الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

// كتاب مَا يوضع فِيهِ الْخمس وَالْعشر وَلمن يجب
//
قلت أَرَأَيْت رجلا أصَاب ركازا هَل يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَن يتَصَدَّق بِخَمْسَة على الْمَسَاكِين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اطلع عَلَيْهِ الإِمَام وَعلم ذَلِك مِنْهُ أينبغي للْإِمَام أَن يمْضِي لَهُ مَا صنع قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ صَاحب الرِّكَاز مُحْتَاجا إِلَى جَمِيع ذَلِك هَل يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى أَلا يرفعهُ إِلَى الإِمَام وَلَا يُؤَدِّي خمسه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن أصَاب الرجل ركازا فَأعْطى الْخمس مِنْهُ أَبَاهُ أَو أمه أَو جده أَو جدته وهم محتاجون أيجزيه قَالَ نعم قلت وَلم وَهَذَا لَا يجزى فِي الزَّكَاة وَلَا فِي عشر الأَرْض قَالَ لَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة الزَّكَاة وَلَا عشر الأَرْض
قلت أَرَأَيْت مَا جبي من الْخراج إِلَى بَيت المَال لمن يجب من الْمُسلمين قَالَ يجب ذَلِك لجَمِيع الْمُسلمين فَيعْطى الإِمَام مِنْهُ أعطيات الْمُقَاتلَة والذرية والنائبة إِن نابت الْمُسلمين قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا

(2/175)


مِمَّا أوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وَهُوَ لجميعهم
قلت وَلَا يضع الْخراج فِيمَا يوضع فِيهِ الزَّكَاة من الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْخراج لَيْسَ بِمَنْزِلَة الزَّكَاة وَإِنَّمَا يوضع الْخراج فِيمَن ذكرت لَك
قلت أَرَأَيْت إِن احْتَاجَ بعض الْمُسلمين وَلَيْسَ فِي بَيت مَال الْمُسلمين من الزَّكَاة شَيْء وَلَا من الْخمس وَلَا من الْعشْر أيعطى الإِمَام ذَلِك الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي بَيت المَال من الزَّكَاة وَمن الْخمس مَا أوجف الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ من الْعَدو أَو من أَرض الْعشْر فسبيل ذَلِك كُله وَاحِد للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مَا ذكرت مِمَّا يُؤْخَذ من أهل الذِّمَّة وَأهل الْحَرْب إِذا مروا بِأَمْوَالِهِمْ على الْعَاشِر مَا سَبِيل ذَلِك المَال وَفِيمَا يوضع قَالَ يوضع مَوضِع الْخراج

(2/176)


قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ من أهل الْبَادِيَة من إبلهم وبقرهم وغنمهم فِي أَي شَيْء يوضع قَالَ يرد على فقرائهم على كل قوم مَا أَخذ من أغنيائهم من ذَلِك وَقد بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ يُؤْخَذ من حراشي أَمْوَالهم فَيُوضَع فِي فقرائهم قلت وَكَذَلِكَ جَمِيع

(2/177)


الزَّكَاة يضع الإِمَام زَكَاة كل قوم على فقرائهم قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْفطْرَة سَبِيلهَا سَبِيل الزَّكَاة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن احْتَاجَ غَيرهم من الْمُسلمين فَوضع الإِمَام زَكَاة غَيرهم فيهم أيسعهم ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كلا الْفَرِيقَيْنِ فيهم فُقَرَاء أَيهمْ أَحَق أَن يوضع فِيهِ ذَلِك قَالَ فُقَرَاء الَّذين أَخذ ذَلِك مِنْهُم
قلت أَرَأَيْت مَا يُؤْخَذ من بني تغلب مِمَّا ذكرت أَنه يُضَاعف عَلَيْهِم مَا سَبِيل ذَلِك الَّذِي يُؤْخَذ مِنْهُم قَالَ سَبيله سَبِيل الْخراج لِأَن عمر بن الْخطاب بلغنَا عَنهُ أَنه ضاعف عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم مَكَان الْخراج
قلت أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه} مَا بلغك فِي هَذَا قَالَ هَذَا مَا غنم الْمُسلمُونَ من الْعَدو وَفِيمَا غنم الْعَسْكَر من كل شَيْء كَانَ خمسه لبيت المَال وَمَا بَقِي قسم بَين الَّذين أَصَابُوهُ خَاصَّة دون الْمُسلمين فَيكون للراجل مِنْهُم سهم وللفارس سَهْمَان وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد للفارس ثَلَاثَة أسْهم وللراجل سهم
قلت أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} مَا تَفْسِير ذَلِك قَالَ بلغنَا عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه كَانَ يَقُول خمس الله

(2/178)


وَالرَّسُول وَاحِد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَضَعهُ حَيْثُ يَشَاء فِي الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَصَارَ ذَلِك على خَمْسَة أسْهم فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ فَهَذَا وَاحِد وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل
قلت أَرَأَيْت من يجب لَهُ فِي بَيت مَال الْمُسلمين حق من هُوَ قَالَ كل من غزا أَخذ عطاءه من بَيت المَال فَأعْطَاهُ ذُريَّته من بَيت المَال والموالي وَالْعرب فِي هَذَا سَوَاء والأغنياء والفقراء فِي هَذَا سَوَاء
قلت أَرَأَيْت من كَانَ غَنِيا من الْمُسلمين ثمَّ لَا يَغْزُو وَلَيْسَ فِي الدِّيوَان وَلَا يَلِي الْمُسلمين شَيْئا هَل يُعْطِيهِ الإِمَام من بَيت المَال شَيْئا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الْمَسَاكِين والفقراء من الْمُسلمين جَمِيعهم عربهم ومواليهم وَغير ذَلِك مِنْهُم أيجب لَهُ حق فِي بَيت المَال قَالَ نعم يجب لَهُم مِمَّا فِي بَيت المَال من الزَّكَاة وَمن الْخمس وَالْعشر وَيَنْبَغِي للْإِمَام أَن يَتَّقِي الله فِي الْمُسلمين فَلَا يدع فَقِيرا إِلَّا أعطَاهُ حَقه من ذَلِك قلت

(2/179)


وَيُعْطى الإِمَام الْفُقَرَاء من ذَلِك مَا يغنيهم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَانَ مُحْتَاجا وَله عِيَال أيعطيه الإِمَام مَا يُغْنِيه وَعِيَاله قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت قَول الله فِي كِتَابه {والعاملين عَلَيْهَا} مَا يجب لَهُم فِي بَيت المَال قَالَ يفْرض لَهُم الإِمَام رزقا مِمَّا يَلِي ويلون ويعطيهم من ذَلِك قدر مَا يرى
قلت أَرَأَيْت قَوْله {والمؤلفة قُلُوبهم} هَل يجب لَهُم فِي الزَّكَاة شَيْء قَالَ لَا وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين كَانَ يتألف النَّاس على الْإِسْلَام ويعطيهم من ذَلِك وَأما الْيَوْم فَلَا

(2/180)


قلت أَرَأَيْت الإِمَام مَا الَّذِي يجب لَهُ فِي بَيت المَال قَالَ يجب لَهُ من ذَلِك قدر مَا يُغْنِيه من الْعَطاء ويفرض لَهُ عَطاء من بَيت المَال فَأَما مَا سوى ذَلِك فَلَا حق لَهُ فِيهِ بلغنَا عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه حِين ولي انْطلق بِشَيْء يَبِيعهُ فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/182)


أَيْن يَا خَليفَة رَسُول الله فَقَالَ معي شَيْء أبيعه أستعين بِهِ فِي نفقتي فمنعوه وفرضوا لَهُ رزقا من بَيت المَال
قلت أَرَأَيْت الْأَمِير إِذا اسْتعْمل على الْجَيْش فَأَصَابُوا غَنَائِم مَا يجب لأميرهم من ذَلِك قَالَ هُوَ كَرجل من الْجند
قلت أَرَأَيْت أهل الذِّمَّة هَل يجب لَهُم فِي بَيت المَال شَيْء

(2/183)


قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ مِنْهُم مِمَّا يَمرونَ بِهِ على الْعَاشِر وَمن بني تغلب هَل يرد على فقرائهم قَالَ لَا وَلَا يكون لأهل الذِّمَّة فِي بَيت المَال شَيْء قلت وَإِن كَانُوا فُقَرَاء قَالَ لَا قلت فَإِن كَانَ أهل الذِّمَّة من بني تغلب أَو من غَيرهم لَيْسَ لَهُم حِرْفَة وَلَا مَال وَلَا يقدرُونَ على شَيْء فَلَا يجب لَهُم شَيْء وَلَا عَلَيْهِم شَيْء قَالَ نعم وَإِنَّمَا يوضع الْخراج على رُؤْس من أهل الذِّمَّة بقدرهم على المحترف اثْنَا عشر درهما وعَلى الرجل الْحسن الْحَال مِنْهُم الْوسط أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ درهما وعَلى الْغَنِيّ مِنْهُم المكثر ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ لَا يُزَاد عَلَيْهِم على ذَلِك شَيْء بلغنَا فِيهِ غير حَدِيث

(2/184)


كمل كتاب الزَّكَاة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلَاته وَسَلَامه على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه
ويتلوه كتاب الصّيام

(2/185)