فتوح البلدان
في أحكام أرض الخراج
قَالَ بشر بْن غياث، قَالَ أَبُو يوسف: إنما أرض أخذت عنوة مثل السواد،
والشام. وغيرهما فإن قسمها الإمام بَيْنَ من غلب عليها فهي أرض عشر
وأهلها رقيق، وإن لم يقسمها الإمام وردها للمسلمين عامة، كما فعل عُمَر
بالسواد فعلى رقاب أهلها الجزية، وعلى الأرض، وليسوا برقيق، وهو قول
أَبِي حنيفة، وحكى الواقدي عن سُفْيَان الثوري مثل ذلك، وقال الواقدي
قَالَ مَالِك بْن أنس، وابن أَبِي ذئب: إذا أسلم كافر من أهل العنوة
أقرت أرضه في يده يعمرها ويؤدي الخراج عنها ولا اختلاف في ذلك وقال
مالك وابن
(1/429)
أبى ذنب، وسُفْيَان الثوري، وابن أَبِي
ليلى عَنِ الرجل يسلم من أهل العنوة الخراج في الأرض والزكاة منَ الزرع
بعد الخراج، وهو قول الأوزاعي، وقال أَبُو حنيفة وأصحابه لا يجتمع
الخراج والزكاة عَلَى رجل، وقال مَالِك، وابن أَبِي ذئب، وسُفْيَان،
وأبو حنيفة: إذا زرع الرجل أرضه الخراجية مرات في السنة لم يؤخذ منه
إلا خراج واحد، وقال ابن أبى ليلى: يؤخذ منه الخراج كلما أدركت له غلة،
وهو قول ابن أَبِي سبرة، وأبي شمر، وقال أَبُو الزناد، ومالك، وأبو
حنيفة، وسُفْيَان، ويعقوب، وابن أَبِي ليلى، وابن أَبِي سبر، وزفر،
وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن، وبشر بْن غياث: إذا عطل رجل أرضه قيل له
ازرعها وأد خراجها وإلا فادفعها إِلَى غيرك يزرعها. فأما أرض العشر
فإنه لا يقال له فيها شيء إن زرع أخذت منه الصدقة، وإن أبى فهو أعلم،
وقالوا: إذا عطل رجل أرضه سنتين ثُمَّ عمرها أدى خراجا واحدا وقال
أَبُو شمر: يؤدي الخراج للسنتين.
وقال أَبُو حنيفة، وسُفْيَان، ومالك، وابن أَبِي ذئب، وأبو عَمْرو
الأوزاعي: إذا أصابت الغلات آفة أو غرق سقط الخراج عن صاحبها وإذا كانت
أرض من أراضي الخراج لعبد أو مكاتب أو امرأة فإن أَبَا حنيفة قال عليها
الخراج فقط، وقال سفيان، وبن أَبِي ذئب. ومالك: عليها الخراج وفيما بقي
منَ الغلة العشر.
وقال أَبُو حنيفة، والثوري في أرض الخراج بنى مُسْلِم أو ذمي فيها بناء
من حوانيت أو غيرها أنه لا شيء عَلَيْهِ فإن جعلها بستانا الزم الخراج
وقال مَالِك وابن أَبِي ذئب: نرى إلزامه الخراج لأن انتفاعه بالبناء
كانتفاعه بالزرع فأما أرض العشر فهو أعلم ما اتخذ فيها. وقال أَبُو
يوسف في أرض موات من أرض العنوة يحييها المسلم إنها له وهي أرض خراج إن
كانت تشرب من ماء الخراج فإن استنبط لها عينا أو سقاها من ماء السماء
فهي أرض عشر، وقال بشر: هي أرض عشر شربت من ماء الخراج أو غيره. وقال
أَبُو حنيفة. والثوري
(1/430)
وأصحابهما ومالك، وبن أَبِي ذئب، والليث
بْن سَعْد في أرض الخراج الَّتِي لا تنسب إِلَى أحد تقعد المسلمون فيها
فيتبايعون ويجعلونها سوقا أنه لا خراج عليهم فيها، وقال أَبُو يوسف:
إذا كانت في البلاد سنة أعجمية قديمة لم يغيره الإِسْلام ولم يبطلها
فشكاها قوم إِلَى الإمام لما ينالهم من مضرتها فليس له أن يغيرها، وقال
مَالِك، والشافعي: يغيرها وإن قدمت لأن عَلَيْهِ نفي كل سنة جائرة سنها
أحد منَ المسلمين فضلا عن ما سن أهل الكفر.
العطاء في خلافة عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه
حَدَّثَنَا عَبد اللَّه بْن صالح بْن مُسْلِم العجلي، قَالَ:
حَدَّثَنَا إسماعيل بْن المجالد عن أبيه مجالد بْن سَعِيد عَنِ الشعبي
قَالَ: لما افتتح عُمَر العراق والشام وجبى الخراج جمع أصحاب رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال إني قَدْ رأيت أن
أفرض العطاء لأهله، فقالوا نعم رأيت الرأي يا أمير الْمُؤْمِنِين،
قَالَ:
فبمن أبدأ قَالُوا: بنفسك، قَالَ لا ولكني أضع نفسي حيث وضعها اللَّه.
وأبدأ بآل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففعل فكتب
عائشة أم الْمُؤْمِنِين يرحمها اللَّه في اثني عشر ألفا، وكتب سائر
أزواج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عشرة آلاف، وفرض
لعلي بْن أَبِي طالب في خمسة آلاف، وفرض مثل ذلك لمن شهد بدرا من بني
هاشم.
وحدثني عَبْد الأعلى بْن حَمَّاد النرسي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّاد
بْن سلمة عَنِ الحجاج ابن أرطاة عن حبيب بْن أَبِي ثابت أن أزواج النبي
صلى الله عليه وسلم كن يتتابعن إِلَى العطاء، مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ
الواقدي عن عائذ بْن يَحْيَى عن أَبِي الحويرث عن جبير بْن الحويرث بْن
نقيذ أن عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه استشار المسلمين في تدوين
الديوان، فقال له علي بْن أَبِي طالب: تقسم كل سنة
(1/431)
ما اجتمع إليك من مال ولا تمسك منه شيئا،
وقال عُثْمَان: أرى مالا كثيرا يسع الناس وأن لم يحصوا حَتَّى يعرف من
أخذ ممن لم يأخذ حسبت أن ينتشر الأمر فقال له الوليد بْن هِشَام بْن
المغيرة: قَدْ جئت الشام فرأيت ملوكها قَدْ دونوا ديوانا وجندوا جندا
فدون ديوانا وجند جندا، فأخذ بقوله فدعا عقيل ابن أَبِي طالب ومخرمة
بْن نوفل وجبير بْن مطعم، وكانوا من لسان قريش فقال: اكتبوا الناس
عَلَى منازلهم فبدءوا ببني هاشم، اتبعوهم أَبَا بكر وقومه ثُمَّ عُمَر
وقومه عَلَى الخلافة، فلما نظر إليه عُمَر، قَالَ: وددت والله أنه هكذا
ولكن ابدؤا بقرابة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأقرب
فالأقرب حَتَّى تضعوا عُمَر حيث وضعه اللَّه تعالى، مُحَمَّد عَنِ
الواقدي عن أسامة بْن زيد بْن أسلم عن أبيه عن جده، قَالَ: جاءت بنو
عدي إِلَى عُمَر فقالوا: أنت خليفة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخليفة أَبِي بكر، وأبو بكر خليفة رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلو جعلت نفسك حيث جعلك هؤلاء القوم
الَّذِينَ كتبوا.
قَالَ: بخ بخ بني عدي أردتم الأكل عَلَى ظهري وأن أهب حسناتي لكم: لا
والله حَتَّى تأتيكم الدعوة، وأن يطبق عليكم الدفتر- يعني ولو أن
تكتبوا آخر الناس إن لي صاحبين سلكا طريقا فإن خالفتهما خولف أبى،
والله ما أدركنا الْفَضْل في الدنيا وما نرجو الثواب عَلَى عملنا إلا
بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو شرفنا وقومه أشرف العرب
ثُمَّ الأقرب فالأقرب، والله لئن جاءت الأعاجم بعمل وجئنا بغير عمل لهم
أولى بمحمد منا يوم القيامة، فإن من قصر به عمله لم يسرع به نسبه،
مُحَمَّد بْن سعد عن الواقدي عن محمد ابن عَبْد اللَّهِ عَنِ الزهري عن
سَعِيد عن قوم آخرين سماهم الواقدي، دخل حديث بعضهم في حديث بعض،
قَالُوا: لما أجمع عُمَر عَلَى تدوين الديوان وذلك في المحرم سنة عشرين
بدأ ببني هاشم في الدعوة، ثُمَّ الأقرب فالأقرب برسول اللَّه
(1/432)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان
القوم إذا استووا فى القرابة قدم أهل السابقة، ثُمَّ انتهى إِلَى
الأنصار فقالوا بمن نبدأ فقال ابدؤا برهط سَعْد بْن معاذ الأشهلي منَ
الأوس ثُمَّ الأقرب فالأقرب لسعد، وفرض عُمَر لأهل الديوان ففضل أهل
السوابق والمشاهد في الفرائض، وكان أَبُو بكر قَدْ سوى بَيْنَ الناس في
القسم فقيل لعمر في ذلك، فقال: لا أجعل من قاتل رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كمن قاتل معه، فبدأ بمن شهد بدرا منَ
المهاجرين والأنصار وفرض لكل رجل منهم خمسة آلاف درهم في كل سنة حليفهم
ومولاهم معهم بالسواء، وفرض لمن كان له إسلام كإسلام أهل بدر ومن
مهاجرة الحبشة ممن شهد أحدا أربعة آلاف درهم لكل رجل، وفرض لأبناء
البدريين ألفين ألفين إلا حسنا وحسينا فإنه ألحقهما بفريضة أبهما
لقرابتهما برسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ففرض لكل
واحد منهما خمسة آلاف، وفرض للعَبَّاس بْن عَبْد المطلب خمسة آلاف
لقرابته برسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال بعضهم:
فرض له سبعة آلاف درهم، وقال سائرهم لم يفضل أحدا عَلَى أهل بدر إلا
أزواج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه فرض لهن اثني
عشر ألفا اثني عشر ألفا وألحق بهن جويرية بنت الحارث وصفية بنت حيي بْن
أخطب، وفرض لمن هاجر قبل الفتح لكل رجل منهم ثلاثة آلاف درهم وفرض
لمسلمة الفتح لكل رجل منهم ألفين وفرض لغلمان أحداث من أبناء المهاجرين
كفرائض مسلمة الفتح، وفرض لعمر بْن أَبِي سلمة أربعة آلاف. فقال
مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن جحش: لم تفضل عُمَر علينا فقد هاجر
آباؤنا وشهدوا بدرا. فقال عُمَر: أفضله لمكانه منَ النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليأت الَّذِي يستغيث بأم مثل أم سلمة
أغيثه. وفرض لأسامة ابن زيد أربعة آلاف. فقال عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر:
فرضت لي في ثلاثة آلاف وفرضت لأسامة في أربعة آلاف وقد شهدت ما لم يشهد
أسامة. فقال عُمَر:
(1/433)
زدته لأنه كان أحب إِلَى رَسُول اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منك، وكان أبوه أحب إلى رسول الله
صلى الله عليه وَسَلَّمَ من أبيك، ثُمَّ فرض للناس عَلَى منازلهم
وقراءتهم القرآن وجهادهم، ثُمَّ جعل من بقى منَ الناس بابا واحدا،
فألحق من جاءه منَ المسلمين بالمدينة في خمسة وعشرين دينارا لكل رجل،
وفرض لآخرين معهم، وفرض لأهل اليمن وقيس بالشام والعراق لكل رجل ما
بَيْنَ ألفين إِلَى ألف إِلَى تسعمائة إِلَى خمسمائة إِلَى ثلاثمائة
ولم ينقص أحدا من ثلاثمائة وقال: لئن كثر المال لا فرض لكل رجل أربعة
آلاف درهم ألفا لسفره وألفا لسلاحه وألفا يخلفه لأهله وألفا لفرسه
ونعله، وفرض لنساء مهاجرات فرض لصفية بنت عَبْد المطلب ستة آلاف درهم
ولأسماء بنت عميس ألف درهم ولأم كلثوم بنت عقبة ألف درهم، ولأم عَبْد
اللَّهِ بْن مَسْعُود ألف درهم.
وقال الواقدي: فقد روى أنه فرض للنساء المهاجرات ثلاثة آلاف درهم لكل
واحدة، قَالَ الواقدي في إسناده: وأمر عُمَر فكتب له عمال أهل العوالي،
فكان يجري عليهم القوت، ثُمَّ كان عُثْمَان فوسع عليهم في القوت
والكسوة، وكان عُمَر يفرض للمنفوس مائة درهم، فإذا ترعرع بلغ به مائتي
درهم، فإذا بلغ زاده، وكان إذا أتى باللقيط فرض له مائة، وفرض له رزقا
يأخذه وليه كل شهر بقدر ما يصلحه ثُمَّ ينقله من سنة إِلَى سنة، وكان
يوصي بهم خيرا ويجعل رضاعهم ونفقتهم من بيت المال.
وحدثنا مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي، قَالَ حدثني: حزام بْن هِشَام
الكعبي عن أبيه، قَالَ: رأيت عُمَر بْن الخطاب يحمل ديوان خزاعة حَتَّى
ينزل قديد فتأتيه بقديد فلا يغيب عنه امرأة بكر ولا ثيب فيعطيهن في
أيديهن، ثُمَّ يروح فينزل عسفان فيفعل ذلك أيضا حَتَّى تُوُفِّيَ،
مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي عن أَبِي بكر بْن أَبِي سبرة عن
مُحَمَّد بْن زيد، قَالَ: كان ديوان حمير عَلَى عهد عُمَر على
(1/434)
حده، مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ، قَالَ قَدِمَ
خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ الْعُذْرِيُّ عَلَى عُمَرَ، فَسَأَلَهُ عَمَّا
وَرَاءَهُ، فَقَالَ: تَرَكْتُهُمْ يَسْأَلُونَ اللَّهَ لَكَ أَنْ
يَزِيدَ فِي عُمْرِكَ مِنْ أَعْمَارِهِمْ مَا وَطِئَ أَحَدٌ
الْقَادِسِيَةَ إِلا وَعَطَاؤُهُ أَلْفَانِ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ
مِائَةً، وَمَا مِنْ مَوْلُودٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إِلا
أُلْحِقَ فِي مِائَةٍ وَجَرِيبَيْنِ فِي كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ عُمَرُ:
إِنَّمَا هُوَ حَقُّهُمْ وَأَنَا أَسْعَدُ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِمْ لَوْ
كَانَ مِنْ مَالِ الْخَطَّابِ مَا أَعَطَيْتُهُمُوهُ، وَلَكِنْ قَدْ
عَلِمْتُ أَنَّ فِيهِ فَضْلا، فَلَوْ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ عَطَاءُ
أَحَدِ هَؤُلاءِ ابْتَاعَ مِنْهُ غَنَمًا فَجَعَلَهَا بِسَوَادِهِمْ
فَإِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ ثَانِيَةً ابْتَاعَ الرَّأْسَ
وَالرَّأْسَيْنِ فَجَعَلَهُ فِيهَا فَإِنْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ
كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ قَدِ اعْتَقَدُوهُ، فَإِنِّي لا أَدْرِي مَا
يَكُونُ بَعْدِي، وَإِنِّي لأُعِمُّ بِنَصِيحَتِي مَنْ طَوَّقَنِي
اللَّهُ أَمْرَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ مَاتَ غَاشًّا لِرَعِيَّتِهِ لَمْ يَرِحْ رِيحَ
الْجَنَّةِ. وحدثني مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي عن مُحَمَّد بْن
عَمْرو عَنِ الْحَسَن، قَالَ:
كتب عُمَر إِلَى حذيفة أن أعط الناس أعطيتهم وأرزاقهم، فكتب إليه إنا
قَدْ فعلنا وبقي شيء كثير، فكتب إليه: أنه فيئهم الَّذِي أفاءه اللَّه
عليهم ليس هُوَ لعمر ولا لآل عُمَر فاقسمه بينهم قال: وحدثنا وهب بن
بقية وَمُحَمَّد بْن سَعْد، قالا: حَدَّثَنَا يزيد بْن هارون، قَالَ:
أنبأنا مُحَمَّد بْن عُمَر عن أَبِي سليمة عن أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قدم
عَلَى عُمَر منَ البحرين، قَالَ: فلقيته في صلاة العشاء الآخرة فسلمت
عَلَيْهِ، فسألني عَنِ الناس، ثُمَّ قَالَ لي: ما جئت به، قلت: جئت
بخمسمائة ألف، قَالَ: هل تدري ما تقول قلت:
جئت بخمسمائة ألف، قَالَ: ماذا تقول؟ قلت مائة ألف ومائة ألف، ومائة
ألف، فعددت خمسا، فقال: إنك ناعس، فارجع إِلَى أهلك فنم، فإذا أصبحت
فأتني، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فغدوت إليه فقال ما جئت به قلت خمسمائة
ألف، قَالَ: أطيب؟ قلت: نعم لا أعلم إلا ذاك
(1/435)
فقال للناس: إنه علينا مال كثير، فإن شئتم
أن نعده لكم عددا، وإن شئتم أن نكيله لكم كيلا فقال له رجل. يا أمير
الْمُؤْمِنِين إني قَدْ رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديوانا يعطون الناس
عَلَيْهِ، قَالَ: فدون الديوان وفرض للمهاجرين الأولين في خمسة آلاف،
وللأنصار في أربعة آلاف، ولأزواج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في اثني عشر ألفا.
قَالَ يزيد، قَالَ مُحَمَّد: فحدثني ابن خصيفة عن عَبْد اللَّهِ بْن
رافع عن برزة بنت رافع، قالت: لما خرج العطاء أرسل عُمَر إِلَى زينب
بنت جحش بالذي لها، فلما أدخل إليها، قالت: غفر اللَّه لعمر، غيري منَ
أخواتي كانت أقوى عَلَى قسم هَذَا مني، قَالُوا: هَذَا كله لك، قالت:
سبحان اللَّه واستترت منه بثوب، ثُمَّ قالت صبوه واطرحوا عَلَيْهِ
ثوبا. ثُمَّ قالت لى: ادخلى يديك واقبضي منه قبضة فاذهبي بها إِلَى بني
فلان وبني فلان من ذوي رحمها وأيتام لها.
فقسمته حَتَّى بقيت منه بقية تحت الثوب. قالت برزة بنت رافع: فقلت غفر
اللَّه لك يا أم الْمُؤْمِنِين، والله لقد كان لنا في هَذَا المال حق،
قالت فلكم ما تحت الثوب فوجدنا تحته خمسمائة وثمانين درهما، ثُمَّ رفعت
يدها إِلَى السماء فقالت اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هَذَا،
قَالَ فماتت.
حَدَّثَنَا أَبُو عبيد، قال: حدثنا عبد الله بن صالح عَنِ الليث عن
مُحَمَّد بْن عجلان، قَالَ: لما دون عُمَر الدواوين. قَالَ: بمن نبدأ
قَالُوا: بنفسك قَالَ:
لا إن رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أما منا فبرهطه نبدأ ثُمَّ
بالأقرب فالأقرب.
حَدَّثَنَا عَمْرو الناقد. قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الوهاب الثقفي عن
جَعْفَر بْن مُحَمَّد عن أبيه أن عُمَر بْن الخطاب ألحق الْحَسَن
والْحُسَيْن بأبيهما ففرض لهما خمسة ألاف درهم وحدثنا الْحُسَيْن بْن
علي بْن الأسود. قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيع عن سُفْيَان الثوري عن
جَعْفَر بْن مُحَمَّد عن أبيه. قَالَ: لما وضع عُمَر الديوان استشار
(1/436)
الناس بمن يبدأ، فقالوا: ابدأ بنفسك. قَالَ
لا ولكني أبدأ بالأقرب فالأقرب من رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فبدأ بهم.
حدثنا الحسين بن الأسود. قال: حدثنا وكيع عن سُفْيَان عن أَبِي
إِسْحَاق عن مصعب بْن أسعد: أن عُمَر فرض لأهل بدر في ستة آلاف ستة
آلاف. وفرض لأمهات الْمُؤْمِنِين في عشرة آلاف عشرة آلاف.
وفضل عائشة بألفين لحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إياها. وفرض لصفية وجويرية في ستة آلاف ستة آلاف. وفرض لنساء
منَ المهاجرات في ألف ألف. منهن أم عَبْد وهي أم عَبْد اللَّهِ بْن
مَسْعُود.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن. قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيع عَنِ إسماعيل بْن
أَبِي خالد عن قيس بْن أَبِي حازم. قال: فرض لأهل عمر بدر عربهم
ومواليهم في خمسة آلاف خمسة آلاف. وقال لأفضلنهم عَلَى من سواهم.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن. حَدَّثَنَا وَكِيع عَنِ إسرائيل عن جابر عن
عَامِر. قَالَ كان فيهم خمسة منَ العجم. منهم تميم الداري. وبلال.
قَالَ وَكِيع. الدار من لحم ولكنى الشعبي قَالَ هَذَا.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن. قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيع عن سُفْيَان عَنِ
الأسود بْن قيس عن شيخ لهم. قَالَ: سمعت عُمَر يقول لئن بقيت إِلَى
قابل لألحقن سفلة المهاجرين في ألفين ألفين.
وحدثنا أَبُو عُبَيْد. قَالَ: حدثنا عبد الله بن صالح المصري عن الليث
بْن سَعْد عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن خَالِد الفهمي عَنِ ابن شهاب: أن
عُمَر حين دون الدواوين فرض لأزواج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ اللاتي نكح نكاحا اثني عشر ألف درهم اثني عشر ألف درهم. وفرض
لجويرية وصفية بنت حيي بْن أخطب ستة آلاف درهم ستة آلاف درهم. لأنهما
كانتا مما أفاء اللَّه عَلَى رسوله.
(1/437)
وفرض للمهاجرين الَّذِينَ شهدوا بدرا خمسة
آلاف خمسة آلاف، وفرض للأنصار الَّذِينَ شهدوا بدرا أربعة آلاف أربعة
آلاف، وعم بفريضته كل صريح وحليف ومولى شهد بدرا فلم يفضل أحدا عَلَى
أحد.
حَدَّثَنَا عَمْرو الناقد وأبو عبيد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن
يونس عن أَبِي خيثمة قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق عن مصعب بْن
سَعْد: أن عُمَر فرض لأهل بدر منَ المهاجرين والأنصار ستة آلاف ستة
آلاف، وفرض لنساء النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرة
آلاف عشرة آلاف، وفضل عليهن عائشة ففرض لها اثني عشر ألف درهم، وفرض
لجويرية وصفية ستة آلاف ستة آلاف، وفرض للمهاجرات الأول أسماء بنت
عميس، وأسماء بنت أَبِي بكر، وأم عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُود ألفا
ألفا.
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن الأسود، قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيع عن
مُحَمَّد بْن قيس الأسدي قال: حدثني والدتي أم الحكم أن عليا ألحقها
مائة منَ العطاء. وحدثنا الْحُسَيْن قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيع عن
سُفْيَان عَنِ الشيباني عن يسير بْن عَمْرو: أن سعدا فرض لمن قرأ
القرآن في ألفين ألفين، قَالَ: فكتب إليه عُمَر لا تعط عَلَى القرآن
أحدا.
حَدَّثَنَا أَبُو عبيد، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة عن
يزيد ابن أَبِي حبيب: أن عُمَر جعل عَمْرو بْن العاصي في مائتين لأنه
أمير، وعمير بْن وهب الجمحي في مائتين، لصبره عَلَى الضيق، وبسر بْن
أَبِي أرطاة في مائتين، لأنه صاحب فتح. وقال رب فتح قَدْ فتحه اللَّه
عَلَى يده، فقال أَبُو عُبَيْد: يعني بهذا العدد الدنانير.
وقال أَبُو عُبَيْد: حَدَّثَنَا عَبْد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن
يزيد بن أبي حبيب أن عمر كتب إلى عمرو بن العاصي أن افرض لمن بايع تحت
الشجرة في مائتين منَ العطاء، قَالَ: يعني مائتي دينار، وأبلغ ذلك
لنفسك بإمارتك، وافرض لخارجة بْن حذافة في شرف العطاء لشجاعته.
(1/438)
وحدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا عبد الله بن
صالح عن الليث بن سعد عن محمد ابن عَجْلانَ: أَنَّ عُمَرَ فَضَّلَ
أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمْ يَزَلِ
النَّاسُ لِعَبْدِ اللَّهِ حَتَّى كَلَّمَ عُمَرَ، فَقَالَ:
أَتُفَضِّلُ عَلَيَّ مَنْ لَيْسَ بِأَفْضَلِ مِنِّي؟ فَرَضْتَ لَهُ فِي
أَلْفَيْنِ وَلِي فِي أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ! فَقَالَ
عُمَرُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ لأَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ كَانَ أَحَبَّ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُمَرَ،
وَأَنَّ أُسَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ
سَعِيدٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَلَّمَ
أَبَاهُ فِي تَفْضِيلِ أُسَامَةَ عَلَيْهِ فِي الْعَطَاءِ، وَقَالَ:
وَاللَّهِ مَا سَبَقَنِي إِلَى شَيْءٍ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ أَبَاهُ
كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم من أبيك،
وَأَنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الصباح البزار: حَدَّثَنَا هشيم عن مَنْصُور
عَنِ الْحَسَن، قَالَ:
أن قوما قدموا عَلَى عامل لعمر بْن الخطاب فأعطى العرب منهم وترك
الموالي فكتب إليه عُمَر: أما بعد فبحسب المرء منَ الشر أن يحقر أخاه
المسلم والسلام.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد حَدَّثَنَا خَالِد بْن عَمْرو عَنِ إسرائيل
عن عمار الدهني عن سالم بْن أَبِي الجعد أن عُمَر جعل عطاء عمار بْن
ياسر ستة آلاف درهم.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِد عَنْ إسرائيل عَنِ
إسماعيل بْن سميع عن مُسْلِم البطين: أن عُمَر جعل عطاء سلمان أربعة
آلاف درهم. وحدثنا روح بْن عَبْد المؤمن، قَالَ: حدثني يعقوب عن
حَمَّاد عن حميد عن أنس، قَالَ: فرض عُمَر للهرمزان في ألفي منَ
العطاء.
حدثني العمري، قَالَ حدثني أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ الطائي عَنِ
المجالد عَنِ الشعبي، قَالَ: لما هم عُمَر بْن الخطاب فى سنة عشرين
بتدين الدواوين، دعا بمخرمة بْن نوفل
(1/439)
وجبير بْن مطعم، فأمرهما أن يكتبا الناس
عَلَى منازلهم فكتبوا بني هاشم، ثُمَّ اتبعوهم، أَبَا بكر وقومه، وعمر
وقومه. فلما نظر عمر فى الكتاب، قال: وددت أتى في القرابة برسول اللَّه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كذا ابدؤا بالأقرب فالأقرب، ثُمَّ ضعوا
عُمَر بحيث وضعه اللَّه، فشكر العَبَّاس بْن عَبْد المطلب رحمه اللَّه
عَلَى ذلك وقال: وصلتك رحم، قَالَ فلما وضع عُمَر الديوان، قَالَ أَبُو
سُفْيَان بْن حرب: أديوان مثل ديوان بني الأصفر، أنك إن فرضت للناس
اتكلوا عَلَى الديوان وتركوا التجارة، فقال عُمَر: لا بد من هذا فقد
كثر فى المسلمين، قال: وفرض عُمَر لدهقان نهر الملك ولابن النخيرخان،
ولخالد وجميل ابني بصبهرى دهقان الفلاليج، ولبسطام بْن نرسي دهقان بابل
وخطرنية، وللرفيل دهقان العال، والهرمزان، ولجفينة العبادي في ألف ألف،
ويقال أنه فضل الهرمزان ففرض له ألفين.
وحدثنا أَبُو عُبَيْد عَنِ إسماعيل بْن عياش عن أرطاة بْن المنذر عن
حكيم ابن عمير أن عُمَر بْن الخطاب كتب إِلَى أمراء الأجناد ومن أعتقتم
منَ الحمراء فأسلموا فألحقوهم بمواليهم لهم ما لهم وعليهم ما عليهم،
وأن أحبوا أن يكونوا قبيلة وحدهم فأجعلهم أسوتهم في العطاء.
حَدَّثَنَا هِشَام بْن عمار عن بقية عن أَبِي بكر بْن عَبْد اللَّهِ
بْن أَبِي مريم عن أبيه عن أَبِي عُبَيْدة أن رجالا من أهل البادية
سألوه أن يرزقهم، فقال والله لا أرزقكم حَتَّى أرزق أهل الحاضرة.
وحدثنا أَبُو عُبَيْدة قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو اليمان، قَالَ:
حَدَّثَنَا صفوان بْن عَمْرو، قَالَ. كتب عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ
إِلَى يزيد بْن حصين: أن مر للجند بالفريضة، وعليك بأهل الحاضرة.
حَدَّثَنَا أبو عبيد، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم عن عُبَيْد اللَّه
بْن عُمَر العمري عن نافع عَنِ ابن عُمَر أن عُمَر كان لا يعطي أهل مكة
عطاء ولا يضرب عليهم بعثا، ويقول: كذا وكذا.
(1/440)
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ
سَلامٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ
عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
«مَنْ تَرَكَ كَلأً فَإِلَيْنَا وَمَنْ تَرَكَ مَالا فَلِوَرَثَتِهِ»
حدثني هِشَام بْن عمار الدمشقي، قَالَ، حَدَّثَنَا الوليد بْن مُسْلِم
عن سليمان بن أبى العاتكة وكلثوم بْن زياد، قَالَ. حدثني سُلَيْمَان
بْن حبيب أن عُمَر أرض لعيال المقاتلة وذريتهم العشرات، قَالَ. فأمضى
عُثْمَان ومن بعده منَ الولاة ذلك وجعلوها موروثة يرثها ورثة الميت ممن
ليس في العطاء، حَتَّى كان عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، قَالَ
سُلَيْمَان، فسألني عن ذلك، فأخبرته بهذا فأنكر الوراثة، وقال اقطعها
وأعم بالفريضة. فقلت. فإنى أتخوف أن يستن بك من بعدك في قطع الوراثة
ولا يستن بك في عموم الفريضة، قَالَ: صدقت وتركهم.
حدثني بكر بْن الهيثم: حدثنا عبد الله بن صالح عن ابن لهيعة عن أَبِي
قبيل، قَالَ: كان عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه يفرض للمولود إذا
ولد في عشرة فإذا بلغ أن يفرض له ألحق بالفريضة، فلما كان معاوية فرض
ذلك للفطيم، فلما كان عَبْد الملك بْن مروان قطع ذلك كله إلا عمن شاء.
حَدَّثَنَا عَفَّان، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد، قَالَ أنبأنا يَحْيَى بْن
المتوكل عن عَبْد اللَّهِ ابن نافع عَنِ ابن عُمَر أن عُمَر كان لا
يفرض للمولود حَتَّى يفطم، ثُمَّ نادى مناديه لا تعجلوا أولادكم عَنِ
الفطام فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام. وحدثنا عَمْرو الناقد، قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يونس عن زهير بْن معاوية عن أَبِي إِسْحَاق أن
جده مر عَلَى عُثْمَان. فقال له: كم معك من عيالك يا شيخ؟ قَالَ، معي
كذا، قَالَ قَدْ فرضنا لك وفرضنا لعيالك مائة مائة.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد. قَالَ، حَدَّثَنَا مروان بْن شجاع الجزري،
قَالَ، اثبتني عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ وأنا فطيم في عشرة دنانير.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد الشامي،
(1/441)
قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سُفْيَان
الثوري عن أَبِي الجحاف عن رجل من خثعم، قَالَ ولد لي فأتيت به عليا
فأثبته في مائة.
حدثني عَمْرو الناقد، قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سُفْيَان عن
عَبْد اللَّهِ بْن شريك عن بشر بْن غالب، قَالَ سئل الْحُسَيْن بْن علي
أو قَالَ الْحَسَن بْن علي شك عَمْرو متى يجب سهم المولود؟ قَالَ إذا
استهل.
حدثني عَمْرو الناقد، قَالَ. حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عيينة عن عَمْرو
بْن دينار عَنِ الْحَسَن بْن مُحَمَّد أن ثلاثة مملوكين لبني عَفَّان
شهدوا بدرا، فكان عُمَر يعطي كل إنسان منهم كل سنة ثلاثة آلاف درهم.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد قَالَ حَدَّثَنَا ابن أَبِي عدي عن سُفْيَان
عن زهير بْن ثابت أو ابن أَبِي ذئب عن ذهل بْن أوس:
أن عليا أتي بمنبوذ فأثبته في مائة.
وحدثني عَمْرو والْقَاسِم بْن سلام قالا حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يونس
عن زهير وحدثني عَبْد اللَّهِ صالح المقري عن زهير بْن معاوية قال
حدثنا أبى إِسْحَاق عن حارثة بْن المضرب أن عُمَر بْن الخطاب أمر بجريب
من طعام فعجن ثُمَّ خبز ثُمَّ برد بزيت، ثُمَّ دعا بثلاثين رجلا فأكلوا
منه غداءهم حَتَّى أصدرهم، ثُمَّ فعل بالعشى مثل ذلك، فقال يكفي الرجل
جريبان كل شهر، فكان يرزق الناس الرجل والمرأة والمملوك جريبين كل شهر،
قَالَ عَبْد اللَّهِ بْن صالح أن الرجل كان يدعو عَلَى صاحبه فيقول رفع
اللَّه جريبيك أي قطعهما عنك بالموت، فبقي ذلك في ألسن الناس إِلَى
اليوم.
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد، قَالَ: حدثني أَبُو اليمان عن صفوان بْن
عُمَر عن أَبِي الزاهرية أن أَبَا الدرداء، قَالَ رب سنة راشدة مهدية
قَدْ سنها عُمَر في أمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
منها المديان والقسطان. حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدة، قال حدثنا سعيد بن
أبي مريم عن ابن لهيعة عن قيس بْن رافع أنه سمع سُفْيَان بْن وهب
(1/442)
يقول قَالَ عَمْرو أخذ المدى بيد والقسط
بيد: إني قَدْ فرضت لكل نفس مسلمة فى كل شهر مديى حنطة وقسطي زيت وقسطي
خل، فقال رجل:
والعبد، قَالَ: نعم والعبد.
حدثني هِشَام بْن عمار، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن حَمْزَة، قَالَ:
حدثني تميم ابن عطية، قَالَ: حدثني عَبْد اللَّهِ بْن قيس: أن عُمَر
بْن الخطاب صعد المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ: إنا
أجرينا عليكم أعطياتكم وأرزاقكم في كل شهر وفي يديه المدى والقسط،
قَالَ: فحركهما، وقال: فمن انتقصهم فعل اللَّه به كذا وكذا ودعا
عَلَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن أَبِي زائدة
عن معقل بْن عُبَيْد اللَّه عن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ أنه كان إذا
استوجب الرجل عطاءه ثُمَّ مات أعطاه ورثته.
حَدَّثَنَا عَفَّان وخلف البزار ووهب بْن بقية، قَالُوا: أنبأنا يزيد
بْن هارون، قَالَ: أنبأنا إسماعيل بْن أَبِي خالد عن قيس بْن أَبِي
حازم، قَالَ:
قَالَ الزبير بْن العوام لعُثْمَان بْن عَفَّان رضي اللَّه عنهما بعد
موت عبد الله بن معسود: أعطني عطاء عَبْد اللَّهِ فعياله أحق به من بيت
المال فأعطاه خمسة عشر ألفا قَالَ يزيد قَالَ إسماعيل: وكان الزبير وصي
بن مسعود.
وحدثني بن أَبِي شيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن موسى عن
علي بْن صالح بْن حي عن سماك بْن حرب. أن رجلا مات في الحي بعد ثمانية
أشهر مضت منَ السنة فأعطاه عُمَر ثلثي عطائه.
أمر الخاتم
حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ،
قَالَ: أَنْبَأَنَا قَتَادَةُ قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مالك يقول: لما أراد رسول اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى مَلِكِ الروم قيل له أنهم لا يقرأون
الْكِتَابَ إِلا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا، قَالَ:
(1/443)
فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ،
فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ وَنُقِشَ عَلَيْهِ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ
بْنُ دَاوُدَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ
قَالَ أَنْبَأَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَجَعَلَ
فَصَّهُ مِنْ باطن كفه. حدثني محمد بن حبان الْحَيَّانِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ
فِضَّةٍ كُلُّهُ وَفَصُّهُ مِنْهُ. حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الحسن،
قَالَ: كَانَ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِنْ
وَرِقٍ وَكَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا.
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ خَالِدٌ، قَالَ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى
عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ، قَدْ صَنَعْتُ
خَاتَمًا فَلا يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ على نقشه، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ
الْهَيْثَمِ، قَالَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ
الزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ، قَالا، اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَنُقِشَ عَلَيْهِ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَخْتِمُ بِهِ ثُمَّ
عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ، وَكَانَ فِي يَدِهِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فِي
الْبِئْرِ فَنُزِفَتْ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي
النِّصْفِ مِنْ خِلافَتِهِ، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا وَنَقَشَ عَلَيْهِ
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فِي ثَلاثَةِ أَسْطُرٍ، قَالَ قَتَادَةُ
وَخَرْبَةُ.
حَدَّثَنَا هناد، قَالَ: حَدَّثَنَا الأسود بْن شيبان، قَالَ:
أَخْبَرَنَا خَالِد بْن سمير قَالَ: انقش رجل يقال له معن بْن زائدة
عَلَى خاتم الخلافة فأصاب مالا من خراج الكوفة عَلَى عهد عُمَر، فبلغ
ذلك عُمَر، فكتب إِلَى المغيرة بْن شعبة أنه بلغني أن رجلا يقال له معن
بْن زائدة انتقش عَلَى خاتم الخلافة فأصاب به مالا من خراج الكوفة،
فإذا أتاك كتابي هَذَا فنفذ فيه أمري وأطع رسولي فلما صلى المغيرة
العصر وأخذ الناس مجالسهم خرج ومعه رَسُول عُمَر فاشرأب
(1/444)
الناس ينظرون إليه حَتَّى وقف عَلَى معن
ثُمَّ قَالَ للرسول: إن أمير الْمُؤْمِنِين أمرني أن أطيع أمرك فيه
فمرني بما شئت، فقال الرسول أدع لي بجامعة أعلقها في عنقه فأتي بجامعة
فجعلها في عنقه وجبذها جبذا شديدا، ثُمَّ قَالَ للمغيرة احبسه حَتَّى
يأتيك فيه أمر أمير الْمُؤْمِنِين ففعل، وكان السجن يومئذ من قصب فتمحل
معن للخروج وبعث إِلَى أهله أن ابعثوا لي بناقتي وجاريتي وعباءتي
القطوانية ففعلوا فخرج منَ الليل وأردف جاريته، فسار حَتَّى إذا رهب أن
يفضحه الصبح أناخ ناقته وعلقها، ثُمَّ كمن حَتَّى كف عنه الطلب.
فلما أمسى أعاد عَلَى ناقته العباءة وشد عليها وأردف جاريته، ثُمَّ سار
حَتَّى قدم عَلَى عُمَر وهو موقظ المتهجدين لصلاة الصبح ومعه درته،
فجعل ناقته وجاريته ناحية ثُمَّ دنا من عُمَر فقال. السلام عليك يا
أمير الْمُؤْمِنِين ورحمة اللَّه وبركاته، فقال: وعليك. من أنت؟ قَالَ:
معن بْن زائدة جئتك تائبا، قَالَ: أبت فلا يحيك اللَّه، فلما صلى صلاة
الصبح، قَالَ للناس:
مكانكم، فلما طلعت الشمس، قَالَ: هَذَا معن بْن زائدة انتقش عَلَى خاتم
الخلافة فأصاب فيه مالا من خراج الكوفة فما تقولون فيه، فقال قائل:
اقطع يده، وقال قائل: أصلبه وعلي ساكت فقال له عُمَر: ما تقول أَبَا
الْحَسَن قَالَ: يا أمير الْمُؤْمِنِين رجل كذب كذبة عقوبته في بشره
فضربه عُمَر ضربا شديدا- أو قَالَ مبرحا- وحبسه فكان في الحبس ما شاء
اللَّه ثُمَّ أنه أرسل إِلَى صديق له من قريش أن كلم أمير
الْمُؤْمِنِين في تخلية سبيلي، فكلمه القرشي، فقال يا أمير
الْمُؤْمِنِين معن بْن زائدة قَدْ أصبته منَ العقوبة بما كان له أهلا،
فإن رأيت أن تخلي سبيله، فقال عُمَر: ذكرتني الطعن وكنت ناسيا، علي
بمعن فضربه ثُمَّ أمر به إِلَى السجن فبعث معن إِلَى كل صديق له: لا
تذكروني لأمير الْمُؤْمِنِين، فلبث محبوسا ما شاء اللَّه ثُمَّ أن
(1/445)
عُمَر انتبه له، فقال: معن فأتي به فقاسمه
وخلى سبيله.
حدثني المفضل اليشكري وأبو الْحَسَن المدائني عن بْن جابان عن بْن
المقفع قَالَ: كان ملك الفرس إذا أمر بأمر وقعه صاحب التوقيع بَيْنَ
يديه وله خادم يثبت ذكره عنده في تذكرة تجمع لكل شهر فيختم عليها الملك
خاتمه وتخزن ثُمَّ ينفذ التوقيع إِلَى صاحب الزمام وإليه الختم فينفذه
إِلَى صاحب العمل فيكتب به كتابا منَ الملك وينسخ في الأصل ثُمَّ ينفذ
إِلَى صاحب الزمام فيعرضه عَلَى الملك فيقابل به ما في التذكرة ثُمَّ
يختم بحضرة الملك أو أوثق الناس عنده.
وحدثني المدائني عن مسلمة بْن محارب، قَالَ كان زياد بْن أَبِي
سُفْيَان أول منَ اتخذ من العرب ديوان زمام وحاتم امتثالا لما كانت
الفرس تفعله.
حدثني مفضل اليشكري، قَالَ: حدثني بْن جابان عن بْن المقفع، قَالَ كان
لملك من ملوك فارس خاتم للسر، وخاتم للرسل، وخاتم للتخليد يختم به
السجلات والاقطاعات وما أشبه ذلك من كتب الشريف، وخاتم للخراج فكان
صاحب الزمام يليها، وربما أفرد بخاتم السر والرسائل رجل من خاصة الملك.
وحدثني أَبُو الْحَسَن المدائني عَنِ ابن جابان عن بْن المقفع، قَالَ:
كانت الرسائل بحمل المال تقرأ عَلَى الملك وهي يومئذ تكتب في صحف بيض
وكان صاحب الخراج يأتي الملك كل سنة بصحف موصلة قَدْ أثبت فيها مبلغ ما
اجتبى منَ الخراج وما أنفق في وجوه النفقات، وما حصل في بيت المال
فيختمها ويجريها، فلما كان كسرى بن هرمزابر ويزتأذى بروائح تلك الصحف
وأمر أن لا يرفع إليه صاحب ديوان خراجه ما يرفع إلا في صحف مصفرة
بالزعفران وماء الورد وأن لا تكتب الصحف الَّتِي تعرض عَلَيْهِ بحمل
المال وغير ذلك إلا مصفرة ففعل ذلك، فلما ولى صالح بْن
(1/446)
عَبْد الرَّحْمَنِ خراج العراق تقبل منه
ابن المقفع بكور دجلة، ويقال بالبهقباذ فحمل مالا فكتب رسالته في جلد
وصفرها فضحك صالح، وقال أنكرت أن يأتي بها غيره يقول لعلمه بأمور
العجم.
قال أَبُو الْحَسَن، وأخبرني مشايخ منَ الكتاب أن دواوين الشام إنما
كانت في قراطيس، وكذلك الكتب إِلَى ملوك بني أمية في حمل المال وغير
ذلك، فلما ولى أمير الْمُؤْمِنِين المَنْصُور أمر وزيره أَبَا أيوب
المورياني أن يكتب الرسائل بحمل الأموال في صحف، وأن تصفر الصحف، فجرى
الأمر عَلَى ذلك.
أمر النقود
حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بن الأسود، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قَالَ:
حدثني الْحَسَن بْن صالح، قَالَ: كانت الدراهم من ضرب الأعاجم مختلفة
كبارا وصغارا فكانوا يضربون منها مثقالا وهو وزن عشرين قيراطا ويضربون
منها وزن اثني عشر قيراطا ويضربون عشرة قراريط وهي أنصاف المثاقيل فلما
جاء اللَّه بالإسلام واحتيج في أداء الزكاة إِلَى الأمر الواسط فأخذوا
عشرين قيراطا واثني عشر قيراطا وعشرة قراريط فوجدوا ذلك اثنين وأربعين
قيراطا، فضربوا عَلَى وزن الثلث من ذلك وهو أربعة عشر قيراطا فوزن
الدرهم العربي أربعة عشر قيراطا من قراريط الدينار الْعَزِيزِ، فصار
وزن كل عشرة دراهم سبع مثاقيل وذلك مائة وأربعون قيراطا وزن سبعة.
وقال غير الْحَسَن بْن صالح: كانت دراهم الأعاجم ما العشرة منها وزن
عشرة مثاقيل، وما العشرة منها وزن ستة مثاقيل، وما العشرة منها وزن
خمسة مثاقيل فجمع ذلك فوجد إحدى وعشرين مثقالا فأخذ ثلثه وهو سبعة
مثاقيل فضربوا دارهم وزن العشرة منها سبعة مثاقيل القولان ترجع إلى شيء
واحد، وحدثني محمد
(1/447)
ابن سَعْد، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن
عُمَر الأسلمي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله ابن موهب عن أبيه عن
عَبْد اللَّهِ بْن ثعلبة بْن صعير، قَالَ: كانت دنانير هرقل ترد عَلَى
أهل مكة في الجاهلية وترد عليهم دراهم الفرس البغلية، فكانوا لا
يتبايعون إلا على أنها تبر وكان المثقال عندهم، معروف الوزن وزنه اثنان
وعشرون قيراطا إلا كسرا، ووزن العشرة الدراهم سبعة مثاقيل فكان الرطل
اثني عشر أوقية وكل أوقية أربعين درهما، فأقر رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك وأقره أَبُو بكر وعمر وعُثْمَان وعلي
فكان معاوية فأقر ذلك عَلَى حاله ثُمَّ ضرب مصعب بْن الزبير في أيام
عَبْد اللَّهِ بْن الزبير دراهم قليلة كسرت بعد فلما ولى عَبْد الملك
بْن مروان سأل وفحص عن أمر الدراهم والدنانير فكتب إِلَى الحجاج بْن
يوسف أن يضرب الدراهم عَلَى خمسة عشر قيراطا من قراريط الدنانير، وضرب
هُوَ الدنانير الدمشقية، قَالَ عُثْمَان قَالَ أَبِي: فقدمت المدينة
وبها نفر من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وغيرهم منَ التابعين فلم ينكروا ذلك قَالَ مُحَمَّد بْن سَعْد: وزن
الدرهم من دراهمنا هذه أربعة عشر قريطا من قراريط مثقالنا الَّذِي جعل
عشرين قيراطا وهو وزن خمسة عشر قيراطا من إحدى وعشرين قيراطا وثلاثة
أسباع.
حدثني مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عمر، قال
حدثني اسحق بْن حازم عَنِ المطلب بْن السائب عن أَبِي وداعة السهمي أنه
أراه وزن المثقال، قَالَ فوزنته فوجدته وزن مثقال عَبْد الملك بْن
مروان، قَالَ هَذَا كان عند أَبِي وداعة بْن ضبيرة السهمي في الجاهلية.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَاقِدِيُّ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ بَابِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
سَابِطٍ الْجُمَحِيِّ، قَالَ: كَانَتْ لِقُرْيَشٍ أَوْزَانٌ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ فَدَخَلَ الإِسَلامُ فَأَقَرَّتْ عَلَى مَا كَانَتْ
عَلَيْهِ، كَانَتْ قُرَيشٌ تَزِنُ الْفِضَّةَ بوزن
(1/448)
تُسَمِّيهِ دِرْهَمًا وَتَزِنُ الذَّهَبَ
بِوَزْنٍ تُسَمِيهِ دِينَارًا فَكُلُّ عَشَرَةٍ مِنْ أَوْزَانِ
الدَّرَاهِمِ سْبَعَةُ أَوْزَانِ الدَّنَانِيرِ، وَكَانَ لَهُمْ وَزْنُ
الشَّعِيرَةِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ السِّتِّينَ مِنْ وَزْنِ
الدِّرْهَمِ، وَكَانَتْ لَهُمُ الأُوقِيَّةُ وَزْنَ أَرْبَعِينَ
دِرْهَمًا وَالنَّشُّ وَزْنُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَكَانَتْ لَهُمُ
النَّوَاةُ وَهِيَ وَزْنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فَكَانُوا يَتَبَايَعُونَ
بِالتِّبْرِ عَلَى هَذِهِ الأَوْزَانِ، فَلَمَّا قَدِمَ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
وحدثني مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي، قَالَ حدثني ربيعة عن
عُثْمَان عن وهب ابن كيسان، قال رأيت الدنانير والدراهم قبل أن ينقشها
عَبْد الملك ممسوحة وهي وزن الدنانير الَّتِي ضربها عَبْد الملك.
وحدثني مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي عن عُثْمَان بْن عَبْد اللَّهِ
بْن موهب عن أبيه، قَالَ: قلت لسعيد بْن المسيب: من أول من ضرب
الدنانير المنقوشة، فقال عَبْد الملك بْن مروان، وكانت الدنانير ترد
رومية والدراهم كسروية في الجاهلية.
وحدثني محمد بن سعد، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عيينة عن أبيه أن
أول من ضرب وزن سبعة الحارث بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي ربيعة
المخزومي أيام ابن الزبير.
وحدثني مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن عُمَر، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابن أَبِي الزناد عن أبيه: أن عَبْد الملك أول من ضرب الذهب
عام الجماعة سنة أربع وسبعين قَالَ أَبُو الْحَسَن المدائني: ضرب
الحجاج الدراهم آخر سنة خمس وسبعين ثُمَّ أمر بضربها في جميع النواحي
سنة ست وسبعين.
وحدثني داود الناقد، قَالَ: سمعت مشايخنا يحدثون أن العباد من أهل
الحيرة كانوا يتروجون عَلَى مائة وزن ستة يريدون وزن ستين مثقالا دراهم
وعلى مائة وزن ثمانية يريدون ثمانين مثقالا دراهم وعلى مائة وزن خمسة
يريدون وزن خمسين مثقالا دراهم وعلى مائة وزن مائة مثقال، قال داود
(1/449)
الناقد: رأيت درهما عَلَيْهِ ضرب هَذِهِ
الدراهم بالكوفة سنة ثلاث وسبعين فأجمع النقاد أنه معمول، وقال رأيت
درهما شاذا لم ير مثله عَلَيْهِ عُبَيْد اللَّه ابن زياد فأنكر أيضا.
حدثني مُحَمَّد بْن سَعْد، قَالَ: حدثني الواقدي عن يَحْيَى بْن
النعمان الغفاري عن أبيه، قَالَ: ضرب مصعب الدراهم بأمر عَبْد اللَّهِ
بْن الزبير سنة سبعين عَلَى ضرب الأكاسرة وعليها بركة وعليها اللَّه،
فلما كان الحجاج غيرها. وروى عن هِشَام بْن الكلبي أنه، قَالَ: ضرب
مصعب مع الدراهم دنانير أيضًا.
حدثني داود الناقد، قَالَ: حدثني أَبُو الزبير الناقد، قَالَ: ضرب
عَبْد الملك شيئا منَ الدنانير في سنة أربع وسبعين ثُمَّ ضربها سنة خمس
وسبعين وأن الحجاج ضرب دراهم بغلية كتب عليها بسم اللَّه الحجاج، ثُمَّ
كتب عليها بعد سنة اللَّه أحد الله الصمد، فكره ذلك الفقهاء فسميت
مكروهة، قَالَ:
ويقال: أن الأعاجم كرهوا نقصانها فسميت مكروهة، قَالَ: وسميت السميرية
بأول من ضربها واسمه سمير.
حدثني عَبَّاس بْن هِشَام الكلبي عن أبيه، قَالَ: حدثني عوانة بْن
الحكم أن الحجاج سأل عما كانت الفرس تعمل به في ضرب الدراهم فاتخذ دار
ضرب وجمع فيها الطباعين، فكان يضرب المال للسلطان مما يجتمع له منَ
التبر وخلاصة الزيوف والستوقة والبهرجة، ثُمَّ أذن للتجار وغيرهم في أن
تضرب لهم الأوراق واستغلها من فضول ما كان يؤخذ من فضول الأجرة للصناع
والطباعين وختم أيدي الطباعين، فلما ولى عُمَر بْن هبيرة العراق ليزيد
بْن عَبْد الملك خلص الفضة أبلغ من تخليص من قبله وجود الدراهم فاشتد
فى الغيار، ثُمَّ ولى خَالِد بْن عَبْد اللَّهِ البجلي، ثُمَّ القسري
العراق لهِشَام بْن عَبْد الملك فاشتد في النقود أكثر من شدة ابن هبيرة
حَتَّى أحكم أمرها أبلغ من أحكامه، ثُمَّ ولى يوسف ابن عُمَر بعده
فأفرط فى الشدة على الطباعين وأصحاب
(1/450)
الغيار وقطع الأيدي وضرب الأبشار، فكانت
الهبيرية، والخالدية، واليوسفية: أجود نقود بني أمية، ولم يكن
المَنْصُور يقبل في الخراج من نقود بني أمية غيرها فسميت الدراهم
الأولى المكروهة.
حدثني مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي عن بْن أَبِي الزناد عن أبيه:
أن عَبْد الملك بْن مروان أول من ضرب الذهب والورق بعد عام الجماعة،
قَالَ فقلت لأبي: أرأيت قول الناس أن ابن مَسْعُود كان يأمر بكسر
الزيوف، قَالَ تلك زيوف ضربها الأعاجم فغشوا فيها.
حدثني عَبْد الأعلى بْن حَمَّاد النرسي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال:
حَدَّثَنَا داود بْن أَبِي هند عَنِ الشعبي عن علقمة بْن قيس أن ابن
مَسْعُود كانت له بقاية في بيت المال فباعها بنقصان، فنهاه عُمَر بْن
الخطاب عن ذلك، فكان يدينها بعد ذلك.
حدثني مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي عن قدامة بْن موسى أن عُمَر
وعُثْمَان كانا إذا وجدا الزيوف في بيت المال جعلاها فضة.
حدثني الوليد بن صالح عن الواقدي عن ابن أبي الزناد عن أبيه أن عُمَر
بْن عَبْد الْعَزِيزِ أتى برجل يضرب عَلَى غير سكة السلطان فعاقبه
وسجنه وأخذ حديده فطرحه في النار.
حدثني مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي عن كثير بْن زيد عَنِ المطلب
بْن عَبْد اللَّهِ بْن حنطب أن عَبْد الملك بْن مروان أخذ رجلا يضرب
على غير سكة المسلمين فأراد قطع يده ثُمَّ ترك ذلك وعاقبه. قَالَ
المطلب: فرأيت من بالمدينة من شيوخنا حسنوا ذلك من فعله وحمدوه. قَالَ
الواقدي وأصحابنا يرون فيمن نقش عَلَى خاتم الخلافة المبالغة في الأدب
والشهرة، وأن لا يرون عَلَيْهِ قطعا وذلك رأي أَبِي حنيفة والثوري،
وقال مَالِك، وابن أَبِي ذئب،
(1/451)
وأصحابهما: نكره قطع الدرهم إذا كانت عَلَى
الوفاء وننهى عنه لأنه منَ الفساد، وقال الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه لا
بأس بقطعها إذا لم يضر ذلك بالإِسْلام وأهله.
حدثني عَمْرو الناقد، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم عَنِ
ابن عون عَنِ ابن سيرين أن مروان بْن الحكم أخذ رجلا بقطع الدراهم فقطع
يده فبلغ ذلك زيد بْن ثابت، فقال لقد عاقبه، قَالَ إسماعيل يعني دراهم
فارس.
قال مُحَمَّد بْن سَعْد، وقال الواقدي: عاقب أبان بْن عُثْمَان وهو
عَلَى المدينة من يقطع الدراهم ضربة ثلاثين وطاف به وهذا عندنا فيمن
قطعها ودس فيها المفرغة والزيوف.
وحدثني مُحَمَّد عَنِ الواقدي عن صالح بْن جَعْفَر عَنِ ابن كعب في
قوله (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ في أَمْوالِنا ما نَشؤُا) 11: 87 قَالَ: قطع
الدراهم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يزيد بْن هارون، قَالَ:
أنبأنا يَحْيَى بْن سَعِيد، قَالَ: ذكر لابن المسيب رجل يقطع الدراهم،
فقال سَعِيد: هَذَا منَ الفساد في الأرض.
حَدَّثَنَا عَمْرو الناقد، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بْن إِبْرَاهِيم،
قَالَ: حَدَّثَنَا يونس بْن عُبَيْد عَنِ الْحَسَن، قَالَ كان الناس
وهم أهل كفر قَدْ عرفوا موضع هَذَا الدرهم منَ الناس فجودوه وأخلصوه،
فلما صار إليكم غششتموه وأفسدتموه. ولقد كان عُمَر بْن الخطاب قَالَ:
هممت أن أجعل الدراهم من جلود الإبل فقيل له إذا لا بعير فأمسك.
أمر الخط
حدثني عَبَّاس بْن هِشَام بْن مُحَمَّد السائب الكلبي عن أبيه عن جده
وعن الشرقي بن القطامي، قَالَ: اجتمع ثلاثة نفر من طيء ببقة، وهم مرامر
بْن مرة
(1/452)
وأسلم بْن سدرة، وعامر بْن جدرة فوضعوا
الحظ وقاسوا هجاء العربية عَلَى هجاء السريانية، فتعلمه منهم قوم من
أهل الأنبار، ثُمَّ تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار، وكان بشر بْن
عَبْد الملك أخو أكيدر بْن عَبْد الملك بْن عَبْد الجن الكندي ثُمَّ
السكوني صاحب دومة الجندل يأتي الحيرة فيقيم بها الحين، وكان نصرانيا
فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة، ثُمَّ أتى مكة في بعض شأنه فرآه
سُفْيَان بْن أمية بْن عَبْد شمس، وأبو قيس بْن عَبْد مناف بْن زهرة
بْن كلاب يكتب فسألاه أن يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء، ثُمَّ أراهما
الخط، فكتبا، ثم ان بشرا وسُفْيَان وأبا قيس أتوا الطائف في تجارة
فصحبهم غيلان بْن سلمة الثقفي فتعلم الخط منهم وفارقهم بشر ومضى إِلَى
ديار مضر، فتعلم الخط منه عَمْرو بْن زرارة ابن عدس فسمى عَمْرو
الكاتب، ثُمَّ أتى بشر الشام فتعلم الخط منه ناس هناك وتعلم الخط منَ
الثلاثة الطائيين أيضا رجل من طابخة كلب فعلمه رجلا من أهل وادي القرى
فأتى الوادي يتردد فأقام بها وعلم الخط قوما من أهلها.
وحدثني الوليد بْن صالح وَمُحَمَّد بْن سَعْد، قالا: حَدَّثَنَا
مُحَمَّد بْن عُمَر الواقدي عن خَالِد بْن الياس عن أَبِي بكر بْن
عَبْد اللَّهِ بْن أبى جهم العدوى قال: دخل الإسلام وفي قريش سبعة عشر
رجلا كلهم يكتب عُمَر بْن الخطاب وعلي بْن أَبِي طالب، وعُثْمَان بْن
عَفَّان، وأبو عُبَيْدة بْن الجراح، وطلحة ويزيد ابن أَبِي سُفْيَان،
وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة، وحاطب بْن عَمْرو أخو سهيل بن عمرو
العامري عن قريش، وأبو سلمة بْن عَبْد الأسد المخزومي، وأبان بن سعيد
بن العاصي بن أمية، وخالد بن سعيد أخوه، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح
العامري، وحويطب بن عبد العزى العامري وأبو سفيان ابن حرب بن أمية،
ومعاوية بن أبي سفيان، وجهيم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف،
ومن حلفاء قريش العلاء بن الحضرمي.
(1/453)
وحدثني بكر بن الهيثم، قال: حدثنا عبد
الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلشِّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ
الْعَدَوِيَّةِ مِنْ رَهْطِ عُمَرَ بن الخطاب: ألا تعلمين حفصة رقنة
النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِهَا الْكِتَابَةَ، وَكَانَتِ الشِّفَاءُ
كَاتِبَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَحَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ عَنْ
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرحمن ابن سَعْدٍ، قَالَ كَانَتْ
حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تَكْتُبُ. وحدثني الوليد عَنِ الواقدي عن بْن أَبِي سبرة عن علقمة بْن
أَبِي علقمة عن مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن ثوبان أن أم كلثوم
بنت عقبة كانت تكتب.
وحدثني الوليد عَنِ الواقدي عن فروة عن عائشة بنت سَعْد أنها قالت
علمني أَبِي الكتاب. وحدثني الوليد عَنِ الواقدي عن موسى بْن يعقوب عن
عمته عن أمها كريمة بنت المقداد أنها كانت تكتب.
حدثني الوليد عَنِ الواقدي عَنِ ابن أَبِي سبرة عَنِ ابن عون عَنِ ابن
مياح عن عائشة أنها كانت تقرأ المصحف ولا تكتب. وحدثني الوليد عَنِ
الواقدي عن عَبْد اللَّهِ بْن يزيد الهذلي عن سالم سبلان عن أم سلمة
أنها كانت تقرأ ولا تكتب.
وَحَدَّثَنِي الْوَلِيدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ
عَنْ أَشْيَاخِهِ. قَالُوا: أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْدِمَهُ الْمَدِينَةِ أُبَيُّ
بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ فِي آخِرِ
الْكِتَابِ وَكَتَبَ فلان، فكان إِذَا لَمْ يَحْضُرْ دَعَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ
الأَنْصَارِيَّ فَكَتَبَ لَهُ فَكَانَ أُبَيٌّ وَزَيْدٌ يَكْتُبَانِ
الْوَحْيَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَتَبَهُ إِلَى مَنْ يُكَاتِبُ مِنَ
النَّاسِ وَمَا يَقْطَعُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قال الواقدي: وأول من كتب له من قريش عَبْد اللَّهِ بْن سَعْد بْن
أَبِي
(1/454)
سرح، ثُمَّ ارتد ورجع إِلَى مكة وقال لقريش
أنا آتي بمثل ما يأتي به مُحَمَّد، وكان يمل عَلَيْهِ «الظالمين» فيكتب
«الكافرين» يمل عَلَيْهِ «سميع عليم» فيكتب «غفور رحيم» وأشباه ذلك،
فأنزل اللَّه (وَمن أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمن قَالَ
سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ الله) 6: 93 فلما كان يوم فتح مكة أمر
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتله فكلمه فيه
عُثْمَان بْن عَفَّان وقال أخي منَ الرضاع وقد أسلم فَأَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتركه، وولاه عُثْمَان مصر
فكتب لرسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَان بْن
عَفَّان وشرحبيل بْن حسنة الطابخي من خندف حليف قريش ويقال بل هُوَ
كندي، وكتب له جهيم بْن الصلت بْن مخزمة، وخالد بْن سعيد وأبان ابن
سعيد بن العاصي والعلاء بْن الحضرمي، فلما كان عام الفتح: أسلم معاوية
كتب له أيضا ودعاه يوما وهو يأكل فأبطأ فقال: لا أشبع اللَّه بطنه فكان
يقول لحقتني دعوة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وكان يأكل في اليوم سبع كلات وأكثر وأقل.
وقال الواقدي وغيره. كتب حنظلة بْن الربيع بْن رباح الأسيدي من بني تيم
بَيْنَ يدي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة فسمى
حنظلة الكاتب وقال الواقدي: كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج
قليلا، وكان بعض اليهود قَدْ علم كتاب العربية، وكان تعلمه الصبيان
بالمدينة في الزمن الأول فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون
وهم سَعْد بْن عبادة بْن دليم والمنذر بْن عَمْرو وأبي بْن كعب وزيد
بْن ثابت، فكان يكتب العربية والعبرانية ورافع بْن مَالِك وأسيد بْن
حضير ومعن بْن عدي البلوى حليف الأنصار وبشير بْن سَعْد وسعد بْن
الربيع وأوس بْن خولى وعبد اللَّه بن أبى المنافق.
قال: فكان الكلمة منهم والكامل من يجمع إِلَى الكتاب الرمي والعوم،
رافع ابن مَالِك وسعد بْن عبادة وأسيد بْن حضير وعبد اللَّه بْن أَبِي
وأوس بْن خولي
(1/455)
وكان من جمع هَذِهِ الأشياء في الجاهلية من
أهل يثرب سويد بْن الصامت وحضير الكتائب.
قَالَ الواقدي، وكان جفينة العبادي من أهل الحيرة نصرانيا ظئرا لسعد
ابن أبي وقاص فاتهمه عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بمشايعة أَبِي لؤلؤة
عَلَى قتل أبيه فقتله وقتل ابنيه.
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ
بْنِ زَيْدٍ أَنَّ أَبَاهُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالَ: أَمَرَنِي
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَعَلَّمَ
لَهُ كِتَابَ يهود وقال لى أنى لا آمن يهودا على كتابي فلم يمر بى نصف
حَتَّى تَعَلَّمْتُهُ فَكُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إِلَى يَهُودَ، وإذا
كتبوا إليه قرأت كتابهم.
(1/456)
|