكان ذكيا عالمًا شاعرًا متفنّنًا. قرأ القراءات
على: أبي أحمد السّامريّ.
وكان معتقدًا مذهب داود بن عليّ، مناظرًا عليه. أجاز لأبي الحسن بن
عَبَادِل في شعبان سنة ثلاثٍ وعشرين.
111- محمد بن الطّيب بن سعيد4.
__________
1 معجم البلدان "2/ 341".
2 غاية النهاية "2/ 43".
3 غاية النهاية "2/ 149".
4 تاريخ بغداد "5/ 383"، المنتظم "8/ 71"، البداية والنهاية "12/ 35".
(29/64)
أبو بكر الصّباغ. سمع: أبا بكر النّجّاد،
وأبا بكر الشّافعيّ، وغيرهما.
وهو بغداديّ عاش خمسًا وسبعين سنة، وتزوج زيادة على تسعمائة امرأة!
رواه أبو بكر الخطيب عن رئيس الرؤساء أَبِي القاسم عَلِيّ بْن
الْحَسَن، وتُوُفّي فِي ربيع الْأوّل.
112- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن شَهْرَيار.
أبو الفَرَج الأصبهاني. تُوُفّي في ذي القِعْدَة.
روى عن: أبي القاسم الطَّبرانيّ، وطبقته.
روى عنه: الخطيب، وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن بِشْرُوَيْه.
113- محمد بن عبد الرحمن بن مَعْمَر.
أبو الوليد اللُّغويّ القُرْطُبيّ. صاحب "التّاريخ". كان بهاء للدّولة
العامريّة، سكن النّاحية الشّرقيّة في كَنَف الأمير مجاهد العامريّ،
وولي القضاء هناك. وتُوُفّي في شوّال. ورّخه الأبّار.
114- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد بن
يزيد1.
أبو بكر الأصبهاني الطِّيرائيّ. من قرية طيرا.
روى عن: عليّ بن أحمد الباقطائيّ، ومحمد بن عليّ بن عُمَر.
ورّخه يحيى بن مَنْدَهْ وقال: ثقة، حسن التّصنيف، صاحب سنّة، مُكْثر.
114- محمد بن عبد العزيز بن جعفر2.
أبو الحسن البغدادي المعروف بمكّيّ البَرْذعيّ. سمع: القاضي أبا بكر
الأبْهَريّ، وغيره.
وقال الخطيب: فيه نظر.
116- محمد بن عليّ بن محمد بن دُلّيْر الهمداني العدل.
أبو بكر والد مكيّ.
__________
1 معجم البلدان "4/ 54".
2 تاريخ بغداد "2/ 353، 354"، الأنساب "2/ 144، 145".
(29/65)
روى عن: عليّ بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم
بْن عَلُّوَيْه الهَمَدانيّ، وعبد الله بن حُبابة البغداديّ، روى عنه:
ابنه القاسم مكّيّ، وأحمد بن عبد الرحمن الصّائغ. صدَّقه شِيرُوَيه.
117- محمد بن محمد بن سهل1.
أبو الفَرَج الشِّلْحيّ العُكْبَريّ الكاتب.
أحد الفضلاء الكبار، له كتاب "الخراج"، وكتاب "النساء الشواعر". وكتاب
"المجالسات"، و"أخبار ابن قُرَيْعة القاضي"، في جزء، وكتاب "الرّياضة"،
وغير ذلك.
روى عنه: أبو منصور محمد بن محمد بن العُكْبَريّ. وعَمَّر تسعين سنة.
توفي في سلخ ربيع الأوّل. والشلح: قرية من قُرى عُكْبَرا.
118- محمد بن يحيى بن الحسن.
أبو بكر الأصبهاني الصّفّار الأديب. تُوُفّي في رمضان.
119- مسعود بن محمد بن موسى.
الإمام أبو القاسم الخوارزميّ الحنفيّ.
كان أبوه أبو بكر شيخ الحنفيّة بالعراق في زمانه. ومسعود روى عن: أبي
الحسين بن المظفّر بالإجازة. وتُوُفّي في شعبان.
120- منذر بن منذر بن علي بن يوسف2.
أبو الحكم الكِنَانيّ الأندلسيّ.
من أهل مدينة الفَرَج.
روى ببلده عن: عليّ بن معاوية بن مُصْلح، وأحمد بن موسى، وأحمد بن خلف
المديونيّ، وعبد الله بن القاسم بن مسعدة.
وحج فأخذ عن جماعة كأبي بكر المهندس، وأبي محمد بن أبي زيد. وكان رجلًا
صالحا محدّثًا ثقة. ولد سنة أربعين وثلاثمائة.
__________
1 الوافي بالوفيات "1/ 116"، الأعلام "7/ 245"، معجم المؤلفين "11/
222".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 624".
(29/66)
121- منصور بن نصر بن عبد الرحيم بن مَتّ1.
أبو الفضل السَّمَرقَنْدِيّ، الكاغَدِيّ. وإليه يُنسَبُ الورق
المنصوريّ.
روى عن: الهيثم بن كُلَيب الشّاشيّ، وأبي جعفر مُحَمَّد بْن مُحَمَّد
بْن عَبْد اللَّه بْن حمزة البغداديّ نزيل مَا وراء النَّهر.
وتفرّد بالرّواية في عصره عنهما.
روى عنه: أبو الحسن بن خِذام وأبو إسحاق الأصبهاني، وأبو بكر الحسن بن
الحسين البخاري، وأبو بكر الشاشيّ الفقيه. وآخرون.
تُوُفّي بسَمَرْقند في ذي القِعْدَة، وقد قارب المائة.
"حرف الهاء":
122- هشام بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه2.
أبو الوليد بن الصّابونيّ، القرطبيّ. حجّ وأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ،
وأحمد بن منصور الدّاوديّ، وجماعة. وكان خيِّرًا صالحًا دؤوبًا على
النّسْخ، له كتاب في "تفسير البخاري" على حروف المُعْجَم، كثير
الفائدة. تُوُفّي في ذي القعدة بعد مرضٍ طويل.
"الكُنى":
123- أبو يعقوب النَّجِيرَميّ3.
يوسف بن يعقوب بن خُرَّزَاذ. أبو يعقوب النَّجِيرميّ، البصْريّ،
اللُّغويّ، نزيل مصر، من بيت العلم والأدب. وُلِدَ سنة خمسٍ وأربعين
وثلاثمائة. وله خطّ في غاية الإتقان، يرغب فيه الفُضلاء حتّى بلغ
"ديوان جرير" بخطّه عشرة دنانير. وليس هو خطًا منسوبًا. وقد روى كثيرًا
من اللُّغة بمصر. رآه محمد بن بركات السَّعِيديّ فيما قيل.
وأخذ العربية عن أصحابه. ذكر الحبَّال وفاته في المحرَّم في رابعه سنة
423.
__________
1 الأنساب لابن السمعاني "10/ 327"، سير أعلام النبلاء "17/ 468"،
النجوم الزاهرة "3/ 277".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 650"، معجم المؤلفين "13/ 149".
3 العبر "2/ 358"، شذرات الذهب "3/ 75".
(29/67)
وفيات سنة أربع وعشرين وأربعمائة:
"حرف الألف":
124- أحمد بن إبراهيم1.
الفقيه أبو طاهر القطّان الحنبليّ. صاحب التّعليقة. كان من كبار أصحاب
ابن حامد.
125- أحمد بن الحسين بن أحمد البغدادي الواعظ2.
أبو الحسين بن السّمّاك. حدّثَ عن: جعفر الخُلْديّ، والحسن بن رشيق
المصْريّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ضعيفًا متّهمًا. عاش نيِّفًا وتسعين سنة.
وقال أبو محمد رزق الله التّميميّ: كان أبو الحسين بن السّمّاك يتكلّم
على النّاس بجامع المنصور. وكان لا يُحسن من العلوم شيئًا إلّا ما شاء
الله وكان مطبوعًا يتكلّم على مذهب الصُّوفيّة، فكُتِبَت إليه رُقْعة:
ما تقول في رجل مات؟ فلمّا رآها في الفرائض رماها وقال: أنا أتكلّم على
مذهب قوم إذا ماتوا لم يخلّفوا شيئًا، فأعجب الحاضرين.
126- أحمد بن علي بن أحمد بن سعدُوَيْه الحاكم3.
أبو عبد الله النَّسويّ.
حدَّث في رجب عن: ابن نُجَيْد، وأبي القاسم إبراهيم النصراباذي، وأبي
محمد السمذي، وأبي أحمد الجلودي، وأبي عبد الله بن أبي ذهل، وخلق.
روى عنه: مسعود بن ناصر. ووثقه عبد الغافر.
"حرف الجيم":
127- جهور بن حيدر بن محمد بن منجويه4.
__________
1 طبقات الحنابلة "2/ 182".
2 تاريخ بغداد "1/ 331"، الإكمال لابن ماكولا "4/ 252"، ميزان الاعتدال
"1/ 93"، لسان الميزان "1/ 156، 157".
3 المنتخب من السياق "92".
4 المنتخب "174"، الأنساب "11/ 493".
(29/68)
أبو الفضل القرشي الكريزي النيسابوري
الأديب.
روى عن: أبي سهل محمد بن سليمان الصُعْلُوكيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان،
وطبقتهما. تُوُفّي فِي جُمادى الآخرة.
"حرف الحاء":
128- الْحَسَن بْن إبراهيم بن عبد الله1.
أبو عبد الله الأنباريّ المقرئ.
129- الحسين بن الخَضِر بن محمد2.
أبو عليّ البخاريّ الفَشيدَيْزَجِيُّ، الفقيه الحنفيّ، قاضي بُخَارى.
إمام عصره بلا مدافعة. قدِم بغداد وتفقّه بها، وناظَرَ وبرع. وسمع بها
من: أبي الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ. وببُخَارى: محمد بن محمد بن
جابر. وحدّث، وظهر له أصحاب وتلامذة. وآخر من حدّث عنه ابن بنته عليّ
بن محمد البُخَاريّ. تُوُفّي في شعبان. وقد ناظَرَ مرّةً الشّريف
المُرْتَضى شيخ الرفضة، وقطعه في حديث: "ما تَرَكْنَا صَدَقَةٌ"
وَقَالَ لِلْمُرْتَضَى: إِذَا جَعَلْتَ مَا نَافِيَةً، خَلَا
الْحَدِيثُ مِنْ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ
أَنَّ الْمَيِّتَ يَرِثُهُ أَقْرِبَاؤُهُ، وَلَا تَكُونُ تَرِكَتُهُ
صَدَقَةً، وَلَكِنْ لَمَّا كان الرّسول -صلى الله عليه وسلم- بِخِلَافِ
الْمُسْلِمِينَ، بيَّن ذَلِكَ، فَقَالَ: "مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ" 3.
وقد سمع أبو علي هذا من: ابن شَبُّوَيْه المَرْوَزيّ بمَرْو، ومن جعفر
بن فنّاكيّ بالرّيّ. وتخرّج به الأصحاب.
130- حمزة بن محمد بن طاهر4.
الحافظ أبو طاهر البغداديّ الدّقّاق، مولى المِهْديّ. سمع: أبا الحسين
بن المظفر،
__________
1 غاية النهاية "1/ 237".
2 العبر "3/ 154، 155"، سير أعلام النبلاء "17/ 424-426"، الوافي
بالوفيات "12/ 361".
3 "حديث صحيح": أخرجه البخاري "3711، 3712"، ومسلم "1759"، وأبو داود
"2968، 2969"، والنسائي "4152"، وأحمد في المسند "1/ 10"، وابن حبان في
صحيحه "4823" من حديث أبي بكر.
ومن حديث عمر: أخرجه البخاري "6728"، ومسلم "1757"، والترمذي "1610"،
وغيرهم.
4 تاريخ بغداد "8/ 184، 185"، العبر "3/ 155"، سير أعلام النبلاء "17/
443".
(29/69)
وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وابن شاهين،
فمن بعدهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، فهْمًا، عارفًا. ولد سنة ست وستين
وثلاثمائة، وقال البَرْقانيّ: ما اجتمعتُ قطّ مع أبي طاهر حمزه
ففارقتُهُ إلّا بفائدة علمٍ.
وقد نقل الخطيب عن محمد بن يحيى الكرْمانيّ، وابن جدّا العُكْبَريّ
أنّهما رأياه في النَّوم، فأخبرهما أنّ الله رضي عنه.
"حر ف السين":
131- سُفْيان بن محمد بن حَسَنْكُوَيْه.
أبو عبد الله الأصبهاني. بقالٌ. تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، روى عن:
أبي الشّيخ. وروى عنه: أبو عليّ الحدّاد قال: أنبا سنة خمسٍ. وروى عنه
الرّئيس الثّقَفيّ في الأربعين، له.
"حرف العين":
132- عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عبد الرحمن بن شُجاع1.
أبو بكر المَرْوَزيّ الفقيه الحنبليّ. كان فقيهًا متفنِّنًا واسع
الرّواية، نَحْويًّا له مصنَّف في النَّحْو على مذهب الكوفيّين، وله
كتاب "المغني" في مذهب أبي حنيفة في سبعة أجزاء. وُلِد في سنة ثمان
وأربعين وثلاثمائة، ودخل الأندلس فَحَمَل عنه أهلها، وأجاز لهم في هذا
العام.
133- عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عثمان بْن سَعِيد بْن ذُنّين
بْن عاصم2.
أبو محمد الصَّدَفيّ الطُّلَيْطُليّ، روى عن أبيه؛ وعن: عَبْدُوس بن
محمد، وأبي عبد الله بن عَيْشُون، وتمّام بن عبد الله، وأبي جعفر بْن
عَوْن الله، وأبي عَبْد الله بْن مفرج، وخلق كثير.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 297، 298"، الوافي بالوفيات "17/ 128"، بغية
الوعاة "2/ 38".
2 سير أعلام النبلاء "17/ 426، 427"، الوافي بالوفيات "17/ 250، 251"،
شذرات الذهب "3/ 227".
(29/70)
وحجّ فأخذ بمصر عن: أحمد بن محمد المهندس،
وعبد المنعم بن غَلْبُون، ومحمد بن أحمد بن عُبَيْد الوشّاء.
وبمكّة عن: عُبَيْد الله السَّقَطيّ. ولقي بالقيروان أبا محمد بن أبي
زيد، فأكثر عنه.
ورجع إلى طُلَيْطُلَة، فأكثر عنه أهلها، ورحل النّاس إليه من البلدان.
وكان زاهدًا عابدًا متبتِّلًا، عالمًا عاملًا سُنِّيا.
يُقال: إنّه كان مُجاب الدَّعوة، وكان الأغلب عليه الرّواية والأثر،
والعمل بالحديث. وكان ثقةً متحرّيا، قد التزم الأمرَ بالمعروف
والنَّهيّ عن المنكر بنفسه، لا تأخذه في الله لومةُ لائم، صنّف في ذلك
كتابًا.
وكان مَهِيبًا مُطاعًا محبوبًا، لا يختلف اثنان في فضله. وكان يتولّى
عملَ عِنَبِ كَرْمِه بنفسه.
ولم يُرَ بطُلَيْطُلَة أكثرَ جَمْعًا من جنازته.
134- عبد الرّحيم بْن الحافظ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْحَاق
بن مَنْدَهْ.
تُوُفّي بطريق إِيذَج بين العِيدَين. أظنّه كان يتعانى التّجارة. وسمع
من: أبيه.
135- عُبَيْد الله بن هارون بن محمد1.
أبو القاسم القطّان الواسطيّ، ويعرف بكاتب ابن قنطر. سمع من: عبد
الغفّار الحُضَيْنيّ، وأبا بكر المفيد، وجماعة.
روى عنه: محمد بن عليّ بن أبي الصَّقْر الواسطيّ.
قال خميس الحَوْزِيّ: مات سنة 424.
136- عُصْم بن محمد بن عُصْم بن العبّاس.
أبو منصور العُصْميّ، رئيس هَرَاة. روى عن: أبي عَمْرو الجوهريّ،
وغيره. روى عنه: محمد بن عليّ العميري.
__________
1 سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي "48، 49".
(29/71)
137- عليّ بن طَلْحة1.
العلّامة أبو القاسم بن كُرْدان الواسطيّ النَّحْويّ. صاحب أبي عليّ
الفارسيّ، وعليّ بن عيسى الرُّمانيّ. قرأ عليهما كتاب سيبَويه. وأهل
واسط يتغالَون في ابن كُرْدان ويفضّلونه على ابن جِنِّيّ. صنَّف كتابًا
نحو خمس عشر مجلدًا في إعراب القرآن، ثمّ بدا له فغَسَلَه قبل موته.
وكان ديِّنًا نَزِهًا مصوّنًا. أخذ عنه: أبو الفتح بن مختار، ومحمد بن
عبد السّلام. ومات في هذا العام. قاله كلَّه خميس الحَوْزِيّ.
138- عُمَيْر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُمَيْر2.
أبو القاسم الْجُهَنيّ. روى عن جدّه، وعن: أبي عبد الله مُحَمَّد بْن
إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مروان. وروى عنه: عليّ الجنائيّ،
وأبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ. وهو قليل السَّماع.
"حرف الفاء":
139- الفضل بن محمد بن محمد بن جِهان دار.
أبو العبّاس الهَرَويّ. والد محمد الحافظ.
"حرف الميم":
140- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن حسن.
أبو رشيد الحيري الأدمي المقرئ، العدل.
حدث عن: الأستاذ أبي سهل الصُّعْلُوكيّ، وأبي عَمْرو بن حمدان، وجماعة.
روى عنه: أبو عليّ الحسين بن محمد بن محمد الصَّفّار.
141- محمد بن إبراهيم بن أحمد3.
أبو بكر الأردستاني، الرجل الصالح.
__________
1 معجم الأدباء "13/ 259-264"، إنباه الرواة "2/ 284، 285"، بغية
الوعاة "2/ 170".
2 تاريخ دمشق "33/ 234"، مختصر تاريخ دمشق "19/ 335".
3 تاريخ بغداد "1/ 417"، المنتظم "8/ 90"، سير أعلام النبلاء "17/ 428،
429".
(29/72)
حدَّث "بصحيح البخاريّ" عن: إسماعيل بن
حاجب الكُشَانيّ.
وحدَّث عن: القاسم بن علْقَمَة الأبْهَريّ، أبي الفتح يوسف القوّاس،
وأبي حفص بن شاهين، وأبي الشّيخ بن حيّان، وأبي بكر المقرئ. وعبد
الوهّاب الكِلابيّ.
وروى عنه في سنة ثلاثٍ وتسعين "صحيح البخاريّ": عبد الغفّار بن طاهر
الهَمَدانيّ.
وروى عنه: أبو نصر الشّيرازيّ المقرئ.
وهو أحد من لم يذكره "ابن عساكر" في "تاريخه". وقد سمع بدمشق من
الكِلابيّ، وأجزاء من أبي زُرْعة المقرئ.
وكان مع بصره بالحديث قيّمًا بكتاب الله، كبير القدْر، سامي الذِّكْر،
واسع الرِّحلة. لقي بالبصرة أحمد بن العبّاس الأسْفَاطيّ، وأحمد بن
عُبَيْد الله النَّهْردَيْريّ.
وكنّاه بعضهم: أبا جعفر، وهو بأبي بكر أشهر.
وقد ذكرناه في سنة خمس عشرة على ما ورّخه بعضهم، وهو في هذا العام
أرجح.
142- محمد بن إبراهيم.
أبو بكر الفارسيّ. قد مرَّ في حدود سنة عشرين وأربعمائة. وجماعة كبيرة.
قال شيرُوَيْه: ثنا عنه محمد بن عفّان، وابن ممّان، وظَفْرُ بن هبة
الله، وكان ثقة يُحسن هذا الشّأن. سمعتُ عدّة من المشايخ يقولون: ما من
رجلٍ له حاجة من أمر الدّنيا والآخرة فيزور قبره ويدعو الله عزّ وجلّ
إلّا استجاب له. وجرَّبت أنا ذلك فكان كذلك.
قلت: وروى عنه البَيْهَقيّ في تصانيفه ووصفه بالحِفْظ.
143- محمد بن إبراهيم بن عليّ بن غالب.
القاضي أبو الحسين المصريّ التّمّار.
هو آخر من حدَّث عن: أحمد بن إبراهيم بن جامع العطّار، وابن إسحاق،
وغيرهما. تُوُفّي في جُمَادى الأولى. قاله الحبّال.
(29/73)
144- محمد بن جُمَاهِر بن محمد1.
أبو عبد الله الحَجْرِيّ الطُّلَيْطُليّ.
روى عن: محمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعَبْدُوس بن محمد، وأبي محمد
الأصيليّ. وكان فقيهًا مشاوَرًا، نبيلًا. رحِمَه اللَّه.
145- مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد البَيْضَاويّ البغداديّ2.
الفقيه المفتي أبو عبد الله. ولي قضاء رُبْع الكَرْخ.
وحدَّث عن: أبي بكر القَطِيعيّ. روى عنه الخطيب، ووثقه.
وقال أبو إسحاق الشيرازي: تفقه على الداركي. وحضرت مجلسه وعلقت عنه.
وكان حافظًا للمذهب والخلاف، موفقًا في الفتاوى.
146- محمد بن عبد العزيز بن شنبويه.
أبو نصر الإصبهاني.
روى عن: أبي بكر عبد الله بن محمد الفباب.
147- محمد بن عُبَيْد الله بن محمد بن حسن3.
أبو القاسم البَيّانيّ الإشبيلي، المعمَّر.
أخذ عن: وهْب بن مَسَرّة، وأبي بكر بن الأحمر القُرشيّ، وجماعة.
وكان ذكيا، رئيسا، ضابطا. وقد أخذ أيضا عن: أبي عليّ القاليّ.
وكان مولده في سنة ثلاثين وثلاثمائة، وتوفي فِي جُمَادَى الآخره.
روى عَنْهُ أَبُو عبد الله الخولاني. وهو آخر من حدَّث عن وهْب.
148- محمد بن عليّ بن هشام بن عبد الرّءوف4.
أبو عبد الله الأنصاري القرطبي، صاحب المظالم.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 516".
2 تاريخ بغداد "5/ 47"، الكامل في التاريخ "9/ 432"، طبقات الشافعية
الكبرى "3/ 63، 64".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 517".
4 الصلة لابن بشكوال "2/ 516، 517".
(29/74)
كان واسع العلوم، حاذقا بالفتوى، عارفا
بمذهب مالك بصيرا بالأحكام نزه النفس. توفي في رمضان.
149- مكي بن نظيف.
أبو القاسم الزجاج. توفي بمصر في رجب.
"حرف الياء":
150- يحيى بْن عَبْد المُلْك بْن مهنا1.
أبو زكريا القرطبي، صاحب الصّلاة بقُرْطُبة.
روى عن: أبي الحسن الأنطاكيّ رواية نافع. وكان حاذقًا بها مجوِّدًا
لها.
وعاش ثمانين سنة. روى عنه: محمد بن عتاب الفقيه، وغيره.
وفيات سنة خمس وعشرين وأربعمائة
"حرف الألِف":
151- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن غالب2.
أبو بكر الخَوَارِزْميّ البَرْقَانيّ، الحافظ، الفقيه، الشّافعيّ.
سمع بخَوَارِزْم من: أبي العبّاس محمد بن أحمد بن حمدان الحِيريّ، نزيل
خَوَارِزم، ومن: محمد بن علي الحسّانيّ، وأحمد بن إبراهيم بن جَنَاب
الخَوَارِزْمِيّين.
وبهَرَاة: محمد بن عبد الله بن خَميرُويْه.
وببغداد: أبا عليّ بْنُ الصّوّاف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأحمد
بن جعفر الخُتّليّ، وأبا بحر البَرْبَهاريّ، والقَطِيعيّ.
وبجُرجَان: أبا بكر الإسماعيلي. وبنَيْسابور: أبا عمر بن حمدان.
وبدمشق: أبا بكر بن أبي الحديد. وبمصر: عبد الغني الحافظ.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 665، 666".
2 تاريخ بغداد "4/ 373-376"، المنتظم "8/ 79، 80"، الكامل في التاريخ
"9/ 439"، سير أعلام النبلاء "17/ 264-268"، الوافي بالوفيات "7/ 331"،
تاريخ الخلفاء "422".
(29/75)
وخلْقًا سواهم، حتّى إنّه روى عن أبي بكر
الخطيب تلميذه.
روى عنه: الصُّوريّ، والخطيب، وأبو بكر البَيْهَقيّ، وأبو إسحاق
الشّيرازيّ الفقيه، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وسليمان بن
إبراهيم الأصبهاني العبْدِيّ المالكيّ شيخ البصرة، وأبو يحيى بْن
بُنْدَار، ومحمد بْن عَبْد السّلام الأنصاريّ، وآخرون. واستوطن بغداد.
قال الخطيب: كان ثقة، ورِعًا ثَبْتًا. لم نرَ في شيوخنا أثبت منه.
عارفًا بالفقه، له حظٌ من عِلم العربيّة، كثير الحديث. صنّف مُسندًا
ضمنه ما اشتمل عليه "صحيح البخاري" و"مسلم". وجمع حديث الثَّوريّ،
وشُعْبَة، وعُبَيْد الله بن عمر، وعبد الملك بن عُمَيْر، وبيان بن
بِشْر، ومَطَر الورّاق، وغيرهم. ولم يقطع التّصنيف حتّى مات.
وكان حريصًا على العِلم، مُنْصَرف الهمَّه إليه. سمعته يقول لرجلٍ من
الفُقَهاء الصلحاء: ادع أن ينزع شهْوة الحديث من قلبي، فإنّ حُبَّه قد
غلب عليَّ، فليس لي اهتمام في اللّيل والنّهار إلّا به. أو نحو هذا.
وكنتُ كثيرًا أُذاكره الأحاديث، فيكتبها عنّي، ويُضَمِّنُهَا جُمُوعَه.
وسمعتُ الأزهريّ يقول: البَرْقانيّ إمامٌ إذا مات ذهبَ هذا الشّأن.
وسمعتُ محمد بن يحيى الكرْماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث
أكثر عبادةً من البَرْقانيّ.
وسألت الأزهريّ: هل رأيت شيخًا أتقن من البَرْقانيّ؟ قال: لا.
وسمعتُ أبا محمد الخلّال ذكر البَرْقانيّ فقال: كان نسيجَ وحده.
وقال الخطيب: وأنا ما رأيت شيخًا أثبت منه.
وقال أبو الوليد الباجيّ: أبو بكر البَرْقانيّ ثقة حافظ.
قلت: وذكره أبو إسحاق في "طبقات الشّافعية" فقال: وُلِد سنة ستٍّ
وثلاثين وثلاثمائة، وسكن بغداد ومات بها في أوّل يومٍ من رجب. تفقّه في
حداثته، وصنَّف في الفِقْه، ثمّ اشتغل بعلم الحديث فصار فيه إمامًا.
وقال الخطيب: حدَّثني أحمد بن غانم الحمّاميّ، وكان صالحًا، أنّه نقل
البَرْقانيّ
(29/76)
من بيته، فكان معه ثلاثةٌ وستُّون سفْطًا
وصندوقً، كلُّ ذلك مملوء كُتُبًا.
وقال البَرْقانيّ: دخلت أسفرائين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت
الدّنانير وبقي الدِّرْهم، فدفعته إلى خبّازٍ، وكنت آخذ منه في كلّ
يومٍ رغيفين، وآخُذُ من بِشْر بن أحمد جُزْءًا فأكتبه وأفرغ منه
بالعَشِيَّ، فكتبتُ ثلاثين جزءًا، ثمّ نفذ ما كان عند الخبَّاز،
فسافرتُ.
قلتُ: كتاب "المصافحة" له من عالي ما يُسمع اليوم. تفرّد بها بيبرس
العديمي بحلب. وعند أبي بكر بن عبد الدّائم قطعةٌ من الكتاب يرويها عن
النّاصح، عن شُهْدَة، عن ابن العرب، عنه.
وقال الخطيب في ترجمة البَرْقانيّ: حدَّثني عيسى بن أحمد الهَمْدانيّ،
أنا البَرْقانيّ سنة عشرين قال: حدَّثني أحمد بن علي بن ثابت الخطيب،
نا محمد بن موسى الصَّيْرفيّ، نا الأصمّ، نا الصّغانيّ، نا أبو زيد
الهَرَويّ، نا شُعْبَه، عن محمد بن أبي النَّوّار: سمعتُ رجلًا من بني
سُلَيْم يقال له خفّاف قال: سألت ابن عمر عن صوم ثلاثةٍ في الحجِّ
وسبعةٍ إذا رَجَعْتُمْ. قال: إذا رجعتَ إلى أهلك. تفرّد به أبو زيد.
152- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خالد البغداديّ1.
أَبُو عبد اللَّه الكاتب.
سمع: أبا عليّ بن الصّوّاف، وعمر بن سَلْم، ومَخْلَد بن جعفر
البَاقَرْحيّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صحيحَ السّماع، كثيره.
مات في المحرّم، وله تسعٌ وثمانون سنة.
153- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سعيد2.
أبو العبّاس الأبِيوَرْديّ، القاضيّ الشّافعيّ صاحب الشّيخ أبي حامد.
سكن بغداد، وبرع في الفقيه. وولي القضاء ببغداد على الجانب الشَّرقيّ
ومدينة المنصور أيّام ابن الأكْفَانيّ. ثمّ عُزِل، وَرُدَّ ابن
الأكفاني إلى عمله.
__________
1 تاريخ بغداد "5/ 49، 50".
2 تاريخ بغداد "4/ 51، 52"، المنتظم "8/ 80، 81"، البداية والنهاية
"12/ 37".
(29/77)
وكان له حلقة للتّدريس والفتوى بجامع
المنصور. وكان عنده شيء عن عليّ بن القاسم بن شاذان القاضي، وغيره.
كتب بالرّيّ وهَمَدَان. وكان حَسَنَ الاعتقاد، جميلَ الطَّريقة،
فصيحًا، له شعرٌ.
وقيل: إنّه كان يصوم الدَّهر. وكان فقيرًا يتحمّل، ومكث شتوةً لا يملك
جبَّة يلبسها. وكان يقول لأصحابه: بي علّة تمنعني من لبْس المحشُوّ.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة، وله ثمان وستُّون سنة.
154- أَحْمَد بْن محمد بْن علي بْن الجهْم.
أبو العبّاس الأصبهاني، مستملي ابن مَنْدَهْ. سمع: أبا الشّيخ.
وعنه: الوحشيّ، وأبو الفتح الحدّاد. تُوُفّي فِي ذي القعدة.
155- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الفضل.
القاضي أبو بكر الصّدَفيّ، الفقيه. بمَرْو.
156- أحمد بن أبي سعْد البغداديّ.
الأصبهاني الواعظ. تُوُفّي في ربيع الأوّل.
157- إبراهيم بن الخِضر بن زكرّيا1.
أبو محمد الدّمشقيّ الصّائغ.
روى عَنْ: أَبِي عليّ الحَسَن بْن عبد الله الكِنْديّ، وعبد الوهّاب
الكِلابيّ، وجماعة.
روى عَنْهُ: عليّ بْن محمد بْن شجاع، وأبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز
الكتّانيّ.
تُوُفيّ يوم عاشوراء. قال الكتّانيّ: كان فيه تساهل في الحديث.
158- إبراهيم بن عليّ بن محمد بن عثمان بن المروق.
أبو إسحاق العَبْديّ الأصبهاني الخيّاط، المعلّم.
سمع: الطَّبْرانيّ. كتب عنه جماعة. مات في ربيع الأول.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق "4/ 49"، تهذيب تاريخ دمشق "2/ 210".
(29/78)
"حرف الجيم":
159- جعفر بن أحمد بن لقمان.
البزّاز. مصريٌّ. ذكر الحبّال موته في المحرّم.
"حرف الحاء":
160- الحسن بن أحْمَد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان1.
أبو عليّ بن أبي بكر البغداديّ، البزّاز.
وُلِد في ربيع الْأَوَّل سنة تسعٍ وثلاثين، وسمّعه أبوه من: أبي عَمْرو
بن السّمّاك، وأحمد بن سليمان العَبَّادانيّ، وميمون بن إسحاق، وأبي
سهل بن زياد، وأحمد بن سلمان النجاد، وحمزة الدّهْقان، وجعفر بن محمد
الخُلْديّ، وعبد الصّمد الطَّسْتيّ، ومُكَرَّم بن أحمد، وأبي عمر غلام
ثعلب، وعبد الله بن جعفر بن درستُوَيْه، وعليّ بن عبد الرحمن بن ماتي،
وعليّ بن محمد بن الزُّبَيْر القُرشيّ، وأحمد بن عثمان الأدَميّ، وعبد
الله بْنُ إسحاق الخُراسانيّ، ومحمد بن جعفر القارئ، وجماعة.
روى عنه: أبَوَا بكر الخطيب، والبَيْهَقيّ، والإمام أبو إسحاق
الشّيرازيّ، وعليّ بن أبي الغنائم بن المأمون الهاشميّ، وأبو الفضل بن
خَيْرون، والحسن بن أحمد بن سلمان الدّقّاق، وأبو ياسر محمد بن عبد
العزيز الخيّاط، والحسين بن الحُسين الفانيذيّ، وثابت بن بُنْدار
البقّال، وجعفر بن أحمد السّرّاج، والمبارك بن عبد الجبّار بن
الطُّيُوريّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ
السَّمْنَانِيُّ، وأبو غالب محمد بن الحسن الباقِلّانيّ، وَأَبُو
سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، وأبو سعد محمد
بن عبد الملك بن خُشَيْش، وأبو القاسم عليّ بْن أحمد بن محمد بْن
بَيَان، وأبو عليّ بن نبْهان الكاتب، وغيرهم.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا، صحيح السّماع، يفهم الكلام على
مذهب أبي الحسن الأشعريّ، وكان يشرب النّبيذ على مذهب الكوفيين، ثم
تركه بأخرة.
__________
1 تاريخ حلب "331، 332"، المنتظم "8/ 86، 87"، الكامل في التاريخ "9/
445"، سير أعلام النبلاء "17/ 415-418"، الوافي بالوفيات "11/ 394"،
البداية والنهاية "12/ 39".
(29/79)
وكتب عنه جماعةٌ من شيوخنا كالبَرْقانيّ،
وأبي محمد الخلّال.
وسمعتُ أبا الحسن بن رزقُويه يقول: أبو عليّ بن شاذان ثقة.
وسمعتُ أبا القاسم الأزهريّ يقول: أبو عليّ أوثق من بَرَأَ الله في
الحديث.
وحدَّثني محمد بن يحيى الكرْمانيّ قال: كنتُ يومًا بحضرة أبي عليّ بن
شاذان، فدخل شابٌ فسلّم ثمّ قال: أيُّكم أبو عليّ بن شاذان؟ فأشرنا
إليه، فقال له: أيُّها الشّيخ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المنام، فقال لي: سَلْ عن أبي عليّ بن
شاذان فإذا لقِيتَهُ فأقْره منّي السّلام.
قال: ثمّ انصرف الشّابُّ، فبكى أبو عليّ وقال: ما أعرف لي عملًا أستحقُ
به هذا، الّلهُمَّ إلّا أن يكون صبري على قراءة الحديث وتكرير
الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كلّما جاء ذكرُهُ.
قال الكرْمانيّ: ولم يلبث أبو عليّ بعد ذلك إلا شهرين أو ثلاثة حتى
مات.
تُوُفّي أبو عليّ آخر يومٍ من سنة خمسٍ، ودُفن فِي أوّل يومٍ من سنة
ستٍّ وعشرين.
161- الحسن بن عُبَيْد الله1.
الفقيه أبو عليّ البَنْدنيجيّ الشّافعيّ، صاحب الشّيخ أبي حامد.
له عنه تعليقة مشهورة، وله مصنَّفات كثيرة.
درس الفقه ببغداد مدَّة وأفتى، وكان ديِّنًا صالحًا ورِعًا. ثمّ رجع
إلى البنْدنيجين رحمه الله.
162- الحسن بن أيّوب بن محمد بن أيّوب2.
أبو عليّ الأنصاريّ القُرْطُبيّ الحدّاد.
روى عن: أبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي علي القالي، وأحمد بن ثابت التغلبي.
وتفقه على القاضي أبي بكر بن زرب.
__________
1 تاريخ بغداد "7/ 343"، طبقات الفقهاء "129"، المنتظم "8/ 83"،
البداية والنهاية "12/ 37".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 136".
(29/80)
روى عنه جماعة من العلماء منهم: أبو عمر بن
مهدي، وقال: كان مقدَّمًا في الشورى لسنه، رواية للحديث واللُّغة، ذا
دِين وفضل. تُوُفّي في رمضان، وله سبعٌ وثمانون سنة.
163- الحُسين بن جعفر بن القاسم.
أبو عبد الله الكِلَليّ المصريّ.
سمع: الحسن بن رشيق، وأبا جعفر أحمد بن محمد بن هارون الأسْوَانيّ،
وإبراهيم بن محمد النَّسائيّ العدْل، وأبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ،
وجماعة.
وانتقى عليه الحافظ أبو نصر السَّجْزيّ.
روى عنه: أبو الحسن الخِلَعيّ، وجماعة من المصريّين.
وهو ابن بنت أبي بكر الأُدْفويّ. تُوُفّي بالرِّيف في المحرّم.
164- الحَسَن بْن محمد بْن الحُسَيْن بْن دَاوُد بْن عليّ بن عيسى.
أبو محمد العلويّ، السّيّد أبو محمد النّقيب بن السّيّد أبي الحسن.
شيخ العِتْرة بنَيْسابور. روى عن: أبي عَمْرو بن حمدان، وغيره.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة عن نيِّفٍ وسبعين سنة.
"حرف السّين":
165- سعيد بن أحمد بن يحيى1.
أبو عثمان المُراديّ الإشبيليّ، الشّقاق.
كان من أهل الذّكاء والطَّلَب، ومعرفة التَّواريخ والأخبار.
سمع من: أبي محمد الباجيّ، وابن الخرّاز، والرّياحيّ، وابن السّليم
القاضي، ومَسْلمة بن القاسم، وغيرهم.
166- سُفْيان بن محمد بن الحسن بن حسنكويه2.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 218، 219".
2 تقدم برقم "131".
(29/81)
أبو عبد الله الأصبهاني.
تُوُفّي في هذه السَّنة على الصَّحيح في أحد الْجُمَادَين.
روى عنه: أبو عبد الله الثّقَفيّ، وأبو عليّ الحداد، وجماعة.
يروي عن: أبي الشّيخ، وابن المظفّر الحافظ، ومنصور بن جعفر البغْداديّ.
"حرف الضّاد":
167- ضُمام بن محمد.
أبو يَعْلَى الشَّعْرَانيّ الهَرَويّ الصُّوفيّ.
روى عن: بِشْر بن محمد المُزَنيّ المغفّليّ، وأبي منصور محمد بن أحمد
الأزهري البغوي.
وروى عنه: محمد بن عليّ العُمَيريّ الزّاهد، وغيره.
"حرف الطّاء":
168- طاهر بن عبد العزيز بن سيّار البغداديّ الحُصَريّ1.
الدّعّاء. سمع أبا بكر القَطِيعيّ، وإسحاق بن سعْد النَّسَويّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان عبدًا صالحًا رحمه الله.
"حرف الظاء":
169- ظفر بن إبراهيم النيسابوري الأبريمسي2.
أبو سعيد.
قال الخطيب: ثنا عن محمد بن أحمد بن عَبْدُوس، عن مكّيّ بن عبدان، وكان
صدوقًا. قدم علينا ليحج.
__________
1 تاريخ بغداد "9/ 358".
2 تاريخ بغداد "9/ 368".
(29/82)
"حرف العين":
170- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ
الأصبهاني.
تُوُفّي في جُمَادى الأولى. والد محمد وأحمد. روى عن: أبي الشّيخ، وابن
المقرئ. وكان يحفظ.
171- عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار
بن شُبَانَة1.
أبو سعيد الهَمَذانيّ.
روى عن: أبي القاسم بن عُبَيْد، والفضل بن الفضل الكِنْديّ، ومحمد بن
عبد الله بن برزة، ومحمد بن علي بن محمويه النسوي، وأبي بكر بن مالك
القطيعي، وجماعة.
قال شيرويه: ثنا عنه عبد الملك بن عبد الغفّار، ومحمد بن الحسين، ومحمد
بن طاهر العابد، وأحمد بن عبد الرحمن الروذباري، وسعد بن الحسن القصري،
وأحمد بن طاهر القومساني، وأبو غالب أحمد بن محمد القارئ العدل.
قال شيرويه: وكان صدوقا من أهل الشهادات ومن تناء البلد.
قلت: وقع لنا الجزء الثاني من حديثه.
172- عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن ياسر2.
أبو الحسن التميمي الجوبري الغوطي.
حدث عن: أبي القاسم عليّ بن أَبِي العقِب، وأبي عَبْد الله بْن مرْوان،
ويحيى بن عبد الله الزّجّاج، وإبراهيم بن محمد بن سِنَان.
روى عنه: حَيْدَرة المالكيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، وسعْد بن عليّ
الزَّنجانيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس المالكيّ، وأبو القاسم بن أبي
العلاء المصّيصيّ، وجماعة.
ووثّقه محمد بن عليّ الحدّاد، ولم يكن يُحْسِن الخطَّ.
__________
1 الإكمال لابن ماكولا "5/ 12، 13"، سير أعلام النبلاء "17/ 432، 433"،
النجوم الزاهرة "4/ 280".
2 الأنساب "3/ 344"، سير أعلام النبلاء "17/ 415"، شذرات الذهب "3/
229".
(29/83)
قال الحافظ عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي
شيخنا في صفر، وكان أبوه قد سمّعه وضبط له، وكان يحفظ متون الحديث.
ولمّا مضيت لأسمعَ منه قال: قد سمّعني والدي الكثير، وكان محدثا، ولكن
ما أحدثك حتى أدري إيش مذهبك في معاوية.
قال: صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
رحمه الله.
فأخرج إليَّ كُتُبَ أبيه جميعها. وكان لا يقرأ ولا يكتب.
173- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب.
أبو مسلم الأصبهاني المؤدِّب. سمع: الطَّبْرانيّ.
وعنه: أبو عليّ الوخشيّ، وبِشْر بن محمد الحنفيّ. مات في جُمَادى
الأولى.
174- عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن أحمد بْن عَبْد الرَّحْمَن
الحَسْنَاباذيّ.
الرُّسْتَميّ الأصبهاني أَبُو القاسم الزَّاهد.
تُوُفِّي في جُمادى الآخرة. وكان واعظًا مذكّرًا. روى عن: أحمد بن
بُندار، والطَّبْرانيّ.
175- عبد الوهّاب بن عبد الله بن عمر بن أيّوب1.
أبو نصر المُّرِّيّ الدِّمشقيّ الشُّرُوطيّ.
الحافظ المعروف بابن الْجَبَّان وبابن الأذْرَعيّ.
روى عن خلْقٍ كثير، منهم: الحسين بن أبي الرَّمْرام، وأبو عمر بن
فضالة، والمظفر بن حاجب الفرغاني، وجمع بن القاسم، والفضل بن جعفر،
وطبقتهم. ولم يرحل.
روى عنه: أبو عليّ الأهوازيّ، وعبد العزيز الكتّانيّ، والسّمّان، وأبو
القاسم المِصِّيصيّ، وأبو العبّاس بن قُبَيْس، وآخرون.
قال الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا وأستاذنا أبو نصْر بن الْجَبَّان في
شوَّال. صنَّف كُتبًا كثيرة، وكان يحفظ شيئًا من علم الحديث رحمه الله.
ووثّقه محمد بن علي الحداد.
__________
1 الإكمال لابن ماكولا "7/ 314"، الأنساب "11/ 268"، العبر "3/ 158"،
النجوم الزاهرة "4/ 281".
(29/84)
176- عبد الوهّاب بن عبد العزيز بن
الحارث1.
أبو الفرج التيمي، أخو أبي الفضل عبد الواحد.
كان له حلقة بجامع المنصور للوعظ والفَتْوَى على مذهب أحمد.
حدَّث عن: أبيه، وأبي الحسين العتكيّ، وناجية بن النّديم.
روى عنه: الخطيب، وابنه رزق الله التّميميّ. تُوُفّي في ربيع الأوّل.
177- عبد الوهّاب بن محمد بن عليّ بن مهرة الأصبهاني.
حدث عن: الطَّبْرانيّ، وغيره. روى عنه: أبو عليّ الحدّاد.
مات في ذي الحجّة. ورّخه ابن نُقْطَة وكنّاه أبا عَمْرو.
178- عليّ بن أحمد الزّاهد2.
أبو الحسن الخَرَقانيّ. وخَرَقَان: قرية بجبال بِسْطام.
ذكره أبو سعد بن السَّمَعانيّ فقال: شيخ العصر، له الكرامات والأحوال.
أجْهد نفسه ورَاضَهَا.
وكان أوّل أمره خَرْبَندَج يكري الحمار، ثمّ فُتِح عليه. وقد قصده
السّلطان محمود بن سُبُكْتِكين وزاره، فوعظه ولم يقبل منه شيئًا.
توفي يوم عاشوراء، وله ثلاثٌ وسبعون سنة رحمه الله تعالى.
179- عليّ بن الحسن3.
أبو الفَرَج النَّهْروانيّ، خطيب النَّهْروان.
روى عن: أبي إسحاق المزكّيّ، وأحمد بن نصر الذراع.
روى عنه: الخطيب، وقال: لا بأس به. وورخه.
__________
1 تاريخ بغداد "11/ 32"، المنتظم "8/ 81"، الكامل في التاريخ "9/ 439"،
البداية والنهاية "12/ 37".
2 الأنساب "5/ 86"، معجم البلدان "2/ 360".
3 تاريخ بغداد "11/ 390".
(29/85)
180- عليّ بن سليمان بن الرّبيع.
القاضي أبو الحسن البِسْطاميّ.
سمع بنَيْسابور من: أبي عَمْرو بن حمدان، وأبي أحمد الحاكم، وجماعة.
وتُوُفّي بِبِسْطام عن اثنتين وسبعين سنة.
181- عمر بن أبي سعْد إبراهيم بن إسماعيل1.
الفقيه أبو الفضل الزّاهد الهَرَويّ، خال أبي عثمان الصَّابونيّ.
سمع: أبا بكر الإسماعيليّ، وأبا عمر بن حمدان، وبِشْر بن أحمد
الإسْفرائينيّ، وعبد الله بن عمر بن عَلَّك الجوهريّ، والحسين بن محمد
بن عُبيد العسكريّ، والبكّائيّ الكوفيّ، وطبقتهم.
وكان إمامًا، قُدْوة في الزُّهد، والورع، والعبادة، والعلم.
روى عنه: شيخ الإسلام أبو عثمان الصَّابونيّ، وشيخ الإسلام أبو إسماعيل
الأنصاريّ، ومحمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبو عطاء عبد الأعلى
المَلِيحيّ، وغيرهم. تُوُفّي في آخر سنة خمس وعشرون.
وكان أبوه حافظًا صالحًا خيِّرًا، مات سنة تسعين وثلاثمائة.
"حرف الميم":
182- محمد بن إبراهيم بن علي2.
أبو هريرة أخو أبي ذَرّ الصّالْحانيّ الأصبهاني النّجّار.
تُوُفّي في ذي القعدة. روى عن: أبي بكر عبد الله بن محمد القباب.
183- محمد بن الحسن بن عليّ بن ثابت3.
أبو بكر النعماني البغدادي.
__________
1 تاريخ بغداد "11/ 273"، المنتظم "8/ 88"، سير أعلام النبلاء "17/
448".
2 الأنساب "8/ 13".
3 تاريخ بغداد "2/ 217"، الأنساب "12/ 115"، المنتظم "8/ 81، 82".
(29/86)
قال الخطيب: ثنا عن عبد الخالق بن الحسن
المعدّل، وكان صحيح السّماع.
تُوُفّي في جُمَادَى الآخرة.
184- مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عُبَيْد1.
أبو الفتح بن الأخوة البغدادي الصَّيْرفيّ.
سمع: عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ الكوفيّ بها، وأبا بكر بن شاذان،
وأبا الحسين بن البّواب، وجماعة.
قال الخطيب: كان صدوقًا من أهل القرآن والسُّنَّة. كتبتُ عنه. ومات فِي
ذي الحجّة وله سبعون سنة.
185- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن مُصْعَب2
بن عُبَيْد الله بن مُصْعَب بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ
عُبَيْدِ اللَّهِ التيمي الطَّلْحيّ.
أبو بكر الأصبهاني التّاجر. سمع: عبد الله بن جعفر بن فارس، وغيره.
روى عنه: أبو العبّاس أحمد بن محمد بن بشرُوَيْه، وأحمد بن محمد بن
شَهْرَيار، وأبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد، وأبو علي الحسن
بن أحمد الحداد، وآخرون.
وقد سمع أيضًا من: محمد بن أحمد بن أحسن الكِسائيّ، وأحمد بن جعفر بن
مَعْبَد السِّمْسار، وشاكر بن عمر المعدّل، وسليمان بن أحمد
الطَّبرانيّ، وغيرهم.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وكان من وجوه أهل بلده.
له أوقاف كثيرة. وهو عم والدة الحافظ إسماعيل.
186- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أحمد بن إبراهيم بن
مهْران3.
أبو عبد الله الثَّقفيّ الكِسائيّ النَّيْسابوريّ السّرّاج. الفقيه.
روى عن: أبيه، وأبي عَمْرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وأبي أحمد حسينك
التميمي، وأبي الحسين الحجاجي.
__________
1 تاريخ بغداد "2/ 337".
2 الإعلام بوفيات الأعلام "178"، سير أعلام النبلاء "17/ 449"، النجوم
الزاهرة "4/ 281".
3 المنتخب من السياق "33/ 36، 50".
(29/87)
وثقه أبو الحسن عبد الغافر الفارسي، وقال:
أخبرنا عنه: أبو صالح بن أبي سعد المقرئ، وعُبَيْد الله بن أبي محمد
الكُرَيْزيّ.
187- محمد بن مغيرة بن عبد الملك بن مغيرة1.
أبو بكر القُرَشيّ. من أهل قُرْطُبة. سكن إشبيلية.
روى عن: أبي بكر بن القُوطِيّة، وأبي بكر الزُّبَيْديّ، وابن عَوْن
الله. وحج فأخذ عن: أبي الحسن القابسيّ، وابن فِراس العَبْقَسيّ،
وجماعة. وكان من أهل العلم بالحديث، والفقه. ثقة.
ذكره ابن خزرج. روى عنه: هو، وأبو عبد الله الخولاني. وتوفي في رجب.
"حرف الواو":
188- وشاح2.
مولى أبي تمام الزينبي. بغدادي، صدوق، مسن.
قال الخطيب: قيل عنه شيء من الاعتزال. وهو كثير التلاوة، صدوق. ثنا عن
عثمان بن محمد بن سنقة، عن إسماعيل القاضي.
وفيات سنة ست وعشرين وأربعمائة
"حرف الألف":
189- أحمد بن محمد بْنُ المقرّب.
أبو بكر الكرابيسيّ.
خُرَاسانيّ. مات في رجب.
190- أحمد بن أبي مروان عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين الأعلى
أحمد بن عبد الملك بن عمر بن شهيد3.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 517".
2 تاريخ بغداد "13/ 492، 493"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 394".
3 الإكمال "5/ 90"، الكامل في التاريخ "9/ 445"، الوافي بالوفيات "7/
144-148".
(29/88)
الأشجعيّ أبو عامر الأندلسيّ القُرْطُبيّ،
الشّاعر الأديب.
قال الحُمَيديّ: كان من العلماء بالأدب ومعاني الشّعر وأقسام البلاغة.
وله حظٌ من ذلك بَسَق فيه، ولم يَرَ لنفسِهِ في البلاغة أحدًا يُجاريه.
وله كتاب "حانوت عطّار"، وسائر رسائله وكُتُبه نافعة الجدّ، كثيرة
الهزْل.
وقال أبو محمد بن حزم: ولنا من البُلَغاء أحمد بن عبد الملك بن شُهَيد.
وله من التصرف في وجوه البلاغة وشِعابِها مقدارٌ ينطق فيه بلسان مركب
من لساني عمر وسهل.
يعني عَمْرو بنَ بحر الجاحِظ، وسَهْلَ بنَ هارون.
وكتب إليّ في علّته بهذه الأبيات:
ولمّا رأيتُ العَيْشَ لَوَّى برأسِهِ ... وأيقنتُ أنَّ الموتَ لا شكَّ
لاحِقي
تمنَّيتُ أنّي ساكنٌ في عَبَاءةٍ ... بأعلى مَهَبّ الرِّيحِ في رأس
شاهقِ
كأنّي وقد حانَ ارتحاليَ لم أفُزْ ... قديمًا من الدّنْيا بِلَمْحَةِ
بارقِ
فمن مُبلغٌ عنّي ابنَ حزمٍ وكان لي ... يدًا في مُلِمَّاتي وعندَ
مضايقي
عليك سلامُ الله إنّي مُفَارقٌ ... وحَسْبُكَ زادًا من حبيبٍ مفارقِ
في أبيات.
وقال ابن بسّام في كتاب "الذَّخيرة" من شِعر أبي عامر:
وكأنّ النُّجُومَ في اللّيل جَيْشٌ ... دخلوا لِلْكُمُون في جَوفِ غابِ
وكأنّ الصُّبْحَ قَانِصُ طيرٍ ... قَبَضَتْ كَفُّهُ بِرجلِ غُرابِ
وله يصف ثعلبًا: أدهَى من عَمْرو، وأفْتَكَ من قاتل حُذَيفَة بن بدر،
كثير الوقائع في المسلمين، مُغرى بإراقة دماء المؤذنين، إذا رأى الفرصة
انتهزها، وإذا طَلَبَتْه الكُماةُ أعْجَزَهَا، وهو مع ذلك بقْراط في
أدَامِه، وجالينوس في اعتدال طعامه، غذاؤه حمامٌ أو دجاجْ، وعشاه تدْرج
أو درّاجْ.
قال أبو محمد بن حزْم: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، وصلّى عليه أبو
الحزْم جَهْور بن محمد
(29/89)
وكان حين وفاته حامل لواء الشِّعر
والبلاغة، لم يخلّفْ له نظيرًا في هذين العِلْمَين. وولد سنة اثنتين
وثمانين وثلاثمائة، وانقرض عقِبُ الوزير والدِه بموته. وكان سمْحًا
جوادًا. وكانت علّته ضيق النَّفَس والنَّفْخة.
قال ابن ماكولا: يقال إنّه جاحظ الأندلس.
191- إبراهيم بن جعفر بن أبي الكرّام.
أبو إسحاق المصريّ. أخو محسن.
سمع من: الرّازيّ فَمَنْ دونه. الرّازيّ هو أحمد بن إسحاق بن عُتْبَة.
وسمع منه: خَلَف الحَوْفيّ والخِلَعيّ.
192- أصْبَغُ بن محمد بن أصبغ بن السِّمْح1.
أبو القاسم المَهْريّ القُرْطُبيّ، صاحب الهندسة.
كان من أهل البراعة في الهندسة والعدد والنِّجامة والطّبّ، وهذه
الأشياء.
أخذ عن: مَسْلَمة بن أحمد المرجيطي. وسكن غُرْناطة، وقدَّم عند صاحبها
وتموّل.
وله تصانيف. تُوُفّي في رجب كَهْلًا.
أخذ عنه: سليمان بن محمد بن الفاسيّ المهندس، وغيره. وله مصنَّفات.
"حرف الثّاء":
193- ثابت بن محمد بن وهب بن عيّاش2.
أبو القاسم الأُمويّ الإشبيليّ.
روى عن: أبي عيسى اللَّيُثيّ، والقاضي بن السُّلَيم، وابن القُوطِيَّة،
ومحمد بن حارث، وجماعة.
وكان من أهل الطَّهارة والعفاف والجهاد. وُلِد سنة ثمان وثلاثين يعني
وثلاثمائة.
__________
1 الوفيات لابن قنفذ "234"، كشف الظنون "523"، معجم المؤلفين "2/ 302".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 122".
(29/90)
"حرف الحاء":
194- الحسن بن عثمان بن سَوْرة البغداديّ1.
أبو عمر الواعظ. عُرِف بابن الفَلْوِ.
سمع: أباه، والقَطِيعيّ.
قال الخطيب: له لسان وعارضة.
ومن شعره:
دخلت على السلطان في داره عزِّهِ ... بفقْري ولم أُجْلَبْ بخيلٍ ولا
رجلِ
وقلت انْظُرُوا ما بين فَقْري ومُلْكِكُم ... بمقادر ما بين الولاية
والعزلِ
195- الحسين بن أحمد بن عثمان بن شِيطَا2.
أبو القاسم البغداديّ البزّاز.
حدَّث عن: عليّ الشُّونِيزيّ، وأحمد بن جعفر الخُتّليّ.
قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان ثقة.
وسمعته يقول: كتبتُ بخطيّ إملاءً عَنْ أَبِي بَكْر الشّافعيّ، وأَبِي
عَلِيّ بْن الصَّوّاف.
196- الحسن بْن عُمَر بْن مُحَمَّد3.
أَبُو عَبْد الله البغداديّ العلّاف.
سمع: أبا بكر الشّافعيّ، وإسحاق النقّال.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة.
روى عنه: جعفر السّرّاج.
197- الحَسَن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم.
__________
1 تاريخ بغداد "7/ 362، 363"، الإكمال لابن ماكولا "7/ 7"، البداية
والنهاية "12/ 36".
2 تاريخ بغداد "8/ 15، 16"، المنتظم "8/ 78".
3 تاريخ بغداد "8/ 83"، والمنتظم "8/ 87".
(29/91)
القاضي أبو القاسم الأنباريّ، نزيل مصر.
مسند جليل.
سمع: أبا العبّاس بن عُتْبَة الرّازيّ ومحمد بن أحمد المسوّر، والحسن
بن رشيق.
وعنه: أبو نصر السِّجْزيّ، وأبو الوليد الدَّرْبَنْديّ، والحبَّال،
وغيرهم.
مات في ربيع الأوّل.
"حرف الرّاء":
198- رضوان بن محمد بن حسن1.
أبو القاسم الدّينَوَري.
حدَّث عن: محمد بن عِجْل الدّينَوَريّ صاحب الفِرْيابيّ، وأبي حفص
الكتّانيّ.
روى عنه: أبو بكر الخطيب.
"حرف السّين":
199- سعيد بن يحيى بن محمد بن سَلَمة2.
أبو عثمان التَّنُوخيّ، إمام جامع إشبيلية.
عن: ابن أبي زَمنين، وغيره.
وله تصانيف في القراءات وغيرها. وكان من مجودي القراء.
وروى عنه: ابن خَزْرَج.
"حرف العين":
200- عبد اللَّه بْن أَبِي بَكْر أحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن شاذان3.
أبو محمد الصَّيرفيّ، أخو أبي عليّ.
تُوُفّي بعد أخيه بسبعة أشهر. سمع من: أبي بكر القطيعي، ومن بعده.
__________
1 تاريخ بغداد "8/ 432".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 219".
3 تاريخ بغداد "9/ 398"، المنتظم "8/ 88".
(29/92)
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وقال: كان
صدوقًا.
201- عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن عَبْد اللَّه1.
أبو محمد الشّقّاق القُرْطُبيّ، الفقيه المالكيّ.
كبير المُفْتِين بقُرْطُبة.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قاسم القَلَعِيّ، وأبي
عمر أحمد بن عبد الملك بن المُكْوِيّ، وأبي محمد الأصيليّ.
قال أبو عُمَر بن مَهْديّ: كان فقيهًا جليلًا، أحفظ أهل عصره للمسائل
وأعرفهم بعقْد الوثائق.
وحاز الرّئاسة بقُرْطُبة في الشُّورى والفُتْيَا. وولي قضاء الرّدِّ
والوزارة، وكان يقرئ الناس بالقراءات، ويضْبطها ضبطًا عجيبًا. أخبرني
أنّه قرأ بها على أبي عبد الله محمد بن الحسين بن النُّعْمَان المقرئ.
وبدأ بالإقراء ابن ثمان عشرة سنة. وكان بصيرًا بالحساب والنَّحْو وغير
ذلك.
ولد سنة ست وأربعين وثلاثمائة. وتُوُفّي في ثامن عشرَ رمضان.
202- عبدُ الرحمن بن محمد بن رزْق2.
أبو مُعَاذ السِّجِسْتانيّ المزكّيّ.
حدَّث ببغداد عن: أبي حاتم محمد بن حِبَّان البُسْتيّ، وأبي سعيد عبد
الله بن محمد الرّازيّ، وجماعة.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وما علمت من حاله إلّا خيرًا.
203- عبد الواحد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن المَرْزُبان.
أبو طاهر الأصبهاني، سِبْط فادُوَيْه. تُوُفّي في ربيع الآخر.
204- عليّ بن الحُسين بن أحمد بن عبد الله بن بُكَيْر3.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 266، 267"، العبر "3/ 159، 160"، غاية النهاية
"1/ 420".
2 تاريخ بغداد "10/ 304".
3 تاريخ بغداد "11/ 401، 402".
(29/93)
أبو طاهر البغداديّ. سمع: القَطِيعي،
وجماعة. وعنه: الخطيب، وقال: كان صدوقًا.
"حرف الميم":
205- مُحَمَّد بْن الحافظ أَبِي بَكْر أَحْمَد بن موسى بن مَرْدُويَه.
الأصبهاني، أبو الحسين. تُوُفّي في جُمادى الأولى.
206- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عمّار.
أبو الفضل الهَرَويّ.
207- محمد بن رِزق الله بن عُبَيْد الله بن أبي عَمْرو1.
المَنينيّ، الأسود، خطيب مَنين.
سَمِعَ بدمشق من: أَبِي الْقَاسِم عَليّ بن يعقوب بن أبي العَقِب،
ومحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان، وأبي عليّ بن آدم، والحسين
بن أحمد بن أبي ثابت، وجماعة.
روى عنه: أبو الوليد الحسن الدَّرْبَنْديّ، وعبد العزيز الكتّانيّ،
وأبو القاسم المِصِّيصيّ، وغيرهم.
قال الدَّرْبَنْديّ: ولم يكن في جميع الشّام مَن يكتني بأبي بكر غيره.
وكان من الثّقات.
وقال الكتّانيّ: تُوُفّي في جُمَادى الأولى، وكان يحفظ القرآن بأحرُفٍ
حِفظًا حسنًا.
يُذْكر أنّ مولده سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. سمعه أبوه.
208- مُحَمَّدُ بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد بن أحمد بن
الحسين.
أبو عَمْرو الرَّزْجاهيّ البَسْطاميّ الفقيه الشّافعيّ الأديب
المحدَّث2.
__________
1 الأنساب "11/ 511"، مختصر تاريخ دمشق "22/ 160، 161"، معجم البلدان
"5/ 218".
2 تاريخ جرجان "462"، الأنساب "6/ 110"، سير أعلام النبلاء "17/ 504"،
شذرات الذهب "3/ 230".
(29/94)
تفقّه على الأستاذ سهل الصُّعْلُوكيّ مدّة،
وكتب الكثير عن: عبد الله بن عديّ، وأبي بكر الإسماعيليّ، وأبي عليّ بن
المغيرة، وأبي أحمد الغِطْريفيّ، وطبقتهم.
ووُلِد سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.
وكان يجلس لإسماع الحديث والأدب. وله حلقة بنَيْسابور.
روى عنه: البَيْهَقيّ، وأبو عبد الله الّثَقَفيّ، وأبو سعد بن أبي
صادق، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن أحمد الفُقَاعيّ، وآخرون.
وانتقل في آخر عمره إلى بِسْطام ومات بها في هذه السّنة في ربيع
الأوّل.
ورَزْجَاه: بفتح الرّاء، وقيل: بضمها، وهي من قرى بِسْطام.
وبِسطام بلدة بقُومِس.
209- محمد بن أبي تمام عليّ بن الحسن1.
نقيب النُّقباء، نور الهدى العبّاسيّ الزَّيْنبيّ. نقيب العبّاسيّين.
والد طرّاد الزّيْنبيّ وإخوته.
210- محمد بن عمر بن القاسم بن بِشْر2.
أبو بكر النَّرْسيّ، ويُعرف بابن عُدَيْسَة.
قال الخطيب: ثنا عن أبي بكر الشّافعيّ، وكان صدوقًا من أهل السنة. ولد
سنة أربعين وثلاثمائة.
211- محمد بن الفضل بن عمّار3.
أبو الفضل الهَرَويّ الفقيه المزكّيّ. روى الكثير عن: أبي الفضل بن
خميرويه، وطبقته.
212- محمد بن موسى4.
أبو عبد الله بن الفحام الدمشقي.
__________
1 الأنساب "6/ 346"، المنتظم "8/ 91"، البداية والنهاية "12/ 40".
2 تاريخ بغداد "3/ 37".
3 المنتخب من السياق "27/ 28".
4 مختصر تاريخ دمشق "23/ 270".
(29/95)
روى عن: أبي علي الحسين بن إبراهيم بن أبي
الرَّمْرام. سمع منه في سنة ثلاثٍ وستِّين.
وحدَّث عنه في سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة.
روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، واحمد بن أبي الحديد، وولده.
213- محمد بن ياسين بن محمد1.
أبو طاهر البغداديّ البزّاز المقرئ، المعروف بالحلبيّ.
من أعيان المقرئين.
قرأ على: أبي حفص الكتّانيّ، وأبي الفَرَج الشَّنَبُوديّ، وعلي بن محمد
العلّاف. وصنّف في القراءات.
أخذ عنه: عبد السّيّد بن عتّاب، وعليّ بن الحسين الطُّرَيْثيثيّ،
وجماعة.
تُوُفّي في ربيع الأوّل، وبقي يومين لا يُعلم به. رحمه الله.
"الكنى":
214- أبو الحسن بن الحدّاد المصريّ.
القاضي الشّافعيّ المصاحفيّ.
تُوُفّي في ربيع الأوّل. قاله أبو إسحاق الحبّال.
215- أبو الخيار الأندلسيّ الظَّاهريّ2.
واسمه مسعود بن سليمان بن مفلت الشَّنْتَرينيّ القُرْطُبيّ الأديب.
زاهد، خيّر، متواضع، كبير القدْر. كان لا يرى التقليد.
وقد ذكره أبو محمد بن حزْم، وأثنى عليه فقال في كتاب "إرشاد المسترشد":
لقد كان لأهل العلم وابتغاء الخير في الشّيخ أبي الخيار معتَقَدٌ قويٌ
ومقصد كاف، نفعه الله بفضله وبعلمه وصدعه بالحق، ورفع بذلك درجته.
__________
1 الوافي بالوفيات "5/ 181"، غاية النهاية "2/ 276"، معجم المؤلفين
"13/ 97".
2 جذوة المقتبس "350"، الصلة لابن بشكوال "2/ 617، 618".
(29/96)
وفيات سنة سبع وعشرين وأربعمائة":
حرف الألف":
216- أحمد بن الحَسَن بن عليّ بن محمد.
أبو الأشعث الشّاشيّ، رحمه الله.
217- أحمد بن محمد بن إبراهيم1.
أبو إسحاق النَّيْسابوري الثَّعْلبيّ، صاحب "التّفسير".
كان أوحد زمانه في علم القرآن، وله كتاب العرائس في قصص الأنبياء.
قال السَّمَعانيّ: يقال له الثَّعْلبيّ والثَّعالبيّ، وهو لقبٌ لا
نَسَب.
روى عن: أبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزَيْمة، وأبي محمد المخلدي، وأبي
بكر بن هانئ، وأبي محمد بن الرومي، والخفاف، وأبي بكر بن مهران المقرئ،
وجماعة.
وكان واعظا حافظا عالما، بارعا في العربية، موثقا.
أخذ عنه: أبو الحسن الواحدي.
وقد جاء عن أبي القاسم القُشَيْريّ قال: رأيت ربّ العزَّة في المنام
وهو يخاطبني وأخاطبه، فكان في أثناء ذلك أن قال الرّبُّ جلَّ اسمه:
أقبلَ الرّجل الصالح. فالتفتُّ فإذا أحمد الثعلبي مقبل.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: تُوُفّي في المحرّم. ثمّ ذكر المنام.
218- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه الْجُرْجَانيّ
البيِّع.
المعروف بالسني. روى عن: أبي بكر الإسماعيليّ. روى عنه: أبو مسعود
البَجَليّ.
219- أحمد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله.
أبو سعْد المُحَمَّدَاباذيّ، الحافظ.
__________
1 سير أعلام النبلاء "17/ 435-437"، الوافي بالوفيات "7/ 307، 308"،
البداية والنهاية "12/ 40".
(29/97)
كهل، فاضل، معتني بالحديث، مجتهد في تكثير
السماع.
روى عن: أبي الفضل الفامي، وأبي محمد المخلدجي، والحورميّ، وأبي الحسن
عليّ بن عمر الحربيّ، وموسى بن عيسى السّرّاج، وابن لال، وطبقتهم.
تُوُفّي في سلْخ رجب.
220- أحمد بن عليّ1.
أبو جعفر الأزْديّ القَيْروانيّ، الشّافعيّ المقرئ.
رحل، وقرأ القراءات على أبي الطيب بن غلبون. وأقرأ الناس.
221- أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن
الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن مَخْلَد.
أبو نصر المَخْلَديّ النَّيْسابوريّ. تُوُفّي في شعبان.
سمع: ابن نُجَيْد، وأبا عَمْرو بن مطر، وأبا القاسم النَّصْراباذيّ،
وأبا سهل الصُّعْلُوكيّ.
وببغداد: أبا الفضل الزُّهْريّ. أخذ عنه خلْقٌ.
222- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن موسى القَزْوينيّ.
أبو القاسم.
روى عن: محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وجدّه أبي مسلم بن أبي صالح.
سمع منه: أبو الفتح الحدّاد، وجماعة بإصبهان.
223- إسماعيل بن سعيد بْن محمد بن أحمد بْن شُعيب2.
أبو سعيد الشّعَيْبيّ النَّيْسابوريّ، المحدِّث.
سمّعه أبوه الكثير، ولم يُعمَّر. وحدَّث بهَراة.
وانتخب عليه: أبو الفضل الجارودي.
وحدَّث عن: أبي عمر بن حمدان، وأبي أحمد الحافظ، وطبقتهما.
__________
1 غاية النهاية "1/ 91".
2 الإكمال لابن ماكولا "5/ 133"، الأنساب "7/ 347، 348"، المنتخب من
السياق "130".
(29/98)
روى عنه: الحسن بن أبي القاسم الفقيه،
وغيره.
تُوُفّي في أواخر رمضان، وقد كتب الكثير بخطِّه.
"حرف التّاء":
224- تُرَاب بن عُمَر بن عُبَيْد1.
أبو النُّعْمَان المصريّ الكاتب.
روى عن: أبي أحمد بن النّاصح، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وغيرهما.
روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو الحسن الخِلَعيّ،
وجماعة.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر، وَلَهُ خمسٌ وثمانون سنة.
"حرف الحاء":
225- حمزة بْن يوسف بْن إبْرَاهِيم بْن مُوسَى بْن إِبْرَاهِيم بْن
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد الله2.
القُرشيّ السَّهّميّ، من ولد هشام بن العاص.
أبو القاسم بن أبي يعقوب الْجُرْجَانيّ الحافظ، المحدِّث ابن المحدَّث.
أوّل سماعه بجُرْجان في سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة من أبي بكر محمد بن
أحمد بن إسماعيل الصّرّام، وأوّل رحلته سنة ثمانٍ وستين. رحل إلى
إصبهان، والرّيّ، وهَمَدان، وبغداد، والبصرة، ومصر، والشّام، والحجاز،
والكوفة، وواسط، والأهواز.
روى عن: عبد الله بن عدي، وأبي بكر الإسماعيليّ، وأبي محمد بن ماسي،
وأبي حفص الزَّيّات، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ،
وأبي بكر أحمد بن عَبْدان الشِّيرازيّ، وأبي محمد بن غلام الزُّهْريّ،
والوزير أبي الفضل جعفر بن حِنْزَابة، وأبي زُرْعة محمد بن يوسف
الكشّيّ، وأبي بكر محمد بن إسماعيل الوراق،
__________
1 العبر "3/ 161"، سير أعلام النبلاء "17، 502"، حسن المحاضرة "1/
373".
2 المنتظم "8/ 87، 88"، العبر "3/ 161"، سير أعلام النبلاء "17/
469-471"، الوافي بالوفيات "13/ 176".
(29/99)
وأبي زُرْعة أحمد بن الحسين الحافظ، وعبد
الوهّاب الكِلابيّ الدّمشقيّ، وميمون بن حمزة المصريّ، وآخرين.
روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وأحمد بن عبد الملك المؤذّن، وأبو
القاسم القُشَيْريّ، وإسماعيل بن مَسْعَدَة الإسماعيليّ، وإبراهيم بن
عثمان الْجُرجَانيّ، وأبو بكر أحمد بن عليّ بن خلف الشيرازي، وعلي بن
محمد الزبحي، وغيرهم.
وصنِّف التّصانيف، وتكلّم في الجرح والتّعديل. وقيل: تُوُفّي سنة
ثمانٍ.
"حرف الظّاء":
- الظّاهر1.
الخليفة صاحب مصر ابن الحاكم. فيها تُوُفّي كنا يأتي. اسمه عليّ.
"حرف العين":
226- عَبْد الرحيم بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه2.
القاضي المختار أبو سعد الإسماعيليّ السّرّاج الحنفيّ.
ولي القضاء باختيار المشايخ له، فلَذا قيل له: المختار. روى عن: أبي
الحسن السّرّاج، وأحمد بن محمد بن شاهُوَيْه القاضي، وأبي الفتح
القواس، والبغداديين. وعنه: أبو صالح المؤذن.
227- عبد العزيز بن علي3.
أبو عبد الله الشهرزوري. قدم الأندلس في آخر عمره، وكان شيخا جليلا،
آخذا من كل علمٍ بأوفر نصيب؛ وكانت علوم القرآن، وتعبير الرؤيا أغلب
عليه.
روى عن: أبي زيد المروزيّ، وأبي بكر الأَبْهريّ، والحسن بن رشيق، وابن
الورد، وأبي بكر الأدفوي، وأبي أحمد السامري.
__________
1 يأتي برقم "234".
2 المنتخب من السياق "321".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 375، 376".
(29/100)
وركب البحر منصرفًا إلى المشرق، فقتلته
الرّوم في البحر في سنة سبعٍ وعشرين، وقد قارب المائة سنة.
قال ابن خزرج: أجاز لي ما رواه بخطّه بدانية.
228- عبد العزيز بن أحمد بن السّيّد بن مُغَلِّس1.
أبو محمد الأندلسيّ اللُّغَويّ النَّحْويّ، نزيل مصر. قرأ على: صاعد بن
الحسن الرَّبعِيّ.
ودخل بغداد. وكان بينه وبين إسماعيل بن خَلَف مصنَّف العُنْوان معارضات
في قصائد موجودة في ديوانيهما.
تُوُفّي في جُمَادَى الأولى، وصلّى عليه ابن إبراهيم الحَوْفيّ صاحب
"التّفسير".
ومن شعره:
مريضٌ الجُفون بلا علّةٍ ... ولكنّ قلبي به مُمْرضُ
أعاد السّهامَ على مُقلتي ... بِفَيْضِ الدُّموعِ فما تُغمَضُ
229- عبد القاهر بن طاهر2.
أبو منصور البغداديّ، أحد الأئمة.
سكن خُرَاسان، وتفنَّن في العلوم حتّى قيل: إنّه كان يعرف تسعة عشر
علمًا. مات رحمه الله بإسْفرايين. ورَّخه القِفْطيّ.
230- عقيل بن الحسين بن محمد بن عليّ السّيّد الفَرْغانيّ3.
أبو العبّاس. محتشم ذو مال. نَسَوي المَوْلِد، فرغانيّ المنشأ. حدَّث
عن: أبي المفضل بن عبد الله الشَّيبانيّ، وحجّ مراتٍ. وتُوُفّي
بزَنْجان.
231- عليّ بن الحسين بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن4.
__________
1 جذوة المقتبس "288"، سير أعلام النبلاء "17/ 541"، بغية الوعاة "2/
98".
2 سير أعلام النبلاء "17/ 572، 573"، البداية والنهاية "12/ 44"، معجم
المؤلفين "5/ 309".
3 المنتخب من السياق "400".
4 العبر "3/ 162"، سير أعلام النبلاء "17/ 502-504"، شذرات الذهب "3/
185".
(29/101)
قال شيرُوَيه: سمع عامّة مشايخ هَمَدان،
ومشايخ العراق، وخُراسان، روى عن: أبي الحسن محمد بْن أحمد بْن
رَزْقُوَيْه، وأبي الحُسين بْن بشران، وأبي بكر أحمد بن الحسن الحيري،
وطبقتهم. ثنا عنه الحسني، والميداني.
وكان حافظا متقنا، يحسن هذا الشأن جيدا جيدا، جمع الكثير وصنف الكتب،
وصنف كتاب الطبقات الموسوم "بالمنتهى في الكمال في معرفة الرجال"، ألف
جزء.
ومات بنيسابور قديما. وما متع بعلمه. قال شيرويه: سمعتُ حمزة بن أحمد
يقول: سمعت شيخ الإسلام الأنصاريّ يقول: ما رأت عيناي من البشر أحفظ من
أبي الفضل الفلكيّ. وكان صوفيًّا مشمّرًا. قلت: تُوُفْي بنَيْسابور في
شعبان، وقيل: توفي سنة ثمان.
وأمّا نسبته إلى الفَلَكيّ فكان جدُّه بارعًا في علم الحساب والفَلَك،
فقيل له الفَلَكيّ. وكان هَيُوبًا مُحتَشمًا، ذكرنا وفاته في سنة 384.
232- عليّ بن عيسى.
أبو الحسن الهَمَدانيّ الكاتب. حدَّث بمصر بانتقاء أبي نصر السِّجَزيّ.
233- عليّ بن محارب بن عليّ.
أبو الحسن الأنطاكيّ. المقرئ المعروف بالسّاكت.
قرأ القرآن على: الهيثم بن أحمد الصّبّاغ، وأبي طاهر محمد بن الحسن
الأنطاكيّ.
قرأ عليه: المحسّن بن طاهر المالكيّ، وغيره. وكان خيِّرًا صالحًا.
234- عليّ بن منصور بن نزار بن مَعَدّ بن إسماعيل بن محمد بن عُبَيْد
الله العُبَيْديّ1.
صاحب مصر المُلقَّب بالظّاهر لإعزاز دين الله. أبو هاشم أمير المؤمنين
ابن الحاكم بن العزيز بن المعزّ، الّذين يدّعون أنهم فاطميّون ليربطوا
عليهم بذلك الرّافضة.
بايعوا الظّاهر بمصر لمّا قُتِل أبوه في شوال سنة إحدى عشرة وأربعمائة،
وهي
__________
1 المنتظم "8/ 90"، سير أعلام النبلاء "15/ 184-186"، النجوم الزاهرة
"4/ 274، 275".
(29/102)
والشام وإفريقية في حكم أبيه، فلما قدم
الظّاهر طمع مَن طمع في أطراف بلاده، فقصد صالح بن مرداس الكِلابيّ حلب
وبها مرتضى الدّولة بن لؤلؤ الحمدانيّ نيابة عن الظّاهر المذكور،
فحاصرها صالح وأخذها. وتغلّب حسّان بن مفرّج البَدَويّ صاحبُ الرملة
على أكثر الشام.
وتضعضت دولة الظّاهر.
واستوزر الوزير نجيب الدّولة عليّ بن أحمد الْجَرْجرائيّ، كما استوزره
فيما بعد ابنه المستنصر إلى أن مات سنة ستٍّ وثلاثين وأربعمائة، وكان
من بيت حشْمة ووزارة. وكان أقْطعَ اليَدَين من المِرْفَقين، قطعهما
الحاكم لكونه خان في سنة أربع وأربعمائة. وكان يكتب عنه العلّامة
الْقَاضِي أبو عبد الله القُضاعيّ، وهي "الحمد لله شُكرًا لنعمته".
"حرف الفاء":
235- فاطمة بنت زكريّا بن عبد الله الكاتب المعروف بالشبلاريّ مولى بني
أميه1.
كانت جزلة مختلصة، استكملت أربعًا وتسعين سنة.
نَسَخت كُتُبًا كِبارًا وماتت بِكْرًا، ودُفِنَتْ بمقبرة أمّ سَلِمَة
بقُرْطُبة.
"حرف الميم":
236- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن يحيى بن سخْتَوْيه بن
عَبْد اللَّه2.
المُحَدِّث أَبُو عَبْد اللَّه ابن المحدّث المزكّيّ أبي إسحاق
النَّيْسابوريّ. أحد الإخوة الخمسة، وأصغرهم.
حدَّث عن: والده أبي إسحاق المزكّيّ، وأبي عليّ الرّفّاء، ويحيى بن
منصور القاضي، وأبي العبّاس محمد بن إسحاق الصِّبْغيّ، وأبي عَمْرو بن
مطر، وأبي بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبي بحر البَرْبِهاريّ، وأبي بكر
الطلحي الكوفي، وطبقتهم.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 694".
2 المنتخب من السياق "32"، سير أعلام النبلاء "17/ 551، 552"، الوافي
بالوفيات "1/ 350".
(29/103)
خرَّج له الحافظ أحمد بن عليّ بن منجويه،
وأبو حازم العبدوييّ. وكان صحيح السّماع.
قال عبد الغافر الفارسيّ: كان والدي يتأسّف على فوات السّماع منه. وقد
أنبأ عنه: أخوالي أبو سعْد، وأبو سعيد، وأبو منصور، ونافع بن محمد
الأبِيَوَرديّ، والشَّقَّانيّ، وأبو بكر محمد ابن أخيه يحيى، وعليّ بن
عبد الرحمن العُثْمانيّ.
قلت: وأبو سعد علي بْن عَبْد اللَّه بْن أبي صادق، وعبد الغفار بن محمد
الشيروي، وآخرون.
237- محمد بن إبراهيم بن أحمد1.
أبو بكر الأرْدَستانيّ الحافظ.
سمع: أبا القاسم بن حبابة، وأصحاب البَغِويّ، وابن صاعد.
روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ. وقيل: إنّه تُوُفّي سنة أربعَ وعشرين
كما تقدَّم.
238- محمد بن الحسين بن عُبَيْد الله بن حمدون2.
أبو يَعْلَى بن السّرّاج الصَّيْرَفيّ. سمع: أبا الفضل عُبَيْد الله
الزُّهْريّ. وثّقه الخطيب، وقال: كان أحد القرّاء بالقراءات والنُّحاة،
له مصنّف في القراءات. وُلِد سنة 383.
239- مُحَمَّد بْن عليّ بْن عَبْد اللَّه بْن سهل بن طالب3.
أبو عبد الله النَّصِيبيّ، ثمّ الدّمشقيّ المؤدِّب.
روى عن: الفضل المؤذن، والمَيَانِجِيّ.
روى عنه: أبو سعد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ وقال: كان ثقة، كتب
الكثير ولم يكن يفهم شيئًا.
240- محمد بن عمر بن يونس الجصاص4.
__________
1 تقدم برقم "141".
2 تاريخ بغداد "2/ 251".
3 مختصر تاريخ دمشق "23/ 113".
4 تاريخ بغداد "3/ 37، 38".
(29/104)
سمع: أبا عليّ بن الصّوّاف، وأبا بكر بن
خلْاد النَّصِيبيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة دَيِّنًا. تُوُفّي في المحرّم ببغداد.
روى عنه: أبو ياسر محمد بن عبد العزيز. يُكنَّى: أبا الفَرَج.
241- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عبد الوهّاب.
النّقيب أبو الحسن بن أبي تمّام الهاشميّ العبّاسيّ الزَّيْنبيّ، والد
أبي تمّام محمد، وأبي منصور محمد، وأبي نصر محمد، وأبي الفوارس طراد،
ونور الهدى الحسين.
وُلِد سنة أربعٍ وستين وثلاثمائة.
وسمع من: أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، وغيره.
وولي نقابة السّادة الهاشميّين بالعراق فِي سنة أربعٍ وثمانين في ذي
الحجّة، وله عشرون سنة بعد وفاة والده.
روى عنه: أبو الفضل محمد بن العزيز بن المهديّ في مشيخته. وقال: سمعته
يقول: لم يكن لأبي ولدٌ غيري.
242- مُحَمَّد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
زكريّا1.
أبو نصر بن الْجَوْزقيّ. تُوُفّي في جُمَادَى الأولى. سمع: أبَوي
عَمْرو: ابن مطر، وابن نُجَيْد.
روى عنه: أبو سعيد بن القُشَيريّ، وأبو صالح المؤذّن.
243- محمد بن يحيى بْن الحسن بْن أحمد بْن عليّ بْن عاصم2.
أبو عَمْرو الجوريّ المحتسِب. تُوُفّي في رمضان بخُراسان.
244- منصور بن رامش بن عبد الله بن زيد3.
أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. حدَّث بخُراسان، وبغداد، ودمشق.
عن: عُبَيْد الله بن محمد الفاميّ، وأبي محمد المَخْلَديّ، وأبي الفضل
عبيد الله
__________
1 المنتخب من السياق "33/ 37".
2 تاريخ بغداد "1570"، المنتخب من السياق "41، 42".
3 تاريخ بغداد "3/ 86"، سير أعلام النبلاء "17/ 540".
(29/105)
الزُّهْريّ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ،
وأبي الطّيّب محمد بن الحسين التَّيملِيّ الكوفيّ، وطبقتهم.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتّانيّ، وأبو عبد الله بن أبي
الحديد، ومحمد بن عليّ المطرّز، وأبو الفضل بن الفُرات، وجماعة. وكان
صدرًا نبيلًا محدَّثًا ثقة.
قال أحمد بن عليّ الأصبهاني: وجّه الرّئيس منصور بن رامش وقَرأ من
مسموعاته بالعراق انفرد برواية أكثرها.
وقال عبد الغافر الفارسيّ: منصور بن رامش، أبو نصر السّلار الرّئيس
الغازي، رجلٌ من الرّجال، وداهٍ من الدُّهاة، ولي رئاسة نَيْسابور في
أيّام محمود، وتزَيَّنَتْ نَيْسابور بعدله وإنصافه، ثمّ خرج حاجًّا
وجاورَ بمكّة سنتين. ثمّ عاد فولي أيضًا الرّئاسة، فلم يتمكن من العدل،
فاستعفى ولزِم العبادة. كان ثقة. تُوُفّي في رجب.
"حرف الهاء":
245- هشام بن محمد بن عبد الملك بْن الناصر لدين اللَّه1 عَبْد
الرَّحْمَن بْن محمد المعتدّ بالله.
أبو بكر الأُمويّ المَرْوانيّ الأندلسيّ.
لمّا قُطِعت دعوة يحيى بن عليّ بن حَمُّود الإدريسيّ ثاني مرّة من
قُرْطُبة أجمعوا على ردّ الأمر إلى بني أُمَيّة لأنهم ملوك الأندلس من
أوّل ما فُتحت الأندلس.
وكان عميد قُرْطُبة هو الوزير جَهْوَر بن محمد بن جَهْوَر، فاتّفق مع
الأعيان على مبايعة هشام. وكان مقيمًا بالبُونت عند المتغلِّب عليها
محمد بن عبد الله بن قاسم. فبايعوه في ربيع الأوّل سنة ثمان عشرة،
ولُقِّب بالمعتدّ بالله. وكان كَهْلًا، وُلِد سنة أربع وستِّين
وثلاثمائة، فبقي متردّدًا في الثُّغُور سنتين وعشرة أشهر، وثارت هناك
فتنٌ كثيرة واضطرابٌ شديد، فاتّفق رأي الرّؤساء على تسييره إلى قَصَبة
المُلْك قُرْطُبة، فدخلها في ليلة عَرَفَة، ولم يقم إلّا يسيرًا حتّى
قامت عليه طائفة من الْجُنْد، فخُلع. وجرت أمورٌ طويلة، وأُخرج من
القصر هو وحاشيته وحريمه، والنِّساء حاسرات عن
__________
1 جذوة المقتبس "27-30"، الكامل في التاريخ "9/ 282"، سير أعلام
النبلاء "17/ 139".
(29/106)
وجوههنّ، حافيةً أقدامهنّ، إلى أن دخلوا
الجامع، فبقوا هناك أيّامًا، ثمّ أُخرجوا عن قُرْطُبة. ولحِق المعتدّ
بالله بابن هود المتغلب على سرقسطة، ولاردة، وطرطوشة، فأقام في كنفه
إلى أن مات سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة. آخر ملوك بني أمية في الأندلس.
246- الهيثم بن محمد بن عبد الله.
أبو أحمد الأصبهاني الخرّاط. سِبْط المذكّر. روى عنه: أبي القاسم
الطَّبْرانيّ، روى عنه: ابن بِشْرُوَيْه، وجماعة.
"حرف الياء":
247- يحيى بن عليّ بن حَمُّود1.
العلويّ الإدريسيّ الأمير، الملقَّب بالمعتلي. توثّب على عمّه القاسم
بن حَمُّود، وزحف بالْجُنود من مالقة وملك قُرْطُبة. ثمّ اجتمع للقاسم
أمره وحشد واستمال البربر، وزحف بهم، ودخل قُرْطُبة سنة ثلاث عشرة.
فهرب المعتلي إلى مالَقَه.
ثمّ اضطربَ أمرُ القاسم بعد قليل، وتغلّب المعتلي على الجزيرة الخضراء.
وأُمّه علويّةٌ أيضًا.
وتَسَمّى بالخلافة وقوي أمره، وملك قُرْطُبة ثانيةً، وتسلَّم الحُصُون
والقِلاع قبل سنة عشرين وأربعمائة. ثمّ إنّه سار إلى إشبيلية فنازلها
وحاصرها، ومدبِّرْ أمرها حينئذٍ القاضي أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن
عَبّاد اللَّخْميّ، فخرج عدّة فرسان من إشبيلية للقتال، فساق لقتالهم
المعتلي بنفسه وهو مخمورٌ فقتله. وذلك في المحرّم. وقام بعده ابنه
إدريس.
وفيات سنة ثمان وعشرين وأربعمائة:
"حرف الألف":
248- أحمد بن حَرِيز بن أحمد حريز.
القاضي أبو بكر السَّلَمَاسِيّ. قدِم دمشق للحج، وحدَّث عن: أبي بكر بن
__________
1 تاريخ حلب "332"، الكامل في التاريخ "9/ 274-279"، سير أعلام النبلاء
"17/ 137-139".
(29/107)
شاذان، وأبي حفص بن شاهين، وكوهيّ بن
الحسن، والحسن بن أحمد اللِّحْيَانيّ. روى عنه: أبو الحسن بن أبي
الحديد، وابنه الحسن، وأبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ. وسمعوا
منه في هذه السّنة.
249- أحمد بن أبي عليّ الحسن بن أحمد1.
أبو الحسين الأصبهاني الأهوازيّ الجصّاص. نزيل بغداد. روى "تاريخ
البُخَاريّ" عن أحمد بن عَبْدان الحافظ. وسماعه له صحيح فقط، وما عداه
ففيه شيء.
والصّحيح أنّ اسمه "محمد" كما سيأتي.
250- أحمد بن سعيد بن عبد الله بن خليل2.
أبو القاسم الأُمويّ الإشبيليّ المُكْتِب سمع من: أبي محمد الباجيّ.
وصحِب المقرئ أبا الحسن الأنطاكيّ. واعتنى بالعلم. وكان رجلًا صالحًا
يعقد الوثائق. تُوُفّي في رجب.
251- أحمد بن سعيد بن عليّ3.
أبو عَمْرو الأنصاريّ القناطِريّ القُرْطُبيّ، رحل وأخذ عن: أبي محمد
بن أبي زيد، وأبي جعفر الداودي، وكان منقبضًا متصونًا. حدَّث عنه: ابن
خزرج. توفي بأشبيليه.
252- أحمد بن عليّ بن محمد بن إبراهيم بن منجويه4.
الحافظ أبو بكر الإصبهاني اليزدي. نزيل نيسابور. إمام كبير، وحافظ
مشهور، وثقة صدوق.
صنف كتبًا كثيرة. وروى عن: أبي بكر الإسماعيليّ، وإبراهيم بن عبد الله
النَّيْسابوريّ الأصبهاني، وابن نُجَيْد، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي
مسلم عبد الرحمن بن
__________
1 يأتي برقم "278".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 42".
2 الصلة لابن بشكوال 1/ 43".
4 سير أعلام النبلاء "17/ 438-441"، الوافي بالوفيات "7/ 217"، الأعلام
"1/ 165".
(29/108)
محمد بن شَهْدَل، وأبي عبد الله بن
مَنْدَهْ، وخلْق كثير. ورحل إلى بُخَارى، وسَمَرْقَنْد، وهَرَاة،
وجُرْجَان، وإلى بلده أصبهان، وإلى الري.
روى عنه: أبو إسماعيل كبير هَرَاة، وأبو القاسم عبد الرحمن بن
مَنْدَهْ، والحسن بن تَغْلِب الشّيرازيّ، وسعيد البقّال، وعليّ بن أحمد
الأَخْرم المؤذّن، وخلْق مِنَ النَّيْسابوريّين كالبَيْهَقيّ،
والمؤذّن، والحافظ أبو بكر الخطيب.
قال أبو إسماعيل الأنصاريّ: أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن محمد بن
إبراهيم أحفظ مَن رأيت مِن البشر. وقال: رأيت في حَضَري وسَفَري
حافِظًا ونصف حافظ، أمّا الحافظ فأحمد بن عليّ، وأمّا نصف الحافظ
فالجاروديّ.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كتب عنده عمُّنا عبد الرحمن بن مَنْدَهْ الإمام
كتاب "السُّنَّة" له، على كتاب أبي داود السِّجِسْتاني، وغيره، وكان
يُثني عليه ثناءً كثيرًا. وقال: سمعت من المُسْنَدات الثّلاثة للحَسَن
بن سُفْيَان. قلت: تُوُفّي يوم الخميس خامس المحرّم بنَيْسابور، وله
إحدى وثمانون سنة.
صنّف على البخاريّ، ومسلم، والتِّرْمِذيّ، وأبي داود.
253- أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عيسى. أَبُو بَكْر البَلَويّ
القُرْطُبيّ1، ويُعرف بابن المِيراثيّ. محدَّث حافظ.
روى عن: سعيد بن نصر. وأحمد بن قاسم البزّاز. وحج فسمع من: أبي يعقوب
يوسف بن الدخيل، وأبي القاسم عبيد الله السقطي. وبمصر من: أبي مسلم
الكاتب، وأبي الفتح بن سيبخت. ولما رأى عبد الغني بن سعيد الحافظ حذقه
واجتهاده لقبه غندارا، وانصرف إلى الأندلس، وروى بها. حدَّث عنه: ابن
عبد الله الخولاني، وأبو العباس العذري، وأبو العباس المهدوي، وأبو
محمد بن خزرج وقال: تُوُفّي في حدود سنة ثمانٍ وعشرين وأربعمائة. وكان
مولده في سنة خمسٍ وستّين.
254- أحمد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جَعْفَر بْن حمدان2.
__________
1 جذوة المقتبس "114"، سير أعلام النبلاء "17/ 574"، الوافي بالوفيات
"8/ 75".
2 تاريخ بغداد "4/ 377"، المنتظم "8/ 91"، الكامل في التاريخ "9/ 456"،
سير أعلام النبلاء "17/ 574"، البداية والنهاية "12/ 40".
(29/109)
الإمام أبو الحسين الحنفيّ، الفقيه
البغداديّ المشهور بالقُدُورِيّ. قال الخطيب: لم يحدَّث إلّا بشيءٍ
يسير. كتب عنه، وكان صدوقًا. وانتهت إليه بالعراق رئاسة أصحاب أبي
حنيفة رحمه الله، وعظُمَ قدره، وارتفع جاهه. وكان حَسَن العبارة في
النَّظَر، جريء اللّسان، مُدِيمًا للتّلاوة.
قلت: روى عن: عُبَيْد الله بن محمد الحَوْشبيّ صاحب ابن المجدّر، ومحمد
بن عليّ بن سُوَيْد المؤدِّب. روى عنه: الخطيب، وقاضي القضاة أبو عَبْد
اللَّه مُحَمَّد بْن علي الدامغاني. وصنف "المختصر" المشهور في مذهبه.
وكان يناظر الشيخ أبا حامد الإسفرائيني. ولد سنة اثنتين وستين
وثلاثمائة. وتوفي في خامس رجب ببغداد، ودفن في داره رحمه الله، ولا
أدري سبب نسبته إلى القدور.
255- إبراهيم بن محمد بن الحسن1. أبو إسحاق الأرموي. محدَّث كبير. خرج
على "الصحيح".
وسمع من: أبي الغطريفي، وعبد الله بن أحمد الفقيه صاحب الحسن بن
سُفْيَان، وأبي طاهر بن خزيمة، الجوزقيّ.
وكان أُصُوليًّا متفنِّنًا، طاف وجدّ، وجمع كثيرًا من الأصول والمسانيد
والتّواريخ. ولم يروِ إلّا القليل. تُوُفّي بنَيْسابور في شوّال
كَهْلًا. روى عنه: أبو القاسم القُشَيريّ، وابنه عبد الله.
256- إسحاق بْن إِبْرَاهِيم بْن مَخْلَد بْن جَعْفَر الباقَرْحيّ2. أبو
الفضل.
سمع: إسحاق بن سعْد النَّسَويّ، والقاضي الأبْهَريّ. وعنه: أبو بكر
الخطيب. وقال: صدوق.
257- إسماعيل بن الشّيخ أبي القاسم إبراهيم بن محمد بن مَحْمُوَيْه3.
أبو إبراهيم النصراباذي النيسابوري، الصوفي الواعظ. خلف أباه، وسمع:
أباه، وأبا عَمْرو بن نُجَيْد، وأبا بكر الإسماعيليّ. وعبد الله بن عمر
بن عَلّك الجوهريّ، وأبا بكر القَطِيعيّ، وأبا محمد بن السَّقّا
الواسطيّ، وخلْقًا. وأملى مدّةً بنَيّسابور،
__________
1 المنتخب "122".
2 تاريخ بغداد "6/ 404"، الأنساب "2/ 49، 50"، الكامل في التاريخ"9/
461".
3 المنتخب "129".
(29/110)
وانتشر حديثه. روى عنه: عبد الله، وعبد
الواحد ابنا القُشَيريّ، وجماعة. وتُوُفّي في المحرّم.
258- إسماعيل بن رجاء بن سعيد1.
أبو محمد العَسْقَلانيّ المقرئ. قرأ القرآن على: أبي الحسن محمد بن
أحمد المَلَطيّ، وأبي عليّ الأصبهاني، وفارس بن أحمد. وسمع من جماعة
منهم: محمد بن أحمد الحُنْدُريّ روى عنه الخِلَعيّ كثيرًا.
"حرف الجيم":
259- جعفر بن محمد بن الحسين2.
أبو محمد الأَبْهَريّ، ثمّ الهَمَذانيّ الزّاهد. قال شِيرُوَيْه: وحيد
عصره في عِلم المعرفة والطّريقة، والزّهد في الدّنيا. حَسَن الكلام في
المعرفة، بعيد الإشارة، مراعيا لشرائط المذهب، دقيق في النَّظر في علوم
الحقائق. روى عن: صالح بن أحمد وجبريل، وابن بشّار وعليّ بن الحسن بن
الرّبيع الهمذانيين وعلي بن أحمد بن صالح القزويني، ومحمد بن إسحاق بن
كيسان القزويني، ومحمد بن أحمد بن المفيد الجرجرائي، ومحمد بن المظفر
الحافظ.
رحل وطوف. ثنا عنه: محمد بن عثمان، وأحمد بن طاهر القومساني، وأحمد بن
عمر، وعبدوس، ونجيد بن منصور خادمه، وعامة المشايخ بهمذان. وكان ثقة،
صدوقا، عارفا، له شأن وخطر، وآيات وكرامات ظاهرة. وصنف أبو سعيد بن
زكريا كتابًا في كراماته ما رأى من وما سمع منه.
سمعتُ أبا طالب عليّ الحَسَنيّ: سمعت حسّان بن محمد بن زيد بقرميسين:
سمعت نضر بن عبد الله قال: اجتمعت وأنا وجعفر الأبهري ورجل بزاز عند
الشيخ بدران بن جشمين، فسألناه أن يُرِينَا أَنْفُسَنَا. فأَصْعَدَنا
إلى غرفة وشرط علينا أنّ لا يخدم بعضنا بعضًا، وكان يناول كل منّا
كُوزًا، فبقينا سبعةَ عشرَ يومًا، فشكا البزاز الجوعَ، فقال له: انزِل
فقد رأيت نفسك. فلمّا اثنين وعشرين يومًا سقطتُ أنا ولم أدْرِ، فقال:
هذا صفر مر، اشتغل فقد رأيت نفسك.
__________
1 تاريخ دمشق "5/ 212"، تهذيب تاريخ دمشق "3/ 19، 20"، غاية النهاية
"1/ 164".
2 سير أعلام النبلاء "17/ 576، 577".
(29/111)
وبقي جعفر أربعين يومًا، فجمع له الشّيخ
بدران النَّاسَ لإفطاره، فلمّا وَضَعَ المائدة قام جعفر وقال: اعْفِني
من الطَّعام فما بي جوع. وصَعِد إلى الغُرفة أيضًا عشرة أيّامٍ، ثمّ
شكا الجوع فجمع النّاس لإفطاره، ثمّ قال: من أين علمت أنّك لم تكن
جائعًا في الأوّل؟
قال: لأنّي لمّا رأيت الخُبز الحواريّ والخُشْكار على الخِوان فكنت
أفرّق بينهما، فلو كان بِيَ جُوعٌ لَمَا ميّزتُ بين الطّعامين.
قال أبو طالب: فذكرت هذه الحكاية لجعفر، فكان يُلبّس عليَّ أمرَها
ويضرب الحديث بعضه بعض إلى أن تحقّقت صدَق الحكاية في تضاعيف كلامه.
قال شِيرُوَيْه: وسمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت جعفر يَقُولُ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المنام
تسع عشرة مرّة في مسجدي هذا، فكان يوصيني كلَّ مرة بوصية، فقال لي في
المرة الأولى: يا جعفر، لا تكن رأس، أبي لا تمش قُدّام النّاس.
سمعتُ أبا يعقوب الورّاق: سمعتُ عبد الغفّار بن عُبَيْد الله الإمام
يقول: قال جعفر الأَبْهَريّ: كان شيخ لنا بأَبْهَر يقرأ شيئًا على كلّ
مريض فيبرأ، فإذا سأله النّاس عنه لم يخبرهم. فَرَأَيْتُ رَسُولَ
اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النوم فقال: أنّ الذي
يقرؤه شيخك على النّاس: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى
اللَّهِ} [إبراهيم: 12] إلى آخر الآية. فأخبرتُ شيخي بذلك فقال: مُرْ،
فإنّك أهلٌ لذلك. تُوُفّي فِي شوّال عن ثمانٍ وسبعين سنة، وقبره يُزار
ويُبجَّل غاية التَّبجيل.
"حرف الحاء":
260- الحسن بن شهاب بن الحسن بن عليّ1.
أبو عليّ العُكْبَريّ الحنبليّ.
شيخٌ معمَّر جليل القدر. ولد سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وطلب الحديث
وهو كبير.
فسمع من: أبي عليّ بْنُ الصّوّاف، وأبي بكر بن خلّاد، وأحمد بن جعفر
القَطِيعيّ، وحبيب القزّاز، فمن بعدهم.
__________
1 تاريخ بغداد "7/ 329، 330"، طبقات الحنابلة "2/ 186-88"، سير أعلام
النبلاء "17/ 542، 543".
(29/112)
وتفقه على مذهب أحمد بن حنبل، وكان عارفًا
بالمذهب وبالعربية والشِّعر.
وثّقه أبو بكر البَرْقانيّ.
وقد نسخ الخطَّ المليح الكثير، وكان بارعَ الكتابة بمرَّة. روى عنه
الخطيب وغيره.
ثمّ قال الخطيب: ثنا عيسى بن أحمد الهَمَذانيّ قال: وقال لي أبو عليّ
بن شهاب يومًا: أرِني خطَّك، فقد ذُكر لي أنّك سريع الكتابة.
فنظر فيه فلم يرضه، ثمّ قال: كسبت في الوراقة خمسة وعشرين ألف درهم
راضيَّة. وكنتُ أشتري كاغَدًا بخمسة دراهم، فأكتب فيه ديوان المتنبيّ
في ثلاث ليالٍ، وأبيعه بمائتي درهم، وأقلّه بمائة وخمسين درهمًا، وكذلك
كُتُب الأدب المطلوبة.
تُوُفّي ابن شهاب في رجب.
وقال الأزهريُّ: أوصى بثُلث ماله لفُقهاء الحنابلة، فلم يُعْطَوا شيئًا
أخذ السّلطان من ترِكَتِه ألف دينار سوى العقار.
261- الحسين بن الحسن بن سِبَاع1.
أبو عبد الله الرّمليّ المؤدِّب الشّاهد. إمام جامع دمشق، وخطيبها.
سمع بالرَّملة من: سَلْم بن الفضل البغدادي أبي قتيبة. وحدَّث عنه
بأربع أحاديث كان يحفظها.
روى عنه: أبو سعْد إسماعيل السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وجماعة.
قال الكتّانيّ: أمَّ بالجامع عشرين سنة أو نحوها لا تؤخذ عليه غلطة في
التّلاوة ولا سهْو.
ووثّقه الحدّاد محمد بن عليّ. وهو آخر من حدَّث بدمشق عن ابن
قُتَيْبَة.
262- الحُسَيْن بن عبد الله بن الحسن بن سينا2.
الرّئيس أبو عليّ، صاحب الفلسفة والتّصانيف.
__________
1 مختصر تاريخ دمشق "7/ 98"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 294".
2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 483"، الكامل في التاريخ "9/ 456"، سير
أعلام النبلاء "17/ 531-537"، ميزان الاعتدال "1/ 539"، الوافي
بالوفيات "12/ 391-412"، البداية والنهاية "12/ 42، 43".
(29/113)
حكى عن نفسه، قال: كان أبي رجلًا من أهل
بَلْخ، فسكن بُخَارى في دولة نوح بن منصور.
وتوّلى العمل والتَّصرُّف بقرية كبيرة. وتزوَّج بأمي فأولدها أنا وأخي،
ثمّ انتقلنا إلى بُخَارى.
وأُحْضِرتُ معلِّم القرآن ومعلِّم الأدب، وأكملت عشْرًا من العُمر، وقد
أتيتُ على القرآن وعلى كثير من الأدب، حتّى كان يُقضى منّي العجب.
وكان أبي ممّن أجابَ دعوة المصريّين، ويُعدُّ من الإسماعيليّة، وقد سمع
منهم ذِكْرَ النّفس والعقل، وكذلك أخي. فربّما تذاكروا وأنا أسمعهم
وأُدْرِك ما يقولانه ولا تقبله نفسي. وأخذوا يدعونني إليه ويُجرون على
ألسنتهم ذِكْر الفلسفة والهندسة والحساب، وأَخَذ يوجّهني إلى مَن
يُعلّمني الحساب.
ثمّ قدِم بُخَارى أبو عبد الله النّاتِلّيّ الفيلسوف، فأنزله أبي
دارَنا. وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد فيه إلى الشّيخ إسماعيل
الزّاهد.
وكنتُ من أجود السّالكين. وقد ألِفْتُ المناظرةَ والبحثَ. ثمّ ابتدأت
على النّاتِلّيّ، بكتاب "إيساغوجي". ولمّا ذكرَ لي أنّ حدَّ الجنس هو
القول على كثيرين مختلفين بالنّوع، وأخذته في تحقيق هذا الحدّ ما لم
يسمع بمثله، تعجَّب منّي كلَّ التَّعجُّب، وحذَّر والدي من شغْلي بغير
العلم.
وكان أيّ مسألة قالها لي أتصورها خيرًا منه، حتّى قرأت ظواهر المنطق
عليه، وأمّا دقائقه فلم يكن عنده منها خبر.
ثمّ أخذتُ أقرأ الكُتُب على نفسي، وأطالع الشُّروح حتّى أحكمتُ عِلمَ
المنطق. وكذلك كتب إقليدس، فقرأتُ من أوّله إلى خمسة أشكال أو ستة
عليه، ثمّ تولّيت بنفسي حلَّ باقيه.
وانتقلت إلى "المجَسْطيّ"، ولمّا فَرَغْتُ من مقدِّماته وانتهيت إلى
الأشكال الهندسيّة قال لي النّاتِلّيّ: حُلَّها وحدَك، ثمّ أعْرِضها
لأبيَّن لك. فكم من شكلٍ ما عَرَفَه الرّجلُ إلّا وقتَ عَرَضْتُهُ عليه
وفهّمته إيّاه. ثمّ سافر.
وأخذت في الطّبيعي والإلهيّ. فصارت الأبواب تنفتح عليّ، ورغبتُ في الطب
(29/114)
وبرَّزْتُ فيه في مُدَيْدَة حتّى بدأ
الأطبّاء يقرأون عليّ، وتعهَّدت المَرْضَى، فانفتح عليَّ من أبواب
المعالجات النّفسيّة من التّجربة ما لا يوصف.
وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأُناظر فيه، وعمري ستّ عشرة سنة. ثمّ
أعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة.
ولازَمْتُ العلم سنةً ونصفًا. وفي هذه المدّة ما نمتُ ليلةً واحدةً
بطولها. ولا اشتغلت في النّهار بغيره. وجمعتُ بين يديّ ظُهُورًا، فكلّ
حُجَّة أنظر فيها أُثْبتُ مقدّمات قياسيّة، ورتبتُها في تلك الظهور، ثم
نظرت فيما عشاها تُنْتج. وراعيت شروط مقدّماته، حتّى تحقّق لي حقيقة
الحقّ في تلك المسألة.
وكلّما كنت أتحيَّر في مسألة، أو لم أظفَرْ بالحدّ الأوْسَط في قياسٍ،
تردَّدت إلى الجامع، وصلَّيتُ وابتهلت إلى مبدِع الكلِّ، حتّى فتح لي
المُنْغَلِق منه، وتيسَّر المتعسِّر.
وكنتُ أرجع باللّيل إلى دارِي وأشتغل بالكتابة والقراءة، فمهما غلبني
النّوم أو شعرت بضعف عدلْت إلى شرْب قَدَحٍ من الشَّراب رَيث ما تعود
إليّ قُوَّتي. ثمّ أرجع إلى القراءة. ومهما غلبني أدنى نومٌ أحلُمُ
بتلك المسائل بأعيانها. حتّى إنّ كثيرًا من المسائل اتّضح لي وجوهُها
في المنام.
وكذلك حتّى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان
الإنسانيّ. وكلّما علِمْتُه في ذلك الوقت فهو كما علمته ولم أزْدَد فيه
إلى اليوم. حتّى أحْكمتُ علم المنطق والطّبيعيّ والرّياضيّ، ثمّ عدلت
إلى الإلهيّ. وقرأت كتاب "ما بعد الطّبيعة" فما كنتُ أفهم ما فيه،
والتبس عليَّ غرضُ واضعه، حتّى أعدت قراءته أربعين مرّة، وصار لي
محفوظًا، وأنا مع ذلك لا أفهم ولا المقصود به. وأيست من نفسي وقلت: هذا
كتاب لا سبيل إلى فَهْمه. وإذا أنا في يوم من الأيّام حضرتُ وقت العصر
في الورّاقين وبيد دلّالٍ مجلَّد ينادي عليه، فَعَرَضه عليَّ فردَدْتُه
ردَّ مُتَبرِّمٍ فقال: إنّه رخيص، بثلاثة دراهم.
فاشتريته فإذا هو كتابٌ لأبي نصر الفارابيّ في أغراض كتاب ما بعد
الحكمة الطّبيعيّة. ورجعتُ إلى بيتي وأسرعتُ قراءته، فانفتح عليَّ في
الوقت أغراض ذلك الكتاب. ففرحتُ وتصدَّقتُ بشيءٍ كثير شكرًا لله
تَعَالَى.
واتْفق لسّلطان بُخَارى نوح بن منصور مرضٌ صعبٌ، فأجرى الأطبّاء ذِكْري
بين
(29/115)
يديه، فأُحْضِرتُ وشاركتهم في مداواته،
وسألته الإذْنَ في دخول خزانة كتبهم ومطالعته وقراءة ما فيها من
الكُتُب وكَتْبها. فأذن لي فدخلتُ، فإذا كُتُبٌ لا تُحصى في كلّ فنٍّ.
ورأيتُ كُتُبًا لم تقع أسماؤُها إلى كثير من النّاس، فقرأت تلك الكُتُب
وظفرت بفوائدها، وعرفتُ مرتبة كلّ رجلٍ في علمه. فلمّا بلغتُ ثمانيةَ
عشرَ عامًا من العُمر فرغت من هذه العلوم كلّها. وكنتُ إذ ذاك للعلم
أحفظ، ولكنّه معي اليوم أنضج، وإلّا فالعلم واحد لم يتجدّد لي بعده
شيء.
وسألني جارنا الحسين العروضي أنّ أصنف له كتابًا جامعًا في هذا العلم،
فصنّفتُ له "المجموع" وسمّيتُه به، وأتيتُ فيه على سائر العلوم سوى
الرّياضيّ، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة.
وسألني جارنا الفقيه أبو بكر البَرَقيّ الخوارزميّ، وكان مائلًا إلى
الفقه والتّفسير والزّهد، فسألني شرح الكُتُب له، فصنّفت له كتاب
"الحاصل والمحصول" في عشرين مجلّدة أو نحوها.
وصنّفت له كتاب "البِرّ والإثّم"، وهذان الكتابان لا يوجدان إلّا عنده،
ولم يُعِرْهُما أحدًا.
ثمّ مات والدي، وتصرَّفت بي الأحوال، وتقلَّدْت شيئًا من أعمال
السّلطان، ودعتني الضّرورة إلى الإحلال ببُخَارى والانتقال إلى
كُرْكانْج، وكان أبو الحسن السَّهْليّ المحبّ لهذه العلوم بها وزيرًا.
وقدِمت إلى الأمير بها عليّ بن المأمون، وكنتُ على زِيّ الفُقهاء إذ
ذاك بطَيْلَسان تحت الحَنَك، وأثبتوا لي مشاهَرةً دارّة تكفيني.
ثمّ انتقلت إلى نَسَا، ومنها إلى باوَرْد، وإلى طُوس، ثمّ إلى جاجرم
راس حد خراسان، ومنها جُرْجَان، وكان قصدي الأمير قابوس. فاتّفق في
أثناء هذا أخد قابوسَ وحبْسه، فمضيت إلى دِهِستان، فمرضت بها ورجعت إلى
جُرْجَان، فاتّصل بي أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ.
ثمّ قال أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ: فهذا ما حكاه لي الشّيخ من لفظه.
وصنّف ابن سِيَنا بأرض الجبل كُتُبًا كثيرة. وهذا فهرس كُتُبه: كتاب
"المجموع"، مجلّد، "الحاصل والمحصول"، عشرون مجلّدة، "الإنصاف"، عشرون
مجلدة، "البِرّ والإثم"، مجلّدان، "الشّفاء"، ثمانية عشر مجلّدًا،
"القانون"، أربعة عشر مجلدًا،
(29/116)
"الأرصاد الكليّة"، مجلّد، كتاب
"النَّجَاة"، ثلاث مجلّدات، "الهداية"، مجلّد، الإشارات، مجلّد
"المختَصَر"، مجلّد؛ "العلائيّ"، مجلّد، "القُولَنْج"، مجلّد، "لسان
العرب"، عشر مجلّدات، "الأدوية القلبية"، مجلّد، "الموجَز"، مجلّد، بعض
"الحكمة الشّرقيّة"، مجلّد، "بيان ذوات الجهة"، مجلّد كتاب "المَعَاد"،
مجلّد كتاب "المبتدأ والمَعَاد"، مجلّد.
ومن رسائله: "القضاء والقدر"، "الآلة الرصدية"، "غرض قاطيغورياس"،
"المنطق بالشِّعر"، "قصيدة في العِظة والحكمة"، تعقُّب المواضع
الجدلية، مختصر أوقليدس، مختصر في النّبض بالعجميّة، في النّهاية وأنْ
لا نهاية، عهدٌ كتبه لنفسه، حيّ بن يَقْظان، في أنّ أبعاد الجسم غير
ذاتيّة له، خطب الكلام في الهِنْدباء، في أنّ الشيء الواحد لا يكون
جوهريًّا عَرَضيًّا، في أنّ عِلم زيد غير علم عَمْرو، رسائل له
إخوانيّة وسلطانيّة، مسائل جرت بينه وبين بعض الفُضلاء.
ثمّ انتقل إلى الرِّيّ، وخدم السّيّدة وابنها مجد الدّولة، وداواه من
السَّوداء، وأقام إلى أن قصد شمس الدّولة بعد قتل هلال بن بدر وهزيمة
جيش بغداد.
ثمّ خرج إلى قَزْوين، وإلى هَمَذان.
ثمّ عالج شمس الدّولة من القُولَنْج، وصار من نُدَمائه، وخرج في خدمته.
ثمّ ردّ إلى هَمَذان.
ثمّ سألوه يُقلَّد الوزارة فتقلَّدها. ثمّ اتّفق تشويش العسكر عليه
واتّفاقهم عليه خوفًا منه، فكبسوا داره ونهبوها، وسألوا الأمير قتلْه،
فامتنع وأرضاهم بنفْيه، فتوارى في دار الشّيخ أبي سعد أربعين يومًا.
فعاود شمس الدّولة القُولَنْج، فطلب الشّيخ فحضر، فاعتذر إليه الأمير
بكلّ وجهٍ، فعالجه، وأعاد إليه الوزارة ثانيا.
قال أبو عُبَيْد الْجُوزْجَانيّ: ثمّ سألته شرح كتاب أرسطو طاليس فقال:
لا فراغ لي، ولكنْ إنْ رضِيت منّي بتصنيف كتاب أُورد في ما صحّ عندي من
هذه العلوم بلا مناظرة ولا رد فعلت.
فرضت منه، فبدأ بالطّبيعيّات من كتاب "الشّفاء". وكان يجتمع كلّ ليلةٍ
في داره طَلَبَةُ العِلمِ. وكنتُ أقرأ من "الشّفاء" نَوْبَةً، وكان
يقرأ غيري من "القانون" نَوْبَةً، فإذا
(29/117)
فرغنا حصر المغنون، وهيئ مجلس الشّراب
بآلاته، فكنّا نشتغل به. فقضينا على ذلك زمنًا. وكان يشتغل بالنّهار في
خدمة الأمير.
ثمّ مات الأمير، وبايعوا ولده، وطلبوا الشّيخ لوزارته فأبى، وكَاتَبَ
علاءَ الدّولة سرًّا يطلب المصير إليه، واختفى في دار أبي غالب العطّار
فكان يكتب كلّ يومٍ خمسين ورقة تصنيفًا في كتاب "الشّفاء" حتّى أتى منه
على جميع كُتب الطّبيعيّ والإلهيّ، ما خلا كتابيّ "الحيوان" و"النبات".
ثمّ اتّهمه تاج المُلْك بمكاتبة علاء الدّولة، وأنكر عليه ذلك، وحثّ
على طلبه، وظفروا به وسجنوه بقلعة فَرْدَجَان. وفي ذلك يقول قصيدة
منها:
دخولي باليقين كما تراه ... وكلُّ الشّكّ في أمر الخروج
فبقي فيها أربعةَ أشْهُرٍ. ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان فأخذها، وهرب
تاج المُلْك وأتى تلك القلعة.
ثمّ رجع تاج المُلْك وابن شمس الدّولة إلى هَمَذان لمّا انصرف عنها
علاء الدّولة، وحملوا معهما الشّيخ إلى هَمَذان، ونزل في دار العلويّ،
وأخذ يصنّف المنطق من كتاب "الشّفاء".
وكان قد صنّف بالقلعة: رسالة "حيّ بن يَقْظان"، وكتاب "الهدايات"،
وكتاب القُولَنْج.
ثمّ إنّه حرج نحو أصبهان متنكرًا، وأنا وأخوه وغلامان له في زِيّ
الصُّوفيّة، إلى أن وصلنا طَبَرَان، وهي على باب إصبهان، وقاسينا
شديدًا، فاسْتَقْبَلنَا أصدقاءُ الشّيخ ونُدَماءُ الأمير علاء الدّولة
وخَوَاصّه، وحملوا إليه الثّياب والمراكب، وأُنْزِل في محلّة كون كبير.
وبالغ علاء الدّولة في إكرامه وصار من خاصّته. وقد خدمتُ الشّيخ
وصَحِبْتُه خمسًا وعشرين سنة.
وجرت مناظرة فقال له بعضُ اللُّغَويّين: إنَّكَ لا تعرف اللّغة. فأنِف
الشّيخ وتوفرَّ على درس اللُّغة ثلاث سِنين، فبلغ طبقة "عظيمة" من
اللُّغة، وصنّف بعد ذلك كتاب "لسان العرب" ولم يُبيّضْه.
قال: وكان الشّيخ قويُّ القُوَى كلّها، وكان قوّة المجامَعَة من قواه
الشّّهْوانيّة أقوى وأغلب. وكان كثيرًا ما يشتغل به، فأثَّر في مزاجه.
وكان يعتمد على قوّة مزاجه حتّى
(29/118)
صار أمره إلى أن أخذه القُولَنْج. وحرص على
بُرئِه حتّى حقن نفسه في يومٍ ثمان مرّات، فتقرَّح بعض أمعائه وظهر به
سَحْج. وسار مع علاء الدّولة، فأسرعوا نحو ابينع، فظهر به هناك
الصَّرَع الّذي قد يتبع علّة القُولَنْج. ومع ذلك كان يدبِّر نفسه
ويحقن نفسه لأجل السَّحْج. فأمر يومًا باتّخاذ دانِقَيْن مِن بِزْرِ
الكَرَفْس في جُملة ما يحتقن به طلبًا لكسر الرّياح، فقصد بعض الأطباء
الذي كان هو يتقدم بمعالجته فطرح من بِزر الكَرَفْس خمسةَ دراهم. لستُ
أدري عَمْدًا فعله أم خطأً، لأنّني لم أكن معه. فازداد السَّحْج به من
حدَّة البِزْر.
وكان يتناول المثروديطوس لأجل الصَّرَع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئًا
كثيرًا من الأفيون فيه وناوله، فأكله. وكان سبب ذلك خيانتهم في مالٍ
كثير من خزائنه، فتمنَّوا هلاكه ليأمنوا. فنُقِل الشّيخ إلى أصبهان
وبقي يدبّر نفسه. واشتدّ ضَعْفُه. ثمّ عالج نفسه حتّى قدر على المشْي،
لكنّه مع ذلك يُكثر المجامعة، فكان ينتكس.
ثمّ قصد علاء الدّولة هَمَذان، فسار الشّيخ معه فعاودته تلك العلّة في
الطّريق إلى أن وصل إلى همذان، وعلم أنه قد سقطت قوّته، وأنّها لا تفي
بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبر الذين كان يدبّر
بدني قد عجز عن التّدبير، والآن فلا تنفع المعالجة. وبقي على هذا
أيّامًا، ومات عن ثلاثٍ وخمسين سنة.
انتهى قول أبي عُبَيْد.
وقبره تحت سُور هَمَذان، وقيل: إنه ننقل إلى إصبهان بعد ذلك.
قال ابن خِلِّكان في ترجمة ابن سِينَا: ثمّ اغتسل وتاب وتصدّق بما معه
على الفقراء، وردّ المظالم على مَن عَرَفه، وأعتق مماليكه. وجعل يختم
كلّ ثلاثة أيّام ختمة، ثمّ مات بهَمَذان يوم الجمعة في رمضان.
ووُلِد في صَفَر سنة سبعين وثلاثمائة.
قال: وكان الشّيخ كمال الدّين بن يونس يقول: إنّ مخدومه سخط عليه ومات
في سجنه.
وكان ينشد:
رأيتُ ابن سِينَا يعادي الرّجالَ ... وفي السّجنِ مات أخسَّ المماتِ
فلم يَشْفِ ما نابَهُ بالشّفا ... ولم يَنْجُ من موته بالنجات
(29/119)
وصيَّه ابن سينا:
لأبي سعيد بن أبي الخير الصُّوفيّ الميهَنيّ، قال: لِيكنِ اللهِ تعالى
أوّل فَكْرٍ له وآخِرَه، وباطِن كلِّ اعتبار وظاهِرَه، ولْتَكُنْ عَينُ
نفسِك مكْحولةً بالنَّظَر إليه، وقَدَمُها موقوفةً على المُثُول بين
يديه، مسافِرًا بعقله في المَلَكُوت الأعلى وما فيه من آيات ربّه
الكُبْرى، وإذا انْحَطّ إلى قراره، فلْيُنَزِّهِ الله في آثاره، فإنّه
باطِنٌ ظاهِرٌ، تجلّى لكلّ شيءٍ بكلّ شيءٍ، ففي كلّ شيءٍ له آيةٌ
تَدُلُّ على أنّه واحد. فإذا صارت هذه الحال له مَلَكة انْطَبَعَ فيها
نقْشُ المَلَكُوت، وتجلّى له قُدْسُ اللّاهُوت، فأَلِف الأُنْسَ
الأعلى، وذاق اللَّذَّة القُصْوَى، وأخذه عن نفسه مَن هو بها أوْلَى،
وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطُّمَأْنِينة. وتطلّع على العالَم
الأدنى اطّلاع راحمٍ لأهله، مُستوهِن لِحبْلِه، مُستخفٍّ لثقله، مستخشٍ
به لعُلْقه، مُستضل لطرقه، وتذكَّر نفسه وهي بها بهِجة، وببهجتها بهجة،
فيعجب منها ومنهم تعجُّبَهُم منه، وقد وَدَعها، وكان معها كأنْ ليس
معها، ولْيَعْلم أنّ أفضلّ الحركاتِ الصّلاةُ، وأمثَلَ السّكَنَاتِ
الصِّيامِ، وأنْفَعَ البِرّ الصَّدَقَة، وأزْكى السّرّ الاحتمالُ،
وأبْطَلَ السَّعْي المراءاة، وأن تخلُص النَّفْسُ عن الدَّرَن، ما
التفتت إلى قيلٍ وقال، ومنافسة وجدالٍ، وانفعلت بحالٍ من الأحوال،
وخيرُ العمل ما صَدَر عن خالص نيّة، وخيرُ النّيّة ما ينفرج عن جَنَابِ
علْم، والحكمة أمُّ الفضائل، ومعرفة الله أوّل الأوائل {إِلَيْهِ
يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}
[فاطر: 10] .
إلى أن قال: وأمّا المشروب فيُهْجَرُ شربُه تَلَهِّيا لا تَشَفِّيا
وتَدَاويا، ويعاشر كل فِرْقَةٍ بعادته ورسمه، ويسمح بالمقدور والتّقدير
من المال، ويركب لمساعدة النّاس كثيرًا ممّا هو خلاف طبْعه. ثمّ لا
يقصّر في الأوضاع الشّرعيّة، ويعظِّم السُّنَنَ الإلهيّة، والمُواظَبَة
على التَّعَبُّدات البدنيّة.
إلى أن قال: عاهد الله أنه يسير بهذه السِّيرة ويدِين بهذه الدِّيانة،
والله ولي الّذين آمنوا.
وله شِعْرٌ يَرُوق، فمنه قصيدته في النّفْس:
هبَطَتْ إليكَ من المحلّ الأرْفِعِ ... وَرْقاءُ ذات تَعَزُّزٍ وتمنعِ
محجوبةٌ عن كلّ مُقْلَة عارِفٍ ... وهي الّتي سَفَرَتْ فلم تتبرقعِ
(29/120)
وصلَتْ على كُرهٍ إليكَ وربّما ... كرهتْ
فراقَك وهي ذات تفجعِ
أنِفَتْ وما أنِسْتُ فلمّا واصلتْ ... ألِفْتُ مجاورةَ الخراب
البَلْقَعِ
وأَظُنُّها نسيِتْ عُهُودًا بالحِمَى ... ومنازلًا بِفراقها لم تقنعِ
حتّى إذا اتّصَلَتْ بهاءِ هُبُوطها ... من ميم مَركزِها بذات الأجْرعِ
عَلِقَتْ بها ثاء الثَّقيل فأصبحت ... بني المعالم والظُّلُول الخُضَّع
تبكي إذا ذَكَرتْ ديارًا بالحِمَى ... بمدامع تَهْمى ولمّا تُقطعِ
وتظلُّ ساجعةً على الدمن التي ... درس بتكرار الرياح الأربع
إذا عاقها الشرك الكثير وصدَّها ... قَفَصٌ عن الأوْجِ الفسيح الأرفع
حتّى إذا قُربَ المسيرُ من الحِمَى ... ودنا الرّحِيلُ إلى الفضاء
الأوسعِ
هجَعت وقد كشِفَ الغطاء فأبصرت ... ما ليس يُدرك بالعيون الهُجَّع
وغَدَتْ مفارقة لك مخالفٍ ... عنها حليف التّرْب غير مشّيعِ
وبدت تُغرِّدْ فوقَ ذِرْوَةِ شاهقٍ ... والعِلْمُ يرفع كلَّ من لم
يُرْفَعِ
فلأيِّ شيءٍ أهبطتُ من شاهق ... سام إلى قعر الحضيض الأوضع
إنّ كان أرسها الإلهُ لِحِكْمَةٍ ... طُوِيَتْ عن الفطِنِ اللّبيبِ
الأروَعِ
فهُبُوُطها إنْ كان، ضَرْبَةُ لازِبٍ ... لتكون سامعةً بما لم تسْمَعِ
وتعودَ عالمةً بكلّ خَفِيّةٍ ... في العالمين فَخَرْقُها لم يُرْقَعِ
وهي الّتي قطع الزّمان طريقَها ... حتّى لقد غَرُبَتْ بغير المَطْلَعِ
فكأنّها بَرْقٌ تألّق بالحِمَى ... ثمّ انْطَوى فكأنّه لم يَلْمَعِ
وهي عشرون بيتًا.
وله:
قم فاسقنيها قهوة الطُّلا ... يا صاحِ بالقدحِ الملا بين الملا
خَمْرًا تَظَلّ لها النَّصَارى سُجَّدًا ... ولها بنو عِمران أخلصتِ
الولا
لَو أنَّها يومًا وقد لَعِبَتْ بهم ... قالت ألَسْتُ بربِّكُم قالوا
بلا
(29/121)
وله وهو يجود بنفسه، فيما أنشدني المُسْنِد
بهاء الدين القاسم بن محمود الطبيب:
أقام رِجالًا في معارجه مَلكًا ... وأقْعدَ قومًا في غِوَايتهم هلْكا
نعوذُ بك اللهُمَ من شرِّ فتْنَةٍ ... تطوّقُ من حلّت به عيشة ضَنْكًا
رجعنا إليك الآن فاقْبَلْ رُجُوعَنا ... وقلِّبْ قُلُوبًا طال إعراضها
عنْكا
فإنْ أنت لم تُبْدِ سِقَام نفوسِنا ... وتشْفي عَمَاياها، إذا، فلمن
يُشْكا
فقد آثَرَتْ نفسي لِقَاكَ وقَطَعَتْ ... عليك جُفُوني من مدامعها
سِلْكا
وقد طالت هذه التّرجمة، وقد كان ابن سينا آيةً في الذكاء هو رأس
الفلاسفة الإسلاميّين الّذين مَشَوا خلْف العُقُول، وخالوا الرّسولْ.
263- الحسين بن عليّ بن بطْحا1.
القاضي أَبُو عَبْد اللَّه. تُوُفِّي فِي جُمَادى الْأولى ببغداد.
سمع: أبا سليمان الحَرَّانيّ، وأبا بكر الشّافعيّ. وعنه: شيوخ شُهْدَة،
والسِّلَفيّ.
264- الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر2.
أبو طاهر الأنصاري الخزرجي الجزري المعرف بابن خُرَاشة. إمام جامع
دمشق.
قرأ على: أبي الفتح بن برهان الأصبهاني.
وحدَّث عن: الحسين بن أبي الرَّمْرام الفرائضيّ، ويوسف المَيَانِجِيّ،
وجماعة.
روى عنه: أبو سعد السّمّان، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، وابن أبي
الصَّقْر الأنباريّ، والكتّانيّ وقال: كان ثقة، نبيلًا، يذهب مذهب
الأشعريّ.
تُوُفّي في ربيع الآخر.
265- حمزة بْنُ الْحُسَيْن بْنُ أَحْمَد بْنُ الْقَاسِمِ3.
أبو طالب بن الكوفي الدلال.
__________
1 المنتظم "8/ 92".
2 مختصر تاريخ دمشق "7/ 170"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 359".
3 تاريخ بغداد "8/ 185، 186"، ميزان الاعتدال "1/ 606"، لسان الميزان
"2/ 359".
(29/122)
شيخ بغداديّ، ضعيف. سماعهُ صحيح من أبي بكر
بن خلّاد فلمّا كان بآخره حدَّث عن: أبي عَمْرو بن السَّمَّاك،
وَأَحْمَد بن كامل، وجماعة.
وقال الخطيب: ذكر لي أبو عبد الله الصُّوريّ أنّه كتب عنه جزءًا لطيفًا
عن أبي عَمْرو بْنُ السّمّاك، رأى سماعه فيه صحيحًا.
تُوُفّي فِي ربيع الآخر. ووُلِد سنة ستَّ وثلاثين وثلاثمائة. وحكى
الخطيب عن محمد بن محمد الحَدِيثيّ أنّه، أعني حمزة، أخرج له جزءًا قد
كُشِط فيه وأُلْحِق وغُيّر.
"حرف الذّال":
266- ذُو القرنين1.
أبو المطاع وجيه الدولة ابن ناصر الدّولة الحسن بن عبد الله بن حمدان
التَّغْلبيّ، الشَّاعِر الأمير.
ولي إمرة دمشق بعد لؤلؤ البشراوي سنة إحدى وأربعمائة، وجاءته الخلْعة
مِن الحكام. ثمّ عزله الحاكم بن أشهر بمحمد بن بزّال.
ثمّ ولي أبو المطاع دمشق في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة للظّاهر صاحب
مصر، ثمّ عزله بعد أربعة أشهر بسختكين.
ثمّ وَلِيَها مرَّةً ثالثةً سنة خمس عشرة، فبقى إلى سنة تسع عشرة،
فعُزل بالدّزبَرِيّ.
وله شِعرٌ رائق:
أفدي الّذي زُرْتُهُ بالسّيف مُشْتَمِلًا ... ولَحْظُ عيْنيه أمضى من
مضاربه
فما خلعتُ نِجَادي للعِناق له ... حتّى لبِسْتُ نجادًا من ذَوائبه
فبات أسْعَدُنا في نَيْلِ بُغْيَتِهِ ... مَن كان في الحُبِّ أشقانا
بصاحبه
وقد روى عنه أبو محمد الجوهريّ مقاطعات رائقة. وكان ابنه أميرًا. وله:
لو كنتُ أمْلِكُ صبرًا أنت تملكُه ... عنّي لجَازَيْتُ منك التيه
بالصلف
__________
1 تهذيب تاريخ دمشق "5/ 262، 263"، سير أعلام النبلاء "17/ 516، 517"،
النجوم الزاهرة "5/ 27".
(29/123)
أَوْ بِتَّ تُضْمِرُ وجْدًا بِتُّ
أُضْمِرُه ... جَزَيتني كلفًا عن شدّة الكلفِ
تعمّد الرّفْق بي يا حِبُّ محتسِبًا ... فليس يَبْعُد ما تَهْواه من
تَلَفِي
وله:
لو كنتَ ساعةَ بَيْننا ما بَيْنَنَا ... وشَهِدْتَ حين نكررّ
التَّوْديعا
أيقنتَ أنّ من الدّموعِ محدِّثًا ... وعلمتَ أنّ من الحديث دُمُوعًا
وله:
ومفارقٍ ودَّعتُ عند فراقِهِ ... ودَّعتُ صبري عنه في توديعه
ورأيت منهُ مثل مثلَ لُؤْلؤ عقْدهِ ... من ثغرِه وحدِيثه ودُموعِهِ
تُوُفّي ذو القَرْنَين في صَفَر.
وقيل: إنّه وصل إلى مصر، وولي الإسكندريّة للظّاهر سنة، ثمّ رجع إلى
دمشق.
"حرف السّين":
267- سعيد بن أحمد بن يحيى1.
أبو الطّيّب الحديديّ التُّجَيْبيّ، الطُّلَيْطُلِيّ. أحد الأئمة
الأعلام.
روى عن: أبيه، ومحمد بن إبراهيم الخُشَنيّ، وعبد الرحمن بن أحمد بن
حوبيل. وناظر على: محمد بن الفخار.
وجمع كتبا لا تُحصَى. وكان مُعظَّمًا في النُّفوس.
حجَّ سنة خمسٍ وتسعين، ولقي جماعة.
وسمع بمكة من: أبي القاسم سليمان بن عليّ المالكيّ، وأحمد بن عبّاس بن
أصْبَغ.
ولقي بمصر الحافظ عبد الغنيّ. وأخذ بالقيروان عن: أبي الحسن القابِسيّ.
وكان أهل المشرق يقولون: ما مرَّ علينا قطٌّ مثله.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 219، 220".
(29/124)
حدَّث عنه: حاتم بن محمد، وغيره. وتُوُفّي
رحِمَه اللَّه فِي ربيع الأول.
"حرف الصاد":
268- صالح بْن أحمد بن القاسم بن يوسف بن فارس الميانجي1.
أبو مسعود، ابن أخي القاضي أبي بكر يوسف. سكن صيدا.
وحدَّث عن: أبيه، وعمّه، ومحمد بن سليمان بن ذَكْوان البَعْلَبَكّيّ،
وموسى بن عبد الرحمن البَيْروتيّ، والفضل بن جعفر التَّيميّ، وجماعة.
روى عنه: عبد الله بن عليّ بن أبي عَقيل القاضي، وولده محمد بْن عَبْد
الله، وأحمد بْن محمد بن مَتَّوَيْه شيخ لوجيه الشَّحّاميّ، وعليّ بن
بكّار الصُّوريّ، وأبو نصر بن طلّاب، وإبراهيم بن شكر العفّانيّ،
وآخرون.
تُوُفّي سنة ثمانٍ أو تسعٍ وعشرين.
"حرف العين":
269- عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَسَن بْن عُلَيْك.
أبو سعد النَّيْسابوريّ، والد عليّ. يقال: مات هذه السّنة. وهو مذكورٌ
في سنة إحدى وثلاثين.
270- عبد الرحمن بن محمد بن حُسَين2.
أبو عَمْرو الفارسيّ ثمّ الْجُرْجَانيّ، سِبْط الإمام أبي بكر
الإسماعيليّ. فقيه ثقة. سمع من: جدّه.
روى عنه عليّ بن محمد الزّبحيّ الْجُرْجَانيّ في تاريخه، وقال: ثقة.
تُوُفّي في صَفَر.
271- عبد الغفار بن محمد بن جعفر3.
__________
1 الأنساب "11/ 55"، تهذيب تاريخ دمشق "1/ 441"، شذرات الذهب "2/ 35".
2 تاريخ جرجان للسهمي "261".
3 تاريخ بغداد "11/ 116، 117"، شذرات الذهب "3/ 238"، لسان الميزان "4/
43".
(29/125)
أبو طاهر المؤدِّب، بغداديّ. ضعّفه أبو عبد
الله الصُّوريّ لشيءٍ ما.
روى عن أبي عليّ الصّوّاف، وأبي بكر الشّافعيّ، ومحمد بن محرّم، وأبي
الفتح الأزْديّ.
روى عنه: الخطيب، وعلي بن الحسين بن أيوب البزاز، وأبو منصور محمد بن
أحمد الخياط سمع منه "مُسْنَد الحُمَيْديّ".
تُوُفّي في ربيع الأوّل، ووُلِد سنة خمسٍ وأربعين.
272- عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن يوسف بْن دُوسْت1.
أبو عَمْرو البغداديّ العلّاف، أخو أحمد.
سمع: أبا بَكْر النّجّاد، وعبد الله بْن إِسْحَاق الخُراسانيْ، وعمر بن
سِلْم، وأبو بكر الشّافعيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقا. مات في صفر.
قلت: وروى عنه: أحمد بن عبد القادر بن يوسف "مُوَطّأ القَعْنَبيّ".
273- عليّ بن محمد بن إبراهيم بن الحسين المحدِّث2.
الحافظ أبو الحسن الحِنّائيّ الدّمشقيّ، الزّاهد المقرئ.
سمع الكثير، وخرج لنفسه "المعجم" في مجلد.
وروى عن: عبد الوهّاب الكِلابيّ، وأبي بكر بن أبي الحديد، وابن
جُمَيْع، وأحمد بن إبراهيم بن فِراس المكّيّ، واحمد بن عبد العزيز بن
ثَرثال، وعبد الرحمن بن عمر النّحّاس.
روى عنه: أبو سعد السّمّان، وسعْد بن عليّ الزّنْجانيّ، وعبد العزيز
الكتّانيّ، وسعد الله بن صاعد الرّحْبيّ، وجماعة.
وقال عبد العزيز الكتّانيّ: تُوُفّي شيخنا وأستاذنا أبو الحسن
الحِنائيّ، الشّيخ الصالح، في ربيع الأول.
__________
1 تاريخ بغداد "11/ 314"، المنتظم "8/ 92"، سير أعلام النبلاء "17/
471".
2 تاريخ دمشق "29/ 185"، سير أعلام النبلاء "17/ 565، 566"، شذرات
الذهب "3/ 238".
(29/126)
كتب الكثير، وكان من العُبَّاد. وكانت له
جنازة عظيمة ما رأيت مثلها. وَلَمْ يزل يحمل من بَعْدَ صَلَاةٍ الجمعة
إلى قريب العصر. وانحلّ كفنه.
وذُكِر أنّ مولده في سنة سبعين وثلاثمائة رحمه الله. قال الأهْوَازيّ:
دُفِنَ بباب كَيْسان.
"حرف الميم":
274- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أَبِي موسى1.
الشّريف أبو عليّ الهاشميّ البغداديّ، شيخ الحنابلة وعالمهم، وصاحب
التّصانيف المشهورة.
سمع: محمد بن المظفّر، وأبا الحسين بن سمعون، وغيرهما.
وهو كبيرٌ، فإنّ مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة، وكان يمكنه
السماع بعد الخمسين وثلاثمائة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، والقاضي أبو يَعْلَى بن الفرّاء وتفقّه به،
وأبو الحسين بن الطُّيُوريّ، وآخرون.
وكان سامي الذّكْر، عديم النّظير. له وجاهة عند الخليفتين القادر
والقائم.
صنّف كتاب "الإرشاد"، وكانت له حلقة بجامع المنصور.
وقد صَحِبَ أبا الحسن التَّميميّ، وغيره من الكبار.
قال رزق الله التّميميّ: زرتُ قبرَ الإمام أحمد بن حنبل مع الشّريف أبي
عليّ بن أبي موسى، فرأيته قَبَّلَ رِجْلَ القبْرِ. فقلتُ له: في هذا
أثرٌ؟ فقال لي: أحمد في نفسي عظيم، وما أظنُّ الله تعالى يؤاخذني بهذا
الفِعْل. أو كما قال.
وَقَالَ الخطيب: تُوُفّي في ربيع الآخر. وكان ثقة، له التّصانيف على
مذهب أحمد.
275- مُحَمَّد بْن أَحمد بْن مأمون.
أبو عَبْد الله المصري، المحدَّث.
__________
1 تاريخ بغداد "1/ 354"، طبقات الحنابلة "2/ 182-186"، البداية
والنهاية "12، 41".
(29/127)
قال الحبّال: تُكلِّم في حديثه ومذهبه،
عنده عن بُكَيْر الرّازيّ، عن بكّار بن قُتَيْبَة، وغيره. توفي في ربيع
الأول.
قلت: ذكره في تاريخه الحافظ قطب الدين وقال: محمد بن أحمد بن الحسين
مأمون بن محمد بن داود بن سليمان بن حيّان، أبو عبد الله القيسيّ
المصريّ.
روى عن: أبي بكر بن أحمد بن إبراهيم الرّازيّ، وعبد الله بن الحسن بن
عمر بن رذاذ، وأبو معشر الطّبريّ، وسعد بن عليّ الزّنْجانيّ، وآخرون.
قال الحبّال أيضًا: هو محدّث بن محدّث.
قالت: يقع حديثه في "جزء سعْد الزَّنْجانيّ"، ومن "فوائد العثمانيّ"
بنزول.
276- محمد بن إبراهيم المشّاط1.
أبو بكر الفارسيّ.
حدَّث بنَيْسابور عن: أبي عمرو بن مطر، وإبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن
الحسن السراج، وطبقتهم.
روى عنه: أبو بكر البيهقي، وعلي بن أحمد الأخرم.
277- محمد بن إبراهيم بن عبدان2.
أبو بكر الكرماني السيرجاني، الحافظ الرحال.
طول، وسمع: أبا عبد الله بن مَنْدَهْ، وأبا عبد الله الحاكم، وأبا عبد
الله الحسين بن الحسن الحليميّ، وأبا الحسن محمد بن عليّ الهَمَذانيّ،
وأبا نصر أحمد بن محمد الكَلَاباذيّ.
روى عنه: جعفر بن محمد المستغفريّ وهو من أقرانه.
وآخر من حدَّث عنه: عبد الغفّار الشِّيرُوِييّ. تُوُفّي بسَمَرْقِنْد.
278- مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى3.
__________
1 تقدم برقم "142".
2 الأنساب "7/ 220، 221".
3 تاريخ بغداد "2/ 218، 219"، ميزان الاعتدال "3/ 516"، لسان الميزان
"5/ 124".
(29/128)
أبو الحسين الأهْوَازيّ، المعروف بابن أبي
عليّ الأصبهاني.
سكن بغداد، وحدَّث عن جماعة من شيوخ الأهواز.
وكان مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة.
حدَّث عن: أحمد بن عبدان الشَّيرازيّ الحافظ بـ "تاريخ البخاريّ".
قال الخطيب: سمعنا منه وفيه شيء. وحدَّثني أبو الوليد الدَّرْبَنْديّ
قال: سمعت أحمد بن عليّ الجصّاص بالأهواز قال: كنّا نسمّي ابن أبي عليّ
الأصبهاني: "جراب الكذِب". تُوُفّي بالأهواز.
179- محمد بن الحسن بن أحمد بن اللَّيث.
أبو بكر الشّيرازيّ الصّفّار.
روى عن: أبي الفضل مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خميرُوَيْه
الهَرَويّ، والعبّاس بن الفضل النَّصْرويّ، وأبي بكر بن المقرئ، وأبي
محمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخسيّ. وقع لنا مجلسان من حديثه.
روى عنه: القاضي أبو طاهر محمد بن عبد الله بن أبي بردة الفَزَاريّ،
وعبد الرّحيم بن محمد بن الشّيرازيّ شيخ أبي سعيد الصّائغ، وجماعة.
وكان خطيب شيراز. رحل به أبوه الحافظ الكبير أبو عليّ.
وكان مولده في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
280- محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ باكُوَيْه1.
أبو عبد الله الشّيرازيّ، أحد مشايخ الصُّوفيّة الكبار.
سمع: محمد بن خفيف الزّاهد، ومحمد بن القاسم بن ناصح الكَرْجيّ بشيراز،
وأبا بكر القَطِيعيّ ببغداد، وأبا أحمد بن عديّ بجُرْجَان، وأبا يعقوب
النُّجَّيرميّ بالبصرة، وأبا الفضل بن خميرُوَيْه بهَرَاة، وعلي بن عبد
الرحمن البكائي بالكوفة، ومغيرة بن عمرو بمكّة، وإسماعيل بن محمد
الفرّاء ببَلْخ، وأبا بكر بن المقرئ بأصبهان، وأبا بكر محمد بن القاسم
الفارسيّ ببُخَاري، وأبا بكر المَيَانِجِيّ بدمشق.
__________
1 الأنساب "7/ 452"، سير أعلام النبلاء "17/ 544"، الوافي بالوفيات "3/
322"، لسان الميزان "809".
(29/129)
وعنه: أبو القاسم القُشَيريّ، وعبد الواحد
بن أبي القاسم القُشَيْريّ، وأبو بكر بن خَلَف الشيرازي، وعبد الوهاب
بن أحمد الثقفي، والشيرويي، وعلي بن عبد الله بن أبي صادق، وآخرون.
وقع لنا جزء من حديثه.
وقال إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ: سمعت أبا صالح أحمد بن عبد الملك
المؤذّن يقول: نظر في أجزاء أبي عبد الله بن باكُوَيْه، فلم أجد عليها
آثار السِّماع. وأحسن ما سمعت عليه الحكايات. ورَّخه الحسين بن محمد
الكُتُبيّ الهَرَويّ.
281- محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد السّلام.
أبو جعفر الأبْهَريّ، الفقيه.
سمع ببغداد: أبا بكر القَطِيعيّ، والقاضي أبا بكر الأبهريّ، وجماعة.
وله جزء معروف، سمعه منه حفيده عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد العزيز بْن
مُحَمَّد شيخ السِلَفيّ. كتبه السلفي سنة خمسمائة بأبْهَر عن حفيده.
282- مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر1.
أَبُو عَبْد الله البغدادي البزاز ابن زوج الحرّة.
مُكثر، سمع: أبا عليّ الفارسيّ النَّحْويّ، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ،
وأبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا حفص الزّيّات.
روى عنه الخطيب، ووثّقه.
283- مِهْيار بن مَرْزُوَيْه الدَّيْلَميّ2.
أبو الحسن الكاتب الشّاعر المشهور.
كان مجوسيًّا فأسلم على يد الشّريف الرّضيّ أبي الحسن الموسَويّ، وهو
أستاذه في الأدب والنَّظْم، وبه تخرج. وكان رافضيًا.
__________
1 تاريخ بغداد "2/ 360، 361".
2 تاريخ بغداد "13/ 276"، الكامل في التاريخ"9/ 456"، سير أعلام
النبلاء "17/ 472"، البداية والنهاية "12/ 41، 42".
(29/130)
حدَّث بديوان شِعْره، وقد تعرَّض للصّحابة
في شعره، وديوانه في نَحْو أربع مجلّدات. وكان مقدَّمًا على شعراء
عصره.
ومن سائر قوله:
بكّر العارضُ تحدوه النُّعَامَى ... فسقاك الرّيّ يا دارَ أُماما
منها:
وبجرعاء الحِمَى قلبي فعُجْ ... بالحِمَى فاقرأ على قلبي السّلاما
قل لجيران الغضا: آهٌ على ... طِيب عَيْشٍ بالغضا لو كان داما
حَمَّلُوا ريحَ الصَّبَا نَشْركُمُ ... قبل أنْ تحمل شَيحًا وتماما
وابعثوا أشْباهَ حلم لي في الكرَى ... إنّ أذِنْتُم لجُفُوني أن تناما
وله:
ظن غداة البين أنّ قد سَلِما ... لمّا رأى سهْمًا لم تجرِ دمًا
وعاد يسْتَقْري حشاهُ فإذا ... فؤاده من بينها قد عُدِما
لم يدْرِ من أين أُصِيب قلْبُهُ ... وإنّما الرّامي دَرَى كيف رما
يا قاتَلَ الله العيونَ خُلِقَتْ ... جَوَارِحًا فكيف عادت أسْهُمًا
وتُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
284- ميمون بن سهل.
أبو نجيب الواسطي، ثم الهروي. الفقيه. مات في رمضان.
وروى عن: أبي بكر محمد بن أحمد المفيد، وأبي القاسم بكر بن أحمد،
وجماعة.
روى عنه: ابنه نجيب، وأبو عليّ جُهَانْدار.
"حرف الياء":
285- يوسف بن حمود بن خلف1.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 683"، ترتيب المدارك "4/ 721-723".
(29/131)
أبو الحجّاج الصَّدفيّ السِّبْتيّ الفقيه
المالكيّ. قاضي سبْته نَيِّفًا وعشرين سنة.
سمع بالأندلس من: أبي بكر الزُّبَيْديّ، وأبي محمد الأصيليّ، وخَطَّاب
بن مَسْلَمة، وعبد الله بن محمد الباجيّ.
وكان صالحًا متواضعًا، أديبًا شاعرًا، رحمه الله.
وفيات سنة تسع وعشرون وأربعمائة:
"حرف الألف":
286- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين بن إسماعيل1.
أبو عبد الله المَحَامليّ.
سمع: أبا بكر النّجّاد، وأبا سهل بن زياد، ودَعْلَج بن أحمد،
والشّافعيّ.
ووُلِد في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خَيْرُون، وأبو غالب
الباقِلّانيّ، وجماعة من مشيخة السِّلَفيّ الّذين ببغداد.
وقال الخطيب: كان سماعه صحيحًا. وحدَّث له صممٌ في أوّل سنة ثمانٍ
وعشرين.
وتُوُفّي في ربيع الآخر. قال: عاش ستًّا وثمانين سنة رحمه الله.
287- أحمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن خُشْنَام2.
أبو مسعود الخُشْنَاميّ النَّيْسابوريّ. تُوُفّي يوم النَّحر.
288- أحمد بن عليّ بن منصور بن شعيب.
القاضي أبو نصر البُخَاريّ. سمع: أبا عِمْرو بن صابر البخاريّ، وغيره.
289- أحمد بن عمر بن عليّ.
__________
1 تاريخ بغداد "4/ 238"، الأنساب "11/ 154، 155"، سير أعلام النبلاء
"17/ 538".
2 الأنساب "5/ 131"، المنتخب من السياق "101".
3 تاريخ بغداد "4/ 295".
(29/132)
قاضي دَرْزنْجان. سمع: ابن المظفّر، وأبا
حفص الزّيّات، وعدّة.
سكن دَرْزِنْجان. روى عنه: الخطيب.
290- أَحْمَد بْن محمد بْن أَحْمَد بْن ميمون1.
أبو نصر بْنُ الوتّار. شيعيّ ببغداد. سمع منه: الخطيب.
يروى عن: ابن المظفّر، وأبي بكر بن شاذان. ضعيف.
291- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن أبي عيسى لُبّ بن
يحيى2.
أبو عمر المَعَافريّ الأندلسيّ، الطَلَمنْكيّ، المقرئ.
نزيل قُرْطُبة. وأصله من طَلَمَنْكَة. أوّل سماعه سنة اثنتين وستين
وثلاثمائة.
روى عنه: أبي عيسى يحيى بن عبد الله الَّلْيثيّ، وأبي بكر
الزُّبَيْديّ، وأحمد بْن عَوْن الله، وأبي عَبْد الله بْن مفرج، وأبي
محمد الباجيّ، وخَلَف بن محمد الخَوْلانيّ، وأبي الحسن الأنطاكيّ
المقرئ.
وحجّ فلقي بمكّة: أبا الطّاهر محمد بن محمد العُجَيْفيّ، وعمر بن
عِرَاك المصري، بالمدينة: يحيى بن الحسين المُطَّلبيّ، وبمصر: أبا بكر
محمد بن عليّ الأُدْفُويّ، وأبا الطّيّب بن غَلْبُون، وأبا بكر
المهندس، وأبا القاسم الْجَوْهَريّ، وأبا العلاء بن ماهان، وبدِمْيَاط:
محمد بن يحيى بن عمّار، وبإفريقيّة: أبا محمد بن أبي زيد، وأبا جعفر
أحمد بن رحمون.
ورجع بعِلمٍ كثير.
روى عنه: أبو عمر بن عبد البَرّ، وأبو محمد بن حَزْم، وعبد الله سهل
الأندلسي.
وكان خبرًا في علم القرآن، قراءاته، وإعرابه، وناسخه، ومنسوخه،
وأحكامه، ومعانيه. صنّف كُتُبًا حِسَانًا نافعةً على مذاهب السُّنَّة،
ظهر فيها عِلْمه، واستبان فهمه. وكان ذا عناية تامّة بالأثر ومعرفة
الرّجال، حافظًا للسُّنَن، إمامًا عارفًا بأصول الدّيانات. قديم
الطّلب، عالي الإسناد، ذا هدي وسنة واستقامة.
__________
1 تاريخ بغداد "4/ 377"، ميزان الاعتدال "1/ 30"، لسان الميزان "1/
252".
2 تذكرة الحفاظ "3/ 1098، 1100"، سير أعلام النبلاء "17/ 566-569"،
الوافي بالوفيات "8/ 32، 33".
(29/133)
قال أبو عمر الدّانيّ: أخذ القراءة عَرْضًا
عن: أبي الحسن الأنطاكيّ، وابن غَلْبُون، ومحمد بن الحسين بن
النُّعْمَان.
وسمع من محمد بن عليّ الأُدْفُويّ، ولم يقرأ عليه.
وكان فاضلًا ضابطًا، شديدًا في السُّنَّة رحمه الله.
قال ابن بَشْكُوَال: كان سيفًا مجرّدًا على أهل الأهواء والبِدَع،
قامِعًا لهم، غَيُورًا على الشّريعة، شديدًا في ذات الله. أقرأ النّاس
محتسِبًا، وأسمع الحديث، والتزم الإمامة بمسجد مُنْعَة. ثمّ خرج إلى
الثَّغْر، فتجوّل فيه. وانتفع النّاس بعلمه، وقصد بلده في آخر عمره
فتُوُفّي بها.
أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن عيسى بن محمد بن بَقِيّ الحَجّاريّ، عن
أبيه قال: خرج إلينا أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ يومًا ونحن نقرأ عليه
فقال: اقرأوا وأَكْثِرُوا، فإنّي لا أتجاوز هذا العام.
فقلنا له: ولِمَ يرحمك الله؟ فقال: رأيتُ البارحة في منامي مَن
يُنشدني:
اغْتَنِمُوا البرَّ بشيخٍ ثَوَى ... تَرْحَمُه السَّوقَةُ والصِّيدُ
قد خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مضى ... ليس له من بعده عِيدُ
فتُوُفّي في ذلك العام.
ولد سنة أربعين وثلاثمائة، وتُوُفّي في ذي الحجّة.
روى عنه جماعة كثيرة. وقد امتُحِن بفَرْط إنكاره. وقام عليه طائفة من
المخالفين، وشهدوا عليه بأنّه حَرُورِيّ يرى وضع السَّيف في صالحي
المسلمين. وكانوا خمسة عشر شاهدًا من الفقهاء والنبهاء، فنصره قاضي
سَرَقُسْطَة في سنة خمسٍ وعشرين. وأشهد على نفسه بإسقاط الشُّهود. وهو
القاضي محمد بن عبد الله بن فَرْتُون رحمه الله.
292- أحمد بْن محمد بْن إسماعيل1.
أبو بَكْر القَيْسيّ المعروف بابن السَّبْتيّ. حجّ بعد السبعين
وثلاثمائة.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 45، 46".
(29/134)
وسمع من: أبي محمد بن أبي زيد، والداودي،
وعطيّة بن سعيد. وسمع بقُرْطُبة من ابن مفرج القاضي.
وكان زاهدًا عالمًا فاضلًا. توفي بسبتة وقد شاخ.
293- أحمد بْن محمد بْن أحمد بْن جعفر1.
أبو بكر اليَزْديّ الحافظ.
حافظ رحّال، مصنِّف كبير، وهو خال أبي بكر أحمد بن مَنْجُوَيْه الحافظ.
روى عن: أبي الشّيخ، وغيره.
سمع منه: أبو عليّ الحدّاد فِي هذه السّنة.
294- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد الله بْن محمد2.
أبو بكر البُسْتيّ، الفقيه الشّافعيّ.
كان من كبار الأئمة بنَيْسابور، ومن أُولي الرئاسة والحشمة.
سمع الكثير، وأملى مدّة عن الدَّارَقُطْنيّ، وطبقته.
روى عنه: مسعود السِّجَزيّ. وتُوُفّي في ثالث عشر رجب.
295- إسحاق بْن أَبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عبد
الرحمن3.
الحافظ أبو يعقوب السَّرْخَسيّ، ثمّ الهَرَويّ القرّاب.
الإمام الجليل، محدَّث هَرَاة. له مصنفات كثيرة.
ولد سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وطلب الحديث فأكثر.
قال أبو النَّضْر الفَامِيّ: حتى أنّ عدد شيوخه زاد على ألف ومائتي
نفس، وله "تاريخ السِّنين" الّذي صنّفّه في وفاة أهل العلم، من زَمَانِ
رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى سنة وفاته
سنة تسعٍ وعشرين. ومنها: "كتاب المُهَج"، وكتاب "الأنس والسلوة"، وكتاب
"شمائل العباد".
__________
1 الأنساب "12/ 400".
2 المنتخب من السياق "93".
3 سير أعلام النبلاء "17/ 570-572"، الوافي بالوفيات "8/ 394"، الأعلام
"1/ 293".
(29/135)
قال: وكان زاهدًا مُقِلًّا من الدّنيا.
قلت: سمع: العباس بن الفضل النضروبي، وجدّه محمد بن عمر بن
حَفْصُوَيْه، وأبا الفضل محمد بن عبد الله السّيّاريّ، وعبد الله بن
أحمد بن حَمُّوَيْه السَّرْخَسِيّ، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأحمد بن عبد
الله النُّعَيْميّ، والخليل بن أحمد القاضي، وأبا الحَسَن مُحَمَّد بن
أَحْمَد بن مُحَمَّد بن حمزة، والحسين بن أحمد الشّمَّاخِيّ الصّفّار،
وأبا منصور محمد بن عبد الله البزاز، وهذه الطبقة فمن بعدهم، حتّى كتب
عمّن هو أصغر منه.
وحدَّث عن: الحافظ عليّ الحسن بن عليّ الوخْشيّ وهو من أصحابه.
روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاريّ، وأبو الفضل أحمد بن أبي
عاصم الصَّيْدلانيّ، والحسين بن محمد بن مَتّ، والهَرَويّون.
وقد احتجّ به شيخ الإسلام في الجرْح والتعديل.
296- إسماعيل بن عمرو الحداد المقرئ ابن إسماعيل بن راشد1.
أبو محمد المصريّ. رجلٌ صالح جليل القدر.
روى عن: الحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياش، والعباس بن أحمد
الهاشمي.
روى عنه: القاضي أبو الحسن الخلعي، والمصريون، وسعد الزنجاني.
توفي في صفر. وقد قرأ بالرّوايات وأقراها.
أخذ عن: أبي محمد غزوان بن القاسم المازنيّ، وأبي عدي عبد العزيز بن
علي الإمام، وقُسَيْم بن مُطَيّر، وحمدان بن عَوْن الخَوْلانيّ،
وغيرهم.
قرأ عليه أبو القاسم الهُذَليّ، وجماعة. عُمِّر دهرًا.
297- إسماعيل بن محمد بن مؤمن2.
أبو القاسم الحضرمي الإشبيلي.
__________
1 تذكرة الحفاظ "3/ 1100"، غاية النهاية "1/ 167"، حسن المحاضرة "1/
493".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 103، 104".
(29/136)
حجّ وقرأ بمصر على: طاهر بن غَلْبُون. وسمع
من: أبي الحسن القابِسيّ.
وكان مُتفنّنًا في العلوم جامعًا لها.
تُوُفّي في صَفَر، وقد نَيّف على السّبعين.
"حرف الحاء":
398- حَجّاج بن محمد بن عبد الله1.
أبو الوليد اللَّخْميّ، الأسيليّ. رحل وسمع من: أبي الحسن القابسي
الداودي. وكان معتنيًا بالعلم. ذكر أبو محمد بن خَزْرَج.
299- حجّاج بن يوسف2.
أبو محمد اللّخْميّ الإشبيليّ، ويُعرف بابن الزّاهد. سمع من: أبي محمد
الباجِيّ، وأبي بكر بن السّليم القاضي، وابن القُوطِيّة، وجماعة قدماء.
وكان مقدَّمًا في العلم والفَهْم والشِّعْر. تُوُفّي عن نحو ثمانين
سنة.
300- الْحَسَن بْن أحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن حمديه3.
أبو عليّ البغداديّ، أخو عبد الله. حدَّث بمجلسٍ واحدٍ عن أبي بكر
الشّافعيّ. قال الخطيب: لم أسمع منه، وكان صدوقًا. مات في رمضان.
301- الحسن بن عليّ بن الصَّقْر4.
أبو محمد البغداديّ، المقرئ، الكاتب. كان كثير التّلاوة، عالي الإسناد.
قرأ لأبي عَمْرو على زيد بن أبي بلال الكوفيّ، وهو آخر من تلا عليه.
تلا عليه القرآن: عبد السّيّد بن عتاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله
بن يحيى الوكيل، وثابت بن بُنْدَار، وأبو الخطاب عليّ بن عبد الرحمن بن
الجراح. وأبو الفضل بن خيرون، وغيرهم.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 152".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 152".
3 تاريخ بغداد "7/ 280".
4 تاريخ بغداد "6/ 390"، غاية النهاية "1/ 224"، النجوم الزاهرة "5/
28".
(29/137)
وكان رئيسًا جليلًا مُعمَّرًا. وُلِد سنة
خمسٍ وثلاثين وثلاثمائة. وكان يمكنه السّماع من إسماعيل الصّفّار،
وطبقته. توفي في ثالث عشر جُمَادى الأولى رحمه الله تعالى.
302- الحسن بن أحمد بن سَلَمَة1.
القاضي أبو عبد الله الرَّبَعيّ الدّمشقيّ. الفقيه المالكيّ. قاضي ديار
بكر. سمع من: يوسف المَيَانَجِيّ. وأبي حفص الزّيّات، والقاضي أبي بكر
الأبْهَريّ، ومحمد بن المظفّر، وجماعة.
روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وعمر بن أحمد الآمِديّ، وأبو القاسم بن
أبي العلاء، وآخرون. حدَّث في هذا العام بصور.
303- الحسين بْن أحمد بْن عبد الله2.
الإمام أبو عبد الله بن الحربيّ المقرئ.
قرأ على: عمر بن محمد بن عبد الصّمد، والحسن بن عثمان البُرْزَاطيّ،
وأبي العبّاس عبد الله بن محمد أصحاب ابن مجاهد. تلا عليه عبد السّيّد
بن عتّاب. وقد حدَّث عن النّجّاد. روى عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون،
ومحمد بن محمد المُسْلِمَة، وكان ظاهر الصَّلاح.
قال لنا ابن البنَّا: كان من أولياء الله، يُقرئ النّاس ويُلقي عليهم
ما ينفعهم من الفقه والأحاديث، وله كرامات كثيرة. مات في جُمَادى
الأولى.
304- الحسين بن ميمون بن حَسْنُون.
أبو عليّ المصريّ. رجل صالح؛ ورَّخه الحبّال.
"حرف الخاء":
305- خَلَف، مولى جعفر الفتى3.
المقرئ أبو سعيد: مولى بني أميه الأندلسي.
__________
1 تاريخ دمشق "10/ 394"، تهذيب تاريخ دمشق "4/ 284".
2 غاية النهاية "1/ 238".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 166".
(29/138)
حجّ وسمع من: أبي بكر الأدفُويّ، وأبي
القاسم الْجَوْهَريّ، وأبي محمد بن أبي زيد، وأبي القاسم عُبَيْد الله
السَّقَطيّ. قال الخَوْلانيّ: كان نبيلًا من أهل القرآن والعلم، مائلًا
إلى الزّهد والانقباض. روى عنه: أبو عبد الله بن عتّاب وأثنى عليه.
قال أبو عَمْرو الدَّانيّ: تُوُفّي في ربيع الآخر، وقرأ القرآن على:
أبي أحمد السّامرّيّ، والأُدْفُويّ. حدَّث بقُرْطُبة، وغيرها.
"حرف السين":
306- سعيد بن إدريس1.
أبو عثمان السُّلَميّ الإشبيليّ، المقرئ. رحل وحجّ، ولقي بمصر أبا
الطّيّب بن غَلْبُون، وكانت له عنده حُظْوَة ومنزلة. وسمع تصانيفه.
ولقي أبا بكر الأُدْفُويّ، وأخذ عنه. وسمع من عبد العزيز بن عبد الله
الشُّعَيْريّ كتاب "الوقف والابتداء" بسماعه من ابن الأنباريّ.
ورجع إلى الأندلس، وقد برع في علم القراءات. وكان حَسَنَ الحِفْظ،
مجوِّدًا، فصيحًا، طيّب الصّوت، معدوم المِثْل، وكان إمامًا للمؤيّد
بالله هشام بن الحَكَم بقُرْطُبة، فلمّا وقعت الفتنة خرج إلى إشبيليّة
فسكنها، وبها تُوُفّي وله سبعٌ وثمانون سنة. ورَّخه أبو عَمْرو
الدَّانيّ، وترجمه الخَوْلانيّ، وقال أبو محمد بن خَزْرج: تُوُفّي في
ذي الحجّة سنة ثمانٍ وعشرين، وقد كمّل الثمانين.
307- سعيد بن عبد الله بن دُحَيْم2.
أبو عثمان الأزْديّ القُرَيْشيّ النَّحْويّ نزيل إشبيليّة. كان إمامًا
في معرفة "كتاب سِيبوَيْه"، بارعًا في اللغة والشعر، إخباريًا. أخذ عن:
أبي نصر بن هارون بن موسى، ومحمد بن عاصم، ومحمد بن خطّاب. ذكره ابن
خَزْرَج.
308- سُفْيان بن الحسين. أبو العز الغيسقاني الهروي. روى عن: بِشْر بن
محمد المُزَنيّ.
روى عنه: الحسين بن محمد الكُتُبيّ، وأبي بكر القبّاب، سمع منه: عليّ
بن أحمد بن مهران، وابن مادُوَيْه. من بيت العدالة والصّلاح بإصبهان.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 220"، غاية النهاية "1/ 304".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 220، 221".
(29/139)
"حرف الصّاد":
309- صلة بن المؤمّل بن خَلَف1.
أَبُو القاسم البغداديّ، نزيل مصر.
رَوَى عَنْ: القَطِيعيّ، وأبي محمد بن ماسي، ونحوهما. وحدَّث بالكثير.
روى عنه: ابن أبي الصّقر الأنباريّ.
"حرف الظّاء":
310- ظَفْرُ بن مُظَفَّر بن عبد الله بن كِتنّة2.
الفقيه أبو الحسين الحلبيّ الشافعيّ. سمع: عبد الرحمن بن عمر بن نصر،
وعبيد الله بن الورّاق. روى عنه: السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ،
ومحمد بن أحمد بن أبي الصَّقْر الأنباريّ.
مات رحمه الله في الكُهُولة.
"حرف العين":
311- عبد الله بن رضا بن خالد بن عبد الله بن رِضا3.
أبو محمد اليابُرِيّ المغربيّ، من رهْط الأخطل الشّاعر. كان بارعًا في
الأدب والبلاغة والنَّظْم والإنشاء، له ذِكْر. وتُوُفّي بإشبيليّة في
ذي الحجّة عن بضعٍ وسبعين سنة.
312- عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الله بن
بِشْران4.
البغداديّ الشّاهد. أبو محمد بن الشّيخ أبي الحسين. سمع: أبا بكر
القَطِيعيّ، وابن ماسيّ، وجماعة. قال الخطيب: كان سماعه صحيحًا. وتوفي
في شوال.
__________
1 تاريخ بغداد "9/ 337".
2 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 121"، طبقات الشافعية الكبرى "5/ 52".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 267".
4 تاريخ بغداد "10/ 14".
(29/140)
313- عبد الرحمن بن أحمد بن أشَجّ1.
أبو زيد القرطبي. روى عن: أحمد بن عبد الله بن العَنان، وأبي جعفر بن
عَوْن الله، وابن مُفَرِّج القاضي. قال ابن حيّان: كان من أهل العدالة
والمروءة، وكان قليل العلم. تُوُفّي في رجب هو والقاضي يونس في يوم.
314- عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن عَبْد الرحمن2
بن سعيد بن خالد بن حُمَيْد بن أبي العجائز. الأزْديّ الدّمشقيّ،
المعدّل. سمع من: أبيه، وأبي بكر المَيَانِجِيّ، والرَّبَعيّ. روى عنه:
ابنه عبد الله، وأبو سعْد السّمّان، وعبد العزيز الكتّانيّ، وقال: مات
في محرَّم.
315- عبد القاهر بن طاهر3.
الأستاذ أبو منصور البغداديّ. مات بإسْفَرايين، وكان أحد الفُقهاء.
سمع: أبا عَمْرو بن نُجَيْد وأبا عَمْرو محمد بن جعفر بن مطر. روى عنه:
أبو بكر البَيْهَقيّ، وعبد الغفّار بن محمد بن شِيرُوَيْه، وأبو القاسم
عبد الكريم القُشَيريّ.
وكان أبو منصور تلميذ الأستاذ أبي إسحاق الإسْفَرائينيّ. وكان يدرّس في
سبعة عشر فنًّا، وكان محتشمًا متموِّلًا. صنّف كتاب "التَّكملة" في
الحساب.
وقال أبو عثمان شيخ الإسلام الصّابونيّ: كان الأستاذ أبو منصور من
أئمّة الأصول، وصدور الإسلام، بإجماع أهل الفضل والتّحصيل. بديع
التّرتيب، غريب التّأليف والتّهذيب، تراهُ الْجِلَّةُ صدْرًا مقدَّمًا،
ويدعوه الأئمّة إمامًا مُضَخَّمًا. ومن خراب نَيْسابور أنِ اضطُّرَّ
مثلُه إلى مفارقتها.
وقيل: إنّه لمّا حصَل بإسْفَرايين ابتهجوا بمَقْدِمِهِ إلى الغاية،
ودُفِنَ إلى جانب الأستاذ أبي إسحاق.
وقد أفردتُ له ترجمةً، ووقع لي من عواليه.
- عبد الملك بن محمد.
أبو منصور الثعالبي. الأصح موته في سنة ثلاثين.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 328".
2 مختصر تاريخ دمشق "14/ 291".
3 تقدم رقم "229".
(29/141)
316- عبد الملك بن سليمان بن عمر بن عبد
العزيز1.
أبو الوليد الإشبيليّ ابن القُوطِيّة. كان متصرِّفًا في الفقه والحساب
والآداب، بارعًا في عقْد الوثائق، راويةً للأخبار.
روى عن: أبي بكر بن السّليم القاضي. وأبان بن السّرّاج، وجماعة. وأوّل
ما سمع سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة.
317- عليّ بن الحسن.
الأديب أبو طاهر بن الحَمَاميّ الشّاعر. خَدَم بني بُوَيْه، وترسّل إلى
الأطراف. روى عنه: القاضي أبو تمام الواسطيّ، والحسين بن الصّابئ.
"حرف الميم":
318- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن إسحاق.
أبو الفضل الدَّنْدَانْقانيّ، الفقيه المعروف بالزّاهريّ، وهي نسبة إلى
زاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، لكونه رحلَ إليه، وتفقَّه عليه. روى عنه،
وعن: أحمد بن سعيد ... ، وأبي القاسم بن حبيب المفسِّر، وغيرهم. روى
عنه: ابنه إسماعيل، وأبو حامد بن محمد الشُّجَاعيّ، ومحمد بن أحمد
الطَّبَسيّ.
وتُوُفّي بقريته عن نَيِّفٍ وتسعين سنة.
319- مُحَمَّد بْن سَعِيد بْن مُحَمَّد بْن نَبَات2.
أبو عبد الله الأُمويّ القُرْطُبيّ.
روى عن: أبي عيسى اللَّيْثيّ، وأبي جعفر بن عَوْن الله، وأبي الحسن
الأنطاكي المقرئ.
وكان ثقة صالحا، معتنيا بالعلم، جيد المشاركة، من أهل السنة. توفي في
المحرم عن ثلاثٍ وتسعين سنة، رحمه الله.
302- محمد بن سعيد الخطّابيّ الهَرَويّ.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 359".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 519، 520".
(29/142)
عاش نَيِّفًا وتسعين سنة. كنيته: أبو عبد
الله. روى عن: حامد الرّفّاء. روى عنه: أبو عبد الله العُمَيْريّ، وأهل
هَرَاة.
321- مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد1.
أَبُو بَكْر السَّقَطيّ. سمع: أبا بكر القَطِيعيّ، وغيره.
روى عنه: الخطيب. وصدَّقه. تُوُفّي في ذي الحجّة.
322- محمد بن عمر بن محمد القاضي2.
أبو بكر بن الأخضر الدّاوديّ الفقيه. بغداديّ ثقة، إمام. سمع: أبا
الحسن بن لؤلؤ، وأبا الحسين بن المظفَّر، وجماعة. وثّقه الخطيب وروى
عنه. عاش ستًّا وسبعين سنة.
323- محمد بن محمد بن محمد3.
أبو الموفَّق النَّيْسَابوري. محدَّث رحّال. سمع ببغداد أبا الحسن بن
الجنديّ، وبدمشق عبد الوهّاب الكِلابيّ، وبمصر الحافظ عبد الغنيّ.
روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو القاسم بن الفرّات، والخطيب.
324- مُحَمَّد بْن يوسف بْن مُحَمَّد4.
أَبُو عَبْد الله الأُمويّ القُرْطُبيّ النّجّاد.
خال الحافظ أبي عَمْرو الدَّانيّ. أخذ القراءة عَرْضًا عن: أبي أحمد
السّامريّ بمصر، وأبي الحسن الأنطاكيّ بقُرْطُبة.
وكان صدوقًا، متقنًا، عارفًا بالقراءات والعربيّة والحساب، أقرأ
النّاسَ بقُرْطُبة، ثمّ استوطن الثَّغْر، وأقرأ الناسَ به دهرًا.
وتُوُفّي في ذي القعدة وقد قارب الثمانين.
__________
1 تاريخ بغداد "3/ 95".
2 تاريخ بغداد "3/ 38"، المنتظم "8/ 99".
3 تاريخ بغداد "3/ 233"، مختصر تاريخ دمشق "23/ 196".
4 الصلة لابن بشكوال "2/ 520، 521"، غاية النهاية 2/ 287".
(29/143)
"حرف النّون":
325- نصر بن شعيب1.
أبو الفتح الدِّمياطيّ. قدِم الأندلس تاجرًا، وكانت له رواية واسعة عن
جماعة. روى عن: أبي بكر الأُدْفُويّ كثيرًا. وكان مجوّدًا للقرآن،
عارفًا للعربية. قدم الأندلس في هذا العام.
"حرف الياء":
326- يونس بن عبد الله بْن مُحَمَّد بْن مغيث بْن مُحَمَّد بْن عبد
الله2.
قاضي القضاة بقرطبة أبو الوليد بن الصفار، شيخ الأندلس في عصره ومسندها
وعالمها. ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة. وحدَّث عن: أبي بكر محمد بن
معاوية القرشي صاحب النَّسَائيّ، وأبي عيسى اللّيْثيّ، وإسماعيل بن
بدر، وأحمد بن ثابت التَّغْلبيّ، وتميم بن محمد القروي، والقاضي محمد
بن إسحاق بن السليم. وتفقه مع القاضي أبي بكر بن زرب، وجمع مسائله.
وروى أيضا عن: أبي بكر بن القُوطِيّة، واحمد بن خالد التّاجر، ويحيي بن
مجاهد، وأبي جعفر بن عون الله، وابن مجلس الكبير. وأبي زكريا بن عائذ،
والزبيدي، وأبي الحسن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن بَقيّ، وأَبِي
محمد عبد المؤمن، وأبي عبد الله بن أبي دليم.
وسمع منهم وأكثر عنهم، وقد أجاز له من المشرق: الحسن بن رشيق، وأبو
الحسن الدارقطني.
وولي أولا قضاء بطليوس، ثم صرف. وولي خطابة مدينة الزهراء. ثم ولي
القضاء والخطبة بقرطبة مع الوزارة. ثم صرف عن جميع ذلك ولزِم بيته.
ثمّ ولي قضاء الجماعة والخطبة سنة تسع عشرة وأربعمائة، فبقي قاضيًا إلى
أنّ مات.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 639".
2 سير أعلام النبلاء "17/ 569، 570"، دول الإسلام "1/ 255"، شذرات
الذهب "3/ 244".
(29/144)
قال صاحبه أبو عمر بن مهديّ: كان من أهل
العلم بالحديث والفقه. كثير الرّواية، وافر الحظّ من العربيّة واللّغة،
قائلًا للشِّعر النَّفيس، بليغًا في خُطَبه، كثير الخشوع فيها، لا
يتمالك من سمعه عن البكاء، مع الزهد والفضل والقنوع باليسير. ما لقيت
في شيوخنا مَن يُضاهيه في جميع أحواله.
كنتُ إذا ذاكَرْتُهُ شيئًا من أمر الآخرة يصفرُّ وجهه ويدافع البكاء،
وربّما غلبه، وكان الدَّمْع قد أثر في عينيه وغيرهما لكثرة بكائه. وكان
النّور باديا على وجهه وصَحِب الصّالحين، وما رأيتُ أحفظ منه لأخبارهم
وحكاياتهم، صنّف كتاب "المنقطعين إلى الله"، وكتاب "التّسليّ عن
الدّنيا"، وكتاب "فضل المتهجّدين"، وكتاب "التّسبّب والتّيسير"، وكتاب
"محبّة الله والابتهاج بها"، وكتاب "فضل المستصرخين بالله عند نزول
البلاء".
روى عنه: مكّيّ بن أبي طالب القَيْسيّ، وأبو عبد الله بن عائذ، وأبو
عَمْرو الدّانيّ، وأبو عُمَر بن عبد البَرّ، ومحمد بن عتّاب، وأبو عمر
بن الحذّاء، وأبو محمد بن حزْم، وأبو الوليد سليمان بن خَلَف الباجيّ،
وأبو عبد الله الخَوْلانيّ، وحاتم بن محمد، ومحمد بن فرج مولى ابن
الطّلّاع، وخلْق سواهم. ودُفِنَ يوم الجمعة العصر لليلتين بقيتا من
رجب، وشيّعه خلْق عظيم.
وكان وقت دفنه غيث وابل رحمه الله.
ومن شِعره:
فررتُ إليكَ من ظُلمي لنفسي ... وأوحَشَني العبادُ فأنتَ أُنْسي
رضاكَ هو المُنى، وبكَ افتخارِي ... وذِكْرُكَ في الدُّجى قَمَري وشمسي
قصدتُ إليكَ منقطِعًا غريبًا ... لتُؤنسَ وحْدَتي في قَعْر رمْسي
وللعُظْمى من الحاجاتِ عندي ... قصدتَ وأنتَ تعلمُ سرَّ نفسي
وفيات سنة ثلاثين وأربعمائة:
"حرف الألف":
327- أحمد بن الحسن بن فُورك بن محمد بن فُورك بن شَهْريار.
(29/145)
روى عن: الطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ. روى
عنه: سعيد بن محمد البقّال. حدَّث في هذه السَّنة في آخرها.
328- أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن إسحاق بن موسى بن
مِهْران1.
أبو نُعَيْم الأصبهاني الصُّوفيّ الأحْوَل، سِبْط الزّاهد محمد بن يوسف
البنّا. كان أحد الأعلام ومَن جمع الله له بين العُلُوّ في الرّواية
والمعرفة التّامة والدّراية، رحلَ الحفّاظ إليه من الأقطار، وأَلحقَ
الصِّغار بالكبار.
وُلِد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة بأصبهان، واستجاز له أبوه طائفةً من
شيوخ العصر تفرّد في الدّنيا عنهم.
أجاز له خَيْثَمة بن سُليمان وجماعة من الشّام، وجعفر الخُلْديّ وجماعة
من بغداد، وعبد الله بن عمر بن شَوْذَب من واسط، والأصَمّ من
نَيْسابور، وأحمد بن عبد الرّحيم القَيْسرانيّ.
وسمع سنة أربعٍ وأربعين وثلاثمائة من: عبد الله بن جعفر بن أحمد بن
فارس، والقاضي أبي أحمد محمد بن أحمد العسّال، وأحمد بن مَعْبَد
السِّمسار، وأحمد بن محمد القصّار، وأحمد بن بُنْدَار الشّعّار، وعبد
الله بن الحسين بن بُنْدَار، والطَّبْرانيّ، وأبي الشّيخ، والجِعَابيّ.
ورحلَ سنة ستٍّ وخمسين وثلاثمائة، فسمع ببغداد: أبا عليّ بْنُ
الصّوّاف، وأبا بكر بن الهيثم الأنباريّ، وأبا بحر البَرْبَهَاريّ،
وعيسى بن محمد الطُّوماريّ، وعبد الرحمن والد المخلّص، وابن خلّاد
النَّصِيبيّ، وحبيبًا القزّاز، وطائفة كبيرة.
وسمع بمكة: أبا بكر الآجُرِّيّ، وأحمد بن إبراهيم الكِنْديّ. وبالبصرة:
فاروق بن عبد الكبير الخطّابيّ، ومحمد بن عليّ بن مُسْلم العامريّ،
وأحمد بن جعفر السَّقَطيّ، وأحمد بن الحسن اللّكّيّ، وعبد الله بن جعفر
الجابريّ، وشَيْبان بن محمد الضُّبَعيّ، وجماعة.
وبالكوفة: إِبْرَاهِيم بْن عَبْد الله بْن أبي العزائم، وأبا بكر عبد
الله بن يحيى الطَّلْحيّ، وجماعة.
__________
1 المنتظم "8/ 100" الكامل في التاريخ "9/ 466"، ميزان الاعتدال "1/
111"، سير أعلام النبلاء "17/ 453-464"، الوافي بالوفيات "7/ 81-84".
(29/146)
وبنَيْسابور: أبا أحمد الحاكم، وحُسَيْنك
التّميميّ، وأصحاب السّرّاج، فَمَن بعدهم.
وصنّف مُعْجمًا لشيوخه، وصنَّف كتاب "حِلْية الأولياء"، وكتاب "معرفة
الصّحابة"، وكتاب "دلائل النُّبُوَّة"، وكتاب "المستخرج على البخاري"،
"والمستخرج على مسلم"، وكتاب "تاريخ بلده"، وكتاب "صفة الجنَّة"، وكتاب
"فضائل الصحابة".
وصنّف شيئًا كثيرًا من المصنَّفات الصِّغار. وحدَّث بجميع ذلك.
روى عنه: كوشيار بن لياليزرو الجيلي، أبو سعْد المالِينيّ وتُوُفّي
قبله بثماني عشرة، وتُوُفّي كوشيار قبله ببضع وثلاثين سنة، وأبو بكر بن
أبي عليّ الذَّكْوَانيّ وتُوُفّي قبله بإحدى عشرة سنة، والحافظ أبو بكر
الخطيب، والحافظ أبو صالح المؤذّن، والقاضي أبو عليّ الوَخْشيّ،
ومستمليه أبو بكر محمد بن إبراهيم العطّار، وسليمان بن إبراهيم الحافظ،
وهبة الله بن محمد الشّيرازيّ، ويوسف بن الحَسَن التَّفَكُّريّ، وعبد
السّلام بن أحمد القاضي، ومحمد بن عبد الجبّار بن ييّا وأبو الفضل
حَمْد، وأبو عليّ الحسن ابنا أحمد الحدّاد، وأبو سعد محمد بن محمد
المطرِّز، وأبو منصور محمد بن عبد الله الشُّرُوطيّ، وغانم البُرْجيّ،
وخلْق كثير، آخرهم وفاة أبو طاهر عبد الواحد بن محمد الدَّشْتيّ
الذَّهَبيّ.
قال أبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ: سمعت أبا بكر الخطيب يقول: لم أر
أحدا أطلق عليه أسم الحفظ غير رجلين: أبو نعيم الأصفهاني، وأبو حازم
العبدويي.
وقال ابن المفضل الحافظ: قد جمع شيخنا السِّلفيّ أخبار أبي نُعَيْم
وذَكَرَ من حدَّث عنه وهُم نحو ثمانين رجلًا. وقال: لم يصنف مثل كتابه
"حلية الأولياء". وسمعناه على ابن المظفّر القاشانيّ عنه سوى فوتٍ
يسير.
وقال أحمد بن محمد بن مَرْدَوَيْه: كان أبو نُعَيْم في وقته مَرْحولًا
إليه، ولم يكن في أُفُقٍ من الآفاق أسْنَدُ ولا أحْفَظُ منه. كان
حُفَّاظ الدّنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كلِّ يومٍ نَوْبة واحدٍ منهم
يقرأ ما يريده إلى قريب الظُّهْر، فإذا قام إلى داره ربّما كان يُقرأ
عليه في الطريق جزء، وكان لا يضْجَر لم يكن له غذاء سوى التّصنيف أو
التّسميع.
وقال حمزة بن العبّاس العلويّ: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نعيم
(29/147)
أربعَ عشرةَ سنةٍ بلا نظير، لا يوجد شرقًا
ولا غربًا أعلا إسنادًا منه ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون لمّا صنَّف
كتاب "الحِلْية": حُمِل إلى نَيْسابور حال حياته، فاشتروه بأربعمائة
دينار.
وقد روى أبو عبد الرّحمن السُّلَميّ مع تقدمه عن رجلٍ عن أبي نُعَيْم،
فقال في كتاب "طبقات الصُّوفيّة": ثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشميّ،
حدَّثنا أبو نُعَيْم أحمد بْن عَبْد اللَّه، أَنَا محمد بْن عليّ بن
حُبَيْش المقرئ ببغداد، أنا أحمد بن محمد بن سهل الأَدَميّ، فذكر
حديثًا.
وقال السُّلَميّ: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفِرْسانيّ
يقول: صرتُ إلى مجلس أبي بكر بن أبي عليّ المعدَّل في صِغَري مع أبي،
فلمّا فرغ من إملائه قال إنسان: مَن أراد أن يحضر مجلس أبي نُعَيْم
فلْيَقُمْ -وكان أبو نُعَيْم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان
من بين الحنابلة والأشْعَريّة تعصُّبٌ زائدٌ يؤديّ إلى فتنةٍ وقال
وقيل، وصراعٍ طويل- فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد
يُقْتَل.
وقال أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمد بن
محمد الأصبهاني عمن أدرك من شيوخ أصبهان أنّ السّلطان محمود بن
سُبُكْتِكِين لمّا استولى على إصبهان أمرَّ عليها واليا من قِبَله ورحل
عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه. فردّ السّلطان محمود إليها، وأمّنهم
حتّى اطمأنوا. ثمّ قصدهم يوم جمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة
عظيمة. وكانوا قد منعوا أبا نُعَيْم الْحَافِظُ من الجلوس في الجامع،
فَسَلِم ممّا جرى عليهم، وكان ذلك من كرامته.
وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسيّ: سمعت عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول:
رأيت بخطّ أبي بكر الخطيب: سألت محمد بن إبراهيم العطّار مستملي أبي
نُعَيْم، عن "جزء محمد بن عاصم" كيف قرأتَه على أبي نُعَيْم؟ وكيف رأيت
سماعَه؟ فقال: فأخرج إليَّ كُتُبًا وقال: هو سَمَاعيّ.
فقرأتُ عليه. قال الخطيب: وقد رأيت لأبي نُعَيْم أشياء يتساهل فيها
منها أن يقول في الإجازة: أخبرنا من غير أنّ يبين.
قال أبو الحافظ أبو عبد الله بن النّجّار: جزء محمد بن عاصم قد رواه
الأثبات عن أبي نُعَيْم. والحافظ الصّادق إذا قال: هذا الكتاب سماعي،
جاز أخْذُهُ عنه بإجماعهم.
(29/148)
قلتُ: وقول الخطيب كان يتساهل في الإجازة
إلى آخره، فهذا يفعله نادرًا، فإنه كثيرًا ما يقول: كتب إليَّ جعفر
الخُلْديّ، كتب إليّ أبو العبّاس الأصمّ، أنبا عبد الله بن جعفر فيما
قُرئ عليه، والظّاهر أنّ هذا إجازة. وقد حدَّثني الحافظ أبو الحجّاج
القُضَاعيّ قال: رأيت بخطّ ضياء الدّين المقدسيّ الحافظ أنّه وجد بخطّ
أبي الحجّاج يوسف بن خليل أنّه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نُعَيْم
لجزء محمد بن عاصم فبطَل ما تخيّله الخطيب.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ الحافظ: سمعت أبا الحسين القاضي يقول: سمعت عبد
العزيزي النَّخْشَبيّ يقول: لم يسمع أبو نُعَيْم "مُسْنَد الحارث بن
أبي أُسَامة" بتمامه من أبي بكر بن خلّاد، فحدَّث به كله.
قال الحافظ بن النّجّار: وَهِم في هذا، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة،
وعليها خطّ أبي نُعَيْم يقول: سمع منّي فلان إلى آخر سماعي من هذا
المُسْنَد من ابن خلّاد، فلعلّه روى الباقي بالإجازة، والله أعلم.
لو رجمَ النَّجمَ جميعُ الوَرَى ... لم يصِل الرَّجمُ إلى النَّجمِ
تُوُفّي أبو نُعَيْم، رحمه الله، في العشرين من المحرَّم سنة ثلاثين،
وله أربعٌ وتسعون سنة.
329- أحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصْبَغ البَيّانيّ1.
أبو عَمْرو القُرْطُبيّ، روى عن أبيه قاسم بن محمد عن جدّه قاسم بن
أصْبَغ جميع ما رواه.
حدَّث عنه: أبو محمد بن حزْم، والطّبْنيّ. وكان عفيفًا طاهرًا، شديد
الانقباض. أصابه فالجٌ قبل موته.
330- أحمد بن الغمْر بن محمد.
أبو الفضل الأبِيوَرْديّ. سمع من: أبي أحمد بن ماسيّ، وغيره. ومن:
مَخْلَد بن جعفر الباقرحيّ. روى عنه: شيخ الإسلام الأنصاري.
__________
1 جذوة المقتبس "142، 143"، الصلة لابن بشكوال "1/ 47، 48".
(29/149)
331- أحمد بن محمد بن هشام بن جَهْوَر بن
إدريس1.
أبو عَمْرو المَرْشَانيّ. من أهل مَرْشَانة. سكن قُرْطُبة. روى عن:
أبيه، وعمّه، وأبي محمد الباجيّ. وحجّ سنة خمسٍ وتسعين، وجاور. وسمع
من: أبي القاسم عُبَيْد الله السَّقَطيّ، وابن جَهْضَم. وأجاز له أبو
بكر محمد بن الحسين الآجُرِّي من مكّة قديمًا في سنة ثمان وخمسين
وثلاثمائة.
حدَّث عنه: القاضي يونس بن عبد الله بن مغيث، وأبو مروان الطُّبْنيّ،
وأبو عبد الله الخَوْلانيّ، وأبو عمر بن عبد البَرّ. وكان رجلًا صالحًا
على سنةٍ واستقامة، ومعرفة بالشّروط وعِلَلها.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة وله خمسٌ وسبعون سنة.
332- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْنُ الحارث2.
أبو بكر التّميميّ الأصبهاني الزّاهد، المقرئ، النَّحْويّ، المحدَّث،
نزيل نَيْسابور.
روى عن: أبي الشّيخ بن حبّان، وأبي الحَسَن الدَّارَقُطْنيّ، وعبد الله
بن محمد القراب، جماعة.
روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وعبد الغفّار بن محمد الشّيرُوِييّ،
ومنصور بن بكر بن حَيْد، ومحمد بن يحيى المُزَكّيّ، وغيرهم.
وكان إمامًا في العربيّة. تخرَّج به أهل نَيْسابور. وتُوُفّي في ربيع
الأوّل وله إحدى وثمانون سنة.
333- أحمد بن محمد بن يوسف.
أبو نصر الدُّوغيّ الْجُرْجَانيّ. سمع: عبد الله بن عَدِيّ. تُوُفّي
قريبًا من سنة ثلاثين.
334- أحمد بن محمد بن إسحاق3.
أبو منصور المقرئ البغدادي، عرف بالحبال.
__________
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 47".
2 العبر "3/ 170"، شذرات الذهب "3/ 245".
3 تاريخ بغداد "4/ 393".
(29/150)
قرأ على: أبي حفص الكتّانيّ. قال الخطيب:
ثقة، كتبتُ عنه، وكنتُ أتلقنُ عليه. مات في ذي الحجّة.
335- إسماعيل بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه1.
أَبُو عَبْد الرحمن الحِيريّ، النَّيْسابوريّ الضّرير، المفسِّر.
حدَّث عن: أبي الفضل محمد بن الفضل بن خُزَيْمَة، وأبي محمد الحسن بن
أحمد المَخْلَديّ، وزاهر بن أحمد السَّرْخَسِيّ، وأبي الحسين الخَفّاف،
ومحمد بن مكّيّ الكُشْمِيهَنيّ.
قال الخطيب: قدِم علينا حاجًا سنة ثلاثٍ وعشرين، ونِعْم الشّيخ عِلْمًا
وأمانة وصدقًا وخُلُقًا.
ولد سنة إحدى وستين وثلاثمائة. ولما حج كان معه حمْل كُتُب ليُجاور،
فرجع النّاس لفساد الطّريق، فعاد إلى نَيْسابور، وكان في جملة كُتُبه
"البُخَاري"، قد سمعه من الكُشْمِيهَنيّ. فقرأتُ عليه جميعَه فِي ثلاثة
مجالس، اثنان منها في ليلتين، كنتُ أبتدئ بالقراءة وقت المغرب، وأقطعها
عند صلاة الفجر. وقبل أنْ أقرأ الثّالث عبر الشّيخ إلى الجانب الشّرقيّ
مع القافلة، فمضيت إليه مع طائفة كانوا حضروا اللّيلتين الماضيتين،
فقرأتُ عليه من ضَحْوَة نهارٍ إلى المغرب، ثمّ من المغرب إلى طُلُوع
الفجر، ففرغ الكتاب، ورحل الشّيخ صبيحتئذٍ.
وقال عبد الغافر: أبو عبد الرحمن الحبري المفسّر المقرئ الزّاهد. أحد
أئمة المسلمين؛ كان من العلماء العالمين. له التّصانيف المشهورة في
علوم، القرآن، والقراءات، والحديث، والوعظ رحل في طلب الحديث كثيرًا.
وكان نفّاعًا للخلق، مفيدًا مباركًا في علمه وسماعه. أنبا عنه مسعود بن
ناصر.
قلت: ذكر ابن خَيْرُون وفاتَه في سنة ثلاثين. وله تفسير مشهور. رحمه
الله.
336- إسماعيل بن عبد الله بن الحارث بن عمر2.
أبو عليّ المصريّ، الأديب البزّاز.
__________
1 تاريخ بغداد "6/ 313، 314"، المنتظم 8/ 105"، سير أعلام النبلاء "17/
539، 540"، شذرات الذهب "3/ 245".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 106".
(29/151)
دخل الأندلس تاجرًا في هذه السّنة وقد سافر
إلى العراق وخُراسان، واليمن، ولقي أبا بكر الأبهري، وكان من أهل
الدّين والفضل وُلِد بعد سنة خمسين وثلاثمائة.
"حرف الحاء":
337- الحسن بن أحمد بن محمد1.
الخطيب أبو عليّ البَلْخيّ.
قدِم بغداد حاجًّا، فحدَّث عن: محمد بن أحمد بن شاذان البلْخيّ، وغيره.
قال الخطيب أبو بكر كان ثقة. عاش ستًّا وتسعين سنة.
338- الحسن بن أحمد بن محمد بن عمر2.
الشّيخ أبو محمد بن المسلِمة المعدّل.
حدَّث عن: محمد بن المظفّر. قال الخطيب: صدوق. مات في صفر، رحمه الله.
339- الحسين بن شُعَيْب3.
أبو عليّ المَرْوَزيّ السِّنْجِيّ، الفقيه الشّافعيّ. عالم أهل مَرْو
في وقته. تفقّه بأبي بكر القفّال المروزي، وصحبه حتى برع. ورحل فسمع
من: السّيّد أبي الحسن العلويّ، وأصحاب المَحَامليّ. وهو أوّل من جمع
في المذهب بين طريقتي الخُراسانيّين والعراقيّين، وله وجه في المذهب.
وتفقّه ببغداد على الشّيخ أبي حامد، رحمه الله.
340- الحسين بن محمد بن الحسن4.
أبو عبد الله البغداديّ الخلّال المؤدِّب. سمع: أبا حفص الزيات،
وجماعة.
__________
1 تاريخ بغداد "7/ 280"، المنتظم "8/ 100" المنتخب من السياق "181،
182".
2 تاريخ بغداد "7/ 280"، المنتظم "8/ 100".
3 الأنساب "7/ 165، 166"، سير أعلام النبلاء "17/ 526، 527"، الوافي
بالوفيات "12/ 378".
4 تاريخ بغداد "8/ 108"، المنتظم "8/ 102"، سير أعلام النبلاء "17/
597" البداية والنهاية "12/ 45".
(29/152)
ودخل إلى ما وراء النّهر. وسمع في طريقه
بجُرجَان وهَمَذَان. وسمع "صحيح البخاري" بكشمير من إسماعيل صاحب
الكُشَانيّ. ورواه ببغداد.
قال الخطيب: كتبنا عنه ولا بأس به. هو أخو الحافظ أبي محمد الخلّال.
روى عنه: أبو الفضل بن خَيْرُون.
341- الحسين بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ1.
أَبُو عَبْد اللَّه الباساني. روى عن: أبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد
الغطريفي. وحدَّث بصحيح الإسماعيليّ.
روى عنه: شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد، وأبو عبد الله
محمد بن عليّ العُمَيْريّ، وأبو العلاء صاعد بن سَيَّار، وإسماعيل بن
حمزة بن فَضَالة، والهَرَويّون.
تُوُفّي في جُمَادى الآخرة.
"حرف الزاي":
342- زياد بْن عَبْد اللَّه بْن محمد بْن زياد بن أحمد بن زياد2.
أبو عبد الله؛ قرطبي. روى عن: أبيه، وأبي محمد الباجيّ وأجاز له.
روى عنه: أبو إسحاق بن شنْظِير مع تقدُّمه، وأبو عبد الله بن عَتّاب،
وعاش خمسًا وثمانين سنة. ولم يكن له كبير عِلْم.
- أبو زيد الدَّبُّوسيّ.
هو عبد الله، يأتي.
343- زياد بن عبد العزيز بن أحمد بن زياد الْجِذاميّ3.
أبو مروان الشّاعر. كان بارعًا في الآداب، بليغًا إخباريا. له تصانيف
في فُنُون. عاش اثنتين وثمانين سنة وأشْهُرًا. وهو من أدباء الأندلس.
__________
1 المشتبه في أسماء الرجال "2/ 494".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 188".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 188".
(29/153)
"حرف السّين":
344- السّرِيّ بن إسماعيل بن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم
الإسماعيلي1.
أبو العلاء الْجُرْجَانيّ. عالم عصره في الفقه والأدب. كان متواضعًا،
محبًّا للعلماء والفقراء.
رحل، وسمع بالرِّيّ، وهَمَذَان، والكوفة، وبغداد. وروى عن: جدّه أبي
بكر، وأبي أحمد الغِطْريفيّ، وأبي الحسن الدَّارَقُطْنيّ، وأبي حفص بن
شاهين.
تُوُفّي في ذي الحجّة. وكان مفتي جُرْجَان بعد والده العلّامة أبي
سعْد. تفقّه به جماعة، وتفرّد عن جدّه ببعض الكُتُب. واستكمل سبعين
سنة.
"حرف الطّاء":
345- طاهر بن محمد بن دُوَسْت بن حسن القُهُسْتانيّ2.
تُوُفّي بنَيْسابور.
"حرف الْعَيْنِ":
346- عبد الله بن ربيعة بن عمر3.
أبو سهل الكِنْديّ البُسْتيّ. قدِم دمشق، وحدَّث بها. عن: أبي سليمان
الخطّابيّ، وغيره. روى عنه: نجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتّانيّ، ومحمد
بن عليّ الفرّاء، وأبو القاسم بن أبي العلاء.
سمعوا منه في هذه السّنة.
357- عبد الله بن عمر بن عيسى4.
__________
1 تاريخ جرجان "226"، سير أعلام النبلاء "17/ 520"، طبقات الشافعية
الكبرى "4/ 381".
2 المنتخب من السياق "265".
3 تهذيب تاريخ دمشق "7/ 389، 390".
4 الأنساب "5/ 273"، سير أعلام النبلاء "17/ 521"، البداية والنهاية
"12/ 46، 47".
(29/154)
القاضي أبو زيد الدَّبُّوسيّ الفقيه
الحنفيّ.
ودبُّوسيّة بلدة صغيرة بين بُخَارَى وسَمَرْقَنْد.
كان ممّن يُضْرَب به المَثَل في النَّظر واستخراج الحُجَج، وهو أوّل من
وضع علم الخلاف وأبرَزَه إلى الوجود. صنَّف كتاب "الأسرار"، وكتاب
"تقويم الأدِلّة"، وكتاب "الأمد الأقصى"، وغير ذلك. وكان شيخ تلك
الدّيار. تُوُفّي ببُخَارَى رحمه الله.
348- عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن بِشْرَان بن
مِهْرَان1.
مولى بني أُميّة. أبو القاسم البغداديّ الواعظ. مُسْنِد العراق في
زمانه.
سمع: أبا سهل بن زياد القطّان، وأبا بكر النّجّاد، وحمزة الدِّهْقان،
وأحمد بن خُزَيْمَة، ودَعْلَج بن أحمد، وأبا بكر الشّافعيّ، وعبد
الخالق بن أبي رُوبا، وأبا بكر الآجُرِّيّ، وعبد الله الفاكِهيّ، وعمر
بن محمد الْجُمَحيّ المكينيّ.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان ثقة ثَبْتًا صالحًا. وُلِد في شوّال سنة
تسعٍ وثلاثين.
قلت: روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصِّيصيّ، وأبو الفضل بن
خيرون، ومحمد بن سليمان بن لُوَيْن، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الفقيرة،
وأبو غالب محمد بن عبد العزيز. وإمام جامع الرَّصافة، ومحمد بن المنذر
بن طيْبان، وأبو نصْر أحمد بن الحسن المُزَرِّر، وأبو الحسن عليّ بن
أحمد بن الخَلّ، وأبو منصور محمد بن أحمد الخيّاط المقرئ، وأبو الخطّاب
عليّ بن الجرّاح، وأبو سعْد الأسَديّ، وأبو غالب الباقِلّانيّ، وعليّ
بن أحمد بن فَتْحان الشَّهْرُزُورِيّ، وعدّة. تُوُفّي في ربيع الآخر.
قال الخطيب: وأوصى أن يُدْفَن بجنب أبي طالب المكّي. وكان الْجَمْع في
جنازته يتجاوز الحَدّ ويفوق الإحصاء.
349- عبد الملك بن محمد بن إسماعيل2.
أبو منصور الثَّعَالبيّ النَّيْسابوريّ، الأديب الشَّاعر، صاحب
التَّصانيف الأدبية، منها: كتاب "المُبْهِج"، وكتاب "يتيمة الدّهر"،
وكتاب "فقه اللُّغة"، وكتاب "ثمار
__________
1 تاريخ بغداد "10/ 432، 433"، سير أعلام النبلاء "17/ 450-452"،
البداية والنهاية "12/ 46".
2 وفيات الأعيان "3/ 178-180"، سير أعلام النبلاء "17/ 437، 438"،
البداية والنهاية "12/ 44".
(29/155)
القلوب"، وكتاب "التّمثيل والمحاضرة"،
وكتاب "غُرَر المَضَاحك"، وكتاب "الفرائد والقلائد"، وكُتُبه كثيرة
جدًا، وكان يلقب بحاحظ أوانه.
وفيه يقول يعقوب الشّاعر:
سحرتَ النّاسَ في تأليف سحركْ ... فجاء قِلادةً في جَيد دهركْ
وكم لك من مقالٍ في معانٍ ... شواهد عندنا بعُلوّ قدركْ
وُقِيتَ نَوائبَ الدُّنيا جيمعًا ... فأنت اليوم جاحظ أهل عصركْ
وقد سارت مصنَّفاته سَيْر المثلْ، وضُرِبت إليه آباط الإبل.
ومن شِعْره في الأمير أبي الفضل الميكاليّ:
لك في المَفَاخِرِ معجزاتٌ جمّةٌ ... أيْدًا لغَيرك في الورى لم
تُجْمَع
بحران: بحرٌ في البلاغة شأنهُ ... شِعر الوليد وحُسْنُ لَفْظ الأصمعيّ
كالنُّور أو كالسِّحْرِ أو كالبدر أو ... كالّوَشّي في برد عليه
مُوَسَّعِ
شُكْرًا فكم من فقرةٍ لكم كالغني ... وافى الكريمَ بعيدَ فقرِ مدقعِ
وإذا تفتّق نورُ شِعرك ناظرًا ... فالحُسْنُ بين مرصَّع ومصرعِ
ولد سنة خمسين وثلاثمائة، وتُوُفّي على الصّحيح سنة ثلاثين، وقيل: تسعٍ
وعشرين.
350- عُبَيْد الله بن منصور1.
أبو القاسم البغداديّ المقرئ الغزّال.
سمع أبا بكر القَطِيعيّ. قال الخطيب: كتبتُ عنه، وكان صالحًا ثقة
خاشعًا. أُقْعَد في آخر عمره. وتُوُفّي في صفر.
351- عدنان بن محمد بن الحسين.
أبو أحمد الهَرَويّ. روى عن: أبي الحسن الخيّاط، وغيره.
روى عنه: أبو عبد الله العُمَيْريّ، والمليحي عبد الأعلى.
__________
1 تاريخ بغداد "10/ 383"، المنتظم "8/ 102".
(29/156)
352- عليّ بن إبراهيم بن سعيد1.
أبو الحسن الحَوْفيّ المصريّ النَّحْويّ الأوحد.
له تفسيرٌ جيّد، وكتاب "إعراب القرآن" في عشر مجلّدات، وكُتُب أخر.
واشتغل عليه خلق من المصريين. أخذ عنه محمد بن عليّ الأُدْفُويّ.
353- علي بن أيوب بن الحسين القُمّيّ2.
أبو الحسن بن الساربان الكاتب. روى عن المتنبيّ ديوانه بقوله. وعن: أبي
سعيد السِّيرافيّ، وجماعة. قال الخطيب: قرأت عليه شعر المتنبي، وكان
رافضيًا.
"حرف القاف":
354- القاسم بن محمد بن القاسم بن حمّاد.
أبو يَعْلَى القُرَشيّ الخطيب، الهَرَويّ. من علماء هَرَاة وأعيانها.
355- القاسم بن محمد بن إسماعيل3.
أبو محمد القُرَشيّ المَروانيّ القُرْطُبيّ. روى عن: أبي بكر بن
القُوطِيّة، وكان فصيحًا مفوَّهًا، أديبًا نبيلا. عاش ستًا وثمانين
سنة.
"حرف الميم":
356- مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن محمد الخلف4. أبو حازم بن الفراء،
البغدادي.
سمع: أبا الحسن الدارقطني، وأبا عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبا حفص بن
شاهين، وأبا الحسن الحربي.
وحدث بمصر، والشام. روى عنه: الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وعلي بن
المشرف التمار، وأبو الحسن علي بن الحسين الخلعي.
__________
1 سير أعلام النبلاء "17/ 521، 522"، البداية والنهاية "12/ 47"، شذرات
الذهب "3/ 247".
2 تاريخ بغداد "11/ 351".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 469".
4 تاريخ بغداد "2/ 252"، المنتظم "8/ 102، 103"، البداية والنهاية "12/
26".
(29/157)
قال الخطيب: لا بأس به. ثمّ بَلَغَنَا أنّه
خلّط بمصر، واشترى صُحُفًا فحدَّث منها. وكان يذهب إلى الاعتزال. وقال
الحبّال: مات في المحرَّم.
357- محمد بن سليمان1.
أبو عبد الله بن الحنّاط الرعيني. الأديب، شاعر من أهل الأندلس. كان
يناوئ أبا عامر أحمد بن شهيد ويعارضه. وله في ابن شُهَيْد قصيدة، وهي:
أمّا الفِراق فلي من يومِه فرقٌ ... وقد أرِقتُ له لو ينفعِ الأَرقُ
أظْعانهم سابَقت عيني الّتي انْهَمَلَتْ ... أُمُّ الدّموعِ مع
الأَظعان تَسْبِقُ
عاق العقيقُ عن السُّلْوان واتّضَحَتْ ... في تُوْضح لي من نَهْج الهوى
طرقُ
لولا النّسيم الّذي تأتي الرّياحُ به ... إذا تضوّع مِن عرْف الحِمَى
الأفق
لم أدْرِ أنّ بيوتِ الحيّ نازلةٌ ... نَجْدًا ولا اعْتادَني نحو
الحِمَى القلقُ
ما في الهوادجِ إلّا الشمس طالعةً ... وما بقلبي إلّا الشَّوْق
والحُرقُ
358- محمد بن العبّاس بن حسين2. أبو بكر البغداديّ القاصّ. فقيرٌ يقصُّ
في الطُّرُقات. روى عن: أبي بكر القَطِيعيّ، ومحمد بن أحمد المفيد. روى
عنه الخطيب.
359- محمد بن عبد الرزاق بن أبي الشيخ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن
جعْفَر بْن حيان.
أبو الفتح الأصبهاني. سمع من جده. روى عنه: أبو علي الحداد، وغانم
البرجي، وجماعة.
360- مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن أحمد3.
أبو الوليد ابن المعلم الخشني القرطبي. روى عَنْ أَبِي بَكْر بْن
الأحمر، وأبي محمد الباجي.
__________
1 جذوة المقتبس "57، 58".
2 تاريخ بغداد "3/ 123".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 521".
(29/158)
وكان إمامًا في فنون الأدب، وفكّ المعمّى،
ونظْم الشِّعْر. ثاقب الذّهن، فحْل النَّظْم. لَهُ تصانيف فِي الأدب.
روى عنه: ابن خزرج، وقال: عاش تسعًا وسبعين سنة.
361- محمد بن عليّ1.
أبو بكر الدَّيْنَوَرِيّ الزّاهد. نزيل بغداد. كان عابدًا قانتًا، خشن
العيش، منقبضًا عن النّاس.
قال ابن النّجّار: كان أبو الحسن القَزْوينيّ الزّاهد يقول: عبرَ
الدَّيْنَوَرِيّ قنطرةً خَلَّف مَن بعدَه وراءه. وروى شيخ الإسلام أبو
الحسن الهكاريّ، عن أبي بكر الدَّيْنَوَرِيّ أربعين حديثًا لسَلْمان
الفارسيّ. قلت موضوعةٌ هي. تُوُفّي لتسعٍ بقيت من شهر شَعبان، واجتمع
الناس في جنازته من سائر أقطار بغداد. وكان كثير الدخول، فيما بَلغنا،
على القادر بالله.
362- محمد بن عمر بن جعفر2.
أبو بكر الخرقي. بغدادي معروف بابن درهم. سمع: أبا بكر بن خلاد
النصيبي، والقطيعي، وابن سلم الختّليّ. روى عنه: الخطيب، وقال: كان
صدوقًا. عاش سبعًا وثمانين سنة.
363- محمد بن عيسى3.
أبو عبد الله الرُّعَيْنيّ. ابن صاحب الأحباس. روى بقُرْطُبة عن: أبي
عيسى اللّيْثيّ، وأبي محمد الباجيّ، وهارون بن موسى النَّحْويّ. وكان
نحويا لغويا. حدَّث عنه: ابنه الحافظ أبو بكر عيسى.
364- محمد بن عيسى4.
أبو منصور الهمذاني. من كبار المشايخ، يقال: قتل في هذه السنة في
شعبان، رواه الخطيب عن عيسى بن أحمد الهَمَذَانيّ. وسيأتي سنة إحدى
وثلاثين.
__________
1 المنتظم "8/ 103"، البداية والنهاية "12/ 46".
2 تاريخ بغداد "3/ 38".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 521".
4 تاريخ بغداد "2/ 406".
(29/159)
365- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد
بْن عليّ1.
أبو بكر المُولْقَابَاذِيّ السُّورِينيّ النَّيْسابوريّ. وسُورِين:
قرية على نصف فَرْسَخ من نَيْسابور.
وهو ابن عمّ أبي حسّان المزكّيّ. سمع. أَبَوَيْ عَمْرو: ابن مطر وابن
نُجَيْد. وتُوُفّي في رجب.
366- محمد بن المغلّس بن جعفر بن المغلّس.
الفقيه أبو الحسن المصريّ الدّاوديّ. سمع: المحسن بن رشيق، وغيره.
367- المحسن بن أحمد.
القاضي أبو نصر. مات بمَرْو في رمضان.
368- موسى بن عيسى2 بن أبي حاجّ واسمه يَحُجّ.
الإمام أبو عمران الفاسيّ الدّار، الغُفْجُوميّ النَّسب، وغفجوم قبيلة
من زاناتة. البربريّ، الفقيه المالكيّ، نزيل القيروان. وإليه انتهت بها
رئاسة العلم. تفقّه على أبي الحسن القابسيّ، وهو أجلُّ أصحابه. ودخل
إلى الأندلس، فتفقّه على أبي محمد الأَصِيليّ. وسمع من: عبد الوارث بن
سفيان، وسعيد بن نصر، وأحمد بن قاسم التّاهَرْتيّ.
قال ابن عبد البَرّ: كان صاحبي عندهم، وأنا دلَلْتُه عليهم. قلت: وحجَّ
حججًا. وأخذ القراءات عَرْضًا ببغداد عن أَبِي الْحَسَن الحمامي وغيره.
وسمع من أَبِي الفتح بن أبي الفوارس. ودرس علم الأصول على القاضي أبي
بكر الباقِلّانيّ. وكان ذَهابه إلى بغداد في سنة تسعِ وتسعين
وثلاثمائة.
قال حاتم بن محمد: كان أبو عمران الفاسيّ من أعلم النّاس وأحفظهم. جمع
الفقه إلى الحديث ومعرفة معانيه. وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع
معرفته بالرّجال، والجرح والتّعديل. أخذ عنه النّاسُ من أقطار المغرب.
ولم ألقَ أحدًا أوسع منه علمًا ولا أكثر رواية.
__________
1 المنتخب من السياق "34، 35".
2 الإكمال لابن ماكولا "7/ 80، 81"، الصلة لابن بشكوال "2/ 611، 612"،
سير أعلام النبلاء "17/ 545-548".
(29/160)
وقال ابن بَشْكُوال: أقرأ النّاسَ مدّة
بالقَيْروان. ثمّ ترك الإقراء ودرّس الفقه وروى الحديث.
وقال ابن عبد البَرّ: وُلدت مع أبي عمران في عام واحد سنة ثمانٍ وستّين
وثلاثمائة وقال أبو عمْرو الدَّانيّ: تُوُفّي في ثالث عشر رمضان سنة
ثلاثين.
قلت: تخرَّج به خلْق من المغاربة في الفقه. وذكر القاضي عيّاض أنّه
حدَّث في القيروان مسألة: الكُفّار هل يعرفون الله تعالى أم لا؟ فوقع
فيها اختلاف العلماء، ووقعت في أَلْسِنة العامّة، وكثر المراء،
واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسيّ فقال: إنْ
أنْصَتُّم علّمتكم؟ قالوا: نعم، قال: لا يكلّمني إلّا رجلٌ ويسمع
الباقون. فنصبوا واحدًا منهم فقال له: أرأيتَ لو لقيتَ رجلًا فقلت له:
أتعرف أبا عِمران الفاسيّ؟ فقال: نعم. فَقُلْتُ: صفه لِي. فقال: هو
بقّال بسوق كذا، ويسكن سَبْتَه. أكان يعرفني؟ قال: لا. فقال: لو لقيتَ
آخر فسألته كما سألت الأوّل فقال: أعرفه يدرّس العلم ويُفْتي، ويسكن
بغرب الشّماط. أكان يعرفني؟ قال: نعم. قال: كذلك الكافر، قال: لربِّه
صاحبةٌ وولد، وأنّه جسمٌ لم يعرف الله، ولا وصَفَه بصفته، بخلاف
المؤمن. قالوا: شَفَيْتَنَا. ودعوا له، ولم يخوضوا في المسألة بعدها.
"حرف النّون":
369- نصر بن محمد.
أبو منصور العُبَيْديّ الهَرَويّ. روى عن: المفتي أبي حامد أحمد بن
محمد الشّارِكيّ. روى عنه: الحسين بن محمد الكُتُبيّ.
وممّن كان في هذا الوقت:
"حرف الألِف":
370- أَحْمَد بن الحسين بن عليّ التّرّاسيّ.
أبو الحسن. حدَّث بالمراغة عن: أحمد بن الحسن بن ماجه القَزْوينيّ،
وأحمد بن طاهر بن النَّجْم المَيَانِجِيّ، وغيرهما. روى عنه: أبو علّان
سعْد بن حُمَيْد، وعليّ بن هبة الله التّرّاسيّ شيخا السِّلَفيّ.
(29/161)
371- أحمد بن الحسين بن محمد.
المحدِّث الأمام أبو حاتم بن خاموش الرّازي البزّاز. من علماء
السُّنَّة. يروي عَنْ: أَبِي عبد الله الحسين بْن عليّ القطّان، وأحمد
بن محمد بن إبراهيم المَرْوَزِيّ الفقيه، والحسين بن محمد المهلبي،
والحافظ ابن مَنْدَهْ، وخلْق. روى عنه: أبو منصور حجر بن المظفّر، وأبو
بكر عبد الله بن الحسين التُّوَبيّ. بقي إلى حدود سنة ثلاثين، بل
أربعين. وحكاية شيخ الإسلام الأنصاريّ معه مشهورة. وقوله: مَن لم يكن
حنبليًّا فليس بمسلم. يريد في النِّحْلة. وذلك في ترجمة الأنصاريّ. وقع
لنا حديثه في أربعين الطّائيّ.
372- أحمد بن إبراهيم بن أحمد.
أبو الحسن الأصبهاني، الشّافعيّ، النّجّار. شيخ نبيل، ثقة، عالي
الإسناد. عنده عن الطَّبْرانيّ.
سكن نَيْسابور، وسمع من بِشر بن أحمد أيضًا. روى عنه: مسعود بن ناصر،
وأحمد بن عبد الملك الإسكاف.
373- أحمد بن عليّ1.
الحافظ أبو بكر الرّازيّ، ثمّ الإسْفرائينيّ الزّاهد. ثقة، حافظ، مفيد،
كثير الحديث. أملى بجامع إسْفرايين. وحدَّث عن: زاهر السَّرْخَسِيّ،
وشافع بن محمد بن أبي عَوَانَة، وأبي محمد المَخْلَديّ، وأبي الفضل
محمد بن أحمد الخطيب المَرْوَزِيّ، وأبي بكر محمد بن أحمد بن
الغِطْرِيف، وطائفة. وكان يخرّج للشّيوخ. ومات كَهْلًا. روى عنه: أبو
صالح المؤذن. زمر سميه سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
274- أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزداد.
أبو منصور الصَّيْرِفيّ. عن: أبي الشّيخ. وعنه: أبو عليّ الحدّاد،
والوخْشيّ.
375- إسماعيل بن أبي أحمد الحسين بن عليّ بن محمد.
أبو المظفّر بن حُسَيْنَك التّميميّ النَّيْسابوريّ. وُلِد سنة سبع
وخمسين وثلاثمائة. وسمع من: أبيه، وبِشْر بن أحمد، وأبي الحسن محمد بن
إسماعيل السّرّاج، وأبي عَمْرو بن نجيد. روى عنه: أولاد القشيري.
__________
1 تذكرة الحفاظ "3/ 1087"، سير أعلام النبلاء "17/ 522"، الأعلام "1/
171".
(29/162)
"حرف الثّاء":
376- ثابت بن يوسف بن إبراهيم1.
أبو الفضل القُرَشيّ السَّهْميّ. أخو الحافظ حمزة الجرجاني. شيخ نبيل.
حدَّث نيسابور في سنة إحدى وعشرين، وردّ إلى جُرجان. روى عنه: أبي بكر
الإسماعيليّ، وأبي الحسن عليّ بن عبد الرحمن البكّائيّ، وأبي العبّاس
الهاشميّ.
وحدث بالكثير.
"حرف الخاء":
377- خَلَف بن أبي القاسم2.
العلّامة أبو سعيد الأزْديّ القَيْروانيّ المغربيّ، المشهور
بالبَرَاذِعيّ. قال القاضي عيّاض: كان من كبار أصحاب ابن أبي زيد، وأبي
الحسن القابسيّ. ألّف كتاب "التّهذيب في اختصار المدوَّنة"، فظهرت
بَرَكة هذا الكتاب على الفُقهاء، وعليه المعوَّل في المغرب. وله تصانيف
جمّة. سكن صِقِلّية وتقدَّم عند صاحبها، واشتهرت كُتُبه بِصِقِلّية.
وكان يَصْحَبُ السّلاطين.
ويقال لحِقه دُعاء شيخه أبي محمد بن أبي زيد؛ لأنّه كان ينتقصه، ويطلب
مَثَالبَه، فدَعَا عَلَيْهِ، فَلَفَظَتْه القيروان. وله اختصار
"الواضحة" لابن حبيب، رحمه الله.
378- خَلَف بن أحمد بن خَلَف3.
أبو بكر الأنصاريّ الرحوي. من أهل طُلَيْطُلة. رحل إلى المشرق، وأخذ
عن: أبي محمد بن أبي زيد. وكان إمامًا ورعًا، دعي إلى قضاء طليطلة
فامتنع، وهرب. وله حظ وافر من الصلاة والصيام. حدَّث عنه: حاتم بن محمد
الطرابلسي، وأبو الوليد الباجي، وجماعة.
__________
1 تاريخ جرجان "173".
2 سير أعلام النبلاء "17/ 523" تهذيب تاريخ دمشق "170"، الأعلام "2/
359، 360".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 168".
(29/163)
"حرف الراء":
379- رافع بن محمد بن رافع بن القاسم بن أيوب.
أبو العلاء، قاضي همذان. روى عن: إبراهيم بن محمد بن يعقوب، ومحمد بن
أحمد بن جعفر الفامي، وابن برزة، وإسحاق بن سعد النسوي، وجماعة. قال
شيرويه: ثنا عنه: عَبْدُوس، ومحمد بن الحسين الصُّوفيّ، وأحمد بن عمر
البزّاز، ومهديّ بن نصر. وهو صدوق، من أصحاب الرّأي.
380- الرّشيقيّ.
هو عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يوسف أبو أحمد
الشّيرازيّ1. محدِّث فاضل. رحل إلى خُراسان، وبُخَارى. وسمع الكثير.
سمع بفارس من القاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلّاد
الرَّامَهُرْمُزِيّ، وببُخَارى من إسماعيل بن حاجب الكُشَانيّ. رَوَى
عَنْهُ: الحافظ عَبْد الغني النَّخْشَبيّ، ومحمد بن إبراهيم بن فارس.
تُوُفّي بعد العشرين.
"حرف الشّين":
381- شريك بن عبد الملك بن حسن2.
أبو سعْد المِهْرجانيّ الإسْفَرائينيّ. روى عن: بِشْر بن أحمد
الإسْفَرائينيّ، وغيره. روى عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ.
382- عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن محمد بن
فَضَالَة3.
أبو عليّ النَّيْسابوريّ الحافظ. نزيل الرِّيّ ومحدَّثها. كتب الكثير،
وطوّف وجمع، وحدَّث عن: أبي أحمد الغِطْريفيّ، وأبي بكر بن المقري،
وطبقتهما.
روى عنه: أبو مسعود البَجَليّ، وأبو بكر الخطيب، وغيرهما. ذكره أبو
الحسن الرّيحيّ في تاريخه فقال: رحل إلى العراق، وخُرَاسان، وما وراء
النّهر، وإصبهان. إلّا أنّه كان يخالط المعتزلة ويغلو في التشيع.
__________
1 الأنساب "6/ 128، 129".
2 البعث والنشور للبيهقي "213".
3 ميزان الاعتدال "2/ 587"، المغني في الضعفاء "2/ 386"، لسان الميزان
"3/ 433".
(29/164)
383- عليّ بن إبراهيم بن أحمد بن
حَمُّوَيْه1.
أبو الحسن الأزْديّ الشّيرازيّ، ثمّ المصريّ. سمع: الحسن بن رشيق، وأبا
الطّاهر الذُّهْليّ، وأبا يعقوب النَّجِيرميّ، وأبا القاسم
الْجَوْهَريّ، وأبا أحمد السّامرّيّ، وأبا بكر أحمد بن نَصْر
الشَّذَائيّ، وأبا بكر محمد بن علي الأُدْفُويّ. وأجاز له الفقيه أبو
إسحاق بن شَعبان وهو ابن خمسة أعوام، وحجّ مع والده. ودخل إلى بغداد
سنة سبْعٍ وستّين فلقي علماءها. ودخل البصرة.
ترجمَه ابن خزرج وقال: كان من أهل الثّقة والفضْل والسُّنَّة. وُلِد
بمصر سنة سبْعٍ وأربعين.
وقال غيره: وُلِد سنة خمسين وثلاثمائة. روى عنه: أبو عَمْرو
المَرْشَانيّ، وأبو عمر بن عبد البَرّ. وتُوُفّي بإشبيليّة بعد سنة
ستٍّ وعشرين.
384- عليّ بن القاسم بن محمد.
الإمام أبو الحسن البصْريّ، الطّابِثيّ، المالكيّ. وطابِث: من قرى
البصرة. أخذ عن ابن الجلّاب، وعبد الله الضّرير. نزل مصر، وحمل عنه
الفقهاء.
385- علي بن إبراهيم بن حامد.
أبو القاسم الهمذاني البزاز. يعرف بابن جولاه. روى عن: أبي القاسم بن
عُبَيْد، والزُّبَيْر بن عبد الواحد، وابن أبي زكريّا، وغيرهم. قال
شيرويه: توفي سنة نيف وعشرين. وثنا عنه: محمد بن الحسين، وأحمد بن طاهر
القُومَسَانيّ، وسعْد القَصْريّ. وروى عنه: ابن عزو بنهاوند، وسليمان
بن إبراهيم الحافظ. وكان صدوقًا، رحمه الله.
"حرف الفاء":
386- الفضل بن سهل2.
أبو العبّاس المَرْوَزِيّ الصّفّار. حدَّث بدمشق عن: لاحق بن الحسين،
ومنصور بن
__________
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 430".
2 مختصر تاريخ دمشق "20/ 277".
(29/165)
محمد الحاكم، وجماعة. وعنه: الكتّانيّ،
وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو الحسن بن أبي الحديد، وابنه الحسن بن
أبي الحديد.
"حرف الميم":
387- مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن أَحْمَد بن محمد1.
القاضي أبو بكر الفارسيّ، ثمّ النَّيْسابوريّ المشّاط. سمع: أبا عَمْرو
بن مطر، ومحمد بن الحسن السّرّاج، وإبراهيم بن عبد الله، وجماعة. روى
عنه: أبو بكر البَيْهَقيّ، وعليّ بن أحمد المؤذّن، وعلي بن عبد الله بن
أبي صادق، وأبو صالح المؤذّن. واسْتُشْهِد بإسْفَرايين على أيدي
التُّركُمان، قتلوه، رحمه الله، ظُلمًا سنة ثمانٍ وعشرين.
388- محمد بْن أحمد بْن محمد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بن الحسن.
أبو الحسين الأصبهاني الكِسائيّ المقرئ. سمع: أبا الشّيخ، وغيره. وعنه:
أبو سعْد محمد المطّرز.
389- محمد بن أحمد بن عمر2.
أبو عمر الأصفهانيّ الخِرَقيّ المقرئ شيخ معمّر: قرأ بالرّوايات على
محمد بن أحمد بن عبد الوهّاب السُّلَميّ، وهو آخر أصحابه موتًا. قرأ
عليه، وقرأ على خاله محمد بن جعفر الأشْنانيّ.
قرأ عليه: محمد بن عبد الله بن المَرْزُبان، ومحمد بن محمد بن عبد
الوهّاب، وأبو الفتح الحدّاد الأصبهانيون.
390- محمد بن الحسن بن يوسف.
أبو عبد الله الصَّنَعانيّ. روى بمكّة عن: أبي عبد الله النَّقَويّ
صاحب إسحاق الدَّبَريّ. روى عنه: عيسى بن أبي ذَرّ، وسماعُه منه بعد
العشرين وأربعمائة.
391- محمد بن الحسن بن الهيثم3.
__________
1 تقدم برقم "276".
2 غاية النهاية "2/ 77، 78".
3 تاريخ مختصر الدول "182، 183"، كشف الظنون "1389"، الأعلام "6/ 314".
(29/166)
أبو عليّ الفيلسوف. صاحبُ المصنَّفات
الكثيرة في علوم الأوائل لا رحمهم الله. أصله بصْريّ، سكن الدّيار
المصريّة إلى أن مات في حدود الثلاثين وأربعمائة.
كان من أذكياء بني آدم، عديم النَّظير في عصره في العلم الرّياضيّ،
وكان متزهِّدًا زهذ الفلاسفة. لخّص كثيرًا من كُتُب جالينوس، وكثيرًا
من كُتُب أَرِسْطُو طاليس. وكان رأسًا في أُصول الطِّبّ وكُلِّيّاته.
وكان قد وَزَرَ في أوّل أمره، ثمّ تزهّد وأظهر الجنون، وانْمَلَس إلى
ديار مصر. وكان مليح الخطّ فنسخ في بعض السّنة ما يكفيه لعامه من
إقليدس والمَجِسّطيّ. وكان مقيمًا بالجامع الأزهر. وكان على اعتقاد
الأوائل، صرّح بذلك نسأل الله العافية.
وقد سَرَدَ ابنُ أبي أُصَيْبَعَة مصنّفات هذا في نحو من كرّاس، وأكثرها
في الرّياضيّ والهندسة، وباقيها في الإلهي، وعامّتها مقالاتٌ صِغَار.
392- مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن مَسْعُود بْن أحمد1.
الإمام أبو عبد الله المسْعوديّ المَرْوَزِيّ الشّافعيّ. صاحب أبي بكر
القفّال المَرْوَزِيّ. إمام مبرّز، وزاهد ورع. صنَّف "شرح مختصر
المُزَنيّ"، فأحسن فيه. له ذكر في "الوسيط"، وفي "الرّوضة
النّواوِيّة". تُوُفّي سنة نَيِّفٍ وعشرين.
393- محمد بن أبي عمرو ومحمد بن يحيى2.
المحدِّث أبو عبد الله النَّيْسابوريّ. حدَّث ببغداد عن: أبي محمد
المَخْلَديّ، وأبي بكر الْجَوزقيّ.
روى عنه: الخطيب.
394- أبو الرّيْحان محمد بن أحمد البيرُونيّ3.
وبيرُون: من بلاد السِّنْد. من أعيان الفلاسفة، وكان معاصرًا للشيخ
الرّئيس ابن سينا، فاضلًا في الهيئة والنّجوم، خبيرًا بالطّبّ. صنّف
كتاب "الجماهر في الجواهر"، وكتاب "الصَّيْدلة" في الطّبّ، وكتاب
"مقاليد الهيئة"، وكتاب "تسطيح الهيئة" مقالة
__________
1 الأنساب "11/ 308"، الوافي بالوفيات "3/ 321"، معجم المؤلفين "10/
224".
2 تاريخ بغداد "3/ 232، 233".
3 معجم الأدباء "17/ 80-190"، أعيان الشيعة "43/ 232-244"، معجم
المؤلفين "8/ 241، 242".
(29/167)
في استعمال الأصْطِرْلاب الكُرِيّ، كتاب
"الزّيج المسعوديّ"، صنّفه للملك مسعود بن السّلطان محمود بن
سُبُكْتِكِين، وتصانيف أُخَر ذكرها ابن أبي أُصَيْبَعَة في تاريخه.
وينقل من كلامه صاحب حماة الملك المؤيّد.
"حرف النّون":
395- نعيْم بن حمّاد بن محمد بن عيسى بن الحسن بن نُعَيْم بن حمّاد بن
معاوية بن الحارث1.
أبو عبد الله الخُزَاعِيّ. قال الخطيب: قدِم علينا من الدّينَوَر، وثنا
عن أصحاب ابن أبي حاتم.
"حرف الياء":
396- يحيى بْن عليّ بْن محمد بن الطّيّب.
أبو طالب الدَّسْكَريّ الصُّوفيّ. نزيل حُلْوان. سمع بجُرْجَان من: أبي
أحمد الغِطْريفيّ، وعليّ بن الحسن بن الأسْتِراباذيّ، وأبا نصر بن
الإسماعيليّ، وغيرهم. روى عنه: أبو مسعود البَجَليّ، وعبد الكريم بن
محمد الشّيرازيّ.
397- يوسف بن حَمُّود بن خَلَف2.
أبو الحَجّاج الصَّدَفيّ القاضي المالكيّ. من أعيان مالكيّة المغرب.
كان خيرًا، وصالحًا، زاهدًا، وفقيهًا، أديبًا شاعرًا. ولي قضاء سَبْتَة
بعد قتْل القاضي بن زوبع، ولاّه المستعين. أخذ عن: أبي محمد الأصِيليّ،
وأبي بكر الزُّبَيْديّ. روى عنه: ابنه حَمُّود، وابن أخيه إبراهيم بن
الفضل، وقاسم بن عليّ، وأبو محمد المَسيليّ، وغيرهم. قال القاضي عياض:
تُوُفّي في حدود الثلاثين وأربعمائة.
انتهت الطبقة لله الحمد.
__________
1 تاريخ بغداد "13/ 314".
2 تقدم برقم "285".
(29/168)
|