الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الْوَاحِد الْعدْل
// كتاب الْوَلَاء
//
قَالَ أخبرنَا أَبُو سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا الْوَلَاء للكبر

(4/143)


مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن عمر بن الْخطاب وعَلى بن أبي طَالب وعبد الله بن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَزيد بن ثَابت وَأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَأُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا الْوَلَاء للكبر مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ الْوَلَاء للكبر وَهُوَ قَول أبي حنيفَة الَّذِي يَأْخُذ بِهِ وَقَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن شُرَيْح أَنه قَالَ

(4/146)


الْوَلَاء بِمَنْزِلَة المَال وَلَيْسَ يَأْخُذ بِهِ أَبُو حنيفَة وَلَا أَبُو يُوسُف ومحمدا وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أحد الِابْنَيْنِ وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان ابا حنيفَة قَالَ فِي هَذَا

(4/147)


مِيرَاثه لِابْنِ الرجل الْمُعْتق لصلبه وَلَيْسَ لِابْنِ ابْنه مِيرَاث وَهَذَا تَفْسِير قَوْلهم الْوَلَاء للكبر لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الْمُعْتق من ابْن ابْنه وَلَو كَانَ للْعَبد ابْنة وَزَوْجَة كَانَ للابنة النّصْف وللزوجة الثّمن وَمَا بَقِي فلابن الْمُعْتق وَلَو كَانَ لَهُ ابنتان وَأم وَزَوْجَة كَانَ للابنتين الثُّلُثَانِ وَللْأُمّ السُّدس وللزوجة الثّمن وَلابْن الْمُعْتق مَا بَقِي وَهُوَ ربع السُّدس فان مَاتَت إِحْدَى ابْنَتي العَبْد الْمُعْتق كَانَ لإحداهما النّصْف فان كَانَ لَهَا أم كَانَ لَهَا الثُّلُث فان لم يكن لَهَا أم فَكَانَت أم العَبْد حَيَّة فلهَا السُّدس وَمَا بَقِي فلابن الْمَيِّت الأول فان مَاتَ ابْن الْمَيِّت الأول بعد ذَلِك ثمَّ مَاتَت الِابْنَة الْبَاقِيَة فان كَانَت لَهَا أم فلهَا الثُّلُث وَإِن لم تكن لَهَا أم وَكَانَت جدة فلهَا السُّدس وَالأُم تحجب الْجدّة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لبنى ابْن الْمَيِّت الأول الْمُعْتق وهم فِي مِيرَاث هَذِه الْآخِرَة سَوَاء وَلَو كَانَ لهَذِهِ الْآخِرَة ولد ذكر أحرز مِيرَاثهَا كُله وَلَو كَانَ لَهَا ابنتان أَو ثَلَاثًا أَو أَكثر كَانَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ فان لم يكن لَهَا وَارِث غيرهعم كَانَ لبني ابْن الْمَيِّت الْمُعْتق مَا بَقِي لأَنهم عصبَة فان مَاتَت إِحْدَى ابنتيها لم يكن لبني ابْن الْمَيِّت الْمُعْتق فيهمَا مِيرَاث لأَنهم لَيْسُوا مواليها

(4/148)


إِنَّمَا هم موَالِي أمهَا وَلَو كَانَ الْمولى الْمُعْتق حَيا لم يكن لَهُم مِيرَاث مِنْهَا لأتنه لَيْسَ مَوْلَاهَا إِنَّمَا هُوَ مولى أمهَا وَإِذا أعتقت امْرَأَة رجلا ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة وَتركت أَخا لأَب وَأم وأخا لأَب ثمَّ مَاتَ أوها لأَبِيهَا وَأمّهَا وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق وَلَا وَارِث لَهُ غير موَالِيه فان مِيرَاثه لأخي الْمَرْأَة لأَبِيهَا لِأَنَّهُ الْكبر وَلَيْسَ لبني أَخِيهَا من ابيها وَأمّهَا مِيرَاث وَلَو مَاتَ الْأُخَر من الْأَب قبل الْمُعْتق وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبني الْأَخ من الْأَب وَالأُم أَيهمَا أقرب إِلَى الْمُعْتق وَلَو كَانَ مَاتَ بَنو الْأَخ من الْأَب وَالأُم وَتركُوا ولدا ذُكُورا ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبني الْأَخ من الْأَب لأَنهم الْكبر وَهُوَ أقرب إِلَى الْمُعتقَة من بني الْأَخ من الْأَب وَالأُم وَلَو كَانَ مَكَان الْمَرْأَة الَّتِي أعتقت رجل أعتق كَانَ على مَا وصفت لَك وَلَو كَانَ رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْن عَم لِأَبِيهِ وَأمه ثمَّ مَاتَت الْأمة وَتركت ابْنة وعصبتها مواليها كَانَ لأبنتها الصِّنْف

(4/149)


وَلابْن ابْن الْعم للْأَب وَالأُم مَا بَقِي لِأَنَّهُ الْعصبَة وَهُوَ الْكبر وَهُوَ أقرب إِلَى الْمُعْتق فان مَاتَت ابْنة الْأمة وَتركت موَالِي أَبِيهَا فان مِيرَاثهَا لموَالِي أَبِيهَا وَلَيْسَ لموَالِي أمهَا مِيرَاث فان كَانَت أمهَا أعتقت بِعِتْق أمهَا وَهِي حَامِل بهَا فميراثها للَّذي ورث أمهَا وَإِن ولدتها بعد الْعتْق لأكْثر من سِتَّة أشهر وأبوها مولى عتاقة فميراثها لموَالِي الْأَب وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ إِن عَبده الْمُعْتق أعتق أمة ثمَّ مَاتَ العَبْد ثمَّ مَاتَ لِلْعِتْقِ وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاث الْأمة لِابْنِ الْمَيِّت مُعتق العَبْد لصلبه وَلَيْسَ لبني ابْنه مِيرَاث وَلَو كَانَت الْأمة بَينه وَبَين آخر فَأعتق نصِيبه مِنْهَا وَضَمنَهُ الآخر فَأدى إِلَيْهِ الضَّمَان واستسعاها فِيمَا بَقِي وَأَدت إِلَيْهِ ثمَّ مَاتَ العَبْد ثمَّ مَاتَت الْأمة كَانَ الْمِيرَاث على مَا وصفت لَك وَلَو أَن رجلا كَاتب أمة ثمَّ مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ وبنتين وَأَدت إِلَيْهِم الْمُكَاتبَة وقسمنها فِيمَا بَينهم على الْمَوَارِيث ثمَّ مَاتَت الْميتَة وَتركت ابْنا وَمَات ابْن لَهُ وَترك ابْنا وَبَقِي ابْن الْمَيِّت وَابْنَته وَزَوجته وَأمه ثمَّ مَاتَت الْأمة الْمُكَاتبَة كَانَ مِيرَاثهَا لِابْنِ الْمَيِّت لصلبه دونهم جَمِيعًا وَإِن

(4/150)


لم يكن لَهُ ابْن لصلبه كَانَ مِيرَاثهَا لِابْنِ ابْنه دون ابْن الِابْنَة وَدون الِابْنَة وَلَو كَانَ لَهُ ابْنة وَابْن ابْنة أُخْرَى وَابْن ابْن ثمَّ مَاتَت الْأمة كَانَ مِيرَاثهَا لِابْنِ الابْن دونهم جَمِيعًا لأَنهم هم الْعصبَة وَلَو أَن مولى مَاتَ وَترك ابْن ابْن الَّذِي أعْتقهُ وأخا الَّذِي أعْتقهُ لِأَبِيهِ وَأمه كَانَ مِيرَاثه لِابْنِ ابْنه دون أَخِيه وَلَو لم يكن لَهُ ابْن ابْن كَانَ مِيرَاثه لأخي الْمَيِّت وَلَو مَاتَ الابْن وَترك ابْنة وأخا من أمه ثمَّ مَاتَت الْمُعتقَة كَانَ مِيرَاثهَا لأخي الَّذِي أعْتقهَا وَلَيْسَ لولد الأبن ولأخيه من أمه مِيرَاث لِأَن وَلَده بَنَات وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ الابنان وَترك أَحدهمَا ابْنا وَترك الآخر ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة الْمُعتقَة فان مِيرَاثهَا بَينهم أَثلَاثًا لكل وَاحِد ثلث وَلَو كَانَ لأَحَدهم خَمْسَة بَنِينَ وَللْآخر ابْن وَاحِد فان مِيرَاثهَا بَينهم على سِتَّة أسْهم لكل وَاحِد سهم وَلَو مَاتَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة بنُون وَترك كل وَاحِد مِنْهُم ابْنا وَمَات الابْن الْمُنْفَرد وَترك خَمْسَة بَنِينَ ثمَّ مَاتَت الْأمة كَانَ مِيرَاثهَا بَينهم على عشرَة أسْهم لكل وَاحِد مِنْهُم سهم

(4/151)


وَلَو أَن امْرَأَة أعتقت رجلا ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمولى الْمُعْتق فان مِيرَاثه لِابْنِ الْمَرْأَة وَلَو أَن رجلا كَاتب عبدا لَهُ فكاتب الْمكَاتب أمة فأدت الْأمة فأعتقت ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب عَاجِزا أَو أدّى فَعتق ثمَّ مَاتَ الْمولى وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أحد ابنيه وَترك أَخا من أمه ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا لِابْنِ الْمَيِّت وَلَيْسَ لأخي الابْن مِنْهَا مِيرَاث وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا عتق فان مِيرَاثه لِابْنِ الْمَيِّت وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَكَذَلِكَ الرجل يُوصي بِعِتْق عَبده فَيعتق بعد مَوته أَو يُوصي بِأَن تشتري نسمَة فتعتق عَنهُ فَفَعَلُوا ذَلِك وَلَو ترك الْمَيِّت ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك أبنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق النَّسمَة أَو الْمُعْتق الَّذِي أوصى بِعِتْقِهِ أَو الْمُدبر فان مِيرَاثه لِابْنِ الْمَيِّت لصلبه وَلَيْسَ لزوجته وَلَا لأمه وَلَا لبنَاته وَلَا لولد وَلَده مِيرَاث فِي شَيْء من ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

(4/152)


- بَاب الْوَلَاء للنِّسَاء مَا يكون لَهُنَّ وَمَا لَا يكون لَهُنَّ
- مُحَمَّد بن أبي يُوسُف عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن عمر بن الْخطاب وعَلى بن أبي طَالب وعبد الله بن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب وَزيد ابْن ثَابت وابي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَأُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُم أَنهم قَالُوا لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء شَيْء إِلَّا مَا أعتقن مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن أَو أعتق من أعتقن وَحدثنَا مُحَمَّد عَن السرى بن إِسْمَاعِيل عَن الشّعبِيّ عَن شُرَيْح أَنه

(4/153)


قَالَ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن أَو كاتبن وَهَذَا الحَدِيث مُخَالف لحَدِيث الْأَعْمَش عَن شُرَيْح مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة عَن الحكم بن عتيبة عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد أَن ابْنة حَمْزَة أعتقت مَمْلُوكا فَمَاتَ وَترك ابْنة وَابْنَة حَمْزَة فَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنة حَمْزَة النّصْف وَابْنَته النّصْف وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد رَحِمهم الله

(4/154)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن عبد الملك بن أبي سُلَيْمَان عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قَالَ لَيْسَ للنِّسَاء من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقن

(4/156)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن عبيد بن أبي الْجَعْد أَنا ابْنة لِحَمْزَة أعتقت مَمْلُوكا فَمَاتَ وَترك ابْنة فَأعْطيت ابْنَته النّصْف وَابْنَة حَمْزَة النّصْف على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتقت امْرَأَة عبدا أَو أمة ثمَّ مَاتَت الْأمة أَو العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهَا فان الْمِيرَاث كُله للْمَرْأَة الَّتِي أَعتَقته فان كَانَ لَهُ ابْنة فلابنته النّصْف ولمولاته النّصْف وَإِن كَانَت لَهُ ابْنَتَيْن فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ ولمولاته الثُّلُث وَإِن كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك زَوْجَة وَأم فلزوجته الثّمن ولأمه السُّدس وَمَا بَقِي فلمولاته وَهِي الْعصبَة فِي جَمِيع ذَلِك وَهَذَا قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا أعتقت امْرَأَة عبدا ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة وَتركت ابْنا وَابْنَة ثمَّ مَاتَ العَبْد فان مِيرَاث العَبْد لِابْنِ الْمَرْأَة دون ابْنَتهَا لِأَنَّهُ الْعصبَة وَلَيْسَ للابنة مِيرَاث وَلَا وَلَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق الرجل ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك بَنِينَ

(4/157)


وَبَنَات وَزَوْجَة وَأما ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبني الرجل دون جَمِيع الْوَرَثَة وَلَا يَرث النِّسَاء من الْوَلَاء شَيْئا وَكَذَلِكَ امْرَأَة أعتقت عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت زوجا وَأما وبنين وَبَنَات ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان أَبَا حنيفَة قَالَ مِيرَاثه للبنين دون جَمِيع الْوَرَثَة وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي هَذَا كُله وَلَو لم يكن لَهَا بنُون وَكَانَ لَهَا ابْن ابْن وَلها بَنَات وَزوج وَأم ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لِابْنِ الابْن دون جَمِيع الْوَرَثَة وَإِذا أعتقت الْمَرْأَة عبدا على مَال أَو غير مَال أَو كاتبته فَأدى إِلَيْهَا ثمَّ أعتق العَبْد أمة أَو كاتبها فأدت فعتقت ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان ابا حنيفَة قَالَ مِيرَاثه للَّتِي أَعتَقته وَإِن مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا للْمَرْأَة الَّتِي أعتقت العَبْد وَلَو أَن امْرَأَة كاتبت عبدا فكاتب العَبْد أمة فأدت الْأمة فعتقت ثمَّ مَاتَت كَانَ مِيرَاثهَا للْمَرْأَة وَلَا يكون للْمكَاتب وَلَو مَاتَت الْأمة قبل أَن تُؤدِّي وَتركت وَفَاء بالمكاتبة وفضلا فانه يُؤَدِّي إِلَى الْمكَاتب بَقِيَّة

(4/158)


مُكَاتبَته وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا للْمَرْأَة وَلَو أدَّت الْأمة فعتقت ثمَّ أدّى الْمكَاتب بعْدهَا فَعتق ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا للْمَرْأَة دون الْمكَاتب لِأَنَّهَا عتقت قبله وَلَو مَاتَ الْمكَاتب بعْدهَا ورثته الْمَرْأَة وَهَذَا كُله إِذا لم يكن لَهُ وَارِث غَيرهَا وَلَو أَن رجلا أعتق عبدا ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك بَنَات وأخا لِأَبِيهِ وَأمه أَو ابْن عَم لَهُ ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاثه للْأَخ كَانَ أَو ابْن الْعم وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ابْن الْعم مولى ة ولي نعْمَة كَانَ هُوَ الْوَارِث دون الْبَنَات وَكَذَلِكَ لَو كَانَ ولي النِّعْمَة امْرَأَة كَانَ لَهَا الْمِيرَاث دون الْبَنَات وَلَو أَن رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ وَترك بَنِينَ وَبَنَات وأخا أَو ابْن عَم وَمولى نعْمَة ثمَّ مَاتَ البنون ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق لم يكن للبنات من الْمِيرَاث شَيْء وَكَانَ مِيرَاثه لِأَخِيهِ إِن كَانَ أَو ابْن عَم إِن كَانَ أَو مَوْلَاهُ إِن لم يكن أَخ وَلَا ابْن عَم بعد أَن يكون الْمولى هُوَ الَّذِي أعتق الْمُعْتق الأول وَإِذا اشترت امْرَأَتَانِ اباهما فأعتقتاه ثمَّ اشترت إِحْدَاهمَا والاب أخالهما من الْأَب فأعتقاه ثمَّ مَاتَ الْأَب ثمَّ مَاتَ الْأَخ وَلَا وَارِث لَهما

(4/159)


غَيرهم فان مِيرَاث الْأَب لَهُم جَمِيعًا للذّكر مثل حَظّ الانثيين بِالنّسَبِ جَمِيعًا وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ من مِيرَاث الْأَخ بِالنّسَبِ وللتي اشترته مَعَ الْأَب نصف الثُّلُث الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ وَلَهُمَا جَمِيعًا نصف الثُّلُث الْبَاقِي بولاء الْأَب وَلَو أَن امْرَأَة اشترت أَبَاهَا فأعتقته ثمَّ اشترت هِيَ وأبوها أَخا لَهَا لأَبِيهَا فأعتقاه ثمَّ مَاتَ الْأَب وَلَا وراث لَهُ غَيرهمَا فان مِيرَاثه بَينهمَا للذّكر مثل حَظّ الانثيين فان مَاتَ الْأَخ بعد ذَلِك كَانَ لأخته النّصْف بِالنّسَبِ وَكَانَ لَهَا النّصْف الآخ بِالْوَلَاءِ وَلَو كَانَ لأَبِيهَا ابْن مَعهَا كَانَ مِيرَاث الْأَخ بَينهمَا بِالنّسَبِ للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَو كَانَ مَكَان الْأَخ أُخْت لأَب فان لَهما الثُّلثَيْنِ وَمَا بَقِي للمعتقة بولائها وَوَلَاء أَبِيهَا وَإِذا أوصى الرجل بِعِتْق عبد بِعَيْنِه أَو نسمَة تشتري فتعتق فاعتق ذَلِك عَنهُ بعد الْمَوْت وَله ابْنة وَأُخْت قد أحرزوا مِيرَاثه ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاثه لعصبة الْمُعْتق من الرِّجَال وَلَيْسَ لابنته وَأُخْته من

(4/160)


ذَلِك مِيرَاث وَكَذَلِكَ مكَاتب لَهُ أدّى بعد مَوته فَعتق وَكَذَلِكَ زَوْجَة وَأم مَعَ الْأُخْت فانهن لايرثن من الْوَلَاء شَيْئا
- بَاب الْمَرْأَة إِذا أعتقت عبدا يكون مِيرَاثه لعصبتها وَوَلدهَا
- وَإِذا اعتقت الْمَرْأَة عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنهَا وأخاها ثمَّ مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهم فان مِيرَاثه للِابْن وَإِن جنى جِنَايَة فعقله على عَاقِلَة الْأُم لِأَنَّهُ مِنْهُم ويرثه الابْن كَمَا تَرثه الْأُم لَو كَانَت حَيَّة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن على بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام رَضِي الله عَنْهُمَا اخْتَصمَا إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فِي مولى لصفية بنت عبد الْمطلب فَقَالَ على عَمَّتي وَأَنا وَارِث مَوْلَاهَا وأعقل عَنْهَا وَقَالَ الزير أُمِّي وَأَنا وَارِث مَوْلَاهَا فَقضى عمر بن الْخطاب بِالْمِيرَاثِ للزبير وبالعقل على عَليّ بن أبي طَالب وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد

(4/161)


مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ شهِدت على الزبير أَنه ذهب بموالي صَفِيَّة وَشهِدت على جعدة بن هُبَيْرَة أَنه ذهب بموالي أم هَانِيء ولوكان للْمَرْأَة أَخ لأَب وَأم وَأَخ لأَب أَو عَم أَو ابْن عَم وَلها ابْن كَانَ الابْن أولاهم بميراث الْمولى فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن زيد بن ثَابت وَسَعِيد بن الْمسيب مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن امْرَأَة أعتقت عبدا

(4/162)


ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنهَا وأباها ثمَّ مَاتَ العَبْد فَقَالَ إِبْرَاهِيم لأَبِيهَا السُّدس وَمَا بَقِي فلابنها وَكَذَلِكَ قَول ابي يُوسُف وَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ لابنها كُله وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَكَذَلِكَ الْجد أَبُو الْأَب وَكَذَلِكَ ابْن الابْن فَأَما الْبَنَات أَو بَنو الْبَنَات أَو بَنَات الابْن فَلَا مِيرَاث لَهُنَّ فِي شَيْء من ذَلِك وَالْمِيرَاث فِي هَذَا لعصبة الْمَرْأَة إِن كَانَ أَخ لأَب أَو لأَب وَأم أَو ابْن عَم أَو مولى أعتق الْمَرْأَة أَو امْرَأَة أعتقت الْمَرْأَة فَهِيَ أولى بِالْمِيرَاثِ مِمَّن ذكرنَا من الْبَنَات وكذلكم زوج الْمَرْأَة وَأمّهَا وَجدتهَا لَا يَرِثُونَ من مَوْلَاهَا شَيْئا وَلَو أَن امْرَأَة أعتقت أمة ثمَّ مَاتَت الْمَرْأَة وَتركت زوجا وَأما وأختين لأَب وَأم وأختين لأم وأختين لأَب أحرزوا مِيرَاثهَا فان مَاتَت الْأمة الْمُعتقَة لم يكن لأحد من هَؤُلَاءِ من مِيرَاثهَا شَيْء وَلَكِن مِيرَاثهَا لعصبة الْمَرْأَة الْمُعتقَة إِن كَانَ لَهَا أَخ لأَب أَو لأَب وَأم أَو ابْن عَم أَو أَب أون ابْن أَو ابْن ابْن أَو مولى أعْتقهَا أَو جد أَبُو أَب وَأي هَؤُلَاءِ كَانَ فَلهُ الْمِيرَاث فان اجْتَمعُوا جَمِيعًا فَابْن الابْن إولى بِالْمِيرَاثِ

(4/163)


وَكَذَلِكَ لَو أعتقت الْمُعتقَة السُّفْلى عبدا ثمَّ مَاتَت بعد الْعليا ثمَّ مَاتَ العَبْد كَانَ مِيرَاثهَا على مَا وصفت لَك فان كَانَ للوسطى أَخ لأَب أَو عَم أَو أَخ لأَب وَأم أَو لأَب حر فَهُوَ أولى بميراث عَبدهَا الْمُعْتق وَإِن كَانَ من قوم آخَرين فولاؤه لَهُم أَو كَانَ من أنفسهم فَهُوَ أولى كميبراث مَوْلَاهَا من مولاة مولاتها العيا وَإِذا أعتقت الْمَرْأَة عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت ابْنهَا وأخاها ثمَّ مَاتَ ابْنهَا وَترك أَخَاهُ لِأَبِيهِ ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فان مِيرَاث لأخي الْمَرْأَة وَلَا يكون لأخي أبنها من مِيرَاثه شَيْء وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لابنها ابْنة لم تَرث من مِيرَاث الْمولى شَيْئا وَإِذا أعتقت الْمَرْأَة عبدا ثمَّ مَاتَت وَتركت أَخا وابنا من بني أَسد وابنا من بني تَمِيم ثمَّ مَاتَ الْمولى فانه يَرِثهُ ابناها جَمِيعًا قبل الْمولى وَترك أَحدهمَا ابْنَيْنِ وَترك الآخر ثَلَاثَة بَنِينَ ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاثه بَين الْبَين الْخَمْسَة جَمِيعًا

(4/164)


وَلَو مَاتَ البنون الْخَمْسَة وَتركُوا عصبَة وَلم يتْركُوا ولدا ذكرا ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاثه لعصبة الْمَرْأَة أخاها كَانَ أَو غَيره
- بَاب الرجل يعْتق الرجل
- مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مر على عبد فساومه ثمَّ مضى وَلم يشتره فجَاء رجل فَاشْتَرَاهُ ثمَّ أعْتقهُ ثمَّ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أَخُوك ومولاك فان شكرك فَهُوَ خير لَهُ وَشر لَك وَإِن كفرك فَهُوَ خير لَك وَشر لَهُ وَإِن مَاتَ وَلم يتْرك وَارِثا كنت عصبته

(4/165)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن مُحَمَّد بن سَالم عَن عَامر الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يُورث مولى النِّعْمَة إِذا لم يكن لَهُ عمَّة وَلَا خَالَة وَلَا ذُو قرَابَة وَمولى النِّعْمَة عندنَا الْمُعْتق وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ الْمُعْتق أولى بِالْمِيرَاثِ من الْعمة وَالْخَالَة من كل ذِي رحم محرم لَا يَرث وَكَانَ يَأْخُذ بِالْحَدِيثِ الَّذِي حَدثنَا فِي ابْنة حَمْزَة وَهُوَ قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد

(4/166)


حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن أمة سافحت فَولدت غُلَاما فَاشْترى أَخُوهَا الْغُلَام فَأعْتقهُ فَمَاتَ الْغُلَام وَترك سِتَّة ذود فَأمر بهَا عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى إبل الصَّدَقَة فَدخل عَلَيْهِ ابْن مَسْعُود فَقَالَ إِن لم تورثه من قبل الْقَرَابَة فورثه من قبل النِّعْمَة قَالَ وَترى ذَلِك قَالَ نعم فورثه عمر وَإِذا أعتق الرجل عبدا أَو كَاتبه فَأدى فَعتق أَو أعْتقهُ على مَال مُسَمّى أَو على خدمَة مُسَمَّاة أَو فِي يَمِين حنث فِيهَا فَعتق ثمَّ مَاتَ العَبْد وَلَا وراث لَهُ غير الْمُعْتق فان مِيرَاثه لَهُ فان كَانَ للْعَبد ابْنة فلهَا النّصْف وَمَا بَقِي فللمولى وَإِن كَانَ لَهُ ابنتان فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِي فللمولى وَإِن كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك زَوْجَة وَأم فللزوجة الثّمن وَللْأُمّ السُّدس وللابنتين الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِي فللمولى وَإِن كَانَ لَهُ من الْبَنَات أَكثر من بنتين فَهُوَ سَوَاء وَإِن كَانَ لَهُ من النِّسَاء أَربع فَهُوَ سَوَاء وَإِن كَانَت لَهُ أُخْت

(4/167)


لأَب وَأم فان مَا بَقِي لَهَا دون الْمولى وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أُخْتا لأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أُخْتَيْنِ لأَب وَأم كَانَ مَا بَقِي لَهما دون الْمولى وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ أَخ لأَب أَو لأَب وَأم فان مَا بَقِي يكون لَهُ دون الْمولى وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ ابْن أَخ لأَب أَو ابْن أَخ لأَب وَأم أَو ابْن عَم لأَب أَو ابْن عَم لأَب وَأم فان مَا بَقِي من الْمِيرَاث لَهُ دون الْمولي وَكَذَلِكَ الْعم للْأَب أَو لأَب وَأم وَكَذَلِكَ الْجد أَبُو الْأَب وَكَذَلِكَ الْأَب وَالِابْن وكل هَؤُلَاءِ يحجب الْمولى وَكَذَلِكَ ابْن الابْن فانه يحجب الْمولى فَأَما ابْن الِابْنَة فَلَا يحجب الْمولى وَكَذَلِكَ ابْنة الِابْنَة وَكَذَلِكَ الِابْنَة وَكَذَلِكَ الآخت وَحدهَا فانها لَا تحجب الْمولى فان لم يكن لَهُ إِلَّا عمَّة أَو خَالَة أَو ابْنة أَخ أَو ابْنة أُخْت أَو ابْنة ابْنة فان الْمولى أولى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُم فان كَانَت جدة وَمولى فللجدة السُّدس وَمَا بَقِي فللمولى وَالْجدّة من قبل الْأُم وَمن قبل الْأَب سَوَاء وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ مَاتَ العَبْد وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ ابْن العَبْد فانه يَرِثهُ ابْن مَوْلَاهُ إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لمَوْلَاهُ ابْن وَكَانَ لمَوْلَاهُ أَب فانه يَرِثهُ أَبُو الْمولى وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ أَب وَكَانَ للْمولى جد من قبل الْأَب فانه يَرِثهُ وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ جد وَكَانَ لَهُ أَخ لأَب وَأم أَو أَخ

(4/168)


لأَب فانه يَرِثهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ عَم لأَب وَأم أَو لأَب لَا وَارِث لَهُ غَيره فانه يَرِثهُ وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ إِلَّا ابْن الْعم لأَب وَأم أَو من الْأَب وَكَذَلِكَ لَو لم يكن لَهُ قرَابَة من هَؤُلَاءِ وَكَانَ للْمولى مولى هُوَ أعْتقهُ فانه يَرِثهُ إِذا لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَلَو كَانَ رجل أعتق عبدا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَلَا وراث لَهُ لم يَرث العَبْد الْمُعْتق مِنْهُ شَيْئا وَلَو أَن رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك أُخْتا ثمَّ مَاتَت الْأمة وَلَا وَارِث لَهَا لم تَرث الْأُخْت مِنْهَا شَيْئا وَكَانَ مِيرَاثهَا لبيت المَال إِذا لم يكن لَهُ عصبَة مَعْرُوفَة وَلَو أَن رجلا أعتق أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَالْأمة وَلَا يعرف أَيهمَا مَاتَ أول أَو غرقا جَمِيعًا أَو سقط عَلَيْهِمَا بَيت فماتا جَمِيعًا أَو مَاتَا وَلَا يعلم أَيهمَا أول لم يَرث الْمولى من الْأمة شَيْئا وَكَانَ مِيرَاث الْأمة لعصبة الْمولى إِذا لم يكزلها وَارِث وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ إِن الرجل مَاتَ وَترك ابْنا ثمَّ مَاتَ الابْن وَترك أَخا من أمه ثمَّ مَاتَت الْأمة وَلَا وَارِث لَهَا إِلَّا الْعصبَة

(4/169)


فان مِيرَاث الْأمة لعصبة الْمُعْتق وَلَيْسَ لأخ الابْن من الْأُم شَيْء وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَخ للْمُعْتق من أمه لم يَرث شَيْئا وَكَذَلِكَ جد الْمُعْتق من أمه وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ مَاتَ الرجل وَترك ابْنَيْنِ فَتزَوج أَحدهمَا الْأمة ثمَّ مَاتَت الْأمة وَلَا وَارِث لَهَا غَيرهمَا فان لزَوجهَا النّصْف وللابنين جَمِيعًا ابْنا الْمولى النّصْف الْبَاقِي وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ مَاتَ فَتزَوج العَبْد ابْنة الْمُعْتق ثمَّ مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ غير امْرَأَته وَابْن الْمُعْتق فان لامْرَأَته الرّبع وَمَا بَقِي فلابن الْمُعْتق وَلَو أَن رجلا من الْعَرَب تزوج أمة فَولدت لَهُ ابْنا فَأعْتقهُ مَوْلَاهَا ثمَّ مَاتَ الابْن كَانَ أَبوهُ أولى بميراثه من الْمولى وَلَو لم يكن لَهُ أَب وَكَانَ لِأَبِيهِ عصبَة من قومه كَانَ أولى بِالْمِيرَاثِ من الْمولى

(4/170)


وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ أعتق الرجل وَالْعَبْد أمة ثمَّ مَاتُوا جيمعا وَترك العَبْد أَخا لِأَبِيهِ وَترك الْمولى ابْنه ثمَّ مَاتَت الْأمة فان مِيرَاثهَا لِابْنِ الأول نصفه ولأخي العَبْد نصفه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان أخي العَبْد ابْن عَم للْعَبد أَو عَم للْعَبد أَو أَخ للْعَبد لِأَبِيهِ أَو جد للْعَبد من قبل أَبِيه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ للْعَبد ابْن فان لم يكن لَهُ أحد من هَؤُلَاءِ وَكَانَ الْوَارِث ابْن الأول كَانَ الْمِيرَاث كُله لَهُ
- بَاب جر الْوَلَاء وَعتق الْأمة الْحَامِل
- حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ إِذا كَانَت الْحرَّة تَحت الْمَمْلُوك فَولدت عتق الْوَلَد بِعتْقِهَا فاذا أعتق أبوهم جر الْوَلَاء

(4/171)


مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن ابْن حَاطِب أبْصر الزبير بن الْعَوام بِخَير فتية لعسا أعجبه ظرفهم

(4/172)


وأمهم مولاة لرافع بن خديج وأبوهم عبد لبَعض الحرقة من جُهَيْنَة أَو لبَعض أَشْجَع فَاشْترى الزبير أباهم فَأعْتقهُ ثمَّ قَالَ انتسبوا إِلَى وَقَالَ رَافع بن خديج بل هم موَالِي فاختصموا إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَقضى عُثْمَان بالاولاء للزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد

(4/173)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن أَشْعَث بن سوار عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ إِذا أعتق الْجد جر الْوَلَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجر الْجد الْوَلَاء وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَرَأَيْت لَو أعتق أباهم بعد ذَلِك أَكَانَ أبوهم يجر الْوَلَاء أَولا أَرَأَيْت لَو أسلم جدهم وأبوهم كَافِر وهم صغَار فِي حجر أَبِيهِم أيكونون مُسلمين باسلام جدهم فان الْأَب يحجبهم من ذَلِك فالجد من

(4/174)


الْوَلَاء أبعد وَلَو كَانَ إِسْلَام الْجد يكون إسلاما لولد وَلَده كَانَ بَنو آدم مُسلمين كلهم جَمِيعًا وَلَا يسبي صَغِير أبدا لِأَنَّهُ على دين آدم فَهَذَا كُله بَاطِل لَا يجر الْجد الْوَلَاء حَيا كَانَ أبوهم أَو مَيتا وَكَذَلِكَ لَا يكونُونَ مُسلمين باسلام جدهم حَيا كَانَ أَبُو هم أَو مَيتا وَكَذَلِكَ جد الْجد يعْتق فانه لَا يجر الْوَلَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أسلم رجل على يَدي رجل ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ فان أسر أَبوهُ من دَار الْحَرْب فَأعتق جر الْوَلَاء وَكَانَ الابْن مولى لموَالِي الْأَب الَّذين أعتقوه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق رجل أمة فَتَزَوجهَا رجل مُسلم من أهل الأَرْض لَيْسَ بمولي عتاقه فَولدت الْمَرْأَة مِنْهُ ولدا فان الْوَلَد مولى لموَالِي الْأمة لَا تتحول عَنْهُم وَإِن كَانَ أبوهم قد والى رجلا وَأسلم على يَدَيْهِ قبل أَن يُولد هَذَا ثمَّ ولد الْوَلَد بعد ذَلِك فانه مولى لموَالِي الْأُم لِأَنَّهَا مولاة عتاقه والعتاقه أولى من الْمُوَالَاة وهم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه إِن لم يكن لَهُ وَارِث أَرَأَيْت إِن مَاتَ أَبوهُ ثمَّ مَاتَ

(4/175)


الْوَلَد وَترك أمه فان لَهَا من مِيرَاثه الثُّلُث من كَانَ يَرث مَا بَقِي فِي قَول ابي حنيفَة يَرِثهُ موَالِي الْأُم دون موَالِي الْأَب وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أَن هَذِه الْأمة الْمُعتقَة تزوجت رجلا من الْعَرَب فَولدت لَهُ ابْنا كَانَ هَذَا الْوَلَد من الْعَرَب وَلَا يكون مولى لموَالِي الْأُم وَلَا يشبه الْعَرَب فِي هَذَا الْعَجم فِي قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف الْعَجم وَالْعرب فِي هَذَا سَوَاء وينسب إِلَى قوم ابيه إِن كَانَ من الْعَرَب وينسب إِلَى موَالِي أَبِيه إِن كَانَ أسلم على يَدي قوم ووالاهم موَالِي ابيه يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه إِن لم يكن لَهُم وَارِث وَكَيف ينْسب إِلَى قوم أمه وَأَبوهُ حر لَهُ عشيرة وموال أَرَأَيْت امْرَأَة عَرَبِيَّة تزوجت رجلا من الموَالِي فَولدت لَهُ ابْنا أَيكُون ابْنه من الْعَرَب أَو من الموَالِي أينسب إِلَى قوم أمه أَو إِلَى قوم ابيه ينْسب إِلَى عشيرة ابيه إِن كَانَ أَبوهُ مولي عتاقه أَو اسْلَمْ على يَدي رجل ووالاه فانه ينْسب إِلَى قومه وَإِلَى موَالِيه وغن كَانَ موَالِي الْأُم قد عقلوا عَنهُ فَلَا يرجعُونَ على موَالِي الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَبوهُ نبطيا ينْسب إِلَى ابيه وَكَانَ نبطيا مثله فِي قَول ابي يُوسُف عَرَبِيَّة كَانَت أمه أَو مولاة عتاقة

(4/176)


وَفِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد ينْسب فِي الْمُوَالَاة إِلَى قوم أمه وَأما فِي الْعَرَبيَّة فينسب إِلَى قوم أَبِيه لِأَن الْعَرَبيَّة لم يجر عَلَيْهَا نعْمَة عتاقة

(4/177)


وَإِذا أعتق الرجل أمة ثمَّ تزَوجهَا عبد باذن مَوْلَاهُ أَو بِغَيْر إِذْنه نِكَاحا فَاسِدا أَو جَائِزا فَولدت لَهُ ابْنا ثمَّ إِن امْرَأَة اشترت العَبْد فأعتقته فانه يكون مَوْلَاهَا ويكن وَلَده موَالِي لَهَا ويجر ولاءهم وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أعْتقهُ رجل وَلَو أَن أمة تزوجت عبدا فَولدت لَهُ ابْنا ثمَّ إِن مَوْلَاهَا أعتق الْأُم وَابْنهَا ثمَّ إِن مولى الْأَب أعتق الْأَب لم يجر وَلَاء ابْنه لِأَن ابْنه عتق فَلَا يتَحَوَّل وَلَاؤُه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مولى الْأُم أعتق الْأُم وَهِي حَامِل بالغلام ثمَّ وَلدته قَالَ وَلَاؤُه لَا يتَحَوَّل وَلَا يجره عتق العَبْد الْأَب وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أعتق رجل أمة ثمَّ جَاءَت بِولد بعد الْعتْق لأَقل من سِتَّة أشهر ثمَّ إِن رجلا أعتق أَبَا هَذَا الولدلم يجر الْوَلَاء وَكَانَ الْوَلَد مولى للَّذي أعتق أمه لِأَنَّهَا أعتقت وَهِي حُبْلَى بِهِ وَلَو

(4/179)


كَانَت جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر بعد الْعتْق فَصَاعِدا كَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأَب لِأَنَّهَا لم تعْتق وَهِي حَامِل وَالْحَبل حَادث بعد الْعتْق وَلَو ولدت وَلدين فِي بطن وَاحِد أَحدهمَا قبل سِتَّة أشهر بِيَوْم وَالْآخر بعد سِتَّة أشهر بِيَوْم كَانَ الْولدَان موليين لموَالِي الْأُم وَلَو أَن أمة طَلقهَا زَوجهَا ثِنْتَيْنِ أَو مَاتَ عَنْهَا ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهَا وَهِي تدعى الْحَبل ثمَّ ولدت لتَمام سنتَيْن مُنْذُ يَوْم مَاتَ أَو طلق وَالْأَب مولى عتاقة فان وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم لِأَنَّهَا قد بَانَتْ وَهِي حَامِل وَمَات الزَّوْج وَهِي حَامِل وَوَقعت الْعتَاقَة عَلَيْهَا وَهِي حَامِل وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو أَن أمة طَلقهَا زَوجهَا وَهُوَ عبد تطليفة يملك الرّجْعَة ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهَا بعد الطَّلَاق بِيَوْم ثمَّ جَاءَت بِولد لتَمام سنتَيْن من يَوْم طلق ثمَّ إِن مولى الْأَب أعْتقهُ فان وَلَاء الْوَلَد لمولى الْأُم لِأَن عدتهَا قد انْقَضتْ بِهِ وَلَو كَانَ الْحَبل حدث بعد الطَّلَاق كَانَ هَذَا رَجْعَة وَلَو جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن كَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأَب وَكَانَ هَذَا رَجْعَة من الزَّوْج لِأَن الْحَبل حدث بعد الطَّلَاق وَلَو كَانَ أقرَّت بِانْقِضَاء الْعدة ثمَّ جَاءَت بِولد لأَقل من سِتَّة أشهر بعد الْعدة أَو لتَمام سنتَيْن مُنْذُ يَوْم طلق فان وَلَاء الْوَلَد لمولى الْأُم وَلَو كَانَت جَاءَت بِهِ لأكْثر من سنيتن

(4/180)


مُنْذُ طلق ولأقل من سِتَّة أشهر بعد الْعدة كَانَ هَذَا مِنْهُ رَجْعَة وَكَانَ وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأَب وَلَو أَن رجلا مولى عتاقة تزوج أمة وأعتقها مَوْلَاهَا ثمَّ ولدت بعد الْعتْق لسِتَّة أشهر كَانَ وَلَاء الْوَلَد لمولى الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أعتقت بِكِتَابَة أَو تَدْبِير أَو يَمِين أَو على مَال فَهُوَ كُله سَوَاء وَلَو أَن مكَاتبا كَاتب امْرَأَته مُكَاتبَة لغير مَوْلَاهُ ثمَّ أديا جَمِيعًا فعتقا ثمَّ ولدت مِنْهُ ولدا بعد سنة فان هَذَا وَلَاؤُه لموَالِي الْأَب وَكَذَلِكَ كل ولد يثبت نسبه من رجل مولى عتاقة وَمن أمة مولاة عتاقة بِنِكَاح جَائِز أَو فَاسد فان ولاءه لموَالِي الْأَب إِذا جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا بعد الْعتْق فان جَاءَت بِهِ لأَقل من ذَلِك فَهُوَ لموَالِي الْأُم وَإِذا أعتق الرجل أمة وَزوجهَا عبد فحبلت بعد الْعتْق وَولدت فان وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم إِن جنى الْوَلَد جِنَايَة عقلوا عَنهُ فان مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ غير امهِ ومواليه فان لأمه الثُّلُث ولموالي الْأُم مَا بَقِي

(4/181)


وَإِذا أعتق الْوَلَد أمه فولاؤه لموَالِي الْأُم وَإِن اسْلَمْ على يَدَيْهِ رجل من أهل الذِّمَّة ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ وَهُوَ مولى لموَالِي الْأُم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه إِن لم يكن لَهُ وارلاث وَإِن أعتق العَبْد بعد ذَلِك جر وَلَاء هَؤُلَاءِ كلهم حَتَّى يَكُونُوا موَالِي لموَالِي الْأَب إِن كَانَ ابْن الْمُعتقَة حبا أَو مَيتا لَهُ ولد أَو لَيْسَ لَهُ ولد فَهُوَ سَوَاء ويجر الْأَب إِذا أعتق ولاءهم جَمِيعًا وَلَا ترجع عَاقِلَة الْأُم على عَاقِلَة الْأَب بِمَا غرموا من الدِّيَة وَلَو لم يعْتق الْأَب فَأَرَادَ الْمولى الَّذِي أسلم على يَدَيْهِ ابْنه أَن يتَحَوَّل بولائه إِلَى موَالِي الْأَب وَقد عقل عَنهُ موَالِي الْأُم لم يكن لَهُ ذَلِك وَإِذا أعتق الْأَب جر ولاءه ويتحول إِلَى موَالِيه وَإِن كَانَ موَالِي الْأُم قد عقلوا عَنهُ وَلَا يرجعُونَ على موَالِي الْأَب
- بَاب مُوالَاة الرجل الرجل
- مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا أسلم الرجل على يَدي رجل ووالاه فانه يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ وَله أَن يتَحَوَّل عَنهُ إِلَى غَيره إِذا لم يعقل عَنهُ فاذا عقل عَنهُ لم يكن لَهُ أَن يتَحَوَّل عَنهُ إِلَى

(4/182)


غَيره وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اسْلَمْ على يَدَيْهِ وَلم يواله لم يعقل عَنهُ وَلم يَرِثهُ وَهَذَا قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد حَدثنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن مطرف بن طريف عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ لَا وَلَاء إِلَّا لذِي نعْمَة يَعْنِي الْعتاق ولسنا نَأْخُذ بِهَذَا

(4/183)


حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن ابيه عَن مَسْرُوق بن الأجدع أَن رجلا من أهل الأَرْض والى ابْن عَم لَهُ وَأسلم على يَدَيْهِ فَمَاتَ وَترك مَا لَا فَسَأَلَ ابْن مَسْعُود عَن مِيرَاثه فَقَالَ هُوَ لمَوْلَاهُ

(4/184)


مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن لَيْث بن أبي سليم عَن حدير عَن أَشْعَث بن سوار أَنه سَأَلَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن رجل أسلم على يَدَيْهِ ووالاه فَمَاتَ وَترك مَالا فَقَالَ عمر مِيرَاثه لَك فان ابيت فلبيت المَال

(4/185)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن الرّبيع بن أبي صَالح قَالَ حَدثنَا زِيَاد عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من أهل الأَرْض أَتَاهُ يواليه فَأبى على ذَلِك فَأتى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فوالاه

(4/186)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن عبد الْعَزِيز بن عمر عَن عبد الله بن وهب عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَنه قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل يسلم على يَدي الرجل مَا السّنة فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أولى النَّاس بمحياه ومماته وَإِذا أسلم الرجل على يَدي الرجل ثمَّ والى آخر فَهُوَ مَوْلَاهُ إِن مَاتَ

(4/187)


وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ الْمولى الآخر وَإِن جنى عقل عَنهُ قومه وَإِن كَانَ الآخر مثله وَإِلَى رجلامن الْعَرَب فَهُوَ سَوَاء وعقل جِنَايَة الأول على الْقَبِيلَة وميراثه للَّذي وَالَاهُ دون الْعَرَبِيّ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا والى الرجل رجلا وَأسلم على يَدَيْهِ ثمَّ مَاتَ وَترك جدة أَو ابْنة أَو أما أَو أُخْتا لأم أَو أُخْتا لأَب وَأم أَو عمَّة أَو خَالَة أَو ذِي قرَابَة محرم أَو غير محرم من قبل النِّسَاء وَالرِّجَال امْرَأَة كَانَ أَو رجل صَغِير كَانَ أَو كَبِير فانه يحرم مِيرَاثه كُله دون مَوْلَاهُ فَإِن لم يكن أحد من هَؤُلَاءِ كَانَ مِيرَاثه لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَ لَهُ زَوْجَة مَعَ موَالِيه كَانَ لَهَا الرّبع وَمَا بَقِي لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَت امْرَأَة قماتت لَهَا زوج فان لزَوجهَا النّصْف وَمَا بَقِي لمولاها وَلَيْسَ الزَّوْج وَالْمَرْأَة فِي هَذَا بِمَنْزِلَة ذَوي الْقَرَابَة وَهَذَا قَول

(4/191)


أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا أسلم رجل على يَدي رجل وعاقده ووالاه ثمَّ ولد لَهُ ابْن من امْرَأَة أسلمت على يَدي آخر ووالته فان وَلَاء ابْنه لموَالِي الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَت الْمَرْأَة أسلمت ووالت ذَلِك الرجل وَهِي حُبْلَى ثمَّ ولدت فان وَلَاء وَلَدهَا لموَالِي الْأَب وَهَذَا لَا يشبه الْعتَاقَة لِأَن حرَّة لم تملك وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهما أَوْلَاد صغَارًا ولدُوا قبل الْإِسْلَام فَأسلم الرجل على يَدي رجل ووالاه وَأسْلمت الْمَرْأَة على يَدي آخر ووالته أَو فعلت ذَلِك قبل الْأَب فان وَلَاء الْوَلَد لموالى الْأَب فان جنى الْأَب جِنَايَة فعقل عَنهُ الَّذِي وَالَاهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لوَلَده أَن يتَحَوَّل عَنهُ وَإِن كبر بعض الْوَلَد فَأَرَادَ التَّحَوُّل إِلَى غَيره فان كَانَ الْمولى قد عقل عَن أَبِيه لم يكن لَهُ أَن يتَحَوَّل وَإِن كَانَ لم يعقل عَن أَبِيه كَانَ لَهُ أَن يتَحَوَّل وَكَذَلِكَ لَو عقل عَن بعض إخْوَته كَانَ مثل ذَلِك وَإِذا أسلمت امْرَأَة من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل وَلها ولد صَغِير من رجل ذمِّي ووالت الَّذِي أسلمت على يَدَيْهِ فان ولاءها لَهُ وَلَا يكون وَلَاء وَلَدهَا لَهُ فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يشبه الْأُم الْأَب فِي هَذَا الْوَجْه وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْعتَاقَة فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة وولاه الْوَلَد لَهُ

(4/192)


وَإِذا دخل رجل من أهل الْحَرْب بِأَمَان فَأسلم على يَدي رجل آخر ووالاه ثمَّ دخل ابْن الأول فَأسلم على يَدي رجل ووالاه فان وَلَاء كل وَاحِد مِنْهُم للَّذي وَالَاهُ وعقله عَلَيْهِ وَلَا يجر بَعضهم وَلَاء بعض وَلَيْسَ هَذَا كالعتاقة وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ لوكان هَؤُلَاءِ من أهل الذِّمَّة على هَذِه الصّفة كَانَ الْقَضَاء فيهم هَكَذَا فاذا اسْلَمْ رجل من أهل الْحَرْب فِي دَار الْحَرْب على يَدي رجل مُسلم ووالاه هُنَاكَ فَهُوَ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ لَو اسْلَمْ فِي دَار الْحَرْب ووالاه فِي دَار الْإِسْلَام فَكَذَلِك لَو أسلم فِي دَار الْإِسْلَام ووالاه فِيهَا فَهُوَ سَوَاء كُله فان سبي ابْنه فَأعتق فانه مولى للَّذي أعْتقهُ وَلَا بَحر وَلَاء الْأَب فان سبي أَبوهُ فَأعْتقهُ رجل فَهُوَ مَوْلَاهُ ويجر وَلَاء ابْنه الَّذِي أسلم ووالاه وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو كَانَ ابْن ابْن الْمُعْتق لم يعْتق وَلم يسب وَلكنه أسلم على يَدي رجل ووالاه لم يجر جده وَلَاء لِأَن الْجد لَا يجر الْوَلَاء وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدي امْرَأَة من الْمُسلمين ووالاها فانه مَوْلَاهَا يعقل عَنهُ قَومهَا وترثه وَالْمَرْأَة فِي هَذَا كَالرّجلِ

(4/193)


وَلَو والى صَبيا وَأسلم على يَدَيْهِ ثمَّ وَالَاهُ لم يكن مَوْلَاهُ وَلَيْسَ للصَّبِيّ الْمُوَالَاة وَكَذَلِكَ الصبية وَلَو اسْلَمْ على يَدي عبد ووالاه لم يكن مَوْلَاهُ وَلَا مولى مَوْلَاهُ وَلَو أسلم على يَدي الْمكَاتب ووالاه كَانَ جَائِزا وَكَانَ مولى مَوْلَاهُ وَلَو أسلم على يَدي صبي ووالاه بِأَمْر ابيه كَانَ جَائِزا وَكَانَ مَوْلَاهُ وَلَو أسلم على يَدي عبد ووالاه باذن مَوْلَاهُ كَانَ جَائِزا وَكَانَ مولى لمَوْلَاهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة والى رجلا من أهل الْإِسْلَام قبل أَن يسلم ثمَّ اسْلَمْ بعد الْمُوَالَاة على يَدي آخر كَانَ مولى للْأولِ حَتَّى يتَحَوَّل بولائه وَلَو أَن رجلا من نَصَارَى الْعَرَب أسلم على يَدي رجل من غير قبيلته ووالاه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ وَلكنه ينْسب إِلَى عشيرته وَإِلَى أَهله وهم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونه وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة من الْعَرَب نَصْرَانِيَّة تسلم على يَدي رجل وتواليه أَو تسلم على يَدي امْرَأَة وتواليها فانه لَا يكون مولى لَهَا

(4/194)


وَإِذا أسلم رجل من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل من أهل الذِّمَّة ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ فان أسلم الآخر فهما على الْوَلَاء وَله أَن يتَحَوَّل مالم يعقل عَنهُ وَإِذا أسلم رجل من أهل الذِّمَّة وَلم يوال أحدا ثمَّ أسلم آخر على يَدَيْهِ ووالاه فَهُوَ مَوْلَاهُ وَإِذا اسْلَمْ رجل من أهل الذِّمَّة على يَدي رجل من أهل الْحَرْب فانه لَا يكون مَوْلَاهُ فان اسْلَمْ الْحَرْبِيّ بعد ذَلِك لم يكن مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيّ يسلم على يَدي الْحَرْبِيّ الْكَافِر وَإِذا اسْلَمْ الصَّبِي الْمُرَاهق وابوه كَافِر فَأسلم علاى يَدي رجل ووالاه فَهُوَ مُسلم وَلَا يكون مَوْلَاهُ حَتَّى يجدد ذَلِك بعد مَا يَحْتَلِم وَإِذا والى اللَّقِيط وَهُوَ رجل رجلا فَهُوَ جَائِز وَهُوَ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة اللقيطة وَإِذا أسلم رجل وَابْنه على يَدي رجل فانه لَا يكون وَاحِد مِنْهُمَا مَوْلَاهُ فان وَالَاهُ الْأَب فَهُوَ مَوْلَاهُ وَلَا يكون الابْن مَوْلَاهُ إِذا كَانَ كَبِيرا حَتَّى يواليه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الابْن ابْنة وَكَذَلِكَ الأخوان وهما رجلَانِ يسلمان على يَدي رجل فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يوالي من شَاءَ

(4/195)


وَإِذا أسلم رجل على يَدي رجل ووالاه وَله ابْن صَغِير وَآخر كَبِير فان وَلَاء الصَّغِير لموَالِي الْأَب وَلَا يكون وَلَاء الْكَبِير لَهُ وَله أَن يوالي من شَاءَ وَإِذا اسْلَمْ الرجل على يَدي الرجل ووالاه ثمَّ إِن الرجل الْعَرَبِيّ تَبرأ من ولائه قبل أَن يعقل عَنهُ فَذَلِك لَهُ كَمَا إِن للْمولى أَن يبرأ من الْوَلَاء فَكَذَلِك الْعَرَبِيّ وَإِذا أعتق هَذَا الْمولى عبدا قبل أَن يتبرأ الْعَرَبِيّ من ولائه فان عقل العَبْد على عاقله موَالِي مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ من أسلم على يَدي العَبْد ووالاه فان عقله على عَاقِلَة الأول وَكَذَلِكَ لَو ولد للْمولى ولد فَكبر فَأسلم على يَدي رجل ووالاه بعد مَا عقل عَن ابيه فان عقله يكون على عَاقِلَة الْعَرَبِيّ الأول وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَرثهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدي رجل قرشي ووالاه ثمَّ مَاتَ الْقرشِي وَترك بنينَا وبناتا ثمَّ مَاتَ الْمولى وَلَا وَارِث لَهُ فان مِيرَاثه لِابْنِ الْقرشِي لصلبه دون بَنَاته وَكَذَلِكَ ابْن الْمولى وَكَذَلِكَ لَو لم يكن للقرشي ولد ذكر لصلبه وَكَانَ لَهُ بَنو بَنِينَ بَعضهم أقرب فِي الْكبر

(4/196)


إِلَى الْجد من بعض فان الْمِيرَاث للكبر فِي هَذَا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة يسلم على يَديهَا رجل وَالْمَرْأَة تسلم على يَديهَا الْمَرْأَة فَهُوَ سَوَاء فِي ذَلِك وَإِذا أسلم رجل على يَدي رجل من قُرَيْش ووالاه ثمَّ نقض الْمولى الْوَلَاء بِمحضر من الْقرشِي أَو نقضه الْقرشِي بِمحضر من الْمولى فَهُوَ نقض لذَلِك وَلَو كَانَ النَّقْض من أَحدهمَا بِغَيْر محْضر من الآخر لم يجز ذَلِك إِلَّا فِي خصْلَة وَاحِدَة إِن وَالِي الْمولى رجلا وعاقده فَهُوَ نقض وَإِن لم يحضر الْقرشِي لِأَن هَذَا قد وَجب وَلَاؤُه لهَذَا الآخر وَإِذا أسلمت الْمَرْأَة من أهل الذِّمَّة حَامِل على يَدي رجل ووالته ثمَّ ولدت ولدا فَهُوَ مُسلم وَيكون مولى لمواليها فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَت وَلدته قبل الْإِسْلَام عبدا كَانَ أبوهم أَو حرا فان اسْلَمْ أبوهم ووالي رجلا أَو أعتق فان كَانَ عبدا فَأعتق فانه يجر وَلَاء ألولد إِلَيْهِ وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم وَلَا تعقل الْأُم عَلَيْهِم ذَلِك
- بَاب بيع الْوَلَاء
- مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن عبيد الله بن عمر عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَاء لحْمَة كلحمة

(4/197)


النّسَب لَا يُبَاع وَلَا يُوهب وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد

(4/198)


وَقَالَ أَبُو يُوسُف حَدثنِي مُحدث عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَنه كَانَ مولى لميمونة ابْنة الْحَارِث فَوهبت ولاءه لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف لسنا نَأْخُذ بِهَذَا الحَدِيث وَإِذا أعتق الرجل عبدا ثمَّ بَاعَ ولاءه فان البيع بَاطِل لَا يجوز وَالْوَلَاء لمن أعتق وَيرد الثّمن إِن كَانَ قبض وَكَذَلِكَ الْهِبَة فِي ذَلِك وَالصَّدَََقَة والنحلة والعطية وَالْوَصِيَّة فانه لَا يجوز شَيْء من ذَلِك

(4/200)


وَكَذَلِكَ لَو مَاتَ الْمُعْتق فَبَاعَ ورثته الْوَلَاء أَو بَاعَ ذَلِك وَصِيّه فِي دين عَلَيْهِ فان ذَلِك بَاطِل لَا يجوز وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُعْتق امْرَأَة فباعت ذَلِك لم يجز وَلَو بَاعَ الرجل من الْوَرَثَة الْوَلَاء من النِّسَاء مِنْهُم كَانَ ذَلِك بَاطِلا لَا يجوز وَلَو أَن رجلا أسلم على يَدي رجل ووالاه فَبَاعَ ولاءه من رجل لم يجز ذَلِك وَيرد الثّمن إِن كَانَ قبض وَكَذَلِكَ الْهِبَة فِي هَذَا وَالصَّدَََقَة والنحلى والعطية وَلَا يكون هَذَا نقضا للولا وَلَو أَن الْمولى الَّذِي أسلم بَاعَ وَلَاء نَفسه من رجل ووالاه كَانَ البيع بَاطِلا وَكَانَ هَذَا نقضا للولاء الأول وَوَلَاؤُهُ للْآخر وَكَذَلِكَ لَو وهب ولاءه للْآخر كَانَ هَذَا نقضا وَهَذَا من الْمولى نقض وَلَا يكون منن الْعَرَبِيّ نقض لِأَن الْعَرَبِيّ لَيْسَ لَهُ أَن يصرف وَلَاء الموَالِي إِلَى أحد إِلَّا بِمحضر من الْمولى وللمولى أَن يصرف ولاءه إِلَى من شَاءَ

(4/201)


بِغَيْر محْضر من الْعَرَبِيّ وَإِذا بَاعَ الرجل وَلَاء عتاق أَو مُوالَاة لعَبْدِهِ بِعَبْد وَقَبضه ثمَّ اعتقه أَو بَاعه فان بَيْعه وعتقه بَاطِل لَا يجوز وَيرد العَبْد على مَوْلَاهُ وَيكون الْوَلَاء على حَاله
- بَاب الرجل يَشْتَرِي العَبْد على أَن يعتقهُ على أَن الْوَلَاء للْبَائِع أَو يَشْتَرِيهِ بيعا فَاسِدا فيعتقه
- مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ساومت بَرِيرَة فَقَالَت إِنِّي أُرِيد أَن اشتريها فاعتقها فَقَالُوا لَهَا اشترطي أَن الْوَلَاء لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْوَلَاء لمن أعتق فاشترتها فاعتقتها

(4/202)


وَحدثنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن ابيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن بَرِيرَة أتتها تسألها فِي مكاتبتها فَقَالَت لَهَا أشتريك فأعتقك وأوفي ثمنك أهلك فَذكرت ذَلِك لَهُم فَقَالُوا لَا إِلَّا أَن تشترطي أَن الْوَلَاء لنا فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا اشتريها فأعتقيها فان الْوَلَاء لمن أعتق فاشترتها فاعتقتها فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فَقَالَ مَا بَال أَقوام يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله كل شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل كتاب الله هُوَ أَحَق وَشرط الله أوثق مَا بَال أَقوام يَقُول أحدهم أعتق يافلان وَالْوَلَاء لي إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق وَإِذا اشْترى الرجل عبدا على أَن يعتقهُ فَأن ابا حنيفَة قَالَ هَذَا بيع فَاسد وَكَذَلِكَ لَو شَرط فِيهِ الْوَلَاء للْبَائِع فان هَذَا فَاسد وَإِن قَبضه المُشْتَرِي فَأعْتقهُ فان الْوَلَاء لَهُ وَعَلِيهِ الْقيمَة فِي أَشْرَاط الْوَلَاء

(4/204)


- بَاب اشْتِرَاط الْوَلَاء
- مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن مُحدث عَن الزُّهْرِيّ أَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ اشْترى من امْرَأَته الثقفية جَارِيَة وَشرط لَهَا أَنَّهَا لَهَا بِالثّمن الَّذِي اشْتَرَاهَا إِذا اسْتغنى عَنْهَا فَسَأَلَ عمر رَضِي الله عَنهُ عَن ذَلِك فَقَالَ أكره أَن تطأها ولأحد فِيهَا شَرط وَكَانَ حَدِيث عمر أوثق عندنَا وَكَانَ عمر أعلم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ونرى أَن حَدِيث هِشَام هَذَا وهم من هِشَام لِأَنَّهُ لَا يَأْمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بباطل وَلَا يغرر وَلَا يعرف حَدِيث هِشَام وَهُوَ عندنَا شَاذ من الحَدِيث

(4/205)


وَإِذا اشْترى الرجل عبدا بيعا فَاسِدا بِخَمْر أَو خِنْزِير أَو إِلَى الْعَطاء أَو شَرط فِيهِ شرطا يُفْسِدهُ ثمَّ قَبضه وَأعْتقهُ فان عتقه جَائِز وَعَلِيهِ الْقيمَة فان اشْتَرَاهُ بِدَم أَو ميتَة فَقَبضهُ فَأعْتقهُ فعتقه بَاطِل لِأَن هَذَا لَيْسَ بِثمن وَإِن اشْترى بخنزير فَأعْتقهُ قبل أَن يقبض فان عتقه بَاطِل
- بَاب الرجل يعْتق عَن الرجل عبدا
- قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق رجل عبدا باذنه أَو بِغَيْر إِذْنه فالعتق جَائِز وَالْوَلَاء لمن أعتق وَلَا يكون للْمُعْتق عَنهُ وَلَاء وَالْوَالِد وَالْولد وَالْأَخ وَالْأُخْت وَالْعم وَالْخَال فِي ذَلِك سَوَاء وَكَذَلِكَ كل ذِي رحم محرم وَغَيره سَوَاء وَكَذَلِكَ الرجل يعْتق عبدا عَن ابيه وَهُوَ ميت أَو عَن أمه وَهِي ميتَة فان الْوَلَاء لمن أعتق وَلَا يكون للْمُعْتق عَنهُ وَلَاء أَرَأَيْت امْرَأَة حرَّة وَزوجهَا عبد سَأَلت مَوْلَاهُ أَن يعتقهُ عَنْهَا فَأعْتقهُ عَنْهَا هَل يفْسد النِّكَاح فان كَانَت ملكت من رقبته شَيْئا فقد فسد النِّكَاح وَإِن كَانَت لم تملك من رقبته شَيْئا فَمَا وهب لَهَا العَبْد أَو الْوَلَاء فَهَذَا كُله بَاطِل وَلَا يكون الْوَلَاء لَهَا وَلَا يفْسد النِّكَاح وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أَن رجلا قَالَ لرجل أعتق عَبدك على ألف

(4/206)


دِرْهَم أضمنها لَك فَفعل ذَلِك فان الْوَلَاء لمن أعتق وَلَا يكون على الرجل مَال وَإِن كَانَ أدّى المَال رَجَعَ بِهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو أَن امْرَأَة تزوجت رجلا على أَن يعْتق اباها فَفعل فان وَلَاء الْأَب للزَّوْج وللمرأة مهر مثلهَا وَكَذَلِكَ الْخلْع وَقَالَ ابو حنيفَة إِذا قالل رجل لرجل أعتق عني عَبدك بِأَلف فَفعل فَهُوَ حر وَالْمَال لَهُ لَازم وَالْوَلَاء للَّذي أعتق عَنهُ وَإِن كَانَ الَّذِي أعتق عَنهُ امْرَأَة العَبْد فان النِّكَاح فَاسد لِأَنَّهَا قد ملكت الرَّقَبَة وَالْوَلَاء لَهَا وَإِن مَاتَ الزَّوْج وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهَا كَانَ لَهَا الْمِيرَاث بِالْوَلَاءِ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة تزوج الرجل على أَن يعْتق اباها عَنْهَا فان الْوَلَاء لَهَا وَلها مِيرَاثه إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيرهَا نِصْفَيْنِ نصف من قبل أَنه أَبوهَا وَنصف بِالْوَلَاءِ مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن ابيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا حَلَفت لَا تكلم عبد الله بن الزبير فتشفع عَلَيْهَا حَتَّى كَلمته فَأعتق عَنْهَا ابْن الزبير خمسين رَقَبَة فِي كَفَّارَة يَمِينهَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا أعتقت عَن عبد الرَّحْمَن بن ابي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا

(4/207)


عبيدا من تلاده بعد مَوته
- بَاب الشَّهَادَة فِي الْوَلَاء
- وَإِذا مَاتَ الرجل وَترك مَالا وَلَا وَارِث لَهُ فَادّعى رجل أَنه وَارثه بِالْوَلَاءِ فَشهد لَهُ شَاهِدَانِ أَن الْمَيِّت مَوْلَاهُ وَأَنه لَا وَارِث للْمَيت غير هَذَا وَلم يُفَسر الْوَلَاء فان هَذِه الشَّهَادَة لَا تجوز من قبل أَنَّهُمَا لم يسميا ايهما أعتق صَاحبه وَلَا ايهما وَالَاهُ وَكَذَلِكَ لَو شَهدا أَن الْمَيِّت مولى هَذَا مولى عتاقة فان هَذَا لَا يجوز فان شَهدا أَن هَذَا الْحَيّ أعتق هَذَا الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ وَهُوَ وَارثه لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره فَهَذَا جَائِز أَقْْضِي لَهُ بِالْمَالِ وَالْمِيرَاث

(4/208)


وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا رجلَانِ على شَهَادَة رجلَيْنِ وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا رجل ورجلان على شَهَادَة آخر وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا امْرَأَتَانِ ورجلان على شَهَادَة رجل وَكَذَلِكَ لَو شهد على هَذَا رجل ورجلان علتى شَهَادَة امْرَأتَيْنِ فَهَذَا كُله جَائِز وَكَذَلِكَ لَو شهد رجلَانِ أَن هَذَا الْمَيِّت كَانَ مقرا لهاذ بِالْملكِ وَأَن هَذَا أعْتقهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على مَال وَقَبضه مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَو قَالَا كَاتبه على مَال مُسَمّى وَقبض مِنْهُ الْمُكَاتبَة فَهَذَا كُله جَائِز وَإِن لم يشْهدُوا أَنه وَارثه لم يَرث مِنْهُ شَيْئا وَلَو مَاتَ رجل فَادّعى رجل ولاءه فَأَقَامَ شَاهِدين فشهدا أَن أَبَا هَذَا الْمُدَّعِي أعتق أَبَا هَذَا الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ أَو هُوَ مقرّ لَهُ بالعبودية ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَلَا يعلم لَهُ وَارِث غير أَبِيه هَذَا ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق وَترك ابْنه هَذَا وَقد وَلَده من امْرَأَة حرَّة حملت بِهِ وَهِي حرَّة ثمَّ مَاتَ ابْن الْمُعْتق وَلَا تعلم لَهُ وَارِثا غير ابْن هَذَا فان هَذَا جَائِز يقْضِي لَهُ بميراثه وَلَو شهدُوا على هَذِه الشَّهَادَة ثَانِيَة وَقَالُوا لم ندرك ابا هَذَا الْمُعْتق وَلَكنَّا قد علمنَا هَذَا لم تجز شهاتهما على هَذَا حَتَّى يشْهدُوا أَنهم قد أدركوا الرجل وشهدوا عتقه على مَا وصفت لَك

(4/209)


وَلَو مَاتَ رجل وَادّعى رجل مِيرَاثه واقام شَاهِدين أَنه أعتق أمه وَأَنَّهَا وَلدته بعد ذَلِك بِعشر سِنِين من فلَان عبد فلَان وفأن اباه مَاتَ عبدا وَمَاتَتْ أَمنه وَمَات هُوَ وَلَا يعلم لَهُ وَارِث غير مُعتق أمه فان هَذَا جَائِز لَهُ مِيرَاثه فان جَاءَ مولى الْأَب وَأقَام الْبَيِّنَة أَنه أعتق الْأَب قبل أَن يَمُوت وَهُوَ يملكهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لهَذَا الْغُلَام وَارِثا غير هَذَا فانه يقْضِي بميراثه لمولى الْأَب لِأَنَّهُ هُوَ الْمولى وَعتق الْأَب يجر الْوَلَاء وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا وَادعت امْرَأَة أَنه والاها واسلم على يَديهَا وَجَاءَت على ذَلِك بِرَجُل وَامْرَأَتَيْنِ فَشَهِدُوا أَنهم لَا يعلمُونَ أَن لَهُ وَارِثا غَيرهَا فَهُوَ جَائِز وَهِي وارثة وَإِن ادّعى أَخُوهَا أَنه أسلم على يَدي أَبِيهِمَا ووالاه وَأَن اباه قد عقل عَنهُ قبل مَوته ووقتوا فِي الْمُوَالَاة وقتا قبل وَقت الْمَرْأَة فان مِيرَاثه لأَخِيهَا دونهَا لِأَنَّهُ مولى ابيها وَلَا تَرث النِّسَاء من الْوَلَاء شَيْئا وَلَو لم يكن الْأَب عقل عَنهُ وَشهد شُهُوده أَنه وَالَاهُ فِي سنة خمسين وَمِائَة وَشهد شهودها أَنه والاها فِي سنة سِتِّينَ وَمِائَة فان ولاءه لَهَا دون الْأَخ لِأَن الْمولى قد تحول مَوْلَاهُ عَن الْأَب إِلَيْهَا
وَإِذا مَاتَ الرجل فاختصم فِي مِيرَاثه رجلَانِ فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا

(4/210)


الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَلم توقت الْبَيِّنَتَانِ وقتا فانه يقْضِي بميراثه بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن وَقت كل وَاحِدَة من الْبَيِّنَتَيْنِ وقتا فَكَانَ أحد الْوَقْتَيْنِ قبل الآخر فانه يقْضِي بِهِ للْأولِ مِنْهُمَا لِأَن ملك الآخر بَاطِل بعد عتق الأول وَلَو كَانَ هَذَا فِي الْمُوَالَاة بِغَيْر عتاق جعلته للْآخر لِأَن مُوالَاة الْأُخَر تنقض مُوالَاة الأول فان كَانَ الأول قد عقل عَنهُ فانه يقْضِي بِهِ للْأولِ وَلَا يكون للْآخر
وَإِذا مَاتَ رجل فَادّعى رجل مِيرَاثه فَأَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره فقضي لَهُ القَاضِي بميراثه وولائه ثمَّ جَاءَ آخر فَادّعى أَنه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ فانه لَا يقْضِي للْآخر بِشَيْء وَلَا يسمع من بَينته وَإِن شهد شُهُوده أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ لم يقبلل ذَلِك مِنْهُ لِأَن القَاضِي قد قضي فِيهِ وَلَو شهد لَهُ شَاهِدَانِ أَنه اشْتَرَاهُ من الأول قبل أَن يعتقهُ ثمَّ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ أبطلت الْقَضَاء للْأولِ وقضيت بِالْوَلَاءِ وَالْمِيرَاث لهَذَا الآخر
وَذَا مَاتَ رجل فاختصم فِي مِيرَاثه رجل وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ وَبَنُو أَخِيه لِأَبِيهِ فَشهد شَاهِدَانِ أَن جد هَذَا الرجل أعتق جد هَذَا الْمَيِّت

(4/211)


وَهُوَ يملكهُ وَأَن جد هَذَا الْمَيِّت الْمُعْتق مَاتَ وَترك أَبَا هَذَا الْمَيِّت وابنا لَهُ آخر ثمَّ مَاتَ الابنان جَمِيعًا وتركا هَذَا الْمَيِّت ثمَّ مَاتَ هَذَا الْمَيِّت وَمَات الْجد الْمُعْتق وَترك ابْنا وَزَوْجَة وَابْنَة ثمَّ مَاتَ ابْنه وَترك هَذَا الابْن وَهَذِه الِابْنَة وابا هَؤُلَاءِ الآخرين بني أَخِيه ثمَّ مَاتَ أَبُو هَؤُلَاءِ وَترك ابْنَته لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيرهم فان الْمِيرَاث لِابْنِ الابْن دون ابْنة الابْن وَدون بني الْأَخ وَدون عمته إِن كَانَت حَيَّة ودجون امْرَأَة جده وَإِن كَانَت حَيَّة وَإِن لم يدركوا ذَلِك فَشَهِدُوا على شَهَادَة شَاهِدين أدْركَا ذَلِك فشهدا بِهِ فَهُوَ جَائِز والموالاة بِغَيْر عتاق إِذا كَانَت هَكَذَا وعَلى هَذَا الْمَوَارِيث المناسخة فَهُوَ مثل ذَلِك
وَإِذا مَاتَ رجل وَادّعى ابْن ابْن رجل وَعَمَّته وَبَنُو أَخِيه مِيرَاثه فَشهد شَاهِدَانِ على شَهَادَة شَاهِدين أَن ابا هَذِه الْعمة أعتق فلَانا وَهُوَ يملكهُ وَأَن فلَانا أعتق هَذَا الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ فَمَاتَ فلَان وَلَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غير ابْن الابْن وَابْن أَخِيه والعمة ابْنة الْمُعْتق الأول فان مِيرَاثه لِابْنِ الابْن دون عمته وَدون بني أَخِيه

(4/212)


وَإِذا مَاتَ رجل فَادّعى رجل أَن أَبَاهُ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه لَا وَارِث لِأَبِيهِ وَلَا لهَذَا الْمَيِّت غَيره وَجَاء بِابْني أَخِيه فشهدا على ذَلِك فان شَهَادَتهمَا لَا تجوز لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لجدهما وَكَذَلِكَ بَنَات الْمُعْتق إِن شهدن لم تجز شَهَادَتهنَّ لِأَنَّهُنَّ يشهدن لأبيهن وَكَذَلِكَ نسَاء الْمُعْتق وَأمه وَكَذَلِكَ امْرَأَة أَبِيه وَبَنُو ابْنه وَبَنَات ابْنه وَكَذَلِكَ هَذِه الشَّهَادَة فِي الْمُوَالَاة دون الْعتَاقَة وَلَو كَانَ العَبْد حَيا يدعى الْعتاق من الْمَيِّت فَشهد ابْنا الْمَيِّت أَو بَنو ابْنه أَو ابْن ابْن أَو ابنتا ابْن ابْن على عتاق الْمَيِّت جَازَ ذَلِك وَإِن مَاتَ الْمُعْتق بعد ذَلِك وَرثهُ الرِّجَال من ولد الْمَيِّت
وَإِذا كَانَ الرجل حرا وَهُوَ مولى فَادّعى رجلَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا يُقيم الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَلم تقم الْبَيِّنَة على الأول مِنْهُمَا وَلم يوقتوا وقتا يعرف الأول من الآخر وَالْمولى ينكرهما جَمِيعًا أَو يقر لَهما جَمِيعًا فَهُوَ سَوَاء وَيَقْضِي بِالْوَلَاءِ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَلَو أَقَامَ الْبَيِّنَة أَحدهمَا أَن أَبَاهُ هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَأَنه لَا وَارِث لِأَبِيهِ غَيره فَهُوَ سَوَاء مثل الأول وَلَو أَقَامَ أَحدهمَا الْبَيِّنَة على مَا ذكرنَا من الْعتاق وَأقَام الآخر الْبَيِّنَة أَن هَذَا العَبْد حر الأَصْل

(4/213)


من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدَيْهِ ووالاه وَالْعَبْد يدعى أَنه حر الأَصْل فانه يقْضِي بِهِ للَّذي وَالَاهُ دون الَّذِي أعْتقهُ وَلَو كَانَ العَبْد مَيتا لَهُ مِيرَاث للَّذي أَقَامَ الْبَيِّنَة أَنه حر الأَصْل إِذا شهدُوا أَنهم لَا يعلمُونَ لَهُ وَارِثا غَيره وَلَا أجعله مَمْلُوكا وَقد شهدُوا أَنه حر الأَصْل وَلَو كَانَ العَبْد حَيا فَادّعى أَنه مولى عتاقة للَّذي أعْتقهُ أخذت بِبَيِّنَة الْعتَاقَة وأبطلت الْبَيِّنَة الْأُخْرَى وَكَانَ هَذَا من العَبْد نقضا للموالاة لَو كَانَ وَالَاهُ إِلَّا أَن يكون عقل عَنهُ صَاحبه بِبَيِّنَة حريَّة الأَصْل فان كَانَ عقل فَهُوَ أولى
وَإِذا مَاتَ رجل من الموَالِي وَترك بَنِينَ وَبَنَات فَادّعى رجل من الْعَرَب أَن أَبَاهُ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد ابْنا الْمَيِّت على ذَلِك وَادّعى رجل من الْعَرَب آخر أَن أَبَاهُ أعْتقهُ فأقرت ابْنة الْمَيِّت بذلك فان الْإِقْرَار بَاطِل وَالشَّهَادَة جَائِزَة وَيكون مولى لصَاحب الشَّهَادَة وَلَو شهد للْآخر ابْن لَهُ وابنتان وَلم يوقتوا وقتا فان الْوَلَاء يكون بَينهمَا نِصْفَيْنِ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد قَامَت لَهُ بَيِّنَة وَشَهَادَة ولد الْمولى فِي هَذَا جَائِزَة
وَلَو لم تكن الْمَسْأَلَة على هَذَا الْوَجْه وَجَاء رجل من الموَالِي يدعى على رجل من الْعَرَب أَنه مَوْلَاهُ وَأَن أَبَاهُ أعتق اباه وَجَاء بأخويه لِأَبِيهِ يَشْهَدَانِ بذلك والعربي يُنكر ذَلِك فان شَهَادَة الِابْنَيْنِ لَا تجوز لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ لأبيهما بِالْوَلَاءِ إِذا أنكر ذَلِك الْعَرَبِيّ وَإِن ادّعى ذَلِك

(4/214)


الْعَرَبِيّ جَازَت الشَّهَادَة
وَإِذا كَانَ رجل من الموَالِي مَعَه ابْن لَهُ قد أدْرك فَادّعى رجل من الْعَرَب أَنه مولى الْأَب وَأَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَالْأَب يُنكر ذَلِك وَادّعى رجل آخر من الْعَرَب أَنه أعتق الابْن وَهُوَ يملكهُ وَالِابْن يُنكر ذَلِك واقام كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة على مَا ادّعى فانه يقْضِي لكل وَاحِد مِنْهُمَا بِالَّذِي قَامَت لَهُ الْبَيِّنَة عَلَيْهِ وَلَو جحد العربيان ذَلِك وَادّعى الموليان ذَلِك وَأَقَامَا الْبَيِّنَة على ذَلِك لزمهما الْوَلَاء وَجَاز ذَلِك وَلَو كَانَ فِي يَدي رجل عبد فَأَقَامَ العَبْد الْبَيِّنَة أَن مَوْلَاهُ أعْتقهُ وَالْمولى يُنكر ذَلِك وَيَقُول شهدُوا بزور وَقد زكيت الْبَيِّنَة فان الشَّهَادَة جَائِزَة وَالْعتاق مَاض وَهُوَ مولى لَهُ وَكَذَلِكَ لَو شهدُوا أَنه أعْتقهُ على مَال أمضيت ذَلِك عَلَيْهِ وقضيت عَلَيْهِ بِالْمَالِ وألزمته ولاءه وَكَذَلِكَ لَو شهدُوا أَنه كَاتبه على مَال واستوفاه أمضيت ذَلِك عَلَيْهِ وألزمته ولاءه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى وَهُوَ يدعى ذَلِك وَالْعَبْد الْمُعْتق يُنكر وَيَقُول أَنا مولى للْآخر أَو يَقُول أَنا رجل من أهل الأَرْض اسلمت فان الْوَلَاء يلْزمه وَيجوز عَلَيْهِ

(4/215)


وَإِذا ادّعى رجل من الْعَرَب وَلَاء رجل وَأنكر الْمولى ذَلِك فَشهد شَاهِدَانِ فَشهد أَحدهمَا أَن الْعَرَبِيّ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد الآخر أَن أَبَاهُ أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ فان شَهَادَتهمَا قد اخْتلفت وَلَا تجوز وَلَو شَهدا جَمِيعًا أَنه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَاخْتلفَا فِي الْيَوْم أَو فِي الشَّهْر أَو فِي الْبَلَد أجزت ذَلِك وقضيت لَهُ بِالْوَلَاءِ وَلَا يضر الشَّهَادَة اخْتِلَاف الْأَيَّام والبلدان لِأَن الْعتاق كَلَام لَا يُفْسِدهُ اخْتِلَاف الْأَيَّام والبلدان قد يعتقهُ الْيَوْم وَقد يعتقهُ غَدا وَيشْهد عَلَيْهِ الْيَوْم وَيشْهد عَلَيْهِ غَدا فَيشْهد عَلَيْهِ فِي ذَلِك مرَّتَيْنِ وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا وَادّعى رجل من الْعَرَب أَن أُخْته فُلَانَة ابْنة فلَان أعتقت هَذَا الْمَيِّت وَهِي تملكه ثمَّ مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا غير هَذَا الْأَخ وَادّعى آخر أَن هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي أعتقت هَذَا العَبْد أَنَّهَا أمه وَأَنه لَا وَارِث لَهَا وَلَا لهَذَا العَبْد غَيره فَانِي اقضي بميراث العَبْد للِابْن دون الْأَخ
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الابْن ابا قضيت بِالْمِيرَاثِ للْأَب وَلَو كَانَ مَكَان الْأَب ابْن قضيت بِالْمِيرَاثِ للِابْن فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَلَو كَانَ

(4/216)


مَكَان الابْن وَالْأَب جد أَبُو الْأَب وَالْأَخ على حَاله فان الْجد يَرث الْوَلَاء فِي قَول أبي حنيفَة على قِيَاس قَول أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَأما على قَول من يُورث الْجد وَالْأَخ جَمِيعًا فان مِيرَاث الْمولى بَينهمَا وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا وَادّعى رجل مِيرَاثه وَأقَام شَاهِدين أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأقَام شَاهدا آخر أَنه كَاتبه على ألف واستوفي الْمُكَاتبَة وَهُوَ يملكهُ وَأَنه لَا يعلم لَهُ وَارِثا غَيره فان الشَّهَادَة قد اخْتلفت وَلَا تجوز وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا على عتاقه بِمَال وَالْآخر على عتاقه بِغَيْر مَال وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه أعْتقهُ بِيَمِين إِن دخل هَذِه الدَّار فَدَخلَهَا وَشهد الآخر أَنه أعْتقهُ وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه اعتقه بِيَمِين أَن كلم فلَانا وَأَنه كَلمه وَشهد الآخر أَنه أعْتقهُ إِن دخل الدَّار وَأَنه قد دَخلهَا فان لَك بَاطِل لَا يجوز لِأَن الشَّهَادَة على الْعتْق قد اخْتلفت وَلَو ادّعى أَن اباه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَلَا وَارِث لَهُ غَيره واقام شَاهدا أَن أَبَاهُ أعْتقهُ عَن دبر وَهُوَ يملكهُ ثمَّ مَاتَ الْأَب وَشهد آخر

(4/217)


أَنه أعْتقهُ فِي مَرضه الْبَتَّةَ فان الشَّهَادَة قد اخْتلفت وَلَا تجوز وَكَذَلِكَ لَو شَهدا أَنه أعْتقهُ فِي صِحَّته ثمَّ مَاتَ فان هَذِه الشَّهَادَة قد اخْتلفت فَلَا تجوز وَكَذَلِكَ لَو شهد أَحدهمَا أَنه أوصى أَن يعْتق عَنهُ بعد مَوته وَأَنه مَاتَ فَأعْتقهُ وَصِيّه فلَان وَشهد الآخر أَنه أعْتقهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَو شهد أَنه دبره فَهُوَ سَوَاء وَلَا تجوز الشَّهَادَة لِأَنَّهَا قد اخْتلفت وَلَو مَاتَ رجل فَأخذ رجل مَاله وَادّعى أَنه وَارثه وَالْمَال فِي يَدَيْهِ فَانِي لَا آخذه مِنْهُ وَلَو خاصمه فِيهِ إِنْسَان سَأَلته الْبَيِّنَة
فان ادّعى رجل أَنه أعتق الْمَيِّت وَأَنه يملكهُ وَأَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأقَام الَّذِي فِي يَدَيْهِ المَال الْبَيِّنَة على مثل ذَلِك فَأَنِّي أَقْْضِي بِالْمِيرَاثِ بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَأَجْعَل الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ المَال فِي أَيْدِيهِمَا أَو فِي يَد غَيرهمَا
- بَاب الشَّهَادَة فِي الْوَلَاء فِي أهل الذِّمَّة وَالْإِسْلَام
-
وَإِذا مَاتَ رجل وَترك مَالا فَادّعى رجل من الْمُسلمين أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه مَاتَ وَهُوَ مُسلم وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَادّعى رجل من أهل الذِّمَّة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَأَنه مَاتَ كَافِرًا وَلَا وَارِث لَهُ

(4/218)


غَيره وَأقَام كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة من الْمُسلمين على ذَلِك فان للْمُسلمِ نصف اليمراث وَنصف الْمِيرَاث لأَقْرَب النَّاس من الْكَافِر الْمولى من الْمُسلمين وَإِن لم يكن لَهُ قرَابَة جعلته لبيت المَال وَإِذا كَانَ الشُّهُود على ذَلِك نَصَارَى جَمِيعًا لم أجز شَهَادَة النَّصَارَى على الْمولى الْمُسلم وأجزت شُهُود الْمُسلم على خَصمه النَّصْرَانِي وَلَا أُجِيز على الْمَيِّت الْمُسلم شُهُودًا من النَّصَارَى
وَإِذا اخْتصم رجل من أهل الذِّمَّة وَرجل من الْعَرَب مُسلم فِي وَلَاء رجل مُسلم قَائِم بِعَيْنِه فَأَقَامَ الْمُسلم بَيِّنَة من الْمُسلمين أَنه أعْتقهُ فِي رَمَضَان سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَة وَهُوَ يملكهُ وَأقَام الذِّمِّيّ بَيِّنَة من الْمُسلمين أَنه أعْتقهُ فِي رَمَضَان سنة خمس وَخمسين وَمِائَة وَهُوَ يملكهُ وَالْعَبْد الْمُعْتق مُسلم يُنكر ذَلِك فانه يقْضِي بولائه للْأولِ وَلَا يكون للْآخر ملك مَعَ عتق الأول وَلَو كَانَت بَيِّنَة الذِّمِّيّ هم الَّذين وقتوا الْوَقْت الأول قضيت بولائه للذِّمِّيّ وَلَو كَانَت بَيِّنَة الذِّمِّيّ من أهل الْكفْر وَالْعَبْد الْمُعْتق كَافِر وَالذِّمِّيّ هُوَ الْمُعْتق الأول قضيت بِالْوَلَاءِ للْمُسلمِ لِأَنَّهُ لَا يجوز على الْمُسلم شَهَادَة أهل الْكفْر

(4/219)


وَإِذا كَانَ عبد فِي يَدي رجل من أهل الذِّمَّة فَأعْتقهُ فَادّعى رجل مُسلم أَنه عَبده وَأقَام على ذَلِك بَيِّنَة وَلم يكن للذِّمِّيّ بَيِّنَة على ملكه وَشهد شُهُوده على عتقه فانه يقْضِي بِهِ للْمُسلمِ عبدا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الذِّمِّيّ رجلا مُسلما وَلَو شهدُوا للذِّمِّيّ شُهُود مُسلمُونَ أَنه أعتق العَبْد وَهُوَ يملكهُ وَشهد للْمُسلمِ شُهُود مُسلمُونَ أَنه عَبده قضيت بِالْعِتْقِ وَجعلت الْوَلَاء للذِّمِّيّ وَلَا أرد الْعتاق وَلَا أجعله عبدا بعد الْعتْق أَرَأَيْت لَو كَانَت أمة أَكنت أردهَا رَقِيقا فَيحل فرجهَا بعد الْعتْق وَلَو كَانَ شُهُود الذِّمِّيّ قوما من أهل الذِّمَّة وشهود الْمُسلم مُسلمين أبطلت الْعتْق وقضيت بِهِ عبدا للْمُسلمِ لِأَنِّي لَا أُجِيز شَهَادَة أهل الْكفْر على أهل الْإِسْلَام وَلَو كَانَ العَبْد فِي هَذِه الْحَالة مسملما أَو كَافِر فَهُوَ سَوَاء
وَإِن كَانَ شُهُود الْمُسلم من أهل الذِّمَّة وَالْعَبْد مُسلم وشهود الذِّمِّيّ من أهل الذِّمَّة فَانِي انفذ الْعتاق للْعَبد وأجعله حرا وَلَا أَقْْضِي بِأَنَّهُ عبد بِشَهَادَة أهل الْكفْر لِأَنَّهُ مُسلم وَلَو كَانَ عبد كَافِر مَوْلَاهُ كَافِر ادّعى على مَوْلَاهُ الْعتْق وَأقَام

(4/220)


شُهُودًا من أهل الْكفْر على عتقه قضيت بِعِتْقِهِ وأمضيته وَجعلت الْوَلَاء للْكَافِرِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد مُسلما فان كَانَ العَبْد كَافِرًا وَالْمولى مُسلم لم أقبل شَهَادَة أهل الْكفْر على الْمُسلم وَإِن كَانَ إِنَّمَا أسلم بعد شَهَادَتهم قبل أَن أَقْْضِي بهَا فَهُوَ كَذَلِك وَإِن كَانَ الشُّهُود شهدُوا للْمولى على العَبْد أَنه أعْتقهُ على ألف دِرْهَم وَالْعَبْد مُسلم وَالْمولى كَافِر وَالْعَبْد يُنكر المَال فانه يعْتق وَلَا يلْزمه المَال وَكَذَلِكَ لَو كَانَ العَبْد كَافِرًا فَأسلم قبل أَن تنفذ الشَّهَادَة
وَلَو كَانَ العَبْد هُوَ الَّذِي يدعى الْعتْق فَشهد شَاهِدَانِ من أهل الْكفْر على مَوْلَاهُ أَنه أعْتقهُ ومولاه كَافِر كَانَ كَانَ ذَلِك جَائِزا وَلَو كَانَت أمة فِي يَدي رجل مُسلم أَو كَافِر قد ولدت مِنْهُ أَو دبرهَا فادعاها رجل وَأقَام بَيِّنَة مُسلمين أَنَّهَا لَهُ وَالْمُدَّعى مُسلم وَأقَام الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيِّنَة أَنَّهَا لَهُ ولدت مِنْهُ أَو أَنَّهَا لَهُ دبرهَا وَهُوَ يملكهَا فان كَانَ شُهُوده من أهل الْكفْر لم أقبلهم على مُسلم وقضيت بالأمة وَبِوَلَدِهَا للْمُدَّعى وَإِن كَانَ شُهُوده من أهل الْإِسْلَام جَعلتهَا أم ولد للَّذي هِيَ فِي يَدَيْهِ إِن كَانُوا شهدُوا بذلك وَلَا أردهَا فِي الرّقّ بعد الَّذِي دَخلهَا من الْعتْق لِأَنَّهَا هِيَ الْخصم فِي هَذَا وَلَو كَانَ شهودها على هَذَا من أهل الْكفْر ومولاها كَافِر وَهِي مسلمة وشهود الْمُدعى من أهل الْكفْر وَالْمُدَّعِي

(4/221)


مُسلم أَو كَافِر قضيت بهَا أم ولد أَو مُدبرَة للذِّمِّيّ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ كَمَا شهد هَؤُلَاءِ وَلَا أُجِيز شَهَادَة شُهُود الْمُدَّعِي عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مسلمة وهم كفار
وَإِذا كَانَت أمة ادَّعَت عتقا فَادّعى رجل أَنَّهَا أمته وأقامت هِيَ بَيِّنَة أَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ أعْتقهَا وَهُوَ يملكهَا قضيت بِأَنَّهَا حرَّة وَلَا أردهَا رَقِيقا تُوطأ بعد الْعتْق أَرَأَيْت لَو أَقَامَت بَيِّنَة أَنَّهَا حرَّة الأَصْل أَكنت أردهَا فِي الرّقّ فَكَذَلِك إِذا شهدُوا أَنه قد أعْتقهَا من يملكهَا أَرَأَيْت لَو شهدُوا أَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ أعتق أم هَذِه وَهِي فُلَانَة ثمَّ ولدتها أمهَا وَهِي حرَّة ثمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة على أَنَّهَا أمته أَكنت أَقْْضِي بِأَنَّهَا أمة وأردها فِي الرّقّ وَقد قَامَت الْبَيِّنَة أَنَّهَا حرَّة الأَصْل أَرَأَيْت لَو قَامَت الْبَيِّنَة أَن لَهَا ثَلَاثَة آبَاء أَحْرَار وَثَلَاث أُمَّهَات بَعضهنَّ فَوق بعض أَحْرَار وَأَن فلَان بن فلَان الْفُلَانِيّ أعتق أَبَوَيْهَا الْأَوَّلين فَهُوَ يملكهَا أَكنت أردهَا رَقِيقا وَأهل الذِّمَّة وَأهل الْإِسْلَام فِي ذَلِك سَوَاء
وَلَو كَانَت فِي يَدي رجل من أهل الأَرْض أمة قد ولدت لَهُ أَوْلَادًا فادعي رجل أَنَّهَا أمته وَأَن هَذَا الذِّمِّيّ قد غصبهَا إِيَّاه وَأقَام على

(4/222)


ذَلِك بَيِّنَة وَأقَام الذِّمِّيّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَة أَنَّهَا أمته ولدت هَؤُلَاءِ مِنْهُ وَفِي ملكه فَانِي أَقْْضِي بهَا وَبِوَلَدِهَا للمدجي وَلَا أجعلها أم ولد وَكَذَلِكَ لَو لم تقم بَيِّنَة على الْغَصْب وَلَكِن اقام الْبَيِّنَة أَنَّهَا أمته ولدت فِي ملكه وَأقَام الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَة أنهالا أمته ولدت هَؤُلَاءِ الْأَوْلَاد مِنْهُ فَانِي أَقْْضِي بهَا لصَاحب الْأَوْلَاد الَّتِي ولدت أَوْلَادهَا عِنْده وَكَذَلِكَ الرجل يعْتق عبدا فَادّعى آخر أَنه عَبده ولد فِي ملكه من أمته فُلَانَة واقام الْمُعْتق الْبَيِّنَة أَنه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ فانه يقْضِي بِهِ لصَاحب الْعتْق وَلَو لم يشْهدُوا على الْولادَة وَلَكِن شهدُوا أَنه عَبده استودعه هَذَا الْمُعْتق أَو رَهنه إِيَّاه أَو أَعَارَهُ إِيَّاه أَو غصبه الْمُعْتق فَانِي أَقْْضِي بِهِ عبدا للْمُدَّعِي فِي ذَلِك وأبطل الْعتْق وَلَو شهد شُهُود الْمُعْتق أَنه عبد للْمُعْتق ولد فِي ملكه وَأعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد شُهُود الْمُعْتق أَنه عبد للْمُعْتق ولد فِي ملكه وَأعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وَشهد شُهُود الْمُدَّعِي أَنه عَبده ولد فِي ملكه فَانِي أَقْْضِي بالعتاق وأنفذه لِأَن الدَّعْوَى قد اسْتَوَت وَالْعتاق فضل وَالْعَبْد هُوَ الْخصم هَهُنَا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الْولادَة إِجَارَة أَو عَارِية أَو غصب فَشهد هَؤُلَاءِ على الْملك وَالْعِتْق وَأَن هَذَا الآخر غَاصِب وَشهد هَؤُلَاءِ على الْملك وَأَن هَذَا غَاصِب فَانِي أُجِيز الْعتْق على هَذَا وأقضي بِهِ أهل الْإِسْلَام وَأهل الذِّمَّة فِي هَذَا سَوَاء

(4/223)


- بَاب وَلَاء الْمكَاتب
-
وَإِذا أعتق الْمكَاتب عبدا فان ابا حنيفَة قَالَ عتقه بَاطِل لَا يجوز وَكَذَلِكَ لَو أعْتقهُ على مَال فان عتقه بَاطِل لَا يجوز وَإِن كَاتب الْمكَاتب عبدا فَهُوَ جَائِز فان أدّى عتق وَكَانَ وَلَاؤُه لمَوْلَاهُ لِأَنَّهُ مكَاتب يجوز مُكَاتبَته وَلَا يجوز عتاقه وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فان أدّى الْمكَاتب الأول الْمُكَاتبَة فَعتق ثمَّ أدّى الآخر فان وَلَاء الآخر للْمكَاتب الأول لِأَن الأول عتق قبله وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمكَاتب الأول امْرَأَة أَو صَبيا بعد أَن يكون يتَكَلَّم وَيعْقل فان مَاتَ الْمكَاتب الأول وَترك بَنِينَ وَبَنَات ولدُوا فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ سعوا فِيمَا على أَبِيهِم فان أدّى الْمكَاتب إِلَيْهِم الْمُكَاتبَة فَعتق قبل أَن يعتقوا فان ولاءه لمَوْلَاهُ فان عتقوا هم قبله ثمَّ أدّى هُوَ فَعتق فان ولاءه لمَوْلَاهُ فان عتقوا هم قبله ثمَّ أدّى هُوَ فَعتق فان ولاءه لبنى الْمكَاتب دون الْبَنَات وَلَو لم يؤد

(4/224)


وَاحِد مِنْهُم ولكنهما أحالوا الْمولى على الْمكَاتب الآخر بالمكاتبة الَّتِي لَهُ عَلَيْهِم على أَن ابراهيم مِنْهَا فقد عتقوا فان أدّى إِلَيْهِ الْمكَاتب الآخر فَعتق فان ولاءه للذكور من بني الْمكَاتب دون الْإِنَاث وَلَو لم يحيلوا عَلَيْهِ وَلَكِن ضمن الْمكَاتب الآخر الْمُكَاتبَة للْمولى برضى وَرَثَة الْمكَاتب الأول ثمَّ أدّى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة ومكاتبة الأول مثل مُكَاتبَة الآخر فانهما قد عتقا جَمِيعًا وَوَلَاء الآخر للْمولى لِأَن الأول لم يعْتق قبل الآخر فَلَا يكون الْوَلَاء لَهُ حَتَّى يعْتق قبل الآخر وَلَو أَن مكَاتبا كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم ومكاتبة الأول خَمْسمِائَة ثمَّ إِن الْمولى قتل الآخر وَقِيمَته ألف وَقد حلت نُجُوم الآخر وَالْأول فان على الْمولى قيمَة الآخر يرفع عَنهُ من ذَلِك خَمْسمِائَة مُكَاتبَة الأول وَخَمْسمِائة مِيرَاث لأَقْرَب اغلناس من الْمولى إِن لم يكن وَارِث غَيره وَلَا يكون للْمكَاتب الأول من مِيرَاثه شَيْء وَوَلَاء الآخر للْمولى لِأَن الأول لم يعْتق قبل الآخر وَإِنَّمَا حرمنا الْمولى الْمِيرَاث لِأَنَّهُ قَاتل

(4/225)


وَإِذا كَاتب الْمكَاتب أمة ثمَّ مَاتَ الْمولى الأول وَترك بَنِينَ وَبَنَات ثمَّ أدَّت الْأمة الْمُكَاتبَة فعتقت فان ولاءها لبني الْمولى دون بَنَاته فان أدّى الْمكَاتب الأول أَيْضا فَعتق فان ولاءه لبني الأول دون بَنَاته وَلَو أَن الأول كَانَ أدّى قبل ثمَّ أدّى الآخر وَترك بَنِينَ وَبَنَات ثمَّ أدَّت الْمُكَاتبَة فعتقت فان ولاءها لبني الْمكَاتب دون بَنَاته
وَإِذا أسلم الرجل على يَدي مكَاتب ووالاه فان ولاءه لمولى الْمكَاتب لِأَن الْمكَاتب لَا يكون لَهُ وَلَاء وَهُوَ عبد وَإِذا كَاتب الرجل أمة وَكَانَ زَوجهَا مكَاتب الآخر فَأدى زَوجهَا فَعتق ثمَّ أدَّت هِيَ فعتقت ثمَّ ولدت ولدا بعد عتقهَا لأَقل من سِتَّة أشهر فان وَلَاء وَلَدهَا لمولاها فان جَاءَت بِهِ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا فان ولاءه لمولى الْأَب وَإِذا كَاتب الْمُسلم عبدا كَافِرًا ثمَّ إِن الْمكَاتب كَاتب أمة مسلمة ثمَّ أدّى الأول فَعتق فان ولاءه لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَ كَافِرًا وَلَا يَرِثهُ وَلَا يعقل عَنهُ فان أدَّت فعتقت فان ولاءها للْمكَاتب الْكَافِر وَيعْقل عَنْهَا عَاقِلَة الْمولى ويرثها الْمولى إِن مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا وَلَا يَرِثهَا

(4/226)


الْمكَاتب الْكَافِر لِأَنَّهَا مسلمة وَيُوضَع على الْكَافِر الْخراج وَإِن كَانَ الْمولى مُسلما وَكَذَلِكَ لَو أَن مُسلما أعتق عبدا كَافِرًا فانه يوضع عَلَيْهِ الْخراج فِي قَول أبي حنيفَة لَا يتْرك كَافِرًا فِي دَار الْإِسْلَام بِغَيْر خراج وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي ذَلِك ذمَّته ذمَّة موَالِيه وَلَا يوضع عَلَيْهِ الْخراج ولسنا نَأْخُذ بِهِ وَإِذا بَاعَ رجل مكَاتبا فَأعْتقهُ المُشْتَرِي فان عتقه بَاطِل وَبيعه بَاطِل وَهُوَ مكَاتب على حَاله الأولى فان لم يرد ذَلِك حَتَّى كَاتب الْمكَاتب عبدا فَأدى فَعتق فَهُوَ جَائِز وَوَلَاء هَذَا لمَوْلَاهُ الأول وَلَو مَاتَ الْمكَاتب

(4/227)


الأول وَترك مَالا كثيرا أدّى إِلَى مَوْلَاهُ مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَكَانَ مَا بَقِي مِيرَاثا لوَرَثَة الْمكَاتب وَيرد الْمولى مَا كَانَ قبض من الثّمن إِلَى المُشْتَرِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز بيع الْمكَاتب وَعتق المُشْتَرِي فِيهِ بَاطِل
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن قَالَ الْمكَاتب قد عجزت وَكسرت الْمُكَاتبَة فَبَاعَهُ الْمولى فبيعه جَائِز أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف قَالَ أخبرنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه رد مكَاتبا أقرّ بِأَنَّهُ عجز فَرد فِي الرّقّ دون السُّلْطَان وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد
رجل كَاتب عبدا لَهُ على ألف دِرْهَم حَالَة فكاتب العَبْد أمة على أَلفَيْنِ ثمَّ وكل العَبْد مَوْلَاهُ بِقَبض الْأَلفَيْنِ مِنْهَا على أَن الْفَا مِنْهَا قَضَاء لَهُ فان وَلَاء الْأمة للْمولى لِأَن الْمكَاتب لم يعْتق قبلهَا وَلَو أعتق قبلهَا كَانَ وَلَاء الْأمة لَهُ
- بَاب العَبْد التَّاجِر يُكَاتب أَو يعْتق
-
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَة الله عَلَيْهِ لَا يجوز مُكَاتبَة العَبْد التَّاجِر

(4/228)


لَو كَاتب عبدا لَهُ أَو أمة لم يجز ذَلِك وَقَالَ لَو أعتق عبدا لَهُ على مَال أَو على غير مَال كَانَ الْعتْق بَاطِلا لَا يجوز وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد
وَإِن كَاتب العَبْد التَّاجِر عبدا باذن مَوْلَاهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دين فَهُوَ جَائِز فان أدّى فَعتق فولاؤه للْمولى وَكَذَلِكَ إِن أعتق عبدا على مَال أَو على غير مَال باذن مَوْلَاهُ فَهُوَ جَائِز وَالْوَلَاء للْمولى
وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ دين يُحِيط بِرَقَبَتِهِ وَبِمَا فِي يَدَيْهِ لم يجز شَيْء من ذَلِك مُكَاتبَة وَلَا عتقا أذن لَهُ الْمولى أَو لم يَأْذَن وَإِن لم يكن عَلَيْهِ دين فَأذن لَهُ الْمولى فكاتب عبدا ثمَّ إِن مكَاتبه ذَلِك كَاتب أمة بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فَهُوَ جَائِز لِأَنَّهُ مكَاتب فَهُوَ مسلط على الْكِتَابَة فان أدّى فَعتق ثمَّ أدَّت الْأمة فعتقت فولاء الْأمة للْمكَاتب وميراثها إِن لم يكن لَهَا وَارِث وَوَلَاء الْمكَاتب للْمولى وَلَو أَن العَبْد التَّاجِر أعْتقهُ ممولاه قبل أَن يُؤَدِّي الْمكَاتب الْمُكَاتبَة ثمَّ إِن الْمكَاتب أدّى الْمُكَاتبَة فان ولاءه للْمولى وَلَا يكون للْعَبد لِأَن الْمكَاتب إِنَّمَا هُوَ مَال الْمولى وَلَيْسَ بِمَال العَبْد وَلَا يشبه مكَاتب العَبْد مكَاتب الْمكَاتب لِأَن مكَاتب الْمكَاتب من مَال الْمكَاتب ومكاتب العَبْد من مَال الْمولى وَإِذا أسلم رجل من أهل الأَرْض على يَدي عبد ووالاه فانه لَا يكون مولى وَلَا يكون للْعَبد وَلَاء فان أذن لَهُ الْمولى فِي ذَلِك

(4/229)


فَهُوَ مولى الْمولى وَالْأمة الْمُدبرَة وَأم الْوَلَد فِي جَمِيع مَا ذكرنَا مثل العَبْد وَالْعَبْد الْمَحْجُور عَلَيْهِ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة العَبْد التَّاجِر وَالْعَبْد الصَّغِير إِذا كَانَ يعقل وَيتَكَلَّم فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْكَبِير وَالْعَبْد الْكَافِر كَافِرًا كَانَ مَوْلَاهُ أَو مُسلما فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة العَبْد الْمُسلم
- بَاب وَلَاء الصَّبِي
- وَإِذا كَانَ الصَّبِي تَاجِرًا أذن لَهُ فِي ذَلِك أَبوهُ أَو وَصِيّه فكاتب عبدا باذنهما فانه جَائِز فان أدّى الْمُكَاتبَة عتق وَكَانَ مَوْلَاهُ وَإِن أعتق عبدا على مَال أَو على غير مَال فعتقه بَاطِل وَكَذَلِكَ الصَّبِي إِذا لم يكن تَاجِرًا فكاتب أَبوهُ عبدا لَهُ فَهُوَ جَائِز فِي قَول ابي حنيفَة وَكَذَلِكَ لَو كَاتب وَصِيّه وَلَو أعتق أَبوهُ عَبده على مَال أَو على غير مَال لم يجز فِي قَول أبي حنيفَة وَكَذَلِكَ وَصِيّه وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو أسلم رجل على يَدي الصَّبِي ووالاه لم يكن مَوْلَاهُ فان كَانَ وَالَاهُ بِأَمْر أَبِيه وَأَبوهُ كَافِر فَهُوَ سَوَاء وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون المغلوب يسلم على يَدَيْهِ رجل فيواليه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ صبي من أهل الذِّمَّة أسلم وَهُوَ يعقل ثمَّ أسلم رجل على يَدَيْهِ ووالاه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ

(4/230)


وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أسلم على يَدَيْهِ رجل على أَن يكون مولى ابْنه وَابْنه صَغِير كَانَ مولى لَهُ كَمَا شَرط وَكَذَلِكَ الْوَصِيّ وَلَو كَانَ الابْن لم يُولد وَكَانَت الْمَرْأَة حَامِلا بِهِ فَأسلم رجل على يَدي الْأَب على أَن يكون مولى لحبل امْرَأَته فانه لَا يكون مولى للحبل وَلَا مولى للرجل وَكَذَلِكَ لَو اشْترط أَن يكون وَلَاؤُه لأوّل وَلَده يُولد لَهُ كَانَ هَذَا بَاطِلا وَلَو أَن رجلا أعْطى رجلا ألف دِرْهَم على أبن يعْتق عَبده عَن ان الْمُعْطِي وَهُوَ صَغِير يعقل فان الْعتْق عَن الْمولى الَّذِي أعتق وَالْوَلَاء لَهُ وَلَا يكون للصَّبِيّ وَكَذَلِكَ الْمَجْنُون المغلوب لِأَن الصَّبِي لم يكن لَهُ أَن يعْتق عبدا على مَال
وَإِذا كَانَ للصَّبِيّ عبد فَقَالَ رجل لِأَبِيهِ أعتق عبد ابْنك هَذَا على ألف دِرْهَم فَأعْتقهُ الْأَب عَنهُ فَهُوَ جَائِز وَهُوَ حر عَنهُ وَعَلِيهِ ألف دِرْهَم للصَّبِيّ يقبضهَا لَهُ الْأَب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَكَان الصَّبِي رجل مغلوب وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عبد الْمكَاتب فَقَالَ لَهُ رجل أعْتقهُ عني على ألف دِرْهَم لَك فَفعل فَهُوَ جَائِز وَوَلَاؤُهُ للْمُعْتق عَنهُ وَعَلِيهِ المَال وَهَذَا بيع

(4/231)


وَلَو أَن مكَاتبا قَالَ لرجل حر أعتق عَبدك عني بِأَلف دِرْهَم فَأعْتقهُ الْحر جَازَ الْعتْق وَكَانَ الْعتْق عَن الْحر وَلَا يكون عَن الْمكَاتب وَلَا يلْزم الْمكَاتب المَال وَالْوَلَاء للْمولى الْحر وَكَذَلِكَ عبد تَاجر قَالَ لرجل حر أعتق عَبدك عني بِأَلف دِرْهَم فَفعل فَهُوَ حر عَن الْمُعْتق وَالْوَلَاء لَهُ وَلَا يكون حرا عَن العَبْد وَلَا يلْزم العَبْد المَال وَلَو أَن مكَاتبا قَالَ لمكاتب أعتق عَبدك هَذَا عني بِأَلف دِرْهَم فَفعل لم يجز ذَلِك وَلم يعْتق العَبْد وَلَا يلْزم الْآمِر من المَال شَيْء وَكَذَلِكَ عبد تَاجر قَالَ مثل ذَلِك لعبد تَاجر وَكَذَلِكَ مكَاتب قَالَ مثل ذَلِك لمكاتب أَو لعبد تَاجر أَو عبد قَالَ ذَلِك لمكاتب فَهُوَ سَوَاء وَأم الْوَلَد والمدبرة فِي ذَلِك سَوَاء
- بَاب العَبْد يعْتق بعضه
-
قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أعتق الرجل نصف عَبده عتق نصفه واستسعاه فِي نصف قِيمَته وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمكَاتب مَا دَامَ يسْعَى فِي كل شَيْء من أمره فاذا أدّى السّعَايَة عتق وَكَانَ وَلَاؤُه لمَوْلَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعتق نصف عَبده عتق كُله وَهُوَ وَهُوَ مر كُله وَوَلَاؤُهُ لمَوْلَاهُ وَلَا يجْتَمع فِي نفس وَاحِدَة عتق ورق وَالْأمة وَالْعَبْد فِي ذَلِك سَوَاء

(4/232)


مُحَمَّد عَن يَعْقُوب عَن أَشْعَث بن سوار عَن الْحسن بن أبي الْحسن عَن على رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ يعْتق الرجل من عَبده مَا شَاءَ

(4/233)


وَلَو أَن هَذَا العَبْد الَّذِي يسْعَى اشْترى عبدا فاعتقه على مَال أَو على غير مَال لم يجز ذَلِك فِي قَول أبي حنيفَة وَجَاز فِي قَول أبي يُوسُف وَلَو كَاتب عبدا جَازَ ذَلِك فِي قَول ابي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد فان أدّى الْمُكَاتبَة فَعتق قبل أَن يُؤَدِّي الأول السّعَايَة فان وَلَاء مكَاتبه فِي قَول أبي حنيفَة لمَوْلَاهُ وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ وَلَو قَالَ هَذَا الَّذِي يسْعَى لرجل أعتق عَبدك عني على ألف دِرْهَم فَفعل كَانَ الْعتْق عَن الْمُعْتق وَالْوَلَاء لَهُ وَلَا يلْزم الَّذِي يسْعَى عتقا وَلَا وَلَاء وَلَا مَال فِي قَول ابي حنيفَة وَيلْزمهُ فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد
وَلَو مَاتَ ابْن لهَذَا الَّذِي يسْعَى حر وَترك مَالا وَلم يَرِثهُ شَيْء مِنْهُ فِي قَول أبي حنيفَة وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إِن لم يكن لَهُ وَارِث أقرب مِنْهُ وَرثهُ كُله وَفِي قِيَاس قَول على رَضِي الله عَنهُ يَرث مِنْهُ النّصْف بِقدر مَا عتق مِنْهُ ويحرمه من الْمِيرَاث بِقدر مَا رق مِنْهُ

(4/235)


أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ إِذا جنى جِنَايَة عقلت عَنهُ الْعَاقِلَة بِقدر مَا أعتق وَيسْعَى بِقدر مَا رق مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا القَوْل بِشَيْء
وَلَو أَن رجلا مَاتَ وَترك ابْنا نصفه حر وَابْن ابْن نصفه حر وَلَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا فان مِيرَاثه فِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد للِابْن كُله وَإِذا اعْتِقْ بعضه عتق كُله وَفِي قَول أبي حنيفَة لَا يَرث وَاحِد مِنْهُمَا شَيْئا مَا دَامَ عَلَيْهِمَا شَيْء من السّعَايَة وَفِي قِيَاس قَول على رَضِي الله عَنهُ للِابْن لصلبه النّصْف وَلابْن الابْن النّصْف وَلَو كَانَ لَهُ مَعَ هَؤُلَاءِ أَب حر كَانَ لَهُ السُّدس وَمَا بَقِي بَين هذَيْن فِي قِيَاس قَول على رَضِي الله عَنهُ وَلَو كَانَ لَهُ أَب حر كُله وَابْن نصفه حر كَانَ للْأَب السُّدس وللابن نصف مَا بَقِي وَنصفه للْأَب وَلَو كَانَ الْأَب نصفه حر وَنصفه عبد كَانَ للِابْن نصف المَال وَللْأَب نصفه وَلَو كَانَ جد أَبُو الْأَب نصفه حر وَأَخ نصفه حر كَانَ المَال

(4/236)


بَينهمَا نِصْفَيْنِ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لَو كَانَ حرا وَحده كُله أحرز الْمِيرَاث وَلَو كَانَ ابْنة نصفهَا حرَّة وَأُخْت لأَب نصفهَا حرَّة كَانَ للابنة الرّبع وَللْأُخْت الرّبع وَمَا بَقِي فللعصبة وَلَو كَانَ أُخْتَيْنِ لأَب وَأم نصفهما حر وَأُخْت لأَب كلهَا حرَّة فانه يكون للأختين للْأَب وَالأُم النّصْف وَللْأُخْت من الْأَب السُّدس وَمَا بَقِي فللعصبة فِي قِيَاس قَول على وَلَو كَانَ ثلث الْأُخْتَيْنِ للْأَب وَالأُم حر وَثلث الْأُخْت للْأَب حر كَانَ لَهُم جَمِيعًا نصف المَال لِأَن مَا عتق مِنْهُنَّ وَاحِدَة كَامِلَة لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ الثُّلُث وَلَو كَانَ مَعَهُنَّ أم نصفهَا حرَّة كَانَ لَهَا السُّدس وَلَو كَانَ ثلثاها حرَّة كَانَ لَهَا سدس وَثلث سدس وَلَو كَانَت كلهَا حرَّة كَانَ لَهَا الثُّلُث
وَلَو كَانَ ابْن نصفه حر وَابْنَة كلهَا حرَّة كَانَ للابنة نصف المَال

(4/237)


وللابن نصف المَال وَلَو كَانَ نصف الِابْنَة حرَّة كَانَ لَهما جَمِيعًا ثَلَاثَة أَربَاع المَال للِابْن نصف المَال وللابنة ربع المَال وَلَو كَانَت ابْنة نصفهَا حرَّة وَابْنَة ابْن نصفهَا حر كَانَ لَهما نصف المَال للابنتين وَنصفه للِابْن وَلَو كَانَ ابْن نصفه حر وَأم نصفهَا حرَّة كَانَ للآم ثَلَاثَة أَربَاع السُّدس وللابن نصف المَال وَلَو كَانَ زوج نصفه حر كَانَ لَهُ الثّمن إِن كَانَ لَهَا ولد وَإِن لم يكن لَهَا ولد فَلهُ الرّبع وَإِن كَانَت امْرَأَة نصفهَا حر كَانَ لَهَا نصف الثّمن إِن كَانَ لَهُ ولد وَالثمن إِن لم يكن لَهُ ولد وعَلى هَذَا الْحساب يُؤْخَذ هَذَا الْبَاب على قَول على رَضِي الله عَنهُ ولسنا نَأْخُذ بِهَذَا وَلَكِن إِذا أعتق بعضه فقد عتق كُله وَهُوَ يَرث وَيُورث كَمَا يَرث الْحر
- بَاب العَبْد بَين اثْنَيْنِ
- وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه وَهُوَ غنى فان أَبَا حنيفَة رَحمَه الله كَانَ يَقُول شَرِيكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق كَمَا أعتق صَاحبه وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَالْوَلَاء

(4/238)


بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ ضمن شَرِيكه نصف قِيمَته وَيرجع شَرِيكه بِمَا ضمن على العَبْد وَيكون الْوَلَاء للْمُعْتق الأول وَلَو كَانَ الْمُعْتق الأول فَقِيرا كَانَ شَرِيكه بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق كَمَا أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ
وَقَالَ ابو يُوسُف وَمُحَمّد الْوَلَاء كُله للْأولِ مُعسرا كَانَ أَو مُوسِرًا فان كَانَ مُوسِرًا ضمن نصف قِيمَته لشَرِيكه وَلَا يُخَيّر الشَّرِيك فان كَانَ فَقِيرا سعى العَبْد لشيريكه وَكَانَ الْوَلَاء للْأولِ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عتق الأول بِجعْل أَو بِغَيْر جعل أَو بكفارة أَو ببمين وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أمة فَهِيَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة العَبْد وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الموليان امْرَأَة ورجلا أَو امْرَأتَيْنِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَت أمة بَين اثْنَيْنِ فدبرها أَحدهمَا فان الآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دبر كَمَا دبر صَاحبه وَالْوَلَاء بَينهمَا إِذا مَاتَا وَإِن شَاءَ استسعاها فِي نصف قيمتهَا وَيسْعَى الآخر فِي نصف قيمتهَا وَالْوَلَاء بَينهمَا وَإِن شَاءَ ضمن الشَّرِيك إِن كَانَ غَنِيا فاذا مَاتَ الشَّرِيك عتق نصفهَا من الثُّلُث وسعت فِي نصف قيمتهَا وَالْوَلَاء لَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أعْتقهَا أَحدهمَا عَن دبر فَهِيَ مُدبرَة كلهَا وَعتق الثَّانِي فِيهَا بَاطِل وَالْمُدبر ضَامِن لنصف قيمتهَا غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا وَإِذا مَاتَ عتق من ثلثه وَالْوَلَاء كُله لَهُ
وَإِذا كَانَت أمة بَين رجلَيْنِ فَولدت فَادّعى أَحدهمَا الْوَلَد فَهُوَ ابْنة

(4/239)


وَهُوَ ضَامِن لنصف قيمتهَا وَنصف الْعقر فَقِيرا كَانَ أَو غَنِيا فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وولاؤها إِذا أعتقت لمولاها أَب الْوَلَد فَأَما الْوَلَد فَلَا يكون لَهُ وَلَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة أَبِيه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو كَانَت مُدبرَة بَين رجلَيْنِ ولدت فَادّعى أَحدهمَا الْوَلَد فَهُوَ ابْنه وَهُوَ ضَامِن لنصف عقرهَا وَنصف قيمتهَا لشَرِيكه وَنصف وَلَاء الْوَلَد لشَرِيكه وَالنّصف الآخر بِمَنْزِلَة الْأَب وللشريك فِي قَول أبي حنيفَة أَن يستسعى الْوَلَد فِي نصف قِيمَته وَكَذَلِكَ أم ولد بَين رجلَيْنِ ولدت ولدا فادعياه جَمِيعًا ثمَّ ولدت آخر فَادَّعَاهُ أَحدهمَا فَهُوَ ابْنه وَهُوَ ضَامِن لنصف قِيمَته إِن كَانَ غَنِيا وَنصف الْعقر وَنصف ولائه لشَرِيكه فِي قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَإِذا أعتق رجلَانِ عبدا بَينهمَا الْبَتَّةَ ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا وَترك ابْنا وَمَات الآخر وَترك ابْنَيْنِ ثمَّ مَاتَ الْمولى فان نصف ولائه للْبَاقِي وَنصفه للابنين وَلَو لم يكن لأَحَدهمَا ولد وَكَانَ لَهُ أَخ كَانَ مِيرَاث نصِيبه لِأَخِيهِ وَلَو كَانَ لأَحَدهمَا جد أَبُو اب كَانَ مِيرَاث نصِيبه لَهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لَهُ مولى يحرز مِيرَاثه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَكَانَ

(4/240)


وَلَاء نصِيبه لَهُ يَرث نصيب كل وَاحِد مِنْهُمَا عصبته من الرِّجَال وَلَا يَرث النِّسَاء من ذَلِك شَيْئا وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عبد بَين وَرَثَة نسَاء وَرِجَال فأعتقوا جَمِيعًا كَانَ الْوَلَاء بَينهم على قدر سِهَامهمْ فِيهِ فان مَاتَ أحدهم فانه يَرث نصِيبه من الْوَلَاء ورثته الرِّجَال دون النِّسَاء وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْعتْق وَقع بمكاتبة أَو بِيَمِين وَكَذَلِكَ رجلَانِ عَرَبِيّ وَمولى أعتقا جَمِيعًا عبدا بَينهمَا فان نصف ولائه لكل وَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ امْرَأَة وَرجل وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَحدهمَا ذِمِّيا وَالْآخر مُسلما فأعتقاه جَمِيعًا فان الْوَلَاء بَينهمَا فان كَانَ الْمُعْتق مُسلما ثمَّ مَاتَ الْمولى بعد موَالِيه فان مِيرَاثه حِصَّة الْمُسلم لعصبة الْمُسلم وَحِصَّة الْكَافِر مِنْهُمَا إِن لم يكن لَهُ عصبَة مُسلمين لبيت المَال
وَإِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ أَحدهمَا صَغِير وَالْآخر كَبِير فَأعتق الْكَبِير وَضمن للصَّغِير حِصَّته فان الْوَلَاء كُله للكبير
وَإِذا كَانَ العَبْد ذِمِّيا وَهُوَ بَين اثْنَيْنِ مُسلم وَكَافِر فأعتقاه جَمِيعًا ثمَّ مَاتَا ثمَّ مَاتَ الْمولى فان مِيرَاث الذِّمِّيّ مِنْهُمَا لأوليائه من أهل الذِّمَّة وَحِصَّة الْمُسلم من الْمِيرَاث لبيت المَال
- بَاب الْوَلَاء الْمَوْقُوف
- وَإِذا اشْترى الرجل عبدا وَقَبضه وَنقد الثّمن ثمَّ شهد أَن مَوْلَاهُ الَّذِي بَاعه قد كَانَ أعْتقهُ قبل أَن يَبِيعهُ فانه حر وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوف إِذا جحد

(4/241)


البَائِع ذَلِك وَلَا يَرِثهُ وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا يعقل عَنهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى الَّذِي اشْتَرَاهُ ذِمِّيا اشْتَرَاهُ من مُسلم أَو مُسلم اشْتَرَاهُ من ذمِّي وَكَذَلِكَ لَو كَانَ اشْتَرَاهُ من امْرَأَة أَو امْرَأَة اشترته من رجل أَو حر اشْتَرَاهُ من مكَاتب فَزعم أَنه كَاتبه قبل أَن يَبِيعهُ وَقبض مُكَاتبَته فَأعْتقهُ فانه حر وَلَا سَبِيل لوَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوف وَإِن كَانَ عبد بَين اثْنَيْنِ فَشهد كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه أَنه أعْتقهُ فان أَبَا حنيفَة قَالَ يسْعَى لكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته فقيرين كَانَا أَو غَنِيَّيْنِ وَالْوَلَاء بَينهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَا غَنِيَّيْنِ فَلَا سِعَايَة لوَاحِد مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَالْوَلَاء مَوْقُوف وَإِن كَانَا فقيرين سعى لكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته وَإِن كَانَ غَنِي وفقير سعى للغني فِي نصف قِيمَته وَلَا يسْعَى للْفَقِير فِي شَيْء وَالْوَلَاء مَوْقُوف فِي جَمِيع ذَلِك لَا يرثونه وَلَا يعْقلُونَ عَنهُ وَإِذا كَانَت أمة فَشهد كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنَّهَا ولدت من صَاحبه وَصَاحبه يُنكر فان أَبَا حنيفَة قَالَ يُوقف وَإِذا مَاتَ أَحدهمَا عتقت وولاؤها مَوْقُوف لَا يكون لوَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا كَانَت أمة لرجل مَعْرُوفَة أَنَّهَا لَهُ فَولدت من آخر فَقَالَ رب الْأمة بعتكها بِأَلف وَقَالَ الآخر بل زوجتنيها بِمِائَة فان الْوَلَد حر وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوف وَالْجَارِيَة بِمَنْزِلَة أم الْوَلَد لَا بطأها وَاحِد مِنْهُمَا

(4/242)


وَلَا يستخدمها وَلَا يستغلها فاذا مَاتَ أَبُو الْوَلَد عتقت وولاؤها مَوْقُوف وَيَأْخُذ البَائِع الْعقر قَضَاء من الثّمن وَإِذا أقرّ الرجل أَن اباه أعتق عَبده هَذَا فِي مَرضه أَو فِي صِحَّته وَلَا وَارِث لَهُ غَيره فان وَلَاء هَذَا مَوْقُوف فِي الْقيَاس وَلَا يصدق الابْن على الْأَب وَلَكِنِّي أدع الْقيَاس للْأَب وَلَاؤُه أستحسن ذَلِك إِذا كَانَ عصبتها وَاحِد وقومهما من حَيّ وَاحِدَة فان كَانَ الْأَب أعْتقهُ قوم وَالِابْن أعْتقهُ قوم آخَرُونَ فَالْولَاء مَوْقُوف وَلَو كَانَ مَعَه وَارِث غَيره فكذبه فاستسعى العَبْد فِي حِصَّته فان وَلَاء حِصَّته للَّذي استسعاه فِي قَول ابي حنيفَة وَوَلَاء حِصَّة الآخر للْمَيت وَأما فِي قَول ابي يُوسُف فولاء الَّذِي استسعاه مَوْقُوف وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَإِذا ورث رجلَانِ عبدا عَن ابيهما فَقَالَ أَحدهمَا أعْتقهُ فِي صِحَّته وَكذبه الآخر فان العَبْد يسْعَى للَّذي كذبه فِي نصف قِيمَته وَيكون وَلَاؤُه نصفه للْمَيت فِي قَول ابي حنيفَة وللذي استسعاه نصفه وَفِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد للْمَيت نصفه وَنصفه مَوْقُوف

(4/243)


وَإِذا كَانَ العَبْد بَين وَرَثَة رجال وَنسَاء فأقرت امْرَأَة مِنْهُم أَن الْمَيِّت أعْتقهُ وكذبها الْآخرُونَ فَهُوَ مثل بَاب الأول وَإِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فَقَالَ أَحدهمَا إِن لم يكن دخل الْمَسْجِد امس فَهُوَ حر وَقَالَ الآخر إِن كَانَ دخل أمس فَهُوَ حر وهما معسران فانه يعْتق وَيسْعَى فِي نصف قِيمَته بَينهمَا وَالْوَلَاء بَينهمَا فِي قَول ابي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف فان الْوَلَاء مَوْقُوف وَقَالَ مُحَمَّد يسْعَى فِي قِيمَته كَامِلَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَالْوَلَاء مَوْقُوف لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يزْعم أَن صَاحبه هُوَ الَّذِي حنث فَلَا يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا الْحِنْث حَتَّى يعلم وَإِذا اشْترى الرجل العَبْد من رجل وَقَبضه وَنقد المَال ثمَّ أقرّ المُشْتَرِي أَن البَائِع أعْتقهُ قبل أَن يَبِيعهُ وَكذبه البَائِع فانه يعْتق وَيُوقف وَلَاؤُه فان صدقه البَائِع بعد ذَلِك رد الثّمن وَلَزِمَه الْوَلَاء وَكَذَلِكَ إِن صدقته ورثته بعد مَوته وَكَذَلِكَ لَو أقرّ المُشْتَرِي أَن البَائِع كَانَ دبره أَو أَنَّهَا كَانَت أمة فَولدت مِنْهُ فَلَا سَبِيل للْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَإِن جحد البَائِع ذَلِك فولاؤها مَوْقُوف فان مَاتَ البَائِع عتقت وولاؤها مَوْقُوف وَإِن صدق وَرَثَة البَائِع المُشْتَرِي لزم الْوَلَاء للْبَائِع ورد الثّمن أستحسن ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ وَلَو أَن رجلا فِي يَدَيْهِ عبد زعم أَنه قد بَاعه من فلَان وَأَن فلَانا قد أعْتقهُ وَكذبه فلَان فانه حر وَالْوَلَاء مَوْقُوف وَإِن صدقه فلَان

(4/244)


على الشري وَالْعِتْق لزمَه الثّمن ولاولاء وَلَو أَن رجلا مَاتَ وَترك عبدا فَأقر الْوَرَثَة وهم كبار أَن الْمَيِّت أعْتقهُ أجزت ذَلِك وألزمت الْمَيِّت الْوَلَاء وكل وَلَاء مَوْقُوف فان مِيرَاثه يُوقف فِي بَيت المَال وجنايته عَلَيْهِ وَلَا يعقل عَنهُ بَيت المَال وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد رَحِمهم الله أجميعن
- بَاب وَلَاء اللَّقِيط
- وَإِذا كَانَ الرجل لقيطا أَو الْمَرْأَة أَو الصَّبِي التقطه رجل أَو امْرَأَة فَهُوَ حر وَوَلَاؤُهُ لبيت المَال وَهُوَ يعقل عَنهُ ويرثه وَلَا يشبه هَذَا الْوَلَاء الْمَوْقُوف الَّذِي سمينا قبله لِأَن هَذَا لَا يعرف لَهُ مولى نعْمَة وَذَلِكَ قد ينْسب إِلَى مُعتق وَكَذَلِكَ الرجل من أهل الذِّمَّة يسلم وَلَا يوالي أحدا فان ولاءه لبيت المَال وميراثه لَهُ وعقله عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَو أعتق هَذَا الْمُسلم عبدا أَو أمة وَكَذَلِكَ اللَّقِيط يعْتق عبدا أَو أمة فان جِنَايَة هَؤُلَاءِ على بَيت المَال وميراثهم للَّذي أعتقهم فان كَانَ قد مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُم فميراثهم لبيت المَال وَكَذَلِكَ مُكَاتبَته إِذا أدّى فَعتق وَكَذَلِكَ رجل يسلم على يَدي اللَّقِيط ويواليه وَكَذَلِكَ الرجل

(4/245)


من أهل الذِّمَّة يسلم على يَدي هَذَا الرجل الْمُسلم قبله فان جِنَايَته على بَيت المَال وميراثه لَهُ إِن كَانَ مَوْلَاهُ قد مَاتَ قبله وَلم يتْرك وَارِثا غَيره وَكَذَلِكَ عبد بَين اللَّقِيط وَبَين الرجل الْمَعْرُوف أعتقاه جَمِيعًا فان نصف ولائه للقيط وَنصفه للرجل وَنصف عقله على بَيت المَال وَنصفه على عَاقِلَة الرجل وَكَذَلِكَ هَذَا الْمُسلم من أهل الذِّمَّة يعْتق هُوَ وَرجل من الْعَرَب عبدا فللقيط أَن يوالي من شَاءَ فيعقل عَنهُ ويرثه وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمُسلم وَلَا يكون وَلَاء اللَّقِيط للَّذي التقطه إِلَّا أَن يواليه وَلَو أَن امْرَأَة لقيطة تزوجت رجلا لقيطا قد والى الرجل رجلا وَلم توال الْمَرْأَة أحدا ثمَّ ولدت فان وَلَاء وَلَدهَا لموَالِي ابيه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَبوهُ من أهل الذِّمَّة فَأسلم على يَدي رجل ووالاه وَلَو أَن رجلَيْنِ أَحدهمَا لَقِيط وَالْآخر من الْعَرَب تنَازعا صَبيا فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا الْبَيِّنَة أَنه ابْنه قضيت بِهِ لَهما جَمِيعًا وَجَعَلته عَرَبيا لقيطا فان جنى جِنَايَة فعلى بَيت المَال نصفهَا وَنِصْفهَا على عَاقِلَة الْعَرَبِيّ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة اسْلَمْ على يَدي رجل وَلم يواله كَانَ وَلَاؤُه لبيت المَال وعقله عَلَيْهِ وميراثه لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يكون مولى للَّذي أسلم على يَدَيْهِ وَلم يواله
وَلَو أَن لقيطا من أهل الذِّمَّة أسلم كَانَ وَلَاؤُه لبيت المَال وعقله عَلَيْهِ وميراثه لَهُ

(4/246)


- بَاب الرجل من أهل الذِّمَّة يعْتق مُسلما أَو ذِمِّيا
- وَإِذا أعتق الرجل من أهل الذِّمَّة عبدا أَو أمة كَانَ وَلَاؤُه لَهُ فان مَاتَ الْمُعْتق وَلَا وَارِث لَهُ غير الْمُعْتق هَذَا الورارث وَهُوَ فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة أهل الْإِسْلَام وَلَو كَانَ الْمُعْتق يَهُودِيّا وَالْمُعتق نَصْرَانِيّا أَو كَانَ الْمُعْتق مجوسيا كَانَ وراثه لِأَن الْكفْر كُله مِلَّة وَاحِدَة يتوارثون وَلَا يَرِثُونَ الْمُسلمين وَلَا يورثونهم وَلَو أَن هَذَا الْمُعْتق أسلم كَانَ مِيرَاثه لبيت المَال وعقله على نَفسه إِلَّا أَن يكون لَهُ أَو لمواليه وَارِث مُسلم وَلَو كَانَ لمواليه أَخ مُسلم كَانَ هُوَ وَارثه وعقله على نَفسه وَكَذَلِكَ لَو كَانَ لمواليه ابْن عَم مُسلم قد والى رجلا وَأسلم على يَدَيْهِ كَانَ هُوَ وَارثه وعقله على نَفسه وَلَو أَن هَذَا الْمُعْتق والى رجلا واسلم على يَدَيْهِ لم يكن مَوْلَاهُ وَلَا يعقل عَنهُ وَلَا يَرِثهُ
وَلَو أَن مولى هَذَا الذِّمِّيّ الْمُعْتق أسلم بعد ذَلِك أَو قبل ذَلِك كَانَ سَوَاء وَكَانَ هَذَا الْمُعْتق هُوَ وَارثه ومولاه وَأهل الذِّمَّة فِي هَذَا مثل الْعَرَب أَلا ترى أَن الْمُعْتق لَو والى رجلا لم يكن مَوْلَاهُ وَلَو أسلم الْمُعْتق بعد ثمَّ والى آخر كَانَ مَوْلَاهُ

(4/247)


وَلَو أَن نَصْرَانِيّا من نَصَارَى الْعَرَب أعتق عبدا لَهُ كَانَ مَوْلَاهُ وَإِن كَانَ العَبْد نَصْرَانِيّا فَأسلم على يَدي رجل ووالاه فانه لَا يكون مَوْلَاهُ وَلكنه مولى قَبيلَة مَوْلَاهُ الَّذِي أعْتقهُ وَإِن كَانَ الَّذِي أعْتقهُ من بني تغلب فَهُوَ تغلبي وَكَذَلِكَ نَصْرَانِيّ من بني تغلب أعتق عبدا مُسلما فالمعتق من بني تغلب ينْسب إِلَيْهِم وهم موَالِيه ويعقلون عَنهُ ويرثه الْمُسلمُونَ مِنْهُم أقرب النَّاس مِنْهُم إِلَى موَالِيه وَإِن والى غَيرهم لم يجز ذَلِك لَهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق عبدا من أهل الذِّمَّة ثمَّ أسلم عَبده على يَدي رجل ووالاه فَهُوَ مولى للَّذي أعتق هَذَا الْمُعْتق وَلَو كَانَ الْمُعْتق أمة فَهِيَ مولاته فان تحول بولائها إِلَى رجل آخر فَلَيْسَ لَهَا ذَلِك وَلَا تجوز الْمُوَالَاة فِي هَذَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل إِلَى غَيرهم وَلَو كَانَ أعْتقهَا قبل أَن تسلم لم يكن لَهَا أَن تتحول إِلَى غَيره
وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق أمة كَافِرَة ثمَّ اسلما جيمعا ووالت الْأمة رجلا ثمَّ إِن الْأمة مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا فان مِيرَاثهَا للَّذي أعْتقهَا وَلَا يكون للَّذي والاها وَلَو كَانَ لمولاها الَّذِي أعْتقهَا أَب مُسلم حر أَو ابْن مُسلم حر أَو كَافِر حر كَانَ هُوَ الْوَارِث وَأيهمَا أسلم قبل

(4/248)


فَهُوَ سَوَاء وَلَو لم يكن نصراينا من بني تغلب أعتق أمة نَصْرَانِيَّة ثمَّ اسلما جَمِيعًا ووالت الْأمة رجلا ثمَّ مَاتَت فان مِيرَاثهَا لمولاها التغلبي وَالْعرب والعجم فِي هَذَا سَوَاء وَلَيْسَ لهَذِهِ الْأمة أَن توالي غير بني تغلب وَكَذَلِكَ مَوْلَاهَا لَو والى أحدا من الْعَرَب لم يجز ذَلِك وَلَا يكون مولى لَهَا وَهُوَ عَرَبِيّ وَكَذَلِكَ الَّذِي اعْتِقْ رجلا ذِمِّيا أَو مُسلما فَلَيْسَ للْمُعْتق أَن يوالي أحدا ابدا لِأَنَّهُ قد جرى فِيهِ عتق وَلَا يشبه الْعتْق فِي هَذَا غَيره
- بَاب الْمُسلم يعْتق الذِّمِّيّ
- مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن أبي هِلَال الطَّائِي

(4/249)


أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أعتق عبدا لَهُ نَصْرَانِيّا يدعى نحنس وَقَالَ لَو كَانَت على ديننَا لَا ستعنا بك على عَملنَا

(4/250)


مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن يحيى بن سعيد عَن إِسْمَعِيل بن أبي حَكِيم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه أعتق عبدا لَهُ نَصْرَانِيّا فَمَاتَ العَبْد وَترك مَالا قَالَ فَأمرنِي عمر بن عبد الْعَزِيز فأدخلت مَاله فِي بَيت المَال وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأخْبرنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن إِسْمَعِيل بن ابي خَالِد عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه قَالَ فِي الرجل يعْتق الرجل الْكَافِر ذمَّته ذمَّة موَالِيه لَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْخراج وَقَالَ أَبُو حنيفَة يوضع عَلَيْهِ الْخراج

(4/251)


وَلَا نَتْرُك رجلا من أهل الذِّمَّة مُقيما فِي دَار الْإِسْلَام لَيْسَ بِهِ زمانة لَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْخراج وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَلَو أَن مُسلما أعتق كَافِرًا ثمَّ إِن الْكَافِر اسْلَمْ على يَدي رجل ووالاه كَانَت موالاته بَاطِلَة وَهُوَ مولى للَّذي أعْتقهُ لَا يَزُول أبدا وَإِن كَانَ الَّذِي أعْتقهُ رجلا من أهل الأَرْض أسلم وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ فِي هَذَا سَوَاء إِذا أعْتقهُ فِي حكم الْإِسْلَام لم يتَحَوَّل عَنهُ وَلَاؤُه ابدا وَإِن والى الْمُعْتق رجلا فَهُوَ مَوْلَاهُ وَمولى مَوْلَاهُ وَله أَن يتَحَوَّل بولائه مَا لم يعقل عَنهُ وَلَيْسَ لمَوْلَاهُ أَن يتَحَوَّل وَلَو أَن مَوْلَاهُ الْمُعْتق رَجَعَ عَن الْإِسْلَام وَلحق بِالدَّار كَافِرًا كَانَ مَوْلَاهُ الْمُعْتق مولى لمواليه الَّذِي كَانَ والاهم وَلَا يَزُول أبدا وَلَا يتَحَوَّل وَلَو أَن عبدا كَافِرًا بَين مُسلم وكافرا أعتقاه جَمِيعًا فَاسْلَمْ على يَد رجل ووالاه فان نصف ولائه للْكَافِرِ لَا يتَحَوَّل وَحِصَّة الْمُسلم للْمُسلمِ وَلَو أَن مُسلما أعتق أمة مسلمة ثمَّ رجعت عَن الْإِسْلَام وَلَحِقت بِالدَّار فسبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا كَانَت مولاة لَهُ وانتقض الْوَلَاء الأول للرق الَّذِي حدث فِيهَا

(4/252)


وَإِذا أسلم الرجل الذِّمِّيّ ثمَّ أعتق عبدا مُسلما أَو ذِمِّيا أَو أعْتقهُ قبل إِسْلَامه ثمَّ أسلم العَبْد ووالى رجلا فان موالاته بَاطِل لَا يجوز أَن يوالي سوى الَّذِي أعْتقهُ ذِمِّيا كَانَ أَو مُسلما عَرَبيا كَانَ أَو أعجميا فان جنى جِنَايَة قبل إِسْلَام مَوْلَاهُ فانها عَلَيْهِ فِي مَاله وَإِن مَاتَ كَانَ مِيرَاثه للْمولى الَّذِي أعْتقهُ فان كَانَا مُسلمين جَمِيعًا
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ مَوْلَاهُ كَافِرًا وَله ابْن مُسلم أَو أَخ فانه يَرِثهُ وَلَا يَرِثهُ الَّذِي وَالَاهُ وكل عتق فِي دَار الْإِسْلَام وَحكم الْإِسْلَام فَلَيْسَ للْمُعْتق أَن يتَحَوَّل بولائه إِلَى أحد وَأهل الذِّمَّة فِي ذَلِك والعربي والعجمي سَوَاء
وَلَا يجوز بيع وَلَاء أهل الذِّمَّة وَلَا شِرَاؤُهُ وَلَا هِبته من عتق كَانَ أَو من موالاه
- بَاب الْعتْق فِي دَار الْحَرْب
-
وَإِذا أعتق الرجل من أهل الْحَرْب من أهل الْكفْر عبدا فِي دَار الْحَرْب ثمَّ إِن عَبده أسر فَاشْتَرَاهُ رجل فِي دَار الْإِسْلَام فَأعْتقهُ فان ولاءه للَّذي أعْتقهُ فِي دَار الْإِسْلَام وميراثه لَهُ إِذا أسلم وَلم يكن لَهُ وَارِث وعقله عَلَيْهِ وَالْعِتْق الأول فِي دَار الْحَرْب بَاطِل لَا يلْزمه بِهِ وَلَاء لِأَنَّهُ قد سبي وحرى عَلَيْهِ الرّقّ بعد ذَلِك وَقد بَطل الأول

(4/253)


وَكَذَلِكَ لَو كَانَت امْرَأَة وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذِي أعْتقهُ رجل من الْعَرَب من قَبيلَة من قبائل الْعَرَب وَالْعرب والعجم فِي هَذَا سَوَاء إِذا وَقع الرّقّ والسبي بَطل الْعتْق الأول وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أمْرَأَة أَعتَقته وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمُعْتق امْرَأَة أَو صَبيا فَهُوَ سَوَاء كُله وَكَذَلِكَ لَو كَانَ دبره فِي دَار الْحَرْب أَو كَانَت أمة وَقد ولدت لرجل من أهل الْحَرْب أَلا ترى أَنِّي أسبي أهل الْحَرْب وأجعلهم رَقِيقا فَكيف أُجِيز عتاقهم وَإِذا أعتق الرجل من أهل الْحَرْب عبدا ثمَّ خرجا مُسلمين فان للْعَبد أَن يوالي من شَاءَ وَلَا يكون للَّذي أعْتقهُ مُوالَاة لِأَنَّهُ أعْتقهُ فِي دَار الْحَرْب أَلا ترى أَنه لَو كَانَ سبي كَانَ عبدا فالعتق فِي دَار الْحَرْب بَاطِل وَلَو أَن الْمُعْتق والى رجلا كَانَ مَوْلَاهُ وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَن يتَحَوَّل بولائه مَا لم يعقل عَنهُ وَلَو أَن عبدا أسلم فِي دَار الْحَرْب ثمَّ خرج مُسلما فِي دَار الْإِسْلَام فَهُوَ حر وَله أَن يوالي من شَاءَ هُوَ بِمَنْزِلَة حر من أهل الْحَرْب جَاءَ مُسلما فَلهُ أَن يوالي من شَاءَ وَلَو أَن رجلا من اهل الْحَرْب خرج إِلَى دَار اسلام بِأَمَان وَاشْترى عبدا فِي دَار الْإِسْلَام وَأعْتقهُ ثمَّ رَجَعَ الْمولى إِلَى دَار الْحَرْب

(4/254)


وَأسر وَجرى عَلَيْهِ الرّقّ فانه يكون عبدا وَأما الْمُعْتق فَهُوَ مولى للْمُعْتق أبدا لَا يتَحَوَّل إِلَى غَيره فاذا سبي مَوْلَاهُ ثمَّ مَاتَ الْمُعْتق فان مِيرَاثه لبيت المَال وعقله على نَفسه وَلَا يعقل عَنهُ بَيت المَال لِأَن الْمُعْتق يعرف الَّذِي أعْتقهُ وَلَو جَاءَ الَّذِي أعْتقهُ مُسلما لِأَن الْعتْق فِي دَار الْحَرْب بَاطِل أَلا ترى أَن العَبْد لَو قهر مَوْلَاهُ وَخرج بِهِ كَانَ عبدا لَهُ فَكيف يكون الآخر مَوْلَاهُ وَالْعرب والعجم وَالنِّسَاء فِي هَذَا سَوَاء أَلا ترى أَنه لَو دبر عبدا فِي دَار الْحَرْب ثمَّ مَاتَ الْمولى كَانَ تَدْبيره بَاطِلا فان خرج العَبْد إِلَيْنَا مُسلما كَانَ حرا بِالْإِسْلَامِ وَالْخُرُوج الا ترى أَن الْمُعْتق لَو سبي واسلم كَانَ عبدا وَأَن عتق الْمولى لَا يَنْفَعهُ وَكَذَلِكَ أم ولد رجل من أهل الْحَرْب مَاتَ مَوْلَاهَا ثمَّ سبيت أَو جائتنا مسلمة
وَذَا دخل رجل من أهل الْحَرْب بِأَمَان مَعَه عبد فَأعْتقهُ فِي دَار الْإِسْلَام وَاشْترى عبدا فِي دَار الْإِسْلَام وَأعْتقهُ فان هَذَا جَائِز وَهُوَ مَوْلَاهُ لَا يتَحَوَّل أبدا إِلَى غَيره وَلَيْسَ للْمُعْتق أَن يوالي غَيره وَهَذَا بِمَنْزِلَة أهل الذِّمَّة فان رَجَعَ الْمولى إِلَى دَار الْحَرْب فان هَذَا الْمولى على حَاله لَيْسَ لَهُ أَن يوالي أحدا وَلَو كَانَ لهَذَا الْحَرْبِيّ عشيرة مُسلمُونَ كَانُوا هم يَرِثُونَ مَوْلَاهُ ويعقلون عَنهُ وَإِذا جَاءَ الْحَرْبِيّ مُسلما فان ولاءه لَهُ وَهُوَ يَرِثهُ وَإِن سبي

(4/255)


الْحَرْبِيّ فَجرى عَلَيْهِ الرّقّ ثمَّ اعتقه مَوْلَاهُ الَّذِي وَقع فِي ملكه فان وَلَاء الْمُعْتق الأول على حَاله وَلَو كَانَ رجل من أهل الرّوم لَا عشيرة لَهُ دخل بِأَمَان فَاشْترى عبدا ثمَّ رَجَعَ إِلَى دَار الْحَرْب فَأسر ثمَّ أعتق فانه مولى للَّذي أعْتقهُ ومولاه مولى لَهُ على حَاله وَلَو لم يعْتق لم يكن لمَوْلَاهُ أَن يوالي أحدا وَلَو أَن رجلا مُسلما دخل دَار الْحَرْب بِأَمَان أَو حَرْبِيّ فَأسلم فِي دَار الْحَرْب ثمَّ أعتق عبدا اشْتَرَاهُ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ اسْلَمْ عَبده فانه فِي الْقيَاس لَا يكون مَوْلَاهُ وَله أَن يوالي من شَاءَ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يكون مَوْلَاهُ وَهُوَ قَول مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أجعله مَوْلَاهُ اسْتحْسنَ ذَلِك وأدع الْقيَاس فِيهِ وَلَو أَن العَبْد الْمُعْتق لم يَأْتِ مُسلما وَلكنه سبي فَأعتق فِي دَار الْإِسْلَام كَانَ عتقه الآخر ينْقض عتقه الأول وَكَانَ مولى للْمُعْتق الآخر يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ وَحدثنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن ابيه أَن ابا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أعتق سَبْعَة مِمَّن كَانَ يعذب فِي الله صُهَيْب وبلال وَسَمَّاهُمْ لنا فَهَذَا جَائِز وولاؤهم لأبي بكر رضوَان الله عَلَيْهِ

(4/256)


قَالَ أَبُو حنيفَة ولاؤهم لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ لِأَنَّهُ أعتقهم قبل أَن يُؤمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقِتَالِ وَقبل أَن تكون مَكَّة دَار حَرْب
وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعتق زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ فَصَارَ مَوْلَاهُ وَهَذَا قبل الْهِجْرَة وَقبل فَرِيضَة الله تَعَالَى

(4/258)


الْقِتَال فَهَذَا جَائِز فَكَذَلِك كل عتق كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الْإِسْلَام وَكَانَ بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة وَقبل أَن يُؤمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقِتَالِ وَإنَّهُ جَائِز وَإِنَّمَا افترق أَمر دَار الْحَرْب فِي دَار الْإِسْلَام حَيْثُ هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر بِالْقِتَالِ وَجرى حكم الْإِسْلَام فِي دَار الْإِسْلَام فَصَارَ عتق أهل الشّرك وتدبيرهم بَاطِلا لَا يجوز وَإِذا دخل رجل من دَار الْحَرْب بِأَمَان إِلَى دَار الْإِسْلَام فَاشْترى عبدا وَأعْتقهُ ثمَّ رَجَعَ الْحَرْبِيّ إِلَى دَار الإسلارم فسبي فَاشْتَرَاهُ العَبْد فَأعْتقهُ فان وَلَاء الْمُعْتق الأول للْمُعْتق الآخر وَوَلَاء الآخر للْأولِ من قبل أَنه لَيْسَ لَهُ هَاهُنَا عشيرة يرجع وَلَاء مَوْلَاهُ إِلَيْهِم حَتَّى لحق بِالدَّار فَصَارَ وَلَاء مَوْلَاهُ لَهُ فَلَمَّا عتق كَانَ لَهُ على حَاله وَإِذا أسر أهل الْحَرْب عبدا مُسلما فَدَخَلُوا بِهِ دَار الْحَرْب فَاشْتَرَاهُ رجل مِنْهُم فاعتقه فان ابا حنيفَة قَالَ عتقه جَائِز وَهُوَ حر فان خرج العَبْد إِلَى دَار الْإِسْلَام فَهُوَ مولى لذَلِك الْحَرْبِيّ وَإِن اسر الْحَرْبِيّ فَاشْتَرَاهُ العَبْد فَأعْتقهُ فَهُوَ جَائِز وَالْوَلَاء لصَاحبه وَالْأول مولى للْآخر على حَاله

(4/261)


وَالْآخر مولى للْأولِ وإيهما مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ صَاحبه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أبق إِلَيْهِم العَبْد فأحرزوه فباعوه وَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ فان عتقه بَاطِل وَلَا يكون الْآبِق كالأسير وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هما عندنَا سَوَاء وَإِذا دخل الْحَرْبِيّ إِلَيْنَا بِأَمَان فَاشْترى عبدا مُسلما فَادْخُلْهُ دَار الْحَرْب فان ابا حنيفَة قَالَ هُوَ حر وَلَا يكون وَلَاؤُه للَّذي أدخلهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يكون حرا فان أعْتقهُ الَّذِي ادخله فَهُوَ حر وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَإِن بَاعه من رجل من أهل الْإِسْلَام فَهُوَ عَبده وَقَالَ ابو حنيفَة لَا يحوز بَيْعه من قبل أَن العَبْد قد حل لَهُ قتل مَوْلَاهُ وَأخذ مَاله صَار حرا لذَلِك وَلَو أَصَابَهُ الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة فان ابا حنيفَة قَالَ هُوَ حر وَلَا تجْرِي عَلَيْهِ السِّهَام وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ ابو حنيفَة إِذا اسْلَمْ عبد رجل من أهل الْحَرْب فان بَاعه من مُسلم عتق وَإِن اصابه الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة عتق وَفِي قِيَاس قَوْله إِن بَاعه من حَرْبِيّ مثله عتق وَفِي قِيَاس قَوْله لَا يكون لَهُ وَلَاؤُه وَلَا يوالي من شَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يعْتق فِي شَيْء من ذَلِك

(4/262)


إِلَّا أَن يُصِيبهُ الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة فَيعتق ويوالي من شَاءَ أَو يخرج إِلَى دَار الْإِسْلَام مراغما لمَوْلَاهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن أسلم مَوْلَاهُ قبل أَن يَبِيعهُ فَهُوَ عَبده على حَاله وَإِن أعْتقهُ وهما مسلمان جَمِيعًا فِي دَار الْحَرْب فان عتقه جَائِز لِأَنَّهُمَا مسلمان لَا يجْرِي على وَاحِد مِنْهُمَا السَّبي وَلَيْسَ هَذَانِ كمن وَصفنَا قبلهمَا وَإِذا خرج عبد من أهل الْحَرْب مُسلما إِلَى دَار الْإِسْلَام فانه يعْتق ويوالي من شَاءَ
حَدثنَا مُحَمَّد عَن ابي يُوسُف عَن الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن عَبْدَيْنِ خرجا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يحاصر أهل الطَّائِف فأعتقهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(4/263)


حَدثنَا مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن

(4/264)


ابي بكر أَن عبيدا من أهل الطَّائِف خَرجُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْتقهُمْ فَلَمَّا أسلم أهل الطَّائِف كلموا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُولَئِكَ عُتَقَاء الله

(4/265)


وَلَو أَن عبدا من أهل الْحَرْب خرج بِأَمَان فِي تِجَارَة لمَوْلَاهُ فَأسلم فِي دَار الْمُسلمين فان الإِمَام يَبِيعهُ ويمسك الثّمن على
مَوْلَاهُ وَلَو كَانَ اسْلَمْ فِي دَار الْحَرْب ثمَّ خرج فِي تِجَارَة لمَوْلَاهُ وَهُوَ مُسلم فَهُوَ مثل الأول فان خرج مراغما لمَوْلَاهُ فَهُوَ حر ويوالي من شَاءَ فان جني قبل أَن يوالي عقل عَنهُ بَيت المَال وميراثه لبيت المَال وَإِن عقل عَنهُ بَيت المَال ثمَّ أَرَادَ أَن يوالي أحدا بعد الْعقل فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك وَلَكِن لَهُ أَن يتَحَوَّل مَا لم يعقل عَنهُ وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق عبدا فَأسلم عِنْده ثمَّ إِن الذِّمِّيّ نقض الْعَهْد وَلحق بدار الْحَرْب وَأخذ أَسِيرًا فَصَارَ عبدا لرجل وَأَرَادَ مَوْلَاهُ أَن يوالي رجلا لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ مولى عتاقة فِي دَار الْإِسْلَام فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَحَوَّل عَنْهَا وَإِن جنى جِنَايَة فَهُوَ يعقل عَن نَفسه وَإِن مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ وَرَثَة بَيت المَال فان عتق مَوْلَاهُ يَوْمًا فانه يَرِثهُ

(4/266)


إِن مَاتَ وَهُوَ مُسلم لِأَنَّهُ مَوْلَاهُ وَإِن جنى جِنَايَة بعد ذَلِك فانه يعقل عَنهُ مَوْلَاهُ وَهُوَ وَارثه إِن مَاتَ
- بَاب وَلَاء الْمُرْتَد
- إِذا ارْتَدَّ الرجل عَن الْإِسْلَام ثمَّ أعتق عبدا فان أَبَا حنيفَة قَالَ إِذا أسلم فعتقه جَائِز وَالْوَلَاء لَهُ
وَقَالَ إِن قتل على ردته أَو لحق بدار الْحَرْب على ردته فعتقه بَاطِل وَيقسم العَبْد بَين الْوَرَثَة مَعَ مِيرَاثه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عتقه جَائِز على كل حَال وَالْوَلَاء لَهُ فان قتل أَو مَاتَ أَو لحق بدار الْحَرْب فان الْوَلَاء للرِّجَال من ورثته وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ارْتَدَّت الْمَرْأَة عَن الْإِسْلَام ثمَّ اعتقت فان عتقهَا جَائِز وَالْوَلَاء لَهَا لِأَن الْمَرْأَة لَا تقتل
وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا لحق الْمُرْتَد وَقسم مِيرَاثه بَين الْوَرَثَة ثمَّ مَاتَ مولى لَهُ قد كَانَ الْمُرْتَد أعْتقهُ قبل ردته فورثه الرِّجَال من ورثته دون النِّسَاء ثمَّ جَاءَ الْمُرْتَد تَائِبًا فانه يَأْخُذ مَا وجد من مِيرَاثه فِي يَدي ورثته قَائِم بِعَيْنِه فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد وَلَا يَأْخُذ مَا وجد من مِيرَاث مَوْلَاهُ
وَإِذا دبر الْمُرْتَد عبدا ثمَّ مَاتَ أَو قتل أَو لحق بدار الْحَرْب فان

(4/267)


أَبَا حنيفَة قَالَ تَدْبيره بَاطِل لَا يجوز وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قتل أَو مَاتَ وَالْعَبْد حر وَالْوَلَاء للرِّجَال من ورثته وَإِذا لحق بِالدَّار وَقضي بلحاقه فَالْعَبْد حر إِذا أعْتقهُ القَاضِي وَالْوَلَاء للرِّجَال من ورثته وَهَذَا قَول ابي حنيفَة إِذا دبره قبل الرِّدَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ولدت أمة الْمُرْتَد فَهِيَ أم وَلَده فان مَاتَ أَو قتل أَو لحق بِالدَّار فَرفعت إِلَى السُّلْطَان أعْتقهَا وولاؤها للرِّجَال من ورثته اسْتحْسنَ فِي أم الْوَلَد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا لحق الْمُرْتَد بدار الْحَرْب فَرفع مِيرَاثه إِلَى الْحَاكِم وَله أُمَّهَات أَوْلَاد ومدبرون فان الْحَاكِم بِعِتْق أُمَّهَات اولاده الَّذين كن فِي الرِّدَّة وَقبلهَا وَيعتق مدبريه الَّذِي كَانُوا قبل الرِّدَّة وَلَا يعْتق مدبريه الَّذِي دبرهم فِي الرِّدَّة وَوَلَاء أُولَئِكَ المعتقين للرِّجَال من ورثته فان كَانَ لَهُ مكَاتب كَاتبه قبل الرِّدَّة فانقضي بمكاتبته بَين الْوَرَثَة فَإِذا أَدَّاهَا عتق وَكَانَ وَلَاؤُه للرِّجَال دون النِّسَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن كَانَ مكَاتبا كَاتبه فِي الرِّدَّة رَددته رَقِيقا بَين الْوَرَثَة
وَقَالَ ابو حنيفَة إِن رَجَعَ الْمُرْتَد بعد قسْمَة الْمِيرَاث أَو بعد عتاق من ذكرنَا فان ذَلِك كُله مَاض عَلَيْهِ إِلَّا مَا وجد من الْمِيرَاث قَائِما بِعَيْنِه فانه يَأْخُذهُ وَوَلَاء المعتقين لَهُ وميراثهم لَهُ إِن مَاتُوا بعد خُرُوجه

(4/268)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن رَجَعَ الْمُرْتَد تَائِبًا قبل قسْمَة مِيرَاثه وَقبل عتق أُمَّهَات أَوْلَاده ومدبريه فانه لَا يعْتق وَاحِد مِنْهُم وهم رَقِيق على حَالهم وَلَا يقسم مِيرَاثه وَيدْفَع ذَلِك كُله إِلَيْهِ
وَإِذا مَاتَ الْمولى وَقد كَانَ الْمُرْتَد أعْتقهُ قبل الرِّدَّة وَالْمُرْتَدّ مُقيم على حَاله فِي الدَّار فانه يَرِثهُ الرِّجَال من عصبَة الْمُرْتَد دون النِّسَاء وَلَا يَرِثهُ الْمُرْتَد لِأَنَّهُ لَا يَرث كَافِر من مُسلم وَإِن أسلم الْمُرْتَد بعد ذَلِك لم يَأْخُذ من مِيرَاثه شَيْئا فان كَانَ للْمولى ابْنة قد ورثت أَبَاهَا مَعَ الْعصبَة ثمَّ مَاتَت الِابْنَة بعد إِسْلَام الْمُرْتَد كَانَ الْمُرْتَد يَرِثهَا دون الرِّجَال من ورثته وَهُوَ مَوْلَاهَا دونهم وَإِذا أعتقت امْرَأَة عبدا ثمَّ إِن الْمَرْأَة ارْتَدَّت عَن الاسلام أَو أَعتَقته فِي ردتها ثمَّ لحقت بدار الْحَرْب مرتدة على حَالهَا فسيت فاشتراها العَبْد فانها أمة لَهُ وتجبر على الاسلام وَوَلَاء العَبْد لقومها على حَاله فان أعْتقهَا العَبْد كَانَت مولاة لَهُ يَرِثهَا إِن مَاتَت وَلَا وَارِث لَهَا وَإِن مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ فان الْمَرْأَة تَرثه لِأَنَّهَا أَعتَقته وَيعْقل عَنهُ قَومهَا الْأَولونَ وَلَو كَانَ اشْتَرَاهَا غير العَبْد فَأعْتقهَا وَكَانَ

(4/269)


قَومهَا بني أَسد فَأعْتقهَا رجل من هَمدَان فانه يعقل عَن العَبْد بَنو أَسد لَا يتَحَوَّل أبدا وترثه الْمَرْأَة إِن لم يكن لَهُ وَارِث رَجَعَ يَعْقُوب عَن هَذَا وَقَالَ يعقل عَنهُ هَمدَان ويتحول إِلَيْهَا وَلَاؤُه حَيْثُ مَا تحولت وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة من الْعَجم أسلمت وَلَا أهل لَهَا وَلَا قرَابَة فأعتقت عبدا بَعْدَمَا ارْتَدَّت عَن الْإِسْلَام ثمَّ لحقت بِالدَّار فسبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا ثمَّ مَاتَ الْمولى فانها تَرثه فان جنى الْمولى جِنَايَة فانه يعقل عَنهُ قَومهَا الَّذين صَارَت مولاة لَهُم أَلا ترى أَنَّهَا لَو لم ترتد عَن الْإِسْلَام وَكَانَت على حَالهَا فسبي أَبوهَا فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ أَن وَلَاء الْمَرْأَة وَوَلَاء مَوْلَاهَا يكون للَّذي أعتق الْأَب يعقل قومه عَنْهُم وَيَرِث مَوْلَاهَا إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره وَلَو أَن امْرَأَة سبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا ثمَّ اشترت عبدا فأعتقته ثمَّ رجعت عَن الْإِسْلَام وَلَحِقت بِالدَّار فسبيت فاشتراها رجل فَأعْتقهَا فان ولاءها لَهُ وَقد انْتقض الْوَلَاء الأول وَصَارَت مولاة لهَذَا الآخر وَلَو كَانَ مَوْلَاهَا مَاتَ فِي ردتها وَرثهُ مَوْلَاهَا الأول إِن لم يكن لَهُ وَارِث غَيره فان مَاتَ بعد مَا يعْتق أَو يسلم فانها تَرثه ويتحول وَلَاؤُه عَن مَوْلَاهَا الأول وقومها الْأَوَّلين يعْقلُونَ عَنهُ وَهِي تَرثه دونهم لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعتقَة أَلا ترى أَنه لَو كَانَ لَهَا ابْن وَهِي ميتَة كَانَت تَرث مَوْلَاهَا

(4/270)


هَذَا وَإِن كَانَ ابْنهَا من قوم آخَرين وعقل مَوْلَاهَا على قوم آخَرين وَكَذَلِكَ تَرثه بولائه ثمَّ رَجَعَ يَعْقُوب عَن هَذَا وَقَالَ يتَحَوَّل الْعقل إِلَى قَومهَا الآخرين وَهَذَا قَول مُحَمَّد وَلَو أَن رجلا من أهل الذِّمَّة أعتق عبدا فَأسلم العَبْد ثمَّ نقض الذِّمِّيّ الْعَهْد وَلحق بدار الْحَرْب فَأَرَادَ العَبْد أَن يوالي رجلا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ مُعتق وَلَا يتَحَوَّل وَلَاؤُه فان جنى جِنَايَة لم يعقل عَنهُ بَيت المَال وَكَانَت الْجِنَايَة عَلَيْهِ فِي مَاله فان مَاتَ وَترك مَالا وَرثهُ بَيت المَال لِأَنَّهُ لَا وَارِث لَهُ فان سبي مَوْلَاهُ فَاشْتَرَاهُ رجل فَأسلم عِنْده ثمَّ أعْتقهُ فان ولاءه للَّذي أعْتقهُ وَوَلَاء العَبْد الأول للذِّمِّيّ الَّذِي أعْتقهُ إِن مَاتَ وَرثهُ وَإِن جني جِنَايَة عقل عَنهُ قوم مَوْلَاهُ يتَحَوَّل إِلَيْهِم عَن بَيت المَال لِأَنَّهُ لم يكن لبيت المَال وَلَاء وَإِنَّمَا يَرث بَيت المَال عَمَّن لَا وَلَاء لَهُ وَيعْقل عَمَّن لَا عشيرة لَهُ من الْمُسلمين وَلَيْسَ من قبل أَنه مولى لَهُ وَلَكِن من قبل أَنه لَا عشيرة لَهُ وَلَا يَرِثهُ فاذا أعتق الَّذِي أعْتقهُ جر الْوَلَاء وَإِذا أسلمت امْرَأَة من أهل الذِّمَّة ثمَّ أعتقت عبدا ثمَّ رجعت عَن الْإِسْلَام وَلحق بدار الْحَرْب ثمَّ سبي أَبوهَا من دَار الْحَرْب كَافِرًا

(4/271)


فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ فَأَنَّهُ مَوْلَاهُ وَلَا يجر وَلَاء مَوْلَاهَا فان كَانَ مَوْلَاهَا الَّذِي أَعتَقته مُسلما فجني جِنَايَة فعقله على بَيت المَال وَإِن مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ أَبوهَا وَإِن كَانَ لَهَا ابْن مُسلم وَرثهُ ابْنهَا وَإِن سبيت هِيَ فاشتراها رجل فَأعْتقهَا وَأسْلمت ثمَّ مَاتَ العَبْد الْمُعْتق فانها تَرثه وَيرجع وَلَاؤُه إِلَيْهَا وَيعْقل عَنهُ قَومهَا الَّذين أعتقوه إِن جنى جِنَايَة وَإِن مَاتَت هِيَ ثمَّ مَاتَ الْمولى وَلها ابْن حر وَأب حر ومولاها الَّذِي أعْتقهَا فانه يَرِثهُ ابْنهَا وَلَا يَرِثهُ مَوْلَاهَا وَإِذا أعتق رجل من أهل الذِّمَّة عبدا مُسلما ثمَّ لحق الذِّمِّيّ بِالدَّار نَاقض للْعهد وَترك فِي دَار الْإِسْلَام بني عَم لَهُ من أهل الذِّمَّة ثمَّ مَاتَ الْمولى فانه يَرِثهُ بَيت المَال وَيعْقل عَن نَفسه إِن جنى جِنَايَة وَلَو اسْلَمْ ابْن عَم لمَوْلَاهُ قبل أَن يَمُوت العَبْد كَانَ هُوَ وَارِث العَبْد دون بَيت المَال وَلَو سبي الَّذِي أعْتقهُ فَاشْتَرَاهُ رجل فَأعْتقهُ وَأسلم فانه يرجع وَلَاء العَبْد إِلَيْهِ وَيعْقل عَنهُ قومه الَّذين أعتقوه أَلا ترى أَنه لَو جَاءَ مُسلما فوالي رجلا كَانَ مَوْلَاهُ وَكَانَ قومه يعْقلُونَ عَن العَبْد إِن جنى جِنَايَة فَكَذَلِك إِذا أعتق فَهُوَ أَجود فِي جر الْوَلَاء وَلَو أَن رجلا أسلم فِي دَار الْحَرْب وَكَانَ من أهل الْحَرْب أَو كَانَ مُرْتَدا فَأسلم ثمَّ أعتق عبدا مُسلما ثمَّ رجعُوا عَن الْإِسْلَام جَمِيعًا فأسرا ثمَّ

(4/272)


أسلم العَبْد وَأبي الْمولى أَن يسلم فَقتل فان وَلَاء العَبْد للْمولى وَلَا يتَحَوَّل أبدا وَإِن كَانَت لَهُ عشيرة كَانَ عقله عَلَيْهِم وميراثه لعصبة الْمولى مِنْهُم وَإِن لم يكن لَهُ عشيرة فميراثه لبيت المَال وعقله عَلَيْهِ
- بَاب الْإِقْرَار بِالْوَلَاءِ
- وَإِذا كَانَ الرجل مولى فَأقر أَنه مولى لفُلَان مولى عتاقة وَجَاء آخر يَدعِيهِ أَنه مَوْلَاهُ مولى عتاقه وَلَا بَيِّنَة لوَاحِد مِنْهُمَا فانه يكون مولى للَّذي أقرّ لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وابي يُوسُف وَمُحَمّد ويرثه إِن اقر الْمولى بذلك وَيعْقل عَنهُ قومه وَكَذَلِكَ لَو أقرّ أَنه مَوْلَاهُ مولى مُوالَاة والعربي يقر بذلك فان كَانَ للْمولى ولد كبار فجحدوا ذَلِك وَقَالُوا أَبونَا مولى لفُلَان مولى عتاقة فان اباهم يصدق على نَفسه وَيكون مولى للْآخر إِذا ادّعى ذَلِك الْعَرَبِيّ الْمقر لَهُ وَكَذَلِكَ الْبِنْت هِيَ فِي هَذِه بِمَنْزِلَة الابْن والعتاقة فِي هَذَا والموالاة سَوَاء وَلَو كَانَ الْوَلَد صغَارًا كَانَ أبوهم مُصدقا عَلَيْهِم وَكَانُوا موَالِي لمواليه فان كَانَ لَهُم أم فَقَالَت أَنا مولاة فلَان عتاقة وَقَالَ الْأَب لست مولى لذَلِك وَقَالَ الْأَب أَنا مولى فلَان مولى عتاقة وَمولى الْأُم

(4/273)


يصدقها وَمولى الْأَب يصدقهُ فان الْوَلَد مولى لموَالِي الْأَب وَلَا تصدق الْأُم وَكَذَلِكَ لَو قَالَت الْأُم أَنْت عبد فلَان وَقَالَ الْأَب بل كنت عبد فلَان فأعتقني وَصدقه فلَان فان القَوْل فِي ذَلِك قَول الْأَب وَالْولد مولى لمَوْلَاهُ وَلَو قَالَت الْمَرْأَة الْوَلَد وَلَدي من زوج غَيْرك وَكَانَ زَوجي مولى لمولاي وَقَالَ الزَّوْج بل هُوَ وَلَدي مِنْك فان القَوْل قَول الزَّوْج وَهُوَ مولي لموَالِي الزَّوْج وَلَا تصدق الْمَرْأَة وَلَو أَن امْرَأَة مولاة عتاقة مَعْرُوفَة لَهَا زوج مولى عتاقة ولدت الْمَرْأَة ولدا فَقَالَت وَلدته بعد عتقي بِخَمْسَة أشهر فَهُوَ مولي لموَالِي وَقَالَ الزَّوْج ولدتيه بعد عتقك لسنة فَهُوَ مولي لموَالِي فان القَوْل فِي هَذَا قَول الزَّوْج من قبل أَن الْمَرْأَة قد أقرَّت بِأَنَّهَا وَلدته وَهِي حرَّة فَلَا تصدق على جر الْوَلَاء وَإِذا كَانَ الرجل من الْعَرَب وَله زَوْجَة لَا تعرف ولدت مِنْهُ أَوْلَادًا ثمَّ أقرَّت أَنَّهَا مولاة لرجل وَادّعى ذَلِك الرجل فَهِيَ مصدقة على نَفسهَا فَأَما الْوَلَد فَيلْحق نسبهم بِالْأَبِ وَإِن قَالَت الْمَرْأَة أعتقني هَذَا الرجل وكذبها وَقَالَ هِيَ أمة لي فَهِيَ أمة لَهُ وَهَذَا مِنْهَا إِقْرَار بِالرّقِّ دَعْوَاهَا للرق من قبله إِقْرَار

(4/274)


لَهُ بِالرّقِّ وَلَا يصدق على وَلَدهَا فان كَانَ فِي بَطنهَا ولد فَهُوَ حر وَمَا حملت بِهِ بعد ذَلِك فَهُوَ رَقِيق فِي قَول ابي يُوسُف وَلَا يصدقها على إِفْسَاد النِّكَاح وَلَو أقرَّت الْأمة بعد أَن يكذبها الزَّوْج وَإِن كَانَت الْمَرْأَة فِي يَديهَا ولد وَلَا يعرف ابوه فأقرت أَنَّهَا مولاة رجل مولى عتاقة وصدقها فانها لَا تصدق على الابْن فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِن قَالَت إِن زَوجي كَانَ عبدا أَو كَانَ رجلا من أهل الأَرْض أسلم فانها مصدقة على الْوَلَد فِي قَول أبي حنيفَة وَيتبع الْوَلَد أمه وَلَا تصدق فِي قَول أبي يُوسُف وَإِذا أقرّ الرجل عِنْد مَوته أَنه مولى لفُلَان ووالاه وَأسلم على يَدَيْهِ وَصدقه فلَان فانه يَرِثهُ إِن لم يكن لَهُ وَارِث وَكَذَلِكَ لَو قَالَ كنت عبدا لَهُ فأعتقني أَو لِأَخِيهِ فلَان فأعتقني أَو لِابْنِ عَمه فلَان فأعتقني أَو أسلمت على يَدي ابْن عَمه وواليته وَهَذَا وَارثه وَلَا وَارِث لَهُ غَيره وَصدقه الرجل وَادّعى ذَلِك فانه يَرِثهُ وَإِن برأَ من ذَلِك الْمَرَض فجني جِنَايَة عقل عَنهُ قومه

(4/275)


وَإِذا أعتق رجل عبدا ثمَّ مَاتَ العَبْد فَأقر رجل أَن ذَلِك العَبْد أعْتقهُ وَصدقه الْمولى فانه وَارثه ومولاه يعقل عَنهُ وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أسلمت على يَدَيْهِ وواليته فَهُوَ سَوَاء وَإِذا اقر الرجل أَن فلَانا مولى لي فَقَالَ فلَان أَنا أَعتَقتك وَقَالَ الآخر بل أَنا أَعتَقتك فانه لَا يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْء وَلَا يصدق وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وَلَا يَمِين على وَاحِد مِنْهُمَا لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة النّسَب فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَإِذا أقرّ الرجل فَقَالَ أَنا مولى لفُلَان وَفُلَان أعتقاني جَمِيعًا وَأقر أَحدهمَا بذلك وَأنكر الآخر فان هَذَا الْمُنكر الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته وَإِن شَاءَ أعْتقهُ وَكَانَ الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِن شَاءَ ضمن صَاحبه إِن كَانَ غَنِيا وَكَانَ الْوَلَاء كُله لصَاحبه وَإِذا أقرّ الرجل أَن فلَانا مَوْلَاهُ أعْتقهُ ثمَّ قَالَ لَا بل فلَان أعتقني وادعياه جَمِيعًا فَهُوَ مولى للْأولِ مِنْهُمَا وَإِذا قَالَ أعتقني فلَان أَو فلَان وَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا أَنه هُوَ الْمُعْتق فان هَذَا الْإِقْرَار بَاطِل لَا يلْزم العَبْد مِنْهُ شَيْء وَلَكِن

(4/276)


يقر لأيهما شَاءَ أَو لغَيْرِهِمَا بِأَنَّهُ مَوْلَاهُ فَيجوز ذَلِك إِذا صدقه ذَلِك الْمولى وَكَذَلِكَ لَو أقرّ بذلك فِي مُوالَاة بِغَيْر عتاق وَإِذا أقرّ الرجل أَنه مولى لامْرَأَة أَعتَقته فَهُوَ جَائِز إِذا صدقته وَإِذا قَالَت لم أعتقك وَلَكِنَّك أسلمت على يَدي وواليتني فَهُوَ مولى لَهَا فان أَرَادَ التَّحَوُّل إِلَى غَيرهَا لم يكن لَهُ ذَلِك لِأَنَّهُ أقرّ أَنه مولى عتاقة فِي قَول ابي حنيفَة وَله أَن يتَحَوَّل فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَإِذا أقرّ الرجل أَنه اسْلَمْ على يَديهَا ووالاها وَقَالَت هِيَ بل أَعتَقتك فَهُوَ مَوْلَاهَا وَله أَن يتَحَوَّل عَنْهَا مَا لم يعقل عَنهُ قَومهَا وَهِي وارثته إِن لم يكن لَهُ وَارِث وَإِذا أقرّ الرجل أَن فلَانا أعْتقهُ وَقَالَ فلَان مَا أَعتَقتك وَلَا أعرفك وَلَا أَنْت مولى لي فاقر لآخر أَنه مَوْلَاهُ فَلَا يجوز ذَلِك فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة لِأَن الْوَلَاء بِمَنْزِلَة النّسَب أَرَأَيْت لَو قَالَ أَنا ابْن فلَان ثمَّ اراد بعد ذَلِك أَن ينْسب إِلَى آخر أَكنت أقبل مِنْهُ ذَلِك أرايت لَو شهد شَاهِدَانِ أَن فلَانا أعْتقهُ فَأعْتقهُ القَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثمَّ ادّعى أَحدهمَا أَنه أعْتقهُ وَأَنه مَوْلَاهُ واقر لَهُ العَبْد بذلك ألم يكن هَذَا بَاطِلا لَا يجوز أَرَأَيْت لَو قَالَ العَبْد أَنْت مولَايَ الَّذِي أعتقتني وَجَاء بِشَاهِدين على ذَلِك وَقَالَ الرجل مَا أَنْت مولاى وَلَا أعرفك وَمَا كنت عبدا لي

(4/277)


قطّ فَلم يزك الشَّاهِدين ثمَّ ادّعى أَن آخر أعْتقهُ وَصدقه الآخر أَكنت أقبل ذَلِك مِنْهُ وَإِن لم يصدقهُ الآخر وَأقَام على ذَلِك شُهُودًا أَكنت أقبل شُهُوده لست أقبل شَيْئا من هَذَا بعد الدَّعْوَى الأولى فِي قَول ابي حنيفَة وَفِي قَول ابي يُوسُف وَمُحَمّد يتَحَوَّل إِلَى غَيره إِذا صدقه بِالدَّعْوَى الَّذِي تحول إِلَيْهِ وَقد أنكر ذَلِك الأول وَإِذا مَاتَ رجل من الموَالِي وَترك ابْنا وَابْنَة فَادّعى رجل من الْعَرَب أَن أَبَاهُ أعتق الْمَيِّت وَهُوَ يملكهُ وَصدقه الابْن وَادّعى رجل آخر من الْعَرَب أَن اباه أعْتقهُ وَهُوَ يملكهُ وصدقته الِابْنَة فَكل وَاحِد مِنْهُمَا مولى للَّذي أقرّ أَنه مَوْلَاهُ وَلَو كَانَ ابْنَانِ أقرا بذلك كَانَ سَوَاء وَلَو كن بَنَات فأقررن جَمِيعًا بِمثل مَا أقرَّت بِهِ الابنتا إِلَّا وَاحِدَة أقرَّت لهَذَا الآخر فَكل فريق مِنْهُم موَالٍ للَّذي أقرُّوا لَهُ يعقل عَنْهُم ويرثهم إِن لم يكن لَهُ وَارِث
- بَاب عتق الْحمل
- وَإِذا أعتق الرجل مَا فِي بطن أمته فان ابا حنيفَة قَالَ إِن ولدت ولدا بعد قَوْله بِخَمْسَة أشهر أَو سِتَّة أشهر إِلَّا يَوْم فانه حر وَالْوَلَاء لَهُ

(4/278)


فان ولدت بعد القَوْل لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا فانه لَا يعْتق وَهُوَ رَقِيق وَإِذا قَالَ الرجل لأمته مَا حملت بِهِ من حَبل فَهُوَ حر فَولدت بعد هَذَا القَوْل لأَقل من سِتَّة أشهر فانها لَا تعْتق لِأَنَّهَا كَانَت حَامِلا لَهُ يَوْم تكلم بِالْعِتْقِ وَإِنَّمَا يعْتق مَا حملت بِهِ بعد الْكَلَام وَإِن ولدت بعد الْكَلَام لسنة أَو لِسنتَيْنِ إِلَّا يَوْم فانه لَا يعْتق لِأَن الْحَبل لَا يعلم أَنه كَانَ بعد الْكَلَام أَو لم يكن وَلَو قَالَ مَا فِي بَطْنك حر ثمَّ قَالَ إِن حبلت فسالم غلامي حر فَولدت بعد القَوْل لسنة كَانَ القَوْل قَوْله فان أقرّ أَنَّهَا كَانَت حُبْلَى عتق مَا فِي بَطنهَا
وَإِذا أقرّ أَنه حَبل مُسْتَقْبل عتق سَالم وَلَو جائت بِهِ لأكْثر من سنتَيْن مُنْذُ يَوْم قَالَ هَذَا القَوْل عتق سَالم لِأَنَّهُ حَبل مستبقبل وَإِذا أوصى الرجل بِمَا فِي بطن أمته فُلَانُهُ فَأعْتقهُ الْمُوصى لَهُ بعد مَوته فان عتقه جَائِز وَهُوَ مَوْلَاهُ وَإِن ضرب إِنْسَان بَطنهَا فألقته مَيتا فان فِيهِ مَا فِي جَنِين الْحر وَهُوَ مِيرَاث لمَوْلَاهُ الَّذِي أعْتقهُ وَإِذا أوصى رجل عِنْد مَوته بِمَا فِي بطن أمته فُلَانُهُ لفُلَان فَأعْتقهُ الْمُوصى لَهُ بِهِ وَأعْتق الْوَارِث الْخَادِم وَأعْتق مولى الزَّوْج زوج هَذِه

(4/279)


الْأمة فان وَلَاء الزَّوْج للَّذي أعْتقهُ وَلَا يجر وَلَاء الْخَادِم وَلَا وَلَاء وَلَدهَا وَوَلَاء الْخَادِم للَّذي أعْتقهَا وَوَلَاء وَلَدهَا للَّذي أعْتقهُ فان ضرب إِنْسَان بَطنهَا فألقته مَيتا فان فِيهِ مَا فِي جَنِين الْحرَّة وَذَلِكَ مِيرَاث لِأَبِيهِ وَأمه لِأَنَّهُمَا حران فان كَانَ عتقهما بعد الضَّرْبَة وَقبل أَن تسْقط فان الْغرَّة لمَوْلَاهُ الَّذِي أعْتقهُ وَإِن كَانَا أعتقا بعد مَا سقط فَهُوَ كَذَلِك أَيْضا لِأَن الْغرَّة قد وَجَبت للْمولى قبل أَن يعتقها وَلَو أَن رجلا أعتق أمة لَهُ وَزوجهَا مولى عتاقة فَولدت بعد الْعتْق لأَقل من سِتَّة أشهر فان وَلَاء الْوَلَد لموَالِي الْأُم لِأَن الْحَبل قد كَانَ فِي الرّقّ وَلَو ولدت بعد الرّقّ لسِتَّة أشهر فَصَاعِدا فان الْوَلَاء لموَالِي الْأَب لِأَن الْحَبل قد كَانَ بعد الْعتْق وَلَو أَن الزَّوْج مَاتَ عَنْهَا أَو طَلقهَا اثْنَتَيْنِ ثمَّ أعْتقهَا الْمولى بعد ذَلِك ثمَّ جَاءَت بِولد لتَمام سنتَيْن وَالْآخر بعد ذَلِك بِيَوْم كَانَ كَذَلِك أَيْضا وَلَو طَلقهَا وَاحِدَة يملك الرّجْعَة ثمَّ أعْتقهَا مَوْلَاهُ ثمَّ جَاءَت ولد لتَمام سنتَيْن مُنْذُ يَوْم طَلقهَا الزَّوْج انْقَضتْ بِهِ الْعدة وَكَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأُم لِأَن الْعتْق وَقع عَلَيْهَا وَهِي حَامِل وَلَو جَاءَت بِهِ

(4/280)


لأكْثر من سنتَيْن بِيَوْم كَانَت هَذِه رَجْعَة من الزَّوْج وَكَانَ الْوَلَاء لموَالِي الْأَب لِأَن الْعتْق عَلَيْهَا كَانَ وَكَانَ هَذَا الْحَبل حَادث بعد الْعتْق وَالطَّلَاق
وَإِذا أعتق الرجل مَا فِي بطن أمته فَولدت لتسعة أشهر فَقَالَت للْمولى قد أَقرَرت أَنِّي حَامِل بِقَوْلِك مَا فِي بَطْنك فَقَالَ الْمولي هَذَا جبل حَادث فَالْقَوْل قَول الْمولى وَلَا يعْتق وَلَو قَالَ الْمولى لأمته مَا فِي بَطْنك فَقَالَ الْمولى هَذَا حَبل حَادث فَالْقَوْل قَول الْمولى وَلَا يعْتق وَلَو قَالَ الْمولى لأمته مَا فِي بَطْنك حر ثمَّ بَاعهَا فَولدت لأَقل من سِتَّة أشهر بعد هَذَا القَوْل فان البيع فَاسد لَا يجوز وَعتق مَا فِي الْبَطن مَاض جَائِز وَلَو وَلدته لأكْثر من سِتَّة أشهر جَازَ البيع وَلم يعْتق وَإِذا أوصى رجل بِمَا فِي بطن أمته لرجل فَأعتق الْوَارِث الْأمة وَهِي حَامِل فانه جَائِز وولاؤها وَوَلَاء مَا فِي بَطنهَا لَهُ وَهُوَ ضَامِن لقيمة مَا فِي بَطنهَا يَوْم تَلد
- بَاب الْيَمين فِي الْوَلَاء
- وَإِذا ادّعى رجل على رجل فَقَالَ كنت عبدا لَك فأعتقني فَأَنا مَوْلَاك فَأنْكر الْمولى ذَلِك وَقَالَ أَنْت عَبدِي على حالك فانه يحلف فان حلف فَهُوَ عبد وَإِن نكل عَن الْيَمين فَهُوَ حر وَالْوَلَاء لَهُ وَكَذَلِكَ لَو ادّعى عتقا على مَال فَهُوَ مثل ذَلِك غير أَن المَال

(4/281)


يلْزمه وَكَذَلِكَ لَو ادّعى مُكَاتبَة فَهُوَ مثل ذَلِك وَإِذا نكل عَن الْيمن ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة عتق وَكَانَ الْوَلَاء لَهُ وَإِن ادّعى حر وَلَاء على رجل من الْعَرَب فَقَالَ أَنْت مولَايَ كنت عبدا لَك فأعتقتني فَقَالَ الْعَرَبِيّ مَا كنت عبدا لي وَلَا أَعتَقتك فَقَالَ احْلِف فانه لَا يحلف فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة لِأَن الْوَلَاء بِمَنْزِلَة النّسَب وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول لَا يحلف على نسب وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحلف فِي ذَلِك كُله وَإِذا ادّعى الْعَرَبِيّ أَنه هُوَ الَّذِي أعْتقهُ وَجحد الْمولى الْوَلَاء فَأَرَادَ الْعَرَبِيّ أَن يسْتَحْلف الْمولى فَهُوَ مثل ذَلِك وَلَا يَمِين عَلَيْهِ فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة وَإِذا ادّعى رجل من الموَالِي على رجل من الْعَرَب أَنه أسلم على يَدَيْهِ ووالاه وَجحد الْعَرَبِيّ فَهُوَ مثل ذَلِك فان أَرَادَ أَن يستحلفه لم يكن لَهُ ذَلِك وَكَذَلِكَ لَو ادّعى الْمولى وَجحد الْعَرَبِيّ فَهُوَ مثل ذَلِك وَلَا يَمِين فِي ذَلِك وَالْمَرْأَة وَالرجل فِي ذَلِك سَوَاء
وَكَذَلِكَ لَو ادّعى على وَرَثَة ميت قد مَاتَ وَترك ابْنة وَترك مَالا

(4/282)


فَقَالَ الْعَرَبِيّ أَنا مولى ابيك الَّذِي أَعتَقته ولي نصف مِيرَاثه مَعَك فَأَرَادَ يَمِينهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا يَمِين فِي الْوَلَاء وَلَا فِي الْعتْق وَلكنهَا تحلف مَا تعلم لَهُ فِي مِيرَاث أَبِيهَا حق وَلَا مِيرَاث فان حَلَفت بَرِئت من ذَلِك وَإِن نكلت عَن الْيَمين لَزِمَهَا ذَلِك فِي نصِيبهَا وَكَانَ لَهُ نصف نصِيبهَا فان لم يعلم لَهُ وَارِثا غَيرهَا كَانَ المَال بَينهمَا نِصْفَيْنِ وَإِذا ادّعى رجل من الموَالِي على رجل من الْعَرَب أَنه مَوْلَاهُ الَّذِي اعتقه والعربي غَائِب ثمَّ بدا للْمولى وَادّعى ذَلِك على رجل آخر وَأَرَادَ استحلافة فانه لَا يسْتَحْلف لَهُ فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة من قبل وَجْهَيْن أَنه فِي الْوَلَاء وَأَنه قد ادّعى ذَلِك على غَيره وَإِذا أقرّ الْعَرَبِيّ الآخر بذلك وَقَالَ أَنْت مولَايَ فانه لَا يكون مَوْلَاهُ فِي قِيَاس قَول ابي حنيفَة من قبل أَنه أقرّ بذلك للْغَائِب فَقَالَ أَنْت مولَايَ أَلَيْسَ هُوَ أولاهما وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِن قدم الْغَائِب فانكر الْوَلَاء فَهُوَ للْآخر فان ادّعى الْوَلَاء فَهُوَ أَحَق بِهِ

(4/283)


وَإِذا ادّعى رجل من الْعَرَب على رجل مُسلم من أهل الأَرْض أَنه وَالَاهُ وَجحد الْمُسلم فَأَرَادَ استحلافه وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فان أقرّ الْمُسلم بعد ذَلِك أَنه قد كَانَ وَالَاهُ فَهُوَ مَوْلَاهُ وَلَا يكون جحوده ذَلِك نقضا للولاء وَلَا رُجُوعا عَنهُ وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الْمولى هُوَ الَّذِي ادّعى وَجحد الْعَرَبِيّ ثمَّ أقرّ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة فِي هَذَا وَلَو أَن رجلا مولى قتل رجلا خطأ فجَاء وَرَثَة الْمَقْتُول فَادعوا على قتيله أَنهم موَالِيه وَادعوا على رجل مِنْهُم أَنه أعْتقهُ قبل الْقَتْل فَجحد ذَلِك فارادوا استحلافه فَلَيْسَ لَهُم ذَلِك وَلَا ضَمَان على الْمولى وَلَا على الْعَاقِلَة وَإِن أقرّ الْمُعْتق بذلك لم يصدق على الْعَاقِلَة إِذا جَحَدُوا وَكَانَت الدِّيَة على الْقَاتِل فِي مَاله وَإِذا قتل رجلا رجلا خطأ فجَاء رجل فَادَّعَاهُ أَنه ولى الْمَقْتُول وَأَنه أعْتقهُ قبل الْقَتْل وَأَنه لَا وَارِث لَهُ غَيره وَأَرَادَ استحلاف الْقَاتِل على ذَلِك وَالْقَاتِل مقرّ بِالْقَتْلِ وَهُوَ يُنكر أَن يكون هَذَا مَوْلَاهُ ووارثه فانه لَا يسْتَحْلف على الْوَلَاء وَلكنه يستحلفه مَا يعلم لهَذَا فِي دِيَة فلَان الَّتِي عَلَيْك حَقًا فان حلف بَرِيء من ذَلِك وَإِن نكل عَن الْيَمين لزمَه ذَلِك

(4/284)


- بَاب اللّعان فِي الْوَلَاء
- وَإِذا لَاعن الرجل بِولد فقضي القَاضِي بِاللّعانِ وألزم الْوَلَد أمه وَكبر الْوَلَد فان كَانَ من الْعَرَب فعقله على عَاقِلَة أمه وَإِن كَانَ من الموَالِي فعقله على موَالِي أمه وَوَلَاؤُهُ لَهُم وهم يَرِثُونَ إِن لم يكن لَهُ وَارِث فان أعتق ابْن الْمُلَاعنَة عبدا أَو أمه فان عقل هَذَا العَبْد أَو الْأمة إِن جني جِنَايَة على عَاقِلَة الْأُم وَإِن مَاتَ العَبْد وَلَا وَارِث لَهُ وَرثهُ أقرب النَّاس من الْأُم إِذا كَانَ الَّذِي أعْتقهُ قد مَاتَ وَأمه قد مَاتَت وَإِن كَانَ للْأُم ابْن ثمَّ مَاتَ الْمولى وَلَا وَارِث لَهُ غير ابْن الْأُم وَهُوَ أَخُو الْمُعْتق لأمه فانه يَرِثهُ الْمولى كَأَنَّهُ أَخُو الْمُعْتق لِأَبِيهِ وَأمه وَإِن كَانَ لَهُ أَخ وَأُخْت كَانَ مِيرَاث الْمولى للْأَخ دون الْأُخْت لَا يَرث النِّسَاء من ذَلِك شَيْئا وَإِن لم يكن لَهُ وَارِث غير أمه الْمُلَاعنَة لم يكن لَهَا من الْمِيرَاث شَيْء وَكَانَ الْمِيرَاث لأَقْرَب النَّاس مِنْهَا من الذُّكُور لِأَنَّهَا امْرَأَة وَلَا تَرث من الْوَلَاء إِلَّا مَا أعتقت فان كَانَ لَهَا مولى هُوَ الَّذِي أعْتقهَا فانه يَرِثهُ

(4/285)


وَلَو أَن أَب الْملَاعن ادّعى الْوَلَد بعد اللّعان وَهُوَ حَيّ فَيثبت نسبه مِنْهُ رَجَعَ وَلَاء الْمولى إِلَى عَاقِلَة الْأَب فان كَانَ عَاقِلَة الْأُم عقلوا عَنهُ رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب وَإِن كَانَ للِابْن مولى أسلم على يَدَيْهِ ووالاه رَجَعَ وَلَاؤُه إِلَى عَاقِلَة الْأَب وَإِن كَانَ عَاقِلَة الْأُم قد عقلوا عَنهُ رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب ويتحول إِلَى عَاقِلَة الْأَب إِذا كَانَ الابْن حَيا يَوْم يَدعِيهِ الْأَب وَيضْرب الْأَب مَعَ ذَلِك الْحَد فان لم يكن الابْن حَيا لم يجز دَعْوَة الْأَب وَلَا يجر شَيْئا من هَذَا الْوَلَاء فان كَانَ الْوَلَد ابْن حَيّ فان الْوَلَاء يرجع إِلَى موَالِي الْأَب فِي ذَلِك كُله لِأَن هَاهُنَا ولدا يثبت نسبه وَلَو كَانَ الْوَلَد الَّذِي لَاعن بِهِ ابْنة فادعاها وَهِي حَيَّة ثَبت نَسَبهَا مِنْهُ وَرجع وَلَاء مواليها إِلَيْهِ وَإِن كَانَ قوم أمهَا قد عقلوا عَنْهَا رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب فان كَانَت

(4/286)


قد مَاتَت وَتركت ابْنا فَهُوَ مثل ذَلِك أَيْضا لِأَن هَاهُنَا ولدا مِنْهَا يكون الْملَاعن جده فِي قَول يَعْقُوب وَمُحَمّد وَأما فِي قَول أبي حنيفَة فَلَا يثبت النّسَب وَهُوَ بِمَنْزِلَة ابْن الْمُلَاعنَة إِذا مَاتَ وَلَا ولد لَهُ وَإِذا أعتق ولد الْمُلَاعنَة عبدا ثمَّ مَاتَ ثمَّ ادَّعَاهُ الْأَب الَّذِي لَا عَن بِهِ فانه لَا يصدق وَلَا يكون ابْنة وَلَا يتَحَوَّل وَلَاء العَبْد إِلَى موَالِي الْأَب لِأَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا ولد يثبت نسبه من الْأَب وَإِذا لَاعن بولدين يَوْمًا وألزم الْولدَان الْأُم فَأعتق أَحدهمَا عبدا ثمَّ مَاتَ ثمَّ ادّعى الْأَب الْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا وَأَحَدهمَا حَيّ فان نسبهما جَمِيعًا ثَابت مِنْهُ لِأَن أَحدهمَا حَيّ ويتحول وَلَاء العَبْد إِلَى عَاقِلَة الْأَب وَإِن كَانَ موَالِي الْأُم عقلوا عَنهُ رجعُوا بذلك على عَاقِلَة الْأَب
وَلَو كَانَت أمّهم مولاة عتاقة وأبوهم رجل أسلم من أهل الأَرْض فلاعنها ثمَّ ادعاهم بعد اللّعان فان هَذَا فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد لَا يتَحَوَّل ولاؤهم إِلَى موَالِي الْأَب لِأَن الْأُم مولاة عتاقة وَمَا أعتق الْوَلَد من

(4/287)


عبد أَو أمة فانهم موَالِي موَالِي الْأُم وهم يعْقلُونَ عَنهُ ويرثونهم إِذا لم يكن لَهُم وَارِث غَيرهم وَإِن كَانَ الْأَب حَيا كَانَ هُوَ وَارِث الْمولى إِذا لم يكن لَهُم وَارِث غَيرهم وَإِن كَانَ ابْنه الَّذِي أعتقهم قد مَاتَ قبل ذَلِك لِأَنَّهُ أقرب إِلَى الابْن من عصبَة الْأُم وَيعْقل عَنهُ قوم الْأُم فِي قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَأما فِي قَول ابي يُوسُف فهم موَالٍ لموَالِي الْأَب إِن كَانَ والى أحدا
كتاب الْقَوْم من الْعَرَب على قوم من الدهاقين
يواليهم عَن أنفسهم وَعَن غَيرهم ويوالي الْعَرَب الدهاقين لأَنْفُسِهِمْ ولغيرهم بوكالة مِنْهُم هَذَا كتاب لفُلَان وَفُلَان من فلَان وَفُلَان وَفُلَان من الدهاقين أَنا وَفُلَان وكلوا أَن نوالي قوما من الْعَرَب ونعاقدهم ونعاهدهم على الْوَلَاء لأَنْفُسِهِمْ وَلنَا وَإِن فلَانا وَفُلَانًا وكلوكم بِأَن توالوا لأنفسكم وَلَهُم من أَرَادَ الْمُوَالَاة من أهل الْإِسْلَام مِمَّن لَا عشيرة لَهُ وَلَا وَلَاء فصدقناكم بِهَذِهِ الْوكَالَة وصدقتمونا بِمَا ذكرنَا من وكَالَة فلَان

(4/288)


وَفُلَان وَفُلَان وَإِنَّا واليناكم وعاقدناكم وعاهدناكم وجعلتم لنا عهد الله وميثاقه بِالْوَفَاءِ بذلك فَنحْن وَفُلَان وَفُلَان مواليكم وموالي فلَان وَفُلَان يجْرِي لكم علينا مَا يجْرِي للْمولى على مَوْلَاهُ من النُّصْرَة والحياطة والمعونة وَالْعقل وَالْعرض فِي الدِّيوَان والعداد وَالْحرم الَّذِي يجْرِي بَينهم وَبَين مواليهم وَيجْرِي لكم علينا مَا يجْرِي للموالي على مواليهم مِمَّا سمينا فِي كتَابنَا هَذَا من الْمَوَارِيث وَجعل كل فريق منا لأَصْحَابه الْوَفَاء بذلك وَشهد فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَكَتَبُوا شَهَادَتهم جَمِيعًا وختموا فِي شهر كَذَا من سنة كَذَا
آخر كتاب الْوَلَاء كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي شهر الله الْمحرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلَاته على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا أَجْمَعِينَ

(4/289)