شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة إحدى وستين
وستمائة
في ثامن المحرّم عقد مجلس عظيم للبيعة، وجلس الحاكم بأمر الله أبو
العبّاس أحمد بن الأمير أبي علي بن أبي بكر بن الخليفة المسترشد بالله
بن المستظهر العبّاسيّ [1] ، فأقبل عليه الملك الظّاهر بيبرس
البندقداري ومدّ يده إليه وبايعه بالخلافة، ثم بايعه الأعيان، وقلّد
حينئذ السلطنة للملك الظّاهر بيبرس، فلما كان من الغد، خطب بالنّاس
خطبة حسنة، أولها:
الحمد لله الذي أقام لآل العبّاس ركنا وظهيرا. ثم كتب بدعوته وإمامته
إلى الأقطار، وبقي في الخلافة أربعين سنة وأشهرا، وهو التاسع والثلاثون
من بني العباس.
وفيها خرج الظّاهر إلى الشّام، وتحيّل على صاحب الكرك الملك المغيث،
حتّى نزل إليه، فكان آخر العهد به، لأنه كان كاتب هولاكو [2] ، على أن
يأخذ له مصر، وطلب منه عشرين ألف فارس، وأخرج كتبه بمصر وقرأها على
العلماء، فأفتوا بعدم إبقاء من هذا فعله.
وفيها وصل كرمون المقدّم في طائفة كبيرة من التتار قد أسلموا، فأنعم
عليهم الملك الظاهر.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 263) و «تاريخ الخلفاء» ص (478- 479) .
[2] في «آ» و «ط» : «هلاكو» .
(7/528)
وفيها راسل بركة الملك الظّاهر، ثم كانت
وقعة هائلة بين بركة وبين ابن عمّه هولاكو [1] ، فانهزم هولاكو [1]
ولله الحمد، وقتل خلق من رجاله وغرق خلق.
وفيها توفي الحسن بن علي بن منتصر أبو علي الفاسي [2] ثم الإسكندراني
الكتبي [3] ، آخر أصحاب عبد المجيد [بن الحسين] بن دليل [4] .
توفي في ربيع الآخر.
وفيها أبو الرّبيع سليمان بن خليل العسقلاني [5] ، الفقيه الشافعي،
خطيب الحرم، سبط عمر بن عبد المجيد الميانشيّ [6] . روى عن زاهر بن
رستم وغيره، وتوفي في المحرّم.
وفيها الرّسعني- بفتح الراء، والعين المهملة، وسكون السين المهملة،
نسبة إلى رأس عين، مدينة بالجزيرة- العلّامة عز الدّين عبد الرزّاق بن
رزق الله بن أبي بكر [7] . المحدّث المفسّر الحنبليّ.
ولد سنة تسع وثمانين [وخمسمائة] ، وسمع بدمشق من الكندي،
__________
[1] في «آ» و «ط» : «هلاكو» .
[2] في «حسن المحاضرة» : «الفارسي» .
[3] انظر «العبر» (5/ 264) و «حسن المحاضرة» (1/ 380) .
[4] انظر «سير أعلام النبلاء» (21/ 125) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
[5] انظر «العبر» (5/ 264) و «العقد الثمين» (4/ 603) و «غربال
الزّمان» ص (542) .
[6] تصحفت في «آ» و «ط» و «العبر» بطبعتيه إلى «الميانسي» بالسين
المهملة والتصحيح من ترجمته في المجلد السادس صفحة (446) وانظر التعليق
عليه هناك، وتحرفت «عبد المجيد» في «غربال الزمان» إلى «عبد الحميد»
فتصحح من هنا ومن حاشيته.
[7] انظر «العبر» (5/ 264) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (276) و «ذيل
طبقات الحنابلة» (2/ 274- 276) و «النجوم الزاهرة» (7/ 211- 212) و
«طبقات المفسرين» (1/ 293- 295) .
(7/529)
وببغداد من ابن منينا، وصنّف تفسيرا جيدا.
وكان شيخ الجزيرة في زمانه، علما، وفضلا، وجلالة. قاله في «العبر» .
وقال ابن رجب: ولد برأس عين الخابور، وسمع بالبلدان المتعددة، وتفقه
على الشيخ موفق الدّين، وحفظ كتابه «المقنع» وتفنّن في العلوم العقلية
والنقلية، وعدّة الذّهبيّ من الحفّاظ، وولي مشيخة دار الحديث بالموصل،
وكانت له حرمة وافرة عند صاحب الموصل وغيره من ملوك الجزيرة، وصنّف
تفسيرا حسنا في أربع مجلدات ضخمة، سمّاه «رموز الكنّوز» وكتاب «مصرع
الحسين» ألزمه بتصنيفه صاحب الموصل، فكتب فيه ما صحّ من المقتل دون
غيره، وكان متمسكا بالسّنّة والآثار، وله نظم حسن، منه:
وكنت أظنّ في مصر بحارا ... إذا أنا جئتها أجد الورودا
فما ألفيتها إلّا سرابا ... فحينئذ تيمّمت الصّعيدا
وقال الذهبي: توفي بسنجار ليلة الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر من هذه
السنة.
وفيها عزّ الدّين أبو محمد وأبو القاسم وأبو الفرج، الحافظ عبد الرحمن
بن محمد بن عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن شرف المقدسي [1] المحدّث
الحنبلي.
ولد في ربيع الآخر سنة اثنتين وستمائة، وحضر على أبي حفص بن طبرزد.
وسمع من الكندي وطبقته، وارتحل إلى بغداد، فسمع من الفتح بن عبد السلام
وطائفة، ثم إلى مصر. وكتب الكثير، وعني بالحديث. وتفقه على الشيخ
الموفق. وكان فاضلا، صالحا، ثقة، انتفع به جماعة، وحدّث.
توفي في نصف ذي الحجّة، ودفن بسفح قاسيون.
__________
[1] انظر «ذيل مرآة الزّمان» (2/ 218- 219) و «العبر» (5/ 265) و
«الوافي بالوفيات» (18/ 240) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 276- 277) .
(7/530)
وفيها النّاشري، المقرئ البارع، تقيّ
الدّين عبد الرحمن بن مرهف المصري [1] . قرأ القراءات على أبي الجود،
وتصدّر للإقراء، وبعد صيته، وتوفي في شوال عن نيّف وثمانين سنة.
وفيها ابن بنين أثير الدّين عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري
الشّافعي القبّاني النّاسخ [2] .
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة، وسمع من عشير [بن علي] الجبليّ [3] ،
فكان آخر أصحابه. وسمع من طائفة غيره، وأجاز له عبد الله بن برّي، وعبد
الرّحمن [بن محمد] السّبييّ [4] ، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر، مع
صلاح وسكون.
توفي في ثالث ربيع الآخر.
وفيها علي بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ثم الدّمشقي الحنبلي [5] .
روى عن الخشوعي وغيره، وتوفي في رجب، وكان مباركا خيّرا. قاله في
«العبر» .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 265) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 659) و
«الإعلام بوفيات الأعلام» ص (276) و «غاية النهاية» (1/ 379- 380) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 212) .
[2] انظر «العبر» (5/ 265- 266) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (276) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 212) و «حسن المحاضرة» (1/ 380) .
[3] تحرفت نسبته في «آ» و «ط» إلى «الجبل» وفي «حسن المحاضرة» إلى
«الحنبلي» والتصحيح من «التكملة لوفيات النقلة» (1/ 104) و «سير أعلام
النبلاء» (21/ 172) وما بين الحاصرتين زيادة منهما، ومن «العبر» ولم
يقيّد محقّقه نسبته.
قال المنذري: والجبليّ: بفتح الجيم والباء الموحدة المفتوحة وأظنّه
منسوبا إلى جبلة، البلدة المشهورة بساحل الشام.
[4] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الشيي» والتصحيح من «العبر» و «سير أعلام
النبلاء» (21/ 130) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
[5] انظر «العبر» (5/ 266) .
(7/531)
وفيها الكمال الضّرير، شيخ القراء أبو
الحسن علي بن شجاع بن سالم ابن علي الهاشمي العبّاسي المصري الشافعي
[1] ، صاحب الشاطبي وزوج بنته.
ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على الشّاطبي، وشجاع
المدلجي، وأبي الجود [2] وسمع من البوصيري وطائفة، وتصدّر للإقراء
دهرا، وانتهت إليه رئاسة الإقراء. وكان إماما يجري في فنون من العلم
وفيه تودّد وتواضع ولين ومروءة تامّة.
توفي في سابع ذي الحجّة.
وفيها العلم أبو القاسم، والأصح أبو محمد، القاسم بن أحمد بن موفق بن
جعفر المرسي اللّورقي [3]- بفتحتين وسكون الراء، نسبة إلى لورقة، بلدة
بالأندلس- المقرئ النّحوي المتكلم، شيخ القراء بالشّام.
ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وقرأ القراءات على ثلاثة من أصحاب ابن
هذيل، ثم قرأها على أبي الجود. ثم على الكندي، وسمع ببغداد من ابن
الأخضر. وكان عارفا بالكلام، والأصلين، والعربية. أقرأ، واشتغل مدّة،
وصنّف التصانيف، ودرّس بالعزيزية نيابة، وولي مشيخة الإقراء والنّحو
بالعادلية، وتوفي في سابع رجب وقد شرح «الشاطبية» . قاله في «العبر» .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 266) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 657- 659) و
«غاية النهاية» (1/ 544- 545) و «حسن المحاضرة» (1/ 501- 502) .
[2] هو غياث بن فارس اللّخمي، مقرئ الدّيار المصرية. تقدمت ترجمته في
وفيات سنة (605) ص (33) من هذا المجلد فراجعها.
[3] انظر «العبر» (5/ 266- 267) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 660- 661)
و «نفح الطيب» (2/ 137) بتحقيق الدكتور إحسان عباس.
(7/532)
سنة اثنتين وستين
وستمائة
فيها انتهت عمارة المدرسة الظّاهرية بين القصرين بمصر، ورتّب في تدريس
الإيوان القبلي القاضي تقيّ الدّين محمد بن رزين، وفي الإيوان الشمالي
مجد الدّين بن العديم، وفي الإيوان الشّرقي فخر الدّين الدّمياطي في
تدريس الحديث، وفي الغرب كمال الدّين المحلّي.
وفي جمادى الآخرة وصل الخبر بأن امرأة عجوزا من الحسينية عندها امرأتان
تجيب لهم شبابا فيثور عليهم رجال عندها فيقتلونهم ويعطوهم لوقّاد
الحمّام يحرقهم، وإذا كثر القتلى يعطوهم لملاح يغرّقهم، وكان والي
الحسينية شريكهم، فحسب الذين قتلوا فكانوا خمسمائة نسمة، فأمر السلطان
أن يسمّروا جميعا في الحسينية.
وفيها اشتدّ الغلاء بالقاهرة، حتّى بيع الإردبّ [1] القمح بمائة وخمسين
دينارا، ففرّق الملك الظّاهر الصّعاليك على الأغنياء والأمراء، وألزمهم
بإطعامهم.
وفيها أحضر إلى بين يدي الظّاهر طفل ميّت له رأسان وأربعة أعين وأربعة
أيدي، وأربعة أرجل.
__________
[1] جاء في «المعجم الوسيط» (1/ 13) : الإردبّ: مكيال يسع أربعة وعشرين
صاعا.
(7/533)
وذكر محيي الدّين بن عبد الظّاهر أن بعض
أهل قوص وجد في حفرة فلوسا كثيرة وعلى كل فلس منها صورة ملك واقف في
يده اليمنى ميزان وفي يده اليّسرى سيف، وعلى الوجه الثاني رأس مصور
بآذان وعيون كثيرة مفتوحة، وبدائر الفلوس سطور. واتفق حضور جماعة من
الرّهبان فيهم راهب عالم بلسان اليونان، فقرأ ما على الفلس، فكان
تاريخه إلى ذلك الوقت ألفي سنة وثلاثمائة سنة، وكتابته أنا غلياث
الملك، ميزان العدل، والكرم في يميني لمن أطاع، والسيف في شمالي لمن
عصى، وفي الوجه الآخر أنا غلياث الملك أذني مفتوحة لسماع كلمة المظلوم،
وعيني مفتوحة أنظر بها مصالح ملكي.
وفيها توفي قاضي حلب كمال الدّين أحمد بن قاضي القضاة زين الدّين عبد
الله بن عبد الرحمن بن الأستاذ الأسدي الشّافعي، المعروف بابن الأستاذ
[1] ، وهو لقب جدّ والده عبد الله بن علوان.
ولد سنة إحدى عشرة وستمائة، وسمع من جماعة، واشتغل في المذهب، وبرع في
العلوم والحديث، وأفتى ودرّس. وولي القضاء بحلب في الدولتين النّاصرية
والظّاهرية.
قال الذهبي: وكان صدرا معظّما، وافر الحرمة، مجموع الفضائل، صاحب رئاسة
ومكارم وأفضال وسؤدد. وولي القضاء [2] مدّة فحمدت سيرته، وروى عنه أبو
محمد الدّمياطي. وكان يدعو له لما أولاه من الإحسان. انتهى.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 267) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 17- 18) و
«طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 144- 146) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي
شهبة (2/ 162- 163) و «السلوك لمعرفة دول المملوك» (1/ 2/ 523) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 214) .
[2] في «آ» و «ط» : «القضاء» وما أثبته هو الصواب.
(7/534)
ومن تصانيفه «شرح الوسيط» في نحو عشر
مجلدات، لكن عزّ وجود شيء منه، والظّاهر أنه عدم في فتنة التتار بحلب،
فإنه أصيب بماله وأهله فيها، ثم أعيد إلى دولته في الدولة الظّاهرية.
وقال السبكي: وله «حواش [1] على فتاوى ابن الصّلاح» تدلّ على فضل كثير
[2] واستحضار للمذهب جيّد. توفي في نصف شوال.
وفيها أبو الطّاهر الكتّاني إسماعيل بن صارم [3] الخيّاط العسقلاني ثم
المصري [4] . روى عن البوصيري، وابن ياسين، وتوفي في جمادى الأولى.
وفيها الزّين الحافظي، سليمان بن المؤيد بن عامر العقرباني [5]
الطّبيب، طبّ [6] الملك الحافظ صاحب جعبر فنسب إليه، ثم خدم الملك
النّاصر يوسف فعظم عنده، وبعثه رسولا إلى التتار فباطنهم ونصح لهم،
فأمّره هولاكو [7] ، وصار تتريا خائنا للمسلمين، فسلّط الله عليه
مخدومه، فقتل بين يديه لكونه كاتب الملك الظّاهر، وقتل معه أقاربه
وخاصته، وكانوا خمسين.
وفيها شيخ الشّيوخ شرف الدّين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن
الأنصاري الدمشقي ثم الحموي [8] الشّافعي الأديب.
كان أبوه قاضي حماة، ويعرف بابن الرفّاء.
__________
[1] في «آ» و «ط» : «حواشي» والتصحيح من «طبقات الشافعية الكبرى» .
[2] في «طبقات الشافعية الكبرى» : «على فضل كبير» .
[3] في «آ» و «ط» : «إسماعيل بن سالم» وهو خطأ والتصحيح من مصادر
الترجمة.
[4] انظر «تذكرة الحفاظ» (4/ 1443) و «الوافي بالوفيات» (9/ 121) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 217) .
[5] انظر «العبر» (5/ 267- 268) .
[6] انظر «لسان العرب» (طبب) .
[7] في «آ» و «ط» : «هلاكو» .
[8] انظر «العبر» (5/ 268) و «الوافي بالوفيات» (18/ 546- 556) و
«الإعلام بوفيات الأعلام»
(7/535)
ولد هو بدمشق سنة ست وثمانين وخمسمائة،
وكان مفرط الذّكاء.
ورحل به أبوه، فسمع من ابن كليب «جزء ابن عرفة» ومن أبي المجد «المسند»
كلّه. وله محفوظات كثيرة، وفضائل شهيرة، وحرمة وجلالة ولين جانب، يكرم
من يعرف ومن لا يعرف. مات بحماة، ودفن بظاهرها في ثامن رمضان بتربة كان
أعدّها له.
ومن شعره قوله:
سبى فؤادي فتّان الجمال إذا ... طلبت شبها له في النّاس لم أصب
قرأت خطّ عذاريه فأطمعني ... بواو عطف ووصل منه عن كثب
وأعربت لي نون الصّدغ معجمة ... بالحال عن نجح مقصودي وعن طلبي [1]
حتّى رنا فسبت قلبي لواحظه ... والسّيف أصدق إنباء من الكتب [2]
لم أنس ليلة طافت بي عواطفه ... فزارني طيفه صدقا بلا كذب
حيّا بما شئت من ورد بوجنته ... نهبته بابتسامي وهو منتهبي
نشوان أسأل عن قلبي فينكره ... تيها ويسأل عنّي وهو أعرف بي
وكلّما قال ممن أنت قلت له ... ممّن إذا عشقوا جاءوك بالعجب
لا تسألوا حبّكم عن حبّه فله ... من الإضافة ما يغني عن السّبب
وراقبوا منه حالا غير حائلة ... عمّا عهدتم وقلبا غير منقلب
وفيها العماد بن الحرستاني أبو الفضائل عبد الكريم بن القاضي جمال
الدّين عبد الصّمد بن محمد الأنصاري الدمشقي الشّافعي [3] .
__________
ص (277) و «فوات الوفيات» (2/ 354- 363) و «النجوم الزاهرة» (7/ 214-
215) .
[1] في «آ» و «ط» : «ومطلبي» وما أثبته من «الوافي بالوفيات» .
[2] صدر بيت لأبي تمّام وهو في «ديوانه» وعجزه:
في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب
[3] انظر «العبر» (5/ 268- 269) و «السلوك» (1/ 2/ 523- 524) و «النجوم
الزاهرة» (7/ 217) .
(7/536)
ولد في رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وسمع
من الخشوعي، والقاسم، وتفقه على أبيه، وأفتى وناظر، وولي قضاء الشّام
بعد أبيه قليلا، ثم عزل. ودرّس بالغزالية مدّة، وخطب بدمشق. وكان من
جلّة العلماء. له سمت ووقار وتواضع. وولي الدّار الأشرفية بعد ابن
الصّلاح، ووليها بعده أبو شامة، وتوفي في جمادى الأولى.
وفيها الضّياء بن البالسي [1] أبو الحسن علي بن محمد بن علي [2] ،
المحدّث الخطيب، العدل الشّروطي.
ولد سنة خمس وستمائة. وسمع من ابن البنّ، وأجاز له الكندي، وعني بهذا
الشأن، وكتب الكثير. وتوفي في صفر.
وفيها الملك المغيث فتح الدّين عمر بن العادل أبي بكر بن الملك الكامل
بن العادل [3] . حبس [4] بعد موت عمّه الصالح بالكرك، فلما قتلوا ابن
عمّه المعظّم، أخرجه معتمد الكرك الطّواشي وسلطنه بالكرك. وكان كريما،
مبذّرا للأموال. فقلّ ما عنده، حتّى سلّم الكرك إلى صاحب مصر، ونزل
إليه فخنقه. وكذا [5] خنق عمّه أباه، وعاش [6] كل منهما نحوا من ثلاثين
سنة.
وقال ابن شهبة في سبب موته: أن الظّاهر بيبرس أمر أيدمر الحلّي [7]
نائب القاهرة أن يقتله سرّا ولا يظهر ذلك، ويدفع لقاتله ألف دينار،
فطلب أيدمر رجلا شرّيرا عنده شهامة وأطلعه على ذلك، فدخل إليه فخنقه،
وأخذ
__________
[1] في «ط» : «البانسي» وهو خطأ.
[2] انظر «العبر» (5/ 269) .
[3] انظر «العبر» (5/ 269) و «النجوم الزاهرة» (7/ 215- 216) .
[4] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «جلس» والتصحيح من «العبر» .
[5] في «ط» : «وكذلك» .
[6] تحرفت في «ط» إلى و «دباش» من غير تنقيط الباء ظنا منه بأنها نون.
[7] انظر «الوافي بالوفيات» (10/ 5) .
(7/537)
الألف دينار [1] ، وجعل يشرب الخمر في بيته
على بركة الفيل، فأخرج من الذّهب، فقال له ندماؤه: من أين لك هذا
الذهب؟ فأخبرهم في حال سكره أنه قتل الملك المغيث وأعطي ألف دينار،
فشاع ذلك بين النّاس، فبلغ الملك الظّاهر فعظم عليه ذلك، وأنكر على
أيدمر، وطلب الرجل، فاستعاد منه ذلك الذّهب وقتله.
وفيها البابشرقي [2] أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن علي الأنصاري [3]
التّاجر بجيرون [4] . روى عن الخشوعي، وطائفة. وتوفي في ربيع الأول.
وفيها ابن سراقة، الإمام محيي الدّين أبو بكر محمد بن محمد بن إبراهيم
الأنصاري الشّاطبي [5] ، شيخ دار الحديث الكاملية بالقاهرة.
ولد سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، وسمع من أبي القاسم أحمد بن بقيّ،
وبالعراق من أبي علي بن الجواليقي وطبقته، وله مؤلفات في التصوف. وكان
أحد الأئمة المشهورين بغزارة العلم.
ومن شعره:
وصاحب كالزّلال يمحو ... صفاؤه الشّكّ باليقين
لم يحص إلّا الجميل حتّى [6] ... كأنّه كاتب اليمين
__________
[1] لفظة «دينار» سقطت من «آ» .
[2] نسبة إلى الباب الشرقي لدمشق القديمة.
[3] انظر «العبر» (5/ 269- 270) و «النجوم الزاهرة» (7/ 217) .
[4] قال الأستاذ الدكتور صلاح الدّين المنجد في تعليقه على «العبر» :
تطلق جيرون على المحلّة التي أمام باب الجامع الأموي الشرقي المسمى باب
جيرون. وأحال على كتابه خطط دمشق. وانظر «غوطة دمشق» للعلّامة الأستاذ
محمد كرد علي ص (62) و «معجم البلدان» (2/ 199) .
[5] انظر «العبر» (5/ 270) و «الوافي بالوفيات» (1/ 208- 209) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 216) و «حسن المحاضرة» (1/ 381) .
[6] في «الوافي بالوفيات» و «النجوم الزاهرة» : «مني» .
(7/538)
وهذا عكس قول المنازي [1] :
وصاحب خلته خليلا ... وما جرى غدره ببالي
لم يحص إلّا القبيح حتّى [2] ... كأنّه كاتب الشّمال
وفيها الملك الأشرف، مظفّر الدّين موسى بن المنصور إبراهيم بن المجاهد
أسد الدّين شيركوه [3] ، صاحب حمص.
ولد سنة سبع وعشرين وستمائة، وتملّك حمص سنة أربع وأربعين، فأخذت منه
سنة ستّ. ثم تملّك [4] الرّحبة. ثم سار إلى هولاكو [5] فأكرمه وأعاد
إليه حمص [6] ، وولاه نيابة الشام مع كتبغا. فلما قلع الله التتار،
راسل [7] الملك المظفّر فأمّنه وأقرّه على حمص. فغسل هناته بيوم حمص
وكسر التتار.
ونبل قدره. وكان ذا [8] حزم ودهاء وشجاعة وعقل مقداما، شجاعا. كسر
التتار وكانوا في ستة آلاف، وكان هو في ألف وخمسمائة، وقتل أكثر
التتار، ولم ينج منهم إلّا القليل، ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد.
وكان عفيفا، يحبّ العلم وأهله. توفي بحمص في صفر، فيقال سقي [9] ،
وتسلّم الظّاهر بلده وحواصله.
__________
[1] هو أحمد بن يوسف السّليكي المنازي. تقدمت ترجمته في وفيات سنة
(437) من المجلد الخامس صفحة (173) .
[2] في «الوافي بالوفيات» و «النجوم الزاهرة» : «مني» .
[3] انظر «وفيات الأعيان» (2/ 481) و «العبر» (5/ 270- 271) و «البداية
والنهاية» (13/ 243) .
و «النجوم الزاهرة» (7/ 217) .
[4] في «آ» و «ط» : «ثم ملك» وأثبت لفظ «العبر» مصدر المؤلف.
[5] في «آ» و «ط» : «هلاكو» .
[6] في «ط» : «وأقرّه على حمص» .
[7] في «ط» : «وأرسل» .
[8] تحرفت في «العبر» طبع الكويت إلى «إذ» وصححت في «العبر» طبع بيروت
ووهم محققه في التعليق عليها فقال: «في «ب» (ذا) » وكان الصواب أن يكتب
«إذ» كما جاء في المطبوع منه في الكويت!.
[9] يعني: السّمّ.
(7/539)
وفيها الجوكندارا العزيز بن حسام الدّين
لاجين، من أكبر أمراء دمشق. كان محبّا للفقراء، مؤثرا لراحتهم، يجمعهم
على السماعات والسّماطات التي يضرب بها المثل. ويخدمهم بنفسه. توفي في
المحرم كهلا. قاله في «العبر» [1] .
وفيها الرّشيد العطّار الحافظ أبو الحسين، يحيى بن علي بن عبد الله ابن
علي بن مفرّج القرشي الأموي النّابلسي ثم المصري المالكي [2] .
ولد سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وسمع من البوصيري، وإسماعيل ابن ياسين،
والكبار. فأكثر وأطاب، وجمع «المعجم» وحصّل الأصول، وتقدم في الحديث،
وولي مشيخة الكاملية سنة ستين، وتوفي في ثاني جمادى الأولى.
وفيها العبّاريّ [3] أبو القاسم [محمد] بن منصور الإسكندرانيّ [4]
الزّاهد. كان صالحا، قانتا، مخلصا، منقطع القرين في الورع. كان له
بستان يعمله ويتبلّغ منه، وله ترجمة مفردة جمعها ناصر الدّين بن
المنيّر [5] .
توفي في سادس شعبان [6] .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 271) .
[2] انظر «العبر» (5/ 271) و «النجوم الزاهرة» (7/ 217) و «حسن
المحاضرة» (1/ 356) .
[3] في «ط» : «القيادي» وهو خطأ.
[4] انظر «ذيل الروضتين» ص (231) و «العبر» (5/ 271) و «الإعلام بوفيات
الأعلام» ص (277) و «البداية والنهاية» (13/ 243) و «طبقات الأولياء» ص
(319- 320) وقد تحرفت فيه «محمد بن منصور» إلى «محمد عيسى» فتصحح.
ولفظة «محمد» التي بين.
الحاصرتين مستدركة من المصادر المتقدم ذكرها.
[5] سترد ترجمته في أول وفيات سنة (683) من هذا المجلد صفحة (666)
فراجعها.
[6] قلت: ومن المصادفات أنني أنهيت تحقيق ترجمة المترجم في ظهيرة يوم
التاسع من شعبان لعام (1410) هـ، أي بعد (748) سنة وثلاثة أيام من
وفاته، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، وجمعني وإيّاه يوم القيامة تحت
لواء سيد المرسلين بفضله وكرمه.
(7/540)
سنة ثلاث وستين
وستمائة
فيها كانت ملحمة عظمى بالأندلس، التقى الفنش- لعنه الله- وأبو عبد الله
بن الأحمر غير مرّة، ثم انهزمت الملاعين، وأسر الفنش ثم أفلت وحشد
وجيّش ونازل غرناطة، فخرج ابن الأحمر فكسرهم وأسر منهم عشرة آلاف. وقتل
المسلمون فوق الأربعين ألفا، وجمعوا كوما هائلا من رؤوس الفرنج، وأذّن
عليه المسلمون واستعادوا عدّة مدائن من الفرنج، ولله الحمد.
وفيها نازلت التتار البيرة، فساق سمّ الموت [1] ، والمحمّدي [2] وطائفة
وكشفوهم عنها.
وفيها قدم السّلطان بيبرس فحاصر قيساريّة [3] وافتتحها عنوة وعصت
القلعة أياما، ثم أخذت، ثم نازل أرسوف [4] وأخذها بالسيف في رجب، ثم
__________
[1] هو عز الدّين إيغان، المعروف بسمّ الموت. انظر «السلوك» (1/ 2/
523) .
[2] في «آ» و «ط» : «والحمدي» والتصحيح من «العبر» و «دول الإسلام» (2/
168) و «السلوك» (1/ 2/ 524) وجاء في حاشية «دول الإسلام» بأن اسمه
«أقروش بن عبد الله المحمدي» .
[3] قيساريّة: بلدة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في فلسطين- ردّها
الله تعالى إلى أيدي المسلمين- إلى الجنوب من حيفا. انظر «معجم
البلدان» (4/ 421- 422) و «أطلس التاريخ العربي» ص (25) .
[4] بلدة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في فلسطين، إلى الشمال من
يافا. انظر «معجم البلدان» (1/ 151) و «أطلس التاريخ العربي» ص (57) .
(7/541)
رجع فسلطن ابنه الملك السعيد في شوال
وأركبه بأبّهة الملك وله خمس سنين، ثم عمل طهوره بعد أيام.
وفيها جرّد [1] بديار مصر أربعة حكّام من المذاهب لأجل توقّف تاج
الدّين بن بنت الأعزّ عن تنفيذ كثير من القضايا، فتعطّلت الأمور، فأشار
بهذا جمال الدّين [2] أيدغدي العزيزي، فأعجب السلطان وفعله في آخر
السنة، ثم فعل ذلك بدمشق.
وفيها ابتدئ بعمارة مسجد الرسول، صلى الله عليه وسلم، ففرغ في أربع
سنين.
وفيها حجب الخليفة الحاكم بقلعة الجبل.
وفيها توفي المعين القرشيّ المحدّث المتقن أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن
عبد العزيز بن الحسن بن القاضي الزّكي علي بن محمد بن يحيى [3] . كتب
عن ابن صباح، وابن اللّتي، وكريمة فأكثر. وكتب الكثير.
توفي فجأة في ربيع الأول.
وفيها الزّين خالد بن يوسف بن سعد، الحافظ اللّغويّ، أبو البقاء
النّابلسي ثم الدمشقي [4] .
ولد سنة خمس وثمانين وخمسمائة، وسمع من القاسم [بن عساكر] ، ومحمد بن
الخصيب [5] وابن طبرزد. وببغداد من ابن الأخضر وطبقته. وحصّل
__________
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «جدّد» والتصحيح من «العبر» .
[2] في «آ» و «ط» : «كمال الدّين» والتصحيح من «العبر» (5/ 273) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 221) .
[3] انظر «العبر» (5/ 273) و «النجوم الزاهرة» (7/ 219) .
[4] انظر «العبر» (5/ 273) و «فوات الوفيات» (1/ 403- 404) و «الدارس
في تاريخ المدارس» (1/ 106- 108) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
[5] تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الحصيب» والتصحيح من مصادر الترجمة.
(7/542)
الأصول، وتقدم في الحديث. وكان فهما يقظا،
حلو النوادر.
توفي في سلخ جمادى الأولى.
وفيها النّظام بن البانياسي عبد الله بن يحيى بن الفضل بن الحسين [1] .
سمع من الخشوعي وجماعة، وكان ديّنا، فاضلا. توفي في صفر.
وفيها النّجيب أبو العشائر فراس بن علي بن زيد الكناني العسقلاني ثم
الدّمشقي [2] ، التّاجر العدل [3] . روى عن الخشوعي والقاسم [بن عساكر]
، وجماعة.
وفيها ابن مسدي [4] الحافظ أبو بكر محمد بن يوسف الأزدي الغرناطيّ
الأندلسي المهلّبي [5] . روى عن محمد بن عماد [6] وجماعة كثيرة.
وجمع وصنّف.
قال ابن ناصر الدّين [7] : كان حافظا، علّامة، ذا رحلة واسعة ودراية.
شاع عنه التشيع، جاور بمكة وقتل فيها غيلة. انتهى.
وقال الذهبي: توفي بمكّة في شوال، وقد خرّج لنفسه «معجما» .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 274) و «ذيل مرآة الزمان» (2/ 327) .
[2] انظر «العبر» (5/ 274) و «النجوم الزاهرة» (7/ 274) .
[3] في «ط» : «المعدّل» .
[4] قال الذّهبيّ في «تذكرة الحفاظ» : ومسدي: بالفتح، وياء ساكنة،
ومنهم من يضمه وينوّن.
[5] انظر «العبر» (5/ 274) و «تذكرة الحفّاظ» (4/ 1448- 1450) و «العقد
الثمين» (2/ 403- 410) .
[6] هو محمد بن عماد بن محمد بن حسين الحرّاني. تقدمت ترجمته في وفيات
سنة (632) من هذا المجلد ص (271) وقد تحرفت «ابن عماد» في «تذكرة
الحفاظ» إلى «ابن عباد» وفي «العقد الثمين» إلى «ابن عمّار» فتصحح
فيهما.
[7] في «التبيان شرح بديعة البيان» (180/ ب) .
(7/543)
وفيها جمال الدّين بن يغمور الباروقي موسى
[1] .
ولد بالصّعيد سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وكان من جلّة الأمراء. ولي
نيابة مصر ونيابة الشام، وتوفي في شعبان.
وفيها بدر الدّين السّنجاري الشّافعي، قاضي القضاة، أبو المحاسن يوسف
بن الحسن الزّراري [2]- بالضم ومهملتين، نسبة إلى زرارة جدّ-.
كان صدرا معظّما وجوادا ممدّحا. ولي قضاء بعلبك وغيرها قبل الثلاثين،
ثم عاد إلى سنجار فنفق على الصّالح نجم الدّين فلما ملك الدّيار
المصرية وفد عليه، فولّاه مصر والوجه القبليّ. ثم ولي قضاء القضاة بعد
شرف الدّين [3] بن عين الدولة [وباشر الوزارة. وكان له من الخيل
والمماليك ما ليس لوزير مثله. ولم يزل في ارتقاء إلى أوائل الدولة] [4]
الظّاهرية، فعزل ولزم بيته.
توفي في رجب، وقيل: كان يرتشي ويظلم. قاله في «العبر» .
وفيها أبو القاسم بن يوسف بن أبي القاسم بن عبد السلام الأموي الحوّاري
العوفي [5] الزاهد المشهور الحنبلي، صاحب الزّاوية بحوّارى [6] .
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 274) و «النجوم الزاهرة» (7/ 218- 219) .
[2] انظر «ذيل الروضتين» ص (234) و «العبر» (5/ 274- 275) و «ذيل مرآة
الزمان» (2/ 332) و «البداية والنهاية» (13/ 246) و «النجوم الزاهرة»
(7/ 219) .
[3] كذا في «آ» و «العبر» مصدر المؤلف: «شرف الدّين» وفي «ط» :
«الأشرف» .
[4] ما بين الحاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» و «العبر» .
[5] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 336) و «العبر» (5/ 275) و «مشتبه
النسبة» (1/ 257) و «البداية والنهاية» (13/ 246) و «عقد الجمان» (1/
412) و «النجوم الزّاهرة» (7/ 219) .
[6] كذا في «ط» و «البداية والنهاية» و «عقد الجمان» : «بحوارى» وفي
«آ» : «بحوارا» وفي «ذيل مرآة الزمان» : «بحواراي» وفي ترجمة (شهاب
الدّين الحواري) في «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 320) : «بحوار» ولم
أقف على ذكر لها فيما بين يدي من كتب البلدان والمعجمات.
(7/544)
كان خيّرا، صالحا، له أتباع وأصحاب ومريدون
في كثير من قرى حوران في الجبل، والبثنيّة، ولا يحضرون سماعا بالدّف.
توفي ببلده حوارى في آخر السنة، وصلّي عليه يوم عيد النّحر ببيت المقدس
صلاة الغائب، وصلّي عليه بدمشق تاسع عشر ذي الحجّة.
وقام مقامه بعده ولده عبد الله. وكان عنده تفقه وزهادة، وله أصحاب.
وكان مقصودا يزار ببلده، وعمّر حتّى بلغ التسعين. خرج ليودع بعض أهله
إلى ناحية الكرك من جهة الحجاز، فأدركه أجله هناك في أول ذي القعدة،
سنة ثلاثين وسبعمائة، رحمهما الله تعالى
.
(7/545)
سنة أربع وستين
وستمائة
فيها غزا الملك الظّاهر وبثّ جيوشه بالسواحل، فأغاروا على بلاد عكّا،
وصور، وطرابلس، وحصن الأكراد. ثم نزل على صفد في ثامن رمضان وأخذت في
أربعين يوما بخديعة ثم ضربت رقاب مائتين من فرسانهم، وقد استشهد عليها
خلق كثير.
وفيها استباح المسلمون قارة [1] وسبي منها ألف نفس، وجعلت كنيستها
جامعا.
وفيها توفي الشيخ أحمد بن سالم المصريّ النحويّ [2] . نزيل دمشق. فقير
متزهّد محقّق للعربية. اشتغل بالنّاصرية وبمقصورة الحنفية مدة، وتوفي
في شوال.
وفيها أبو العبّاس أحمد بن صالح السّينكي [3]- بالسين المهملة
__________
[1] قارة: بلدة كبيرة إلى الشمال من دمشق تبعد عنها قرابة مائة كيلو
مترا وهي إلى حمص أقرب منها إلى دمشق، وتعتبر من أهم بلدان إقليم
القلمون. وكانت آخر حدود حمص في سالف الأيام، ومناخها جيد للاصطياف
وتكاد الثلوج لا تفارق تلالها في فصل الشتاء. انظر خبرها في «معجم
البلدان» (4/ 295) .
[2] انظر «العبر» (5/ 276) و «النجوم الزاهرة» (7/ 221) و «الدارس في
تاريخ المدارس» (1/ 605) .
[3] تنبيه: كذا قيّد نسبته المؤلّف ب «السّينكي» وتبعه ابن شقدة في
«المنتخب» (182/ آ) وهو
(7/546)
وتحتية ونون، نسبة إلى سينكة بلد بمصر- كان
كاتب عمائر جامع دمشق، وكان فاضلا، أديبا، كثير التواضع.
ومن شعره:
للّوز زهر حسنه ... يصبي إلى زمن التّصابي
شكت الغصون من الشّتا ... فأعارها بيض الثّياب
فكأنّه عشق الرّبي ... ع فشاب من قبل الشباب
وله في السّيف عامل القماير [1] :
ربع المصالح داثر ... لم يبق منه طائل
هيهات تعمر بقعة ... والسّيف فيها عامل
رتّب ناظرا بدار الضرب، فجاء إليه شخص وسأله أن يترك عنده صندوقا وديعة
إلى أن يقدم من الحجاز، فأحضر إليه الصندوق ولا يعرف ما فيه، وبعد أيام
كتب إلى الأمير طيبرس الوزيري [2] نائب البلدان: الشّهاب السّينكي [3]
ناظر دار الضّرب عنده صندوق فيه سكك لعمل الزّغل [4] ، فكبس بيته،
فوجدوا الصندوق، فلم يقبل قوله في الاعتذار، فاشتهر في دمشق على صورة
قبيحة، وأنفي منها، فأرسل من الطريق إلى رفيق له:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة ... ولو أنّني أعرى بها وأجوع
وما أنا إلّا المسك في غير أرضكم ... يضوع وأمّا عندكم فيضيع
__________
خطأ، والصحيح «السّنبليّ» كما في «الوافي بالوفيات» (6/ 424) و «فوات
الوفيات» (1/ 70) وعندهما مات سنة (693) .
[1] في «الوافي بالوفيات» و «فوات الوفيات» : «عامل الجامع» .
[2] ذكره ابن شدّاد في «سيرة الملك الظّاهر» ص (72 و 240 و 360) .
[3] كذا في «آ» و «ط» و «المنتخب» لابن شقدة (182/ ب) : «السّينكي»
وانظر التعليق على الصفحة السابقة.
[4] يعني لضرب النقود المزوّرة.
(7/547)
وفيها ابن شعيب، الإمام جمال الدّين أحمد
بن عبد الله بن شعيب التميمي الصّقلّي ثم الدمشقي المقرئ الأديب
الذّهبيّ [1] .
ولد سنة تسعين وخمسمائة، ولزم السّخاويّ مدّة، وأتقن القراءات، وسمع من
القاسم بن عساكر وطائفة، وقرأ الكثير على السّخاوي وطبقته.
وتوفي في جمادى الأولى. قاله في «العبر» .
وفيها ابن البرهان العدل الصّدر رضيّ الدّين إبراهيم بن عمر بن مضر بن
فارس المصريّ الواسطيّ [2] ، التّاجر السفّار.
ولد سنة ثلاث وتسعين، وسمع «صحيح مسلم» من منصور الفراوي وسمع منه خلق
بدمشق، ومصر، والثّغر، واليمن. وتوفي في حادي عشر رجب.
وفيها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن هارون المرادي السّبتي
الحافظ ابن الكمّاد [3] . كان حافظ زمانه لم يكن له في عصره مثيل.
وكانت معيشته من تفقدات أهل الخير وهداياهم إلى أن مات. قاله ابن ناصر
الدّين [4] .
وفيها ابن الدّرجيّ الفقيه صفيّ الدّين إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن
علوي القرشي الدمشقي الحنفي [5] .
__________
[1] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 350) و «العبر» (5/ 276) و «الإعلام
بوفيات الأعلام» ص (277) و «النجوم الزاهرة» (7/ 221) .
أقول: وقيّد ابن الأثير نسبته في «اللباب» (2/ 245) بفتح الصاد والقاف
(ع) .
[2] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 348- 349) «العبر» (5/ 276) و «الإعلام
بوفيات الأعلام» ص (277) و «النجوم الزاهرة» (7/ 221) .
[3] انظر «تذكرة الحفّاظ» (4/ 1459- 1460) و «الوافي بالوفيات» (6/
120) .
[4] في «التبيان شرح بديعة البيان» (181/ آ) .
[5] انظر «العبر» (5/ 277) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (277) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 221) .
(7/548)
ولد سنة اثنتين وسبعين [وخمسمائة] . وسمع
من عبد الرحمن بن علي الخرقي، ومنصور الطبري، وطائفة.
وتوفي في السادس والعشرين من ربيع الأول.
وفيها أيدغدي [1] ، الأمير الكبير كمال الدّين [2] . كان كبير القدر،
شجاعا، مقداما، عاقلا، محتشما. كثير الصّدقات، حسن الدّيانة، من جلّة
الأمراء ومتميزيهم. حبسه المعزّ مدّة، ثم أخرجوه يوم عين جالوت [3] .
وكان الملك الظّاهر يحترمه ويتأدّب معه. جهّزه في هذه السنة، فأغار على
بلاد سيس، ثم خرج على صفد فتمرّض. وتوفي في ليلة عرفة بدمشق.
وفيها ابن صصرى [4] الصّدر العدل بهاء الدّين الحسن بن سالم بن الحافظ
أبي المواهب التّغلبيّ الدمشقيّ [5] ، أحد أكابر البلد. روى عن ابن
طبرزد وطائفة، وتوفي في صفر عن تسع وستين سنة [6] .
وولي هو وأخوه شرف الدّين المناصب الكبار ونظر الدواوين، وسمع أخوه
المذكور عبد الرحمن بن سالم [7] من حنبل، وابن طبرزد أيضا، ومات [8] في
شعبان من هذه السنة، عن تسع وستين سنة [9] .
__________
[1] تحرفت في «آ» إلى «ايدغور» .
[2] انظر «العبر» (5/ 277) و «النجوم الزاهرة» (7/ 221) .
[3] في «العبر» «نوبة عين جالوت» .
[4] قلت: بيّن العلّامة الزركلي ما جاء من الخلاف في ضبط هذه اللفظة
فيما علقه على ترجمته في كتابه «الأعلام» (2/ 225) فيحسن بالقارئ
الرجوع إليه.
[5] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 354) و «العبر» (5/ 277- 278) و
«الوافي بالوفيات» (12/ 25) .
[6] في «آ» و «عن ستين سنة» وفي «ط» و «العبر» طبع بيروت: «عن ست وستين
سنة» وفي «العبر» طبع الكويت: «عن تسع وستين سنة» وهو ما أثبته وهو
الصواب. قال اليونيني: ولد سنة أربع وتسعين وخمسمائة تخمينا، وذكره في
وفيات سنة (664) فعلى ذلك يكون قد قارب السبعين عاما أو مات وهو ابن
تسع وستين، والله أعلم.
[7] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 355) .
[8] يعني عبد الرحمن.
[9] قلت: وهو وهم منه فإن اليونينيّ ذكر في ترجمته من «مرآة الزمان»
أنه ولد سنة إحدى وتسعين
(7/549)
وفيها الموقاني- بضم الميم وقاف ونون، نسبة
إلى موقان، مدينة بدربند- المحدّث جمال الدّين محمد بن عبد الجليل
المقدسي [1] نزيل دمشق. سمع من أبي القاسم الحرستاني، وخلق. وعني
بالحديث والأدب، وله مجاميع مفيدة. وتوفي في ذي القعدة، وله أربع
وسبعون سنة.
وفيها ابن فار اللّبن معين الدّين أبو الفضل عبد الله بن محمد بن عبد
الوارث الأنصاري المصري [2] . آخر من قرأ «الشّاطبيّة» على مؤلّفها،
وقرأها عليه جماعة، منهم: البدر التّاذفيّ [3] .
وفيها هولاكو بن قولي [قان] [4] بن جنكزخان المغلي، مقدّم التتار
وقائدهم إلى النّار، الذي أباد البلاد والعباد، بعثه ابن عمّه القان
الكبير على جيش المغل، فطوى الممالك وأخذ الحصون الإسماعيلية،
وأذربيجان، والرّوم، والعراق، والجزيرة، والشّام. وكان ذا سطوة،
ومهابة، وعقل، وغور، وحزم، ودهاء، وخبرة بالحروب، وشجاعة ظاهرة، وكرم
مفرط، ومحبة لعلوم الأوائل من غير أن يفهمها. مات على كفره في هذه
السنة بعلّة الصّرع، فإنه اعتراه منذ قتل الشهيد صاحب ميّافارقين الملك
الكامل محمد [بن] غازي، حتى كان يصرع في اليوم مرّتين. مات بمراغة
ونقلوه إلى قلعة تلا، وبنوا عليه قبة، وخلّف سبعة عشر ولدا تملّك بعده
ابنه أبغا.
__________
وخمسمائة تخمينا، ومات في سنة أربع وستين وخمسمائة، فعلى هذا يكون قد
عاش (73) عاما، والله أعلم.
[1] انظر «ذيل مرآة الزّمان» (2/ 355- 356) و «العبر» (5/ 278) .
[2] انظر «العبر» (5/ 278) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 661) .
[3] هو محمد بن أيوب بن عبد القادر التّاذفي الحلبي، المتوفى سنة (705
هـ) . انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 394) .
[4] ما بين الحاصرتين مستدرك من حاشية «العبر» (5/ 278) وحاشية «ط» .
وفي بعض المصادر:
«ابن تولي خان» .
(7/550)
سنة خمس وستين
وستمائة
فيها كما قال ابن خلّكان [1] : بلغنا من جماعة يوثق بهم وصلوا إلى دمشق
من أهل بصرى أن عندهم قرية يقال لها: دير أبي سلامة. كان بها رجل من
العربان فيه استهزاء [2] زائد وجهل. فجرى يوما ذكر السّواك وما فيه من
الفضيلة، فقال: والله ما أستاك إلّا من المخرج، فأخذ سواكا وتركه في
دبره، فآلمه تلك الليلة، ثم مضى عليه تسعة أشهر وهو يشكو من ألم البطن
والمخرج، ثم أصابه مثل طلق الحامل ووضع حيوانا على هيئة الجرذون [3] ،
ورأسه مثل رأس السمكة، وله أربع أنياب بارزة وذنب طويل مثل شبر وأربع
أصابع، وله دبر مثل دبر الأرنب، ولما وضعه صاح ذلك الحيوان ثلاث صيحات،
فقامت ابنة ذلك الرجل فشجّت رأسه فمات، وعاش ذلك الرجل بعده يومين
ومات، وهو يقول: هذا الحيوان قتلني وقطّع أمعائي، وشاهد ذلك الحيوان
جماعة من تلك النّاحية وخطيب المكان.
__________
[1] لم أقف على هذا النقل عند ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» الذي بين
يدي، ولعله نقله عن مصدر آخر، وهو بعيد عن الواقع، ومع ذلك فإن
الاستهتار بالسّواك وغيره مما استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم
وندب المسلمين إلى استعماله، لا يجوز بأي حال، وعقاب الذي يقوم بذلك
شديد عند الله تعالى، نسأل الله العفو والعافية.
[2] في «ط» : «استهتار» .
[3] أقول: جرذ، على وزن صرد، والجمع جرذان، بضم الجيم وكسرها والجرذ:
الكبير من الفئران. (ع) .
(7/551)
وفيها توفي خطيب القدس كمال الدّين أحمد بن
نعمة بن أحمد [1] النّابلسي الشّافعي [2] .
ولد سنة تسع وسبعين وخمسمائة وسمع بدمشق من القاسم بن عساكر، وحنبل،
وكان صالحا متعبّدا متزهّدا.
توفي بدمشق في ذي القعدة.
وفيها إسماعيل الكوراني [3]- بالضم، وراء، نسبة إلى كوران، قرية
بإسفرايين- القدوة الزّاهد، شيخ كبير القدر، مقصود بالزيارة، صاحب ورع
وصدق وتفتيش عن دينه. أدركه أجله بغزّة في رجب. قاله الذّهبيّ.
وفيها بركة بن تولي [4] بن جنكزخان المغلي. سلطان مملكة القفجاق، الذي
أسلم وراسل الملك الظّاهر، وكسر ابن عمّه هولاكو [5] .
توفي وهو في عشر الستين، وتملّك بعده ابن أخيه منكوتمر.
وفيها الأمير مقدّم الجيوش، ناصر الدّين حسين بن عزيز [القيمريّ] [6] ،
الذي أنشأ المدرسة 3 [7] بدمشق شرقي جامع بني أمية، والآن
__________
[1] في «آ» و «ط» : «أحمد بن أحمد بن أحمد» وهو خطأ، والتصحيح من مصادر
الترجمة.
[2] انظر «العبر» (5/ 279) و «الوافي بالوفيات» (8/ 217- 218) .
[3] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 364) و «العبر» (5/ 280) و «الإعلام
بوفيات الأعلام» ص (278) .
[4] في «آ» و «ط» : «بركة بن قولي» والتصحيح من «ذيل مرآة الزمان» (2/
364) و «العبر» (5/ 280) وفي «دول الإسلام» (2/ 170) و «النجوم
الزاهرة» (7/ 224) : «بركة بن توشي» .
[5] في «آ» و «ط» : «هلاكو» .
[6] انظر «العبر» (5/ 280) و «دول الإسلام» (2/ 170) و «البداية
والنهاية» (13/ 250) وما بين الحاصرتين زيادة منهما.
[7] هي المدرسة القيمريّة. انظر «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 441-
445) .
(7/552)
تعرف تلك المحلّة بالقيمريّة [1] تسمية لها
باسم المدرسة. كان بطلا شجاعا، رئيسا، عادلا، جوادا. وهو الذي ملك دمشق
للناصر.
توفي مرابطا بالسّاحل في ربيع الأول.
وفيها أبو شامة، العلّامة المجتهد، شهاب الدّين أبو القاسم عبد الرحمن
بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ثم الدّمشقي [2] الشّافعي، المقرئ
النحوي المؤرّخ، صاحب التصانيف.
ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة في أحد ربيعيها بدمشق، وسمّي بأبي شامة
لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الأيسر، وختم القرآن وله دون عشر سنين،
وأتقن فنّ القراءة على السّخاوي وله ست عشرة سنة، وسمع الكثير، حتّى
عدّ في الحفّاظ. وسمع من الموفق وطائفة، وأخذ عن الشيخ عزّ الدّين ابن
عبد السّلام.
قال الذهبي: كتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرّس وأفتى، وبرع في
فنّ العربية. وذكر أنه حصل له الشيب وهو ابن خمس وعشرين سنة، وولي
مشيخة القراءة بالتّربة الأشرفية، ومشيخة الحديث بالدّار الأشرفية.
وكان مع كثرة فضائله متواضعا مطّرحا للتكلف، وربما ركب الحمار بين
المداوير. وقرأ عليه القراءة جماعة. ومن تصانيفه «شرح الشّاطبية»
ومختصرا [3] تاريخ دمشق، أحدهما في خمسة عشر مجلدا، والآخر في
__________
[1] قلت: وقد تحرف اسم المحلّة عند العوام إلى «القيمريّة» بكسر القاف
وفتح الميم وكسر الراء وبالياء المشدّدة.
[2] انظر «العبر» (5/ 280- 2811) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 673-
674) و «دول الإسلام» (2/ 170) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (278) و
«الوافي بالوفيات» (18/ 113- 116) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 118-
119) و «البداية والنهاية» (13/ 250- 251) و «طبقات الشافعية» لابن
قاضي شهبة (2/ 169- 171) .
[3] في «آ» : «ومختصري» وأثبت لفظ «ط» .
(7/553)
خمس مجلدات. وشرح «نونية» السّخاوي في
مجلد. وله كتاب «الروضتين في أخبار الدولتين النّورية والصّلاحية»
وكتاب «الذّيل» عليهما. وكتاب «ضوء السّاري إلى معرفة رؤية الباري»
وكتاب «الباعث على إنكار البدع والحوادث» وكتاب «السّواك» وكتاب «كشف
حال بني عبيد» و «مفردات القرّاء» و «مقدمة» في النحو، وشرح «مفصّل»
الزّمخشريّ، و «شيوخ [1] البيهقي» . وله غير ذلك، وأكثر تصانيفه لم
يفرعها.
ومن نظمه قوله:
أيا لائمي ما لي سوى البيت موضع ... أرى فيه عزّا إنه لي أنفع
فراشي ونطعي فروتي ثمّ جبّتي ... لحافي وأكلي ما يسدّ ويشبع
ومركوبي الآن الأتان ونجلها ... لأخلاق أهل العلم والدّين أتبع
وقد يسّر الله الكريم بفضله ... غني النّفس مع عيش به أتقنّع
وما دمت أرضى باليسير فإنني ... غنيّ أرى هولا لغيري أخضع
ووقف كتبه بخزانة العادلية، وشرط أن لا تخرج فاحترقت جملة.
وقال ابن ناصر الدّين [2] : كان شيخ الإقراء، وحافظ العلماء حافظا،
ثقة، علّامة، مجتهدا، [ذا فنون] .
وقال الإسنوي: وجرت له محنة في سابع جمادى الآخرة، سنة خمس وستين
وستمائة، وهو أنه كان في داره بطواحين الأشنان [3] فدخل عليه رجلان
جليلان [4] في صورة مستفتيين، ثم ضرباه ضربا مبرّحا إلى أن عيل صبره،
__________
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «وشرح البيهقي» والتصحيح من «الوافي
بالوفيات» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة.
[2] في «التبيان شرح بديعة البيان» (181/ آ) وما بين الحاصرتين زيادة
منه.
[3] تحرفت في «طبقات الشافعية» للإسنوي إلى «الأشنا» فتصحح.
[4] تنبيه: كذا في «آ» و «ط» : «جليلان» وهو وهم تبع فيه المؤلّف
الإسنويّ في «طبقات الشافعية» وتبعهما ابن شقدة في «المنتخب» (183/ آ)
والصحيح «جبليّان» كما في «الوافي بالوفيات» .
(7/554)
ولم يغثه أحد، ثم توفي، رحمه الله، في تاسع
عشر رمضان من ذلك العام.
وأنشد في ذلك لنفسه:
قلت لمن قال أما تشتكي ... ما قد جرى فهو عظيم جليل
يقيّض الله تعالى لنا ... من يأخذ الحقّ ويشفي الغليل
إذا توكّلنا عليه كفى ... فحسبنا الله ونعم الوكيل
ومن شعره:
قال النّبيّ المصطفى إنّ سبعة ... يظلّهم الله العظيم بظلّه
محبّ [1] عفيف [2] ناشئ [3] متصدّق [4] ... وباك [5] مصلّ [6] والإمام
بعدله [7]
انتهى.
وفيها ابن بنت الأعزّ، قاضي القضاة، تاج الدّين أبو محمد عبد الوهاب بن
خلف بن بدر العلّامي المصري الشافعي [8] ، قاضي القضاة صدر الدّيار
المصرية ورئيسها. كان ذا ذهن ثاقب وحدس صائب وعقل ونزاهة وتثبّت في
الأحكام. روى عن جعفر الهمدانيّ [9] ، وولي القضاء
__________
[1] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه،
وتفرقا عليه» رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. (ع) .
[2] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال،
فقال: إني أخاف الله» (ع) .
[3] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ»
(ع) .
[4] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتّى لا
تدري شماله ما أنفقت يمينه» (ع) .
[5] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»
(ع) .
[6] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «ورجل قلبه معلق بالمساجد» (ع) .
[7] يريد قوله صلى الله عليه وسلم: «إمام عادل» (ع) .
[8] انظر «ذيل مرآة الزمان» (2/ 369- 371) و «العبر» (5/ 281) و «طبقات
الشافعية الكبرى» (8/ 318- 323) و «عيون التواريخ» (20/ 351- 352) و
«النجوم الزاهرة» (7/ 222- 223) و «حسن المحاضرة» (1/ 455) .
[9] كذا في «آ» و «ط» و «العبر» و «سير أعلام النبلاء» (23/ 36) و
«معرفة القراء الكبار»
(7/555)
بتعيين الشيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام،
وولي الوزارة ونظر الدّواوين وتدريس الشّافعي والصّالحية، ومشيخة
الشيوخ والخطابة، ولم تجتمع هذه المناصب لأحد قبله. قرأ على الشيخ زكي
الدّين المنذري «سنن أبي داود» وحدّث عن غيره أيضا.
قال القطب اليونيني: كان إماما، [عالما] فاضلا متبحّرا، وتقدم في
الدولة، وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظّاهر. وكان ذا ذهن ثاقب،
وحدس صائب، وجدّ وسعد [1] وحزم وعزم، مع النزاهة المفرطة، وحسن
الطّريقة والصّلابة في الدّين، والتثبّت في الأحكام، وتولية الأكفاء،
لا يراعي أحدا ولا يداهنه، ولا يقبل شهادة مريب.
وقال السبكيّ: وعن ابن دقيق العيد أنه قال: لو تفرّغ ابن بنت الأعزّ
للعلم لفاق ابن عبد السّلام.
وكان يقال: إنه آخر قضاة العدل، وفي أيّامه قبل موته بيسير جعلت القضاة
أربعة بمصر، في سنة ثلاث وستين، وفي الشام في سنة أربع وستين.
توفي- رحمه الله تعالى- في السابع والعشرين من رجب، ودفن بسفح المقطّم.
وفيها ابن القسطلّاني الشيخ تاج الدّين علي بن الزّاهد أبي العبّاس
أحمد ابن علي القيسي المصري المالكي [2] ، المفتي العدل. سمع بمكّة من
زاهر بن رستم، ويونس الهاشمي، وطائفة. ودرّس بمصر، ثم ولي مشيخة
الكاملية إلى أن توفي في سابع شوال، وله سبع وسبعون سنة.
__________
[ (-) ] (2/ 623) و «طبقات الشافعية الكبر» (8/ 375) و «حسن المحاضرة»
: «الهمداني» وتصحفت نسبته في «ذيل مرآة الزمان» و «طبقات الشافعية
الكبرى» (8/ 318) إلى «الهمذاني» فتصحح.
[1] لفظة «وسعد» لم ترد في «ذيل مرآة الزمان» الذي بين يدي.
[2] انظر «العبر» (5/ 281) و «النجوم الزّاهرة» (7/ 223) .
(7/556)
وفيها أبو الحسن الدّهّان علي بن موسى
السّعديّ المصريّ [1] ، المقرئ، الزّاهد.
ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقرأ القراءات على جعفر الهمداني وغيره،
وتصدّر بالفاضلية للإقراء، وكان ذا علم وعمل. توفي في رجب.
وفيها صاحب المغرب المرتضى أبو حفص عمر بن أبي إبراهيم القيسي المؤمني
[2] . ولي الملك بعد ابن عمّه المعتضد علي، وامتدت أيّامه.
فلما كان في المحرّم من هذا العام دخل ابن عمّه أبو دبّوس، الملقب
بالواثق بالله إدريس بن أبي عبد الله يوسف [بن عبد المؤمن] [3] مرّاكش،
فهرب المرتضى [4] فظفر به عامل الواثق وقتله بأمر الواثق في ربيع الآخر
وأقام الواثق ثلاثة أعوام، ثم قامت دولة بني مرين وزالت دولة آل عبد
المؤمن.
وفيها القاضي صدر الدّين موهوب بن عمر الجزري ثم المصري الشافعي [5]
ولد بالجزيرة في جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة، وأخذ عن السّخاوي،
وابن عبد السلام، وغيرهما.
وكان إماما، عالما، عابدا.
قال الذهبي: تفقّه وبرع في المذهب والأصول والنحو ودرّس وأفتى، وتخرّج
به جماعة. وكان من فضلاء زمانه، وولي القضاء بمصر وأعمالها دون القاهرة
مدّة.
__________
[1] انظر «العبر» (5/ 281) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 672) .
[2] انظر «العبر» (5/ 28) و «دول الإسلام» (2/ 170) .
[3] في «آ» و «ط» : «إدريس بن أبي عبد الله بن يوسف» والتصحيح من
«وفيات الأعيان» (7/ 18) وما بين الحاصرتين زيادة منه.
[4] في «وفيات الأعيان» : «فهرب المرتضى إلى آزمور وهي من نواحي
مرّاكش» .
[5] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 387) و «طبقات الشافعية» للإسنوي
(1/ 379- 380) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 194) و «حسن
المحاضرة» (1/ 415) .
(7/557)
وقال غيره: تخرّجت به الطلبة، وجمعت عنه
الفتاوى المشهورة به.
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : ولي نيابة الحكم عن الشيخ عزّ
الدّين بن عبد السلام، فلما عزل نفسه استقلّ بها، وكانت له أموال [1]
كثيرة اكتسبها من المتجر.
حكى هو قال: جاءني شخص من خواصّ الملك المعظّم صاحب الجزيرة وقال:
الليلة السلطان يريد القبض عليك، وكان عندي سبعون ألف درهم، فأخذتها
وتركتها في قماقم [2] لماء [3] الورد، وخرجت من البلد بعد صلاة العصر،
وقصدت المقابر، فوجدت قبرا مفتوحا، فدخلت فيه وأقمت فيه ثلاثة أيّام،
فبينا أنا جالس وإذا جنازة أحضرت إلى ذلك القبر الذي أنا فيه، ففتحوا
الطّاقة وأنزلوا الميّت وسدّوا الطّاقة، فلما انصرفوا جلس الميّت،
فنظرت إليه والماء يقطر من ذقنه، وبقي ساعة يتكلم بكلام لا أعرفه، ثم
استلقى على قفاه، فحصل عندي غاية الخوف، ثم خرّبت الطّاقة وخرجت وجلا
مما شاهدت، فوجدت أكرادا قاصدين حلب، فصحبتهم وأقمت بها مدة، ثم قصدت
الدّيار المصرية. وفي ليلة تغيّبت، كبسوا داري فلم يجدوني، ونادوا على
من يحضرني، ولقد رأيت الجند غائرين يفتشون عليّ.
توفي- رحمه الله تعالى- بمصر فجأة وخلّف من العين ثلاثين ألف دينار.
وفيها ابن خطيب بيت الآبار [4] ضياء الدّين أبو الطّاهر يوسف بن
__________
[1] تحرفت في «آ» إلى «أمور» .
[2] جاء في «المعجم الوسيط» (2/ 760) : القمقم: إناء صغير من نحاس أو
فضّة أو خزف صينيّ يجعل فيه ماء الورد.
[3] في «آ» و «ط» : «قماقم الماء» وما أثبته يقضيه السياق.
[4] بيت الآبار: جمع بئر، قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة
قرى، خرج منها غير-
(7/558)
عمر بن يوسف بن يحيى الزّبيدي [1] سمع من
الخشوعي وغيره، وناب في خطابة دمشق من العادل، وتوفي يوم الجمعة يوم
الأضحى.
وفيها يوسف بن مكتوم بن أحمد القيسي [2] . سمع [3] شمس الدّين ولد [4]
المعمّر صدر الدّين [روى عن الخشوعي والقاسم [5] وجماعة] وروى عنه زكيّ
الدّين البرزالي مع تقدمه.
وتوفي في ربيع الأول [6] عن إحدى وثمانين سنة.
__________
واحد من رواه العلم. انظر «معجم البلدان» (1/ 519) وراجع كتاب «غوطة»
دمشق للعلّامة محمد كرد علي ص (164) .
[1] انظر «العبر» (5/ 282) .
[2] انظر «ذيل الروضتين» ص (238- 239) و «العبر» (5/ 282) وما بين
الحاصرتين في الترجمة مستدرك منه.
[3] لفظة «سمع» لم ترد في «العبر» بطبعتيه.
[4] في «ط» و «العبر» : «والد» .
[5] يعني ابن عساكر.
[6] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «الأولى» .
(7/559)
|