تاريخ البصروي
سنة أَربع وَسبعين وثمان مائَة
إستهلت والخليفة المستنجد بِاللَّه أَبُو المظفر يُوسُف العباسي
وَالسُّلْطَان الْأَشْرَف قايتباي الظَّاهِرِيّ وأتابك الْعَسْكَر أزبك
الظَّاهِرِيّ وقضاة دمشق قطب الدّين الخيضري الشَّافِعِي وعلاء الدّين
بن قَاضِي عجلون الْحَنَفِيّ وزين الدّين عبد الْقَادِر بن عبد
الْوَارِث الْمَالِكِي وبرهان الدّين بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وناظر
الْجَيْش بدر الدّين حسن مزلق ونائب القلعة يشبك الظَّاهِرِيّ
والحجوبية مَا فِيهَا أحد
الْمحرم خَامِس عشره وصل برهَان الدّين النابلسي وَكيلا للسُّلْطَان
على الذَّخِيرَة الشَّرِيفَة وَنزل بتربة تنم وَسلم عَلَيْهِ بعض
الْأَعْيَان وَحصل بمجيئه رَجْفَة لأهل دمشق وَالظَّاهِر أَنه متصد
للشر
(1/39)
سَابِع عشرَة قرئَ مرسوم وَثبتت الْوكَالَة
على القَاضِي ابْن عبد الْوَارِث الْمَالِكِي وَجَاء مرسوم بِأَنَّهُ
يتَكَلَّم فِي الْقَضِيَّة وَأظْهر فِي هَذَا الْمجْلس فجورا زَائِدا
لطف الله بِالْمُسْلِمين
رَابِع عشريه رسم على مباشري المرستان يقْصد من ذَلِك أَن القَاضِي قطب
الدّين أَخذ من مَاله مَا لَا حق لَهُ فِيهِ
ربيع الأول توفّي فِيهِ الْعَلامَة شمس الدّين مُحَمَّد عبد الرَّزَّاق
بن عبد الْقَادِر ابْن جساس بِفَتْح الْجِيم ثمَّ مهملتين بَينهمَا ألف
وأولهما مُشَدّدَة الأريحي الْمَشْهُور أسلافهم ببني نَفِيس بِفَتْح
النُّون وَكسر الْفَاء وأخره مُهْملَة وَأخْبرهمْ الشَّيْخ مساعد ولي
الله أَنهم من الْأَنْصَار ولد ثَانِي عشر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ
وَثَمَانِينَ وَسبع مائَة فِي الأريحة من مُعَاملَة أَذْرُعَات
وَتُوفِّي فِي آخر هَذَا الشَّهْر بِدِمَشْق عَن نَيف وَتِسْعين سنة
رَحمَه الله تَعَالَى وَخلف وَلَده الشَّيْخ الْعَالم شهَاب الدّين
وَهُوَ ملازم للخير والاشتغال لَهُ إِحْسَان إِلَى الْفُقَرَاء والطلبة
وَيُحب أهل الْعلم وَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بِخَير
ربيع الآخر سَابِع عشره توجه القَاضِي قطب الدّين لمصر وَذهب وَرَاءه
شهَاب الدّين النابلسي
ثَانِيَة توفّي السَّيِّد الشريف الْعَلامَة عز الدّين حَمْزَة بن
شهَاب الدّين الْحُسَيْنِي ولد فِي حُدُود سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة
وإشتغل بالفقه على مَذْهَب الإِمَام الشَّافِعِي وَبَقِيَّة الْعُلُوم
وَلَا سِيمَا التدريس بالجامع الْأمَوِي مُدَّة طَوِيلَة وباشر الحكم
أَيَّام قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين الخيضري على وَجه الْعِفَّة
وَالْحق وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الانجماع عَن النَّاس والمشايخ ولازم
الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن قَاضِي شُهْبَة وَغَيره من الأكابر
وَتُوفِّي بِبَيْت الْمُقَدّس
(1/40)
زَائِرًا فِي يَوْم الْأَحَد وَدفن بمقبرة
مَا ملا قريب قبر الشَّيْخ أبي بكر المفضلي خلف وَلَده السَّيِّد
كَمَال الدّين مُحَمَّد أحد عُظَمَاء الشَّافِعِيَّة المعتبرين بَارك
الله فِي عمره ورحم وَالِده وجده ونفع بِإِسْلَامِهِ
جُمَادَى الأولى خَامِس عشره دخل القَاضِي قطب الدّين الخيضري دمشق
لابسا خلعة لاقته إِلَى بير العَبْد وَرجع من هُنَاكَ جَاءَ بهَا نقيبه
شهَاب الدّين بن الصاحب وَفِيه وصل ابْن الصَّابُونِي إِلَى بلد
الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام ليقيم هُنَاكَ بِأَمْر السُّلْطَان فِيهِ
حكى ابْن عبد الْوَارِث الْمَالِكِي أَن السُّلْطَان خشقدم لما غضب على
ابْن الْكَوْثَر أحضر لَهُ الْمَالِكِي وإدعى عَلَيْهِ بِمَا استولى
عَلَيْهِ من أَمْوَاله وَأَصلهَا ثمَّ أَرَادَ أَن يخصم مَا قدر ثلثه
وَأدّى الْحَال إِلَى خراب دياره وهرب إِلَى بِلَاد الرّوم وَمَا
رَجَعَ حَتَّى مَاتَ خشقدم
ثَالِث عشريه توفّي القَاضِي شمس الدّين الْعَدوي عَامل أوقاف الشامية
البرانية وَبِيَدِهِ حِصَّة من وقف المارستان النوري كَانَ يجْتَهد فِي
أَمر الضُّعَفَاء فِي جَمِيع مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَله تِلَاوَة
وَصَوْم وإحسان للْفُقَرَاء الْحِجَازِيِّينَ وَغَيرهم وَكَانَ وَالِده
قبله كَذَلِك وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة عِنْد قبر وَالِده بتربتهم
وَهِي مَعْرُوفَة وَهُنَاكَ بقْعَة لَيْسَ فِيهَا بِنَاء رَحمَه الله
تَعَالَى توفّي عَن نَحْو سبعين سنة
خَامِس عشريه توفّي الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد الحديدي الْمصْرِيّ
كَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي علم الْفِقْه والعربية يقْرَأ الحَدِيث وَله
صَوت حسن بِهِ
(1/41)
وَيقْرَأ الْقُرْآن ملازما التِّلَاوَة ترك
ولدا ابْنه مُحَمَّد بهاء الدّين يشْتَغل وَيقْرَأ الحَدِيث ويحفظ
الْقُرْآن وَكَانَ كِلَاهُمَا سليم الْفطْرَة ساعيا خيرا دينا دفن
بمقبرة بَاب الفراديس عَن نَحْو سبعين سنة
سادس عشريه سَافر صَلَاح الدّين مُحَمَّد جمال الدّين عبد الله
الْعَدوي قريب شمس الدّين الْمَذْكُور إِلَى مصر
ثامن عشريه توفّي الشَّيْخ مَعْرُوف كَانَ سَاكِنا عِنْد جَامع
الثابتية فِي بُسْتَان بَاب الْحجر ملازما لعمل الْبَسَاتِين مَعَ
مُلَازمَة الْعِبَادَة وإطعام الْفُقَرَاء وَلَا يَنْقَطِع عَن صَلَاة
الصُّبْح بالجامع الْأمَوِي كل يَوْم إِلَّا نَادرا بِحَيْثُ إِنَّه
لَا يفتح بَاب الْجَابِيَة إِلَّا وَهُوَ على الْبَاب غَالِبا وَرَأى
من سِنِين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ حضر إِلَى بَيته
فَقدم لَهُ طاسة فِيهَا عسل فلعق مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَأصْبح وإستمر هَذَا الْعَسَل عِنْده فِي الطاسة كلما جَاءَ أحد
من الْقُرَّاء أَو الْفُقَهَاء على تتابعهم يلعق من الطاسة وَهِي
بِحَالِهَا توفّي فِي عشر السّبْعين وَدفن بمقبرة الحمرية رَحمَه الله
تَعَالَى
جُمَادَى الْأُخْرَى لَيْلَة عاشره توفّي شمس الدّين بن الياسوفي أحد
موقعي نَائِب القَاضِي الشَّافِعِي وباشر الْحِسْبَة سنتَيْن بِدِمَشْق
ونيابة الحكم بِالْقَاهِرَةِ وَأَيَّام خشقدم كَانَ لَهُ يَد فِي
صِيغَة الشَّهَادَة وسطوة على الشُّهُود مقربا عِنْد القَاضِي جمال
الدّين الباعوني وَدفن بتربة بَاب الصَّغِير عَن نَحْو سِتِّينَ سنة
رَحمَه الله تَعَالَى
(1/42)
وَفِيه توفّي الشَّيْخ الْقدْوَة الْعَالم
شهَاب الدّين أَحْمد الشيرواني كَانَ إِمَامًا فِي الْعُلُوم
الْعَقْلِيَّة شَدِيد الصلابة فِي دينه معتنيا بزيارة الصَّالِحين
متقللا من الدُّنْيَا وَكَانَ لَهُ صُحْبَة مَعَ الشَّيْخ مَعْرُوف
مُقيما بِالْمَدْرَسَةِ الشامية البرانية توفّي فِي بِلَاد غَزَّة
رَحمَه الله تَعَالَى
سادس عشره لبس الْأَمِير مُحَمَّد مبارك خلعة بالحجوبية الْكُبْرَى
بِدِمَشْق وَهُوَ رجل شَاعِر
سادس عشريه توفّي قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين عبد الْقَادِر بن عبد
الْوَارِث الْبكْرِيّ الإِمَام الْعَلامَة ذُو الْفُنُون وَله الْيَد
الطُّولى فِي معرفَة مَذْهَب الإِمَام مَالك أَخذ عَن عِظَام
الْمَشَايِخ بِمصْر الْمَالِكِيَّة وَغَيرهم وَكَانَ إِذا تكلم فِي
مَسْأَلَة يُعْطِيهَا حَقّهَا على تَرْتِيب الْقَوَاعِد وَله إعتقاد
فِي الْفُقَرَاء ولي قَضَاء دمشق ملازما للعفة والصلابة فِي إِقَامَة
الْحق وَكَانَ قد تصدى للتجريد على قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين بمرسوم
سعى فِي إِحْضَاره لَهُ برهَان الدّين النابلسي وَجَرت بِسَبَب ذَلِك
فُصُول غَرِيبَة رَحمَه الله تَعَالَى
رَجَب نزل سعر الْمغل فَصَارَت غرارة الْقَمْح بِخَمْسِمِائَة
وَالشعِير بمائتين ثالثه سَافر جَان بك قلق سيز إِلَى مصر
شعْبَان رابعه لبس شاهين خلعة نِيَابَة القلعة عوضا عَن أشبك
الظَّاهِرِيّ
سادسه رَجَعَ القَاضِي صَلَاح الدّين الْعَدوي من الْقَاهِرَة وَقد
انْفَصل أمره من جِهَة تَرِكَة قَرِيبه شمس الْعَدوي على مبلغ
وَفِيه وصل أتابك الْعَسْكَر أزبك الظَّاهِرِيّ بِمن مَعَه من
الْعَسْكَر من حمص إِلَى مصر مكسورين من شاه سوار
(1/43)
شهر رَمَضَان مستهله الْأَحَد
ثَانِيه توفّي قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين مُحَمَّد الْعِمَاد
الْحَنَفِيّ ولي قَضَاء دمشق مرَارًا وَقبلهَا قَضَاء صفد وَكَانَ
حَافِظًا لمذهبه مشاركا فِي الْعُلُوم إِمَامًا فِي الْأَدَب وَالشعر
حسن الْخلق والخلق مهاب المنظر جيد الْخط كتب الْكثير بِخَطِّهِ فِي
عُلُوم شَتَّى وَدفن بالصالحية وَخلف أَوْلَادًا من جُمْلَتهمْ وَلَده
القَاضِي جلال الدّين من فضلاء الْحَنَفِيَّة مَاتَ فِي عشر
الثَّمَانِينَ رَحمَه الله تَعَالَى
وَفِيه فوض القَاضِي الشَّافِعِي نِيَابَة الحكم للشَّيْخ الْعَلامَة
شمس الدّين خطيب السَّقِيفَة أَعَانَهُ الله تَعَالَى
وَفِيه قوي الضعْف على شَيخنَا شيخ الشَّافِعِيَّة بدر الدّين بن
قَاضِي شُهْبَة وَقرر القَاضِي الشَّافِعِي فِي وظائفه ولَايَة معلقَة
وبلغه فاضطرب وتنكد فَنزل عَن وظائفه لوَلَده مُحي الدّين عبد
الْقَادِر وللقاضي محب الدّين بن قَاضِي عجلون
ثَانِي عشريه توفّي شَيخنَا الْمَذْكُور بدر الدّين مُحَمَّد بن بكر بن
أَحْمد مُحَمَّد عبد الْوَهَّاب بن مُحَمَّد بن ذُؤَيْب بن مشرف كَانَ
إِمَامًا فِي الْفِقْه انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة الْمَذْهَب وَعَكَفَ
عَلَيْهِ الطّلبَة سكن أول عمره بالشامية البرانية وَحفظ الْمِنْهَاج
وَقَرَأَ فِي النَّحْو وَغَيره شَيْئا يَسِيرا ثمَّ لَازم الإشتغال على
وَالِده وطبقته بِدِمَشْق وَقَرَأَ بِمصْر على الشَّيْخ ولي الدّين
الْعِرَاقِيّ الشَّافِعِي وباشر الحكم مُدَّة طَوِيلَة وَكتب الْكثير
بِخَطِّهِ وَله مصنفات مِنْهَا شرح الْمِنْهَاج الْكَبِير وَشَرحه
الصَّغِير والمسائل المعلمات فِي الرَّد على الْمُهِمَّات وَشرح
الأشنهية فِي الْفَرَائِض كَانَ حسن
(1/44)
المحاضرة وَله مَكَارِم أَخْلَاق يتفضل على
الطّلبَة وَيحسن إِلَيْهِم وَقل أَن يمْضِي أُسْبُوع حَتَّى يجمعهُمْ
ويضيفهم فَقِيه النَّفس يكْتب على الْفَتَاوَى الْكِتَابَة الْحَسَنَة
وَوَقع لَهُ فِي آخر عمره محن بِوَاسِطَة ولَايَة ابْن الصَّابُونِي من
بعده وَكَانَت حَيَاته حافلة تقدم للصَّلَاة عَلَيْهِ الْعَالم
الْفَقِيه تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب الْحُسَيْنِي الشَّافِعِي وَدفن
بمقبرة بَاب الصَّغِير قَرِيبا من قبر سَيِّدي بِلَال الحبشي مَعَ
وَالِده وَجَمَاعَة بَيتهمْ وفقده الطّلبَة وأسف عَلَيْهِ الْخَلَائق
وَتوقف القَاضِي الشَّافِعِي فِي إِمْضَاء النُّزُول ثمَّ إتفق هُوَ
وَالْقَاضِي محب الدّين عَليّ وَلَده فِي أَمر الْوَظَائِف فير أَنه لم
يحصل فِيمَا أعلم من الْمدَارِس إِلَّا نظر الإقبالية وتدريسها فَقَط
وَفِيه نزل اسعر الْقَمْح بثلثمائة وَخمسين وَالشعِير بِمِائَة
شَوَّال مستهله توجه القَاضِي ابْن الصَّابُونِي من بَيت الْمُقَدّس
إِلَى مصر مَطْلُوبا
خامسه فوض القَاضِي الشَّافِعِي نِيَابَة الحكم للشَّيْخ الْعَلامَة
شهَاب الدّين مُحَمَّد بن الْحوَاري الشَّافِعِي وَهُوَ من فضلاء
الطّلبَة وقدمائهم فقها وأصولا وَغَيرهمَا
سَابِع عشره توجه الركب الشَّامي إِلَى الْحجاز وسافر مَعَهم من
(1/45)
الْأَعْيَان قَاضِي الْقُضَاة جمال الدّين
الباعوني الشَّافِعِي وَالْقَاضِي محب الدّين بن قَاضِي عجلون
الشَّافِعِي وَالْقَاضِي برهَان الدّين بن الْمُعْتَمد الشَّافِعِي
وَالْقَاضِي شرف الدّين بن عيد الْحَنَفِيّ وَالْقَاضِي برهَان الدّين
بن القطب الْحَنَفِيّ وَالشَّيْخ عبد الْبر المرداوي الْحَنْبَلِيّ
وَأَوْلَاده الثَّلَاثَة عبد اللَّطِيف ومحمود وبهاء الدّين
وَالْقَاضِي نَاصِر الدّين بن زُرَيْق الْحَنْبَلِيّ وَالْقَاضِي جمال
الدّين يُوسُف المرداوي الْحَنْبَلِيّ وَالْقَاضِي شمس الدّين
الْخُزَاعِيّ الْحَنْبَلِيّ وعلاء الدّين بن القصيف الشَّافِعِي
وَصَاحبه شمس بن الْكَاتِب الشَّافِعِي وَالشَّيْخ قَاسم الْحَنَفِيّ
مدرس الْحَنَفِيَّة والخواجا عبد الْغَنِيّ بن مزلق وشهاب الدّين
الْمصْرِيّ الشَّاهِد وَالشَّيْخ شهَاب الدّين الْموصِلِي وَمُحَمّد
صَلَاح الدّين مبَاشر الْجَامِع الْأمَوِي وَمن التُّجَّار مَا لَا
يُحْصى كَثْرَة وَحصل لَهُم شَدَائِد من غلاء السّعر وَقلة المَاء
وَغَيرهمَا
ثامن عشره ورد مرسوم بعزل أَرْبَعَة من نواب الْحَنَفِيّ القَاضِي محب
الدّين بن القصيف وشمس الدّين الْغَزِّي وتاج الدّين بن عربشاه وَسعد
الله العجمي
حادي عشريه سَافر القَاضِي قطب الدّين إِلَى الْقَاهِرَة وَفِيه توفّي
الشَّيْخ الْعَارِف الْعَلامَة كَمَال الدّين مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن
بن عَليّ الْعَلامَة أَبُو عبد الله الْمصْرِيّ الشَّافِعِي إِمَام
الكاملية بِالْقَاهِرَةِ وَابْن أئمتها ولد يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر
شَوَّال سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة بالكاملية بِالْقَاهِرَةِ وَمَات
مُتَوَجها إِلَى الْحَج لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشر شَوَّال سنة
أَربع وَسبعين هَذَا بثغر حَامِد دون التيه وَكَانَ قد تجهز لِلْحَجِّ
فِي أَوْلَاده وَعِيَاله فَمَرض قبل السّفر بأيام
(1/46)
وأشير عَلَيْهِ بِالْإِقَامَةِ فَأبى وَخرج
إِلَى الْبركَة فَسئلَ فِي الرُّجُوع فَلم ينثن وصدقت عزيمته فَلم يرض
إِلَّا الْوُفُود إِلَى الله فأحرز إِن شَاءَ الله تَعَالَى بركَة
قَوْله {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} ثمَّ
يُدْرِكهُ الْمَوْت {فقد وَقع أجره على الله} وَمَا رَوَاهُ
الْبَيْهَقِيّ وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ
قَالَ رَسُول الله من خرج حَاجا فَمَاتَ كتب لَهُ أجر الْحَاج إِلَى
يَوْم الْقِيَامَة
وَلما مَاتَ إشتد تأسف النَّاس عَلَيْهِ خاصهم وعامهم كَانَ من
الْعلمَاء العاملين وَله مصنفات فِي الْفِقْه وأصوله وَله كرامات
ومكاشفات وَمَات أكبر أَوْلَاده مُحَمَّد لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع
عشر شَوَّال سنة سِتّ وَسبعين وَثَمَانمِائَة فَكَانَ بَينهمَا سنتَانِ
إِلَّا يَوْمًا وَمن الْعَجَائِب إتفاقهما فِي الْيَوْم والشهر
ذُو الْقعدَة ثَانِيَة ورد السَّيِّد عَلَاء الدّين القصري من مصر
بِسَبَب النّظر فِي أَمر الْقُضَاة وَنزل عِنْد شهَاب الدّين بن حجر
الْأَصَم فِي منزله قبالة البادرائية وهرع إِلَيْهِم النَّاس
ثامنه ورد مرسوم بعزل عبد الْقَادِر أَخُو الدوادار من الْحِسْبَة
بالسيد صدر الدّين بن عجلَان فَامْتنعَ السَّيِّد من الدُّخُول فِي
ذَلِك
وَفِيه ورد مرسوم على يَد خاصكي بتولية نَاصِر الدّين مُحَمَّد الأكرمي
أستادار الأغوار فَامْتنعَ وَرفع إِلَى القلعة وإستمر يَوْمَيْنِ ثمَّ
أطلق وَدخل فِي ذَلِك قهرا وَلَا بَأْس بِهِ لكِنهمْ أخذُوا فِي
التنكية عَلَيْهِ وَالله الْمُدبر
(1/47)
|