شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست عشرة
افتتحت حلب، وأنطاكية صلحا.
واختطّ مصر [1] سعد بن أبي وقّاص، أي علم موضع البناء.
وحاصر المسلمون بيت المقدس مدّة، فقالوا للمسلمين: لا تتبعوا أنفسكم
فلن يفتحها إلا رجل له علامة عندنا، فإن كان إمامكم [2] بتلك العلامة
سلّمناها من غير قتال، فلما وصل الخبر إلى عمر بذلك، ركب راحلته ومعه
غلام له يعاقبه الركوب، وتزوّد شعيرا وتمرا وزيتا، ولبس مرقّعة، فلما
قرب تلقّاه المسلمون وسألوه تغيير تلك الهيئة، ففعل قليلا، ثم قال:
أقيلوني، فرجع إلى هيئته الأولى، فلما رآه الكفّار كبّروا وفتحوها
وقالوا: هو هذا.
وفيها ماتت مارية القبطيّة أمّ إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه
وسلم.
__________
[1] قلت: المصر المقصود بكلام المؤلف مدينة الكوفة. انظر «مرآة الجنان»
لليافعي (1/ 105) ، و «معجم البلدان» لياقوت (4/ 491) ، و «الروض
المعطار» للحميري ص (501، 502) .
[2] في المطبوع: «أمامكم» وهو تحريف.
(1/163)
سنة سبع عشرة
فيها استسقى عمر بالعباس رضي الله عنهما فسقوا، ثم خرج عمر إلى الشام
فرجع [1] لما سمع بالطاعون بعد اختلاف بين الصحابة في الرجوع والقدوم
على ما هو مقرر [2] .
__________
[1] في المطبوع: «ورجع» .
[2] وذلك «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام، حتى إذا كان
بسرغ لقيه أمراء الأجناد- أبو عبيدة وأصحابه- فأخبروه أن الوباء قد وقع
بالشام، قال ابن عباس: فقال عمر:
ادع لي المهاجرين الأولين، فدعوتهم، فاستشارهم، وأخبر أن الوباء قد وقع
بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال
بعضهم: معك بقيّة الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى
أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار،
فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال:
ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة
الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف عليه منهم رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع
بالناس، ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على
ظهر، فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة ابن الجراح: أفرارا من قدر الله؟
فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ - وكان عمر يكره خلافه- نعم
نفرّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كانت لك إبل، فهبطت واديا له
عدوتان: إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر
الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف-
وكان متغيّبا في بعض حاجاته- فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم به بأرض: فلا تقدموا عليه،
وإذا وقع بأرض وأنتم بها: فلا تخرجوا فرارا منه» قال: فحمد الله عمر بن
الخطاب، ثم انصرف، وانظر: «جامع الأصول» لابن الأثير (7/ 577، 578) ، و
«الموطأ» للإمام مالك (2/ 894- 896) .
(1/164)
وفي سقياهم بالعباس يقول العباس بن عتبة بن
أبي لهب:
بعميّ سقى الله الحجاز وأهله ... عشيّة يستسقي بشيبته عمر
توجّه بالعبّاس في الجدب راغبا ... إليه فما إن رام [1] حتى أتى المطر
ومنّا رسول الله فينا تراثه ... فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر [2]
وفيها زاد عمر في المسجد النّبويّ.
وافتتح أبو موسى الأشعري [3] الأهواز [4] .
وفيها كانت وقعة جلولاء [5] ، وقتل من المشركين مقتلة عظيمة، وبلغت
الغنائم ثمانية عشر ألف ألف، وقيل: ثمانين ألف ألف.
وتزوج عمر أمّ كلثوم بنت فاطمة الزهراء رضي الله عنهم.
__________
[1] في الأصل، والمطبوع: «فما إن زال» وما أثبتناه من «تاريخ مدينة
دمشق» لابن عساكر (عبادة ابن أوفى- عبادة بن ثوب) ص (187) ، و «الكامل»
لابن الأثير (2/ 558) .
[2] في الأصل، والمطبوع: «فهل أحد هذي المفاخر مفتخر» وما أثبتناه من
«تاريخ دمينة دمشق» لابن عساكر، و «الكامل» لابن الأثير.
والأبيات في «تاريخ مدينة دمشق» منسوبة للعباس بن عتبة بن أبي لهب كما
في كتابنا، وأما في «الكامل فقد نسبها ابن الأثير للفضل بن العباس بن
عتبة بن أبي لهب.
[3] هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضّار بن حرب الأشعري رضي الله عنه.
[4] الأهواز إقليم يعرف أيضا بخوزستان، وهو إقليم واسع كبير، ولعل أبا
موسى رضي الله عنه لم يفتح الإقليم بكامله، وإنما فتح قاعدة الإقليم
سوق الأهواز. وانظر «معجم البلدان» لياقوت (1/ 384- 287) ، و «الروض
المعطار» للحميري ص (61، 62) .
[5] في «تاريخ الطبري» (4/ 24) ، و «الكامل في التاريخ» لابن الأثير
(2/ 519) ، و «البداية والنهاية» لابن كثير (7/ 69) ، و «معجم البلدان»
لياقوت (2/ 156) أنها جرت في سنة (16) .
وفي «تاريخ خليفة بن خياط» ص (136) أنها جرت في سنة (17) .
(1/165)
سنة ثماني عشرة
فيها طاعون عمواس [1] بناحية الأردنّ، سمّي بها لأنه منها ابتدأ، لم
يسمع بطاعون مثله في الإسلام.
واستشهد بها أبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة، وأمير [2] الأمراء
بالشام، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
واستشهد فيه [3] الفضل [4] ، وكان من أشجع الناس قلبا، وأحسنهم
__________
[1] قال الزبيدي في «تاج العروس» «عموس» (16/ 286) : عمواس: هكذا قيده
غير واحد، وهو بسكون الميم، وأورده الجوهري في «عمس» وقال: طاعون عمواس
أول طاعون كان في الإسلام بالشام، ولم يزد على ذلك، وفي «العباب»
عمواس: كورة من فلسطين، وأصحاب الحديث يحركون الميم، وإليه ينسب
الطاعون، ويضاف فيقال: طاعون عمواس، وكان هذا الطاعون في خلافة عمر رضي
الله عنه، سنة ثماني عشرة، ومات فيه جماعة من الصحابة، ذكرتهم في كتابي
«در السحابة في وفيات الصحابة» قال: وقرأت في «الروض» للسهيلي عن أبي
إسحاق أن معاذ بن جبل رضي الله عنه مات في طاعون عمواس، قال: هكذا مقيد
في النسخة بسكون الميم، وقال البكري في كتاب «المعجم» : من أسماء
البقاع «عمواس» محركة، وهي قرية بالشام، عرف الطاعون بها، لأنه منها
بدأ، وقيل: إنما سمي طاعون عمواس لأنه عمّ وآس، أي جعل بعض الناس أسوة
بعض. وانظر «معجم البلدان» لياقوت (4/ 157) ، و «الروض المعطار»
للحميري ص (415) ، و «لسان العرب» «عمس» (4/ 3106) .
[2] في الأصل: و «أمين الأمراء بالشام» ، وما أثبتناه من المطبوع.
[3] أي في الطاعون، وفي المطبوع: «واستشهد فيها» .
[4] هو الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، ابن عم النبيّ
صلى الله عليه
(1/166)
وجها، وأسخاهم يدا، وله في الجود مآثر يضيق
عنها هذا المختصر.
وفيه أيضا [1] استشهد سلطان العلماء، وأعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ
بن جبل، ورد أن العلماء تأتي تحت رايته يوم القيامة [2] ، وقال له
النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إني أحبّك يا معاذ» [3] ، وكان من فضلاء
الصّحابة وفقهائهم، وهو الذي بنى مسجد الجند باليمن، وقيل: بني بعده،
ومات عن ست، أو ثمان وثلاثين سنة [4] .
وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم قسم اليمن على خمسة رجال، خالد ابن
سعيد بن العاص على صنعاء، والمهاجر بن أميّة على كندة [5] ، وزياد بن
__________
وسلم، كان أكبر الإخوة، وبه كان يكنى أبوه، وكان يكنى أبا العباس، وأبا
عبد الله، ويقال:
كنيته أبو محمد، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم مكة، وحنينا، وثبت
معه يومئذ، وشهد حجّة الوداع، وحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم،
اختلف المؤرخون حول سنة وفاته ووقتها، ورجح الحافظ ابن حجر خبر وفاته
في طاعون عمواس كما ذكر المؤلف رحمه الله. انظر «الإصابة» (8/ 102) .
[1] أي في طاعون عمواس.
[2] عند الطبراني في «المعجم الكبير» وأبي نعيم في «حلية الأولياء» عن
محمد بن كعب مرسلا، وغيرهما، أن معاذ بن جبل يكون أمام العلماء يوم
القيامة برتوة، وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في «تاريخه» ، وأورده
ابن عساكر من طرق، عن محمد بن الخطاب، وهو حديث صحيح بطرقه.
والرتوة: رمية سهم، وقيل: درجة، وقيل: خطوة.
[3] رواه أبو داود رقم (1522) في الصلاة: باب في الاستغفار، والنسائي
(3/ 53) في السهو:
باب الدعاء بعد الذكر، وإسناده صحيح، والحديث بتمامه، «يا معاذ، والله
إني لأحبك» ، فقال: «أوصيك يا معاذ، لا تدعنّ في دبر كل صلاة أن تقول:
اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك» .
[4] وهذا ما عليه معظم الجمهور من العلماء.
[5] قال ياقوت: كندة: بالكسر، مخلاف كندة باليمن اسم قبيلة: «معجم
البلدان» (4/ 482) ، وقال الفيروزآبادي: وكندة بالكسر ويقال: كنديّ لقب
ثور بن عفير أبو حي من اليمن، لأنه كند أباه النعمة ولحق بأخواله.
«القاموس المحيط» (1/ 346) .
(1/167)
لبيد على حضرموت، ومعاذ بن جبل على الجند
[1] ، وأبو موسى على زبيد [2] وعدن والساحل وغيرها [3] .
وفيها، وقيل: في التي بعدها، مات يزيد بن أبي سفيان بن حرب أفضل إخوته،
أسلم عام الفتح، وشهد حنينا، وأعطاه النبيّ صلى الله عليه وسلم مائة
ناقة وأربعين أوقية فضة، واستعمله أبو بكر على الشام، وعمر بعده، ثم
استخلف بعده عمر أخاه معاوية، وأقره عثمان إلى أن استقرت له الخلافة
ومات [4] خليفة حقا رضي الله عنه.
وأبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري، وقصّته في صلح الحديبية مشهورة في
«الصحيح» [5] .
وسهيل بن عمرو والد أبي جندل، وكان من سادات قريش وخطبائهم، ومن حلمه
وصحة إسلامه أنه قدم المدينة في شيوخ من قريش فيهم أبو سفيان،
فاستأذنوا على عمر فأبطأ عليهم، واستأذن بعدهم فقراء من المسلمين فأذن
لهم، فقال أبو سفيان: عجبا، يؤذن للمساكين والموالي، وكبار
__________
[1] قال الحميري: جند: مدينة باليمن كبيرة حصينة كثيرة الخيرات، بها
قوم من خولان، وبها مسجد جامع بناه معاذ بن جبل رضي الله عنه حين
نزلها. «الروض المعطار» ص (175، 176) .
[2] قال ياقوت: زبيد: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم ياء مثناة من تحت: اسم
واد به مدينة يقال لها الحصيب، ثم غلب عليها اسم الوادي فلا تعرف إلا
به، وهي مدينة مشهورة باليمن أحدثت في أيام المأمون. «معجم البلدان»
(3/ 131) .
[3] انظر «معجم ما استعجم» للبكري (2/ 702) .
[4] في المطبوع: «حتى مات خليفة» .
[5] رواها البخاري رقم (2700) في الصلح: باب الصلح مع المشركين، وانظر
«جامع الأصول» لابن الأثير (8/ 286- 301) ، و «إعلام السائلين» لابن
طولون ص (141، 142) .
(1/168)
قريش واقفين، فقال سهيل: اغضبوا على
أنفسكم، فإن الله دعا هؤلاء فأسرعوا، ودعاكم فأبطأتم، والله إن الذي
سبقوكم إليه من الخير خير من هذا الذي تنافسون فيه من هذا الباب، ولا
أرى أحدا منكم يلحق بهم إلا أن يخرج إلى الجهاد، لعل الله يرزقه
الشهادة، فخرج سريعا إلى الشام، وكان يتردد في مكة إلى بعض الموالي
يقرئه القرآن، فعيّره بعض قريش، فقال سهيل: هذا والله الكبر الذي حال
بيننا وبين الخير، ولما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا يوم
الحديبية، قال: «قد سهل لكم من أمركم» [1] أي تفاؤلا باسمه.
وفيها شرحبيل بن حسنة الكندي نسب إلى أمه، وأبوه عبد الله بن مطاع هاجر
إلى الحبشة، واستعمله عمر على بعض الشام، مات في طاعون عمواس.
والحارث بن هشام بن المغيرة أخو أبي جهل بن هشام مات أيضا في الطاعون
المذكور.
وفيها افتتحت حرّان [2] ، والموصل، والسّوس [3] ، وتستر [4] .
__________
[1] هو قطعة من حديث طويل رواه البخاري رقم (731) و (2732) في الشروط:
باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط، وأحمد
في «المسند» (4/ 330) واللفظ للبخاري.
[2] هي حرّان جزيرة أقور. انظر «الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (58)
الذي حققته بإشراف والدي الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، وهو من منشورات
دار ابن كثير.
[3] السوس من كور الأهواز، وهي معربة، واسمها بالفارسية «شوش» . انظر
«معجم البلدان» لياقوت (3/ 280، 281) .
[4] تستر مدينة بالأهواز، وهي معربة، واسمها بالفارسية «شوشتر» . انظر
«الأمصار ذوات الآثار» للذهبي ص (104 و 105) ، وراجع بشأن فتحها
«البداية والنهاية» لابن كثير (7/ 83- 86) .
(1/169)
سنة تسع عشرة
افتتحت تكريت [1] ، وقيساريّة [2] .
وتوفي أبو المنذر أبي بن كعب الخزرجي سيد القراء، كان من علماء
الصحابة، ومناقبه أكثر من أن تحصر، وقيل: توفي سنة اثنتين وعشرين [3] .
__________
[1] تكريت بلدة بين بغداد والموصل. انظر «معجم البلدان» لياقوت (2/ 38)
.
[2] قيسارية بلد على ساحل بحر الشام تعدّ في أعمال فلسطين، بينها وبين
طبرية ثلاثة أيام.
وقيسارية أيضا مدينة كبيرة في بلاد الروم. انظر «معجم البلدان» لياقوت
(4/ 421) ، و «الروض المعطار» للحميري ص (486) ، وانظر خبر فتحها في
«تاريخ خليفة بن خياط» ص (141) ، و «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 26) ، و
«تاريخ الطبري» (4/ 102) .
[3] قلت: وفيها أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي. انظر «تاريخ
خليفة بن خياط» ص (142) ، و «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 27) .
وفيها حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس. انظر «تاريخ الطبري» (4/
103) ، و «الكامل» لابن الأثير (2/ 563) ، و «البداية» لابن كثير (7/
96) .
وفيها مات خبّاب مولى عتبة بن غزوان، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله
عنه. انظر «تاريخ الإسلام» (2/ 29) ، و «سير أعلام النبلاء» (2/ 324)
للذهبي، و «أسد الغابة» لابن الأثير (2/ 117) ، و «البداية والنهاية»
لابن كثير (7/ 96) .
(1/170)
سنة عشرين
فيها فتح عمرو بن العاص بعض ديار مصر [1] .
وتوفي بلال بن رباح الحبشي، وأمه حمامة [2] ، مولى أبي بكر، ومؤذن رسول
الله صلى الله عليه وسلم، كان صادق الإسلام، وعذّب في ذات الله أشدّ
العذاب، وكانت امرأته عند موته تقول: واحرباه، فيقول: بل وا طرباه، غدا
نلقى الأحبّة محمدا وصحبه، وكان موته بداريّا من أرض الشام، وقيل:
بدمشق، ودفن عند الباب الصغير، وعمره ثلاث وستون سنة [3] .
وفيها توفيت أمّ المؤمنين زينب بنت جحش الأسدية، التي زوجها الله رسوله
[4] ، أسرع أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم لحوقا به، وأطولهنّ يدا
بالصدقة، وهي التي
__________
[1] انظر «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 29) ، و «الكامل» لابن الأثير (2/
564) ، و «البداية» لابن كثير (7/ 97) .
[2] في المطبوع: «وأمه وحمامه» وهو خطأ.
[3] انظر «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 31، 32) ، و «سير أعلام النبلاء»
(1/ 347- 360) ، و «تهذيب الكمال» للمزي (4/ 288- 291) بتحقيق الدكتور
بشار عواد معروف، طبع مؤسسة الرسالة.
[4] وذلك لما نزل قول الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ
الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ
وَاتَّقِ الله. وَتُخْفِي في نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى
النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ. فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها
وَطَراً زَوَّجْناكَها 33: 37 (الأحزاب: 37) ، وانظر «زاد المسير» لابن
الجوزي (6/ 384/ 391) ، و «تفسير ابن كثير» (3/ 490- 492) .
(1/171)
كانت تسامي عائشة في الحظوة والمنزلة عند
النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وفيها مات أبو الهيثم [1] بن التّيّهان الأنصاري الذي استضافه النبيّ
صلى الله عليه وسلم وأكرمه بذلك، فقال: «ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني»
[2] . وأسيد بن حضير الأنصاري الأشهلي، أحد النّقباء الذي شاهد السكينة
عيانا، وكان إذا مشى سبقه نور عظيم.
روى البخاريّ، أن عبّاد بن بشر [3] ، وأسيد بن حضير خرجا من عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف السّوط، فلما
افترقا افترق الضوء معهما [4] .
وعياض بن غنم الفهري نائب أبي عبيدة على الشام.
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ابن عمّ النبيّ صلى الله
عليه وسلم، اسمه المغيرة، وهو الذي كان أخذ يوم حنين بلجام بغلة النبيّ
صلى الله عليه وسلم، وثبت يومئذ معه، وهو أخو نوفل بن الحارث، وربيعة
بن الحارث.
__________
[1] واسمه مالك. انظر «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 38) ، و «الإصابة»
لابن حجر (12/ 83) ، و «أسد الغابة» لابن الأثير (6/ 323) .
قلت: وفي سنة وفاته خلاف بين المؤرخين.
[2] هو قطعة من حديث طويل رواه مسلم رقم (2038) في الأشربة: باب جواز
استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه.
[3] في الأصل، والمطبوع: «عباد بن بشير» وهو خطأ، والتصحيح من «صحيح
البخاري» و «مسند أحمد» و «كتب الرجال» .
[4] رواه البخاري رقم (3805) في مناقب الأنصار: باب منقبة أسيد بن
حضير، وعباد بن بشر، وأحمد في «المسند» (3/ 138 و 190 و 273) من حديث
أنس بن مالك رضي الله عنه.
وانظر «فتح الباري» لابن حجر (7/ 125) .
(1/172)
وسعيد بن عامر الجمحي [1] .
وهرقل ملك الروم، وقيل: إنه أسلم في الباطن [2] .
__________
[1] في المطبوع: «سعد بن عامر الجمحي» وهو خطأ.
[2] وذلك أنه لما وصلته رسالة النبيّ صلى الله عليه وسلم مع دحية بن
خليفة الكلبي رضي الله عنه، دعا أبا سفيان، وجماعة من قريش كانوا معه،
فحاوره حوارا طويلا، سأله فيه عن جوانب مختلفة من سيرة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وأقواله، وأفعاله، وأذن بعدها لعظماء الروم في دسكرة
له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم
في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبيّ؟ فحاصوا حيصة
حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس
من الإيمان قال: ردوهم عليّ. وقال: إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها
شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له، ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن
هرقل، وانظر نص رسالة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وخبر حوار هرقل مع
أبي سفيان في «إعلام السائلين» لابن طولون ص (64- 76) بتحقيقي، طبع
مؤسسة الرسالة.
(1/173)
|