تاريخ البصروي
سنة خمس وَسبعين وثمان مائَة
سنة سِتّ وَسبعين وثمان مائَة
إستهلت والخليفة المستنجد بِاللَّه أَبُو المظفر يُوسُف العباسي
وَالسُّلْطَان قايتباي الظَّاهِرِيّ الأشرفي وأتابك الْعَسْكَر أزبك
الظَّاهِرِيّ والدوادار الْكَبِير أشبك الظَّاهِرِيّ ونائب الشَّام
برقوق الظَّاهِرِيّ ونائب القلعة الْعَلَاء شاهين المؤيدي والقضاة قطب
الدّين الخيضري الشَّافِعِي وشمس الدّين الحلاوي الْحَنَفِيّ إِلَى
الْآن مَا قدم وبرهان الدّين بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وَقَضَاء
الْمَالِكِيَّة لم يتول أحد بعد ابْن عبد الْوَارِث وحاجب الْحجاب
مُحَمَّد مبارك والأتابكي شادبك الجلباني
(1/48)
الْمحرم سابعه دخل القَاضِي شمس الدّين
الحلاوي الْحَنَفِيّ دمشق مُتَوَلِّيًا قَضَاء الْحَنَفِيَّة بهَا
صفر رابعه ورد مرسوم على يَد أبي بكر بن عبد الباسط بالرسم على قَاضِي
الْقَضَاء عَلَاء الدّين الْحَنَفِيّ بِسَبَب مَال الجوالي وساعده على
ذَلِك حَاجِب الْحجاب سابعه أطلق من الترسيم بعد أَن ضمنه القَاضِي محب
الدّين ابْن عَمه وَالْقَاضِي شهَاب الدّين البقاعي الْحَنَفِيّ على
ألفي دِينَار
عاشره أَخْبرنِي عِيسَى البدوي وَهُوَ من أهل الدّين أَنه رأى فِي
النّوم الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن قرا الشَّافِعِي وَكَانَ من الْعلمَاء
العاملين وَهُوَ مُتَوَجّه مَعَ جمَاعَة من النَّاس إِلَى نَاحيَة حلب
وَقَالَ لَهُ أتوجه لنصرة هَذَا الْعَسْكَر
عشريه خلع على القَاضِي شهَاب الدّين المريني الْمَالِكِي بِقَضَاء
الْمَالِكِيَّة رحم الله ابْن عبد الْوَارِث
ربيع الأول سابعه سَافر ابْن عبد الباسط إِلَى مصر سادس عشره لبس
السَّيِّد إِبْرَاهِيم بن السَّيِّد مُحَمَّد خلعة نظر القلعة مُضَافا
إِلَى نقابة الْأَشْرَاف رَابِع عشريه توفّي عبد الرَّزَّاق التَّاجِر
بسوق الذِّرَاع كَانَ من أَعْيَان التُّجَّار وَعِنْده فضل ويستحضر فِي
الْمجَالِس مؤانسات من شعر وحكايات وَغَيرهمَا سليم الْفطْرَة
مَشْغُولًا بِشَأْنِهِ عَن النَّاس رَحمَه الله تَعَالَى
ثَانِي عشريه حكى لي بعض الْفُضَلَاء أَن الْحَافِظ القليوبي
الْمصْرِيّ صَاحب التَّارِيخ صنف = كتابا أسماه الإمتاع بِمَا للنَّبِي
من الْمَتَاع ذكر
(1/49)
فِيهِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم كَانَ يلف عمَامَته على قلنسوة وَهَذَا الإسم سبقه إِلَيْهِ
غَيره فقد قَالَه الشَّيْخ شهَاب الدّين الْأَذْرَعِيّ
سُئِلت عَن الشَّاة الَّتِي عضها الْكَلْب هَل يحل أكلهَا فترددت فِي
ذَلِك ثمَّ قلت مسَائِل الْأَطِبَّاء ثمَّ رَأَيْت فِي كتاب الإمتاع
والمؤانسة لأبي حَيَّان التوحيديي أَنه يحرم أكلهَا
جُمَادَى الأولى ثَانِيه وصل من حلب الشَّيْخ الْعَلامَة عبد الْبر بن
الشّحْنَة الْحَنَفِيّ وَنزل بمنزل القَاضِي الشَّافِعِي فِي الشّرف
الْأَعْلَى وإجتمعنا بِهِ فَإِذا هُوَ ذُو فَضَائِل شَتَّى إِمَام فِي
فقه أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وأصوله
ثالثه توجه للقاهرة الشَّيْخ الأوحد المُصَنّف نجم الدّين مُحَمَّد بن
قَاضِي عجلون الشَّافِعِي وصحبته أَخُوهُ زين الدّين عبد الرَّحْمَن
ومعهما والدتهما
خَامِس عشره توجه الشَّيْخ عبد الْبر إِلَى مصر
جُمَادَى الْآخِرَة سَابِع عشريه وصل برهَان الدّين النابلسي دمشق
وَمَعَهُ مرسوم يتَعَلَّق بِمَال بَيت المَال وتحريره لبس خلعة ولاقته
الْجَمَاعَة إِلَى قبَّة يلبغا وَلبس القَاضِي عَلَاء الدّين بن قَاضِي
عجلون الْحَنَفِيّ خلعة بِقَضَاء الْحَنَفِيَّة عوضا عَن الحلاوي
وَقُرِئَ مرسوم النابلسي وَفِيه
(1/50)
التَّحْرِير على القَاضِي قطب الدّين من
جِهَة المَال
توفّي فِيهِ السَّيِّد عبد الْوَهَّاب بن عمر بن الْحسن بن عَليّ بن
الْحسن بن حَمْزَة بن مُحَمَّد الحسني الدِّمَشْقِي وَتقدم بَقِيَّة
نسبه فِي تَرْجَمَة السَّيِّد شهَاب الدّين وَالِد السَّيِّد حَمْزَة
ولد فِي أَوَائِل هَذَا الْقرن وَحج سنة أَربع وَسبعين وجاور فَمَاتَ
وَكَانَ قد حج وجاور قبل ذَلِك مَرَّات لَهُ مصنفات كَثِيرَة على
مَذْهَب الشَّافِعِي مِنْهَا الْمَنَاسِك الْكُبْرَى إختصر فِيهِ
مَنَاسِك ابْن جمَاعَة وأضاف إِلَى ذَلِك فَوَائِد جليلة رَحمَه الله
تَعَالَى
رَجَب عاشره رفع القَاضِي عَلَاء الدّين الْحَنَفِيّ إِلَى القلعة على
خمسين ألف دِينَار أثبتها عَلَيْهِ القَاضِي تَاج الدّين بن عربشاه
نَائِبه والنابلسي هُوَ السَّاعِي فِي ذَلِك
خَامِس عشره توجه القَاضِي الشَّافِعِي إِلَى الْقَاهِرَة وصحبته
وَلَده نجم الدّين أَحْمد ولحقه قصاد النابلسي
شعْبَان تاسعه سَافر القَاضِي الْحَنَفِيّ الْمُنْفَصِل الحلاوي إِلَى
حلب
عاشره وصل مرسوم بِإِطْلَاق القَاضِي عَلَاء الدّين الْحَنَفِيّ فَأطلق
خَامِس عشره فوض الْحَنَفِيّ نِيَابَة الحكم للْقَاضِي شمس الدّين
الْوَاعِظ
خَامِس عشره وَقع على فَخر الدّين العتقي قلقلة أفضت إِلَى أَنه أشهد
عَلَيْهِ بِحَضْرَة الْمَالِكِي القَاضِي وَالشَّيْخ خطاب وَابْن
الصَّيْرَفِي نَائِب الشَّافِعِي ونقيب الْأَشْرَاف السَّيِّد
إِبْرَاهِيم أَنه لَيْسَ الشريف
سادس عشره سَافر القَاضِي شهَاب الدّين الفرفور إِلَى مصر
(1/51)
توفّي فِيهِ زين الدّين سَالم
الْبُلْقَاوِيُّ الشَّافِعِي صهر القَاضِي سُلْطَان لَهُ إشتغال
بِالْعلمِ ثمَّ إستقر شَاهدا بِبَاب الْجَامِع الغربي رَحمَه الله
تَعَالَى
شهر رَمَضَان ثالثه وصل الْخَبَر أَن القَاضِي قطب الدّين إنفصلت
حكومته على ثَلَاثِينَ ألف دِينَار
وَفِيه صلى بِالْقُرْآنِ مُحَمَّد بن الشَّيْخ تَقِيّ الدّين
الْجُهَنِيّ من بَيت شَيخنَا خطاب وَقَرَأَ قِرَاءَة حَسَنَة
رَابِع عشره سَافر السَّيِّد إِبْرَاهِيم نقيب الْأَشْرَاف إِلَى مصر
شَوَّال سادس عشره سَافر الْحَاج الشَّامي وأميرهم شادبك الجلباني
الأتابكي سَابِع عشره سَافر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد منجك إِلَى مصر
ثامن عشريه وصل الْخَبَر بِمَوْت الشَّيْخ أبي الْفضل نجم الدّين
مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ ولي الدّين عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن
مُحَمَّد بن شرف بن مَنْصُور بن مَحْمُود بن توفيق بن مُحَمَّد عبد
الله بن قَاضِي عجلون الشَّافِعِي عَلامَة زَمَانه فقها وأصولا ونحوا
قُرْآنًا وحديثا ومنطقا وَغَيرهَا مولده يَوْم السبت ثَانِي عشري ربيع
الأول سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَأَصله من زرع مَاتَ
وَهُوَ فِي محفة على بغال مُتَوَجها إِلَى دمشق من مصر قبل أَن يصل
إِلَى بلبيس ضحى يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث عشر شَوَّال سنة سِتّ
وَسبعين وَثَمَانمِائَة بعد مرض طَوِيل وَلم يغب لَهُ ذهن مَعَ شدَّة
الضّر ونحول الْجِسْم وَلم تفته صَلَاة فَلَمَّا مَاتَ رَجَعَ بِهِ
أَخُوهُ القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحْمَن إِلَى مصر فوصل فِي آخر
يَوْم الْإِثْنَيْنِ الْمَذْكُور وَدفن لَيْلَة الثُّلَاثَاء رَابِع
عشره فِي تربة القَاضِي كَاتب السِّرّ زين الدّين بن مزهر
الْأنْصَارِيّ
(1/52)
بالصحراء وَحضر جنَازَته وَالصَّلَاة
عَلَيْهِ جمع من الْقُضَاة وَالْعُلَمَاء والمباشرين والصلحاء مَعَ
وُصُوله على حِين غَفلَة وتأسفوا عَلَيْهِ وَلم يخلف بعده مثله فِي
مَجْمُوع أمره من كَثْرَة المحفوظات وَحسن إستحضارها وَقت الْحَاجة
وحدة الذِّهْن وَكَثْرَة التصانيف وحسنها وَصِحَّة الإعتقاد وغزارة
الْعقل وَحسن التأني فِي الْأُمُور والشجاعة والثبات فِي وَقت
الْمُهِمَّات قسرا وَمن تصانيفه = تَصْحِيح الْمِنْهَاج والتاج فِي
زَوَائِد الرَّوْضَة على الْمِنْهَاج والتحرير فِي نَحْو أَرْبَعمِائَة
كراسة
ذُو الْقعدَة ثالثه وصل القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن قَاضِي
عجلون أَخُو الشَّيْخ نجم الدّين وَمَعَهُ والدته رزقها الله الصَّبْر
وَأعظم أجرهَا
ذُو الْحجَّة فِي آخِره قبض على شاه سوار الغادري وَصَارَ فِي
الْحَدِيد فاطمأنت الْبِلَاد والعباد
وَاقعَة حلف بِالطَّلَاق أَن عتيقه لَا يدْخل بَيته ثمَّ وكل من يخالع
زَوجته لأجل دُخُول عتيقه فَظن شخص أَن الْوكَالَة خلع فَدخل فَهَل
يَقع الطَّلَاق وَأجِيب بِعَدَمِ الْوُقُوع لِأَنَّهُ لَا شُعُور لَهُ
بِوُجُود الْيَمين وَقد سُئِلَ شَيخنَا ابْن قَاضِي شُهْبَة بدر الدّين
عَمَّن قَالَ لزوجته إِن خرجت من الدَّار بِغَيْر إذني فَأَنت طَالِق
فاستأذنته فَضَحِك فاستشعرت من ضحكه الرِّضَا بِالْإِذْنِ فَخرجت
لإعتمادها على أَن هَذَا إِذن فَأجَاب بِأَن هَذِه لَهَا مشابهة قبله
سُئِلَ عَنْهَا البُلْقِينِيّ وَهِي أَن شخصا حلف بِالطَّلَاق أَن
زَوجته لَا تخرج إِلَى الْحمام إِلَّا بِإِذْنِهِ وأخبرها رجل أَنه أذن
فَخرجت وَتبين كذبه وَأجَاب البُلْقِينِيّ بِعَدَمِ الْوُقُوع
لِأَنَّهَا لم تخرج مراغمة لَهُ ثمَّ فرق بَينهمَا ابْن قَاضِي شُهْبَة
بِأَن هَذِه فِيهَا الْإِذْن وَالْإِذْن لَا بُد أَن يكون لفظا قلت
الإعتماد على الظَّن وَإِن ظَنّه الْإِذْن هَل هُوَ أذن كَمَا فِي
مسئلة البُلْقِينِيّ وَظن الْمَرْأَة صِحَة إِخْبَار الْمخبر
(1/53)
لَهَا ففيهما حصل الإعتماد على إِذن مظنون
ثمَّ وَقع أَيْضا أَن شخصا حلف أَن زَوجته لَا تذْهب إِلَى بَيت أمهَا
ثمَّ قصد خلعها لتذهب فَحصل بَينهمَا خلع غير وَاقع فَإِنَّهُ علق
طَلاقهَا على إبرائها لَهُ من الصَدَاق وإبراؤه غير عَالِمَة بِهِ
فاعتمد على ظن الْبَيْنُونَة وَهِي أَيْضا قد ذهبت فَظهر عدم الْوُقُوع
لما تقدم ثمَّ وَقع أَن شخصا حلف على ترك شَيْء بِالطَّلَاق الثَّلَاث
ثمَّ أَرَادَ فعله فَقيل لَهُ خَالع فَقَالَ لزوجته خلعتك قَاصِدا
الطَّلَاق وَظن حُصُول الْبَيْنُونَة لمُجَرّد ذَلِك فَفعل الَّذِي حلف
عَلَيْهِ فتوقف فِي هَذِه الْعَلامَة الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن قَاضِي
عجلون وَقَالَ كَانَ من حَقه أَن يتَعَلَّم كَيْفيَّة الْخلْع وَلَا
يقدر وَأَنا مُتَوَقف فِي هَذِه
(1/54)
|