الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

آخر كتاب الْأَيْمَان وَالْكَفَّارَات
تمّ المجلد الأول من كتاب الأَصْل للعلامة الْجوزجَاني تغمده الله برحمته وَأدْخلهُ بحبوح جنته بِمُحَمد وَآله وَصَحبه وَسلم

(3/406)


// كتاب الْمكَاتب
//

(3/407)


أَبُو سُلَيْمَان قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم وينجمها عَلَيْهِ نجوما يُؤَدِّيهَا فِي كَذَا كَذَا سنة فِي كل سنة كَذَا كَذَا أَو لكل شهر كَذَا كَذَا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم

(3/410)


قلت أَرَأَيْت إِن لم يكْتب فِي مُكَاتبَته إِنَّك حر إِذا أدّيت إِلَى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق إِذا أدّى إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى فَأَنت حر
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن ضرب للمكاتبة أَََجَلًا وَإِنَّمَا قَالَ وَقد كاتبتك على مائَة دِرْهَم هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت فَمَتَى يحل عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ الْمُكَاتبَة حَالَة فان أَدَّاهَا إِذا طلبه بهَا السَّيِّد وَإِلَّا رد فِي الرّقّ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ ونجمها عَلَيْهِ نجوما وَلم يكْتب فِي مُكَاتبَته إِذا عجز عَن النَّجْم فَهُوَ مَرْدُود فِي الرّقّ قَالَ فَإِذا عجز عَن أول نجم اشْترط ذَلِك السَّيِّد أَو لم يشْتَرط فَهُوَ مَرْدُود فِي الرّقّ
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب أَله أَن يتَزَوَّج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت فَهَل للْمكَاتب أَن يخرج من الْمصر بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَهُ أَن يطْلب وَيسْعَى فِيمَا يُؤَدِّي بِهِ مُكَاتبَته وَلَيْسَ للسَّيِّد أَن يمنعهُ من ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم

(3/411)


قلت أَرَأَيْت إِن اشْترط عَلَيْهِ أَن لَا يخرج من الْمصر إِلَّا بِإِذْنِهِ هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا وَالشّرط بَاطِل
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة كاتبها على كرّ حِنْطَة أَو كرّ شعير أَو سمى طَعَاما جيدا أَو رديا أَو وسطا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على زَيْت أَو سمن أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة على ألف دِرْهَم أَو على مائَة دِينَار ونجمها عَلَيْهِ نجوما فان عجز عَن نجم مِنْهَا فمكاتبته ألفا دِرْهَم هَل يجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ اشْترط مَا ذكرت لَك
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَمَاله على ألف دِرْهَم وَلِلْعَبْدِ ألف دِرْهَم أَو أَكثر من ذَلِك هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب على ألف دِينَار وَلِلْعَبْدِ أَكثر من ذَلِك قَالَ نعم

(3/412)


قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يدْخل بَينه وَبَين عَبده رَبًّا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَمَاله وَفِي يَدي العَبْد رَقِيق لسَيِّده أَو مَال لسَيِّده أَيَدْخُلُ ذَلِك فِي مَاله قَالَ لَا قلت وَمَا الَّذِي يدْخل فِي مَاله من ذَلِك قَالَ مَا كَانَ اكْتَسبهُ وَكَانَ لَهُ قبل ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَهُ رَقِيق هَل يدْخل ذَلِك الرَّقِيق فِي مَاله قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت عِنْده أعدل بز مِمَّا كَانَ أعطَاهُ سَيّده يتجر فِيهِ هَل يدْخل ذَلِك فِي مَاله قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عبدا مَأْذُونا فِي التِّجَارَة وَكَانَ فِي يَده مَال رَقِيق وَمِمَّا كَانَ اشْترى فكاتبه السَّيِّد على نَفسه وَمَاله هَل يكون

(3/413)


جَمِيع مَا فِي يَده من ذَلِك فِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم إِذا كَانَ كَمَا ذكرت قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي يَده وَمِمَّا اشْترى فَأَما إِذا كَانَ فِي يَده لعبيده مَال فَلَا يدْخل ذَلِك فِي مُكَاتبَته إِذا كَاتبه على نَفسه وَمَاله قلت وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ وهب لَهُ بِعلم سَيّده قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وهب لَهُ مَال بِغَيْر علم سَيّده فكاتب على نَفسه وَمَاله أَيَدْخُلُ ذَلِك فِي مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَيجوز جَمِيع مَا ذكرت لَك من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم

(3/414)


قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على أَن يَخْدمه شهرا هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم والخدمة غير مَعْلُومَة قَالَ أستحسن ذَلِك أَلا ترى أَنا نجيز الْمُكَاتبَة على مَال لَيْسَ بِمَعْلُوم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على أَن يَبْنِي لَهُ دَارا قد أرَاهُ أجرهَا وجصها وَمَا يَبْنِي بهَا وَكَذَلِكَ على أَن يحْفر لَهُ بِئْرا قد وقها وسمى طولهَا وقدرها وَأرَاهُ الْمَكَان قَالَ نعم هَذَا أَيْضا فِي الِاسْتِحْسَان جَائِز

(3/415)


قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على أَن يخْدم رجلا شهرا فَفعل فخدم الرجل شهرا هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَيجوز الْمُكَاتبَة على هَذَا فِي الْقيَاس قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتبه سَيّده على ألف يُؤَدِّيهَا إِلَى غير سَيّده أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على ألف دِرْهَم يضمنهَا لرجل على سَيّده أَيجوزُ الْمُكَاتبَة على هَذَا قَالَ نعم الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَالضَّمان جَائِز قلت لم أجزت الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا بِشَرْط لسَيِّده فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله قد كاتبتك على ألف دِرْهَم
قلت أَرَأَيْت إِذا ضمن لرجل مَالا بِدُونِ سَيّده سوى الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ضَمَان الْمكَاتب

(3/416)


لَا يجوز إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ سَيّده وَلم يَأْذَن لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن ضمن سَيّده لغير سَيّده عَن سَيّده أَو أحَال سَيّده عَلَيْهِ بِمَال من الْمُكَاتبَة هَل يجوز الضَّمَان على هَذَا الْوَجْه قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ أَحَالهُ من الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على مَال أَو نجمها عَلَيْهِ نجوما ثمَّ صَالحه السَّيِّد على أَن يعجل لَهُ بعض الْمُكَاتبَة وَحط عَنهُ مَا بَقِي هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم وَأَنت تكرههُ فِي الدّين قَالَ لِأَن الْمكَاتب بِمَنْزِلَة عَبده فَلذَلِك لم أكرهه وَلَا يكون هَذَا بِمَنْزِلَة الْحق
قلت أَرَأَيْت إِن صَالحه من الْمُكَاتبَة على عبد بِعَيْنِه هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو صَالِحَة على غير ذَلِك من الْعرُوض بِعَيْنِه على دَار أَو أَرض أَو طَعَاما أَو غير ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن افْتَرقَا قبل أَن يقبض ذَلِك السَّيِّد هَل يفْسد

(3/417)


ذَلِك الصُّلْح قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الصُّلْح قد وَقع على شَيْء بِعَيْنِه أَلا ترى أَنه لَو اشْترى ذَلِك الشَّيْء بِعَيْنِه بِمَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة جَازَ ذَلِك وَلَا تكون الْفرْقَة فَسَادًا للْبيع
قلت أَرَأَيْت إِن صَالحه على عبد إِلَى أجل أَو ثوب إِلَى أجل أَو طَعَام إِلَى أجل أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا فَاسد قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ صَالحه بدين فَلَا يجوز
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَاشْترط عَلَيْهِ خدمته شهرا مَعَ الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم ونجمها عَلَيْهِ نجوما كل شهر على أَن يُؤَدِّي مَعَ كل نجم ثوبا قد سَمَّاهُ وسمى جنسه أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على أَن تُؤدِّي إِلَى مَعَ مُكَاتَبَتك ألف دِرْهَم قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا وَقد اشْترط شرطا غَيرهَا فَوَقَعت عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَقعت على جَمِيع مَا سمى وَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله قد كاتبتك على كذل وَكَذَا
قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن شَيْء مِمَّا اشْترط عَلَيْهِ مَعَ نجومه وَقد أدّى نجمه وَقد عجز عَمَّا كَانَ اشْترط عَلَيْهِ من الزِّيَادَة مَعَ النَّجْم أيرد فِي الرّقّ قَالَ نعم إِذا عجز عَمَّا كَانَ اشْترط عَلَيْهِ من الرّقّ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على مائَة مِثْقَال تبر من فضَّة أَو ذهب هَل يجوز قَالَ نعم

(3/418)


قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة على ألف دِرْهَم على أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ كل شهر مائَة دِرْهَم وَلم يسم مُنْتَهى الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على شَيْء مَعْلُوم
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة الَّتِي تجوز مَا هِيَ قَالَ كل مُكَاتبَة على دَنَانِير أَو دَرَاهِم أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن بعد أَن يُسَمِّيه أَو على ثِيَاب بعد أَن يُسمى جِنْسهَا أَو على خَادِم جَائِز
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم فأداها إِلَى السَّيِّد ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتحقَّ تِلْكَ الْألف مَا حَال الْمُكَاتبَة قَالَ الْمكَاتب حر يرجع عَلَيْهِ السَّيِّد بِأَلف مَكَانهَا قلت لم عتق قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة وَلِأَن الْمُكَاتبَة لم تقع على هَذِه الْألف بِعَينهَا
- بَاب مَا لَا يجوز من الْمُكَاتبَة
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على قِيمَته أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ قِيمَته هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة قَالَ إِنَّمَا أفسدت الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُ كَاتبه على شَيْء مُسَمّى فَإِذا أدّى إِلَيْهِ قِيمَته عتق
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ثوب وَلم يسم الثَّوْب أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على دَار أَو غير ذَلِك من الْعرُوض بِمَا لَيْسَ بمسمى وَلَا مَعْلُوم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت

(3/419)


إِن أدّى إِلَيْهِ ثوبا هَل يعْتق قَالَ لَا قلت لم وَأَنت قد أجزته فِي الْبَاب الأول قَالَ ليسَا سَوَاء وَلم يؤد فِي هَذَا الْبَاب مَا كَاتبه عَلَيْهِ أَلا ترى إِنَّمَا كَاتبه على ثوب وَلم يسمه قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب أمة لَهُ على هَذَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على ألف دِرْهَم على أَن يَطَأهَا مَا دَامَت مُكَاتبَته هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْمُكَاتبَة فَاسِدَة فأدتها هَل تعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة مَعْرُوفَة وَإِنَّمَا أفسدتها من قبل الشَّرْط فان أدتها قبل أَن ترد عتقت
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت مُكَاتبَة مثلهَا أَكثر من ذَلِك هَل يرجع السَّيِّد على شَيْء فضل من ذَلِك قَالَ كَانَ قَوْله الأول يرجع بِفضل مُكَاتبَة مثلهَا ثمَّ رَجَعَ بعد ذَلِك فَقَالَ تُؤدِّي فضل الْقيمَة بعد ذَلِك وَهُوَ قَول مُحَمَّد
قلت أَرَأَيْت إِن وَطئهَا لمكاتبته الَّتِي كاتبها عَلَيْهِ أَو كَانَت

(3/420)


قيمتهَا أَكثر من هَذِه الْمُكَاتبَة فأدت بعد ذَلِك الْمُكَاتبَة هَل يكون لَهَا على سَيِّدهَا صدَاق قَالَ نعم قلت وَلم وَالْمُكَاتبَة كَانَ أَصْلهَا فَاسِدا وَلم تكن مُكَاتبَة صَحِيحَة قَالَ لِأَنَّهَا أدَّت فعتقت فَلذَلِك كَانَ على سَيِّدهَا الْعقر قلت وَقِيَاس هَذَا غير البيع قَالَ لَا أَلا ترى أَن رجلا لَو بَاعَ شَيْئا بيعا فَاسِدا خَادِمًا فَوَطِئَهَا البَائِع ثمَّ دَفعهَا إِلَى المُشْتَرِي فقبضها المُشْتَرِي فعتقها لم يكن على البَائِع فِيمَا وطئ شَيْء لِأَنَّهُ قد مَا يملك قلت وَكَذَلِكَ كل مُكَاتبَة فَاسِدَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة لَهُ مُكَاتبَة فَاسِدَة ثمَّ مَاتَ السَّيِّد قبل أَن تُؤدِّي مَا حَالهَا قَالَ هِيَ مَمْلُوكَة للْوَرَثَة وَتبطل الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت إِلَى الْوَرَثَة الْمُكَاتبَة بعد موت السَّيِّد قَالَ تعْتق فِي الِاسْتِحْسَان قلت فَهَل تعْتق فِي الْقيَاس قَالَ لَا قلت بِالْقِيَاسِ تَأْخُذ أم بالاستحسان قَالَ لَا بل بالاستحسان
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمة لَهُ مُكَاتبَة فَاسِدَة ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ مَاتَت الْمُكَاتبَة قبل أَن تُؤدِّي مَا حَال الْوَلَد وَهل عَلَيْهِ أَن

(3/421)


يسْعَى فِيمَا على أمه قَالَ الْوَلَد رَقِيق وَلَيْسَ عَلَيْهِ سِعَايَة فِي شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن استسعاه فِيمَا على أمه فأداه هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وأصل الْمُكَاتبَة كَانَت فَاسِدَة وَالْمُكَاتبَة إِنَّمَا وَقعت على الْأُم قَالَ أستحسن ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب لأمه الْمُكَاتبَة حَيَّة فَولدت الْمُكَاتبَة فأدت الْمُكَاتبَة هَل يعْتق وَلَدهَا مَعهَا قَالَ نعم قلت وَلم يعْتق الْوَلَد وَالْمُكَاتبَة فَاسِدَة قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأمة فَإِذا عتقت عتق
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على أَن تخدمه حَيَاتهَا أَو حَيَاته هَل تجوز المكتابة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ عبدا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كاتبها على ألف دِرْهَم على أَن كل ولد تلده فَهُوَ للسَّيِّد هَل تجوز الْمُكَاتبَة وَهَذَا الشَّرْط يُفْسِدهَا قَالَ لَا

(3/422)


قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم على أَن يَخْدمه بعد الْعتْق وَبعد أَن يُؤَدِّي الْمُكَاتبَة قَالَ هَذَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ اشْترط فِي الْمُكَاتبَة مَا لَا يعرف قلت أَرَأَيْت إِن أدّى مُكَاتبَته هَل يعْتق قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتبه على ألف دِرْهَم على وصيف مَعَ أَدَاء مُكَاتبَته هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم وَجعل أجلهَا إِلَى الْعَطاء هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ إِلَى الْحَصاد أَو إِلَى الدياس أَو إِلَى نَحْو ذَلِك مِمَّا يعرف من الْأَجَل

(3/423)


قَالَ نعم أستحسن ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْمكَاتب إِنَّمَا أعجل الْمُكَاتبَة فأؤديها هَل يعْتق قَالَ نعم يعْتق
قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب أمة لَهُ مكَاتبه فَاسِدَة على ميتَة فَولدت الْمُكَاتبَة ولد ثمَّ أعتق السَّيِّد أَلَيْسَ الْمُكَاتبَة قبل أَن تُؤدِّي هَل تعْتق قَالَ نعم وَلَا يعْتق وَلَدهَا قلت وَلما لَا يعْتق وَلَدهَا قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة فَاسِدَة قلت وَلَو كاتبها على ألف دِرْهَم مُكَاتبَة فَاسِدَة فَولدت وَلَدهَا ثمَّ أعتق أَلَيْسَ وَلَدهَا قَالَ يعْتق وَلَدهَا مَعهَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا مَا على ألف دِرْهَم وَهِي قِيمَته

(3/424)


على أَنه إِذا أدّى يعْتق وَعَلِيهِ ألف أُخْرَى هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم إِذا أدّى الْألف دِرْهَم عتق وَكَانَت عَلَيْهِ ألف أُخْرَى قلت وَتجوز هَذِه الْمُكَاتبَة عنْدك قَالَ نعم وَلَكِن إِذا أدّى الْألف الأولى عتق كَذَا فِي الْأُصُول
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على حكمه أَو على حكمهَا هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت قيمتهَا هَل تعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كاتبها على غير شَيْء مُسَمّى
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على عبد غَيره هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على عرض لغيره وَلَا تجوز الْمُكَاتبَة على أَمْوَال النَّاس من الْعرُوض أَلا ترى أَنه كَاتبه على مَا لَا يملك

(3/425)


قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كاتبتك على دَار فلَان أَو ثوب فلَان أَو على غير ذَلِك من الْعرُوض قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على كرّ فلَان لعَينه أَو طَعَام فلَان بِعَيْنِه قَالَ نعم هَذَا كُله فَاسد
قلت وَلَو قَالَ كاتبتك على ألف فلَان هَذِه أَكَانَت تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على دَرَاهِم فَهُوَ جَائِز
قلت أَرَأَيْت إِن إدى العَبْد ألف دِرْهَم غَيرهَا هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَالدَّرَاهِم لَا تشبه الْعرُوض قَالَ لَا لِأَن عَلَيْهِ دَرَاهِم مثلهَا

(3/426)


قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ كاتبتني على أَن أعطيكها من مَال فلَان هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم الْمُكَاتبَة جَائِزَة ويؤديها من حَيْثُ شَاءَ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبده على ألف دِرْهَم على أَن العَبْد بِالْخِيَارِ يَوْمًا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ الْكِتَابَة جَائِزَة وَالْخيَار جَائِز قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أمة فَولدت ولدا قبل أَن يمْضِي الْخِيَار هَل يكون وَلَدهَا مكَاتبا مَعهَا وَقد رضى الْمولى الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَت هِيَ بِالْخِيَارِ فرضيت قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمولى قبل أَن يمْضِي الْخِيَار قَالَ مَوته بِمَنْزِلَة رِضَاهُ قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة بعده وَبَقِي وَلَدهَا أيسعى الْوَلَد فِيمَا على أمه وَتجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كاتبها على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَأعتق السَّيِّد نصفهَا قبل مُضِيّ الثَّلَاثَة أَيَّام قَالَ الْعتْق جَائِز وَهُوَ رُجُوع فِي الْمُكَاتبَة وَاخْتِيَار لردها ويستسعيها فِي نصف قيمتهَا فِي قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت ولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد وَقد كَانَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ هَل يكون هَذَا اخْتِيَارا لرد الْمكَاتب

(3/427)


قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأمة بِالْخِيَارِ قَالَ يعْتق وَلَدهَا وَلَا يرفع عَنْهَا بِحِسَاب قيمَة الْوَلَد من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد هَل يرفع عَنْهَا شَيْء من مكاتبتها قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِ نجوما وَشرط إِن هُوَ عجز عَن نجم مِنْهَا فَعَلَيهِ مائَة دِرْهَم سوى النَّجْم هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ الْمُكَاتبَة بَاطِلَة لَا تجوز وَهُوَ قَول مُحَمَّد
- بَاب المكاتبين جَمِيعًا وَالرجل يُكَاتب عَبده على نَفسه وعَلى عبد لَهُ آخر غَائِب
-
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا كَاتب الرجل عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة فَإِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا رَقِيقا فَهُوَ جَائِز وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا

(3/428)


وَلَا يردان إِلَّا جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل النُّجُوم وَاحِدَة وكفل كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه وَكتب إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا وَالْمُكَاتبَة ألف دِرْهَم وكاتبهما سَوَاء فَأدى أَحدهمَا جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع الَّذِي أدّى على الآخر بِشَيْء قَالَ نعم يرجع عَلَيْهِ بِنصْف الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أدّى النّصْف عَن نَفسه وَالنّصف الآخر عَن صَاحبه وَلِأَن الْمُكَاتبَة كَانَت عَلَيْهِمَا جَمِيعًا قلت فَهَل للسَّيِّد أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة على مَا ذكرت لَك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى أَحدهمَا نصف الْمُكَاتبَة هَل يرجع على الآخر بِشَيْء قَالَ نعم بِنصْف مَا أدّى قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا وَلِأَن الْأَدَاء عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنَّهُمَا لَا يعتقان إِلَّا بأَدَاء جَمِيع المَال
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى حِصَّته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت فان مَاتَ أَحدهمَا أيرفع عَن الْحَيّ قيمَة الْمَيِّت من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا حيين لم يعتقا إِلَّا بأَدَاء جَمِيعهَا أَلا ترى أَن أَحدهمَا إِذا أدّى حِصَّته لم يعْتق فَكَذَلِك إِذا مَاتَ أَحدهمَا لم يرفع عَن الْبَاقِي شَيْئا من

(3/429)


الْمُكَاتبَة وَلم يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة المكاتبتين مُخْتَلفَة فَأدى أَحدهمَا جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع على صَاحبه بِشَيْء قَالَ نعم تقوم قِيمَته من الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قد أعتق أَحدهمَا هَل يرجع على الْبَاقِي بِشَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَيرْفَع عَنهُ بِقدر قيمَة الْمُعْتق من ذَلِك قلت وَلم وَقد قلت إِذا مَاتَ أَحدهمَا لم يرفع عَن الْبَاقِي من الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْعتْق لَا يشبه الْمَوْت لِأَن الْعتْق بِمَنْزِلَة مَا قد قبض
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أمتين جَمِيعًا وَكَانَت الْمُكَاتبَة على نَحْو مَا ذكرت لَك فَولدت إِحْدَاهمَا ولدا فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يجوز عَنهُ قَالَ نعم قلت فَهَل يرفع عَنْهُمَا شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا يرفع عَنْهُمَا شَيْء
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه على عبد آخر غَائِب بِأَلف دِرْهَم هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم فِي الِاسْتِحْسَان
قلت أَفَرَأَيْت إِذا أدّى هَذَا جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَكيف يعْتق الْغَائِب وَلَيْسَ بمكاتب قَالَ لِأَن السَّيِّد قد قبض جَمِيع الْمُكَاتبَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى ألفا فَأَنت حر وَفُلَان فَفعل وَلِأَن الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن لم يقل فِي الْمُكَاتبَة إِذا أدّيت إِلَى فأنما حران هَل يعتقان إِذا أدّى

(3/430)


قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى هَذَا الْمكَاتب جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع على الْغَائِب بِشَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الْغَائِب لم يكن فِي الْمُكَاتبَة مَعَه
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْغَائِب هَل يرفع عَن هَذَا شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى حِصَّة قِيمَته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيعهَا قلت وَكَيف الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ يصير هَذَا الْمكَاتب مكَاتبا بِقدر قِيمَته من الْمُكَاتبَة وَلَا يلْزمه غير ذَلِك لكني أدع الْقيَاس فِي هَذَا وأجعلهما حُرَّيْنِ إِذا أديا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب مِنْهُمَا مَا القَوْل فِي الْغَائِب وَقد قدم فَقَالَ لَا أؤدي شَيْئا قَالَ هُوَ مَمْلُوك وَلَا يلْحقهُ شَيْء من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن رَضِي قَالَ أَنا أؤدي وَجَاء بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة فَدَفعهَا إِلَى الْمولى وَقَالَ الْمولى لَا أقبلها وَلم يتْرك الْمَيِّت شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فَهُوَ مَمْلُوك لكني لَا أدع الْقيَاس وَأعْتقهُ فَأعتق الْمَيِّت إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَذَا الْحَيّ مِنْهُمَا حَالا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَا حيين جَمِيعًا وَأَرَادَ السَّيِّد أَن يَبِيع الْغَائِب

(3/431)


مِنْهُمَا هَل لَهُ ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم وَأما فِي الِاسْتِحْسَان فحتى يعجز الآخر أَو يُؤَدِّي
قلت أَرَأَيْت رجلا قَالَ لعبد لَهُ قد كاتبت فلَانا لعبد غَائِب على كَذَا كَذَا على أَن يُؤَدِّيهَا عَنهُ فَرضِي بذلك الشَّاهِد أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الشَّاهِد مِنْهُمَا مَمْلُوك وَلم يُكَاتب على نَفسه
قلت أَرَأَيْت إِن أَدَّاهَا إِلَى الْمولى هَل يعْتق الْمكَاتب قَالَ نعم يعْتق قلت وَلم كَانَ هَذَا مكَاتبا قَالَ لِأَنِّي استحسنت من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت رجلا حرا كَاتب على عبد لرجل على أَن يضمن عَنهُ الْمُكَاتبَة يُؤَدِّيهَا إِلَى سيد العَبْد أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب لم يكاتبه على نَفسه وَضَمان الرجل للمكاتبة للرجل لَا يجوز على عَبده
قلت أَرَأَيْت رجلا حرا كَاتب على ابْن لَهُ عبد لرجل أَيجوزُ ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول قلت وَإِن كَانَ الابْن صَغِيرا قَالَ وَإِن كَانَ
قلت أَرَأَيْت عبدا لَهُ ابْن صَغِير وهما لرجل وَاحِد كَاتب على وَلَده هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يُكَاتب على نَفسه وَإِنَّمَا كَاتب على وَلَده وَلَو أدّى فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عتق الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت رجلَيْنِ لَهما عَبْدَانِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عبد على حِدة

(3/432)


كاتباهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة بِأَلف دِرْهَم وَجعلا النُّجُوم وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا هَل يكون للسَّيِّد أَن يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا أَيهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة على مَا ذكرت لَك قَالَ لَا قلت فَمَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتبا بِحِصَّتِهِ بِقدر قيمتهمَا فان كَانَا سَوَاء كل وَاحِد مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَة وَإِن كَانَت الْقيمَة مُخْتَلفَة قسمت الْمُكَاتبَة على قيمتهمَا فَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتبا لما يُصِيبهُ من الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا صَغِيرا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم إِن كَانَ يعقل ويعبر عَن نَفسه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ صَغِيرا لَا يتَكَلَّم وَلَا يعقل هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بمكاتبة وَإِنَّمَا تكون الْمُكَاتبَة إِذا عقل العَبْد ذَلِك قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب عَن الصَّبِي أَبوهُ وَهُوَ حر هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لَا يجوز أَن يضمن لَهُ مَاله عَن عَبده وَلَا يُكَاتب عَبده قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ حرا كَاتب على عبد رجل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت فَهَل يسلم المَال لسَيِّد العَبْد قَالَ نعم
قلت وَلَا يكون للَّذي كَاتب أَن يرجع بِشَيْء من مَاله على السَّيِّد قَالَ لَا قلت فَكيف الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ أما فِي الْقيَاس فَيرجع فَيَأْخُذ مَاله وَيعتق العَبْد قلت وَلم وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل

(3/433)


قَالَ لرجل أعتق عَبدك بِأَلف دِرْهَم فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَأعْتقهُ ثمَّ بدا لَهُ أَن لَا يُعْطِيهِ شَيْئا هَل يكون لَهُ ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع فِيمَا أدّى إِلَى الْمُعْتق إِن أَرَادَ ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى قد اسْتَهْلكهُ قَالَ أما فِي الْمُكَاتبَة فنستحسن أَن لَا يرجع وَأما فِي الْعتْق فَيرجع فَيكون ذَلِك دينا على الْمولى

(3/434)


قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أَحدهمَا عجز ورده الْمولى أَو قدمه إِلَى القَاضِي فَرده وَلَا يعلم القَاضِي بمكاتبة الآخر ثمَّ إِن الآخر أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَلم يعْتق الَّذِي كَانَ رد فِي الرّقّ قَالَ لِأَن عَجزه ذَلِك بَاطِل وَلَا يكون عجزهما إِلَّا جَمِيعًا لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى قد استسعى الَّذِي لم يعجز بعد ذَلِك فِي نجم أَو نجمين ثمَّ عجز ورد فِي الرّقّ أَيْضا وَالْآخر غَائِب هَل يكون رده ردا قَالَ لَا قلت فان كَانَ القَاضِي قد رده قَالَ وَإِن قلت أَرَأَيْت الرجلَيْن إِذا كَاتبا عبدا وَاحِدًا مُكَاتبَة وَاحِدَة غَابَ أَحدهمَا وَقدم الشَّاهِد العَبْد الْمكَاتب إِلَى القَاضِي وَقد عجز هَل يردهُ فِي الرّقّ قَالَ لَا يردهُ حَتَّى يجْتَمع الموليان جَمِيعًا
قلت وَلَو كَانَ رجل وَاحِد كَاتب عبدا وَاحِدًا فَمَاتَ الْمولى وَترك وَرَثَة هَل يَسْتَطِيع بَعضهم أَن يرد الْمُكَاتبَة قبل أَن يجتمعوا جَمِيعًا قَالَ بل لَهُ ذَلِك وَلَا يرد إِلَّا بِقَضَاء قَاض وَلَا يشبه هَذَا الأول أَي الْوَارِثين حضر مَعَه فَهُوَ خصم قلت فَكَذَلِك لَو كَانَ الْمكَاتب هُوَ الْمَيِّت وَترك وَلدين وَكَذَا فِي الْمُكَاتبَة لم يسْتَطع الْمولى أَن

(3/435)


يردا وَاحِدًا مِنْهُم وَالْآخر غَائِب حَتَّى يجتمعوا جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فان كَانَ الْبَاقِي لم يسع فِي شَيْء بعد رد الأول قَالَ وَإِن كَانَ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون ردهما إِلَّا جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِذا رد أَحدهمَا ثمَّ أدّى الآخر عتقا جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أَحدهمَا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَرفع إِلَى الإِمَام فَعرض عَلَيْهِ السُّلْطَان الْإِسْلَام فَأبى فَقتله مَا حَال الْبَاقِي قَالَ لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق هُوَ والمقتول قَالَ نعم قلت فان كَانَ للمقتول ولد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة هَل تجر وَلَاء وَلَده إِلَى موَالِيه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عتق حِين أدّى صَاحبه الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ الْمُرْتَد مِنْهُمَا قد اكْتسب مَالا بِقدر ردته ثمَّ قتل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أَخذ الْمولى ذَلِك من جَمِيع ذَلِك المَال جَمِيع الْمُكَاتبَة ويعتقان جَمِيعًا

(3/436)


قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ للمدبر ولد أَحْرَار هَل يرجعُونَ على الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِذا كَانَ الْوَارِث مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت فِي حَال مَال الْمكَاتب الَّذِي بَقِي مِمَّا كَانَ اكْتسب فِي ردته بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة أَيكُون لوَرثَته قَالَ نعم

(3/437)


قلت أَرَأَيْت إِن ارْتَدَّ أَحدهمَا وَلحق بدار الشّرك هَل يُؤْخَذ هَذَا الْبَاقِي بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيعهَا قلت أَرَأَيْت إِذا أذاها هَل يعْتق هُوَ وَالْمُرْتَدّ الَّذِي فِي دَار الشّرك قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن رَجَعَ الْمُرْتَد مُسلما هَل يرجع الَّذِي أدّى بِجَمِيعِ حِصَّته من الْمُكَاتبَة عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا
قلت أَفَرَأَيْت الْمُرْتَد بعد ذَلِك إِن مَاتَ فِي دَار الشّرك وَترك مَالا يظْهر الْمُسلمُونَ على ذَلِك فيأخذوه فِي دَار الشّرك هَل يرجع هَذَا الَّذِي أدّى بِحِصَّتِهِ إِلَى الْمُرْتَد فِي مَاله ذَلِك وَلم يقسم بعد قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار فَيْئا وَلَا يكون عَلَيْهِ دين وَهِي فَيْء الْمُسلمين قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قد قسم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ أَلا ترى أَن رجلا لَو اسْتَدَانَ من رجل دينا ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بدار الْحَرْب وَلم يتْرك مَالا فِي دَار الْإِسْلَام ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَاله لم يكن

(3/438)


لغرمائه عَلَيْهِ سَبِيل وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا الْمُرْتَد فِي دَار الشّرك بعد فعجز عَن هَذَا الْمُقِيم فِي دَار الْإِسْلَام أيرده القَاضِي فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِذا رد القَاضِي هَذَا أَيكُون رده ردا للْآخر قَالَ لَا قلت فان رَجَعَ الآخر مُسلما أيرده إِلَى مَوْلَاهُ رَقِيقا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبد لَهُ وَامْرَأَته جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وكفل كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة ولدت ولدا فَقتل الْوَلَد لمن قِيمَته قَالَ للْأُم كلهَا قلت وَلَا يكون للْأَب مِنْهُ شَيْء قَالَ لَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو جرح جِرَاحَة أَو اكْتسب مَالا قَالَ نعم ذَلِك كُله للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا

(3/439)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى نَفسه هُوَ الَّذِي قتل الْوَلَد وَقِيمَته وَالْمُكَاتبَة سَوَاء لَهُ أَن يَأْخُذهَا مَكَان الْمُكَاتبَة ويقاص الْأُم بذلك وَلم يحل شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا إِلَّا أَن يَشَاء للْأُم قلت لم قَالَ لِأَن قيمَة الْوَلَد بِمَنْزِلَة مَال أَخذه فَيردهُ عَلَيْهَا إِذا لم يحل عَلَيْهَا شَيْء من مكاتبتها لِأَن الْوَلَد إِنَّمَا هُوَ شَيْء لَهَا
قلت أَرَأَيْت إِن قاصها بذلك ورضيت هَل تعْتق هِيَ وَزوجهَا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة أَدَائِهَا جَمِيع المَال قلت فَهَل ترجع على الزَّوْج بِشَيْء قَالَ نعم ترجع عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِذا حلت وَتَكون قيمَة الْوَلَد كَأَنَّهَا هِيَ بِنَفسِهَا لِأَنَّهُ مَال لَهَا قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد قِيمَته أَكثر من الْمُكَاتبَة وَكَانَ قد ترك مَالا سوى ذَلِك لمن يكون ذَلِك الْفضل وَمَا ترك من مَال قَالَ للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مَالهَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد جَارِيَة فَولدت ولدا ثمَّ قتل ولد الْوَلَد لمن تكون قِيمَته قَالَ للجدة دون الْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْأُم لَو قتلت كَانَت قيمتهَا للجدة فَكَذَلِك وَلَدهَا بمنزلتها قلت وَكَذَلِكَ كل مَا كسبته قَالَ نعم

(3/440)


قلت أَفَرَأَيْت إِذا مَاتَت الْمُكَاتبَة وَبَقِي وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا وَالزَّوْج هَل للْمولى ببنيها سَبِيل فِي شَيْء من السّعَايَة قَالَ نعم عَلَيْهِمَا من الْمُكَاتبَة مَا على أمهما قلت لم يكون على ولد الْوَلَد وأمهما حَيَّة قَالَ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَة أمهما أَلا ترى أَن كسبهما وقيمتهما إِنَّمَا هُوَ للجدة فَكَذَلِك يلْزمهُمَا جَمِيعًا السّعَايَة قلت ويكونان فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْميتَة قَالَ نعم قلت وإنهما إِذا أديا الْمُكَاتبَة عتقوا جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فترجع الْأُم على الْوَلَد بِشَيْء أَو الْوَلَد على أمه بِشَيْء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُمَا إِذا أديا عَن أمهما أفيرجعان على الزَّوْج

(3/441)


بِشَيْء قَالَ أَيهمَا مَا أدّى جَمِيعًا الْمُكَاتبَة رَجَعَ على الزَّوْج بِحِصَّتِهِ من ذَلِك فَيكون لَهُ خَاصَّة دون الْأُم قَالَ نعم قلت وَلَا يكون ذَلِك بِمَنْزِلَة مِيرَاث تركته الْميتَة قَالَ لَا قلت وَلما قَالَ لِأَن الَّذِي أدّى أَحَق بِهِ
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَت الْميتَة حَيَّة لم تمت فولد للزَّوْج ولد من جَارِيَة اشْتَرَاهَا أَيكُون قيمَة وَلَده وَجَمِيع كَسبه على نَحْو مَا وصفت لَك فِي شَأْن الْأُم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة بِأَلف دِرْهَم إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا وقيمتهما سَوَاء ثمَّ إِن أَحدهمَا أدّى مِائَتي دِرْهَم ثمَّ أعْتقهُ الْمولى بعد ذَلِك وَقِيمَته خَمْسمِائَة دِرْهَم وَقِيمَة الآخر خَمْسمِائَة هَل يرجع هَذَا الْمُعْتق على الآخر بِشَيْء أَو هَل يرجع الْبَاقِي على الْمُعْتق بِشَيْء وَمَا حَال الْبَاقِي

(3/442)


وَالْمُكَاتبَة قَالَ يرجع هَذَا الْمُعْتق بِنصْف مَا أدّى على هَذَا الْبَاقِي وَيرْفَع عَن الْبَاقِي نصف مَا بَقِي بعد أَدَاء الْمُعْتق وَيسْعَى فِيمَا بَقِي قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة كَانَ أَصْلهَا وَاحِدًا وكل شَيْء أدّى أَحدهمَا قل أَو كثر رَجَعَ على صَاحبه بِنصْف ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أعتق الَّذِي لم يرد شَيْئا قَالَ يرفع عَن الْبَاقِي نصف مَا بَقِي من مُكَاتبَته وَيرجع الَّذِي أدّى بِنصْف مَا أدّى على الْمُعْتق وَأيهمَا أعتق فانه يُؤْخَذ على حَاله مُكَاتبَة صَاحبه وَيكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَفِيل عَنهُ لِأَن الْمُكَاتبَة قد صحت قبل عتق هَذَا على غير وَجه الْكفَالَة وَكَذَلِكَ الْعتْق

(3/443)


- بَاب كِتَابَة الْمكَاتب
-
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ لم يؤد شَيْئا من مُكَاتبَته قَالَ وَإِن قلت أَفَرَأَيْت مكَاتبا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الثَّانِي أدّى مُكَاتبَته هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَالَّذِي كَاتبه لم يعْتق وَأَنت تزْعم أَن عتق الْمكَاتب لَا يجوز قَالَ لَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْعتْق هَذَا بِمَنْزِلَة البيع استحسنا ذَلِك فأجزناه
قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الأول بعد ذَلِك هَل يمضى عتق الثَّانِي قَالَ نعم عجز الأول أَو لم يعجز قلت وَالثَّانِي حر إِذا أدّى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الأول لم يعجز لمن يكون وَلَاء الثَّانِي قَالَ لمولى الْمكَاتب الأول
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب الأول بعد ذَلِك هَل يرجع إِلَيْهِ وَلَاء مكَاتبه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الآخر حَيْثُ عتق

(3/444)


صَار مولى مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت إِن عجز الأول فَرد فِي الرّقّ هَل يرجع الثَّانِي مَعَه وَلم يعجز قَالَ لَا وَلكنه على مُكَاتبَته يسْعَى فِيهَا للْمولى على نجومه
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب الأول وَقد ترك مَالا كثيرا وورثته أَحْرَار أَو لم يدع وَارِثا غير مَوْلَاهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك وَفِي مُكَاتبَته قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بَقِي من مُكَاتبَته من تركته وَمَا بَقِي فلورثته وَيسْعَى الْمكَاتب فِي لوَرثَته فِي مُكَاتبَته قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بَقِي من مُكَاتبَته من تركته وَمَا بَقِي فلورثته وَيسْعَى الْمكَاتب لوَرثَته فِي مُكَاتبَته قلت وَيصير لمولاهم دون السَّيِّد إِذا أدّى إِلَيْهِم الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فان عجز صَار رَقِيقا لَهُم دون الْمولى قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْمكَاتب لم يدع شَيْئا هَل يرد الْبَاقِي فِي الرّقّ وَلم يعجز قَالَ لَا وَلكنه يسْعَى فِي مُكَاتبَته حَتَّى يُؤَدِّيهَا وَإِن كَانَت مُكَاتبَة الثَّانِي فِيهَا وَفَاء بمكاتبة الأول أدّى فان بَقِي شَيْء صَار لوَرَثَة الْمكَاتب الأول إِن كَانَ لَهُ وَارِث آخر غير الْمولى وَإِلَّا كَانَ للْمولى وَيعتق هَذَا وَالْمَيِّت جَمِيعًا وَيكون وَلَاء الْمَيِّت للْمولى ويجر

(3/445)


وَلَاء وَلَده إِن كَانَ لَهُ أَوْلَاد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة وَيكون وَلَاء الثَّانِي للْمولى الأول أَيْضا لِأَنَّهُ أدّى فَعتق قبل أَن يعْتق الْمَيِّت
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِي مُكَاتبَة الثَّانِي وَفَاء بمكاتبة الأول فَأخذ الْمولى مَا أدّى الثَّانِي هَل يعْتق الأول قَالَ لَا وَلَكِن يعْتق الثَّانِي وَلَا يعْتق الأول قلت فَلِمَنْ يكون وَلَاء الثَّانِي قَالَ للْمولى دون وَرَثَة الأول قلت لم قَالَ لِأَن الْمكَاتب مَاتَ عَاجِزا مَمْلُوكا فَأَما إِذا كَانَ فِي مُكَاتبَة الثَّانِي وَفَاء فَهَذَا مَال تَركه الْمَيِّت الأول فَإِذا قَبضه العَبْد عتق الأول وَالثَّانِي جَمِيعًا
قلت أَفَرَأَيْت إِن عتق السَّيِّد فكاتب مُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت وَلم وَلَو أعتق الْمولى مُكَاتبَة جَازَ قَالَ لِأَن الثَّانِي لَيْسَ للْمولى فِيهِ ملك أَلا ترى لَو أَن الْمولى أعتق شَيْئا من رَقِيق مكَاتبه لم يجز عَنهُ وَكَذَلِكَ مكَاتب الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى مكَاتبه الأول هَل يعْتق الثَّانِي بِعِتْقِهِ قَالَ لَا وَلكنه مكَاتب على حَاله للْمُعْتق وَيسْعَى لَهُ فِي

(3/446)


نجومه قلت وَلَا يكون للْمولى عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب الثَّانِي وَقد ترك مَال فِيهِ وَفَاء بمكاتبته أَو لَيْسَ فِيهِ وَفَاء قَالَ إِن ترك مَالا فِيهِ وَفَاء لمكاتبه أَخذ الْمكَاتب الأول فِي ذَلِك مُكَاتبَته وَينظر إِلَى مَا بَقِي فان كَانَ للْمَيت ولد أَحْرَار أَو وَرَثَة دون الْمولى فَهُوَ لَهُم وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث أَلا مولى الْمكَاتب الأول فَهُوَ لَهُ وَلَاؤُه ويجر وَلَاء وَلَده إِن كَانَ لَهُ ولد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة قلت وَلَا يكون للْمكَاتب من مَاله وَلَا من مِيرَاثه شَيْئا سوى مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت وَلم لَا يَرِثهُ وَهُوَ مكَاتبه قَالَ لَا وَالْمكَاتب لَا يَرث وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة العَبْد
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ أعْتقهُ بعد الْمُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهُ نصف الْمُكَاتبَة وَأخذ مَا بَقِي مِنْهَا هَل يعْتق قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهُ جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا قَالَ لعَبْدِهِ إِذا أدّيت إِلَى ألف دِرْهَم فَأَنت حر وَإِذا أَعْطَيْتنِي ألف دِرْهَم فَأَنت حر وَإِذا جئتني بِأَلف دِرْهَم فَأَنت حر هَل يعْتق فِي شَيْء من هَذِه الْوُجُوه قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا كَاتب جَارِيَة ثمَّ إِن الْمكَاتب وَطئهَا فعلقت مَا حَال الْجَارِيَة قَالَ إِن شَاءَت مَضَت على مكاتبتها وَإِن شَاءَت

(3/447)


عجزت فَتَصِير أم وَلَده لَا يقدرا على بيعهَا قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ الْعَجز فَأعتق الْمولى وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت وَلم وَلَو أعْتقهَا فِي نَفسهَا لم يجز عتقه قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بِمَنْزِلَة وَلَدهَا وَوَلدهَا بِمَنْزِلَة الْمكَاتب أَلا ترى أَن الْمكَاتب لَا يقدر على بيع وَلَده على حَال من الْحَالَات أبدا مَا تبقى أمة للْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ الْعَجز أَيكُون للْمكَاتب أَن يَبِيعهَا أَو يَبِيع وَلَدهَا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد الْوَلَد بعد ذَلِك هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت لم وَقد أجزت عتقه فِي وَلَدهَا قَالَ لِأَنَّهَا لَيست بِمَنْزِلَة وَلَدهَا أَلا ترى أَن مَوْلَاهَا إِذا أدّى الْمُكَاتبَة صَارَت أم وَلَده ويستخدمها ويطأها وَأما وَلَدهَا مُعتق قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد هَل للْمكَاتب أَن يَبِيع الْأُم بعد ذَلِك قَالَ لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهَا مَاتَ الْوَلَد أَو لم يمت
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب جَارِيَة لَهُ فَعمد السَّيِّد فوطئ مُكَاتبَته فَولدت مِنْهُ أَو لم تَلد قَالَ إِن لم تَلد فَعَلَيهِ الْعقر لَهَا

(3/448)


وَإِن ولدت مِنْهُ فَعَلَيهِ الْعقر وتمضى على مكاتبتها وَلَيْسَ فِي الْوَلَد قيمَة وَالْولد بِمَنْزِلَة أمه يعْتق بِعتْقِهَا فان أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا قلت فَيثبت نسب الْوَلَد مِنْهُ قَالَ نعم قلت لم لَا يلْزمه الْوَلَد بِالْقيمَةِ فِي هَذِه الْحَال قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون عَلَيْهِ قيمَة الْوَلَد مَا دَامَت على مكاتبتها لِأَن الْقيمَة لَا تكون لَهَا وَلَا للْمكَاتب مَا دَامَت مُكَاتبَة لِأَن وَلَدهَا بمنزلتها أَلا ترى أَنَّهَا لَو حبلت من غَيره لم يكن للْمكَاتب على الْوَلَد سَبِيل وَكَانَ بِمَنْزِلَة أمه
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت مَا القَوْل فِي ذَلِك وَمَا حَال الْوَلَد قَالَ يكون الْوَلَد للْمولى بِالْقيمَةِ وَتَكون للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ

(3/449)


لِأَنِّي استحسنت ذَلِك فأكره أَن أجعله وَلَده رَقِيقا
قلت أَرَأَيْت الْأُم هَل تصير أم ولد السَّيِّد قَالَ لَا وَلكنهَا مَمْلُوكَة للْمكَاتب
قلت أَفَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب جَارِيَة لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ ثمَّ وطئ السَّيِّد الْجَارِيَة الَّتِي كاتبها فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ فِي هَذَا الْوَجْه بِمَنْزِلَة مَا كَانَت وَيكون الْوَلَد وَلَده وتخير الْجَارِيَة فان شَاءَت الْعَجز عجزت وَتصير أم وَلَده وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها وَتَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ فعلت
قلت أَفَرَأَيْت إِن لم يعجز الْمكَاتب وَلكنه مَاتَ بعد مَا وَطْء السَّيِّد مُكَاتبَته فعلقت وَلم يتْرك شَيْئا قَالَ هَذِه بِمَنْزِلَة الأول أَيْضا قلت فان كَانَ للْمكَاتب وَرَثَة أَحْرَار وَفِي الْمُكَاتبَة فضل قَالَ

(3/450)


هَذِه تمْضِي على مكاتبتها فان أدَّت عتقت وَيكون مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة سوى مَا أَخذ السَّيِّد لوَرَثَة الْمكَاتب
قلت فان كَانَ الَّذِي وَطئهَا الْمكَاتب ثمَّ مَاتَ وَلم يتْرك مَالا هَل تخيرها فِي هَذَا الْبَاب قَالَ إِن كَانَت لن تَلد لم تخير وَإِن كَانَت ولدت خيرت فان شَاءَت سعت هِيَ وَوَلدهَا فِي مُكَاتبَته الأولى ورفضت مكاتبتها وَإِن شَاءَت قبضت على مكاتبتها قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يتْرك مَالا قلت فَلَو ترك مَالا فِيهِ وَفَاء بمكاتبته أدّى مُكَاتبَته وَعتق وَبَطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت فِي الْبَاب الأول وَالْمُدَّعِي للْوَلَد الْمولى ومكاتب الأول ميت مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ أما وَلَدهَا فحر وعَلى أَبِيه قِيمَته فان كَانَ فِي قِيمَته وَفَاء لمكاتبة عتق الْمكَاتب وَكَانَت الْأُم مَمْلُوكَة لوَرثَته إِن كَانَ لَهُ ولد أَحْرَار قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب وَوَلدهَا بِمَنْزِلَة مَال التَّرِكَة استحسنت أَن أجعَل الْوَلَد لَهُ

(3/451)


بِالْقيمَةِ وَلَا يُبَاع وَأما الْأُم مَمْلُوكَة لوَرَثَة الْمكَاتب فان لم تكن لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى فَهِيَ أم ولد للْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يردون مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة إِلَى السَّيِّد وَالْمُكَاتبَة على مكاتبتها فان عجزت ردَّتْ فِي الرّقّ وَيكون الْوَلَد للسَّيِّد بِالْقيمَةِ وَتَكون الْقيمَة لوَرَثَة الْمكَاتب قلت فَمَا حَال الْأُم قَالَ هِيَ مَمْلُوكَة لوَرَثَة الْمكَاتب إِذا كَانَ لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى قلت وَلم جعلت عَلَيْهِ قيمَة الْوَلَد فِي هَذَا الْوَجْه قَالَ لِأَن الْمكَاتب مَاتَ وَترك وَفَاء وَقد قبض الْمولى مُكَاتبَته من تركته فَصَارَ حرا فَكَأَنَّهُ قد كَانَ عتق قبل أَن يَمُوت أَلا ترى أَنه لَو أدّى الْمُكَاتبَة عتق ثمَّ إِن مُكَاتبَته عجزت وَقد كَانَ السَّيِّد وَطئهَا فَولدت مِنْهُ جعلت لَهَا الْوَلَد بِالْقيمَةِ واستحسنت أَن يسترقه الْمكَاتب وَأما الْأُم فمملوكة لَهُ قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ وَترك وَفَاء وَقبض السَّيِّد مَا بَقِي من مُكَاتبَته ثمَّ عجز بعد ذَلِك قَالَ نعم

(3/452)


قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب يُكَاتب عبدا لَهُ ثمَّ كَاتب مكَاتبه عبدا لَهُ أَيْضا أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أمة لَهُ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الثَّانِي أمة لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الأول وطئ مُكَاتبَة الثَّانِي فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ وتمضي على مكاتبتها وَوَلدهَا بمنزلتها فان أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا مَعهَا
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ هِيَ مَمْلُوكَة لمولاها وَيكون الْوَلَد للْمكَاتب الأول بِقِيمَتِه قلت لم قَالَ إِنِّي استحسنت ذَلِك وَتركت الْقيَاس فِيهِ وَجَعَلته بِمَنْزِلَة الْمولى إِذا وطئ مُكَاتبَة مكَاتبه
قلت أَفَرَأَيْت إِذا أَخذه بِالْقيمَةِ أَيكُون بِمَنْزِلَة يعْتق بِعِتْقِهِ ويرق برقه وَلَا يكون لَهُ أَن يَبِيعهُ قَالَ نعم قلت فان أعتق الْمولى وَلَده بعد ذَلِك هَل يجوز عتقه قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كتب الْمكَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الثَّانِي كَاتب أَيْضا عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب الْأَوْسَط عجز مَا حَال مكَاتبه قَالَ هُوَ مكَاتب للْمكَاتب الأول وَيسْعَى لَهُ فِي مُكَاتبَته فان أَدَّاهَا عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ وَكَانَ عبدا لَهُ قلت وَلَا يكون عجز

(3/453)


الْأَوْسَط عَجزا للثَّالِث قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمه لَهُ فَولدت ولدا جَارِيَة ثمَّ إِن الْوَلَد ولد ولدا آخر فَأعتق الْمولى الْمُكَاتبَة هَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى الْوُسْطَى هَل يعْتق وَلَدهَا مَعهَا قَالَ لَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي حنيفَة فَيعتق الْأَسْفَل مَعَه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة ولد الْمُكَاتبَة وَلَا يعْتق إِلَّا بِعتْقِهَا فَإِذا أعتقت الْجدّة عتقوا جَمِيعًا وَإِن أعتق الْوُسْطَى لم يعْتق غَيرهَا وَلَا يعْتق وَلَدهَا بِعتْقِهَا لِأَنَّهَا لَيست بمكاتبة نَفسهَا وَإِنَّمَا يعْتق وَلَدهَا بِعِتْق جدَّتهَا فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة يعْتق وَلَدهَا إِذا عتق وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَلا ترى أَن كسبهما جَمِيعًا وقيمتهما للجدة وَلَا يكون للوسطى من كسب وَلَدهَا شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عبدا لَهُ فكاتب الْمكَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ جَمِيعًا وَجعل مكاتبتهما جَمِيعًا وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وَإِن عَجزا ردا وَإِن أديا عتقا هَل يجوز ذَلِك كَمَا يجوز لَو كاتبهما الْمولى قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الْمكَاتب عبدا لَهُ وَجَارِيَة لَهُ جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا وكفل

(3/454)


كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه ثمَّ إِن الْمكَاتب الأول وطئ الْجَارِيَة فعلقت مِنْهُ فَولدت ولدا مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها وَهِي على مكاتبتها وَتَأْخُذ عقرهَا من الْمكَاتب قلت وَلَا تخيرها قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا لَا تكون عاجزة دون الْمكَاتب الآخر الَّذِي مَعهَا أَلا ترى أَنَّهَا لَو عجزت لم ترد وَلم تصر لَهُ أم ولد الْمكَاتب لِأَن شريكها إِذا أدّى عَنْهَا عتق وعتقت مَعَه لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة لَا يعجزان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يكونَانِ بمنزلتها لَو كاتبها وَحدهَا
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب مُكَاتبَته هَل يعْتق وَلَدهَا بِعِتْقِهِ قَالَ نعم قلت وَتَكون هِيَ على مكاتبتها وَلَا يكون لَهَا الْخِيَار قَالَ نعم قلت وَلم وَقد عتق سَيِّدهَا قَالَ هُوَ سَوَاء عتق أَو لم يعْتق وَلَا تكون عاجزة دون صَاحبهَا وَلَا تعجزان إِلَّا جَمِيعًا وَلَو عجزت لم ترد لِأَن صَاحبهَا لَو أدّى عتقا جَمِيعًا فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت فَمَا لَك أعتقت وَلَده حَيْثُ أعتق قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَار حرا تعْتق وَلَده بِعِتْقِهِ أَلا ترى لَو أَن حرا كَاتب عبدا لَهُ وَأمة على

(3/455)


مَا وصفت لَك فوطئ الْجَارِيَة فعلقت عتق الْوَلَد وَلَا تَسْتَطِيع الْجَارِيَة أَن تعجز دون صَاحبهَا وَكَذَلِكَ الْمكَاتب إِذا أدّى فَعتق
قلت أَرَأَيْت هَذَا الْمكَاتب الَّذِي كَاتب عبدا وَأمة لَهُ على مُكَاتبَة وَاحِدَة على مَا وصفت لَك ثمَّ عمد السَّيِّد الأول إِلَى الْأمة فَوَطِئَهَا فَولدت مِنْهُ أَيكُون وَلَده حرا قَالَ هُوَ بِمَنْزِلَة أمه يعْتق بِعتْقِهَا فان عجزت هِيَ وصاحبها فَردا جَمِيعًا كَانَ لَهُ وَلَده بِالْقيمَةِ وَأما مَا لم يعجز فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَد قيمَة وَهِي بِمَنْزِلَة أمه
قلت أَفَرَأَيْت هَذَا الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ وَامْرَأَته جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة فَولدت امْرَأَته ولدا يكون الْوَلَد وَكَسبه لَهَا دون الْأَب كَمَا يكون إِذا كاتبها الْمولى قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب السَّيِّد مكاتبتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن إِحْدَى المكاتبتين ولدت ولدا فوطئ السَّيِّد ولد الْمُكَاتبَة فعلقت هَل تصير أم ولد لَهُ قَالَ لَا وَالْولد حر قلت فَهَل يثبت نسب الْوَلَد قَالَ نعم قلت فَهَل عَلَيْهِ فِي الْوَلَد

(3/456)


قيمَة قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَد قيمَة وَهُوَ حر قلت وَلم قَالَ لِأَن الْأُم الأولى إِذا عتقت عتق وَلَدهَا مَعهَا وَإِن عجزت هِيَ وصاحبها جَمِيعًا صَار الْوَلَد وَلَده بِغَيْر قيمَة قلت أَفَرَأَيْت ابْنَتهَا الَّتِي وطئ السَّيِّد إِن قَالَت أَنا أُرِيد أَن أصير أم ولد للسَّيِّد أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فكاتب الْمكَاتب أمة لَهُ ثمَّ إِن مُكَاتبَة الْمكَاتب ولدت ولدا ثمَّ مَاتَت وَبَقِي وَلَدهَا ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب بعد ذَلِك مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى فِيمَا كَانَ على أمه على نجومها فان أدّى عتق وعتقت أمه مَعَه وَينظر إِلَى مَا أَدَّاهُ فان كَانَ فِيهِ وَفَاء لمكاتبته الأولى عتق أَيْضا لِأَن مَا أدّى الْوَلَد فَإِنَّمَا يصير للْمكَاتب الأول قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْمكَاتب الأول حَيْثُ مَاتَ صَار مَا على مُكَاتبَته دينا لَهُ من تركته فَمن ثمَّ عتق الْمكَاتب الأول
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب جاريتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة فَأعتق إِحْدَاهمَا ووطئ الْأُخْرَى فعلقت مِنْهُ قَالَ تعْتق الَّتِي أعتق وترفع حصَّتهَا من الْمُكَاتبَة عَن الْأُخْرَى وتخير الْأُخْرَى الَّتِي علقت مِنْهُ فان شَاءَت سعت فِيمَا بَقِي من الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت وَإِن شَاءَت عجزت وَكَانَت أم ولد وَتبطل الْمُكَاتبَة عَنْهُمَا جَمِيعًا

(3/457)


قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة كاتبت عبدا لَهَا على ألف دِرْهَم فَولدت فِي مكاتبتها ولدا ثمَّ مَاتَت وَلم تدع شَيْئا قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه ومكاتبها على مُكَاتبَته يسْعَى فِي مُكَاتبَته فَمَا أدّى من شَيْء أَخذه الْمولى حَتَّى يَسْتَوْفِي الْمُكَاتبَة فان أدّى قبل الْوَلَد عتق وَوَلَاؤُهُ للْمولى ثمَّ يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى الْمولى من مُكَاتبَته وَيعتق وَلَدهَا فان كَانَ مُكَاتبَته أَكثر من مُكَاتبَة مولاته فَأدى مكَاتبه مُكَاتبَة مولاته إِلَى الْمولى عتق الْوَلَد وَيقبض الْوَلَد مِنْهُ مَا بَقِي عَلَيْهِ وَيعتق هُوَ إِذا أدّى ذَلِك وَيكون وَلَاؤُه للْوَلَد وَإِن كَانَ أدّى مُكَاتبَته قبل مُكَاتبَة مولاته

(3/458)


وَأدّى ذَلِك فانه يعْتق وَيكون وَلَاؤُه للْمولى ثمَّ يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى الْمولى عَن مُكَاتبَته فتعتق هِيَ وَلَدهَا الْبَاقِي وَيكون ولاؤهم للْمولى أَيْضا وَذَلِكَ لِأَن الأولى عتقت بعد عتق الْبَاقِي وَلَا يكون لابنها وَلَاء حَتَّى يعْتق ابْنهَا قبل عتق الْأُخْرَى أَلا ترى أَنَّهَا لَو تركت مَالا سوى الْمُكَاتبَة أَخذ الْمولى مكاتبتها من ذَلِك وَأعْتق الْوَلَد وَكَانَ وَلَاء الْمكَاتب للْوَلَد قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الأول قبل الْعتْق هَل يعْتق قَالَ نعم وَيُؤَدِّي الْمكَاتب إِلَيْهِ مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت الابْن هَل تستسعيه فِي شَيْء أَو تقضي عَلَيْهِ بالسعاية مَا دَامَ مكَاتبا قَالَ نعم أَقْْضِي عَلَيْهِ بِمَا على أمه من الْمُكَاتبَة يسْعَى فِيهِ نجوما أَو يكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمه قلت وَلم وَقد تركت مَالا قَالَ لِأَن مَا على الْمكَاتب إِنَّمَا

(3/459)


هُوَ دين أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على رجل دين إِلَى رجل قضيت على الْوَلَد بالسعاية فَإِذا خرج الدّين أَخذه الْمولى فَكَذَلِك الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ نجم الْمكَاتب أَجله إِلَى سنة وَالْولد يحل عَلَيْهِ نجمه إِلَى شهر فَقضيت عَلَيْهِ بالسعاية فَحل عَلَيْهِ نجمه فعجز عَنهُ فَلم يؤده هَل يرد فِي الرّقّ قَالَ نعم يرد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا على الْمكَاتب لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا بعد حلّه أَلا ترى لَو أَن الْمُكَاتبَة تركت مَالا على رجل إِلَى سنة ثمَّ حل نجمه فَلم يؤده رد فِي الرّقّ وَكَذَلِكَ مَا على الْمكَاتب
قلت أَفَرَأَيْت إِذا رد فِي الرّقّ ثمَّ أدّى الْمكَاتب بعد ذَلِك وَخرج الدّين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك كُله للْمولى وَولده الأول رَقِيق قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا رد فِي الرّقّ كَانَ عبدا وَكَانَ مَا ترك بعد ذَلِك من دين للْمولى وَكَانَ هُوَ رَقِيقا
- بَاب مُكَاتبَة الْأَب على نَفسه وَولده الصغار
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَولده الصغار بِأَلف دِرْهَم مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل النُّجُوم وَاحِدَة إِذا أَدَّاهَا عتقوا وَإِذا عجز ردوا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا وَقد دخل

(3/460)


وَلَده الصغار مَعَه فِي الْمُكَاتبَة من غير أَن يرْضوا بهَا وَلَا يعقلوها قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب عَلَيْهِم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى من الْمُكَاتبَة قيمَة نَفسه هَل يعْتق قَالَ لَا يعْتق هُوَ وَلَا أحد من وَلَده حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يعتقون إِلَّا جَمِيعًا
قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الْأَب فَرد فِي الرّقّ هَل يرد مَعَه وَلَده قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدْرك وَلَده فَقَالُوا نَحن نسعى فِي الْمُكَاتبَة قَالَ لَا يلْتَفت إِلَيْهِم لِأَن الْأَب حَيْثُ عجز فَرد فَهُوَ رد لَهُم
قلت وَكَذَلِكَ إِن أدركوا فعجز الْأَب بعد مَا أدركوا فَرد فِي الرّقّ أَيكُون هَذَا ردا لَهُم جَمِيعًا قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن قَالُوا بعد ذَلِك نَحن نسعى فِي الْمُكَاتبَة هَل يلْتَفت إِلَيْهِم قَالَ لَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ الْأَب وَلم يدع شَيْئا مَا حَال وَلَده قَالَ يسعون فِي الْمُكَاتبَة فان أَدّوا عتقوا وَإِن عجزوا ردوا رَقِيقا قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانُوا صغَارًا لَا يقدرُونَ على أَن يسعوا هَل يردون فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانُوا صغَارًا

(3/461)


يقدرُونَ على الْأَدَاء فسعى بَعضهم فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة فأداها إِلَى الْمولى هَل يرجع على إخْوَته بِشَيْء قَالَ لَا قلت فَهَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَلم لَا يرجع عَلَيْهِم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أدّى عَن أَبِيه وَلم يؤد عَنْهُم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى من الْمُكَاتبَة قدر قِيمَته هَل يعْتق قَالَ لَا حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ بَعضهم هَل يرفع عَن نفسهم شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأَب وَلِأَنَّهُم لَا يعتقون إِلَّا بأدائها جَمِيعًا قلت وَكَذَلِكَ إِن مَاتُوا جَمِيعًا وَبَقِي وَاحِد كَانَ عَلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانُوا أَحيَاء وَقد مَاتَ الْأَب هَل يكون للسَّيِّد أَن يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب عَلَيْهِم أَلا ترى أَنه لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيعًا وَهُوَ فِي هَذِه الْحَال بِمَنْزِلَة أَبِيه
قلت أَفَرَأَيْت أَن أحدهم إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة فأعتقوا جَمِيعًا ثمَّ أُصِيب للْمكَاتب مَال كثير مَا القَوْل فِي ذَلِك وَهل يرجع هَذَا الَّذِي

(3/462)


أدّى الْمُكَاتبَة فِي مَال أَبِيه قَالَ لَا وَيكون ذَلِك بَينهم مِيرَاثا جَمِيعًا قلت وَلم لَا يرجع بِهِ فِي مَال أَبِيه قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى بَعضهم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عتقه جَائِز قلت فَهَل يرفع عَن البَاقِينَ شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم يرفع عَنْهُم بِحِصَّة قيمَة هَذَا الْمُعْتق من الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد أعْتقهُ وَلَا يشبه الْعتْق فِي هَذَا الْمَوْت بِمَنْزِلَة مَا قد قبض
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت فيهم جَارِيَة فَوَطِئَهَا السَّيِّد فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ عقرهَا من السَّيِّد وَالْولد وَلَده وَهِي مُكَاتبَة على حَالهَا قلت أَرَأَيْت إِن قَالَت أَنا أعجز وأصير أم ولد أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد ولدت من سَيِّدهَا قَالَ لِأَنَّهَا لَا تكون عاجزة مَا دَامَ شركاؤها يسعون أَلا ترى أَن بَعضهم أَدّوا عتقوا جَمِيعًا وعتقت مَعَهم فَلذَلِك لم يكن لَهَا الْخِيَار وَهَذَا بِمَنْزِلَة مكاتبتين كاتبهما رجل مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ وطئ إِحْدَاهمَا فعلقت فَلَا يكون لَهَا الْخِيَار وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول

(3/463)


قلت أَرَأَيْت إِذا عجزوا جَمِيعًا هَل تصير الَّتِي كَانَت ولدت أم ولد قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْأَب حَيا فَأدى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع على وَلَده بِشَيْء قَالَ لَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى بعض الْوَلَد جَمِيع الْمُكَاتبَة فِي حَيَاة أَبِيه هَل يرجع على أَبِيه بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ شَيْء تطوع بِهِ على أَبِيه وَلم يكن عَلَيْهِ شَيْء من الْمُكَاتبَة مَعَ أَبِيه وَإِنَّمَا كَاتب الْأَب عَنهُ
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ وَلَده كبارًا فكاتب على نَفسه وَلَده بِغَيْر رضاهم وَلَا علمهمْ فَأدى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد كَاتبه عَلَيْهِم جَمِيعًا
قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى الْأَب الْمُكَاتبَة هَل يرجع على وَلَده بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد لم يرْضوا بالمكاتبة وَلم يكاتبوا على أنفسهم وَلم يدخلُوا مَعَ الْأَب فِيهَا
قلت أَفَرَأَيْت رجلا كَاتب مَمْلُوكا وَامْرَأَته مُكَاتبَة وَاحِدَة على أَنفسهمَا أولادهما وهم صغَار وَجعلا نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن بعض الْوَلَد قَتله إِنْسَان خطأ لمن تكون قِيمَته قَالَ

(3/464)


قِيمَته لَهما جَمِيعًا يستعينان فِي مكاتبتهما وَتَكون للسَّيِّد أَن يَأْخُذهَا ويحبسها من الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى لَيْسَ لَهُ على الْوَلَد سَبِيل أَلا ترى أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يستسعيه فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة وَأَن حَقه على الْأَب وَالأُم
قلت فان كَانَ الْوَلَد قد غَابَ فَأَرَادَ الْمولى أَن يستسعيه بعد ذَلِك أَله ذَلِك قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب أَبَاهُ وَأمه وَهُوَ صَغِير وَإِنَّمَا الْحق على الْأَب وَالأُم مَا داما حيين لِأَنَّهُمَا اللَّذَان كَاتبا
قلت أَرَأَيْت إِذا كبر الْوَلَد فاكتسب مَالا هَل للْأَب على مَاله سَبِيل قَالَ لَا
قلت أَفَرَأَيْت إِذا مَاتَ بعض الْوَلَد فاكتسب مَالا يكون ذَلِك المَال لِلْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا يُؤَدِّي فِيهِ الْمُكَاتبَة وَلَيْسَ للسَّيِّد مِنْهُ شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأَبَوَيْنِ وَلَيْسَ على الْوَلَد مِنْهُ شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يرفع عَن الْأَبَوَيْنِ شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد قد دخلُوا

(3/465)


مَعهَا فِي الْمُكَاتبَة قلت وَكم يرفع عَنْهُمَا قَالَ قدر حِصَّة الْوَلَد من الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِذا اكْتسب الْوَلَد مَالا هَل لِلْأَبَوَيْنِ أَن يأخذا المَال مِنْهُ قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت أَن كسب ولد الْمُكَاتبَة لَهَا قَالَ ليسَا بِسَوَاء لِأَن الْوَلَد إِذا ولد فِي الْمُكَاتبَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة أمه وَإِذا كَانَ مَعهَا فِي الْمُكَاتبَة فَلَيْسَ لَهَا على كَسبه سَبِيل لِأَنَّهُ مكَاتب مَعهَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ الْأَب أَو الْأُم هَل يكون للْمولى على الْوَلَد سَبِيل فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا مَا دَامَ أَحدهمَا حَيا إِلَّا أَن يموتا جَمِيعًا فَأَما إِذا مَاتَا جَمِيعًا كَانَ على الْوَلَد أَن يُؤَدِّي جَمِيع مَال الْمُكَاتبَة حَالَة وَإِلَّا رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَن جَمِيع الْمُكَاتبَة على الْبَاقِي مِنْهُمَا وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمولى كَاتب الْأَبَوَيْنِ على الْأَوْلَاد وهم يَوْمئِذٍ كبار فَأَما إِذا كَانَ كاتبهما على أولادهما وهم صغَار فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا ولد فِي مكاتبتهما فِي السّعَايَة فِيمَا عَلَيْهِمَا من الْمُكَاتبَة على النُّجُوم إِذا مَاتَ الأبوان

(3/466)


- بَاب مُكَاتبَة الْوَصِيّ رَقِيق الْيَتَامَى
-
قلت أَرَأَيْت وَصِيّا كَاتب عبدا ليتامى هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتبه الْوَصِيّ ثمَّ وهب لَهُ المَال بعد ذَلِك هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزت الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْوَصِيّ لم يملك هَذَا المَال الَّذِي وهب وَلَا يهب مَا لَا يملك وَإِنَّمَا أجزت الْمُكَاتبَة لِأَنَّهَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة البيع
قلت أَرَأَيْت إِذا أقرّ الْوَصِيّ أَنه قد قبض المَال من الْمُكَاتبَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيعتق العَبْد
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْوَصِيّ قد كنت كاتبته وَأدّى إِلَى

(3/467)


هَل يصدق وَيعتق بقوله ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزته فِي الْبَاب الأول قَالَ لِأَن الْبَاب الأول قد كَاتبه بِبَيِّنَة فَأَما إِذا قَالَ قد كنت كاتبته وَأدّى إِلَى وَلم يقم بَيِّنَة فَلَيْسَ قَوْله ذَلِك بِشَيْء وَلَا يصدق
قلت أَفَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا وَأمة لِلْيَتَامَى أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت وَيجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا أَو أمة وكل الْوَصِيّ رجلا يقبض ذَلِك من الْمُكَاتبَة أَيجوزُ ذَلِك إِن قبض الْوَكِيل قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن أدْرك الْيَتِيم بعد مَا كَاتبه الْوَصِيّ فَأبى الْيَتِيم أَن يُجِيز الْمُكَاتبَة وَالْمكَاتب على حَاله لم يؤد شَيْئا هَل لَهُ أَن يردهُ قَالَ لَا وَلَكِن الْمُكَاتبَة جَائِزَة ويستسعيه الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب الْمُكَاتبَة إِلَى الْوَصِيّ بعد مَا أدْرك الْيَتِيم هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت فان نَهَاهُ الْيَتِيم أَن يَدْفَعهُ إِلَى الْوَصِيّ قَالَ وَإِن فَلَا يجوز أَن يدْفع إِلَى الْوَصِيّ بِمَنْزِلَة الْمَدْيُون فان كَانَ العَبْد فَأدى كَاتبه ثمَّ أدْرك الصَّبِي فَلَيْسَ لَهُ أَن يقبض

(3/468)


قلت أَرَأَيْت إِن قَبضه الْيَتِيم بعد مَا يبلغ من الْمكَاتب هَل يجوز قَالَ نعم يجوز وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل أَمر جلا أَن يُكَاتب عَبده فكاتبه
قلت أَرَأَيْت إِن أدْرك الْيَتِيم فَعمد الْوَصِيّ فَدفع إِلَى الْيَتِيم مَاله وَبرئ إِلَيْهِ من الْوَصِيَّة ثمَّ قبض الْوَصِيّ بعد ذَلِك من الْمكَاتب مُكَاتبَته هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي قد أخرجه من الْوَصِيَّة إِلَى غَيره هَل للْوَصِيّ الأول الَّذِي كَاتب الْمكَاتب أَن يَأْخُذ شَيْئا قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ شَيْئا هَل يبرأ مِنْهُ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بوصي وَلِأَن الْوَصِيّ غَيره قلت وَكَذَلِكَ إِن قبض دينا لمَيت لم يجز ذَلِك قَالَ نعم وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة غَيره
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا أَو أمة ثمَّ عجز الْمكَاتب فَرده الْوَصِيّ وَرَضي بذلك الْمكَاتب هَل يكون رده ردا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِن كَاتب عَبْدَيْنِ لِلْيَتَامَى مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيجوز

(3/469)


مُكَاتبَة الْوَصِيّ فِي جَمِيع رَقِيق الْيَتَامَى فِيمَا يجوز مُكَاتبَة الرجل فِي رَقِيقه قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت الْمَيِّت إِذا كَانَ لَهُ وصيان فكاتب أَحدهمَا دون الآخر بِغَيْر إِذن صَاحبه هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو بَاعَ أَحدهمَا مَمْلُوكا لِلْيَتَامَى أَو غير ذَلِك لم يجز فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة لَا تجوز
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه بِإِذن صَاحبه أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَفِي قِيَاس قَول أبي يُوسُف مُكَاتبَة أَحدهمَا بِغَيْر إِذن صَاحبه جَائِزَة كَمَا يجوز بيع أَحدهمَا دون صَاحبه
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا مَمْلُوكا دون صَاحبه بِغَيْر أمره فَأدى إِلَيْهِ الْمَمْلُوك الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد قلت لم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة كَانَت بَاطِلَة

(3/470)


قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا أعتق عبدا لِلْيَتَامَى هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت فَكيف أجزت مُكَاتبَته وَلم تجز عتقه قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة بِمَنْزِلَة البيع فَلَا يجوز أَن يعْتق مَا لَا يملك
قلت أَرَأَيْت إِن بَاعه نَفسه بِأَلف هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت فَكيف لَا يجوز هَذَا وَتجوز الْمُكَاتبَة وَهَذَا بيع قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بمكاتبة وَلَا بيع هَذَا عتق وَلَا يجوز بِمَنْزِلَة قَوْله أَنْت حر على ألف دِرْهَم أَلا ترى أَنه لَو قَالَ لَهُ ذَلِك لم يجز فَكَذَلِك الْبَاب الأول
قلت أَرَأَيْت الرجل أوصى إِلَى رجل ورثته كبار لَيْسَ فيهم صغَار فكاتب الْوَصِيّ رقيقهم هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت فَلم أجزته إِذا كَانُوا صغَارًا قَالَ لأَنهم إِذا كَانُوا صغَارًا كَانَ لَهُ أَن يُكَاتب رقيقهم وَإِنَّمَا استحسنا إِذا كَانُوا صغَارًا
قلت فان كَانَ الْوَرَثَة كبارًا غيبا أهوَ سَوَاء قَالَ نعم لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يُكَاتب إِذا كَانَ الْوَرَثَة كبارًا غيبا كَانَ الْوَرَثَة أم شُهُودًا قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانُوا صغَارًا فكاتب بعد مَا أدركوا قَالَ نعم قلت وَلم استحسنت ذَلِك قَالَ لِأَن الْوَرَثَة إِذا كاتبوه جَازَ ذَلِك فَأَما إِذا كَانُوا صغَارًا فمكاتبة الْوَصِيّ جَائِزَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ بعض الْوَرَثَة صغَارًا وبقيتهم كبارًا

(3/471)


فكاتب الْوَصِيّ رَقِيقا من رقيقهم فَأبى الْكِبَار أَن يجيزوا ألهم ذَلِك قَالَ نعم وَلَا يجوز الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ عَلَيْهِ دين وَله وَصِيّ فكاتب الْوَصِيّ بعض الرَّقِيق هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَإِن كَانَ الدّين لَا يُحِيط بِمَالِه قَالَ وَإِن
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمَيت مَال كثير وَله عبد وَعَلِيهِ دين وَمَاله أَكثر من دينه وَهُوَ فِي يَد الْوَصِيّ فكاتب الْوَصِيّ العَبْد ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء فأرادوا رد الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ دينهم من المَال وَتجوز الْمُكَاتبَة فِي هَذَا الْوَجْه قلت وَلم أجزتها قَالَ لِأَن فِي المَال وَفَاء وَلَيْسَ على العَبْد سَبِيل للْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت إِن هلك المَال فِي يَد الْوَصِيّ قبل أَن يقبضهُ الْغُرَمَاء قَالَ الْمُكَاتبَة مَرْدُودَة وَيُبَاع العَبْد لغرماء قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يتْلف مَال الْغُرَمَاء وَإِنَّمَا العَبْد فِي هَذَا الْوَجْه للْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا للْوَرَثَة وهم غيب وهم كبار كلهم وَقد كَانَ أوصى إِلَيْهِ وَالْوَرَثَة كلهم كبار فقدموا فَأَبَوا أَن يجيزوا الْمُكَاتبَة ألهم أَن يردوها قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْوَصِيّ أَن يُكَاتب إِذا كَانَ الْوَرَثَة كبارًا وَلَا إِذا كَانَ على الْمَيِّت دين وَلَا إِذا كَانَ الْمَيِّت أوصى بِثلث مَاله لِأَنَّهُ قد وَقع للْمُوصي لَهُ بعض الرَّقِيق

(3/472)


قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ فِي أَي شَيْء يجوز مُكَاتبَته وَفِي أَي شَيْء لَا تجوز قَالَ إِذا كَانَ الْوَرَثَة صغَارًا وَلم يوص بِشَيْء من الرَّقِيق وَلم يكن عَلَيْهِ دين فمكاتبة الْوَصِيّ جَائِزَة وَأما إِذا كَانُوا كبارًا فَكَانَ عَلَيْهِ دين أَو أوصى بِثلث مَاله فَلَا يجوز مُكَاتبَته

(3/473)


قلت أَرَأَيْت الْوَصِيّ إِذا كَاتب عبدا لِلْيَتَامَى أَو جَارِيَة فمكاتبته جَائِزَة بِمَنْزِلَة الرجل إِذا كَاتب عبد نَفسه فِي جَمِيع مَا يجوز على الْمكَاتب وَله قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا عجز الْمكَاتب الَّذِي قد كَاتبه الْوَصِيّ ورده الْوَصِيّ فِي حَيَاته هَل يجوز رده قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب العَبْد ثمَّ إِن الْوَصِيّ مَاتَ وَأوصى إِلَى غَيره أَيكُون وَصِيّ الْمَيِّت بِمَنْزِلَة الْوَصِيّ الأول قَالَ نعم
قلت فَهَل لوصي الْوَصِيّ ان يُكَاتب كَمَا يُكَاتب وَصِيّ الْمَيِّت قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت أَن يُكَاتب عبدا للْيَتِيم أَو جَارِيَة ثمَّ كبر

(3/474)


الْيَتِيم فعجز الْمُكَاتبَة فَرده فِي الرّقّ وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيره يرضى الْمكَاتب قَالَ رده جَائِز
قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فأوصى بِثلث مَاله وَترك عبيدا لم يتْرك غَيرهم وَترك يتامى صغَارًا لَا مَال لَهُم غير العبيد فكاتب الْوَصِيّ بعض الرَّقِيق فَأدى إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعْتق حِصَّة الْوَرَثَة من العبيد قَالَ نعم قلت فَمَا حَال العَبْد وَمَا حَال الْوَصِيّ قَالَ يَأْخُذ الْمُوصي لَهُ من الْمُكَاتبَة حِصَّته ويستسعى العَبْد فِي حِصَّته مِنْهُ
قلت أَرَأَيْت لَو قَالَ الْمُوصي لَهُ إِنَّمَا أضمن الْوَرَثَة حصتي من العَبْد فِي أَمْوَالهم أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون للْوَرَثَة من المَال مَا يضمنهم فِيهِ الْمُوصي لَهُ فان كَانُوا مياسير كَانَ لَهُ أَن يضمنهم إِن شَاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَن يضمن الْوَصِيّ قلت وَيسْعَى العَبْد قَالَ نعم
- بَاب مُكَاتبَة الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة
-
قلت أَرَأَيْت العَبْد الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا كَانَ كَاتب عبدا من عبيده أَو أمة من إمائه هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت وَلم وَقد قلت إِن للْمكَاتب أَن يُكَاتب قَالَ لَيْسَ الْمكَاتب بِمَنْزِلَة الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة أَلا ترى أَن الْمكَاتب لَيْسَ لأحد على مَاله سَبِيل وَإِنَّمَا

(3/475)


استحسنا فِي الْمكَاتب اسْتِحْسَانًا أَلا ترى أَنا نجيز مُكَاتبَة الْوَصِيّ وَهُوَ لَا يملك مَا يُكَاتب ونجيز مُكَاتبَة الرجل على ابْنه إِذا كَانَ صَغِيرا
قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة لعَبْدِهِ أَنْت حر على ألف دِرْهَم قَالَ نعم هَذَا أَيْضا لَا يجوز
قلت أَرَأَيْت الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا كَانَ عَلَيْهِ دين أَو لم يكن أسواء هُوَ قَالَ نعم هُوَ سَوَاء لَا يجوز مُكَاتبَته قلت وَإِن كَاتبه فَأدى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا يعْتق وَلَا يجوز مُكَاتبَته
- بَاب مُكَاتبَة الْأمة الْحَامِل
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ حَامِلا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَيكون وَلَدهَا بمنزلتها قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا ولدت أَيكُون للْمولى على الْوَلَد سَبِيل فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة وَله أَن يَأْخُذهُ بهَا قَالَ لَا وَلَهُمَا الْمُكَاتبَة على الْأُم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ حَامِلا على نَفسهَا وعَلى مَا فِي بَطنهَا من الْوَلَد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة قلت أَفَرَأَيْت إِن أدَّت جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل تعْتق قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا ولدت بعد ذَلِك ثمَّ أدَّت بعد مَا ولدت هَل تعْتق هِيَ وَوَلدهَا

(3/476)


قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن وَلَدهَا مِنْهَا
قلت أَفَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ حَامِلا وَاسْتثنى مَا فِي بَطنهَا أتجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب مَا فِي بَطنهَا فَلَا يجوز
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة وَهِي حَامِل فَولدت ثمَّ إِن الْأُم مَاتَت مَا حَال وَلَدهَا قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت وَيسْعَى على نُجُوم أمه قَالَ نعم فان أدّى عتق وَإِن عجز رد
قلت أَفَرَأَيْت إِذا ولدت الْمُكَاتبَة ولدا ثمَّ هَلَكت وَعَلَيْهَا دين وَعَلَيْهَا بَقِيَّة من مكاتبتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم الْوَلَد الدّين وَالْمُكَاتبَة فيسعى فيهمَا جَمِيعًا وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمه قلت وَلم

(3/477)


قَالَ لِأَنَّهُ مَال لَهَا وَمِنْهَا وَلَا تعْتق حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهَا
قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى الْوَلَد الْمُكَاتبَة قبل أَن يُؤَدِّي الدّين هَل يعْتق قَالَ نعم وَيرجع الْغُرَمَاء على الْوَلَد بِالدّينِ يسْعَى فِيهِ وَهَذَا اسْتِحْسَان قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى الْمُكَاتبَة ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء هَل يَأْخُذُونَ من الْمولى مَا أَخذ مِنْهُ قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن الْمُكَاتبَة أيرده القَاضِي فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَإِذا رد فِي الرّقّ أيباع للْغُرَمَاء قَالَ نعم قلت وَلَا يتبعُون الْمولى بِمَا أَخذ وَسلم ذَلِك كُله للْمولى لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ بِمَنْزِلَة غَرِيم من الْغُرَمَاء أَلا ترى أَن الْمكَاتب يقْضِي غرماءه بَعضهم دون بعض وَعجز بعد ذَلِك أَو لم يعجز وَيتم مَا صنع من ذَلِك فَكَذَلِك الْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْوَلَد بعد موت الْأُم قبل أَن يعجز وعَلى أمه دين من مكاتبتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤْخَذ من الْقَاتِل قِيمَته إِذا كَانَ الْقَاتِل خاطئا وَذَلِكَ على الْعَاقِلَة فَيَقْضِي مِنْهُ الدّين الَّذِي كَانَ على أمه وَإِن فضل مِنْهُ شَيْء أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة وَعتق الْوَلَد وَأمه فان بَقِي شَيْء بعد ذَلِك كَانَ لوَرَثَة الابْن فان لم يكن لَهُ وَارِث غير الْمولى فَهُوَ للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَهُ أَخ من أَبِيه هَل يَرِثهُ من ذَلِك المَال شَيْئا أَو يكون لوَرَثَة أمه قَالَ يكون مَا بَقِي

(3/478)


لوَرَثَة الابْن
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته فَولدت ولدا فِي مكاتبتها أَو كاتبها وَهِي حَامِل فَولدت أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى وَلَدهَا هَل يعْتق قَالَ نعم قلت فَهَل يرفع عَنْهَا من الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأُم دون الابْن وَلِأَن الْوَلَد لم يكن مَعَ الْأُم فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته وَهِي حَامِل فَولدت ابْنا ثمَّ إِن الْأُم مَاتَت وَعَلَيْهَا دين كثير وَقد تركت مَالا وَفَاء بِالدّينِ سَوَاء وَلَيْسَ فِيهِ فضل عَن الدّين قَبضه الْمولى ذَلِك المَال من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق الْوَلَد وَالأُم جَمِيعًا قَالَ نعم إِذا أدّى إِلَيْهِ الْوَلَد وَيرجع بذلك المَال الْغُرَمَاء على الْمولى وهم أَحَق بِهِ من الْمولى قلت وَيرجع الْمولى بِمثل ذَلِك على الابْن قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ الابْن لم يؤده قَالَ لم يعْتق لِأَنَّهُ مَال للْغُرَمَاء قلت فَمَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَجِيء الْغُرَمَاء فَيَأْخُذُونَ ذَلِك المَال فيسعى الْوَلَد فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي دفع ذَلِك المَال إِلَى الْمولى وَلَا يعلم أَن عَلَيْهِ دينا يطْلب من الْوَلَد أهوَ بِمَنْزِلَة بَاب الأول

(3/479)


قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَبَقِي وَلَدهَا وَعَلَيْهَا دين كثير وَلم تدع شَيْئا وَالدّين يُحِيط بِقِيمَة الْوَلَد فَعمد الْمولى فَأعتق الْوَلَد أيجزي عتقه قَالَ نعم وَيسْعَى الْوَلَد فِي الدّين لأَصْحَاب الدّين قلت فَكيف أجزت عتقه وعَلى أمه دين وَإِنَّمَا هُوَ مَال الْغُرَمَاء قَالَ لِأَن الْغُرَمَاء فِي هَذِه الْحَال إِنَّمَا لَهُم أَن يستسعوه وَلَا يُبَاع مَا لم يعجز قلت وَلم يفْسد عَلَيْهِم شَيْئا قَالَ لَا أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ فاستدان قبل عتقه جَازَ عتقه وَكَانَ ذَلِك الدّين على العَبْد
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته فَولدت ولدا فِي مكاتبتها أَو كَانَت حُبْلَى حَيْثُ كاتبها ثمَّ ولدت وَكَانَ السَّيِّد أعتق نصف الْمُكَاتبَة قبل أَن تَلد هَل يعْتق من الْوَلَد شَيْء قَالَ نعم يعْتق مِنْهُ مثل مَا يعْتق من أمه قلت فَمَا حَال الْأُم إِذا أعتق نصفهَا قَالَ إِن شَاءَت سعت فِي نصف مكاتبتها وَمَضَت عَلَيْهَا وَإِن شَاءَت عجزت وسعت فِي نصف قيمتهَا فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة

(3/480)


قلت أَفَرَأَيْت إِن قَالَت أَنا أسعى فِي نصف قيمتي وأعجز عَن الْمُكَاتبَة أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم بعد ذَلِك مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ نصف قيمَة الْوَلَد أَكثر من نصف قيمَة الْأُم فِي كم يسْعَى الْوَلَد قَالَ يسْعَى فِي نصف قيمَة الْأُم وَلَا يسْعَى فِي شَيْء من قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يسْعَى فِيمَا على أمه
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِي جَمِيع مَا كَانَ على أمه من الدّين وَنصف قيمتهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الابْن لَا يعْتق حَتَّى يسْعَى فِيمَا على أمه من نصف قيمتهَا قلت أَرَأَيْت إِن أَذَى إِلَى الْمولى دون الْغُرَمَاء هَل يعْتق قَالَ نعم وَيكون مَا أدّى للْمولى ثمَّ يُؤَدِّي بعد إِلَى الْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى الْوَلَد هَل يجوز عتقه قَالَ نعم وَيكون الدّين عَلَيْهِ وَلَا يبطل الدّين

(3/481)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد جَارِيَة فَوَطِئَهَا الْمولى فعلقت ثمَّ مَاتَ الْمولى هَل تسْعَى لوَرثَته فِي شَيْء قَالَ لَا وَلَكِن تعْتق وَيكون الدّين الَّذِي كَانَ على أمهَا عَلَيْهَا قلت وَلم لَا تسْعَى فِي مَا كَانَ على أمهَا قبل ذَلِك من الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهَا قد ولدت من سَيِّدهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعتق نصف مُكَاتبَته فَهِيَ حرَّة كلهَا فان كَانَ لَهَا ولد وَلدته فِي مكاتبتها فَهُوَ حر مَعهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِمَا من الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته وَهِي حُبْلَى فَولدت فِي كتَابَتهَا فعجزت الْأُم فَردَّتْ فِي الرّقّ هَل يرد وَلَدهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْوَلَد أَنا أسعى فِي الْمُكَاتبَة هَل لَهُ ذَلِك قَالَ لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَعجز أمه عَجزه
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمته ثمَّ ولدت فِي كتَابَتهَا فَعمد رجل فَقطع يَد الْوَلَد لمن يكون لَهُ أرش قَالَ لأمه قلت كَبِيرا كَانَ الْوَلَد أَو صَغِيرا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا اكْتسب الْوَلَد

(3/482)


كَانَ للْأُم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الْوَلَد إِن أَبى أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهَا هَل يقْضِي القَاضِي بِهِ للْأُم قَالَ نعم قلت كَبِيرا كَانَ الْوَلَد أَو صَغِيرا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عتقت الْأُم وَفِي يَد الْوَلَد مَال قد اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْأُم دون الْوَلَد قلت وَلم قَالَ لِأَن كل شَيْء كَانَ فِي يَدَيْهِ قبل الْعتْق فَهُوَ للْأُم لِأَنَّهُ مَالهَا أَلا ترى أَنه كَانَ لَهَا أَن تَأْخُذ قبل الْعتْق
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ جرح جِرَاحَة فَلم يَأْخُذ أَرْشهَا حَتَّى أدَّت الْمُكَاتبَة كَانَ أرش ذَلِك الْجرْح للْأُم قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد من تِلْكَ الْجراحَة بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة وَبعد عتقه مَا القَوْل فِي ذَلِك والجراحة خطأ قَالَ على الْجَارِح قِيمَته للْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجراحَة كَانَت وَهُوَ مكَاتب فَمَا كَانَ من ذَلِك فَهُوَ للْأُم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد وَترك مَالا كثيرا وَله وَرَثَة أَحْرَار ثمَّ مَاتَت الْأُم قبل أَن تَأْخُذ من ذَلِك من المَال شَيْئا وَلم تتْرك شَيْئا قَالَ ذَلِك المَال مَالهَا وَيَأْخُذ السَّيِّد مِنْهُ بَقِيَّة الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي لورثتها دون وَرَثَة الابْن قلت وَلم قَالَ لِأَن المَال كَانَ مَالهَا قبل أَن تَمُوت لِأَنَّهُ قد اكْتَسبهُ قبل الْعتْق
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمة فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ

(3/483)


اشْترى الْوَلَد وَبَاعَ هَل جوز شَيْء من ذَلِك عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت لم وَقد زعمت أَن مَاله لأمه قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه وَلَيْسَ بمملوك لَهَا قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ الْوَلَد ثمَّ مَاتَت الْأُم هَل يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه من الْمُكَاتبَة وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ قَالَ نعم يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة فَإِن أَدَّاهَا فَهُوَ حر وَإِن عجز فَهُوَ رَقِيق
قلت أَرَأَيْت إِذا أَدَّاهَا لغرمائه على شَيْء من ذَلِك سَبِيل قَالَ لَا لَكِن الدّين عَلَيْهِ على حَاله قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى عتق
قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن الْمُكَاتبَة أيرد فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَيُبَاع لغرمائه وَيُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَعَلَيْهَا دين كثير وَتركت وَلَدهَا وعَلى الْوَلَد دين فاكتسب مَالا من أَحَق بِهِ قَالَ يُؤَدِّي الدّين الَّذِي عَلَيْهِ وعَلى أمه وَعَلِيهِ أَن يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد بعد موت أمه وَعَلِيهِ دين وَقد كَانَ على أمه دين وَترك مَالا بِأَيِّهِمَا يبْدَأ قَالَ يبْدَأ بِدِينِهِ فَيُؤَدِّي فان فضل شَيْء كَانَ فِي دين أمه قلت وَلم وَقد زعمت أَن كَسبه لأمه قَالَ أَلا ترى أَنه لَو كَانَ للمكاتبة عبد فَأَذنت لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا ثمَّ مَاتَت وَعَلَيْهَا

(3/484)


دين كَانَ غُرَمَاء نَفسه أَحَق بِرَقَبَتِهِ حَتَّى يستوفوا دينهم فَكَذَلِك الْوَلَد
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهِي حُبْلَى فَولدت فِي مكاتبتها ثمَّ وطئ السَّيِّد الْمُكَاتبَة فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَتَأْخُذ عقرهَا من سَيِّدهَا وَإِذا أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا وَإِن عجزت ردَّتْ ورد وَلَدهَا وَتصير أم وَلَده قلت فَمَا حَال وَلَدهَا الَّذِي كَانَ وَلدته قبل ذَلِك قَالَ رَقِيق للسَّيِّد قلت فَلم قَالَ لِأَنَّهَا علقت من سَيِّدهَا بعد مَا ولدت ذَلِك الْوَلَد قلت فان كَاتب وَلَدهَا بعد ذَلِك الَّذِي من غير سَيِّدهَا ثمَّ عجز أَيكُون عبدا قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد إِنَّمَا وطئ الْوَلَد وَهِي جَارِيَة فَولدت مِنْهُ ولدا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ على حَالهَا وَالْولد ولد السَّيِّد وَتَأْخُذ الْجدّة الْعقر

(3/485)


من السَّيِّد فَيكون الْعقر لَهَا دون الْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَا اكْتسب الْوَلَد قلت وَكَذَلِكَ لَو ولد لولدها ولد كَانَ مَا اكْتسب ولد وَلَدهَا لَهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا جنى على ولد وَلَدهَا أَو قتل كَانَ أرش ذَلِك لَهَا قَالَ نعم قلت وَولد وَلَدهَا بِمَنْزِلَة وَلَدهَا فِي جَمِيع ذَلِك قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهِي حَامِل فَولدت أَو حبلت فِي مكاتبتها وَولدت ثمَّ إِن السَّيِّد دبر الْأُم ثمَّ عجزت مَا حَال الْوَلَد قَالَ الْوَلَد مَمْلُوك غير مُدبر قلت وَلم وَقد دبر أمه وَقد زعمت أَن الْأُم إِذا أعْتقهَا السَّيِّد عتق وَلَدهَا قَالَ لِأَن التَّدْبِير لَا يشبه الْعتْق لِأَن الْعتْق بِمَنْزِلَة أَدَاء الْمُكَاتبَة وَالتَّدْبِير بعد الْولادَة فان عجزت فقد انتقضت الْكِتَابَة فَكَأَن الْأُم لم تكاتب وَكَأَنَّهَا دبرت بعد مَا ولدت بِغَيْر كِتَابَة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِنَّهَا مَاتَت ثمَّ اسْتَدَانَ الْوَلَد دينا بعد موت أمه ثمَّ عجز الْوَلَد عَن الْمُكَاتبَة فَرد فِي الرّقّ هَل يكون ذَلِك الدّين فِي رقبته قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته فَولدت بِنْتا فاستدانت الِابْنَة دينا ثمَّ إِن الِابْنَة ولدت ولدا فاستدان وَلَدهَا دينا أَيْضا ثمَّ

(3/486)


مَاتَت الْمُكَاتبَة وَعَلَيْهَا دين مَا لقَوْل فِي ذَلِك وَلم تتْرك شَيْئا قَالَ يستسعى الْولدَان جَمِيعًا فِي دين الْمُكَاتبَة وَفِي الْمُكَاتبَة وَيكون دين كل وَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ خَاصَّة
قلت أَرَأَيْت إِن عَجزا وردا فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يباعان فِي دين أَنفسهمَا دون أمهما حَتَّى يَسْتَوْفِي الْغُرَمَاء فان فضل شَيْء لَكَانَ لغرماء الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا فِي رقابهما أَحَق أَن يبْدَأ بِهِ مِمَّا فِي رَقَبَة أمهما
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِمَا دين وَقد مَاتَت الْمُكَاتبَة واستسعى الْوُسْطَى فِي الْمُكَاتبَة كلهَا هَل يرجع على وَلَدهَا بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو استسعى الْوَلَد الْأَسْفَل لم يرجع على أمه بِشَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا أديا عَن الْمُكَاتبَة وَلم يؤديا عَن أَنفسهمَا فَلَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن عجز أَحدهمَا هَل يرد فِي الرّقّ قَالَ لَا حَتَّى يعجزا جَمِيعًا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَة ولد الْمُكَاتبَة الَّذِي وَلدته أَلا ترى أَنه إِذا كَانَ ولدان لصلبها لم يعجز أَحدهمَا دون الآخر قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَحدهمَا بعد موت الْأُم أَيكُون جَمِيع الْمُكَاتبَة على الْبَاقِيَة قَالَ نعم وَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيعهَا قلت وَلَا يرفع

(3/487)


عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة بِمَوْت الَّذِي مَاتَ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ فَولدت ولدا وَكَانَت حَامِلا فَولدت فَكبر وَلَدهَا وارتد وَلحق بدار الشّرك ثمَّ أدَّت الْمُكَاتبَة مكاتبتها هَل يعْتق ولد الْمُكَاتبَة الَّذِي كَانَ فِي دَار الشّرك مَعهَا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت إِن سبي قبل أَن يعْتق فاستتيب فَتَابَ هَل يرد إِلَى موَالِيه قَالَ نعم وَلَا يكون فَيْئا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مكَاتب
قلت أَرَأَيْت الرجل إِن كَانَ وَلَدهَا ابْنة فاستتيبت فَأَبت هَل تصير فَيْئا قَالَ لَا قلت فَمَا حَالهَا قَالَ تحبس تتوب أَو تَمُوت
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَلم تدع شَيْئا مَا حَالهَا وَهل لولدها أَن يستسعيها فِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت ويخرجها القَاضِي حَتَّى تسْعَى لسَيِّدهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب الْأمة فَولدت ولدا فَكبر وَلَدهَا

(3/488)


ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فاكتسب الْوَلَد مَالا ثمَّ أَخذه السُّلْطَان فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَأبى فَقتله مَا حَال المَال قَالَ المَال للمكاتبة قلت وَلم لَا يكون لبيت المَال قَالَ لِأَنَّهُ مَال الْمكَاتب أَلا ترى لَو أَن عبدا لرجل ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فاكتسب مَالا كَانَ ذَلِك المَال للْمولى وَكَذَلِكَ ولد الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا قتل الْوَلَد الْأُم مَا تَقول فِي ذَلِك قَالَ قَتله إِيَّاهَا بِمَنْزِلَة مَوتهَا وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة وَلَا يكون عَلَيْهِ شَيْء من جِنَايَته قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد مِنْهَا فَهُوَ بمنزلتها قلت وَكَذَلِكَ إِن قتلت الْأُم الابْن قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته وَهِي حَامِل فَولدت ثمَّ إِن الْوَلَد جنى جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة عَلَيْهِ وَفِي رقبته فان كَانَت الْجِنَايَة أقل من رقبته سعى فِي الْجِنَايَة وَإِن كَانَت الْقيمَة أقل سعى فِي الْقيمَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم بعد ذَلِك وَلم تتْرك شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِي الْمُكَاتبَة الَّتِي على أمه وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ فِي رقبته قلت أَرَأَيْت إِذا جنت الْأُم جِنَايَة ثمَّ مَاتَت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بِشَيْء وَبَقِي وَلَدهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى قيمَة الْأُم وَإِلَى الْجِنَايَة فَيكون على الْوَلَد الْأَقَل من ذَلِك يسْعَى فِيهِ وَيسْعَى فِي

(3/489)


الْمُكَاتبَة فان عجز الْوَلَد قبل قَضَاء القَاضِي بطلت جِنَايَة الْأُم عَن وَلَدهَا
- بَاب مُكَاتبَة الرجلَيْن جَمِيعًا
-
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعلا النُّجُوم وَاحِدَة هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ

(3/490)


إِن كَانَا عَبْدَيْنِ بَينهمَا قَالَ لَا يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتبا بَينهمَا على حِدة بِحِصَّتِهِ بِقدر قِيمَته من الْمُكَاتبَة فان أدّى أَحدهمَا حِصَّته من الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا جَمِيعًا عتق وَلَا يكون ضَامِنا عَن الآخر لِأَن الآخر نصفه لهَذَا

(3/491)


وَنصفه لهَذَا وَهَذَا العَبْد نِصْفَيْنِ بَينهمَا وَلَا يضمن أَحدهمَا عَن عبد صَاحبه وَلَا يجوز وَلَكِن كل وَاحِد مِنْهُمَا مكَاتب على حِدة بَينهمَا لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء حِصَّته إِلَيْهِمَا جَمِيعًا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرّجلَانِ عبدا بَينهمَا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعلا نجومه وَاحِدَة إِن أدّى عتق وَإِن عجز رد رَقِيقا فَأدى جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا هَل يعْتق وَيكون الْوَلَاء بَينهمَا قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى أَحدهمَا حِصَّته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق نصِيبه مِنْهُ قَالَ لَا

(3/492)


قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يعْتق إِلَّا بِأَدَائِهِ جَمِيعًا إِلَيْهِمَا
قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهُ أَحدهمَا بعد الْمُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالَّذِي أدّى حِصَّته من الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن هَذَا عتق وَقبض نصِيبه من الْمُكَاتبَة لَيْسَ بِعِتْق أَلا ترى أَنه لَا يعْتق حَتَّى يقبضا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهُ أَحدهمَا جَمِيع حِصَّته من الْمُكَاتبَة وأبرأه وَتركهَا لَهُ هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَيكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة قَوْله أَنْت حر قَالَ نعم قلت وَلَا يكون بِمَنْزِلَة أَدَائِهِ إِلَيْهِ نصِيبه من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى أَحدهمَا نصِيبه من الْمُكَاتبَة بِإِذن شَرِيكه هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِذْنه وَغير إِذْنه هَاهُنَا سَوَاء قلت أَفَرَأَيْت إِذا عجز بعد مَا أَخذ أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه أَيكُون مَا أَخذ بَينهمَا نِصْفَانِ قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا أعْتقهُ أَو وهب لَهُ حِصَّته من الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن شَاءَ الْمكَاتب عجز فان عجز نظر فان كَانَ الْمُعْتق مِنْهُمَا مُوسِرًا يَوْم أعتق فشريكه

(3/493)


بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ العَبْد مضى على مُكَاتبَته فان عجز فَأعْتقهُ السَّيِّد أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا وَإِن ضمن شَرِيكه فَالْولَاء لشَرِيكه وَيرجع الشَّرِيك بِالضَّمَانِ على العَبْد بِمَا ضمن لشَرِيكه قَالَ فان كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فان شَاءَ الشَّرِيك أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فان كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فَهُوَ ضَامِن لشَرِيكه نصف قيمَة العَبْد وَالْعَبْد حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَأما فِي قَول مُحَمَّد فَالْعَبْد حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَيضمن الْمولى الْمُعْتق إِن كَانَ مُوسِرًا الْأَقَل من نصف الْقيمَة وَمن نصف مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَهُوَ حر فِي جَمِيع أمره
قلت أَرَأَيْت العَبْد إِذا كَانَ بَين الرجلَيْن فكاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا أعتق نصِيبه ثمَّ إِن العَبْد مَاتَ وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمولى الَّذِي لم يعْتق مِمَّا ترك نصف الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فلورثته إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار وَإِن لم يكن لَهُ وَرَثَة كَانَ مَا بَقِي لَهما
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا حِصَّته بِغَيْر إِذن شَرِيكه أَيكُون للشَّرِيك أَن يرد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَلَا تجوز مُكَاتبَته

(3/494)


إِلَّا بِإِذن شَرِيكه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب إِلَّا بِإِذن شَرِيكه لِأَنَّهُ يمْنَع شَرِيكه من البيع قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يكون للشَّرِيك أَن يَبِيع نصِيبه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن نصيب شَرِيكه مكَاتب قلت فَهَل لَهُ أَن يُكَاتب بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت فان لم يَأْذَن لَهُ الشَّرِيك فِي ذَلِك أَيكُون ذَلِك لَهُ وَيكون لَهُ أَن يُكَاتب إِن شَاءَ شَرِيكه وَإِن أَبى قَالَ نعم قلت لم وَقد زعمت أَنه لَيْسَ للْوَاحِد مِنْهُمَا أَن يُكَاتب إِلَّا بِإِذن شَرِيكه قَالَ لِأَن الأول قد كَاتبه فَكَذَلِك يكون للْآخر أَن يُكَاتب وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه فَهُوَ مكَاتب كُله لَهما جَمِيعًا بَينهمَا نِصْفَيْنِ بِمَا كَاتبه عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَيعتق كَأَنَّهُمَا كاتباه جَمِيعًا على ذَلِك
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا بِدُونِ شَرِيكه وَأخذ مَا كَاتبه عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة قَالَ يَأْخُذ شَرِيكه نصف مَا أَخذ وَيعتق وَيرجع الْمكَاتب على العَبْد بِمَا أَخذ شَرِيكه مِنْهُ

(3/495)


قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب على نصِيبه وَقد أَخذ شَرِيكه نصف مَا كَاتبه عَلَيْهِ قلت فَهَل للشَّرِيك أَن يضمن الْمكَاتب إِن كَانَ مُوسِرًا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أذن لَهُ فِي الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن أذن لَهُ أَن يَأْخُذ نصِيبه من الْمكَاتب فَفعل وَأخذ مَا كَاتبه عَلَيْهِ هَل يكون للشَّرِيك مِنْهُ شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت فِي الْبَاب الأول أَن لَهُ أَن يَأْخُذ نصف مَا كَاتبه عَلَيْهِ قَالَ لِأَن فِي الْمُكَاتبَة الأولى لم يَأْذَن لَهُ شَرِيكه فِي الْأَخْذ فَمن ثمَّ اخْتلفَا وَلِأَن مَا اكْتسب الْمكَاتب من شَيْء فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَين الموليين وَالْمكَاتب فَإِذا أذن للْمكَاتب فِي دَفعه من دين عَلَيْهِ فَفعل ذَلِك لم يكن لَهُ أَن يُشَارِكهُ وَله أَن يرجع فِيمَا بَقِي من نُجُوم العَبْد على الْأَدَاء ويشاركه فِيمَا أَخذ فِيمَا يسْتَقْبل إِذا نَهَاهُ عَن الْقَبْض
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين الرجلَيْن فكاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَقبض الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت وَلم وَقد زعمت أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب قَالَ لَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب ولشريكه أَن يرد الْمُكَاتبَة مَا لم يؤد فَإِذا أدّى فَهُوَ حر لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى ألف دِرْهَم فَأَنت حر أَلا ترى أَنه إِذا قَالَ ذَلِك

(3/496)


عتق فَكَانَ مَا أَخذ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَيرجع الْمُعْتق مِنْهُمَا على العَبْد بِمَا أَخذ شَرِيكه مِنْهُ فَكَذَلِك إِذا كَاتبه بِغَيْر إِذْنه
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا نصفه بِغَيْر إِذن شَرِيكه وشريكه لَا يعلم ثمَّ إِن الْمكَاتب مِنْهُمَا أذن للْآخر فِي كِتَابه نصِيبه فكاتبه ثمَّ علم الثَّانِي بمكاتبة الأول فَأَرَادَ أَن يردهَا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد كَانَ لَهُ أَن يردهَا قبل ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ قد كَاتب نصِيبه فَلَا يكون لَهُ أَن يرد بعد ذَلِك قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ الأول من العَبْد أَيكُون للْآخر فِيهِ شَيْء قَالَ لَا وَلَا يكون للْأولِ أَيْضا فِيمَا أَخذ الثَّانِي شَيْئا إِلَّا أَن يكون الأول أَخذ شَيْئا قبل مُكَاتبَة الثَّانِي فَيرجع بِنصْف ذَلِك عَلَيْهِ فَيَأْخذهُ مِنْهُ قلت فَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد كَاتب نصِيبه
قلت أَرَأَيْت إِذا أذن أَحدهمَا لصَاحبه فِي الْكِتَابَة لنصيبه وَلم يَأْذَن لَهُ فِي الْقَبْض فَقبض هَل يكون لوَاحِد مِنْهُمَا فِيمَا قبض صَاحبه شَيْئا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت أَنه إِذا كَاتب أَحدهمَا بِإِذن شَرِيكه وَلم يَأْذَن لَهُ شَرِيكه فِي الْقَبْض كَانَ مَا أَخذ بَينهمَا نِصْفَيْنِ قَالَ لِأَن إِذن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي الْمُكَاتبَة إِذن لَهُ فِي الْقَبْض

(3/497)


أَلا ترى أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يَأْخُذ نصِيبه من الْمُكَاتبَة فَكيف يرجع على صَاحبه بِنَصِيبِهِ
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِإِذن شَرِيكه وَقد أذن لَهُ فِي الْقَبْض فَقبض الْبَعْض فعجز فَرد فِي الرّقّ هَل يكون لشَرِيكه فِيمَا أَخذ من الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَإِن كَاتبه بِعَيْنِه قَالَ وَإِن قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ أذن لَهُ فِي قَبضه وَجعله لَهُ قلت فَكيف الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ الْقيَاس أَن يُشَارِكهُ فِيمَا أَخذ وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين الرجلَيْن فكاتبه أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه فكاتب نصِيبه مِنْهُ فَأدى إِلَيْهِ ثمَّ علم الشَّرِيك الآخر مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف الْمُكَاتبَة وَيرجع الَّذِي كَاتب بِمَا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه على العَبْد وَينظر فان كَانَ الَّذِي كَاتبه مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمه وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فَإِن أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا نِصْفَانِ فان ضمن شَرِيكه فَالْولَاء كُله للَّذي كَاتب وَيرجع الَّذِي كَاتب على العَبْد بِنصْف الْقيمَة الَّذِي ضمن لشَرِيكه قلت وَلم يرجع قَالَ لِأَن السّعَايَة إِنَّمَا كَانَت

(3/498)


على العَبْد وَالنّصف الَّذِي كَانَ لشَرِيكه قد كَانَ لَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ عبد لَهُ فَأعتق نصفه ويستسعى فِي النّصْف الْبَاقِي
قلت أَفَرَأَيْت الَّذِي كَاتب العَبْد هَل يرجع على العَبْد بِمَا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَاتب حِصَّته فَلم يسلم لَهُ وَإِذا أَخذ شَرِيكه نصف ذَلِك رَجَعَ بِهِ على العَبْد
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ إِنَّمَا كَاتب العَبْد كُله بِغَيْر إِذن شَرِيكه فاستسعاه فِي نصف الْمُكَاتبَة وَأَخذهَا مِنْهُ هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم وَقد قبض مِنْهُ جَمِيع حِصَّته قَالَ لِأَنَّهُ لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيع مَا كَاتبه عَلَيْهِ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ وهب لَهُ نصف الْمُكَاتبَة بعد مَا كَاتبه قَالَ نعم قلت فان قَالَ نعم قلت وَهَذَا بِمَنْزِلَة قَوْله قد وهبت لَك الْمُكَاتبَة كلهَا قَالَ نعم قلت وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة إِذا لم يهب لَهُ قَالَ نعم

(3/499)


قلت أَفَرَأَيْت إِذا قدم شَرِيكه أَو علم بذلك بعد مَا قبض جَمِيع الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الشَّرِيك من الَّذِي كَاتبه نصف الْمُكَاتبَة ثمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إِن كَانَ شَرِيكه مُوسِرًا فَإِن شَاءَ ضمنه وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَالْحَال فِيهِ كَمَا وصفت لَك فِي الْبَاب الأول إِلَّا أَن الَّذِي كَاتب لَا يرجع عَن الْمكَاتب بِشَيْء مِمَّا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه من الْمُكَاتبَة لِأَن الَّذِي كَاتب إِنَّمَا على نصِيبه وَنصِيب شَرِيكه فَأخذ حِصَّته فَإِنَّمَا يَأْخُذ حِصَّته وَحِصَّة شَرِيكه وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة مَا إِذا كَاتب حِصَّته خَاصَّة بِغَيْر إِذا شَرِيكه
قلت أَرَأَيْت الْجَارِيَة تكون بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا فيطأها أَحدهمَا بعد ذَلِك فَتعلق مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز فَتَصِير أم وَلَده وَيضمن لشَرِيكه نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَأخذت عقرهَا من الْوَاطِئ قلت أَرَأَيْت إِن مَضَت على كتَابَتهَا فَوَطِئَهَا الشَّرِيك

(3/500)


الآخر بعد ذَلِك فعلقت أَيْضا مِنْهُ ثمَّ إِنَّهَا عجزت بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك وَمَا حَال الْوَلَد وَهل تصبر أم ولد لوَاحِد دون صَاحبه قَالَ إِذا عجزت بعد ذَلِك فولد الأول للْأولِ وَولد الآخر للثَّانِي وَتصير أم ولد للْأولِ لِأَنَّهَا ولدت مِنْهُ قبل أَن تَلد للْآخر وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا وعَلى الثَّانِي قيمَة الْوَلَد وَيثبت نسب كل وَاحِد من الْوَلَدَيْنِ من أَبِيه

(3/501)


قلت ارأيت جَارِيَة تكون بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة ولدت ثمَّ إِن أحد الرجلَيْن وطئ ابْنَتهَا فَولدت مِنْهُ هَل يثبت نسبه قَالَ نعم قَالَ فَمَا حَال الْأُم قَالَ هِيَ على حَالهَا
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَت أَنا أصير أم ولد الَّذِي وطأني أَيكُون ذَلِك لَهَا قَالَ لَا قلت فَهَل على الَّذِي وَطئهَا عقرهَا قَالَ نعم وَيكون عقرهَا لأمها
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت الْأُم بعد ذَلِك مَا حَال الِابْنَة قَالَ تصير أم ولد للَّذي كَانَت ولدت مِنْهُ وَضمن نصف قيمتهَا لشَرِيكه يَوْم علقت مِنْهُ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا حَيْثُ عجزت أمهَا صَارَت هِيَ عاجزة أَيْضا مَعهَا فَلَمَّا وَقعت فِي ملكهَا صَارَت أم ولد الَّذِي كَانَت ولدت مِنْهُ
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَت الْأُم لم تعجز وَالْمَسْأَلَة على حَالهَا ثمَّ إِن الشَّرِيك الَّذِي لم يطَأ أعتق الِابْنَة بعد مَا علقت من شَرِيكه وَولدت

(3/502)


هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت فَهَل تسْعَى الِابْنَة أَو تكون على حَالهَا قَالَ هِيَ حرَّة وَلَا سَبِيل عَلَيْهَا وَوَلدهَا حر فان أدَّت أمهَا عتقت وَإِن عجزت الْأُم ردَّتْ فِي الرّقّ وَأما الِابْنَة وَوَلدهَا فَلَا يرد فِي الرّقّ وَيعتق نصف الَّذِي أعتق مِنْهَا وَلَا تسْعَى للَّذي وَطئهَا فِي شَيْء وَتصير حرَّة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ وَكَانَت الِابْنَة قد أعتق نصفهَا قبل ذَلِك وَقد ولدت الآخر وَلَا تسْعَى أم ولد الَّذِي ولدت مِنْهُ وَهَذَا بِمَنْزِلَة جَارِيَة بَين الرجلَيْن وَطئهَا جَمِيعًا فادعيا وَلَدهَا ثمَّ إِن أَحدهمَا أعْتقهَا فَإِذا أعْتقهَا أَحدهمَا عتق نصيب الآخر أَيْضا لِأَنَّهَا أم ولد لَهُ وَأم الْوَلَد لَا تسْعَى وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَاب الأول فِي الْمُكَاتبَة فِي قَول أبي حنيفَة
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة فِي قَول أبي حنيفَة إِذا كَانَت بَين الرجلَيْن كاتبان جَمِيعًا فَولدت ثمَّ إِن أحد الشَّرِيكَيْنِ أعتق وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت فَهَل يعْتق الْوَلَد كُله قَالَ لَا بل يعْتق نصفه وَهُوَ على حَاله حَتَّى تعجز الْأُم أَو تعْتق فَيعتق مَعهَا قلت أَرَأَيْت ان عجزت الام بعد ذَلِك مَا حَال الْوَلَد قَالَ

(3/503)


نصيب الَّذِي كَانَ أعْتقهُ مِنْهُ حر وَيسْعَى للأخرا فِي نصف قِيمَته
قلت فَهَل على الْمُعْتق ضَمَان إِن كَانَ مُوسِرًا يَوْم كَانَ أعتق قَالَ نعم قلت وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَإِن شَاءَ ضمن قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أفسد على شَرِيكه
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة بَين الرجلَيْن فَولدت ولدا ثمَّ إنَّهُمَا وطئا الِابْنَة فعلقت فَولدت مِنْهُمَا ثمَّ إِن الواطئين مَاتَا جَمِيعًا مَا حَال الْوَلَد وَهل يكون مَوْتهمَا بِمَنْزِلَة عتقهما إِيَّاهَا قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الْأُم قَالَ هِيَ على مكاتبتها لورثتها قلت وَلم عتق الْوَلَد وَلم تعْتق الْأُم قَالَ لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا أعتقا الْوَلَد فِي حَال حياتهما عتق وَكَانَت الْأُم على مكاتبتها فَكَذَلِك مَوْتهمَا إِذا كَانَت ولدت مِنْهُمَا لِأَن مَوْتهمَا عتق مِنْهُمَا أَلا ترى لَو كَانَت الْأُم الَّتِي ولدت مِنْهُمَا ثمَّ مَاتَا عتقت فَكَذَلِك وَلَدهَا بمنزلتها فِي هَذِه الْحَال
قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَا وطئا جَمِيعًا الْأُم فَولدت مِنْهُمَا ولدا ثمَّ مَاتَا هَل تعْتق قَالَ نعم تعْتق هِيَ وَوَلدهَا جَمِيعًا قلت وَكَيف عتق وَلَدهَا وَإِنَّمَا عتقت بِغَيْر الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن وَلَدهَا بمنزلتها وَإِذا أعتقت

(3/504)


عتق وَلَدهَا مَعهَا وَإِنَّمَا عتقت بِالْمَوْتِ فَكَانَ الْعتْق أكسبها لما عَلَيْهَا من الْمُكَاتبَة فَيعتق الْوَلَد لمَكَان ذَلِك أَلا ترى أَن الْأُم لَو أدَّت فاستوفيا عتق الْوَلَد فَكَذَلِك هَذِه
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت ثمَّ ولدت مِنْهُمَا جَمِيعًا مَا حَال وَلَدهَا الأول قَالَ رَقِيق لَهما قلت وَلم وَقد صَارَت أم ولد لَهما قَالَ لِأَن الْوَلَد كَانَ قبل أَن تصير أم ولد لَهما وَمن قبل أَن تعلق مِنْهُمَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ علقت مِنْهُ فَهِيَ أم وَلَده وَهِي مُكَاتبَة على حَالهَا وَيضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَهَذَا إجَازَة للمكاتبة وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل لَهُ أمة ولدت مِنْهُ ولدا ثمَّ كاتبها بعد ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْجَارِيَة تكون بَين الرجلَيْن كاتبها أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ وَطئهَا الَّذِي كاتبها قبل أَن يعلم شَرِيكه بالمكاتبة وَقبل أَن تُؤدِّي شَيْئا فَولدت مِنْهُ ولدا مَا حَالهَا قَالَ هِيَ أم ولد لَهُ وَالْمُكَاتبَة جَائِزَة وَيضمن الْوَاطِئ نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا لشَرِيكه وَنصف الْعقر لَهَا قلت وَلَا تجْعَل للمكاتبة خيارا قَالَ بلَى لَهَا الْخِيَار فان اخْتَارَتْ الْكِتَابَة كَانَ لَهَا نصف الْعقر سالما تستعين بِهِ وَإِن اخْتَارَتْ أَن تكون أم ولد لَهُ لم يكن لَهَا نصف الْعقر

(3/505)


قلت أَرَأَيْت إِذا أجَاز شَرِيكه الْمُكَاتبَة بعد مَا علقت وَلم يكن علم بالمكاتبة بعد قَالَ إِجَازَته بَاطِلَة وَهِي مُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن وَطئهَا الَّذِي لم يُكَاتب فعلقت مِنْهُ وَقد كَانَ كاتبها الآخر بِغَيْر إِذْنه قبل ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ أم ولد الَّذِي علقت مِنْهُ وَالْمُكَاتبَة على حَالهَا حَتَّى يردهَا الْوَاطِئ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كاتبها أَحدهمَا بِإِذن شَرِيكه ثمَّ إِن الآخر وَطئهَا فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز عَن نصْرَة الَّذِي كاتبها وَتصير أم ولد للَّذي ولدت مِنْهُ وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها فَإِذا أدَّت عتقت وَلم تسع للْآخر فِي شَيْء من قيمتهَا لِأَنَّهَا أم ولد لَهُ يَوْم عتقه
قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ أَن تمْضِي على الْمُكَاتبَة هَل على الَّذِي وَطئهَا عقر قَالَ عَلَيْهِ نصف عقرهَا قلت وَلم يكون عَلَيْهِ نصف الْعقر قَالَ أَن نصِيبه مِنْهَا لَيْسَ بمكاتب وَإِنَّمَا يكون عَلَيْهِ نصف الْعقر لِأَن النّصْف الآخر مكَاتب فَلَا يكون عَلَيْهِ فِي نصِيبه مِنْهَا عقر لِأَن نصِيبه رَقِيق لَهُ على حَاله
قلت أَرَأَيْت إِن كاتبها أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَكَاتب نصِيبه مِنْهَا فاكتسبت بعد مَا كاتبها مَالا كثيرا فأدت مكاتبتها مَا القَوْل فِي

(3/506)


ذَلِك وَمَا حَال مَا فِي يَديهَا من المَال قَالَ ينظر إِلَى نصف مَا فِي يَديهَا وَمَا أَخذ مَوْلَاهَا من مكاتبتها أجمع مِمَّا اكتسبته قبل أَن تُؤدِّي مكاتبتها فَيكون الَّذِي لم يُكَاتب النّصْف وَالنّصف لَهَا قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن نصِيبه مِنْهَا رَقِيق على حَاله فَنصف مَا كَانَ فِي يَديهَا من مَال فَهُوَ لَهُ وَالنّصف الآخر لَهَا
قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسبت مَالا بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ كل شَيْء اكتسبته بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة فَهُوَ لَهَا لَيْسَ للشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب عَلَيْهَا سَبِيل قلت وَلم اخْتلف هَذَا وَالْبَاب الأول قَالَ لِأَنَّهَا إِذا أدَّت مكاتبتها فقد عتق نصفهَا وَللْآخر عَلَيْهَا نصف قيمتهَا تسْعَى فِيهِ وَلَا يصير لَهُ مِمَّا اكْتسب بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت قبل أَن تُؤدِّي شَيْئا من الْمُكَاتبَة إِلَى الَّذِي كَانَ كاتبها وَقد تركت مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى

(3/507)


نصف جَمِيع مَا تركت فَيكون للَّذي لم يكاتبها وَيَأْخُذ الَّذِي كاتبها الْمُكَاتبَة من النّصْف الثَّانِي ثمَّ يَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف قيمتهَا مِمَّا بَقِي إِن كَانَ شَرِيكه مُعسرا فان كَانَ لَهَا وَرَثَة أَحْرَار كَانَ مَا بَقِي لَهُم مِيرَاثا وَإِن لم يكن لَهَا وَارِث غَيرهمَا كَانَ مَا بَقِي بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ ضمن الَّذِي لم يُكَاتب الَّذِي كَاتب نصف قيمتهَا لِأَنَّهُ مُوسر كَانَ لَهُ ذَلِك وَيرجع بِهِ الَّذِي الَّذِي كَاتب فِي مَالهَا وَيكون ولاؤها لَهُ وميراثها إِن لم يكن لَهَا وَارِث غَيره وَإِن كَانَ الْمولى الَّذِي كَاتب مُعسرا لم يكن للْمولى الَّذِي لم يُكَاتب إِلَّا ضَمَان نصف قيمتهَا عَلَيْهِ وَلكنه يَأْخُذ ذَلِك من مَالهَا سوى نصف الْكسْب الَّذِي يَأْخُذهُ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت مَاتَت بعد مَا أدَّت الْمُكَاتبَة وَقد تركت مَالا لَا يدْرِي مَتى اكْتَسبهُ قبل الْأَدَاء أَو بعد الْأَدَاء قَالَ إِذا لم يعلم ذَلِك فَالْمَال لَهَا وَيَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف قيمتهَا مِمَّا تركت فان كَانَ لَهَا وَرَثَة أَحْرَار كَانَ مَا بَقِي لَهُم فَإِن لم يكن وَرَثَة كَانَ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن علم مَتى اكْتسبت المَال فَمَا كَانَ من ذَلِك قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة فَنصف ذَلِك للَّذي لم يُكَاتب وَنصفه للْبَاقِي وَمَا اكْتسبت

(3/508)


بعد الْأَدَاء فَهُوَ للْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت جَارِيَة بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه فأدت إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة ثمَّ إِن الآخر وَطئهَا فعلقت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تسْعَى لَهُ فِي نصِيبه وَلَا تصير أم وَلَده
قلت أَرَأَيْت الْجَارِيَة إِذا كَانَت بَين رجلَيْنِ فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ فَأعتق أحد الِابْنَيْنِ الْمُكَاتبَة هَل يجوز عتقه قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ ورث مَالا وَلم يَرث شَيْئا من الرَّقَبَة وَإِنَّمَا عتقته بِمَنْزِلَة ترك المَال إِذا لم يكن وَارِث غَيره قلت فَمَا حَال الْمُكَاتبَة قَالَ مكاتبتها على حَالهَا قلت أَرَأَيْت إِن عجزت هَل ترد فِي الرّقّ قَالَ نعم مَا لم يعتقها الابْن الآخر فان عجزت بعد عتق الابْن الآخر لم ترد فِي الرّقّ
قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب أحد ابْني الْمَيِّت جَمِيع حِصَّته للمكاتبة من الْمُكَاتبَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَلَا تعْتق وتسعى للْآخر فِي حِصَّته من الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت قلت أَفَرَأَيْت إِن وهب لَهَا المَال جَمِيعًا الوارثان وَالشَّرِيك هَل تعْتق قَالَ نعم قلت فَلم

(3/509)


قَالَ أستحسن فِي هَذَا الْوَجْه لِأَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا على ذَلِك أخذت نصيب الْوَارِث مَعَه
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَارِث وَطئهَا بعد موت أَبِيه فَولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز وَتصير أم ولد لَهُ وَيضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا للْآخر وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَتَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ
قلت أَفَرَأَيْت الْجَارِيَة إِذا كَانَت بَين رجلَيْنِ فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فأدت الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ قتل مُرْتَدا مَا القَوْل فِي ذَلِك وَهل تعْتق قَالَ لَا تعْتق وَلَيْسَ أَدَاؤُهَا إِلَيْهِ بِشَيْء قلت فَمَا حَالهَا قَالَ ينظر إِلَى مَا أَخذ الشَّرِيك فَيُؤْخَذ نصفه ويستسعونها فِي النّصْف الْبَاقِي
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت هَل ترد فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا وَكَيف لَا يعْتق نصيب الَّذِي لم يرْتَد قَالَ لِأَن أَدَاؤُهَا إِلَى الْمُرْتَد لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى أَنه لَو لم يكن فأدت

(3/510)


إِلَى أَحدهمَا جَمِيع نصِيبه لم تعْتق حَتَّى تُؤدِّي إِلَيْهِمَا جَمِيع الْمُكَاتبَة لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة فَلَا تعْتق إِلَّا بأدائها جَمِيعًا وأداؤها إِلَى الْمُرْتَد لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب أمة لَهُ ثمَّ ارْتَدَّ ثمَّ قبض مكاتبتها ثمَّ قتل مُرْتَدا كَانَ قَبضه بَاطِلا وَكَانَت مُكَاتبَته على حَالهَا فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَقبض الْمُرْتَد فِي ذَلِك كُله جَائِز بِمَنْزِلَة قبض الْمُسلم قَالَ أَبُو يُوسُف قبض الْمُرْتَد للمكاتبة جَائِز وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمُسلم فِي ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا كَانَت بَين رجلَيْنِ فكاتباها مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ ارْتَدَّ أَحدهمَا ثمَّ قبضا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ أسلم هَل يجوز ذَلِك وتعتق الْمُكَاتبَة قَالَ نعم لِأَنَّهُ قد أسلم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ حَيْثُ ارْتَدَّ لحق أَرض الْحَرْب فاستسعاها هَذَا العَبْد فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة فأداها إِلَيْهِ هَل تعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن أداءها إِلَيْهِ جَمِيع الْمُكَاتبَة لَا يجوز

(3/511)


قلت أرايت إِن أدَّت الْمُكَاتبَة إِلَى هَذَا الشَّرِيك الثَّانِي وَإِلَى وَرَثَة الْمُرْتَد هَل تعْتق قَالَ نعم إِذا كَانَ قد قضى بردته وبالميراث بَين ورثته
قلت أفرايت إِن ارْتَدَّ احدهما ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة عجز فرداه جَمِيعًا فِي الرّقّ ثمَّ قتل الْمُرْتَد على ردته هَل يجوز ردهما ذَلِك قَالَ لَا وَهُوَ على مُكَاتبَته قلت قَالَ لِأَن الْمُرْتَد لَا يجوز شَيْء مِمَّا صنع إِذا قتل أَو لحق بدار الْحَرْب قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كاتباه جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أحد الموليين غَابَ فعجز عَن مُكَاتبَته فقدمه الشَّاهِد إِلَى القَاضِي هَل يردهُ القَاضِي فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى الآخر غَائِب فَلَا يرد فِي الرّقّ أبدا حَتَّى يحضرا جَمِيعًا لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة قلت افرأيت إِن رده الشَّاهِد ورضى بذلك العَبْد هَل يكون رده ردا قَالَ لَا وَهُوَ مكَاتب على حَاله قلت أَفَرَأَيْت العَبْد يكون بَين الرجلَيْن فكاتب أَحدهمَا العَبْد كُله باذن شَرِيكه أَيجوزُ قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَى الَّذِي كَاتبه هَل يعْتق قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون كتب الْكِتَابَة باسمه ووكله بقبضها قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بوكيل لشَرِيكه فِي قَبْضَة الْمُكَاتبَة

(3/512)


أَلا ترى لَو أَن رجلا وكل رجلا أَن يُكَاتب عبدا لَهُ فكاتبه وَقبض الْمُكَاتبَة لم يعْتق العَبْد فان وَكله بقبضها عتق وَجَاز قَبضه وَكَذَلِكَ إِذا وكل أَحدهمَا صَاحبه بالمكاتبة
قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الرجلَيْن كاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أحد السيدين أعتق الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز عجزت فان عجزت نظر فان كَانَ الَّذِي أعتق مُوسِرًا كَانَ الشَّرِيك الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن وَإِن شَاءَ استسعى
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة كَانَت بَين الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة فَولدت الْمُكَاتبَة ابْنة ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت فَهَل تسْعَى الِابْنَة فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن ولدت الِابْنَة ابْنة مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد بلغت السّعَايَة هَل عَلَيْهَا شَيْء من السّعَايَة قَالَ نعم تسعيان جَمِيعًا فِي الْمُكَاتبَة قلت وَلم يسْعَى ولد الْوَلَد قَالَ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا ولد للمكاتبة وَلِأَنَّهُمَا لَا يعتقان إِلَّا بأَدَاء الْمُكَاتبَة وَلِأَنَّهُمَا يسعيان فِيمَا على أمهما
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى ولد الْوَلَد جَمِيع مَال الْمُكَاتبَة هَل ترجع على أمهَا بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن أدَّت الْأُم لم ترجع

(3/513)


على ابْنَتهَا قَالَ نعم هما سَوَاء وَلَا ترجع وَاحِدَة مِنْهُمَا على صاحبتها بِشَيْء قلت أَفَرَأَيْت إِن أعتقا الْأُم الْبَاقِيَة هَل تعْتق ابْنَتهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ابْنَتهَا لَا تعْتق إِلَّا بِعِتْق جدَّتهَا قلت فَهَل تسْعَى فِي الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك قَالَ نعم تسْعَى فِي جَمِيع مُكَاتبَة جدَّتهَا قلت وَلَا يرفع عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة بِعِتْق أمهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا إِنَّمَا تُؤدِّي عَن جدَّتهَا أَلا ترى أَن الْجدّة لَو كَانَت حَيَّة ثمَّ أعتقا وَلَدهَا لم يرفع عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ أحد السيدين وطئ ابْنة الِابْنَة فعلقت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ عقرهَا وَهِي على حَالهَا مُكَاتبَة وَلَا تصير أم ولد قلت وَلم قَالَ لِأَن أمهَا مَعهَا فان أدَّت عتقتا جَمِيعًا وَلَا تصير إِحْدَاهمَا عاجزة دون الْأُخْرَى أَلا ترى لَو أَن إِحْدَاهمَا عجزت وَلم تعجز الْأُخْرَى كَانَتَا على مكاتبتهما لِأَن الْأُخْرَى إِذا أدَّت عتقتا جَمِيعًا قلت وَكَذَلِكَ لَو وطئ الْأُم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وطئ أحد الموليين الِابْنَة فعلقت ووطئ الآخر الْأُم

(3/514)


فعلقت فَقَالَتَا نَحن نعجز أَيكُون ذَلِك لَهما قَالَ نعم إِن شاءتا عجزتا وَكَانَت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أم ولد الَّذِي وَطئهَا وَإِن شاءتا مضتا على مكاتبتهما فان مضتا على الْمُكَاتبَة كَانَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا عقرهَا وَإِن عجزتا كَانَت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا أم ولد الَّذِي وَطئهَا وَيضمن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه نصف قيمَة الْجَارِيَة وَنصف عقرهَا
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب الرجل نصِيبه من عَبده بِغَيْر إِذن شَرِيكه فلشريكه أَن يرد ذَلِك وَلَا يردهُ إِلَّا بِقَضَاء القَاضِي إِلَّا أَن يرضى العَبْد ومولاه الَّذِي كَاتبه أَن يقْضِي الْمُكَاتبَة
قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق ابْنة الْمكَاتب عتق ابْنة ابْنَتهَا وَقَالَ

(3/515)


أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا تعْتق ابْنة ابْنَتهَا كَمَا فِي الْكتاب
- بَاب مُكَاتبَة الرجل نصف عَبده أَو ثلثه أَو ربعه
-
قلت أَرَأَيْت الرجل يُكَاتب نصف عَبده هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذْ كَاتب ثلثه أَو ربعه أَو أقل من ذَلِك أَو أَكثر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عَبده فَأدى الْمُكَاتبَة مَا حَاله قَالَ يعْتق نصفه وَيسْعَى بعد ذَلِك فِي نصف قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة رجل أعتق نصف عَبده فَإِذا أعتق نصف عَبده سعى فِي نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ إِذا كَاتب نصفه فَأدى الْمُكَاتبَة وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب نصفه فَهُوَ مكَاتب كُله بِالَّذِي كَاتب بِهِ نصفه كَمَا لَو أَنه لَو أعتق نصفه بِخَمْسِمِائَة عتق كُله وَكَذَلِكَ لَو طلق نصفهَا بِخَمْسِمِائَة طلقت كلهَا بِأَلف
قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عَبده فِي قَول أبي حنيفَة فاكتسب العَبْد مَالا لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ نصف كل شَيْء اكْتسب العَبْد للْمولى وَنصفه للْعَبد قلت وَلم قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب وَنصفه رَقِيق للسَّيِّد

(3/516)


قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمُكَاتبَة وَفِي يَده مَال قد كَانَ اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة قبل الْأَدَاء هَل يكون للْمولى من ذَلِك شَيْئا قَالَ يكون لَهُ نصف جَمِيع مَا كَانَ فِي يَده قبل الْأَدَاء
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب العَبْد بعد الْأَدَاء هَل يكون للْمولى مِنْهُ شَيْء قَالَ لَا وَيكون جَمِيع مَا اكْتسب لَهُ قلت وَلم وَنصفه رَقِيق للسَّيِّد قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة فقد صَار نصفه حرا وَصَارَ للسَّيِّد عَلَيْهِ نصف قِيمَته يستسعيه فِيهَا وَلَا يكون لَهُ على مَاله سَبِيل
قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب مَالا كثيرا بعد الْأَدَاء فَقَالَ العَبْد أسعى فِي نصف قيمتي نجوما وَقَالَ السَّيِّد بل آخذهما جَمِيعًا لِأَنَّهَا عنْدك أيقضي القَاضِي عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّيهَا جَمِيعًا وَعِنْده مثل نصف قِيمَته أَو أَكثر قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن نصف الْقيمَة دين عَلَيْهِ فَإِن كَانَ عِنْده مَال أَخذه بِهِ فَإِنَّمَا يقْضِي عَلَيْهِ بِأَن يسْعَى على قدر مَا يُطيق إِذا لم يكن عِنْده شَيْء
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عبد لَهُ أَله أَن يحول بَينه وَبَين الْعَمَل والطلب وَالْكَسْب والسعاية فِي مُكَاتبَته قَالَ لَا قلت وَلم وَنصفه رَقِيق لَهُ قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب نصفه فَلَيْسَ لَهُ أَن

(3/517)


يمنعهُ من الطّلب قلت إِن أَرَادَ أَن يخرج من الْمصر أَله أَن يحول بَينه وَبَين ذَلِك قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن أَن لَا يحول بَينه وَبَين الْخُرُوج وَطلب الْكسْب
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل نصف عَبده فَأَرَادَ أَن يستخدمه يَوْمًا ويخلي عَن العَبْد يَوْمًا يسْعَى أَله ذَلِك قَالَ هَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْقيَاس وَلَكنَّا نَدع الْقيَاس ونستحسن فَنَقُول لَا يعرض لَهُ فِي شَيْء حَتَّى يُؤَدِّي أَو يعجز فَإِذا أدّى استسعاه بعد ذَلِك فِي نصف قِيمَته وَيكون نصف مَا كَانَ فِي يَده قبل الْأَدَاء للْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن أَرَادَ الْمولى أَن يستسعيه يَوْمًا ويخل العَبْد يَوْمًا يكْتَسب أَيكُون لَهُ ذَلِك قَالَ هَذَا والخدمة سَوَاء وَيكون ذَلِك لَهُ فِي الْقيَاس وَأما فِي الِاسْتِحْسَان فَلَا وَالِاسْتِحْسَان فِي هَذَا أحب إِلَيْنَا
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ فَولدت لَهُ ولدا فِي مكاتبتها مَا حَال وَلَدهَا قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها
قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت الْمُكَاتبَة مَا حَال وَلَدهَا قَالَ يعْتق نصفهَا وَنصف وَلَدهَا قلت فَهَل للسَّيِّد على الْوَلَد سَبِيل قَالَ نعم يسْعَى

(3/518)


الْوَلَد فِي نصف قِيمَته وتسعى الْأُم فِي نصف قيمتهَا
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب الْوَلَد فِي حَال سِعَايَة أمه قبل أَن تُؤدِّي لمن يكون ذَلِك الْكسْب قَالَ نصف جَمِيع ذَلِك للسَّيِّد وَنصفه للْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه وَكَسبه بِمَنْزِلَة كسب أمه أَلا ترى أَن السَّيِّد يَأْخُذ نصف كسب أمه وَكَذَلِكَ الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب الْوَلَد بعد مَا تُؤدِّي الْأُم الْمُكَاتبَة لمن يكون قَالَ هُوَ كُله للْوَلَد وَلَا يكون للْأُم وَلَا للْمولى مِنْهُ شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد قد عتق نصفه فَمَا كسب بعد ذَلِك فَهُوَ لَهُ
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي يَده من مَال اكْتَسبهُ قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة لمن يكون قَالَ تَأْخُذ الْأُم نصفه وَالْمولى نصفه قلت وَلم تَأْخُذ الْأُم نصف الْكسْب قَالَ لِأَن وَلَدهَا من كسبها أَلا ترى لَو أَن مُكَاتبَة ولدت ولدا كَانَ كل مَا اكْتسب الْوَلَد من شَيْء فَهُوَ لَهَا فَكَذَلِك الْبَاب الأول
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم قبل أَن تُؤدِّي شَيْئا من كتَابَتهَا مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا كَانَ على أمه من الْمُكَاتبَة فَإِذا أدّى عتق نصفهَا وَنصفه وَيسْعَى بعد ذَلِك فِي نصف قِيمَته قلت وَلم لَا يسْعَى فِي نصف قيمَة أمه قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى الْمُكَاتبَة عتق نصف أمه وَنصفه وَكَانَ قد أدّى جَمِيع مَا كَانَ على الْأُم فَيبقى نصفه رَقِيقا فيسعى الْمولى فِي نصف قِيمَته أَلا ترى لَو أَن الْأُم أدَّت الْمُكَاتبَة

(3/519)


فِي حَيَاتهَا عتق نصفهَا وَنصف وَلَدهَا وَيسْعَى كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته وَلَو مَاتَت الْأُم بعد مَا أدَّت لم يسع الْوَلَد فِي شَيْء مِمَّا على أمه وَلَكِن يسْعَى فِي نصف قِيمَته لِأَن الْوَلَد إِنَّمَا يعْتق مِنْهُ مَا يعْتق من أمه وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل أعتق نصف أمته وَنصف وَلَدهَا وَلَو أَن هَذَا أعتق نصف أمته وَهِي حُبْلَى فَولدت بعد ذَلِك أَو حبلت بعد مَا عتق بَعْضهَا فَهَذَا يسْعَى للْوَلَد فِيمَا على أمه إِذا مَاتَت وَفِي الْبَاب الأول يسْعَى فِي نصف قيمَة الْأُم لِأَنَّهَا ولدت فِي الْبَاب قبل أَن يعْتق مِنْهَا شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل نصف أمته فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْأُم وَقد استدانت دينا وَقد تركت مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْغُرَمَاء جَمِيع دينهم من جَمِيع مَا تركت وَنصف مَا بَقِي للْمولى وَيَأْخُذ الْمولى مِنْهُ الْمُكَاتبَة مِمَّا بَقِي من النّصْف الآخر فان بَقِي شَيْء بعد ذَلِك أَخذ الْمولى نصف قيمتهَا مِنْهُ وأعتقت الْأُم وَكَانَ مَا بَقِي بعد ذَلِك لوَرَثَة الْأُم إِن كَانَ لَهَا وَرَثَة أَحْرَار

(3/520)


وَلَا يكون للْمولى مِنْهُ وَلَا لولدها الَّذِي وَلدته فِي الْمُكَاتبَة شَيْء لِأَن وَلَدهَا بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك أَلا ترى أَنه يسْعَى فِي نصف قِيمَته فَمَا دَامَ يسْعَى فَلَا يَرث
قلت أَرَأَيْت إِن لم تدع الْأُم شَيْئا هَل يسْعَى وَلَدهَا فِي الدّين الَّذِي على أمه قَالَ نعم وَيسْعَى للْمولى فِي الْمُكَاتبَة وَفِي نصف قيمَة الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى الْمولى الْمُكَاتبَة قبل أَن يُؤَدِّي إِلَى الْغُرَمَاء هَل يعْتق نصف أمه وَنصفه قَالَ نعم قلت فَهَل ترجع الْغُرَمَاء على الْمولى بِمَا أَخذ مِنْهُ قَالَ لَا وتبيع الْغُرَمَاء بِالدّينِ الْوَلَد قلت فَهَل يلْزم الْوَلَد جَمِيع مَا كَانَ على أمه من دين قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مَا اكْتسب الْوَلَد قبل أَن يُؤَدِّي الْمُكَاتبَة لمن يكون قَالَ يكون نصفه للْمولى وَنصفه لَهُ بعد الدّين فَإِنَّهُ يبْدَأ بِهِ أَولا وَمَا بَقِي على مَا وصفت لَك
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ فاستدانت دينا ثمَّ إِنَّهَا عجزت وَردت فِي الرّقّ مَا حَال الدّين قَالَ يكون جَمِيع الدّين فِي جَمِيع رقبَتهَا إِن أدّى عَنْهَا الْمولى وَإِلَّا بِيعَتْ للْغُرَمَاء قلت وَلم يكون

(3/521)


الدّين فِي جَمِيع الرَّقَبَة وَإِنَّمَا كَانَ كَاتب نصفهَا قَالَ لِأَن شراءها وَبَيْعهَا كَانَ جَائِزا عَلَيْهَا فَلذَلِك لَزِمَهَا جَمِيع الدّين
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَت أمة بَين رجلَيْنِ فكاتبها أَحدهمَا على نصِيبه بِإِذن شَرِيكه فاستدانت دينا هَل يلْزم نصف الَّذِي لم يُكَاتب من الدّين شَيْئا قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن عجزت بعد ذَلِك مَا حَال الدّين قَالَ يكون جَمِيع الدّين فِي رقبَتهَا كلهَا فان أدّى عَنْهَا وَإِلَّا بيع كُله للْغُرَمَاء
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ أذن لَهُ أَحدهمَا فِي التِّجَارَة دون نصيب الآخر قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب إِذا كَاتب أَحدهمَا بِغَيْر

(3/522)


إِذن شَرِيكه قَالَ نعم قلت فان ابْتَاعَ الَّذِي أذن لَهُ فِي التِّجَارَة نصف الآخر مِنْهُ بعد مَا لزم العَبْد الدّين أَيكُون الدّين فِي جَمِيع رقبته أم فِي نصيب الأول قَالَ بل فِي نصيب الأول
قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ العَبْد دينا بعد ذَلِك وَالسَّيِّد لَا يعلم أَيكُون الدّين فِي جَمِيع رقبته قَالَ لَا وَلكنه فِي النّصْف الأول قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ على إِذْنه الأول
قلت أَرَأَيْت إِن علم بِهِ السَّيِّد أَنه يَشْتَرِي وَيبِيع بعد ذَلِك فَلم يُنكر أيلزمه جَمِيع الدّين فِي رقبته قَالَ أما فِي الْقيَاس فَلَا لِأَنَّهُ على حَاله الأولى بعد وَلَكِنِّي أستحسن وألزمه الدّين فِي جَمِيع الرَّقَبَة قلت وَكَذَلِكَ العَبْد إِذا كَانَ بَين الرجلَيْن فكاتبه أَحدهمَا لَا بِإِذن شَرِيكه ثمَّ عجز ثمَّ اشْترى الْمولى الْمكَاتب الَّذِي كَاتب أما فِي نصيب الآخر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ أَله أَن يَبِيع نصفه الآخر قَالَ لَا قلت وَلم وَذَلِكَ النّصْف رَقِيق قَالَ لِأَن

(3/523)


نصفه مكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ ذَلِك النّصْف من الْمكَاتب هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيعتق ذَلِك النّصْف الَّذِي بَاعَ مِنْهُ قلت فَمَا حَاله بعد ذَلِك قَالَ الْمكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَن يعجز عجز وَإِن شَاءَ الْعَجز سعى فِي نصف قِيمَته وَإِن شَاءَ مضى على مُكَاتبَته
قلت أَرَأَيْت إِن مضى على مُكَاتبَته فَأدى بَعْضهَا ثمَّ عجز عَنْهَا

(3/524)


مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى مَا أدّى وَإِلَى نصف قِيمَته فيحسب لَهُ من نصف قِيمَته مَا أدّى وَيسْعَى فِيمَا بَقِي قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ عجز عَن الْمُكَاتبَة كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي نصف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ كسب قبل أَن يبْتَاع نَفسه وَهُوَ مكَاتب لمن يكون قَالَ نصفه للْمولى وَنصفه للْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أدّى إِلَى الْمولى شَيْئا قبل أَن يَشْتَرِي نَفسه فَقَالَ الْمولى اطرَح نصف ذَلِك الْأَدَاء لِأَن لي نصف الْكسْب هَل لَهُ ذَلِك قَالَ نعم لَهُ ذَلِك إِن كَانَ أدّى ذَلِك من كسب اكْتَسبهُ فان كَانَ أدّى ذَلِك من دين استدانه فَلَا شَيْء للْمولى من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْمولى أَنا أحاسبه بِمَا أخذت مِنْهُ قبل أَن أبيعه نصفه فَيكون لي نصف ذَلِك لِأَنَّهُ كَانَ لي كَسبه أَيكُون لَهُ ذَلِك قَالَ نعم إِن كَانَ ذَلِك من كسب اكْتَسبهُ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ فاكتسب العَبْد مَالا وَاشْترى رَقِيقا أَيكُون نصف مَا فِي يَده من مَال أَو رَقِيق أَو مَتَاع للسَّيِّد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب نصف عَبده ثمَّ إِن السَّيِّد اشْترى من الْمكَاتب عبدا أَو ثوبا أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم يجوز نصفه وَنصفه

(3/525)


للسَّيِّد قلت وَكَذَلِكَ مَا كَانَ اشْترى الْمكَاتب مِنْهُ من شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا كَانَ فِي يَده للسَّيِّد
قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى الْمكَاتب من سَيّده عبدا هَل يجوز قَالَ أما فِي الِاسْتِحْسَان فَهُوَ جَائِز لِأَن شِرَاءَهُ وَبيعه من غَيره جَائِز وَأما فِي الْقيَاس فَلَا يجوز إِلَّا نصفه قلت وَلم قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب وَنصفه رَقِيق وبالقياس نَأْخُذ إِلَّا أَن يكون على العَبْد دين
تمّ بِحَمْد الله وَمِنْه طبع الْجُزْء الثَّالِث من كتاب الأَصْل للْإِمَام مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر من ربيع الثَّانِي سنة 1391 هـ ويتلوه فِي الْجُزْء الرَّابِع مِنْهُ بَاب الرجل يُكَاتب عَبده وَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَالْحَمْد لله على ذَلِك وَصلَاته وَسَلَامه على رَسُوله سيد الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَآله الطيبين الطاهرين

(3/526)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
- بَاب الرجل يُكَاتب عَبده وَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التجاره
- قلت أَرَأَيْت رجلا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة ثمَّ كَاتبه وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت والمأذون لَهُ فِي التِّجَارَة وَغير الْمَأْذُون لَهُ إِذا لم يكن عَلَيْهِ دين سَوَاء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عَلَيْهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ فكاتبه السَّيِّد والغرماء غيب لَا يعلمُونَ شَيْئا من ذَلِك ثمَّ علمُوا بعد مَا كَاتبه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَهُم أَن يردوا الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن على العَبْد دينا وَلِأَن هَذَا يتْلف الرَّقَبَة وَلَا يُبَاع فِي دينهم قلت أَرَأَيْت إِن رضى الْغُرَمَاء بذلك وَقَالُوا لَا نُرِيد أَن نبيعه حَتَّى يستسعى ورضى الْمكَاتب بذلك أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم

(4/1)


قلت أَرَأَيْت إِن أَخذ السَّيِّد شَيْئا من مُكَاتبَته لمن يكون قَالَ هُوَ للْغُرَمَاء إِلَّا أَن يُسلمهُ الْغُرَمَاء للسَّيِّد قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه السَّيِّد والغرماء لَا يعلمُونَ فَأدى إِلَيْهِ العَبْد مُكَاتبَته كلهَا ثمَّ علم الْغُرَمَاء بذلك لمن يكون مَا قبض السَّيِّد قَالَ يرجع الْغُرَمَاء على السَّيِّد بِجَمِيعِ مَا أَخذ من الْمُكَاتبَة فان فضل شَيْء من دينهم فهم بِالْخِيَارِ إِن شاؤا ضمنُوا السَّيِّد قيمَة العَبْد وَاتبعُوا العَبْد بِمَا بقى من الدّين وَلَا يرجع الْمولى على العَبْد بالمكاتبة وَإِن شَاءَ الْغُرَمَاء اتبعُوا العَبْد بِمَا بَقِي عَلَيْهِ من دينهم وَتركُوا السَّيِّد

(4/2)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده وَهُوَ مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين لَا يُحِيط بِرَقَبَتِهِ هَل يجوز مُكَاتبَته وَقد أَبى الْغُرَمَاء أَن يجزوا وَقد طلبُوا دينهم قَالَ يرد القَاضِي الْمُكَاتبَة وَيُبَاع لهَذَا العَبْد إِلَّا أَن يُؤدى عَنهُ مَوْلَاهُ قلت وَإِن قل الدّين قَالَ وَإِن قل قلت أَرَأَيْت إِن أدّى السَّيِّد إِلَى الْغُرَمَاء مَا عَلَيْهِ من دين هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع السَّيِّد على الْمكَاتب بِمَا أدّى عَنهُ من الدّين قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أصلح مُكَاتبَته قلت أَرَأَيْت إِن أَبى السَّيِّد أَن يُؤدى عَنهُ فَقَالَ الْمكَاتب أَنا أعجل جَمِيع الدّين الَّذِي على أيجيز القاضى الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم وَقد كَانَ السَّيِّد كَاتبه وَعَلِيهِ دين قَالَ لِأَن الْمكَاتب إِذا أدّى الدّين جَازَت الْمُكَاتبَة وَكَانَ كَأَنَّهُ كَاتبه وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه وَعَلِيهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ فَقَالَ العَبْد حَيْثُ جَاءَ الْغُرَمَاء أَنا أؤدى إِلَيْكُم جَمِيع الدّين تعجيلا هَل تجوز الْمُكَاتبَة إِذا

(4/3)


فعل ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهَا دين يُحِيط برقبتها فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء فَأَبَوا أَن يجيزوا الْمُكَاتبَة فَردهَا القَاضِي فِي الرّقّ هَل يُبَاع وَلَدهَا مَعهَا فِي الدّين إِن لم يؤد الْمولى الدّين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي الْأُم وَفَاء بِالدّينِ هَل للْغُرَمَاء على السَّيِّد سَبِيل قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل أمة لَهُ مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهَا دين فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْأُم ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء مَا حَال الْوَلَد قَالَ يرد الْوَلَد فِي الرّقّ وَيُبَاع للْغُرَمَاء إِلَّا أَن يُؤدى الْمولى مَا كَانَ من دين على أمه قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الْوَلَد أَنا أعجل الدّين هَل تجوز الْمُكَاتبَة إِن فعل قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمة مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهَا دين فَولدت فِي مكاتبتها ولدا فأدت الْمُكَاتبَة قبل أَن يعلم الْغُرَمَاء بِشَيْء من وَلَدهَا هَل تعْتق وَيعتق وَلَدهَا قَالَ نعم قلت فَهَل يلْزمهَا

(4/4)


الدّين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْوَلَد هَل يلْحقهُ شَيْء من الدّين قَالَ نعم وَإِن شاؤا اتبعُوا بِالدّينِ الْأُم وَيَأْخُذ الْغُرَمَاء من السَّيِّد مَا أَخذ من الْمُكَاتبَة فان فضل من دينهم كَانُوا فِيهِ بِالْخِيَارِ إِن شاؤا ضمنُوا للسَّيِّد قيمَة الْأُم فِيمَا بقى وَإِن شاؤوا اتبعُوا الْأُم بِجَمِيعِ ذَلِك وَإِن شاؤا الْوَلَد وَلَكِن لَا يَأْخُذُونَ الْوَلَد بِأَكْثَرَ من قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم بعد أَدَاء الْمُكَاتبَة هَل يلْحق الْوَلَد من ذَلِك شَيْء قَالَ نعم يلْحقهُ الْأَقَل من قِيمَته وَالدّين لِأَنَّهُ وَلَدهَا وَهِي أمة بعد قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين إِنَّمَا كَانَ على الْأُم فَلَا يلْحق الْوَلَد شَيْء مِنْهُ بعد عتقهَا إِلَّا قِيمَته قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين رجلَيْنِ فَيَأْذَن لَهَا أَحدهمَا فِي

(4/5)


التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ إِن الَّذِي لم يَأْذَن لَهَا كَاتب نصفه مِنْهَا هَل يجوز ذَلِك وَقد كَاتب باذن شَرِيكه وَقد جَاءَ الْغُرَمَاء فَقَالُوا لَا نجيز الْمُكَاتبَة بِمَال قَالَ لَا يجوز قلت لم قَالَ لِأَن للْغُرَمَاء أَن يبيعوا نصف الْأمة وَلَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب نصفهَا وَإِن أذن لَهُ الشَّرِيك لِأَن النّصْف الَّذِي للشَّرِيك للْغُرَمَاء قلت أَرَأَيْت إِن رضى الْغُرَمَاء بذلك هَل يجوز وَقَالُوا نَحن نرضى أَن تستسيعها قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الَّذِي لم يَأْذَن لَهَا فِي التِّجَارَة وَأخذ الْمُكَاتبَة هَل

(4/6)


يعْتق نصِيبه مِنْهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ للفرماء بعد ذَلِك هَل يكون لَهُم على الَّذِي كَاتب شَيْء قَالَ نعم يرجعُونَ عَلَيْهِ بِنصْف مَا أَخذ وَيرجع بِهِ الَّذِي كَاتب على الْمُكَاتبَة ثَانِيَة قلت لم قَالَ لِأَن مَا أَخذ من الْأمة إِنَّمَا هُوَ للْغُرَمَاء أَلا ترى أَن الْمُكَاتبَة لَو اكْتسبت مَالا قبل الْمُكَاتبَة وَعَلَيْهَا دين كَانَ نصف ذَلِك الْكسْب فِي دينهَا وَلَو لم يكن عَلَيْهَا دين كَانَ نصف مَا أَخذ لشَرِيكه قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب بأذن شَرِيكه وَأمره أَن يقبض هَل يكون للْغُرَمَاء فِيهِ شَيْء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ أذن لَهُ أَحدهمَا فِي التِّجَارَة فاستدان دينا هَل للْآخر أَن يستغل نصِيبه مِنْهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأمة بَين رجلَيْنِ فَأذن لَهَا أَحدهمَا فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء هَل لَهُم على وَلَدهَا سَبِيل قَالَ نعم إِن أدّى مَوْلَاهَا مَا عَلَيْهَا من الدّين وَإِلَّا بيع نصِيبه مِنْهَا وَمن وَلَدهَا حَتَّى توفى الْغُرَمَاء دينهم قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَعَلِيهِ دين وَأذن الْمَأْذُون لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا ثمَّ إِن السَّيِّد كَاتب عَبده الأول فَأدى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة هَل لغرماء الْمَأْذُون لَهُ الأول على العَبْد الْمَأْذُون لَهُ الآخر شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قلت وَلم قَالَ لِأَن غرماءه أَحَق بِهِ

(4/7)


حَتَّى يستوفوا دينهم فان فضل شَيْء كَانَ لغرماء الأول قلت أَرَأَيْت أمة مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة ولدت ولدا وَعَلَيْهَا دين ثمَّ إِن السَّيِّد كَاتب وَلَدهَا ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء هَل لَهُم أَن يردوا الْمُكَاتبَة قَالَ إِن أدّى السَّيِّد الدّين أَو كَانَ فِي الْأُم وَفَاء بِالدّينِ جَازَت الْمُكَاتبَة فان لم يؤد السَّيِّد أَو لم يكن فِي الْأُم وَفَاء بطلت الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْغُرَمَاء إِذا مَا بقى من مَالهم شَيْء كَانَت الِابْنَة تبَاع فِيهِ فَلَا يجوز للسَّيِّد أَن يكاتبها قلت وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهَا السَّيِّد ضمن قيمتهَا إِذا لم يكن فِي أمهَا وَفَاء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ السَّيِّد مُعسرا هَل لَهُم أَن يستسعوا الِابْنَة فِيمَا بقى من الدّين قَالَ نعم قلت وَلم وَإِنَّمَا الدّين على أمهَا قَالَ لِأَنَّهُ فِي رَقَبَة أمهَا وَفِي رقبَتهَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنَّهَا تبَاع هِيَ وَأمّهَا فِي الدّين جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت رجلا أذن لأمته لَهُ فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا بمكاتبتها فَولدت ولدا فِي كتَابَتهَا ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْغُرَمَاء فَردُّوا الْمُكَاتبَة وبيعت الْأُم لَهُم فَلم يكن لَهُم فِيهَا وَفَاء بِالدّينِ أيضمن الْمولى قيمَة

(4/8)


الْوَلَد قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين كَانَ فِي رقابهم جَمِيعًا أَلا ترى أَنه لَو لم يعْتق الْوَلَد بِعتْقِهَا بِيعَتْ مَعَ أمهَا فِي الدّين قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمة لَهُ مَأْذُونا لَهَا فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا فِي مكاتبتها وَقد كَانَ عَلَيْهَا دين قبل الْمُكَاتبَة ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء الْأَولونَ فَردُّوا الْمُكَاتبَة هَل يشتركون جَمِيعًا فِي الثّمن قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أذن الرجل لأمته فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ كاتبها فَولدت ولدا فِي الْمُكَاتبَة فشب الْوَلَد فَاشْترى وَبَاعَ وَلَزِمَه دين ثمَّ جَاءَ الْغُرَمَاء الْأَولونَ فَردُّوا الْأُم فِي الرّقّ مَا حَال الْوَلَد قَالَ تبَاع الْأُم للْغُرَمَاء غُرَمَاء نَفسهَا وَيُبَاع الابْن لغرمائه خَاصَّة دون غُرَمَاء أمه قلت وَلم لَا يكون للأولين شَيْء وَالْولد بِمَنْزِلَة أمه وَمَا كَانَ من دين على الْأُم فَهُوَ فِي رقبتهما جَمِيعًا قَالَ لِأَن دين نَفسه أَحَق من دين أمه قلت أَرَأَيْت رجلا أذن لأمته فِي التِّجَارَة فاستدانت دينا ثمَّ ولدت ولدا فَأذن لَهُ الْمولى فِي التِّجَارَة ثمَّ إِن وَلَدهَا اشْترى وَبَاعَ وَلَزِمَه دين هَل يلْزمه ذَلِك الدّين قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت إِن بِيعَتْ الْأُم فَلم يَفِ ثمنهَا بِالدّينِ فَبيع الْوَلَد لمن يكون ثمنه لغرمائه أَو لغرماء أمه قَالَ لغرمائه دون غُرَمَاء أمه قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مَأْذُونا لَهما فِي التِّجَارَة وَعَلَيْهِمَا دين فكاتبهما مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وَعَلَيْهِمَا دين يُحِيط

(4/9)


برقبتهما فَغَاب أَحدهمَا فجَاء الْغُرَمَاء فَأخذُوا الشَّاهِد مِنْهُمَا هَل لَهُم أَن يردوه فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الآخر غَائِب وَالْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلِأَنَّهُمَا يعتقان جَمِيعًا ويعجزان جَمِيعًا أَلا ترى إِن جَاءَ الْغَائِب فَأدى عتق وَعتق الآخر مَعَه قلت فَكيف يصنع الْغُرَمَاء بِهَذَا الشَّاهِد قَالَ يستسعونه فِيمَا عَلَيْهِ من الدّين وَمَا أدّى من الْمُكَاتبَة فالغرماء أَحَق بِهِ قلت فَهَل للْغُرَمَاء أَن يضمنوا الْمولى قيمَة الْعَبْدَيْنِ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لم يجر فيهمَا عتاقه بعد وَلِأَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا ردا فِي الرّقّ وَلَكنهُمْ إِن شاؤا ضمنوه قيمَة العَبْد الشَّاهِد لِأَنَّهُ مَنعهم من بَيْعه فَلَيْسَ لَهُم أَن يضمنوه قيمَة الْغَائِب قلت أَرَأَيْت إِن اجْتمعَا جَمِيعًا فَأجَاز الْغُرَمَاء مُكَاتبَة أَحدهمَا وَلم يجيزوا مُكَاتبَة الآخر هَل لَهُم أَن يردوا هَذَا الآخر فِي الرّقّ دون الَّذِي

(4/10)


أَجَازُوا قَالَ لَيْسَ لَهُم أَن يردوا هَذَا الآخر فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَن مكاتبتهما وَاحِدَة فَلَا يردان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا يعتقان إِلَّا جَمِيعًا
- بَاب مِيرَاث الْمكَاتب
- قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن على وعبد الله وَشُرَيْح رَضِي الله عَنْهُم أَن الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَترك مَالا وورثة أَنه يُؤدى إِلَى الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَيكون مَا بقى لوَرثَته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَله وَرَثَة أَحْرَار وَقد ترك وَفَاء

(4/11)


وَعَلِيهِ من مُكَاتبَته بَقِيَّة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ السَّيِّد مَا بقى من مُكَاتبَته مِمَّا ترك وَمَا فضل فلورثته قلت فَهَل يعْتق الْمكَاتب قَالَ نعم قلت فَهَل يجر وَلَاء وَلَده وَله ولد أَحْرَار من امْرَأَة حرَّة وَقد كَانَ تزَوجهَا وَهِي حرَّة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَترك ولدا ولد فِي الْمُكَاتبَة من أمة لَهُ وَله ولد سوى ذَلِك أَحْرَار وَترك مَالا من يَرِثهُ قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من مُكَاتبَته وَيكون مِيرَاثه بَين وَلَده الْأَحْرَار وَبَين الَّذين ولدُوا لَهُ فِي الْمُكَاتبَة قلت وَلم وَالَّذين ولدُوا فِي الْمُكَاتبَة عبيد قَالَ لِأَنَّهُ عتق فَعتق ابْنه الَّذِي ولد فِي الْمُكَاتبَة بِعِتْقِهِ أَلا ترى أَن الْمولى حَيْثُ قبض الْمُكَاتبَة عتق الْمكَاتب وَعتق وَلَده مَعَه فصاروا ورثته قلت أَرَأَيْت إِن ترك الْمكَاتب دينا فِيهِ وَفَاء لمكاتبته مَا حَال الْوَلَد وَالدّين لَا يقدر قَالَ يسْعَى هَذَا الْوَلَد الَّذِي ولد فِي الْمُكَاتبَة فِيمَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن سعى فِيهَا فأداها هَل يعْتق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن خرج دين أَبِيه بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك وَمَعَهُ إخْوَة لَهُ أَحْرَار قَالَ لَا يرجع وَلَده الَّذِي يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة

(4/12)


فِيمَا سعى على وَالِده وَيكون مَا ترك أَبوهُ مِيرَاثا بَينه وَبَين إخْوَته قلت وَلم لَا يرجع فِيمَا يسْعَى قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ نَفسه مَال أَبِيه وَمَا اكْتسب أَيْضا وَمَا أدّى فَهُوَ من مَال أَبِيه قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَترك ولدا أحرارا وَترك وَفَاء وَقد كَانَ أوصى بِوَصِيَّة لرجل ودبر عبدا لَهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ وَصيته بَاطِل وتدبيره بَاطِل وَيَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَمَا بقى فللورثة قلت وَلم أبطلت وَصِيَّة الْمكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة العَبْد قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَقد ترك وَفَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالدّينِ فَيقْضى ثمَّ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك وَمَا بقى فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قد أدانه دينا فِي مُكَاتبَته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بدين الأجنبيين فيؤدى إِلَيْهِم ثمَّ يُؤدى إِلَى الْمولى ثمَّ يَأْخُذ الْمولى بعد ذَلِك مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَمَا بقى فلورثته وَذَلِكَ إِذا ترك وَفَاء بذلك كُله فان لم يتْرك بعد دين الأجنبيين إِلَّا مِقْدَار الْمُكَاتبَة أَو الدّين دين الْمولى فانه يبْدَأ بالمكاتبة قبل دين الْمولى لأَنا إِن بدأنا بِالدّينِ مَاتَ الْمكَاتب عَاجِزا وَبَطل دين الْمولى قلت أَرَأَيْت إِن لم يدع شَيْئا إِلَّا قدر الدّين هَل للْمولى مِنْهُ شَيْء

(4/13)


قَالَ لَا وَلكنه للْغُرَمَاء قلت وَلم لَا يضْرب الْمولى مَعَ الْغُرَمَاء بِدِينِهِ فِيمَا ترك الْمكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ عَبده فَلَا يضْرب بِدِينِهِ مَعَ الْغُرَمَاء قلت فَهَل يَرث الْمكَاتب إِذا مَاتَ أَخ لَهُ أَو أَب لَهُ حر قَالَ لايرث الْمكَاتب لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة العَبْد قلت فَهَل يُورث إِذا مَاتَ قَالَ نعم يَأْخُذ مَوْلَاهُ مَا بقى من مُكَاتبَته وَمَا بقى فَلَا قرب النَّاس مِمَّن يَرِثهُ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ وَقد كَاتب عبدا لَهُ أَيكُون مُكَاتبَة عَبده ذَلِك مِيرَاثا لوَرثَته قَالَ نعم ينظر إِلَى جَمِيع مَا ترك من مَال وَمَا كَانَ لَهُ من دين على أحد وَمَا كَانَ لَهُ من مُكَاتبَة فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته بعد مَا يقبض الْمولى مَا بقى من مُكَاتبَته وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَتِهِ قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ابْنة وَولد لولدها جَارِيَة وَولد لولدها إِبْنِ ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت وَتركت وَفَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ لَهَا وَارِث إِلَّا وَلَدهَا قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة ولابنتها النّصْف بعد ذَلِك من جَمِيع مَا بقى وَمَا بقى فَهُوَ للولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت ولدت غُلَاما وَولد لابنها ولد ذكر من جَارِيَة ثمَّ مَاتَت الْمُكَاتبَة قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَمَا بقى فلابنها دون ابْن ابْنهَا

(4/14)


قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا مَاتَت وَتركت مَالا دينا وَلها ولد قد وَلدته فِي الْمُكَاتبَة فاستسعاها القَاضِي فِيمَا على الْأُم فعجزت هَل ترد فِي الرّقّ وَقد أيس من الدّين أَن يخرج قَالَ نعم إِذا كَانَ الْأَمر كَمَا ذكرت ردَّتْ فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن خرج المَال بعد ذَلِك قَالَ هُوَ كُله للْمولى قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَامْرَأَته مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فَولدت الْمُكَاتبَة فِي مكاتبتها ولدا ثمَّ إِن الْوَلَد اكْتسب مَالا ثمَّ مَاتَ لمن يكون المَال قَالَ هُوَ للْأُم دون الْأَب قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا الْيَسْ بميراث وَلِأَن الْوَلَد عُضْو من أَعْضَاء الْأُم وَكسب الْوَلَد وَمَاله أجمع للام دون الْأَب قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَتركت مَالا وَفِيه وَفَاء بمكاتبتها وَفضل وَلها ولد أَحْرَار قد أعتقوا قبل الْمُكَاتبَة ماالقول فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمولى مِمَّا تركت جَمِيع مَا بقى من الْمُكَاتبَة وَالْمِيرَاث بَين وَلَدهَا الْأَحْرَار وَبَين زَوجهَا وَيرجع الْوَلَد على الزَّوْج بِمَا أدَّت عَنهُ الْأُم لِأَن الْمُكَاتبَة كَانَت عَلَيْهِمَا جَمِيعًا أَلا ترى أَنَّهَا لَو كَانَت حَيَّة فأدت

(4/15)


رجعت عَلَيْهِ بِمَا أدَّت عَنهُ من الْمُكَاتبَة فَكَذَلِك ورثتها
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وابنا للْعَبد وهما رجلَانِ جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فَمَاتَ الب وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ وراث غير ابْنه قَالَ يَأْخُذ الْمولى مَا بقى من الْمُكَاتبَة مِمَّا ترك الْأَب وَمَا بقى فَهُوَ مِيرَاث لِابْنِ الْمكَاتب قلت وَلم وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ عتق الابْن بِعِتْق الْأَب وَورثه من ذَلِك وَلَو كَانَت مكاتبتهما لَيست بِوَاحِدَة وَكَانَت مكاتبتين متفرقتين فَمَاتَ الْأَب وَترك وَفَاء فَأدى الابْن إِلَى الْمولى بعد موت أَبِيه وَعتق لم يَرِثهُ لِأَن أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ مكَاتب وَإِنَّمَا عتق بعد مَوته وَبعد مَا صَار الْمِيرَاث لغيره وَالَّذِي ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة إِنَّمَا عتق مَعَ الْأَب فَلذَلِك اخْتلفَا قلت وَكَذَلِكَ الابْن لَو مَاتَ قَالَ نعم لِأَنَّهَا إِذا كَانَت مُكَاتبَة وَلدته فانما يعْتق الابْن بِعِتْق الْأَب أَلا ترى أَن الْأَب لَا يصير حرا وَالْأول الابْن حر مَعَه وَإِذا كَانَ فِي غير مُكَاتبَة لم يكن كَذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ مَاتَ وَترك رجَالًا وَنسَاء ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب بعد ذَلِك وَترك مَالا كثيرا وَلَيْسَ لَهُ وَارِث إِلَّا موَالِيه قَالَ ينظر إِلَى مُكَاتبَته مِمَّا ترك فَيكون لجَمِيع الْوَرَثَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء

(4/16)


وَمَا بقى من مَال الْمكَاتب للرِّجَال دون النِّسَاء قلت لم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة مِيرَاث من الْمَيِّت تَركه فَهُوَ لجَمِيع الْوَرَثَة من الرِّجَال وَالنِّسَاء فاذا قبض الْوَرَثَة الْمُكَاتبَة عتق الْمكَاتب وَكَانَ مَا بقى مِيرَاثا للذكور من ولد الْمولى دون الْإِنَاث لِأَن هَذَا وَلَاء وَلَا يَرث النِّسَاء شَيْئا مِنْهُ قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمكَاتب أدّى إِلَى الْوَرَثَة جَمِيع الْمُكَاتبَة ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك قَالَ نعم قلت فَلَنْ يكون مَا أدّى من الْمُكَاتبَة قَالَ لجَمِيع ولد الْمولى من الرِّجَال وَالنِّسَاء لِأَنَّهُ مِيرَاث كُله قلت أَرَأَيْت رجلا مَاتَ وَترك ولدا رجلا وَنسَاء فوهبوا لَهُ مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَترك بعد ذَلِك مَالا من يَرِثهُ قَالَ الذُّكُور دون الْإِنَاث قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتقوه جَمِيعًا وَرثهُ الرِّجَال دون النِّسَاء قَالَ نعم قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن ولاءه للْمَيت الَّذِي كَانَ كَاتبه وَلَا يَرث النِّسَاء من الْوَلَاء شَيْئا إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة مَا كاتبن وَلَا مَا أعتقن قلت أَرَأَيْت امْرَأَة كاتبت عبدا لَهَا ثمَّ إِن الْمكَاتب كَاتب عبدا لَهُ فأديا جَمِيعًا الْمُكَاتبَة ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب الأول وَلَيْسَ لَهُ وَارِث إِلَّا مولاته هَل تَرثه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ مكَاتب الْمكَاتب بعد ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيرهَا هَل تَرثه قَالَ نعم قلت لم وَقد زعمت أَن النِّسَاء لَا يرثن إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن قَالَ هَذَا بِمَنْزِلَة مَا أعتقت هِيَ لِأَن عتق

(4/17)


مَا أَعتَقته وَكِتَابَة مَا كاتبته فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة مَا أعتقت أَو كاتبت وَمولى مَوْلَاهَا بمزلة مَوْلَاهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتقت عبدا فَأعتق مَوْلَاهَا ذَلِك عبدا ثمَّ مَاتَ مَوْلَاهَا الأول ثمَّ مَاتَ الآخر بعد ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غَيرهَا هَل تَرثه قَالَ نعم لِأَن مَا أعتق مَوْلَاهَا هُوَ بِمَنْزِلَة مَا أعتقت قلت وَكَذَلِكَ مَا أعتق مولى مَوْلَاهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا كاتبت مكاتبتها أَو أعتق الْمكَاتب بعد مَا أدّى أَو كَاتب الْمكَاتب بعد مَا أدّى قَالَ نعم وَهَذَا كُله سَوَاء ويرثه إِذا مَاتَ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا مَاتَ قبل أَن يُؤدى شَيْئا أَو قد أدّى بعض مُكَاتبَته قَالَ يُؤدى مَا بقى من مُكَاتبَته وَمَا بقى فَهُوَ مِيرَاث وَقَول عبد الله وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا فِي هَذَا أحب إِلَيْنَا وَبِه نَأْخُذ فِي الْمَوْت فَأَما إِذا كَانَ حَيا فَقَوْل زيد رَضِي الله عَنهُ نَأْخُذ بِهِ إِن عجز عَن دِرْهَم من مُكَاتبَته رد فِي الرّقّ وَذَلِكَ أَيْضا قَول عَائِشَة وَقَول ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(4/18)


- بَاب مُكَاتبَة الْمَمْلُوك الصَّغِير
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا صَغِيرا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم إِن كَانَ يعقل جَازَت الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَ لَا يعقل لم تجز
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عبدا لَهُ وَهُوَ صَغِير لم يَحْتَلِم وَلكنه

(4/19)


قد راهق وَعرف ذَلِك هَل يجوز قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أجزت الْمُكَاتبَة هَل يكون فِي ذَلِك يمنزلة العَبْد الْكَبِير قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ دينا هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى وَبَاعَ هَل يجوز قَالَ نعم وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَبِير قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الْمَمْلُوك عبدا لَهُ هَل يجوز قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَبِير قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز هَل يرد فِي الرّقّ قبل أَن يدْرك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل عبدا لَهُ صَغِيرا لَا يعقل وَلَا يعرف ذَلِك وَلَا يقدر على أَن يسْعَى فجَاء رجل فَأدى عَنهُ تِلْكَ الْمُكَاتبَة فقبلها الْمولى هَل يعْتق الصَّبِي مَا لم يتَكَلَّم قَالَ لَا يعْتق وَلَيْسَ هَذِه بمكاتبة قلت لم وَأَنت تزْعم لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ مُكَاتبَة فَاسِدَة فأداها عتق قَالَ لِأَنِّي لَو أجزت هَذَا لأجزت لَو أَن رجلا كَاتب مَا فِي بطن جَارِيَته فجَاء رجل بعد ذَلِك فَأدى عَنهُ عتق وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء

(4/20)


وَهَذَا بِمَنْزِلَة من لم يُكَاتب وَيرد المَال إِلَى صَاحبه وَإِنَّمَا يجوز إِذا كَانَ يعقل وَيتَكَلَّم وَيعرف ذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ صغيرين وَقد راهقا وَلم يحتلما مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا هَل يكونَانِ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الكبيرين قَالَ نعم قلت وَلَا يعتقان إِلَّا بأَدَاء جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى أَحدهمَا قِيمَته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا يعتقان حَتَّى يؤديا جَمِيع الْمُكَاتبَة كلهَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز أَحدهمَا وَلم يعجز الْأُخَر هَل يردان فِي الرّقّ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الآخر إِذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا وَلَا يكون عجزهما إِلَّا جَمِيعًا وَلَا عتقهما إِلَّا بِالْأَدَاءِ جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت الرجل كَاتب على عبد لرجل رَضِيع فرضى الْمولى بذلك هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الرجل لَا يجوز كِتَابَته لرجل عَن عَبده وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت

(4/21)


إِن أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة هَل يعْتق الصَّبِي قَالَ نعم قلت وَلم وَقد زعمت أَن الْمُكَاتبَة لَيست بجائزة قَالَ لِأَنِّي استحسنت ذَلِك وَجَعَلته بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَعَبْدي حر أَلا ترى أَن الرجل لَو لم يؤد شَيْئا ثمَّ بلغ العَبْد وَهُوَ غَائِب يَوْم وَقعت الْكِتَابَة فأجازها كَانَ جَائِزا وَكَانَ الْأَدَاء على العَبْد يُؤْخَذ بذلك وَإِن أَدَّاهُ الرجل عَنهُ إِلَّا درهما كَانَ أَدَاؤُهُ عَنهُ دائزا وَلَا يُؤْخَذ العَبْد إِلَّا بذلك الدِّرْهَم وَيتم مَا صنع ذَلِك فَكَذَلِك أَدَاء الْجَمِيع أَيْضا جَائِز وَلَا يُؤْخَذ وَيقبض بِهِ العَبْد وَالصَّغِير بِمَنْزِلَة العَبْد الْغَائِب

(4/22)


قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عبدا لَهُ صَغِيرا قد راهق ثمَّ إِن الْمكَاتب كَاتب لَهُ عبدا آخر ثمَّ عجز الْمكَاتب الأول مَا حَال الْمكَاتب الثَّانِي قَالَ هُوَ مكَاتب على حَاله إِن أدّى عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ
- بَاب الرجل يُكَاتب عَن نَفسه وَعَن عبد لَهُ آخر
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَعبد لَهُ آخر غَائِب على ألف دِرْهَم مُكَاتبَة وَاحِدَة وَضمن الْمُكَاتبَة هَل يجوز هَذَا قَالَ أما الْمكَاتب فمكاتبته على نَفسه جَائِزَة وَلَا تجوز على الآخر الْغَائِب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع هَذَا الْمكَاتب على الْغَائِب بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا لم يكاتبا جَمِيعًا وَلِأَنَّهُ كَاتب عَنهُ بِغَيْر أمره قلت أَرَأَيْت إِن عجز هَذَا الْمكَاتب هَل يرد فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَلم وَالْآخر غَائِب قَالَ لِأَن الآخر لم يدْخل فِي الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُمَا لم يكاتبا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت ان رد فِي الرّقّ ثمَّ جَاءَ الآخر بعد ذَلِك فَقَالَ أَنا أسعى فِي الْمُكَاتبَة هَل يلْتَفت إِلَيْهِ قَالَ لَا وَهُوَ عبد قلت أَرَأَيْت إِن قدم قبل أَن يُؤَدِّي فَرضِي بالمكاتبة فعجز الْمكَاتب بعد ذَلِك هَل يردان جَمِيعًا فِي الرّقّ قَالَ نعم قلت وَلم وَقد كَانَ الآخر رَضِي

(4/23)


بالمكاتبة قَالَ لِأَن الآخر لَيْسَ من هَذَا فِي شَيْء وَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلم يُكَاتب هُوَ لنَفسِهِ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى هَذَا الْمكَاتب حِصَّة قِيمَته من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لَا يعْتق حَتَّى يُؤدى جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة قد لَزِمته جَمِيعًا يَوْم كَاتب فَلَا يعْتق إِلَّا بأدائها جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب وَلم يدع شَيْئا مَا حَال الآخر قَالَ الآخر مَمْلُوك إِلَّا أَن يعجل جَمِيع الْمُكَاتبَة حَالَة فَانِي أستحسن أَن أعتقهما جَمِيعًا وَإِن لم يؤده حَالا رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ الآخر أَنا أسعى هَل يلْتَفت إِلَى قَوْله قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن قدم الْغَائِب مِنْهُمَا فَرضِي بالمكاتبة وَرَضي السَّيِّد بعد ذَلِك أَن يكون عَلَيْهِ وعَلى الْمُكَاتبَة يَأْخُذ أَيهمَا شَاءَ فَهَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلَا يكون للْمولى عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ لَا قلت لم وَقد رَضِي الْمولى قَالَ لِأَن الْغَائِب لم يكن دخل فِي الْمُكَاتبَة فَلَيْسَ يلْزمه شَيْء من الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك رَضِي أَو لم يرض قلت فَكيف الْقيَاس فِي هَذَا الَّذِي ذكرت لَك قَالَ إِذا أدّى الْمكَاتب الَّذِي كَاتب قدر حِصَّة قِيمَته من الْمُكَاتبَة عتق وَلَكِن أستحسن أَن لَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء

(4/24)


جَمِيع الْمُكَاتبَة لِأَنَّهُمَا مُكَاتبَة وَاحِدَة والنجوم وَاحِدَة وَالْمَال كُله على الْمكَاتب فَلَا يعْتق إِلَّا بِأَدَائِهِ قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وعبدا لَهُ آخر وهما حاضران جَمِيعًا ورضى الآخر بذلك بعد وُقُوع الْمُكَاتبَة وَجعل المَال على هَذَا الَّذِي كَاتب دون الآخر هَل يجوز ذَلِك قَالَ هَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء إِذا لم تقع الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا والنجوم وَالْأَدَاء عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لم تجز مُكَاتبَة الْمكَاتب على الآخر وضمانه على المَال إِلَّا أَنى أستحسن إِذا وَقع الْأَمر على مَا ذكرت لَك فَأدى المَال أَن يعتقان جَمِيعًا وَلَا يعْتق الْمكَاتب إِلَّا بأَدَاء جَمِيع المَال نَدع الْقيَاس فِي ذَلِك
قلت أَرَأَيْت الْمولى إِن أعتق الآخر الَّذِي لم يدْخل مَعَ هَذَا فِي الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَن الْمكَاتب مَا بقى قَالَ نعم قلت وَلم وَلَيْسَ يلْزمه شَيْء من مَال الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ قد أعتق فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا قد قبض هَذَا المَال لِأَن المَال إِنَّمَا لزم الْمكَاتب عَنْهُمَا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الَّذِي لم يدْخل فِي الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَن هَذَا شَيْء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ أَحدهمَا غَائِبا فكاتب الشَّاهِد على نَفسه وعَلى الْغَائِب وَلَا يدرى مَا قيمَة الْغَائِب كَيفَ الْقيَاس فِي هَذَا قَالَ الْمُكَاتبَة فَاسِدَة قلت وَلم قَالَ لِأَنِّي لَا أَدْرِي مَا يلْزم

(4/25)


هَذَا الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة لِأَن فِي الْقيَاس إِنَّمَا يلْزمه قدر قِيمَته من الْمُكَاتبَة فاذا لم يعلم مَا قيمَة الآخر فالمكاتبة فَاسِدَة وَلَكِن أدع الْقيَاس وأجيز ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة وَهِي فَاسِدَة هَل يعْتق وَيعتق الآخر مَعَه قَالَ نعم قلت لم وَأَنت قد أفسدت الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ إِذا أدّى عتق لِأَن الرجل إِذا كَاتب عَبده مُكَاتبَة فَاسِدَة فَأدى الْمُكَاتبَة قبل أَن يرد فِي الرّقّ عتق قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على نَفسه وَولد لَهُ صغَار هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كبر الْوَلَد وَغَابَ الْأَب للْمولى أَن يستسعى الْوَلَد فِي شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة على الْأَب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْأَب الْمُكَاتبَة هَل يعتقون جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع الْأَب على وَلَده بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتب على وَلَده وهم صغَار وَلِأَن الْوَلَد لم يكن عَلَيْهِم شَيْء من المنكاتبة قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْوَلَد إِلَى الْمولى الْمُكَاتبَة هَل يرجعُونَ على أَبِيهِم بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا شيئ تطوعوا بِهِ على أَبِيهِم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْأَب مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسعون فِي الْمُكَاتبَة على

(4/26)


النُّجُوم فان أَدّوا عتقوا وَإِن عجزوا ردوا قلت أَرَأَيْت رجلاكاتب عبدا لَهُ على نَفسه وعَلى عبد لَهُ آخر برضى ذَلِك العَبْد ثمَّ إِن السَّيِّد بَاعَ العَبْد الَّذِي لم يدْخل فِي الْمُكَاتبَة هَل يجوز بَيْعه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَو أدّى الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب جَارِيَة لَهُ على نَفسهَا وَجَارِيَة لَهُ أُخْرَى ثمَّ إِن السَّيِّد وطىء الْمُكَاتبَة فعلقت فَاخْتَارَتْ أَن تعجز هَل تكون الْأُخْرَى رَقِيقا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أَيْضا وطىء السَّيِّد الَّتِي لم تدخل فِي الْمُكَاتبَة فعلقت هَل تصير أم وَلَده قَالَ أما من أجَاز الْمُكَاتبَة عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَأخذ بالاستحسان فِيهِ لم يصيرها أم ولد لِأَن الْمُكَاتبَة إِذا أدَّت الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا وَأما فِي الْقيَاس فَتَصِير أم ولد وتسعى الْمُكَاتبَة فِي قدر قيمتهَا من الْمُكَاتبَة وتعتق وَلَكِن أدع الْقيَاس فَلَا تصير أم ولد وَتَكون على حَالهَا قلت أَرَأَيْت إِن دبر السَّيِّد الَّتِي لم تدخل فِي الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَن الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم وَقد زعمت أَنَّهَا إِذا عتقت رفع عَن هَذِه حِصَّة قيمتهَا من الْمُكَاتبَة قَالَ

(4/27)


لِأَن الْمُدبرَة مَمْلُوكَة على حَالهَا أَلا ترى أَن الْمُكَاتبَة إِذا أدَّت عتقا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ على نَفسهَا وعَلى أمة لَهُ أُخْرَى ثمَّ إِن الْأُخْرَى ولدتا ولدا هَل للْمولى أَن يَبِيع وَلَدهَا قَالَ لَا وَهِي بِمَنْزِلَة أمهَا لِأَن الْمُكَاتبَة إِذا أدَّت عتقا جَمِيعًا قلت فَهَل للْمولى أَن يَطَأهَا قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت أَرَأَيْت السَّيِّد لَهُ أَن يُزَوّجهَا بِرِضَاهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُخْرَى الَّتِي ضمنت شَيْئا من الْمُكَاتبَة فَأخذ الْمولى قيمتهَا وَفِي قيمتهَا وَفَاء بالمكاتبة هَل تعْتق الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع السَّيِّد على الْمُكَاتبَة الْأُخْرَى بِشَيْء قَالَ لَا لِأَنَّهَا لَو كَانَت حَيَّة فأدت الْمُكَاتبَة لم ترجع بِشَيْء فَكَذَلِك قيمتهَا
- بَاب الْمُكَاتبَة على الْحَيَوَان وَغير ذَلِك من الْعرُوض
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على عبد إِلَى أجل هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب أمة لَهُ على عبد قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كاتبها على وصيف قَالَ نعم وَقِيمَة ذَلِك عندنَا أَرْبَعُونَ دِينَارا فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فعلى قدر الْخَلَاء والرخص قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب يكون عَلَيْهِ وصيف وسط فجَاء بِهِ هَل يجْبر الْمولى على أَن يقبله قَالَ نعم

(4/28)


قلت أَرَأَيْت إِن أَتَى بِقِيمَة الوصيف أَرْبَعُونَ دِينَارا هَل يجْبر الْمولى على أَخذ ذَلِك قَالَ نعم قلت وتعتق الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت ونجبر الْمكَاتب على عبد وعَلى خَادِم وعَلى وصيف قَالَ نعم قلت وتعتق الْمُكَاتبَة إِذا أَدَّاهُ قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا قَالَ استحسنت ذَلِك وَتركت الْقيَاس فِيهِ وَهُوَ فِي الْقيَاس سَوَاء لَا يجوز قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على عبد يُعينهُ لرجل هَل تجوز الْمُكَاتبَة على هَذَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على عبد رجل فَلَا يجوز قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتبه على دَابَّة هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزته فِي الوصيف وَالْعَبْد قَالَ لِأَن الدَّوَابّ مُخْتَلفَة من البراذن والحمر وَالْبِغَال وَغير ذَلِك فَمن ثمَّ لم نجز لِأَنَّهُ لم يسم نوعا مِنْهَا بِعَيْنِه فَمن ثمَّ لم نجز قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على ثوب هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا

(4/29)


قلت لم قَالَ لِأَن الثِّيَاب مُخْتَلفَة فَلم يسم نوعا فَمن ثمَّ لم نجز قلت أَرَأَيْت إِن سمى نوعا من الثِّيَاب فَقَالَ لَهُ كاتبتك على كَذَا كَذَا ثوب مروى أَو كَذَا كَذَا ثوب هروى أَو غير ذَلِك من الثِّيَاب هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَمَا الَّذِي يلْزمه من ذَلِك قَالَ وسط من الثِّيَاب الَّتِي سمي قلت وَكَذَلِكَ الدَّوَابّ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على وصيف وَلم يسم للمكاتبة أَََجَلًا هَل تجوز هَذِه الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَيكون الوصيف حَالا فاذا أدّى عتق حِين يَأْخُذ الْمولى وَإِلَّا رد فِي الرّقّ قلت لم أجزت هَذَا وَلم تسم لَهُ أَََجَلًا قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الدَّرَاهِم أَلا ترى أَنه لَو كَاتبه على ألف دِرْهَم وَلم يَجْعَل لَهَا أَََجَلًا كَانَت الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَكَانَت حَالَة فان أَدَّاهَا حِين يَأْخُذهُ فِيهَا الْمولى وَإِلَّا رد فِي الرّقّ وَكَذَلِكَ إِذا كَاتبه على وصيف أَو على عبد قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على وصيف ثمَّ صَالحه من الوصيف على ثوب فَدفعهُ الْمكَاتب إِلَيْهِ وَقَبضه الْمولى هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن صَالحه على دَنَانِير قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن صَالحه على دَابَّة أَو على غير ذَلِك من الْعرُوض قَالَ نعم

(4/30)


قلت أَرَأَيْت إِن صَالحه على ثوب زطي نَسِيئَة أَو هروى هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزته إِذا كَانَ يدا بيد قَالَ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ يدا بيد فَهُوَ جَائِز وَإِن كَانَ نَسِيئَة فَلَا يجوز دين بدين قلت وَكَذَلِكَ لَو صَالحه على كرّ من طَعَام بِعَيْنِه قَالَ لَا يجوز وَلَا يجوز أَن يصالحه إِلَّا يدا بيد أَلا ترى لَو أَن رجلا تزوج امْرَأَة على خَادِم فَصَالحه من ذَلِك على ثوب نَسِيئَة أَو على طَعَام نَسِيئَة لم يجز لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يَبِيع دينا بدين أَلا ترى أَنه لَو كَانَ لرجل على رجل دين فَصَالحه من ذَلِك على ثوب نَسِيئَة لم يجز فَكَذَلِك الثِّيَاب فِي الْبَاب الأول فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على وصيف إِلَى أجل فَولدت الْمُكَاتبَة ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت مَا حَال الْوَلَد قَالَ

(4/31)


عَلَيْهِ مَا كَانَ على أمه من الوصيف قلت وَهُوَ عنْدك بِمَنْزِلَة الْمُكَاتبَة على دَنَانِير أَو دَرَاهِم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت لَو كَاتب مكاتبين لَهُ على وصيف مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق أَحدهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرفع عَن الْبَاقِي من قيمَة الوصيف بِحِصَّة الَّذِي أعتق وَينظر فان كَانَ قيمتهَا سَوَاء رفع عَنهُ نصف الوصيف قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة رجل كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ على ألف دِرْهَم وَأعْتق أَحدهمَا وقيمتهما سَوَاء فيرفع عَن الْبَاقِي نصف الْمُكَاتبَة قلت وَكَذَلِكَ إِذا كاتبهما على وصيف قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على وصيف ثمَّ إِن الْأمة أدَّت إِلَيْهِ الوصيف أَو قِيمَته فعتقت ثمَّ اسْتحق ذَلِك من يَد السَّيِّد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرجع السَّيِّد على الْمُكَاتبَة بِمَا أَعطَتْهُ من ذَلِك وَالْمُكَاتبَة حرَّة وَيكون الوصيف دينا عَلَيْهَا قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على جَارِيَة فَدفع إِلَيْهِ الْجَارِيَة وَقَبضهَا ثمَّ إِن السَّيِّد وطىء الْجَارِيَة فَولدت مِنْهُ ولدا ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتحقَّ الْجَارِيَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمُسْتَحق الْجَارِيَة وعقرها وَقِيمَة أَوْلَادهَا من السَّيِّد وَيرجع السَّيِّد على الْمكَاتب بالجارية الَّتِي كَاتبه عَلَيْهَا

(4/32)


وبقيمة أَوْلَادهَا وَلَا يرجع السَّيِّد على الْمكَاتب بالعقر قلت وَلم يرجع عَلَيْهِ بِقِيمَة الْأَوْلَاد قَالَ لِأَنَّهُ غره وَأَعْطَاهُ جَارِيَة لَا يملكهَا أَلا ترى لَو أَن رجلا ابْتَاعَ من مكَاتب لَهُ جَارِيَة فَولدت من السَّيِّد أَوْلَادًا ثمَّ جَاءَ رجل فَاسْتحقَّ الْجَارِيَة أَخذهَا وعقرها وَأخذ قيمَة وَلَدهَا من السَّيِّد وَيرجع السَّيِّد بِقِيمَة الْوَلَد على الْمكَاتب لِأَنَّهُ قد غره وَبَاعه مَا لم يملك وَالْمكَاتب وَغَيره سَوَاء قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة على الوصيف وَالثَّوْب إِذا سمي جنسه بِمَنْزِلَة الْمُكَاتبَة على الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على دَار قد سَمَّاهَا ووصفها هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على أَرض قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء من من الْعرُوض إِلَّا على مَا سميت لَك من الوصيف وَالثَّوْب إِذا سمي جلسه وَأما على الْأَرْضين وَالدَّار وَغير ذَلِك فَلَا يجوز قَالَ نعم قلت فان سمي دَارا بِعَينهَا قَالَ ذَلِك أفسد للمكاتبة قلت وَلم قَالَ لِأَن الدَّار لم تسم بِعَينهَا فقد كَاتبه على شَيْء لَا يعرف فان سَمَّاهَا فقد كَاتبه عَلَيْهَا لم يملك

(4/33)


قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على ياقوته ولؤلؤة أَو غير ذَلِك من الْعرُوض قَالَ نعم أَيْضا لَا يجوز قلت أَرَأَيْت لَو كَاتبه على كرحنطة أَو كرّ شعير أَو سمسم أَو كَذَا كَذَا من الزَّيْت أَو كَذَا كَذَا من السّمن أَو غير ذَلِك مِمَّا يُكَال أَو يُوزن هَل تجوز الْمُكَاتبَة على ذَلِك قَالَ نعم قلت لم أجزت هَذَا فِي هَذَا الْبَاب وَقد أفسدته فِي الْعرُوض قَالَ لِأَن هَذَا يُكَال ويوزن وَيعرف وَهَذَا عندنَا بِمَنْزِلَة الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير قلت وَكَذَلِكَ إِذا كَاتبه على شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن فَهُوَ جَائِز عنْدك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه على كرّ حِنْطَة وَلم يسم جيدا وَلَا رديا وَلَا وسطا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم وَله كروسط قلت وَلم أجزته فِي هَذَا الْبَاب وَأَنت لَا تجيزه فِي السّلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة لَا تشبه السّلم أَلا ترى أَنِّي أُجِيز الْمُكَاتبَة على الوصيف وَالسّلم فِي الوصيف غير جَائِز وَلَا يجوز السّلم فِي شَيْء من الْحَيَوَان وَالْمُكَاتبَة فِي الْحَيَوَان جَائِزَة قلت قتل أَرَأَيْت إِذا كَاتبه على وصيف فَدفع إِلَيْهِ الْمكَاتب وصيفا لَهُ بِهِ عيب فَاحش مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِذا قبض السَّيِّد وصيف

(4/34)


الوصيف عتق الْمكَاتب فان أصَاب بِهِ السَّيِّد عَيْبا فَاحِشا بعد ذَلِك فَرده على الْمكَاتب رَجَعَ عَلَيْهِ بِمثلِهِ وَيصير الْمكَاتب حرا قلت أَرَأَيْت إِن اسْتحق بعض العَبْد من السَّيِّد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رد مَا بَقِي من العَبْد وَأخذ الْقيمَة وَإِن شَاءَ أمْسكهُ وَأخذ من الْمُكَاتبَة بعد مَا اسْتحق وَإِن شَاءَ رد مَا بَقِي وَأَخذه عبدا كَامِلا
- بَاب مُكَاتبَة الذِّمِّيّ
-
قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الذِّمَّة كَاتب عبدا لَهُ هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الرجل الْمُسلم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ وَالْعَبْد ذمِّي ثمَّ إِن العَبْد أسلم وَهُوَ مكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ على مُكَاتبَته فان أدّى عتق وَإِن عجز أجبر الْمولى على بَيْعه قلت وَيسْعَى لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَهُوَ مُسلم قَالَ نعم قلت من يَرِثهُ إِن مَاتَ وَقد أدّى وَلَيْسَ لَهُ وَارِث من الْمُسلمين قَالَ وَرثهُ بَيت المَال قلت أَرَأَيْت نَصْرَانِيّا ابْتَاعَ عبدا مُسلما فكاتبه هَل تجوز مُكَاتبَته

(4/35)


قَالَ نعم قلت وَلَا يرد الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم وَأَنت تجبر النَّصْرَانِيَّة على بَيْعه قَالَ لِأَنِّي أجْبرهُ على بَيْعه مَا دَامَ عبدا فَأَما إِذا كَاتبه فَانِي أُجِيز الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب جَارِيَة لَهُ ثمَّ أسلمت الْمُكَاتبَة فَولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة مَاتَت أَيكُون وَلَدهَا بمنزلتها قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن أحد المكاتبين أسلم مَا حَالهمَا قَالَ هما على مكاتبتهما وإسلامهما وَإِسْلَام أَحدهمَا فِي ذَلِك سَوَاء وهما على مكاتبتهما قلت أَرَأَيْت إِذا أسلمت مُكَاتبَة الذِّمِّيّ وَهِي من أهل الذِّمَّة لم لَا تجبرها كَمَا تجبر الْمُكَاتبَة إِذا علقت من سَيِّدهَا قَالَ لِأَن إسْلَامهَا وَغير إسْلَامهَا فِي الْمُكَاتبَة إِذا علقت من سَيِّدهَا قَالَ لِأَن إسْلَامهَا وَغير إسْلَامهَا فِي الْمُكَاتبَة سَوَاء لِأَن الذِّمِّيّ إِنَّمَا يجْبر على بيع الْأمة الْمسلمَة لمَكَان الْخدمَة والوطيء فاذا لم يكن عَلَيْهَا ذَلِك من أجل كِتَابَة كاتبها

(4/36)


عَلَيْهِ لم تجبر الْمُكَاتبَة لذَلِك لِأَنَّهُ لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا فِي خدمَة وَلَا وطيء قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا على دن من خمر هَل تجوز الْمُكَاتبَة على ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم أجزته قَالَ لِأَن أهل الذِّمَّة لَو تبايعوا الْخمر فِيمَا بَينهم لأجزتها وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد مُسلما فكاتبه مَوْلَاهُ وَهُوَ ذمِّي على خمر هَل يجوز قَالَ لَا الْمُكَاتبَة بَاطِل قلت وَلم أبطلتها وَالْمولى نَصْرَانِيّ قَالَ لِأَن العَبْد مُسلم فَلَا أَقْْضِي على الْمُسلم بِالْخمرِ فأرد الْمُكَاتبَة وأجبره على بيع العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ الْخمر قبل أَن يرد القَاضِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق العَبْد قلت وَلم يعْتق وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة قَوْله إِذا أدّيت إِلَى كَذَا وَكَذَا فَأَنت حر قلت أَرَأَيْت إِذا عتق العَبْد وَقد كَانَ كَاتبه على مَا ذكرت لَك هَل للسَّيِّد على العَبْد شَيْء قَالَ نعم لَهُ عَلَيْهِ قِيمَته دينا عَلَيْهِ قلت وَلم وَقد أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ لِأَنَّهُ أدّى إِلَيْهِ مالايحل لَهُ وَلَا تجوز

(4/37)


الْمُكَاتبَة عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد مُسلما وَالْعَبْد ذِمِّيا فكاتبه على خمر فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول لَا يجوز قَالَ نعم لَا يجوز قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ من أهل الذِّمَّة على خمر ثمَّ إِن العَبْد أسلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة قلت فَمَا يكون على العَبْد قَالَ عَلَيْهِ قيمَة الْخمر قلت لم وَأَنت لَا تجيز الْمُكَاتبَة على الْخمر قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه يَوْم كَاتبه وَالْمُكَاتبَة جَائِزَة فَلَا يُفْسِدهَا إِسْلَامه وَلَا يزيدها إِلَّا شدَّة وَيكون عَلَيْهِ قيمَة الْخمر يسْعَى فِيهَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ نجومه كل شهر أَن يُؤَدِّي كَذَا كَذَا رطلا من خمر كَيفَ يُؤَدِّي النُّجُوم بعد إِسْلَامه قَالَ يُؤَدِّي قيمَة كل نجم عِنْد مَحل كل نجم فان عجز عَن شَيْء من ذَلِك رد فِي الرّقّ وَإِن عجز ورد فِي الرّقّ أجبر مَوْلَاهُ على بَيْعه قلت وَكَذَلِكَ السَّيِّد هُوَ الَّذِي أسلم قَالَ نعم إِلَّا أَنه لَا يجْبر على بَيْعه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كَاتبه على ميتَة هَل تجوز الْمُكَاتبَة على ذَلِك قَالَ لَا وَالْمُكَاتبَة فَاسِدَة قلت وَلم وَقد أجزت الْمُكَاتبَة الْفَاسِدَة فِي الْخمر قَالَ لِأَن الْميتَة لَا تشبه الْخمر قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتبه على

(4/38)


دم قَالَ نعم لَا يجوز لِأَن الْخمر مَال وَلَيْسَ هَذَا بِمَال قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِ مَا كَاتبه عَلَيْهِ من هَذَا هَل يعْتق قَالَ لَا قلت وَلم وَقد أجزت فِي الْمُكَاتبَة الْفَاسِدَة أَن يعْتق فأعتقته فِي الْخمر قَالَ لِأَن الْميتَة وَالدَّم لَا تبَاع وَلَيْسَ لَهَا ثمن وَلَو تبايعوا بِهِ لم أجزه أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ عبدا بميتة ثمَّ اعتقه المُشْتَرِي بعد مَا قَبضه لم يجز عتقه فَكَذَلِك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قَالَ فِي الْمُكَاتبَة حَيْثُ كَاتبه على الْميتَة إِذا أديتها فَأَنت حر أَو دفعتها إِلَى فَأَنت حر فَدَفعهَا إِلَيْهِ وَقبلهَا السَّيِّد هَل يعْتق قَالَ نعم فِي هَذَا الْوَجْه قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ إِن دفعتها إِلَى فَأَنت حر فانما يعْتق بقوله أَنْت حر وَلَا يعْتق بِالْأَدَاءِ قلت فَهَل يرجع السَّيِّد عَلَيْهِ بعد ذَلِك بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد إِنَّمَا يعْتق بِعِتْقِهِ إِيَّاه لَيْسَ بِالْأَدَاءِ قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا على عبد أَو على ثوب وَقد سَمَّاهُ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على شَيْء مَعْلُوم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك عنْدك بِمَنْزِلَة الرجل الْحر الْمُسلم إِذا كَاتب عبدا لَهُ فِي جَمِيع الْعرُوض قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب أم ولد لَهُ ذِمِّيَّة ثمَّ إِنَّهَا أسلمت فِي مكاتبتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تمْضِي على مكاتبتها فان أدَّت عتقت

(4/39)


وَإِن عجزت قضى القَاضِي عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا تسْعَى فِيهَا وَلَا يكون للسَّيِّد عَلَيْهَا سَبِيل وَلَا ترد إِلَيْهِ قلت أرأيست إِن قضى القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية فِي الْقيمَة فعجزت هَل ترد إِلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ وذمي قَالَ لَا وَلكنهَا تسْعَى وَلَا يلْتَفت إِلَى عجزها مَا دَامَ مَوْلَاهَا ذِمِّيا قلت أَرَأَيْت إِن أسلم مَوْلَاهَا فعجزت هَل ترد إِلَيْهِ فَتَصِير أم وَلَده على حَالهَا قَالَ نعم قلت وَلم وَقد قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن مَوْلَاهَا مُسلم وَلِأَن ذَلِك لَيْسَ بِعِتْق وَإِنَّمَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن مَوْلَاهَا كَانَ نَصْرَانِيّا وَلم يكن يقدر على بيعهَا فَلَا يكون قَضَاء القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ عتق لَهَا وَلَا تعْتق إِلَّا بِالْأَدَاءِ قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهَا السَّيِّد بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ هَل تَبرأ من الْقيمَة وَيجوز عتقه قَالَ نعم قلت وَسَوَاء إِن أسلمت أَو لم تسلم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ وَقد مَاتَ نَصْرَانِيّا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق من جَمِيع مَاله وَلَا تسْعَى فِي شَيْء وَيبْطل مَا كَانَ عَلَيْهَا من الْقيمَة قلت وَلم وَقد كنت أخرجتها من يَده وقضيت عَلَيْهَا بالسعاية قَالَ لِأَن الرقبه فِي ملك

(4/40)


السَّيِّد بعد حَتَّى تُؤدِّي فاذا مَاتَ عتقت لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة أم ولد مَاتَ عَنْهَا سَيِّدهَا قلت أَرَأَيْت إِن ولدت ولدا بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية وَأعْتق السَّيِّد وَلَدهَا هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ السَّيِّد وَلم يعْتق الْوَلَد هَل يعْتق وَلَدهَا مَعهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَبَقِي الْوَلَد أيسعى فِيمَا كَانَ على أمه فِيمَا كَانَ قضي عَلَيْهَا من الْقيمَة قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ ذَلِك أَكثر من قِيمَته أَو أقل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز عَن ذَلِك وَقد أسلم السَّيِّد هَل يرد إِلَيْهِ قَالَ نعم وَيكون بِمَنْزِلَة أمه لِأَن أمه كَانَت تكون حرَّة من جَمِيع المَال وَكَذَلِكَ وَلَدهَا قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي إِذا كَاتب أم وَلَده فأدت بعض الْمُكَاتبَة ثمَّ أسلمت ثمَّ عجزت بعد ذَلِك فَردهَا القَاضِي وَقضى عَلَيْهَا بِالْقيمَةِ لمن يكون مَا أَخذ السَّيِّد قَالَ لَهُ قلت فَلَا تحتسب لَهَا بِمَا قبض مِنْهَا مِمَّا أدَّت من قيمتهَا قَالَ لَا قلت فان أدَّت ذَلِك بعد إسْلَامهَا قَالَ وَإِن أدَّت قلت وَلم ثقال لِأَنَّهَا قد عجزت وَردت فِي الرّقّ وَصَارَت

(4/41)


مَمْلُوكَة وَإِنَّمَا قضي عَلَيْهَا بالسعاية بعد مَا صَار المَال للسَّيِّد قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب أمة لَهُ ذِمِّيَّة ثمَّ وَطئهَا فَولدت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها وَتَأْخُذ عقرهَا من سَيِّدهَا فعلت فان أدَّت عتقت وَإِن شَاءَت أَن تعجز عجزت وَهِي أم ولد لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن أسلمت بعد مَا علقت مِنْهُ فَاخْتَارَتْ الْعَجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا القَاضِي أَن تسْعَى فِي قيمتهَا وتعتق فان أدَّت عتقت وَلَا سَبِيل للسَّيِّد عَلَيْهَا قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي كَاتب أم وَلَده ثمَّ إِنَّه مَاتَ هَل تعْتق قَالَ نعم هِيَ حرَّة قلت أَرَأَيْت النَّصْرَانِي إِذا كَاتب أمتين لَهُ من أهل الذِّمَّة مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن النصارني وطيء إِحْدَاهمَا فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هما على مكاتبتهما وَالْولد وَلَده وَتَأْخُذ عقرهَا مِنْهُ قلت وَلَا تجيزها قَالَ لَا لِأَن الْأُخْرَى مُكَاتبَة مَعهَا فَلَا تعتقان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا تعجزان إِلَّا جَمِيعًا وَلَا تعجز إِحْدَاهمَا دون الآخرى

(4/42)


قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا كَاتب مُدبرَة لَهُ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد قبل أَدَائِهَا هَل تعْتق قَالَ نعم هِيَ حرَّة من الثُّلُث وَتبطل الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الذِّمَّة كَاتب نَصِيبا لَهُ من عبد بَينه وَبَين آخر بِغَيْر إِذن شَرِيكه وَالْعَبْد ذمِّي وَالشَّرِيك مُسلم فقكاتبه على خمر فأداها إِلَى الذِّمِّيّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق نصِيبه من العَبْد فان كَانَ مُوسِرًا فشريكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى قلت فَهَل يكون لَهُ على شَرِيكه مِمَّا قبض من الْمُكَاتبَة سَبِيل قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ مُسلم وَلَا يحل لَهُ الْخمر وَلَا قيمتهَا فَمن ثمَّ لم أقض لَهُ على شَرِيكه بِشَيْء مِمَّا أَخذ إِذا اسْتَهْلكهُ قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ ذمِّي وَمُسلم وَالْعَبْد ذمِّي فكاتب الذِّمِّيّ نصِيبه باذن شَرِيكه على خمر هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت لم وشريكه مُسلم قَالَ لِأَن الْمُسلم لم يُكَاتب نصِيبه وَإِنَّمَا كَاتب الذِّمِّيّ نصِيبه فمكاتبة نصِيبه على الْخمر جَائِزَة لِأَنَّهُ ذمِّي وَالْعَبْد ذميب فِي قَول أبي حنيفَة قلت فَهَل يكون للْمُسلمِ فِيمَا أَخذ النَّصْرَانِي من الْمُكَاتبَة شَيْء وَقد اسْتَهْلكهُ قَالَ لَا قلت لم وَقد كَاتبه باذنه قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه على مَا لَا يحل للْمُسلمِ فَمن ثمَّ لم يكن

(4/43)


لَهُ فِي شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن كاتباه جَمِيعًا على خمر مُكَاتبَة وَاحِدَة والنجوم وَاحِدَة هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يحل للْمُسلمِ أَن يُكَاتب على خمر فاذا أفسدت نصيب الْمُسلم أفسدت نصيب الآخر قلت وَلم أفسدت نصيب الذِّمِّيّ قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة وَلَا يعْتق إِلَّا بأدائهما جَمِيعًا أَلا ترى لَو أَنَّهُمَا كاتباه على دَرَاهِم مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا قبض نصِيبه من الْمُكَاتبَة لم يعْتق نصِيبه وَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا فَلذَلِك أفسدت مُكَاتبَة الذِّمِّيّ
قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَيْهِمَا مَا كاتباه عَلَيْهَا من الْخمر هَل يعْتق العَبْد قَالَ نعم قلت فَمَا حَال العَبْد قَالَ العَبْد حر وَيكون عَلَيْهِ نصف قِيمَته للْمُسلمِ وَيكون لِلنَّصْرَانِيِّ نصف الْخمر لِأَنَّهُ لَا يحل لَهُ مَا أَخذ مِنْهُ فَلذَلِك كَانَ للْمُسلمِ أَن يرجع عَلَيْهِ بِنصْف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت عبدا نَصْرَانِيّا بَين نَصْرَانِيّ وَمُسلم كَاتبه الْمُسلم باذن شَرِيكه على نصِيبه مِنْهُ فَقبض الْمُكَاتبَة هَل يرجع النَّصْرَانِي عَلَيْهِ بِشَيْء قَالَ نعم إِن لم يكن أذن لَهُ فِي قبض الْمُكَاتبَة وهما فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُسلمين

(4/44)


قلت أَرَأَيْت عبدا ذِمِّيا بَين رجلَيْنِ من أهل الذِّمَّة كاتباه جَمِيعًا على خمر مُكَاتبَة وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا أسلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون لَهما جَمِيعًا قيمَة الْخمر دَرَاهِم على الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى الْمُسلم حِصَّته من الْمُكَاتبَة دَرَاهِم هَل يُشَارِكهُ الذِّمِّيّ فِي ذَلِك قَالَ نعم وَيرجع هُوَ على العَبْد بِمَا أَخذ مِنْهُ شَرِيكه قلت أَرَأَيْت إِن أدّى إِلَى الذِّمِّيّ الْخمر هَل يكون للْمُسلمِ فِيمَا أدّى إِلَيْهِ من شَيْء قَالَ لَا وَلَا يعْتق بأدائها لِأَن الْمُكَاتبَة قد تحولت دَرَاهِم قلت وَلم قَالَ لِأَنِّي لَا أدفَع إِلَى الْمُسلم الْخمر قلت فَهَل يعْتق نصيب النَّصْرَانِي مِنْهُ قَالَ لَا قلت لم وَقد قبض حِصَّته الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة وَاحِدَة فَلَا يعْتق حَتَّى يستوفيا جَمِيعًا وَلَا أبطل حِصَّة الْمُسلم مِمَّا أَخذ النَّصْرَانِي من قبل أَن لَهُ خَاصَّة وَلَكِن أكره أَن أدفَع إِلَى الْمُسلم خمرًا وأقضي لَهُ بهَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب الذِّمِّيّ أمة لَهُ على خمر فَولدت لَهُ ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْأُم مَا حَال الْوَلَد قَالَ يسْعَى فِيمَا على أمه من ذَلِك قلت فان أسلم مَا يكون عَلَيْهِ قَالَ عَلَيْهِ قيمَة الْخمر فيسعى فِيهَا على نُجُوم أمه قلت مَتى تلْزمهُ الْقيمَة يَوْم كَاتب الْأُم أَو يَوْم يسلم قَالَ يَوْم يسلم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ أسلم وَالْخمر عَلَيْهِ أَلا ترى أَن الْأُم لَو أسلمت كَانَ عَلَيْهَا قيمَة ذَلِك يَوْم أسلمت فَكَذَلِك الْوَلَد

(4/45)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت ولدت وَلدين ثمَّ مَاتَت فَأسلم أَحدهمَا وَبَقِي الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عَلَيْهِمَا قيمَة الْخمر يسعيان فِيهَا قلت فَهَل لَهُ أَن يستسعى الْمُسلم مِنْهُمَا بِجَمِيعِ قيمَة الْخمر ويدع الآخر قَالَ نعم إِن شَاءَ وَإِن شَاءَ استسعى الآخر فِي قيمَة الْخمر وَترك الْمُسلم قلت وَلم قَالَ لِأَن لَهُ أَن يستسعى أَيهمَا شَاءَ فِي جَمِيع الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن عجز أَحدهمَا هَل لَهُ أَن يردهُ فِي الرّقّ قَالَ لَا حَتَّى يعجزا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا على خمر فَاشْترى الْمكَاتب جَارِيَة فَوَطِئَهَا فَولدت ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا صَغِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يسْعَى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تسْعَى الْأُم فِي الْمُكَاتبَة على نُجُوم الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت وَعتق وَلَدهَا وَإِن عجزت ردا فِي الرّقّ جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت ذِمِّيا كَاتب عبدا لَهُ ذِمِّيا ثمَّ إِن الْمكَاتب سباه أهل الْحَرْب وَأسلم فِي أَيْديهم ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ على الدَّار مَا حَال الْمكَاتب قَالَ يرد إِلَى مَوْلَاهُ وَهُوَ على مُكَاتبَته وَلَا يصير فَيْئا لِأَن الْمكَاتب

(4/46)


لَا يَقع عَلَيْهِ السَّبي لذِمِّيّ كَانَ أَو لمُسلم وَكَذَلِكَ الْمُدبر لَا يَقع عَلَيْهِ السيء قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى اليه فَأعتق وَرجع إِلَى دَار الْحَرْب مُرْتَدا ناقضا أَيكُون حَرْبِيّا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه ذميان على خمر فَأسلم أَحدهمَا وَأعْطى النَّصْرَانِي نصف الْخمر وَالْمُسلم نصف قيمتهَا هَل يعْتق قَالَ لَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب الذِّمِّيّ عبدا لَهُ على خمر فولد للْمكَاتب إبنان ثمَّ مَاتَ وَأسلم أَحدهمَا فَأدى الذِّمِّيّ الْخمر وَالْمُسلم نصف قيمتهَا قَالَ نعم
قلت أَفَرَأَيْت عبد الْمكَاتب إِذا مَاتَ من يصلى عَلَيْهِ سَيّده أم الْمكَاتب قَالَ يَنْبَغِي للْمكَاتب أَن يقدم السَّيِّد فان أبي فالمكاتب أَحَق بِهِ قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قَالَ إِذا أَنا مت وَأَنا حر فثلث مالى لفُلَان أَيجوزُ ذَلِك قَالَ نعم إِذا أدّى قبل أَن يَمُوت فان ترك وَفَاء وَلم يؤد حَتَّى مَاتَ لم تجز الْوَصِيَّة
- بَاب مُكَاتبَة الْحَرْبِيّ إِذا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان
- قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وَمَعَهُ عبد لَهُ فكاتبه

(4/47)


هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عَبده أخرجه من دَار الْحَرْب مَعَه أَلا ترى أَنه لَو أعْتقهُ حِين أخرجه جَازَ عتقه فان شَاءَ العَبْد أَقَامَ وَإِن شَاءَ رَجَعَ قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَابْتَاعَ عبدا مُسلما هَل يجوز شِرَاؤُهُ قَالَ نعم قلت وتجبره على بَيْعه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يعلم بِهِ حَتَّى كَاتبه هَل يجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قَالَ لِأَنَّهُ عَبده أَلا ترى أَنه لَو أعْتقهُ جَازَ عتقه فَكَذَلِك إِذا كَاتبه قلت أَرَأَيْت إِن دبره هَل يجوز تَدْبيره قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا للحربي وَيعتق قلت أَرَأَيْت إِن كَاتبه ثمَّ أَرَادَ أَن يرجع إِلَى دَار الْحَرْب فَيدْخل بِهِ مَعَه أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ لَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يدْخلهُ دَار الْحَرْب قلت أَرَأَيْت إِن ذهب بِهِ مَعَه مَا حَال الْمكَاتب قَالَ إِذا أدخلهُ دَار الْحَرْب فَهُوَ حر سَاعَة أدخلهُ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ لَو أدخلهُ وَهُوَ عبد لَهُ عتق لِأَن الْحَرْبِيّ لَا يملك الْمُسلم فِي دَار الْحَرْب إِذا اشْتَرَاهُ فِي دَار الْإِسْلَام فَكَذَلِك الْمكَاتب

(4/48)


لِأَن الْحَرْبِيّ لَو أعْتقهُ جَازَ عتقه فادخاله إِيَّاه دَار الْحَرْب بِمَنْزِلَة عتقه قلت وَكَذَلِكَ إِذا دبره ثمَّ أدخلهُ دَار الْحَرْب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ القَاضِي قد قضي على الْمُدبر بِقِيمَتِه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَاشْترى جَارِيَة فَوَطِئَهَا فعلقت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا القَاضِي بالسعاية وتعتق قلت أَرَأَيْت إِن أدخلها الْحَرْبِيّ دَار الْحَرْب بعد مَا ولدت مِنْهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ حرَّة سَاعَة أدخلها دَار الْحَرْب قلت لم وَهِي أم ولد لَهُ قَالَ لِأَن إِدْخَاله إِيَّاهَا دَار الْحَرْب بِمَنْزِلَة مَوته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ إِنَّمَا أدخلها بعد قَضَاء القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية أَو قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بالسعاية هُوَ سَوَاء قَالَ نعم وَهِي حرَّة
قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَاشْترى أمة ذِمِّيَّة مَا القَوْل فِي ذَلِك وَهل يجوز شِرَاؤُهُ قَالَ نعم شِرَاؤُهُ جَائِز وأجبره على بيعهَا قلت لم وَهِي ذِمِّيَّة قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للحربي أَن يملك الذِّمِّيَّة وَهِي فِي ذَلِك عندنَا بِمَنْزِلَة الْأمة الْمسلمَة قلت أَرَأَيْت إِن اشْتَرَاهَا وكاتبها هَل تجوز مكاتبتها قَالَ نعم مكاتبتها جَائِزَة قلت أَرَأَيْت إِن أدخلها دَار الْحَرْب بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك

(4/49)


قَالَ هِيَ حرَّة سَاعَة أدخالها دَار الْحَرْب قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمسلمَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْحَرْبِيّ لَا يملك الذِّمِّيَّة فِي دَار الْحَرْب أَلا ترى لَو أَنه أدخلها دَار الْحَرْب قبل أَن يكاتبها عتقت فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة لِأَنَّهَا أمته بعد قلت أَرَأَيْت حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بأإمان فَاشْترى عَبْدَيْنِ فكاتبهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الْحَرْب فَذهب بِأَحَدِهِمَا مَعَه مَا تَقول فِي ذَلِك قَالَ أما الَّذِي أدخلهُ مَعَه فَهُوَ حر وَأما الآخر فعلى مُكَاتبَته وَسقط عَن الْبَاقِي من الْمُكَاتبَة حِصَّة الَّذِي أدخلهُ من قِيمَته من الْمُكَاتبَة قلت وَلم لَا يعْتق الْبَاقِي وَقد عتق الَّذِي أدخلهُ مَعَه دَار الْحَرْب قَالَ لِأَن ذَلِك قد عتق بادخاله بِغَيْر أَدَاء أَلا ترى أَنه لَو كَانَ أعتق أَحدهمَا فِي دَار الْإِسْلَام جَازَ عتقه وَكَانَ على الآخر مُكَاتبَته فَكَذَلِك إدا أَدخل أَحدهمَا دَار الْحَرْب قلت أَرَأَيْت إِذا دخل الْحَرْبِيّ بِأَمَان بعد ذَلِك فَأدى هَذَا الْمكَاتب الْبَاقِي إِلَى الْحَرْبِيّ مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة هَل يعْتق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يرجع إِلَى دَار الْإِسْلَام مَا حَال الْمكَاتب إِلَى من يُؤَدِّي

(4/50)


الْمُكَاتبَة قَالَ إِذا أَدَّاهَا إِلَى القَاضِي عتق وَيصير ذَلِك المَال للحربي قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْحَرْبِيّ بعد ذَلِك مُسلما إِلَى دَار الْإِسْلَام أَيكُون لَهُ وَلَاء هَذَا الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة حَرْبِيّ أعتق عبدا لَهُ مُسلما فِي دَار الْإِسْلَام ثمَّ رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الْحَرْب ثمَّ جَاءَ الْحَرْبِيّ بعد ذَلِك مُسلما فولاؤه للحربي قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن حَرْبِيّا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَابْتَاعَ عبدا مُسلما فَأدْخلهُ دَار الْحَرْب عتق قَالَ نعم وَهُوَ حر سَاعَة أدخاله وَلَا يكون لَهُ وَلَاؤُه قلت فان أسلم الْحَرْبِيّ قبل أَن يرجع إِلَيْنَا قَالَ وَإِن قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ خرج من دَار الْإِسْلَام إِلَى دَار الشّرك فَصَارَ بِمَنْزِلَة من أعتق فِي دَار الشّرك ثمَّ خرج إِلَيْنَا مُسلما وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يعْتق العَبْد الْمُسلم إِذا أدخلهُ الْحَرْبِيّ دَار الْحَرْب حَتَّى يظْهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ أَو يهرب مِنْهُ إِلَيْنَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ابْتَاعَ عبدا حَرْبِيّا فِي دَار الْحَرْب فَأعْتقهُ لم يكن لَهُ من ولائه شَيْء قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا دخل دَار الْإِسْلَام بِأَمَان فَابْتَاعَ عبدا مُسلما فَأعْتقهُ أَو كَاتبه فَأدى إِلَيْهِ أَو ذِمِّيا فَأعْتقهُ أَو كَاتبه فَأدى إِلَيْهِ ثمَّ لحق الْحَرْبِيّ ثمَّ رَجَعَ بعد ذَلِك مُسلما هَل يكون لَهُ الْوَلَاء قَالَ نعم قلت

(4/51)


وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة عبد أعْتقهُ فِي دَار الْحَرْب وَالْعَبْد مُسلم قلت أَرَأَيْت لَو أسلم هَاهُنَا أَو صَار ذِمِّيا هَل يكون لَهُ ولاؤهم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْحَرْبِيّ فِي دَار الْإِسْلَام بعد مَا عتق العَبْد أَو صَار الْحَرْبِيّ ذِمِّيا وَله وَرَثَة فِي دَار الْحَرْب ثمَّ جَاءَ ورثته بعد ذَلِك مُسلمين هَل يكون لَهُم وَلَاء هَذَا العَبْد قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل الْحَرْب أَلا ترى لَو أَن ذِمِّيا أعتق عبدا لَهُ وَله وَارِث من أهل الْحَرْب ثمَّ أسلم العَبْد وَهلك الذِّمِّيّ ثمَّ جَاءَ وراثه وَهُوَ حَرْبِيّ بعد ذَلِك مُسلما كَانَ لَهُ الْوَلَاء قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الْحَرْب كَاتب عبدا لَهُ فِي دَار الْحَرْب ودبر عبدا لَهُ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ أخرج الْمُدبر مَعَه وَالْمكَاتب وَأمة قد ولدت مِنْهُ فَخرج بهم إِلَى دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وهم مَعَه فَأَرَادَ أَن يبيعهم اله ذَلِك قَالَ أما أم ولد فَلَا يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يشتروها مِنْهُ وَأما الْمكَاتب وَالْمُدبر فَلَا بَأْس بِهِ وَله أَن يبيعهما قلت وَلم وَقد أجزت الْمُكَاتبَة إِذا كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ لِأَن مُكَاتبَته وتدبيره فِي دَار الْحَرْب بَاطِل أَلا ترى لَو أَنه أعتق عبدا لَهُ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ غصبه نَفسه فَأخْرجهُ مَعَه كَانَ عبدا لَهُ وَكَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ فَلَا يكون ذَلِك أَشد من هَذَا وَإِذا دخل الْمكَاتب دَار الْحَرْب بِأَمَان فَاشْترى بَينهم وَبَاعَ

(4/52)


فَصَارَ عَلَيْهِ مَال لَهُم وَله عَلَيْهِم مَال ثمَّ خَرجُوا بِأَمَان فانهم لَا يؤخذون بِدِينِهِ وَلَا يُؤْخَذ بدينهم لِأَن بَعضهم لَا يُؤْخَذ الْبَعْض بذلك فَكَذَلِك الْمكَاتب الذِّمِّيّ أَو الْمُسلم وَإِن أَسْلمُوا أخذُوا بذلك من بَعضهم لبَعض وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَيَعْقُوب وَمُحَمّد جَمِيعًا إِذا أعتق الْحَرْبِيّ فِي دَار الْحَرْب عبدا مُسلما فالعتق جَائِز وَله وَلَاؤُه وَقَالَ أَبُو حنيفَة يوالي من شَاءَ وكل مُعتق يجْرِي عَلَيْهِ السَّبي بعد الْعتْق والمولي حَرْبِيّ أَو مُسلم فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وللمعتق أَن يوالي من شَاءَ بعد مَا أعتق فِي قَوْلهمَا قَالَ يَعْقُوب أستحسن مَا وصفت لَك فِي الْمُسلم يعْتق الْحَرْبِيّ أَن لَهُ ولاءه بِمَنْزِلَة الْحَرْبِيين يعْتق أَحدهمَا صَاحبه ثمَّ أسلما لِأَن الحكم على الْمولي إِذا كَانَ مُسلما حكم على أهل الْإِسْلَام وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(4/53)


- بَاب ضَمَان الْمكَاتب وكفالته
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا كفل بكفالة لرجل على رجل هَل تجوز كفَالَته قَالَ لَا قلت وَإِن كفل عَنهُ بأَمْره قَالَ وَإِن قلت وَكَذَلِكَ لَو ضمن الْمكَاتب حَقًا لرجل عَن رجل قَالَ نعم لَا يجوز قلت وَكَذَلِكَ لَو أَحَالهُ على الْمكَاتب قَالَ نعم

(4/54)


لَا يجوز شَيْء من هَذَا لَا يجوز للْمكَاتب أَن يضمن وَلَا يكفل وَإِن فعل لم يلْزمه شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَشْتَرِي وَلَا يَبِيع وَلَا شَيْء أَخذه وَإِنَّمَا هُوَ غرم يدْخل عَلَيْهِ فَلَيْسَ يجوز ذَلِك وَلَا يلْزمه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ضمن رجلا بِنَفسِهِ لرجل هَل يجوز قَالَ لَا قلت لم وَلم يضمن مَالا قَالَ لِأَن ضَمَانه لَا يجوز وَإِن ضمن الرجل بِنَفسِهِ أَلا ترى أَنِّي لَو أجزته كَانَ للَّذي ضمنه أَن يحْبسهُ إِن شَاءَ حَتَّى يَجِيء بِصَاحِبِهِ فَلذَلِك أبطلته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كفل لَهُ رجل بكفالة أَو ضمن لَهُ ضمانا هَل يجوز قَالَ نعم يجوز الضَّمَان لَهُ وَلَا يجوز عَنهُ ضمانا لغيره قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كفل لرجل بكفالة باذن سَيّده أَو ضمن لَهُ أرأحيل عَلَيْهِ هَل يجوز قَالَ لَا يجوز قلت لم وَقد أذن لَهُ سَيّده فِي ذَلِك قَالَ إِذن السَّيِّد وَغير إِذْنه فِي هَذَا سَوَاء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للسَّيِّد على مَاله سَبِيل وَلَا يملك أَن يلْزم رقبته شَيْئا فَمن ثمَّ لم يجز قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك وَقد كَانَ كفل بكفالة باذن سَيّده هَل تلْزمهُ تِلْكَ الْكفَالَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ضَمَانه كَانَ بَاطِلا وَلِأَن الْكفَالَة لم تكن يَوْمئِذٍ بِشَيْء وَلم تلْزمهُ فَلذَلِك لم تلْزمهُ بعد مَا عجز

(4/55)


قلت أَرَأَيْت مكَاتبا كفلا بكفالة باذن سَيّده ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة هَل يلْزم ذَلِك الْكفَالَة قَالَ نعم قلت وَلم يلْزمه بعد الْعتْق قَالَ لِأَنَّهُ كفل وَهُوَ بِمَنْزِلَة العَبْد فأبطلنا كفَالَته مَا دَامَ على تِلْكَ الْحَال فاذا عتق لَزِمته الْكفَالَة وَلَو أَن عبدا مَحْجُورا عَلَيْهِ كفل ثمَّ عتق لَزِمته الْكفَالَة بعد الْعتْق أَلا ترى لَو أَن عبدا كفل بكفالة بِغَيْر إِذن سَيّده لم يلْزمه شَيْء من الْكفَالَة حَتَّى يعْتق قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كفل لسَيِّده بِمَال عَن رجل هَل يجوز قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ السَّيِّد وَغير السَّيِّد فِي هَذَا سَوَاء قلت أَرَأَيْت إِن كفل لَهُ سَيّده بدين لَهُ على رجل هَل يجوز ذَلِك وَيكون للْمكَاتب أَن يَأْخُذ سَيّده بذلك الدّين قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ضَمَان سَيّده لَهُ جَائِز أَلا ترى أَنه لَو اشْترى مِنْهُ شَيْئا جَازَ وَلَزِمَه الثّمن قلت أَرَأَيْت ضَمَانه لسَيِّده لم لَا يجوز وَلَو اشْترى من سَيّده شَيْئا لأجزته قَالَ لِأَن الْكفَالَة لغيره لَا تجوز فَكَذَلِك لَا تجوز لسَيِّده قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمكَاتب دين على رجل فكفل بِهِ السَّيِّد بأَمْره ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز قبل أَن يدْفع السَّيِّد إِلَى الْمكَاتب مَا ضمن لَهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرجع السَّيِّد فَيَأْخُذ ذَلِك الْحق من الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَيبْطل ضَمَانه إِن كَانَ كفل بأَمْره وَإِن كَانَ كفل عَنهُ بِغَيْر أمره بَطل المَال عَنْهُمَا جَمِيعًا وَلم يكن على الَّذِي عَلَيْهِ الأَصْل شَيْء قلت

(4/56)


وَلم يرجع بِهِ عَلَيْهِ وَقد كَانَ ضمنه قَالَ لِأَنَّهُ حق الْمكَاتب على ذَلِك الرجل فَحَيْثُ عجز رد فِي الرّقّ فقد صَار لسَيِّده وَلم يبرأ ذَلِك الرجل مِنْهُ لِأَنَّهُ لم يصل إِلَيْهِ وَلم يؤده السَّيِّد وَهُوَ مَال العَبْد يَأْخُذهُ سَيّده إِذا عجز قلت أَرَأَيْت إِن أَدَّاهُ السَّيِّد إِلَى الْمكَاتب هَل يرجع بِهِ على الَّذِي ضمنه بِهِ عَنهُ قَالَ نعم إِذا ضمنه بأَمْره قلت وَلم وَإِنَّمَا دَفعه إِلَى مكَاتبه قَالَ لِأَنَّهُ قد غرم عَنهُ بأَمْره فَلَا بُد من أَن يرجع بِهِ عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك هَل يكون للسَّيِّد على ذَلِك الرجل شَيْء قَالَ نعم يرجع بِهِ عَلَيْهِ بِمَا ضمن عَنهُ قلت وَلم وَقد صَار الْمكَاتب عبدا لَهُ وَرجع إِلَيْهِ مَاله قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ غرمه فَصَارَ دينا لَهُ عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك فِي يَد الْمكَاتب بِعَيْنِه بَعْدَمَا ورد فِي الرّقّ وَعجز أَن يرجع السَّيِّد على الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ بِمَا كَانَ أدّى إِلَى الْمكَاتب من ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار دينا لَهُ عَلَيْهِ

(4/57)


حَيْثُ أَدَّاهُ الْمكَاتب فَصَارَ بِمَنْزِلَة غَيره من مَال الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَانَ لَهُ دين على رجل فأحال سَيّده على ذَلِك الرجل بذلك الْحق وَهُوَ لَا يبلغ الْمُكَاتبَة هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَهَل يكون للْمكَاتب أه يَأْخُذ بذلك الرجل قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرجع السَّيِّد بِالْمَالِ على ذَلِك الرجل قلت فَلم يرجع عَلَيْهِ قَالَ لِأَنَّهُ دين للْمكَاتب عَلَيْهِ أبدا حَتَّى يُعْطِيهِ قلت أَرَأَيْت السَّيِّد إِذا ضمن لمكاتبه مَالا عَن رجل فَحلت النُّجُوم على الْمكَاتب وَفِيمَا ضمن للْمكَاتب وَفَاء بالنجوم هَل يصير ذَلِك قصاص وَيعتق العَبْد قَالَ نعم وَيرجع بِهِ السَّيِّد على الَّذِي ضمنه عَنهُ إِن كَانَ ضمنه بأَمْره قلت وَكَذَلِكَ لَو أقْرضهُ الْمكَاتب مَالا أَو بَاعه شَيْئا وَقد حلت جَمِيع نجومه عَلَيْهِ وَفِي ذَلِك الْعرض وَفَاء لنجومه قَالَ نعم هُوَ قصاص وَالْعَبْد حر قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَا أدّى إِلَيْهِ وَهُوَ

(4/58)


فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر أَلا ترى أَن رجلا حرا لَو أقْرض رجلا مَالا وَلذَلِك الرجل عَلَيْهِ مَال مثله كَانَ قصاصا فَكَذَلِك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن لَهُ فِيمَا بَاعه أَو ضمن لَهُ وَفَاء بالمكاتبة ايأخذه فِيمَا بَقِي قَالَ نعم وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي مَا بَقِي قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِيهِ فضل أَيكُون الْفضل دينا على السَّيِّد للْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب كفل بكفالة وَضمن ضمانا هَل يجوز قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن ضمن لَهُ مَوْلَاهُ الَّذِي كَاتبه قَالَ نعم هَذَا كُله بَاطِل لَا يجوز قلت أَرَأَيْت إِن أدان الْمكَاتب مكَاتبه دينا من بيع بَاعه إِيَّاه أَو من قرض أقْرضهُ إِيَّاه هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ مَا أدان الْمكَاتب الثَّانِي الأول دينا ثمَّ إِن الأوة ل عجز هَل يكون ذَلِك الدّين لمكاتب الْمكَاتب فِي رَقَبَة الْمكَاتب قَالَ نعم فان أَدَّاهُ الْمولي وَإِلَّا بيع فِيهِ لَهُ قلت وَلم وَهُوَ الذيب كَاتبه قَالَ لِأَن الدّين فِي رقبته وَقد كَانَ لَهُ أَن يَأْخُذ قبل الْعَجز
قلت أَرَأَيْت إِن أدان الْمكَاتب مكَاتبه دينا من قرض أَو بيع ثمَّ عجز الثَّانِي وَعَلِيهِ دين كثير غير ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن أدّى عَنهُ الْمكَاتب دينه وَإِلَّا بيع قلت فدين الْمكَاتب مَا حَاله

(4/59)


قَالَ يبطل قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لمَوْلَاهُ وَلَا يكون لمَوْلَاهُ فِي رَقَبَة عَبده شَيْء
قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الأول وَبَقِي الثَّانِي مَا حَال دين الْمكَاتب الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ هُوَ عَلَيْهِ على حَاله يَأْخُذهُ الْمولى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة دين لَهُ على الْأَجْنَبِيّ قلت أَرَأَيْت إِن عَجزا جَمِيعًا وَعَلَيْهِمَا دين كثير يُحِيط برقبتهما وَقد كَانَ الْمكَاتب أدان مُكَاتبَة دينا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ دين كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي رقبته يُبَاع فِيهِ إِن لم يؤد عَنْهُمَا الْمولى قلت أَفَرَأَيْت دين الْمكَاتب الَّذِي كَانَ على مُكَاتبَته مَا حَاله وَهل يبطل عَنهُ دين الْمكَاتب الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَالَ نعم يبطل قلت وَلم يبطل وعَلى الْمكَاتب الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَالَ نعم يبطل قلت وَلم يبطل وعَلى الْمكَاتب الأول دين قَالَ لِأَن ذَلِك الدّين سقط عَنهُ حَيْثُ عجز أَلا ترى لَو أَن عبدا مَأْذُونا لَهُ فِي التِّجَارَة وعَلى الأول دين وعَلى الآخر دين بيع كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي دين نَفسه وَلَا يكون لغرماء الأول فِي رَقَبَة الثَّانِي من ذَلِك الدّين الَّذِي أدانه الأول شَيْئا لِأَنَّهُ لم يكن يلْزمه يَوْم أدانه فَكَذَلِك الأول

(4/60)


- بَاب مُكَاتبَة مَا فِي بطن الْخَادِم
- قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ أمة حُبْلَى فكاتب الْأمة على مَا فِي بَطنهَا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة فِي هَذَا بَاطِل لِأَنَّهُ لَا يعلم أَشَيْء هُوَ أم لَا وَإنَّهُ لَيْسَ بِشَيْء يُكَاتب عَن نَفسه ومكاتبتها على مَا فِي بَطنهَا لَا تجوز قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ السَّيِّد قد كاتبت مَا فِي بطن جاريتي هَذِه على كَذَا كَذَا هَل يجوز
قلت أَفَرَأَيْت أَن كَاتبه على مافي بَطنهَا رجل حر وَضمن الْمُكَاتبَة وَقَالَ إِذا أدّيت إِلَى فَهُوَ حر هَل يجوز قَالَ لَا قَالَ لَا وَهَذَا بَاطِل قلت وَلم وَإنَّك تجيز الْعتْق لَو أعْتقهُ أَو دبره قَالَ لِأَن الْعتْق وَالتَّدْبِير لَا يشبه الْمُكَاتبَة لِأَن الْمُكَاتبَة لَا تجوز إِلَّا أَن يُكَاتب العَبْد نَفسه أَو الْأمة وَالْمُكَاتبَة هَاهُنَا على غير شَيْء وَهُوَ لَو كَاتب صَبيا لَا يعقل وَلَا يتَكَلَّم لم يجز فَهَذَا أَشد حَالا وَأَحْرَى أَن لَا يجوز قلت أَفَرَأَيْت إِن أدّى اليه الْمُكَاتبَة هَل يعْتق مَا فِي بَطنهَا قَالَ نعم إِن كَانَ فِي بَطنهَا ولد قلت وَكَيف تعلم ذَلِك قَالَ إِذا وضعت

(4/61)


لأَقل من سِتَّة أشهر فَلَا يعْتق وَيرجع صَاحب المَال على صَاحبه فَيَأْخُذ مَاله أعتق هُوَ أَو لم يعْتق على كل حَال
قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ مَا فِي بَطنهَا ولد فَأعْتقهُ فَأَرَادَ صَاحب المَال أَن يرجع فِي مَاله فَيَأْخذهُ أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ نعم

(4/62)


- بَاب شِرَاء الْمكَاتب وَبيعه وصدقته وهبته وَمَا يلْزمه من الدّين
-
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا وهب هبة أتجوز هِبته قَالَ لَا

(4/63)


قلت وَكَذَلِكَ صدقته قَالَ نعم قلت وَلم لَا تجيزها قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بشري وَلَا بيع وَلَيْسَ لَهُ أَن يهب شَيْئا من مَاله وَلَا يتَصَدَّق بِهِ وَلَا يعْتق رَقَبَة قلت أَرَأَيْت إِن تصدق على مَوْلَاهُ بِصَدقَة أَو وهب لَهُ هبة أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت فَيرد ذَلِك القَاضِي قَالَ نعم إِن اخْتَصمَا إِلَيْهِ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا تصدق بِصَدقَة أَو وهب لَهُ هبة ثمَّ إِن الْمكَاتب عتق مَا حَال الْهِبَة هَل تردها إِلَيْهِ قَالَ نعم أعتق أَو لم يعْتق فانها مَرْدُودَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمَوْهُوب لَهُ مَاتَ وَالْهِبَة فِي يَد ورثته هَل يردهَا إِلَى الْمكَاتب إِن طلبَهَا أَو خَاصم فِيهَا قَالَ نعم قلت وَلم وَقد خرجت مِنْهُ إِلَى غَيره قَالَ لِأَن هِبته لَيْسَ بِشَيْء قلت فَأَيّهمَا وجدهَا الْمكَاتب أَخذهَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ النحلى والعمري قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا رهب الْمكَاتب هبة أَو تصدق بِصَدقَة

(4/64)


فاستهلكها الْمَوْهُوب لَهُ ثمَّ خاصمه الْمكَاتب فِيهَا هَل يقْضِي بهَا القَاضِي للْمكَاتب قَالَ نعم يقْضِي بِقِيمَتِهَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز وَقد اسْتهْلك الْمَوْهُوب لَهُ الْهِبَة هَل يرجع السَّيِّد على الْمَوْهُوب لَهُ بِقِيمَة الْهِبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْمَوْهُوب لَهُ قد بَاعَ الْهِبَة قَالَ نعم
قلت وَهبة الْمكَاتب عنْدك وصدقته بَاطِل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى وَبَاعَ هَل يجوز شِرَاؤُهُ وَبيعه من سَيّده قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة غَيره من النَّاس قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى من مَوْلَاهُ عبدا ثمَّ أصَاب بِهِ عَيْبا هَل يرد ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا ابْتَاعَ السَّيِّد من مُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اشْترى عبدا من رجل ثمَّ عجز وَالْعَبْد فِي يَدَيْهِ ثمَّ أصَاب السَّيِّد بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يرد العَبْد على البَائِع قَالَ نعم قلت وَلم وَالْمكَاتب هُوَ الَّذِي اشْترى وَقد خرج من ملكه إِلَى مَوْلَاهُ قَالَ لِأَن العَبْد صَار للسَّيِّد قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى عبدا ثمَّ بَاعه من سَيّده ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز وَالْعَبْد عِنْده ثمَّ إِن السَّيِّد وجد بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يرد السَّيِّد على البَائِع قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد إِنَّمَا اشْتَرَاهُ من مكَاتبه وَلم يشتره

(4/65)


من البَائِع فَلَيْسَ لَهُ أَن يردهُ على البَائِع لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بخصم وَلَا ببائع وَلَا يقدر أَن يردهُ على عَبده فَمن ثمَّ لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ وَهُوَ فِي الْبَاب الأول إِنَّمَا يردهُ ذَلِك على ملك الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب فِي يَد السَّيِّد بعد مَا عجز ثمَّ أصَاب السَّيِّد بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يردهُ على البَائِع قَالَ لَا لَيْسَ لَهُ أَن يردهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بخصم وَلَا بَائِع
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى شَيْئا فَلَزِمَهُ دين من ذَلِك ثمَّ أَنه عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الدّين فِي رقبته إِن أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بِبيع للْغُرَمَاء قلت وَلم قَالَ لِأَن الدّين فِي رقبته للْغُرَمَاء لابد من أَن يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اسْتقْرض مَالا فِي مُكَاتبَته أَو اسْتَدَانَ دينا من شِرَاء اشْتَرَاهُ ثمَّ عجز قَالَ يلْزمه جَمِيع ذَلِك فِي رقبته فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع فِيهِ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن اسْتَدَانَ من مَوْلَاهُ ثمَّ إِنَّه عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما دين مَوْلَاهُ فَبَاطِل وَيُبَاع فِي دين الْأَجْنَبِيّ قلت وَلم أبطلت دين مَوْلَاهُ وَقد كَانَ لَازِما لَهُ قبل ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ قد رَجَعَ فِي الرّقّ وَلَا يكون لَهُ فِي عنق عَبده دين

(4/66)


قلت وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ وَلم يدع إِلَّا قدر دين الْأَجْنَبِيّ قَالَ نعم يبطل دين الْمولي وَيكون مَا ترك لَهُم قلت أَرَأَيْت إِن ترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بدين الْأَجْنَبِيّ فَيُؤَدِّي ثمَّ يُؤَدِّي دين الْمولي ومكاتبته وَيكون مَا بَقِي بعد ذَلِك لوَرثَته إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن اسْتَدَانَ دينا فِي مُكَاتبَته ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ وَذَلِكَ الدّين فِي رقبته ثمَّ جَاءَ رجل بِعَبْد يردهُ عَلَيْهِ بِعَيْب بِهِ وَقد اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَهُوَ مكَاتب هَل يرد عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الثّمن قَالَ هون فِي رَقَبَة العَبْد يُبَاع العَبْد الْمَرْدُود فَيقسم بَين غُرَمَائه جَمِيعًا فان فضل شَيْء بيع فِيهِ الْمكَاتب وَيُؤَدِّي عَنهُ مَاله قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ المُشْتَرِي لَا أرده حَتَّى آخذ ثمنه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَهُ أَن لَا يردهُ ويمسكه حَتَّى يُبَاع لَهُ خَاصَّة دون الْغُرَمَاء قلت أَفَرَأَيْت إِن كَانَ الْغُرَمَاء قد خاصموا الْمولى إِلَى القَاضِي فَأمر القَاضِي أَن يُبَاع العَبْد للْغُرَمَاء وَقد أبي الْمولي أَن يُؤَدِّي عَنهُ فجَاء المُشْتَرِي بِالْعَبدِ ليَرُدهُ بِعَيْب على الْمكَاتب هَل يردهُ قَالَ نعم وَيكون ثمنه دينا فِي رقبته
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ المُشْتَرِي أَنا أرد العَبْد وأكون أَحَق بِثمنِهِ حَتَّى أستوفي لِأَنَّهُ فِي يَدي أَيكُون ذَلِك لَهُ قَالَ نعم لَهُ أَن يمسِكهُ حَتَّى يَأْخُذ ثمنه الَّذِي يُؤَدِّيه وَيكون أَحَق بذلك من الْغُرَمَاء حَتَّى يَسْتَوْفِي الثّمن الَّذِي رد بِهِ

(4/67)


قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اشْترى عبدا ثمَّ إِنَّه عجز ورد فِي الرّقّ ثمَّ أصَاب الْمولى بِالْعَبدِ عَيْبا هَل يردهُ قَالَ نعم وَلَكِن يَلِي رده الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا عجز هَل يردهُ الْمولى على البَائِع قَالَ نعم وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة بِمَنْزِلَة الْوَارِث
قلت أرايت مكَاتبا أسره الْعَدو فاستدان فِي أَرض الْعَدو دينا من شِرَاء اشْتَرَاهُ أَو قرض استقرضه ثمَّ إِن أهل الدَّار أَسْلمُوا فَرد الْمكَاتب إِلَى مَوْلَاهُ هَل يلْزمه ذَلِك الدّين فِي رقبته قَالَ نعم قلت وَلم وَقد أسره وَقد كَانَ ذَلِك الدّين فِي حَال أسره قَالَ لِأَنَّهُ على مُكَاتبَته على حَالهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا لَو جخل أَرض الْعَدو بِأَمَان أَلا ترى أَنه لَا يصير فَيْئا وَلَا يَقع عَلَيْهِ السَّبي قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمكَاتب هرب من أَيْديهم فَخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام وَخرج صَاحب الدّين بِأَمَان ذِمِّيا أَو مُسلما فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَة مُسلمين أَو أقرّ الْمكَاتب قَالَ نعم الدّين لَهُ لَازم إِذا كَانَ مُسلما أَو كَانَ ذمبا
قلت فان اسْتَدَانَ بعد ذَلِك دينا أَيكُون الدّين فِي رقبته قَالَ

(4/68)


نعم وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا اسْتَدَانَ فِي أَرض الْإِسْلَام قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَقد كَانَ عَلَيْهِ دين قبل أَن يرْتَد فاستدان دينا فِي حَال ردته من شِرَاء أَو بيع أَو قرض وَلَا يعلم إِلَّا بقوله ثمَّ استتيب فأبي أَن يَتُوب فَقتل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما مَا اسْتَدَانَ فِي ردته فَهُوَ جَائِز وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا اسْتَدَانَ فِي مَرضه فان ترك شَيْئا أدّى إِلَى غُرَمَائه الَّذين كَانُوا أدانوه فِي حَال الْإِسْلَام ثمَّ كَانَ مَا بَقِي للَّذين أدانوه فِي حَال ردته وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْحر مَا أقرّ بِهِ من دين فِي ردته إِذا قتل فَهُوَ بِمَنْزِلَة الصَّحِيح وَكَذَلِكَ الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ترك مَالا كثيرا يكون فِيهِ وَفَاء بالدينين جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي عَنهُ مَا كَانَ من دينه فِي حَال إِسْلَامه

(4/69)


فان فضل شَيْء أعْطى الَّذين أدانوه فِي حَال ردته فان فضل شَيْء بعد ذَلِك أدّى إِلَى مَوْلَاهُ بَقِيَّة مُكَاتبَته وَكَانَ مَا بَقِي لوَرثَته من الْمُسلمين قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ اكْتسب فِي حَال ردته أيقضي بِهِ دينه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يتْرك مَالا وَلَا شَيْئا إِلَّا شَيْئا أكتسبه فِي حَال ردته إِي الدينَيْنِ يبْدَأ بِهِ قَالَ يبْدَأ بِمَا كَانَ اسْتَدَانَ فِي الْإِسْلَام يُؤَدِّي ذَلِك فان فضل شَيْء كَانَ للآخرين فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف مَا أقرّ بِهِ فِي حَال ردته وَمَا أقرّ بِهِ قبل ذَلِك جَائِز عَلَيْهِ يتحاصون فِي ذَلِك وَإِن قتل على ردته
قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن اسْتَدَانَ إِلَّا فِي ردته ثمَّ قتل وَترك مَالا كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي مَا كَانَ عَلَيْهِ من دين وَيَأْخُذ مَوْلَاهُ بَقِيَّة الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك وَمَا بَقِي فلورثته الْمُسلمين قلت وَلم لَا يكون لبيت المَال وَقد اكْتَسبهُ فِي حَال ردته قَالَ لِأَنَّهُ اكْتَسبهُ وَهُوَ عبد
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَاشْترى وَبَاعَ فاستدان دينا كثيرا فِي ردته ثمَّ أسلم أيلزمه جَمِيع ذَلِك قَالَ نعم وَيصير كَأَنَّهُ اسْتَدَانَ ذَلِك فِي حَال إِسْلَامه
قلت أَرَأَيْت الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَاشْترى

(4/70)


وَبَاعَ بعد ذَلِك فاستدان دينا كثيرا فِي ردته ثمَّ أسلم أيلزمه جَمِيع ذَلِك وَقد أسلم بعد ذَلِك قَالَ نعم إِذا أسلم فَجَمِيع ذَلِك فِي رقبته وَيصير كَأَنَّهُ اسْتَدَانَ ذَلِك فِي حَال إِسْلَامه
قلت أَرَأَيْت إِن قتل مُرْتَدا وَقد ترك مَالا أَيكُون غرماؤه أَحَق بِهِ من الْمولى قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ اكْتَسبهُ فِي حَال ردته قَالَ وَإِن
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته ولد من جَارِيَة لَهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَعَلِيهِ من مُكَاتبَته وَيسْعَى فِيمَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْغُرَمَاء بعد ذَلِك هَل يرجع الْغُرَمَاء فَيَأْخُذُونَ من الْمولى مَا أَخذ من ذَلِك وَيعتق الابْن وَيرجع السَّيِّد على الابْن بِمَا أَخذ مِنْهُ الْغُرَمَاء قَالَ لَا وَلَكِن يتبعُون الابْن بدينهم قلت وَلم يعْتق وَلم يؤد الدّين بعد قَالَ لِأَنَّهُ عِنْدِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أَبِيه أَلا ترى أَن أَبَاهُ لَو أدّى الْمُكَاتبَة عتق فأستحسن أَن أجعَل الابْن بِمَنْزِلَتِهِ وأترك الْقيَاس فِيهِ
قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ استدانت دينا ثمَّ مَاتَت أَهِي بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت فان كَانَ الْمكَاتب أَو الْمُكَاتبَة تركا مَالا فأداه الابْن إِلَى السَّيِّد قَالَ أما فِي هَذَا

(4/71)


فيرجعون بذلك المَال على السَّيِّد وَيعود الابْن مكَاتبا كَمَا كَانَ أَلا ترى أَن هَذَا الابْن لَو لم يكن كَانَ الْغُرَمَاء أَحَق بذلك المَال وَكَذَلِكَ إِذا مَاتَت وَتركت وَفَاء فانما يجوز للِابْن أَن بقضي بعض الْغُرَمَاء دون بعض أم يبتديء بالمكاتبة إِذا أدّى ذَلِك من كسب نَفسه فَهُوَ جَائِز أَلا ترى أَن القَاضِي قد جعله بِمَنْزِلَة أمة
- بَاب كتاب وَصِيَّة الْمكَاتب
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا حَضَره الْمَوْت فأوصى بِثلث مَاله وَقد ترك مَالا كثيرا هَل تجوز وَصيته قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ عبد فَلَا تجوز وَصيته
قلت أَرَأَيْت إِن أوصى بِعَبْد لَهُ فَقَالَ بيعوه بعد موتى نسمَة أَو أعتقوه هَل يجوز شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يجوز شَيْء من وَصِيَّة الْمكَاتب فِي شَيْء مِمَّا ذكرت وَلَا فِي غَيره أَلا ترى أَن الرجل الْحر إِذا أوصى بِأَن يُبَاع عَبده نسمَة أَنه يحط من ثلثه مِقْدَار مَا يَشْتَرِي العَبْد نسمَة إِذا كَانَ يخرج ذَلِك من الثُّلُث لِأَن ذَلِك وَصِيَّة للْعَبد وَالْمكَاتب لَا تجوز وَصيته فَمن قبل ذَلِك كَانَ على مَا وصفت لَك
قلت وَكَذَلِكَ لَو أوصى فِي صِحَّته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن ترك مَالا كثيرا قَالَ نعم

(4/72)


قلت أَرَأَيْت إِن أوصى لرجل بدين لَهُ عَلَيْهِ تَركه لَهُ هَل يجوز قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت لَهُ أم ولد فَولدت مِنْهُ فأوصى لَهَا بِوَصِيَّة قَالَ وَصِيَّة الْمكَاتب بَاطِل فِي كل شَيْء من ذَلِك قلت وَصِيَّة الْمكَاتب بَاطِل فِي كل شَيْء من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَهُ مكَاتب فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أوصى لَهُ بِمَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة هَل يجوز قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن وَصيته بَاطِل لَهُ وَلغيره قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أوصى بِوَصِيَّة فِي صِحَّته ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة فَعتق ثمَّ مَاتَ هَل تجوز تِلْكَ الْوَصِيَّة قَالَ لَا قلت وَإِن لم يكن رَجَعَ فِيهَا قَالَ وَإِن قلت وَلم وَقد صَار حرا قَالَ لِأَنَّهُ قد أوصى بهَا فِي حَال لَا تجوز فِيهَا وَصيته فَكَانَ كَلَامه فِيهَا بَاطِلا
قلت أَرَأَيْت إِذا حَضَره الْمَوْت فأوصى بِوَصِيَّة ثمَّ إِن السَّيِّد أعْتقهُ بعد ذَلِك وَلم يحدث وَصِيَّة سوى الأة ولى حَتَّى مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْوَصِيَّة بَاطِل قلت وَلم وَقد صَار حرا قبل أَن يَمُوت قَالَ لِأَنَّهُ أوصى يَوْم أوصى وَهُوَ مكَاتب وَوَصِيَّة الْمكَاتب لَا تجوز
قلت أَرَأَيْت إِن أوصى لمَوْلَاهُ بِوَصِيَّة قَالَ لَا تجوز لمَوْلَاهُ وَلَا لغيره وَلَا تجوز وَصيته فِي شَيْء من الْأَشْيَاء وَإِن أعتق بعد

(4/73)


ذَلِك بعد أَن يتَكَلَّم بِالْوَصِيَّةِ وَهُوَ مكَاتب فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن أعتق قبل أَن يَمُوت جَازَت وَصيته
قلت وَإِن كَانَ قَالَ إِذا أعتقت فقد أوصيت لفُلَان بعد موتى بِكَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا يجوز قلت فان لم يعْتق وَلكنه مَاتَ وَترك وَفَاء قَالَ لَا تجوز وَصيته أبدا لِأَنَّهَا إِنَّمَا تجب بِالْأَدَاءِ وَيعتق الْمكَاتب يَوْمئِذٍ وَهُوَ ميت فَلَا تجوز الْوَصِيَّة بعد الْمَوْت أَلا ترى أَنه قد مَاتَ وَصَارَ فِي حَال بطلت فِيهَا وَصيته حَيْثُ تُؤدِّي عَنهُ فَلَا يجوز بعد ذَلِك أَلا ترى أَنه لَو قَالَ أعتقت عَبدِي هَذَا إِذا أعتقت أَو قَالَ قد دَبرته كَانَ ذَلِك بَاطِلا فَكَذَلِك وَصيته
قلت أَرَأَيْت إِن أَجَازُوا بعد الْمَوْت ثمَّ أَرَادوا أَن يرجِعوا فِي ذَلِك قبل أَن يدفعوا إِلَى صَاحبه أَيكُون ذَلِك لَهُم قَالَ نعم قلت وَلم وَلَو كَانَ حرا فأوصى وَزَاد على الثُّلُث فأجازوا ذَلِك بعد الْمَوْت لم يكن لَهُم أَن يردوها بعد ذَلِك قَالَ لَيْسَ الْحر فِي هَذَا بِمَنْزِلَة الْمكَاتب لِأَن الْمكَاتب لَا تجوز وَصيته فِي ثلث وَلَا غَيره وَإِنَّمَا استحسنت إِذا أَجَازُوا ذَلِك الْوَرَثَة ودفعوه إِلَى صَاحبه أَن أجيزه وَأما فِي الْقيَاس فَهُوَ بَاطِل
- بَاب مَا يحل لسَيِّد الْمكَاتب من كَسبه إِذا عجز
-
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أدّى إِلَى مَوْلَاهُ بعض مُكَاتبَته ثمَّ إِنَّه

(4/74)


عجز فَرد فِي الرّقّ مَا حَال مَا أَخذ السَّيِّد قَالَ هُوَ لَهُ حَلَال
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك من زَكَاة تصدق بهَا عَلَيْهِ أَو من صَدَقَة تصدق بهَا عَلَيْهِ وَقد اسْتهْلك ذَلِك الْمولى قبل الْعَجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ للْمولى وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ذَلِك فِي يَده لم يستهلكه أَو اسْتَهْلكهُ قَالَ نعم قلت وَلم لَا يكون للْمولى أَن يتَصَدَّق بِغَيْر ذَلِك من مَاله قَالَ لِأَنَّهُ أَخذ ذَلِك من الْمُكَاتبَة قبل الْعَجز فَهُوَ حَلَال لَهُ عجز بعد ذَلِك أَو لم يعجز
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا عجز وَفِي يَده مَال قد اكْتَسبهُ من شِرَاء أَو بيع أَيكُون للْمولى قَالَ نعم هُوَ حَلَال لَهُ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي يَده مَال قد تصدق بِهِ عَلَيْهِ من زَكَاة أَو صَدَقَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ لمَوْلَاهُ أَيْضا وَله أَن يَأْكُلهُ وَمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ من مَال من غير الصَّدَقَة فَهُوَ للْمولى حَلَال قلت وَلَا يتَصَدَّق بِمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ من مَال مِمَّا تصدق بِهِ عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيا أَتَرَى لَهُ أَن يَأْكُلهُ قَالَ لَا بَأْس بذلك قلت أَرَأَيْت إِن أنفقها وَهُوَ إِلَيْهَا مُحْتَاج ثمَّ أيسر بعد ذَلِك أعليه أَن يتَصَدَّق مَكَانهَا قَالَ لَا

(4/75)


قلت أَرَأَيْت إِن أكلهَا وَهُوَ غَنِي عَنْهَا أيستحب لَهُ أَن يتَصَدَّق بمكانها قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا كثيرا قد اكْتَسبهُ من الصَّدَقَة مَال القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فلورثته قلت فان كَانَ من الصَّدَقَة قَالَ وَإِن كَانَ من الصَّدَقَة فَهُوَ حَلَال لَهُم لِأَنَّهُ تصدق بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَهُ حَلَال قلت وَلَا ترى بَأْسا بِأَكْلِهِ قَالَ لَا بَأْس بِأَكْلِهِ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اكْتسب مَالا من الصَّدَقَة ثمَّ أدّى مُكَاتبَته وَفِي يَده من ذَلِك المَال بَقِيَّة هَل يحل لَهُ أكله قَالَ نعم لَا بَأْس بِهِ قلت وَلَا تكره لَهُ ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أصَاب فِي حَال مُكَاتبَته وَذَلِكَ حَلَال قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب أصَاب مَالا من الصَّدَقَة وَاشْترى بِهِ رقيفا أَو اتّجر بِهِ ثمَّ أصَاب مَالا ثمَّ إِنَّه عجز وَذَلِكَ فِي يَده هَل يحل ذَلِك للمولي قَالَ نعم لَا بَأْس بِهِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ حَلَالا يَوْمئِذٍ

(4/76)


قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا عجز وَفِي يَده مَال لَا يدْرِي مَا هُوَ من صَدَقَة أَو من غير ذَلِك أَتَرَى بِأَكْلِهِ بَأْسا قَالَ لَا بَأْس بِهِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يتَصَدَّق بِشَيْء مِمَّا فِي يَده
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب عبدا لَهُ فَتصدق على الثَّانِي بِصَدقَة ثمَّ عجز وَهُوَ فِي يَده ثمَّ عجز الأول وَهِي على حَالهَا هَل يسْتَحبّ للْمولى أَن يتَصَدَّق بهَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مَا تصدق بِهِ على مكَاتبه الأول فَصَارَ لَهُ قلت أَرَأَيْت إِذا عجز الثَّانِي وَالصَّدَََقَة فِي يَده هَل تحل للْمكَاتب الأول قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الصَّدَقَة تحل لَهُ
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته ولد ثمَّ جَاءَ بِولد أَو كَاتب مُكَاتبَة فولد لَهَا ولد فِي مكاتبتها فَتصدق على الْوَلَد بِصَدقَة ثمَّ عجز الْمكَاتب فَرد فِي الرّقّ هَل يسْتَحبّ لَهُ أَن يتَصَدَّق تِلْكَ الصَّدَقَة قَالَ لَا لِأَنَّهَا كَانَت حَلَالا يَوْم تصدق بهَا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت

(4/77)


إِن أدّى الْمُكَاتبَة وَتلك الصَّدَقَة فِي يَد وَلَده هَل تكون للْمكَاتب وَلَا يتَصَدَّق بهَا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة مَا كَانَ تصدق بِهِ عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ للْمكَاتب عبد وَأمره أَن يتَصَدَّق هَل تكره لأحد أَن يتَصَدَّق على العَبْد بِشَيْء قَالَ لَا بَأْس قلت وَلم قَالَ لِأَن الصَّدَقَة على مَوْلَاهُ جَائِزَة فَلَا بَأْس بِهِ أَلا ترى لَو أَن رجلا لرجل مَوْلَاهُ مُحْتَاج لَو تصدق عَلَيْهِ بِصَدقَة لم نر بِالصَّدَقَةِ على العَبْد بَأْسا فَكَذَلِك هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(4/78)


- بَاب اخْتِلَاف الْمكَاتب وَالسَّيِّد وَالْمُكَاتبَة وَالشَّهَادَة فِي ذَلِك
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على أَلفَيْنِ وَقَالَ العَبْد كاتبتني على ألف مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول الْمكَاتب وَالْبَيِّنَة على السَّيِّد قلت فان كَانَ الْمكَاتب لم يؤد شَيْئا حَتَّى اخْتلفَا قَالَ وَإِن قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد أقرّ بالمكاتبة وباخراجه إِيَّاه من ملكه وَأقر بِمَا قد لزمَه من الْمُكَاتبَة فَلَا يصدق على أَن يرد فِي الرّقّ لقَوْله فِي قَول أبي حنيفَة الآخر وَكَانَ يَقُول قبل ذَلِك يَتَحَالَفَانِ ويترادان الْمُكَاتبَة وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
قلت أَرَأَيْت إِن جعل القَاضِي القَوْل قَول الْمكَاتب بعد مَا اخْتَصمَا إِلَيْهِ وألزمه الْألف ثمَّ أَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة على أَنه كَاتبه على أَلفَيْنِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزمه القَاضِي وَيسْعَى فيهمَا قلت فَهَل يعْتق إِذا أدّى ألفا قَالَ لَا قلت وَلم وَقد قضي عَلَيْهِ القَاضِي بِالْألف قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا قضي عَلَيْهِ لقَوْله فَلَمَّا جَاءَت الْبَيِّنَة بَطل قَوْله وَلَزِمَه مَا شهِدت عَلَيْهِ الشُّهُود فَلَا يعْتق إِلَّا بأَدَاء ذَلِك

(4/79)


قلت أَرَأَيْت إِن لم يقم السَّيِّد بَيِّنَة حَتَّى أدّى ألفا وأمضي القَاضِي عتقه ثمَّ أَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة بعد ذَلِك أَنه كَاتبه على أَلفَيْنِ مَا القَوْل فِي ذَلِك فال الْمكَاتب حر وَعَلِيهِ ألف دِرْهَم فِي الِاسْتِحْسَان قلت وَلم أَعتَقته وَقد قَامَت الْبَيِّنَة أَنه إِنَّمَا كَاتبه على أَلفَيْنِ قَالَ استحسنت ذَلِك وَتركت الْقيَاس فِيهِ لِأَن القَاضِي قد أمضي عتقه قلت أَرَأَيْت إِن لم يخاصمه إِلَى القَاضِي بعد أَدَاء الْألف حَتَّى اقام السَّيِّد الْبَيِّنَة أَن الْمُكَاتبَة أَلفَانِ قَالَا لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي الْألف الْبَاقِيَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي جَمِيع الْمُكَاتبَة لِأَن الْبَيِّنَة قد قَامَت على أَلفَيْنِ قلت أَرَأَيْت إِذا اخْتلفَا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على أَلفَيْنِ وَقَالَ العَبْد كاتبتني على ألف إِذا أديتها فَأَنا حر فأقاما جَمِيعًا الْبَيِّنَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ بِأَلفَيْنِ وَيَأْخُذ بَيِّنَة الْمولى على المَال وَيَأْخُذ بَيِّنَة العَبْد على الْعتْق فاذا أدّى ألفا عتق وَلَزِمتهُ الْألف الْأُخْرَى قلت وَلم يعْتق وَقد جعلت الْمُكَاتبَة أَلفَيْنِ قَالَ لِأَنَّهُ قد أَقَامَ الْبَيِّنَة على ألف فقد شهِدت شُهُوده أَنه قد أدّى ألفا فَهُوَ حر وَهُوَ بِمَنْزِلَة رجل أعتق عَبده على مَال فَأَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ على ألف فالعتق جَائِز وَيلْزمهُ الألفان لِأَن شُهُود الْمولى شهدُوا على

(4/80)


فضل مَال قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب إِذا أدّى ألفا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم تكن شهِدت الشُّهُود أَن الْمولى قَالَ لَهُ إِذا أدّيت ألفا فَأَنت حر وَلَكِن شُهُودًا أَنه كَاتبه على ألف ونجمها عَلَيْهِ نجوما قَالَ ليسَا سَوَاء وَلَا يعْتق حَتَّى يُؤَدِّي ألفا أُخْرَى وَتُؤْخَذ بِبَيِّنَة السَّيِّد وَلَا يعْتق أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَلم يقل فِي مُكَاتبَته إِذا أدّيت مُكَاتَبَتك فَأَنت حر كَانَ حرا إِذا أدّى الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت رجلاكاتب عبدا لَهُ فَادّعى الْمولى أَنه كَاتبه على ألف دِرْهَم وَقَالَ العَبْد كاتبتني على خمسين دِينَارا فَالْقَوْل قَول العَبْد وَالْبَيِّنَة على الْمولى فِي قَول أبي حنيفَة الآخر
قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للْمولى كاتبتني على وصيفة وَقَالَ السَّيِّد بل كاتبتك على ألف فَالْقَوْل قَول العَبْد وَالْبَيِّنَة على الْمولى فِي قَول أبي حنيفَة الآخر قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كاتبتني على ثوب زطي أَو ثوب يَهُودِيّ أَو ثوب هروي قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ على كَذَا كَذَا رطلا من زَيْت أَو سمنن قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل شَيْء ادّعى أَنه كَاتبه عَلَيْهِ مِمَّا تجوز عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ للْقَاضِي استحلفه على مَا قَالَ هَل يستحلفه

(4/81)


قَالَ نعم قلت فَهَل يُؤْخَذ بِمَا قَالَ السَّيِّد إِن أَبى أَن يحلف قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْعتَاقَة على جعل قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ الْمكَاتب كاتبتني على نَفسِي وَمَالِي على ألف دِرْهَم وَقَالَ السَّيِّد بل كاتبتك على نَفسك دون مَالك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد وَلَا يكون للْمكَاتب مِمَّا فِي يَدَيْهِ من مَاله شَيْء إِلَّا أَن يُقيم الْبَيِّنَة على مَا ادّعى قلت وَيلْزمهُ جَمِيع الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة قَالَ آخذ بِبَيِّنَة العَبْد وأجعله مكَاتبا على نَفسه وَمَاله قلت وَلم وَقد أَقَامَ السَّيِّد الْبَيِّنَة قَالَ لِأَن الْبَيِّنَة على العَبْد وَهُوَ الْمُدعى وَلَا أقبل بَيِّنَة السَّيِّد على هَذَا قلت أَرَأَيْت إِن اخْتلف السَّيِّد وَالْمكَاتب فَقَالَ الْمكَاتب كاتبتني على نَفسِي وولدى على ألف دِرْهَم وَقَالَ السَّيِّد بل كاتبتك وحدل فَالْقَوْل قَول السَّيِّد وَالْبَيِّنَة على الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِذا اخْتلف السَّيِّد وَالْمكَاتب فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك يَوْم كاتبتك وَهَذَا المَال فِي يدل وَهُوَ مَالِي وَقَالَ العَبْد بل أصبته بعد مَا كاتبتني وَلَا يعلم مَتى كَاتبه قَالَ القَوْل قَول الْمكَاتب وَمَا فِي يَده من مَال فَهُوَ لَهُ إِلَّا أَن يُقيم السَّيِّد الْبَيِّنَة أَنه كَانَ فِي يَده قبل الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد أقرّ بِأَنَّهُ مكَاتب وَلَا يصدق على مَا فِي

(4/82)


يَدَيْهِ من مَال إِلَّا بِبَيِّنَة
قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة وَشهِدت شُهُود المونلى أَن هَذَا المَال كَانَ فِي يَده وَهُوَ عبد قبل أَن يكاتبه وَشهِدت شُهُود العَبْد أَنه اكْتَسبهُ بعد ذَلِك قَالَ لاأقبل بَيِّنَة الْمكَاتب على هَذَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي يَد الْمكَاتب عبد فَأَقَامَ السَّيِّد على العَبْد الْبَيِّنَة أَنه عَبده وَأَنه كَانَ فِي يَد الْمكَاتب قبل أَن يكاتبه واقام الْمكَاتب الْبَيِّنَة أَنه اشْتَرَاهُ بعد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده فَادّعى عَلَيْهِ أَنه كَاتبه على مَال مُكَاتبَة فَاسِدَة وَقَالَ الْمولى مَا شرطت لَك شَيْئا من ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول الْمولى وَيلْزمهُ الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة على مَا ادَّعَاهُ من ذَلِك هَل تفْسد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو ادّعى الْمولى مُكَاتبَة فَاسِدَة وَأنكر العَبْد قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده فاختلفا فَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على ألف إِلَى سنة وَقَالَ العَبْد بل كاتبتني إِلَى سنتَيْن قَالَ القَوْل قَول الْمولى وَالْبَيِّنَة على العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة قَالَ آخذ بِبَيِّنَة العَبْد وَأَجْعَل الْأَجَل سنتَيْن قلت أَرَأَيْت إِن ادّعى الْمولى أَنَّهَا حَالَة وَقَالَ الْمكَاتب إِلَى أجل كَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا وَذَاكَ سَوَاء

(4/83)


قلت أَرَأَيْت إِن ادّعى الْمكَاتب أَنه كَاتبه على ألف دِرْهَم وَنجم عَلَيْهِ كل شهر مائَة وَقَالَ السَّيِّد إِنَّمَا نجومك مِائَتَان فِي كل شهر وَاخْتلفَا فِي ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد وَالْبَيِّنَة بَيِّنَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد لوادعى أَنَّهَا حَالَة كَانَ القَوْل قَول السَّيِّد ولابينة بَيِّنَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد لَو ادّعى أَنَّهَا حَالَة كَانَ القَوْل قَوْله قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة فَأَقَامَ السَّيِّد الينة أَن نجومه كَانَت كل شهر مِائَتَيْنِ وَأقَام العَبْد الْبَيِّنَة أَنَّهَا كل شهر مائَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ آخذ بِبَيِّنَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد قد ادّعى فضل الْأَجَل وَأقَام عَلَيْهِ الْبَيِّنَة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب عَبده فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ العَبْد كاتبتني على مائَة دِينَار واقام الْبَيِّنَة وَقَالَ السَّيِّد كاتبتك على ألف دِرْهَم واقام بَيِّنَة بِبَيِّنَة من تَأْخُذ قَالَ بِبَيِّنَة السَّيِّد قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي وَلِأَن الْحق حَقه
قلت أَرَأَيْت إِن جَاءَ الْمكَاتب بِالْمِائَةِ دِينَار هَل يعتقهُ القَاضِي وَيجْبر مَوْلَاهُ على أَخذهَا وَيرجع عَلَيْهِ بِفضل الْألف قَالَ لَا قلت وَلم قلت لِأَن الْبَيِّنَة بَيِّنَة السَّيِّد قلت وَكَذَلِكَ لوادعى أَنه كَاتبه على وصيف أَو على ثوب يَهُودِيّ أَو ثوب زطي أَو على شَيْء من الْعرُوض مِمَّا تجوز عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة

(4/84)


فَأَقَامَ بَيِّنَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو زعم شُهُود الْمولى أَن هَذَا المَال كَانَ فِي يَده وَهُوَ عبد قبل أَن يكاتبه وَشهِدت شُهُود الْمكَاتب أَنه أَصَابَهُ بعد الْمُكَاتبَة قَالَ آخذ بِبَيِّنَة الْمولى وأجعله لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى مُدع لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن اخْتلف الْمكَاتب وَالسَّيِّد فَقَالَ العَبْد كاتبتني على ألف وجعلتني حرا إِن أديتها وَقد أديتها إِلَيْك وَأقَام السَّيِّد الْبَيِّنَة أَنه كَاتبه على أَلفَيْنِ قَالَ العَبْد حر إِذا أدّى ألفا وَالْألف الْبَاقِيَة دين عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ وَاخْتلف السَّيِّد وَالْمُكَاتبَة فِي وَلَدهَا فَقَالَ السَّيِّد ولدتيه قبل أَن أكاتبك وَقَالَت الْمُكَاتبَة وَلدته فِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ الْوَلَد فِي يَد السَّيِّد فَالْقَوْل قَوْله وَإِن كَانَ الْوَلَد فِي يَد المكاتبه فَالْقَوْل قَوْلهَا إِذا لم يعلم مَتى وَلدته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد فِي يَد السَّيِّد وَأَقَامَا جَمِيعًا الْبَيِّنَة على مَا ادّعَيَا قَالَ آخذ بِبَيِّنَة الْمُكَاتبَة وَأَجْعَل الْوَلَد وَلَدهَا مكَاتبا مَعهَا بمنزلتها
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد فِي يَدهَا فأقاما جَمِيعًا الْبَيِّنَة على مَا ادّعَيَا قَالَ فَانِي آخذ أَيْضا بِبَيِّنَة الْمُكَاتبَة قلت وَلم وَالسَّيِّد هُوَ الْمُدَّعِي هَاهُنَا قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة قد أَقَامَت الْبَيِّنَة أَنَّهَا قد وَلدته بعد الْمُكَاتبَة

(4/85)


فقد جرى فِيهِ مَا جرى فِي أمه وَلَا أقبل بَيِّنَة السَّيِّد على الرّقّ قلت وَهَذَا الْقيَاس قَالَ نعم أَلا ترى لَو أَن رجلا أعتق أمة لَهُ وَلها ولد وَوَلدهَا فِي يَدهَا كَانَ حرا مَعهَا فان ادّعى السَّيِّد بِأَنَّهَا وَلدته قبل الْعتْق وَأقَام الْبَيِّنَة وأقامت هِيَ الْبَيِّنَة أَنَّهَا وَلدته بعد الْعتْق كَانَت الْبَيِّنَة بينتها وَكَانَ حرا وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمة لَهُ فولدة لَهُ ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ إِن الْأمة مَاتَت وَاخْتلف السَّيِّد وَالْولد فِي الْمُكَاتبَة فَقَالَ السَّيِّد كَانَت الْمُكَاتبَة ألفا وَقَالَ الْوَلَد خمسامئة قَالَ القَوْل قَول الْوَلَد وَالْبَيِّنَة على السَّيِّد وَالْولد فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أمه فِي قَول أبي حنيفَة الآخر قلت أَرَأَيْت إِن ادّعى الْوَلَد أَنه أدّى الْمُكَاتبَة إِلَى السَّيِّد هَل يصدق قَالَ لَا إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة قلت القَوْل قَول ولد الْمُكَاتبَة فِي جَمِيع مَا جعلت فِيهِ القَوْل قَول الْأُم قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ ولد الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته قَالَ نعم

(4/86)


قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب أمة لَهُ وللمولى ابْن صَغِير فَكبر الابْن وَمَات الْأَب فَاخْتلف الابْن وَالْمكَاتب فِي الْمُكَاتبَة فَادّعى الابْن ألفا وَادّعى الْمكَاتب خَمْسمِائَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْعُقُول قَول الْمكَاتب قلت وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمولى حَرْبِيّا فَدخل إِلَى دَار الْإِسْلَام بِأَمَان وَالْعَبْد مُسلم أَو ذمِّي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الذِّمِّيّ إِذا كَاتب عبدا لَهُ مُسلما فاختلفا فِي الْمُكَاتبَة فَادّعى الْمولى ألفا وَقَالَ العَبْد خَمْسمِائَة وَأقَام الْمولى بَيِّنَة من النَّصَارَى على مَا يدعى هَل تقبل بَيِّنَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد مُسلم فَلَا يجوز عَلَيْهِ سشهادة أهل الذِّمَّة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى مُسلما وَالْعَبْد ذِمِّيا فَجحد الْمولى الْمُكَاتبَة فَأَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة من النَّصَارَى أَنه كَاتبه قَالَ نعم لَا يجوز أَيْضا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى حَرْبِيّا وَمَعَهُ قوم من أهل الْحَرْب فَدخل بِأَمَان فَاشْترى رجل مِنْهُم عبدا مِنْهُم أهل الذِّمَّة وكاتبه فَادّعى الْمولى أَنه كَاتبه على ألف فَأَقَامَ بَيِّنَة من أهل الْحَرْب مِمَّن كَانَ دخل مَعَه بِأَمَان وَقَالَ العَبْد بل كاتبتني على خَمْسمِائَة هَل تجوز شَهَادَة الَّذين مَعَه من أهل الْحَرْب قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد ذمِّي وَلَا تجوز شَهَادَة أهل الْحَرْب على أهل الذِّمَّة

(4/87)


- بَاب كتاب مُكَاتبَة الْمَرِيض
- قلت أَرَأَيْت رجلا لَهُ ألف دِرْهَم كَاتب عبدا لَهُ فِي مَرضه على ألف دِرْهَم وَقِيمَة العَبْد ألف دِرْهَم وَنجم عَلَيْهِ الْمُكَاتبَة نجوما هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد ثلث مَاله قلت أرايت إِن كَانَ العَبْد قِيمَته تكون أَكثر من الثُّلُث وَقد كَاتبه على قِيمَته سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر العَبْد فان شَاءَ عجل مَا زَاد من قِيمَته على الثُّلُث وَأدّى مَا بَقِي على نجومه وَإِن أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى فَعجل مَا عَلَيْهِ من الْفضل هَل يحْسب من شَيْء من نجومه الَّتِي عَلَيْهِ قَالَ نعم كل نجم بِحِصَّتِهِ من ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَن يعجله وَإِنَّمَا عَلَيْهِ النُّجُوم فِيمَا بَقِي عَلَيْهِ من قِيمَته قلت أَرَأَيْت رجلا مَرِيضا كَاتب عبدا لَهُ على ألفي دِرْهَم وَقِيمَته ألف دِرْهَم وَقد ترك ألفا سوى العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر العَبْد فان شَاءَ عجل ألفا وَأدّى مَا بَقِي عَلَيْهِ على نجومه وَإِن أَبى رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ للْمَيت أَن يستهلك أَكثر من ثلثه وَلَا يُوصي بِهِ وفيهَا قَول آخر إِنَّه يجْتَمع قيمَة العَبْد وَمَا ترك الْمَيِّت من مَال سوى العَبْد وَسوى مُكَاتبَته ثمَّ يُقَال للْعَبد لَك ثلث ذَلِك

(4/88)


من نجومك وَإِذا مَا بَقِي وَإِلَّا رددناك فِي الرّقّ وَإِذا لم يتْرك مَالا سوى العَبْد فانه يُقَال لَهُ أد ثُلثي قيمتك حَالَة وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك وَصِيَّة على النُّجُوم وَإِلَّا رددناك فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن للْمَيت مَال غير العَبْد مُكَاتبَة على ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَهِي قِيمَته وَقد كَاتبه فِي مَرضه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُقَال للْعَبد عجل ثُلثي قيمتك ألفي دِرْهَم وأد مَا بَقِي على النُّجُوم فان أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة العَبْد ثَلَاثَة آلَاف وكاتبه فِي مَرضه على الفي دِرْهَم ونجمها عَلَيْهِ نجوما مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُقَال للْمكَاتب أد جَمِيع مَا كاتبك عَلَيْهِ حَالا فان أدّى فَهُوَ حر وَإِن أبي رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أوصى لَهُ بِثلث قِيمَته فان لم يفعل رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ كَاتبه على ألفي دِرْهَم فِي مَرضه وَقِيمَته ثَلَاثَة

(4/89)


آلَاف دِرْهَم ثمَّ مَاتَ الْمولى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُقَال للْمكَاتب أد ثُلثي قيمتك أَلفَيْنِ وعجلها فان أدّى عتق وَإِن أبي رد فِي الرّقّ وَلَا يجوز أَن يُوصي لَهُ بِأَكْثَرَ من ثلثه قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد قِيمَته ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فكاتبه على ألف دِرْهَم وَقَبضهَا مِنْهُ فِي مَرضه ثمَّ مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق العَبْد وَعَلِيهِ أَن يسْعَى فِي ألف أُخْرَى تَمام ثُلثي قِيمَته وَلَا يجوز فِي قِيمَته إِلَّا الثُّلُث قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فِي صِحَّته فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت قَالَ قد قبضت مِنْك جَمِيع الْمُكَاتبَة وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا بقوله وَذَلِكَ فِي مَرضه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ السَّيِّد مُصدق وَيبرأ من الْمُكَاتبَة وَيعتق قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه فِي صِحَّته قلت وَلَو كَاتبه على ألف دِرْهَم فِي صِحَّته وَقِيمَته خَمْسمِائَة فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أعْتقهُ ثمَّ مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض وَلم يكن قبض مِنْهُ شَيْئا من مُكَاتبَته قبل ذَلِك قَالَ يعْتق وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته وَتبطل الْمُكَاتبَة قلت وَلم وَالْمُكَاتبَة أَكثر من الْقيمَة وَقد رَضِي بهَا فِي الصِّحَّة قَالَ لِأَنَّهُ أعْتقهُ فِي مَرضه فَكَأَنَّهُ لم يكاتبه قبل ذَلِك

(4/90)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ وهب لَهُ جَمِيع مَاله عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة حِين حَضَره الْمَوْت قَالَ هُوَ حر وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته قلت وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول قَالَ نعم لِأَن ذَلِك خير لَهُ من الْمُكَاتبَة وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته لِأَنَّهُ مَتى مَا أدّى ثُلثي قِيمَته عتق وَإِن كَانَ على الْمُكَاتبَة فِي قَول يَعْقُوب قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أدّى إِلَى الْمولى قبل ذَلِك من الْمُكَاتبَة خَمْسمِائَة ثمَّ أعْتقهُ فِي مَرضه قَالَ يعْتق وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته وَلَا يحْسب لَهُ بِشَيْء مِمَّا أدعى غليه قبل ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد بَقِي عَلَيْهِ مثل قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أدّى إِلَيْهِ جَمِيع مُكَاتبَته إِلَّا مائَة دِرْهَم ثمَّ أعْتقهُ فِي مَرضه أَو وهب الْمِائَة وَلَا مَال لَهُ غَيره مَا القَوْل فِي ذَلِك قلا يسْعَى فِي ثُلثي الْمِائَة وَلَا يسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته فِي هَذَا الْوَجْه قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة أقل من قِيمَته وَإِذا كَانَ مَا بَقِي أقل سعي فِي ثُلثي ذَلِك قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فكاتب عبدا لَهُ على ألف

(4/91)


دِرْهَم وَهِي قِيمَته وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فَأقر الْمولى أَنه قد قبضهَا ثمَّ مَاتَ فِي ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق العَبْد وَيسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته وَلَا يصدق الْمولى على ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعْتقهُ فِي الْمَرَض وَقد كَانَ كَاتبه فِي الصِّحَّة فان العَبْد يُخَيّر فان شَاءَ سعى فِي ثُلثي قِيمَته وَإِن شَاءَ سعى فِي ثُلثي مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يسْعَى فِي الْأَقَل من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد ثلث مَاله هَل يصدق وَيعتق وَلَا يكون عَلَيْهِ شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد الثُّلُث فَكَأَنَّهُ أعْتقهُ فِي هَذَا الْوَجْه قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتبه فِي مَرضه وَقِيمَته ألف بِأَلف دِرْهَم قبضهَا مِنْهُ بِبَيِّنَة ثمَّ مَاتَ هَل يجوز ذَلِك وَيعتق العَبْد قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اسْتهْلك الْمولى المَال مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ العَبْد حر قلت فَهَل يسْعَى فِي شَيْء بعد قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فكاتب جَارِيَة على ألف وَالْجَارِيَة حُبْلَى فَولدت ولدا ثمَّ مَاتَ السَّيِّد من ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ ماغل غَيرهَا قَالَ الْأمة بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت عجلت ثُلثي قيمتهَا وَأَدت مَا بَقِي على نجومها فان فعلت فانها تعْتق وَيعتق وَلَدهَا وَإِن أَبَت ردَّتْ ورد وَلَدهَا فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت الْوَلَد

(4/92)


عَلَيْهِ سَبِيل قَالَ لَا إِذا أدَّت مَا عَلَيْهَا قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت فكاتب عَبْدَيْنِ لَهُ فِي مَرضه مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة وقيمتهما ألف دِرْهَم وكاتبهما على ألف مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أخيرهما فان أديا ثُلثي قيمتهمَا مضيا على سعايتهما فِيمَا بَقِي وَإِن ابيا ردا فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة فِي مَرضه بِأَلف دِرْهَم وَقيمتهَا ثَلَاثَة آلَاف ثمَّ إِنَّه صَحَّ وبرأ ثمَّ إِنَّه مرض بعد ذَلِك فَمَاتَ قبل أَن تُؤدِّي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مكاتبتها جَائِزَة وتسعى على نجومها قلت وَلَا تكلفها أَن تعجل شَيْئا قَالَ لَا قلت فَكيف أجزت هَذَا وَقد كَانَ مَرِيضا وَقيمتهَا أَكثر مِمَّا كاتبها عَلَيْهِ قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَحَّ وبريء فَكَأَنَّهُ كاتبها وهون صَحِيح أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ فِي صِحَّته بِأَقَلّ من قِيمَته جَازَ ذَلِك إِذا مَاتَ قبل أَن يُؤَدِّي الْمُكَاتبَة فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْمُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها واشترت ولدا لَهَا آخر فِي مكاتبتها هَل لَهَا أَن تبيع الَّذِي اشترت قَالَ لَا وَلَيْسَ لَهَا أَن تبيع وَاحِدًا مِنْهُمَا قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْمُكَاتبَة وَلم تدع شَيْئا مَا القَوْل فِي

(4/93)


ذَلِك قَالَ يسْعَى الَّذِي وَلدته فِي الْمُكَاتبَة وَالَّذِي اشترت فِيمَا على أمهما على نجومها وَالَّذِي يَلِي الْأَدَاء الْمَوْلُود فِي الْمُكَاتبَة فان أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا فِي الرّقّ قلت وَلَا يجب على الآخر شَيْء من السّعَايَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يُولد فِي الْمُكَاتبَة أَلا ترى أَنَّهَا لَو لم تدع ولدا غَيره بيع إِلَّا أَن يُؤَدِّي مَا على أمه كُله حَالا وَكَانَ بِمَنْزِلَة عَبدهَا وَالْآخر لَا يُبَاع إِذا سعى فِيهِ قلت أَرَأَيْت إِن سعى فِي ذَلِك فَأدى الْمُكَاتبَة هَل يرجع على أَخِيه بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أدّى عَن أمه قلت أَرَأَيْت إِن ظهر للْأُم بعد ذَلِك مَال كثير وَقد أدعى الابْن جَمِيع الْمُكَاتبَة هَل يرجع بِمَا يسْعَى فِي مَال أمه فَيَأْخذهُ قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن كَسبه من تركتهَا وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث بَينهمَا نِصْفَانِ قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب هَذَا الْوَلَد الَّذِي اشْترى فِي الْمُكَاتبَة مَالا وَالْآخر على سعايته لمن يكون مَا اكْتسب قَالَ يَأْخُذهُ أَخُوهُ فيستعين بِهِ فِي مُكَاتبَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه أَلا ترى أَن الْأُم لَو كَانَت حَيَّة كَانَ كَسبه لَهَا أَرَأَيْت إِن أَرَادَ أَن يُسلمهُ

(4/94)


فِي عمل فَيَأْخُذ كَسبه فَيُؤَدِّي الْمُكَاتبَة فان أمره القَاضِي أَو أَمر أَخَاهُ أَن يؤاجره وَيُؤَدِّي الْمُكَاتبَة من إِجَارَته فَهُوَ جَائِز

(4/95)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى مَا اكْتسب الْوَلَد الَّذِي اشترت الْأُم لَهُ لَا يَأْخُذهُ أَخُوهُ وَلَو لم يكن لَهَا ولد غير الَّذِي اشترت كَانَ لَهُ أَن يسْعَى فِيمَا على أمه على النُّجُوم وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَاتب الرجل أمته فولدلت فِي مكاتبتها ولدا فاشترت ولدا آخر ثمَّ مَاتَت إنَّهُمَا يسعيان فِي الْمُكَاتبَة وَمَا اكْتسب الْمَوْلُود فِي الْمُكَاتبَة قبل الْأَدَاء بِغَيْر موت الْمُكَاتبَة فَهُوَ لَهُ خَاصَّة وَمَا اكْتسب قبل موت الْمُكَاتبَة فَهُوَ للمكاتبة وَمَا اكْتسب أَخُوهُ المُشْتَرِي قبل موت الْمُكَاتبَة وَبعد مَوتهَا قبل الْأَدَاء فان الْمُكَاتبَة تُؤْخَذ من ذَلِك وَمَا بَقِي فَهُوَ بَينهمَا نِصْفَانِ

(4/96)


قلت أَرَأَيْت إِن اكْتسب المُشْتَرِي مَالا كثيرا وَالْآخر يسْعَى فَأدى الآخر فعتقا مَا حَال المَال الَّذِي فِي يَدي الَّذِي اكْتسب قَالَ يكون بَينه وَبَين أَخِيه نِصْفَيْنِ فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كسب هَذِه الْأمة كَأَنَّهُ مَال تركته الْأُم فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة قلت وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي يَد الْأَخ الَّذِي كَانَ يسْعَى مِمَّا اكْتسب قبل الْعتْق إِذا وَقع الْعتْق أَيكُون لَهُ ولأخيه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد بَينه وَبَين شريك لَهُ فكاتبه شَرِيكه الصَّحِيح فكاتب نصِيبه مِنْهُ بِأَمْر الْمَرِيض ثمَّ إِن الْمَرِيض مَاتَ فَأبى الْوَرَثَة أَن يجيزوا الْمُكَاتبَة أَيكُون ذَلِك لَهُم قَالَ لَا وَالْمُكَاتبَة جَائِزَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَرِيض كَانَ أجَاز الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ الَّذِي كَاتب من الْمُكَاتبَة أَيكُون للْوَرَثَة فِيهِ نصيب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَرِيض لم يَأْذَن لَهُ فِي

(4/97)


شَيْء من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمَرِيض قد كَانَ أذن لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَالْقَبْض فَقبض فَأدى العَبْد الْمُكَاتبَة إِلَى الآخر هَل ترجع الْوَرَثَة عَلَيْهِ بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَلم لَا تَأْخُذ الْوَرَثَة ن شَيْئا قَالَ لِأَنَّهُ قد أذن لشَرِيكه فِي الْقَبْض قلت أَرَأَيْت رجلا حَضَره الْمَوْت وَله عبد قِيمَته ألف وَلَيْسَ لَهُ

(4/98)


مَال غَيره فكاتبه فِي مَرضه على ألف دِرْهَم ثمَّ أقرّ أَنه قد قبضهَا مِنْهُ ثمَّ مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته للْوَرَثَة وَهُوَ حر قلت وَلم قَالَ لِأَن السَّيِّد قد أقرّ بِأَنَّهُ حر قبل أَن يَمُوت فَكَأَنَّهُ أعْتقهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعْتقهُ فِي الْمَرَض وَقد كَاتبه فِي الصِّحَّة فان العَبْد يُخَيّر فان شَاءَ سعى فِي ثُلثي قِيمَته وَإِن شَاءَ سعى فِي ثُلثي مَا عَلَيْهِ من الْمُكَاتبَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نرى مَا اكْتسب الْوَلَد الَّذِي اشْترى فِي الْمُكَاتبَة بعد مَوتهَا لَهُ لِأَنَّهُ يَأْخُذهُ أَخُوهُ وَلَو لم يكن لَهَا ولد غير الَّذِي اشترت كَانَ لَهُ أَن يسْعَى فِيمَا على أمه وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم قلت أَرَأَيْت الْمَرِيض إِذا حَضَره الْمَوْت وَله عَبْدَانِ قيمَة كل وَاحِد مِنْهُمَا ألف فكاتب الْعَبْدَيْنِ على أَلفَيْنِ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ قبل موت السَّيِّد ثمَّ مَاتَ السَّيِّد من ذَلِك الْمَرَض مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْبَاقِي فان شَاءَ عجل ثُلثي الْمُكَاتبَة وَكَانَ مَا بَقِي عَلَيْهِ من مُكَاتبَته يُؤَدِّيهَا على نجومه فان أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن عجل ثُلثي الْمُكَاتبَة كم يلْزمه من ثلث الْمُكَاتبَة أكلهَا أم قدر قِيمَته قَالَ يسْعَى

(4/99)


فِي ثلث جَمِيع الْمُكَاتبَة على مَا بَقِي من نجومه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أَحدهمَا مَاتَ بعد موت السَّيِّد وَلم يؤد شَيْئا أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت أَن كَانَا خيرا فاختارا ثُلثي قيمتهمَا فأديا ذَلِك وعجلا ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَا يسْعَى الثَّانِي فِي شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَحدهمَا بعد موت السَّيِّد قبل أَن يؤديا شَيْئا أيخير وَقد ترك مَالا كثيرا اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة قَالَ يُؤْخَذ جَمِيع الْمُكَاتبَة مِمَّا ترك ويعتقان جَمِيعًا وَترجع وَرَثَة الْمكَاتب بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِن كَانَت قيمتهمَا سَوَاء رجعُوا عَلَيْهِ بِنصْف ذَلِك قلت فَيُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُ عَاجلا يُؤَدِّيه أم تكون دينا عَلَيْهِ على مَا كَانَ عَلَيْهِمَا من النُّجُوم يُؤَدِّيهَا قَالَ هِيَ عَلَيْهِ على مَا كَانَ عَلَيْهِمَا من النُّجُوم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ ضمن عَنهُ حِصَّة حِصَّته من الْمُكَاتبَة نجوما أَلا ترى لَو أَن أَحدهمَا عجل الْمُكَاتبَة عتقا جَمِيعًا وَلَا يرجع على شَرِيكه بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة إِلَّا على نجومه الَّتِي كَاتب عَلَيْهَا وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجلَيْنِ

(4/100)


ضمنا ضمانا إِلَى أجل فكفل كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا على صَاحبه قَالَ فَعجل أَحدهمَا المَال قبل الْأَجَل فَلَا يرجع على صَاحبه حَتَّى يحل الْأَجَل فَكَذَلِك المكاتبان قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم فِي مَرضه وَقِيمَته مائَة وَلَا مَال لَهُ غَيره قَالَ يُقَال لَهُ عجل ثُلثي ألف دِرْهَم وَثلث عَلَيْك على النُّجُوم وَإِلَّا رددت فِي الرّقّ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد يُقَال لَهُ عجل ثُلثي قيمتك وَمَا بَقِي فَهُوَ على النُّجُوم فان أبي رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ فَلَمَّا مرض قَالَ استوفيت مَا عَلَيْهِ قَالَ يصدق وَيعتق لِأَنَّهُ كَاتبه فِي الصِّحَّة
- بَاب نِكَاح الْمكَاتب وَالْمُكَاتبَة
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ تزوج هَل تجيز نِكَاحه قَالَ لَا إِلَّا أَن يُجِيزهُ الْمولى قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أجَاز ذَلِك السَّيِّد هَل تجيز النِّكَاح قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يعلم ذَلِك حَتَّى أدّى الْمكَاتب الْمُكَاتبَة وَعتق هَل يجوز نِكَاحه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ حرا أَلا ترى لَو أَن عبدا تزوج بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ وَلَا يعلم كَانَ نِكَاحه ذَلِك جَائِزا قلت وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قَالَ نعم

(4/101)


قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى امْرَأَته مَا حَالهَا وَهل يفْسد النِّكَاح قَالَ هر امْرَأَته على حَالهَا وَله أَن يُجَامِعهَا بِالنِّكَاحِ قلت فَهَل لَهُ أَن يَبِيعهَا قَالَ نعم إِن لم يكن لَهُ مِنْهَا ولد عِنْده قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قد ولدت مِنْهُ قبل أَن يملكهَا وَلَيْسَ عِنْده مِنْهَا ولد أيبيعها قَالَ نعم وَإِنَّمَا أستحسن أَن يَبِيعهَا إِذا لم يكن عِنْده مِنْهَا ولد لَهُ وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يَبِيعهَا وَالْمكَاتب على حَاله قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى الْمُكَاتبَة هَل يفْسد النِّكَاح قَالَ نعم النِّكَاح فَاسد قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا زوج أمة لَهُ هَل يجوز تَزْوِيجه قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن زوج عبدا لَهُ هَل يجوز نِكَاحه قَالَ لَا قلت وَلم لَا يجوز أَن يُزَوّج عَبده قَالَ لِأَن الْمهْر يلْزمه وَالنَّفقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذَا مَنْفَعَة قلت أَرَأَيْت إِن زوج عَبده أمته هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا لِأَنَّهُ لَا يَقع للْمكَاتب فِي هَذَا مَنْفَعَة وَفِي ذَلِك ضَرَر أَلا ترى أَنه لَو بَاعَ الْأمة لزم العَبْد نَفَقَتهَا إِذا جا نِكَاحه فَلَا يجوز ذَلِك قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أدّى بعض الْمُكَاتبَة لَهُ أَن يتَزَوَّج

(4/102)


قَالَ لَا حَتَّى يعْتق وَيُؤَدِّي جَمِيع مَا عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن تزوج بِغَيْر إِذن سَيّده وَدخل بامرأته ثمَّ فرق السَّيِّد بَينهمَا هَل يلْزمه الْمهْر قَالَ لَا حَتَّى يعْتق قلت وَلم لَا يلْزمه حَتَّى يعْتق قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِشَيْء يلْزمه من قبل شِرَاء وَلَا بيع قلت أَرَأَيْت إِن أعْتقهُ السَّيِّد بعد ذَلِك هَل يلْزمه الْمهْر قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أذن لَهُ الْمولى فِي النِّكَاح فَتزَوج أيلزمه الْمهْر قَالَ نعم قلت وَيجوز النِّكَاح قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا زوجه مَوْلَاهُ أمة لَهُ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يلْزمه الْمهْر لمَوْلَاهُ قَالَ نعم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
- بَاب إِذن الْمكَاتب وَإِذن الْمُكَاتبَة فِي التِّجَارَة
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة هَل يجوز قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أذن لأمة لَهُ فِي التِّجَارَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت العَبْد إِن اسْتَدَانَ دينا هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا جَاءَ الْغُرَمَاء يطْلبُونَ العَبْد بِالدّينِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الدّين فِي رقبته فان أدّى عَنهُ الْمكَاتب وَإِلَّا بيع لَهُم العَبْد فِي دينهم قلت وَيجوز للْمكَاتب أَن يُؤَدِّي عَنهُ الدّين قَالَ نعم قلت وَإِن كَانَ الدّين أَكثر من قِيمَته قَالَ وَإِن قلت وَإِن عجز بعد ذَلِك جَازَ مَا صنع من ذَلِك قَالَ نعم قلت

(4/103)


وَلم قَالَ لِأَن للْمكَاتب أَن يَأْذَن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة يَشْتَرِي وَيبِيع لِأَنَّهُ مسلط على ذَلِك قلت أَفَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب وَالدّين فِي عنق العَبْد هَل يلْزم العَبْد الدّين بعد الْعَجز قَالَ نعم قلت فان أدّى عَنهُ مولى العَبْد وَإِلَّا بيع لَهُم فِي دينهم قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين كثير وَفِي رَقَبَة عَبده هَذَا دين مَا القَوْل فِي ذَلِك وَلَيْسَ فِي يَد الْمكَاتب مَال قَالَ يكون دين الْمكَاتب فِي رَقَبَة الْمكَاتب يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَيكون دين العَبْد فِي عُنُقه لغرمائه فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع لَهُم قلت أَفَرَأَيْت إِذا بيع الْمكَاتب وَلم يكن فِيهِ وَفَاء بِدِينِهِ وَفِي ثمن العَبْد فضل على الدّين الَّذِي كَانَ فِي رقبته لمن يكون ذَلِك الْفضل قَالَ لغرماء الْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مَال الْمكَاتب فغرماؤه أَحَق بِمَالِه من مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى مولى العَبْد مَا على العَبْد من دين من مَاله وَلَيْسَ فِي رَقَبَة الْمكَاتب وَفَاء بِمَا عَلَيْهِ من الدّين هَل يكون لغرمائه أَن يبيعوا العَبْد بعد ذَلِك لفضل دينهم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد مَال الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى مولى العَبْد

(4/104)


دين العَبْد إِلَى غُرَمَائه بِغَيْر إِذن القَاضِي أَيكُون كَأَن أدّى باذن القَاضِي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على العَبْد دين كثير فَأدى الْمولى إِلَى بَعضهم وَقد جَاءَ بَعضهم يطْلب وَالْآخرُونَ غيب فَقضى القَاضِي بَينهم فَأدى الْمولى عَنهُ ثمَّ جَاءَ الْبَاقُونَ بعد ذَلِك فخاصموا الْمولى فَلم يكن عِنْده مَا يُؤَدِّي مَا على العَبْد فَبيع العَبْد هَل يكون للْمولى من ثمنه بِقدر مَا أدّى يخلص بذلك فِي الثّمن قَالَ لَا وَلَا يحاص من لم يقبض مِنْهُم من الْمولى من اقْتضى مِنْهُ لِأَن دينهم مُخْتَلف لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم حَقه على حِدة وَلَو كَانَ أصل دينهم هم فِيهِ شُرَكَاء كَانُوا يحاصونه فِيمَا قبضوا لِأَن دينهم وَاحِد فَلَا يَأْخُذ بَعضهم مِنْهُ شَيْئا إِلَّا يشركهُ فِيهِ الْبَاقُونَ قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان دينا فجَاء بعض الْغُرَمَاء يُخَاصم فَأدى الْمولى إِلَيْهِم دينهم بِقَضَاء القَاضِي

(4/105)


وَلم يكن عِنْده مَا يُؤَدِّي إِلَى البَاقِينَ أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمولى إِلَى بعض الْغُرَمَاء الدّين ثمَّ جَاءَ الْبَاقُونَ بعد ذَلِك وَلَيْسَ عِنْد الْمولى مَا يُؤَدِّي عَنهُ أيباع جَمِيع العَبْد أَو قدر حِصَّته من ذَلِك قَالَ يُبَاع جَمِيع العَبْد فَيكون للْغُرَمَاء قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان العَبْد أَو لم يستدن ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد فِي الرّقّ فَاشْترى العَبْد بعد ذَلِك وَبَاعَ هَل يلْزمه وَهل يكون على إِذْنه مَا لم يحْجر عَلَيْهِ الْمولى قَالَ لَا يكون على إِذْنه مَا لم يحْجر عَلَيْهِ الْمولى وَلَا يلْزمه مَا اشْترى وَبَاعَ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا عجز الْمكَاتب فَهُوَ حجر عَلَيْهِ

(4/106)


قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب أَو عتق هَل يكون العَبْد على إِذْنه قَالَ نعم قلت إرأيت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيج هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا ضَرَر على العَبْد أَلا ترى أَن الْمهْر يلْزمه وَالنَّفقَة فَيكون ذَلِك فِي عنق العَبْد فَلَا يجوز أَن يَأْذَن لعَبْدِهِ فِي التَّزْوِيج قلت أَرَأَيْت إِن أذن لأمته أَو زَوجهَا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم أستحسن فِي هَذَا أَن أجيزه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ يَأْخُذ لَهَا مهْرا وَالْعَبْد إِنَّمَا يغرم عَنهُ قلت وَيَنْبَغِي فِي الْقيَاس أَن لَا يجوز قَالَ نعم وَلَكنَّا نستحسن ونجيزه فِي الْأمة قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فأدانه مولى العَبْد الْمكَاتب دينا أَو أدانه العَبْد دينا هَل يلْزم كل وَاحِد مِنْهُمَا الدّين لصَاحبه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بِعَبْد وَإِنَّمَا

(4/107)


هُوَ عبد للْمكَاتب أَلا ترى أَنه لَو أدان للْمكَاتب دينا لزمَه ذَلِك فَكَذَلِك العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك وَعَلِيهِ دين كثير هَل يكون دين الْمولى فِي رَقَبَة العَبْد وَلَيْسَ فِي رَقَبَة الْمكَاتب وَفَاء بِالدّينِ الَّذِي عَلَيْهِ قَالَ إِذا عجز الْمكَاتب بَطل دين الْمولى الَّذِي كَانَ على العَبْد فَصَارَ العَبْد لغرماء الْمكَاتب قلت وَلم وَقد كَانَ الدّين لَازِما لَهُ قبل ذَلِك قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار عبدا فَبَطل دينه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان العَبْد دينا ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا كَانَ ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وعَلى العَبْد دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ غُرَمَاء العَبْد أَحَق بِهِ من الْمولى يُبَاع لَهُم فِي دينهم فان فضل شَيْء كَانَ للْمولى من الْمُكَاتبَة قلت أَفَرَأَيْت العَبْد إِن اشْترى بعد ذَلِك وَبَاعَ هَل يلْزمه شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ مَاتَ الْمكَاتب فَذَلِك بِمَنْزِلَة الْحجر لِأَنَّهُ قد صَار لغيره قلت أَرَأَيْت إِن أذن لَهُ الابْن بعد ذَلِك فِي الشِّرَاء وَالْبيع هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد قد صَار للْغُرَمَاء

(4/108)


قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة فاستدان العَبْد دينا فَدفعهُ الْمولى إِلَى الْغُرَمَاء بدينهم هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة حر أذن لعَبْدِهِ فِي التِّجَارَة قَالَ نعم قلت وَيجوز للْمكَاتب من هَذَا مَا يجوز للْحرّ قَالَ نعم
- بَاب كتاب الْخِيَار فِي الْمُكَاتبَة
- قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ على أَنه بِالْخِيَارِ يَوْمًا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بِالْخِيَارِ يَوْمَيْنِ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لوكان الْخِيَار أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ لَا فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَن الْخِيَار لَا يكون أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام قلت أَفَرَأَيْت إِن رَضِي الْمولى الْمُكَاتبَة قبل أَن تمْضِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام وَقد اشْترط خيارا أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم تجز حَتَّى مَضَت الْأَيَّام الثَّلَاثَة قَالَ الْمُكَاتبَة

(4/109)


فَاسِدَة مَرْدُودَة قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب الرجل عَبده وَالْعَبْد بِالْخِيَارِ يَوْمًا هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْمولى بِالْخِيَارِ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة قَالَ نعم قلت فَلهُ أَن يتْرك الْمُكَاتبَة فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام أَو يقبل قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ رد وَإِن شَاءَ أجَاز قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن لم يقبل وَلم يرد حَتَّى مضى الْخِيَار هَل تلْزمهُ الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَسَوَاء إِن كَانَ الْمولى بِالْخِيَارِ أَو الْمكَاتب قَالَ نعم قلت فان كَاتبه على أَن العَبْد بِالْخِيَارِ أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام هَل تفْسد الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أجَاز الْمكَاتب الْمُكَاتبَة فِي الثَّلَاث هَل تجيزها قَالَ نعم قلت وَإِن مَضَت ثَلَاثَة أَيَّام قبل أَن يخْتَار بطلت الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عَبده على أَنه بِالْخِيَارِ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن السَّيِّد مَاتَ قبل أَن يمْضِي الْخِيَار أَو قبل أَن يرد أَو يُخَيّر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَمَوته بِمَنْزِلَة إِجَازَته الْمُكَاتبَة

(4/110)


قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عَبده على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فاكتسب الْمكَاتب مَالا فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام ثمَّ أجَاز الْمولى الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْعَبد قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة إِنَّمَا وَقعت يَوْم كَاتبه قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ وهب لَهُ مَال فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَاتب مُكَاتبَة فَوَطِئَهَا السَّيِّد لشُبْهَة فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة كَانَ لَهَا الْمهْر قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة بِالْخِيَارِ فاكتسبت مَالا أَو وهب لَهَا مَال فِي هَذِه الْأَيَّام ثمَّ اخْتَارَتْ الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال الَّذِي فِي يَديهَا قَالَ لَهَا قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أمة لَهُ على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة ايام فَولدت الْأمة فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ أجَاز السَّيِّد الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَوَلدهَا مكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن ولد الْمكَاتب مِنْهَا فاذا جَازَت الْمُكَاتبَة قَالَ قيمَة الْوَلَد للْأُم

(4/111)


قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا قلت أَفَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ بَاعَ السَّيِّد الْوَلَد فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة أَو وهبه أَو تصدق بِهِ على إِنْسَان وَقَبضه أَو أعْتقهُ مَا القَوْل فِيهِ قَالَ بَيْعه جَائِز وَمَا صنع فِيهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَهَذَا رد للمكاتبة قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة البيع أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ جَارِيَته وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا فَأعتق الْمولى الْوَلَد كَانَ ذَلِك ردا للْبيع فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام ثمَّ أجَاز الْمُكَاتبَة هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَهَل يرفع عَن الْأُم شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد لم يكن مكَاتبا مَعهَا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا ثمَّ إِن السَّيِّد مَاتَ فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَهُوَ بِمَنْزِلَة إِجَازَته الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب عَبده على نَفسه وَولد لَهُ صغَار على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَ بعض وَلَده ثمَّ أجَاز الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَلَا يرفع عَن الْأَب بِحِصَّة الَّذِي مَاتَ من الْمُكَاتبَة

(4/112)


قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن أَحدهمَا مَاتَ فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة قبل أَن يخْتَار ثمَّ أجَاز الْمُكَاتبَة قَالَ نعم هما سَوَاء وَيلْزم الثَّانِي جَمِيع الْمُكَاتبَة فان أدّى عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو كاتبهما مُكَاتبَة وَاحِدَة بِغَيْر شَرط ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا لم يرفع عَن الْبَاقِي شَيْء فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَفَرَأَيْت إِن كاتبهما جَمِيعًا مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أعتق أَحدهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ عتقه جَائِز وَهَذَا رد للمكاتبة وَالْآخر عَبده قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ أَحدهمَا أَو وهبه أَو تصدق بِهِ على رجل وَقَبضه قَالَ هَذَا كُله رد للمكاتبة قلت فَهَل يجوز البيع قَالَ نعم قلت لم وَقد بَاعه قبل أَن يرد قَالَ لِأَنِّي قد جعلت البيع ردا قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنَّهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق الْوَلَد هَل يجْزِيه

(4/113)


عتقه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا اخْتَارَتْ الْمُكَاتبَة هَل يرفع عَنْهَا شَيْء من الْمُكَاتبَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد لم يُكَاتب مَعهَا وَإِنَّهَا ولدت بعد الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق الْأُم قبل أَن تمْضِي الْأَيَّام وَقبل أَنْت يُجِيز الْمُكَاتبَة أَو يردهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق الْأُم وَلَا يعْتق وَلَدهَا مَعهَا وَهَذَا رد للمكاتبة قلت وَلَو كَانَت هِيَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أعْتقهَا عتق وَلَدهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أمته وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت ولدا ثمَّ إِن الْأمة مَاتَت فِي تِلْكَ الْأَيَّام الثَّلَاثَة قبل أَن ترد الْمُكَاتبَة أَو تجيز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن شَاءَ الْمولى أجَاز الْمُكَاتبَة للْوَلَد وَإِن شَاءَ ردهَا فان أجازها كَانَ الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه وَهَذَا اسْتِحْسَان فَأَما فِي الْقيَاس فالمكاتبة بَاطِلَة لِأَن الْأمة قد مَاتَت قبل جَوَاز الْمُكَاتبَة فَلَا تجوز الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك وَهُوَ قَول مُحَمَّد قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأُم بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَمَاتَتْ الْأُم

(4/114)


فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام قبل أَن تخْتَار رد الْمُكَاتبَة وإجازتها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مَوتهَا بِمَنْزِلَة قبُولهَا الْمُكَاتبَة وَيسْعَى الْوَلَد فِيمَا على أمه فان أدّى عتق وَإِن عجز رد قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أمته على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فاشترت وباعت فِي هَذِه الْأَيَّام الثَّلَاثَة ثمَّ إِن الْمولى اخْتَار رد الْمُكَاتبَة أَيجوزُ شراؤها وَبَيْعهَا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة فِيمَا اشترت وباعت قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة لم تجز وَلَا يكون هَذَا إِذْنا لَهَا فِي التِّجَارَة وَهَذَا عِنْدِي بِمَنْزِلَة البيع إِلَّا أَن يكون الْمولى رَآهَا تشتري وتبيع فِي الثَّلَاثَة الْأَيَّام فَلم يعْتَرض عَلَيْهَا فَيكون هَذَا مِنْهُ إجَازَة للمكاتبة أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ رجلا عبدا على أَن البَائِع بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة ى أَيَّام وَقَبضه المُشْتَرِي ثمَّ إِن المُشْتَرِي أذن لَهُ فِي التِّجَارَة فِي هَذِه الْأَيَّام الثَّلَاثَة فاستدان دينا ثمَّ رد البَائِع البيع لم يلْزمه شَيْء من ذَلِك لِأَن البيع لم يَقع قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ كَاتبه على أَن الْمكَاتب بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن الْمكَاتب اشْترى فِي هَذِه الثَّلَاثَة الْأَيَّام وَبَاعَ أَيكُون ذَلِك

(4/115)


رضَا بالمكاتبة قَالَ نعم وَيلْزمهُ مَا اشْترى وَبَاعَ قلت وَلم جعلته رضى بالمكاتبة قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة البيع أَلا ترى لَو أَن رجلا بَاعَ عبدا على أَن المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أذن لَهُ المُشْتَرِي فِي التِّجَارَة كَانَ ذَلِك رضَا بِالْبيعِ فَكَذَلِك الْمكَاتب
- بَاب كتاب شِرَاء الْمكَاتب وَلَده وَذَوي الْأَرْحَام مِنْهُ
- قلت أَرَأَيْت إِذا اشْترى الْمكَاتب أَبَاهُ هَل لَهُ أَن يَبِيعهُ قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِذا اشْترى جده أَو ولد وَلَده قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو ابْتَاعَ جد أَبِيه أَو جد أمه قَالَ نعم لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع أحدا من هَؤُلَاءِ قلت أَرَأَيْت إِن ابْتَاعَ أَخَاهُ أَو عَمه أَو خَاله أَو خَالَته أَو ابْتَاعَ ابْن أَخِيه أَو ابْن أُخْته هَل لَهُ أَن يَبِيع أحدا من هَؤُلَاءِ قَالَ نعم لَهُ أَن يَبِيع كل مَا اشْترى من ذِي رحم محرم من كسب مَا خلا والدا أَو ولدا أَو أما أَو جدة أَو ولد ولد وَأما الْأَخ أَو الْعم أَو ابْن الْأَخ أَو مَا سوى ذَلِك فَلهُ أَن يبيعهم قلت وَلم وهما سَوَاء فِي الْقيَاس قَالَ هما سَوَاء فِي الْقيَاس وَلَكنَّا نستحسن فِي الْوَالِد

(4/116)


وَالْولد وَمن سمينا فِي قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يَبِيع ذَا رحم محرم وَلَا أم الْوَلَد إِذا اشتراهم وكل من لم يكن للْحرّ أَن يَبِيعهُ فَلَيْسَ للْمكَاتب أَن يَبِيعهُ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ابْتَاعَ أَبَاهُ أَو ابْنه أَو أمه فَأعْتقهُ الْمولى هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتق جدا أَو ولد ولد قَالَ نعم قلت وَلم أجزت عتق الْمولى مِنْهُم وَلَا يملكهم وَأَنت لَا تجيز عتقه لَو أعتق رَقِيقا للْمكَاتب قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع أحدا من هَؤُلَاءِ قلت أَرَأَيْت إِذا ابْتَاعَ الْمكَاتب جدة مَوْلَاهُ أَو ذَا رحم محرم من نسب مِنْهُ فاعتقه الْمولى هَل يجوز عتقه قَالَ لَا فِي قَول أبي حنيفَة قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة رَقِيقه أَلا ترى أَن للْمكَاتب أَن يبيعهم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ابْتَاعَ ابْنه فاكتسب ابْنه مَالا لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْمكَاتب قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب وَعتق وَفِي يَدي ابْنه مَال اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن كَسبه لَهُ فَمَا كَانَ من شَيْء فِي يَدَيْهِ فَهُوَ لَهُ قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب وَعتق وَفِي يَدي ابْنه مَال اكْتَسبهُ فِي الْمُكَاتبَة لمن يكون ذَلِك المَال قَالَ للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن كَسبه لَهُ فَمَا كَانَ من شَيْء فِي يَدَيْهِ فَهُوَ لَهُ قلت أَرَأَيْت إِذا ابْتَاعَ الْمكَاتب ابْنه فَاشْترى ابْن الْمكَاتب وَبَاعَ واستدان دينا هَل يجوز شِرَاؤُهُ وَيلْزمهُ الدّين قَالَ نعم قلت لم وَلم يَأْذَن لَهُ الْمكَاتب فِي الشِّرَاء وَالْبيع قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْمكَاتب

(4/117)


أَلا ترى أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يَبِيعهُ قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك أَيكُون ذَلِك الدّين فِي رقبته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن أدّى الْمكَاتب فَعتق كَانَ الدّين عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا اشْترى ابْنه ثمَّ إِنَّه مَاتَ وَلم يدع شَيْئا هَل يسْعَى الابْن فِي الْمُكَاتبَة قَالَ لَا وَلكنه يُبَاع قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَا يكون بِمَنْزِلَة مَا ولد فِي الْمُكَاتبَة قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ابْتَاعَ أَبَاهُ قَالَ نعم إِلَّا أَن أَبَا حنيفَة كَانَ يستحسن فِي الابْن خَاصَّة إِذا جَاءَ بالمكانة حَالَة أَن تقبل مِنْهُ وَيعتق هُوَ وَأَبوهُ قلت أَرَأَيْت إِذا بيع أيأخذ الْمولى الْمُكَاتبَة من الثّمن قَالَ نعم يكون ثمنه بِمَنْزِلَة مَال تَركه الْمكَاتب فَيُؤَدِّي إِلَى الْمولى فَيَأْخُذ الْمولى مِنْهُ الْمُكَاتبَة وَيعتق الْمكَاتب وَيكون مَا بَقِي لوَرثَته إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة سوى الْمولى وَإِلَّا فَهُوَ للْوَلِيّ قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى ابْنَته ثمَّ إِن السَّيِّد وَطئهَا فعلقت مِنْهُ فَولدت ولدا هَل ثَبت النّسَب قَالَ نعم قلت وَالْولد وَلَده وَيغرم عقرهَا وَيكون الْعقر للْمكَاتب قَالَ نعم قلت فَهَل تكون أم ولد لَهُ قَالَ لَا وَهِي على حَالهَا كَمَا كَانَت قلت فَهَل على الْمولى قيمَة الْوَلَد قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد وَلَده بِغَيْر قيمَة لِأَن الْبِنْت الَّتِي وطِئت لَا تكون فِي هَذِه الْحَالة بِمَنْزِلَة خَادِم الْمكَاتب أَلا ترى أَنَّهَا تعْتق

(4/118)


بِعِتْق أَبِيهَا وترق برقه وَلَيْسَ للْأَب أَن يَبِيعهَا أَلا ترى أَن الْأَب إِذا عجز صَارَت الِابْنَة أم وَلَده فان أدّى الْمكَاتب عتق وَلَده مَعَه وَلَا تكون على السَّيِّد قِيمَته على تِلْكَ الْحَال وَكَذَلِكَ لَا يلْزمه الْقيمَة قلت أَرَأَيْت إِن اسْتَدَانَ ولد الْمكَاتب دينا فِي شِرَاء أَو بيع ثمَّ إِن الْمولى وطئ الِابْنَة فعلقت مِنْهُ أَو ولدت ثمَّ إِن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ترد وَالْولد حر وَتصير الِابْنَة أم ولد للسَّيِّد قلت فَمَا حَال الدّين الَّذِي فِي رقبَتهَا قَالَ هُوَ فِي رقبَتهَا على حَاله وتسعى فِيهِ للْغُرَمَاء قلت وَيضمن الْمولى الدّين إِذا كَانَ وَطئهَا بعد مَا لَزِمَهَا الدّين قَالَ نعم إِن شَاءَ الْغُرَمَاء ضمنوه الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الدّين وَإِن شاؤا سعت لَهُم فِي الدّين قلت أَرَأَيْت هَل يكون على الْمولى قِيمَته للْغُرَمَاء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ولدا فِي مكاتبتها فَاشْترى وَبَاعَ واستدان دينا هَل يلْزمه ذَلِك وَيجوز بَيْعه وشراؤه قَالَ نعم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمة

(4/119)


قلت أَرَأَيْت إِن أدان أمه دينا أَو أدانته دينا ثمَّ أدَّت الْأُم عتقت هَل يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا من ذَلِك الدّين شَيْء لصَاحبه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن مَالهَا للمكاتبة قبل أَدَاء الْمُكَاتبَة وَمَا كَانَ فِي يَدهَا فَهُوَ للمكاتبة فَمن ثمَّ لم يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْء لصَاحبه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى ابْنه أَو أَبَاهُ فَاشْترى أَبوهُ وَابْنه وَبَاعَ هَل يلْزمه قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى الابْن ابْنا لَهُ هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَهَل للْمكَاتب أَن يَبِيعهُ قَالَ لاقلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة ابيه قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا ابْتَاعَ أَبَاهُ لمن يكون كَسبه وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ قَالَ للْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الابْن قلت وَكَذَلِكَ كسب ولد الْمكَاتب إِذا ولدت فِي الْمُكَاتبَة قَالَ نعم جَمِيع كسب ولد الْمُكَاتبَة وَالْمُكَاتبَة إِذا كَانَ قد ولد فِي الْمُكَاتبَة

(4/120)


وَاشْتَرَاهُ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَهُوَ للْمكَاتب
- بَاب كتاب مُكَاتبَة أم الْوَلَد والمدبرة
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا كَاتب أم ولد هَل يجوز قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم ولد لَهُ فأدت بعض الْمُكَاتبَة ثمَّ إِنَّهَا عجزت هَل ترد فِي الرّقّ قَالَ نعم وَترجع إِلَى حَالهَا كَمَا كَانَت أم وَلَده قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبرَة قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم وَلَده ثمَّ أعتق نصفهَا بعد ذَلِك مَا حَالهَا قَالَ هِيَ حرَّة كلهَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم ولد عتق نصفهَا فاذا عتق نصفهَا عتق كلهَا لِأَن أم الْوَلَد لَا تسْعَى فِي شَيْء أَلا ترى لَو أَن رجلاأعتق نصف أم وَلَده كَانَت حرَّة كلهَا قلت فَمَا حَال الْمُدبر إِذا كَاتبه ثمَّ أعتق نصفه قَالَ الْمُدبر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ مضى على مُكَاتبَته وَأدّى نصف الْمُكَاتبَة وَسقط عَنهُ النّصْف

(4/121)


وَإِن شَاءَ عجز وسعى فِي نصف قِيمَته فِي قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَهُوَ حر كُله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم وَلَده ثمَّ إِنَّه مَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق وَيبْطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم وَلَده وتعتق بِمَوْتِهِ قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ كاتبها وَهِي أمة ثمَّ وَطئهَا فَولدت مِنْهُ ثمَّ مَاتَ قبل أَن يُجِيز قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب مدبرته ثمَّ إِنَّه مَاتَ فَمَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق وَينظر فان كَانَ قِيمَته الثُّلُث عتق وَبَطلَت الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَت قِيمَته أَكثر سعى فِي فضل الْقيمَة إِلَّا أَن تكون الْمُكَاتبَة أقل من ذَلِك الْفضل فتسعى فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا بَاعَ أم ولد لَهُ خدمتها من نَفسهَا هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبر قَالَ نعم قلت فَمَا حَالهَا قَالَ هما حران وَالثمن دين عَلَيْهِمَا وَلَا يشبه هَذَا الْمُكَاتبَة لِأَن هَذَا بيع قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب أم وَلَده فَقبض مِنْهَا بعض الْمُكَاتبَة أَو لم يقبض فَولدت ولدا فِي الْمُكَاتبَة فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يجوز

(4/122)


عتقه قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد وَقد ولدت ولدا فِي الْمُكَاتبَة فَأعتق السَّيِّد الْوَلَد هَل يجوز عتقه قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد وَقد ولدت أَوْلَادًا فِي الْمُكَاتبَة مَا حَالهَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ تعْتق وَيعتق جَمِيع وَلَدهَا وَتبطل الْمُكَاتبَة وَلَا يكون عَلَيْهَا وَلَا على أَوْلَادهَا شَيْء من السّعَايَة قلت وَلم لَا يسْعَى الْوَلَد فِي شَيْء قَالَ لِأَن الْوَلَد بِمَنْزِلَة الْأُم وَلَو أَن أم ولد لر جلّ زَوجهَا فَولدت أَوْلَادًا ثمَّ مَاتَ عتقت وَعتق وَلَدهَا مَعهَا وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت أمة بَين رجلَيْنِ جَاءَت بِولد فادعيا الْوَلَد جَمِيعًا مَا حَالهمَا وَحَال وَلَدهَا قَالَ يثبت النّسَب مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهُوَ ولدهما يرثهما ويرثانه قلت فَمَا حَال الْأمة قَالَ هِيَ بِمَنْزِلَة أم ولد لَهما قلت أَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم وَلَيْسَ لَهما أَن يبيعاها قَالَ من قبل

(4/123)


أَن لَهما أَن يستخدماها وَأَن يؤاجراها وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ كِتَابَة أَحدهمَا بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ أدَّت وعتقت فَلَيْسَ لَهُ أَن يُكَاتب إِلَّا باذن شَرِيكه لِأَنَّهُمَا فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْأمة قلت أَفَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه هَل يجوز قَالَ نعم قلت فَلِمَنْ يكون مَا أَخذ قَالَ بَينهمَا وَيرجع الَّذِي كَاتب عَلَيْهِمَا بِمَا يُعْطي شَرِيكه حَتَّى يَسْتَوْفِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة فَأعتق نصِيبه مَا حَال نصيب الآخر قَالَ يعْتق أَيْضا وَلَا تسْعَى فِي شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم ولد فَلَيْسَ عَلَيْهَا سِعَايَة فِي شَيْء وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وفيهَا قَول آخر إِنَّهَا تسْعَى فِي نصف قيمتهَا وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد قلت أَفَرَأَيْت أم الْوَلَد إِذا كاتبها مَوْلَاهَا على رقبَتهَا على ألف دِرْهَم أَو الْمُدبرَة هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أم ولد لَهُ على ألف دِرْهَم أَو على وصيف أَو على ثوب زطي أَو يَهُودِيّ أَو على شعير أَو حِنْطَة أَو شَيْء مِمَّا يُكَال أَو يُوزن وَسمي كَيْله ووزنه هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْأمة قَالَ نعم

(4/124)


قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب أم وَلَده وَأمة لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وأحدة إِن أدتا عتقتا وَإِن عجزتا ردتا فِي الرّقّ هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أعتق السَّيِّد أم الْوَلَد وَقيمتهَا سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يرفع عَن الْبَاقِيَة نصف الْمُكَاتبَة وتسعى فِي النّصْف الْبَاقِي قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ السَّيِّد وَلم يعتقها مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق أم الْوَلَد وَتبطل حصَّتهَا من الْمُكَاتبَة وتسعى الْبَاقِيَة فِي نصف الْمُكَاتبَة فان أدَّت عتقت وَإِن عجزت ردَّتْ قلت وَلم ترفع عَنْهَا قَالَ لِأَن أم الْوَلَد قد صَارَت حرَّة وَهِي بِمَنْزِلَة عتقه إِيَّاهَا فِي حَيَاتهَا قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب مُدبرَة لَهُ وعبدا بِأَلف دِرْهَم مُكَاتبَة وَاحِدَة قيمتهمَا مِائَتَا دِرْهَم ثمَّ مَاتَ السَّيِّد وَثلث مَاله مائَة دِرْهَم قيمَة الْمُدبرَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يعْتق الْمُدبر مِنْهُمَا وَتبطل حِصَّته من الْمُكَاتبَة وَيسْعَى الْبَاقِي فِي حِصَّته من الْمُكَاتبَة فان أدّى عتق وَإِن عجز رد فِي الرّقّ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمُدبر يزِيد على الثُّلُث مَا القَوْل فِي ذَلِك

(4/125)


قَالَ يعْتق وَإِن كَانَت الزِّيَادَة أَكثر من الْمُكَاتبَة سعى فِي الْمُكَاتبَة وَإِن كَانَت أقل سعى فِي الزِّيَادَة قلت فَفِي كم يسْعَى الآخر قَالَ فِي حِصَّته من الْمُكَاتبَة ويأخذبها أَيهمَا شَاءَ قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل أم وَلَده ثمَّ إِنَّهَا ولدت أَوْلَادًا فِي الْمُكَاتبَة فاستدانت دينا واستدان وَلَدهَا دينا ثمَّ إِنَّهَا عجزت وَردت فِي الرّقّ ورد وَلَدهَا مَا حَال الدّين قَالَ الدّين عَلَيْهَا تسْعَى فِيهِ وَدين الْوَلَد عَلَيْهِم يسعون فِيهِ قلت وَيلْحق الْمولى شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة رجل أذن لأم وَلَده فِي التِّجَارَة فَلَا يلْحقهُ شَيْء من دينهَا قلت وَكَذَلِكَ الْمُدبر لَو كَاتبه قَالَ نعم
- بَاب الْأمة تكون بَين الرجلَيْن أَحدهمَا مكَاتب فيطأها أَحدهمَا
- قلت أَرَأَيْت الْأمة بَين الْمكَاتب وَالْحر تَلد ولدا فيدعيانه جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ ولد الْحر وَهِي أم ولد لَهُ وَيضمن للْمكَاتب نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَلَا يضمن من قيمَة الْوَلَد شَيْئا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت بَين الْمكَاتب وَبَين عبد مَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة وَرجل حر فَولدت ولدا فَادعوهُ جَمِيعًا قَالَ هَذَا

(4/126)


وَالْبَاب الأول سَوَاء وَيكون الْوَلَد للْحرّ وَيضمن لَهما حصتهما من الْقيمَة قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْحر وَالْمكَاتب فيطأها الْمكَاتب فتلد مِنْهُ ولدا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ أم ولد لَهُ وَيضمن نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا وَلَا يضمن شَيْئا من قيمَة الْوَلَد لِأَن الْأمة حَيْثُ علقت صَارَت أم ولد وَصَارَ ضَامِنا لنصف قيمتهَا حَيْثُ علقت قلت أَرَأَيْت إِذا ضمنه الْحر نصف قيمتهَا وَنصف الْعقر ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك وَالْولد وَالأُم قائمان بأعيانهما قَالَ يكون الْوَلَد وَالْأمة لمولى الْمكَاتب وَلَا يكون للْحرّ من الْأُم وَلَا من الْوَلَد شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب ضمن لَهُ نصف قيمَة الْأُم حَيْثُ علقت وَقضى القَاضِي عَلَيْهِ صَارَت للْمكَاتب أَلا ترى لَو أَن أمة كَانَت بَين رجلَيْنِ وَهِي حُبْلَى فَاشْترى أَحدهمَا نصف صَاحبه كَانَ مَا فِي بَطنهَا أَيْضا للْمُشْتَرِي قلت أَفَرَأَيْت إِن لم يُخَاصم الْحر الْمكَاتب وَلم يعلم بذلك حِين

(4/127)


ولدت ثمَّ اخْتَصَمُوا إِلَيّ القَاضِي مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْمكَاتب نصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا يَوْم علقت وَتصير أم ولد لَهُ قلت فَهَل يضمن من الْوَلَد شَيْئا قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ هَل يكون للْحرّ من ذَلِك شَيْء وَقد صَار الْوَلَد عبدا قَالَ لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْء قلت وَلم لَا تضمنه قيمَة الْوَلَد وَإِنَّمَا ادَّعَاهُ بعد مَا ولدت قَالَ لِأَن الْقيمَة إِنَّمَا وَجَبت عَلَيْهِ يَوْم علقت قلت أَرَأَيْت إِن لم يَدعِيهِ وَلم يخاصمه حَتَّى عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون نصف الْأمة وَنصف الْوَلَد للْحرّ قلت أَفَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْمكَاتب وَالْحر فتلد ولدا فَادَّعَاهُ الْمكَاتب وَأنْكرهُ الْحر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا وَلَا يضمن قيمَة الْوَلَد وَتصير أم ولد للْمكَاتب قلت وَهَذَا مُخَالف للباب الأول قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن صَدَقَة الْحر أهوَ بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول الَّذِي قد علم أَنه قد ولد فِي جَمِيع مَا ذكرت لَك قَالَ نعم

(4/128)


قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْمكَاتب وَالْحر وكاتباها جَمِيعًا ثمَّ إِن الْحر وَطئهَا فعلقت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت أَن تعجز فَتَصِير أم ولد للْحرّ فعلت وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها مَضَت وَتَأْخُذ عقرهَا من السَّيِّد فان اخْتَارَتْ الْعَجز صَارَت أم ولد للْحرّ قلت وَيضمن نصف قيمتهَا وَنصف عقرهَا للْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلَا يضمن من قيمَة الْوَلَد شَيْئا قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمكَاتب هُوَ الَّذِي وَطئهَا فَولدت هَل تكون بِالْخِيَارِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا تصير أم وَلَده وَلَا يَسْتَطِيع بيعهَا قلت أَفَرَأَيْت الْمُكَاتبَة تكون بَين الْمكَاتب وَالْحر قد كاتباها جَمِيعًا فَولدت ولدا فادعياه جَمِيعًا قَالَ هُوَ ولد الْحر ودعوة الْمكَاتب بَاطِل قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَارَتْ أَن تمْضِي فِي السّعَايَة فمضت ثمَّ مَاتَ الْحر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تعْتق وَتسقط حِصَّة الْحر من الْمُكَاتبَة عَنْهَا وتسعى فِي الْأَقَل من حِصَّة الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة وَمن نصف قيمتهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن نصيب الْمَيِّت قد أعتق مِنْهَا أَلا ترى

(4/129)


أَن الْحر لَو أعْتقهَا فِي حَيَاته صَار نصِيبه حرا وَصَارَت بِالْخِيَارِ إِن شَاءَت مَضَت على الْمُكَاتبَة فِي نصف الآخر وَإِن شَاءَت عجزت وسعت فِي نصف قيمتهَا إِن كَانَ السَّيِّد مُعسرا وَإِن كَانَ مُوسِرًا ضمن نصف الْقيمَة للمكاتبة قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَت الْمُكَاتبَة بَين الْمكَاتب وَالْحر فكاتباها جَمِيعًا ثمَّ إِن الْحر وَطئهَا فعلقت ثمَّ أعتق نصفه مِنْهَا قبل أَن تخْتَار شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن شَاءَت مَضَت فِي كتَابَتهَا فِي نصف الآخر وَإِن شَاءَت عجزت قلت أَرَأَيْت إِن عجزت وَالْحر مُوسر هَل يضمن حِصَّة الْمكَاتب من الْقيمَة قَالَ نعم قلت وَيصير ولاؤها كُله للْحرّ قَالَ نعم قلت فَهَل عَلَيْهَا شَيْء مِمَّا يضمن قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا ولدت مِنْهُ فَلَيْسَتْ عَلَيْهَا سِعَايَة وَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة أم ولد لَهُ أعتق نصفهَا أَلا ترى لَو أَن رجلا كَاتب أمة لَهُ ثمَّ وَطئهَا فَولدت مِنْهُ ثمَّ أعتق نصفهَا كَانَت حرَّة كلهَا وَتبطل عَنْهَا الْمُكَاتبَة وَلم تسع فِي شَيْء فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت الْأمة تكون بَين الْحر وَالْمكَاتب فكاتباها جَمِيعًا ثمَّ إِن الْمكَاتب وَطئهَا فَولدت مِنْهُ ثمَّ وَطئهَا الْحر بعد ذَلِك فَولدت مِنْهُ ولدا

(4/130)


فادعيا ذَلِك جَمِيعًا وَلَا يعلم ذَلِك إِلَّا بقولهمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ولد كل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ بِغَيْر قيمَة وَيغرم كل وَاحِد مِنْهُمَا لَهَا الصَدَاق وَهِي بِالْخِيَارِ فان شَاءَت أَن تعجز عجزت وَإِن شَاءَت أَن تمْضِي على مكاتبتها فان أدَّت عتقت وَإِن عجزت كَانَت أم ولد للْحرّ خَاصَّة لَا يقدر على أَن يَبِيعهَا وَيضمن الْحر نصف قيمتهَا للْمكَاتب وَأما ابْن الْمكَاتب فَهُوَ ثَابت النّسَب من أَبِيه وعَلى أَبِيه نصف قِيمَته للْحرّ قلت أَرَأَيْت إِن عجزت هِيَ وَلم يعجز الْمكَاتب قَالَ هِيَ أم ولد للْحرّ وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا وَولد الْمكَاتب ثَابت النّسَب وَعَلِيهِ نصف قِيمَته للْحرّ قلت أَرَأَيْت إِن عجزت وَعجز الْمكَاتب جَمِيعًا قَالَ هِيَ أم ولد للْحرّ وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا لمولى الْمكَاتب وَولد الْمكَاتب عبد بَين الْحر وَمولى الْمكَاتب قلت فان كَانَ وطؤ الْمكَاتب فِي هَذِه الْأَبْوَاب كلهَا بعد وطيء الْحر ثمَّ عَجزا جَمِيعًا قَالَ فَهِيَ أم ولد للْحرّ وَعَلِيهِ نصف قيمتهَا وَهِي ولد الْمكَاتب للْحرّ وَولد الْمكَاتب بِمَنْزِلَة أمه وَلَا يثبت نسبه وَقَالَ مُحَمَّد أستحسن أَن أثبت نسبه من الْمكَاتب

(4/131)


- بَاب كتاب مُكَاتبَة الْمُرْتَد
- قلت أَرَأَيْت رجلا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فكاتب عبدا لَهُ فِي ردته ثمَّ أسلم هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد أسلم قلت أَرَأَيْت إِن لم يسلم حَتَّى قتل قَالَ الْمُكَاتبَة بَاطِلَة وَهُوَ عبد للْوَرَثَة فِي قَول إبي حنيفَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ لحق بدار الشّرك مُرْتَدا بعد مَا كَاتب العَبْد قَالَ نعم الْمُكَاتبَة بَاطِل أَيْضا قلت أَرَأَيْت إِن رَجَعَ إِلَى دَار الْإِسْلَام مُسلما مَا حَال الْمُكَاتبَة قَالَ إِن كَانَ رفع الْمكَاتب إِلَى القَاضِي ورده القَاضِي فِي الرّقّ فالمكاتبة بَاطِل وَإِن لم يكن رفع إِلَى القَاضِي حَتَّى رَجَعَ مُسلما فَهُوَ على مُكَاتبَته قلت أَرَأَيْت مُسلما كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ ارْتَدَّ الْمولى عَن الْإِسْلَام مَا حَال الْمكَاتب قَالَ هُوَ على مُكَاتبَته قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْمولى مُرْتَدا أَو لحق بدار الشّرك قَالَ هُوَ على مُكَاتبَته أَيْضا وَيسْعَى للْوَرَثَة فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد قد أَخذ مِنْهُ الْمُكَاتبَة وَهُوَ مُرْتَد ثمَّ أسلم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ العَبْد حر وَأَخذه جَائِز

(4/132)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قتل مُرْتَدا أَو لحق بدار الشّرك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ مكَاتب على حَاله وَلَا يعْتق وَلَا يحْسب لَهُ شَيْء مِمَّا أَخذ الْمولى فِي حَال ردته إِذا كَانَ لَا يعلم إِلَّا بقول الْمُرْتَد فان كَانَ ذَلِك يعلم فالمرتد يجوز أَخذه الدّين بِشَهَادَة الشُّهُود فِي كل مَا ولى وَلَا يجوز أَن يخرج شَيْئا من مَاله بِثمن وَلَا غير ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُرْتَد لَا يجوز لَهُ شَيْء مِمَّا صنع إِذا لحق بدار الشّرك أَو قتل مُرْتَدا لَا يجوز لَهُ عتق وَلَا شِرَاء وَلَا بيع وَلَا تقاضي دين كاقرار ولاغير ذَلِك وَإِذا فعل شَيْئا من ذَلِك

(4/133)


مُرْتَدا ثمَّ أسلم فَجَمِيع مَا صنع من ذَلِك فَهُوَ جَائِز قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عبد وَهُوَ مُسلم ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَلحق بدار الشّرك وَهُوَ مُرْتَد فقسم القَاضِي مِيرَاثه وَقضي للْوَرَثَة بالمكاتبة ثمَّ إِن الْوَرَثَة أخذُوا مِنْهُ بعض الْمُكَاتبَة ثمَّ رَجَعَ مُسلما مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمكَاتب مكَاتب للْمولى ويحسب للْمكَاتب مَا أَخذ الْوَرَثَة وَيُؤَدِّي مَا بَقِي للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ كَاتبه وَهُوَ مَاله وكل شَيْء أضصابه من مَاله بِعَيْنِه إِذا رَجَعَ مُسلما فَهُوَ لَهُ من دين تقاصوه أَو غير ذَلِك وَإِن كَانَ مستملكا لم يكن لَهُم عَلَيْهِ شَيْء قلت أَرَأَيْت مَا أَخذ الْوَرَثَة من الْمُكَاتبَة وَهُوَ قَائِم بِعَيْنِه لمن يكون وَقد رَجَعَ الْمُرْتَد إِلَى دَار الْإِسْلَام قَالَ هُوَ لَهُ

(4/134)


قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَرَثَة قد أخذُوا مِنْهُ جَمِيع الْمُكَاتبَة ثمَّ رَجَعَ الْمُرْتَد مُسلما لمن يكون وَلَاء العَبْد قَالَ للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَاتبه أَلا ترى أَنه لَو كَانَ عبدا لَهُ فدبره وَهُوَ مُسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بدار الْحَرْب ثمَّ رَجَعَ مُسلما بعد مَا أعتق القَاضِي العَبْد فَأمْضى عتقه كَانَ حرا وَكَانَ وَلَاؤُه لَهُ دون الْوَرَثَة وَكَذَلِكَ الْمكَاتب قلت أَرَأَيْت الْمُرْتَد إِذا كَاتب عبدا لَهُ ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة ثمَّ قتل السَّيِّد مُرْتَدا مَا حَال العَبْد قَالَ يدْفع بِالْجِنَايَةِ أَو يفدى وَالْمُكَاتبَة بَاطِل قلت أَرَأَيْت الْمُرْتَدَّة إِذا كاتبت عبدا لَهَا هَل يجوز فِي حَال ردتها قَالَ نعم قلت فان كَانَت مرتدة وَلَحِقت بدار الشّرك قَالَ نعم قلت وَلم وَقد زعمت أَن مُكَاتبَة الْمُرْتَد بَاطِل إِذا لحق بدار الشّرك أَو قتل مُرْتَدا قَالَ ليسَا سَوَاء الْمُرْتَدَّة لَا تقتل ولانه لَا يُحَال بَينهَا وَبَين مَالهَا فَمن ثمَّ اخْتلف أَلا ترى أَنَّهَا لَو اشترت شَيْئا أَو باعت جَازَ لَهَا وَعَلَيْهَا وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة من لم يرْتَد قلت أَرَأَيْت إِذا مَاتَت وَقد كاتبت عبدا لَهَا أيسعى للْوَرَثَة فِي

(4/135)


الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو أعتقت عبدا لَهَا جَازَ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن أدّى الْمكَاتب إِلَيْهَا الْمُكَاتبَة هَل يعْتق وَيصير الْوَلَاء لَهَا قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن رجعت مسلمة بعد مَا قسم مَالهَا بَين الْوَرَثَة هَل تَأْخُذ مَا قد رد عَلَيْهِ من مَالهَا بِعَيْنِه إِن لم يستهلك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن سبيت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ قن قلت فَهَل يكون لَهَا شَيْء من مَالهَا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا قد صَارَت أمة قلت أَرَأَيْت الْمُرْتَد إِذا كَاتب أمة لَهُ فَولدت ولدا فِي كتَابَتهَا ثمَّ إِنَّه اسْلَمْ هَل يكون وَلَدهَا بمنزلتها قَالَ نعم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد كِتَابَة الْمُرْتَد جَائِزَة وعتقه جَائِز إِن قتل على ردته أَو لحق بدار الْحَرْب
- بَاب شركَة الْمكَاتب وشفعته
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب أَله أَن يُشَارك حرا شركَة مُفَاوَضَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن شركَة الْمُفَاوضَة يدْخل فِيهَا الضَّمَان وَالْكَفَالَة وَغير ذَلِك أَلا ترى أَن المفاوضين إِذا كفل أَحدهمَا بكفالة

(4/136)


لزم الآخر وَإِن أقرّ بِشَيْء لزم الآخر وَالْمكَاتب لَا يلْزمه شَيْء من هَذَا وَلَا يدْخل فِي هَذَا غير ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِذا شَارك الْمكَاتب حرا شركَة فِي مَال أَخْرجَاهُ يشتريان بِهِ ويبيعان هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم أجزت هَذَا قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة الْمُفَاوضَة لِأَن هَذَا لَا يلْزمه شَيْء من أَمر شَرِيكه إِلَّا مَا أمره بِهِ من بيع أَو شِرَاء فِي نمال اشْتَركَا فِيهِ قَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد فِي الْمُفَاوضَة فِي الْمكَاتب مثل قَول أبي حنيفَة لِأَن الْمُتَفَاوضين يُؤْخَذ كل وَاحِد مِنْهُمَا باقرار صَاحبه وَلَا يجوز للْمكَاتب أَن يُؤْخَذ باقرار غَيره عَلَيْهِ وَقَالَ يَعْقُوب لَا يجوز على المفاوض كَفَالَة صَاحبه وَكَانَ يُجِيزهُ عَلَيْهِ أَبُو حنيفَة قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى دَارا وَالْمولى شَفِيع تِلْكَ الدَّار هَل للْمولى أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة من الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْمولى ابْتَاعَ دَارا وَالْعَبْد شفيعها قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا شَارك رجلا شركَة عنان مَالا أَخْرجَاهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ قد انْقَطَعت الشّركَة حَيْثُ عجز ورد قلت أَرَأَيْت إِن اشْترى شَرِيكه بِشَيْء من ذَلِك المَال أَو بَاعَ بعد مَا رد الْمكَاتب فِي الرّقّ بِغَيْر إِذن الْمولى هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا

(4/137)


قلت لم قَالَ لِأَن الشّركَة قد انْقَطَعت حَيْثُ عجز ورد قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا شَارك رجلا شركَة عنان فِي مَال أَخْرجَاهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب عتق هَل يكونَانِ على شركتهما قَالَ نعم قلت أرايت ان كَانَ شَارك شركَة مُفَاوَضَة ثمَّ أعتق السَّيِّد الْمكَاتب هَل تجوز تِلْكَ الشّركَة قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى دَارا هُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز ورد فِي الرّقّ قبل أَن تمْضِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة قَالَ الْخِيَار مُنْقَطع حَيْثُ عجز وَالْبيع لَازم لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد انْقَطع الْخِيَار حَيْثُ عجز لِأَن الدَّار قد خرجت مِنْهُ إِلَى غَيره وَلَيْسَ للْمولى فِيهَا خِيَار لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُشْتَرى قلت أَرَأَيْت أَن كَانَ البَائِع فِيهَا بِالْخِيَارِ فعجز الْمكَاتب ورد فِي الر ق مَا حَال البَائِع قَالَ البَائِع على خِيَاره إِن شَاءَ ألزمهُ البيع وَإِن شَاءَ رده قلت وَلم وَقد عجز العَبْد قَالَ لِأَن شِرَاءَهُ كَانَ جَائِزا قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا اشْترى دَارا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام وفيهَا شُفْعَة ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة ورد فِي الرّقّ ثمَّ جَاءَ الشَّفِيع هَل لَهُ أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الشُّفْعَة قد وَقعت عَلَيْهِ حَيْثُ وَقع الشِّرَاء قلت وَإِن كَانَ العَبْد

(4/138)


لم يعجز فالشفيع فِيهَا شُفْعَة أَيْضا قَالَ نعم قلت فالمكاتب فِي الشُّفْعَة بِمَنْزِلَة الْحر فِي جَمِيع أمره قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا اشْترى الْمكَاتب أَو الْحر دَارا وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ بيع دَارا أُخْرَى إِلَى جنبها وَهُوَ شفيعها بِهَذِهِ الدَّار الَّتِي اشْتَرَاهَا هَل لَهُ أَن يَأْخُذ ذَلِك بِالشُّفْعَة قَالَ نعم وَيكون هَذَا رضى مِنْهُ بِالْبيعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالْخِيَارِ قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن أَخذهَا بِالشُّفْعَة حَتَّى ردهَا على الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ هَل للْآخر البَائِع فِي هَذَا شُفْعَة قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن رده وَقع بعد شِرَائهَا وَقبل أَن تقع الدَّار فِي ملك هَذَا وَإِنَّمَا وَقعت الشُّفْعَة لصَاحب الْخِيَار لَيْسَ للْبَائِع قلت وَيجوز شركَة الْمكَاتب فِي الْعَنَان قَالَ نعم قلت وَيلْزم فِي ذَلِك مَا يلْزم الْحر قَالَ نعم
- بَاب سَرقَة الْمكَاتب
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق سَرقَة من مَوْلَاهُ هَل يقطع قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من ابْن مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من امْرَأَة مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من جد مَوْلَاهُ أَو جدته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من أَخِيه أَو من أُخْته أَو عَم مَوْلَاهُ أَو خَاله قَالَ نعم قلت

(4/139)


وَلم قَالَ لِأَنِّي لَا أقطعه فِيمَا سرق من مَوْلَاهُ وَلَا فِيمَا ذكرت مِمَّا سرق نمن أحد من هَؤُلَاءِ لم أقطعه لِأَنَّهُ لَو سرق من مَوْلَاهُ لم أقطعه وَكَذَلِكَ مكَاتب الْمكَاتب قلت وَكَذَلِكَ العَبْد قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق وَاحِد من هَؤُلَاءِ من الْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق من رجل وَلذَلِك الرجل عَلَيْهِ دين كثير هَل يقطع قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة غَيره مِمَّن لَيْسَ عَلَيْهِ دين قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد مَا سرق ورد فِي الرّقّ فجَاء الْمَسْرُوق مِنْهُ يطْلب دينه فَقضى القَاضِي لَهُ بِالْعَبدِ أَن يُبَاع وَقد أبي الْمولى أَن يفْدِيه هَل يقطع فِي تِلْكَ السّرقَة قَالَ نعم يقطع فِي الْقيَاس

(4/140)


قلت وَكَذَلِكَ الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة إِذا سرق من رجل وَلذَلِك الرجل عَلَيْهِ دين قَالَ نعم قلت أَفَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق مَالا وَذَلِكَ المَال بَين مَوْلَاهُ وَبَين رجل آخر هَل يقطع قَالَ لَا قلت فاذا سرق الْمكَاتب سَرقَة هَل يقطع قَالَ نعم قلت وَهُوَ فِي السّرقَة بِمَنْزِلَة غَيره من النَّاس قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا سرق من مكَاتب لمَوْلَاهُ أَو عبد قد عتق بعضه هَل يقطع قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ إِذا سرق من عبد بَين مَوْلَاهُ وَبَين رجل آخر وَنقد أعتق الْمولى نصِيبه مِنْهُ أَو لم يعتقهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن سرق من عبد بَين رجل وَبَين مَوْلَاهُ وَقد أعتق الْمولى نصِيبه قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الشَّرِيك الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمن الْمولى إِن كَانَ مُوسِرًا حَيْثُ أعتق فاذا ضمن الْمولى صَار الْمولى يرجع عَلَيْهِ وَصَارَ بِمَنْزِلَة عَبده قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا سرق من رجل مَالا وَذَلِكَ مُضَارَبَة مَعَ الرجل من مولى الْمكَاتب هَل يقطع قَالَ لَا لِأَنَّهُ مَال مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت إِن سرق الْمكَاتب من رجل مَالا وللمولى على ذَلِك الرجل دين هَل يقطع قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة

(4/141)


الْمولى أَلا ترى أَن الْمولى لَو سرق من ذَلِك لم يقطع إِذا كَانَت السّرقَة دَرَاهِم مثل الدّين فَأَما إِذا كَانَت السّرقَة عرُوضا قطعا جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت مولى الْجَارِيَة إِذا كاتبها على أَنه بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام فَولدت فَأعتق وَلَدهَا قَالَ هَذَا فسخ للمكاتبة قلت فان أعْتقهَا هِيَ قَالَ هُوَ فسخ للمكاتبة وَالْعِتْق مَاض وَالْولد رَقِيق فان أعْتقهَا فَالْخِيَار لَهَا هَل يعتقان جَمِيعًا قَالَ نعم قلت فان كَانَ أعتق الْوَلَد قَالَ هُوَ حر بِغَيْر قيمَة قلت فان اشترت وباعت قَالَ هَذَا إجَازَة مِنْهَا للمكاتبة قَالَ يَعْقُوب وَمُحَمّد إِذا أدّى ابْن الْمكَاتب من تَرِكَة الْمكَاتب مَالا ثمَّ لحقه دين كَانَ على الْمكَاتب وَالْعِتْق مَاض وَيُؤْخَذ من الْمولى مَا أَخذ وَيرجع على الابْن وَكَذَلِكَ لودفع إِلَيْهِ عبدا بذلك فَاسْتحقَّ عتق وَيرجع عَلَيْهِ بِمَالِه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق انْتهى كتاب الْمكَاتب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْبَهَانِيّ فِي سلخ شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة

(4/142)