الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
// كتاب الزَّكَاة
//
حَدثنَا زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ فِي أَربع من الْإِبِل السَّائِمَة صَدَقَة فَإِذا كَانَت خمْسا فَفِيهَا شَاة إِلَى تسع فَإِذا كَانَت عشرا فَفِيهَا شَاتَان إِلَى أَربع عشرَة فَإِذا كَانَت خمس عشرَة فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى تسع عشرَة فَإِذا كَانَت عشْرين فَفِيهَا أَربع شِيَاه إِلَى أَربع وَعشْرين فَإِذا كَانَت خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا ابْنة مَخَاض إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا بنت لبون إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَإِذا زَادَت وَاحِدَة

(2/1)


فَفِيهَا حقة إِلَى سِتِّينَ فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا جَذَعَة إِلَى خمس وَسبعين فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ابنتا لبون إِلَى تسعين فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا حقتان إِلَى عشْرين وَمِائَة فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا فَلَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء فَإِذا كَانَت خمْسا وَعشْرين وَمِائَة فَفِي الْخمس شَاة وَفِي الْعشْرين وَمِائَة حقتان إِلَى تسع وَعشْرين وَمِائَة فَإِذا كَانَت ثَلَاثِينَ وَمِائَة فَفِيهَا حقتان وشاتان إِلَى أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة فَإِذا كَانَت خمْسا وَثَلَاثِينَ وَمِائَة فَفِيهَا حقتان وَثَلَاث شِيَاه إِلَى تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة فَإِذا كَانَت أَرْبَعِينَ وَمِائَة فَفِيهَا حقتان وَأَرْبع شِيَاه إِلَى أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة فَإِذا كَانَت خمْسا وَأَرْبَعين وَمِائَة فَفِيهَا حقتان وَابْنَة مَخَاض إِلَى تسع وَأَرْبَعين وَمِائَة فَإِذا كَانَت مائَة وَخمسين فَفِيهَا ثَلَاث حقاق

(2/2)


أَبُو سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم بذلك فَإِذا زَادَت على الْخمسين وَمِائَة شَيْئا فَاسْتقْبل الْفَرِيضَة كَمَا استقبلتها حِين زَادَت على الْمِائَة وَعشْرين فَإِذا زَادَت أَرْبعا فَلَيْسَ فِي الْأَرْبَع شَيْء حَتَّى تبلغ خمْسا فَفِيهَا شَاة وَثَلَاث حقاق إِلَى تسع فَإِذا كَانَت عشرا فَفِيهَا شَاتَان وَثَلَاث حقاق إِلَى أَربع عشرَة فَإِذا بلغت خمس عشرَة فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه وَثَلَاث حقاق إِلَى تسع عشرَة فَإِذا بلغت عشْرين فَفِيهَا أَربع شياة مَعَ وَثَلَاث حقاق إِلَى أَربع وَعشْرين فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا بنت مَخَاض مَعَ ثَلَاث حقاق إِلَى أَن تبلغ الزِّيَادَة خمْسا وَثَلَاثِينَ فَإِذا كَانَت سِتا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنة لبون مَعَ ثَلَاث حقاق إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا حقة مَعَ ثَلَاث حقاق إِلَى أَن تبلغ الْخمسين فَإِذا زَادَت الْإِبِل على الْمِائَتَيْنِ

(2/3)


شَيْئا فَاسْتقْبل الْفَرِيضَة كَمَا استقبلتها حِين زَادَت على الْخمسين وَمِائَة
قلت أَرَأَيْت الْإِبِل إِذا وَجَبت فِيهَا صدقه فَلم يُوجد ذَلِك الْوَاجِب عَلَيْهَا فَوجدت ثِنْتَيْنِ أفضل مِنْهُ أَو دونه قَالَ تَأْخُذ قيمَة الَّذِي وَجب عَلَيْهَا وَإِن شِئْت أخذت أَيْضا مِنْهَا ورددت عَلَيْهِم مَا يفضل قِيمَته دَرَاهِم وَإِن شِئْت أخذت دونهَا وَأخذت الْفضل دَرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الفصلان وَالْبَقر العجاجيل وَالْغنم الحملان كلهَا هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْغنم إِلَّا الثنى فَصَاعِدا وَلَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْإِبِل وَالْبَقر إِلَّا مَا وصفت لَك من السن أَو قِيمَته وَلَيْسَ هَذَا مثل ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد

(2/4)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى أَن تُؤْخَذ من الحملان الصَّدَقَة قدر الْوَاجِب مِنْهَا لَا يُؤْخَذ مِنْهَا مُسِنَّة إِلَّا أَن تكون فِيهَا مُسِنَّة فتأخذها وَلَا تُؤْخَذ الحملان وَكَذَلِكَ العجاجيل والفصلان
قلت أَرَأَيْت الْإِبِل تكون بَين الرجلَيْن وَهِي خمس هَل عَلَيْهِمَا فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ تسعا قَالَ لَيْسَ فِيهَا شَيْء قلت فَإِن كَانَ عشرا قَالَ عَلَيْهِمَا الصَّدَقَة على كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاة إِلَى أَن تبلغ تسع عشرَة فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاتَان إِلَى أَن تبلغ تسعا وَعشْرين فَإِذا بلغت ثَلَاثِينَ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَن تبلغ تسعا وَثَلَاثِينَ فَإِذا بلغت أَرْبَعِينَ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَربع شِيَاه إِلَى أَن تبلغ تسعا وَأَرْبَعين فَإِذا بلغت خمسين فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا بنت مَخَاض إِلَى أَن تبلغ سبعين فَإِذا زَادَت اثْنَتَيْنِ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا بنت لبون إِلَى أَن تبلغ تسعين فَإِذا زَادَت اثْنَتَيْنِ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا حقة إِلَى أَن تبلغ مائَة وَعشْرين فَإِذا زَادَت اثْنَتَيْنِ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَذَعَة إِلَى أَن تبلغ مائَة وَخمسين فَإِذا زَادَت اثْنَتَيْنِ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِنْتا لبون إِلَى أَن تبلغ مائَة وَثَمَانِينَ فَإِذا زَادَت اثْنَتَيْنِ

(2/5)


فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا حقتان إِلَى أَن تبلغ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعين ثمَّ تسْتَقْبل الْفَرِيضَة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا هَل عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِذا جَاءَ الْمُصدق فَأخْبرهُ أَن عَلَيْهِ دينا وَحلف لَهُ أيقبل مِنْهُ ذَلِك ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت فَإِن قَالَ للمصدق إِنَّمَا أصبت هَذِه الْإِبِل مُنْذُ أشهر وَلم يزكها عِنْدِي حول وَحلف لَهُ على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم

(2/6)


قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للمصدق لَيست هَذِه الْإِبِل لي وَحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للمصدق قد أدّيت زَكَاة هَذِه الْإِبِل إِلَى مُصدق غَيْرك وَجَاء بِبَرَاءَة وَحلف لَهُ على ذَلِك وَقد كَانَ عَلَيْهِم مُصدق غَيره فِي تِلْكَ السّنة أيقبل مِنْهُ ذَلِك ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن عَلَيْهِم مُصدق غَيره فِي تِلْكَ السّنة وَقَالَ قد أَعْطَيْت زَكَاتهَا الْمَسَاكِين أيقبل ذَلِك مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ لَا

(2/7)


قلت فَلم صدقته فِيمَا ذكرت لَك سوى هَذَا وَلم تصدقه فِي هَذَا قَالَ لِأَن صَدَقَة الْإِبِل إِنَّمَا تدفع إِلَى السعاة الَّذين عَلَيْهِم فَلَو قبل السعاة من النَّاس قَوْلهم هَذَا قد أعطيتهَا الْمَسَاكِين لم تُؤْخَذ صَدَقَة من أحد
قلت أَرَأَيْت الْيَتِيم الَّذِي لم يَحْتَلِم وَالْمَجْنُون المغلوب أَو العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين هَل يكون على أحد من هَؤُلَاءِ صَدَقَة إِذا كَانَت لَهُ إبل قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الصَّلَاة لَا تجب على الصَّغِير وَلَا على الْمَعْتُوه الْمَجْنُون فَكَذَلِك لم تجب عَلَيْهِمَا الزَّكَاة وَأما العَبْد

(2/8)


الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة الَّذِي عَلَيْهِ دين فَلَا يملك شَيْئا قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا لم يكن عَلَيْهِ دين قَالَ هَذَا يصير إبِله لمَوْلَاهُ وَيكون عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل الَّتِي تجب فِي مثلهَا الزَّكَاة إِذا كَانَ قبل تَمام الْحول بِيَوْم ورث إبِلا أَو اشْتَرَاهَا أَو وهبت لَهُ وَهِي سَائِمَة أيزكيها مَعَ إبِله قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ لَهُ إبل لَا يجب فِي مثلهَا الزَّكَاة وَورث غنما أَو اشْتَرَاهَا أَو وهبت لَهُ أَو كَانَت لَهُ غنم فَأصَاب إبِلا على مَا وصفت لَك

(2/9)


أيزكيها مَعهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا مُخَالف لِلْمَالِ الَّذِي عِنْده فعلى هَذَا إِذا حَال عَلَيْهَا الْحول من يَوْم استفادها الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا حَال الْحول على إبِله الَّتِي كَانَت عِنْده ثمَّ أصَاب بعد ذَلِك إبِلا أيزكيها مَكَانَهُ قَالَ لَا وَلَكِن إِذا وَجَبت الزَّكَاة ثَانِيَة على إبِله الأولى زكى الَّتِي أَفَادَ مَعهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل بِالْكُوفَةِ أَو بِمصْر من الْأَمْصَار أَو بمدنية من الْمَدَائِن يعلفها أَو يعْمل عَلَيْهَا أَو يعلفها وَيشْرب أَلْبَانهَا وَلَا يعْمل عَلَيْهَا يعلفها فِي بَيته إِنَاثًا كَانَت أَو ذُكُورا يعتمل عَلَيْهَا ويعلفها وَكَيف إِن كَانَ هَذَا كُله فِي غير مصر وَكَانَت فِي الْبَريَّة أَو فِي السوَاد فَكَانَ يعْمل عَلَيْهَا ويعلفها ويستقي عَلَيْهَا قَالَ لَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا وصفت صَدَقَة

(2/10)


مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم عَمَّن حَدثهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ لَيْسَ فِي الْإِبِل العوامل والحوامل صَدَقَة

(2/11)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل السَّائِمَة ذُكُور كلهَا هَل فِيهَا

(2/12)


صَدَقَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل فَإِذا خَافَ أَن تجب عَلَيْهِ الصَّدَقَة بَاعهَا قبل ذَلِك بِيَوْم بِغنم أَو بقر أَو دَرَاهِم يُرِيد بذلك الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وَهِي عِنْده
قلت فَإِن بَاعَ الْإِبِل بابل قبل أَن تجب عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة يُرِيد بذلك الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَة حَتَّى يحول الْحول على مَا بَقِي فِي يَده وَهَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء
قلت فَإِن بَاعهَا وَلَا يَنْوِي الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ

(2/13)


صَدَقَة حَتَّى يحول الْحول على مَا فِي يَدَيْهِ
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ إبل ثمَّ يُصِيب الدَّرَاهِم قبل أَن يحول الْحول على إبِله بِيَوْم ثمَّ زكى الْإِبِل ثمَّ يَبِيعهَا بِالدَّرَاهِمِ فَتجب الزَّكَاة فِي الدَّرَاهِم الَّتِي أصَاب قبل أَن يَبِيع الْإِبِل أيزكي مَعهَا ثمن الْإِبِل وَلم يحل عَلَيْهِ مُنْذُ يَوْم بَاعَ الْإِبِل قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد بَاعَ الْإِبِل فَإِن زكى تِلْكَ السّنة أثمانها فقد زكى مَالا وَاحِدًا

(2/14)


فِي سنة وَاحِدَة مرَّتَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أدّى عشر طَعَامه ثمَّ بَاعه بِدَرَاهِم فحال الْحول على مَاله وَجَبت عَلَيْهِ الزَّكَاة وزكى ثمن الطَّعَام مَعَه لِأَنَّهُ لَو مكث الطَّعَام عِنْده عشر سِنِين لم يزكه وَلَو مكثت الْإِبِل عِنْده زكاها فَلذَلِك اخْتلفَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف نرى أَن يُزكي ثمن الْإِبِل مَعَ مَاله كَمَا يزكّى ثمن الطَّعَام لِأَنَّهُ قد صَار دَرَاهِم كُله وَصَارَ مَالا وَاحِدًا وَهَذَا قَول مُحَمَّد

(2/15)


قلت أَرَأَيْت رجلا يقتل أَبوهُ فَيَقْضِي على قَاتله بِالدِّيَةِ مائَة من الْإِبِل أَو كَاتب عَبده على مائَة من الْإِبِل ثمَّ يَأْخُذ الْإِبِل الَّتِي من دِيَة أَبِيه أَو الْإِبِل الَّتِي أَخذ من مكَاتبه عَبده وَقد حَال عَلَيْهِ الْحول قبل أَن يَأْخُذهَا أيزكيها قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لم تكن سَائِمَة قلت فَإِذا مكثت عِنْده حولا مُنْذُ يَوْم قبضهَا وَهِي سَائِمَة أيزكيها قَالَ نعم قلت فَإِن لم تكن سَائِمَة وَكَانَ يعْمل عَلَيْهَا ويعلفها قَالَ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج على عشرَة من الْإِبِل بِغَيْر أعيانها فَلَا تقبضها إِلَّا بعد حول أتزكيها قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بسائمة قلت فَإِن كَانَت تزوجت عَلَيْهَا بِأَعْيَانِهَا وَهِي سَائِمَة ثمَّ قبضتها

(2/16)


بعد حول أتزكيها قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت إبِلا أَو بقرًا أَو غنما قَالَ نعم رَجَعَ أَبُو حنيفَة عَن هَذَا وَقَالَ بعد ذَلِك لَا زَكَاة عَلَيْهَا وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يأخذان بالْقَوْل الأول

(2/17)


قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ الْإِبِل السَّائِمَة فَأَرَادَ أَن يستعملها ويعلفها فَلم يفعل ذَلِك حَتَّى حَال عَلَيْهَا الْحول قَالَ عَلَيْهِ الزَّكَاة
قلت كَذَلِك إِن وَأَرَادَ أَن يَبِيعهَا فَلم يفعل ذَلِك حَتَّى حَال عَلَيْهَا الْحول قَالَ نعم عَلَيْهِ الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ عشر من الْإِبِل لَا يزكيها سنتَيْن مَا عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ فِي السّنة الأولى شَاتَان وَفِي السّنة الثَّانِيَة شَاة
قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا قد نقصت من الْعشْر

(2/18)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ خمس وَعِشْرُونَ من الْإِبِل فَلم يزكها سنتَيْن مَا عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ فِي السّنة الأولى بنت مَخَاض وَعَلِيهِ فِي السّنة الثَّانِيَة أَربع من الْغنم قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا نقصت من الْخمس وَالْعِشْرين
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ أَربع وَعِشْرُونَ فصيلا وناقة ثنية هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل السَّائِمَة اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة أعليه زَكَاة السَّائِمَة أَو زَكَاة التِّجَارَة قَالَ عَلَيْهِ زَكَاة التِّجَارَة ويقومها ثمَّ يُزكي قيمَة كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل وشريكه فِيهَا صبي وَهِي

(2/19)


خَمْسُونَ من الْإِبِل قَالَ على الرجل فِي حِصَّته بنت مَخَاض وَلَيْسَ على الصَّبِي شَيْء قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ شَرِيكه فِيهَا مَجْنُونا أَو معتوها أَو رجلا عَلَيْهِ دين أَو مكَاتبا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل فيغلب عَلَيْهَا الْعَدو أَو يغصبها إِيَّاه رجل فيمسكها سِنِين ثمَّ يَأْخُذهَا صَاحبهَا من الْغَاصِب أَو يُصِيبهَا الْمُسلمُونَ فيردونها عَلَيْهِ أيزكيها لما مضى من ذَلِك وَقد أَخذهَا بِأَعْيَانِهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ أما مَا كَانَ فِي يَد الْعَدو فَلم يكن لَهُ لِأَن الْعَدو لَو أَسْلمُوا عَلَيْهَا كَانَت لَهُم وَلَو باعوها لم يأخذوها إِلَّا بِالثّمن وَكَانَ بَيْعه جَائِزا وَأما الْغَاصِب فَإِنَّهُ لم يقدر عيلها أَن يَأْخُذهَا من الْغَاصِب وَلَيْسَ الْغَصْب بِمَنْزِلَة الدّين الَّذِي يقر لَهُ فَيَأْخذهُ بِهِ إِذا شَاءَ فيزكي لما مضى

(2/20)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ خمس من الْإِبِل فَإِذا كَانَ قبل الْحول بِشَهْر هَلَكت مِنْهَا وَاحِدَة ثمَّ يحول الْحول عَلَيْهَا بعد هَلَاك الْوَاحِدَة هَل عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أصَاب وَاحِدَة مثلهَا قبل أَن يحول عَلَيْهَا الْحول أَو نتج بَعضهنَّ وَاحِدَة قبل أَن يحول عَلَيْهَا الْحول فحال عَلَيْهَا الْحول وعدتها كَامِلَة فَهَل عَلَيْهِ الزَّكَاة قَالَ نعم الزَّكَاة فِيهَا لِأَن الْحول حَال عَلَيْهَا وَهِي خَمْسَة كَمَا كَانَت وعدتها تَامَّة
قلت أَرَأَيْت إِن مكثت عِنْده يَوْمًا ثمَّ هلك مِنْهَا وَاحِدَة فَمَكثت أحد عشر شهرا أَو عشرَة أشهر إِلَّا يَوْمًا نَاقِصَة ثمَّ أصَاب وَاحِدَة فحال الْحول عَلَيْهَا وَهِي تَامَّة أيزكيها قَالَ نعم قلت لم وَإِنَّمَا ملك مَا يجب

(2/21)


فِيهِ الزَّكَاة أَيَّامًا من السّنة وَمَا بَين ذَلِك لم يكن يملك مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة قَالَ إِذا ملك ذَلِك فِي أول الْحول وَآخره لم أنظر إِلَى مَا نقص فِيمَا بَين ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون فِي إبِله العمياء أَو الْعَجْفَاء أَو العرجاء هَل يحْسب ذَلِك عَلَيْهِ فِي الْعد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل تجب فِي إبِله الصَّدَقَة فيبيعها والمصدق ينظر ثمَّ يَقُول لَيْسَ عِنْدِي شَيْء هَل للمصدق أَن يَأْخُذ صدقتها من المُشْتَرِي وَهِي فِي يَدَيْهِ بِأَعْيَانِهَا قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ البَائِع حَتَّى يُؤَدِّي صدقتها وَإِن شَاءَ أَخذ مِمَّا فِي يَدي المُشْتَرِي

(2/22)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ المُشْتَرِي قد ذهب وتفرقا ثمَّ جَاءَ الْمُصدق بعد أيأخذ مِمَّا فِي يَدي المُشْتَرِي قَالَ مَا أستحسن ذَلِك

(2/23)


قلت أَرَأَيْت الرجل تجب فِي إبِله الصَّدَقَة فتنفق كلهَا بعد الْحول هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن استهلكها رجل فَذهب بهَا قَالَ نعم قلت فَإِن نفق بَعْضهَا وَبَقِي بعض وَهِي أَرْبَعُونَ من الْإِبِل وَكَانَ الَّذِي هلك مِنْهَا عشْرين وَبَقِي عشرُون قَالَ عَلَيْهِ الصَّدَقَة فِي هَذِه الْعشْرين أَربع من الْغنم وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا مَاتَ وَهلك شَيْء لِأَنَّهُ لم يستهلكها هُوَ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ حَبسهَا بعد مَا وَجب فِيهَا الزَّكَاة حَتَّى مَاتَت أما ترَاهُ ضَامِنا لم مَاتَ بحبسها قَالَ لَا

(2/24)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْإِبِل فيعجل زَكَاتهَا أَو يُعْطي مِنْهَا زَكَاة سِنِين ويعجل ذَلِك هَل يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم يَسعهُ هَذَا كُله
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ الْإِبِل والجواميس وَالْبَقر وَالْغنم وَالْخَيْل قد اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة أيزكيها زَكَاة السَّائِمَة أَو زَكَاة التِّجَارَة وَهِي سَائِمَة فِي الْبَريَّة ترعى وَقد اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة قَالَ يزكيها زَكَاة التِّجَارَة
قلت فَإِن كَانَت أَرْبَعِينَ شَاة وَهِي لَا تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا أَو خمس من الْإِبِل وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا وَهِي لَا تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم أَو ثَلَاثِينَ من الْبَقر وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة لِأَنَّهَا للتِّجَارَة

(2/25)


قلت فَإِن كَانَت ثَلَاثِينَ من الْغنم أَو عشْرين من الْبَقر أَو أَربع من الْإِبِل وَلَيْسَ من هَذَا شَيْء إِلَّا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَهُوَ للتِّجَارَة فحال عَلَيْهَا الْحول وَهِي كَذَلِك قَالَ يزكيها
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الْإِبِل للتِّجَارَة ثمَّ يَبْدُو لَهُ فيجعلها سَائِمَة فيحول عَلَيْهَا الْحول مُنْذُ يَوْم اشْتَرَاهَا وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا وَإِنَّمَا لَهُ مُنْذُ جعلهَا سَائِمَة سِتَّة أشهر قَالَ عَلَيْهِ زَكَاة السَّائِمَة إِذا مَضَت تَمام سنة مُنْذُ يَوْم جعلهَا سَائِمَة قلت فَإِن كَانَ إِنَّمَا فر بهَا من الزَّكَاة فَإِذا حَال الْحول مُنْذُ يَوْم جعلهَا سَائِمَة زكاها زَكَاة السَّائِمَة قَالَ نعم

(2/26)


قلت أَرَأَيْت نَصَارَى بنى تغلب هَل يُؤْخَذ من أحد مِنْهُم من إبِله صَدَقَة قَالَ نعم قلت وَكَيف يُؤْخَذ مِنْهُم قَالَ من كَانَت

(2/27)


لَهُ مِنْهُم أَربع من الْإِبِل فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء فَإِذا كَانَت خمْسا فَعَلَيهِ شَاتَان يُضَاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة قلت أفتأخذ من أغنامهم وبقرهم وجواميسهم أَيْضا كَذَلِك قَالَ نعم بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ضاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة قلت فَكيف يُضَاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة قَالَ

(2/28)


9 -

(2/29)


تنظر إِلَى إبل أحدهم فَإِذا كَانَ مِمَّا تجب فِيهَا الزَّكَاة إِذا كَانَت لمُسلم فَيُؤْخَذ مِنْهَا الزَّكَاة مضاعفة قلت وَكَذَلِكَ الْغنم وَالْبَقر والجواميس قَالَ نعم
قلت فَلَو كَانَ لأَحَدهم من الْإِبِل مَا لَا تجب فِيهِ الزَّكَاة لَو كَانَت لمُسلم فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء قَالَ نعم لَا شَيْء فِيهِ قلت وَكَذَلِكَ الْبَقر وَالْغنم والجواميس قَالَ نعم
قلت فَمن لم يكن لَهُ مِنْهُم مَال أتأخذ مِنْهُم شَيْئا قَالَ لَا قلت فَمن كَانَ مِنْهُم صَغِيرا أَو كَبِيرا لَهُ إبل وَعَلِيهِ دين كثير يُحِيط بِمَالِه أتأخذ مِنْهُ شَيْئا قَالَ لَا آخذ مِنْهُ شَيْئا
قلت وَالْإِبِل تكون للْمَرْأَة مِنْهُم عَلَيْهَا من الصَّدَقَة مثل مَا على الرجل قَالَ نعم

(2/30)


قلت وَالْعَبْد يعتقونه وَيكون لَهُ الْإِبِل تضَاعف عَلَيْهِ الصَّدَقَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن بني تغلب صَالحهمْ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ على هَذَا فمواليهم لَا يكونُونَ أعظم عِنْدِي حُرْمَة من موَالِي الْمُسلم فالمسلم يعْتق عَبده النَّصْرَانِي نَأْخُذ مِنْهُ الْخراج فَلَيْسَ نَتْرُك موَالِي بني تغلب أَن يوضع على رُؤْسهمْ الْخراج وعَلى أَرضهم وأهمل أَمْوَالهم فَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا شَيْء تكون بِمَنْزِلَة أَمْوَال أهل الذِّمَّة
قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ مِنْهَا من أَمْوَال بني تغلب أتقسمها فِي فقرائهم قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بِصَدقَة إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَة الْخراج فَهِيَ للْمُسلمين ترفع إِلَى بَيت مَالهم
قلت أَرَأَيْت الْمُسلم يمر على الْعَاشِر بابل وَهِي ثمن مَال كثير

(2/31)


فَيَقُول لَيْسَ شَيْء من هَذَا للتِّجَارَة وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت فالحربي قَالَ أما الْحَرْبِيّ فَإِنَّهُ إِذا مر بِشَيْء مِمَّا ذكرت قوم وَأخذ مِنْهُ الْعشْر
قلت أَرَأَيْت قوما من الْخَوَارِج ظَهَرُوا على قوم من الْمُسلمين من أهل الْعدْل فَأخذُوا زَكَاة الْإِبِل ثمَّ ظهر عَلَيْهِم الإِمَام وَأهل الْعدْل أيحسبون لَهُم تِلْكَ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لأَنهم

(2/32)


لم يمنعوهم مِنْهُم
قلت وَكَيف يَنْبَغِي أَن يصنع بِصَدقَة الْإِبِل قَالَ يَنْبَغِي أَن يقسم صَدَقَة كل بِلَاد فِي فقرائهم وَلَا يُخرجهَا من تِلْكَ الْبِلَاد إِلَى غَيرهَا
قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي من بني تغلب يمر على الْعَاشِر وَمَعَهُ الْغنم للتِّجَارَة فَيَقُول عَليّ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا وَيحلف على ذَلِك أيكف عَنهُ ويصدقه قَالَ نعم يصدقهُ ويكف عَنهُ
قلت أَرَأَيْت الْمُصدق إِذا جَاءَ إِلَى الرجل يَأْخُذ من صَدَقَة

(2/33)


غنمه فَقَالَ عَليّ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا هَل عَلَيْهِ شَيْء قَالَ لَا إِذا حلف على ذَلِك صدقه
قلت أَرَأَيْت الصَّبِي من بني تغلب لَهُ إبل أَو غنم أَو بقر وَهُوَ نَصْرَانِيّ هَل صَدَقَة مضاعفة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ صَغِير وَإِنَّمَا يُضَاعف على الْكَبِير
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون فِي عَسْكَر الخوارح وَلَا يُؤَدِّي زَكَاة إبِله أَو بقره أَو غنمه سنة أَو سنتَيْن ثمَّ يَتُوب أهل الْبَغي وَهُوَ مُقيم مَعَهم هَل يُؤْخَذ هُوَ وَأَصْحَابه بِزَكَاة مَا مضى من السنين قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لأَنهم لم تكن أحكامنا تجْرِي عَلَيْهِم فِي عَسْكَرهمْ قلت فَهَل عَلَيْهِم فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى أَن يؤدوا زَكَاة مَا مضى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يبعثونه رَسُولا من أهل الْبَغي إِلَى أهل الْعدْل فيمر على الْعَاشِر بِالْمَالِ أيأخذ مِنْهُ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت

(2/34)


وَكَذَلِكَ لَو مر بِالْإِبِلِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يسلمُونَ فِي أَرض الْحَرْب فيمكثون سِنِين وَقد علمُوا أَن الزَّكَاة تجْرِي عَلَيْهِم كَمَا تجْرِي عَلَيْهِم الصَّلَاة فصدقوا بذلك وعرفوه فِي أَمْوَالهم وإبلهم وبقرهم وغنمهم فَلم يؤدوها سِنِين ثمَّ خَرجُوا إِلَى دَار الْإِسْلَام بإبلهم وبقرهم وغنمهم وَأَمْوَالهمْ هَل يؤخذوا الْمَاضِي من السنين بِشَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الحكم لم يكن يجْرِي عَلَيْهِم قلت فَعَلَيْهِم أَن يؤدوها فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم

(2/35)


قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ إبل فَأَتَاهُ الْمُصدق وَأخذ صَدَقَة إبِله فَقَالَ للمصدق قد أدّيت صَدَقَة هَذِه الْإِبِل إِلَى مُصدق غَيْرك وجاءه بِبَرَاءَة وَحلف لَهُ على ذَلِك وَقد كَانَ عَلَيْهِم مُصدق غَيره فِي تِلْكَ السّنة فَقبل مِنْهُ وكف عَنهُ وأتى على ذَلِك سِنِين ثمَّ اطلع الْمُصدق على ذَلِك أَنه بَاطِل فَأخْبرهُ الرجل بذلك هَل يَأْخُذ الْمُصدق مِنْهُ صَدَقَة تِلْكَ السنين قَالَ نعم قلت فَإِن لم يعلم الْمُصدق بذلك أيؤديها هُوَ إِلَى الْمَسَاكِين قَالَ نعم
- بَاب صَدَقَة الْغنم
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي أقل من أَرْبَعِينَ من الْغنم السَّائِمَة صَدَقَة فَإِذا كَانَت أَرْبَعِينَ شَاة سَائِمَة فَفِيهَا شَاة بلغنَا ذَلِك عَن رَسُول الله

(2/36)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عشْرين وَمِائَة فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا شَاتَان إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى ثَلَاثمِائَة فَإِذا زَادَت على ثَلَاثمِائَة شَاة فَلَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ مائَة فَإِذا بلغت الزِّيَادَة مائَة كَانَ فِيهَا شَاة مَعَ الثَّلَاث لِأَن الْغنم إِذا كثرت كَانَ فِي كل مائَة شَاة شَاة
قلت أَرَأَيْت الْغنم أيحسب عَلَيْهِم فِي الْعدَد الصَّغِيرَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْغنم مَا لَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة مِنْهَا قَالَ لَا تُؤْخَذ الربى وَلَا الأكيلة وَلَا الماخض وَلَا فَحل الْغنم
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة عَن عمر بن الْخطاب

(2/37)


قلت وَمَا الربى قَالَ الَّتِي تربي وَلَدهَا قلت وَمَا الأكيلة

(2/38)


قَالَ الَّتِي تسمن للْأَكْل قلت فَمَا الماخض قَالَ الَّتِي فِي بَطنهَا ولد
قلت فَهَل يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة الْجَذعَة من الْغنم قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة إِلَّا الثنى فَصَاعِدا وَلَا يُؤْخَذ

(2/39)


هرمة وَلَا ذَات عوار

(2/40)


قلت أَرَأَيْت الْغنم الحملان كلهَا هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْغنم إِلَّا الثنى فَصَاعِدا وَكَذَلِكَ

(2/41)


بلغنَا عَن عَامر الشّعبِيّ فِي الحملان وَلَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْإِبِل وَالْبَقر

(2/42)


إِلَّا مَا وصفت لَك من السن أَو قِيمَته وَلَيْسَ هَذَا مثل ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجلَيْن يكون بَينهمَا أَرْبَعُونَ شَاة هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ بَينهمَا تسع وَسَبْعُونَ شَاة هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فثمانون قَالَ نعم على كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاة إِلَى أَن تبلغ أغنامهما مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعين شَاة فَإِذا زَادَت شَاتين فعلى كل

(2/43)


وَاحِد مِنْهُمَا شَاتَان إِلَى أَن تبلغ أغنامهما أَرْبَعمِائَة شَاة فَإِذا زَادَت اثْنَتَيْنِ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَن تبلغ أغنامهما سِتّمائَة فَمَا زَاد على الستمائة فَلَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ الْغنم ثَمَانمِائَة فَإِذا بلغتهَا الْغنم فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَربع شِيَاه
قلت فَإِذا زَادَت قَالَ لَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ ألفا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِذا جَاءَهُ الْمُصدق فَأخْبرهُ أَن عَلَيْهِ دينا وَحلف لَهُ أيقبل ذَلِك مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت فَإِن قَالَ إِنَّمَا أصبت هَذِه الْغنم مُنْذُ قريب وَلم يتم لَهَا عِنْدِي حول مُنْذُ أصبتها وَحلف لَهُ على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للمصدق قد أدّيت زَكَاة هَذِه الْغنم إِلَى مُصدق غَيْرك وجاءه بِبَرَاءَة وَحلف لَهُ على ذَلِك وَقد كَانَ عَلَيْهِم مُصدق غَيره فِي تِلْكَ السّنة أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للمصدق قد أَعْطَيْت زَكَاتهَا للْمَسَاكِين أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ لَا قلت فَلم صدقته فِيمَا سوى هَذَا

(2/44)


مِمَّا ذكرت لَك وَلم تصدقه فِي هَذَا قَالَ لِأَن صَدَقَة الْغنم إِنَّمَا تدفع إِلَى السعاة الَّذين عَلَيْهِم فَلَو قبل السعاة من النَّاس قَوْلهم قد أعطيناها الْمَسَاكِين لم تُؤْخَذ صَدَقَة أبدا
قلت أَرَأَيْت الْيَتِيم الَّذِي لم يَحْتَلِم وَالْمَجْنُون المغلوب وَالْعَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين هَل يكون على أحد من هَؤُلَاءِ صَدَقَة إِذا كَانَت لَهُ غنم قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الصَّلَاة لَا تجب على الصَّغِير وَلَا على الْمَعْتُوه وَلَا على الْمَجْنُون فَكَذَلِك لَا تجب الزَّكَاة عَلَيْهِم فَأَما العَبْد الَّذِي عَلَيْهِ دين وَالْمكَاتب فهما لَا يملكَانِ شَيْئا
قلت فَالْعَبْد الَّذِي لَا دين عَلَيْهِ قَالَ هَذَا يصير مَاله لمَوْلَاهُ وَتَكون فِيهِ الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم الَّتِي تجب فِي مثلهَا الزَّكَاة إِذا كَانَ قبل الْحول بِيَوْم ورث إبِلا أَو اشْتَرَاهَا أَو وهبت لَهُ وَهِي سَائِمَة أيزكيها مَعَ غنمه قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ لَهُ غنم لَا تجب فِي مثلهَا الزَّكَاة وَورث إبِلا أَو اشْتَرَاهَا أَو وهبت لَهُ أَو كَانَت لَهُ إبل فَأصَاب غنما على مَا وصفت لَك

(2/45)


أيزكيها مَعهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا مُخَالف لِلْمَالِ الَّذِي عِنْده وعَلى هَذَا إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول من يَوْم قبضهَا أَو ملكهَا الزَّكَاة إِذا كَانَ يجب فِي مثله الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم بِالْكُوفَةِ أَو بِمصْر من الْأَمْصَار أَو بِمَدِينَة من الْمَدَائِن يعلفها وَيشْرب أَلْبَانهَا أَو يعلفها فِي بَيته ويصيب من أَلْبَانهَا فَكيف إِن كَانَ هَذَا كُله فِي غير مصر أَو كَانَ هَذَا كُله فِي الْبَريَّة أَو فِي السوَاد وَكَانَ يعلفها قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْء مِمَّا وصفت صَدَقَة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم السَّائِمَة ذُكُور كلهَا هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم فَإِذا خَافَ أَن يجب فِيهَا صَدَقَة بَاعهَا قبل ذَلِك بِيَوْم بِإِبِل أَو ببقر أَو بِدَرَاهِم يُرِيد بذلك الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وَهِي عِنْده قلت فَإِن بَاعَ ذَلِك بِغنم قبل أَن تجب عَلَيْهِ صَدَقَة بِيَوْم يُرِيد بذلك الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَهَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء

(2/46)


قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج على غنم تجب فِي مثلهَا الزَّكَاة فَلَا تقبضها إِلَّا بعد حول أتزكيها قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بسائمة
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج على غنم بِعَينهَا وَهِي سَائِمَة تجب فِي فِي مثلهَا الزَّكَاة فَلَا تقبضها إِلَّا بعد حول أتزكيها قَالَ نعم وَقَالَ أَبُو حنيفَة بعد ذَلِك لَا تزكيها
قلت فَإِن دَفعهَا إِلَى امْرَأَته وَحَال عَلَيْهَا الْحول ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ تزكي الْمَرْأَة نصف ذَلِك كُله قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي ملكهَا وَوَجَبَت عَلَيْهَا فِيهِ الزَّكَاة
قلت وَكَذَلِكَ لَو تزَوجهَا على بقر أَو إبل سَائِمَة ثمَّ دَفعهَا إِلَيْهَا

(2/47)


حَال الْحول عَلَيْهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ لَو تزَوجهَا على عبد وَدفعه إِلَيْهَا فجَاء يَوْم الْفطر هُوَ عِنْدهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فعلَيْهَا الزَّكَاة قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ العَبْد عِنْد الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا الْفطر وَلَا عَلَيْهِ قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْإِبِل وَالْغنم وَالْبَقر عِنْد الزَّوْج وَهِي سَائِمَة فَتَزَوجهَا عَلَيْهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا ثمَّ دفع إِلَيْهَا نصفهَا فَإِنَّهَا تزكيها وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول قَالَ إِن كَانَ فِي مثل مَا أخذت تجب فِيهَا الزَّكَاة زكتها وَإِلَّا فَلَا زَكَاة عَلَيْهَا وَأما الزَّوْج فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة الأول وَقَالَ أَبُو حنيفَة بعد ذَلِك لَا زَكَاة عَلَيْهَا فِيمَا قبضت
قلت فَمَا ترى فِي رجل لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَعَلِيهِ مثلهَا دين وَله أَرْبَعُونَ شَاة سَائِمَة أَو خمس من الْإِبِل أَو ثَلَاثُونَ من الْبَقر هَل عَلَيْهِ زَكَاة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن عِنْده دَرَاهِم وَفَاء بِدِينِهِ قلت فَإِن كَانَ عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَم وَعشرَة دَرَاهِم قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة فِي شَيْء من

(2/48)


ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَن عَلَيْهِ فضل دين وَلَيْسَ عِنْده بِهِ وَفَاء من الدَّرَاهِم
قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ أَرْبَعُونَ شَاة سَائِمَة وَمِائَتَا دِرْهَم دين هَل عَلَيْهِ زَكَاة قَالَ نعم عَلَيْهِ زَكَاة الْغنم وَتبطل عَنهُ زَكَاة الدَّرَاهِم
قلت فَإِن لم يَأْته الْمُصدق وَكَانَ ذَلِك إِلَيْهِ وَالْغنم تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم يُزكي أَيهمَا شَاءَ وَيتْرك الْأُخْرَى وَترى ذَلِك يجْزِيه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت لَهُ خمس من الْإِبِل مَكَان الدَّرَاهِم وَهِي تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم يُزكي أَيهمَا شَاءَ قَالَ نعم قلت فَإِذا جَاءَ الْمُصدق فَأخْبرهُ بِمَا عَلَيْهِ من الدّين وَبِمَا لَهُ قَالَ يصدق الْمُصدق الْإِبِل
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون عِنْده عشرُون وَمِائَة شَاة سَائِمَة يَأْتِي عَلَيْهَا سنتَانِ لَا يزكيها قَالَ عَلَيْهِ زَكَاة سنتَيْن فِي كل سنة شَاة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَة شَاة فَلم يزكها سنتَيْن قَالَ عَلَيْهِ فِي السّنة الأولى شَاتَان وَعَلِيهِ فِي السّنة الثَّانِيَة شَاة
قلت فَإِن كَانَت أَرْبَعِينَ شَاة قَالَ عَلَيْهِ فِي السّنة الأولى شَاة

(2/49)


وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي السّنة الْأُخْرَى شَيْء لِأَنَّهَا قد نقصت
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم السَّائِمَة اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة أعليه زَكَاة السَّائِمَة أَو زَكَاة التِّجَارَة قَالَ عَلَيْهِ زَكَاة التِّجَارَة يقومهما ثمَّ يُزكي قيمَة كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم وشريكه فِيهَا صبي هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ نعم عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي حِصَّته وَلَيْسَ على الصَّبِي شَيْء قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ شَرِيكه فِيهَا معتوها أَو رجلا عَلَيْهِ دين أَو مكَاتبه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بَينهمَا إبل أَو بقر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ الْغنم فيغلب عَلَيْهَا الْعَدو أَو يغصبها إِيَّاه رجل فتمكث عِنْده سِنِين ثمَّ يَأْخُذهَا صَاحبهَا من الْغَاصِب أَو يُصِيبهَا الْمُسلمُونَ فيردونها عَلَيْهِ أيزكيها لما مضى وَقد أَخذهَا بِأَعْيَانِهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا كَانَ فِي أَيدي الْعَدو لم يكن لَهُ لِأَن الْعَدو لَو أسلم عَلَيْهَا كَانَت لَهُ وَلَو بَاعهَا لم يَأْخُذهَا إِلَّا بِالثّمن وَكَانَ بَينهم جَائِزا وَأما الْغَاصِب فَإِنَّهُ لم يكن يقدر عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة الدّين الَّذِي يقر لَهُ بِهِ فيزكيه لما مضى بعد مَا يَأْخُذهُ

(2/50)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم وَهِي أَرْبَعُونَ شَاة فَإِذا كَانَ قبل الْحول هَلَكت مِنْهَا وَاحِدَة فحال الْحول بعد هَلَاك الْوَاحِدَة هَل عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن أصَاب وَاحِدَة مثلهَا قبل أَن يحول الْحول عَلَيْهَا أَو ولد بَعضهنَّ وَاحِدَة قبل أَن يحول الْحول فحال الْحول عَلَيْهَا وعدتها كَامِلَة أيزكيها قَالَ نعم قلت وَلم وَإِنَّمَا ملك مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة أَيَّامًا من السّنة وَمَا بَين ذَلِك لم يكن يملك مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة قَالَ أما مَا ملك فِي أول الْحول أَو آخِره لم ينظر إِلَى مَا نقص من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون فِي غنمه العمياء أَو العرجاء أَو الْعَجْفَاء أتحسب عَلَيْهِ فِي الْعدَد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت قَوْلك لَا نفرق بَين مُجْتَمع مَا هُوَ قَالَ يكون للرجل مائَة وَعِشْرُونَ شَاة فَفِيهَا شَاة وَاحِدَة فَإِن فرقها الْمُصدق فَجَعلهَا أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه
قلت أَرَأَيْت قَوْلك لَا نجمع بَين متفرق مَا هُوَ قَالَ

(2/51)


الرّجلَانِ يكون بَينهمَا أَرْبَعُونَ شَاة فَإِن جمعهَا كَانَت فِيهَا شَاة وَلَو فرقها عشْرين عشْرين لم يكن فِيهَا شَيْء قلت فَلَو كَانَا شَرِيكَيْنِ متفاوضين لم يجمع بَين أغنامهما قَالَ نعم لَا يجمع بَينهمَا
قلت أَرَأَيْت الرجل تجب فِي غنمه الصَّدَقَة فيبيعها صَاحبهَا والمصدق ينظر إِلَيْهِ ثمَّ يَقُول لَيْسَ عِنْدِي شَيْء هَل يَأْخُذ صدقتها

(2/52)


من المُشْتَرِي وَهِي فِي يَدَيْهِ بِأَعْيَانِهَا قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ البَائِع حَتَّى يُؤَدِّي صدقتها وَإِن شَاءَ أَخذ مِمَّا فِي يَد المُشْتَرِي قلت فَإِن كَانَ المُشْتَرِي قد ذهب وتفرقا وَجَاء الْمُصدق بعد أيأخذ مِمَّا فِي يَد المُشْتَرِي قَالَ مَا أستحسن ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل فِي غنمه الصَّدَقَة ثمَّ ينْفق كلهَا بعد الْحول هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت وَلم وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول وَوَجَبَت فِيهَا الصَّدَقَة قَالَ لِأَنَّهَا هَلَكت وموتت قلت وَكَذَلِكَ إِن استهلكها رجل فَذهب بهَا قَالَ نعم
قلت فَإِن نفق بَعْضهَا وَبَقِي بَعْضهَا وَهِي أَرْبَعُونَ من الْغنم فَكَانَ الَّذِي هلك مِنْهَا عشْرين وَبَقِي عشرُون قَالَ فَعَلَيهِ الصَّدَقَة فِي هَذِه الْعشْرين عَلَيْهِ فِيهَا نصف شَاة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا مَاتَ وَهلك شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يستهلكها هُوَ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ حَبسهَا بعد مَا وَجب فِيهَا الزَّكَاة حَتَّى مَاتَت أما ترَاهُ ضَامِنا لَهَا لما مَاتَت

(2/53)


مِنْهَا بحبسه إِيَّاهَا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ أَرْبَعُونَ من الْغنم فيعجل زَكَاتهَا قبل الْحول أَو يعْطى مِنْهَا زَكَاة سِنِين ويعجل ذَلِك هَل يَسعهُ ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم يَسعهُ هَذَا كُله بلغنَا نَحْو من ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/54)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْغنم اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة أيزكيها زَكَاة السَّائِمَة أَو زَكَاة التِّجَارَة وَهِي سَائِمَة فِي الْبَريَّة ترعى وَقد اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة قَالَ يزكيها زَكَاة التِّجَارَة قلت فَإِن كَانَت أَرْبَعِينَ شَاة وَلَا تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة لِأَنَّهَا للتِّجَارَة
قلت فَإِن كَانَت ثَلَاثِينَ من الْغنم أَو عشْرين من الْبَقر أَو أَرْبَعَة من الْإِبِل وَلَيْسَ شَيْء من هَذِه إِلَّا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَهِي للتِّجَارَة فحال عَلَيْهَا الْحول وَهِي كَذَلِك قَالَ يزكيها زَكَاة التِّجَارَة
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الْغنم للتِّجَارَة فيبدوا لَهُ فيجعلها سَائِمَة فيحول عَلَيْهَا الْحول وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا وَإِنَّمَا جعلهَا مُنْذُ سِتَّة أشهر أعليه زَكَاة التِّجَارَة إِذا مضى سنة مُنْذُ يَوْم اشْتَرَاهَا قَالَ لَا قلت

(2/56)


فَإِن كَانَ إِنَّمَا فر بهَا من الزَّكَاة قَالَ فَإِذا حَال عَلَيْهَا الْحول مُنْذُ يَوْم جعلهَا سَائِمَة زكاها زَكَاة السَّائِمَة وَلَا يزكيها للتِّجَارَة
قلت أَرَأَيْت نَصَارَى بني تغلب هَل يُؤْخَذ من أحد مِنْهُم من غَنمهمْ شَيْء قَالَ نعم قلت وَكَيف يُؤْخَذ مِنْهُم قَالَ تضَاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة إِذا كَانَت مِمَّا تجب فِيهَا الزَّكَاة لَو كَانَت لمُسلم فَيُؤْخَذ مِنْهُ فِيهَا الزَّكَاة مضاعفة قلت وَكَذَلِكَ الْإِبِل وَالْبَقر والجواميس قَالَ نعم
قلت فَإِذا كَانَ لأحد مِنْهُم من الْغنم مَا لَا تجب فِيهِ الزَّكَاة لَو كَانَت لمُسلم فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء قَالَ نعم لَيْسَ فِيهِ شَيْء قلت فَمن لم يكن مِنْهُم لَهُ مَال أتأخذ مِنْهُ شَيْئا قَالَ لَا قلت فَمن كَانَ مِنْهُم لَهُ غنم وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِمَالِه أتأخذ مِنْهُ شَيْئا قَالَ لَا آخذ مِنْهُ
قلت فالغنم تكون للْمَرْأَة مِنْهُم عَلَيْهَا مَا على الرجل قَالَ نعم قلت فَالْعَبْد يكون لَهُم فيعتقونه يكون لَهُ الْغنم يُضَاعف عَلَيْهَا الصَّدَقَة

(2/57)


قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن بني تغلب صَالحهمْ عمر بن الْخطاب فَصَالحهُمْ على هَذَا فمواليهم لَا يكونُونَ أعظم حُرْمَة عِنْدِي من موَالِي الْمُسلمين فَإِن الْمُسلم يعْتق عَبده النَّصْرَانِي فنأخذ مِنْهُ الْخراج فَلَيْسَ نَتْرُك موَالِي بني تغلب أَن يوضع على رُؤْسهمْ الْخراج وعَلى أرضيهم وأهمل أَمْوَالهم فَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا شَيْء بِمَنْزِلَة موَالِي أهل الذِّمَّة
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يمر على الْعَاشِر بِغنم وَهِي مَال كثير فَيَقُول لَيْسَ شَيْء من هَذَا للتِّجَارَة وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ذَلِك ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ والتغلبي قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ قَالَ لَا أما الْحَرْبِيّ فَإِذا مر بِشَيْء مِمَّا ذكرت قوم وَأخذ مِنْهُ الْعشْر

(2/58)


قلت أَرَأَيْت قوما من الْخَوَارِج ظَهَرُوا على قوم من الْمُسلمين فَأخذُوا زَكَاة أغنامهم ثمَّ ظهر عَلَيْهِم الإِمَام بعد ذَلِك وَأهل الْعدْل أيحسبون لَهُم تِلْكَ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لأَنهم لم يمنعوهم
قلت وَكَيف يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يصنع بِصَدقَة الْغنم قَالَ يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يقسم صَدَقَة كل بِلَاد فِي فقرائهم وَلَا يُخرجهَا من تِلْكَ الْبِلَاد إِلَى غَيرهَا
قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي من بني تغلب يمر على الْعَاشِر وَمَعَهُ غنم للتِّجَارَة فَيَقُول عَليّ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا وَيحلف على ذَلِك أيكف عَنهُ وَيقبل مِنْهُ ذَلِك وَيصدق قَالَ نعم يكف عَنهُ
قلت أَرَأَيْت إِذا جَاءَ الْمُصدق يَأْخُذ صَدَقَة غنمه فَقَالَ على دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا وَحلف على ذَلِك قَالَ لَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا

(2/59)


قلت أَرَأَيْت الصَّبِي النَّصْرَانِي من بني تغلب هَل يُؤْخَذ من غنمه الصَّدَقَة مضاعفة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ صَغِير وَإِنَّمَا يُضَاعف على الْكَبِير من بني تغلب
قلت أَرَأَيْت الرجل يَمُوت وَقد وَجَبت فِي غنمه وَإِبِله وبقره وجواميسه الصَّدَقَة فَيَجِيء الْمُصدق وَهِي فِي أَيدي الْوَرَثَة فَيَأْخُذ صدقتها مِنْهُم قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا قد خرجت من ملك الَّذِي كَانَت لَهُ صَارَت لغيره

(2/60)


- بَاب صَدَقَة الْبَقر
-
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ لَيْسَ فِيمَا دون ثَلَاثِينَ بقرة صَدَقَة فَإِذا كَانَت ثَلَاثِينَ سَائِمَة فَفِيهَا تبيع أَو تبيعة إِلَى تسع وَثَلَاثِينَ فَإِذا بلغت أَرْبَعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّة بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو ذَلِك فَمَا زَاد على الْأَرْبَعين فَإِن الزِّيَادَة

(2/61)


بِحِسَاب ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أما نَحن فنرى أَن لَا يُؤْخَذ مِمَّا زَاد على الْأَرْبَعين شَيْء حَتَّى تبلغ الْبَقر سِتِّينَ فَإِذا كَانَت سِتِّينَ فَفِيهَا تبيعان إِلَى تسع وَسِتِّينَ فَإِذا كَانَت سبعين فَفِيهَا مُسِنَّة وتبيع إِلَى أَن تبلغ تسعا وَسبعين فَإِذا بلغت ثَمَانِينَ فَفِيهَا مسنتان إِلَى أَن تبلغ تسعا وَثَمَانِينَ فَإِذا بلغت تسعين فَفِيهَا ثَلَاثَة أتبعة إِلَى أَن تبلغ تسعا وَتِسْعين فَإِذا بلغت مائَة فَفِيهَا مُسِنَّة وتبيعان

(2/62)


قلت أَرَأَيْت الجواميس هِيَ بِمَنْزِلَة الْبَقر صدقتها وَصدقَة الْبَقر سَوَاء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا وَجب فِيهَا شَيْء فَلم يُوجد الشَّيْء الَّذِي وَجب عَلَيْهَا فِيهَا يُؤْخَذ أفضل مِنْهُ أَو دونه قَالَ يَأْخُذ قيمَة ذَلِك الشَّيْء الَّذِي وَجب عَلَيْهِ وَإِن شِئْت أخذت أفضل مِنْهَا ورددت عَلَيْهِ قيمَة الْفضل دَرَاهِم وَإِن شِئْت أخذت دونهَا وَأخذت بِالْفَضْلِ قِيمَته دَرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الْبَقر العجاجيل كلهَا والحملان والفصلان هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْبَقر وَالْإِبِل وَالْغنم إِلَّا مَا وصفت لَك من السن أَو قِيمَته وَلَيْسَ هَذَا مثل ذَلِك وَلَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة الْغنم إِلَّا الثنى فَصَاعِدا قلت أَرَأَيْت الرجلَيْن بَينهمَا تسع وَخَمْسُونَ من الْبَقر أَو جواميس هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَت سِتِّينَ قَالَ على كل وَاحِد مِنْهُمَا تبيع أَو تبيعة إِلَى أَن تبلع تسعا وَسبعين فَإِذا كَانَت ثَمَانِينَ فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا مُسِنَّة فَمَا زَاد فبحساب ذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَلَيْسَ فِي

(2/63)


الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ مائَة وَعشْرين
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْخَيل السَّائِمَة الذُّكُورَة كلهَا هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَت إِنَاثًا وذكورة يطْلب نسلها قَالَ فَفِي كل فرس دِينَار وَإِن شِئْت قومتها دَرَاهِم فَجعلت فِي كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا نرى فِي الْخَيل صَدَقَة لِأَنَّهُ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ عَفَوْت لأمتي عَن صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق إِلَّا أَن فِي الرَّقِيق صَدَقَة الْفطر

(2/64)


وَهُوَ قَول مُحَمَّد

(2/65)


قلت أَرَأَيْت الْحمر وَالْبِغَال السَّائِمَة هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْبَقر يجب فِي مثلهَا الصَّدَقَة

(2/66)


وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِذا جَاءَ الْمُصدق فَأخْبرهُ أَن عَلَيْهِ دينا وَحلف على ذَلِك لَهُ أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت فَإِن قَالَ إِنَّمَا أصبت هَذِه الْبَقر مُنْذُ شهر وَلم يتم لَهَا عِنْدِي حول وَحلف على ذَلِك هَل يقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للمصدق قد أدّيت زَكَاة هَذِه الْبَقر إِلَى مُصدق غَيْرك وجاءه بِبَرَاءَة وَحلف لَهُ على ذَلِك وَقد كَانَ عَلَيْهِم مُصدق غَيره فِي تِلْكَ السّنة أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ قد أَعْطَيْت زَكَاتهَا الْمَسَاكِين أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ لَا قلت لم صدقته فِي مَا سوى هَذَا مِمَّا ذكرت لَك وَلم تصدقه فِي هَذَا قَالَ لِأَن الصَّدَقَة إِنَّمَا تدفع إِلَى السعاة عَلَيْهِم فَإِن قبل السعاة من النَّاس قَوْلهم هَذَا أعطيناها الْمَسَاكِين لم يُؤْخَذ صَدَقَة أبدا
قلت أَرَأَيْت الْيَتِيم الَّذِي لم يَحْتَلِم وَالْمَجْنُون المغلوب وَالْعَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة عَلَيْهِ دين هَل على أحد من هَؤُلَاءِ صَدَقَة إِذا كَانَت بقر يجب فِي مثلهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الصَّغِير وَالْمَعْتُوه لَا يجب

(2/67)


عَلَيْهِمَا الصَّلَاة فَكَذَلِك لَا يجب عَلَيْهِمَا الزَّكَاة وَأما العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة الَّذِي عَلَيْهِ دين وَالْمكَاتب فهما لَا يملكَانِ شَيْئا
قلت أَرَأَيْت العَبْد الْمَأْذُون لَهُ إِذا لم يكن عَلَيْهِ دين قَالَ هَذَا مَاله لمَوْلَاهُ وَيكون عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْبَقر الَّتِي تجب فِي مثلهَا الزَّكَاة فَإِذا كَانَ قبل الْحول بِيَوْم ورث بقرًا أَو اشْتَرَاهَا أَو وهبت لَهُ وَهِي سَائِمَة أيزكيها مَعَ بقرة قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ لَهُ بقر لَا يجب فِي مثلهَا الزَّكَاة أَو تجب وَورث إبِلا وَغنما أَو اشْتَرَاهَا لَهُ أَو وهبت أَو أصَاب على مَا وصفت لَك أيزكيها مَعهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا مُخَالف لِلْمَالِ الَّذِي عِنْده وعَلى هَذَا إِذا حَال عَلَيْهَا الْحول من يَوْم قبضهَا الزَّكَاة
قلت أرايت الرجل إِذا حَال الْحول على بقره الَّتِي كَانَت عِنْده

(2/68)


ثمَّ أصَاب بقرة بعد ذَلِك أيزكيها مَكَانَهُ قَالَ لَا وَلَكِن إِذا وَجَبت الزَّكَاة ثَانِيَة على بقره الأولى زكى بقره الَّتِي أَفَادَ مَعهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون عِنْده الْبَقر السَّائِمَة ذكورة كلهَا هَل فِيهَا صَدَقَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْبَقر الَّتِي تجب فِي مثلهَا الزَّكَاة فَإِذا خَافَ أَن يجب عَلَيْهَا صَدَقَة بَاعهَا قبل ذَلِك بِيَوْم بِإِبِل أَو غنم أَو دَرَاهِم يُرِيد بذلك الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى يحول الْحول عَلَيْهَا وَهِي عِنْده
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ ببقر قبل أَن تجب عَلَيْهِ الصَّدَقَة بِيَوْم يُرِيد بذلك الْفِرَار من الصَّدَقَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء وَهَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج على أَرْبَعِينَ من الْبَقر بِغَيْر أعيانها فَلَا تقبضها إِلَّا بعد حول أتزكيها قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بسائمة قلت فَإِن كَانَت تزوجت عَلَيْهَا بِأَعْيَانِهَا وَهِي سَائِمَة ثمَّ قبضتها بعد حول أتزكيها قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت إبِلا أَو غنما قَالَ نعم رَجَعَ أَبُو حنيفَة بعد ذَلِك وَقَالَ لَا زَكَاة عَلَيْهَا

(2/69)


قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج على مائَة من الْبَقر بِعَينهَا فيحول عَلَيْهَا الْحول وَهِي فِي يَد الزَّوْج ثمَّ يطلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا على من زَكَاة هَذِه الْبَقر قَالَ يدْفع النّصْف إِلَى الْمَرْأَة وَعَلَيْهَا فِيهَا الزَّكَاة فِي قَوْله الأول وَأما فِي قَوْله الآخر فَلَا زَكَاة عَلَيْهَا وَلَيْسَ على الزَّوْج زَكَاة فِي النّصْف الآخر قلت لم قَالَ لِأَن الْمَرْأَة قد حَال عَلَيْهَا الْحول وَهِي تملك الَّذِي أخذت وَوَجَب عَلَيْهَا فِيهِ الزَّكَاة وَالزَّوْج إِنَّمَا وَجب لَهُ نصف ذَلِك بعد مَا طَلقهَا فَلَا تجب عَلَيْهِ فِيهَا الزَّكَاة لِأَنَّهُ لم يحل عَلَيْهَا الْحول مُنْذُ ملكهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت بِغَيْر أعيانها قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ دَفعهَا إِلَى امْرَأَته وَحَال الْحول عَلَيْهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ على الْمَرْأَة زَكَاة نصفهَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا كَانَت فِي ملكهَا وَوَجَب عَلَيْهَا فِيهَا الزَّكَاة قلت وَكَذَلِكَ لَو تزَوجهَا على إبل أَو غنم سَائِمَة ثمَّ دَفعهَا إِلَيْهَا وَحَال عَلَيْهَا الْحول ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ نعم عَلَيْهَا زَكَاة نصف ذَلِك
قلت أَرَأَيْت لَو تزَوجهَا على عبد وَدفعه إِلَيْهَا فجَاء يَوْم الْفطر وَهُوَ

(2/70)


عِنْدهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ عَلَيْهَا زَكَاة الْفطر
قلت فَإِن كَانَ عبد الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ لَيْسَ على الرجل وَلَا على الْمَرْأَة زَكَاة الْفطر قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْغنم وَالْإِبِل وَالْبَقر عِنْد الزَّوْج وَهِي سَائِمَة فَتَزَوجهَا عَلَيْهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا ثمَّ دفع إِلَيْهَا نصفهَا وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول قَالَ نعم لَا زَكَاة عَلَيْهَا فِي قَوْله الآخر وَأما فِي قَوْله الأول فَإِن كَانَت أخذت مثل مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة زكتها وَأما الزَّوْج فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ الْبَقر السَّائِمَة فَأَرَادَ أَن يستعملها ويعلفها وَلم يفعل ذَلِك حَتَّى حَال عَلَيْهَا الْحول قَالَ عَلَيْهِ الزَّكَاة
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ أَرْبَعُونَ بقرة فَمَكثَ سِنِين لَا يزكيها قَالَ عَلَيْهِ فِي السّنة الأولى مُسِنَّة وَعَلِيهِ فِي السّنة الثَّانِيَة تبيع أَو تبيعة قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا قد نقصت من الْأَرْبَعين
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ ثَلَاثُونَ بقرة فتمكث سِنِين

(2/71)


لَا يزكيها قَالَ عَلَيْهِ فِي السّنة الأولى تبيع أَو تبيعة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَة شَيْء لِأَنَّهَا قد نقصت من الثَّلَاثِينَ
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ تسع وَعِشْرُونَ عجلا وبقرة مُسِنَّة أَو جاموس هَل عَلَيْهِ صَدَقَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْبَقر السَّائِمَة أَو الجواميس اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة أعليه زَكَاة السَّائِمَة أَو زَكَاة التِّجَارَة قَالَ عَلَيْهِ زَكَاة التِّجَارَة يقومها ثمَّ يُزكي قيمَة كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ الْبَقر يجب فِي مثلهَا الصَّدَقَة وشريكه فِيهَا صبي وَهِي ثَمَانُون بقرة قَالَ على الرجل فِي حِصَّته مُسِنَّة وَلَيْسَ على الصَّبِي فِي حِصَّته شَيْء قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ شَرِيكه فِيهَا معتوها أَو رجلا عَلَيْهِ دين قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ شَرِيكه فِيهَا مكَاتبا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ بَينهمَا إبل أَو غنم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْبَقر فيغلبه الْعَدو أَو يغصبه إِيَّاهَا رجل فتمكث عِنْده سِنِين ثمَّ يَأْخُذهَا صَاحبهَا من الْغَاصِب أَو يُصِيبهَا

(2/72)


الْمُسلمُونَ فيردونها عَلَيْهِ أيزكيها لما مضى من السنين وَقد أَخذهَا بِأَعْيَانِهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ أما مَا كَانَ فِي يَد الْعَدو فَلم يكن لَهُ لِأَن الْعَدو لَو أَسْلمُوا عَلَيْهَا كَانَت لَهُم وَلَو باعوها جَازَ بيعهم وَلم يَأْخُذهَا هَذَا إِلَّا بِالثّمن وَأما الْغَاصِب فَإِنَّهُ لم يقدر عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة الَّذِي يقر لَهُ بِهِ فيزكيه لما مضى بعد مَا أَخذه
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ ثَلَاثُونَ بقرة فَإِذا كَانَ بِشَهْر هَلَكت مِنْهَا وَاحِدَة ثمَّ يحول عَلَيْهَا بعد الْوَاحِدَة الْحول هَل عَلَيْهَا صَدَقَة فِيمَا بَقِي قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أصَاب وَاحِدَة مثلهَا قبل أَن يحول عَلَيْهَا أَو نتجت بَعضهنَّ وَاحِدَة قبل أَن يحول الْحول فحال الْحول عَلَيْهَا وَهِي تَامَّة كَمَا كَانَت أيزكيها قَالَ نعم قلت وَإِنَّمَا ملك مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة أَيَّامًا من السّنة وَمَا بَين ذَلِك لم يكن يملك مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة قَالَ إِذا ملك

(2/73)


ذَلِك فِي أول الْحول وَآخره لم أنظر إِلَى مَا نقص فِيمَا بَين ذَلِك قلت أَرَأَيْت الرجل يكون فِي بقره العمياء أَو الْعَجْفَاء أَو العرجاء أيحسب ذَلِك فِي الْعدَد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت قَوْلك لَا يجمع بَين متفرق كَيفَ هُوَ قَالَ هُوَ الرّجلَانِ يكون بَينهمَا أَرْبَعُونَ بقرة فَإِن جمعهَا الْمُصدق كَانَ عَلَيْهِ مُسِنَّة وَإِن فرقها لم يكن عَلَيْهَا شَيْء قلت أَرَأَيْت قَوْلك لَا يفرق بَين مُجْتَمع قَالَ الرجل يكون لَهُ أَرْبَعُونَ بقرة فَفِيهَا مُسِنَّة فَإِن فرقها لم يكن فِيهَا شَيْء قلت فَإِن كَانَا متفاوضين لم يجمع بَينهمَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يجب فِي بقره الصَّدَقَة فيبيعها والمصدق ينظر إِلَيْهَا تبَاع ثمَّ يَقُول لَيْسَ عِنْدِي شَيْء أَيكُون للمصدق أَن يَأْخُذ صدقتها من المُشْتَرِي وَهِي فِي يَدَيْهِ بِأَعْيَانِهَا قَالَ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ البَائِع حَتَّى يُؤَدِّي صدقتها وَإِن شَاءَ أَخذ مِمَّا فِي يَدي المُشْتَرِي قلت

(2/74)


فَإِن كَانَ المُشْتَرِي قد ذهب وتفرقا ثمَّ جَاءَ الْمُصدق بعد أَله أَن يَأْخُذ مِمَّا فِي يَد المُشْتَرِي قَالَ مَا أستحسن ذَلِك وَلَكِن يضمن البَائِع زَكَاتهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يجب فِي بقره صَدَقَة ثمَّ تَمُوت كلهَا بعد الْحول هَل عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو استهلكها رجل فَذهب بهَا قَالَ نعم
قلت فَإِن موت بَعْضهَا وَبَقِي بعض وَهِي أَرْبَعُونَ من الْبَقر وَكَانَ الَّذِي هلك مِنْهَا عشْرين وَبَقِي عشرُون قَالَ عَلَيْهِ الصَّدَقَة فِي هَذِه الْعشْرين نصف قيمَة مُسِنَّة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا مَاتَ وَهلك شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يستهلكها هُوَ
قلت فَإِن كَانَ حَبسهَا هُوَ بعد مَا وَجب فِيهَا الزَّكَاة حَتَّى موتت وَهَلَكت أما ترَاهُ ضَامِنا لما مَاتَ مِنْهَا وَهلك بِالْحِسَابِ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ أَرْبَعُونَ بقرة فيعجل زَكَاتهَا قبل الْحول فيعطي مِنْهَا زَكَاة سِنِين هَل يَسعهُ ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم يَسعهُ هَذَا كُله وَقد بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/75)


أَنه تعجل من الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب زَكَاة سِنِين
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ أَتَى عمر بن الْخطاب بِمَال فَقَسمهُ بَين الْمُسلمين فَبَقيَ مِنْهُ بَقِيَّة فَشَاور الْقَوْم فِيهِ فَقَالَ بَعضهم قد أَعْطَيْت كل ذِي حق حَقه فَأمْسك هَذِه الْبَاقِيَة لنائبة إِن كَانَت قَالَ وَعلي فِي الْقَوْم سَاكِت قَالَ فَقَالَ عمر مَا تَقول يَا أَبَا الْحسن قَالَ فَقَالَ على قد قَالَ الْقَوْم قَالَ فَقَالَ عمر لتقولن قَالَ فَقَالَ لَهُ على لم تجْعَل يقينك شكا وَتجْعَل علمك جهلا قَالَ فَقَالَ لَهُ عمر لتخْرجن مِمَّا قلت قَالَ فَقَالَ لَهُ على أما تذكر حِين بَعثك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ساعيا فَأتيت الْعَبَّاس فَلم يعطك وَكَانَ بَيْنك وَبَينه كَلَام فَوجدَ عَلَيْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستعنت بِي عَلَيْهِ فصلينا مَعَه الظّهْر فَدخل ثمَّ صلينَا مَعَه الْعَصْر فَدخل ثمَّ استأذنا عَلَيْهِ فَأذن لنا فاعتذرت إِلَيْهِ فعذرك ثمَّ قَالَ أما علمت أَن عَم الرجل صنو أَبِيه إِنَّا كُنَّا احتجنا إِلَى مَال فتسلفنا

(2/76)


من الْعَبَّاس صَدَقَة سنتَيْن فَقُلْنَا قد صلينَا مَعَك الظّهْر وَالْعصر فَقَالَ مَال أَتَانِي فقسمته فَبَقيت مِنْهُ فضلَة فَمَكثت فِي ذَلِك حَتَّى وجدت لَهَا موضعا فَقَالَ عمر وَبِذَلِك وانا بى لم أحاربك بهَا فقسم ذَلِك المَال فَأصَاب طَلْحَة ثَمَانمِائَة دِرْهَم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الْبَقر والجواميس أَو الْخَيل قد اشْتَرَاهَا للتِّجَارَة وَهِي سَائِمَة ترعى فِي الْبَريَّة أيزكيها زَكَاة السَّائِمَة أَو زَكَاة التِّجَارَة قَالَ بل يزكيها زَكَاة التِّجَارَة
قلت فَإِن كَانَت لَهُ عشرُون بقرة أَو عشرُون من الْخَيل وَلَيْسَ شَيْء من هَذَا إِلَّا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَهِي للتِّجَارَة فحال عَلَيْهِ الْحول وَهِي كَذَلِك قَالَ يزكيها زَكَاة التِّجَارَة
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الْبَقَرَة للتِّجَارَة ثمَّ يَبْدُو لَهُ فيجعلها سَائِمَة ثمَّ يحول عَلَيْهِ الْحول وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا وَإِنَّمَا لَهُ مُنْذُ جعلهَا سَائِمَة سِتَّة أشهر قَالَ عَلَيْهِ زَكَاة السَّائِمَة إِذا مَضَت سنة مُنْذُ جعلهَا سَائِمَة قلت فَإِن كَانَ إِنَّمَا فر بهَا من الزَّكَاة فَإِذا حَال عَلَيْهَا الْحول مُنْذُ يَوْم جعلهَا سَائِمَة زكاها قَالَ نعم

(2/77)


قلت أَرَأَيْت نَصَارَى بني تغلب هَل يُؤْخَذ من أحد مِنْهُم من بقره شَيْء قَالَ نعم قلت وَمن جواميسهم قَالَ نعم قلت وَكَيف تُؤْخَذ مِنْهُم صَدَقَاتهمْ قَالَ يُضَاعف عَلَيْهِم الصَّدَقَة ينظر إِلَى بقر أحدهم وجواميسه فَإِذا كَانَت مِمَّا يجب فِيهِ الصَّدَقَة لَو كَانَت لمُسلم فتؤخذ مِنْهَا الصَّدَقَة مضاعفة قلت وَكَذَلِكَ الْإِبِل وَالْغنم قَالَ نعم قلت فالخيل تكون سَائِمَة للرجل مِنْهُم يَأْخُذ مِنْهَا الصَّدَقَة كَمَا يَأْخُذ من الْمُسلم إِذا وَجب فِيهَا الصَّدَقَة مضاعفة قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ لأَحَدهم بقر مِمَّا لَا تجب فِيهِ الزَّكَاة لَو كَانَت الْمُسلم أفليس عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء قَالَ نعم لَا شَيْء فِيهِ قلت فَمن لم يكن لَهُ مِنْهُم مَال أيأخذ مِنْهُ شَيْئا قَالَ لَا قلت فَمن كَانَ مِنْهُم لَهُ بقر وَعَلِيهِ دين كثير يُحِيط بِمَالِه أيأخذ مِنْهُ شَيْئا قَالَ لَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا قلت فالبقر تكون للْمَرْأَة مِنْهُم أعليها مثل مَا على الرجل مِنْهُم

(2/78)


قَالَ نعم قلت وَالْعَبْد يعتقونه مِنْهُم فَيكون لَهُ الْبَقر أَو الجواميس يُضَاعف عَلَيْهَا الصَّدَقَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ صَالحهمْ على هَذَا فمواليهم لَا يكونُونَ أعظم حُرْمَة عِنْدِي من موَالِي الْمُسلمين فَإِن الْمُسلم يعْتق عَبده النَّصْرَانِي وآخذ مِنْهُ الْخراج أَو لَيْسَ نَتْرُك موَالِي بني تغلب حَتَّى يوضع على رُؤْسهمْ الْخراج وعَلى أرضيهم وأهمل أَمْوَالهم فَلَا نَأْخُذ مِنْهُم شَيْئا بِمَنْزِلَة موَالِي أهل الذِّمَّة
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يمر على الْعَاشِر بالبقر والجواميس وَهِي ثمن مَال كثير فَيَقُول لَيْسَ شَيْء من هَذَا للتِّجَارَة وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْإِبِل وَالْغنم وَالطَّعَام قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت فالحربي قَالَ لَا أما الْحَرْبِيّ إِذا مر بِشَيْء مِمَّا ذكرت قوم فَأخذ مِنْهُ الْعشْر
قلت أَرَأَيْت قوما من الْخَوَارِج ظَهَرُوا على قوم من الْمُسلمين فَأخذُوا زَكَاة بقرهم ثمَّ ظهر عَلَيْهِم الإِمَام وَأهل الْعدْل أيحسبون لَهُم تِلْكَ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لأَنهم لم يمنعوهم من

(2/79)


الْخَوَارِج قلت فَكيف يَنْبَغِي أَن يصنع بِصَدقَة الْبَقر قَالَ يَنْبَغِي أَن تقسم صَدَقَة كل بِلَاد فِي فقرائهم وَلَا تخرج من تِلْكَ الْبِلَاد إِلَى غَيرهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا يَمُوت وَقد وَجَبت عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي بقره وجواميسه فَيَجِيء الْمُصدق وَهِي فِي أَيدي الْوَرَثَة أيأخذ صدقتها مِنْهُم قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا قد خرجت من ملك الَّذِي كَانَت لَهُ فَصَارَت لغيره
قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي من بني تغلب يمر على الْعَاشِر وَمَعَهُ الْبَقر للتِّجَارَة فَيَقُول عَليّ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا وَيحلف على ذَلِك أيكف عَنهُ ويصدقه قَالَ نعم يصدق ويكف عَنهُ قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْمُصدق يَأْخُذ صَدَقَة بقره أَو جواميسه فَقَالَ عَليّ دين يُحِيط بِقِيمَتِهَا هَل عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء قَالَ لَا يَأْخُذ صدقتها مِنْهُ
قلت أَرَأَيْت الصَّبِي من بني تغلب لَهُ الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَهُوَ نَصْرَانِيّ هَل عَلَيْهِ الصَّدَقَة مضاعفة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ صَغِير وَإِنَّمَا يُضَاعف على الْكَبِير من بني تغلب

(2/80)


- بَاب زَكَاة المَال
-
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يكون لَهُ المَال تجب فِي مثله الزَّكَاة فَإِذا كَانَ قبل الْحول بِيَوْم أَو بِشَهْر اسْتَفَادَ مَالا آخر فحال الْحول عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أيزكيها جَمِيعًا قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ المَال الَّذِي اسْتَفَادَ مِيرَاثا وَرثهُ أَو هبة وهبت لَهُ أَو صَدَقَة تصدق بهَا عَلَيْهِ أَو ربحا ربحه أَو وَصِيَّة أوصى بهَا لَهُ أيزكيها مَعَه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت التَّاجِر يُصِيبهُ فِي مَاله الْآفَات ثمَّ يحول عَلَيْهِ الْحول وَقد زَادهَا لَهُ فِي سعر غلاء أَو غير ذَلِك فارتفع فِي يَدَيْهِ فيزكيه فَهَل يحط عَنهُ من الزَّكَاة شَيْء لما أَصَابَته من الْآفَات قَالَ يقوم مَاله كُله يَوْم حَال عَلَيْهِ الْحول فيزكيه بِقِيمَتِه يَوْمئِذٍ لَا ينظر إِلَى مَا كَانَ من نُقْصَان فِيهِ من قبل تِلْكَ الْآفَات وَلَا من زِيَادَة
قلت أَرَأَيْت التَّاجِر يكون لَهُ المَال وَيكون عَلَيْهِ المَال كَيفَ يصنع إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول قَالَ يقوم كل مَال التِّجَارَة وكل مَال عَلَيْهِ

(2/81)


فان كَانَ المالان سَوَاء أَو كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ من الدّين أَكثر فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة وَإِن كَانَ مَاله أَكثر مِمَّا عَلَيْهِ من الدّين بِمِائَتي دِرْهَم فَصَاعِدا أَو بِعشْرين مِثْقَالا من ذهب فَصَاعِدا زكى هَذَا الْفضل الَّذِي فضل عَمَّا عَلَيْهِ من الدّين
قلت فَإِذا كَانَ لَهُ ألف دِرْهَم لَا يقدر عَلَيْهَا وَمَا فِي يَدَيْهِ فَهُوَ كفاف بِمَا عَلَيْهِ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْفضل زَكَاة حَتَّى يَأْخُذ تِلْكَ الْألف قلت فَإِذا أَخذهَا بعد سِنِين قَالَ يزكيها للسّنة الأولى خمْسا وَعشْرين درهما فَهَذِهِ زَكَاة الْألف ويزكي السّنة الثَّانِيَة ألفا غير خَمْسَة وَعشْرين
قلت فَإِن توالت عَلَيْهِ سنُون زكى لأوّل سنة ألفا كَامِلا ثمَّ ينقص فِي كل سنة تِلْكَ الزَّكَاة الَّتِي زكى أبدا كَذَلِك حَتَّى تنقض من مِائَتي دِرْهَم قَالَ نعم وَلَيْسَ فِي أقل من مِائَتي دِرْهَم زَكَاة وَلَا صَدَقَة فَإِذا بلغت مِائَتي دِرْهَم وَحَال عَلَيْهَا الْحول فَفِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم وَمَا زَاد على الْمِائَتَيْنِ فَلَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ أَرْبَعِينَ درهما فَإِذا بلغت

(2/82)


مِائَتي دِرْهَم وَأَرْبَعين درهما فَفِي الْمِائَتَيْنِ خَمْسَة دَرَاهِم وَفِي الْأَرْبَعين دِرْهَم كَذَلِك بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَبِه كَانَ يَأْخُذ أَبُو حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد مَا زَاد على الْمِائَتَيْنِ شَيْء فبحساب

(2/83)


ذَلِك كَذَلِك بلغنَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يكون فِي يَدَيْهِ الرَّقِيق قد اشْتَرَاهُ بِدَنَانِير أَو بِدَرَاهِم وَفِي يَدَيْهِ الْمَتَاع قد اشْتَرَاهُ بِغَيْر مَا اشْترى بِهِ الرَّقِيق كَيفَ يُزَكِّيه عِنْد رَأس الْحول أيقوم ذَلِك كُله دَرَاهِم أَو دَنَانِير ثمَّ يُزَكِّيه قَالَ أَي ذَلِك مَا فعل أجزى عَنهُ
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ مَثَاقِيل ذهب أَرْبَعَة أَو خَمْسَة تَسَاوِي مائَة دِرْهَم وَله مائَة دِرْهَم أُخْرَى ثمَّ يحول عَلَيْهِ الْحول أيزكيها جَمِيعًا قَالَ نعم يزكيها جَمِيعًا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فلست أرى عَلَيْهِ فِي شَيْء من هَذَا زَكَاة حَتَّى تبلغ الدَّرَاهِم مائَة

(2/84)


دِرْهَم وَالذَّهَب عشرَة مَثَاقِيل وَهُوَ قَول مُحَمَّد

(2/85)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ مِائَتَا دِرْهَم فيمكث أشهرا ثمَّ ينْفق مِنْهَا مائَة دِرْهَم أَو يهْلك مائَة دِرْهَم فَإِذا كَانَ قبل الْحول بِيَوْم أصَاب مائَة دِرْهَم فحال عَلَيْهَا الْحول وَهِي مِائَتَا دِرْهَم قَالَ يزكيها قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا مثل رجل اشْترى جَارِيَة للتِّجَارَة بِمِائَتي دِرْهَم قبل الْحول وَذَلِكَ قيمتهَا ثمَّ إِنَّهَا أعورت فَصَارَت قيمتهَا مائَة دِرْهَم أَو غلا الرَّقِيق فَصَارَت قيمتهَا عوراء مِائَتي دِرْهَم أَو ولدت ولدا يُسَاوِي مائَة دِرْهَم أَو زَادَت فِي جسمها حَتَّى صَارَت تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فحال عَلَيْهَا الْحول وَهِي تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فَعَلَيهِ أَن يزكيها
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ مائَة دِرْهَم فَإِذا كَانَ قبل الْحول أصَاب مائَة دِرْهَم أُخْرَى أَو ألفا أعليه أَن يُزكي قَالَ لَا حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول من يَوْم كَانَت مِائَتي دِرْهَم فَصَاعِدا وَلَيْسَ فِي أقل من

(2/86)


عشْرين مِثْقَالا ذَهَبا صَدَقَة فَإِذا كَانَت عشْرين مِثْقَالا ذَهَبا وَحَال عَلَيْهَا الْحول فَفِيهَا نصف مِثْقَال ذهب بلغنَا ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا زَاد على الْعشْرين مِثْقَالا ذَهَبا فَلَيْسَ فِي الزِّيَادَة شَيْء حَتَّى تبلغ الزِّيَادَة أَرْبَعَة مَثَاقِيل فَإِذا بلغت أَرْبَعَة مَثَاقِيل فَفِيهَا عشر مِثْقَال مَعَ نصف المثقال الَّذِي فِي الْعشْرين وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد مَا زَاد على الْعشْرين مِثْقَالا وعَلى الْمِائَتَيْنِ من الْفضة فبحساب ذَلِك وَمَا كَانَ من الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَالْفِضَّة تبرا مكسورا أَو حليا مصوغا أَو حلية سيف أَو شَيْئا مصوغا من ذَلِك فِي إِنَاء أَو منْطقَة أَو دَرَاهِم مَضْرُوبَة أَو دَنَانِير فَفِي هَذَا كُله الزَّكَاة إِذا كَانَ الذَّهَب يبلغ عشْرين مِثْقَالا وَالْفِضَّة تبلغ مِائَتي دِرْهَم وَحَال عَلَيْهِ الْحول مُنْذُ يَوْم ملكه
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ عشرَة مَثَاقِيل تبر وَذهب أَو دَنَانِير مَضْرُوبَة وَمِائَة دِرْهَم أَو وَزنهَا تبر فضَّة هَل عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة قَالَ نعم

(2/87)


قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لَهُ خَمْسَة عشر مِثْقَالا ذهب وَخَمْسُونَ درهما أَو كَانَ لَهُ مائَة وَخَمْسُونَ درهما وَخَمْسَة مَثَاقِيل ذَهَبا قَالَ نعم قلت فَهَل فِي شَيْء من هَذَا زَكَاة إِذا لم يمْكث عِنْد صَاحبه حولا فَإِذا مكث عِنْد صَاحبه حولا وَجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة وَلَا زَكَاة فِي المَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وَهُوَ عِنْد صَاحبه من يَوْم أَصَابَهُ
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا زَكَاة فِي المَال حَتَّى يبلغ مِائَتي دِرْهَم فَإِذا بلغ مِائَتي دِرْهَم وَحَال عَلَيْهِ الْحول فَفِيهِ خَمْسَة دَرَاهِم وَلَيْسَ فِي الذَّهَب زَكَاة حَتَّى يبلغ عشْرين مِثْقَالا فَإِذا بلغ عشْرين مِثْقَالا وَحَال عَلَيْهِ الْحول فَفِيهِ نصف دِينَار وَبِهَذَا يَأْخُذ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
قلت أَرَأَيْت الرجل يقْرض الرجل مِائَتي دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا فيحول عَلَيْهِ الْحول ثمَّ يقبض مِنْهُ بعد الْحول عشْرين درهما مِنْهَا هَل عَلَيْهِ فِي هَذِه الْعشْرين زَكَاة قَالَ لَا
قلت فَإِن أنفقها وَقبض مِنْهَا عشْرين أُخْرَى هَل عَلَيْهِ فِيهَا

(2/88)


زَكَاة قَالَ نعم عَلَيْهِ فِي الْعشْرين الأولى وَفِي هَذِه الْعشْرين الْأُخْرَى دِرْهَم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد قبض مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما
قلت فَإِن قبض مِنْهَا عشْرين أُخْرَى هَل عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء قَالَ لَا لَيْسَ فِي شَيْء يقبض مِنْهَا بعد هَذِه الْأَرْبَعين شَيْء حَتَّى يتم أَرْبَعِينَ أُخْرَى وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى عَلَيْهِ فِي كل شَيْء يقبضهُ درهما فَمَا فَوْقه أَن يُزَكِّيه وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت الرجل يَرث مِائَتي دِرْهَم وَهِي دين على رجل وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فيحول عَلَيْهَا الْحول ثمَّ يقبض مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما هَل عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة قَالَ لَا حَتَّى يقبضهَا كلهَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يَقع فِي يَده المائتا دِرْهَم
قلت أَرَأَيْت الرجل يُؤَاجر عَبده بِمِائَتي دِرْهَم وَلَا مَال لَهُ غَيرهَا فيمكث حولا ثمَّ يَأْخُذ مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما هَل عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ حَتَّى يَأْخُذ الْمِائَتَيْنِ كلهَا إِذا لم يكن لَهُ مَال غَيرهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يستهلك الدَّابَّة أَو العَبْد أَو الْمَتَاع فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه وَقد كَانَ لغير التِّجَارَة وَهِي مِائَتَا دِرْهَم وَلَيْسَ لصَاحِبهَا مَال

(2/89)


غَيرهَا فيحول عَلَيْهَا الْحول ثمَّ يَأْخُذ مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما أيزكيها قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ حَتَّى يَأْخُذهَا كلهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل إِن بَاعَ شَيْئا مِمَّا ذكرت لَك وَقد كَانَ أَصله للتِّجَارَة فَبَاعَهُ بِمِائَتي دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا ثمَّ أَخذ مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول أيزكيها قَالَ نعم قلت من أَيْن افْتَرقَا قَالَ لِأَن هَذَا كَانَ فِي يَدَيْهِ للتِّجَارَة فَإِن رَجَعَ إِلَيْهِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ درهما زكاها والأشياء الَّتِي ذكرت لغير التِّجَارَة وَمِنْهَا مَا لم يكن فِي يَده قطّ وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى ذَلِك كُله سَوَاء إِذا أَخذ من ذَلِك شَيْئا درهما أَو أَكثر زَكَّاهُ وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت رجلا كَانَت لَهُ ألف دِرْهَم فَلَمَّا حَال عَلَيْهَا الْحول اشْترى بهَا مَتَاعا للتِّجَارَة فَهَلَك الْمَتَاع قَالَ لَا زَكَاة عَلَيْهِ قلت فَإِن كَانَ اشْترى بهَا خَادِمًا للْخدمَة وَغنما سَائِمَة فَهَلَكت قَالَ يزكّى الْألف كلهَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صرفهَا فِي غير مَا كَانَت فِيهِ
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج على ألف دِرْهَم فيحول عَلَيْهَا الْحول

(2/90)


ثمَّ تَأْخُذ مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما أتزكيها قَالَ لَا تزكيها حَتَّى تقبض مِائَتَيْنِ ويحول الْحول عَلَيْهَا وَهِي عِنْدهَا فِي قَول أبي حنيفَة الآخر وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهَا تزكيها
قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب عَبده على ألف دِرْهَم أَو يعْتق نصف عَبده فيسعى فِي نصف قِيمَته وَهِي ألف دِرْهَم لَيْسَ لَهُ مَال غَيرهَا فَيَأْخُذ مِنْهَا مِائَتي دِرْهَم بعد حول أيزكيها قَالَ لَا حَتَّى تمكث المائتان عِنْده حولا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مَال مكَاتبه وَدين عَبده لَيْسَ بدين كَمَا يكون على غَيره وَلَا مَال لَهُ غَيره وَلَا مَال فِي يَدَيْهِ
قلت وَكَذَلِكَ عبد بَينه وَبَين رجل فَأعتق شَرِيكه نصفه فقوم العَبْد فسعى لَهُ قَالَ نعم

(2/91)


قلت فَإِن كَانَ شَرِيكه مُوسِرًا فضمنه القَاضِي نصف الْقيمَة فَأخذ مِنْهَا مِائَتي دِرْهَم بعد حول أيزكيها قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا دين لَيْسَ على عَبده مِنْهُ شَيْء
قلت فَإِن أَخذ مِنْهَا أَرْبَعِينَ درهما أيزكيها قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يكن فِي يَده للتِّجَارَة وَلِأَنَّهُ لم يكن أصل الْوَرق عِنْده
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر لَهُ ألف دِرْهَم وَعَلِيهِ ألف دِرْهَم وَله دَار وخادم وَلَا يطْلب بهما التِّجَارَة وداره تَسَاوِي عشرَة آلَاف أَو أَكثر أيزكي مَا عِنْده قَالَ لَا قلت وَلم وَعِنْده وَفَاء لدينِهِ وَفضل قَالَ لِأَن الدَّار وَالْخَادِم ليسَا للتِّجَارَة قلت أَرَأَيْت إِن تصدق عَلَيْهِ فِي هَذِه الْحَال ألم يكن موضعا للصدقة قَالَ بلَى قلت فَكيف تجب الزَّكَاة على رجل وَالصَّدَََقَة لَهُ حَلَال قلت وَلم قلت إِن الصَّدَقَة لَهُ حَلَال قَالَ لِأَنَّهُ معدم وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدَيْهِ فضل

(2/92)


قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ مسكن وخادم يساويان عشرَة آلَاف دِرْهَم وَعَلِيهِ دين خَمْسَة آلَاف وَله ألف دِرْهَم أَيحلُّ لَهُ أَن يقبض الصَّدَقَة قَالَ نعم

(2/93)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا غَالب بن عبيد الله عَن الْحسن ابْن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ إِن الصَّدَقَة كَانَت تحل للرجل وَهُوَ صَاحب عشرَة آلَاف دِرْهَم قيل يَا أَبَا سعيد وَكَيف ذَلِك قَالَ يكون لَهُ الدَّار وَالْخَادِم والكراع وَالسِّلَاح وَكَانُوا ينهون عَن بيع ذَلِك
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِن الصَّدَقَة تحل للرجل إِذا لم يكن لَهُ إِلَّا دَار وخادم وَكَذَلِكَ لَا تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة إِذا كَانَ بِهَذِهِ الْمنزلَة

(2/94)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم وَعَلِيهِ مثلهَا وَهُوَ يتقلب فِيهَا ثمَّ لَا يزكّى مَا عِنْده وَهُوَ مَاله يَشْتَرِي بِهِ وَيبِيع وَهُوَ يملكهُ وَلَو أعتق عبدا قد اشْتَرَاهُ بذلك المَال جَازَ عتقه وَلَو تزوج بِهِ امْرَأَة جَازَ ذَلِك لَهُ قَالَ نعم هُوَ جَائِز لَهُ وَلَا زَكَاة عَلَيْهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن عَلَيْهِ دينا مثله وَلِأَنَّهُ تحل لَهُ الصَّدَقَة أَن يَأْخُذهَا وَلَا يجوز أَن تحل لَهُ الصَّدَقَة وَتجب عَلَيْهِ الزَّكَاة وَلَو كَانَ تجب الزَّكَاة على الَّذِي عَلَيْهِ الدّين لزكى المَال الْوَاحِد فِي الْيَوْم الْوَاحِد ثَلَاث مَرَّات وَذَلِكَ أَن العَبْد يَشْتَرِي العَبْد بِأَلف وَقِيمَته ذَلِك نَسِيئَة فَتجب الزَّكَاة فِي مَاله فيزكيه مَعَ مَاله ثمَّ يَبِيعهُ من آخر بنسيئة فَتجب الزَّكَاة فِي مَاله بعد مَا اشْتَرَاهُ فيزكيه مَعَ مَاله ثمَّ يَبِيعهُ بعد مَا اشْتَرَاهُ أيزكيه مَعَ مَاله فيزكى عبدا وَاحِدًا ومالا وَاحِدًا فِي يَوْم وَاحِد ثَلَاث مَرَّات يقبح هَذَا ويفحش إِذا كَانَ هَكَذَا وَإِنَّمَا الزَّكَاة على صَاحب الدّين

(2/95)


الَّذِي هُوَ لَهُ وَعَلِيهِ أَن يُزَكِّيه إِذا خرج كَذَلِك جَاءَ الْأَثر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
وَقَالَ مُحَمَّد أخبرنَا أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم عَن ابْن سِيرِين عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي الرجل يكون لَهُ الدّين فيقبضه إِنَّه يُزَكِّيه لما مضى
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يكون لَهُ المَال الْكثير دينا مُتَفَرقًا على النَّاس مِنْهُم الملى الَّذِي يعلم أَن مَاله فِي ثِقَة وَأَنه سيقضيه إِيَّاه وَمِنْهُم الْمُفلس مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِذا خرج مَاله أَو شَيْء مِنْهُ يبلغ أَرْبَعِينَ درهما زَكَاة قلت فَإِن زَكَّاهُ وَهُوَ دين كُله أيجزيه ذَلِك قَالَ نعم وَقد أحسن هَذَا وَأخذ بِالْفَضْلِ قلت فَإِن زكى لِسنتَيْنِ أيجزيه ذَلِك قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ نظر إِلَى من كَانَ مليئا فزكى

(2/96)


مَا عَلَيْهِ وَمن كَانَ مُفلسًا وقف عَلَيْهِ حَتَّى يخرج فيزكيه قَالَ هَذَا حسن كل شَيْء عجل زَكَاته من ذَلِك فانما هُوَ فضل أَخذ بِهِ وكل شَيْء أَخّرهُ حَتَّى يخرج فيزكيه فَهُوَ يجْزِيه وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يَشْتَرِي الدَّار ليسكنها أَو العَبْد وَالْخَادِم ليخدمه أَو يُسلمهُ فِي الْغلَّة أَو الدَّابَّة ليرْكبَهَا أَو الطَّعَام رزقا لأَهله أَو الثِّيَاب كسْوَة لأَهله أَو الْمَتَاع ليتجمل بِهِ فِي بَيته أَو الْآنِية يتجمل بهَا الرجل فِي بَيته وَقِيمَة كل وَاحِد مَا ذكرت لَك ألف أَو أَكثر فحال عَلَيْهِ الْحول أيزكيه مَعَ مَاله قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا مَال لَيْسَ للتِّجَارَة شَيْء مِنْهُ قلت فَإِن اشْترى لؤلؤا يتجمل بِهِ أَهله أَو جوهرا يتجمل بِهِ أَهله وَلَا يُرِيد بِهِ التِّجَارَة وَهُوَ يُسَاوِي مَالا عَظِيما فحال الْحول على مَاله أيزكيه مَعَ مَاله قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للتِّجَارَة
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لَيْسَ فِي شَيْء من الْعرُوض والجوهر واللؤلؤ زَكَاة إِلَّا مَا كَانَ للتِّجَارَة فَإِن

(2/97)


كَانَ للتِّجَارَة قوم فزكى من كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الْفُلُوس للنَّفَقَة والآنية من النّحاس ليتجمل بهَا فِي بَيته ويستعملها هَل عَلَيْهِ فِي شَيْء من هَذَا زَكَاة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي شَيْئا مِمَّا وصفت لَك من هَذَا للتِّجَارَة ويبدو لَهُ فَيَجْعَلهُ لشَيْء مِمَّا وصفت لَك من التجمل والسكن أَو النَّفَقَة أَو الْخدمَة أَو الْكسْوَة فيحول الْحول على مَاله أيزكيه مَعَ مَاله قَالَ لَا قلت وَلم وَقد كَانَ أَصله للتِّجَارَة قَالَ لِأَنَّهُ قد أخرجه من ذَلِك الصِّنْف فَجعله لما ذكرت
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ اشْتَرَاهُ لغير التِّجَارَة أَو اشْتَرَاهُ لشَيْء مِمَّا وصفت لَك من التجمل ثمَّ بدا لَهُ بعد أشهر أَن يَجعله للتِّجَارَة فَوَجَبت الزَّكَاة فِي مَاله وَقد جعله للتِّجَارَة أيزكيه مَعَ مَاله قَالَ لَا يُزَكِّيه مَعَ

(2/98)


مَاله لِأَنَّهُ على مَا جعله عَلَيْهِ فَلَا يكون للتِّجَارَة حَتَّى يَبِيعهُ قلت وَمَا باله إِذا نوى بِهِ التجمل جعلته على ذَلِك وَإِذا نوى السُّكْنَى أَو الْخدمَة أَو اللبوس أبطلت عَنهُ الزَّكَاة لهَذَا الدّين وَإِذا أَرَادَ أَن يَجعله بعد

(2/99)


ذَلِك للتِّجَارَة لم تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة فِيهِ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ حِين اشْتَرَاهُ وَجعله مِمَّا وصفت لَك وَلم يردهُ للتِّجَارَة فَهُوَ على ذَلِك أبدا حَتَّى يَبِيعهُ وَلَيْسَت النِّيَّة الَّتِي نَوَاهَا للتِّجَارَة بِشَيْء لِأَن أَصله كَانَ لغير التِّجَارَة
قلت وَكَذَلِكَ الْمَتَاع وَالرَّقِيق والجوهر والآنية يَرِثهَا الرجل أَو توهب لَهُ وَهِي تَسَاوِي مَالا عَظِيما قَالَ نعم وَإِن كَانَت تَسَاوِي مَالا عَظِيما

(2/100)


قلت وَكَذَلِكَ الْحِنْطَة وَالشعِير أَو شَيْء من الْحُبُوب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي العَبْد للتِّجَارَة فيحول عَلَيْهِ الْحول وَهُوَ لَا يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره هَل عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة قَالَ لَا قلت فَهَل عَلَيْهِ فِيهِ صَدَقَة الْفطر قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ للتِّجَارَة فَلَا تجب فِيهِ صَدَقَة غَيرهَا
- بَاب الْعَاشِر
-
قلت أَرَأَيْت الرجل يمر على الْعَاشِر بِالْمَالِ بِدَرَاهِم أم دَنَانِير أقل

(2/101)


من مِائَتي دِرْهَم أَو أقل من عشْرين مِثْقَالا ذهب فَيَقُول لَيْسَ لي مَال غَيرهَا وَيحلف على ذَلِك هَل يقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم يقبل مِنْهُ وَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا قلت وَكَذَلِكَ إِن مر بهَا ذمِّي قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن مر بهَا رجل من أهل الْحَرْب قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَت مِائَتي دِرْهَم فَصَاعِدا أَو عشْرين مِثْقَالا فَصَاعِدا فَمر بهَا رجل مُسلم على الْعَاشِر فَقَالَ إِنَّمَا أصبت هَذِه مُنْذُ أشهر وَلم يحل عَلَيْهَا الْحول بعد وَحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ قَالَ لَا أما الْحَرْبِيّ فَإِذا مر على الْعَاشِر وَمَعَهُ مِائَتَا دِرْهَم أَو عشرُون مِثْقَالا ذهب فَإِنَّهُ يَأْخُذ مِنْهَا الْعشْر

(2/102)


قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا مر بهَا وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول كم يَأْخُذ مِنْهُ قَالَ نصف الْعشْر قلت فالمسلم إِذا مر بهَا كم يَأْخُذ مِنْهُ قَالَ ربع الْعشْر
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يمر على الْعَاشِر بالمتاع أَو الطَّعَام أَو الرَّقِيق أَو الْإِبِل أَو الْبَقر أَو الْغنم وَهِي ثمن مَال كثير فَيَقُول لَيْسَ شَيْء من هَذَا للتِّجَارَة وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ قَالَ لَا أما الْحَرْبِيّ فَإِذا مر بِشَيْء مِمَّا ذكرت أَخذ مِنْهُ الْعشْر
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يمر بالمتاع يُسَاوِي مَالا عَظِيما فَيَقُول عَليّ من الدّين كَذَا وَكَذَا وَهُوَ يُحِيط بِهَذَا المَال الَّذِي معي وَهَذَا الْمَتَاع وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ قَالَ لَا أما الْحَرْبِيّ فَإِنَّهُ إِذا مر بِشَيْء مِمَّا ذكرت فَإِنَّهُ يعشر وَلَا يقبل قَوْله إِن عَلَيْهِ دينا يُحِيط بِمَا مَعَه
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب يمر بِالْمَالِ الْكثير على الْعَاشِر أيأخذ مِنْهُ عشورة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يمر بِالْمَالِ الْكثير على الْعَاشِر فَيَقُول هَذِه بضَاعَة لفُلَان أيقبل قَوْله على ذَلِك ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مَال الْيَتِيم يمر بِهِ وَصِيّه على الْعَاشِر يتجر فِيهِ

(2/103)


فَيَقُول إِنَّه ليتيم فِي حجري وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يمر على الْعَاشِر بالمتاع فيخبره أَنه مروى أَو هروى ليَكُون أقل لقيمته فيتهمه الْعَاشِر ويظن أَنه قوهى فَإِن فَتحه أضرّ بمتاعه وكسره أيقبل قَوْله على ذَلِك ويحلفه وَيَأْخُذ مِنْهُ الصَّدَقَة على مَا يَقُول قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يمر على الْعَاشِر فيريد أَن يَأْخُذ مِنْهُ الصَّدَقَة فَيَقُول قد أَخذهَا منى عَاشر غَيْرك كَذَا وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ قَوْله وَيطْلب مِنْهُ الْبَرَاءَة من ذَلِك الْعَاشِر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت وَلَا يَأْخُذ من هَؤُلَاءِ صَدَقَة تِلْكَ السّنة وكل عَاشر يمر بِهِ وَحلف لَهُ على ذَلِك وجاءه بِالْبَرَاءَةِ

(2/104)


أينبغي لَهُ أَن يقبل قَوْله ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل النَّصْرَانِي من بني تغلب يمر على الْعَاشِر بِالْمَالِ للتِّجَارَة أَو غنم أَو إبل أَو بقر أَو غير ذَلِك أهوَ بِمَنْزِلَة الذِّمِّيّ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْحَرْبِيّ يمر على الْعَاشِر بِمَال فَيَأْخُذ مِنْهُ الْعَاشِر الْعشْر ثمَّ يعود الْحَرْبِيّ فَيدْخل دَار الْحَرْب ثمَّ يخرج فِي ذَلِك الشَّهْر وَمَعَهُ ذَلِك المَال أيعشره أَيْضا ثَانِيَة قَالَ نعم
قلت أفيعشره فِي السّنة إِذا كَانَ هَكَذَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَكثر من ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ إِذا دخل أَرض الْحَرْب سقط مَا كَانَ أدّى فَدخل حَيْثُ لَا تجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَام الْمُسلمين
قلت أَرَأَيْت إِن لم يدْخل أَرض الْحَرْب وَمر عَلَيْهِ الْحَرْبِيّ الثَّانِيَة بعد مَا عشرَة تِلْكَ السّنة أيعشره الثَّانِيَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي دَار الْإِسْلَام بعد وتجرى عَلَيْهِ أَحْكَام الْمُسلمين قلت وَكَذَلِكَ إِن مر على عَاشر غَيره فَجَاءَهُ بِالْبَرَاءَةِ الَّتِي كتب بهَا الْعَاشِر الأول قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْحَرْب يمر على الْعَاشِر برقيق أَو مَتَاع فَيَقُول لَيْسَ هَذَا للتِّجَارَة أَو يَقُول عَليّ دين أَو يَقُول إِنَّمَا

(2/105)


أصبت هَذَا مُنْذُ أشهر قَالَ لَا يلْتَفت إِلَى قَوْله وَيَأْخُذ مِنْهُ الْعشْر
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أهل الْحَرْب يَأْخُذُونَ من تجار الْمُسلمين الْخمس قَالَ إِذن يُؤْخَذ من تجارهم الْخمس قلت فَإِن كَانَ أهل الْحَرْب يَأْخُذُونَ من تجار الْمُسلمين ربع الْعشْر قَالَ إِذن يُؤْخَذ من الْحَرْبِيّ ربع الْعشْر قلت فَإِنَّمَا نَأْخُذ مَا يَأْخُذ أَصْحَابه من تجار الْمُسلمين قَالَ نعم قلت فَإِن لم يكن يعلم كم يُؤْخَذ من أَصْحَاب الْمُسلمين قَالَ إِذن يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر بلغنَا نَحْو ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب

(2/106)


قلت إِن كَانَ مَعَ الْحَرْبِيّ رَقِيق فَقَالَ هم أَوْلَادِي وَأُمَّهَات أَوْلَادِي أيؤخذ عشرهم قَالَ لَا وَلَكِن يكف عَنهُ إِذا قَالَ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل النَّصْرَانِي يمر ببضاعة فَيَقُول هَذِه بضَاعَة لرجل مُسلم أَو لنصراني وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت العَبْد يمر بِمَال مَوْلَاهُ يتجر فِيهِ أيؤخذ مِنْهُ الصَّدَقَة قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ مَوْلَاهُ حَاضرا أخذت مِنْهُ قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ العَبْد نَصْرَانِيّا ومولاه مُسلم أَو كَانَ العَبْد مُسلما ومولاه

(2/107)


نَصْرَانِيّ فانما نَنْظُر إِلَى الْمولى فَإِن كَانَ مُسلما شَاهدا أَخذ مِنْهُ زَكَاة الْمُسلمين وَإِن كَانَ نَصْرَانِيّا شَاهدا أَخذ مثل مَا يُؤْخَذ من الذِّمِّيّ قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ الْمولى غَائِبا لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يمر وَمَعَهُ مَال مُضَارَبَة أيؤخذ مِنْهُ الصَّدَقَة قَالَ لَا يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء قلت وَكَذَلِكَ الْأَجِير يمر بِمَال أستاذه قَالَ نعم قلت وَيكون هَذَا مثل صَاحب البضاعة قَالَ نعم قلت أفتزكيه بِربع الْعشْر إِن كَانَ مُسلما وَإِن كَانَ نَصْرَانِيّا فَنصف الْعشْر قَالَ نعم إِذا كَانَ حَاضرا

(2/108)


قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يمر على الْعَاشِر بِأَلف دِرْهَم أَو بِمِائَتي مِثْقَال ذهب وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول فَقَالَ لست أُرِيد بهَا التِّجَارَة قَالَ يَأْخُذ مِنْهُ الزَّكَاة وَلَا يلْتَفت إِلَى قَوْله قلت وَالذَّهَب وَالْفِضَّة تبرا كَانَ أَو مصوغا أيأخذ مِنْهُ الزَّكَاة قَالَ نعم قلت وَلَا يشبه هَذَا الْمَتَاع وَالْعرُوض قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يمر على الْعَاشِر وَيَجِيء مَعَه بِبَرَاءَة بِغَيْر اسْمه فَيَقُول هَذِه بَرَاءَة لي من عَاشر كَذَا وَكَذَا مر بهَا رجل كَانَ هَذَا المَال مَعَه مُضَارَبَة أَتَرَى لَهُ أَن يقبل ذَلِك مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم قلت فَإِن قَالَ لَهُ احْلِف فَأبى أَن يحلف وَادّعى هَذَا قَالَ إِذن تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة وَلَا يلْتَفت إِلَى ادعائه إِذا لم يحلف
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا مر على عَسْكَر الْخَوَارِج وَلَهُم عَاشر

(2/109)


فعشر أيحسب لَهُ من زَكَاته قَالَ لَا
قلت فَإِن مر على عَاشر الْمُسلمين وَأهل الْعدْل فَأَتَاهُ بِالْبَرَاءَةِ الَّتِي اكتتبها من عَاشر الْخَوَارِج أيحسبها لَهُ قَالَ لَا قلت فَإِن حلف عَلَيْهَا قَالَ وَإِن حلف عَلَيْهَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا لَا يجزى عَنهُ من زَكَاة مَاله
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي النَّسمَة من زَكَاة مَاله فيعتقها أيجزيه ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يحجّ عَن الرجل من زَكَاة مَاله أَو يُكَفِّنهُ أَو يَبْنِي مَسْجِدا من زَكَاة مَاله هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ لَا
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لَا يعْطى من زَكَاة فِي حج وَلَا غَيره وَلَا يقْضِي مِنْهُ دين الْمَيِّت وَلَا يعْتق مِنْهُ رَقَبَة تَامَّة وَلَا يعْطى فِي رَقَبَة وَلَا فِي كفن ميت وَلَا فِي بِنَاء مَسْجِد وَلَا يُعْطي مِنْهَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَلَا مَجُوسِيّ وَلَا بَأْس بِأَن يعين حَاجا مُنْقَطِعًا مُقيما وغازيا مُنْقَطِعًا بِهِ وَلَا بَأْس بِأَن

(2/110)


يعين مكَاتبا وَبِهَذَا يَأْخُذ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بِهَذَا الحَدِيث
قلت أَرَأَيْت رجلا قضى دين رجل حَيّ مغرم من زَكَاته بأَمْره أيجزيه ذَلِك من زَكَاة مَاله قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة الدَّرَاهِم فِي زَكَاة مَاله فيعطي قيمتهَا حِنْطَة أَو تَمرا أَو شَعِيرًا أَو شَيْئا مِمَّا يُكَال أَو يُوزن أَو ثيابًا أَو غير ذَلِك أيجزيه ذَلِك من زَكَاة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يعْطى الْمكَاتب من زَكَاته أيجزيه قَالَ نعم قلت فَإِن عجز الْمكَاتب قَالَ يجْزِيه مَا كَانَ أعطَاهُ من زَكَاة مَاله
قلت أَرَأَيْت الرجل يدْخل أَرض الْحَرْب فَيُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر ثمَّ يخرج فيمر على عَاشر الْمُسلمين أتحسب لَهُ ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت قوما من الْخَوَارِج ظَهَرُوا على قوم من الْمُسلمين فَأخذُوا زَكَاة أَمْوَالهم وإبلهم وغنمهم وبقرهم ثمَّ ظهر عَلَيْهِم الإِمَام وَأهل الْعدْل أيحسبون لَهُم تِلْكَ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لأَنهم لم يمنعوهم مِنْهُم قلت وَكَذَلِكَ إِن أخذُوا صدقَات إبلهم وبقرهم

(2/111)


وغنمهم قَالَ نعم قلت فَهَل يجزى مَا أَخذ الْخَوَارِج مِنْهُ من الصَّدَقَة فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الإِمَام كَيفَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يضع بِصَدَقَاتِهِمْ قَالَ يقسم صَدَقَة كل بِلَاد فِي فقرائهم وَلَا يُخرجهَا من تِلْكَ الْبِلَاد إِلَى غَيرهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الدّين فَيتَصَدَّق بِهِ على الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَيَنْوِي أَن يكون من زَكَاة مَاله هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ لَا قلت فَعَلَيهِ أَن يُزكي ذَلِك الدّين مَعَ مَاله قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يقبضهُ قلت أَرَأَيْت إِن قَبضه ثمَّ تصدق بِهِ عَلَيْهِ هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يُعْطي الرجل مَالا مُضَارَبَة فيربح فِيهِ الْمضَارب على من يكون زَكَاة المَال وَزَكَاة الرِّبْح قَالَ على رب المَال زَكَاة المَال وحصته من الرِّبْح وعَلى الْمضَارب زَكَاة حِصَّته من الرِّبْح إِذا وصل إِلَيْهِ إِن كَانَ يجب فِي مثله الزَّكَاة وَإِن كَانَ لَا يجب فِي مثله

(2/112)


الزَّكَاة وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء قلت فَإِن كَانَ لَهُ مَال غير ذَلِك قَالَ يضمه إِلَى مَاله فيزكيه مَعَه
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ المَال فَإِذا حَال عَلَيْهِ الْحول هلك بعضه بعد مَا وَجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة أعليه أَن يُزَكِّيه كُله أَو يُزكي مَا بَقِي عِنْده من المَال قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُزكي مَا هلك وَعَلِيهِ أَن يُزكي مَا فِي يَده وَلَا يُزكي مَا هلك مِنْهُ قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق بعضه أَو غصبه مِنْهُ إِنْسَان فَذهب بِهِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة من أهل الْحَرْب تمر على الْعَاشِر بِمَال للتِّجَارَة أيعشرها قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ الصَّبِي من أهل الْحَرْب يمر مَعَ عَمه وَمَعَهُ مَال للتِّجَارَة وَيُقِيم الْبَيِّنَة أَنه مَال هَذَا الصَّبِي قَالَ نعم يُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة قلت فَإِن كَانَ أهل الْحَرْب لَا يَأْخُذُونَ من الصّبيان إِذا دخلُوا إِلَيْهِم من الْمُسلمين قَالَ إِذن لَا يُؤْخَذ من الصَّبِي الْحَرْبِيّ شَيْء
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب من أهل الْحَرْب يمر على الْعَاشِر بِمَال لَهُ وَيعرف أَنه مكَاتب أيعشره قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ أهل الْحَرْب لَا يعشرُونَ مكَاتب الْمُسلم إِذا دخل عَلَيْهِم قَالَ إِذن لَا يُؤْخَذ من مكَاتب الْحَرْبِيّ شَيْء

(2/113)


قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة من أهل الذِّمَّة تمر على الْعَاشِر بِالْمَالِ قَالَ يَأْخُذ مِنْهَا نصف الْعشْر
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة الْمسلمَة تمر على الْعَاشِر بِالْمَالِ قَالَ يُؤْخَذ مِنْهَا ربع الْعشْر كَمَا يُؤْخَذ من الرجل الْمُسلم ربع الْعشْر وَهِي فِي الزَّكَاة بِمَنْزِلَة الرجل
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يمر على الْعَاشِر بالرمان والبطيخ والقثاء وَالْخيَار والسفرجل وَالْعِنَب والتين قد اشْتَرَاهُ للتِّجَارَة وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم أيعشره قَالَ لَا قلت وَلم وَهُوَ للتِّجَارَة قَالَ لِأَنَّهُ لَا يبْقى قلت وَكَذَلِكَ الذِّمِّيّ إِذا مر بِشَيْء من ذَلِك على الْعَاشِر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ إِذا مر بِشَيْء مِمَّا ذكرت لَك لم يُؤْخَذ مِنْهُ شَيْء قَالَ نعم وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى أَن يُؤْخَذ من ذَلِك كُله وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي أَو الرجل من أهل الذِّمَّة يمر على الْعَاشِر بخنازير أَو بِخَمْر قد اشْتَرَاهُ للتِّجَارَة وَهِي تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم أَو أَكثر أيعشرها الْعَاشِر قَالَ أما الْخَنَازِير فَلَا يعشرها وَأما الْخمر فَيَأْخُذ نصف عشر قيمتهَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة

(2/114)


عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ فِي الْخمر يمر بهَا الذِّمِّيّ على الْعَاشِر يَأْخُذ نصف عشر قيمتهَا
قلت فَإِذا مر الرجل من أهل الْحَرْب بِالْخمرِ وَالْخِنْزِير للتِّجَارَة لم يعشر الْخَنَازِير وَأخذ عشر قيمَة الْخمر مِنْهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يمر بهَا وَهِي لَهُ أيعشرها لَهُ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَانَت عِنْده مِائَتَا دِرْهَم فَمَكثَ أشهرا ووهبها لرجل وَدفعهَا إِلَيْهِ ثمَّ رَجَعَ فِيهَا الْوَاهِب بعد ذَلِك بِيَوْم فحال عَلَيْهَا الْحول من يَوْم ملكهَا هَل عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة قَالَ لَا حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول من يَوْم رَجَعَ فِيهَا قلت وَلم لَا يزكيها إِذا حَال عَلَيْهَا الْحول

(2/115)


من يَوْم ملكهَا قَالَ لِأَنَّهَا قد خرجت من ملكه
قلت أَرَأَيْت إِن ردهَا عَلَيْهِ الْمَوْهُوب لَهُ قبل أَن يحول الْحول عَلَيْهَا ثمَّ حَال الْحول عَلَيْهَا عِنْده أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مكثت عِنْد الْمَوْهُوب لَهُ سنة فَلم يزكها حَتَّى رَجَعَ فِيهَا الْوَاهِب وَقَبضهَا على من زَكَاتهَا قَالَ لَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا زَكَاة قلت وَلم قَالَ لِأَن الزَّكَاة كَانَت وَجَبت على الْمَوْهُوب لَهُ فِي الدَّرَاهِم فَلَمَّا أَخذهَا مِنْهُ الْوَاهِب لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة لِأَن الْوَاهِب أَخذهَا وَلَا يكون على الْوَاهِب فِيهَا شَيْء لِأَنَّهَا لم تكن لَهُ بِمَال حِين رَجَعَ فِيهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يخرج أرضه حِنْطَة كَثِيرَة وَهِي من أَرض الْعشْر فيبيعها قبل أَن يُؤَدِّي عشرهَا فَيَجِيء صَاحب الْعشْر وَالطَّعَام

(2/116)


عِنْد المُشْتَرِي وَلَيْسَ عِنْد البَائِع مِنْهُ شَيْء هَل للمصدق أَن يَأْخُذ من المُشْتَرِي عشر الطَّعَام قَالَ نعم إِن شَاءَ أَخذ مِنْهُ قلت وَيرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِعشر الثّمن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يَبِيع أَرضًا وفيهَا زرع قد أدْرك وَهِي من أَرض الْعشْر على من عشرهَا على المُشْتَرِي أَو على البَائِع قَالَ عشر الزَّرْع على البَائِع
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعهَا وَالزَّرْع بقل على من عشر الزَّرْع إِذا حصد قَالَ على المُشْتَرِي
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ الزَّرْع وَهُوَ قصيل فقصله المُشْتَرِي أَيكُون على البَائِع الْعشْر فِي الثّمن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ الزَّرْع وَهُوَ بقل بعد ثمَّ أذن البَائِع للْمُشْتَرِي أَن يتْركهُ فِي أرضه فَتَركه حَتَّى استحصد على من الْعشْر قَالَ على المُشْتَرِي قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حصده
قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء من الثِّمَار أَو غَيره مِمَّا فِيهِ الْعشْر يَبِيعهُ

(2/117)


صَاحبه قبل أَن يبلغ فِي أول مَا اطلع ثمَّ تَركه المُشْتَرِي حَتَّى يبلغ بِإِذن البَائِع أَيكُون زَكَاته على المُشْتَرِي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الأَرْض من أَرض الْعشْر للتِّجَارَة ليزرعها عَلَيْهَا زَكَاتهَا للتِّجَارَة أَو عشر الأَرْض قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاتهَا للتِّجَارَة وَإِنَّمَا عَلَيْهِ عشر الأَرْض قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حِين اشْترى أَرضًا يجب فِيهَا الْعشْر سَقَطت عَنهُ الزَّكَاة قلت وَكَذَلِكَ إِن اشْترى أَرضًا من أَرض الْخراج قَالَ نعم وَلَا يكون عَلَيْهِ الزَّكَاة وَلَا يجْتَمع عَلَيْهِ خراج وَزَكَاة وَلَا خراج وَعشر وَلَا زَكَاة وَعشر
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الدّور للتِّجَارَة فَحلت فِيهَا الزَّكَاة كَيفَ يصنع قَالَ يقومها فيزكي قيمتهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يَمُوت وَله أَرض من أَرض الْعشْر وَقد أدْرك زَرعهَا فَوَجَبَ فِيهَا الْعشْر أيؤخذ مِنْهَا الْعشْر قَالَ نعم

(2/118)


قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا قد صَارَت لغيره كَمَا كَانَت لَهُ قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر فِيهَا رطبَة وَهِي تقطع فِي كل أَرْبَعِينَ لَيْلَة مرّة أيؤخذ الْعشْر مِنْهَا كلما قطعت قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يَشْتَرِي الأَرْض من أَرض الْعشْر فيزرعها بطيخا ويقلعه أيؤخذ مِنْهُ الْعشْر قَالَ نعم قلت فَإِن زرع فِيهَا بطيخا أَو خيارا أَو قثاء أَو شبه ذَلِك قَالَ يُؤْخَذ مِنْهَا الْعشْر أَيْضا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا عشر فِي بطيخ وَلَا خِيَار وَلَا قثاء وَلَا بقل وَلَا رطبَة وَلَا نَحْو ذَلِك مِمَّا لَيْسَ لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة

(2/119)


قلت أَرَأَيْت الْعِنَب يَبِيعهُ صَاحب الأَرْض عنبا وَرُبمَا بَاعه عصيرا وَرُبمَا بَاعه بِأَكْثَرَ من قِيمَته وَرُبمَا بَاعه بِأَقَلّ من ذَلِك قَالَ يُؤْخَذ من الثّمن عشره إِن بَاعه عصيرا أَو بَاعه عنبا بِأَقَلّ من قِيمَته كَانَ أَو أَكثر إِذا لم يكن شَيْئا حابي فِيهِ فَاحِشا حَتَّى يعرف ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ المَال فَإِذا حَال عَلَيْهِ الْحول هلك نصفه بعد مَا وَجب فِيهِ الزَّكَاة أعليه أَن يزكّى كُله أَو يزكّى مَا بَقِي قَالَ بل يزكّى مَا بَقِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يُزكي مَا هلك قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق مِنْهُ بعضه أَو غصبه مِنْهُ إِنْسَان فَذهب بِهِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ على الرجل دين فيكافره فيمكث سنة يكافره بِهِ وَلَيْسَت لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة ثمَّ يَقْضِيه إِيَّاه بعد ذَلِك هَل عَلَيْهِ

(2/120)


زَكَاة مَا مضى قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ يجحده وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة الدّين الَّذِي يقر لَهُ بِهِ
قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تزوج الرجل على ألفي دِرْهَم بِعَينهَا فيحول الْحول عَلَيْهَا وَهِي فِي يَد الزَّوْج ثمَّ يطلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا على من زَكَاة هَذِه الْأَلفَيْنِ قَالَ يدْفع النّصْف إِلَى الْمَرْأَة وَعَلَيْهَا فِيهِ الزَّكَاة وَلَيْسَ على الزَّوْج زَكَاة فِي النّصْف الآخر قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَرْأَة قد حَال عَلَيْهَا الْحول وَهِي تملك الَّذِي أخذت وَوَجَبَت عَلَيْهَا

(2/121)


فِيهِ الزَّكَاة وَالزَّوْج إِنَّمَا وَجب لَهُ نصف ذَلِك حِين يطلقهَا فَلَا يجب عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة لِأَنَّهُ لم يحل عَلَيْهِ الْحول مُنْذُ يَوْم ملكه وَهَذَا قَول أبي حنيفَة الأول وَقَالَ أَبُو حنيفَة بعد ذَلِك لَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا زَكَاة
قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت بِغَيْر أعيانها قَالَ نعم قلت فَإِن دَفعهَا إِلَى امْرَأَته وَحَال عَلَيْهَا الْحول ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ تزكي الْمَرْأَة المَال كُله قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ملكهَا وحلت عَلَيْهَا فِيهِ الزَّكَاة
قلت وَكَذَلِكَ لَو تزَوجهَا على إبل أَو غنم أَو بقر سَائِمَة ثمَّ دَفعهَا إِلَيْهَا وَحَال عَلَيْهَا الْحول ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ لَا أما هَذَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا إِلَّا زَكَاة مَا بَقِي
قلت وَلَو تزَوجهَا على عبد وَدفعه إِلَيْهَا فجَاء يَوْم الْفطر وَهُوَ عِنْدهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فعلَيْهَا زَكَاة الْفطر قَالَ نعم
قلت فَإِن كَانَ العَبْد عِنْد الزَّوْج ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا

(2/122)


فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة الْفطر وَلَا عَلَيْهَا قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْإِبِل وَالْغنم وَالْبَقر عِنْد الزَّوْج وَالْإِبِل سَائِمَة فَتَزَوجهَا عَلَيْهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا ثمَّ دفع إِلَيْهَا نصفهَا أتزكيها وَقد حَال عَلَيْهَا الْحول قَالَ فَإِن كَانَ فِي مثل مَا أخذت تجب فِيهِ الزَّكَاة زكتها وَإِلَّا فَلَا زَكَاة عَلَيْهَا وَأما الزَّوْج فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة بعد ذَلِك لَا زَكَاة على وَاحِد مِنْهُمَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ مِائَتَا دِرْهَم وَعَلِيهِ مثلهَا وَله أَرْبَعُونَ شَاة سَائِمَة أَو خمس من الْإِبِل أَو ثَلَاثُونَ من الْبَقر هَل عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاة قَالَ نعم لِأَن عِنْده دَرَاهِم وَفَاء بِدِينِهِ قلت فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين مِائَتَا دِرْهَم وَعشرَة دَرَاهِم قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة فِي شَيْء من ذَلِك لِأَن عَلَيْهِ فضل دين لَيْسَ بِهِ عِنْده وَفَاء من الدَّرَاهِم
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ أَرْبَعُونَ شَاة سَائِمَة وَمِائَتَا دِرْهَم وَعَلِيهِ مِائَتَا دِرْهَم دين هَل عَلَيْهِ زَكَاة قَالَ نعم يُزكي الْغنم

(2/123)


وَتبطل زَكَاة الدِّرْهَم
قلت فَإِن لم يَأْته الْمُصدق وَكَانَ ذَلِك إِلَيْهِ وَالْغنم تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم يُزكي أَيهمَا شَاءَ وَيتْرك الآخر ويجزيه ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت خمس من الْإِبِل مَكَان الدَّرَاهِم وَهِي تَسَاوِي مِائَتي دِرْهَم زكى أَيهمَا شَاءَ قَالَ نعم
قلت فَإِذا جَاءَ الْمُصدق فَأخْبرهُ بِمَا عَلَيْهِ من الدّين وَبِمَا لَهُ قَالَ يُزكي الْمُصدق الْإِبِل
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون فِي عَسْكَر الْخَوَارِج فَلَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله سنة أَو سنتَيْن ثمَّ يَتُوب أهل الْبَغي وَهُوَ مَعَهم هَل يُؤْخَذ بِزَكَاة لما مضى أَو أحد من أَصْحَابه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم تكن أحكامنا تجرى عَلَيْهِم فِيهِ قلت فَهَل عَلَيْهِم فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى أَن يؤدوا الزَّكَاة لما مضى قَالَ نعم

(2/124)


قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْبَغي يبعثونه رَسُولا إِلَى أهل الْعدْل فيمر على الْعَاشِر بِالْمَالِ أيأخذ مِنْهُ الزَّكَاة قَالَ نعم قلت كَمَا يَأْخُذ من الْمُسلم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يسلمُونَ فِي أَرض الْحَرْب فيمكثون بهَا سِنِين وَقد عمِلُوا أَن الزَّكَاة عَلَيْهِم وَصَدقُوا بذلك وَعرفُوا كَيفَ هِيَ فَلم يؤدوها سِنِين ثمَّ خَرجُوا إِلَى دَار الْإِسْلَام بِأَمْوَالِهِمْ وإبلهم وغنمهم وبقرهم هَل يُؤْخَذ مِنْهُم لما مضى شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الحكم لم يكن يجرى عَلَيْهِم وَلَكِن عَلَيْهِم فِيمَا بَينهم وَبَين الله تَعَالَى أَن يؤدوه
قلت أَرَأَيْت رجلا من الْمُسلمين مر على عَاشر بِمَال فكتمه إِيَّاه حَتَّى اخْتلف عَلَيْهِ كَذَلِك سِنِين يتجر بِهِ لَا يُؤَدِّي زَكَاته وَلَا يعلم بِهِ الْعَاشِر ثمَّ إِن الْعَاشِر اطلع عَلَيْهِ وَأخْبرهُ الرجل أَنه اخْتلف بِهِ عَلَيْهِ مُنْذُ سِنِين يتجر بِهِ أيؤخذ مِنْهُ لما مضى تِلْكَ السنين قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ صَاحب الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم إِذا أَتَاهُ الْمُصدق وَكَانَت قصَّته على مَا وصفت لَك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ صَاحب الأَرْض لَهَا عشر قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الحكم يجْرِي على هَؤُلَاءِ
قلت أَرَأَيْت شَرِيكَيْنِ متفاوضين لَهما مَال فَلَمَّا حَال عَلَيْهِ الْحول أدّى كل وَاحِد مِنْهُمَا زَكَاة المَال بِغَيْر أَمر صَاحبه قَالَ يضمن كل

(2/125)


وَاحِد مِنْهُمَا مَا أدّى عَن صَاحبه لصَاحبه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بذلك قلت فَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا قد أَمر صَاحبه إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول أَن يُؤَدِّي ذَلِك فأديا جَمِيعًا مَعًا قَالَ يضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا حِصَّة صَاحبه مِمَّا أدّى قلت فَإِن أدّى أَحدهمَا قبل صَاحبه قَالَ يضمن الآخر مَا أدّى عَن صَاحبه وَلَا يضمن الأول مَا أدّى قلت ويجزى عَنْهُمَا صَدَقَة الأول قَالَ نعم قلت فَهَل يجزى عَنْهُمَا فِي الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ يجزى كل وَاحِد مِنْهُمَا مَا أدّى عَن نَفسه وَيضمن مَا أدّى عَن صَاحبه لصَاحبه قلت وَلم ضمنت الآخر مَا أدّى وَقد أدّى بِأَمْر صَاحبه وَلم يعلم أَنه قد أدّى الصَّدَقَة قَالَ لِأَنَّهُ أمره أَن يُؤَدِّي الزَّكَاة وَإِنَّمَا أدّى غير الزَّكَاة هَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَأما أَنا فَلَا أرى عَلَيْهِ ضمانا وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت رجلا أودع رجلا مَالا فجحده سِنِين ثمَّ رده

(2/126)


عَلَيْهِ هَل عَلَيْهِ زَكَاة مَا مضى قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة فِيمَا مضى
قلت أَرَأَيْت رجلا دفن مَالا فِي أَرض لَهُ أَو فِي بعض بيوته فخفى عَلَيْهِ مَوْضِعه حَتَّى مضى لذَلِك سِنِين ثمَّ وجده بعد هَل عَلَيْهِ زَكَاة مَا مضى قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا دفن فِي الأَرْض فخفى عَلَيْهِ زَكَاة وَلَكِن عَلَيْهِ زَكَاة فِيمَا دفن فِي بيوته قلت فَمَا الْفرق بَين مَا فِي أرضه وَمَا فِي بيوته قَالَ لِأَن مَا فِي الأَرْض لَا يشبه مَا فِي بيوته لِأَن مَا فِي بَيته كَأَنَّهُ صندوقه فَإِذا علم أَنه قد دَفنه فَهُوَ فِي يَده

(2/127)


قلت أَرَأَيْت رجلا سقط مِنْهُ مَال فِي مفازة ثمَّ وجده بعد سِنِين أَو وَقع فِي طَرِيق من طرق الْمُسلمين ثمَّ أَصَابَهُ بعد سِنِين هَل عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك زَكَاة لما مضى من السنين قَالَ لَا لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة لما مضى
- بَاب الذَّهَب وَالْفِضَّة والركاز والمعدن والرصاص والنحاس وَالْحَدِيد والجوهر وَغير ذَلِك
-
قلت أَرَأَيْت مَعْدن الذَّهَب وَالْفِضَّة والنحاس والرصاص وَالْحَدِيد إِذا عمل فِيهِ الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْعَبْد وَالْمكَاتب وَالْمُدبر وَأم الْوَلَد وَالْمَرْأَة فَأَصَابُوا ركازا قَالَ يُؤْخَذ مِنْهُم خمس مَا أَصَابُوا وَلَهُم أَرْبَعَة أَخْمَاس
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ العجماء جَبَّار والقليب جَبَّار والمعدن جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس

(2/128)


مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ فِي الْمَعْدن الْخمس
قلت فَإِن كَانَ الْمَعْدن فِي أَرض الْعشْر وَأَرْض الْجَبَل أهوَ سَوَاء قَالَ نعم هُوَ سَوَاء
قلت أَرَأَيْت الرجل يعْمل فِي الْمَكَان من الْمَعْدن يَوْمًا فَيَجِيء آخر من الْغَد فَيعْمل فِي ذَلِك الْمَكَان فَيُصِيب مِنْهُ المَال فَيَقُول الأول أَنا أَحَق بِهِ لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ يُخَمّس وَمَا بَقِي بعد الْخمس فَهُوَ للَّذي عمل فِيهِ بعد ذَلِك أخيرا
قلت أَرَأَيْت اللُّؤْلُؤ يسْتَخْرج من الْبَحْر أَو العنبر مَا فِيهِ قَالَ لَيْسَ فِيهِ شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة السّمك قلت وَمَا بَال السّمك لَا يكون فِيهِ شَيْء قَالَ لِأَنَّهُ صيد وَهُوَ بِمَنْزِلَة المَاء لِأَن

(2/129)


الْأَثر لم يَأْتِ فِي السّمك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك أرى فِي العنبر الْخمس
قلت أَرَأَيْت الْيَاقُوت والزمرد والفيروزج يُوجد فِي الْمَعْدن أَو فِي الْجبَال هَل فِي شَيْء مِنْهُ خمس أَو عشر قَالَ لَا لَيْسَ فِيهِ خمس وَلَا عشر قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حِجَارَة قلت وَلَو كَانَ فِي شَيْء

(2/130)


من هَذَا لَكَانَ فِي الْكحل والزرنيخ والمغرة والنورة والحصى وَهَذَا كُله حِجَارَة وَلَيْسَ فِي الْحِجَارَة شَيْء
قلت أَرَأَيْت الزيبق إِذا أُصِيب فِي معدنه هَل فِيهِ شَيْء قَالَ نعم عَلَيْهِ الْخمس وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف مَا أرى فِيهِ شَيْئا
قلت أَرَأَيْت الرجل يُصِيب الرِّكَاز من الذَّهَب أَو الْفضة أَو الْجَوْهَر

(2/131)


مِمَّا يعرف أَنه قديم فيحفره فيخرجه من أَرض الفلاة قَالَ فِيهِ الْخمس وَمَا بَقِي فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ جَاءَ الْأَثر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي الرِّكَاز الْخمس والركاز هُوَ الْكَنْز
قلت فَإِن كَانَ الَّذِي استخرجه مكَاتبا أَو ذِمِّيا أَو عبدا أَو امْرَأَة أَو صَبيا قَالَ هُوَ كَذَلِك أَيْضا يُؤْخَذ مِنْهُ الْخمس وَمَا بَقِي فَهُوَ لَهُ
قلت أَرَأَيْت الرجل يجد الرِّكَاز فِي دَار الرجل فيتصادقان جَمِيعًا أَنه ركاز قَالَ هُوَ للَّذي يملك رَقَبَة الدَّار وَفِيه الْخمس قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الَّذِي وجده قد اسْتَأْجر الدَّار من صَاحبهَا أَو استعارها قَالَ وَإِن كَانَ فَهُوَ لصَاحب الدَّار
قلت فَإِن كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْهُ رجل فَوجدَ فِيهَا ركازا فأقرا جَمِيعًا أَنه ركاز قَالَ هُوَ لرب الدَّار الأول مِنْهُمَا قلت فَإِن كَانَ الَّذِي بَاعهَا إِنَّمَا اشْتَرَاهَا من رجل آخر قَالَ فالركاز للَّذي كَانَ لَهُ الأَصْل

(2/132)


يُخَمّس وَمَا بَقِي فَهُوَ لَهُ قلت وَكَذَلِكَ الرِّكَاز يُوجد فِي أَرض رجل قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَهُوَ قِيَاس الْأَثر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرَاهُ للَّذي أَخذه أستحسن ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يدْخل أَرض الْحَرْب بِأَمَان فيجد ركازا فِي دَار رجل مِنْهُم قَالَ يردهُ عَلَيْهِ قلت فَإِن وجده فِي الصَّحرَاء قَالَ فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ فِيهِ خمس قلت وَلم لَا تجْعَل فِيمَا وجد فِي أَرض الْحَرْب من الرِّكَاز خمْسا كَمَا جعلته فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ لِأَن أَرض الْحَرْب لم يوجف عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ وَلم يفتحوها وَأَرْض الْإِسْلَام قد أوجف عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ وفتحوها فَمن هَهُنَا اخْتلفَا
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم أَو الذِّمِّيّ يكون فِي دَاره الْمَعْدن أَو فِي

(2/133)


أرضه قَالَ هُوَ لَهُ وَلَيْسَ فِيهِ خمس وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فِيهِ الْخمس
قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْحَرْب يدْخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَيُصِيب كنزا أَو شَيْئا من الْمَعْدن قَالَ يُؤْخَذ مِنْهُ كُله قلت وَلم قَالَ لأَنهم لَيْسَ لَهُم مِمَّا فِي أَرْضنَا شَيْء قلت فَإِن عمل فِي الْمَعْدن بِإِذن الإِمَام قَالَ يُخَمّس مَا أصَاب وَمَا بَقِي فَهُوَ لَهُ
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ النَّحْل فِي أرضه عسالة فَيُصِيب من عسلها غلَّة عَظِيمَة مَا فِيهِ قَالَ إِن كَانَ فِي أَرض الْخراج فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وَإِن كَانَ فِي أَرض الْعشْر فَفِيهِ الْعشْر بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو ذَلِك

(2/134)


قلت أَرَأَيْت الرجل يكون فِي أرضه الْعين يخرج مِنْهَا القير والنفط وَالْملح وأرضه أَرض خراج مَا عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ خراج أرضه وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا شَيْء قلت فَإِن كَانَ هَذَا فِي أَرض عشر قَالَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَيْضا فِيهَا شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست من الثِّمَار
قلت أَرَأَيْت الرجل يجد الرِّكَاز فِي الصَّحرَاء أَو يعْمل فِي الْمَعْدن فَيُصِيب فِيهِ المَال وَعَلِيهِ دين نَحْو مِمَّا أصَاب هَل يُخَمّس مَا أصَاب من الرِّكَاز والمعدن قَالَ نعم قلت وَلَا تعد هَذَا مَانِعا مثل الزَّكَاة قَالَ لَا إِنَّمَا هُوَ مغنم

(2/138)


قلت أَرَأَيْت الرجل يتَقَبَّل الْمَكَان من الْمَعْدن من السُّلْطَان فيستأجر فِيهِ أجراء فَيخْرجُونَ مِنْهُ أَمْوَالًا لمن تكون تِلْكَ الْأَمْوَال قَالَ للْمُسْتَأْجر الَّذِي استأجرهم ويخمس كُله وَمَا بَقِي فَهُوَ لَهُ قلت فَإِن جَاءَ قوم بِغَيْر أمره لم يستأجرهم فعملوا فِي ذَلِك الْمَكَان فَأَصَابُوا مَالا قَالَ يُخَمّس مَا أَصَابُوا وَأما مَا بَقِي فَهُوَ لَهُم وَلَيْسَ للَّذي تقبل من ذَلِك شَيْء
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ الأَرْض من أَرض الْعشْر فينبت فِيهَا الطرفاء والقصب الْفَارِسِي أَو غَيره هَل فِيهِ عشر قَالَ لَا لَيْسَ

(2/139)


فِيهِ عشر إِنَّمَا هُوَ حطب قلت وَكَذَلِكَ الْحَشِيش وَالشَّجر الَّذِي لَيْسَ لَهُ ثَمَر مثل السمر وَشبهه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرياحين والبقول كلهَا والرطاب الْقَلِيل من ذَلِك وَالْكثير هَل فِيهِ الْعشْر قَالَ نعم كل شَيْء من ذَلِك تسقيه السَّمَاء أَو سقِِي سيحا فَفِيهِ الْعشْر وكل شَيْء يسقى بغرب أَو دالية أَو سانية فَفِيهِ نصف الْعشْر بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو من ذَلِك

(2/140)


قلت أَرَأَيْت الوسمة فِيهَا عشر إِذا كَانَت فِي أَرض الْعشْر

(2/141)


قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَان والورد والورس قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ قصب السكر قَالَ نعم قلت لم وَإِنَّمَا هُوَ قصب قَالَ لِأَنَّهُ ثَمَر وَلَيْسَ بحطب
قلت وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَالزَّبِيب والذرة والسمسم والأرز وَجَمِيع الْحُبُوب فَفِيهِ الْعشْر قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون فِي شَيْء من هَذَا عشر حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق والوسق سِتُّونَ صَاعا مِمَّا يكون لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة وَأما الْخضر فَلَا عشر فِيهَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون عَلَيْهِ الدّين يُحِيط بِقِيمَة أرضه هَل عَلَيْهِ عشر قَالَ نعم قلت فَإِذا قَالَ عَليّ دين وَحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ قَوْله ويكف عَنهُ قَالَ لَا يقبل قَوْله وَعَلِيهِ الْعشْر وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب هَل فِي أرضه الْعشْر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الصَّبِي وَالْمَجْنُون المغلوب قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن الْعشْر بِمَنْزِلَة الْخراج فِي هَذِه الْمنزلَة

(2/142)


قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ أَرض يُؤَدِّي خراجها هَل عَلَيْهِ فِيهَا عشر قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الرجل يسْتَأْجر الأَرْض من أَرض الْعشْر فيزرعها على من عشرهَا قَالَ على رب الأَرْض وَلَيْسَ على الْمُسْتَأْجر شَيْء
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن إِبْرَاهِيم نَحوا من هَذَا
قلت فَلَو آجرها بِمِائَة دِرْهَم وأخرجت الأَرْض أَرْبَعِينَ كرا كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعَة أكرار قَالَ نعم قلت فَإِن منحها إِيَّاه منحة على من عشرهَا قَالَ على الَّذِي زَرعهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن صَاحبهَا لم يَأْخُذ لَهَا أجرا
قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يَشْتَرِي من الْكَافِر أَرضًا من أَرض الْخراج أَيكُون عَلَيْهِ الْعشْر قَالَ لَا وَلَكِن عَلَيْهِ الْخراج
قلت أَرَأَيْت الْكَافِر اشْترى من الْمُسلم أَرضًا من أَرض الْعشْر أَيكُون عَلَيْهِ فِيهِ الْعشْر أَو الْخراج قَالَ يكون عَلَيْهِ الْخراج قلت فَإِن أَخذهَا مُسلم بِالشُّفْعَة قَالَ هُوَ جَائِز وعَلى الْمُسلم الْعشْر

(2/143)


قلت فَإِذا بَاعَ الْمُسلم أَرضًا من أَرض الْعشْر من كَافِر وَهُوَ بِالْخِيَارِ أَو الْكَافِر بِالْخِيَارِ فِيهَا أَو يَبِيعهَا بيعا فَاسِدا فيردها الْكَافِر عَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ فِي هَذَا كُله قَالَ عَلَيْهِ الْعشْر قلت فَلم جعلت على الْكَافِر الْخراج إِذا اشْتَرَاهَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون على الْكَافِر عشر إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَة دَار كَانَت لكَافِر فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء فَإِذا جعلهَا بستانا كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا الْخراج قلت وَالْعشر لَا يجب على أَرض يُؤَدِّي صَاحبهَا الْخراج وَلَا على رجل يُؤَدِّي فِي أرضه أجرا قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت رجلا نَصْرَانِيّا من بني تغلب لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر اشْتَرَاهَا من رجل مُسلم مَا عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ يُضَاعف عَلَيْهِ فِيهَا الْعشْر فَإِن كَانَت سيحا أَو تسقى من السَّمَاء فَعَلَيهِ فِيهَا الْخمس وَإِن كَانَت تشرب بغرب أَو دالية أَو سانية فَعَلَيهِ فِيهَا الْعشْر قلت وضاعفت عَلَيْهِ كَمَا ضاعفت فِي أَمْوَالهم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعهَا من مُسلم أَو أسلم عَلَيْهَا قَالَ عَلَيْهَا الْعشْر مضاعفا

(2/144)


قلت أَرَأَيْت العَبْد النَّصْرَانِي يعتقهُ النَّصْرَانِي من بني تغلب فيشتري أَرضًا من أَرض الْعشْر قَالَ عَلَيْهِ فِيهَا الْخراج وَلَا ينزل منزلَة مَوْلَاهُ قلت لم قَالَ لِأَن مَوْلَاهُ لَا يكون فِي هَذَا أعظم حُرْمَة من مولى الْمُسلم إِذا أعْتقهُ وَهُوَ نَصْرَانِيّ وَلَو أَن رجلا أعتق عبدا لَهُ نَصْرَانِيّا كَانَ على عَبده الْخراج وَإِن اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ الْخراج وَإِن كَانَ لَهُ إبل أَو غنم أَو بقر فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء وَكَذَلِكَ العَبْد النَّصْرَانِي إِذا أعْتقهُ النَّصْرَانِي من بني تغلب
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي أَرض الْعشْر من قصب الذريرة هَل عَلَيْهِ فِيهَا عشر قَالَ نعم قلت لم وَإِنَّمَا هُوَ قصب قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الريحان
قلت أَرَأَيْت أَرض الْعشْر مَا هِيَ وَأَيْنَ تكون قَالَ أما فِي أَيدي الْعَرَب بالبادية وَأَرْض الْحجاز من أَرض الْعَرَب بالبرية فَهِيَ من أَرض الْعشْر وَمَا كَانَ من أَرض السوَاد مِمَّا لَا يبلغهُ المَاء فاستحياه رجل واستخرجه بِأَمْر السُّلْطَان فَهِيَ من أَرض الْعشْر وَمَا كَانَ من ذَلِك يبلغهُ المَاء فَهُوَ أَرض الْخراج

(2/145)


قلت أَرَأَيْت قوما من أهل الْحَرْب أَسْلمُوا فِي دَارهم أَيكُون أَرضهم من أَرض الْعشْر قَالَ نعم قلت لم قَالَ لأَنهم أَسْلمُوا عَلَيْهَا وَلم يفتح الْمُسلمُونَ بِلَادهمْ فَيكون فَيْئا فأرضهم من أَرض الْعشْر
قلت فَكل أَرض تكون فِي الْيمن والحجاز وتهامة والبرية أتجعلها أَرض عشر قَالَ نعم
قلت وَأَيّمَا أَرض تجعلها من أَرض الْعشْر إِذا جَاءَ الْعَاشِر يَأْخُذ عشر الأَرْض فَقَالَ صَاحبهَا قد أديته وَحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ لَا وَلَكِن يَأْخُذ مِنْهُ الْعشْر قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا مِمَّا يَأْخُذ السُّلْطَان وَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّدَقَة صَدَقَة الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم
قلت أَرَأَيْت رجلا أعْطى عشر أرضه وزكاته وَزَكَاة إبِله وبقره وغنمه صنفا وَاحِدًا من الْمَسَاكِين والفقراء أيسعه ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الْمنْهَال عَن شَقِيق عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه أَتَى بِصَدقَة فَبعث بهَا إِلَى أهل بَيت وَاحِد

(2/146)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْحسن بن عمَارَة عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن زر بن حُبَيْش عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنْهُمَا مثله
قلت أَرَأَيْت إِن وضع ذَلِك فِي الْفُقَرَاء وَلم يَأْتِ بِهِ السُّلْطَان أيسعه ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عجل زَكَاة مَاله لِسنتَيْنِ أيسعه ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم وَلَا يجْزِيه إِن أعْطى عشر أرضه لِسنتَيْنِ مُسْتَقْبلَة وَإِن كَانَ نخل وَشَجر كَمَا لَا يجْزِيه زَكَاة مَاله قبل أَن يكْتَسب
قلت أَرَأَيْت إِن لم يخرج من أرضه شَيْء وَقد أعْطى زَكَاتهَا أَو إِن أعْطى زَكَاتهَا عَن صنف وَزرع غير الَّذِي أعْطى زَكَاته

(2/147)


قَالَ لَا يجْزِيه وَإِن كَانَ زرع الأَرْض فَلَا بَأْس أَن يعجل عشرَة قبل أَن يدْرك وَبعد أَن يخرج لسنته تِلْكَ وَلَا يجزى أَن يعجل لسنين لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَل يزرع ذَلِك من قَابل أم لَا فَأَما إِذا أَعْطَاهَا وَقد زرع فَإِنَّهُ يجْزِيه لزرعه ذَلِك وَلَا يجْزِيه للنخل وَالشَّجر إِلَّا أَن يكون قد خرج الثَّمر وَإِن لم يبلغ
قلت أفيعطي مِنْهَا ذَوي قرَابَة لَهُ وهم فُقَرَاء قَالَ نعم قلت فَإِن أعْطى مِنْهَا أَخَاهُ أَو أُخْته أَو ذَوي رحم محرم من رضَاع أَو نسب أجزاه ذَلِك قَالَ نعم مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد وَالأُم فَإِنَّهُ لَا يعطيهم من زَكَاة مَاله وَلَا من عشر أرضه
قلت أَرَأَيْت إِن أعْطى زَكَاة مَاله أمه أَو أَبَاهُ أَو وَلَده أَو ولد وَلَده أَو امْرَأَته هَل يجْزِيه ذَلِك من زَكَاة مَاله وَمن عشر أرضه قَالَ لَا
قلت فَإِن أعْطى مِنْهَا جدته من قبل أمه أَو من قبل أَبِيه أَو ابْنَته أَو ابْنة ابْنَته أَو ابْن ابْنَته أَو عَبده أَو مدبره أَو أم وَلَده قَالَ لَا يعْطى أحدا من هَؤُلَاءِ من زَكَاة مَاله قلت فَإِن أَعْطَاهُم

(2/148)


قَالَ لَا يجْزِيه من زَكَاته وَلَا من عشر أرضه قلت فَهَل يجزى من أعْطى سوى هَؤُلَاءِ من ذَوي الرَّحِم الْمحرم إِذا كَانُوا مُحْتَاجين قَالَ نعم بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لَا يعْطى من الزَّكَاة يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَا مجوسيا وَلَا يعْطى الرجل امْرَأَته وَلَا تُعْطى الْمَرْأَة زَوجهَا من زَكَاتهَا لِأَنَّهُ يجْبر على أَن ينْفق عَلَيْهَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا بَأْس بِأَن تُعْطى الْمَرْأَة زَوجهَا من زَكَاتهَا لِأَنَّهَا لَا تجبر على أَن تنْفق عَلَيْهِ قَالَ وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/149)


قلت فَإِن أعْطى مِنْهَا غَنِيا وَهُوَ لَا يعلم قَالَ يجْزِيه وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد إِذا سَأَلَهُ فَأعْطَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يجْزِيه إِذا علم بعد ذَلِك
قلت فَإِن أعْطى أحدا من جَمِيع هَؤُلَاءِ الَّذين ذكرت لَك وَهُوَ لَا يعرفهُ وَإِنَّمَا سَأَلَهُ فَأعْطَاهُ قَالَ يجْزِيه فِي ذَلِك كُله إِلَّا فِي عَبده أَو أمته أَو مدبره أَو مكَاتبه أَو أم وَلَده فَإِن هَؤُلَاءِ مَاله فَلَا يجْزِيه قلت وَلم لَا يجْزِيه إِن أعْطى أحدا من هَؤُلَاءِ وَهُوَ لَا يعلم قَالَ لِأَن هَؤُلَاءِ كلهم مَاله فَلذَلِك لَا يجزى
قلت أَرَأَيْت الرجل يُعْطي الرجل من الزَّكَاة وَله دَار أَو مسكن وخادم هَل يجْزِيه فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد ذَلِك قَالَ نعم بلغنَا

(2/150)


عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ يعْطى من الزَّكَاة من لَهُ دَار وخادم قلت وَهل يعْطى الرجل من زَكَاته رجلا وَاحِدًا مِائَتي دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ عِيَال قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن أعطَاهُ مِائَتي دِرْهَم وَهُوَ مُحْتَاج أيجزيه ذَلِك من زَكَاته قَالَ نعم يجْزِيه أكره لَهُ أَن يبلغ بِهِ مِائَتَيْنِ إِذا لم يكن لَهُ عِيَال أَو لم يكن عَلَيْهِ دين
قلت أَرَأَيْت الرجل يسْأَله الرجل الْغَنِيّ وَهُوَ لَا يعلم مَا هُوَ فيعطيه من الزَّكَاة أَو يسْأَله الرجل من أهل الْحَرْب فيعطيه وَهُوَ لَا يعلم ثمَّ علم بِهِ بعد ذَلِك هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْكُوفَة لَهُ مَال يتجر فِيهِ فَتحل فِيهِ الزَّكَاة أيعطيها بِالْكُوفَةِ أَو بِبَلَد غَيرهَا قَالَ بل يُعْطِيهَا بِالْكُوفَةِ وأكره لَهُ أَن يُعْطِيهَا بِغَيْر الْكُوفَة قلت وَكَذَلِكَ كل رجل من أهل بِلَاد حلت عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي بلد يُعْطِيهَا أهل بِلَاده قَالَ نعم قلت فَإِن أَعْطَاهَا غَيرهَا مُتَعَمدا لذَلِك خرج بهَا حَتَّى أَعْطَاهَا أَو بعث بهَا قَالَ يجْزِيه وأكره لَهُ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ المَال غَائِبا عَنهُ فَيحْتَاج أَيحلُّ لَهُ

(2/151)


أَن يقبل الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت وَلَا يجب عَلَيْهِ فِي مَاله ذَلِك الْغَائِب الصَّدَقَة قَالَ لَا حَتَّى يرجع إِلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ على الرجل الدّين فَيتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِ ويحسب ذَلِك من زَكَاته أيجزيه ذَلِك من زَكَاته قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يقبضهُ مِنْهُ بعد قلت فَإِن تصدق بِهِ على آخر وَأمره أَن يقبضهُ مِنْهُ فَقَبضهُ أيجزيه ذَلِك من زَكَاته ويحسب لَهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يتَصَدَّق على الرجل بِدَرَاهِم من زَكَاة مَاله وَلم يَأْمُرهُ ثمَّ ثمَّ علم بعد ذَلِك فَرضِي بِهِ قَالَ لَا يجْزِيه من زَكَاته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بذلك قلت فَإِن أمره بذلك فَتصدق بِهِ بعد مَا أمره أيجزيه من زَكَاته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ عِنْد الرجل طَعَام فيحول عَلَيْهِ الْحول وَهُوَ للتِّجَارَة وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم فَمَكثَ بعد ذَلِك أشهرا فَأَخذه صَاحبه وَهُوَ يُسَاوِي مائَة دِرْهَم وَهُوَ مِائَتَا قفيز حِنْطَة قَالَ يعْطى مِنْهُ خَمْسَة أَقْفِزَة زَكَاته قلت فَإِن كَانَ

(2/152)


إِنَّمَا يُسَاوِي خَمْسَة أَقْفِزَة الْيَوْم دِرْهَمَيْنِ وَنصفا قَالَ وَإِن كَانَ لِأَنَّهُ ربع عشرَة
قلت أَرَأَيْت الرجل إِن أكل الطَّعَام وَلم يزكه ثمَّ جَاءَك يستفتيك وَإِنَّمَا قِيمَته يَوْم أَخذه وَأكله مائَة دِرْهَم مَاذَا عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ خَمْسَة دَرَاهِم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَال عَلَيْهِ الْحول وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى عَلَيْهِ دِرْهَمَيْنِ وَنصفا وَهَذَا قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت الرجل التَّاجِر يمر على الْعَاشِر بِالطَّعَامِ فَيَقُول وَهَذَا الطَّعَام من زرعي وَيحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ نعم
- بَاب الْعشْر فِي الخلايا
-
مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن عبد الله بن مُحرز عَن الزُّهْرِيّ قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّحْل الْعشْر قَالَ وبلغنا عَن عمر بن الْخطاب أَن أَقْوَامًا كَانَت لَهُم خلايا فِي الْجَاهِلِيَّة فطلبوها إِلَى أَمِيرهمْ فِي زمن عمر فَقَالَ احمه لنا فَكتب إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن احمه لَهُم وَخذ مِنْهُم الْعشْر

(2/153)


قلت وَمَا الخلايا قَالَ النَّحْل
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لرجل نحل فِي أَرض من أَرض الْعَرَب مِمَّا يكون فِيهِ الْعشْر هَل يكون فِيمَا استخرج من عسلها الْعشْر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْعَسَل قَلِيلا أَو كثيرا أيجب فِيهِ الْعشْر فِيمَا كَانَ من ذَلِك قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من الْعَسَل عشر
قلت أَرَأَيْت النَّحْل إِذا كَانَ فِي أَرض رجل مُسلم وَالْأَرْض أَرض خراج هَل يكون فِيهِ عشر قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ فِي أَرض ذمِّي قَالَ نعم

(2/154)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أَرض رجل من بني تغلب كم يُؤْخَذ من ذَلِك قَالَ عشران
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك فِي أَرض لمكاتب قد اشْتَرَاهَا وَهِي من أَرض الْعشْر هَل يكون فِي ذَلِك عشر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت أَرض صبي أَو معتوه مغلوب قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا فِي أَرض رجل من الْمُسلمين وَهِي من أَرض الْعشْر وَعَلِيهِ دين كثير هَل يُؤْخَذ مِنْهُ الْعشْر من ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة الزَّكَاة أَلا ترى أَن الرجل إِذا كَانَت لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر وَعَلِيهِ دين كثير كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر فِيمَا أخرجت الأَرْض فَكَذَلِك هَذَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك الْعَسَل فِي أَرض من أَرض الْعشْر فَكَانَ يكون ذَلِك فِي السّنة مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا هَل يُؤْخَذ عشر ذَلِك كُله قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت النَّحْل إِذْ كَانَت فِي الْجبَال أَو فِي أَرض لَيست

(2/155)


لأحد أَرض فلاة فَأصَاب رجل من الْمُسلمين شَيْئا من عسلها هَل يكون فِيهِ عشر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا فِي أرضه نحل وَالْأَرْض من أَرض الْعشْر وَصَاحب الأَرْض يعلم فجَاء رجل فَأصَاب ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك كُله قَالَ ذَلِك كُله لصَاحب الأَرْض وَفِيه الْعشْر وَلَا يكون للَّذي أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي أرضه فَمَا كَانَ فِيهَا من شَيْء فَهُوَ لصَاحِبهَا قلت وَإِن كَانَ صَاحبهَا لم يتَّخذ ذَلِك قَالَ وَإِن لم يتَّخذ ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا دخل أَرض الْحَرْب بِأَمَان فَأصَاب شَيْئا من ذَلِك فِي جبالها فَأخْرجهُ إِلَى دَار الْإِسْلَام هَل يجب عَلَيْهِ فِي ذَلِك عشر قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ فِي أَرض الْحَرْب
قلت أَرَأَيْت جَيْشًا من الْمُسلمين دخلُوا أَرض الْحَرْب فَأصَاب رجل مِنْهُم شَيْئا من ذَلِك هَل يحل لَهُ أكله قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أخرج شَيْئا مِنْهُ من الْمغنم هَل يقسم كَمَا يقسم سَائِر الْمغنم قَالَ نعم

(2/156)


- بَاب عشر الأَرْض
-
قَالَ بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْعشْر فِيمَا سقت السَّمَاء أَو سقى سيحا وَنصف الْعشْر فِيمَا سقِِي بسواني
قلت أَرَأَيْت مَا سقِِي بدالية أَو نَحْوهَا أهوَ بِمَنْزِلَة السانية قَالَ نعم وَفِيه نصف الْعشْر وكل أَرض من أَرض الْعشْر سقته السَّمَاء أَو سقِِي سيحا فَفِيهِ الْعشْر وكل شَيْء سقِِي من ذَلِك بدالية أَو سانية أَو نَحْوهَا فَفِيهِ نصف الْعشْر
مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم إِن فِي كل شَيْء أخرجت الأَرْض الْعشْر وَنصف الْعشْر

(2/157)


قلت أَرَأَيْت الأَرْض الَّتِي يجب فِيهَا الْعشْر مَا هِيَ قَالَ كل أَرض من أَرض الْعَرَب مَا لم يوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهَا وكل أَرض من أَرض الْجبَال مِمَّا استخرجه الرجل مِمَّا لَا يبلغهُ المَاء من الْأَنْهَار الْعِظَام من نَحْو الْفُرَات وَنَحْوهَا من الْأَنْهَار فَأَما مَا استخرج من ذَلِك مِمَّا لَا يبلغهُ المَاء فَفِيهَا الْعشْر وَأما مَا سوى ذَلِك من أَرض الْجَبَل والسواد مِمَّا أوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهَا فَفِيهَا الْخراج
قلت أَرَأَيْت أَرضًا من أَرض الْعشْر خرج مِنْهَا طَعَام كثير فَبَاعَهُ قبل أَن يُؤَدِّي عشرَة فجَاء صَاحب الْعشْر وَالطَّعَام عِنْد المُشْتَرِي هَل للمصدق أَن يَأْخُذ من المُشْتَرِي عشر الطَّعَام وَهُوَ قَائِم بِعَيْنِه وَهُوَ فِي يَده قَالَ نعم إِن شَاءَ قلت فَهَل يرجع المُشْتَرِي على البَائِع بِعشر الثّمن قَالَ نعم قلت وَإِن شَاءَ الْمُصدق أَخذ من البَائِع وَترك المُشْتَرِي قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا بَاعَ أَرضًا من أَرض الْعشْر وفيهَا زرع قد أدْرك على من عشرهَا وَقد بَاعَ الزَّرْع مَعَ الأَرْض أَعلَى المُشْتَرِي أَو على البَائِع قَالَ عشر الزَّرْع على البَائِع قلت لم قَالَ لِأَن البَائِع بَاعه بعد مَا وَجب فِيهَا الْعشْر

(2/158)


قلت أَرَأَيْت إِن بَاعهَا وَالزَّرْع بقل على من الْعشْر عشر الزَّرْع إِذا مَا حصد قَالَ على المُشْتَرِي قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بَاعه قبل أَن يبلغ
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ الزَّرْع وَهُوَ قصيل فقصله المُشْتَرِي أَيكُون على البَائِع الْعشْر فِي الثّمن قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن البَائِع قد أَخذ لَهُ ثمنا وقصله قبل أَن يبلغ
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ الزَّرْع وَهُوَ بقل ثمَّ أذن البَائِع للْمُشْتَرِي أَن يتْرك ذَلِك فِي أرضه فَتَركه حَتَّى استحصد فحصده على من الْعشْر قَالَ على المُشْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حصد قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء من الثِّمَار وَغَيرهَا فِيمَا فِيهِ الْعشْر بَاعه صَاحبه قبل أَن يبلغ فِي أول مَا يطلع ثمَّ تَركه المُشْتَرِي حَتَّى يبلغ بِإِذن البَائِع ثمَّ يكون عشر ذَلِك على المُشْتَرِي قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر للتِّجَارَة فزرعها أعليه الزَّكَاة للتِّجَارَة أَو عشر الأَرْض قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة للتِّجَارَة وَإِنَّمَا عَلَيْهِ عشر مَا أخرجت الأَرْض قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر سَقَطت عَنهُ الزَّكَاة وَلَا تَجْتَمِع الزَّكَاة وَالْعشر فِي أَرض وَاحِدَة قلت وَكَذَلِكَ لَو اشْترى أَرضًا من أَرض الْخراج للتِّجَارَة قَالَ نعم يكون عَلَيْهِ الْخراج وَلَا يكون عَلَيْهِ الزَّكَاة فِيهَا وَلَا يجْتَمع خراج وَزَكَاة وَلَا زَكَاة وَعشر فِي أَرض وَاحِدَة

(2/159)


قلت أَرَأَيْت الرجل يَمُوت وَله أَرض من أَرض الْعشْر وَقد أدْركْت غَلَّتهَا وَوَجَب فِيهَا الْعشْر أيؤخذ مِنْهَا الْعشْر قَالَ نعم قلت وَلم وصاحبها قد مَاتَ وَصَارَت لغيره قَالَ وَإِن
قلت أَرَأَيْت الرجل تكون لَهُ الأَرْض من أَرض الْعشْر وفيهَا رطبَة وَهِي تقطع كل أَرْبَعِينَ لَيْلَة أيؤخذ مِنْهَا الْعشْر كلما قطعت قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْعشْر فِي كل مَا خرج مِنْهَا هَذَا قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت الرجل لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر فيزرعها ويحصد زَرعهَا قبل أَن تمْضِي سِتَّة أشهر أيؤخذ مِنْهُ الْعشْر قَالَ نعم قلت فَإِن زرع فِيهَا بقلا أَو بطيخا أَو خيارا أَو قثاء أَو حبوبا أَو نَحْو ذَلِك أَو قرعا هَل يجب فِي شَيْء من هَذَا الْعشْر قَالَ نعم يُؤْخَذ

(2/160)


الْعشْر من هَذَا كُله وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ فِي الْخضر الَّتِي لَيست لَهَا ثَمَرَة بَاقِيَة عشر نَحْو الرّطبَة والبقول كلهَا والبطيخ والقثاء وَمَا أشبه ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْعِنَب يَبِيعهُ عنبا وَرُبمَا بَاعه بِأَكْثَرَ من قِيمَته وَرُبمَا بَاعه بِأَقَلّ من قِيمَته وَالْأَرْض من أَرض الْعشْر هَل يُؤْخَذ مِنْهُ عشر الثّمن إِن بَاعه عصيرا أَو عنبا بِأَقَلّ من قِيمَته أَو أَكثر إِذا لم يكن شَيْئا حابي فِيهِ وَعرف ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ النَّحْل فَيُصِيب من غَلَّته غلَّة عَظِيمَة مَا يجب فِيهِ قَالَ إِن كَانَت أَرض خراج فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وَإِن كَانَ ذَلِك فِي أَرض الْعشْر فَفِيهِ الْعشْر قلت وَلم لَا يكون فِيهِ إِذا كَانَ فِي أَرض الْخراج قَالَ لِأَنَّهُ بلغنَا عَن عمر أَنه لم يضع فِي النَّحْل شَيْئا نحل السوَاد قَالَ لَا تَأْخُذُوا من النَّحْل شَيْئا وَلَا من الشّجر قلت فَكيف تَقول فِي الأَرْض قَالَ يمسح أَرضًا بَيْضَاء فَيُوضَع عَلَيْهَا

(2/161)


الْخراج كَمَا يوضع على الْمزَارِع قفيز وَدِرْهَم على كل جريب
قلت أَرَأَيْت الرجل الَّذِي يكون لَهُ الأَرْض وفيهَا عين يخرج مِنْهَا القير والنفط وَالْملح وأرضه من أَرض الْخراج مَا عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ خراج أرضه وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا شَيْء
قلت أَرَأَيْت لَو كَانَ هَذَا فِي أَرض عشر هَل فِيهِ شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بثمر
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر فينبت فِيهَا الطرفاء أَو الْقصب الْفَارِسِي أَو غَيره هَل فِيهِ شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا حطب قلت وَكَذَلِكَ الْحَشِيش وَالشَّجر الَّذِي لَيْسَ لَهُ ثَمَرَة مثل السمر وَشبهه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرياحين كلهَا والبقول والرطاب الْقَلِيل من ذَلِك وَالْكثير فِيهِ الْعشْر وَنصف الْعشْر قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت الوسمة هَل فِيهَا عشر إِذا كَانَت فِي أَرض الْعشْر قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَان والورد قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ قصب السكر قَالَ نعم قلت وَلم وَهُوَ قصب قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الثَّمَرَة وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَقَالَ

(2/162)


أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ فِي شَيْء من هَذَا زَكَاة إِلَّا فِيمَا كَانَ لَهُ ثَمَرَة بَاقِيَة وَحَتَّى يكون الثَّمر الْبَاقِي خَمْسَة أوسق فَصَاعِدا والوسق سِتُّونَ صَاعا فَأَما الزَّعْفَرَان وَنَحْوه مِمَّا يُوزن فَإِنَّهُ إِذا خرج مِنْهُ مَا يُسَاوِي خَمْسَة أوسق أدنى مَا يكون من قِيمَته الأوسق فَفِيهِ الْعشْر وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد الْقصب الَّذِي يكون مِنْهُ السكر إِذا كَانَ فِي أَرض الْعشْر فَهُوَ بِمَنْزِلَة الزَّعْفَرَان وَقَالَ مُحَمَّد لَيْسَ فِي الزَّعْفَرَان حَتَّى يكون خَمْسَة أُمَنَاء
قلت أَرَأَيْت الْحِنْطَة والحلبة وَالشعِير والتين وَالزَّيْتُون وَالزَّبِيب والذرة والسمسم والأرز وَجَمِيع الْحُبُوب عَلَيْهِ الْعشْر إِذا كَانَ فِي أَرض الْعشْر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل يكون عَلَيْهِ الدّين يُحِيط بِقِيمَة أرضه هَل عَلَيْهِ عشر فِيمَا خرج من أرضه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَانَت لَهُ أَرض الْعشْر هَل يجب عَلَيْهِ فِيهَا الْعشْر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الصَّبِي وَالْمَرْأَة وَالْمَجْنُون وَالْمَعْتُوه الَّذِي لَا يفِيق قَالَ نعم كل هَذَا سَوَاء وَفِي أَرضهم الْعشْر
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت أَرض فِي يَدي عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَقد اشْتَرَاهَا هَل يُؤْخَذ مِنْهُ عشر مَا خرج مِنْهَا قَالَ نعم

(2/163)


قلت أَرَأَيْت الرجل لَهُ أَرض يُؤَدِّي فِيهَا الْخراج هَل عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء قَالَ لَا وَلَا يجْتَمع الْعشْر وَالْخَرَاج جَمِيعًا فِي أَرض
قلت أَرَأَيْت الرجل يسْتَأْجر أَرضًا من أَرض الْعشْر فيزرعها على من عشر مَا يخرج مِنْهَا قَالَ على رب الأَرْض وَلَيْسَ على الْمُسْتَأْجر شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ آجرها بِخَمْسِينَ درهما وأخرجت الأَرْض مِائَتي كرّ كَانَ عَلَيْهِ عشر ذَلِك كُله قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الْعشْر على مَا أخرجت الأَرْض وَلَيْسَ على المؤاجر شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ منحها إِيَّاه منحة أَو أطعمها إِيَّاه طعمة على من عشرهَا قَالَ على الَّذِي زَرعهَا وَلَيْسَ على رب الأَرْض شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يَأْخُذ لَهَا أجرا
قلت أَرَأَيْت الْمُسلم يَشْتَرِي من الذِّمِّيّ أَرضًا من أَرض الْخراج أيجب عَلَيْهِ فِيهَا الْعشْر قَالَ لَا وَعَلِيهِ الْخراج وبلغنا ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر أيجب عَلَيْهِ فِيهَا الْعشْر قَالَ لَا وَلَكِن عَلَيْهِ الْخراج فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون على الْكَافِر عشر

(2/164)


قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ رجل مُسلم بعد ذَلِك فَأَخذهَا بِالشُّفْعَة مَا عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ عَلَيْهِ الْعشْر قلت وَلم وَقد جعلت عَلَيْهِ الْخراج قَالَ لِأَن الْمُسلم قد أَخذهَا بِحَق قد كَانَ وَجب لَهُ فِيهَا قبل ذَلِك وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اشْترى الذِّمِّيّ أَرضًا من أَرض الْعشْر جعلت عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفا كَمَا أجعَل عَلَيْهِ فِي مَاله وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن يكون على الْكَافِر عشر وَاحِد على حَاله لَا يُزَاد عَلَيْهِ

(2/165)


قلت أَرَأَيْت الْمُسلم إِذا بَاعَ أَرضًا من أَرض الْعشْر من ذمِّي وَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ أَو الذِّمِّيّ بِالْخِيَارِ أَو بَاعهَا بيعا فَاسِدا فيردها الذِّمِّيّ عَلَيْهِ مَا على البَائِع فِيهَا قَالَ الْعشْر
قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا جعل دَارا لَهُ بستانا أيجب عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء قَالَ نعم عَلَيْهِ فِيهَا الْخراج وَلَيْسَ فِي هَذَا الْعشْر
قلت أَرَأَيْت نَصْرَانِيّا من بني تغلب لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر اشْتَرَاهَا من الْمُسلم مَا عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ عَلَيْهِ فِيهَا عشران فَإِذا كَانَت تشرب سيحا أَو يسقيها السَّمَاء فَعَلَيهِ فِيهَا الْخمس وَإِن كَانَت تشرب بغرب أَو دالية أَو سانية فَعَلَيهِ فِيهَا الْعشْر قلت وتضاعفها عَلَيْهِم كَمَا تضَاعف فِي أَمْوَالهم قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ضاعف عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم قلت أَرَأَيْت إِن بَاعهَا بعد ذَلِك من مُسلم

(2/166)


أَو أسلم هُوَ مَا عَلَيْهِ قَالَ عشران وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف أما أَنا فَأرى عَلَيْهِ عشرا وَاحِدًا لِأَنِّي أضاعف عَلَيْهِم مَا داموا ذمَّة فَإِذا أَسْلمُوا أسقطت ذَلِك عَنْهُم وَكَانَ عَلَيْهِ مَا على الْمُسلمين وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت العَبْد النَّصْرَانِي أعْتقهُ رجل من نَصَارَى بني تغلب فيشتري أَرضًا من أَرض الْعشْر مَا عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ عَلَيْهِ فِيهَا الْخراج

(2/167)


وَلَا ينزل فِيهَا بِمَنْزِلَة مَوْلَاهُ قلت وَلم قَالَ لَا يكون أعظم حُرْمَة من مولى الْمُسلم لَو أعتق عبدا نَصْرَانِيّا وَلَو أَن مُسلما فعل ذَلِك بِعَبْد لَهُ نَصْرَانِيّ كَانَ عَلَيْهِ الْخراج وَكَانَ فِي أرضه الْخراج وَإِن كَانَ لَهُ إبل أَو غنم أَو بقر لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء فَكَذَلِك عبد التغلبي إِذا أعْتقهُ
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي أَرض الْعشْر من قصب الذريرة هَل فِيهِ عشر قَالَ نعم فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الرياحين
قلت أَرَأَيْت أَرض الْعشْر مَا هِيَ وَأَيْنَ تكون قَالَ مَا كَانَ فِي يَدي الْعَرَب بالحجاز أَو الْبَريَّة من أَرض الْعَرَب فَهُوَ من أَرض

(2/168)


الْعشْر وَمَا كَانَ من أَرض السوَاد والجبل مَا لَا يبلغهُ المَاء فجَاء رجل فأحياه فاستخرجه فَهُوَ من أَرض الْعشْر وَمَا كَانَ من ذَلِك مِمَّا يبلغهُ المَاء فَهُوَ من أَرض الْخراج وَقد بلغنَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أَحْيَا أَرضًا مواتا فَهِيَ لَهُ قلت وَيكون لَهُ رقبَتهَا قَالَ نعم

(2/169)


إِن أقطعها إِيَّاه الإِمَام فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ أقطعه إِيَّاهَا الإِمَام أَو لم يقطعهُ
قلت أَرَأَيْت قوما من أهل الْحَرْب أَسْلمُوا على دَارهم أتكون أَرضهم من أَرض الْعشْر قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لأَنهم أَسْلمُوا عَلَيْهَا فَصَارَت فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أَرض الْعَرَب وَإِنَّمَا يجب الْخراج مِمَّا أوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وافتتحوه
قلت وكل أَرض من أَرض الْحجاز واليمن وتهامة وَمَا كَانَ

(2/170)


فِي الْبَريَّة فِي أَرض الْعَرَب تجعلها أَرض الْعشْر لِأَن أَهلهَا أَسْلمُوا عَلَيْهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمُصدق إِذا جَاءَ يَأْخُذ عشر الأَرْض فَقَالَ صَاحبهَا قد أديته وَحلف على ذَلِك أيقبل مِنْهُ ويكف عَنهُ قَالَ لَا وَلكنه يَأْخُذ مِنْهُ الْعشْر قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا إِنَّمَا يَأْخُذهُ السُّلْطَان قلت فَإِن أعطَاهُ دون السُّلْطَان أيسعه ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عجل عشر مَا يخرج من أرضه لِسنتَيْنِ أيجزيه ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ لَا

(2/171)


قلت أَرَأَيْت الرجل يُعْطي عشر أرضه وَزَكَاة إبِله أَو بقره أَو غنمه لصنف وَاحِد من الْفُقَرَاء أَو الْمَسَاكِين أيجزيه ذَلِك قَالَ نعم وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب وَعبد الله بن عَبَّاس وَحُذَيْفَة ابْن الْيَمَان رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا يجْزِيه
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَانَت لَهُ أَرض من أَرض الْعشْر فَأعْطى عشر مَا خرج من أرضه أَبَاهُ أَو أمه أَو ابْنه أيجزيه ذَلِك فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى قَالَ لَا قلت فَإِن أعطَاهُ أَخَاهُ أَو أُخْته أَو ذَا رحم محرم غير ولد أَو وَالِد أَو جد أَو جدة أَو ولد وَولد ولد هَل يجْزِيه ذَلِك قَالَ نعم وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الزَّكَاة

(2/172)