شذرات الذهب في أخبار من ذهب
سنة ست وتسعين
وتسعمائة
فيها توفي المولى برويز بن عبد الله الرّومي الحنفي [1] الإمام العالم
العلّامة.
قرأ على علماء عصره، وتنقّل في المدارس، وولى عدة من المناصب الشريفة.
وكان بارعا مفنّنا، له «حاشية على تفسير البيضاوي» . و «حاشية على
الهداية» ورسائل في فنون عديدة.
وفيها الشريف الفاضل محمد بن الحسين الحسيني السّمرقندي [2] .
قال في «النور» : كان فاضلا، منشئا، يعرف عدة ألسن، مثل العربية،
والفارسية، والرّومية، والهندية، والحبشية. وكان أهل المدينة إذا
أرادوا مكاتبة أحد الأكابر، لا يكتبون ذلك إلّا بإنشائه، ولما مات
أحصيت كتبه فكانت ألفا وتسعين كتابا، ووجد بخطه هذان البيتان [3] :
روحي ائتلفت بحبّكم في القدم ... من قبل وجودها وبعد العدم
ما يجمل بي من بعد عرفانكم ... أن أنقل من طرق هواكم قدمي
وذكر أنهما لسيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني [4] قدس الله روحه، وأنهما
إذا قرئا في أذن المصروع أفاق البتة.
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 137) و «معجم المؤلفين» (3/ 43-
44) .
[2] ترجمته في «النور السافر» ص (442) و «الأعلام» (6/ 102) .
[3] وهما من الدّوبيت.
[4] ويقال له أيضا «الجيلاني» .
(10/642)
وتوفي بالمدينة المشرّفة ليلة الخميس تاسع
المحرم. انتهى وفيها جمال الدّين محمد بن الصّديق الخاص الحنفي اليمني
الزّبيدي [1] .
قال في «النور» : كان إماما، عالما، رحلة، محقّقا، مدقّقا، من كبار
علماء زبيد وأعيان المدرّسين بها، والمفتين على مذهب الإمام الأعظم،
ليس له نظير في زمانه، ولم يخلّف في ذلك القطر مثله.
وتوفي بزبيد عصر يوم الأربعاء رابع شعبان. انتهى
__________
[1] ترجمته في «النور السافر» ص (443) .
(10/643)
سنة سبع وتسعين
وتسعمائة
فيها توفي شهاب الدّين أحمد بن الشيخ شهاب الدّين أحمد بن عبد الحقّ
المصري الشافعي [1] الإمام العلّامة.
أخذ عن والده وغيره من أعيان علماء مصر، ودأب، وحصّل، ودرّس وأفتى،
وصار ممن يشار إليه في الإقليم المصري بالبنان، وتتشنّف بفرائد فوائده
الآذان، رحمه الله تعالى [2] .
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 117) .
[2] قلت: وفيها مات العلّامة الشيخ عمر بن محمد بن أبي اليمن بن سلطان
الدمشقي، مفتي الشام، الذي طواه يومه كما طوى قومه في غرة ربيع الثاني.
انظر «الذيل الأول لعرف البشام» ص (218) .
وفيها أيضا مات الحسين الحافظ التبريزي، الشهير بابن الكربلائي، نزيل
دمشق، وكانت بينه وبين العلّامة محمد بن الحسن البوريني صحبة ومودة،
وقد نظم في مدحه التالي:
محاسن مولانا الحسين كثيرة ... يقصّر عنها وصف كلّ مقال
ففي الشّعر ما وزن الهلاليّ وزنه ... وفي الخطّ قد أربى على ابن هلال
انظر «تراجم الأعيان» (2/ 165- 169) .
وفيها أيضا مات الملا حسين قنبر الشيرازي المذهب الشاعر الشهير. انظر
«تراجم الأعيان» (2/ 170- 175) .
(10/644)
سنة ثمان وتسعين
وتسعمائة
فيها توفي المنلا أسد [الدّين] بن معين الدّين الشّيرازي الشافعي [1]
نزيل دمشق الإمام العلّامة المحقّق المدقّق.
قال في «الكواكب» : أكثر انتفاعه بالشيخ علاء الدّين بن عماد الدّين،
قرأ عليه «الإرشاد» في الفقه لابن المقري، وقرأ عليه في «شرح المفتاح»
في المعاني، والبيان، وشرح «الطوالع» للأصبهاني، و «العضد» [كلاهما في
الأصول] وفي «الكشّاف» والقاضي.
وكتب بخطّه «المطوّل» و «ديوان أبي تمّام» و «المتنبي» و «شرح ابن
المصنّف» على «الألفية» وغير ذلك، ودرّس بالنّاصرية البرّانية، ثم
بالشامية، وجمع له بينهما، وأفتى بعد موت الشيخ إسماعيل النابلسي، وعنه
أخذ أكثر فضلاء الوقت، كالشيخ حسن البوريني، والشّهابي أحمد بن محمد
المنقار، والشيخ محمد بن حسين الحمّامي، وغيرهم.
وله شعر رائق بليغ، كأنه لم يكن أعجميا.
ومن شعره:
قال لي صاحبي غداة التقينا ... إذ رآني بمدمع مهراق
لم تبكي فقلت قد أنشدوني ... مفردا فائقا لطيف المذاق
كلّ من كان فاضلا كان مثلي ... فاضلا عند قسمة الأرزاق
وتوفي في جمادى الثانية ودفن بسفح قاسيون. انتهى
__________
[1] ترجمته في «تراجم الأعيان» (2/ 34- 48) وما بين الحاصرتين زيادة
منه، و «الكواكب السائرة» (3/ 127- 129) وعبارة «كلاهما» في الأصول
زيادة منه.
(10/645)
وفيها الحافظ جمال الدّين الطّاهر بن
الحسين بن عبد الرحمن الأهدل اليمني الشافعي [1] محدّث الدّيار
اليمنية.
قال في «النور» : ولد سنة أربع عشرة وتسعمائة بقرية المراوعة، وبها نشأ
وتعلّم القرآن، وقرأ على إمام جامعها فخر الدّين بن أبي بكر المعلّم
علوم النحو، والفقه، والحساب، وغير ذلك، ثم انتقل إلى مدينة زبيد،
ولازم الحافظ عبد الرحمن بن الدّبيع، وانتفع به انتفاعا كلّيا [2] رقى
به إلى درجة الكمال، وساد على الأمثال، وله مشايخ كثيرة في الحديث
وغيره، منهم أبو العبّاس الطّنبذاوي، ووجيه الدّين ابن زياد، والسّيد
عبد المحسن الأهدل، وبرهان الدّين مطيّر، وخلائق، وأجازوا له، وارتحل
إلى مكّة المشرّفة، وجاور بها، واجتمع فيها بجماعة من العلماء، مثل شيخ
الإسلام أبي الحسن البكري، وقرأ عليه وعلى الحافظ أبي السّعادات
المالكي وغيرهما، ثم إنه انفرد بعد شيخه ابن الدّيبع برئاسة الحديث،
وارتحل إليه الناس، وكثر الآخذون عنه، منهم الحافظ محيي الدّين
البزّاز، ومحمد بن أحمد الصّابوني، وبرهان الدّين بن جعمان، وعبد
الرحمن الضّجاعي، وأمين الدّين الأحمر [3] ، وتخرّج به ابن ابنه
العلّامة السيد الحسين بن أبي بكر بن الطّاهر المترجم، وعمي بآخر عمره
بعد أن حصّل بخطّه كتبا كثيرة، وصنّف أشياء حسنة.
وبالجملة فإنه كان أوحد عصره علما، وعملا، وحفظا، وإتقانا، وضبطا،
ومعرفة بأسماء الرجال، وجميع علوم الحديث، بحيث كان مسند الدّنيا.
وتوفي يوم الأربعاء سابع عشر ربيع الأول بمدينة زبيد، ودفن بباب سهام
بمقبرة أهله. انتهى.
وفيها وجيه الدّين ميان الهندي [4] .
__________
[1] ترجمته في «النور السافر» ص (447) و «معجم المؤلفين» (5/ 34- 35) .
[2] لفظة «كلّيا» لم ترد في «ط» و «النور السافر» مصدر المؤلف.
[3] تحرفت اللفظة في «ط» إلى «الأعمر» .
[4] ترجمته في «النور السافر» ص (456) .
(10/646)
قال في «النور» : توفي بأحمدآباد، وكان من
أهل العلم والزّهد، وحصل له القبول التام من الناس، وانتفع به الطلبة
في كثير من الفنون، واشتهر أمره جدا.
انتهى.
وتقدمت ترجمة ميان عبد الصّمد الهندي أيضا [1] ، وهذا غيره [2] .
__________
[1] في «آ» و «ط» : «عبد الصمد ميان الهندي» والتصحيح من ترجمته في
وفيات سنة (985) ص (598) من هذا المجلد.
[2] قلت: وفي هذه السنة أيضا مات العلّامة الشيخ أحمد بن أحمد بن محمد
الأيدوني الشّافعي، كان من حفّاظ كتاب الله تعالى، قرأه بالعشر على
الشيخ شهاب الدّين الطيبي، وقرأ التفسير على العلّامة الشيخ بدر الدين
الغزّي.
وكان عالما، عاملا، ديّنا، خاشعا لله تعالى، كثير البكاء، وكان الناس
يقصدون إمامته لحسن صوته وصحة قراءته.
قال تلميذه العلّامة الحسن بن محمد البوريني: وسمعته يقول عند ما كتب
علماء دمشق محضرا بأن غيره أولى منه بالإمامة: سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ
وَيُسْئَلُونَ 43: 19 (الزخرف: 19) .
انظر «تراجم الأعيان» (1/ 160) .
(10/647)
سنة تسع وتسعين
وتسعمائة
قال في «النور» [1] : في يوم الأربعاء رابع عشر رجب زالت الدولة
المهدويّة بأحمد نكر من بلاد الدّكن.
وقتل الوزير جمال خان [2] ، وجيء برأسه إلى أحمد نكر، وطيف به فيها، ثم
علّق أيّاما، وتسلطن برهان شاه. انتهى.
وفيها توفي المولى عبد الغني بن ميرشاه الحنفي [3] أحد الموالي
الرّومية.
تنقّل في المدارس إلى أن وصل إلى السليمانية، ثم أعطي منها قضاء دمشق
عوضا عن محمد أفندي بن بستان في سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة، وعزل عنها
بتولية قضاء مصر سنة أربع وثمانين وتسعمائة، ثم ولي دمشق بعد قضاء
العسكرين في سنة أربع وتسعين وتسعمائة، ثم عزل عنها وعاد إلى الرّوم
فمات بها.
وفيها الشيخ محمد بن محمد بن موسى البقاعي الحمّادي الشافعي [4] نزيل
دمشق، المعروف بالعرّة، الزّاهد الصّالح العارف بالله تعالى.
قال في «الكواكب» : كان دسوقي الطريقة، وصحب سيدي محمد الأسد الصّفدي
من أصحاب سيدي محمد بن عراق، وكان بينهما مصاهرة أو قرابة، وكان الشيخ
محمد العرّة مواظبا على ذكر الله، لا يفتر عنه طرفه عين، ووجهه مثل
الورد
__________
[1] انظر «النور السافر» ص (459) .
[2] ترجمته في «النور السافر» ص (459- 460) .
[3] ترجمته في «الكواكب السائرة» .
[4] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 30- 32) .
(10/648)
يتهلل نورا، بحيث إنّ من رآه ذكر الله
تعالى عند رؤيته، وعلم أنه من أولياء الله تعالى، إلى أن قال بعد ثناء
طويل حسن: وهو ممن أرجو أن ألقى الله على محبته واعتقاده رضي الله
تعالى عنه.
وكانت وفاته في صبيحة يوم الثلاثاء، تاسع عشر ربيع الأول.
وفيها المولى محمد بن حسن الشريف الحسيب، المعروف بالسّعودي [1] .
أخذ هو وأخوه [2] محمد المعروف بالحبابي عن المولى أبي السعود، وتوفي
أخوه [2] قبله، بعد أن ولي عدة مناصب، منها قضاء حلب.
وكان صاحب الترجمة إماما، محقّقا، مدقّقا، وتوفي بآمد [3] .
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 55- 56) .
[2] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[3] قلت: وفيها مات العلّامة الفاضل الشيخ علي بن بيان الفارسي الشهير
ب «عيان» صاحب كتاب «مملكة المنتصف ومهلكة المعتسف» .
انظر «كشف الظنون» (2/ 182) و «معجم المؤلفين» (7/ 49) .
(10/649)
سنة ألف
فيها توفي شهاب الدّين أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن يوسف بن
حسين بن يوسف بن موسى الحصكفي [1] الأصل الحلبي المولد والدار،
الشافعي، المعروف بابن المنلا جدّه لأبيه.
كان قاضي قضاة تبريز، شهرته منلا جامي شرح المحرر، وجدّه لأمّه الشرفي
يحيى أجا بن أجا.
قال في «الكواكب» : مولده سنة سبع وثلاثين وتسعمائة، ونشأ في كنف أبيه،
واشتغل بالعلم، فقرأ على ابن الحنبلي في «مغني اللبيب» فما دونه من كتب
النحو، وفي «شرح المفتاح» ، والمنطق، والقراآت، والحديث، وفي مؤلفاته.
وصحب سيدي محمد بن الشيخ علوان وهو بحلب سنة أربع وخمسين، وسمع منه نحو
الثلث من البخاري، وحضر مواعيده، وسمع المسلسل بالأولية من البرهان
العمادي، وأجاز له، وقرأ بالتجويد على الشيخ إبراهيم الضّرير الدمشقي
نزيل حلب كثيرا، وأجاز له، وذلك في سنة ست وخمسين، ورحل إلى دمشق
رحلتين، وأخذ بها عن شيخ الإسلام الوالد، وحضر دروسه بالشامية، وبحث
فيها بحوثا حسنة مفيدة أبان فيها عن يد في الفنون طولى، وكلما انتقل من
مسألة إلى غيرها تلا لسان حاله وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ من الْأُولى
93: 4 [الضحى: 4] كما شهد
__________
[1] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 109- 111) و «درّ الحبب» (1/ 1/
239- 268) و «الأعلام» (1/ 235) و «معجم المؤلفين» (2/ 133) .
(10/650)
بذلك الوالد في إجازته له [1] وقرأ على
النّور السّنفي [2] قطعة من «البخاري» و «مسلم» وحضر عنده دروسا من
المحلّي و «شرح 1) البهجة» ، وأجاز له، وقرأ بها شرح منلا زاده على
«هداية الحكمة» وعلى محب الدّين التبريزي، مع سماعه عليه في التفسير،
وقرأ قطعتين صالحتين من «المطوّل» و «الأصفهاني» على الشيخ أبي الفتح
الشّبستري [3] ، ورحل إلى القسطنطينية سنة ثمان وخمسين، فأخذ «رسالة
الأسطرلاب» عن نزيلها الشيخ غرس الدّين الحلبي، واجتمع بالفاضل المحقّق
السيد عبد الرحيم العبّاسي، واستجاز منه رواية «البخاري» فأجاز له
فمدحه بقوله:
لك الشّرف العالي على قادة النّاس ... ولم لا وأنت الصّدر من آل عبّاس
حويت علوما أنت فيها مقدّم ... وفي نشرها أضيحت ذا قدم راس
وفقت بني الآداب قدرا ورتبة ... وسدتهم بالجود والفضل والباس
فيا بدر أفق الفضل يا زاهر السّنا ... ويا عالم الدّنيا ويا أوحد الناس
إلى بابك العالي أتاك ميمما ... كليم بعضب عدت أنت له آس
فتى عاري الآداب بادي الحجا فما ... سواك لعار عن سنى الفضل من كاس
فأقبسه من مشكاة نورك جذوة ... وعلّله من ورد الفضائل بالكأس
وسامحه في تقصيره ومديحه ... فمدحك بحر فيه من كل أجناس
فلا زلت محمود المآثر حاوي ال ... مفاخر مخصوصا بأطيب أنفاس
مدى الدّهر ما احمرّت خدود شقائق ... وما قام غصن الورد في خدمة الآس
ودرّس وأفاد، وصنّف وأجاد، وله شرح على «المغني» جمع فيه بين حاشيتي
الدّماميني والشّمنّي، وشرح شواهده للسيوطي، وكتب ونظم الشعر الحسن.
فمن شعره في مليح لابس أسود:
ماس في أسود اللباس حبيبي ... ورمى القلب في ضرام بعاده
__________
[1] ما بين الرقمين سقط من «آ» .
[2] هو الإمام العلّامة نور الدين علي بن علي السّنفي المصري، وقد
تقدمت ترجمته في وفيات سنة (991) من هذا المجلد ص (622) .
[3] في «آ» و «ط» : «الشبشتري» وفي «الكواكب السائرة» : «السبستري» وما
أثبته من «درّ الحبب» .
(10/651)
لم يمس في السواد يوما ولكن ... حلّ في
الطّرف فاكتسى من سواده
وتوفي سنة ألف، قتله اللصوص في بعض قراه، رحمه الله تعالى، ثم تحرر لي
[1] من خطّ العلّامة الشيخ عمر العرضي أنه مات في سنة ثلاث وألف.
انتهى.
وفيها بدر الدّين حسين بن عمر بن محمد النّصيبي الشافعي [2] .
أخذ النحو والصّرف عن العلاء الموصلي، والفقه عن البرهان التسيلي،
والبرهان العمادي، والشّمس الخناجري، والنحو وغيره عن الشّهاب الهندي،
وعن منلا موسى بن عوض الكردي، والشيخ محمد المعرّي، الشهير بابن
المرقي.
ورحل إلى حماة، فدخل في مريدي الشيخ علوان، وزوّجه الشيخ ابنته.
وكان إماما، عالما، شاعرا، مطبوعا، له مساجلات، مع ابن المنلا. وكان
بينهما غاية الاتحاد والمحبّة.
وفيها سراج الدّين عمر بن عبد الله العيدروس [3] الشريف الحسيب اليمني
الشافعي الإمام العالم.
قال في «النور» : كان من العلماء العاملين والمشايخ العارفين، وكان
عيدروسيا من الأب والأم، الشيخ عبد الله العيدروس جدّه من الطرفين،
وتصدّر بمكّة المشرّفة سنة ثمان وسبعين وتسعمائة، فقام بالمقام أتمّ
قيام، ومشى على طريق السّلف الصالح.
وتوفي بعدن في المحرّم ودفن بها في قبّة جدّه لأمّه الشيخ أبي بكر
العيدروس.
وفيها جمال الدّين محمد بن علي الحشيبريّ [4] الشيخ الكبير.
__________
[1] القائل الغزّي صاحب «الكواكب السائرة» .
[2] ترجمته في «الكواكب السائرة» (3/ 145- 146) .
[3] ترجمته في «النور السافر» ص (461- 463) .
[4] ترجمته في «النور السافر» ص (463- 464) .
(10/652)
قال في «النور» : كان من المشايخ
المشهورين، ورزق القبول في حركاته وسكناته، وحصلت له شهرة عظيمة، ورويت
عنه كرامات، ولا يقدح في جلالته ذمّ بعض العلماء له، وتنقيصهم [1]
إيّاه بحسب ما يظهر لهم من أموره، من غير نظر إلى خصوصيته، فقد قيل:
المعاصر لا يناصر، ولا زالت الأكابر على هذا وفيما يقع له من التخريفات
والشّطحات له أسوة بغيره من الصوفية، كما أن للمنكرين أسوة بغيرهم من
العلماء، وحمل ما يصدر منه من الأحوال الغريبة على أحسن المحامل أولى،
فإن بني حشيبر أهل صلاح وولاية، وخرقتهم تعود إلى أبي الغيث بن جميل
اليمني.
وتوفي المترجم ليلة الأحد سابع عشر ربيع الثاني بأحمدآباد. انتهى،
والله أعلم.
__________
[1] في «ط» : «وتنقيصه» وهو خطأ.
(10/653)
[1] قال مؤلّفه شيخنا أمتع الله به وأطال
بقاءه ونفع به المسلمين [1] : وهذا آخر ما أردنا جمعه من «شذرات الذهب
في أخبار من ذهب» وقد بذلت في تهذيبه وتنقيحه وسعي، وسهرت لأجله ليالي
من عمري، ونقّحت عبارات رأيت ناقليها انحرفوا فيها عن نهج الصواب، إما
لغلط، أو سبق قلم، أو تحامل على مترجم، ونحو ذلك، وتحريت ما صحّ نقله،
وربما لم أعز ما أنقله إلى كتاب لظهور ما أثبتّه ولطلب الاختصار، وأنا
أرجو من [2] الله تعالى أن ييسر لي عمل ذيل لأهل القرن الحادي عشر
بمنّه وكرمه.
[3] قال مؤلّفه فسح الله في مدته وأعاد علي وعلى المسلمين من بركته
وبركة علومه في الدنيا والآخرة [3] : وكان الفراغ منه [4] في يوم
الاثنين تاسع عشر شهر رمضان المعظّم من شهور سنة ثمانين وألف، [5] وصلى
الله وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله [5] [6] على يد جامعه أفقر العباد
أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد بن العماد، غفر الله له ولمن ستر
عيبا رآه وأصلح فيه خللا أبصرته عيناه، آمين، والحمد لله ربّ العالمين
[6] .
__________
[1] ما بين الرقمين لم يرد في «آ» .
[2] لفظة «من» لم ترد في «ط» .
[3] ما بين الرقمين لم يرد في «ط» .
[4] في «ط» : «وكان الفراغ من تأليفه» .
[5] ما بين الرقمين لم يرد في «ط» .
[6] ما بين الرقمين لم يرد في «آ» .
(10/654)
وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة الشريفة
صبيحة يوم الجمعة رابع عشر شهر شوال من شهور سنة خمس وثمانين وألف، على
يد أحقر العباد الفقير إلى الله تعالى شعبان بن عبد الله بن يوسف بن
علي الشافعي الخزرجي، غفر الله له ولوالديه ولمن دعا له بالمغفرة آمين.
ونقلت هذه النسخة المباركة من خطّ مؤلّفها بلّغه الله مناه، وجعل الجنة
جزاه، وهي ثالث نسخة تمت فلله الحمد والمنة.
وصلّى الله على من لا نبي بعده، وصلى الله على آله وأصحابه وتابعيه
وأجزى به وسلّم تسليما كثيرا [1] .
__________
[1] وجاء في آخر النسخة «ط» ما نصه:
«وكان الفراغ من نسخه يوم الخميس خامس عشر شهر رجب الفرد، الذي هو من
شهور سنة أربع وثمانين وألف، على يد الفقير الحقير محمد بن أحمد
المحيوي الصالحي، عفي عنهم آمين.
وهي أول نسخة نقلت من خط المصنّف حفظه الله تعالى» .
(10/655)
بسم الله الرحمن الرحيم
خاتمة التحقيق
تمّ بعون الله تعالى وتوفيقه تحقيق المجلد العاشر- وهو الأخير- من هذا
الكتاب العظيم «شذرات الذهب في أخبار من ذهب» للإمام ابن العماد
الحنبلي الدمشقي، والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات. وأسأل الله
تعالى أن يتقبل عملنا فيه، وإن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعله
حجّة لنا ولمؤلّفه يوم العرض عليه بفضله وكرمه.
وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم بالشكر الجزيل لكل من أعان بجهد أدبي أو
بذل مادي، فكان لعونهم أكبر الأثر في وصول الكتاب إلى أيدي القراء بهذا
القدر من الإتقان، وأخص منهم بالذّكر:
والدي وأستاذي المحدّث المحقّق الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، الذي كان
لإشرافه وتخريجاته وملاحظاته وتوجيهاته أكبر الأثر في بلوغ الكتاب ما
بلغه من الإتقان، جزاه الله تعالى عني كل خير، وأحسن إليه في الدّنيا
والآخرة.
والأستاذ الكبير الدكتور شاكر الفحام رئيس مجمع اللغة العربية والمدير
العام لهيئة الموسوعة العربية بدمشق، لتفضله بالتقديم للمجلد التاسع من
الكتاب، ولما لمسته منه من التأييد والتشجيع أثناء عملي في تحقيق
الكتاب، جزاه الله تعالى خير الجزاء وأعلى مقامه في الدنيا والآخرة.
وصديقي الفاضل الأستاذ الدكتور خالد عبد الكريم جمعة المدير السابق
لمعهد المخطوطات العربية، الذي تكرّم بالتقديم للمجلد الأول من الكتاب،
(10/657)
وتفضل بتأمين المصورات لمعظم المصادر غير
المطبوعة التي استعنت بها في التحقيق وأرسلها إليّ هدايا خالصة منه،
فجزاه الله تعالى عني وعن العلم والتراث خير الجزاء.
وصديقي الفاضل الأستاذ رياض عبد الحميد مراد، الذي أفدت من ملاحظاته
القيّمة النافعة التي اتصلت بالتحقيق وتصحيح تجارب الطبع، جزاه الله
تعالى كل خير ونفع به.
وصديقي الفاضل الأستاذ صلاح الشّعّال، الذي أعانني في مقابلة الأصول
وتصحيح تجارب الطبع للمجلدات السبعة الأولى من الكتاب، أحسن الله إليه،
والسادة القائمين على دار ابن كثير ممثلين بصاحب الدار الأستاذ الفاضل
علي مستو، الذين بذلوا جهودا مضنية في سبيل إصدار هذه الطبعة من الكتاب
وإخراجها على أفضل وجه، جزاهم الله تعالى خير الجزاء وجعل تجارتهم
رابحة في الدّنيا والآخرة.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك [1]
.
دمشق في الحادي عشر من شهر شعبان المعظم لعام 1413 هـ الموافق للثالث
من شهر شباط لعام 1993 م محمود الأرناؤوط
__________
[1] عنواني الدائم هو: (ص. ب 6000- دمشق- سورية) .
(10/658)
|