خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى

" الفصل الثاني " في منازل الأوس والخزرج وما دخل بينهم من الحروب
لما أنصرف أبو جبيلة من نصرهم تفرقوا في أعالية والسافلة واتخذوا الأموال والآطام فأما الأوس فنزل بنو عبد الأشهل ابن جشم بن الحرث وبنو حارثة بن الحرث بن الخررج الأصغري بن عمرو بن مالك بن الأوس بدار بني عبد الأشهل بالحرة الشرقية شامي بني ظفر خلاف قول المطري قبليهم لما أوضحنا في الأصل وابتنوا آطاما منها وأقم وبه سميت الناحية كان الحضير بن سماك وله يقول شاعرهم
نحن بنينا واقا بالحرة ... بلازب الطين وبالأصرة

(1/551)


ثم خرجت بنو حارثة عنهم لحرب دخلت بينهم فوالت بنو ظفر بني عبد الأشهل وظفرت بهم بنو حارثة فأجلوهم أولا لأرض بني سليم وقتلوا سماك بن رافع فسار حضير بن سماك ببني سليم وحاصر بني حارثة بدار بني عبد الأشهل فأجلاهم إلى خيبر فكانوا بها قريبا من سنة ثم رق لهم حضير فاصطلحوا وأبت بنو حارثة أن ينزلوا دار بني الأشهل فنزلوا شاميهم بسند الحرة الشرقية التي بها الشيخان خلاف قول المطري بيثرب لما أوحيناه في الأصل وبنو ظفر وهو كعب بن الخزرج الأصغر بدارهم شرقي لبقيع عند مسجدهم المعروف بمسجد البغلة بجوار بني عبد الأشهل وبجوارهم أيضا بنو أخيهم زعور بن جشم من أهل راتج وهذه البطون الأربعة هم النبيت لأن النبيت بطون بني عمرو بن مالك بن الأوس على ما ذكره ابن حزم وبنو عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بقباء وهم بطون كثيرة لبني ضبيعة منهم الأم الذي يقال له الشقيف بين أحجار المراء ومجلس بني الموالي ولكلثوم بن الهدم من بني عبيد بن زيد أطم في دار عبد الله ابن أبي أحمد ولأحيحة بن الجلاح الحجعبي أطم يقال له واقم صار لبني عبد المنذر في دية جدّهم

(1/553)


وكان في رحبة بني زيد بن مالك بن عوف أربعة عشرا طما يقال لها الصياصي ولهم أطم بالمسكبة شرقي مسجد قباء وأطم يقال له المستظل عند بئر غرس كان لأحيحة ثم صار لبني عبد المنذر وخرجت حجمعبا بن كلفة بن عوف بن غمرو بن عوف من قباء لقتلهم رفاعة وغنما فسكنوا العصبة غربي مسجد قباء فابتنى أحيحة الضحيان أطم أسود عرضه قريب من طوله وباه أولا من البثرة البيضاء يعنى الحجارة البيض فسقط وابتني بنو مجدعة وحججعبا أطما يقال له الهجيم عند المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم

(1/554)


وخرجت بنو معاوية ابن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف فسكنوا دارهم التي وراء بقيع الغرقد ولهم مسجد الإجابة ومنهم حاطب بن قيس وفيه كانت حرب حاطب وخرجت بنو السميعة وهم بنو لوذان ابن عمرو بن عوف فسكنوا عند زقاق ركيح وابتنوا أطما يقال له السعدان في الربع حائط هناك ولعله المعروف اليوم بالربعي ونزل واقف والسلم ابنا امرئ القيس بن مالك بن الأوس عند مسجد الفضيخ من جهة القبلة ثم لطم واقف وهو الأكبر عين السلم وكان شرسا فحلف لا يساكنه فنزل السلم على بني عمرو بن عوف فلم يزل ولده فيهم حتى انقرضوا سنة تسع وتسعين ومائة

(1/555)


وبلغ عددهم في الجاهلية ألف مقاتل وبنو وائل بن زيد بن قيس بن عامر بن مرّة بن مالك ابن الأوس بدارهم عند مسجدهم وبنو أمية بن زيد أخوة بني وائل بدارهم التي يمتر فيها سيل مذيني بين بيوتهم ثم يسقى الأموال فهي شرقي العهن

(1/556)


وبنو عطية بن زيد أخوتهم أيضا بضفته فوق بني الحبلى وابتنوا أطما يقال له شاش على يسارك في رحبة مسجد قباء مستقبل القبلة ووائل وأمية وعطية بنو زيدهم الجعادرة لأنهم كانوا إذا أجارو وأحارا قالوا له جعدر حيث شئت أي أذهب حيث شئت فلا بأس عليك قاله ابن زبالة وسبق عن الشرقي ما يخالفه وبنو سعد بن مرّة بن مالك بن الأوس براتج وقال ابن زبالة عقب الكلام على المنازل أن بني شطبة حين قدموا من الشام نزلوا ميطان فلم يوافقهم فتحولوا قريبا من حدمان ثم نزلوا براتج فهم أحد قبائله الثلاثة وبنو طمة جشم بن مالك بن الأوس بدارهم عند الماجشونية والغرس فوق بني الحرث لما أوضحناه في الأصل

(1/557)


وكانوا متفرقين في آطامهم فلما جاء الإسلام اتخذوا مسجدهم وسكن رجل منهم عنده فكانوا يسألون عنه كل غداة مخافة أن يكوون السبع عدا عليه ثم كثروا هناك حتى كان يقال لدارهم غزة تشبيها بغزة الشام من كثرة أهلها وأما الخزرج فنزل بنو الحرث بن الخزرج الأكبر شرقي وادي بطحان وتربة صعيب ويعرف اليوم بالحرث وخرج جشم وزيد أبنا الحرث فسكنا السخ أطم لهم سميت به الناحية على ميل من المسجد النبوي وهو أول العالية وخرجت بنو حذراة بن عوف بن الحرث فسكنوا حرار سعد شامي السوق وأخوتهم بنو حذرة بن عوف فسكنوا قرب البصة وكان الأجرد وهو الأطم الذي يقال البئرة البصة لجدّ أبي سعيد الخدري

(1/558)


ونزل بنو سالم وغنم أبني عوف بن عمرو بن الخزرج الأكبر دار بني سالم بطرف الحرة الغربية عند مسجد الجمعة ولهم أطم القوافل بطرف بيوت بني سالم مما يلي ناحية العصبة وبنو عصية حلفاء لبني سالم عند مسجد بني عصبة قرب قباء وبنو الحبلى وهو على ما قاله ابن زبالة مالك بن سالم بن غنم بن عوف
بدارهم المعروفة بهم قال ابن حزم وهيبين دار بني النجار وبين بني ساعدة وقال ابن هشام الحبلى سالم بن غنم سميبه لعظم بطنه فيجمع بأنه كان يطلق عليه وعلى أبنه مالك فما سبق في نزول بني عطية فوق بني الحبلى المراد به من كان من بني سالم بن غنم بدار بني سالم لا دار مالك هذا وكانت بهذه أطم يقال له مزاحم بين ظهراني البيوت لعبد الله بن أبيّ

(1/559)


وبنو سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن شاردة بن تريد بالمثناة فوق ابن جشم بن الخزرج الأكبر بسند الحرة ما بين مسجد القبلتين إلى المزاد أطم بني حرام سميت به الناحية وبنو سواد بن غنم بن كعب بن سلمة عند مسجد القبلتين إلى أرض ابن عبيد الديناري ولهم مسجد القبلتين وبنو عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة عند مسجد الخربة إلى جبلهم الدويخل ولهم مسجد الخربة والأطم المواه له والأطم الذي عند قبلته وبنو حرام ابن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عند مسجدهم الصغير بالقاع بين مقبرة بني سلمة إلى المزاد أطم

(1/560)


ولهم أطم بالسهل بين أرض جابر بن عتيك والعين التي عملها معاوية بن أبس سفيان رضي الله عنه كان لعمر وجد جابر بن عبد الله بن عمرو وبنو مرّ بن كعب بن سلمة حلفاء بني حرام معهم ولهم أطم غربي جائط جابر بن عتيك مما يلي جبلي بني عبيد وكانت بنو سلمة كلها بهذه الدار وكلمتهم واحدة وملكوا عليهم أمة بن حرام فلبث فيهم زمانا حتى دخل بينه وبين صخر من بني عبيد أمر لأرادته أخذ بعض ما خلف أبوه وكان مثريا ليقسمه في بني سلمة فضربه صخر بالسيف وحالت بينه وبين صخر بنو عبيد وبنو سواد فنذر أمه أن لا يأويه ظل بيت حتى يقتلوا صخرا أو يؤتى به فيرى فيه رأيه وجلس عند الظرب الذي غربي مسجد الفتح في الشمس فبلغ قومه فأتوه بصخر فعفا عنه وأخذ الذي أراد من ماله

(1/561)


وروى أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أن السيل يحول بيننا وبينك وأرادوا التحول فقال ما عليكم لو تحولتم إلى سفح الجبل يعني سلعا فتحولوا فدخلت حرام الشعب وصارت سواد وعبيد إلى السفح والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم أثبتوا فإنكم أوتادها وإنما نقل بني حرام إلى الشعب المعروف بهم من سلع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكلم ناسا كانوا به من بني ناغضة من اليمن فانتقلوا بهم إلى الشعب الذي تحت مسجد الفتح وابتنت بنو حراح بشعبهم من سلع مسجدهم الكبير بناه غلام رومي شروه من أطياتهم كما رواه يحيي وآثارهم هذا المسجد بينه اليوم هناك

(1/562)


ونزل بنو بياضة وزريق أبنا عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن عضب ابن جشم بن الخزرج الأكبر وبنو حبيب بن عبد حارثة بن مالك وبنو غدارة وهم بنو كع بن مالك وبنو أجدع وهم بنو معاوية بن مالك بدار بني بياضة شامي بني سالم ممتدة بالحرة الغربية إلى بطحان قبليّ بني مازن زكان بها نحو عشرين أطما منها عقرب في شامي المزرعة المسماة بالرحابة في الحرة على القفارة وسويد في شامي الحائط المسمى بالحماضة واللوى في حد السرارة بينه وبين زاوية الجدار الشامي الذي يحيط على الحماضة عشرون ذراعا والسرارة ما بين اللوى إلى الجدار الذي يقال له بيوت بني بياضة والحدار الذي بناه زياد ابن عبد الله لبركة السوق وسط السرارة وهذه البركة هي التي ذكرها في كلام ابن شبة في سيل رانونا وكان لبني حبيب الأطم الذي في أدنى بيوت بني بياضة دون الجمر الذي عند ذي ريش فلبثوا أمرهم جميع

(1/563)


حتى هلك زريق فأوصى ببنيه إلى عمه حبيب فكلفهم النصح بأييهم فقتلوه فحالف بنوه بني بياضة على بني زريق فخرجت بنو زريق فسكنوا دارهم التي في قيلة المصلى والسور الموجود اليوم والموضع المعروف بذروان وما والاه من داخل السور ثم اصطلحوا على أن قطعوا لبني حبيب طائفة من دورهم دية فقبلوا ذلك وأنتقل بنو مالك بن زيد بن حبيب من بني بياضة فنزلوا الناحية التي ودت بنو زريق وتخلف بعض بني حبيب ببني بياضة فمكثوا ما شاء الله ثم أن عبيد بن المعلى من بني حبيب قتل حصن بن خالد الرزقي فأراد بنو زريق قتله ثم ودوه من مالهم على أن يحالفهم بنو المعلى ويقطعوا حلفهم مع بني بياضة ففعلوا وقال ابن حزم أن من بني حبيب عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة وأنه والد أبى جبيلة الذي جلبه مالك بن العجلان لقتل اليهود كما سبق وكان بنو غدارة بن مالك أقل بطون بني مالك بن عضب عددا مع شراسة وشدّ أنفس فقتلوا قتيلا أما بني اللين أو من
بني أجدع وأبي أهل القتيل الدية فانتقلوا

(1/564)


من دار بني بياضة إلى بني عمرو بن عوف فحالفوهم وصاهروهم وكان بين بطنين من بطون بني مالك بن عضب ميراث في الجاهلية فاشتجروا فيه ثم دخلوا حديقة بني بياضة وأغلقوها حتى لم يبق منهم عين تطرف فسميت حديقة الموت وكان بنو مالك بن عضب سوى بين رزيق ألف مقاتل في الجاهلية ونزل بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر في أربع منازل بنو عمر وبنو ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة دار بني ساعدة بين سوق المدينة من المشرق مما يلي شامية وبين بني ضمرة ولهم الأطم الذي بدار أبي دجانة الصغرى عند بضاعة والأطم المواجه مسجد بني ساعدة وكان آخر أطم بنى بالمدينة

(1/565)


وبنو قشبة بن الخزرج بن ساعدة شرقيهم قرب بني جديلة عند خوخة عمر والضمري وبنو أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة رهط سعد بن عبادة الدار التي يقال لها جرار سعد وهي جرار كان يسقى فيها الماء وهي نهاية سوق المدينة كما سيأتي وبعض بني الحرث بن الخزرج نزلوا بها أيضا كما سبق فهو المراد من حديث عبادة سعد ببني الحرث ألا أن يكون سعد أتخذ الموضع المعروف ببني الحرث منزلا آخر بأن تزوج فيهم

(1/566)


وبنو وقش وبنو عنان ابن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة دارهم التي بقرب جرار سعد نحو مسجد الراية ونزل بنو مالك بن النجار بنو مالك بن النجار دارهم المعروفة بهم فبنو غنم بن ملك شرقي في المسجد النبوي

(1/567)


وهو لهم الأطم المسمى بقويرع موضع دار حسن بن زيد وهي التي في قبلة رباط مراغة بينهما الشارع وبنو مغالاة بنو عدي بن عمرو بن مالك ومغالة أمهم غربي المسجد بجهة باب الرحمة ولهم فارع أطم حسان بن ثابت وبيرحاء

(1/568)


وبنو جديلة وهو معاوية ابن عمرو بن مالك بن النجار شامي المسجد وشرقيه قرب البقيع وبقربهم بيرحاء ولهم الأطم الذي يقال له مشعط غربي مسجدهم مسجد أبي ابن كعب وفي موضعه بيت أبي نبيه وفي المشارق وقال الزبير كل ما كان بالمدينة عن يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل المسجد النبوي بنو مغالة والجهة الأخرى بنو جديلة وهم بنو معاوية وهم من الأوس قلت كونهم من الأوس وهم ليس من كلام الزبير والذي قال أهل النسب وغيرهم ما سبق وسبب الوهم أن في الأوس أيضا بني معاوية أهل

(1/569)


مسجد الإجابة كما سبق وكذا التبس الأمر على المطري فجعل مسجد الإجابة ومنزلته لبني معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار وجعل منزلة بني جديلة عند بيرحاء منزلة بني معاوية بن مالك بن النجار أيضا ثم قال بني دينا أنهم بين دار بني معاوية أهل مسجد الإجابة ودار بني جديلة اه والصواب ما قدمناه وبنو مبذول وهو عامر بن مالك ابن النجار قرب بقيع الزبير شرقي بني غنم وقبلتهم ونزل بنو عدي بن النجار غربي المسجد النبوي فيما قاله المطري لكن منهم أنس بن مالك وكانت داره شامي المسجد في المشرق ولهم أطم الزاهرية كان في دار النابغة عند المسجد الذي في الدار وبنو مازن بن النجار شرقي بني زريق لناحية القبلة وقال المطري قبليّ البصة وتسمى الناحية اليوم أبو مازن

(1/570)


وبنو دينار ابن النجار خلف بطحان وما قاله المطري في منزلهم مردود لما سيأتي في مسجدهم فهذه منازل بني النجار تسمى به لأنه ضرب رجلا فنجره وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج الأكبر

(1/571)


وفي الحديث خير دور الأنصار بنو النجار ثم عبد الأشهل ثم بنو الحرث بن الخزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير قالوا ولبثت الأوس والخزرج بالمدينة ما شاء الله وكلمتهم واحدة ثم وقعت بينهم حروب كثيرة لم يسمع في قوم أكثر منها ول أطول قيل أنها بقيت مائة وعشرين ستة حتى جاء الإسلام وأولها حرب سمير بضم المهملة مصغرا من الأوس قتل رجلا من بني ثعلبة حليفا لمالك بن العجلان ثم حرب كعب بن عمرو ثم حرب يوم السرارة موضع بين بني بياضة والحماضة ثم يوم الديك موضع أيضا ويوم فارع ويوم الربيع وحرب حضير ابن الأسلت وحرب حاطب بن قيس إلى أن آخر ذلك يوم بغاث قبل الهجرة بخمس سنين على الأصح قتل فيه

(1/572)


مسراتهم وسببه أن الظفر في أكثر تلك الحروب كان للخزرج فذهبت الأوس لتحالف قريظة فأرسلت لهم الخزرج لئن فعلتم فأذنوا بحرب فقالوا لا ندخل بينكم فقالت الخزرج فأعطونا رهائن فأعطوهم أربعين غلاما ما تفرقوا في دورهم فحالفت بطون من الأوس الخزرج منهم عمرو بن عوف وقال سائرهم والله لا نصالح حتى ندرك ثأرنا فتقاتلوا وكثر القتل في
الأوس لما خذلهم قومهم فتشاوروا في أن يحالفوا قريشا فأظهروا أنهم يريدون العمرة وبينهم أن لا يتعرض لمريدها وأجار أموالهم البراء بن معرور وعن أفلح بن سعيد أم الأوس خرجوا جالين من الخزرج حتى نزلوا على قريش بمكة فحالفوهم فقال الوليد بن المغيرة ما نزل قوم على قوم إلا أخذوا شرفهم ورثوا ديارهم فاقطعوا حلفهم قالوا بأيّ شيء قال أن فيهم حمية فقولوا لهم أنا نسينا شيئا وهو أنا قوم إذا كان النساء بالبيت فرأى الرجل امرأة تعجبه قبلها ولمسها بيد فنفرت الأوس وقطعوا الحلف فلما لم يتم لهم الحلف ذهبت النبيت إلى خيبر فافتخرت الخروج عليهم في أشعرهم وقال عمر بن النعمان البياضي يا قوم أن بياضة أنزلكم منزل سوء والله لا يمس رأسي غسل حتى أنزلكم منازل بني قريظة والنضير وأقتل رهنهم وكان لهم غزار المياه وكرام النخل فبلغهم ذلك ومن كان بالمدينة من الأوس فخالفوا قريظة والنضير ثم أرسلوا بذلك للنبيت فقدموا فأخذت الخروج في قتل الرهن فقال كعب ابن أسد القرظي إنما هي ليلة ثم تسعة أشهر وقد جاء الحلف وأرسلوا للأوس أنهضوا ألينا فنأتيهم جميعا وأمتنع عبد الله بن أبي من قتل الرهن وقال لقومه أنتم البغاة والأوس تقول منعونا من الحياة فيمنعونا الموت والله ما يموتون أو يهلكون عامتكم فقال له عمرو بن النعمان أنتفخ والله سحرك فقال والله لا أحضركم ولكأني أنظر إليك قتيلا يحملك أربعة كساء فراست لبخروج عمرو بن النعمان بن رجيلة وقيل بل ده رجيلة فاقتتلوا في بغاث عند أعلى قورى ورئيس الأوس حضير الكائب والدا سيد بن حضير وكان النصر أولا للخروج فثبت حضير الأوس فرجعوا فكانت الدبرة على الخزرج وقتل حضير الكائب وعمرو بن النعمان وجيء بعمرو يحمله أربعة وحلفت اليهود لنهدمن من حصن ابن أبي وكانت أخته تحت أبي عامر الراهب الملقب بالفاسق والد حنظلة الغسيل أحد بني ضبيعة بن زيد من الأوس فلما أحاطوا بحصنه قال هؤلاء أولادكم وقد نهيت الخروج فعصوني وكانوا من أولاد بني النضير فأجاروه من الأوس وقريظة ثم لم يزل يتحيل حتى ردّهم حلفاء الخزرج وذهب في ذلك اليوم أشراف الأوس والخزرج ممن لا ينقاد لأن يكون تحت حكم غيره لشدّة شكيمته غير ابن أبي فلذا قالت عائشة رضي الله عنه كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام وقال أهل السير أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وسيد أهلها ابن أبي ولم يجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين غيره ومعه في الأوس رجل شريف مطاع هو أبو عامر الفاسق وكان قد ترهب ولبس المسوح وزعم أنه ينتظر خروج النبي صلى الله عليه وسلم فشقيا بشرفهما. لما خذلهم قومهم فتشاوروا في أن يحالفوا قريشا فأظهروا أنهم يريدون العمرة وبينهم أن لا يتعرض لمريدها وأجار أموالهم البراء بن معرور وعن أفلح بن سعيد أم الأوس خرجوا جالين من الخزرج حتى نزلوا على قريش بمكة فحالفوهم فقال الوليد بن المغيرة ما نزل قوم على قوم إلا أخذوا شرفهم ورثوا ديارهم فاقطعوا حلفهم قالوا بأيّ شيء قال أن فيهم حمية فقولوا لهم أنا نسينا شيئا وهو أنا قوم إذا كان النساء بالبيت فرأى الرجل امرأة تعجبه قبلها ولمسها بيد فنفرت الأوس

(1/573)


وقطعوا الحلف فلما لم يتم لهم الحلف ذهبت النبيت إلى خيبر فافتخرت الخروج عليهم في أشعرهم وقال عمر بن النعمان البياضي يا قوم أن بياضة أنزلكم منزل سوء والله لا يمس رأسي غسل حتى أنزلكم منازل بني قريظة والنضير وأقتل رهنهم وكان لهم غزار المياه وكرام النخل فبلغهم ذلك ومن كان بالمدينة من الأوس فخالفوا قريظة والنضير ثم أرسلوا بذلك للنبيت فقدموا فأخذت الخروج في قتل الرهن فقال كعب ابن أسد القرظي إنما هي ليلة ثم تسعة أشهر وقد جاء الحلف وأرسلوا للأوس أنهضوا ألينا فنأتيهم جميعا وأمتنع عبد الله بن أبي من قتل الرهن وقال لقومه أنتم البغاة والأوس تقول منعونا من الحياة فيمنعونا الموت والله ما يموتون أو يهلكون عامتكم فقال له عمرو بن النعمان أنتفخ والله سحرك فقال والله لا أحضركم ولكأني أنظر إليك قتيلا يحملك أربعة كساء فراست لبخروج عمرو بن النعمان بن رجيلة وقيل بل ده رجيلة فاقتتلوا في بغاث عند أعلى قورى ورئيس الأوس حضير الكائب والدا سيد بن حضير وكان النصر أولا للخروج فثبت حضير الأوس فرجعوا فكانت الدبرة على الخزرج وقتل حضير الكائب وعمرو بن النعمان وجيء بعمرو يحمله أربعة وحلفت اليهود لنهدمن من حصن ابن أبي وكانت أخته تحت أبي عامر الراهب الملقب بالفاسق والد حنظلة الغسيل أحد بني ضبيعة بن زيد

(1/574)


من الأوس فلما أحاطوا بحصنه قال هؤلاء أولادكم وقد نهيت الخروج فعصوني وكانوا من أولاد بني النضير فأجاروه من الأوس وقريظة ثم لم يزل يتحيل حتى ردّهم حلفاء الخزرج وذهب في ذلك اليوم أشراف الأوس والخزرج ممن لا ينقاد لأن يكون تحت حكم غيره لشدّة شكيمته غير ابن أبي فلذا قالت عائشة رضي الله عنه كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخولهم الإسلام وقال أهل السير أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وسيد أهلها ابن أبي ولم يجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين غيره ومعه في الأوس رجل شريف مطاع هو أبو عامر الفاسق وكان قد ترهب ولبس المسوح وزعم

(1/575)


أنه ينتظر خروج النبي صلى الله عليه وسلم فشقيا بشرفهما.

(1/576)