تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك وصلة تاريخ
الطبري
. ذكر الخبر عن
الوقعه التي كانت بين الموفق وبين الزنج
وفي يوم الثلاثاء لعشر خلون من شوال من هذه السنة، كانت بين أبي أحمد
وبين الزنج وقعة في مدينة الفاسق أثر فيها آثارا، وصل بها إلى مراده
منها.
ذكر السبب في هذه الوقعة وما كان منها:
ذكر محمد بن الحسن أن الخبيث عدو الله كان في مدة اشتغال الموفق بعلته
أعاد القنطرة التي كانت شذوات نصير لججت فيها، وزاد فيها ما ظن أنه قد
أحكمها، ونصب دونها ادقال ساج وصل بعضها ببعض، وألبسها الحديد، وسكر
أمام ذلك سكرا بالحجارة ليضيق المدخل على الشذا، وتحتد جرية الماء في
النهر المعروف بابى الخضيب، فيهاب الناس دخوله، فندب الموفق قائدين من
قواد غلمانه في أربعة آلاف من الغلمان، وأمرهما أن يأتيا نهر أبي
الخصيب، فيكون أحدهما في شرقيه والآخر في
(9/628)
غربيه، حتى يوافيا القنطرة التي أصلحها
الفاجر وما عمل في وجهها من السكر فيحاربا أصحاب الخبيث حتى يجلياهم عن
القنطرة، وأعد معهما النجارين والفعلة لقطع القنطرة والبدود التي كانت
جعلت أمامها، وأمر بإعداد سفن محشوة بالقصب المصبوب عليه النفط، لتدخل
ذلك النهر المعروف بأبي الخصيب، وتضرم نارا لتحترق بها القنطرة في وقت
المد فركب الموفق في هذا اليوم في الجيش حتى وافى فوهة نهر أبي الخصيب،
وأمر بإخراج المقاتلة في عدة مواضع من أعلى عسكر الخبيث وأسفله،
ليشغلهم بذلك عن التعاون على المنع عن القنطرة، وتقدم القائدان في
أصحابهما، وتلقاهما أصحاب الخائن من الزنج وغيرهم، يقودهم ابنه أنكلاي
وعلي بن أبان المهلبي وسليمان بن جامع، فاشتبكت الحرب بين الفريقين،
ودامت، وقاتل الفسقة أشد قتال، محاماة عن القنطرة، وعلموا ما عليهم في
قطعها من الضرر، وأن الوصول إلى ما بعدها من الجسرين العظيمين اللذين
كان الخبيث اتخذهما على نهر أبي الخصيب سهل مرامه، فكثر القتل والجراح
بين الفريقين، واتصلت الحرب إلى وقت صلاة العصر ثم إن غلمان الموفق
أزالوا الفسقه عن القنطرة وجاوزوها، فقطعها التجارون والفعلة، ونقضوها
وما كان اتخذ من البدود التي ذكرناها.
وكان الفاسق أحكم أمر هذه القنطرة والبدود إحكاما تعذر على الفعلة
والنجارين الإسراع في قطعها، فأمر الموفق عند ذلك بإدخال السفن التي
فيها القصب والنفط، وضربها بالنار وإرسالها مع الماء، ففعل ذلك، فوافت
السفن القنطرة فأحرقتها، ووصل النجارون إلى ما أرادوا من قطع البدود
فقطعوها، وأمكن أصحاب الشذا دخول النهر فدخلوه، وقوي نشاط الغلمان
بدخول الشذا، فكشفوا أصحاب الفاجر عن مواقفهم حتى بلغوا بهم الجسر
الأول الذي يتلو هذه القنطرة، وقتل من الفجرة خلق كثير، واستأمن فريق
منهم، فأمر الموفق أن يخلع عليهم في ساعتهم تلك، وأن يوقفوا بحيث يراهم
أصحابهم، ليرغبوا في مثل ما صاروا إليه، وانتهى الغلمان إلى الجسر
الأول، وكان ذلك
(9/629)
قبيل المغرب، فكر الموفق أن يظلم الليل،
والجيش موغل في نهر أبي الخصيب، فيتهيأ للفجرة بذلك انتهاز فرصة، فأمر
الناس بالانصراف، فانصرفوا سالمين إلى المدينة الموفقية، وأمر الموفق
بالكتاب إلى النواحي بما هيأ الله له من الفتح والظفر، ليقرأ بذلك على
المنابر، وأمر بإثابة المحسنين من غلمانه على قدر غنائهم وبلائهم وحسن
طاعتهم، ليزدادوا بذلك جدا واجتهادا في حرب عدوهم.
ففعل ذلك، وعبر الموفق في نفر من مواليه وغلمانه في الشذوات والسميريات
وما خف من الزواريق إلى فوهة نهر أبي الخصيب، وقد كان الخبيث ضيقها
ببرجين عملهما بالحجارة ليضيق المدخل وتحتد الجرية، فإذا دخلت الشذا
النهر لججت فيه، ولم يسهل السبيل إلى إخراجها منه، فأمر الموفق بقطع
ذينك البرجين، فعمل فيهما نهار ذلك اليوم، ثم انصرف العمال وعادوا من
غد لاستتمام قلع ما بقي من ذلك، فوجدوا الفجرة قد أعادوا ما قلع منهما
في ليلتهم تلك، فأمر بنصب عرادتين قد كانتا أعدتا في سفينتين، نصبتا
حيال نهر أبي الخصيب، وطرحت لهما الأناجر حتى استقرتا، ووكل بهما من
أصحاب الشذا، وأمر بقطع هذين البرجين، وتقدم إلى أصحاب العرادتين في
رمي كل من دنا من أصحاب الفاسق، لإعادة شيء من ذلك في ليل أو نهار،
فتحامى الفجرة الدنو من الموضع، وأحجموا عنه، وألح الموكلون بقلع هذه
الحجارة بعد ذلك، حتى استتموا ما أرادوا، واتسع المسلك للشذا في دخول
النهر والخروج منه.
خبر انتقال صاحب الزنج الى شرقى نهر ابى الخصيب
وفي هذه السنة تحول الفاسق من غربي نهر أبي الخصيب إلى شرقيه وانقطعت
عنه الميرة من كل وجهة.
(9/630)
ذكر الخبر عن حاله وحال أصحابه وما آل إليه
أمرهم عند انتقاله من الجانب الغربي
ذكر أن الموفق لما أخرب منازل صاحب الزنج وحرقها، لجأ إلى التحصن في
المنازل الواغلة في نهر أبي الخصيب، فنزل منزلا كان لأحمد بن موسى
المعروف بالقلوص، وجمع عياله وولده حوله هناك، ونقل أسواقه إلى السوق
القريبة من الموضع الذي اعتصم به، وهي سوق كانت تعرف بسوق الحسين، وضعف
أمره ضعفا شديدا، وتبين للناس زوال أمره، فتهيبوا جلب الميرة إليه،
فانقطعت عنه كل مادة، فبلغ عنده الرطل من خبز البر عشرة دراهم، فأكلوا
الشعير، ثم أكلوا أصناف الحبوب، ثم لم يزل الأمر بهم إلى أن كانوا
يتبعون الناس، فإذا خلا أحدهم بامرأة أو صبي أو رجل ذبحه وأكله، ثم صار
قوي الزنج يعدو على ضعيفهم، فكان إذا خلا به ذبحه وأكل لحمه، ثم أكلوا
لحوم أولادهم، ثم كانوا ينبشون الموتى، فيبيعون أكفانهم ويأكلون
لحومهم، وكان لا يعاقب الخبيث أحدا ممن فعل شيئا من ذلك إلا بالحبس،
فإذا تطاول حبسه أطلقه.
وذكر أن الفاسق لما هدمت داره وأحرقت، وانتهب ما فيها، وأخرج طريدا
سليبا من غربي نهر أبي الخصيب، تحول إلى شرقيه، فرأى أبو أحمد أن يخرب
عليه الجانب الشرقي لتصير حال الخبيث فيه كحاله في الغربي في الجلاء
عنه، فأمر ابنه أبا العباس بالوقوف في جمع من أصحابه في الشذا في نهر
أبي الخصيب، وأن يختار من أصحابه وغلمانه جمعا يخرجهم في الموضع الذي
كانت فيه دار الكرنبائي من شرقي نهر أبي الخصيب، ويخرج معهم الفعلة
لهدم كل ما يلقاهم من دور أصحاب الفاجر ومنازلهم، ووقف الموفق على قصر
المعروف بالهمداني- وكان الهمداني يتولى حياطة هذا الموضع، وهو أحد
قادة جيوش الخبيث وقدماء أصحابه- وأمر الموفق جماعة من قواده ومواليه
فقصدوا
(9/631)
لدار الهمداني، ومعهم الفعلة، وقد كان هذا
الموضع محصنا بجمع كثير من أصحاب الخبيث من الزنج وغيرهم، وعليه عرادات
ومجانيق منصوبة وقسي ناوكية، فاشتبكت الحرب وكثر القتلى والجراح إلى أن
كشف أصحاب الموفق الخبثاء، ووضعوا فيهم السلاح، فقتل منهم مقتلة عظيمة،
وفعل أصحاب أبي العباس مثل ذلك بمن مر بهم من الفسقة.
والتقى أصحاب الموفق وأصحاب أبي العباس، فكانوا يدا واحدة على الخبثاء،
فولوا منهزمين، وانتهوا إلى دار الهمداني، وقد حصنها ونصب عليها
العرادات، وحفها بأعلام بيض من أعلام الفاجر، مكتوب عليها اسمه، فتعذر
على أصحاب الموفق تسور هذه الدار لعلو سورها وحصانتها، فوضعوا عليها
السلاليم الطوال، فلم تبلغ آخره، فرمى بعض غلمان الموفق بكلاليب كانوا
أعدوها، وجعلوا فيها الحبال لمثل هذا الموضع، فأثبتوها في أعلام الفاسق
وجذبوها، فانقلبت الأعلام منكوسة من أعلى السور، حتى صارت في أيدي
أصحاب الموفق، فلم يشك المحامون عن هذه الدار ان أصحاب أبي أحمد قد
علوها، فوجلوا فانهزموا، وأسلموها وما حولها، وصعد النفاطون فأحرقوا ما
كان عليها من المجانيق والعرادات، وما كان فيها للهمداني من متاع
وأثاث، وأحرقوا ما كان حولها من دور الفجرة، واستنقذوا في هذا اليوم من
نساء المسلمين المأسورات عددا كثيرا، فأمر الموفق بحملهن في الشذا
والسميريات والمعابر إلى الموفقية والإحسان إليهن.
ولم تزل الحرب في هذا اليوم قائمة من أول النهار إلى بعد صلاة العصر،
واستأمن يومئذ جماعة من أصحاب الفاسق وجماعة من خاصة غلمانه الذين
كانوا في داره يلون خدمته والوقوف على رأسه، فآمنهم الموفق وأمر
بالإحسان إليهم، وأن يخلع عليهم، ويوصلوا وتجرى لهم الأرزاق، وانصرف
الموفق، وأمر أن تنكس أعلام الفاسق في صدور الشذوات ليراها أصحابه،
ودلت جماعة من المستأمنة الموفق على سوق عظيمة كانت للخبيث في ظهر دار
(9/632)
الهمداني متصلة بالجسر الأول المعقود على
نهر أبي الخصيب، كان الخبيث سماها المباركة، وأعلموه أنه إن تهيأ له
إحراقها لم يبق لهم سوق، وخرج عنهم تجارهم الذين بهم قوامهم، واستوحشوا
لذلك واضطروا إلى الخروج في الأمان.
فعزم الموفق عند ذلك على قصد هذه السوق وما يليها بالجيوش من ثلاثة
أوجه، فأمر أبا العباس بقصد جانب من هذه السوق مما يلي الجسر الأول،
وأمر راشدا مولاه بقصدها مما يلي دار الهمداني، وأمر قوادا من قواد
غلمانه السودان بالقصد لها من نهر أبي شاكر، ففعل كل فريق ما أمر به،
ونذر الزنج بمسير الجيوش إليهم، فنهضوا في وجوههم، واستعرت الحرب
وغلظت، فأمد الفاجر أصحابه وكان المهلبي وأنكلاي وسليمان بن جامع في
جميع أصحابهم بعد أن تكاملوا ووافتهم أمداد الخبيث بهذه السوق يحامون
عنها، ويحاربون فيها أشد حرب. وقد كان أصحاب الموفق في أول خروجهم إلى
هذا الموضع وصلوا إلى طرف من أطراف هذه السوق، فأضرموه نارا فاحترق،
فاتصلت النار بأكثر السوق، فكان الفريقان يتحاربون والنار محيطة بهم،
ولقد كان ما علا من ظلال يحترق فيقع على رءوس المقاتلة، فربما أحرق
بعضهم، وكانت هذه حالهم إلى مغيب الشمس وإقبال الليل ثم تحاجزوا،
وانصرف الموفق وأصحابه إلى سفنهم، ورجع الفسقة إلى طاغيتهم بعد أن
احترق السوق، وجلا عنها أهلها ومن كان فيها من تجار عسكر الخائن
وسوقتهم، فصاروا في أعلى مدينته بما تخلصوا به من أموالهم وأمتعتهم وقد
كانوا تقدموا في نقل جل تجارتهم وبضائعهم من هذه السوق خوفا من مثل
الذي نالهم في اليوم الذي أظفر الله فيه الموفق بدار الهمداني وهيأ له
إحراق ما أحرق حولها.
ثم أن الخبيث فعل في الجانب الشرقي من حفر الخنادق وتعوير الطرق ما كان
فعل في الجانب الغربي بعد هذه الوقعة، واحتفر خندقا عريضا من حد جوى
كور إلى نهر الغربي، وكان أكثر عنايته بتحصين ما بين دار
(9/633)
الكرنبائي إلى النهر المعروف بجوى كور،
لأنه كان في هذا الموضع جل منازل أصحابه ومساكنهم، وكان من حد جوى كور
إلى نهر الغربي بساتين ومواضع قد أخلوها، والسور والخندق محيطان بها،
وكانت الحرب إذا وقعت في هذا الموضع قصدوا من موضعهم إليه للمحاماة عنه
والمنع منه، فرأى الموفق عند ذلك أن يخرب باقي السور إلى نهر الغربي،
ففعل ذلك بعد حرب طويلة في مدة بعيدة.
وكان الفاسق في الجانب الشرقي من نهر الغربي في عسكر فيه جمع من الزنج
وغيرهم متحصنين بسور منيع وخنادق، وهم أجلد أصحاب الخبيث وشجعانهم،
فكانوا يحامون عما قرب من سور نهر الغربي، وكانوا يخرجون في ظهور أصحاب
الموفق في وقت الحرب على جوى كور وما يليه، فأمر الموفق بقصد هذا
الموضع ومحاربة من فيه وهدم سوره وإزالة المتحصنين به، فتقدم عند ذلك
إلى أبي العباس وعدة من قواد غلمانه ومواليه في التأهب لذلك، ففعلوا ما
أمروا به، وصار الموفق بمن أعده إلى نهر الغربي، وأمر بالشذا فنظمت من
حد النهر المعروف بجوى كور إلى الموضع المعروف بالدباسين، وخرج
المقاتلة على جنبتي نهر الغربي، ووضعت السلاليم على السور.
وقد كانت لهم عليه عدة عرادات، ونشبت الحرب، ودامت مذ أول النهار إلى
بعد الظهر، وهدم من السور مواضع، وأحرق ما كان عليه من العرادات،
وتحاجز الفريقان، وليس لأحدهما فضل على صاحبه إلا ما وصل إليه أصحاب
الموفق من هذه المواضع التي هدموها وإحراق العرادات، ونال الفريقين من
ألم الجراح أمر غليظ موجع.
فانصرف الموفق وجميع اصحابه إلى الموفقية، فأمر بمداواة الجرحى، ووصل
كل امرئ على قدر الجراح التي أصابته، وعلى ذلك كان أجرى التدبير في
جميع وقائعه منذ أول محاربته الفاسق إلى أن قتله الله.
وأقام الموفق بعد هذه الوقعة مدة، ثم رأى معاودة هذا الموضع والتشاغل
به دون المواضع، لما رأى من حصانته وشجاعة من فيه وصبرهم، وأنه لا
يتهيأ
(9/634)
ما يقدر فيما بين نهر الغربي وجوى كور إلا
بعد إزالة هؤلاء، فأعد ما يحتاج إليه من آلات الهدم، واستكثر من
الفعلة، وانتخب المقاتلة الناشبة والرامحة والسودان أصحاب السيوف، وقصد
هذا الموضع على مثل قصده له المرة الأولى، فأخرج الرجالة في المواضع
التي رأى إخراجهم فيها، وأدخل عددا من الشذا النهر، ونشبت الحرب ودامت،
وصبر الفسقة أشد صبر، وصبر لهم أصحاب الموفق.
واستمد الفسقة طاغيتهم، فوافاهم المهلبي وسليمان بن جامع في جيشهما،
فقويت قلوبهم عند ذلك، وحملوا على أصحاب الموفق، وخرج سليمان كمينا مما
يلي جوى كور، فأزالوا أصحاب الموفق حتى انتهوا إلى سفنهم، وقتلوا منهم
جماعة وانصرف الموفق ولم يبلغ كل الذي أراد، وتبين أنه قد كان يجب أن
يحارب الفسقة من عدة مواضع، ليفرق جمعهم، فيخف وطؤهم على من يقصد لهذا
الموضع الصعب، وينال منه ما يحب، فعزم على معاودتهم، وتقدم إلى أبي
العباس وغيره من قواده في العبور واختيار أنجاد رجالهم، ووكل مسرورا
مولاه بالنهر المعروف بمنكى، وأمره أن يخرج رجاله في ذلك الموضع وما
يتصل به من الجبال والنخل، لتشتغل قلوب الفجرة، وليروا أن عليهم تدبيرا
من تلك الجهة وأمر أبا العباس بإخراج أصحابه على جوى كور، ونظم الشذا
على هذه المواضع حتى انتهى إلى الموضع المعروف بالدباسين، وهو أسفل نهر
الغربي، وصار الموفق الى نهر الغربي، وامر قواده وغلمانه أن يخرجوا في
أصحابهم فيحاربوا الفسقة في حصنهم ومعقلهم، وألا ينصرفوا عنهم حتى يفتح
الله لهم، أو يبلغ إرادته منهم ووكل بالسور من يهدمه، وتسرع الفسقة
كعادتهم، وأطمعهم ما تقدم من الوقعتين اللتين ذكرناهما، فثبت لهم غلمان
الموفق، وصدقوهم اللقاء، فأنزل الله عليهم نصره، فأزالوا الفسقة عن
مواقفهم، وقوي أصحاب الموفق، فحملوا عليهم حملة كشفوهم بها، فانهزموا
وخلوا عن حصنهم، وصار في أيدي غلمان الموفق فهدموه، وأحرقوا
(9/635)
منازلهم، وغنموا ما كان فيها، واتبعوا المنهزمين منهم، فقتلوا منهم
مقتلة عظيمة وأسروا، واستنقذوا من هذا الحصن من النساء المأسورات خلقا
كثيرا، فأمر الموفق بحملهن والإحسان إليهن، وأمر أصحابه بالرجوع إلى
سفنهم ففعلوا، وانصرف إلى عسكره بالموفقية، وقد بلغ ما حاول من هذا
الموضع. |