الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
// كتاب نَوَادِر الصّيام
//
مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يسْتَحبّ للرجل أَن يخرج يَوْم النَّحْر قبل أَن يطعم شَيْئا وَأَن يطعم يَوْم الْفطر قبل أَن يخرج قَالَ وَكتب شيخ من أهل الْبَصْرَة يذكر عَن عبد الله بن

(2/313)


بُرَيْدَة يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل ذَلِك وَمِمَّا يسْتَحبّ يَوْم الْفطر

(2/314)


قبل الْخُرُوج أَن يستاك وَيطْعم ويمس طيبا إِن وجده وَيخرج الصَّدَقَة ثمَّ يخرج وصدقته نصف صَاع من حِنْطَة أَو سويق أَو دَقِيق أَو صَاع من تمر أَو صَاع من شعير فَإِن أعْطى قيمَة ذَلِك دَرَاهِم أَو فُلُوسًا أجزاه وَإِن جمع لمسكين وَاحِد عَن نفر أجزاه وَإِن فرق طَعَاما عَن وَاحِد فِي مَسَاكِين أجزاه وَيطْعم الرجل عَن وَلَده الصَّغِير وَعَن نَفسه وَعَن عبيده وإمائه الَّذين لغير التِّجَارَة الَّذين تلْزمهُ نَفَقَتهم وَإِن أطْعم عَن امْرَأَته وَعَن وَلَده الْكِبَار بأمرهم أجزى عَنْهُم وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يفعل إِنَّمَا عَلَيْهِم أَن يطعموا وَلَا يجب الطَّعَام على مُحْتَاج لَهُ مسكن وخادم وَثيَاب كفاف ومتاع بَيت كفاف هَذَا مُحْتَاج إِن أعْطى من ذَلِك قبل وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق عَن نَفسه فَإِن كَانَ لَهُ سوى مَا وصفت لَك مِائَتَا دِرْهَم أَو عشرُون مِثْقَالا

(2/315)


من ذهب أَو قيمَة ذَلِك من عرض فضل عَن الكفاف الَّذِي وصفت لَك فعلى هَذَا زَكَاة الْفطر وَلَا يَسعهُ أَن يقبلهَا من غَيره
وَلَو كَانَ مَمْلُوك بَين اثْنَيْنِ لم يكن على وَاحِد مِنْهُمَا فِيهِ زَكَاة الْفطر لِأَنَّهُ لَا يملك مَمْلُوكا تَاما
وَلَيْسَ على الرجل أَن يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وَعَلِيهِ أَن يُؤَدِّي عَن أم وَلَده ومدبره وَلَيْسَ على رَقِيق التِّجَارَة زَكَاة الْفطر
وَلَيْسَ على الْحَبل زَكَاة الْفطر وَإِن وَلدته يَوْم الْفطر فَإِن وَلدته قبل طُلُوع الْفجْر من يَوْم الْفطر فَعَلَيهِ
وَإِن مَاتَ مَمْلُوك من رَقِيقه يَوْم الْفطر فَعَلَيهِ أَن يطعم وَإِن انْشَقَّ الْفجْر من يَوْم الْفطر وَهُوَ يملكهُ وَجب عَلَيْهِ أَن يطعم عَنهُ وَلَيْسَ يبطل ذَلِك مَوته
وعَلى الْمُسلم زَكَاة الْفطر فِي رَقِيقه وَإِن كَانُوا على غير دين الْإِسْلَام وعَلى مَمْلُوك الْغلَّة زَكَاة الْفطر على مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ عبد تَاجر لَا يُرِيد مَوْلَاهُ التِّجَارَة فِيهِ
وعَلى الْمولى زَكَاة رَقِيق رَقِيقه إِذا كَانُوا لغير التِّجَارَة فَإِن كَانُوا

(2/316)


للتِّجَارَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ فيهم زَكَاة الْفطر لِأَن فيهم زَكَاة المَال إِذا لم يكن على العَبْد دين مُحِيط بقيمتهم
وَلَو أَن رجلا مَضَت عَلَيْهِ سنُون لَا يتَصَدَّق بِصَدقَة الْفطر عَلَيْهِ أَو جَهله نِسْيَانا فَعَلَيهِ أَن يقْضِي ذَلِك وَيتَصَدَّق بِهِ وَمن كَانَ عَلَيْهِ دين حل لَهُ الصَّدَقَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة الْفطر
وَلَيْسَ على الْمكَاتب أَن يُؤَدِّي عَن نَفسه زَكَاة الْفطر وَلَا على مَوْلَاهُ فِيهِ شَيْء وَلَيْسَ على رَقِيق الْمكَاتب زَكَاة الْفطر وَلَا على مَوْلَاهُ فيهم
وَلَيْسَ على الرجل زَكَاة الْفطر فِيمَن يعول من قرَابَته اخوة كَانُوا أَو عمومة أَو محرما من نسب أَو محرما من رضَاع
وعَلى الْيَتِيم زَكَاة الْفطر فِي نَفسه إِن كَانَ غَنِيا يُؤَدِّيهَا عَنهُ وَصِيّه وَكَذَلِكَ يلْزمه الزَّكَاة فِي رَقِيقه وَفِي هَذَا حجَّة على من قَالَ لَا زَكَاة على الصَّغِير فِي مَاله وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَيْسَ على

(2/317)


الصَّغِير زَكَاة
وَلَيْسَ على أهل الذِّمَّة زَكَاة الْفطر فِي رقيقهم وَإِن كَانَ أحد من رقيقهم على الْإِسْلَام أجبروا على بَيْعه
وَلَيْسَ على نَصَارَى بني تغلب زَكَاة الْفطر فِي رقيقهم وَلَيْسَ يبْعَث

(2/318)


على زَكَاة الْفطر ساعيا يجبيها من أَدَّاهَا فَمن نَفسه وَمن تَركهَا فلازم أَنه عَلَيْهِ
وَلَو كَانَ رَقِيق بَين رجلَيْنِ لم يكن على وَاحِد مِنْهُمَا زَكَاة الْفطر فِي رَقِيقه لِأَنَّهُ لَا يملك مَمْلُوكا تَاما أَلا ترى أَنه لَو أعتق كل مَمْلُوك لَهُ لم يعْتق مِنْهُم أحد وَلَو كَانَا متفاوضين بَينهمَا رَقِيق فَهُوَ كَذَلِك
وَلَو مر يَوْم الْفطر على رجل وَعِنْده عبد قد اشْتَرَاهُ قبل الْفطر بِالْخِيَارِ فاستوجب بعد الْفطر كَانَ عَلَيْهِ زَكَاة الْفطر فِيهِ وَلَو فسخ البيع فِيهِ كَانَت زَكَاته على البَائِع إِذا كَانَ الشري وَالْأَصْل لغير التِّجَارَة وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْخِيَار للْبَائِع فتم البيع فعلى المُشْتَرِي وَإِن انْتقض البيع فعلى البَائِع وَإِن كَانَ عقد البيع وَقع يَوْم الْفطر فعلى البَائِع فِي

(2/319)


الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إِن تمّ البيع أَو انْتقض وَالْخيَار للْبَائِع أَو للْمُشْتَرِي
وَلَيْسَ على الرجل فِي مَمْلُوك آبق زَكَاة الْفطر وَلَا فِي عبد غصب وَالْغَاصِب يجحده وَإِن رَجَعَ إِلَيْهِ لم يزك لما مضى وَإِن كَانَ العَبْد غَائِبا عَنهُ فِي حَاجَة لَهُ أَو فِي عمل بِأَجْر أَو فِي صَنْعَة فَعَلَيهِ زَكَاة الْفطر عَنهُ
فَإِن كَانَ رجل فِي مصر وَله رَقِيق فِي مصر آخر أَو فِي ضَيْعَة فَإِنَّهُ يُؤَدِّي زَكَاة الْفطر عَن رَقِيقه فِي الْمصر الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَا يشبه المَال إِذا وَجب عَلَيْهِ الزَّكَاة فِي مصر حَيْثُ لَا تحمل إِلَى غَيره وَمن حملهَا وأداها فِي غَيره أجزت عَنهُ
وَلَيْسَ فِي شَيْء من الْحَيَوَان زَكَاة الْفطر مَا خلا رَقِيق الْخدمَة وَمَا كَانَ من الرَّقِيق للتِّجَارَة فَلَيْسَ فيهم زَكَاة الْفطر لِأَن فيهم زَكَاة الْأَمْوَال وَلَا تَجْتَمِع الزَّكَاة من وَجْهَيْن مُتَفَرّقين فِي مَال وَاحِد
وَلَيْسَ فِي العقارات وَلَا فِي الضّيَاع وَلَا فِي شَيْء من الْأَمْوَال وَالْعرُوض زَكَاة الْفطر مَا خلا رَقِيق الْخدمَة ورقيق التجمل ورقيق الْقنية

(2/320)


وَإِن كَانَ الرَّهْن مَمْلُوكا لغير التِّجَارَة وَكَانَ أَصله للْخدمَة فعلى الرَّاهِن زَكَاة الْفطر فِيهِ إِذا كَانَ لَهُ فضل عَن دينه وَعَن قوته الَّذِي وصفت لَك مِائَتي دِرْهَم أَو أَكثر أَو عرُوض بِمِثْلِهَا وَلَيْسَ على الْمُرْتَهن زَكَاة العَبْد الرَّهْن وَلَيْسَ على الرجل زَكَاة الْفطر فِي رَقِيق ابْنه الصَّغِير
وَلَو أَن رجلا اشْترى عبدا قبل الْفطر فَلم يقبض وَلم ينْقد حَتَّى مضى يَوْم الْفطر والشرى للْخدمَة فَإِن زَكَاة هَذَا العَبْد على المُشْتَرِي وَإِن مَاتَ قبل أَن يقبضهُ انْتقض البيع فِيهِ وَلَا زَكَاة على وَاحِد مِنْهُمَا وَلَو أَن مَمْلُوكا وجد بِهِ المُشْتَرِي عَيْبا فَرده يَوْم الْفطر بعد الْقَبْض وَكَانَ الشري قبل الْفطر فزكاة الْفطر على المُشْتَرِي إِن رده بِقَضَاء قَاض أَو بِغَيْر قَضَاء قَاض وَكَذَلِكَ لَو رده بِخِيَار الرُّؤْيَة وَلَو لم يقبضهُ حَتَّى رده بِعَيْب أَو بِخِيَار رُؤْيَة فزكاة الْفطر فِي هَذَا على البَائِع الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ العَبْد
وَلَو أَن رجلا فِي يَده عبد للتِّجَارَة قِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم فَبَاعَهُ بِأمة قبل الْفطر بِيَوْم للتِّجَارَة فَلم يقبض وَلم يدْفع حَتَّى وَجَبت الزَّكَاة فِي مَاله يَوْم الْفطر وَكَانَ ذَلِك وَقت زَكَاته فَلم يفْسخ البيع وَلم يقبض حَتَّى مضى

(2/321)


يَوْم الْفطر ثمَّ فسخ البيع بِخِيَار الرُّؤْيَة أَو بِعَيْب فَإِن زَكَاة العَبْد بِالْقيمَةِ على البَائِع وَأما بَائِع الْجَارِيَة فَإِن كَانَت لغير تِجَارَة فَعَلَيهِ زَكَاة الْفطر فِيهَا إِذا انْفَسَخ البيع قبل الْقَبْض بِخِيَار الرُّؤْيَة أَو بِعَيْب وَالزَّكَاة على الَّذِي يرجع إِلَيْهِ ذَلِك الْمَمْلُوك فَإِن كَانَ للتِّجَارَة زَكَاة للتِّجَارَة وَإِن كَانَ للْخدمَة زَكَاة للْخدمَة وَكَذَلِكَ إِذا انْفَسَخ البيع بِخِيَار الشَّرْط وَالْقَبْض وَغير الْقَبْض فِيهِ سَوَاء وَأما خِيَار الرُّؤْيَة وَالْعَيْب فيختلف قبل الْقَبْض وَبعده إِذا كَانَ قبل الْقَبْض فعلى مَا وصفت لَك وَإِن كَانَ بعده فعلى الَّذِي فِي ملكه قبل الْفَسْخ أَلا ترى أَنه فِي ضَمَانه مَا خلا خصْلَة وَاحِدَة إِذا كَانَ رده عَلَيْهِ بِعَيْب وَهُوَ كَارِه فَإِن هَذَا يكون عَلَيْهِ زَكَاة الأوكس كوضيعة لحقته وَلَو كَانَ هُوَ الَّذِي فسخ البيع ورده بِعَيْب وَهُوَ يعرف الْفضل فِيمَا رد فحابى كَانَ عَلَيْهِ ذَلِك فَإِن لم يعرف ذَلِك

(2/322)


وَلم يحاب فَعَلَيهِ زَكَاة الأوكس كوضيعة لحقت التَّاجِر فِي هَذَا الْوَجْه وَصَاحب الْخدمَة عَلَيْهِ زَكَاة الَّذِي رد إِذا كَانَ بعد الْقَبْض وَإِذا كَانَ قبله فَعَلَيهِ زَكَاة الَّذِي يرجع إِلَيْهِ
وَلَو أَن عبدا وَقعت عقدَة البيع فِيهِ قبل الْفطر ثمَّ مَاتَ يَوْم الْفطر قبل الْقَبْض والنقد انْفَسَخ البيع وَكِلَاهُمَا صَاحب خدمَة البَائِع وَالْمُشْتَرِي لَيْسَ الْوَاحِد مِنْهُمَا تَاجِرًا فَلَيْسَ على وَاحِد مِنْهُمَا زَكَاة أَلا ترى أَن المُشْتَرِي يُزكي الثّمن مَعَ مَاله وَالْبَائِع لَا يُزكي الثّمن ويزكي العَبْد
قَالَ أَبُو حنيفَة الصَّاع الأول ثَمَانِيَة أَرْطَال فيجزى نصف صَاع من الْحِنْطَة والدقيق والسويق أَو صَاع من تمر أَو شعير وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّد فَإِن كَانَ الْمَخْتُوم خمسين رطلا فَهُوَ عَن اثنى عشر إنْسَانا

(2/323)


وَنصف وَإِذا كَانَ أَرْبَعِينَ رطلا فَهُوَ على عشر أناسى إِذا كَانَ حِنْطَة فَإِن كَانَ شَعِيرًا فَهُوَ عَن خَمْسَة وَكَذَلِكَ إِن كَانَ تَمرا وَالزَّبِيب صَاع فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَفِي قَول أبي حنيفَة نصف صَاع
قلت أَرَأَيْت الرجل يَبِيع العَبْد بيعا فَاسِدا فَلَا يقبضهُ المُشْتَرِي يمْضِي يَوْم الْفطر ثمَّ يقبضهُ فيعتقه على من زَكَاة الْفطر وَقد كَانَ لغير التِّجَارَة قَالَ زَكَاة الْفطر على البَائِع قلت فَلَو كَانَ المُشْتَرِي قد قَبضه قبل الْفطر ثمَّ رده بعد الْفطر وَهُوَ لغير التِّجَارَة قَالَ تكون على البَائِع لِأَنَّهُ قد رد عَلَيْهِ قلت فَلَو أعْتقهُ المُشْتَرِي أَو بَاعه قَالَ زَكَاة الْفطر على المُشْتَرِي وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
فِي كتاب الْمُجَرّد
قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِن عجل زَكَاة الْفطر عَنهُ وَعَمن تجب عَلَيْهِ من وَلَده ورقيقه لسنة أَو سنتَيْن أجزاه ذَلِك وَإِن لم يؤد ذَلِك عَنْهُم حِين وَجَبت عَلَيْهِم حَتَّى مَضَت سنتَانِ أَو ثَلَاث وَجب عَلَيْهِ أَن يعْطى عَنْهُم من حِين مضى زَكَاة الْفطر
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن مُحَمَّد الطَّحَاوِيّ فِي كِتَابه من أصبح

(2/324)


فِي يَوْم من شهر رَمَضَان وَلم ينْو فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبله صوما ثمَّ أكل أَو شرب أَو جَامع مُتَعَمدا فَإِن أَبَا حنيفَة كَانَ يَقُول عَلَيْهِ الْقَضَاء بِلَا كَفَّارَة وَكَانَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يَقُولَانِ إِذا كَانَ ذَلِك مِنْهُ قبل الزَّوَال فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَإِذا كَانَ بعد الزَّوَال فَعَلَيهِ الْقَضَاء بِلَا كَفَّارَة وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف الصَّاع خَمْسَة أَرْطَال وَثلث بالبغدادي وَفِي قَول أبي حنيفَة ثَمَانِيَة أَرْطَال تَتِمَّة نَوَادِر الصَّوْم
- بَاب مَا يجب مِنْهُ إفطار الصَّوْم وَمَا يجب فِيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة وَمَا يجب الْقَضَاء وَلَا تجب الْكَفَّارَة وَمَا يجوز من الشَّهَادَة على هِلَال رَمَضَان وَمَا لَا يجوز
-
قَالَ وَسُئِلَ مُحَمَّد بن الْحسن عَمَّن ابتلع جوزة رطبَة وَهُوَ صَائِم

(2/325)


قَالَ عَلَيْهِ الْقَضَاء وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ قيل فَإِن ابتلع لوزة رطبَة أَو حِنْطَة صَغِيرَة قَالَ عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة فَقيل لَهُ ابتلع هليلجة

(2/326)


قَالَ عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة أَرَادَ بِهِ الدَّوَاء أَو لم يرد بِهِ وَكَذَلِكَ إِن أكل مسكا أَو غَالِيَة أَو زعفرانا فَعَلَيهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة

(2/327)


مُحَمَّد فِي رجل أفطر فِي شهر رَمَضَان من عذر والشهر ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَقضى شهر رَمَضَان آخر وَهُوَ تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا قَالَ عَلَيْهِ أَن يقْضِي بِعَدَد مَا كَانَ شهر رَمَضَان إِن كَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فثلاثين وَإِن كَانَ تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا فتسعة وَعشْرين يَوْمًا لقَوْله تَعَالَى {فَعدَّة من أَيَّام أخر}
مُحَمَّد قَالَ إِذا شهد رجل وَاحِد وبالسماء عِلّة قبلت شَهَادَته وَحده إِذا كَانَ عدلا وَأما على الْفطر فَلَا تقبل إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ إِذا كَانَ بالسماء عِلّة وَإِن لم يكن بالسماء عِلّة لم أقبل شَهَادَة رجل حَتَّى يكون أمرا ظَاهرا وَكَذَلِكَ لَو شهِدت امْرَأَة وَهِي عدلة فشهادتها

(2/328)


جَائِزَة وَكَذَلِكَ لَو شهد رجل على شَهَادَة رجل فَهُوَ جَائِز وَيجوز فِي ذَلِك شَهَادَة الْمَحْدُود فِي الْقَذْف إِذا كَانَ عدلا وَلَا تجوز شَهَادَة الْفَاسِق وَتجوز شَهَادَة العَبْد إِذا كَانَ عدلا

(2/329)


مُحَمَّد فِي رجل جَامع امْرَأَته نَهَارا نَاسِيا فِي شهر رَمَضَان ثمَّ ذكر وَهُوَ مخالطها فَقَامَ عَنْهَا أَو جَامعهَا لَيْلًا فانفجر الصُّبْح وَهُوَ مخالطها فَقَامَ عَنْهَا من سَاعَته قَالَ هما سَوَاء وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَذكر عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ يقْضِي الَّذِي كَانَ وَطْؤُهُ بِاللَّيْلِ وَلَا يقْضِي الَّذِي كَانَ وَطْؤُهُ بِالنَّهَارِ
قلت أَرَأَيْت لَو أَن صَائِما ابتلع شَيْئا كَانَ بَين أَسْنَانه قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاء قلت وَإِن كَانَ سمسما بَين أَسْنَانه فابتلعها قَالَ

(2/331)


لَا قَضَاء عَلَيْهِ لِأَن ذَلِك مغلوب لَا حكم لَهُ كالذباب وَإِن تنَاول سمسما ابْتِدَاء أفطر

(2/332)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة الصَّوْم فِي رَمَضَان لرمضان وَلَا يكون لغيره إِذا كَانَ مُقيما وَإِن كَانَ مُسَافِرًا فَإِن صَامَهُ من صَوْم وَاجِب عَلَيْهِ أجزاه من الْوَاجِب وَكَانَ عَلَيْهِ قَضَاء رَمَضَان وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هما سَوَاء وَهُوَ من رَمَضَان وَلَا يجْزِيه من غَيره مَرِيضا كَانَ أَو مُسَافِرًا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف فِي رجل قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم هَذَا الْيَوْم شهرا فَعَلَيهِ أَن يَصُوم ذَلِك الْيَوْم كلما دَار حَتَّى يتم شهرا أَرْبَعَة أَيَّام أَو خَمْسَة حَتَّى يستكمل ثَلَاثِينَ يَوْمًا مُنْذُ قَالَ هَذَا القَوْل

(2/333)


وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم هَذَا الشَّهْر يَوْمًا كَانَ عَلَيْهِ أَن يَصُوم ذَلِك الشَّهْر بِعَيْنِه مَتى شَاءَ فَهُوَ فِي سَعَة مَا بَينه وَبَين أَن يَمُوت
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم هَذَا الْيَوْم غَدا فَإِن كَانَ قبل الزَّوَال وَلم يَأْكُل وَلم يشرب فَعَلَيهِ صَوْم ذَلِك الْيَوْم وَإِن قَالَ هَذَا القَوْل بعد الزَّوَال أَو أكل أَو شرب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم أمس فَلَا شَيْء عَلَيْهِ

(2/334)


وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم غَدا الْيَوْم كَانَ عَلَيْهِ أَن يَصُوم غَدا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الأول من اللَّفْظ لَيْسَ الآخر
وَلَو قَالَ لله عَليّ صَوْم الْأَيَّام وَلَا نِيَّة لَهُ كَانَ عَلَيْهِ سَبْعَة أَيَّام لِأَنَّهُ كلما مَضَت الْجُمُعَة عَادَتْ وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهِ عشرَة أَيَّام لِأَن أَكثر مَا يسْتَحق اسْم الْأَيَّام فِي اللُّغَة إِنَّمَا هُوَ عشرَة أَيَّام أَلا ترى أَنَّك تَقول ثَلَاثَة أَيَّام وَعشرَة أَيَّام وَلَا تَقول أحد عشر أَيَّام وَإِذا قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم أَيَّامًا وَلَا نِيَّة لَهُ فَعَلَيهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام

(2/335)


وَلَو قَالَ لله عَليّ صِيَام الشُّهُور كَانَ عَلَيْهِ اثْنَا عشر شهرا وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَقع ذَلِك على صِيَام عشرَة أشهر
وَلَو قَالَ لله عَليّ صِيَام الْجمع على مدى الشُّهُور وَلَا نِيَّة لَهُ فَعَلَيهِ أَن يَصُوم كل جُمُعَة تَأتي عَلَيْهِ فِي ذَلِك الشَّهْر
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم أَيَّام الْجُمُعَة فَإِن عَلَيْهِ سَبْعَة أَيَّام

(2/336)


وَلَو قَالَ لله عَليّ صَوْم الْجُمُعَة فَهَذَا يَقع على وَجْهَيْن على أَيَّام الْجُمُعَة السَّبْعَة وَقد يَقع على الْجُمُعَة بِعَينهَا فَأَي ذَلِك نوى لزمَه فَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَهَذَا على أَيَّام الْجُمُعَة السَّبْعَة

(2/337)


وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم كَذَا كَذَا يَوْمًا فَهُوَ على أحد عشر يَوْمًا وَإِن كَانَ لَهُ نِيَّة صرف الْأَمر إِلَى نِيَّته
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم كَذَا وَكَذَا فَهُوَ على أحد وَعشْرين يَوْمًا إِلَّا أَن يَنْوِي غير ذَلِك فَيكون كَمَا نوى
وَلَو قَالَ لله عَليّ أَن أَصوم بضعَة عشر يَوْمًا لزمَه صِيَام ثَلَاثَة عشر يَوْمًا لِأَن الْبضْع من ثَلَاثَة إِلَى سَبْعَة فوضعناه على الْأَقَل من اسْم الْبضْع

(2/338)


وَلَو قَالَ لله عَليّ صَوْم السنين كَانَ هَذَا صَوْم الدَّهْر والسنون مُخَالف للشهور لِأَنَّهُ لَا غَايَة للسنين تنتهيها وَأما الشُّهُور فلهَا غَايَة فِي كتاب الله تَعَالَى وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله} على هَذَا يصرف يَمِينه إِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَإِن كَانَت لَهُ نِيَّة يصرف إِلَى نِيَّته وَهُوَ على قِيَاس قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة يرى على مَا وَصفنَا قبل هَذَا
وَلَو قَالَ لله عَليّ صَوْم الزَّمَان فَهُوَ سِتَّة أشهر إِن لم يكن لَهُ نِيَّة

(2/339)


وَكَذَلِكَ الْحِين
تمت النَّوَادِر وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ ويتلوها كتاب الْمَنَاسِك

(2/340)