تاريخ البصروي

قُرَّة النَّاظر بأخبار الْقرن الْعَاشِر
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
سنة اُحْدُ وتسع ماية
استهلت يَوْم الاحد الْخَلِيفَة السَّيِّد عبد الْعَزِيز بن يَعْقُوب العباسي وَالسُّلْطَان بالديار المصرية وَالشَّام وحلب والحجاز وَغَيرهَا قايتباي الظَّاهِرِيّ الْملك الاشرف واتابك العساكر بِمصْر تمراز الظَّاهِرِيّ مَعَ انه مَا لبس الخلعة وَسَيَأْتِي تَارِيخ لبسه لَهَا وامير سلَاح تنبك الجمالي الظَّاهِرِيّ وامير مجْلِس ازبك الخازندار الظَّاهِرِيّ وَرَأس نوبَة النوب تاني بك قرا الاينالي وحاجب الْحجاب اينال الخسيف وَكلهمْ لم يلبسوا الْخلْع وانما سمي لَهُم ذَلِك وامير آخور كَبِير غيب وَإِلَى الْآن مَا علم خَبره وَلم يدل مَكَانَهُ اُحْدُ والدوادار الْكَبِير آقبردى من اقارب السُّلْطَان وَهُوَ استادار ووزير

(1/166)


وقضاة الْقَاهِرَة شيخ الاسلام قَاضِي الْقُضَاة زَكَرِيَّا الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين الاخميمي الْحَنَفِيّ وقاضي الْقُضَاة شمس الدّين بن التقي الْمَالِكِي وقاضي الْقُضَاة بدر الدّين السَّعْدِيّ الْحَنْبَلِيّ وَكَاتب الاسرار الشَّرِيفَة بدر الدّين مُحَمَّد بن زين الدّين بن مزهر الشَّافِعِي وناظر الْجَيْش شهَاب الدّين احْمَد بن يُوسُف وناظر الْخَواص نور الدّين بن الصَّابُونِي وَهُوَ نَاظر الْكسْوَة
ونائب الشَّام قانصوه اليحياوي الظَّاهِرِيّ والقضاة بِدِمَشْق شهَاب الدّين بن فرفور الشَّافِعِي ومحب الدّين بن القصيف الْحَنَفِيّ وَنجم الدّين مُحَمَّد بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وَقَضَاء الْمَالِكِيَّة لم يسْتَقرّ فِيهِ اُحْدُ وَكَاتب السِّرّ بِدِمَشْق محب الدّين الاسلمي وناظر الْجَيْش تمربغا السيفي قجماس والحاجب الْكَبِير قرقماس التنمي السيفي ونائب حلب اينال الاشرفي
الْمحرم الْخَمِيس ثَانِي عشره البس قانصوه الشَّامي خلعة بنيابة حماة
تَاسِع عشره لبس ابْن فرفور خلعة وَنزل من قلعة الْجَبَل إِلَى الْبَيْت الَّذِي اسْتَأْجرهُ جوَار بَيت شهَاب الدّين الكركي ببركة الْفِيل من الْقَاهِرَة
خَامِس عشريه وصل الْحَاج الْمصْرِيّ وَمَعَهُمْ القَاضِي كَاتب السِّرّ الشريف بالممالك الاسلامية
سادس عشريه وصل جلال الدّين الْوَلَد إِلَى الْقَاهِرَة فِي اوله اطلق شمس

(1/167)


الدّين مُحَمَّد الطولقي الْمَالِكِي من الترسيم بعد سنة وَنَحْو ثَلَاثَة اشهر
صفر مستهله الثُّلَاثَاء لَيْلَة خَامِس عشره خرجت من الْقَاهِرَة إِلَى دمشق وَدخلت اليها يَوْم الاحد سَابِع عشريه بعد ان تراميت على الشَّيْخ مُحَمَّد الْغَزِّي بجلجولية فِي الِاسْتِقْرَار بهَا اَوْ فِي مَكَّة اَوْ الْقُدس
عشريه وضع الكافل مباشري المرستان فِي الترسيم على عشْرين الف دِينَار الزموا بهَا فِي ذمتهم فِي الْقَاهِرَة وَزَاد تعطل المرستان والضعفاء ثمَّ اسْتَقر امرهم على عشرَة واطلقوهم
ربيع الاول مستهله الاربعاء الثُّلَاثَاء رَابِع عشره مستهل كانون الاول الاحد تَاسِع عشره اجْتمعت بالشيخ الامام المحبي برهَان الدّين بن شرِيف قدم من حلب وَنزل بِالْمَدْرَسَةِ الْمُقَابلَة لباب السلسلة من جَامع دمشق قَاصِدا بَيت الْمُقَدّس ثمَّ الْقَاهِرَة ودرس فِي مسَائِل مِنْهَا لَو كَانَ الْمَوْقُوف فِي محلّة خربَتْ وَهُوَ من جملَة اماكن فَهَل يعمر من ريع الْوَقْف اَوْ لَا لانه لَا فَائِدَة فِيهِ فان الصُّورَة ان الْمحلة لَا يسكنهَا اُحْدُ فَذكر الشَّيْخ برهَان الدّين ان اوقاف مصر الَّتِي تَحت نظر القَاضِي الشَّافِعِي الْآن حصل فِيهَا هَذَا وانه افتى بِمَنْع الْعِمَارَة وَتَابعه جمَاعَة وان قَاضِي الْقُضَاة زَكَرِيَّا الشَّافِعِي لم يلْتَفت إِلَى ذَلِك وَعمر وَالَّذِي افتى بِهِ الْجَمَاعَة ظَاهر وَمِنْهَا انه لَو تصادق اثْنَان على شَيْء ثمَّ رفعا التصادق وابطلا حكمه فَقَالَ ان هَذَا الثَّانِي صَحِيح وان بعض اهل عصره من مصر خَالف قَالَ هَذَا كَمَا لَو اكذب الْمقر لَهُ الْمقر وَقَالَ ان الْمَسْأَلَة بَعْضهَا مسطورة فلتراجع وَمِنْهَا لَو اتلف شَيْئا فِي نَقله مُؤنَة وظفر الْمَالِك بالمتلف لَهُ فِي غير بلد الْمُتْلف اخذ مِنْهُ الْعين وَقَالَ انه غلط فِي ذَلِك جمَاعَة فِي مصر فِي وَاقعَة وَقعت ثَالِث

(1/168)


عشريه توفّي الشَّيْخ عماد الدّين اسماعيل بن مُحَمَّد السيوفي الْمَعْرُوف بخطيب السَّقِيفَة وَالِد صاحبنا رحمهمَا الله تَعَالَى وَدفن بِجَانِب وَلَده فِي مَقْبرَة الشَّيْخ رسْلَان خَارج بَاب شَرْقي سُبْحَانَ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت ربيع
ربيع الآخر مستهله الْجُمُعَة الْجُمُعَة خَامِس عشره مستهل كانون الثَّانِي وَلم تمطر بِدِمَشْق إِلَى الْآن الا رشة اللَّهُمَّ فرج وَقد ارْتَفع سعر الْقَمْح إِلَى نَحْو الثلثمائة دِرْهَم الغرارة وَالشعِير بَاقٍ على حكمه نَحْو ماية الغرارة لَكِن الامور بِدِمَشْق بِخَير نحمد الله تَعَالَى
الاحد رَابِع عشريه ختم مدرس الشامية الدَّرْس فِيهِ تولى شادبك مقدم الف بِالْقَاهِرَةِ امير آخور عوضا عَن قانصوه خَمْسمِائَة
جُمَادَى الاولى مستهله الاحد أَوله سَافر نَائِب القلعة إِلَى الْقَاهِرَة بِسَبَب اختلافه مَعَ نَاظر الْجَيْش لَيْلَة الاربعاء سابعه وَقع مطر متواصل طول اللَّيْل واصبح كَذَلِك وَكَانَ الْمَطَر مُنْقَطِعًا من اول صفر وَهَذَا الْيَوْم هُوَ يَوْم الْعشْرين من كانون الثَّانِي سلخ الاربعينية فَالْحَمْد لله نَسْأَلهُ توالي فَضله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الثلثاء عشره مستهل شباط
فِي عشريه وصلت الاخبار بِأَن سُلْطَان الدّين حسن بن زبيري دخل فِي ربيع الاول من هَذِه السّنة إِلَى الْمَسْجِد الشريف بخيله وَرجله وغلق الابواب وَضرب الطواشية واخرجهم وَكسر الْقبَّة واخذ كل مَا فِيهَا من نقد وقناديل ذهب واراق الزَّيْت وَكَانَ النَّقْد نيفا وَعشْرين الف دِينَار والقناديل نَحْو قِنْطَار وَقصد وَلَده الهجوم على مَوضِع الْقَبْر الشريف واخذ مَا فِيهِ من الْقَنَادِيل وَغَيرهَا فَأخذ على يَده بعض جَمَاعَتهمْ وَكسر خَزَائِن الخدام كلهَا واخذ مَا فِيهَا وَجمع الصواغين والحدادين بالقلعة فسبكوا

(1/169)


ذَلِك واخاف اهل الْمَدِينَة ثمَّ خرج مَعَ الْعَرَب هَارِبا فَكتب بذلك إِلَى السُّلْطَان فَأرْسل إِلَى سُلْطَان مَكَّة مُحَمَّد بَرَكَات خلعة وامره ان يُقيم عشرَة هَذَا مَا تحرر من كتب النجاب فَكَانَت حميته للمدينة الشَّرِيفَة كحميته للْحَاج فِيمَا مضى فَإنَّا لله وانا إِلَيْهِ رَاجِعُون
ثَالِث عشريه الِاثْنَيْنِ وصل من الْقَاهِرَة الشَّيْخ ابو بكر الدليواتي القادري وَنزل بالثابتية وَاخْبَرْ بِأَن الامير قانصوه خَمْسمِائَة الَّذِي من حِين غيب فِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَاضِيَة كَانَ مستترا فِي بَيت صهره الشَّيْخ سنطباي القادري من عُتَقَاء يشبك الدوادار وانه كَانَ على طَريقَة حَسَنَة من مُلَازمَة الصَّوْم وَالصَّلَاة وَالذكر وَالْخلْوَة ويلاقي الْفُقَرَاء وَغَيرهم بالعيش فِي كل لَيْلَة وَيَأْكُل فِي زاويته قرب بَاب النَّصْر خلائق وَالْحَاصِل انه فِي طَريقَة عَظِيمَة غَرِيبَة وَاسْتمرّ الشَّيْخ ابو بكر بالثابتية اربعة ايام تردد اليه الاتراك كلهم حَتَّى الكافل وَخلق الله وَهُوَ يُخْبِرهُمْ بذلك وانه شفع فِيهِ عِنْد السُّلْطَان وانه قبل شَفَاعَته وانه خرج لَيْلًا فِي اوائل هَذَا الشَّهْر من هَذَا الْمَكَان إِلَى منزله نَفسه بَين اهله ومماليكه مستترا وانه خرج من الْقَاهِرَة على ذَلِك فَسئلَ رَفِيقه الشَّيْخ ازبك عَن ذَلِك فَقَالَ لم نسْمع بِهَذَا الْكَلَام فِي الْقَاهِرَة وَلَا مِنْهُ فِي الطَّرِيق ثمَّ انْتقل من الثابتية إِلَى مَكَان بسفح قاسيون يُسمى تل الشَّيْخ سعيد وَمَعَهُ جماعته واكرمه الكافل وارسل لَهُ فرشا إِلَى هُنَاكَ وَكَانَ ارسل لَهُ هَدِيَّة عِنْد قدومه واهل دمشق الْآن فِي اضْطِرَاب بِسَبَب هَذَا الْخَبَر ثمَّ انْكَشَفَ الْحَال عَن كذب الدليواتي فِي كل مَا اخبر بِهِ

(1/170)


وانه خرج من مصر هَارِبا من جنايات اوقع نَفسه فِيهَا
جُمَادَى الْآخِرَة مستهله تحرر الِاثْنَيْنِ خَامِس شهر شباط الْخَمِيس ثَانِيه سَافر الشَّيْخ ابو بكر الدليواتي إِلَى حلب وكل من انْفَصل من الْقَاهِرَة بعده يَقُول لم نسْمع لقانصوه خَبرا اصلا وَهَذَا الشَّيْخ ابو بكر لَعَلَّه ناهز السّبْعين وَهُوَ ملازم مَعَ جماعته على الذّكر وَالْعِبَادَة يقوم الثُّلُث الاخير هُوَ وهم مواظبين على ذَلِك غَالِبا لَكِن لَهُ شطحات ودعاوى من الْكَشْف وَغَيره وَله فِي ذَلِك حكايات كَثِيرَة متواترة بَين معتقديه من اهل وَغَيرهم ويستحضر من كَلَامه الصُّوفِيَّة جملا كَثِيرَة فِي موَاضعهَا وَله همة كَبِيرَة فِي أُمُوره ويقرر كَلَام ابْن الفارض على وَجه مُوَافق لطريق الشَّرِيعَة الغراء وَالله تَعَالَى مُتَوَلِّي السِّرّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سابعه وصل قَاصد الكافل بِأَن تستمر امرية الْحَاج فِي حسابه يُرْسل فِيهَا من يختاره من جماعته
وَفِيه وصل جمَاعَة كَمَا اخبرني خشكلدي البيسقي من الاتراك من الْقَاهِرَة واخبروا بِأَن قانصوه خَمْسمِائَة فِي الْقَاهِرَة مَوْجُود مختفيا وان السُّلْطَان علم بموضعه وانه قبل فِيهِ شَفَاعَة الشَّيْخ ابي بكر الْمَذْكُور
الاربعة ايام من شباط وَقع فِيهَا الْمَطَر لَيْلًا وَنَهَارًا بعد ان كَانَ النَّاس قد ايسوا من الْمَطَر ثمَّ كثرت الامطار فِي الْعشْر الاوسط من آذار فِي نواحي الْبَلَد
فِيهِ وصل تَاج الدّين ديوَان القلعة ثمَّ وصل بعده بأيام يسيرَة يخشباي نَائِب القلعة وَوصل المرسوم ان يحرروا على مَا اخذ من النَّاس

(1/171)


ظلما وعقدت لَهُ مجَالِس وَمِنْهَا مجْلِس بِجَامِع يلبغا سلخ هَذَا الشَّهْر وَحضر من اخذوا مِنْهُ ظلما من نواحي الْبَلَد بِسَبَب الشّعير وَكلهمْ يَقُول ان المشتكى مِنْهُ عِيسَى الطَّحَّان اراح الله الْبشر مِنْهُ وَهُوَ ظَالِم مُعْتَد وَكلما حضر اُحْدُ يَكْتُبُونَ اسْمه وَمَا اخذ مِنْهُ وتاج الدّين الْمَذْكُور متصد لمحاققته والتجريد على الْقُضَاة واركان الدولة وَنعم مَا فعل جزاه الله خيرا
الاحد رَابِع عشره اول آذار ارسل إِلَى صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة محب الدّين ابو الْفضل بن الامام الصَّفَدِي الشَّافِعِي احسن الله عاقبتنا وعاقبته مَا صورته ... وصوفية الاخلاص لَا شكّ فيهم ... وكل امام للأنام على هدى
كَذَا قَالَه جمع الْجَوَامِع وَالَّذِي ... ارى انه اخطأ الْمقَال وابعدا
بل الْحق فيهم مخطر ومضلل ... فَخير لهَذَا الْحر يسلم من الردا
وان لم يكن بُد من القَوْل فيهم ... فَأَرْبَعَة الاشياخ حَقًا على هدى ...
المسؤول تَحْرِير هَذِه الْمقَالة والارشاد إِلَى الصَّوَاب فِيهَا الْجَواب ان الْقَضِيَّة لَهَا وَجْهَان احدهما ان الامام الْمُجْتَهد فِي نَفسه هُوَ على هدى لانه ان اخطأ فَلهُ اجْرِ وان اصاب فَلهُ اجران بَيْنَمَا ان كل وَاحِد مِنْهُم لَا يلْزم ان يُصِيب فِي كل مَا ينظر فِيهِ وَيُؤَدِّي اليه اجْتِهَاده وَلِهَذَا نَحن نعتقد ان الشَّافِعِي مقَالَته هِيَ الصَّوَاب مَعَ احْتِمَال غَيره وان من خَالفه على غير الصَّوَاب مَعَ احْتِمَال غَيره فَاشْتَبَهَ على الشَّيْخ النَّاظِم جِهَة بِجِهَة سامحه الله تَعَالَى وَهَذَا الْجَواب كتبته الْآن بعد مَوته رَحمَه الله تَعَالَى وَعَفا عَنهُ وَجمع بَيْننَا وَبَينه فِي مُسْتَقر رَحمته بِحَق نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشره لبس نَاظر الْجَيْش بِدِمَشْق خلعة وَردت على يَد صَاحبه جاني بك

(1/172)


رَجَب سنة اُحْدُ وتسع ماية
أَوله الاربعاء حضر اركان الدولة بِجَامِع يلبغا والقضاة بِسَبَب نَائِب القلعة فِي ضبط مَا وجده على يَد عِيسَى الطَّحَّان وَابْن زينون الكيال وَغَيرهمَا ثمَّ اجْتَمعُوا مجَالِس اخرى وشكي على خلائق وعَلى عِيسَى الطَّحَّان وَابْن زينون الكيال آخر يَوْم الْخَمِيس تاسعه وَهُوَ بَاقٍ فِي الترسيم بالقجماسية قريب دَار النِّيَابَة
الْخَمِيس تاسعه وصل من الْقَاهِرَة السَّيِّد كَمَال الدّين مُحَمَّد عز الدّين حَمْزَة الْعَلامَة ابْن الْعَلامَة من كبار عُلَمَاء الدَّهْر اطال الله فِي عمره
الْخَمِيس سادس عشره اول نيسان
الِاثْنَيْنِ عشريه دخل محب الدّين مُحَمَّد كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق من الْقَاهِرَة مُتَوَلِّيًا وظيفته بَاقِيا عَلَيْهَا لابسا خلعته وَنزل ببيته دَاخل بَاب توما قريب القيمرية
الِاثْنَيْنِ سَابِع عشريه لبس قطج مَمْلُوك الكافل خلعة بأمرية الْحَاج احسن الله الْعَاقِبَة لَهُ ثمَّ اسْتَقر الْحَال فِي امرية الْحَاج على شخص من جمَاعَة الكافل يُسمى يشبك

(1/173)


لَيْلَة الاربعاء تَاسِع عشريه وَيُوجد مطر غزير عَظِيم نَافِع ان شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذَا الْيَوْم هُوَ رَابِع عشر نيسان وَقل ان يَقع مثل هَذَا الْمَطَر الْعَظِيم فِي مثله سُؤال طلب مِنْهُ ان يُبرئهُ من الدّين لفقره فَقَالَ تركت الاجر على الله فَهَل تحصل الْبَرَاءَة اجيب الظَّاهِر ان هَذَا كِنَايَة فِي الْبَرَاءَة فَإِن نوى حصلت الْبَرَاءَة والا فَلَا
خَامِس عشره توفّي قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن شهَاب الدّين احْمَد عربشاه الانصاري الْحَنَفِيّ بِالْقَاهِرَةِ كَانَ تولى قَضَاء دمشق مُدَّة ثمَّ عزل وَتوجه إِلَى الْقَاهِرَة إِلَى ان توفّي بهَا كَانَ مشاركا فِي الْفِقْه والعربية وَالْعرُوض متقنا علم الْفَرَائِض رَحمَه الله تَعَالَى برحمته الواسعة ولي قَضَاء دمشق مرّة وَمَا حمدت سيرته
شعْبَان سنة احدى وتسعماية مستهله الْجُمُعَة سادس عشر نيسان ثَانِيه توفيت عتيقة ابْن المغربي وانتقلت الْجِهَات الَّتِي كَانَت وَقفا عَلَيْهَا إِلَى المرستان النوري
الِاثْنَيْنِ رابعه سَافر برهَان الدّين المقبلي إِلَى الطّور ثمَّ الْحجاز
الِاثْنَيْنِ حادي عشره كتب كتاب نجم الدّين بن الملاح على بنت مُحَمَّد سَالم صاحبنا شيخ المسطبة على بركَة الله تَعَالَى
الاربعاء ثَالِث عشره وصل قَاصد الكافل باستمرار امرية الْحَاج مُتَعَلقَة بالكافل يُقيم فِيهَا من يخْتَار وبعزل يخشباي من نِيَابَة القلعة فَخرج مِنْهَا واطلق من الترسيم وَسكن بَيت ابْن الترجمان قرب بَاب توما وَلم يسمع مَا رسم بِهِ من جِهَة المَال الَّذِي كتبوه عَلَيْهِ واحضروه للسُّلْطَان ثمَّ اخبرني القَاضِي صَلَاح الدّين ان مَا ثَبت عَلَيْهِ يُورِدهُ دون مَا انهي عَنهُ وَلم يثبت ثمَّ تحرر ان السُّلْطَان اعْرِض عَن مُطَالبَته بِشَيْء وَفِي هَذَا الشَّهْر حصل قلقلة بِسَبَب بِنَاء فِي الْبِقَاع قريب من قَرْيَة يُقَال لَهَا بدا وَذكروا ان شخصا كَانَ مُقيما بدار فِي الْقرْيَة كَانَ قَائِلا يَقُول لَهُ اذْهَبْ إِلَى الْمَكَان الْفُلَانِيّ واظهر

(1/174)


قَبْرِي وَابْن عِنْده فَفعل هَذَا وَبنى مَسْجِدا بِجَانِب الْقَبْر متسعا فانحاز النَّاس اليه واقبلوا عَلَيْهِ واخذ النَّاس يشيعون ان من ذهب اليه وَهُوَ اعمى يبصر اَوْ زمن يقوم اَوْ بِهِ دَاء يبرأ فَذهب خلائق بِهَذَا الصدد وَرَجَعُوا كَمَا ذَهَبُوا فانكر ذَلِك شخص يدعى الشَّيْخ ابراهيم الدسوقي وَلم اولاده وجماعته يُقِيمُونَ الشتائم على خَادِم الْمَكَان وانه يَقُول معجزات هَذَا النَّبِي اعظم من معجزات مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانه يجْتَمع الرِّجَال وَالنِّسَاء بِالْمَكَانِ إِلَى غير ذَلِك فَحَضَرَ الْحَاج وانكر كل ذَلِك ثمَّ رفعت الْقَضِيَّة إِلَى الشَّيْخ الْقدْوَة تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون الشَّافِعِي فلاطف هَذَا الْحَاج وجماعته ان يهدموه فتعللوا انه لَا يُمكنهُم ذَلِك ومشايخ الْبِلَاد وَالنَّاس يمنعونهم ذَلِك ثمَّ اجْتمع الْفَرِيقَانِ عِنْدِي بالجامع الْأمَوِي وانهى الْحَاج وجماعته عَن الشَّيْخ ابراهيم ان وَلَده هُوَ الَّذِي حرك هَذِه القلقلة لكَونه تشوف إِلَى اخد شَيْء من مَا يَأْتِي من النَّاس من الفتوحات وانكر الشَّيْخ ابراهيم ذَلِك وجماعته واكدوا فِي سُؤال هدم الْمَكَان وَلم يظْهر لي هَدمه بعد اعْتِرَاف بانيه انه مَسْجِد فَقيل قد قَالَ الْفُقَهَاء لَو تعطل الْمَسْجِد فِي مَوضِع خراب وَخيف من اهل الْفساد على نقضه نقص وَحفظ وان رأى الْحَاكِم ان يعمر بِهِ مَسْجِدا جَازَ والاقرب اليه اولى فَلْيَكُن هَذَا مثله بِجَامِع الْفساد فَقلت لَا مشابهة بَينهمَا اصلا بل ان يثبت حُصُول فَسَاد يسْعَى فِي ازالته وَيسْتَمر الْمَسْجِد مثل الارض الَّتِي بني عَلَيْهَا بِأَيّ وَجه بني عَلَيْهَا وَهِي لبيت المَال قلت قد أخبر مقطعو الْبَلَد أَوْلَاد المشموشي أَن مَوضِع الْقَبْر كَانَ مرجة مَا تزرع فَالظَّاهِر انه موَات وانما هَؤُلَاءِ اقاموا هَذِه الصُّورَة ليفتنوا النَّاس قلت قد اخبر خلائق وَمِنْهُم مقطعو الْبَلَد انه كَانَ هُنَاكَ قبر قديم وانهم يعْرفُونَ ذَلِك من حِين ميزوا نَحْو خمسين سنة يتحدث النَّاس انه قبر نَبِي واخبرني فِي هَذِه الايام ان المرحوم الشَّيْخ الْعَلامَة الرباني

(1/175)


شهَاب الدّين بن ارسلان الشَّافِعِي الرَّمْلِيّ رأى بِبَيْت الْمُقَدّس فِي النّوم اشارة إِلَى ان يَبْنِي فِي الْموضع الْفُلَانِيّ على قبر رابيل النَّبِي وعندما اصبح شرع فِي ذَلِك وَعمر وان الشَّيْخ ابا الْقَاسِم النويري انكر عَلَيْهِ وبشع الْعبارَة فِي التشنيع عَلَيْهِ ثمَّ ان ابا الْقَاسِم رأى فِي مَنَامه ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ جمَاعَة قَاصِدين زِيَارَة رابيل وانه قصد السَّلَام على رَسُول الله فاعرض عَنهُ وعاتبه من جِهَة انكاره على الشَّيْخ ابْن رسْلَان فاصبح واتى اليه وَاعْتذر وزار
وَفِي واقعتنا هَذِه قَالَ بعض الْفُضَلَاء يهدم الْبناء الْمَذْكُور وان كَانَ مَسْجِدا كَمَا قطعت الشَّجَرَة الَّتِي حصلت الْمُبَايعَة تحتهَا وَاتفقَ عَلَيْهِ اهل ذَلِك الزَّمن خوفًا من الْفِتْنَة بهَا فأجبنا بِأَن الْمَسْجِد تعلق بِهِ حكم شَرْعِي مُتَعَلق بِجَمِيعِ الْمُسلمين فتزال الْمفْسدَة ان كَانَت وَيبقى الْمَسْجِد وَسَيَأْتِي فِي سَابِع عشر شهر شَوَّال أَنه كتب فَتْوَى صورتهَا أَن الْمَسْجِد بني فِي ارْض الْقرْيَة بِغَيْر اذن الامام فَهَل يهدم فَأجَاز الْجَمَاعَة المذكورون انه يهدم ووافقتهم فَكتبت بذلك
ثمَّ حضر إِلَى ابْن خطيب المعضمية وَالشَّيْخ مُحَمَّد الْبَصِير امام جَامع منجك وَذكر مَا فِي هَذَا الْمَكَان بالبقاع من الْمَفَاسِد واختلاط الرِّجَال بِالنسَاء فِي مَكَان ضيق بهم مسفرات عَن وجوههن وقبائح اخرى كَثِيرَة فَلَا قُوَّة الا بِاللَّه تَعَالَى
وَفِيه حصل بَين الكافل وَبَين امير كَبِير وحاجب الْحجاب ودوادار السُّلْطَان كَلَام بدار الْعدْل بِسَبَب مسموح الدورة طلبوه مِنْهُ فَأبى وَقَالَ عَليّ كلفة سفر الْحَاج وَقَامُوا بغضب من الْمجْلس بعد مراددات طَوِيلَة
شَوَّال السبت عشريه توفيت ام شيخ الشَّافِعِيَّة تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون وَكَانَ لَهَا ايام متوعكة وَهِي فِي حُدُود التسعين وَتقدم للصَّلَاة

(1/176)


عَلَيْهَا بالجامع وَلَدهَا ثمَّ صلي عَلَيْهَا مرّة اخرى قبل الدّفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير ثامن عشره سَافر الركب الشَّامي إِلَى الْحجاز واميرهم يشبك مَمْلُوك الكافل وجهز الكافل مَعَه من الْعدة نَحْو الْمِائَة وَخرج حَاج كثير اروام وحلبيون وَلم يحجّ من دمشق الا الْقَلِيل وَالنَّاس متخوفون عَلَيْهِم من حَيْثُ ان عَامر لما عزل وَولي جانبيه رُبمَا تجمع على الْحَاج وَلَكِن يسلمهم الله تَعَالَى وَلم يحجّ من اعيان دمشق اُحْدُ وقاضي الركب لم يُسَافر وَلم يُسَافر اُحْدُ من الْفُقَهَاء فَلَيْسَ مَعَهم قَاض الاربعاء رَابِع عشريه جَاءَت الاخبار بِأَن منزلَة المزيريب حصل فِيهَا رخص عَظِيم بِحَيْثُ ان الْقَمْح ابيع كل كيل بِعشْرَة واثني عشر وَالشعِير وَنَحْوه بسبعة والطحين كَذَلِك وان جَمِيع البضائع ارخص من دمشق بدرجات وَحصل الْخَيْر العميم وَمَا رَأَوْا مَا يكْرهُونَ وَكَانَ النَّاس متخوفين عَلَيْهِم من عَامر لكَون جانبيه لبس خلعة الامرة يسْأَل الله من فَضله ان يمدهُمْ بالعون والامان وَقيل ان الْعَرَب باعوا مِمَّا كَانُوا اخذوه من الْحَاج فِي سنة تسع وَتِسْعين وثمانماية فَلَا قُوَّة الا بِاللَّه تَعَالَى
ذُو الْقعدَة مستهله الاربعاء ثمَّ تحرر الثُّلَاثَاء فِيهِ حصل بَين قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ واخيه تَاج الدّين وَبَين رَسُول فِي بَابه يُقَال لَهُ ابو بكر الْقُدسِي قلقلة وارسل إِلَى بَيت الْحَاجِب وَوَقع مِنْهُ مرافعات قَالَ فِي بَعْضهَا انه حصل عشرَة آلَاف دِينَار فِي هَذِه الْولَايَة وَنسب ذَلِك إِلَى اخيه تَاج الدّين وَمن المصائب الْعِظَام تقريب مثل هَذِه الاراذل ويبنى عَلَيْهَا مفاسد لَا تَنْحَصِر نسْأَل الله تَعَالَى ان يصلح احوال الْمُسلمين
سابعه توجه فرقة من عَسَاكِر النَّائِب قيل لأجل نصْرَة جانبيه امير

(1/177)


الْعَرَب لكَون عَامر جمع عَلَيْهِ ليقاتله ثامنه وصل من الْقَاهِرَة سَيِّدي الشَّيْخ الْعَلامَة الْقدْوَة شهَاب الدّين بن المرحوم الْقدْوَة زين الدّين عبد الرَّحِيم التلعفري الْمَعْرُوف بالمحوجب الشَّافِعِي وَكَانَ توجه فِي رَجَب من السّنة الخالية وَحصل بتوجهه خير للْمُسلمين فَإِن مقاصده حَسَنَة وَيتَكَلَّم فِي اجراء الْخيرَات مَعَ اركان دولة السُّلْطَان من الاتراك والمباشرين وَقد وهبه الله تَعَالَى الْقبُول مِنْهُم بِدُعَاء سَائِر خلق الله مد الله فِي عمره وَنزل بمنزله الْمُبَارك بالقبيبات بميدان الْحَصَى وَوصل فِي خدمته الْوَلَد جلال الدّين كَانَ توجه فِي آخر الْمحرم هَذِه السّنة وَوصل مَعَ القَاضِي شرف الدّين مَحْمُود بن قَاضِي اذرعات وَالسَّيِّد كريم الدّين بن عجلَان وَحكى لي وَنحن رَاجِعُون من ملاقاة احْمَد بن عجلَان الْمَذْكُور عَمَّا يَفْعَله مماليك السُّلْطَان الْآن من الحركات النافعة فِي الحروب وان اكثرها مبتكر لم يتَقَدَّم لأحد مِنْهَا
وَفِي ملاقاة الشَّيْخ شهَاب الدّين الْمَذْكُور صَحِبنَا الشَّيْخ صدر الدّين الْموصِلِي نفع الله بِهِ وبسلفه الصَّالح
عشره توجه فرقة اخرى من الْعَسْكَر لتقوية جانبيه امير الْعَرَب احسن الله تَعَالَى الْعَاقِبَة
خَامِس عشره رَجَعَ الْعَسْكَر وَقد كسرهم عَامر وجماعته وانحاز إِلَى عَامر ابْن مساعد وفرقته وَابْن اسماعيل وفرقته ثمَّ ان الكافل احضر مَشَايِخ الْبِلَاد فَحَضَرَ عساف بن الحنش وَابْن عَمه نَاصِر الدّين مُحَمَّد الحنش وَابْن الحرفوش وَابْن علوطة ومقدم التيامنة ابْن الشهَاب وَابْن معن ونزلوا بالميدان وَنزل بَعضهم بوطاق وَبَعضه بِأَرْض السمرية وبستان الدّور بِسَبَب قَضِيَّة الْعَرَب احسن الله الْعَاقِبَة

(1/178)


خَامِس عشره وصل الْخَبَر بَان المماليك تحركوا على الدوادار الْكَبِير بِمصْر وان السُّلْطَان عَزله من الوزارة والاستادارية وَوصل المرسوم بَان الخاصكية بِدِمَشْق وَغَيرهَا يرجعُونَ إِلَى مصر وَمِنْهُم سنباي المبشر بِدِمَشْق وَالنَّاس يثنون عَلَيْهِ ثَنَاء جميلا فتهيؤا للسَّفر
عشريه حضر قانصوه الألفي الَّذِي كَانَ مَحْبُوسًا بقلعة صفد فتسحب مِنْهَا فِي اوائل هَذَا الشَّهْر فَحَضَرَ الْآن على كافل دمشق على يَد سنباي المبشر وَنزل عِنْد سنباي الْمَذْكُور وجهز قَاصِدا بِسَبَبِهِ إِلَى السُّلْطَان احسن الله الْعَاقِبَة
خَامِس عشريه اجْتمع اهل الصالحية وجاؤوا إِلَى الْجَامِع واجتمعوا بالشيخ الْقدْوَة تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون بِسَبَب فقد شخص من الصالحية يُقَال انه قتل قَالُوا فَرمي على اهل الصالحية الف دِينَار بِسَبَبِهِ فروجع الكافل فَقَالَ انا مَا اعْمَلْ الا بِالشَّرْعِ وَكَأَنَّهُ اشار إِلَى مَا ذكره لَهُ بعض الْحَنَفِيَّة انه إِذا وجد قَتِيل بمحلة لم يعرف قَاتله تُؤْخَذ الدِّيَة من اهل الْمحلة فَفِي هَذِه الْوَاقِعَة لم يعلم مَوته وورثته يَقُولُونَ لَو مَاتَ فقاتله فلَان وَفُلَان اعداؤه لَا غَرِيم لنا غَيرهم وَمضى هَذَا الْيَوْم وَلم يتحرر فِي الْقَضِيَّة امْر
وَفِي هَذَا الْيَوْم عرض كَمَال الدّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ الْعَلامَة ابي الْفضل الصَّفَدِي يعرف وَالِده بالامام عشرَة كتب فِي عشرَة عُلُوم الفها وَالِده وَالْجَمَاعَة متوقفون فِي امرهما اما الْوَلَد فَفِي نِهَايَة الحذق وَالْحِفْظ حرسه الله تَعَالَى واما المؤلفات فَعَلَيهِ فِيهَا مؤاخذات كَثِيرَة بِسَبَبِهَا حصل التَّوَقُّف ثَالِث عشري الْقعدَة حَضَرنَا الشامية البرانية ثمَّ حَضَرنَا الشامية الجوانية مَعَ السَّيِّد كَمَال الدّين بن السَّيِّد حَمْزَة الْحُسَيْنِي درسها نِيَابَة عَن

(1/179)


القَاضِي نَاظر الْجَيْش بِمصْر واخيه وَابْن جمال الدّين يُوسُف وَبَدَأَ بِكِتَاب الدَّعْوَى والبينات وَتكلم بِكَلَام مُحَرر من عُلُوم مُتعَدِّدَة
وَفِيه اذن للمقدمين بِالسَّفرِ إِلَى بِلَادهمْ الا عساف بن الحنش بعد ان قرر على كل وَاحِد مِنْهُم مَال فخربوا نواحي دمشق وذهبوا لتخريب الْبِلَاد البرانية فَلَا قُوَّة الا بِاللَّه تَعَالَى
خَامِس عشريه وصلت الاخبار بوصول قانصوه الشَّامي نَائِب حماه إِلَى دير زينون باهله وجماعته ليتلاقى مَعَ الخاصكية بِدِمَشْق إِلَى الْمنية وَحصل الْخَبَر بَان قانصوه خَمْسمِائَة ظهر بِالْقَاهِرَةِ وَلبس خلعة وَاسْتقر فِي منزله احسن الله الْعَاقِبَة
رَابِع عشريه توفّي شهَاب الدّين احْمَد بن طالو نقيب الْجَيْش كَانَ عِنْده رفق بِالنَّاسِ وَيدْفَع الظلمَة كثيرا عَن الْخلق لكنه كَانَ مُسْرِفًا على نَفسه وَدفن بمقبرة الصُّوفِيَّة قبلي الميدان رَحمَه الله تَعَالَى وَخلف سِتَّة بَنِينَ كبار وَذهب اربعة مِنْهُم إِلَى الْقَاهِرَة للسعي فِي وَظِيفَة والدهم نقابة الْجَيْش ثامن عشريه فرغ الدَّرْس بالشامية البرانية وَقُرِئَ فِي هَذَا الشَّهْر درسان فَقَط وَحضر جمَاعَة قَلِيلُونَ لما اشيع ان التَّفْرِقَة السّنة لَا تحصل لِأَن الْمغل قَلِيل وَالْعِنَب اجيج والسفرجل مَا حمل وَفِي هَذَا الشَّهْر رتب الكافل من يجمع من النَّاس مَالا لأجل المشاة لتخرج للْعَرَب قبيل خُرُوج الْحَاج فبدأوا بِأَهْل قبر عَاتِكَة واخذوا من الشاغور والصالحية واما اهل القبيبات فتوقفوا وَإِلَى الْآن لم يُؤْخَذ مِنْهُم شَيْء اللَّهُمَّ احسن الْعَاقِبَة

(1/180)


سلخه توفّي الشَّيْخ الْبركَة بدر الْحلَبِي اصله من الْبَاب من قرب حلب وَقدم دمشق من نَحْو سبعين سنة وَكَانَ عمره آنذاك فَوق الثَّلَاثِينَ وَاسْتمرّ بِدِمَشْق يتجر بسوق جقمق وَيُقِيم الْوَقْت بِالْمَسْجِدِ الْقَرِيب من التوريزي فِي كل لَيْلَة اربعاء ثمَّ كَانَ يغسل الْمَوْتَى ثمَّ تنقلت بِهِ الاحوال إِلَى ان عجز واقام ببيته ملازما للتلاوة وَالذكر وَالْخَيْر وَكَانَ سليم الْفطْرَة وَمن حِين نشأت اجْتمعت بِهِ فَلم اسْمَعْهُ قطّ يذكر احدا بِسوء وَلَا يَقع من لَفظه قطّ الا مَا يتَعَلَّق بِالدَّار الْآخِرَة وَذكر الْمَوْت وَنَحْو هَذَا مِمَّا لوحظ فِي مجالسه فِي آخرته وَقد جَاوز الْمِائَة وَلم يبْق الْآن بِدِمَشْق من جَاوز الْمِائَة الا رجل آخر يُقَال لَهُ المكشوف بِالْمَسْجِدِ المجاور للقجماسية شَرْقي دَار النِّيَابَة وَخلف الشَّيْخ بدر ثَلَاثَة اولاد احدهم الشَّيْخ مُحَمَّد نَشأ على خير ملازم لحانوته بسوق جقمق يتجر وَيخرج الزَّكَاة كَمَا تدل نَزَعته وَلَا يدْخل فِيمَا لَا يعنيه قطّ وَلَا يخالط احدا وَلَا يعرف لَهُ مَا ينقم عَلَيْهِ بِهِ فِي دينه قطّ مولده قبل الاربعين وَثَمَانمِائَة ودونه الشَّيْخ احْمَد يخالط النَّاس ويعاملهم وَحصل اموالا جزيلة ثمَّ عَامل من اكلها عَلَيْهِ وَعجز عَن خلاصها مِنْهُم وَكَانَ قد وَقعت لَهُ محنة تكلّف بِسَبَبِهَا مَالا فَسَمعته يَقُول فِي بعض الْمجَالِس ان الَّذِي غرمه يحسبه من الزَّكَاة وَيَدعِي ان هَذَا مَذْهَب ابي حنيفَة وَقد سَأَلت عَن ذَلِك من يوثق بِهِ من الْحَنَفِيَّة فَقَالَ ان مَذْهَبهم ان الرجل إِذا نوى عِنْد الدّفع انه من الزَّكَاة وَقع عَنْهَا وَرَأَيْت فِي بعض كتبهمْ تَعْلِيله

(1/181)


وَهَذَا مولده عقب وقْعَة الجكمي فِي حُدُود سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وثمانماية ودونه الشَّيْخ ابو بكر يتجر بسوق جقمق يتعاطى احتكار الاقوات وَله جمَاعَة يشْتَرونَ لَهُ سرا ويشاركهم واذا سُئِلَ عَن ذَلِك يحلف بالايمان الْمُغَلَّظَة انه مَا يفعل ذَلِك وَهُوَ اصغر من الشَّيْخ احْمَد بِنَحْوِ ثَلَاث سِنِين وَخلف الشَّيْخ بدر بَنَات ايضا مزوجات ولهن اولاد سَمِعت الشَّيْخ ابراهيم الطيان يَحْكِي عَن الشَّيْخ شهَاب الدّين بن قَرَار رَحمَه الله يُقَال انه قَالَ ان اولاد الشَّيْخ بدر اناثهم خير من ذكورهم صلي عَلَيْهِ بِجَامِع مسلوت خَارج بَاب الْجَابِيَة وَدفن بمقبرة الحمرية غربها بقبلي قريب بُسْتَان حمود رَحمَه الله تَعَالَى
ذُو الْحجَّة مستهله الاربعاء فِيهِ جَاءَ الْخَبَر بَان قانصوه الألفي وقانصوه خَمْسمِائَة اجْتمعَا بالمنية وتوجها إِلَى الْقَاهِرَة وتبعهم سنباي المبشر وَبَقِيَّة من كَانَ بِدِمَشْق من مماليك السُّلْطَان ثمَّ اشيع ان ابْن اسماعيل شيخ نابلس جمع لَهُم عشيرا ليقابلهم فَمَا صَحَّ ذَلِك
الثلثاء سابعه وصلت الاخبار بِمَوْت السُّلْطَان الْملك الاشرف قايتباي الظَّاهِرِيّ سُلْطَان الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَمَا مَعَهُمَا وان الدوادار الْكَبِير آقبردي هرب وَمَعَهُ اينال الخسيف وحاجب الْحجاب بِمصْر وجانم امير آخور ثَانِي بِمصْر وَجَمَاعَة مَعَهم وَلَقَد حصل بَين الْعَسْكَر اخْتِلَاف ومسك

(1/182)


تمراز امير كَبِير كَانَ وان ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد اجْلِسْ على الْكُرْسِيّ بمساعدة قانصوه خَمْسمِائَة وفرقته والاجلاب مَعَه كَافَّة وان مَوته كَانَ يَوْم الاحد سادس عشري ذِي الْقعدَة بعد ان كَانَ وَلَده فوض اليه امير الْمُؤمنِينَ يَوْم السبت خَامِس عشريه وَكَانَت جنَازَته حافلة على خلاف عَادَة السلاطين قبله وَهَذَا الْخَبَر بَقِي بعض النَّاس متوقفا فِيهِ ثمَّ جَاءَ فِي يَوْم الاحد ثَانِي عشر هَذَا الشَّهْر هجانة إِلَى الكافل بِدِمَشْق وَمَعَهُمْ مراسيم عَلَيْهَا خطّ ابْن السُّلْطَان صفة علامته مُحَمَّد بن قايتباي وان قانصوه خَمْسمِائَة امير كَبِير ودقوا البشائر وَنُودِيَ بالزينة سَبْعَة ايام فزينوا الْبَلَد وَالله يدبر باحسن التَّدْبِير ويلطف بِالْمُسْلِمين
لَيْلَة الْخَامِس عشر قتل عساف بن الحنش فِي بَيت الاسلمي يَعْقُوب ديوَان الكافل عِنْد حارة الْيَهُود وسحب من هُنَاكَ يُقَال ان الْيَهُود سحبوه قبل ان تخرج روحه إِلَى بُسْتَان السيرجي وَمَات هُنَاكَ وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس وَكَانَ من المفسدين فِي الارض مرتكبا انواع الْفَوَاحِش من كل خبيثة وَقد اراح الله الْعباد والبلاد مِنْهُ كَانَ مُتَوَلِّيًا آخر نِيَابَة بيروت وَمَا والاها
سَابِع عشره حصل الِاجْتِمَاع مَعَ الخواجا الْكَبِير الْعَالم الْفَاضِل شمس الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف الْقَارِي الشَّافِعِي فَقَالَ ان القَوْل بِتَحْرِيم لعب الشَّافِعِي مَعَ الْحَنَفِيّ بالشطرنج مُشكل فان الشَّافِعِي يعْتَقد الْحل على نَفسه وعَلى رَفِيقه فَقلت لَهُ قد اعانه على مَا هُوَ حرَام فِي اعْتِقَاده والاعانة على الْحَرَام حرَام وَاصل هَذَا لَو اشْتغل بالتبايع يَوْم الْجُمُعَة بعد الْأَذَان بَين

(1/183)


يَدي الْخَطِيب من تلْزمهُ الْجُمُعَة وَمن لَا تلْزمهُ الْجُمُعَة يحرم على من لَا تلْزمهُ الْجُمُعَة ايضا البيع فِي هَذِه الصُّورَة وَعَلِيهِ انه اعان من تلْزمهُ الْجُمُعَة على محرم عِنْده فَقَالَ الْفرق ان كلا مِنْهُمَا مُعْتَقد التَّحْرِيم على من تلْزمهُ الْجُمُعَة بِخِلَاف مَسْأَلَة الشطرنج فَقلت هَذَا الْكَلَام صَحِيح غير انه لَا يَصح ان يقرن بِهِ لِأَن الملحظ فِي التَّحْرِيم اعْتِقَاد الْحَنَفِيّ التَّحْرِيم وَلِهَذَا قَالَ امامنا الشَّافِعِي ان الْحَنَفِيّ اذا شرب النَّبِيذ المثلث اقبل شَهَادَته وَآخذه وَعلله الْآن من اصحابه فان قبُول شَهَادَته لِأَنَّهُ مَا ارْتكب محرما فِي اعْتِقَاده فَلم يخرق حُرْمَة الشَّرْع واما اسْمه فراجع إِلَى اعْتِقَاد القَاضِي فَقَط فَلم يشفه هَذَا واظهر لي بَقَاء الاشكال فَقلت لَهُ قَالَ قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين السُّبْكِيّ ان الشَّافِعِي فِي الْوَاقِعَة مجَالِس فَهُوَ مرتكب حَرَامًا فِي اعْتِقَاده فَقَالَ لَا يلْزم من هَذَا تَحْرِيم اللّعب نَفسه على الشَّافِعِي فَقلت لَهُ قَالَ ائمتنا ومنهما الشَّيْخَانِ الشَّافِعِي والنواوي ان من ارْتكب محرما مجمعا عَلَيْهِ وَجب انكاره عَلَيْهِ وَنَهْيه عَنهُ
وَكَذَا ان كَانَ مُخْتَلفا فِيهِ مرتكبه يعْتَقد بِتَحْرِيمِهِ فَيجب انكاره عَلَيْهِ ايضا قَالَ الشَّافِعِي فِي الْوَاقِعَة يجب الانكار على الْحَنَفِيّ فِي لعبة الشطرنج فَكيف يلْعَب بِهِ مَعَه هَذَانِ امران متضادان لَا يُمكن اجْتِمَاعهمَا فاعترف عِنْد ذَلِك بِزَوَال الاشكال من خاطره كل هَذَا وَكَاتب سره الشَّيْخ الْقدْوَة شهَاب الدّين غَائِب دَاخل منزله وَنحن عِنْده بالرواق الْمَعْمُور الَّذِي بناه على اسطبله بمنزله بالقبيبات ثمَّ حضر وَجَلَسْنَا بخدمته فَاخْرُج مطالعات وَردت عَلَيْهِ من الْقَاهِرَة ذكر فِيهَا الْوَاقِعَة الْمُتَعَلّقَة بالسلطان واركان الدولة ومحصل مَا فِيهَا انه غيب مَعَ الدوادار آقبردي شادبك امير آخور كَانَ وجانم مصبغة واينال حَاجِب الْحجاب وقانم قريب السُّلْطَان وان السُّلْطَان لقب بِالْملكِ النَّاصِر وانه نهب جَمِيع مَوْجُود الدوادار وحواصله

(1/184)


من نقد وقماش وَغَيرهمَا مِمَّا لَا يُحْصى وَكَذَلِكَ بَيت الامير جانم واينال الخسيف وابو الْمَنْصُور مبَاشر الدوادار ثمَّ خرج ابو الْمَنْصُور واملى حواصل الدوادار وتعلقه ولموا من ذَلِك مَا لَا يُحْصى من نقد وَغَيره وَنُودِيَ بابطال مكس الْقَمْح وَالْخبْز والزعفران ووظيفة نظر الاوقاف والبطيخ وَالْعِنَب وَالْبيض وَغَيرهَا وَيبْطل وضع النهب
واعيد شمس الدّين الْحلَبِي الشَّافِعِي إِلَى نِيَابَة الحكم وَولي الدّين الْمَالِكِي إِلَى نِيَابَة الحكم وَظهر تغري بردي الاستادار وَكَانَ لَهُ سِنِين مغيبا وانعم عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَة دِينَار والاتابكي قانصوه خَمْسمِائَة سَأَلَ فِي مدرسة سعيد السُّعَدَاء والبيبرسية والصالحية وَهِي الَّتِي كَانَت تَحت نظر آقبردي وان ولد قَاضِي الْقُضَاة قطب الدّين من بنت ابْن دلامه عِنْد الْملك النَّاصِر فِي آخر مَكَان وَبَاعُوا بعض مماليك من غيب وَالْبَاقِي جردوهم يخدمون عِنْد الْكَشَّاف وان دُخُول الاتابكي قانصوه كَانَ اولا من القرافة وهدموا بعض الْقُبُور وان السُّلْطَان قايتباي كَانَ اول الشَّهْر كلم الْقُضَاة كلَاما سرا فَظهر انه من جِهَة جلال الدّين السُّيُوطِيّ ان يجمع لَهُ مجْلِس ويباحثوه فِيهِ فَمَا تمكن وفاجأه الْمَوْت

(1/185)


مَسْأَلَة هَل يجوز الضَّرْب على طبل الصمادية وَالِاسْتِمَاع لَهُ اجيب لايحرم شَيْء من الطبول الا طبل طَوِيل ضيق الْوسط كَذَا ذكره ائمتنا فِي كتب الشَّهَادَات وَمن قَالَ ان فِي كتاب الْوَصَايَا من كَلَامهم مَا يُخَالف هَذَا فَقَوله مَرْدُود إِذا عرف هَذَا فطبل الصمادية مَعْرُوف فَيحل الضَّرْب عَلَيْهِ وَالِاسْتِمَاع لَهُ وَالله اعْلَم وَاقعَة وَاشْترى شرف الدّين مُوسَى بن قَاضِي زرع حِصَّة من دير بشر وَهِي وقف من المتكلمة عَلَيْهَا الْمُسْتَحقَّة لَهَا واقاموا بَيِّنَة بتعطيلها وَكَذَا وَكَذَا على مَا جرت بِهِ الْعَادة من ذكر المسوغات للْبيع عِنْد الْحَنَفِيَّة فَثَبت ذَلِك عِنْد القَاضِي تَاج الدّين بن عربشاه الْحَنَفِيّ وَحكم بِالْبيعِ وَنفذ من مُدَّة والآن عَادَتْ البائعة تَقول ان مَا قَامَت بِهِ الْبَيِّنَة من مسوغات بيع الْمَكَان الْمَذْكُور كذب والخبير يشْهد بذلك وانه فِي ذَلِك التَّارِيخ لم تُوجد الشُّرُوط وَحَضَرت الْقُضَاة وَغَيرهم من اخبر شيخ الشَّافِعِيَّة تَقِيّ الدّين بن قَاضِي عجلون بذلك فَقَامَ فِي الْقَضِيَّة وَقَامَ القَاضِي الْحَنَفِيّ فِي الْجَانِب الآخر قَائِلا ان حكم الْحَنَفِيَّة لَا يتَعَرَّض لَهُ
وَرفعت الْوَاقِعَة إِلَى النَّائِب فَقَالَ اعْمَلُوا الْحق واحضروا فَتَاوَى الْحَنَفِيَّة فِي نظر الْوَاقِعَة فَقَالُوا ان الْبَيِّنَة اذا قَامَت بِانْتِفَاء الشُّرُوط فِي ذَلِك الْوَقْت تبين بطلَان البيع وَالْحكم وَخرج بذلك خطّ الشَّيْخ شمس الدّين البلاطنسي حرر فِيهِ نقل الْحَنَفِيَّة وَخط قَاضِي الْقُضَاة سعد الدّين الدَّمِيرِيّ الْحَنَفِيّ وَخط شيخ الشُّيُوخ عبد الْبر بن الشّحْنَة الْحَنَفِيّ وَغَيرهم وَوَقع فِي الْقَضِيَّة كَلَام طَوِيل ثمَّ سكن الْحَال وَمن جملَة مَا وَقع ان قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيّ قَالَ اذا خفيت الْحَقَائِق واقول ان عبارَة الْوَاقِف ملغاة وَهُوَ قَول ابي حنيفَة وَهَذَا فتح بَاب غَرِيب عَجِيب

(1/186)


الثُّلَاثَاء خَامِس عشريه وصل الْخَبَر بَان ازبك الخازندار وتنبك الجمالي احدهما امير سلَاح وَالْآخر امير مجْلِس مسكا وجهزا إِلَى الاسكندرية وانه ارسل إِلَى امير الْحَاج تنبك قرا رَأس نوبَة النوب ان يمسك وَيذْهب بِهِ اليهم ثمَّ تحرر كذب ذَلِك وَطلب من الكافل ارسال المَال الَّذِي بالقلعة لأجل النَّفَقَة على العساكر فَرد الْجَواب بَان الطَّرِيق غير آمن إِلَى ان يَأْمَن اَوْ يعينون اُحْدُ يتسلمه وَكَانَ قد جهز نَائِب صفد خَمْسَة آلَاف دِينَار مَعَ قصاده فَأخذت فِي الطَّرِيق
وَجَاءَت الْكتب بانه اسْتَقر الْحَال على ان قانصوه خَمْسمِائَة امير كَبِير اتابك الْعَسْكَر وقانصوه الألفي امير آخور كَبِير وقانصوه الشَّامي حَاجِب الْحجاب وجان بلاط دوادار كَبِير وسيباي نَائِب سيس دوادار ثَانِي وَفرقت مماليك الامراء المختفين وخيولهم وجمالهم وبغالهم وَكَانَ جَان بلاط اخذ امانا للأمير جانم مصبغة وَإِلَى الْآن لم يظْهر واخذ سيباي دوادار ثَانِي من بَيته والاقاطيع الَّتِي تتقادم فِي مصر كلهَا خرجت وَصَارَ المقدمون خَمْسَة عشر مقدما واظهر الامير قيت الرجبي الغيظ لأجل كَونه سبق عَن الدوادارية الثَّانِيَة واشيع انه يعْطى نَائِب قلعة الْجَبَل وَيُرْسل ايدكي الْحَمَوِيّ إِلَى دمشق حَيْثُ كَانَ ونائب غَزَّة يسْعَى فِي نِيَابَة حلب ونائب قطيه يسْعَى فِي نِيَابَة غَزَّة وَلبس المهتار رَمَضَان خلعة الِاسْتِمْرَار على مَا كَانَ بنظره من نظر الْكسْوَة وغزة وعينت وَظِيفَة الْحِسْبَة للْمقر الكمالي ابْن مزهر الشَّافِعِي والاشاعة عَن طلائع الاينالية ان صحت تخَاف على امير الْحَاج

(1/187)


تنبك قرا من زِيَارَة الْقُدس وان الامير الْكَبِير اظهر عدم الْمُؤَاخَذَة لأحد من النَّاس مَعَ البشاشة والانة الْجَانِب حَتَّى لآحاد النَّاس وَوصل الامير تمراز إِلَى البرج بالاسكندرية الَّذِي كَانَ بِهِ الْملك الْمَنْصُور يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث ذِي الْحجَّة فِي قَيده وَالله يلطف وَيُدبر
وَجَاء الْخَبَر بَان القَاضِي زين الدّين عبد الرَّحِيم بن موفق الدّين العباسي تولى كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق وَنظر القلعة عوضا عَن محب الدّين الْحلَبِي وَلبس خلعته بِمصْر خَامِس عشره

(1/188)