الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
// كتاب الْمَنَاسِك
//
قَالَ أَبُو حنيفَة وَإِذا أردْت أَن تحرم بِالْحَجِّ إِن شَاءَ الله
فاغتسل
(2/341)
أَو تَوَضَّأ وَالْغسْل أفضل ثمَّ البس
ثَوْبَيْنِ إزارا ورداء جديدين أَو غسلين وادهن بِأَيّ دهن شِئْت وصل
رَكْعَتَيْنِ وَقل اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيد
(2/343)
الْحَج فيسره لي وتقبله مني ثمَّ لب فِي
دبر صَلَاتك تِلْكَ وَإِن شِئْت بعد مَا يَسْتَوِي بك بعيرك قَالَ والتلبية
أَن تَقول لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك
(2/344)
لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة
لَك وَالْملك لَا شريك لَك فَإِذا لبيت
(2/345)
فقد أَحرمت فَاتق مَا نهى الله عَنهُ من
قتل الصَّيْد والرفث والفسوق والجدال
(2/346)
وَلَا تشر إِلَى صيد وَلَا تدل عَلَيْهِ
وَلَا تغط رَأسك وَلَا وَجهك وَلَا تلبس قبَاء وَلَا قَمِيصًا وَلَا
سَرَاوِيل وَلَا قلنسوة وَلَا ثوبا مصبوغا بالعصفر وَلَا بالزعفران وَلَا
بالورس فَإِن كَانَ قد غسل حَتَّى لَا ينفض فَلَا بَأْس بِأَن تلبسه وَلَا
تمس طيبا بعد إحرامك
(2/347)
وَلَا تدهن وارفق بحك رَأسك وَلَا تغسل
رَأسك وَلَا لحيتك بالخطمى وَلَا تقص أظفارك وَأكْثر من التَّلْبِيَة فِي
دبر كل صَلَاة وَكلما لقِيت ركبا وَكلما عَلَوْت شرفا وَكلما هَبَطت وَاديا
وبالأسحار وَمَتى تستيقظ من مَنَامك
(2/349)
فَإِذا قدمت مَكَّة فَلَا يَضرك لَيْلًا
دَخَلتهَا أَو نَهَارا فَادْخُلْ الْمَسْجِد
(2/350)
ثمَّ ابدأ بِالْحجرِ الْأسود فاستلمه إِن
اسْتَطَعْت من غير أَن تؤذي مُسلما فَإِن لم تستطع ذَلِك فَاسْتَقْبلهُ
وَكبر وَهَلل وَاحْمَدْ الله وصل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ثمَّ خُذ على يَمِينك على بَاب الْكَعْبَة فَطُفْ سَبْعَة
(2/351)
أَشْوَاط ترمل فِي الثَّلَاثَة الأول فِي
كل شوط مِنْهَا من الْحجر الْأسود إِلَى الْحجر الْأسود فَإِن زحمك النَّاس
فِي رملك ذَلِك فَقُمْ فَإِذا وجدت مسلكا فارمل وَطف الْأَرْبَعَة الأشواط
الْأُخَر مشيا على هينتك وَكلما مَرَرْت بِالْحجرِ الْأسود فِي طوافك هَذَا
فاستلمه إِن اسْتَطَعْت
(2/352)
من غير أَن تؤذي مُسلما فَإِن لم تستطع
فَاسْتَقْبلهُ وَكبر وَهَلل وَإِن افتتحت بِهِ الطّواف وختمت بِهِ أجزاك
وَليكن طوافك فِي كل شوط من وَرَاء الْحطيم ثمَّ ائْتِ الْمقَام فصل عِنْده
رَكْعَتَيْنِ أَو حَيْثُ تيَسّر
(2/353)
عَلَيْك من الْمَسْجِد فَإِذا فرغت مِنْهَا
فعد إِلَى الْحجر الْأسود فاستلمه
(2/355)
فَإِن لم تستطع فَاسْتَقْبلهُ وَكبر وَهَلل
ثمَّ اخْرُج إِلَى الصَّفَا فابدأ بهَا وقم عَلَيْهَا مُسْتَقْبل
الْكَعْبَة فتحمد الله وَتثني عَلَيْهِ وتهلل وتكبر وَتُلَبِّي
(2/356)
وَتصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَتَدْعُو الله بحاجتك ثمَّ اهبط مِنْهَا نَحْو الْمَرْوَة فامش على
هينتك مشيا حَتَّى تَأتي بطن الْوَادي فاسع فِي بطن الْوَادي سعيا فَإِذا
خرجت مِنْهُ فامش على هينتك حَتَّى تَأتي الْمَرْوَة فتصعد عَلَيْهَا
وَتقوم مُسْتَقْبل الْكَعْبَة فتحمد الله وَتثني عَلَيْهِ وتهلل وتكبر
وَتُلَبِّي وَتصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تَدْعُو الله
بحاجتك وَطف بَينهمَا هَكَذَا سَبْعَة أَشْوَاط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة
وتسعى فِي بطن الْوَادي فِي كل شوط ثمَّ تقيم بِمَكَّة حَرَامًا
(2/357)
لَا يحل لَك شَيْء حَتَّى تَطوف
بِالْبَيْتِ كلما بدا لَك وَتصلي لكل أُسْبُوع رَكْعَتَيْنِ حَتَّى تروح
مَعَ النَّاس إِلَى منى يَوْم التَّرويَة فتبيت بهَا
(2/359)
لَيْلَة عَرَفَة وَتصلي بهَا الْغَدَاة
يَوْم عَرَفَة ثمَّ تَغْدُو إِلَى عَرَفَات فتنزل بهَا مَعَ النَّاس فَإِن
صليت الظّهْر وَالْعصر مَعَ الإِمَام فَحسن وَإِن صليتهما فِي مَنْزِلك فصل
كل وَاحِدَة مِنْهُمَا لوَقْتهَا فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد لَا بَأْس بإن يُصَلِّيهمَا الْحَاج فِي منزله كَمَا
يُصَلِّيهمَا مَعَ الإِمَام فِي وَقت وَاحِد لِأَن الْعَصْر إِنَّمَا قدمت
من أجل الْوَقْت
(2/360)
بلغنَا ذَلِك عَن عَائِشَة وَابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُم فَإِذا صلى الْعَصْر رَاح
(2/363)
إِلَى الْموقف فَوقف بِهِ فَحَمدَ الله
تَعَالَى وَهَلل وَكبر ولبى وَصلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ودعا الله تَعَالَى بحاجته فَإِذا غربت
(2/364)
الشَّمْس دفع على هينته حَتَّى يَأْتِي
الْمزْدَلِفَة فَيصَلي بهَا الْمغرب وَالْعشَاء الْآخِرَة بِأَذَان وَاحِد
وأقامة وَاحِدَة ثمَّ يبيت بهَا فَإِذا انْشَقَّ الْفجْر صلى الْفجْر ووقف
مَعَ النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَهَلل وَكبر ولبى وَصلى على
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعا الله بحاجته فَإِذا أَسْفر دفع قبل
أَن تطلع الشَّمْس حَتَّى يَأْتِي منى فَيَأْتِي جَمْرَة الْعقبَة فيرميها
من بطن الْوَادي بِسبع حَصَيَات مثل حَصى الْخذف وَيكبر مَعَ كل حَصَاة
وَيقطع التَّلْبِيَة عِنْد أول حَصَاة يرْمى بهَا جَمْرَة الْعقبَة وَلَا
يرْمى يَوْمئِذٍ
(2/367)
من الْجمار شَيْئا غَيرهَا وَلَا يقوم
عِنْدهَا حَتَّى يَأْتِي منزله فيحلق أَو يقصر والمحلق أفضل ثمَّ قد حل
لَهُ كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء
(2/368)
ثمَّ يزور الْبَيْت من يَوْمه ذَلِك إِن
اسْتَطَاعَ أَو من الْغَد أَو من بعد الْغَد وَلَا يُؤَخِّرهُ إِلَى بعد
ذَلِك فيطوف بِهِ أسبوعا وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قد حل لَهُ النِّسَاء
ثمَّ يرجع إِلَى منى فَإِذا كَانَ الْغَد من يَوْم النَّحْر رمى
(2/371)
الْجمار الثَّلَاث حِين تَزُول الشَّمْس
يبْدَأ بِالَّتِي تلِي الْمَسْجِد فيرميها بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل
حَصَاة ثمَّ يَأْتِي الْمقَام الَّذِي يقوم فِيهِ النَّاس فَيقوم فِيهِ
فيحمد الله ويثني عَلَيْهِ ويهلل وَيكبر وَيُصلي على النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو بحاجته ثمَّ يَأْتِي الْجَمْرَة الْوُسْطَى
فيرميها بِسبع حَصَيَات
(2/372)
كَذَلِك ثمَّ يقوم حَيْثُ يقوم النَّاس
فيصنع فِي قِيَامه كَمَا صنع فِي الأول ثمَّ يَأْتِي جَمْرَة الْعقبَة
فيرميها فِي بطن الْوَادي بِسبع حَصَيَات وَيكبر مَعَ كل حَصَاة وَلَا
يُقيم عِنْدهَا فَإِذا كَانَ من الْغَد رمى
(2/373)
الْجمار الثَّلَاث حِين تَزُول الشَّمْس
كَذَلِك ثمَّ ينفر إِن أحب من يَوْمه وَإِن أَقَامَ إِلَى الْغَد فعل كَمَا
فعل بالْأَمْس ثمَّ ينفر وَقد كَانَ يكره لَهُ إِذا نفر أَن يقدم ثقله ثمَّ
يَأْتِي الأبطح فَينزل بِهِ سَاعَة وَيَطوف
(2/374)
طواف الصَّدْر وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ
يرجع إِلَى أَهله فَإِن كَانَ الَّذِي أَتَى مَكَّة لطواف الزِّيَارَة بَات
بهَا أَو أَقَامَ بهَا فَنَامَ مُتَعَمدا أَو فِي الطَّرِيق فقد أَسَاءَ
وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
(2/375)
- بَاب الْقرَان
-
من أَرَادَ الْقرَان فعل مثل ذَلِك غير أَنه يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي
(2/376)
أُرِيد الْعمرَة وَالْحج ويلبي بهما يَقُول
لبيْك بِعُمْرَة وَحجَّة مَعًا وَإِن شَاءَ اكْتفى بِالنِّيَّةِ وَيبدأ
إِذا دخل مَكَّة بِطواف الْعمرَة بِالْبَيْتِ وسعيها بَين الصَّفَا والمروة
نَحْو مَا وصفناه فِي الْحَج ثمَّ يطوف لِلْحَجِّ بِالْبَيْتِ وَيسْعَى
لَهُ بَين الصَّفَا والمروة وَإِذا رمى جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر
ذبح هدي الْقرَان وتجزيه الشَّاة وَالْبَقر أفضل من الشَّاة وَالْجَزُور
أفضل من الْبَقَرَة وَلَو كَانَ سَاق هَدْيه مَعَه كَانَ أفضل من ذَلِك
كُله
(2/377)
ثمَّ يحلق أَو يقصر
وَإِذا طَاف الرجل بعد طواف الزِّيَارَة طَوافا يَنْوِي بِهِ التَّطَوُّع
أَو طواف الصَّدْر وَذَلِكَ بعد مَا حل النَّفر فَهُوَ طواف الصَّدْر
(2/378)
وَلَا بَأْس بِأَن يُقيم بعد ذَلِك مَا
شَاءَ ثمَّ يخرج وَلَكِن أفضل ذَلِك أَن يكون طَوَافه حِين يخرج
وَأما الْعمرَة المفردة فَإِنَّهُ يتأهب لَهَا مثل مَا وصفناه فِي الْحَج
(2/379)
وَيَتَّقِي فِيهَا مَا يتقيه فِيهِ حِين
يقدم مَكَّة وَيدخل الْمَسْجِد فَيبْدَأ بِالْحجرِ الْأسود فيستلمه وَيَطوف
بِالْبَيْتِ وَيسْعَى بَين الصَّفَا والمروة كَذَلِك ثمَّ يحلق أَو يقصر
ثمَّ قد فرغ من عمرته وَحل لَهُ كل شَيْء وَيقطع التَّلْبِيَة فِي الْعمرَة
حِين يسْتَلم الْحجر الْأسود عِنْد أول شوط من الطّواف بِالْبَيْتِ
وَكَذَلِكَ إِن أَرَادَ التَّمَتُّع وَلم يسق هَديا وَيُقِيم بِمَكَّة بعد
الْفَرَاغ من الْعمرَة حَلَالا فَإِذا كَانَ يَوْم التَّرويَة وَأَرَادَ
الرواح إِلَى منى لبس الْإِزَار والرداء ولبى بِالْحَجِّ إِن شَاءَ من
الْمَسْجِد أَو من الأبطح أَو من أَي الْحرم شَاءَ وَإِن شَاءَ من أحرم
بِالْحَجِّ قبل يَوْم التَّرويَة وَمَا تقدم بإحرامه بِالْحَجِّ فَهُوَ
أفضل وَيروح مَعَ النَّاس إِلَى منى فيبيت بهَا لَيْلَة
(2/380)
عَرَفَة ثمَّ يَغْدُو إِلَى عَرَفَات
وَيعْمل مَا وصفناه فِي الْحَج الْمُفْرد غير أَنه إِذا طَاف للْعُمْرَة
فِي أشهر الْحَج فَعَلَيهِ هدي الْمُتْعَة يذبحه يَوْم النَّحْر بعد رمي
الْجَمْرَة ويحلق أَو يقصر ثمَّ يزور الْبَيْت فيطوف بِهِ أسبوعا يرمل فِي
الثَّلَاثَة الأول وَيَمْشي فِي الْأَرْبَعَة الْأَوَاخِر على هينته
وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ وَيسْعَى بَين الصَّفَا والمروة على مَا سبق الْوَصْف
بِهِ ثمَّ ينْصَرف إِلَى منى فَإِن سَاق هَديا لمتعته فعل فِي الْعمرَة مثل
مَا وصفناه وقلد هَدْيه إِذا أحرم فَإِن من السّنة أَن يُقَلّد الرجل
هَدْيه بعد مَا يحرم وَإِذا طَاف للْعُمْرَة وسعى أَقَامَ حَرَامًا
(2/381)
وَلم يقصر فَإِذا كَانَت عَشِيَّة
التَّرويَة أحرم بِالْحَجِّ وَإِن أحب أَن يقدم الْإِحْرَام وَيَطوف
بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة لحجته فعل وَإِن أحب أَن يُؤَخر ذَلِك إِلَى
يَوْم النَّحْر فعل وَكَذَلِكَ الْمُتَمَتّع الَّذِي لم يسق الْهدى مَعَه
فَإِن طَاف وسعى قبل أَن يروح إِلَى منى لم يرمل فِي طواف الزِّيَارَة
يَوْم النَّحْر وَلم يطف بَين الصَّفَا والمروة
(2/382)
وَإِن لم يكن فعله قبل أَن يروح إِلَى منى
رمل يَوْم النَّحْر فِي طَوَافه وَطَاف بَين الصَّفَا والمروة وَلَا يدع
الْحلق فِي جَمِيع ذَلِك ملبدا كَانَ أَو مضفرا أَو عاقصا
وَالْمَرْأَة بِمَنْزِلَة الرجل فِي جَمِيع مَا وصفناه غير أَنَّهَا تلبس
مَا بدا لَهَا من الدرْع والقميص والخمار والخف والقفازين وتغطي رَأسهَا
(2/383)
وَلَا تغطي وَجههَا وَلَا تلبس الْمَصْبُوغ
بورس أَو زعفران أَو عصفر إِلَّا أَن يكون قد غسل وَلَا حلق عَلَيْهَا
إِنَّمَا عَلَيْهَا التَّقْصِير وَلَا رمل عَلَيْهَا فِي الطّواف
بِالْبَيْتِ وَلَا سعى عَلَيْهَا بَين الصَّفَا والمروة وَلكنهَا تمشى مشيا
وتستر كل شَيْء مِنْهَا إِن أحبت إِلَّا الْوَجْه
(2/384)
وتسدل على وَجههَا إِن أَرَادَت ذَلِك
وتجافي عَن وَجههَا
- بَاب الطّواف
-
ذكر حَدِيث صبي بن معبد أَنه قرن فَطَافَ طوافين وسعى سعيين فَذكر ذَلِك
لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ هديت لسنة نبيك
(2/385)
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه طَاف لَهما طوافين وسعى لَهما سعيين
وَعَن عَليّ أَنه كَانَ يطوف طوافين
(2/390)
وَيسْعَى سعيين
(2/391)
وَالطّواف الَّذِي يطوفه الْقَارِن لحجته
بعد طواف الْعمرَة لَيْسَ بِوَاجِب وَإِنَّمَا الطّواف الْوَاجِب فِي
الْحَج طواف الزِّيَارَة يَوْم النَّحْر وَطواف الصَّدْر أَيْضا أحب إِلَّا
على الْحيض
إِذا قدم الْقَارِن مَكَّة فَلم يطف حَتَّى وقف بِعَرَفَة أَو طَاف
للْعُمْرَة ثَلَاثَة أَشْوَاط فَقَط كَانَ رافضا لعمرته وَعَلِيهِ دم
لرفضها وقضاؤها وَقد سقط عَنهُ دم الْقرَان قَالَ مُحَمَّد لَا يكون رافضا
لعمرته حَتَّى يقف بِعَرَفَة بعد الزَّوَال وَإِن كَانَ طَاف أَرْبَعَة
أَشْوَاط لعمرته لم يصر
(2/392)
رافضا لَهَا بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَة وأتمها
يَوْم النَّحْر وَهُوَ قَارن فَإِن لم يطف لعمرته حِين قدم مَكَّة وَلكنه
طَاف وسعى لحجته ثمَّ وقف بِعَرَفَة لم يكن رافضا لعمرته وَكَانَ طَوَافه
وسعيه للْعُمْرَة دون الْحجَّة وَهَذَا رجل لم يطف لحجته فَعَلَيهِ أَن
يرمل فِي طواف يَوْم النَّحْر وَيسْعَى بَين الصَّفَا والمروة وَإِن طَاف
وسعى لِلْحَجِّ ثمَّ طَاف وسعى للْعُمْرَة لم يكن يلْزمه شَيْء وَلم تكن
نِيَّته فِي ذَلِك شَيْئا وَكَانَ الأول عَن الْعمرَة وَالثَّانِي عَن
الْحَج فَإِن طَاف طوافين لَهما ثمَّ سعى سعيين فقد أَسَاءَ وَلَا شَيْء
عَلَيْهِ فَإِن كَانَ طافهما على غير وضوء ثمَّ سعى يَوْم النَّحْر
فَعَلَيهِ دم من أجل طَوَافه للْعُمْرَة على غير وضوء
ويرمل فِي طواف الْحَج يَوْم النَّحْر وَيسْعَى بَين الصَّفَا والمروة
اسْتِحْسَانًا وَإِن لم يفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد لَيْسَ
عَلَيْهِ أَن يُعِيد الطّواف وَإِن أعَاد فَهُوَ أفضل وَالدَّم عَلَيْهِ
على كل حَال وَإِن طافهما جنبا فَعَلَيهِ دم لطواف الْعمرَة وَيُعِيد
السَّعْي لِلْحَجِّ فَإِن لم يعد
(2/393)
فَعَلَيهِ دم وَالْقِيَاس فِي الْجنب
وَالَّذِي على غير وضوء سَوَاء إِلَّا أَن الْجنب أشدهما حَالا وَالْحَائِض
كالجنب فِي هَذَا
مُفْرد أَو قَارن طَاف طواف الزِّيَارَة على غير وضوء وَلم يطف طواف
الصَّدْر حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهله كَانَ عَلَيْهِ دمان أَحدهمَا لطوافا
على غير وضوء وَالْآخر لترك طواف الصَّدْر فَإِن كَانَ قد طَاف للصدر سقط
عَنهُ الدَّم من أَجله وَإِن كَانَ طَاف للزيارة جنبا وَلم يطف للصدر
حَتَّى رَجَعَ إِلَى أَهله فَإِنَّهُ يعود إِلَى مَكَّة باحرام جَدِيد
فيطوف طواف الزِّيَارَة ويريق لتأخيره دَمًا وَيَطوف طواف الصَّدْر وَإِن
(2/394)
لم يرجع فَعَلَيهِ بَدَنَة لطواف
الزِّيَارَة وشَاة لترك طواف الصَّدْر وعَلى الْحَائِض مثل ذَلِك للزيارة
وَلَيْسَ عَلَيْهَا لطواف الصَّدْر شَيْء وَإِن كَانَ طَاف للزيارة جنبا
وَطَاف للصدر طَاهِرا فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق كَانَ طواف الصَّدْر
مَكَان طواف الزِّيَارَة وَقد أَخّرهُ فَعَلَيهِ دم لتأخيره وَصَارَ
كَأَنَّهُ لم يطف للصدر فَعَلَيهِ لتَركه دم وَإِن كَانَت امْرَأَة حَائِض
(2/395)
فطافت يَوْم النَّحْر حَائِضًا ثمَّ طهرت
من الْغَد وطافت للصدر فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق كَانَ طواف الصَّدْر
للزيارة وَعَلَيْهَا لتأخيره دم وَعَلَيْهَا دم لترك طواف الصَّدْر وَهَذَا
قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَيْسَ عَلَيْهَا لتأخير
طواف الزِّيَارَة شَيْء
وَإِن طَاف الْأَقَل من طواف الزِّيَارَة طَاهِرا وَلم يطف للصدر وَرجع
إِلَى أَهله فَعَلَيهِ أَن يعود الْإِحْرَام الأول وَيَقْضِي بَقِيَّة
الزِّيَارَة ويريق لتأخيره دَمًا وَيَطوف للصدر وَإِن كَانَ طَاف
الْأَكْثَر مِنْهُ أجزاه أَن لَا يعود وَيبْعَث بشاتين إحدهما لما بَقِي
مِنْهُ وَالْأُخْرَى للصدر
(2/396)
وَإِن كَانَ طَاف الْأَقَل مِنْهُ وَطَاف
للصدر فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق فَإِنَّهُ يكمل طواف الزِّيَارَة من
طواف الصَّدْر وَعَلِيهِ فِي قَول أبي حنيفَة لتأخير ذَلِك دم لِأَنَّهُ
أَكْثَره وَعَلِيهِ لتَركه من طواف الصَّدْر أَيْضا دم
وَإِن كَانَ الْمَتْرُوك من طواف الزِّيَارَة أَقَله أكمل ذَلِك من طواف
الصَّدْر وَلم يكن عَلَيْهِ لوَاحِد مِنْهُمَا دم وَلَكِن عَلَيْهِ
الصَّدَقَة
قَالَ أَبُو الْفضل وَجُمْلَته أَن عَلَيْهِ فِي ترك الْأَقَل من طواف
(2/397)
الزِّيَارَة دَمًا وَفِي تَأْخِير أَقَله
صَدَقَة وَفِي ترك الْأَكْثَر من طواف الصَّدْر دم وَفِي ترك أَقَله
صَدَقَة وَفِي طواف الصَّدْر جنبا دم وَفِي طَوَافه على غير وضوء صَدَقَة
وَسوى فِي رِوَايَة أبي حَفْص بَينه وَبَين الْجنب فِي ذَلِك وَفِي طواف
الزِّيَارَة جنبا إِعَادَة أَو بَدَنَة وَفِي طَوَافه على غير وضوء شَاة
وَفِي طَوَافه منكوسا أَو مَحْمُولا أَو طواف أَكْثَره
(2/398)
كَذَلِك بِغَيْر عذر الْإِعَادَة إِن كَانَ
هُنَاكَ وشَاة إِن كَانَ قد رَجَعَ وَكَذَلِكَ طَوَافه بَين الصَّفَا
والمروة مَحْمُولا أَو رَاكِبًا
وَإِذا طَاف الْمُعْتَمِر أَرْبَعَة أَشْوَاط من طواف الْعمرَة فِي أشهر
الْحَج ثمَّ حج من عَامه فَهُوَ متمتع وَإِن كَانَ طَاف الْأَكْثَر مِنْهُ
فِي شهر رَمَضَان لم يكن مُتَمَتِّعا
وَلَو جَامع الْمُعْتَمِر بعد مَا طَاف الْأَكْثَر من طَوَافه لم تفْسد
عمرته وَمضى فِيهَا وَعَلِيهِ دم وَإِن جَامع بعد مَا طَاف ثَلَاثَة
أَشْوَاط مِنْهُ فَسدتْ عمرته وَمضى فِيهَا وَعَلِيهِ دم للجماع وَعمرَة
مَكَانهَا وَإِن كَانَ طَاف للْعُمْرَة فِي شهر رَمَضَان جنبا أَو على غير
وضوء لم يكن مُتَمَتِّعا إِن أَعَادَهُ فِي شَوَّال أَو لم يعده
كوفى اعْتَمر فِي أشهر الْحَج فَطَافَ لعمرته ثَلَاثَة أَشْوَاط وَفرغ
مِمَّا بَقِي عَلَيْهِ مِنْهَا وَحل وَرجع إِلَى أَهله ثمَّ ذكر ذَلِك
فَرجع إِلَى مَكَّة فَقضى مَا بَقِي عَلَيْهِ من عمرته من طواف الْبَيْت
والصفا والمروة وَحل وَحج من عَامه فَهُوَ متمتع وَإِن كَانَ طَاف
أَرْبَعَة أَشْوَاط لم يكن مُتَمَتِّعا
(2/399)
وَترك الرمل فِي طواف الْحَج وَالْعمْرَة
وَالسَّعْي فِي بطن الْوَادي بَين الصَّفَا والمروة لَا يُوجب شَيْئا غير
أَنه فِيهِ مسيء إِذا كَانَ لغير عذر وَكَذَلِكَ ترك استلام الْحجر
وَإِذا طَاف الطّواف الْوَاجِب فِي الْحَج أَو الْعمرَة فِي جَوف الْحطيم
قضى مَا ترك مِنْهُ إِن كَانَ بِمَكَّة وَإِن كَانَ قد رَجَعَ إِلَى أَهله
فَعَلَيهِ دم
(2/400)
قَارن طَاف لعمرته ثَلَاثَة أَشْوَاط وسعى
بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ طَاف لحجته كَذَلِك ثمَّ وقف بِعَرَفَة فَإِن
الأشواط الَّتِي قَضَاهَا لِلْحَجِّ محسوبة من طواف الْعمرَة وَيَقْضِي
شوطا وَاحِدًا من طواف الْعمرَة وَيُعِيد طواف الصَّفَا والمروة لعمرته
ولحجته وَهُوَ قَارن وَإِن رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة قبل أَن يفعل ذَلِك
فَعَلَيهِ دم لترك ذَلِك الشوط وَدم لترك السَّعْي فِي الْحَج قَالَ
وَقَوله فِي هَذَا الْجَواب لعمرته غير سديد إِلَّا أَن يُرِيد بِهِ
الِاسْتِحْبَاب وَيكرهُ لَهُ أَن يجمع بَين أسبوعين من الطّواف قبل أَن
يُصَلِّي فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس
(2/401)
بذلك إِذا انْصَرف على وتر ثَلَاثَة أسابيع
أَو خَمْسَة أَو نَحْو ذَلِك وَإِذا طَاف قبل طُلُوع الشَّمْس لم يصل
حَتَّى تطلع الشَّمْس وترتفع وَكَذَلِكَ إِن طَاف بعد الْعَصْر لم يصل
حَتَّى يُصَلِّي الْمغرب وَلَا يجْزِيه الْمَكْتُوبَة من رَكْعَتي الطّواف
وَيكرهُ لَهُ أَن ينشد الشّعْر فِي طَوَافه أَو يتحدث أَو يَبِيع أَو
يَشْتَرِي وَإِن فعله لم يفْسد عَلَيْهِ طَوَافه وَيكرهُ لَهُ أَن يرفع
صَوته بِقِرَاءَة الْقُرْآن فِيهِ وَلَا بَأْس بقرَاءَته فِي نَفسه وَإِن
طافت الْمَرْأَة مَعَ الرجل
(2/402)
لم تفْسد عَلَيْهِ طَوَافه
وَإِذا خرج الطَّائِف من طَوَافه لصَلَاة مَكْتُوبَة أَو جَنَازَة أَو
تَجْدِيد وضوء ثمَّ عَاد بنى على طَوَافه وَإِن أخر الطَّائِف ركعتيه
حَتَّى خرج من مَكَّة لم يضرّهُ بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ أَنه طَاف قبل طُلُوع الشَّمْس ثمَّ خرج حَتَّى إِذا كَانَ بِذِي طوى
وَارْتَفَعت الشَّمْس صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ رَكْعَتَانِ مَكَان
رَكْعَتَيْنِ قَالَ وَالصَّلَاة لأهل
(2/403)
مَكَّة أحب إِلَى وللغرباء الطّواف
(2/404)
رجل طَاف أسبوعا وشوطا أَو شوطين من
أُسْبُوع آخر ثمَّ ذكر أَنه لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يجمع بَين أسبوعين
قَالَ يتم الْأُسْبُوع الَّذِي دخل فِيهِ وَعَلِيهِ لكل أُسْبُوع
رَكْعَتَانِ
وَلَا بَأْس بِأَن يطوف وَعَلِيهِ خفاه أَو نعلاه إِذا كَانَا طاهرين وَإِن
كَانَ عَلَيْهِ ثوب فِيهِ دم أَو بَوْل أَكثر من قدر الدِّرْهَم كرهت لَهُ
ذَلِك وَلم يكن عَلَيْهِ شَيْء
واستلام الرُّكْن الْيَمَانِيّ حسن وَتَركه لَا يضرّهُ وَإِذا رمل فِي
(2/405)
طَوَافه كُله لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَإِن
مَشى فِي الشوط الأول ثمَّ ذكر ذَلِك لم يرمل إِلَّا فِي شوطين وَكَذَلِكَ
إِن مَشى فِي الثَّلَاثَة الأول ثمَّ ذكر لم يرمل فِيمَا بَقِي
وَإِن جعل لله عَلَيْهِ أَن يطوف زحفا فَطَافَ كَذَلِك أَعَادَهُ إِن كَانَ
بِمَكَّة وأراق لذَلِك دَمًا إِن كَانَ قد رَجَعَ إِلَى أَهله وَإِن
(2/406)
طَاف بِالْبَيْتِ من وَرَاء زَمْزَم أَو
قَرِيبا من ظلة الْمَسْجِد أجزاه وَإِن طَاف من وَرَاء الْمَسْجِد فَكَانَت
حيطانه بَينه وَبَين الْكَعْبَة لم يجزه وَعَلِيهِ أَن يُعِيدهُ فَالله
أعلم
- بَاب السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة
-
وَإِذا سعى بَين الصَّفَا والمروة فَرمَلَ فِي سَعْيه كُله من الصَّفَا
إِلَى الْمَرْوَة وَمن الْمَرْوَة إِلَى الصَّفَا فقد أَسَاءَ وَلَا شَيْء
عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن مشي فِي جَمِيع ذَلِك أجزاه وَإِن بَدَأَ بالمروة
وَختم بالصفا حَتَّى فرغ أعَاد شوطا وَاحِدًا لِأَن الَّذِي بَدَأَ فِيهِ
بالمروة ثمَّ أقبل مِنْهَا إِلَى الصَّفَا لَا يعْتد بِهِ وَإِن ترك
السَّعْي فِيمَا بَين الصَّفَا والمروة رَأْسا فِي حج أَو عمْرَة فَعَلَيهِ
دم وَكَذَلِكَ إِن ترك مِنْهُ أَرْبَعَة أَشْوَاط وَإِن ترك ثَلَاثَة
أَشْوَاط أطْعم لكل شوط مِسْكينا نصف صَاع من حِنْطَة إِلَّا أَن يبلغ
ذَلِك دَمًا فيطعم حِينَئِذٍ مِنْهُ
(2/407)
مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ إِن فعله رَاكِبًا
وَيجوز سعي الْجنب وَالْحَائِض إِذا كَانَا قد طافا على الطَّهَارَة
وَلَا يجوز السَّعْي قبل الطّواف وَيجوز بعد أَن يطوف الْأَكْثَر من
الطّواف وَيكرهُ لَهُ ترك الصعُود على الصَّفَا والمروة فِي السَّعْي
بَينهمَا وَلَا يلْزمه بِتَرْكِهِ شَيْء وَإِن سعى بعد مَا حل من حجَّته
وواقع النِّسَاء أجزاه وَإِن أَخّرهُ حَتَّى مَضَت أَيَّام النَّحْر
فَعَلَيهِ دم إِن كَانَ رَجَعَ إِلَى أَهله وَالدَّم أحب إِلَى من
الرُّجُوع وَإِن رَجَعَ رَجَعَ بِإِحْرَام جَدِيد فَإِن كَانَ بِمَكَّة سعى
وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَلَا يَنْبَغِي لَهُ فِي الْعمرَة أَن يحل حَتَّى يسْعَى بَين الصَّفَا
والمروة لِأَن الْأَثر جَاءَ فِيهَا أَنه إِذا طَاف وسعى وَحلق أَو قصر حل
وَجَاء فِي الْحَج
(2/408)
أَنه إِذا رمى جَمْرَة الْعقبَة وَحلق أَو
قصر حل لَهُ كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء فَإِذا طَاف بِالْبَيْتِ حل لَهُ
النِّسَاء وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَاجِب فِي الْحَج وَالْعمْرَة
- بَاب الْخُرُوج إِلَى منى
-
وَيسْتَحب للْحَاج أَن يُصَلِّي الظّهْر يَوْم التَّرويَة بمنى وَيُقِيم
بهَا إِلَى صَبِيحَة يَوْم عَرَفَة وَإِن صلى الظّهْر بِمَكَّة لم يضرّهُ
وَإِن بَات بِمَكَّة لَيْلَة عَرَفَة وَصلى بهَا الْفجْر ثمَّ غَدا مِنْهَا
إِلَى عَرَفَات وَمر بمنى أجزاه وَقد أَسَاءَ
وَينزل حَيْثُ أحب من عَرَفَات ويصعد الإِمَام الْمِنْبَر وَيُؤذن
(2/409)
الْمُؤَذّن وَهُوَ عَلَيْهِ فَإِذا فرغ
قَامَ الإِمَام خطب فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ولبى وَهَلل وَكبر وَصلى
على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوعظ النَّاس وَأمرهمْ ونهاهم ثمَّ
دَعَا الله تَعَالَى بحاجته ثمَّ ينزل وَيُقِيم الْمُؤَذّن فَيصَلي
الإِمَام الظّهْر فَإِذا سلم مِنْهَا قَامَ الْمُؤَذّن فَأَقَامَ للعصر
ثمَّ يُصَلِّي الإِمَام الْعَصْر بِالنَّاسِ وَيكرهُ للْإِمَام أَن
يتَطَوَّع بَينهمَا فَإِن أدْركهُ رجل فِي الْعَصْر وَقد صلى الظّهْر فِي
منزله لم يجزه الْعَصْر فِي قَول أبي حنيفَة
(2/410)
وَكَذَلِكَ إِن صلى مَعَ الإِمَام الظّهْر
ثمَّ صلى الْعَصْر وَحده فَإِن أدْرك مَعَ الإِمَام شَيْئا من الْعَصْر
أجزاه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يجْزِيه إِن صلاهما مَعَ الإِمَام
أَو وَحده وَإِن كَانَ الإِمَام سبقه الْحَدث فِي الظّهْر فاستخلف رجلا
مِنْهُم فَإِنَّهُ يُصَلِّي بهم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا فَإِن فرغ من
الْعَصْر قبل أَن يرجع الإِمَام فَإِن الإِمَام لَا يُصَلِّي الْعَصْر مَا
لم يدْخل وَقتهَا فِي قَول أبي حنيفَة وَلَيْسَ فِي هَاتين الصَّلَاتَيْنِ
جهر فَإِن خطب قبل الزَّوَال أَو ترك الْخطْبَة وَصلى الصَّلَاتَيْنِ بعد
الزَّوَال جَازَ وَقد أَسَاءَ فَإِن كَانَ يَوْم غيم فاستبان أَنه صلى
الظّهْر قبل الزَّوَال وَصلى الْعَصْر بعده فَالْقِيَاس أَن يُعِيد الظّهْر
وَحدهَا وَلَكِنِّي أستحسن أَن يُعِيد الْخطْبَة والصلاتين جَمِيعًا
(2/411)
وَإِن أحدث الإِمَام بعد الْخطْبَة قبل أَن
يدْخل فِي الصَّلَاة فَأمر رجلا قد شهد الْخطْبَة أَو لم يشهدها أَن
يُصَلِّي بهم أجزاه وَإِن تقدم رجل من النَّاس بِغَيْر أَمر الإِمَام فصلى
بهم الصَّلَاتَيْنِ لم يجزهم فِي قَول أبي حنيفَة
وَلَا جُمُعَة بِعَرَفَة وَإِن نفر النَّاس عَن الإِمَام فصلى وَحده
(2/412)
الصَّلَاتَيْنِ أجزاه وَإِن مَاتَ الإِمَام
فَإِن صلى بهم خَلِيفَته أَو ذُو سُلْطَان أجزاهم وَإِن لم يكن فيهم ذُو
سُلْطَان صلوا كل وَاحِدَة لوَقْتهَا فِي قَول أبي حنيفَة
وَمن وقف بِعَرَفَة قبل زَوَال الشَّمْس لم يجزه وَمن وقف بعد زَوَال
الشَّمْس أَو لَيْلَة النَّحْر قبل انْشِقَاق الْفجْر أَو مر بهَا مارا
وَهُوَ يعرفهَا أَو لَا يعرفهَا أجزاه بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أدْرك عَرَفَة بلَيْل فقد أدْرك الْحَج وَمن
فَاتَهُ عَرَفَة فقد فَاتَهُ الْحَج وَمن وقف بهَا بعد الزَّوَال ثمَّ
أَفَاضَ من سَاعَته أَو أَفَاضَ قبل
(2/413)
غرُوب الشَّمْس أَو صلى بهَا
الصَّلَاتَيْنِ وَلم يقف وأفاض أجزاه وَعَلِيهِ دم فَإِن رَجَعَ ووقف بهَا
بعد مَا غَابَتْ الشَّمْس لم يسْقط عَنهُ الدَّم
(2/414)
وَإِذا وقف هُنَاكَ الْمغمى عَلَيْهِ أجزاه
ووقوف الْحَائِض وَالْجنب وَمن قد صلى الصَّلَاتَيْنِ وَمن لم يصل جَائِز
(2/415)
وَإِذا توجه الْقَارِن إِلَى عَرَفَات ليقف
بهَا قبل أَن يطوف لعمرته خوفًا من فَوت الْحَج ثمَّ طمع أَن لَا يفوتهُ
فَرجع وَطَاف وسعى لعمرته ثمَّ ذهب فَوقف أجزته عمرته اسْتِحْسَانًا
وَفِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة قَالَ فِي قَول أبي حنيفَة هُوَ رافض
للْعُمْرَة حِين توجه إِلَى عَرَفَة وَفِي الْجَامِع الصَّغِير ان أَبَا
حنيفَة قَالَ لَا يكون رافضا حَتَّى يقف
وَإِذا وقف الْقَارِن بِعَرَفَة قبل أَن يطوف للْعُمْرَة فَهُوَ رافض لَهَا
إِن نوى الرَّفْض أَو لم ينْو
(2/416)
وَإِذا جَامع الْقَارِن بِعَرَفَة قبل
زَوَال الشَّمْس وَقد طَاف لعمرته قَالَ عَلَيْهِ دمان ويفرغ من عمرته
وحجته وَعَلِيهِ قَضَاء الْحَج وَإِن كَانَ وَاقع بعد الزَّوَال أَو وَاقع
يَوْم النَّحْر قبل أَن يَرْمِي الْجَمْرَة أَو بعْدهَا فَهُوَ سَوَاء
وَعَلِيهِ جزور لِلْحَجِّ وشَاة للْعُمْرَة وَعَلِيهِ دم الْقرَان وَلم
تفْسد حجَّته وعمرته وروى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ
إِذا جَامع بعد مَا يقف بِعَرَفَة فَعَلَيهِ جزور وحجته تَامَّة وَكَذَلِكَ
لَو جَامع بعد مَا حل قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ وَمن جَامع لَيْلَة عَرَفَة
قبل أَن يَأْتِي عَرَفَات
(2/417)
فسد حجه وَعَلِيهِ شَاة وَيَأْتِي عَرَفَات
فيقف بهَا ويفرغ من حجه وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَإِذا وقف الْقَارِن
بِعَرَفَة وَلم يطف للْعُمْرَة ثمَّ جَامع فَعَلَيهِ جزور للجماع ويفرغ من
حجه وَعَلِيهِ دم لرفض الْعمرَة وقضاؤها بعد أَيَّام التَّشْرِيق
(2/418)
وَمن دخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام فخاف
الْفَوْت إِن رَجَعَ إِلَى الْمِيقَات فَأحْرم ووقف بِعَرَفَة أجزاه
وَعَلِيهِ دم لترك الْوَقْت
وَإِذا وقف الْحَاج بِعَرَفَة ثمَّ أهل وَهُوَ وَاقِف بِحجَّة أُخْرَى
فَإِنَّهُ يرفضها وَعَلِيهِ دم لرفضها وَحجَّة وَعمرَة مَكَانهَا ويمضي فِي
الَّتِي هُوَ فِيهَا وَإِن أهل بِعُمْرَة رفضها أَيْضا وَعَلِيهِ دم لرفضها
وَعمرَة مَكَانهَا ويمضي فِي الْحجَّة الَّتِي هُوَ فِيهَا وَكَذَلِكَ لَو
كَانَ أهل بِالْحَجِّ لَيْلَة الْمزْدَلِفَة بِالْمُزْدَلِفَةِ فَهُوَ
أَيْضا رافض سَاعَة أهل وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أهل بِعُمْرَة لَيْلَة
الْمزْدَلِفَة فَهُوَ أَيْضا رافض فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
(2/419)
وَيجمع الإِمَام بَين صَلَاة الْمغرب
وَالْعشَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ بِأَذَان وَإِقَامَة
(2/420)
فان تطوع بَينهمَا أَقَامَ للعشاء إِقَامَة
أُخْرَى فَإِن صلى رجل الْمغرب بِعَرَفَات حِين غربت الشَّمْس أَو صلاهَا
قبل أَن يبلغ الْمزْدَلِفَة قبل أَن يغيب الشَّفق أَو بعد مَا غَابَ قَالَ
عَلَيْهِ أَن يُعِيدهَا فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو
يُوسُف لَا يُعِيدهَا
(2/421)
ويغلس بِصَلَاة الْفجْر بِالْمُزْدَلِفَةِ
حِين ينشق لَهُ الْفجْر ثمَّ يقف حَتَّى إِذا اسفر دفع قبل طُلُوع الشَّمْس
والمزدلفة كلهَا موقف إِلَّا محسر وعرفة كلهَا موقف إِلَّا بطن عُرَنَة
وَأحب إِلَى أَن يكون وُقُوفه بِالْمُزْدَلِفَةِ عِنْد الْجَبَل الَّذِي
يُقَال لَهُ
(2/422)
قزَح من وَرَاء الإِمَام وَأحب لَهُ أَن
يكون موقفه بِعَرَفَة أَيْضا من وَرَاء الإِمَام فَإِذا أَفَاضَ من جمع دفع
على هينته كَمَا يفِيض من عَرَفَات وَمن تعجل من الْمزْدَلِفَة بلَيْل لغير
عذر فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ لعذر مرض أَو غَيره أَو كَانَت امْرَأَة
فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أَفَاضَ مِنْهَا بعد طُلُوع الْفجْر قبل أَن
يُصَلِّي النَّاس الْفجْر فقد أَسَاءَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو
مر بهَا مارا بعد الْفجْر من غير أَن يبيت بِاللَّيْلِ بهَا لم يكن
عَلَيْهِ شَيْء وَكَذَلِكَ إِن كَانَ بهَا نَائِما أَو مغمى عَلَيْهِ وَلم
يقف مَعَ النَّاس حَتَّى أفاضوا
(2/423)
- بَاب رمي الْجمار
-
وَيبدأ إِذا وافى منى برمي جَمْرَة الْعقبَة ثمَّ بِالذبْحِ إِن كَانَ
قَارنا أَو مُتَمَتِّعا ثمَّ بِالْحلقِ وَإِذا لم يرم جَمْرَة الْعقبَة
يَوْم النَّحْر حَتَّى جَاءَ اللَّيْل رَمَاهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن للرعاء فِي الرَّمْي لَيْلًا
وَإِن لم يرمها حَتَّى يصبح من الْغَد رَمَاهَا وَعَلِيهِ دم فِي قَول أبي
حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يرميها وَلَا دم عَلَيْهِ
وَإِن ترك مِنْهَا حَصَاة أَو حصاتين إِلَى الْغَد رمى مَا ترك وَتصدق لكل
حَصَاة بِنصْف صَاع حِنْطَة على مِسْكين إِلَّا أَن يبلغ دَمًا فَيتَصَدَّق
بِمَا شَاءَ وَإِن كَانَ ترك الْأَكْثَر مِنْهَا فَعَلَيهِ دم فِي قَول أبي
حنيفَة وَإِن ترك رمى إِحْدَى الْجمار فِي الْيَوْم الثَّانِي فَعَلَيهِ
صَدَقَة لِأَنَّهُ أقلهَا حَتَّى يتْرك الْأَكْثَر من النّصْف وَإِن ترك
الرَّمْي كُله فِي سَائِر الْأَيَّام إِلَى آخر
(2/424)
أَيَّام الرَّمْي رَمَاهَا على التَّأْلِيف
وَعَلِيهِ دم فِي قَول أبي حنيفَة وَلَا دم عَلَيْهِ فِي قَول أبي يُوسُف
وَمُحَمّد وَإِن تَركهَا حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس من آخر أَيَّام الرَّمْي
سقط عَنهُ الرَّمْي وَعَلِيهِ دم وَاحِد فِي قَوْلهم جَمِيعًا
فان بَدَأَ فِي الْيَوْم الثَّانِي بجمرة الْعقبَة فَرَمَاهَا ثمَّ بالوسطى
ثمَّ بِالَّتِي تلِي الْمَسْجِد ثمَّ ذكر ذَلِك من يَوْمه قَالَ يُعِيد على
الْجَمْرَة الْوُسْطَى وجمرة الْعقبَة وَإِن رمى كل جَمْرَة بِثَلَاث
حَصَيَات ثمَّ ذكر ذَلِك قَالَ يبْدَأ فَيرمى الأولى بِأَرْبَع حَصَيَات
ثمَّ يُعِيد على الْوُسْطَى بِسبع حَصَيَات وَكَذَلِكَ على الثَّالِثَة
وَإِن رمى كل وَاحِدَة بِأَرْبَع أَربع قَالَ يَرْمِي كل وَاحِدَة بِثَلَاث
ثَلَاث وَإِن اسْتقْبل رميها فَهُوَ أفضل وَإِن رمى
(2/425)
جَمْرَة الْعقبَة من فَوق الْعقبَة أَو لم
يكبر مَعَ كل حَصَاة أَو جعل مَكَان التَّكْبِير تسبيحا أجزاه وَكَذَلِكَ
إِن رَمَاهَا بحجارة أَو بطين يَابِس وكل شَيْء رَمَاهَا بِهِ من الأَرْض
فَإِن رمى إِحْدَى الْجمار بِسبع حَصَيَات جَمِيعًا قَالَ هَذِه وَاحِدَة
يرميها الْآن بِسِتَّة وَإِن رَمَاهَا بِأَكْثَرَ من سبع حَصَيَات
(2/426)
لم تضره تِلْكَ الزِّيَادَة وَإِن نقص
حَصَاة لَا يدْرِي من أيتهن نَقصهَا أعَاد على كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ
حَصَاة حَصَاة وَإِن قَامَ عِنْد الْجَمْرَة وَوضع الْحَصَاة عِنْدهَا وضعا
لم يجزه وَإِن طرحها طرحا أجزاه وَقد أَسَاءَ وَإِن رَمَاهَا من بعيد فَلم
تقع الْحَصَاة عِنْد الْجَمْرَة وَلَا قَرِيبا مِنْهَا لم تجزه وَإِن وَقعت
قَرِيبا مِنْهَا أجزاه وَقد أَسَاءَ فَإِن رَمَاهَا بحصى أَخذهَا من عِنْد
الْجَمْرَة أجزاه وَقد أَسَاءَ وَإِن لم يقم عِنْد الْجَمْرَتَيْن
(2/427)
اللَّتَيْنِ يقوم النَّاس عِنْدهمَا لم
يلْزمه شَيْء وَإِن كَانَ أَيَّام منى بِمَكَّة غير أَنه كَانَ يَأْتِي منى
فَيَرْمِي الْجمار قَالَ قد أَسَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَإِذا رمى
جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر بعد طُلُوع الْفجْر قبل طُلُوع الشَّمْس
أجزاه بلغنَا ذَلِك عَن عَطاء وَإِن رَمَاهَا يَوْم الثَّانِي قبل
الزَّوَال
(2/428)
لم يجزه وَكَذَلِكَ الْيَوْم الثَّالِث
وَأما الْيَوْم الرَّابِع فَإِنَّهُ يَجْزِي رميها فِيهِ قبل الزَّوَال
اسْتِحْسَانًا فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا
يجْزِيه وَهُوَ وَمَا قبله سَوَاء وَأحب إِلَى أَن يَرْمِي الْجمار بِمثل
حَصى الْخذف وَإِن رمى بأكبر من ذَلِك أجزاه
وَلَيْسَ فِي الْقيام عِنْد الْجَمْرَتَيْن دُعَاء موقت وَيرْفَع يَدَيْهِ
عِنْدهمَا حذاء مَنْكِبَيْه وَالرجل وَالْمَرْأَة فِي رمي الْجمار سَوَاء
وَإِن رَمَاهَا رَاكِبًا أجزاه وَالْمَرِيض الَّذِي لَا يَسْتَطِيع رمى
الْجمار يوضع الْحَصَى فِي كَفه حَتَّى يَرْمِي بِهِ وَإِن رمى عَنهُ أجزاه
وَكَذَلِكَ الْمغمى عَلَيْهِ وَالصَّبِيّ الَّذِي يحجّ بِهِ أَبوهُ يقْضِي
الْمَنَاسِك وَيَرْمِي الْجمار وَإِن تَركه لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون يحرم عَنهُ أَبوهُ
(2/429)
- بَاب الْحلق
-
وَالْحلق أفضل من التَّقْصِير وَالتَّقْصِير يَجْزِي وَإِن قصر أقل من
النّصْف أجزاه وَهُوَ مسيء وروى عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه
سُئِلَ كم تقصر الْمَرْأَة فَقَالَ مثل هَذِه يَعْنِي مثل الْأُنْمُلَة
فَإِن قصرت ذَلِك الْمِقْدَار من أحد جَانِبي رَأسهَا وَذَلِكَ يبلغ
النّصْف أَو دونه أجزاها
وَإِذا جَاءَ يَوْم النَّحْر وَلَيْسَ على رَأسه شعر أمره الموسى على رَأسه
وَإِن حلق رَأسه بالنورة أجزاه والموسى أحب إِلَيّ
(2/430)
وأكره لَهُ أَن يُؤَخر الْحلق حَتَّى تذْهب
أَيَّام النَّحْر فَإِن أَخّرهُ فَعَلَيهِ دم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ وأكره لَهُ أَن يُؤَخِّرهُ فِي
حج أَو عمْرَة حَتَّى يخرج من الْحرم فَإِن فعله وَخلق فِي غير الْحرم
فَعَلَيهِ دم ويجزيه فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف
لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أخر الْحلق فِي الْعمرَة شهرا غير أَنه مُقيم
بِمَكَّة لم يحل حَتَّى يحلق فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَلَيْسَ على الْمحصر حلق إِذا حل وَإِن حلق أَو قصر فَحسن وَهَذَا قَول
أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أرى عَلَيْهِ أَن يحلق فَإِن لم
يفعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَلَيْسَ على الْحَاج إِذا قصر أَن يَأْخُذ شَيْئا من لحيته أَو أَظْفَاره
أَو شَاربه أَو يتنور وَإِن فعل لم يضرّهُ
(2/431)
وَإِن حلق الْمحرم رَأس حَلَال تصدق
بِشَيْء وَإِن حلق رَأس محرم بأَمْره أَو بِغَيْر أمره فعلى المحلوق دم
وعَلى الحالق صَدَقَة وَكَذَلِكَ إِن أكرهه على ذَلِك وَكَذَلِكَ الْجَواب
فِي قصّ الْأَظْفَار
وَإِذا أَخذ الْمحرم من شَاربه أَو من رَأسه شَيْئا أَو لمس لحيته فانتثر
مِنْهَا شعر قَالَ عَلَيْهِ فِي كل ذَلِك صَدَقَة فَإِن أَخذ ثلث رَأسه أَو
ثلث لحيته فَعَلَيهِ دم وَإِن نتف إبطَيْهِ أَو أَحدهمَا أَو أطلى بنورة
(2/432)
فَعَلَيهِ دم وَإِن حلق مَوضِع الْحجامَة
فَعَلَيهِ دم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهِ
صَدَقَة وَإِن حلق الرَّقَبَة كلهَا فَعَلَيهِ دم فِي قَوْلهم جَمِيعًا
وعَلى الْقَارِن فِي كل ذَلِك كفارتان
وَإِذا أصَاب الْمحرم أَذَى فِي رَأسه فحلق قبل يَوْم النَّحْر فَعَلَيهِ
مَا قَالَ الله جلّ ذكره {ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك}
وَالصِّيَام ثَلَاثَة أَيَّام وَالصَّدَََقَة ثَلَاثَة أصوع من حِنْطَة
يتَصَدَّق بهَا على سِتَّة مَسَاكِين والنسك شَاة وَكَذَلِكَ كل مَا اضْطر
إِلَيْهِ مِمَّا لَو فعله غير مُضْطَر كَانَ عَلَيْهِ دم فَإِذا فعله
مُضْطَرّا فَعَلَيهِ أَي هَذِه الْكَفَّارَات شَاءَ يكفر فِي أَي بلد شَاءَ
إِلَّا النّسك فَإِنَّهُ لَا يَجْزِي إِلَّا بِمَكَّة وَإِذا فعله غير
مُضْطَر فَعَلَيهِ دم لَا يجْزِيه غَيره
(2/433)
وكل دم وَجب عَلَيْهِ فِي شَيْء من أَمر
الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّهُ لَا يجْزِيه ذبحه إِلَّا بِمَكَّة أَو حَيْثُ
شَاءَ من الْحرم وَإِذا ذبحه بهَا ثمَّ سرق لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَإِن
سرق قبل الذّبْح فَعَلَيهِ بدله
ويجزيه ذبح مَا وَجب عَلَيْهِ من الدِّمَاء قبل يَوْم النَّحْر وَبعده
بِمَكَّة مَا خلا دم الْقرَان وَدم الْمُتْعَة فَإِنَّهُ لَا يجْزِيه ذبح
هذَيْن الدمين قبل يَوْم النَّحْر وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو
يُوسُف وَمُحَمّد يجْزِيه وَكَذَلِكَ هدي الْمحصر بِالْحَجِّ لَا يَجْزِي
ذبحه قبل يَوْم النَّحْر فَأَما مَا سوى ذَلِك من التَّطَوُّع وَغَيره
فيجزيه أَن يذبحه قبل يَوْم النَّحْر وذبحه يَوْم النَّحْر أفضل وَلَا
يَأْكُل من شَيْء من الْهَدْي إِلَّا من هدي الْمُتْعَة وَالْقرَان والتطوع
وَالْأُضْحِيَّة فَإِنَّهُ يَأْكُل الثُّلثَيْنِ مِنْهَا وَيتَصَدَّق
بِالثُّلثِ وَإِن أكلهَا كلهَا لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَينْتَفع بجلود
هَذِه الْأَرْبَع وَلَا ينْتَفع
(2/434)
بجلود غَيرهَا
وَلَا يعْطى الجزار مِنْهَا وَلَا من غَيرهَا شَيْئا وَلَا يَنْبَغِي لَهُ
أَن يَبِيع شَيْئا من لُحُوم الْهَدَايَا فَإِن فعل فَعَلَيهِ قِيمَته
يتَصَدَّق بهَا وَإِذا لم يبْق على الْمحرم غير التَّقْصِير فَبَدَأَ بقص
أَظْفَاره أَو أَخذ من لحيته أَو شَاربه شَيْئا فَعَلَيهِ كَفَّارَة ذَلِك
لِأَنَّهُ محرم مَا لم يقصر أَو يحلق
- بَاب كَفَّارَة قصّ الْأَظْفَار
-
وَإِذا أَخذ الْمحرم أظفار يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فَعَلَيهِ دم وَإِن قصّ من
أَظْفَاره وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ فَعَلَيهِ لكل ظفر صَدَقَة نصف صَاع
حِنْطَة إِلَّا أَن يبلغ ذَلِك دَمًا فيطعم مِنْهُ مَا شَاءَ وَإِن كَانَ
قَارنا ضوعف عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَإِن قصّ ثَلَاثَة أظافير فَعَلَيهِ دم
اسْتِحْسَانًا فِي قَول أبي حنيفَة الأول ثمَّ رَجَعَ عَنهُ وَقَالَ لَا
أرى عَلَيْهِ دَمًا حَتَّى يقص أظافير يَد كَامِلَة أَو رجل كَامِلَة
وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِلَّا أَن مُحَمَّدًا قَالَ إِذا قصّ
(2/435)
خَمْسَة أظافير مُتَفَرِّقَة من يدين أَو
رجلَيْنِ أَو يَد وَرجل فَعَلَيهِ دم وَإِذا انْكَسَرَ ظفر الْمحرم
فَانْقَطع مِنْهُ شظية فقلعه لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَإِذا قصّ أظافير
إِحْدَى يَدَيْهِ وَلم يكفر حَتَّى قصّ أظافير الْيَد الْأُخْرَى أَو الرجل
الْأُخْرَى فَإِن كَانَ ذَلِك فِي مجْلِس وَاحِد فَعَلَيهِ دم وَاحِد وَإِن
كَانَ فِي مجلسين فَعَلَيهِ دمان فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ
مُحَمَّد عَلَيْهِ دم وَاحِد مَا لم يكفر وَكَذَلِكَ الحكم فِي الْجِمَاع
مرّة بعد أُخْرَى مَعَ امْرَأَة وَاحِدَة أَو مَعَ نسْوَة وَإِذا أَصَابَهُ
الْأَذَى فِي أَظْفَاره حَتَّى قصها فَعَلَيهِ أَي الْكَفَّارَات الثَّلَاث
شَاءَ
(2/436)
- بَاب جَزَاء الصَّيْد
-
محرم دلّ محرما أَو حَلَالا على صيد فَقتله قَالَ على الدَّال جَزَاؤُهُ
بلغنَا ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِن كَانَ الدَّال
حَلَالا فِي الْحرم لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
(2/437)
وَإِذا اشْترك رَهْط محرمون فِي قتل صيد
فعلى كل وَاحِد مِنْهُم جَزَاء كَامِل وَإِن كَانَ فيهم قَارن فَعَلَيهِ
جَزَاؤُهُ مرَّتَيْنِ
وَإِن كَانَ قتل حلالان صيدا فِي الْحرم بضربة وَاحِدَة فعلى كل وَاحِد
مِنْهُمَا نصف الْجَزَاء
وَإِذا قتل الْمحرم صيدا حكم عَلَيْهِ عَدْلَانِ بِقِيمَتِه فِي الْموضع
الَّذِي
(2/438)
أَصَابَهُ فِيهِ ثمَّ يكون الْقَاتِل
بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ كفر بِالْهَدْي وَإِن شَاءَ بِالطَّعَامِ وَإِن
شَاءَ بالصيام فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف بلغنَا ذَلِك عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّد الْخِيَار إِلَى
الْحكمَيْنِ
(2/439)
فِيمَا يوجبانه فَإِن حكما بِهِ هَديا نظر
إِلَى نَظِيره من النعم الَّذِي يُشبههُ فِي المنظر وَلَا ينظر إِلَى
قِيمَته فَيكون فِي الظبي شَاة وَفِي الأرنب عنَاق أَو جدي وَمَا لم يكن
لَهُ نَظِير من النعم مثل الْحَمَامَة وَنَحْوهَا فَعَلَيهِ الْقيمَة وَإِن
حكم الحكمان بِالطَّعَامِ أَو الصّيام فعل كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة
وَقَالَ ابْن أبي ليلى عَلَيْهِ فِي الْحَمَامَة قيمَة شَاة وَفِي
الْبَيْضَة دِرْهَم
وَإِذا رمى الْحَلَال صيدا من الْحل فِي الْحرم أَو من الْحرم فِي الْحل
فَقتله فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ وَكَذَلِكَ إرْسَال الْكَلْب
وَلَا يحل أكل مَا ذبحه الْمحرم من الصَّيْد فَإِن أدّى الْمحرم جزاءه
(2/441)
ثمَّ أكل مِنْهُ فَعَلَيهِ قيمَة مَا أكل
مِنْهُ فِي قَول أبي حنيفَة وَإِن كَانَ قَتله غَيره لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
فِيمَا أكل وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ فِي أكله
أَيْضا ويستغفر الله تَعَالَى
وَإِذا أصَاب الْحَلَال صيدا فِي الْحل فذبحه فَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُلهُ
الْمحرم
محرم كسر بَيْضَة صيد قَالَ عَلَيْهِ قيمتهَا فَإِن كَانَ فِيهَا فرخ ميت
فَعَلَيهِ قيمَة الفرخ حَيا آخذ لَهُ بالثقة وَكَذَلِكَ إِن ضرب بطن ظَبْي
فطرحت جَنِينا مَيتا ثمَّ مَاتَت فَعَلَيهِ جزاؤهما جَمِيعًا آخذ فِيهِ
بالثقة
(2/442)
وَإِذا عطب الصَّيْد بفسطاط الْمحرم أَو
بحفيرة حفرهَا للْمَاء أَو فزع مِنْهُ الصَّيْد فَاشْتَدَّ فتكسر فَلَا
شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ هُوَ أفزعه أَو حركه فَهُوَ ضَامِن لَهُ
محرم اصطاد صيدا فَأرْسلهُ محرم آخر من يَده قَالَ لَا شَيْء عَلَيْهِ
وَإِن قَتله فِي يَده فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا جَزَاؤُهُ وعَلى الْقَاتِل
قِيمَته للَّذي كَانَ فِي يَده
رجل احرم وَفِي يَده صيد قَالَ عَلَيْهِ أَن يُرْسِلهُ فَإِن أرْسلهُ من
يَده إِنْسَان قَالَ عَلَيْهِ قِيمَته للَّذي كَانَ فِي يَده فِي قَول أبي
حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا شَيْء عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا
وَإِن أرْسلهُ الَّذِي كَانَ فِي يَده ثمَّ حل فَوَجَدَهُ فِي يَد رجل آخر
أَخذه مِنْهُ وَكَانَ أَحَق بِهِ وَإِن كَانَ صَاده فِي إِحْرَامه ثمَّ
أرْسلهُ فَالَّذِي فِي يَده
(2/443)
أَحَق بِهِ
محرم قتل سبعا قَالَ إِن كَانَ السَّبع ابتدأه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
(2/444)
وَإِن كَانَ هُوَ ابْتَدَأَ السَّبع
فَعَلَيهِ قِيمَته لَا يُجَاوز بِهِ دَمًا وَالسِّبَاع كلهَا فِي ذَلِك
سَوَاء مَا خلا الْكَلْب وَالذِّئْب فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فيهمَا
شَيْء وَإِن ابتدأهما لِأَنَّهُ بَلغنِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم قَالَ يقتل الْمحرم الفارة والغراب والحدأة وَالْعَقْرَب والحية
وَالْكَلب الْعَقُور
(2/445)
وَإِن قتل الْقَارِن السَّبع ابْتِدَاء
فَعَلَيهِ قيمتان لَا يُجَاوز بهما دمين وكل ذِي نَاب من السبَاع وَذي مخلب
من الطير مِمَّا لم يَأْتِ فِيهِ أثر إِن ابتدأه محرم فَقتله فَعَلَيهِ
قِيمَته لَا يُجَاوز بِهِ دَمًا وَإِن ابتدأه السَّبع أَو ذُو مخلب من
الطير فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَفِي اليربوع والأرنب قيمتهمَا
(2/446)
وَإِذا بلغت قيمَة الْمَقْتُول حملا أَو
عنَاقًا لم يجزه الْحمل والعناق فِي الْهَدْي مَا لم تبلغ قيمَة
الْمَقْتُول ثمن جذع عَظِيم من الضَّأْن أَو ثنى من غَيرهَا فَعَلَيهِ
الصَّدَقَة أَو الصّيام وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد وَابْن أبي ليلى يجزى ذَلِك فِي جَزَاء الصَّيْد للآثار الَّتِي
جَاءَت وَلِأَن الرجل قد يُسمى الثَّوْب وَالدَّرَاهِم هَديا أَلا ترى أَنه
لَو قَالَ لله على أَن أهْدى هَذِه الدَّرَاهِم كَانَ عَلَيْهِ أَن يفعل
ولان الْهَدْي قد يكون عنَاقًا وجديا وفصيلا أَلا ترى أَنه لَو أهْدى
نَاقَة فنتجت كَانَ وَلَدهَا هَديا مَعهَا ينْحَر وَلَو كَانَ غير هدي
لتصدق بِهِ وَلم ينْحَر
(2/447)
محرم رمى صيدا فجرحه ثمَّ كفر عَنهُ ثمَّ
رَآهُ بعد ذَلِك فَقتله قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَة أُخْرَى وَلَو لم يكفر
عَنهُ فِي الأولى لم يضرّهُ وَلم يكن عَلَيْهِ فِيهَا شَيْء إِذا كفر فِي
هَذِه الْأَخِيرَة إِلَّا مَا نقصته الْجراحَة الأولى
محرم جرح صيدا ثمَّ كفر عَنهُ قبل أَن يَمُوت ثمَّ مَاتَ أجزته
(2/448)
الْكَفَّارَة الَّتِي أَدَّاهَا
وَإِذا أحرم الرجل وَله فِي منزله صيد لم يكن عَلَيْهِ إرْسَاله إِنَّمَا
يُرْسل مَا يكون فِي يَدَيْهِ
وللمحرم أَن يذبح الشَّاة والدجاجة والبط الَّذِي يكون عِنْد النَّاس وكل
مَا لَيْسَ بصيد وَالْحمام أَصله صيد فَلَا يَنْبَغِي للْمحرمِ أَن يذبح
شَيْئا مِنْهُ
وَالَّذِي يرخص فِيهِ للْمحرمِ من صيد الْبَحْر هُوَ السّمك خَاصَّة وَلَا
يرخص لَهُ فِي طير الْبَحْر لِأَنَّهُ لَيْسَ من صيد الْبَحْر لِأَنَّهُ
مِمَّا يعِيش فِي الْبر
محرم صَاد ظَبْيَة فَولدت عِنْده قبل أَن يحل أَو بعد مَا حل ثمَّ ذَبحهَا
وَوَلدهَا فِي الْحل أَو فِي الْحَرَام فَعَلَيهِ جزاؤها جَمِيعًا
(2/449)
وأكره للْمحرمِ أَن يَشْتَرِي الصَّيْد
وأنهاه عَنهُ فَإِن اشْترى محرم من محرم أَو حَلَال صيدا أَمرته أَن يخلي
سَبيله فَإِن عطب فِي يَده فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ وعَلى البَائِع أَيْضا
جَزَاؤُهُ إِن كَانَ محرما
وَإِذا صَاد الْمحرم صيدا فحبسه عِنْده حَتَّى مَاتَ فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ
وَإِن كَانَ لم يقْتله
محرم أَو حَلَال أخرج صيدا من الْحرم قَالَ يُؤمر برده إِلَى الْحرم
وإرساله فِيهِ فَإِن أرْسلهُ فِي الْحل فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ
وكل شَيْء صنعه الْمحرم بالصيد مِمَّا يتلفه أَو يعرضه للتلف فَعَلَيهِ
جَزَاؤُهُ إِلَّا أَن يُحِيط علمه بِأَنَّهُ قد سلم مِنْهُ
(2/450)
وَلَا يَنْبَغِي للْحَلَال أَن يعين
الْمحرم على ذبح الصَّيْد لِأَنَّهُ مَعْصِيّة وَلَا يَشْتَرِيهِ مِنْهُ
وَإِن أَعَانَهُ على شَيْء من ذَلِك لم يكن على الْحَلَال فِيهِ إِلَّا
الاسْتِغْفَار وَسَوَاء أصَاب الْمحرم الصَّيْد بعمد أَو خطأ وَكَانَ ذَلِك
أول مَا أَصَابَهُ أَو قد أصَاب قبله وَعَلِيهِ الْجَزَاء فِي جَمِيع ذَلِك
(2/451)
وَإِذا قتل الْحَلَال الصَّيْد فِي
الْحَرَام فَعَلَيهِ قِيمَته وَله أَن يهدي بهَا وَأَن يطعم وَلَا يجْزِيه
الصَّوْم
وَمن دخل الْحرم بصيد فَعَلَيهِ أَن يُرْسِلهُ فَإِن بَاعه رد البيع فِيهِ
إِن كَانَ قَائِما وَإِن كَانَ فائتا فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ وَكَذَلِكَ بيع
الْمحرم للصَّيْد من محرم أَو حَلَال فَاسد
رجل أَدخل الْحرم بازيا أَو صقرا فَعَلَيهِ إرْسَاله فَإِن أرْسلهُ فَجعل
يقتل حمام الْحرم لم يكن عَلَيْهِ من ذَلِك شَيْء وَلَا خير فِيمَا يترخص
فِيهِ أهل مَكَّة من الحجل واليعاقيب وَلَا يدْخل شَيْء مِنْهُ الْحرم حَيا
وَإِذا رمى صيدا بعض قوائمه فِي الْحل وَبَعضهَا فِي الْحرم فَعَلَيهِ
جَزَاؤُهُ وأكره أكله فَإِن كَانَ الرَّامِي فِي الْحل وَالصَّيْد فِي
الْحل إِلَّا أَن بَينهمَا قِطْعَة من الْحرم فَمر فِيهَا السهْم قَالَ لَا
شَيْء عَلَيْهِ وَلَا بَأْس بِأَكْلِهِ
(2/452)
وَإِذا رمى الصَّيْد فِي الْحل فَيُصِيبهُ
السهْم فَيدْخل الْحرم فَيَمُوت فِيهِ قَالَ أستحسن ترك أكله وَلَا جَزَاء
فِيهِ
وَإِذا ذبح الْهَدْي فِي جَزَاء الصَّيْد بِالْكُوفَةِ وَتصدق بِهِ أجزاه
من الطَّعَام إِذا أصَاب كل مِسْكين قيمَة نصف صَاع وَلم يجزه من الْهَدْي
وَإِن أكل من جَزَاء الصَّيْد فَعَلَيهِ قيمَة مَا أكل فَإِن أكله كُله بعد
مَا ذبحه بِمَكَّة فَعَلَيهِ قِيمَته مذبوحا يتَصَدَّق بِهِ إِن شَاءَ على
مِسْكين وَاحِد وَإِن شَاءَ على مَسَاكِين وَأما إِذا حكم عَلَيْهِ بجزاء
الصَّيْد
(2/453)
طَعَاما فَلَا يعْطى كل مِسْكين أَكثر من
نصف صَاع فَإِن أعْطى كل مِسْكين نصف صَاع ففضل مِنْهُ مد تصدق بِهِ على
مِسْكين فَإِن حكم عَلَيْهِ بالصيام صَامَ مَكَان نصف صَاع يَوْمًا فَإِن
فضل مد تصدق بِهِ إِن شَاءَ وَإِن شَاءَ صَامَ لَهُ يَوْمًا وَله أَن يفرق
الصَّوْم فِي جَزَاء الصَّيْد
محرم قتل جَرَادَة قَالَ بلغنَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ
تَمْرَة خير من جَرَادَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي قتل البعوض والذباب والنملة
(2/454)
والحلمة والقرد شَيْء وأكره لَهُ قتل
القملة وَمَا تصدق بِهِ فَهُوَ خير مِنْهَا
بيض صيد شواه محرم وَأدّى جزاءه فَلَا بَأْس على الْحَلَال أَو الْمحرم أَن
يَأْكُلهُ وَجَزَاء الْبيض الْقيمَة بلغنَا عَن عمر وَعبد الله بن مَسْعُود
أَنَّهُمَا قَالَا فِيهِ الْقيمَة
(2/455)
محرم أصَاب صيدا كثيرا على وَجه
الْإِحْلَال والرفض لإحرامه قَالَ عَلَيْهِ لذَلِك كُله دم وَاحِد وَلَو
أصَاب صيدا وَهُوَ حرَام ثمَّ أصَاب آخر وَهُوَ على نِيَّته فِي
الْإِحْرَام فَعَلَيهِ جَزَاء لكل وَاحِد مِنْهُمَا علا حِدة
وَلَا يتَصَدَّق من جَزَاء الصَّيْد على وَلَده ونوافله وَلَا على
أَبَوَيْهِ وأجداده وَإِن أعْطى مِنْهُ ذِمِّيا أجزاه وفقراء الْمُسلمين
أحب إِلَى وَإِذا بلغ جَزَاء الصَّيْد جزورا فَهُوَ أحب إِلَى من أَن
يَشْتَرِي بِقِيمَتِه أغناما وَإِن اشْترى أغناما فذبحها وَتصدق بهَا أجزاه
وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن
(2/456)
يعرف بالجزور فِي جَزَاء الصَّيْد وَلَا
أَن يقلده وَإِن فعل لم يضرّهُ وَكَذَلِكَ هدي الْإِحْصَار وَالْكَفَّارَات
وَإِذا رمى الصَّيْد وَهُوَ حَلَال ثمَّ أحرم فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَإِن رمى طائرا على غُصْن شَجَرَة أَصْلهَا فِي الْحل أَو فِي الْحرم لم
ينظر إِلَى أَصْلهَا وَنظر إِلَى مَوضِع الطَّائِر فَإِن كَانَ ذَلِك
الْغُصْن فِي الْحل فَلَا جَزَاء عَلَيْهِ فِيهِ وَإِن كَانَ فِي الْحَرَام
فَفِيهِ الْجَزَاء وَأما فِي قطع الْغُصْن فَينْظر إِلَى أصل الشَّجَرَة
فَإِن كَانَ فِي الْحل فَلهُ أَن يقطعهُ وَإِن كَانَ فِي الْحرم
(2/457)
فَلَيْسَ لَهُ أَن يقطع الْغُصْن
وَلَا يقطع من شجر الْحرم مَا نبت بِنَفسِهِ مِمَّا لَا ينبته النَّاس
فَإِن قطعه رجل حَلَال أَو محرم أَو قَارن فَعَلَيهِ قِيمَته وَأما مَا
أَنْبَتَهُ إِنْسَان مِمَّا ينْبت بِنَفسِهِ أَو مِمَّا ينبته النَّاس أَو
ينْبت بِنَفسِهِ مِمَّا ينبته النَّاس فَلَا بَأْس بِقطعِهِ
(2/458)
وَإِن قطع رجلَانِ شَجَرَة من الْحرم
مِمَّا لَا يقطع فعلَيْهِمَا قيمَة وَاحِدَة وَلَا يجوز فِيهَا الصّيام
إِنَّمَا يهدي أَو يطعم لكل مِسْكين نصف صَاع حِنْطَة بِقِيمَتِهَا
بَالِغَة مَا بلغت وَلَا أحب لَهُ أَن ينْتَفع بِتِلْكَ الشَّجَرَة الَّتِي
غرم قيمتهَا وَإِن انْتفع بهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن غرسها
فَنَبَتَتْ فَلهُ أَن يقطعهَا ويصنع بهَا مَا شَاءَ وَمَا تكسر من شجر
الْحرم ويبس حَتَّى سقط فَلَا بَأْس بِالِانْتِفَاعِ بِهِ
وَلَا يرْعَى حشيش الْحرم وَلَا يقطع إِلَّا الْإِذْخر فَإِنَّهُ بلغنَا
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص فِيهِ وَهَذَا قَول أبي
حنيفَة
(2/459)
وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا بَأْس
بِأَن يرْعَى الْحَشِيش وَلَا يحتش وَقَالَ ابْن أبي ليلى يحتش ويرعى
(2/460)
وَإِذا قتل الْمحرم البازى الْمعلم
فَعَلَيهِ فِي الْكَفَّارَة قِيمَته غير معلم
(2/461)
- بَاب الْمحصر
-
وَيبْعَث الْمحصر بِالْحَجِّ بِثمن هدي يَشْتَرِي لَهُ بِمَكَّة فَيذْبَح
عَنهُ يَوْم النَّحْر وَيحل وَعَلِيهِ عمْرَة وَحجَّة فَإِذا بعث بِهِ
فَإِن شَاءَ أَقَامَ مَكَانَهُ وَإِن شَاءَ رَجَعَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن
يقصر وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن قصر فَحسن
والمحصر بِالْعُمْرَةِ يواعدهم يَوْمًا يذبح فِيهِ الْهَدْي عَنهُ فَإِذا
ذبح
(2/462)
حل وَعَلِيهِ عمْرَة مَكَانهَا والقارن
يبْعَث بهديين فَإِذا ذبحا وَحل فَعَلَيهِ عمرتان وَحجَّة يَقْضِيهَا بقران
أَو إِفْرَاد كَمَا يَشَاء
وَإِذا بعث الْمحصر بِالْهَدْي ثمَّ قدر على الذّهاب وَإِدْرَاك الْهَدْي
قبل أَن يذبح لم يَسعهُ أَن يُقيم وَلم يحل بِالْهَدْي إِن أَقَامَ وَإِن
لم يقدر على إِدْرَاكه أجزاه استسحانا
والإحصار بِالْمرضِ والعدو سَوَاء وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة تحرم بِالْحَجِّ
وَلَيْسَ لَهَا محرم وَيخرج مَعهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْمحصر وَكَذَلِكَ
إِن أهلت بِحجَّة سوى حجَّة الْإِسْلَام فَمنعهَا زَوجهَا وحللها فعلَيْهَا
هدي وَعمرَة وَحجَّة وتحليلة لَهَا أَن يَنْهَاهَا ويصنع بهَا أدنى مَا
يحرم عَلَيْهَا فِي الْإِحْرَام من قصر ظفر أَو غَيره وَلَا يكون
التَّحْلِيل بِالنَّهْي وَلَا بقوله قد حللتك وَكَذَلِكَ الْمَمْلُوك يهل
بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ
(2/463)
وَإِذا بعث الْمحصر بِالْحَجِّ بهديين حل
بأولهما وَإِن حل الْمحصر قبل أَن ينْحَر عَنهُ هَدْيه فَعَلَيهِ دم
لإحلاله وَيعود حَرَامًا كَمَا كَانَ حَتَّى ينْحَر عَنهُ هَدْيه فَإِن
كَانَ الْمحصر مُعسرا لم يحل أبدا إِلَّا بِدَم
وكل شَيْء صنعه الْحصْر قبل أَن يحل فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمحرم الَّذِي
لَيْسَ بمحصر
وَإِذا قدر الْمحصر على الذّهاب إِلَى مَكَّة فَمضى وَأدْركَ هَديا صنع
بِهِ مَا شَاءَ
(2/464)
وَإِذا ذبح عَن الْمحصر هَدْيه فِي غير
الْحرم لم يجزه فَإِن حل فِي مَوْضِعه ثمَّ علم بذلك قَالَ يعود حَرَامًا
وَعَلِيهِ لإحلاله وَيبْعَث بِدَم لإحصاره إِن كَانَ الْإِحْصَار بَاقِيا
ويجزيه لهدي الْإِحْصَار الْجذع الْعَظِيم من الضَّأْن والثنى من غَيرهَا
فَإِن أكل مِنْهُ الَّذِي هُوَ مَعَه بعد مَا ذبحه فَهُوَ ضَامِن لقيمة مَا
أكل وَيتَصَدَّق بِهِ
(2/467)
عَن الْمحصر فَإِن قدم مَكَّة فَطَافَ وسعى
لعمرته وحجته ثمَّ خرج إِلَى بعض الْآفَاق قبل أَن يقف بِعَرَفَة فأحصر
قَالَ يبْعَث بِهَدي يحل بِهِ وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة مَكَان حجَّته
وَلَيْسَ عمْرَة مَكَان عمرته لِأَنَّهُ قد فرغ مِنْهَا وَيقصر وَعَلِيهِ
دم لِأَنَّهُ قصر فِي غير مَكَّة وَإِذا وقف بِعَرَفَة ثمَّ أحْصر لم يكن
محصرا لِأَنَّهُ قد فرغ من حجَّته وَلَكِن يكون حَرَامًا حَتَّى يصل إِلَى
الْبَيْت فيطوف طواف الزِّيَارَة وَطواف الصَّدْر ويحلق أَو يقصر وَعَلِيهِ
لترك الْوُقُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ دم ولرمي الْجمار دم ولتأخير الْحلق دم
ولتأخير الطّواف دم فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
لَيْسَ عَلَيْهِ لتأخير الْحلق وَالطّواف شَيْء
وَإِذا قدم الْحَاج مَكَّة فأحصر بهَا لم يكن محصرا بهَا وَإِذا بعث
الْقَارِن
(2/468)
بهديين وَلم يبين أَيهمَا لِلْحَجِّ
وَأيهمَا للْعُمْرَة لم يضرّهُ
رجل أهل بعمرتين مَعًا فَسَار إِلَى مَكَّة ليقضيهما ثمَّ أحْصر قَالَ
يبْعَث بِهَدي وَاحِد يحل بِهِ من عمْرَة وَاحِدَة لِأَنَّهُ حَيْثُ سَار
صَار رافضا لإحداهما وَعَلِيهِ هدي لرفضها وَعَلِيهِ عمرتان وَإِن لم يكن
سَار وَلَا أَخذ فِي شَيْء من عملهما حَتَّى أحْصر قَالَ يبْعَث بهديين
لَهما فَإِذا نحرا عَنهُ حل وَكَانَت عَلَيْهِ عمرتان
(2/469)
رجل أهل بِشَيْء وَاحِد لَا يَنْوِي بِهِ
حجَّة وَلَا عمْرَة ثمَّ أحْصر قَالَ يبْعَث بِهَدي فَيحل بِهِ وَعَلِيهِ
عمْرَة اسْتِحْسَانًا وَلَو لم يحصر كَانَ لَهُ أَن يخْتَار إِن شَاءَ
عمْرَة وَإِن شَاءَ حجَّة مَا لم يطف بِالْبَيْتِ فَإِذا طَاف قبل أَن
يَنْوِي شَيْئا جعلته عمْرَة وَكَذَلِكَ لَو جَامع قبل أَن يَنْوِي شَيْئا
جعلته عمْرَة وَعَلِيهِ دم الْجِمَاع وَعمرَة وقضاؤها وَلَو أهل بِشَيْء
وَاحِد وَسَماهُ ثمَّ نَسيَه وأحصر بعث بِهَدي وَاحِد فَحل بِهِ وَعَلِيهِ
عمْرَة وَحجَّة وَكَذَلِكَ إِن لم يحصر وَوصل إِلَى الْبَيْت رَأَيْت لَهُ
أَن يَجعله عمْرَة وَحجَّة آخذ لَهُ فِي ذَلِك بالثقة وَيكون عَلَيْهِ مَا
يكون على الْقَارِن وَلَو جَامع قبل أَن يصل إِلَى الْبَيْت وَقبل أَن
يَنْوِي أَن تكون عمْرَة وَحجَّة فَعَلَيهِ هدي وَاحِد للجماع وَيجْعَل
إِحْرَامه لعمرة وَحجَّة وَلَو أهل بشيئين ثمَّ نسيهما ثمَّ أحْصر بعث
بهديين فَإِذا ذبحا عَنهُ وَحل كَانَت عَلَيْهِ عمرتان وَحجَّة أجعله
بِمَنْزِلَة
(2/470)
الْقَارِن وأضع أمره على مَا يهل بِهِ
النَّاس أستحسن ذَلِك وَكَانَ الْقيَاس أَن يكون عَلَيْهِ حجتان وعمرتان
وَإِن لم يحصر وَوصل إِلَى الْبَيْت جعل إِحْرَامه عمْرَة وَحجَّة وَعمل
مَا يعمله الْقَارِن وَكَانَ الْقيَاس أَن يقْضِي عمْرَة وَحجَّة مَعَ
النَّاس وَعَلِيهِ دم الْقرَان وَعَلِيهِ دم آخر وَعمرَة وَحجَّة فَإِن
كَانَ الَّذِي أهل بِهِ حجَّتَيْنِ فقد قضى إِحْدَاهمَا وَعَلِيهِ لرفض
الْأُخْرَى هَذَا الدَّم وَعَلِيهِ عمْرَة وَحجَّة مَكَانهَا وَإِن كَانَ
إهلاله بعمرتين فقد قضى إِحْدَاهمَا وَعَلِيهِ لرفض الْأُخْرَى ذَلِك
الدَّم وَعمرَة
- بَاب الْجِمَاع
-
وَإِذا جَامع الرجل امْرَأَته وهما مهلان بِالْحَجِّ قبل أَن يقفا
بِعَرَفَة فعلى كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاة ويمضيان فِي حجتهما وَعَلَيْهِمَا
الْحَج من قَابل
(2/471)
وَلَا يفترقان وَلَيْسَت الْفرْقَة بِشَيْء
فَإِن كَانَ قَارنا فَعَلَيهِ شَاتَان وَقَضَاء عمْرَة وَحجَّة إِن لم يكن
طَاف بِالْبَيْتِ وَقد سقط عَنهُ دم الْقرَان وَإِن كَانَ طَاف بِالْبَيْتِ
قبل الْجِمَاع فَكَذَلِك الْجَواب إِلَّا أَنه لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء
الْعمرَة وَإِن جَامع بعد مَا وقف بِعَرَفَة فَعَلَيهِ جزور وشَاة
وَإِذا جَامع الْحَاج بعد مَا وقف بِعَرَفَة فأهدى جزورا ثمَّ جَامع بعد
ذَلِك فَعَلَيهِ شَاة وَإِذا طَاف أَرْبَعَة أَشْوَاط من طواف الزِّيَارَة
(2/472)
وَقد قصر ثمَّ جَامع فَلَيْسَ عَلَيْهِ
شَيْء وَإِن لم يكن قصر فَعَلَيهِ دم
اللَّمْس والتقبيل من شَهْوَة وَالْجِمَاع فِيمَا دون الْفرج أنزل أَو لم
ينزل لَا يفْسد الْإِحْرَام وَلكنه يُوجب الدَّم وَالنَّظَر لَا يُوجب
شَيْئا وَإِن أنزل
وَحكم الْجِمَاع فِي الْحَج وَالْعمْرَة وَاحِد إِن كَانَ عَن نِسْيَان أَو
تعمد أَو فِي حَال نوم أَو بإكراه أَو بطوع إِلَّا فِي الْإِثْم
(2/473)
وَكَذَلِكَ الْحَلَال وَالْحرَام والبالغ
وَغير الْبَالِغ والعاقل وَالْمَعْتُوه كل ذَلِك يُفْسِدهُ
رجل أهل بِعُمْرَة وجامع فِيهَا ثمَّ أهل بِأُخْرَى يَنْوِي قضاءها قَالَ
هِيَ هِيَ وَعَلِيهِ دم للجماع ويفرغ مِنْهَا وَعَلِيهِ عمْرَة وَكَذَلِكَ
لَو كَانَت حجَّة فَإِن جَامع فِي الْعمرَة ثمَّ أضَاف إِلَيْهَا حجَّة لم
يكن قَارنا وَالْحجّة لَهُ لَازِمَة يقضيهما جَمِيعًا وَلَا يلْزمه دم
الْقرَان إِذا كَانَت إحدهما فَاسِدَة وَكَذَلِكَ يسْقط عَنهُ دم ترك
الْوَقْت إِذا أفسد مَا أحرم بِهِ
(2/474)
محرم بِعُمْرَة جَامع النِّسَاء ورفض
إِحْرَامه فَأَقَامَ حَلَالا يصنع مَا يصنع الْحَلَال فِي الْجِمَاع
وَالصَّيْد وَالطّيب وَغَيره قَالَ عَلَيْهِ أَن يعود حَرَامًا كَمَا كَانَ
ويمضي فِي عمرته وَعَلِيهِ دم وَاحِد لإحلاله وَلِجَمِيعِ مَا صنع فِيهِ من
جماع وَقتل صيد وَغير ذَلِك وَعَلِيهِ عمْرَة مَكَان عمرته
- بَاب الدّهن وَالطّيب
-
وَيكرهُ للْمحرمِ الادهان والتطيب فَإِن ادهن ببنفسج
(2/475)
أَو زنبق أَو غَيره من الدّهن فَأكْثر
فَعَلَيهِ دم وَإِن ادهن بِزَيْت غير مطبوخ فَعَلَيهِ دم فِي قَول أبي
حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهِ صَدَقَة وَإِن كَانَ زَيْت
قد طبخ وَجعل فِيهِ طيب فَعَلَيهِ دم وَإِن ادهن شقَاق رجله بِزَيْت أَو
بشحم أَو بِسمن لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
وَيكرهُ للْمحرمِ أَن يشم الريحان وَالطّيب وَإِن شمه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
(2/476)
فَإِن كَانَ دهن ادهن بِهِ قبل أَن يحرم
ثمَّ وجد رِيحه بعد مَا أحرم لم يضرّهُ وَكَذَلِكَ إِن أجمر ثِيَابه قبل
أَن يحرم ثمَّ لبسهَا بعد مَا أحرم
وَلَا بَأْس بِأَن يَأْكُل الطَّعَام الَّذِي قد صنع فِيهِ الزَّعْفَرَان
أَو الطّيب وَإِن أكل الزَّعْفَرَان من غير أَن يكون فِي الطَّعَام
فَعَلَيهِ الدَّم إِذا كَانَ كثيرا وَإِن كَانَ فِي طَعَام لم تمسه النَّار
مثل الْملح
(2/477)
فَلَا بَأْس بِهِ أَيْضا أَلا ترى أَنه
يَأْكُل الزَّيْت وَلَا يدهن بِهِ وَإِن مس طيبا فَإِن لزق بِهِ مِنْهُ
شَيْء تصدق بِصَدقَة وَإِن كَانَ لم يلزق بِهِ مِنْهُ شَيْء فَلَا شَيْء
عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون مَا لزق بِهِ كثيرا فَعَلَيهِ دم
وَإِذا اسْتَلم الرُّكْن فَأصَاب فَمه أَو يَده خلوف كثير فَعَلَيهِ دم
وَإِن كَانَ قَلِيلا فَعَلَيهِ طَعَام
وَلَا بَأْس بِأَن يكتحل الْمحرم بكحل لَيْسَ فِيهِ طيب فَإِن كَانَ فِيهِ
طيب فَعَلَيهِ صَدَقَة إِلَّا أَن يكون ذَلِك مرَارًا كَثِيرَة فَعَلَيهِ
دم وَإِن كَانَ من أَذَى فَعَلَيهِ أَي الْكَفَّارَات الثَّلَاث شَاءَ
وَكَذَلِكَ لَو تداوى بدواء فِيهِ طيب فالزقه على جرحه أَو شربه شربا وَإِن
داوى
(2/478)
قرحَة بدواء فِيهِ طيب ثمَّ خرجت بِهِ
قرحَة أُخْرَى وَالْأولَى على حَالهَا فداوى الثَّانِيَة مَعَ الأولى
فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا كَفَّارَة وَاحِدَة مَا لم تَبرأ الأولى
وللمحرم أَن يبط القرحة وَيجْبر الْكسر ويعصب عَلَيْهِ الْخرق وَينْزع ضرسه
إِذا اشْتَكَى ويحتجم ويغتسل وَيدخل الْحمام
فَإِن غسل رَأسه ولحيته بالخطمى قَالَ عَلَيْهِ دم فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهِ صَدَقَة لِأَن الخطمى لَيْسَ
بِطيب وَإِنَّمَا جعلنَا فِيهِ صَدَقَة لِأَنَّهُ يقتل الدَّوَابّ وَإِن
خضب رَأسه ولحيته بِالْحِنَّاءِ فَعَلَيهِ دم وَإِن خضبهما بالوسمة
فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِذا لم يكن يُغطي رَأسه
(2/479)
وَإِن خَافَ أَن يقتل الدَّوَابّ أطْعم
شَيْئا وَإِن خضبت الْمُحرمَة يَدهَا بِالْحِنَّاءِ فعلَيْهَا دم
وَقد قَالَ فِي بَاب قبل هَذَا فِي الطّيب إِذا كَانَ كثيرا فَاحِشا
فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ قَلِيلا فَعَلَيهِ صَدَقَة وَقَالَ مُحَمَّد يقوم
مَا يجب فِيهِ الدَّم فَينْظر إِلَى هَذَا الْقدر مِنْهُ فَيجْعَل من
الصَّدَقَة بِحِسَاب ذَلِك
- بَاب اللّبْس
-
وَلَا بَأْس بِأَن يلبس الْمحرم القباء وَيدخل فِيهِ مَنْكِبَيْه وَلَا
يدْخل
(2/480)
فِيهِ يَدَيْهِ وَلَا يزره عَلَيْهِ فَإِن
زره عَلَيْهِ يَوْمًا أَو أَكثر فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ أقل من يَوْم
فَعَلَيهِ صَدَقَة
وَلَا بَأْس بِأَن يلبس الْخَزّ والبرود وَمَا قد صبغ بلون الهروى إِذا لم
ينفض وَإِن لبس مصبوغا بالعصفر أَو بالورس أَو الزَّعْفَرَان مشبعا يَوْمًا
إِلَى اللَّيْل أَو أَكثر فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ أقل من يَوْم فَعَلَيهِ
صَدَقَة وَكَذَلِكَ إِن لبس قَمِيصًا أَو سَرَاوِيل أَو قلنسوة يَوْمًا
فَعَلَيهِ دم وَإِن جمع ذَلِك كُله فِي يَوْم فَعَلَيهِ دم وَاحِد
وَكَذَلِكَ إِن غطى وَجهه يَوْمًا فَعَلَيهِ دم
(2/481)
وَلَا بَأْس بِأَن يلبس الْهِمْيَان أَو
المنطقة يشد بهَا حقوته فِيهَا نَفَقَته ويتوشح بِالثَّوْبِ وَلَا يعْقد
على عُنُقه وَلَا يخله بخلال وَإِن فعله لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
وَيكرهُ لَهُ أَن يعصب رَأسه وَإِن فعله يَوْمًا فَعَلَيهِ صَدَقَة وَإِن
عصب شَيْئا من جسده لعِلَّة أَو غير عِلّة لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وأكرهه
لغير عِلّة
وَإِن غطى الْمحرم ربع رَأسه أَو وَجهه يَوْمًا فَعَلَيهِ دم وَإِن كَانَ
أقل من ذَلِك فَعَلَيهِ صَدَقَة وَأما الْمُحرمَة فَإِنَّهَا تغطي كل شَيْء
مِنْهَا إِلَّا وَجههَا فَإِن غطته يَوْمًا فعلَيْهَا دم وَيكرهُ للمحرمة
(2/482)
لبس البرقع
فَإِن لبس الْمحرم مَا لَا يحل لَهُ من الثِّيَاب أَو الْخفاف يَوْمًا أَو
أَكثر لضَرُورَة فَعَلَيهِ أَي الْكَفَّارَات الثَّلَاث شَاءَ وَإِن غدى
الْمَسَاكِين وعشاهم فِي هَذِه الْكَفَّارَات أجزاه فِي قَول أبي ويوسف
وَلم يجزه فِي قَول مُحَمَّد
(2/483)
وَلَا بَأْس بإن يلبس الْمحرم الطيلسان
وَلَا يزره عَلَيْهِ فَإِن زره يَوْمًا فَعَلَيهِ دم وَإِن دخل تَحت ستر
الْكَعْبَة حَتَّى غطاه فان كَانَ السّتْر يُصِيب وَجهه وَرَأسه كرهته لَهُ
وَإِن كَانَ متجافيا عَنهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء فَإِن كَانَ الْمحرم
نَائِما فَغطّى رجل رَأسه وَوَجهه بِثَوْب يَوْمًا كَامِلا فَعَلَيهِ دم
أَلا ترى أَنه لَو انْقَلب فِي نَومه على صيد فَقتله كَانَ عَلَيْهِ
جَزَاؤُهُ
صبي أحرم عَنهُ أَبوهُ وجنبه مَا يجنب الْمحرم فَلبس ثوبا أَو أصَاب طيبا
أَو صيدا قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
- بَاب النّذر
-
وَإِذا حلف بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله فَحنث فَعَلَيهِ حجَّة أَو عمْرَة
فَإِن جعلهَا حجَّة وَمَشى لم يركب حَتَّى يطوف طواف الزِّيَارَة وَإِن
جعلهَا عمْرَة وقرنها بِحجَّة الْإِسْلَام أَو اعْتَمر بهَا قبلهَا أجزاه
فَإِن قرن رَاكِبًا فَعَلَيهِ دم لركوبه سوى دم الْقرَان
(2/484)
وكل من وَجب عَلَيْهِ دم فِي الْمَنَاسِك
جَازَ لَهُ أَن يُشَارك سِتَّة نفر قد وَجب عَلَيْهِم الدِّمَاء أَيْضا
فِيهَا وَإِن اخْتلفت أجناسها من دم مُتْعَة وإحصار وَجَزَاء الصَّيْد
وَغير ذَلِك وَلَو كَانَ ذَلِك كُله جنس وَاحِد كَانَ أحب إِلَى
وَإِذا نذر الْمَشْي إِلَى بَيت الله وَنوى مَسْجِد الْمَدِينَة أَو بَيت
الْمُقَدّس لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَإِن لم يكن فِيهِ نِيَّة فَهُوَ على
الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِن نذر إتْيَان مَكَّة لم يلْزمه شَيْء
وَإِن قَالَ إِن كلمت فلَانا فعلى حجَّة يَوْم ُأكَلِّمهُ ينوى
(2/485)
أَن تجب عَلَيْهِ يَوْم يكلمهُ فَكَلمهُ
وَجَبت عَلَيْهِ حجَّة يَقْضِيهَا مَتى شَاءَ وَلم يكن محرما بهَا
يَوْمئِذٍ مَا لم يحرم أَلا ترى أَنه لَو قَالَ لله على حجَّة الْيَوْم
كَانَت وَاجِبَة عَلَيْهِ يحرم بهَا مَتى شَاءَ
رجل قَالَ لآخر عَليّ حجَّة إِن شِئْت فَقَالَ قد شِئْت قَالَ هِيَ
عَلَيْهِ وَقَوله على حجَّة وَقَوله لله عَليّ حجَّة سَوَاء وَهِي وَاجِبَة
وَإِن قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا أحج بفلان فَحنث فَإِن كَانَ
(2/486)
نوى فَأَنا أحج وَهُوَ معي فَعَلَيهِ أَن
يحجّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يحجّ بِهِ وَإِن كَانَ نوى أَن يحجه فَعَلَيهِ
أَن يحجه كَمَا نوى وَإِن أرْسلهُ فأحجه جَازَ وَإِن أحج مَعَه جَازَ وَإِن
لم يكن لَهُ نِيَّة فَعَلَيهِ أَن يحجّ هُوَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَن يحجج
فلَانا وَإِن كَانَ قَالَ فعلي أَن أحجج فلَانا فَعَلَيهِ أَن يحججه كَمَا
قَالَ
وَإِن قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلى أَن أهْدى كَذَا لشَيْء من مَاله
فَعَلَيهِ أَن يهديه فَإِن كَانَ ذَلِك دَارا أَو شَيْئا لَا يَسْتَطِيع
أَن يهديه فَعَلَيهِ أَن يهدي قِيمَته وَمَا أوجب هَدْيه من ذَلِك تصدق
بِهِ على مَسَاكِين مَكَّة وَإِن أعطَاهُ حجبة الْبَيْت أجزاه وَكَذَلِكَ
إِن قَالَ فثوبي هَذَا ستر الْبَيْت أَو قَالَ فَأَنا أضْرب بِهِ حطيم
الْكَعْبَة فَعَلَيهِ أَن يهديه أستحسن هَذَا لِأَن إِيمَان النَّاس
عَلَيْهِ
(2/487)
وَإِن قَالَ فَكل مَالِي هدي فَعَلَيهِ أَن
يهدي مَاله كُله بلغنَا عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ فِي مثل هَذَا
يتَصَدَّق بِمَالِه كُله ويمسك مِنْهُ قدر مَا يقوته فَإِذا أَفَادَ مَالا
تصدق بِمثل مَا أمسك
(2/488)
وَإِن قَالَ إِن فعلت كَذَا فغلامي هَذَا
هدى ثمَّ بَاعه ثمَّ فعل ذَلِك لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَإِن كَانَ
الْغُلَام فِي غير ملكه يَوْم حلف ثمَّ اشْتَرَاهُ ثمَّ فعل ذَلِك لم
يلْزمه أَيْضا شَيْء وَإِن قَالَ إِن كلمت فلَانا فَهَذَا الْمَمْلُوك هدي
يَوْم أشتريه فَكَلمهُ ثمَّ اشْتَرَاهُ فَعَلَيهِ أَن يهديه وَإِن
اشْتَرَاهُ أَولا ثمَّ كَلمه لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
وَإِن قَالَ فَهَذِهِ الشَّاة هدى إِلَى الْبَيْت أَو إِلَى مَكَّة أَو
إِلَى الْكَعْبَة وَهُوَ يملكهَا فَعَلَيهِ أَن يهديها وَإِن قَالَ إِلَى
الْحرم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام لم يلْزمه أَن يهديها فِي قَول أبي
حنيفَة وَيلْزمهُ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
(2/489)
قَالَ وكل شَيْء يَجعله على نَفسه من
الْمَتَاع والدقيق فَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَن يَبِيعهُ وَيتَصَدَّق بِهِ على
مَسَاكِين أهل مَكَّة وَإِن تصدق بِالْكُوفَةِ أجزاه
وكل هدي جعله على نَفسه من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم فَعَلَيهِ أَن
يذبحه بِمَكَّة وَيتَصَدَّق بِلَحْمِهِ على مَسَاكِين أهل مَكَّة وَغَيرهم
فَإِن كَانَ ذَلِك فِي أَيَّام النَّحْر فعله بمنى وَإِن كَانَ فِي غير
أَيَّام النَّحْر فعله بِمَكَّة
وَإِن قَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي هدي فَفعله فَعَلَيهِ مَا اسْتَيْسَرَ من
الْهَدْي شَاة فَإِن نوى من الْإِبِل أَو الْبَقر كَانَ عَلَيْهِ مَا نوى
وَلَا يذبحها إِلَّا بِمَكَّة وَإِن قَالَ عَليّ بَدَنَة فَإِن كَانَ نوى
شَيْئا من الْبدن بِعَيْنِه فَعَلَيهِ مَا نوى وَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة
فَعَلَيهِ بقرة أَو جزور يَنْحَرهَا
(2/490)
حَيْثُ شَاءَ إِلَّا أَن يكون نَوَاهَا
بِمَكَّة فَلَا يَنْحَرهَا إِلَّا بِمَكَّة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أرى أَن تنحر الْبدن بِمَكَّة
وَلَا يُقَلّد إِلَّا هدي مُتْعَة أَو قرَان أَو تطوع من الْإِبِل
وَالْبَقر وَلَا يُقَلّد الْغنم والتجليل حسن وَإِن تَركه لم يضرّهُ
والتقليد
(2/491)
أوجب مِنْهُ وَإِن جلله مَعَ التَّقْلِيد
فَهُوَ حسن
وأكره الْإِشْعَار وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى أَن يشْعر الْبَدنَة
وَإِن لم يشْعر لم يضرّهُ وَقَالَ ابْن أبي ليلى الْإِشْعَار فِي الْجَانِب
الْأَيْسَر من السنام وَإِن أشعر أَو جلل لم يكن محرما إِنَّمَا يكون محرما
بالتقليد وَمن سَاق مَعَه هَديا وَهُوَ يؤم الْبَيْت ثمَّ قَلّدهُ فقد وَجب
عَلَيْهِ الْإِحْرَام فَإِن كَانَ نوى حجا أَو عمْرَة فَهُوَ على مَا نوى
وَإِن لم تكن لَهُ نِيَّة فَالْخِيَار إِلَيْهِ يُوجب على نَفسه أَيهمَا
شَاءَ وَإِن قلد شَاة مَعَه لم يصر محرما وَإِن بعث بهديه مُقَلدًا ثمَّ
خرج لم يصر
(2/492)
محرما حَتَّى يدْرك هَدْيه فَإِذا أدْركهُ
وَأَخذه وَسَار مَعَه صَار محرما إِلَّا فِي بَدَنَة الْمُتْعَة فَإِنَّهُ
يصير محرما حِين يخرج
فَإِن اشْترك قوم فِي هدي الْمُتْعَة وهم يؤمُّونَ الْبَيْت فقلده بَعضهم
بِأَمْر أَصْحَابه فقد أَحْرمُوا وَإِن قَلّدهُ بِغَيْر أَمرهم صَار هُوَ
محرما دونهم
ويقلد الرجل هَدْيه بِمَاء شَاءَ من نعل وَعُرْوَة أَدَم وَمَا أشبه ذَلِك
وَيتَصَدَّق بجلاله إِذا نَحره
رجل سَاق بَدَنَة لَا يَنْوِي بهَا الْهَدْي قَالَ إِذا سَاقهَا إِلَى
مَكَّة فَهِيَ هدي
وَلَا يجزى فِي الْهَدَايَا والضحايا إِلَّا الْجذع من الضَّأْن إِذا كَانَ
عَظِيما فَمَا فَوق ذَلِك أَو الثني من الْمعز وَالْإِبِل وَالْبَقر وَلَا
يجزى فِيهَا العوراء والمقطوعة الْأذن أَو الذَّنب إِن اشْتَرَاهَا كَذَلِك
أَو حدث
(2/493)
بعد الشِّرَاء فَإِن كَانَ الذَّاهِب من
الْعين أَو الْأذن أَو الذَّنب الثُّلُث أجزته وَإِن كَانَ أَكثر من ذَلِك
لم تجزه فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ
الْبَاقِي أَكثر من الذَّاهِب أجزاه وَقَالَ أَبُو يُوسُف أخْبرت أَبَا
حنيفَة بِقَوْلِي هَذَا فَقَالَ قولي كَذَلِك ويجزى
(2/494)
الخصى والمكسورة الْقرن
فَإِن اشْترى هَديا ثمَّ ضل مِنْهُ فَاشْترى مَكَانَهُ آخر وقلده وأوجبه
ثمَّ وجد الأول قَالَ إِن نحرهما فَهُوَ أفضل وَإِن نحر الأول وَبَاعَ
الآخر جَازَ لِأَن الآخر لم يكن وَاجِبا عَلَيْهِ وَإِن بَاعَ الأول وَنحر
الآخر أجزاه إِلَّا أَن تكون قيمَة الأول أَكثر فَيتَصَدَّق بِالْفَضْلِ
(2/495)
قَالَ وهدي الْمُتْعَة والتطوع فِي هَذَا
سَوَاء وَإِن عرف بِهَدي الْمُتْعَة فَهُوَ حسن وَإِن تَركه لم يضرّهُ
رجل اشْترى بَدَنَة لمتعته ثمَّ اشْترك فِيهَا سِتَّة نفر بعد مَا أوجبهَا
لنَفسِهِ خَاصَّة قَالَ لَا يَسعهُ ذَلِك وَإِن كَانَ نوى ذَلِك حِين
اشْتَرَاهَا وَسعه أَن يَفْعَله
وَإِذا ولدت الْبَدنَة بعد مَا اشْتَرَاهَا لهديه ذبح وَلَدهَا مَعهَا
فَإِن بَاعَ الْوَلَد فَعَلَيهِ قِيمَته فَإِن اشْترى بهَا هَديا فذبحه
فَحسن وَإِن تصدق بهَا فَحسن
وَإِذا مَاتَ أحد الشُّرَكَاء فِي الْبَدنَة أَو الْأُضْحِية فَرضِي وَارثه
فنحرها
(2/496)
عَن الْمَيِّت مَعَهم أجزاهم وَإِن كَانَ
أحد الشُّرَكَاء فِي الْبَدنَة كَافِرًا أَو مُسلما يُرِيد اللَّحْم دون
الْهَدْي لم يجزهم
وَلَا يركب الْبَدنَة وَلَا يحلب وَلَكِن ينضح ضرْعهَا بِالْمَاءِ
الْبَارِد حَتَّى يَتَقَلَّص وَيذْهب لَبنهَا وَمَا حلب قبل ذَلِك تصدق
بِهِ أَو بِقِيمَتِه إِن كَانَ قد اسْتَهْلكهُ وَإِن ركبهَا أَو حمل
مَتَاعه عَلَيْهَا للضَّرُورَة ضمن مَا نَقصهَا ذَلِك وَأي الشُّرَكَاء
فِيهَا نحرها يَوْم النَّحْر أجزاهم
وَإِذا عطب الْهَدْي فِي الطَّرِيق نحر فَإِن كَانَ عَن وَاجِب فَهُوَ
لصَاحبه يصنع بِهِ مَا شَاءَ وَعَلِيهِ هدى مَكَانَهُ وَإِن كَانَ تَطَوّعا
نَحره وصبغ نَعله فِي دَمه ثمَّ ضرب بِهِ صفحته وَلم يَأْكُل مِنْهُ شَيْئا
وَيتَصَدَّق بِهِ فَإِن أكل أَو أطْعم مِنْهُ غَنِيا تصدق بِقِيمَة ذَلِك
وَيتَصَدَّق بجله وخطامه
وَإِذا أَخطَأ الرّجلَانِ فَنحر كل وَاحِد مِنْهُمَا هدي صَاحبه أَو أضحيته
(2/497)
عَن نَفسه أجزاها اسْتِحْسَانًا وَيَأْخُذ
كل وَاحِد مِنْهُمَا هَدْيه من صَاحبه
وَإِن نحر هَدْيه قَائِما أَو أضجعه فَأَي ذَلِك فعل فَهُوَ حسن وَقد
بلغنَا أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا ينحرونها
قيَاما معقولة الْأَيْدِي الْيُسْرَى وَلَا أحب أَن يذكر مَعَ اسْم الله
(2/498)
غَيره وَلَا يذبح الْبَقَرَة وَالْغنم
قيَاما وَيسْتَحب لَهُ أَن يذبح هَدْيه أَو أضحيته بِيَدِهِ وَلَا أحب أَن
يذبحه لَهُ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ وَإِن ذبحه جَازَ وَإِذا ذبحه يَوْم
النَّحْر بعد طُلُوع الْفجْر أجزاه وَلَا يجْزِيه ذبحه قبل طُلُوع الْفجْر
إِن كَانَ لمتعة
وَإِن جعل ثَوْبه هَديا أجزاه أَن يهدي قِيمَته
(2/499)
قَالَ وَكَذَلِكَ لَو جعل شَاة من غنمه
هَديا أجزاه أَن يهدي قيمتهَا وَفِي رِوَايَة أبي حَفْص أجزاه أَن يهدي
مثلهَا أَلا ترى أَنه يعْطى فِي الزَّكَاة قيمَة الشَّاة فَيجوز وَكَذَلِكَ
إِن أهْدى مَكَان الشَّاة جزورا أجزاه وَقد أحسن
وَقد قَالُوا فِي الْجَامِع إِذا قَالَ لله عَليّ أَن أهدي شَاتين فأهدى
شَاة تَسَاوِي شَاتين لم تجزه وَقَالَ فِي نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة لَا
يجوز أَن يتَصَدَّق بِقِيمَتِهَا لِأَن فِيهِ ذبحا مَعَ الصَّدَقَة وَإِن
بعث قيمَة شَاة إِلَى مَكَّة فَاشْترى لَهُ بهَا مثلهَا فذبحت جَازَ
(2/500)
- بَاب الْحَج عَن الْمَيِّت وَغَيره
-
رجل دفع إِلَى رجل مَالا ليحج بِهِ عَن ميت فَلم يبلغ مَال الْمَيِّت
النَّفَقَة فأنفق الْمَدْفُوع إِلَيْهِ من مَاله وَمَال الْمَيِّت قَالَ
إِن كَانَ الْأَكْثَر من مَال الْمَيِّت وَكَانَ يبلغ الْكِرَاء وَعَامة
النَّفَقَة فَهُوَ جَائِز وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِن وَيَردهُ ويحج من حَيْثُ
يبلغ
(2/501)
وَإِن أنْفق الْمَدْفُوع إِلَيْهِ من مَال
نَفسه وَفِي مَال الْمَيِّت وَفَاء بحجه رَجَعَ بِهِ فِي مَال الْمَيِّت
إِذا كَانَ قد دفع إِلَيْهِ وَإِذا نوى المجهز أَن يُقيم بِمَكَّة بعد
النَّفر خَمْسَة عشر يَوْمًا بطلت نَفَقَته من مَال الْمَيِّت فان بدا لَهُ
بعد مَا نوى الْمقَام بِمَكَّة أَن يرجع فنفقته من مَال الْمَيِّت وَإِن
أوصى
(2/502)
أَن يحجّ عَنهُ بِأَلف دِرْهَم فبلغت
الْألف حجَجًا فَإِن شَاءَ الْوَصِيّ أحج عَنهُ رجَالًا فِي سنة وَاحِدَة
وَهُوَ أفضل وَإِن شَاءَ دفع كل سنة حجَّة
وَإِذا حج العَبْد بِإِذن مَوْلَاهُ فَأصَاب صيدا فَعَلَيهِ صِيَام وَإِن
جَامع مضى فِيهِ حَتَّى يفرغ مِنْهُ وَعَلِيهِ هدي إِذا عتق وَحجَّة مَكَان
هَذِه يَنْوِي حجَّة الْإِسْلَام وَإِن لم يُجَامع وَلكنه فإته الْحَج فانه
يحل بِالطّوافِ وَالسَّعْي وَالْحلق وَعَلِيهِ إِذا عتق حجَّة سوى حجَّة
الْإِسْلَام وكل شَيْء يجب فِيهِ الدَّم فَعَلَيهِ ذَلِك الدَّم إِذا عتق
وكل شَيْء يجب فِيهِ الصّيام فَعَلَيهِ أَن
(2/503)
يَصُومهُ فان أطْعم عَنهُ مَوْلَاهُ أَو
ذبح عَنهُ لم يجزه إِلَّا فِي هدي الْإِحْصَار فَإِن على مَوْلَاهُ أَن
يبْعَث عَنهُ بِهَدي يحل بِهِ لِأَنَّهُ دخل فِيهِ بِإِذْنِهِ فَعَلَيهِ
أَن يحلله وعَلى الْغُلَام إِذا عتق حجَّة وَعمرَة
وَإِذا أَرَادَ الرجل أَن يحجّ رجلا عَن نَفسه فَأحب إِلَيّ أَن يحجّ رجلا
قد حج عَن نَفسه وَإِن كَانَت الْحجَّة عَن الَّذِي يحجّ فالصرورة أحب
إِلَيّ
(2/504)
وَالْحج التَّطَوُّع عَن الصَّحِيح جَائِز
وَيجوز حجَّة الْإِسْلَام عَن الْمَرِيض الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الْحَج
إِذا لم يزل مَرِيضا حَتَّى مَاتَ وَإِن صَحَّ فَعَلَيهِ حجَّة الْإِسْلَام
وَإِذا جهز وصّى الْمَيِّت رجلا يحجّ عَن الْمَيِّت فجامع فِي إِحْرَامه
فَعَلَيهِ أَن يرد النَّفَقَة كلهَا وَعَلِيهِ مَا على الْجَامِع وَلَو قرن
مَعَ حجه عمْرَة عَن الْمَيِّت كَانَ مُخَالفا فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قرن عَن الْمَيِّت أجزاه اسْتِحْسَانًا وَدم
الْقرَان على الْمحرم وَكَذَلِكَ لَو أَمر بِالْعُمْرَةِ عَن الْمَيِّت
فقرن مَعهَا حجَّة إِلَّا أَن نَفَقَة مَا بَقِي
(2/505)
من الْحَج فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
على الْمحرم وَإِن كَانَ أَمر بِالْحَجِّ فَبَدَأَ فَاعْتَمَرَ ثمَّ حج من
مَكَّة كَانَ مُخَالفا فِي قَوْلهم جَمِيعًا
وكل دم يلْزم المجهز فَهُوَ عَلَيْهِ فِي مَاله إِلَّا دم الْإِحْصَار
فَإِن على وصّى الْمَيِّت أَن يبْعَث بِهَدي من الدَّرَاهِم الَّتِي
دَفعهَا إِلَيْهِ لِلْحَجِّ فَيحل بِهِ وَيرد مَا بَقِي من الدَّرَاهِم على
وصّى الْمَيِّت ليحج بهَا إنْسَانا من حَيْثُ يبلغ وعَلى المجهز مَا يكون
على الْمحصر
وَإِن أمره رجلَانِ بِالْحَجِّ فَأهل بِحجَّة عَنْهُمَا كَانَ ضَامِنا
(2/506)
لما لَهما جَمِيع وَلَا يَسْتَطِيع أَن
يَجْعَل الْحجَّة لوَاحِد مِنْهُمَا لِأَنَّهَا قد لَزِمته فَإِن أمره
أَحدهمَا بِالْحَجِّ وَالْآخر بِالْعُمْرَةِ وَلم يأمراه بِالْجمعِ فَجمع
بَينهمَا كَانَ مُخَالفا أَيْضا وَإِن أمراه بِالْجمعِ جَازَ وَهدى
الْمُتْعَة عَلَيْهِ فِي مَاله فَإِن كَانَ مُعسرا فَعَلَيهِ الصَّوْم
وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْآمِر بهما وَاحِدًا
(2/507)
رجل اسْتَأْجر رجلا ليحج عَنهُ فَفعل قَالَ
لَا تجوز الْإِجَازَة وَله نَفَقَة مثله
(2/508)
وَيجوز حجَّة الْإِسْلَام عَن المسجون إِذا
مَاتَ فِيهِ قبل أَن يخرج
والحاج عَن غَيره إِن شَاءَ قَالَ لبيْك عَن فلَان وَإِن شَاءَ اكْتفى
بِالنِّيَّةِ فَإِن كَانَ الْمَيِّت أوصى بالقران فَخرج هَذَا المجهز يؤم
الْبَيْت وَقد سَاق هَديا فقلده قَالَ يكون محرما بهما جَمِيعًا وَكَذَلِكَ
إِن
(2/509)
لم يكن الْهَدْي لقرانه وَإِنَّمَا هُوَ من
نذر كَانَ عَلَيْهِ أَو من جَزَاء صيد أَو من جماع فِي إِحْرَام قبل هَذَا
أَو إحصار كَانَ قبل هَذَا فساق مَعَه لذَلِك بَدَنَة وقلدها فقد أحرم
رجل أمره رجلَانِ أَن يحجّ عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فَأهل بِحجَّة عَن
أَحدهمَا لَا يَنْوِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَالَ لَهُ أَن يصرفهَا إِلَى
أَيهمَا شَاءَ فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد اسْتِحْسَانًا وَقَالَ أَبُو
يُوسُف أرى ذَلِك عَن نَفسه وَهُوَ ضَامِن لنفقتهما قَالَ وَكَذَلِكَ الرجل
يهل بِحجَّة عَن أحد أَبَوَيْهِ فَلهُ أَن يَجْعَلهَا عَن أَيهمَا شَاءَ
وَإِذا أهل الرجل عَن نَفسه وَعَن ابْنه وَهُوَ صَغِير مَعَه ثمَّ
(2/510)
أصَاب صيدا كَانَ عَلَيْهِ دم وَاحِد وَلم
يلْزمه من جِهَة إهلاله عَن ابْنه شَيْء
وَإِذا أم الرجل الْبَيْت فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأهل عَنهُ أَصْحَابه
بِالْحَجِّ ووقفوا بِهِ فِي المواقف وقضوا بِهِ النّسك كُله قَالَ يجْزِيه
ذَلِك عَن حجَّة الْإِسْلَام فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد لَا يجْزِيه فَإِن أصَاب الَّذِي أهل عَنهُ صيدا فَعَلَيهِ
الْجَزَاء من أجل إِحْرَامه عَن نَفسه إِن كَانَ محرما وَلَيْسَ عَلَيْهِ
لإهلاله من جِهَة إهلاله عَن الْمغمى عَلَيْهِ شَيْء
وَإِذا حج الرجل عَن أَبِيه أَو أمه حجَّة الْإِسْلَام من غير وَصِيَّة
أوصى بهَا الْمَيِّت قَالَ يجْزِيه إِن شَاءَ الله تَعَالَى بلغنَا عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي ذَلِك أَرَأَيْت لَو
كَانَ على أَبِيك دين فقضيته أما قبل مِنْك فَالله أَحَق أَن يقبل
(2/511)
رجل أوصى بِحجَّة فأحج الْوَصِيّ عَنهُ
رجلا فَهَلَك النَّفَقَة من ذَلِك الرجل قَالَ يحجّ عَنهُ حجَّة أُخْرَى من
ثلث مَا بَقِي من المَال وَإِن أوصى بِحجَّة وبعتق نسمَة وَالثلث لَا
يبلغهما بُدِئَ بِالَّذِي بَدَأَ بِهِ إِلَّا أَن يكون حجَّة الْإِسْلَام
فَيبْدَأ بهَا على كل حَال
(2/512)
وَإِذا أوصى أَن يحجّ عَنهُ من ثلثه وَلم
يقل حجَّة حج عَنهُ بِجَمِيعِ الثُّلُث وَإِذا أوصى أَن يحجّ عَنهُ رجل
حجَّة فأحجوه فَلَمَّا قدم فضل مَعَه كسْوَة وَنَفَقَة قَالَ ذَلِك
لوَرَثَة الْمَيِّت وَإِن أوصى فَقَالَ أحجوا فلَانا حجَّة وَلم يقل عني
وَلم يسم كم يُعْطي قَالَ يعْطى قدر مَا يحجه وَله أَن لَا يحجّ بِهِ إِذا
أَخذه وَإِذا أوصى أَن يحجّ عَنهُ رجل بِعَيْنِه أَو بِغَيْر عينه وَأوصى
بوصايا لِأُنَاس بِأَكْثَرَ من الثُّلُث قسم الثُّلُث بَينهم بِالْحِصَصِ
وَيضْرب فِيهِ لِلْحَجِّ بِأَدْنَى مَا يكون من نَفَقَة الْحَج ويحج
بِحِصَّة الْحَج من ذَلِك حَيْثُ يبلغ
(2/513)
وَإِذا أهلت الْمَرْأَة بِحجَّة
الْإِسْلَام لم يكن لزَوجهَا أَن يمْنَعهَا إِذا كَانَ لَهَا ذُو رحم محرم
يخرج مَعهَا وَإِن لم يكن لَهَا محرم فَلهُ أَن يمْنَعهَا وَهِي
بِمَنْزِلَة الْمحصر وَإِن أهلت بِغَيْر حجَّة الْإِسْلَام فَلهُ منعهَا من
الْخُرُوج
(2/514)
إِن كَانَ لَهَا محرم أَو لم يكن وَهِي
بِمَنْزِلَة الْمحصر إِلَّا أَنَّهَا تحلل بتحليل زَوجهَا إِيَّاهَا
وَكَذَلِكَ الْمَمْلُوك إِذا أهل بِغَيْر إِذن الْمَالِك وَإِن أذن
لعَبْدِهِ أَو أمته فِي الْإِحْرَام فَأحْرم كرهت لَهُ أَن يمنعهُ
وَإِيَّاهَا فَإِن بَاعَ الْأمة كَانَ للْمُشْتَرِي أَن يحللها
وَإِن أهلت الْمَرْأَة بِحجَّة تطوع بِغَيْر إِذن الزَّوْج فحللها تمّ
جَامعهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن يَأْذَن لَهَا من عَامه ذَلِك قَالَ عَلَيْهَا
أَن تحج بِإِحْرَام مُسْتَقْبل وَعَلَيْهَا دم وَلَيْسَ عَلَيْهَا شَيْء
غير ذَلِك وَإِن كَانَت تِلْكَ السّنة قد مَضَت فعلَيْهَا مَعَ ذَلِك
عمْرَة وَالله أعلم
(2/515)
- بَاب الْمَوَاقِيت
-
بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه وَقت لأهل
الْمَدِينَة ذَا الحليفة وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة وَلأَهل نجد قرن
وَلأَهل الْيمن يَلَمْلَم وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق وبلغنا عَنهُ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
(2/516)
أَنه قَالَ من وقتنا لَهُ وقتا فَهُوَ لَهُ
وَقت وَلمن مر بِهِ من غير أَهله من أَرَادَ الْحَج فَكل من أَرَادَ مَكَّة
لحَاجَة أَو إِحْرَام وَالْوَقْت بَينه وَبَينهَا فَلَا يُجَاوز الْوَقْت
إِلَّا محرما وَمن كَانَ من وَرَاء الْوَقْت إِلَى مَكَّة فَلهُ أَن
يدخلهَا لِحَاجَتِهِ بِغَيْر إِحْرَام بلغنَا عَن ابْن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا أَنه خرج من مَكَّة إِلَى قديد ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة
فَدَخلَهَا بِغَيْر إِحْرَام
(2/518)
وَإِذا أَرَادَ الْإِحْرَام وَأَهله فِي
الْوَقْت أَو دون الْوَقْت إِلَى مَكَّة فوقته من أَهله فَإِن تعداه حَتَّى
يدنو من الْحرم ثمَّ أحرم أجزاه وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء فَإِن دخل مَكَّة
فَأحْرم مِنْهَا فَعَلَيهِ أَن يخرج من الْحرم فيلبي فَإِن لم يفعل حَتَّى
يطوف بِالْبَيْتِ فَعَلَيهِ دم
كُوفِي أَرَادَ بُسْتَان بني عَامر لحَاجَة ثمَّ بدا لَهُ بعد مَا قدم
الْبُسْتَان
(2/519)
أَن يحجّ فَأحْرم من الْبُسْتَان فَلَا
شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أَرَادَ أَن يدْخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام لحَاجَة
فَلهُ ذَلِك
وَلَيْسَ للرجل من أهل الْمَوَاقِيت وَمن دونهَا إِلَى مَكَّة أَن يقرن
وَلَا أَن يتمتع وهم بِمَنْزِلَة أهل مَكَّة أَلا ترى أَن لَهُ أَن يدْخل
مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام وَكَذَلِكَ الْمَكِّيّ إِذا خرج من مَكَّة لحَاجَة
لَهُ فَبلغ الْوَقْت وَلم يُجَاوِزهُ فَلهُ أَن يدْخل مَكَّة بِغَيْر
إِحْرَام فَإِن جَاوز الْوَقْت لم يكن لَهُ أَن يدْخل مَكَّة إِلَّا
بِإِحْرَام
(2/520)
وَوقت أهل مَكَّة للْإِحْرَام بِالْحَجِّ
الْحرم وللإحرام بِالْعُمْرَةِ التَّنْعِيم فَإِن أهل بِالْعُمْرَةِ
خَارِجا من الْحرم غير التَّنْعِيم أجزاه وَكَانَ ذَلِك وقتا لَهُ
كُوفِي جَاوز الْوَقْت نَحْو مَكَّة ثمَّ أحرم بِالْحَجِّ ووقف بِعَرَفَة
وَقد خَافَ الْفَوْت إِن رَجَعَ أَو لم يخف قَالَ عَلَيْهِ دم لترك
الْوَقْت وَإِن رَجَعَ إِلَى الْمِيقَات قبل أَن يَأْتِي عَرَفَة فَلم يلب
مِنْهُ فَهَذَا بِمَنْزِلَة من لم يرجع إِلَيْهِ فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا رَجَعَ إِلَى الْوَقْت سقط عَنهُ
الدَّم لبّى أَو لم يلب وَإِن لبّى حِين رَجَعَ إِلَى الْوَقْت سقط عَنهُ
الدَّم فِي قَوْلهم جَمِيعًا فَإِن كَانَ هَذَا الْكُوفِي قرن وَلم يرجع
إِلَى الْمِيقَات فَعَلَيهِ دم وَاحِد لترك الْوَقْت وَكَذَلِكَ إِن أهل
بِعُمْرَة ثمَّ أهل بِمَكَّة بِحجَّة وَإِن بَدَأَ فَأهل بِالْحجَّةِ ثمَّ
دخل مَكَّة
(2/521)
فَأهل بِعُمْرَة أَيْضا كَانَ عَلَيْهِ
دمان لِأَنَّهُ قد ترك الْوَقْت فِي الْعمرَة أَيْضا
كُوفِي دخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام لحَاجَة لَهُ قَالَ عَلَيْهِ عمْرَة
أَو حجَّة أَي ذَلِك شَاءَ فَإِن رَجَعَ إِلَى وقته فَأهل بِحجَّة
الْإِسْلَام أجزاه من حجَّة الْإِسْلَام وَمن دُخُوله الأول بِغَيْر
إِحْرَام اسْتِحْسَانًا وَإِن أَقَامَ بِمَكَّة حَتَّى ذهب عَامه ذَلِك
ثمَّ أحرم بِحجَّة الْإِسْلَام من الْوَقْت لم يجزه من دُخُوله الأول
وَعَلِيهِ لدُخُوله حجَّة أَو عمْرَة وَإِذا جَاوز الْوَقْت ثمَّ أحرم
بِالْحَجِّ ففاته سقط عَنهُ دم ترك الْوَقْت
وَمن جَاوز وقته غير محرم ثمَّ أَتَى وقتا آخر فَأحْرم مِنْهُ أجزاه وَلَو
كَانَ أحرم من وقته كَانَ أحب إِلَيّ
عبد دخل مَعَ مَوْلَاهُ مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ أذن لَهُ مَوْلَاهُ
فَأحْرم بِالْحَجِّ قَالَ عَلَيْهِ إِذا عتق دم لترك الْوَقْت وَلَيْسَ
هُوَ كالنصراني يدْخل مَكَّة ثمَّ يسلم ثمَّ يحرم من مَكَّة
(2/522)
غُلَام دخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام ثمَّ
احْتَلَمَ بِمَكَّة وَأحرم بِالْحَجِّ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ لترك الْوَقْت
شَيْء وَإِن كَانَ أهل بِهِ قبل أَن يَحْتَلِم ثمَّ احْتَلَمَ قبل أَن يطوف
بِالْبَيْتِ وَقبل أَن يقف بِعَرَفَة لم يجزه من حجَّة الْإِسْلَام إِلَّا
أَن يجدد إِحْرَامه قبل أَن يقف بِعَرَفَة فيجزيه حِينَئِذٍ من حجَّة
الْإِسْلَام وَأما العَبْد فَلَا يجْزِيه من حجَّة الْإِسْلَام وَإِن جدد
إهلاله بعد الْعتْق إِلَّا أَن يكون أخر الإهلال حَتَّى عتق ثمَّ أهل
فيجزيه
وَإِذا دخل الرجل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام فَجعلت عَلَيْهِ حجَّة أَو
عمْرَة
(2/523)
فَأهل بهَا بعد سنة من وَقت غير وقته الأول
هُوَ أقرب مِنْهُ قَالَ يجْزِيه وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
- بَاب الَّذِي يفوتهُ الْحَج
-
رجل أهل بِحجَّة ففاته قَالَ يحل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل
بلغنَا ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن عمر بن الْخطاب
وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/524)
فَإِن كَانَ أهل بِعُمْرَة وَحجَّة فَقدم
مَكَّة وَقد فَاتَهُ الْحَج قَالَ يطوف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة لعمرته
وَيَطوف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة لحجته وَيحل وَعَلِيهِ الْحَج من
قَابل قَالَ وَلَا أعد طَوَافه بِالْبَيْتِ لحجته الْفَائِتَة كعمرة
مُسْتَقْبلَة وَلَا يكون بِهِ مُتَمَتِّعا إِن فعله فِي أشهر الْحَج من
قَابل وَلكنه إحلال من حجَّة قد فَاتَتْهُ
رجل أهل بِحجَّة فجامع فِيهَا ثمَّ قدم وَقد فَاتَهُ الْحَج قَالَ عَلَيْهِ
دم لجماعه وَيحل بِالطّوافِ وَالسَّعْي وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَإِن
كَانَ أصَاب فِي حجه صيدا فَعَلَيهِ كَفَّارَته
(2/525)
رجل أهل بِحجَّة فَقدم مَكَّة وَقد فَاتَهُ
الْحَج فَأَقَامَ حَرَامًا حَتَّى يحجّ مَعَ النَّاس من قَابل بذلك
الْإِحْرَام قَالَ لَا يجْزِيه من حجَّته لِأَن حجَّته قد فَاتَتْهُ
وَصَارَت عمْرَة وَلَا يَسْتَطِيع أَن يحول هَذِه الْعمرَة حجَّة فَإِن قدم
وَقد فَاتَهُ الْحَج فَأهل بِحجَّة أُخْرَى قَالَ يطوف للَّذي قد فَاتَتْهُ
وَيسْعَى وَيحل بِعُمْرَة ويرفض الَّتِي أهل بهَا وَعَلِيهِ فِيهَا مَا على
الرافض وَعَلِيهِ قَضَاء الْفَائِتَة وَإِن نوى بِهَذِهِ الَّتِي أهل بهَا
قَضَاء تِلْكَ الْفَائِتَة فَهِيَ هِيَ وَإِن أهل بِعُمْرَة رفضها أَيْضا
وَمضى فِي عمل الْفَائِتَة
رجل أهل بحجتين ثمَّ قدم مَكَّة وَقد فَاتَهُ الْحَج قَالَ يحل بِعُمْرَة
وَعَلِيهِ عمْرَة وحجتان وَدم وَإِذا سَاق الْهَدْي للقران فَقدم وَقد
فَاتَهُ الْحَج قَالَ يصنع بهديه مَا شَاءَ وَكَذَلِكَ إِن لم يفته وَلكنه
جَامع
(2/526)
وَإِذا سَاق الرجل هَديا لقرانه فنتج فِي
الطَّرِيق ثمَّ نحر أمه وَقد وهب الْوَلَد أَرْبَاعه قَالَ عَلَيْهِ قيمَة
الْوَلَد وَقِيمَة مَا ولد أَيْضا فَإِن كَانَ قد كفر عَن الْوَلَد يَوْم
وهبه أَو بَاعه ثمَّ حدث لَهُ ولد لم يكن عَلَيْهِ من قبل وَلَده شَيْء
أَلا ترى أَن رجلا لَو أخرج عشراء من الظباء من الْحرم فَكفر عَنْهَا ثمَّ
ولدت ثمَّ مَاتَت هِيَ وَوَلدهَا لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا وَلَا فِي
وَلَدهَا شَيْء وَإِن لم يكن كفر عَنْهَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وَفِي
وَلَدهَا الْكَفَّارَة
محرم بِالْحَجِّ قدم مَكَّة وَطَاف بِالْبَيْتِ ثمَّ خرج إِلَى الربذَة
لحَاجَة
(2/527)
فأحصر بهَا ثمَّ قدم مَكَّة بعد فَوت
الْحَج قَالَ عَلَيْهِ أَن يحل بِعُمْرَة وَلَا يَكْفِيهِ طَوَافه الأول
لِأَن عَلَيْهِ أَن يحل بِعَمَل عمْرَة بعد يَوْم النَّحْر
رجل أهل بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ قدم مَكَّة بعد يَوْم النَّحْر
قَالَ يقْضِي عمرته وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَإِذا أهل الْحَاج صَبِيحَة يَوْم النَّحْر بِحجَّة أُخْرَى لَزِمته
وَيَقْضِي مَا بَقِي عَلَيْهِ من الأولى وَعَلِيهِ لجمعه بَينهمَا دم
وَيُقِيم حَرَامًا إِلَى الْحول وَإِذا قدم الْحَاج مَكَّة فَأدْرك
الْوُقُوف بِالْمُزْدَلِفَةِ لم يكن مدْركا لِلْحَجِّ
رجل أهل بحجتين أَو بعمرتين مَتى يكون رافضا لإحداهما قَالَ حِين يسير
مُتَوَجها إِلَى مَكَّة نوى الرَّفْض أَو لم ينْو فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف أرَاهُ رافضا حِين أهل قبل أَن يسير وَقَالَ مُحَمَّد
لَا يلْزمه إِلَّا إِحْدَاهمَا وَكَذَلِكَ لَو أهل بِإِحْدَاهُمَا ثمَّ أهل
بِالْأُخْرَى
(2/528)
وَإِذا قدمت الْمَرْأَة مَكَّة مُحرمَة
بِالْحَجِّ حَائِضًا مَضَت فِي حجتها غير أَنَّهَا لَا تَطوف بِالْبَيْتِ
حَتَّى تطهر وَعَلَيْهَا طواف الصَّدْر وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا لتأخير
طواف الزِّيَارَة بِعُذْر الْحيض وَإِن قدمت طَاهِرَة وطافت للزيارة يَوْم
النَّحْر ثمَّ حَاضَت فَلَيْسَ عَلَيْهَا طواف الصَّدْر
وَلَيْسَ على أهل مَكَّة وَمن دون الْمَوَاقِيت إِلَيْهَا طواف الصَّدْر
(2/529)
وَمن نوى الْمقَام بِمَكَّة من أهل
الْآفَاق واتخذها دَارا سقط عَنهُ طواف الصَّدْر فان بدا لَهُ الْخُرُوج
بعد ذَلِك لم يلْزمه طواف الصَّدْر وَإِن نوى مقَام أَيَّام ثمَّ يصدر لم
يسْقط عَنهُ طواف الصَّدْر وَإِن نوى مقَام سنة
(2/530)
رجل قصد مَكَّة لِلْحَجِّ فَدَخلَهَا
بِغَيْر إِحْرَام ووافاها يَوْم النَّحْر وَقد فَاتَهُ الْحَج فَأحْرم
بِعُمْرَة وقضاها أجزاه وَعَلِيهِ دم لترك الْوَقْت وَإِن لم يحرم
بِعُمْرَة وَلكنه أحرم بِحجَّة فَهُوَ محرم حَتَّى يحجّ مَعَ النَّاس من
قَابل وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يرجع إِلَى الْوَقْت ويلبي مِنْهُ
وَمن فَاتَهُ الْحَج لم يَسعهُ أَن يُقيم فِي منزله حَرَامًا من غير عذر
وَلَا يحل بِالْهَدْي إِن بعث بِهِ لِأَن هَذَا لَيْسَ بمحصر
- بَاب الْجمع بَين إحرامين
-
وَالْعمْرَة لَا تُضَاف إِلَى الْحجَّة وَالْحجّة تُضَاف إِلَى الْعمرَة
قبل أَن يعْمل فِيهَا شَيْئا وَبعد مَا يعْمل فِيهَا فَمن أهل بِالْحَجِّ
أَولا ثمَّ أضَاف
(2/531)
إِلَيْهَا عمْرَة فقد أَسَاءَ وَلَزِمتهُ
وَهُوَ قَارن وَمن أهل بِالْعُمْرَةِ أَولا ثمَّ أهل بِالْحجَّةِ فَهَذَا
قَارن وَقد أحسن وَأصَاب السّنة فان أهل بِالْحَجِّ فَطَافَ لَهُ شوطا ثمَّ
أهل بِالْعُمْرَةِ رفضها وَعَلِيهِ قَضَاؤُهَا وَدم للرفض وَأما الْمَكِّيّ
فَإِنَّهُ لَا يقرن بَين الْحَج وَالْعمْرَة وَلَا يضيف الْعمرَة إِلَى
الْحَج وَلَا الْحَج إِلَى الْعمرَة فَإِن قرن بَينهمَا رفض الْعمرَة وَمضى
فِي الْحَج وَكَذَلِكَ أهل الْمَوَاقِيت وَمن دونهم إِلَى مَكَّة لَا
مُتْعَة لَهُم وَلَا قرَان لقَوْله تَعَالَى {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري
الْمَسْجِد الْحَرَام} وَكَذَلِكَ إِن أحرم الْمَكِّيّ أَولا بِالْعُمْرَةِ
من وَقتهَا ثمَّ أحرم بِالْحَجِّ رفض عمرته وَإِن مضى عَلَيْهِمَا حَتَّى
يقضيهما أجزاه وَعَلِيهِ دم لجمعه بَينهمَا وَإِن طَاف للْعُمْرَة شوطا أَو
ثَلَاثَة أَشْوَاط ثمَّ أحرم بِالْحَجِّ رفض الْحَج فِي قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يرفض الْعمرَة وَهُوَ اسْتِحْسَان ذكره فِي
كتاب ابْن سَمَّاعَة وَإِن كَانَ طَاف لَهَا أَرْبَعَة أَشْوَاط ثمَّ أهل
بِالْحَجِّ قَالَ هَذَا يفرغ مِمَّا بَقِي من عمرته ويفرغ من
(2/533)
حجَّته وَعَلِيهِ دم لِأَنَّهُ أهل
بِالْحَجِّ قبل أَن يحل من الْعمرَة وَهُوَ مكي وَلَا يَنْبَغِي لأهل
مَكَّة أَن يجمعوا بَينهمَا وَلَو كَانَ كوفيا لم يكن عَلَيْهِ هَذَا
الدَّم وَذكر فِي كتاب نَوَادِر ابْن سَمَّاعَة فِي إِحْرَام الْمَكِّيّ
بِالْحَجِّ بعد مَا طَاف أَرْبَعَة أَشْوَاط بِالْعُمْرَةِ أَنه لَيْسَ
بقارن وَلكنه محرم بشيئين إِن أصَاب صيدا كَانَ عَلَيْهِ جزاءان وَقَالَ
أَبُو يُوسُف فِي الْإِمْلَاء إِن رفض الْحَج فَهُوَ أفضل
كُوفِي أهل بِحجَّة وَطَاف لَهَا ثمَّ أحرم بِعُمْرَة قَالَ يرفض عمرته
وَكَذَلِكَ إِن أهل بهَا بِعَرَفَة فَإِن أهل بهَا يَوْم النَّحْر قبل أَن
يحل من حجَّته أَو بعد مَا حل قبل أَن يطوف أَمرته برفضها فَإِن لم يرفضها
وَمضى فِيهَا أجزاه وَعَلِيهِ دم إِن كَانَ أهل بهَا قبل أَن يقْضِي حجَّته
وَإِن
(2/534)
أهل بهَا بعد مَا حل من الأول مضى
عَلَيْهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِن لم يكن ترك الْوَقْت فِيهَا
مكي أهل بِالْحجَّةِ وَطَاف لَهَا شوطا ثمَّ أهل بِالْعُمْرَةِ قَالَ يرفض
الْعمرَة فان لم يرفضها وَطَاف لَهَا وسعى وَفرغ مِنْهَا أجزاه وَعَلِيهِ
دم لِأَنَّهُ أهل بهَا قبل أَن يفرغ من حجَّته
محرم بِعُمْرَة جَامع ثمَّ أضَاف إِلَيْهَا عمْرَة أُخْرَى قَالَ يرفض
هَذِه
(2/535)
ويمضي فِي الأولى فَإِن نوى رفض الأولى
وَالْعَمَل فِي الثَّانِيَة لم يكن عَلَيْهِ إِلَّا الأولى وَكَذَلِكَ لَو
لم يكن جَامع فِي الأولى وَلكنه طَاف لَهَا شوطا ثمَّ أحرم بِالثَّانِيَةِ
وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الحجتين وَإِذا أهل بحجتين جَمِيعًا ثمَّ جَامع قبل
أَن يسير قَالَ عَلَيْهِ للجماع دمان ويمضي فِي إِحْدَاهمَا ويرفض
الْأُخْرَى وَعَلِيهِ قَضَاء الَّتِي مضى فِيهَا وَعمرَة وَحجَّة وَدم
مَكَان الْحجَّة الَّتِي رفضها وَإِن كَانَ ذَلِك بعد مَا سَار فَعَلَيهِ
دم وَاحِد وَهَذَا قَول أبي حنيفَة
(2/536)
وَإِذا كَانَ للكوفي أهل بِالْكُوفَةِ
وَأهل بِمَكَّة يُقيم عِنْد هَؤُلَاءِ سنة وَعند هَؤُلَاءِ سنة فَاعْتَمَرَ
فِي أشهر الْحَج وَحج من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا فَإِن لم يكن لَهُ
بِمَكَّة أهل وَاعْتمر من الْكُوفَة فِي أشهر الْحَج وَقضى عمرته ثمَّ خرج
إِلَى مصر من الْأَمْصَار لَيْسَ فِيهِ أَهله ثمَّ حج من عَامه كَانَ
مُتَمَتِّعا مَا لم يرجع إِلَى الْمصر الَّذِي فِيهِ أَهله فَإِذا رَجَعَ
إِلَى الْمصر الَّذِي فِيهِ أَهله ثمَّ حج من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا
بلغنَا ذَلِك عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَسَعِيد بن الْمسيب
وَإِبْرَاهِيم فَإِن كَانَ لَهُ بِالْكُوفَةِ
(2/537)
أهل وبالبصرة أهل فَرجع إِلَى أَهله
بِالْبَصْرَةِ ثمَّ حج من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا
وَإِذا خرج الْمَكِّيّ إِلَى الْكُوفَة لحَاجَة فَاعْتَمَرَ مِنْهَا وَحج
من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا وَإِن قرن من الْكُوفَة كَانَ قَارنا أَلا ترى
أَن
(2/538)
كوفيا لَهُ قرن بَين حجَّة وَعمرَة وَطَاف
لعمرته فِي أشهر الْحَج ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ وافى الْحَج فحج
كَانَ قَارنا وَلم يبطل دم الْقرَان عَنهُ بِرُجُوعِهِ إِلَى أَهله كَمَا
يبطل دم الْمُتْعَة
وَإِن اعْتَمر الْكُوفِي فِي أشهر الْحَج وسَاق هَديا لمتعته وَهُوَ يُرِيد
الْحَج فَطَافَ لعمرته وَلم يحلق ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ حج كَانَ
مُتَمَتِّعا لِأَنَّهُ لم يرجع إِلَى أَهله حَلَالا وَلَيْسَ الْمَكِّيّ
كَذَلِك وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد إِذا
رَجَعَ الْكُوفِي إِلَى أَهله بعد مَا طَاف الْأَكْثَر من طَوَافه فَهُوَ
بِمَنْزِلَة الْمَكِّيّ لِأَنَّهُ رَجَعَ وَقد قضى عمرته أَلا ترى أَنه لَو
لم يكن مَعَه هدي ثمَّ حج من عَامه لم يكن مُتَمَتِّعا
(2/539)
رجل أهل بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج وسَاق
هَديا لمتعته ثمَّ بدا لَهُ أَن يحل وينحر هَدْيه وَيرجع إِلَى أَهله وَلَا
يحجّ قَالَ لَهُ ذَلِك فَإِن فعل ذَلِك ثمَّ حج من عَامه قَالَ لَا شَيْء
عَلَيْهِ وَإِذا أَرَادَ أَن ينْحَر هَدْيه وَيحل وَلَا يرجع إِلَى أَهله
ويحج من عَامه لم يكن لَهُ ذَلِك فَإِن فعله ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ
حج قَالَ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن فرغ من عمرته وَحل وَنحر هَدْيه ثمَّ
أَقَامَ بِمَكَّة حَتَّى حج من عَامه فَعَلَيهِ دم لمتعته وَعَلِيهِ دم آخر
لِأَنَّهُ حل قبل يَوْم النَّحْر وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ
(2/540)
ذَلِك
رجل أهل بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ أفسدها بِالْجِمَاعِ فَلَمَّا فرغ
مِنْهَا أهل بِأُخْرَى يَنْوِي قضاءها ثمَّ حج من عَامه قَالَ لَا يكون
مُتَمَتِّعا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ دخل مَكَّة فِي الْعمرَة الأولى قبل أشهر
الْحَج وَلَو خرج من مَكَّة حَتَّى جَاوز وقتا من الْمَوَاقِيت ثمَّ أهل
بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج ثمَّ حج من عَامه فَإِن كَانَ جَاوز الْوَقْت
قبل أشهر الْحَج كَانَ مُتَمَتِّعا وَإِن كَانَ لم يُجَاوز الْوَقْت إِلَّا
فِي أشهر الْحَج فَلَيْسَ بمتمتع لِأَن أشهر الْحَج أَدْرَكته وَهُوَ
فِيهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَة أَهلهَا فَإِن كَانَ دُخُوله الأول فِي أشهر
الْحَج بِعُمْرَة فأفسدها ثمَّ كَانَت حَاله كَمَا ذكرت لَك لم يكن
مُتَمَتِّعا إِلَّا أَن يرجع إِلَى أَهله فَإِن رَجَعَ إِلَى أَهله ثمَّ
اعْتَمر
(2/541)
وَحج من عَامه كَانَ مُتَمَتِّعا فِي قَول
أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا دخلت عَلَيْهِ أشهر الْحَج
وَهُوَ بِمَكَّة أَو دخل بِعُمْرَة فَاسِدَة ثمَّ خرج فجاوز وقتا من
الْمَوَاقِيت ثمَّ اعْتَمر وَحج من عَامه فَهُوَ متمتع وَإِن دخل بِعُمْرَة
فَاسِدَة فِي أشهر الْحَج فقضاها ثمَّ خرج حَتَّى جَاوز الْوَقْت ثمَّ قرن
عمْرَة وَحجَّة كَانَ قَارنا لِأَنَّهُ لَو كَانَ من أهل مَكَّة كَانَ
قَارنا
(2/542)
وَلَو قضى عمرته الْفَاسِدَة ثمَّ أهل من
مَكَّة بِعُمْرَة وَحجَّة قَالَ يرفض الْعمرَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أهل
مَكَّة وَلَو كَانَ أهل بِعُمْرَة فِي أشهر الْحَج فَطَافَ لَهَا شوطا ثمَّ
أهل بِحجَّة رفض حجَّته فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد يرفض الْعمرَة مَا لم يكن طَاف لَهَا أَرْبَعَة أَشْوَاط
وَإِذا ترك الْمَكِّيّ أَو الْكُوفِي الْوَقْت فِي الْعمرَة وَطَاف لَهَا
شوطا ثمَّ أَرَادَ أَن يُلَبِّي من الْوَقْت لم يَنْفَعهُ وَلم يسْقط عَنهُ
الدَّم
- بَاب التَّلْبِيَة
-
بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول لبيْك
اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك
وَالْملك
(2/543)
لَا شريك لَك وَإِن زَاد فَحسن وَإِن
اقْتصر فَحسن
وبلغنا عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه خرج من مَسْجِد
الْخيف يُلَبِّي فَقَالَ قَائِل لَا يُلَبِّي هَاهُنَا فَقَالَ أَجْهَل
النَّاس أم طَال عَلَيْهِم الْعَهْد لبيْك عدد التُّرَاب لبيْك وبلغنا عَن
ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/544)
أَنه كَانَ يزِيد فِي التَّلْبِيَة لبيْك
وَالْخَيْر فِي يَديك وَالرغْبَاء إِلَيْك وَالْعَمَل لبيْك إِلَه الْحق
لبيْك
(2/545)
والحاج والقارن سَوَاء فِي قطع
التَّلْبِيَة لَا يقْطَعَانِ حَتَّى يرميان جَمْرَة الْعقبَة يَوْم
النَّحْر بِأول حَصَاة بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يزل
يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة
وَيقطع الْمُعْتَمِر التَّلْبِيَة حِين يسْتَلم الْحجر فِي أول الطّواف
وبلغنا ذَلِك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا
(2/546)
وَيسْتَحب للْمحرمِ أَن يُلَبِّي فِي دبر
كل صَلَاة أَو لقى رفْقَة أَو علا شرفا أَو هَبَط وَاديا وبالأسحار وَحين
يَسْتَيْقِظ من مَنَامه وَمَا أَكثر من التَّلْبِيَة فَهُوَ أفضل وبلغنا
عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ
(2/547)
أفضل الْحَج العج والثج وَقَالَ ارْفَعُوا
أَصْوَاتكُم بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا شعار الْحَج
وَلَو لم يلب الْقَارِن أَو الْمُفْرد بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة إِلَّا مرّة
وَاحِدَة
(2/548)
فقد أَسَاءَ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَمن
فَاتَهُ الْحَج لبّى كَمَا يُلَبِّي الْمُعْتَمِر وَمن أفسد حجه
بِالْجِمَاعِ لبّى كَمَا يُلَبِّي من لم يفْسد حجه والمحصر يُلَبِّي حَتَّى
يذبح عَنهُ وَمن لبّى وَهُوَ لَا يُرِيد الْإِحْرَام لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
وَإِن أَرَادَ الْإِحْرَام صَار محرما بِمَا نوى وَكَذَلِكَ إِن كبر أَو
هلل أَو سبح يَنْوِي بِهِ الْإِحْرَام والإيجاب على نَفسه من سَاعَته كَانَ
محرما
(2/549)
وَإِذا تَوَضَّأ الْأَخْرَس وَلبس
ثَوْبَيْنِ وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ يُرِيد الْإِحْرَام فَلَمَّا انْصَرف
نوى الْإِحْرَام بِقَلْبِه وحرك لِسَانه كَانَ محرما
وَالْمَرْأَة بِمَنْزِلَة الرجل فِي التَّلْبِيَة غير أَنَّهَا لَا ترفع
صَوتهَا بهَا قَالَ وَلَا يكون محرما إِلَّا بِالتَّلْبِيَةِ والتلبية
الأولى بِمَنْزِلَة تَكْبِير الصَّلَاة فِي افتتاحها والتلبية بعد ذَلِك
بِمَنْزِلَة التَّكْبِير فِي الصَّلَاة بعد تَكْبِير الِافْتِتَاح
- بَاب الصَّيْد
-
رجل رمى صيدا فِي الْحل وَهُوَ فِي الْحل فَأَصَابَهُ فِي الْحرم قَالَ
عَلَيْهِ الْجَزَاء لِأَنَّهُ من جِنَايَته وَهُوَ قَول أبي حنيفَة فِيمَا
أعلم
(2/550)
وَلَو أرسل كَلْبه فِي الْحل على صيد فِي
الْحل فطرد الْكَلْب الصَّيْد حَتَّى قَتله فِي الْحرم لم يكن عَلَيْهِ
جَزَاء لِأَن هَذَا لَيْسَ من جِنَايَته وَلَا يشبه الرَّمية فَإِن زجر
الْكَلْب بعد مَا حل فِي الْحرم فانزجر وَأخذ الصَّيْد فَقتله فَعَلَيهِ
جَزَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا وَلَو أرسل كَلْبا
(2/551)
فِي الْحرم على ذِئْب فَأصَاب صيدا فِي
الْحرم لم يكن عَلَيْهِ جَزَاء وَلَو أرسل الْمَجُوسِيّ كَلْبا على صيد فِي
الْحرم فزجره محرم فانزجر فَقتل الصَّيْد كَانَ على الْمحرم جزاءه وَلم
يُؤْكَل الصَّيْد
(2/552)
وَلَو نصب الْمحرم شبكا للصَّيْد فَأصَاب
صيدا فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ وَإِن كَانَ نَصبه لذئب أَو سبع قد آذاه أَو
ابتدأه فَوَقع فِيهِ صيد لم يكن عَلَيْهِ شَيْء
محرم دلّ محرما على صيد وَأمره بقتْله فَأمر الْمَأْمُور ثَانِيًا بقتْله
فَقتله كَانَ على كل وَاحِد مِنْهُم جَزَاء كَامِل
وَلَو أخبر محرم محرما بصيد فَلم يره حَتَّى أخبرهُ محرم آخر بِهِ فَلم
يصدق الأول وَلم يكذبهُ ثمَّ طلب الصَّيْد فَقتله كَانَ على كل وَاحِد
(2/553)
مِنْهُم الْجَزَاء وَإِن كذب الأول بِهِ لم
يكن على الأول جَزَاء
محرم أرسل محرما إِلَى محرم فَقَالَ إِن فلَانا يَقُول لَك إِن فِي هَذَا
الْموضع صيدا فَذهب فَقتله كَانَ على الْمُرْسل وَالرَّسُول وَالْقَاتِل
جَمِيعًا جَزَاء
وَإِن دلّ محرم محرما على صيد هُوَ يرَاهُ وَيعلم بِهِ فَقتله لم يكن على
الدَّال إِذا قَتله شَيْء
محرم اسْتعَار من محرم سكينا ليذبح بهَا صيدا فأعارها إِيَّاه فذبح بهَا
الصَّيْد فَلَا جَزَاء على صَاحب السكين وَيكرهُ لَهُ ذَلِك
(2/554)
|