تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ
الطبري
. ذكر الخبر عن بدء مرض رسول الله الذي
توفي فيه وما كان منه قبيل ذلك لما نعيت اليه نفسه ص
قَالَ أبو جعفر: يقول الله عز وجل: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ.
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً»
قد مضى ذكرنا قبل ما كان من تعليم رسول الله ص أصحابه- فِي حجته التي
حجها المسماة حجة الوداع، وحجة التمام، وحجة البلاغ- مناسكهم ووصيته
إياهم، بما قد ذكرت قبل فِي خطبته التي خطبها بهم فيها.
ثُمَّ إن رَسُول الله ص انصرف من سفره ذَلِكَ بعد فراغه من حجه إلى
منزله بالمدينة فِي بقية ذي الحجة، فأقام بِهَا ما بقي من ذي الحجة
والمحرم والصفر
(3/183)
ثُمَّ دخلت
سنة إحدى عشرة
ذكر الأحداث التي كانت فيها
قَالَ أبو جعفر: ثُمَّ ضرب فِي المحرم من سنة إحدى عشرة على الناس بعثا
إلى الشام، وأمَّر عليهم مولاه وابن مولاه أسامة بْن زيد بْن حارثة،
وأمره- فيما حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث بْن
عياش بْن أبي ربيعة- أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض
فلسطين، فتجهز الناس، وأوعب مَعَ أسامة المهاجرون الأولون.
فبينا الناس على ذلك ابتدى ص شكواه التي قبضه الله عز وجل فيها إلى ما
أراد به من رحمته وكرامته فِي ليال بقين من صفر، أو فِي أول شهر ربيع
الأول.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَمِّي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمُ قَالَ: أَخْبَرَنَا
سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ
بْنِ ثابت ابن الْجَزعِ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ
مَوْلَى النبي ص، عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ،
قَالَ: رجع رسول الله ص الى المدينة بعد ما قَضَى حَجَّةَ التَّمَامِ،
فَتَحَلَّلَ بِهِ السَّيْرُ، وَضَرَبَ عَلَى النَّاسِ بَعْثًا،
وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُوطِئَ
مِنْ آبِلِ الزَّيْتِ مِنْ مَشَارِفِ الشَّامِ الأَرْضِ بِالأُرْدُنِّ،
فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ في ذلك، [ورد عليهم النبي ص: إِنَّهُ
لَخَلِيقٌ لَهَا- أَيْ حَقِيقٌ بِالإِمَارَةِ- وَإِنْ قُلْتُمْ فِيهِ
لَقَدْ قُلْتُمْ فِي أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَإِنْ كَانَ لَخَلِيقًا
لَهَا] فطارت الأخبار بتحلل السير بالنبي ص أن النبي قد اشتكى، فوثب
الأسود باليمن ومسيلمه باليمامة،
(3/184)
وجاء الخبر عنهما للنبي ص ثُمَّ وثب طليحة
فِي بلاد أسد بعد ما افاق النبي ص، ثُمَّ اشتكى فِي المحرم وجعه الذي
قبضه الله تعالى فيه.
حدثنا ابن سعد، قال: حدثني عمي يعقوب بن إبراهيم قال: أخبرنا سيف،
قَالَ: حَدَّثَنَا هشام بْن عُرْوَة، عن ابيه، قال: اشتكى رسول الله ص
وجعه الذي توفاه الله به فِي عقب المحرم وقال الواقدى: بدئ رسول الله ص
وجعه لليلتين بقيتا من صفر حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ،
قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حدثنا سيف ابن عُمَرَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْمُسْتَنِيرُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، عن عروة بن غزية
الدثيني، عن الضحاك بْنِ فَيْرُوزِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ رِدَّةٍ كَانَتْ فِي الإِسْلامِ بِالْيَمَنِ كانت
على عهد رسول الله ص عَلَى يَدَيْ ذِي الْخِمَارِ عَبْهَلَةَ بْنِ
كَعْبٍ- وَهُوَ الأَسْوَدُ- فِي عَامَّةِ مَذْحِجٍ.
خَرَجَ بَعْدَ الْوَدَاعِ، كَانَ الأَسْوَدُ كَاهِنًا شَعْبَاذًا،
وَكَانَ يُرِيهِمِ الأَعَاجِيبَ، وَيُسْبِي قُلُوبَ مَنْ سَمِعَ
مَنْطِقَهُ، وَكَانَ أَوَّلُ مَا خَرَجَ أَنْ خَرَجَ مِنْ كَهْفِ
خُبَّانَ، وَهِيَ كَانَتْ دَارَهُ، وَبِهَا وُلِدَ وَنَشَأَ،
فَكَاتَبَتْهُ مَذْحِجُ، وَوَاعَدَتْهُ نَجْرَانَ، فَوَثَبُوا بِهَا
وَأَخْرَجُوا عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ وَخَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ
الْعَاصِ وَأَنْزَلُوهُ مَنْزِلَهُمَا، وَوَثَبَ قَيْسُ بْنُ عَبْدِ
يَغُوثَ عَلَى فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ وَهُوَ عَلَى مُرَادَ،
فَأَجْلاهُ وَنَزَلَ مَنْزِلَهُ، فَلَمْ يَنْشِبْ عَبْهَلَةُ
بِنَجْرَانَ أَنْ سَارَ إِلَى صَنْعَاءَ فَأَخَذَهَا، وَكُتِبَ بذلك
الى النبي ص مِنْ فِعْلِهِ وَنُزُولِهِ صَنْعَاءَ، وَكَانَ أَوَّلَ
خَبَرٍ وَقَعَ بِهِ عَنْهُ مِنْ قِبَلِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ،
وَلَحِقَ بِفَرْوَةَ مَنْ تَمَّ عَلَى الإِسْلامِ مِنْ مَذْحِجَ،
فَكَانُوا بِالأَحْسِيَةِ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ الأَسْوَدُ وَلَمْ
يُرْسِلْ إِلَيْهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يُشَاغِبُهُ،
وَصَفَا لَهُ مُلْكُ الْيَمَنِ
(3/185)
حَدَّثَنَا عُبْيَدُ اللَّهِ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَمِّي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيْفٌ، قَالَ:
حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ الأَعْلَمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النبي ص قَدْ ضَرَبَ بَعْثَ أُسَامَةَ فَلَمْ
يَسْتَتَبَّ لِوَجَعِ رَسُولِ اللَّهِ وَلِخَلْعِ مُسَيْلِمَةَ
وَالأَسْوَدِ، وَقَدْ أَكْثَرَ الْمُنَافِقُونَ فِي تَأْمِيرِ
أُسَامَةَ، حَتَّى بَلَغَهُ، فَخَرَجَ النبي ص عَلَى النَّاسِ عَاصِبًا
رَأْسَهُ مِنَ الصُّدَاعِ لِذَلِكَ الشَّأْنِ وَانْتِشَارِهِ،
لِرُؤْيَا رَآهَا فِي بَيْتِ عَائِشَةَ: [فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ
الْبَارِحَةَ- فِيمَا يَرَى النَّائِمُ- أَنَّ فِي عَضُدِي سِوَارَيْنِ
مِنْ ذَهَبٍ، فَكَرِهْتُهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا، فَطَارَا،
فَأَوَّلْتُهُمَا هَذَيْنِ الْكَذَّابَيْنِ- صَاحِبَ الْيَمَامَةِ
وَصَاحِبَ الْيَمَنِ- وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا يَقُولُونَ
فِي إِمَارَةِ أُسَامَةَ! وَلَعَمْرِي لَئِنْ قَالُوا فِي إِمَارَتِهِ،
لَقَدْ قَالُوا فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ! وَإِنْ كَانَ
أَبُوهُ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ لَهَا،
فَأَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الَّذِينَ
يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ!] فَخَرَجَ أُسَامَةُ
فَضَرَبَ بِالْجُرْفِ، وَأَنْشَأَ النَّاسُ فِي الْعَسْكَرِ، وَنَجَمَ
طُلَيْحَةُ وَتَمَهَّلَ النَّاسُ، وَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَمْ
يُسْتَتَمَّ الأَمْرُ، يَنْظُرُونَ أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ، حَتَّى توفى
الله عز وجل نبيه ص.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، يَقُولُ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيُّ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي مَاجِدٍ
الأَسَدِيِّ، عَنِ الْحَضْرَمِيِّ بْنِ عَامِرٍ الأَسَدِيِّ، قَالَ:
سَأَلْتُهُ عَنْ أَمْرِ طليحة ابن خُوَيْلِدٍ، فَقَالَ: وَقَعَ بِنَا
الْخَبَرُ بِوَجَعِ النَّبِيِّ ص، ثُمَّ بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ
قَدْ غَلَبَ عَلَى الْيَمَامَةِ، وَأَنَّ الأَسْوَدَ قَدْ غَلَبَ عَلَى
الْيَمَنِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا قَلِيلا حَتَّى ادَّعَى طُلَيْحَةُ
النُّبُوَّةَ، وَعَسْكَرَ بِسَمِيرَاءَ، وَاتَّبَعَهُ الْعَوَّامُ،
وَاسْتَكْثَفَ أَمْرَهُ، وبعث حبال ابن أخيه الى النبي ص يَدْعُوهُ
إِلَى الْمُوَادَعَةِ، وَيُخْبِرُهُ خَبَرَهُ وَقَالَ حِبَالٌ: إِنَّ
الَّذِي يَأْتِيهِ ذُو النُّونِ، فَقَالَ:
لَقَدْ سمى مَلِكًا، فَقَالَ حِبَالٌ: أَنَا ابْنُ خُوَيْلِدٍ، [فقال
النبي ص: قَتَلَكَ اللَّهُ وَحَرَمَكَ الشَّهَادَةَ!]
(3/186)
وحدثنى عبيد الله بن سعد، قال: أخبرنا عمي
يعقوب، قَالَ: أخبرنا سيف، قَالَ: وحدثنا سعيد بْن عبيد، عن حريث بْن
المعلى: أن أول من كتب الى النبي ص بخبر طليحة سنان بْن أبي سنان،
وَكَانَ على بني مالك، وَكَانَ قضاعي بْن عمرو على بني الحارث.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سعد، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا
سيف، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قال:
حاربهم رسول الله ص بِالرُّسُلِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ
الأَبْنَاءِ رَسُولا، وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُحَاوِلُوهُ،
وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَنْجِدُوا رِجَالا- قَدْ سَمَّاهُمْ- مِنْ
بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ أَنْ
يُنْجِدُوهُمْ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَانْقَطَعَتْ سُبُلُ
الْمُرْتَدَّةِ، وَطُعِنُوا فِي نُقْصَانٍ وَأَغْلَقَهُمْ،
وَاشْتَغَلُوا فِي أَنْفُسِهِمْ، فَأُصِيبَ الأَسْوَدُ في حياه رسول
الله ص وَقَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَوْمٍ أَوْ بِلَيْلَةٍ، وَلَظَّ
طُلَيْحَةُ وَمُسَيْلَمَةُ وَأَشْبَاهُهُمْ بِالرُّسُلِ، وَلَمْ
يَشْغَلْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْوَجَعِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ وَالذَّبِّ عَنْ دِينِهِ، فَبَعَثَ وَبَرَ بْنَ يُحَنِّسَ
إِلَى فَيْرُوزَ وَجُشَيْشٍ الدَّيْلَمِيِّ وَدَاذُوَيْهِ
الإِصْطَخَرِيِّ، وَبَعَثَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى ذِي
الْكِلاعِ وَذِي ظُلَيْمٍ، وَبَعَثَ الأَقْرَعَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
الْحِمْيَرِيَّ إِلَى ذِي زَوْدٍ وَذِي مُرَّانَ، وَبَعَثَ فُرَاتَ
بْنَ حَيَّانَ الْعِجْلِيَّ إِلَى ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالٍ، وَبَعَثَ
زِيَادَ بْنَ حَنْظَلَةَ التَّمِيمِيَّ ثُمَّ الْعُمَرِيَّ إِلَى
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ، وَبَعَثَ صُلْصُلَ
بْنَ شَرَحْبِيلَ إِلَى سَبْرَةَ الْعَنْبَرِيِّ وَوَكِيعِ
الدَّارِمِيِّ وَإِلَى عَمْرِو بْنِ الْمَحْجُوبِ الْعَامِرِيِّ،
وَإِلَى عَمْرِو بْنِ الْخَفَاجِيِّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَبَعَثَ
ضِرَارَ بْنَ الأَزْوَرِ الأَسَدِيَّ إِلَى عَوْفٍ الزُّرْقَانِيِّ
مِنْ بَنِي الصَّيْدَاءِ وَسِنَانِ الأسدي ثم الغنمي، وقضاعى الدؤلي،
وَبَعَثَ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِيَّ إِلَى ابْنِ ذِي
اللِّحْيَةِ وَابْنِ مُشَيْمِصَةَ الْجُبَيْرِيِّ.
وحدثت عن هِشَام بن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف، قال: حدثنا الصقعب ابن
زهير، عن فقهاء أهل الحجاز، أن رسول الله ص وجع وجعه الذي قبض فيه فِي
آخر صفر فِي أيام بقين منه، وهو فِي بيت زينب بنت جحش
(3/187)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سَلَمَةُ وَعَلِيُّ بن مجاهد، عن محمد ابن إِسْحَاقَ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، مَوْلَى الْحَكَمِ ابن أَبِي الْعَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، [عَنْ أَبِي مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ
الله ص، قال: بعثني رسول الله ص مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقَالَ لِي:
يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ
لأَهْلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ،
فَلَمَّا وَقَفَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْمَقَابِرِ، لِيُهِنْ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا
أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهِ! أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ
الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ
الأُولَى.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ
أُوتِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ
الْجَنَّةُ، خُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي
وَالْجَنَّةِ، فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ قال: قلت:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! فَخُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا
وَالْخُلْدَ فِيهَا، ثُمَّ الْجَنَّةَ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ يَا أَبَا
مُوَيْهِبَةَ، لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ، ثُمَّ
اسْتَغْفَرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ] فبدئ رسول الله ص
بِوَجَعِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثنا محمد
ابن إِسْحَاقَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ
عُتْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ،
عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ زَوْجِ النبي ص، قالت: رجع رسول الله ص مِنَ الْبَقِيعِ،
فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي راسى، وانا اقول: وا راساه!
قال: بل انا والله يا عائشة وا راساه! ثُمَّ قَالَ: مَا ضَرَّكِ لَوْ
مِتِّ قَبْلِي فَقُمْتُ عَلَيْكِ وَكَفَّنْتُكِ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ،
وَدَفَنْتُكِ! فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي بِكَ لَوْ فَعَلْتَ
ذَلِكَ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ
(3/188)
ببعض نسائك، قالت: فتبسم رسول الله ص،
وَتَتَامَّ بِهِ وَجَعُهُ، وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى
اسْتَعَزَّ بِهِ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَدَعَا نِسَاءَهُ
فَاسْتَأْذَنَهُنَّ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فاذن له.
فخرج رسول الله ص بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِهِ: أَحَدُهُمَا
الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَرَجُلٌ آخَرُ تَخُطُّ قَدَمَاهُ
الأَرْضَ، عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتِي.
- قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهَا
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ:
هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ لا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَذْكُرَهُ
بِخَيْرٍ وهي تستطيع-[ثم غمر رسول الله ص وَاشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ،
فَقَالَ: أَهْرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ مِنْ آبَارٍ شَتَّى،
حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ فَأَعْهَدَ إِلَيْهِمْ، قَالَتْ:
فَأَقْعَدْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، ثُمَّ
صَبَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى طَفِقَ يَقُولُ: حَسْبُكُمْ،
حَسْبُكُمْ!] .
فَحَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْخَرَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مَعْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ:
حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
إِيَاسٍ اللَّيْثِيُّ، ثم الاشجعى، عن القاسم بن يزيد، عن عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ بن عباس قال: جاءني رسول الله ص،
فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ مَوْعُوكًا قَدْ عَصَبَ رَأْسَهُ،
فَقَالَ: خُذْ بِيَدِي يَا فَضْلُ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، حَتَّى جَلَسَ
عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَالَ: نَادِ فِي النَّاسِ.
فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ،
فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ،
وَإِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي حُقُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ، فَمَنْ
كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ،
وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ
مِنْهُ، أَلا وَإِنَّ الشَّحْنَاءَ لَيْسَتْ مِنْ طَبْعِي وَلا مِنْ
شَأْنِي، أَلا وَإِنَّ
(3/189)
أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ مَنْ أَخَذَ مِنِّي
حَقًّا إِنْ كَانَ لَهُ، أَوْ حَلَّلَنِي فَلَقِيتُ اللَّهَ وَأَنَا
أَطْيَبُ النَّفْسِ، وَقَدْ أَرَى أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُغْنٍ عَنِّي
حَتَّى أَقُومَ فِيكُمْ مِرَارًا.
قَالَ الْفَضْلُ: ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَجَعَ
فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَعَادَ لِمَقَالَتِهِ الأُولَى فِي
الشَّحْنَاءِ وَغَيْرِهَا، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، إِنَّ لِي عِنْدَكَ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ، قَالَ: أَعْطِهِ يَا
فَضْلُ، فَأَمَرْتُهُ فَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ: [أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ
كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَلْيُؤَدِّهِ وَلا يَقُلْ فُضُوحَ الدُّنْيَا،
أَلا وَإِنَّ فُضُوحَ الدُّنْيَا أَيْسَرُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ]
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي ثَلاثَةُ
دَرَاهِمَ غَلَلْتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: وَلِمَ
غَلَلْتَهَا؟ قَالَ: كُنْتُ إِلَيْهَا مُحْتَاجًا، قَالَ: خُذْهَا
مِنْهُ يَا فَضْلُ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ خَشِيَ
مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا فَلْيَقُمْ أَدْعُ لَهُ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، انى لكذاب، انى لفاحش، وانى لنؤوم، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ صِدْقًا وَإِيمَانًا، وَأَذْهِبْ عَنْهُ
النَّوْمَ إِذَا أَرَادَ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَكَذَّابٌ وَإِنِّي لَمُنَافِقٌ، وَمَا
شَيْءٌ- أَوْ إِنْ شَيْءٌ- إِلا قَدْ جَنَيْتُهُ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ، فَقَالَ:
فضحت نفسك ايها الرجل! فقال النبي ص: يا بن الْخَطَّابِ، فُضُوحُ
الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ فُضُوحِ الآخِرَةِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ
صِدْقًا وَإِيمَانًا وَصَيِّرْ أَمْرَهُ إِلَى خَيْرٍ.
فَقَالَ عُمَرُ كَلِمَةً، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ:
[عُمَرُ مَعِي وَأَنَا مَعَ عُمَرَ، وَالْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ
حَيْثُ كَانَ] .
حَدَّثَنَا ابن حميد قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إِسْحَاقَ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ، ان رسول الله ص خَرَجَ
عَاصِبًا رَأْسَهُ، حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ كَانَ
أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ،
وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَكْثَرَ الصَّلاةَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ:
إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ
الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ
قَالَ: فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعَلِمَ أَنَّ نَفْسَهُ يُرِيدُ،
فَبَكَى، وَقَالَ: بَلْ نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا،
فَقَالَ: على
(3/190)
رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! انْظُرُوا
هَذِهِ الأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ اللافِظَةَ فِي الْمَسْجِدِ
فَسُدُّوهَا، إِلا مَا كَانَ مِنْ بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنِّي لا
أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَفْضَلَ عِنْدِي فِي الصُّحْبَةِ يَدًا
مِنْهُ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عن مُحَمَّدُ
بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
بَعْضِ آلِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
[قَالَ يَوْمَئِذٍ فِي كَلامِهِ هَذَا: فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ
مُتَّخِذًا مِنَ الْعِبَادِ خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلا،
وَلَكِنَّ صُحْبَةٌ وَإِخَاءُ إِيمَانٍ حَتَّى يَجْمَعَ اللَّهُ
بَيْنَنَا عِنْدَهُ] .
وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي عَمِّي عبد الله ابن وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ،
عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الخدرى ان رسول الله ص جَلَسَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ،
[فَقَالَ: إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ
مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَ اللَّهِ،
فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ،] فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ قَالَ:
فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:
فَتَعَجَّبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا
الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ عَبْدٍ يُخَيَّرُ، وَيَقُولُ:
فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا! قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ
اللَّهِ هُوَ الْمُخَيَّرُ، وَكَانَ أَبُو بكر اعلمنا به، [فقال رسول
الله ص: إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ
أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا لاتَّخَذْتُ أَبَا
بَكْرٍ خَلِيلا، وَلَكِنْ أُخوَّةُ الإِسْلامِ، لا تَبْقَ خَوْخَةٌ فِي
الْمَسْجِدِ إِلا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ] .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الصَّبَّاحِ الْهَمْدَانِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُسْلِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: سمعت عبد الملك ابن
الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ خَلادٍ الأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: نَعَى إِلَيْنَا نَبِيُّنَا وَحَبِيبُنَا
نَفْسَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، فَلَمَّا دَنَا الْفِرَاقُ
جَمَعَنَا فِي بَيْتِ أُمِّنَا عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا
وَشَدَّدَ، فَدَمَعَتْ عَيْنُهُ، [وَقَالَ: مَرْحَبًا بِكُمْ!
رَحِمَكُمُ الله!
(3/191)
آوَاكُمُ اللَّهُ! حَفِظَكُمُ اللَّهُ!
رَفَعَكُمُ اللَّهُ! نَفَعَكُمُ اللَّهُ! وَفَّقَكُمُ اللَّهُ!
نَصَرَكُمُ اللَّهُ! سَلَّمَكُمُ اللَّهُ! رَحِمَكُمُ اللَّهُ!
قَبِلَكُمُ اللَّهُ! أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأُوصِي اللَّهُ
بِكُمْ، وَأَسْتَخْلِفُهُ عَلَيْكُمْ، وَأُؤَدِّيكُمْ إِلَيْهِ، إِنِّي
لَكُمْ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ، لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ فِي عِبَادِهِ
وَبِلادِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ لِي وَلَكُمْ: «تِلْكَ الدَّارُ
الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي
الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» وقال: «أَلَيْسَ
فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ» فَقُلْنَا: مَتَى أَجَلُكَ؟
قَالَ:
قَدْ دَنَا الْفِرَاقُ، وَالْمُنْقَلَبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى
سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى قُلْنَا: فَمَنْ يُغَسِّلُكَ يَا نَبِيَّ
اللَّهِ؟ قَالَ: أَهْلِي الأَدْنَى فَالأَدْنَى، قُلْنَا: فَفِيمَ
نُكَفِّنُكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟
قَالَ: فِي ثِيَابِي هَذِهِ إِنْ شِئْتُمْ، أَوْ فِي بَيَاضِ مِصْرَ،
أَوْ حُلَّةٍ يَمَانِيَّةٍ، قُلْنَا:
فَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: مَهْلا غَفَرَ
اللَّهُ لَكُمْ، وَجَزَاكُمْ عَنْ نبيكم خيرا! فبكينا وبكى النبي ص،
وَقَالَ: إِذَا غَسَّلْتُمُونِي وَكَفَّنْتُمُونِي فَضَعُونِي عَلَى
سَرِيرِي فِي بَيْتِي هَذَا، عَلَى شَفِيرِ قَبْرِي، ثُمَّ اخْرُجُوا
عَنِّي سَاعَةً، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ جَلِيسِي
وَخَلِيلِي جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ
مَلَكُ الْمَوْتِ مَعَ جُنُودٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ
بِأَجْمَعِهَا، ثُمَّ ادْخُلُوا عَلَيَّ فَوْجًا فَوْجًا، فَصَلُّوا
عَلَيَّ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وَلا تُؤْذُونِي بِتَزْكِيَة وَلا
بِرَنَّةٍ وَلا صَيْحَةٍ، وَلْيَبْدَأْ بِالصَّلاةِ عَلَيَّ رِجَالُ
أَهْلِ بَيْتِي، ثُمَّ نِسَاؤُهُمْ، ثُمَّ أَنْتُمْ بَعْدُ أقْرِئُوا
أَنْفُسَكُمْ مِنِّي السَّلامَ، فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ
سَلَّمْتُ عَلَى مَنْ بَايَعَنِي عَلَى دِينِي مِنَ الْيَوْمِ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ قُلْنَا: فَمَنْ يُدْخِلُكَ فِي قَبْرِكَ يَا
نَبِيَّ اللَّهِ؟
قَالَ: أَهْلِي مَعَ مَلائِكَةٍ كَثِيرِينَ يَرَوْنَكُمْ مِنْ حَيْثُ
لا تَرَوْنَهُمْ] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ الدُّولابِيُّ،
قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ ابن أَبِي مُسْلِمٍ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يَوْمُ
الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الخميس! قال: اشتد برسول الله ص وَجَعُهُ،
[فَقَالَ:
ائْتُونِي أَكْتُبُ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدًا
فَتَنَازَعُوا- وَلا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ ان يتنازع]-
(3/192)
فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ؟ أَهَجَرَ!
اسْتَفْهِمُوهُ، فَذَهَبُوا يُعِيدُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: دَعُونِي
فَمَا أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، [وَأُوصِي
بِثَلاثٍ، قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ،
وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَسَكَتَ
عَنِ الثَّالِثَةِ عَمْدًا- أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا] .
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
يَوْمُ الْخَمِيسِ! ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ
حَمَّادٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَلا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ أَنْ
يُنَازَعَ.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَصَالِحُ بْنُ سمال، قال: حدثنا وكيع، عن
مالك ابن مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ
جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ
الْخَمِيسِ! قَالَ: ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى دُمُوعِهِ تَسِيلُ عَلَى
خَدَّيْهِ كَأَنَّهَا نِظَامُ اللؤلؤ قال: [قال رسول الله ص:
ائْتُونِي بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ- أَوْ بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ-
أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّونَ بَعْدَهُ] قَالَ: فَقَالُوا:
ان رسول الله يَهْجُرُ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قال: حدثنى
عمى عبد الله ابن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أخبرني عبد الله ابن كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ
ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَرَجَ
مِنْ عند رسول الله ص فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، [فَقَالَ
النَّاسُ:
يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: أَصْبَحَ
بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: أَلا تَرَى أَنَّكَ بَعْدَ ثَلاثٍ عَبْدَ
الْعَصَا! وَإِنِّي أَرَى رسول الله سَيُتَوَفَّى فِي وَجَعِهِ هَذَا،
وَإِنِّي لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ
الْمَوْتِ، فَاذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَسَلْهُ فِيمَنْ يَكُونُ
هَذَا الأَمْرُ؟ فَإِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ
فِي غَيْرِنَا أَمَرَ بِهِ فَأَوْصَى بِنَا قَالَ عَلِيٌّ: وَاللَّهِ
لَئِنْ
(3/193)
سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ
فَمَنَعَنَاهَا لا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ أَبَدًا، وَاللَّهِ لا
أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ أَبَدًا] .
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ
مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ يَوْمَئِذٍ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَى النَّاسِ مِنْ عند رسول الله ص،
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: أَحْلِفُ
بِاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ الْمَوْتَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا
كُنْتُ أَعْرِفُهُ فِي وُجُوهِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَانْطَلِقْ
بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ فِينَا
عَلِمْنَا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا أَمَرَنَا فَأَوْصَى بِنَا
النَّاسَ، وَزَادَ فِيهِ أَيْضًا: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ
اشْتَدَّ الضُّحَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: [قَالَ لنا رسول الله
ص: أَفْرِغُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ مِنْ سَبْعِ آبَارٍ شَتَّى،
لَعَلِّي أَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فَأَعْهَدَ إِلَيْهِمْ] .
قَالَ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَصَبَبْنَا عَلَيْهِ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ،
فَوَجَدَ رَاحَةً، فَخَرَجَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَخَطَبَهُمْ،
وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أُحُدٍ، ثُمَّ أَوْصَى
بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا مَعْشَرَ
الْمُهَاجِرِينَ، إِنَّكُمْ قَدْ أَصْبَحْتُمْ تَزِيدُونَ،
وَأَصْبَحَتِ الأَنْصَارُ لا تَزِيدُ عَلَى هَيْئَتِهَا الَّتِي هِيَ
عَلَيْهَا الْيَوْمَ، وَالأَنْصَارُ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ
إِلَيْهَا، فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَدْ خُيِّرَ بَيْنَ
مَا عِنْدَ اللَّهِ وَبَيْنَ الدُّنْيَا فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ
اللَّهِ، فَلَمْ يَفْقَهْهَا إِلا أَبُو بَكْرٍ، ظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ
نَفْسَهُ، فَبَكَى، [فقال له النبي ص:
عَلَى رِسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! سُدُّوا هَذِهِ الأَبْوَابَ
الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنِّي لا
أَعْلَمُ امْرَأً أَفْضَلَ يَدًا فِي الصَّحَابَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ]
(3/194)
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ،
عَنْ عُبَيْدِ الله بن عبد الله ابن عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ،
قَالَتْ: لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ ص فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: لا
تَلُدُّونِي! فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ الدَّوَاءَ فَلَمَّا
أَفَاقَ قَالَ:
لا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلا لُدَّ، غَيْرَ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ
لَمْ يَشْهَدْكُمْ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ
إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، عَنِ
الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ نزل رسول الله ص، فَدَخَلَ بَيْتَهُ،
وَتَتَامَّ بِهِ وَجَعُهُ حَتَّى غُمِرَ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ نِسَاءٌ
مِنْ نِسَائِهِ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَمَيْمُونَةُ، وَنِسَاءٌ مِنْ
نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْهُنَّ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ،
وَعِنْدَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ،
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَلُدُّوهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ:
لأَلُدَنَّهُ، قَالَ: فَلُدَّ، فَلَمَّا أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ ص،
قَالَ: مَنْ صَنَعَ بِي هَذَا؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَمُّكَ
الْعَبَّاسُ، قَالَ: هَذَا دَوَاءٌ أَتَى بِهِ نِسَاءٌ مِنْ نَحْوِ
هَذِهِ الأَرْضِ- وَأَشَارَ نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ- قَالَ: وَلِمَ
فَعَلْتُمْ ذَلِكَ؟ [فَقَالَ الْعَبَّاسُ: خَشِينَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ أَنْ يَكُونَ بِكَ وَجَعُ ذَاتِ الْجَنْبِ، فَقَالَ: إِنَّ
ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَنِي بِهِ، لا يَبْقَى فِي
الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا لُدَّ إِلا عَمِّي] قَالَ: فَلَقَدْ لُدَّتْ
مَيْمُونَةُ وانها لصائمه لقسم رسول الله ص، عُقُوبَةً لَهُمْ بِمَا
صَنَعُوا.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بن الزبير، عن عُرْوَةَ،
[أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حِينَ قَالُوا:
خَشِينَا أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ، قَالَ:
إِنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيُسَلِّطَهَا
عَلَيَّ] .
حُدِّثْتُ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الصَّقْعَبُ ابن زهير، عن فقهاء أهل الحجاز، أن رسول الله ص
ثَقُلَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ حَتَّى أُغْمِيَ
عَلَيْهِ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نِسَاؤُهُ وَابْنَتُهُ وَأَهْلُ
(3/195)
بَيْتِهِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَمِيعُهُمْ، وَإِنَّ
أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ قَالَتْ: مَا وَجَعُهُ هَذَا إِلا ذَاتُ
الْجَنْبِ، فَلُدُّوهُ، فَلَدَدْنَاهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: مَنْ
فَعَلَ بِي هَذَا؟ قَالُوا: لَدَّتكَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ،
ظَنَّتْ أَنَّ بِكَ ذَاتَ الْجَنْبِ [قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ
يَبْلِيَنِي بِذَاتِ الْجَنْبِ، أَنَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ
ذَلِكَ] .
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إسحاق،
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ اسامه ابن زيد، قال: لما ثقل رسول
الله ص هَبَطْتُ وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي إِلَى الْمَدِينَةِ،
فَدَخَلْنَا على رسول الله ص، وَقَدْ أُصْمِتَ فَلا يَتَكَلَّمُ،
فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَيَّ،
فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن
الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، [عَنْ
عَائِشَةَ، قالت: كان رسول الله ص كَثِيرًا مَا أَسْمَعُهُ، وَهُوَ
يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيًّا حَتَّى
يُخَيِّرَهُ] .
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ
الأَرْقَمِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابن عباس: اوصى رسول
الله ص؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ: [قال رسول
الله: ابْعَثُوا إِلَى عَلِيٍّ فَادْعُوهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:
لَوْ بَعَثْتَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ! وَقَالَتْ حَفْصَةُ: لَوْ بَعَثْتَ
إِلَى عُمَرَ! فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ جَمِيعًا، فَقَالَ رسول الله ص:
انْصَرِفُوا، فَإِنْ تَكُ لِي حَاجَةً أَبْعَثْ إِلَيْكُمْ، فانصرفوا،
وقال رسول الله ص: آنَ الصَّلاةُ؟
قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأْمُرُوا أَبَا بَكْرٍ لِيُصَلِّيَ
بِالنَّاسِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، فَمُرْ
عُمَرَ، فَقَالَ: مُرُوا عُمَرَ، فَقَالَ عمر: ما كنت لا تقدم وابو بكر
(3/196)
شَاهِدٌ،] فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ،
وَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ، فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو
بَكْرٍ حَرَكَتَهُ تأخر، فجذب رسول الله ص ثَوْبَهُ، فَأَقَامَهُ
مَكَانَهُ، وَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَرَأَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى
أَبُو بَكْرٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ،
قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ، قَالا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ،
وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَنِ الأَعْمَشِ،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: [لَمَّا
مرض رسول الله ص الْمَرَضَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أُذِّنَ بِالصَّلاةِ،
فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقُلْتُ:
إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، وَإِنَّهُ مَتَى يَقُومُ مَقَامَكَ
لا يُطِيقُ! قَالَ: فَقَالَ:
مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَقُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ،
فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ]- وَقَالَ ابْنُ
وَكِيعٍ: صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ- مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي
بِالنَّاسِ، قَالَ: فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَقَدَمَاهُ
تَخُطَّانِ فِي الأَرْضِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ، تَأَخَّرَ
أَبُو بَكْرٍ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله ص أَنْ قُمْ فِي
مَقَامِكَ، فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ ص، فَصَلَّى إِلَى جَنْبِ أَبِي
بَكْرٍ جَالِسًا قَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلاةِ
النَّبِيِّ، وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أَبِي بَكْرٍ
اللَّفْظُ لِحَدِيثِ عِيسَى بْنِ عُثْمَانَ.
حدثت عن الْوَاقِدِيّ، قَالَ: سألت ابن أبي سبرة: كم صلى أبو بكر
بالناس؟ قَالَ: سبع عشرة صلاة، قلت: من أخبرك؟ قَالَ: أيوب بْن عبد
الرحمن بْن أبي صعصعة، عن رجل من أصحاب النبي ص قَالَ: وحدثنا ابن
أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ، عن عكرمة،
قَالَ: صلى بهم أبو بكر ثلاثة أيام.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ،
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجَسٍ، عَنِ الْقَاسِمِ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله ص يَمُوتُ، وَعِنْدَهُ
قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَمْسَحُ
وَجْهَهُ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَقُولُ:
[اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكْرَةِ الْمَوْتِ!]
(3/197)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ
الْعَسْقَلانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ
سَرْجَسٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُ رسول الله ص وَهُوَ يَمُوتُ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلا
أَنَّهُ [قَالَ: أَعْنِي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ] .
حَدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عَنِ
الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا
كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ، الْيَوْمُ الَّذِي قبض فيه رسول الله ص،
خَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ، فَرَفَعَ
السِّتْرَ، وَفَتَحَ الْبَابَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، حَتَّى قَامَ
بِبَابِ عَائِشَةَ، فَكَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا في
صلاتهم برسول الله ص حِينَ رَأَوْهُ، فَرَحًا بِهِ، وَتَفَرَّجُوا
فَأَشَارَ بِيَدِهِ: أَنِ اثْبُتُوا عَلَى صَلاتِكُمْ، وَتَبَسَّمَ
رَسُولُ اللَّهِ فَرَحًا لَمَّا رَأَى مِنْ هَيْئَتِهِمْ فِي
صَلاتِهِمْ، وما رايت رسول الله ص أَحْسَنَ هَيْئَةً مِنْهُ تِلْكَ
السَّاعَةَ، ثُمَّ رَجَعَ وَانْصَرَفَ النَّاسُ، وَهُمْ يَظُنُّونَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَدْ أَفَاقَ مِنْ وَجَعِهِ، فَرَجَعَ أَبُو
بَكْرٍ إِلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، عن
أبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قال: لَمَّا
كَانَ يَوْمُ الاثْنَيْنِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَاصِبًا رَأْسَهُ
إِلَى الصُّبْحِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بالناس، فلما خرج رسول الله
ص تَفَرَّجَ النَّاسُ، فَعَرَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ النَّاسَ لم يفعلوا
ذلك الا لرسول الله ص، فَنَكَصَ عَنْ مُصَلاهُ، فَدَفَعَ رَسُولُ
اللَّهِ فِي ظَهْرِهِ، وَقَالَ: صَلِّ بِالنَّاسِ وَجَلَسَ رَسُولُ
اللَّهِ إِلَى جَنْبِهِ، فَصَلَّى قَاعِدًا عَنْ يَمِينِ أَبِي بَكْرٍ،
فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ
وَكَلَّمَهُمْ رَافِعًا صَوْتَهُ حَتَّى خَرَجَ صَوْتَهُ مِنْ بَابِ
الْمَسْجِدِ، يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، سُعِّرَتِ النَّارُ،
وَأَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ! وَإِنِّي
وَاللَّهِ لا تُمْسِكُونَ عَلَيَّ شَيْئًا، إِنِّي لَمْ أُحِلَّ لَكُمْ
إِلا مَا أَحَلَّ لَكُمُ الْقُرْآنُ، وَلَمْ أُحَرِّمْ عَلَيْكُمْ إِلا
مَا حَرَّمَ عليكم القرآن فلما فرغ رسول الله ص مِنْ كَلامِهِ، قَالَ
لَهُ أَبُو بَكْرٍ:
(3/198)
يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَرَاكَ قَدْ
أَصْبَحْتَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ كَمَا نُحِبُّ، وَالْيَوْمُ
يَوْمُ ابْنَةِ خَارِجَةَ، فَآتِيهَا ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص
وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى أَهْلِهِ بِالسُّنْحِ.
حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إِسْحَاقَ، عَنْ
يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ
عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَجَعَ رَسُولُ الله ص فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَ
دَخَلَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاضْطَجَعَ فِي حِجْرِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ
رَجُلٌ مِنْ آلِ بَكْرٍ فِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخْضَرُ قَالَتْ:
فنظر رسول الله ص إِلَى يَدِهِ نَظَرًا عَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ،
فَأَخَذْتُهُ فَمَضَغْتُهُ حَتَّى أَلَنْتُهُ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ
إِيَّاهُ، قَالَتْ: فَاسْتَنَّ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأَيْتُهُ
يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ قَبْلَهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ، وَوَجَدْتُ رَسُولَ
اللَّهِ يَثْقُلُ فِي حِجْرِي قَالَتْ:
فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، [فَإِذَا نَظَرُهُ قَدْ شَخَصَ،
وَهُوَ يَقُولُ: بَلِ الرَّفِيقُ الأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ! قَالَتْ:
قُلْتُ: خُيِّرْتَ فَاخْتَرْتَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ!
قَالَتْ:
وَقُبِضَ رَسُولُ الله ص] .
حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى
بن عباد بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ
عائشة تقول: مات رسول الله ص بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَفِي دَوْرِي،
وَلَمْ أَظْلِمْ فِيهِ أَحَدًا، فَمِنْ سَفَهِي وَحَدَاثَةِ سِنِّي
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قُبِضَ وَهُوَ فِي حِجْرِي، ثُمَّ وَضَعْتُ
رَأْسَهُ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقُمْتُ أَلْتَدِمُ مَعَ النِّسَاءِ،
وَأَضْرِبُ وَجْهِي
ذكر الأخبار الواردة باليوم الذى توفى فيه رسول الله ومبلغ سنه يوم
وفاته
قَالَ أبو جعفر: أما اليوم الذي مات فيه رسول الله ص، فلا خلاف بين أهل
العلم بالأخبار فيه أنه كان يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، غير أنه
(3/199)
اختلف في اى الاثانين كان موته ص؟ فَقَالَ
بعضهم فِي ذَلِكَ مَا حُدِّثْتُ عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ
السَّائِبِ، عَنْ أَبِي مخنف، قال: حدثنا الصقعب بن زهير، عن فُقَهَاءِ
أَهْلِ الْحِجَازِ، قالوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص نِصْفَ النَّهَارِ
يَوْمَ الاثْنَيْنِ، لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ شَهْرِ- رَبِيعٍ
الأَوَّلِ، وَبُويِعَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فِي الْيَوْمِ
الَّذِي قُبِضَ فِيهِ النَّبِيُّ ص.
وقال الواقدى: توفى يوم الاثنين لثنى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ
شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ نِصْفَ النَّهَارِ
حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَذَلِكَ يَوْمُ الثُّلاثَاءِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: توفى رسول الله ص وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ
وَعُمَرُ حَاضِرٌ فَحَدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن
إسحاق، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَامَ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّ رِجَالا من المنافقين يزعمون ان رسول
الله تُوُفِّيَ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا مَاتَ،
وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ،
فَغَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ
قِيلَ قَدْ مَاتَ، وَاللَّهِ لَيَرْجِعِنَّ رَسُولُ اللَّهِ
فَلْيُقَطِّعَنَّ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَرْجُلُهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ مَاتَ.
قَالَ: وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى نَزَلَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ
حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَلَمْ
يَلْتَفِتْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَى رسول الله ص فِي بَيْتِ
عَائِشَةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ مُسَجًّى فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ،
عَلَيْهِ بُرْدُ حَبِرَةٍ، فَأَقْبَلَ حَتَّى كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ،
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي! أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَدْ
ذُقْتَهَا، ثُمَّ لَنْ يُصِيبَكَ بَعْدَهَا مَوْتَةٌ أَبَدًا ثُمَّ
رَدَّ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ
النَّاسَ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا عُمَرُ! فَانْصِتْ، فَأَبَى
إِلا أَنْ يَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ لا يُنْصِتُ
أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاسُ كَلامَهُ
أَقْبَلُوا عَلَيْهِ،
(3/200)
وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنْ
كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ
كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ.
ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ
خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» الى آخر الآية قال: فو الله لَكَأَنَّ
النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نزلت على رسول الله ص
حَتَّى تَلاهَا أَبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ قَالَ: وَأَخَذَهَا النَّاسُ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَإِنَّمَا هِيَ فِي أَفْوَاهِهِمْ.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَتْلُوهَا فَعُقِرْتُ حَتَّى وَقَعْتُ إِلَى
الأَرْضِ، مَا تَحْمِلُنِي رِجْلايَ، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
قَدْ مَاتَ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ
مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي
أَيُّوبَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لما قبض النبي ص كَانَ أَبُو
بَكْرٍ غَائِبًا، فَجَاءَ بَعْدَ ثَلاثٍ، وَلَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ
أَنْ يَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهِ، حَتَّى أُرْبِدَ بَطْنُهُ، فَكَشَفَ عَنْ
وَجْهِهِ، وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ
وَأُمِّي! طِبْتَ حَيًّا وَطِبْتَ مَيِّتًا! ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بكر،
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ
اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ
مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ثُمَّ قَرَأَ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ
فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ»
وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: لَمْ يَمُتْ، وَكَانَ يَتَوَعَّدُ النَّاسَ
بِالْقَتْلِ فِي ذَلِكَ.
فَاجْتَمَعَ الأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ لِيُبَايِعُوا
سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ، فَأَتَاهُمْ
وَمَعَهُ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: مَا
هَذَا؟
(3/201)
فَقَالُوا: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ
أَمِيرٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِنَّا الأُمَرَاءُ وَمِنْكُمُ
الْوُزَرَاءُ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنِّي قَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ
الرَّجُلَيْنِ: عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ، إِنَّ النبي ص جَاءَهُ
قَوْمٌ فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا أَمِينًا فَقَالَ:
لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَبَعَثَ مَعَهُمْ
أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَأَنَا أَرْضَى لَكُمْ أَبَا
عُبَيْدَةَ فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ تَطِيبُ نفسه ان يخلف
قدمين قدمهما النبي ص! فَبَايَعَهُ عُمَرُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ،
فَقَالَتِ الأَنْصَارُ- أَوْ بَعْضُ الأَنْصَارِ، لا نُبَايِعُ إِلا
عَلِيًّا.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ
مُغِيرَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ مَنْزِلَ عَلِيٍّ وَفِيهِ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ
وَرِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَحْرِقَنَّ
عَلَيْكُمْ أَوْ لَتَخْرُجُنَّ إِلَى الْبَيْعَةِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ
الزُّبَيْرُ مصلتا بالسيف، فَعَثَرَ فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ،
فَوَثَبُوا عَلَيْهِ فاخذوه.
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَوْدِيُّ، عَنْ حُمَيْدِ
بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُمَيْرِيِّ، قَالَ: توفى رسول الله ص
وَأَبُو بَكْرٍ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَجَاءَ فَكَشَفَ
الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَبَّلَهُ، وَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي
وَأُمِّي! مَا أَطْيَبَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا! مَاتَ مُحَمَّدٌ وَرَبِّ
الْكَعْبَةِ! قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى المنبر، فوجد عمر ابن
الْخَطَّابِ قَائِمًا يُوعِدُ النَّاسَ، وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ الله
ص حَيٌّ لَمْ يَمُتْ، وَإِنَّهُ خَارِجٌ إِلَى مَنْ أَرْجَفَ بِهِ،
وَقَاطِعٌ أَيْدِيَهُمْ، وَضَارِبٌ أَعْنَاقَهُمْ، وَصَالِبُهُمْ
قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: أَنْصِتْ قَالَ: فَأَبَى
عُمَرُ أَنْ يُنْصِتَ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، وقال: ان الله قال
لنبيه ص:
«إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ» «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا
رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ
قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ» ، حَتَّى خَتَمَ الآيَةَ،
فَمَنْ
(3/202)
كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَقَدْ مَاتَ إِلَهُهُ الَّذِي كَانَ
يَعْبُدُهُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ لا شَرِيكَ لَهُ، فَإِنَّ
اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ.
قَالَ: فَحَلَفَ رِجَالٌ أَدْرَكْنَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص:
ما علمنا ان هاتين الآيَتَيْنِ نَزَلَتَا حَتَّى قَرَأَهُمَا أَبُو
بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَسْعَى فَقَالَ: هَاتِيكَ
الأَنْصَارُ قَدِ اجْتَمَعَتْ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ،
يُبَايِعُونَ رَجُلا مِنْهُمْ، يَقُولُونَ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْ
قُرَيْشٍ أَمِيرٌ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
يَتَقَاوَدَانِ حتى أتياهم، فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَتَكَلَّمَ،
فَنَهَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فقال:
لا اعصى خليفه النبي ص فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ.
قَالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا نَزَلَ فِي
الأَنْصَارِ، وَلا ذكره رسول الله ص من شانهم الا وذكره [وقال: لقد
عَلِمْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ
وَادِيًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا سَلَكْتُ وَادِيَ
الأَنْصَارِ،] [وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: قُرَيْشٌ وُلاةُ هَذَا الأَمْرِ، فَبَرُّ
النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ
قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: صَدَقْتَ، فَنَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ
الأُمَرَاءُ] قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: ابْسُطْ يَدَكَ يا أبا بكر فلا
بايعك، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ أَنْتَ يَا عُمَرُ، فَأَنْتَ
أَقْوَى لَهَا مِنِّي قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ،
قَالَ: وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرِيدُ صَاحِبَهُ يَفْتَحُ
يَدَهُ يَضْرِبُ عَلَيْهَا، فَفَتَحَ عُمَرُ يَدَ أَبِي بَكْرٍ
وَقَالَ: إِنَّ لَكَ قُوَّتِي مَعَ قُوَّتِكَ قَالَ: فَبَايَعَ
النَّاسُ وَاسْتَثْبَتُوا لِلْبَيْعَةِ، وَتَخَلَّفَ عَلِيٌّ
وَالزُّبَيْرُ، وَاخْتَرَطَ الزُّبَيْرُ سَيْفَهُ، وَقَالَ: لا
أَغْمِدُهُ حَتَّى يُبَايَعَ عَلِيٌّ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ
وَعُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: خُذُوا سَيْفَ الزُّبَيْرِ، فَاضْرِبُوا
بِهِ الْحَجَرَ قَالَ: فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ عُمَرُ، فَجَاءَ بِهِمَا
تَعِبًا، وَقَالَ:
لَتُبَايِعَانِ وَأَنْتُمَا طَائِعَانِ، أَوْ لَتُبَايِعَانِ
وَأَنْتُمَا كَارِهَانِ! فَبَايَعَا |