قلت إِن كَانَ الَّذِي مَاتَ مِنْهُمَا
الْمُدبر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ ترك مَالا يخرج نصِيبه
من الثُّلُث عتقت كلهَا وَلَا سِعَايَة عَلَيْهَا وَإِن لم تكن تخرج من
الثث عتق نصيب الآخر وسعت للْوَرَثَة وَرَثَة الْمَيِّت فِيمَا زَاد
على الثُّلُث وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأما فِي قَول أبي يُوسُف
وَمُحَمّد فاذا دبرهَا الأول فقد صَارَت مُدبرَة كلهَا لَهُ فان
وَطئهَا الآخر بعد ذَلِك لم يثبت نسب وَلَدهَا مِنْهُ وَكَانَت هِيَ
وَوَلدهَا مُدبرين للَّذي دبرهَا وتغرم نصف قيمتهَا وَيغرم الَّذِي
وَطئهَا جَمِيع عقرهَا للَّذي دبرهَا
- بَاب جِنَايَة أم ولد الذِّمِّيّ
-
قلت أَرَأَيْت أم ولد الذِّمِّيّ إِذا جنت جِنَايَة مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ على سَيِّدهَا الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن قيمتهَا قلت
فَهِيَ فِي جنايتها وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا بِمَنْزِلَة جِنَايَة أم
ولد الذِّمِّيّ ثمَّ جنت جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هُوَ
على الْمولى على مَا ذكرت لَك قلت وَهِي فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة
جِنَايَة مُدبر الذِّمِّيّ إِذا أسلم قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بالسعاية
فِي جيمع مَا ذكرت لي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ القَاضِي قضي
عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا
(4/333)
مَا القَوْل فِيهَا قَالَ إِذا جنت
جِنَايَة بعد مَا قضي القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية قَالَ عَلَيْهَا أَن
تسْعَى فِي الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة قلت وَهِي فِي ذَلِك
بِمَنْزِلَة مُدبر الذِّمِّيّ قد قضي عَلَيْهِ بالسعاية فِي جَمِيع مَا
ذكرت لي قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِذا جنت جِنَايَة بعد مَا قضي
القَاضِي عَلَيْهَا بالسعاية فِي قيمتهَا ثمَّ مَاتَ السَّيِّد قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهَا مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هِيَ حرَّة وتسعى فِي الْأَقَل من الْجِنَايَة
وَمن الْقيمَة يَوْم جنت قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن سَيِّدهَا عجل عتقهَا
قبل أَن يَمُوت قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك قد كَانَ
لَزِمَهَا قبل الْعتْق قلت أَرَأَيْت مَا أفسدت أم ولد الذِّمِّيّ أَو
أم ولد الْمُسلم من ثوب استهلكته أَو دَابَّة قتلتها أَو دَار هدمتها
لرجل مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ كل ذَلِك لَازم لَهَا فِي عُنُقهَا
تسْعَى فِيهِ بَالغا مَا بلغ قلت وَلَا يكون على السَّيِّد من ذَلِك
شَيْء قَالَ لَا
قلت وَلَا يشبه هَذَا الْجِنَايَات فِي النَّاس قَالَ لَا لِأَن هَذَا
بِمَنْزِلَة الدّين فِي عُنُقهَا
- بَاب جِنَايَة العَبْد يعْتق بعضه أَو الْأمة وَهِي تسْعَى فِي
بَقِيَّة قيمتهَا
- قلت أَرَأَيْت رجلا أعتق نصف عَبده ثمَّ جنى جِنَايَة بعد ذَلِك خطأ
قبل أَن يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ بالسعاية أهوَ سَوَاء قَالَ نعم قلت
(4/334)
فَمَاذَا يلْزمه من جِنَايَته قَالَ
الْأَقَل من الْجِنَايَة وَالْقيمَة يسْعَى فيا قلت وَهُوَ عنْدك فِي
ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمكَاتب فِي جِنَايَته قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت
الْجِنَايَة عَلَيْهِ مَا القَوْل فِيهَا قَالَ بِمَنْزِلَة
الْجِنَايَة على الْمكَاتب فِي عينه نصف قِيمَته وَفِي يَده نصف
قِيمَته
قلت أَرَأَيْت إِن قطعت يَدَاهُ أَو فقئت عَيناهُ مَا على فَاعل ذَلِك
قَالَ مَا نقص من قِيمَته قلت وَهُوَ عنْدك بِمَنْزِلَة العَبْد مَا لم
يؤد مَا عَلَيْهِ من السّعَايَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى جنى
جِنَايَة أُخْرَى أَو جنى جنايات مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي
القَاضِي عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي قِيمَته لأَصْحَاب الْجِنَايَات
فَيَقْضِي عَلَيْهِ بذلك فَيكون بَينهم على قدر جناياتهم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى جِنَايَة فقضي القَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه
ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي
عَلَيْهِ بِقِيمَة أُخْرَى قلت وحاله فِي هَذَا كَحال الْمكَاتب قَالَ
نعم قلت أَرَأَيْت إِن ولد لَهُ فِي سعايته ولد من أم ولد لَهُ ثمَّ
مَاتَ هَل على وَلَده أَن يسْعَى فِيمَا على أَبِيه من السّعَايَة
قَالَ نعم قلت
(4/335)
وَيسْعَى أَيْضا فِي الْأَقَل من
الْجِنَايَة وَمن قيمَة ابيه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت
مَمْلُوكَة قَالَ نعم قلت وحالها فِي هَذَا كَحال ولد الْمكَاتب قَالَ
نعم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى على مَوْلَاهُ جِنَايَة أَو جنى الْمولى
عَلَيْهِ أَيكُون الْمولى فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة غَيره قَالَ نعم قلت
وحاله فِي جَمِيع أمره كَحال الْمكَاتب إِلَّا أَن لَا يرد فِي الرّقّ
أبدا قَالَ نعم وَهَذَا كُله قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد فِي ذَلِك كُله إِذا أعتق الْمولى بعضه عتق كُله وَصَارَ حرا
وجنايته كجناية الْحر وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ كالجناية على الْحر
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب إِذا جنى وَهُوَ مكَاتب ثمَّ عجز قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهِ
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل رجلا خطأ ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي
عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان شَاءَ دَفعه
وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلم وَقد جنى وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ قد
عجز فَرد فِي الرّقّ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ فَرد فِي الرّقّ وَهِي
جِنَايَة فِي عُنُقه وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
أماأنا فَأرَاهُ إِذا جنى وَهُوَ مكَاتب فقضي عَلَيْهِ أَو لم يقْض
عَلَيْهِ فَهُوَ دين عَلَيْهِ الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن
(4/336)
قِيمَته لِأَنَّهُ قد وَجب عَلَيْهِ ذَلِك
وَهُوَ مكَاتب فَلَا أُبَالِي أخوصم فِيهِ إِلَى القَاضِي أَو لم
يُخَاصم أَلا ترى أَنه لَو خاصمه الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب لم
يقْض عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا ذكرت لَك بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن
الْقيمَة ثمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك إِلَى قَول أبي حنيفَة
وَهُوَ قَول مُحَمَّد لِأَنَّهُ دخل عَلَيْهِ فِيهِ أَلا ترى لَو أَن
رجلا جنى عِنْده جِنَايَة فكاتبه وَهُوَ لَا يعلم ثمَّ عجز ثمَّ جَاءَ
ولى المجنى عَلَيْهِ دفع عَلَيْهِ أَلا ترى أَن هَذَا لم يمْنَع عِنْده
قطّ من أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ جنى وَهُوَ عبد وَطلبت
الْجِنَايَة قبله وَهُوَ كَذَلِك فيدفعه إِلَيْهِ وَلَا يَسْتَقِيم أَن
يكون عَلَيْهِ قيمَة عَبده وَهُوَ عَبده على حَاله يقدر على دَفعه
بِجِنَايَتِهِ وَلم يخرج من ملكه أَلا ترى أَنه لَو خاصمه الْمَجْنِي
عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب لم يقْض عَلَيْهِ إِلَّا بِمَا ذكرت لَك من
الْجِنَايَة أَو من الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا قتل رجلا خطأ أَو رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة
أَو جنى جنايات كَثِيرَة وَهُوَ مكَاتب ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي
عَلَيْهِ بِشَيْء من تِلْكَ الْجِنَايَات مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع الْمكَاتب وَإِن شَاءَ فدَاه فِي
ذَلِك كُله كَأَنَّهُ جنى وَهُوَ عبد فان دَفعه كَانَ العَبْد بَينهم
على قدر جناياتهم وَإِن فدَاه أدّى كل رجل مِنْهُم أرش جِنَايَته
(4/337)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة أَو
جنايات كَثِيرَة فَأعْتقهُ سَيّده قبل أَن يعجز مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ عتقه جَائِز وَينظر إِلَى الْجِنَايَات يَوْم جنى وَإِلَى
قِيمَته يَوْمئِذٍ فَيكون على الْمكَاتب من ذَلِك دينا عَلَيْهِ
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد وَجب عَلَيْهِ ذَلِك يَوْم جنى أَلا ترى
أَنه لَو خاصمه إِلَى القَاضِي على تِلْكَ الجال قضي عَلَيْهِ
بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَات وَمن قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت
قِيمَته أقل من الْجِنَايَات يقْضِي القَاضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ بعد
مَا أعْتقهُ الْمولى كَيفَ تكون الْقيمَة بَينهم قَالَ تقسم الْقيمَة
بَينهم على جَمِيع أرش جناياتهم فَيكون لكل إِنْسَان بِقدر حِصَّته من
ذَلِك فَمَا أصَاب كل إِنْسَان بِحِصَّتِهِ من تِلْكَ الْقيمَة كَانَ
دينا على الْمكَاتب يُؤَدِّيه إِلَيْهِ قلت لَو أدّى إِلَى بَعضهم هَل
يشركهُ الْآخرُونَ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة
مكَاتب عتق وَعَلِيهِ دين لقوم شَتَّى فاذا أدّى إِلَى بَعضهم شَيْئا
سلم دون الآخرين فَكَذَلِك الْجِنَايَة لِأَنَّهَا قد صَارَت دينا
عَلَيْهِ حَيْثُ قضي عَلَيْهِ بهَا قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ قضي
عَلَيْهِ وَهُوَ مكَاتب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا قضي عَلَيْهِ
وَهُوَ مكَاتب فَلم يعْتق وَلكنه على مُكَاتبَته بعد قَالَ نعم هَذَا
كُله سَوَاء وَهُوَ بِمَنْزِلَة الدّين يكون عَلَيْهِ
(4/338)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة
ثمَّ عجز فَأعْتقهُ الْمولى وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ أَو لَا يعلم
بهَا قَالَ إِن أعْتقهُ وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِن
لجَمِيع أرش الْجِنَايَة بَالغا مَا بلغ وَإِن كَانَ أَكثر من الْقيمَة
وَإِن كَانَ لَا يعلم ضمن الْقيمَة إِلَّا أَن تكون الْجِنَايَة أقل
قلت وَلم وَقد جنى وَهُوَ مكَاتب قَالَ لِأَنَّهُ إِذا عجز قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ عبد جنى فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ فان كَانَ
يعلم فَعَلَيهِ جَمِيع الْجِنَايَة وَإِن كَانَ أكثرمن الْقيمَة وَإِذا
لم يعلم فَعَلَيهِ الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ وَقد جنى
جِنَايَة فِي الْمُكَاتبَة ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد مَا رد فِي
الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ
دفع العَبْد إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه
إِلَيْهِمَا فَهُوَ بَينهمَا على قدر جنايتهما وَإِن فدَاه أعْطى كل
إِنْسَان أرش جِنَايَته قلت وَلم وَقد جنى على أَحدهمَا وَهُوَ مكَاتب
قَالَ لِأَنَّهُ قد عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ جناهما
جَمِيعًا بعد مَا عجز قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة جنت جِنَايَة وَهِي
مُكَاتبَة ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا فِي مكاتبتها بعد الْجِنَايَة ثمَّ
عجزت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ الْجِنَايَة فِي عُنُقهَا وَالْولد للْمولى فان شَاءَ الْمولى
فداها وَإِن شَاءَ دَفعهَا قلت وَلم لَا يكون الْوَلَد مَعهَا قَالَ
لِأَن الْوَلَد
(4/339)
لَيْسَ من الْجِنَايَة فِي شَيْء أَلا ترى
لَو أَن أمة جنت جِنَايَة ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ جَاءَ الْمَجْنِي
عَلَيْهِ يُخَاصم بعد ذَلِك كَانَت الْجِنَايَة فِي رَقَبَة الْأُم
وَكَانَ الْوَلَد للْمولى فَكَذَلِك الْمُكَاتبَة إِذا عجزت
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة جنت جِنَايَة ثمَّ جنى عَلَيْهَا بعد ذَلِك
ثمَّ عجزت قبل أَن يقْضِي لَهَا وَعَلَيْهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعهَا بِالْجِنَايَةِ وَإِن
شَاءَ فداءها اتبع الْمولى الَّذِي جنى عَلَيْهَا وَأخذ مِنْهُ
أَرْشهَا إِن كَانَ ذَلِك لم يَأْتِ على جَمِيع قيمتهَا فان أَتَى على
جَمِيع قيمتهَا من نَحْو ففيء الْعين أَو قطع الْيَدَيْنِ أَو جدع
الْأنف وَقد برأت من ذَلِك فان الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعهَا
إِلَى الَّذِي جنى عَلَيْهَا وَأخذ قيمتهَا مِنْهُ وَإِن شَاءَ
أمْسكهَا فان أمْسكهَا فَلَا شَيْء لَهُ وَإِن دَفعهَا إِلَى
الْمَجْنِي عَلَيْهِ كَانَ أرش الْجِنَايَة الَّتِي جنت عَلَيْهَا
للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ وَيكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمولى فَيرجع
عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فيأخذها مِنْهُ فان كَانَت الْجِنَايَة أَتَت
على جَمِيع الْقيمَة فان شَاءَ دَفعهَا إِلَيْهِ وَأخذ قيمتهَا وَإِن
شَاءَ أمْسكهَا وَلَا شَيْء لَهُ قلت وَلم كَانَ هَذَا هَكَذَا قَالَ
أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى على رجل جِنَايَة ثمَّ جنى عَلَيْهِ بعد
ذَلِك ثمَّ خوصم الْمولى فِيهِ كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه
وَإِن شَاءَ فدَاه فان فداءه كَانَت الْجِنَايَة لَهُ وَإِن دَفعه
كَانَت الْجِنَايَة للمدفعوع إِلَيْهِ العَبْد
(4/340)
- بَاب الْمكَاتب يجني فَيَقْضِي عَلَيْهِ
بذلك ثمَّ يعجز
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بذلك ثمَّ عجز
قَالَ يكون مَا قضي بِهِ عَلَيْهِ دينا فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ ذَلِك
وَإِلَّا بيع فِيهِ قلت وَأي شَيْء يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ بِالْأَقَلِّ
من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته إِن كَانَت قِيمَته أقل قضي عَلَيْهِ
بِقِيمَتِه وَإِن كَانَت قِيمَته أَكثر قضي عَلَيْهِ الْجِنَايَة
وَكَانَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ فاذا عجز بعد مَا قضي بذلك عَلَيْهِ بيع
فِيهِ إِلَّا أَن يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت إِن قتل رجلا خطأ وَهُوَ مكَاتب وَقِيمَته أَكثر من
عشرَة آلَاف دِرْهَم مَا الَّذِي يلْزمه من ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ عشرَة
آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت وَلم لَا يكون عَلَيْهِ قِيمَته
وَقِيمَته أَكثر من عشرَة آلَاف قَالَ لِأَنَّهُ إِن قتل رجلا خطأ لم
يكن على عَاقِلَته إِلَّا عشرَة آلَاف وَينْقص من ذَلِك عشرَة دَرَاهِم
وَإِنَّمَا أجعَل عَلَيْهِ مثل مَا أجعَل لَهُ فِي ذَلِك قلت
وَكَذَلِكَ لَو جنى جنايات كَثِيرَة تبلغ عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو
أَكثر وقسيمته عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو أَكثر قَالَ نعم عَلَيْهِ عشرَة
آلَاف دِرْهَم إِلَّا عشرَة دَرَاهِم لأَصْحَاب الْجِنَايَات على قدر
جناياتهم لكل إِنْسَان مِنْهُم بِقدر حِصَّته قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب
إِذا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد
ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ أَيْضا فِي الْجِنَايَة
(4/341)
الثَّانِيَة بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن
الْجِنَايَة قلت فان جنى بعد ذَلِك جِنَايَة أُخْرَى قَالَ يقْضِي
عَلَيْهِ أَيْضا فِي الثَّالِثَة بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن
الْجِنَايَة قلت فان جنى جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك قَالَ يقْضِي
عَلَيْهِ أَيْضا فِي الْجِنَايَة الرَّابِعَة بِالْأَقَلِّ من
الْجِنَايَة وَمن قِيمَته قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى بعد ذَلِك أُخْرَى
قَالَ نعم
قلت فان كَانَت الْجِنَايَة قتل خطأ أَو جِرَاحَة فَلم يقْض عَلَيْهِ
بِشَيْء حَتَّى جنى جِنَايَة أُخْرَى أَو جنايات كَثِيرَة قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهِ بِشَيْء ثمَّ خاصمه أَصْحَاب الْجِنَايَات جَمِيعًا
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته
وَمن الْجِنَايَات وَينظر فان كَانَت الْجِنَايَات أقل قضي عَلَيْهِ
بهَا فَيكون عَلَيْهِ لكل إِنْسَان أرش جِنَايَته وَإِن كَانَت
الْقيمَة أقل قضي عَلَيْهِ بهَا فَيكون عَلَيْهِ لكل إِنْسَان مِنْهُم
بِقدر حِصَّته من ذَلِك لِأَن الْقيمَة تقسم على الْجِنَايَات قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَت الْجِنَايَات كلهَا أَكثر من قِيمَته وَقِيمَته
أَكثر من عشرَة آلَاف أَو عشرَة آلَاف قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِعشْرَة
آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَو قتل لم يكن
على عَاقِلَته إِلَّا ذَلِك فَكَذَلِك جِنَايَته
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ وَقِيمَته ألف
دِرْهَم يَوْم قَتله فَلم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء حَتَّى قتل آخر خطأ
وَقِيمَته يَوْم
(4/342)
قتل الثَّانِي أَلفَانِ ثمَّ دفعاه
جَمِيعًا إِلَى القَاضِي مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي القَاضِي
على الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي أَلفَيْنِ فِي قِيمَته يَوْم جنى
الْجِنَايَة الْآخِرَة فَيكون إِحْدَى ة الْأَلفَيْنِ للثَّانِي وَأما
الْألف الْأُخْرَى فَهِيَ بَينهمَا يضْرب فِيهَا الْآخِرَة بِتِسْعَة
آلَاف وَيضْرب فِيهَا الأول بِعشْرَة آلَاف فَمَا خرج من السّعَايَة
قبل أَن يستكمل الآداء فَهُوَ بَينهمَا على هَذَا قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ قتل الأول وَقِيمَته ألف فانما يجب عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم
قتل وَقتل الثَّانِي وَقِيمَته أَلفَانِ فَصَارَت الْقيمَة الأولى بَين
الثَّانِي وَبَين الأول لِأَنَّهُ لم يقْضى عَلَيْهِ حَتَّى جنى
الْجِنَايَة الثَّانِيَة وَصَارَ الْفضل من قِيمَته للثَّانِي خَاصَّة
أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على حَاله يَوْم جنى على الثَّانِي كَانَت
الْقيمَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ فَلذَلِك صَار الْفضل للثَّانِي قلت
أَرَأَيْت مَا خرج من سعايته كَيفَ يقسم بَينهمَا قَالَ للْآخر نصفهَا
وَنِصْفهَا بَينهمَا على تِسْعَة آلَاف وعَلى عشرَة آلَاف حَتَّى
يستكملا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِحْدَى الْأَلفَيْنِ للْأولِ والآخرى
بَينهمَا على ذَلِك
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل قَتِيلا خطأ ثمَّ اعور الْمكَاتب بعد ذَلِك
أَو عمي أَو أَصَابَهُ عيب ينقصهُ من قِيمَته ثمَّ إِن الْمَجْنِي
عَلَيْهِ خاصمه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم
جنى وَلَا ينظر إِلَى مَا نَقصه بعد ذَلِك فان كَانَت الْجِنَايَة أقل
قضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ قلت أَرَأَيْت إِن زَادَت قِيمَته بَعْدَمَا
جنى ثمَّ خاصمه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ لَا ألتفت إِلَى
الزِّيَادَة
(4/343)
فِي قِيمَته وَلَا إِلَى النُّقْصَان
وَإِنَّمَا أنظر إِلَى قِيمَته يَوْم جنى فَيَقْضِي عَلَيْهِ
بِالْأَقَلِّ من قِيمَته يَوْم جنى وَالْجِنَايَة قلت وَإِنَّمَا
تلْزمهُ الْجِنَايَة يَوْم جنى وَلَا يلْتَفت إِلَى زِيَادَته وَلَا
نقصانه قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ
بهَا ثمَّ إِنَّه عجز وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ مَا عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ
لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَالدّين فان لم يفعل بيع العَبْد فِيهِ لَهما
جَمِيعًا فَكَانَ الثّمن بَين أَصْحَاب الدّين وَأَصْحَاب الْجِنَايَة
بِالْحِصَصِ قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا قضي على الْمكَاتب
بِالْجِنَايَةِ فقد صَار ذَلِك دينا عَلَيْهِ وَصَارَ مَالا فِي عُنُقه
بِمَنْزِلَة مَا استجدان فاذا عجز صَار ذَلِك دينا يُبَاع فِيهِ فَيكون
الثّمن بَينهم بِالْحِصَصِ فان فضل شَيْء عَن دينهم كَانَ للْمولى
وَإِن نقص لم يكن على الْمولى شَيْء قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى
جِنَايَة فَلم يقْض عَلَيْهِ بهَا حَتَّى عجز فَرد فِي الرّقّ
وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن
شَاءَ دَفعه بِالْجِنَايَةِ وَإِن شَاءَ فدَاه فان فدَاه كَانَ الدّين
فِي عُنُقه فان أدّى الدّين إِلَى أَصْحَاب الدّين وَإِلَّا بيع لَهُم
وَإِن دَفعه إِلَى اصحاب
(4/344)
الْجِنَايَة أتبعه أَصْحَاب الدّين وَكَانَ
الدّين فِي عُنُقه فان أدّى المدفعوع اليه العَبْد الدّين إِلَى
الْغُرَمَاء وَإِلَّا بيع لَهُم فِي دينهم فان كَانَ فِيهِ فضل عَن
الدّين كَانَ لَهُ وَإِن نقص لم يكن عَلَيْهِ شَيْء قلت أَرَأَيْت
مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى
فَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِيهِ
قَالَ أما الْجِنَايَة الَّتِي قضي عَلَيْهِ بهَا فَذَلِك دين فِي
عُنُقه وَأما الْجِنَايَة الَّتِي لم يقْض بهَا عَلَيْهِ فَهِيَ
جِنَايَة فِي عُنُقه وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دَفعه بِالْجِنَايَةِ
وَإِن شَاءَ فدَاه وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول الَّذِي ذكرت لَك
الَّذِي عجز وَقد جنى جِنَايَة وَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى عجز
وَعَلِيهِ دين قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا
ثمَّ عجز ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى قبل أَن يُخَاصم فِي العَبْد قَالَ
نعم هَذَا أَيْضا بِمَنْزِلَة الْبَاب الأول قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب
إِذا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى فقضي
بهَا عَلَيْهِ أَيْضا ثمَّ عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك دين
عَلَيْهِ يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ قلت أَرَأَيْت
إِذا جنى جِنَايَة أَو جنايات فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ عجز كَانَ ذَلِك
بِمَنْزِلَة الدّين عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت فان لم يقْض بهَا عَلَيْهِ
حَتَّى عجز كَانَ ذَلِك جِنَايَة فِي عُنُقه وَكَانَ كَأَنَّهُ جنى
وَهُوَ عبد فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قَالَ نعم
(4/345)
- بَاب الْمكَاتب يجني جِنَايَة ثمَّ
يَمُوت قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَلم يقْض بهَا عَلَيْهِ حَتَّى
مَاتَ وَلم يدع شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْجِنَايَة بَاطِل
قلت وَكَذَلِكَ إِن قضي عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك
كَأَن فِي رقبته وَفِيمَا يتْرك فاذا مَاتَ وَلم يدع شَيْئا بَطل ذَلِك
قلت فان كَانَ قد ترك مَالا قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم جنى
وَإِلَى الْجِنَايَة فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك
فَيُؤْخَذ ذَلِك من مَاله ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي من
الْمُكَاتبَة فان فضل شَيْء فَكَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار سوى الْمولى
كَانَ لَهُم وَإِلَّا كَانَ للْمولى وَيعتق الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَقد مَاتَ وَترك
مَالا قَالَ يُؤْخَذ ذَلِك من مَاله ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا
بَقِي من الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته قلت فَهَل
يصل الْمولى إِلَى شَيْء من مَاله أَو يُعْطي مَا بَقِي من
الْمُكَاتبَة حَتَّى يُؤَدِّي إِلَى اصحاب الْجِنَايَة حَقهم قَالَ لَا
قلت وَسَوَاء إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بهَا أَو لم يقْض قَالَ نعم قلت
وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين فِي عُنُقه على الْمكَاتب فَيبْدَأ
بِالدّينِ قبل الْمُكَاتبَة
(4/346)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة
ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بذلك وَعَلِيهِ دين وَقد ترك مَالا
كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالدّينِ فَيُؤَدِّي إِلَى
اصحاب الدّين فان فضل شَيْء نظر إِلَى قيمَة العَبْد يَوْم جنى
الْجِنَايَة فَيُؤْخَذ مَا بَقِي الْأَقَل من ذَلِك ثمَّ يُؤَدِّي
إِلَى الْمولى مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا
بَين ورثته قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن فِيمَا بَقِي وَفَاء مَا القَوْل
فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ فَيُؤَدِّي الدّين قبل الْجِنَايَة فان فضل
شَيْء كَانَ لصَاحب الْجِنَايَة وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُ
قلت وَلَا يحاص صَاحب الْجِنَايَة صَاحب الدّين قَالَ لَا قلت وَلم
قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ
بِالْجِنَايَةِ وَقبل أَن تصير الْجِنَايَة دينا عَلَيْهِ قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة أَو من
الْقيمَة قبل أَن يَمُوت ثمَّ مَاتَ وَعَلِيهِ دين وَقد ترك مَالا مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون مَا ترك بَين أَصْحَاب الدّين وَاضحا
الْجِنَايَة بِالْحِصَصِ قلت وَمن أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْأول قَالَ
لِأَنَّهُ قد قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فقد صَار دينا عَلَيْهِ
وَهُوَ أُسْوَة للْغُرَمَاء فِيمَا ترك
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي
عَلَيْهِ بذلك أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ وَقد ترك مَالا وللمولى
عَلَيْهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالْجِنَايَةِ فيعطي
أهل الْجِنَايَة فان فضل شَيْء أَخذ الْمولى دينه ثمَّ أَخذ بعد ذَلِك
مَا بَقِي من الْمُكَاتبَة وَيعتق العَبْد قلت
(4/347)
وَسَوَاء إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ
بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن
دين غير الْمولى أَحَق من دين الْمولى فَلَا يكون للْمولى شَيْء حَتَّى
يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْجِنَايَة أَو دين قلت أَرَأَيْت مكَاتبا
جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ وَلم يدع مَالا إِلَّا مائَة دِرْهَم وَلم
يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَالْمُكَاتبَة أَكثر مِمَّا ترك مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون مَا ترك للْمولى قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ قد مَاتَ عبدا وَلم يتْرك وَفَاء أَلا ترى أَنه لَو كَانَ
جنى فعجز قيل للْمولى افده أَو ادفعه قلت أَرَأَيْت إِن ترك وَفَاء
بِالْجِنَايَةِ وَالْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِيهِ قَالَ الْأَمر فِيهِ
كَمَا ذكرت لَك فِي الْبَاب الأول قلت أرايت إِن ترك وَفَاء بالمكاتبة
وَلم يتْرك وَفَاء بِالْجِنَايَةِ وَقد مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ
بِشَيْء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يبْدَأ بِالْجِنَايَةِ قبل
الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمولى إِذا قبض الْمُكَاتبَة فقد
صَار حرا كُله فأكره أَن أدفَع ذَلِك إِلَى الْمولى وَعَلِيهِ
الْجِنَايَة قلت فان لم يكن فِيمَا ترك وَفَاء بالمكاتبة كَانَ جَمِيع
مَا ترك للْمولى وَبَطلَت الْجِنَايَة قَالَ نعم لِأَنَّهُ قد مَاتَ
عبدا
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ وَترك ابْنا ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة من
أمة لَهُ وَعَلِيهِ دين وَجِنَايَة وَقد كَانَ قضي عَلَيْهِ بهَا أَو
لم يقْض عَلَيْهِ بهَا
(4/348)
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِي
الدّين وَيسْعَى فِي الْأَقَل من قيمَة الْمكَاتب يَوْم جنى وَأرش
الْجِنَايَة وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة وَلَا يجْبر على أَن يبْدَأ من
ذَلِك بِشَيْء قبل شَيْء غير أَنه إِن عجز عَن شَيْء من النُّجُوم أَو
أَخّرهُ عَن مَحَله وَلم يكن عِنْده وَفَاء بذلك حَاضر رد فِي الرّقّ
فان رد فِي الرّقّ بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فانه يُبَاع
وَيكون الثّمن بَين الْغُرَمَاء واصحاب الْجِنَايَات بِالْحِصَصِ وَإِن
لم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ حَتَّى عجز فان الْجِنَايَة بَاطِل
لَا تلْزمهُ من قبل أَن الْمكَاتب الأول مَاتَ عَاجِزا وَالْجِنَايَة
كَانَت فِي عُنُقه دون عنق الابْن وَصَارَت الْجِنَايَة جِنَايَة عبد
فَلَمَّا مَاتَ عبدا بَطل فَلَا يلْزم الابْن مِنْهَا شَيْء لِأَن عجز
الابْن هُوَ عجز الْأَب أَلا ترى لَو أَن الابْن أدّى عتق أَبوهُ أَولا
ترى لَو أَن الْمكَاتب كَانَ جنى فعجز فَرد فِي الرّقّ ثمَّ مَاتَ لم
يكن فِي عنق الابْن شَيْء من جِنَايَته قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَاتَ
وَقد جنى جِنَايَة وَترك ابْنا قد ولد فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ
وَهِي حَيَّة مَعَ ابْنهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي
عَلَيْهِمَا أَن يسعيا فِي الْمُكَاتبَة وَفِي الْأَقَل من قيمَة
الْمكَاتب يَوْم جنى وَأرش الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي
بهَا على الْمكَاتب قَالَ هِيَ لَازِمَة لَهما يسعيان فِيهَا وَإِن لم
يكن قضي بهَا عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فرفعهما الْأَوْلِيَاء إِلَى
القَاضِي فقضي بهَا عَلَيْهِمَا سعيا فِيهَا أَيْضا
(4/349)
قلت أَرَأَيْت إِن قضي القَاضِي
عَلَيْهِمَا بذلك فقتلت الْأُم قَتِيلا خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا بالسعاية أَن تسْعَى فِي قيمتهَا لأولياء
الْقَتِيل ويسعيان فِيمَا كَانَ من جِنَايَة الأول قلت فان جنى الابْن
جِنَايَة أُخْرَى فَقتل قَتِيلا خطأ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ أَن يسْعَى
فِي قِيمَته لأولياء الْقَتِيل ويسعيان فِيمَا كَانَ من جِنَايَة الأول
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت جنايتهما قبل يقْضِي عَلَيْهِمَا
بِالْجِنَايَةِ الأولى مَعَ ذَلِك قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ دين لحقهما
من قبل الْأَب قلت أرايت إِن عَجزا فَردا فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يُبَاع الابْن فِي جِنَايَته خَاصَّة وتباع الْأُم فِي
جنايتها خَاصَّة إِلَّا أَن يُؤَدِّي عَنْهُمَا الْمولى مَا
عَلَيْهِمَا من ذَلِك فان فضل شَيْء من اثمانهما كَانَ فِي جِنَايَة
الْأَب وَإِن لم يفضل شَيْء من أثمانهما فَلَا شَيْء لصَاحب جِنَايَة
الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَن دينهما أَحَق أَن يقْضِي من دين الْأَب
أَلا ترى لَو مَاتَ الْأَب وَعَلِيهِ دين واستدان الابْن دينا بعد
ذَلِك ثمَّ عجز بيع فِي دينه دون دين أَبِيه فَكَذَلِك الأول قلت أرايت
الْمُكَاتبَة إِذا مَاتَت وَتركت مائَة دِرْهَم وَتركت ابْنا قد وَلدته
فِي مكاتبتها وَعَلَيْهَا دين وَقد قتلت قَتِيلا خطأ فقضي عَلَيْهَا
أَو لم يقْض عَلَيْهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الابْن
أَن يسْعَى
(4/350)
فِي الْمُكَاتبَة وَأَن يسْعَى فِي الدّين
وَفِي الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن قيمَة الْأُم وَيسْعَى فِيمَا وصفت
لَك وَالْمِائَة بَين أهل الْجِنَايَة وَأهل الدّين بِالْحِصَصِ قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض فَهُوَ
سَوَاء قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمُكَاتبَة تركت ابْنا يسْعَى
فِي مكاتبتها وَكَأَنَّهَا حَيَّة تسْعَى أَلا ترى أَنَّهَا لم تعجز
حِين كَانَ بعْدهَا من يسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت لَو أَن
الابْن اسْتَدَانَ دينا وجنى جِنَايَة فقضي علبيه بذلك مَعَ مَا قضي
عَلَيْهِ من دين أمه وَمن جنايتها كَانَ عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي ذَلِك
كُله فان عجز فَرد فِي الرّقّ بيع فِي دينه وجنايته خَاصَّة دون دين
أمه وجنايتها فان فضل شَيْء من ثمنه كَانَ فِي دين أمه وجنايتها
بِالْحِصَصِ وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا شَيْء لَهُم قَالَ نعم قلت فان
كَانَ إِنَّمَا عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ قَالَ
يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه ويتبعه دينه
عِنْد أهل الْجِنَايَة فَيُبَاع فِي دينه خَاصَّة دون دين أمه وجنايتها
فان فضل شَيْء بعد دينه لم يكن ذَلِك فِي دينه أمه وجنايتها قلت وَلم
وَقد كَانَ دينا فِي عُنُقه قبل أَن يدْفع إِلَى أَصْحَاب الْجِنَايَة
قَالَ لِأَن جِنَايَته أولى من جِنَايَة أمه ودينها أَلا ترى لَو أَن
رجلا مَاتَ وَترك عبدا وَترك دينا كثيرا بيع العَبْد فِي دينه حَتَّى
يقْضِي فان جنى العَبْد جِنَايَة قيل للْوَرَثَة وللغرماء ادفعوا أَو
افدوا فان فدوه كَانُوا متطوعين وَبيع فِي دين مَوْلَاهُ الْمَيِّت
وَإِن فَدَعوهُ لم يتبعوه دين مَوْلَاهُ لِأَن جِنَايَته أَحَق بِهِ من
دين مَوْلَاهُ فَكَذَلِك ولد الْمُكَاتبَة جِنَايَته
(4/351)
إِذا دفع بهَا أَحَق من دين الْمُكَاتبَة
لِأَنَّهُ دين كَانَ على غَيره وَهَذِه الْجِنَايَة عَلَيْهِ خَاصَّة
فَهِيَ أَحَق بِالْعَبدِ من دين الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِن
أمْسكهُ الْمولى بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَأدى جِنَايَته
وَدينه الَّذِي كَانَ فِي عُنُقه مَا حَال مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ
من جِنَايَة أمه قَالَ يُبَاع فِي ذَلِك أَو يُؤدى عَنهُ مَوْلَاهُ قلت
وَلم قَالَ لِأَنَّهُ من الْأُم فديتها فِي رقبته قلت أَرَأَيْت
الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ
بِشَيْء وَترك رَقِيقا وَعَلِيهِ دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
يُبَاع رَقِيقه فِي دينه وَيبدأ بِهِ قبل الْجَنَابَة قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ مَاتَ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ
بَقِي عَلَيْهِ شَيْء هَل يكون لصَاحب الْجِنَايَة قَالَ نعم إِن بَقِي
شَيْء من تركته كَانَ لَهُم حَتَّى يستوفوا الْأَقَل من قِيمَته من أرش
الْجِنَايَة وَإِن لم يبْق شَيْء لم يكن لَهُم شَيْء فان بَقِي شَيْء
بعد ذَلِك أدبت الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث وَإِن كَانَ
الَّذِي بَقِي بعد الدّين أقل من الْمُكَاتبَة الَّتِي بقيت بطلت
الْجِنَايَة وَكَانَ ذَلِك المَال للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ
هَذَا الْمكَاتب الَّذِي ترك رَقِيقا مِنْهُم من قد أذن لَهُ فِي
التِّجَارَة فاستدان دينا وَقد مَاتَ الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين وعَلى
مَمْلُوكه هَذَا دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُبَاع مَمْلُوكه
هَذَا فِي دينه خَاصَّة دون دين الْمكَاتب فان بَقِي شَيْء من ثمنه
كَانَ فِي دين الْمكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَن دينه أَحَق من دين
سَيّده
(4/352)
قلت أَرَأَيْت عبدا لمكاتب قتل رجلا خطأ
ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب وَعَلِيهِ دين وَبَقِي العَبْد وَلَيْسَ
للْمكَاتب مَال غَيره مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان
شَاءَ دَفعه هُوَ والغرماء بِالْجِنَايَةِ وَلَا حق للْغُرَمَاء فِيهِ
وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَيُبَاع فِي دين الْغُرَمَاء قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ على العَبْد دين أَيْضا مَعَ جِنَايَته وَدين
الْمكَاتب قَالَ يُخَيّر مَوْلَاهُ فان شَاءَ دَفعه ويتبعه دين نَفسه
أَيْن مَا كَانَ وَلَا شَيْء لغرماء الْمكَاتب فِيهِ وَإِن شَاءَ فدَاه
ويتبعه غُرَمَاء العَبْد خَاصَّة فان فضل شَيْء كَانَ بَين غُرَمَاء
الْمكَاتب قلت وَلم قَالَ من قبل أَن الْمولى أمْسكهُ وَصَارَ
مُتَطَوعا فِي الْفِدَاء فَصَارَ الْغُرَمَاء أَحَق بِهِ قلت أَرَأَيْت
مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ولدا فجنت الْأُم جِنَايَة وجنى الْوَلَد
جِنَايَة ثمَّ مَاتَ الْوَلَد قبل أَن يقْضِي بذلك أَو بعد مَا قضي
عَلَيْهِ بِهِ هَل يلْزم الْأُم من جِنَايَته شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم
قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت فِي عتق الْوَلَد فَلَا يلْزم الْأُم
من ذَلِك شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَت الْأُم وَبَقِي الْوَلَد وَقد
كَانَ قضي عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ أَو لم يقْض عَلَيْهَا أيقضي على
الْوَلَد أَن يسْعَى فِيمَا على أمه من الْمُكَاتبَة وَفِيمَا كَانَ
قضي بِهِ على الْأُم من الْجِنَايَة وَيسْعَى فِي جِنَايَته أَيْضا
قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن لم يكن قضي عَلَيْهَا قَالَ يقْضِي على
الْوَلَد أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من جِنَايَة
(4/353)
أمه وَمن قيمتهَا يَوْم جنت وَكَذَلِكَ
جِنَايَته يقْضِي عَلَيْهِ بهَا أَيْضا
قلت أَرَأَيْت إِذا عجز الْوَلَد فَرد فِي الرّقّ وَلم يكن قضي على أمه
بالسعاية وَلَا عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبطل جِنَايَة
الْأُم وَيُخَير السَّيِّد فان شَاءَ دَفعه بِجِنَايَتِهِ وَإِن شَاءَ
فدَاه قلت وَلم أبطلت جِنَايَة الْأُم قَالَ لِأَن الابْن حَيْثُ عجز
فقد مَاتَت الْأُم عاجزة فَقَط بطلت جنايتها وَصَارَت جِنَايَة
الْوَلَد فِي رقبته قلت أرايت إِن كَانَ قضي على الْأُم بِالْجِنَايَةِ
وعَلى الابْن جَمِيعًا ثمَّ عجز الْوَلَد مَا القَوْل فِيهِ قَالَ
يُبَاع الْوَلَد فِي جِنَايَته إِن لم يود عَنهُ مَوْلَاهُ فان فضل
شَيْء من الثّمن كَانَ فِي جِنَايَة أمه وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا
شَيْء لَهُم قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قضي على الْوَلَد بالجنايتين
جَمِيعًا قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ حَيْثُ قضي على الْأُم
وَالْولد بِالْجِنَايَةِ فقد صَار ذَلِك دينا عَلَيْهِمَا يُبَاع
الْوَلَد فِي دينه فَيبْدَأ بِدِينِهِ قبل دين أمه قلت أَرَأَيْت
مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ثمَّ جنت جِنَايَة فقضي عَلَيْهَا
بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِنَّهَا عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل
فِي ذَلِك قَالَ إِن أدّى الْمولى مَا كَانَ قضي عَلَيْهَا بِهِ فِي
الْجِنَايَة وَإِلَّا بِيعَتْ فِي الْجِنَايَة لِأَنَّهُ قد صَار دينا
فِي رقبَتهَا فان كَانَ فِي ثمنهَا وَفَاء لذَلِك وَإِلَّا بيع
وَلَدهَا حَتَّى يُوفي مَا كَانَ فِي عُنُقهَا من ذَلِك فان فضل شَيْء
من ثمن الْوَلَد كَانَ للْمولى قلت وَلم يُبَاع الْوَلَد فِي ذَلِك
قَالَ لِأَن ذَلِك قد صَار دينا على الْأُم وَوَلدهَا مِنْهَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْوَلَد دين حَيْثُ عجزت الْأُم فَردَّتْ
(4/354)
فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
تبَاع الْأُم فِي دينهَا وَيُبَاع الابْن فِي دين نَفسه فان فضل شَيْء
من تمن الْوَلَد كَانَ فِي دين الْأُم إِن لم يكن فِي ثمنهَا وَفَاء
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب على مَوْلَاهُ وَجِنَايَة مَوْلَاهُ
عَلَيْهِ
-
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على مَوْلَاهُ مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ جِنَايَته على مَوْلَاهُ وعَلى غَيره سَوَاء ينظر إِلَى
جِنَايَته على مَوْلَاهُ وَإِلَى قِيمَته يَوْم جنى فَيَقْضِي عَلَيْهِ
بِالْأَقَلِّ من ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِذا قضي عَلَيْهِ بِمَا ذكرت
ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ
بهَا أَيْضا وَيسْعَى فِي الجنايتين جَمِيعًا فتكونان عَلَيْهِ
جَمِيعًا قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض بِجِنَايَتِهِ على مَوْلَاهُ
حَتَّى جنى جِنَايَة أُخْرَى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى
قِيمَته وَإِلَى الجنايتين جَمِيعًا فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ
ذَلِك فان كَانَت قِيمَته أقل من الجنايتين جَمِيعًا فقضي عَلَيْهِ
بِالْقيمَةِ فَيكون ذَلِك للْمولى وَللْآخر على قدر جنايتهما يسْعَى
فِي ذَلِك لَهما قلت أَرَأَيْت إِذا قضى عَلَيْهِ بذلك ثمَّ عجز بعد
ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ تبطل جِنَايَة الْمولى وَيكون نصف
جَمِيع قيمَة العَبْد للأجنبى بِحِصَّتِهِ إِلَّا أَن تكون جِنَايَته
أقل من ذَلِك فَيُبَاع لَهُ نصف العَبْد بذلك أويؤدي عَنهُ الْمولى
ذَلِك قلت فَلم جعلت نصف جَمِيع قيمَة العَبْد للْأَجْنَبِيّ
وَإِنَّمَا كنت قضبت عَلَيْهِ بِنصْف الْقيمَة قبل الْعَجز قَالَ
لِأَنِّي قضيت عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْجِنَايَة دينا فِي عُنُقه فَصَارَ
ذَلِك دينا فِي نصف قِيمَته فَلَمَّا عجز كَانَ جَمِيع مَا قضي بِهِ
عَلَيْهِ دينا فِي عُنُقه فَبَطل نصفه بِنصْف الْمولى
(4/355)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على
مَوْلَاهُ وجنى جِنَايَة أُخْرَى على أَجْنَبِي فقضي عَلَيْهِ
بالجنايتين جَمِيعًا ثمَّ إِن الْمكَاتب مَاتَ وَترك ولدا ولد لَهُ فِي
الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى فِيمَا كَانَ على
الْمكَاتب من ذَلِك وَيسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت وَلم يسْعَى فِي
حِصَّة الْمولى من ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك دين على الْمكَاتب فولده
بِمَنْزِلَة قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة على مَوْلَاهُ فقضي
عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى على أَجْنَبِي فقضي عَلَيْهِ
بهَا أَيْضا ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبطل
جِنَايَة الْمولى وَيكون حق الْأَجْنَبِيّ فِي عُنُقه يُبَاع فِيهِ
كُله أَو يُؤَدِّي مَوْلَاهُ عَنهُ قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مكَاتبه
جِنَايَة فَقطع يَده فقضي عَلَيْهِ بذلك وَالْمُكَاتبَة إِلَى أجل ثمَّ
إِن الْمكَاتب جنى على رجل جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ إِنَّه
عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبطل جِنَايَة الْمولى على الْمكَاتب
وَيُبَاع الْمكَاتب فِي جِنَايَة الْأَجْنَبِيّ أَو يُؤَدِّي مَوْلَاهُ
عَنهُ قلت أَرَأَيْت إِن بيع فِي ذَلِك فَلم يَفِ ثمنه أقطع هَل يكون
على الْمولى شَيْء قَالَ نعم قلت وَلم وَقد قطع يَد الْمكَاتب قبل
جِنَايَته على الْأَجْنَبِيّ قَالَ لِأَن أرش الْيَد كَانَ دينا على
الْمولى قبل أَن يعجز الْمكَاتب فَلَمَّا جنى وَهُوَ مكَاتب وَقضي
بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك دينا لَهُ على مَوْلَاهُ فَلحقه
الدّين
(4/356)
وَأرش الْيَد على الْمولى لم تبطل عَنهُ
فَلَمَّا عجز كَانَ مَا لحقه من دين فِي مَاله من مَال أَلا ترى لَو
أَن مكَاتبا اسْتهْلك لَهُ مَوْلَاهُ ألف دِرْهَم ومكاتبته إِلَى أجل
كَانَ الْألف دينا على مَوْلَاهُ فان اسْتَدَانَ الْمكَاتب بعد ذَلِك
دينا فِي بيع أَو شري ثمَّ عجز أَو مَاتَ اتبع الْمولى بذلك المَال
حَتَّى يَدْفَعهُ إِلَى غُرَمَاء الْمكَاتب لِأَنَّهُ كَانَ دينا
للْمكَاتب على مَوْلَاهُ حِين عجز فغرماؤه أَحَق بهَا من مَوْلَاهُ أَو
لَا ترى أَن الْمكَاتب لَو كَانَ عَلَيْهِ دين ألف دِرْهَم ثمَّ
اسْتهْلك لَهُ مَوْلَاهُ ألف دِرْهَم ومكاتبته إِلَى أجل ثمَّ استبان
أَن الْمُكَاتبَة ألف دِرْهَم ثمَّ مَاتَ وَلم يتْرك غير الدّين
الَّذِي على مَوْلَاهُ أَن الْغُرَمَاء يتبعُون الْمولى جَمِيعًا
الْأَولونَ وَالْآخرُونَ بِالْألف الَّتِي عَلَيْهِ فيقتسمونها وَلَو
كَانَ الدّين يبطل فِي الْبَاب الأول عَن الْمولى لم يكن الدّين
الَّذِي على الْمولى فِي هَذَا الْبَاب للْغُرَمَاء الْأَوَّلين قلت
أَرَأَيْت لَو أَن الْمكَاتب جنى على الْأَجْنَبِيّ فقضي عَلَيْهِ
بِقِيمَتِه ثمَّ جنى عَلَيْهِ مَوْلَاهُ جِنَايَة بعد ذَلِك فقضي
عَلَيْهِ بذلك ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يُبَاع
العَبْد فِي دين الْأَجْنَبِيّ فان وَفِي وَإِلَّا نظر إِلَى مَا نقص
من قيمَة العَبْد يَوْم جنى الْمكَاتب فَيضمن الْمولى مَا نقص
(4/357)
من الْقيمَة للْأَجْنَبِيّ من أرش
الْجِنَايَة الَّتِي جناها على الْمكَاتب فان كَانَ مَا نقص أَكثر أَو
أقل ضمن الْأَقَل من ذَلِك وَهَذَا وَالْبَاب الأول سَوَاء قلت وَلم
صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْأَجْنَبِيّ قد وَجب لَهُ قيمَة
الْمكَاتب يَوْم جنى عَلَيْهِ فنقصت بعد ذَلِك من جِنَايَة السَّيِّد
فَهُوَ عَلَيْهِ أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى جِنَايَة على رجل ثمَّ جنى
الْمولى على العَبْد جِنَايَة وَهُوَ لَا يعلم بِجِنَايَتِهِ
فَاخْتَارَ دفع العَبْد ضمن مَا جنى عَلَيْهِ فَكَذَلِك الْبَاب الأول
قلت وَلم لَا تضمنه قِيمَته يَوْم جنى عَلَيْهِ السَّيِّد قَالَ لِأَن
الْقيمَة قد كَانَت وَجَبت للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ يَوْم جنى عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مكَاتب لَهُ جِنَايَة ثمَّ إِن الْمكَاتب
مَاتَ وَترك ولدا قد ولد لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَلم يدع شَيْئا مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على الْمكَاتب من
الْمُكَاتبَة وَينظر إِلَى جِنَايَة الْمولى على الْمكَاتب فيرفع عَن
الابْن من الْمُكَاتبَة بِقدر ذَلِك فان كَانَ فِي ذَلِك وَفَاء
بالمكاتبة فالمكاتب وَالْولد حران وَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان سعى
الْوَلَد فِي الْفَصْل على النُّجُوم قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على
المكات دين مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْمولى بِأَرْش
مَا كَانَ جنى فَيُؤْخَذ ذَلِك مِنْهُ فَيُؤَدِّي إِلَى غُرَمَاء
الْمكَاتب فان وَفِي بِالدّينِ اتبع الْمولى ولد الْمكَاتب بالسعاية
فِي الْمُكَاتبَة فان كَانَ فِيهِ فضل رفع الْفضل من الْمُكَاتبَة عَن
الْوَلَد فان لم يَفِ بِالدّينِ سعى الْوَلَد فِي فضل الدّين
وَالْمُكَاتبَة
قلت أرايت مُكَاتبَة جنت على مَوْلَاهَا جِنَايَة ثمَّ ولدت ولدا فِي
(4/358)
مكاتبتها ثمَّ مَاتَت الْمُكَاتبَة قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهَا وَبَقِي وَلَدهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي
على الْوَلَد بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمتهَا يَوْم جنت
وَالْمُكَاتبَة أَيْضا تسْعَى فِي ذَلِك قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا
جنى على ابْن مَوْلَاهُ جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
جِنَايَته على ابْن مَوْلَاهُ وعَلى الْأَجْنَبِيّ سَوَاء قلت
وَكَذَلِكَ لَو جنى على أَبِيه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو جنى على
كل ذمِّي رحم محرم مِنْهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى على
مَوْلَاهُ جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه وَالْجِنَايَة أَكثر من
الْقيمَة ثمَّ إِن الْمولى أعتق نصف الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ فَهُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ على حَاله
كَمَا كَانَ وَيسْعَى مَعَ ذَلِك فِي الْأَقَل من نصف قِيمَته وَمن نصف
الْمُكَاتبَة قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت
مكَاتبا جنى جِنَايَة على عبد لمَوْلَاهُ هَل يلْزمه قَالَ نعم عبد
مَوْلَاهُ وَعبد الْأَجْنَبِيّ سَوَاء قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى على
مَوْلَاهُ ثمَّ إِن الْمكَاتب ولد لَهُ ولد فِي الْمُكَاتبَة فقضي على
الْمكَاتب بذلك ثمَّ إِن السَّيِّد أعتق الْمكَاتب مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يصير ذَلِك دينا على الْمكَاتب قلت وَلَا يُبطلهُ الْعتْق
عَنهُ قَالَ لَا وَلَكِن الْعتْق يزِيد ذَلِك شدَّة
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع يَد مكَاتبه فقضي عَلَيْهِ بِنصْف قِيمَته ثمَّ
(4/359)
إِن الْمكَاتب قطع يَد السَّيِّد بعد ذَلِك
مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِالْأَقَلِّ من قِيمَته
يَوْم جنى وَمن الْجِنَايَة
- بَاب العَبْد يجني ثمَّ يُكَاتب
- قلت أرايت عبدا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ إِن سَيّده كَاتبه
وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ أَو لَا يعلم هَل تجوز الْمُكَاتبَة قَالَ
نعم الْمُكَاتبَة جَائِزَة وَإِن كَانَ كَاتبه وَهُوَ يعلم
بِالْجِنَايَةِ ضمن جَمِيع الْجِنَايَة وَإِن كَانَت أَكثر من الْقيمَة
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد اخْتَار العَبْد حَيْثُ كَاتبه فان كَانَ
لَا يعلم ضمن الْقيمَة قلت وَهل لأَصْحَاب الْجِنَايَة أَن يردوا
الْمُكَاتبَة قَالَ لال قلت وَلم قَالَ لِأَن مَا صنع الْمولى فِيهِ
فَهُوَ جَائِز من مُكَاتبَة وَغَيرهَا أَلا ترى أَنه لَو بَاعه جَازَ
بَيْعه فَكَذَلِك
إِذا كَاتبه قلت أرايت إِن كَاتبه بعد مَا قضي بِهِ لأَصْحَاب
الْجِنَايَة قبل أَن يقبضوه قَالَ مُكَاتبَته بَاطِل قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ كَاتب مَا لَا يملك أَلا ترى أَنه لَو أعْتقهُ لم يجز عتقه
وَلَو بَاعه لم يجز بَيْعه
قلت أَرَأَيْت عبدا جنى جِنَايَة فكاتبه السَّيِّد وَهُوَ لَا يعلم
بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن العَبْد عجز فَرد فِي الرّقّ قبل أَن يَجِيء
أَصْحَاب الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان
شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلَا يلْزمه الْقيمَة
(4/360)
وَيصير العَبْد عَبده قَالَ لَا قلت وَلم
وَقد أخذت الْمُكَاتبَة وَلَو جَاءَ أَصْحَاب الْجِنَايَة وَالْمكَاتب
لم يعجز قضيت على الْمولى بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن العَبْد عجز قبل أَن
يَجِيء اصحاب الْجِنَايَة فَكَانَت الْجِنَايَة فِي عُنُقه كَأَنَّهُ
لم يُكَاتب قلت إِن علم السَّيِّد بِالْجِنَايَةِ بعد مَا كَاتبه أهوَ
بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن علمه بعد ذَلِك
لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى أَنه لَا يقدر أَن يردهُ بعد ذَلِك فِي الرّقّ
حَتَّى يعجز
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا عجز هَل يضمن السَّيِّد
لأَصْحَاب الْجِنَايَة شَيْئا قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن
الْجِنَايَة كَانَت فِي عُنُقه وَقد بطلت حَيْثُ مَاتَ
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِن مَاتَ قبل أَن يعجز وَلم يدع شَيْئا أهوَ
بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَقد ترك وَفَاء بالمكاتبة أهوَ بِهَذِهِ
الْمنزلَة قَالَ لَا وَيضمن السَّيِّد هَاهُنَا الْقيمَة لِأَنَّهُ قد
مَاتَ وَترك وَفَاء فَصَارَت الْجِنَايَة على السَّيِّد قلت أَرَأَيْت
إِن مَاتَ وَترك ولدا ولد فِي الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يسْعَى الْوَلَد فِيمَا على الْمكَاتب من الْمُكَاتبَة وَيضمن
السَّيِّد الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن ولد الْمكَاتب بِمَنْزِلَتِهِ
أَلا ترى أَنه إِذا أدّى عتق وَعتق الْمكَاتب مَعَه قلت أَرَأَيْت إِن
عجز الْوَلَد
(4/361)
فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ لَا تبطل الْقيمَة عَن السَّيِّد لِأَنِّي ألزمتها إِيَّاه وَلَا
يكون فِي عنق الْوَلَد مِنْهَا شَيْء قلت أَرَأَيْت إِن عجز الابْن قبل
الْقَضَاء بالقية قَالَ قد مَاتَ الْأَب عبدا وَبَطلَت الْجِنَايَة قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى قد أدّى الْقيمَة إِلَيْهِم هَل يرجع
فِيهَا فيأخذها قَالَ لَا لِأَنِّي قد قضيت بهَا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ جنى جِنَايَة فكاتبه أَحدهمَا
بِغَيْر إِذن شَرِيكه فَأدى إِلَيْهِ الْمُكَاتبَة ثمَّ جَاءَ أَصْحَاب
الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن كَانَ الَّذِي كَاتب علم
بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِن لنصف الْجِنَايَة بَالِغَة مَا بلغت
وَإِن كَانَ لم يعلم فَهُوَ ضَامِن لنصف قيمَة العَبْد إِلَّا أَن يكون
نصف الْجِنَايَة أقل وَأما الَّذِي لم يُكَاتب فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وَينظر إِلَى نصف الْجِنَايَة وَإِلَى نصف قيمَة العَبْد فَيكون فِي
حِصَّته من العَبْد الْأَقَل من صنف الْجِنَايَة وَمن نصف الْقيمَة فان
كَانَ الَّذِي كَاتب مُوسِرًا فالأخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه
وَإِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى فان هُوَ ضمنه أعْطى مَا أَخذ
مِنْهُ من نصف الْقيمَة لأَصْحَاب الْجِنَايَة وَكَذَلِكَ إِن استسعى
وَإِن هُوَ أعْتقهُ ضمن لأَصْحَاب الْجِنَايَة نصف الْقيمَة قلت وَلم
لَا يضمن جَمِيع نصف الْجِنَايَة وَهُوَ يعلم وَقد أعْتقهُ قَالَ من
قبل أَنه لم يفْسد عَلَيْهِم شَيْئا وَإِنَّمَا أفسد عَلَيْهِم الأول
(4/362)
قلت أَرَأَيْت الَّذِي لم يُكَاتب هَل يرجع
بِنصْف مَا أَخذ الَّذِي كَاتب من الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَهَل
يكون لأَصْحَاب الْجِنَايَة شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْغلَّة فَلَيْسَ لأَصْحَاب الْجِنَايَة مِنْهُ
شَيْء أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى جِنَايَة فاستغله سَيّده لم يكن
لأَصْحَاب الْجِنَايَة فِي الْغلَّة شَيْء فَكَذَلِك الْبَاب الأول قلت
أَرَأَيْت إِن كَاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه مَعَه وهما يعلمَانِ
بِالْجِنَايَةِ أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة أَيْضا قَالَ نعم قلت
أَرَأَيْت إِن كَاتب كل وَاحِد مِنْهُمَا نصِيبه باذن شَرِيكه مَعَه
وهما يعلمَانِ بِالْجِنَايَةِ هَل يكون هَذَا اخْتِيَار مِنْهُمَا
جَمِيعًا للجناية قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا قد حَالا بَين
أَصْحَاب الْجِنَايَة وَبَين قبض العَبْد فَكَذَلِك كَانَ هَذَا
مِنْهُمَا اخْتِيَار قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبده وَقد جنى جِنَايَة
ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة أُخْرَى وَهُوَ مكَاتب وَقد كَاتبه
الْمولى وَهُوَ لَا يعلم بِالْجِنَايَةِ الأولى فقضي عَلَيْهِ
بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَة ثمَّ عجز العَبْد ثمَّ جَاءَ أَصْحَاب
الْجِنَايَة الأولى يُخَاصِمُونَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْمولى
بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دَفعه إِلَيْهِم وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه
تبعه الْمقْضِي لَهُ بِالْجِنَايَةِ وَهُوَ مكَاتب فَيكون ذَلِك دينا
فِي رقبته فان أدّى عَنهُ الْمقْضِي لَهُ بذلك وَإِلَّا بيع فِي دينه
(4/363)
قلت أَرَأَيْت إِن عجز العَبْد قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَة مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فدَاه بِجَمِيعِ الجنايتين وَإِن
شَاءَ دَفعه إِلَيْهِم
- بَاب الْمكَاتب يجني جنايات فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِبَعْضِهَا وَلَا
يقْضِي عَلَيْهِ بِبَعْض حَتَّى يعجز
- قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب يجني جِنَايَة فَيقْتل رجلا خطأ ثمَّ يقتل
بعد ذَلِك رجلا خطأ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الأولى
ثمَّ جَاءَ ولى أَحدهمَا فقضي لَهُ بِقِيمَة العَبْد وَلَا يعلم
بِالْجِنَايَةِ الْأُخْرَى ثمَّ عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك مَا القَوْل
فِيهِ وَقد جَاءَ الآخر بعد ذَلِك فخاصم قَالَ يكون نصف قيمَة العَبْد
للمقضي لَهُ دينا فِي نصف العَبْد وَيكون جِنَايَة الآخر فِي نصف
العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دفع نصفه فان
أدّى إِلَى الْمقْضِي لَهُ نصف قيمَة العَبْد وَإِلَّا بيع نصف العَبْد
لَهُ قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار للمقضي لَهُ
فِي عنق العَبْد دين وَأما الَّذِي لم يقْض لَهُ فجنايته على حَالهَا
فِي نصف رَقَبَة العَبْد قلت وَلم لَا يكون جِنَايَته فِي جَمِيع
رَقَبَة العَبْد قَالَ لِأَنَّهُ قد كَانَ جنى قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ
للْأولِ فَكَانَت الْقيمَة بَينهمَا نِصْفَيْنِ أَلا ترى أَنَّهُمَا
لَو خاصما جَمِيعًا فِي مُكَاتبَته قضي لَهما عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ
وَجِنَايَة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نصف قِيمَته قلت وَيصير جَمِيع
جِنَايَته الَّذِي لم يقْض لَهُ فِي نصف العَبْد
(4/364)
قَالَ نعم قلت وَيصير للْآخر الدّين فِي
نصف العَبْد قَالَ نعم قلت وَسَوَاء أَن كَانَ قضي بِالْعَبدِ لولى
الأول أَو لولى الآخر قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل ثَلَاثَة
نفر خطأ فقضي عَلَيْهِ لأَحَدهم ثمَّ إِن العَبْد عجز مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ فِي ثلث رَقَبَة العَبْد ثلث قِيمَته
دينا عَلَيْهِ وَتَكون جِنَايَة الآخرين فِي ثُلثي رَقَبَة العَبْد فان
شَاءَ الْمولى فدى ثلثه بِجَمِيعِ الجنايتين وَإِن شَاءَ دَفعه قلت
أَرَأَيْت مكَاتبا قتل رجلَيْنِ خطأ فقضي لأحهما بِقِيمَة ولال يعلم
بِجِنَايَة اخر ثمَّ جَاءَ الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي
للْآخر على الْمكَاتب بِنصْف الْقيمَة فَيكون لَهُ وَيرجع الْمكَاتب
على الأول بِنصْف الْقيمَة قلت أَرَأَيْت إِن خاصمه ولى أَحدهمَا وَقد
علم بِالْجِنَايَةِ الْأُخْرَى بكم يقْضِي لهَذَا بِنصْف الْقيمَة أَو
بجميعها قَالَ بل بِنصْف الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الجنايتين
جَمِيعًا فِي عُنُقه وَإِنَّمَا حق هَذَا فِي نصف الْقيمَة
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قبل رجلا خطأ ثمَّ قتل بعد ذَلِك آخر خطأ فقضي
عَلَيْهِ باحدى الجنايتين ثمَّ قتل آخر خطأ ثمَّ جَاءَ الْآخرَانِ
يطلبان بعد ذَلِك مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ الأول
نصف الْقيمَة قيمَة العَبْد الَّتِي كَانَ قضي لَهُ بهَا وَيَقْضِي
للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ الثَّالِث بِنصْف قيمَة العَبْد أَيْضا خَاصَّة
وَيَقْضِي لَهُ أَيْضا وَللْآخر الَّذِي كَانَ مَعَ الأول بِنصْف
الْقيمَة فَيكون بَينهمَا على ثَلَاثَة يضْرب فِيهَا الثَّالِث
بِخَمْسَة آلَاف
(4/365)
وَيضْرب فِيهَا الآخر بِعشْرَة آلَاف قلت
وَلم قَالَ لِأَن الأول قد كَانَ قضي لَهُ بِنصْف الْقيمَة فَصَارَ
حَقه دينا فِي عنق العَبْد وَبَقِي جِنَايَة الآخر فِي نصف العَبْد
فَلَمَّا جنى الْجِنَايَة الثَّالِثَة صَار فِي النّصْف الَّذِي كَانَ
قضي بِهِ للْأولِ فقضي عَلَيْهِ أَيْضا بِنصْف الْقيمَة ثَانِيَة
وَصَارَ النّصْف فِي النّصْف الْبَاقِي فَصَارَ نصف جِنَايَة الثَّالِث
وَالْجِنَايَة الأولى جِنَايَة كلهَا فِي نصف العَبْد أَلا ترى لَو أَن
مكَاتبا جنى جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا ثمَّ جنى جِنَايَة أُخْرَى
بعد ذَلِك فقضي عَلَيْهِ بهَا أَيْضا كَانَ يسْعَى فِي الجنايتين
جَمِيعًا وَلَو لم يقْض عَلَيْهِ قضي لَهما بِقِيمَة وَاحِدَة فَمن
ثمَّ قضي الثَّالِث بِنصْف جِنَايَته أَيْضا خَاصَّة فِي نصف العَبْد
لِأَن نصف العَبْد قد قضي بِهِ للْأولِ فَصَارَ حَقه دينا عَلَيْهِ
وَبَقِي للْآخر حق جِنَايَته فَمن ثمَّ صَار هَذَا هَكَذَا قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد قد عجز بعد مَا جنى على الثَّالِث وَقد
قضي لأحد الْأَوَّلين بِجِنَايَتِهِ وَلم يقْض للْآخر مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يكون للمقضي عَلَيْهِ نصف قيمَة العَبْد دينا فِي نصف
رقبته وَيصير نصف جِنَايَة الثَّالِث فِي ذَلِك النّصْف وَيصير نصف
جِنَايَته وَجِنَايَة الآخر الَّذِي لم يقْض عَلَيْهِ فِي النّصْف
الْبَاقِي فان دفع الْمولى العَبْد إِلَيْهِم صَار نصف العَبْد بَين
الأول وَالثَّالِث الَّذِي لم يقْض لَهُ على ثَلَاثَة فَيضْرب فِيهِ
الثَّالِث بِخَمْسَة آلَاف وَالْأول بِعشْرَة آلَاف وَيصير النّصْف
الْبَاقِي
(4/366)
لولى المجنى عَلَيْهِ الثَّالِث خَاصَّة
وَيصير حق الْمقْضِي لَهُ فِي هَذَا النّصْف دينا فان أدّى غليه نصف
الْقيمَة وَإِلَّا بيع لَهُ بِدِينِهِ
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ قتل آخر خطأ
بعد ذَلِك قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ الأولى ثمَّ إِن
أَحدهمَا خَاصم فِي حَقه فقضي لَهُ بِنصْف قيمَة العَبْد فأداها
إِلَيْهِ ثمَّ جَاءَ الآخر بعد ذَلِك يطْلب مَا القَوْل فِيهِ قَالَ
يقْضِي لَهُ على العَبْد بِنصْف قِيمَته يسْعَى فِيهَا قلت فَهَل يتبع
الَّذِي أَخذ من العَبْد نصف قِيمَته فَيَأْخُذ مِنْهُ نصف مَا أَخذ
قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن حَقه إِنَّمَا كَانَت جِنَايَة فِي عنق
الْمكَاتب حَتَّى قضي لَهُ بهَا فَصَارَ نصف قِيمَته دينا عَلَيْهِ
أَلا ترى لَو أَن العَبْد عجز قبل أَن يقْضِي لَهُ صَارَت جِنَايَته
فِي نصف عنق العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه قلت
أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْمكَاتب بعد مَا استوفي الْمقْضِي لَهُ نصف
قِيمَته قبل أَن يقْضِي للْآخر بِشَيْء وَلم يدع الْمكَاتب شَيْئا هَل
يتبع الَّذِي أَخذ نصف الْقيمَة بِشَيْء قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ لَو
أَن الْمكَاتب عجز فَمَاتَ بعد مَا عجز قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن
حَقه إِنَّمَا كَانَ جِنَايَة فِي عنق العَبْد فَلَمَّا مَاتَ بطلت قلت
أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ قتل رجلا آخر بعد
ذَلِك خطأ فقضي لأَحَدهمَا بِنصْف الْقيمَة ثمَّ إِن العَبْد عجز فَقتل
بعد مَا عجز رجلا آخر خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما الْمقْضِي
لَهُ فحقه دين فِي نصف العَبْد لِأَنَّهُ قد كَانَ قضي لَهُ بِهِ على
الْمكَاتب
(4/367)
قبل أَن يعجز فَصَارَ نصف قيمَة رقبته دينا
فِي نصف العَبْد وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى ولي
الثَّانِي وَالثَّالِث أَو يفْدِيه بِجَمِيعِ الجنايتين فان هُوَ فدَاه
بيع العَبْد للمقضي لَهُ بِحقِّهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ الْمولى نصف
الْقيمَة فان دفع إِلَيْهِمَا العَبْد كَانَ نصف العَبْد لوَلِيّ
الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثَّالِث وَالنّصف الآخر بَين الثَّالِث
وَالثَّانِي الَّذِي لم يقْض لَهُ على ثَلَاثَة أسْهم وَيُبَاع النّصْف
الَّذِي أَخذ الثَّالِث خَاصَّة فِي دين صَاحب الْجِنَايَة الَّتِي قضي
بهَا قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ جنى
جِنَايَة أُخْرَى بعد ذَلِك ففقأ عين رجل خطأ ثمَّ جَاءَ المفقوءة عينه
يُخَاصم الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي لَهُ عَلَيْهِ
بِثلث قِيمَته يسْعَى فِيهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد قتل
وفقأ عينا فَتَصِير قِيمَته بَينهم على ثَلَاثَة أسْهم فَيصير لوَلِيّ
الْمَقْتُول ثلثا قِيمَته وللمفقوءة عينه ثلث قِيمَته أَلا ترى
أَنَّهُمَا لَو خاصما الْمكَاتب جَمِيعًا قضي لَهما بِقِيمَتِه
جَمِيعًا عَلَيْهِ فيسعى فِيهَا فَيصير ثلثاها لوَلِيّ الْمَقْتُول
وثلثها للمفقوءة عينه فَكَذَلِك إِذا خَاصم أَحدهمَا قلت أَرَأَيْت إِن
عجز بعد مَا قضي للمفقوءة عينه بِثلث قِيمَته مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يصير دِيَة الْمَقْتُول فِي ثُلثي رَقَبَة العَبْد فَيُخَير
الْمولى فان شَاءَ فدى ذَلِك بِجَمِيعِ الْجِنَايَة بِالدِّيَةِ وَإِن
شَاءَ دَفعه وَيُبَاع الثُّلُث الْبَاقِي فِي دين الْمقْضِي لَهُ أَو
يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ
(4/368)
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا جنى جِنَايَة
بعد مَا قضي بفقيء الْعين وَهُوَ مكَاتب ثمَّ عجز بعد ذَلِك مَا
القَوْل فِيهِ قَالَ أما الْمقْضِي لَهُ فَلهُ ثلث قيمَة العَبْد دينا
فِي ثلث العَبْد وَيصير لوَلِيّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثُّلُث ثلث
دِيَة الْمَقْتُول فِي ثلث العَبْد الَّذِي فِيهِ هَذَا الدّين وَيصير
الثُّلُثَانِ من هَذِه الدِّيَة ودية الأول فِي هذَيْن الثُّلثَيْنِ
الباقيين أَيْضا فَيُخَير الْمولى مولى العَبْد فان شَاءَ دفع العَبْد
إِلَيْهِمَا وَإِن شَاءَ فدَاه بِجَمِيعِ الجنايتين فان فدَاه بيع ثلث
العَبْد فِي دين الْمقْضِي لَهُ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِن
دَفعه كَانَ ثلث العَبْد لوَلِيّ الْمَجْنِي عَلَيْهِ الثَّالِث
خَاصَّة وَيصير حق الْمقْضِي لَهُ فِي ذَلِك الثُّلُث إِمَّا أَن
يُؤَدِّيه إِلَيْهِ وَإِمَّا أَن يُبَاع فِي دينه وَيصير الثُّلُثَانِ
بَينهمَا يضْرب فِيهِ ولي الْمَجْنِي عَلَيْهِ الآخر بِثُلثي الدِّيَة
وَالَّذِي لم يقْض لَهُ بِجَمِيعِ الدِّيَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ
قد أَخذ ثلث العَبْد بِثلث الدِّيَة وَإِنَّمَا كَانَ حق الأول الَّذِي
لم يقْض لَهُ فِي ثُلثي العَبْد لِأَن رقبته قد كَانَت وَجَبت لَهُ
وللمفقوءة عينه فَكَانَ حَقه فِي ثُلثي رَقَبَة العَبْد
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة جنت جِنَايَة فقتلت رجلا خطأ ثمَّ فقأت عين
آخر بعد ذَلِك ثمَّ ولدت ولدا ثمَّ إِن المفقوءة عينه خَاصم
الْمُكَاتبَة فقضي لَهُ بِثلث قيمتهَا هَل يقْضِي لَهُ فِي الْوَلَد
بِشَيْء قَالَ لَا قلت
(4/369)
أَرَأَيْت إِن عجزت الْمُكَاتبَة بعد ذَلِك
ثمَّ جَاءَ ولي الْمَقْتُول يُخَاصم وَقد ردَّتْ فِي الرّقّ مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تكون دِيَة الْمَقْتُول فِي ثُلثي رَقَبَة
الْأُم فان شَاءَ الْمولى فدى ذَلِك بِجَمِيعِ الدِّيَة وَإِن شَاءَ
دَفعه فان فدَاه بيع ثلث الْمُكَاتبَة فِي دين الْمقْضِي لَهُ أَو
يُؤَدِّي عَنْهَا مَوْلَاهَا وَكَذَلِكَ إِن دفع الثُّلثَيْنِ قلت
أَرَأَيْت إِن بيع ثلث الْمُكَاتبَة فَلم يَفِ بِمَا كَانَ قضي للمقضي
عَلَيْهِ هَل لَهُ فِي الْوَلَد شَيْء وَالْولد حَيّ قَالَ نعم يُبَاع
ثلث الْوَلَد فِيمَا بَقِي من حَقه أويؤدي ذَلِك الْمولى قلت وَلم
قَالَ لِأَن حَقه دين فِي ثلث رَقَبَة الْأُم فولدها مِنْهَا أَلا ترى
لَو أَن مُكَاتبَة عجزت وعليهغا دين وَقد كَانَت ولدت ولدا فِي
مكاتبتها فبيعت فِي الدّين فَلم يَفِ ثمنهَا بِالدّينِ بيع مَعهَا
وَلَدهَا فِيمَا بَقِي من الدّين وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول يكون ذَلِك
فِي ثلث رَقَبَة الْأُم وَالْولد إِذا لم يَفِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ
إِنَّمَا قضي لولى الْمَقْتُول على الْمُكَاتبَة فقضي عَلَيْهَا أَن
تسْعَى فِي ثُلثي قيمتهَا وَلم يقْض للغمفقوءة عينه بِشَيْء حَتَّى
عجزت وَقد ولدت ولدا فِي كتَابَتهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تصير
دِيَة عين المفقوءة عينه فِي ثلث رقبَتهَا فان شَاءَ الْمولى فدى وَإِن
شَاءَ دفع وَيُبَاع ثلثاها للمقضي لَهُ فان وَفِي وَإِلَّا بيع ثلثا
الْوَلَد أَو يُؤَدِّي الْمولى الدّين
(4/370)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقتل
رجلا خطأ ثمَّ قتل رجلَيْنِ بعد ذَلِك خطأ فقضي لأَحَدهمَا بِثلث
الْقيمَة ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَقتل رجلا آخر بعد مَا عجز خطأ مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ ثلث قِيمَته دينا فِي ثلث
رقبته وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى أَوْلِيَاء
أَصْحَاب الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه إِلَيْهِم كَانَ ثلث
العَبْد لوَلِيّ الْمَقْتُول خَاصَّة وَيصير للمقضي لَهُ فِي ذَلِك
الثُّلُث ثلث الْقيمَة دينا فِي رَقَبَة العَبْد وَيصير الثُّلُثَانِ
بَينهم يضْرب فِيهِ الْأَولونَ بِجَمِيعِ الدِّيَة وَيضْرب فِيهِ الآخر
بِثُلثي الدِّيَة
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جِنَايَة فَقضى عَلَيْهِ بِتِلْكَ
الْجِنَايَة ثمَّ جنى جنايتين بعد ذَلِك فقضي عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا
وَقد قضي عَلَيْهِ فِي الْجِنَايَة الأولى بِجَمِيعِ قِيمَته ثمَّ عجز
فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ أما الْمقْضِي لَهُ الأول
فجيمع مَا كَانَ قضي لَهُ من قيمَة العَبْد فِي رَقَبَة العَبْد وَينظر
إِلَى الجنايتين الأخراوين فان كَانَتَا سَوَاء كَانَ نصف قيمَة
العَبْد دينا للمقضي لَهُ فِي نصف رَقَبَة العَبْد وَيصير جِنَايَة
الْبَاقِي فِي نصف العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ
دَفعه فان فدَاه بيع العَبْد وَكَانَ نصف ثمنه خَاصَّة للمقضي لَهُ
الأول وَكَانَ النّصْف الْبَاقِي بَينهمَا يضْرب فِيهِ الأول بِمَا
بَقِي من دينه وَيضْرب فِيهِ الْبَاقِي بِجَمِيعِ دينه قلت وَلم قَالَ
لِأَن الأول جَمِيع دينه فِي جَمِيع رَقَبَة العَبْد وَدين الْبَاقِي
نصف العَبْد
(4/371)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ السَّيِّد دفع نصف
العَبْد بِالْجِنَايَةِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُبَاع النّصْف
الْبَاقِي لَهما فِي دينهما فيقتسمانه نِصْفَيْنِ وَيكون مَا بَقِي من
دين الأول وَهُوَ نصف الدّين فِي النّصْف الَّذِي وَقع إِلَى صَاحب
الْجِنَايَة وَإِن أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَى بيع لَهُ فِي دينه قلت
وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن دين الأول كَانَ فِي جَمِيع
رَقَبَة العَبْد وَدين الثَّانِي كَانَ فِي نصف رَقَبَة العَبْد
فَصَارَ هَذَا النّصْف الَّذِي صَار للمقضي لَهُ الثَّانِي بَينه
وَبَين الأول وَصَارَ النّصْف الَّذِي صَار لصَاحب الْجِنَايَة الأول
خَاصَّة يُبَاع لَهُ فِي دينه قلت أَرَأَيْت إِن قضي للآخرين جَمِيعًا
بِقِيمَة العَبْد بعد مَا كَانَ جنى على الأول وَقضي لَهُ وَقد كَانَت
جنايتهما بعد مَا قضي للْأولِ بِجِنَايَتِهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك
وَقد عجز العَبْد فَرد فِي الرّقّ قَالَ يصير حَقهم دينا فِي رَقَبَة
العَبْد فان أدّى الْمولى جَمِيع دينهم وَإِلَّا بيع العَبْد لَهُم
فَكَانَ الثّمن نصفه للْأولِ وَنصفه للآخرين قلت وَلم صَار هَذَا
هَكَذَا قَالَ لِأَن الأول يضْرب فِي الثّمن بِجَمِيعِ الْقيمَة لِأَن
جَمِيع الْقيمَة دين فِي رقبته وَيضْرب الآخرين بِقِيمَة رقبته أَيْضا
فَيصير لَهما النّصْف وَيصير للْأولِ النّصْف قلت أَرَأَيْت مكَاتبا
جنى ثَلَاث جنايات فَأتى على رقبته والجنايات سَوَاء فقضي لوَاحِد
مِنْهُنَّ بِثلث رَقَبَة العَبْد ثمَّ إِن أحد الباقيين وهب جِنَايَته
للْمكَاتب ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يصير حق الْمقْضِي لَهُ فِي ثلث العَبْد إِمَّا أَن
يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ
(4/372)
ثلث قِيمَته أَو يُبَاع ذَلِك الثُّلُث
لَهُ وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع إِلَى الْبَاقِي ثلث العَبْد
وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ وَيصير الثُّلُث الْبَاقِي من العَبْد
لمَوْلَاهُ لَاحق لَهما فِيهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن رقبته قد كَانَت
وَجَبت لَهُم جَمِيعًا فَلَمَّا عَفا أحدهم رجعت حِصَّته من ذَلِك
إِلَى السَّيِّد أَلا ترى لَو أَن عبدا جنى جنايتين فَعَفَا أَحدهمَا
عَن جِنَايَته قَالَ نصفه للسَّيِّد وَجِنَايَة الآخر فِي النّصْف
الْبَاقِي فَكَذَلِك الأول
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جنايتين فَعَفَا أَحدهمَا عَنهُ وَقضي
للْآخر بِحقِّهِ ثمَّ عجز فَرد فِي الرّقّ كم يُبَاع للْآخر من العَبْد
قَالَ نصفه أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ وَيصير النّصْف الْبَاقِي
للْمولى قلت أَرَأَيْت مكَاتبا جنى جنايتين خطأتين على رقبته فقضي
لأَحَدهمَا بِنصْف رَقَبَة الْمكَاتب يسْعَى فِيهَا ثمَّ إِن الْمكَاتب
عجز فَرد فِي الرّقّ وَفِي يَده مَال كثير لَا يَفِي بمكاتبته مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْمقْضِي لَهُ نصف قيمَة
العَبْد من ذَلِك وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع نصف العَبْد إِلَى
الْبَاقِي وَإِن شَاءَ فدَاه بِالدِّيَةِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَا
فِي يَد الْمكَاتب من المَال حَيْثُ عجز قدر نصف قِيمَته أيؤدي ذَلِك
كُله إِلَى الْمقْضِي لَهُ قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك دين
فِي نصفه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ المَال أقل من نصف الْقيمَة أيباع
(4/373)
نصف العَبْد فِيمَا بَقِي أَو يُؤَدِّي
عَنهُ الْمولى قَالَ نعم قلت وَلَا يكون للمقضي لَهُ نصف ذَلِك المَال
وَإِنَّمَا دينه فِي نصف رَقَبَة العَبْد قَالَ لِأَن الْمولى لَا يصل
إِلَيْهِ من مَاله شَيْء حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من دين وَإِن
كَانَ فِي نصف رقبته قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على العَبْد دين سوى
ذَلِك قدر قيمَة رقبته مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضْرب فِيهِ
الْمقْضِي لَهُ بِنصْف الْقيمَة وَيضْرب فِيهِ الآخر بِالدّينِ
فيقتسمانه على ذَلِك وَينظر إِلَى مَا بَقِي من دين صَاحب الدّين
فَيكون نصفه فِي حِصَّة الْمَجْنِي عَلَيْهِ يُبَاع فِيهَا أَو
يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِن دفع العَبْد
وَيكون مَا بَقِي من دينه وَدين الآخر فِي النّصْف الْبَاقِي يُبَاع
لَهما أَو يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا الْمولي دينهما قلت وَلم لَا يصير مَا
فِي يَدي الْمكَاتب من المَال لصَاحب الدّين خَاصَّة قَالَ لِأَن مَا
فِي يَدَيْهِ من مَال فَهُوَ بَينهمَا بِالْحِصَصِ لِأَن مَالهم دين
عَلَيْهِ كُله
(4/374)
- بَاب جِنَايَة ولد الْمكَاتب
وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ
-
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا ولد لَهُ ولد فِي مُكَاتبَته من أمة لَهُ فَقتله
رجل خطأ لمن يكون قِيمَته قَالَ للْمكَاتب قلت وَكَذَلِكَ إِن جرح
جِرَاحَة كَانَ أرش ذَلِك للْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو
كَانَ اشْترى ابْنه فِي مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو
اشْترى أَبَاهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ اشْترى ابْن ابْنه
قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة إِذا ولدت ولدا فِي مكاتبتها
أَو اشترته قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن وَلَدهَا مِنْهَا
بِمَنْزِلَة كسبها قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي
كتَابَتهَا وَولد لولدها ولد فَالْوَلَد هَاهُنَا من كسبها قَالَ نعم
قلت فان جنى على وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا فَهُوَ لَهَا قَالَ نعم قلت
أَرَأَيْت كسب وَلَدهَا وَولد وَلَدهَا لمن يكون قَالَ لَهَا قلت
وَكَذَلِكَ كسب ولد الْمكَاتب إِذا ولد لَهُ فِي مُكَاتبَته أَو
اشْتَرَاهُ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن جنى على ولد الْمكَاتب
جِنَايَة فَلم يُخَاصم فِي الْجِنَايَة حَتَّى أدَّت وعتقت لمن يكون
أرش تِلْكَ الْجِنَايَة قَالَ للْأُم قلت وَلم لَا يكون للْوَلَد قَالَ
لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة كَسبه وَقد كَانَ وَجب للْأُم قبل أَن تعْتق
أَلا ترى أَنه لَو كَانَ فِي يَدَيْهِ مَال قد اكْتَسبهُ قبل أَدَاء
الْمُكَاتبَة فانه للْأُم وَللْأَب دونه وَكَذَلِكَ الْجِنَايَة
عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت ولد الْمُكَاتبَة إِذا قتل رجلا خطأ أَو جنى جِنَايَة
(4/375)
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي
عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمَة رقبته وَيسْعَى فِي
الْأَقَل من ذَلِك قلت فَهَل يلْحق الْأُم من جِنَايَة الْوَلَد شَيْء
قَالَ لَا قلت وَإِن مَاتَ الْوَلَد قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ أَو بعد
مَا قضي عَلَيْهِ قَالَ وَإِن قلت أَرَأَيْت إِن عجزت الْأُم قبل أَن
يقْضِي على الْوَلَد بِشَيْء من الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ الْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع الْوَلَد وَإِن شَاءَ فدَاه
بِالْجِنَايَةِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ
ثمَّ عجزت الْأُم فَردَّتْ فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
ذَلِك دين فِي عُنُقه يُبَاع فِيهِ أَو يُؤَدِّي عَنهُ مَوْلَاهُ قلت
أَرَأَيْت إِن لم يكن فِي قِيمَته وَفَاء هَل يكون فِي عنق الْأُم من
ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي على الابْن
بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ وَعَلَيْهَا
دين كثير مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ تبَاع الْأُم فِي دينهَا
وَيُبَاع الْوَلَد فِيمَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ من ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِن لم يبْق شَيْء من ثمن الْأُم عَن دينهَا هَل يُشْرك
غُرَمَاء الْأُم بِبَقِيَّة دينهم غُرَمَاء الْوَلَد فِي ثمنه قَالَ
لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن دين الابْن أَحَق أَن يقْضِي من ثمنه من دين
الْأُم قلت أَرَأَيْت إِن فضل من ثمنه شَيْء عَن دينه هَل يكون فِي
بَقِيَّة دين الْأُم قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد
بِمَنْزِلَة الْأُم أَلا ترى أَنه
(4/376)
لَو لم يكن على الْوَلَد دين بيع فِي دين
أمه فَكَذَلِك إِذا فضل من ثمنه شَيْء عَن دينه
قلت أَرَأَيْت رجلا قتل ولد مُكَاتبَة لَهُ مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ قِيمَته للْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا أَلا ترى أَنه
لَو قَتله غير الْمولى كَانَ عَلَيْهِ قِيمَته لَهَا فَكَذَلِك الْمولى
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها فجنى الْوَلَد
جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة ثمَّ
إِن الْأُم ضمنت ذَلِك عَن وَلَدهَا لصَاحب الْجِنَايَة هَل يجوز ذَلِك
قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي هَذِه
الْجِنَايَة شَيْء وَإِنَّمَا هِيَ على الْوَلَد قلت أَرَأَيْت إِن
أدَّت الْأُم فعتقت هَل يجوز ذَلِك الضَّمَان قَالَ نعم قلت فان عجزت
فَردَّتْ فِي الرّقّ قَالَ لَا يجوز وَيكون مَا كَانَ من ذَلِك على
الْوَلَد وَلَا يكون على الْأُم من ذَلِك الضَّمَان شَيْء وَالضَّمان
بَاطِل قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ على الْوَلَد دين فضمنته الْأُم قَالَ
نعم قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن على الْوَلَد مَا كَانَ
من ذَلِك فَهُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة الْمَمْلُوك لَهَا أَلا
ترى أَنَّهَا إِذا أدَّت فعتقت كَانَ ذَلِك الدّين على الْوَلَد دونهَا
وَإِن عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ كَانَ ذَلِك على الْوَلَد فِي عُنُقه
دونهَا قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عبدا لَهُ وَامْرَأَته مُكَاتبَة
وأحدة وَجعل نجومها وَاحِدَة ثمَّ إِن الْمُكَاتبَة ولدت ولدا فِي
كتَابَتهَا فِي جنى على الْوَلَد جِنَايَة أَو قتل خطأ لمن يكون أرش
جِنَايَته وَقِيمَته قَالَ
(4/377)
يكون ذَلِك كُله للْأُم دون الْأَب قلت
وَلم قَالَ لِأَنَّهُ من الْأُم وَهُوَ بِمَنْزِلَة كسبها أَلا ترى أَن
مَا اكْتسب الابْن كَانَ للْأُم دون الْأَب فَكَذَلِك الْجِنَايَة
عَلَيْهِ قلت أرايت إِن أديا فعتقا لمن يكون مَا كَانَ جنى على
الْوَلَد قَالَ للْأُم دون الْأَب قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا قد كَانَ
لَهَا قبل أَن يعتقا
قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْأَب ابْنه خطأ أيلزمه من ذَلِك شَيْء قَالَ
نعم يسْعَى فِي الْأَقَل من قِيمَته وَقِيمَة ابْنه وَالْولد للْأُم
إِلَّا أَن تكون قيمَة الْأَب أقل من قيمَة الْأُم فيسعى فِي الْأَقَل
قلت أَرَأَيْت إِن أديا بعد ذَلِك فعتقا هَل تكون تِلْكَ الْقيمَة دينا
للم عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت وَالْأَب فِي الْجِنَايَة على الْوَلَد
بِمَنْزِلَة الْأَجْنَبِيّ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْوَلَد
الْأُم هَل يلْزمه شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ مِنْهَا
قلت وَكَذَلِكَ لَو قتلت هِيَ وَلَدهَا قَالَ نعم لَا يكون من جِنَايَة
وَاحِدَة مِنْهُمَا على صَاحبه شَيْء لِأَنَّهُ كَانَ جنى على نَفسه
قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْوَلَد على الْأَب هَل تلْزمهُ تِلْكَ
الْجِنَايَة
(4/378)
قَالَ نعم يلْزمه الْأَقَل من قِيمَته وَمن
الْجِنَايَة وَإِن أديا فعتقا كَانَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن قتل الْوَلَد الْأَب أيلزمه من ذَلِك شَيْء قَالَ
نعم يلْزمه الْأَقَل من قِيمَته وَمن قيمَة ابيه يسْعَى فِيهَا قلت
فَهَل يلْزمه من الْمُكَاتبَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن
أمه حَيَّة تسْعَى فِي الْمُكَاتبَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْوَلَد
قتل الْأُم وَبَقِي الْأَب لم يلْزمه شَيْء من الْمُكَاتبَة مَا دَامَ
الْأَب حَيا قَالَ لَا أما هَذَا فَيلْزمهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة أمه
قلت أَرَأَيْت إِن قتل أَبَاهُ خطأ ثمَّ أدَّت الْأُم جَمِيع
الْمُكَاتبَة فعتقت هَل يعْتق مَعهَا وَلَدهَا قَالَ نعم هما حران
جَمِيعًا قلت فَلِمَنْ تكون السّعَايَة الَّتِي سعى فِيهَا الْوَلَد من
قيمَة الْأَب قَالَ تَأْخُذ الْأُم حِصَّته مِمَّا أدعت عَنهُ فتأخذ
ذَلِك من الْوَلَد وَمَا بَقِي من ذَلِك كَانَ لوَرَثَة الْأَب وَلَا
يَرث الْقَاتِل إِلَّا أَن يكون صَغِيرا لِأَن قِيمَته على الابْن
كَأَنَّهُ مَال تَركه فتأخذ الْأُم من ذَلِك نصِيبهَا الَّذِي أدَّت
عَنْهُمَا وَمَا بَقِي فَهُوَ على مَا وصفت لَك قلت فَلِمَنْ يكون مَا
بَقِي من ذَلِك قَالَ لوَرَثَة الْمكَاتب إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة
أَحْرَار وَإِلَّا فَهُوَ للْمولى قلت وَلَا تَرث
(4/379)
الْمَرْأَة من ذَلِك شَيْئا قَالَ لَا قلت
وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد مَاتَ وَهُوَ مكَاتب فعتقا جَمِيعًا حَيْثُ
أدَّت قلت فَهَل يَرث الْوَلَد من ذَلِك شَيْئا قَالَ لَا إِلَّا أَن
يكون قَتله وَهُوَ صَغِير قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ
مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة فولد لأَحَدهمَا ولد فِي
مُكَاتبَته من أمة لَهُ ثمَّ إِن الْأَب جنى على الْوَلَد أَو الْوَلَد
جنى على الْأَب فَهَل يلْزم أَحدهمَا من جِنَايَة صَاحبه شَيْء قَالَ
لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن جِنَايَة وَلَده عَلَيْهِ وجنايته على وَلَده
كَأَنَّهُ جناها على نَفسه
قلت أَفَرَأَيْت إِن قتل الْمكَاتب الآخر الْوَلَد مَا عَلَيْهِ من
ذَلِك قَالَ عَلَيْهِ الْأَقَل من قِيمَته وَمن قيمَة الْوَلَد قلت
وَلمن يكون ذَلِك قَالَ للْأَب قلت وَكَذَلِكَ إِن أديا فعتقا كَانَ
ذَلِك دينا عَلَيْهِ للْأَب قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ كل جِنَايَة جنيت
على الْوَلَد كَانَ ذَلِك للْأَب قَالَ نعم
- بَاب إِقْرَار الْمكَاتب بِالْجِنَايَةِ
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أقرّ أَنه قتل رجلا خطأ أَو قطع يَده هَل يجوز
(4/380)
إِقْرَاره قَالَ نعم وَيَقْضِي عَلَيْهِ
بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة يسْعَى فِيهَا وَيلْزمهُ
ذَلِك مَا دَامَ مكَاتبا قلت أَرَأَيْت إِذا أدّى فَعتق هَل يلْزمه
ذَلِك قَالَ نعم وَذَلِكَ دين عَلَيْهِ قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض
عَلَيْهِ حَتَّى عتق هَل يلْزمه ذَلِك الْإِقْرَار قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ عجز وَقد كَانَ أقرّ بِالْجِنَايَةِ وَلم يقْض
عَلَيْهِ بهَا حَتَّى عجز هَل يلْزمه شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت
وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار عبدا فَلَا يلْزمه إِقْرَاره
بِالْجِنَايَةِ لِأَن ذَلِك لَيْسَ بدين عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يقْضِي
عَلَيْهِ إِذا كَانَ مكَاتبا فَأَما إِذا عجز وَلم يقْض عَلَيْهِ بذلك
فان إِقْرَاره بَاطِل
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ ثمَّ عجز هَل
يلْزمه شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا عجز
فَرد فِي الرّقّ بَطل إِقْرَاره لِأَن أصل ذَلِك جِنَايَة باقراره
فَلَا يُؤْخَذ بِهِ إِذا عجز قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا قد أدّى
إِلَيْهِ مَا كَانَ قضى لَهُ بِهِ ثمَّ عجز هَل يرجع الْمولى فَيَأْخُذ
مِنْهُ ذَلِك قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى إِلَيْهِ نصفه
وَبَقِي نصفه ثمَّ عجز هَل يبطل عَن الْمكَاتب مَا كَانَ بَقِي
عَلَيْهِ من ذَلِك قَالَ نعم قلت فَهَل يرجع السَّيِّد بِشَيْء مِمَّا
كَانَ أدّى إِلَيْهِ من ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا كُله قَول أبي حنيفَة
وَهُوَ
(4/381)
قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد إلافي خصْلَة
وَاحِدَة إِذا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فَلم يؤدها حَتَّى عجز
صَارَت دينا عَلَيْهِ فِي عتقه يُبَاع فِيهَا إِلَّا أَن يفْدِيه
مَوْلَاهُ لِأَنَّهَا حِين قضي بهَا صَارَت دينا وتحولت عَن حَال
الْجِنَايَة قبل الْعَجز وَلَو لم يُؤْخَذ بهَا فِي حَال الْمُكَاتبَة
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أقرّ بِأَنَّهُ قتل رجلا عمدا ثمَّ صَالح ولي
الْمَقْتُول من دَمه على مَال هَل يجوز ذَلِك وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ
قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك فَرد فِي الرّقّ
هَل يلْزمه ذَلِك بعد الْعَجز وَيكون ذَلِك فِي رقبته قَالَ لَا قلت
وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد صَار عبدا وَبَطل عَنهُ الْقصاص حَيْثُ صَالحه
فَصَارَ كَأَنَّهُ أقرّ بقتل خطأ فَلَا يجوز ذَلِك حَيْثُ عجز قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ قد أدّى إِلَيْهِ مَا كَانَ صَالحه هَل يرجع بذلك
عَلَيْهِ فَيَأْخُذ مِنْهُ قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة رَحْمَة
الله عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد المَال الَّذِي صَالح
عَلَيْهِ لَازم لَهُ وَإِن عجز قبل أَن يَدْفَعهُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ
دين عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا قضي بِهِ عَلَيْهِ من الْإِقْرَار
بِالْجِنَايَةِ
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ أقرَّت
الْمُكَاتبَة
(4/382)
أَن وَلَدهَا قد جنى جِنَايَة على رجل هَل
يجوز إِقْرَارهَا عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك
إِنَّمَا يلْزم الْوَلَد فَلَا يجوز إِقْرَارهَا عَلَيْهِ قلت وَإِن
أدَّت بعد ذَلِك فعتقت قَالَ وَإِن قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْوَلَد
وَترك مَالا هَل يَأْخُذ الْمقر لَهُ بِالْجِنَايَةِ من ذَلِك المَال
شَيْئا لِأَن الْمُكَاتبَة قد أقرَّت لَهُ بِالْجِنَايَةِ قَالَ نعم
لَهُ الْأَقَل من قيمَة الْوَلَد وَمن أرش الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ
لِأَن ذَلِك المَال لَهَا وإقرارها على الْوَلَد بِالْجِنَايَةِ جَائِز
فِيمَا ترك قلت أَرَأَيْت إِن أقرَّت بدين على الْوَلَد هَل يلْزمه
وَالْولد يجْحَد ذَلِك قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْوَلَد مَاتَ وَترك مَالا فأقرت بذلك هَل
يجوز ذَلِك فِي ذَلِك المَال قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا قد
أقرَّت بِأَن عَلَيْهِ دينا فَلَا تَأْخُذ من ذَلِك المَال شَيْئا
حَتَّى يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الدّين باقرارها أَلا ترى أَنه لَو
كَانَ على الدّين ثَبت مَا كَانَ بَقِي فِي يَدَيْهِ مِمَّا اكْتسب
للْغُرَمَاء قلت وَلم وَأَنت تجْعَل مَا اكْتسب لولدها قَالَ لِأَنَّهُ
فِي هَذَا بِمَنْزِلَة عَبدهَا أَلا ترى أَنَّهَا لَو أَذِنت
لِعَبْدِهَا فِي التِّجَارَة فاستدان دينا كَانَ مَا اكْتسب العَبْد
للْغُرَمَاء وَمَا بِيَدِهِ من شرى أَو بيع أَو مَال للْغُرَمَاء
فَكَذَلِك وَلَدهَا قلت أَرَأَيْت إِن أقرّ الْوَلَد بِأَن الْأُم قد
جنت جِنَايَة هَل يلْزمه
(4/383)
من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ لَا يلْزمه مَا أقرّ على أمه من جِنَايَة لِأَن ذَلِك لَو
جَازَ كَانَ على الْأُم دونه قلت فان مَاتَت الْأُم وَقد تركت مَالا
كثيرا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُؤَدِّي إِلَى الْمولى مَا بَقِي
من الْمُكَاتبَة وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث للْوَلَد وَيَقْضِي فِي
ذَلِك المَال الَّذِي بَقِي بعد الْمُكَاتبَة على الْوَلَد
بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قيمَة الْأُم قلت وَلم قَالَ لِأَن
الْوَلَد أقرّ بِجِنَايَة الْأُم فقد أقرّ بِأَنَّهُ لَزِمَهَا
الْأَقَل من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة أَلا ترى أَنه لَو أقرّ بدين على
الْأُم فِي هَذِه الْحَال لزمَه ذَلِك فِيمَا ورث من الْأُم لِأَنَّهُ
لَيْسَ لَهُ مِيرَاث حَتَّى يقْضِي الدّين وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا دين
فَهِيَ فِي هَذَا الْوَجْه بِمَنْزِلَة الدّين
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْأُم دين بِبَيِّنَة هَل يجوز إِقْرَاره
بِالْجِنَايَةِ على الْأُم أَو بِالدّينِ قَالَ لَا حَتَّى يقْضِي
الدّين الَّذِي بِبَيِّنَة فان بَقِي شَيْء فِي يَدَيْهِ بعد ذَلِك قضى
بِهِ الَّذِي أقرّ لَهُ بِهِ قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت الْأُم لم تدع
شَيْئا فقضي القَاضِي أَن يسْعَى فِيمَا على الْأُم هَل يجوز إِقْرَاره
الَّذِي كَانَ أقرّ بِهِ من جِنَايَة الْأُم وَهُوَ مقربه الْيَوْم
قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ القَاضِي أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من
الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة قيمَة الْأُم قلت أَرَأَيْت إِن عجز بعد
ذَلِك هَل يلْزمه ذَلِك فِي رقبته قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ
قد أدّى ثمَّ عجز فَرد فِي الرّقّ هَل يُؤْخَذ ذَلِك من الَّذِي
أَدَّاهُ إِلَيْهِ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت ولدا فِي مكاتبتها ثمَّ أقرَّت الْأُم
بدين
(4/384)
على الْوَلَد بِبَيِّنَة وَفِي يَدَيْهِ
مَال قد كَسبه هَل يجوز إِقْرَارهَا قَالَ لَا وَيكون ذَلِك المَال
الَّذِي فِي يَدي الْوَلَد للْغُرَمَاء الَّذين لَهُم الْبَيِّنَة فان
فضل شَيْء كَانَ للَّذي أقرَّت لَهُ الْأُم وَإِن لم يفضل شَيْء فَلَا
شَيْء لَهُم إِلَّا أَن يكْتَسب الْوَلَد مَالا بعد ذَلِك فَيكون ذَلِك
المَال فِي ذَلِك قلت وَلم وَالْولد يجْحَد قَالَ لِأَن مَا اكْتَسبهُ
الْوَلَد فانما هُوَ للْأُم فالأم تَقول لَا حق لي فِي هَذَا حَتَّى
يقْضِي الدّين لِأَن وَلَدهَا بِمَنْزِلَة عَبدهَا وَكَسبه لَهَا
وإقرارها فِيمَا فِي يَدَيْهِ جَائِز فان أدَّت عتقت وَعتق وَبَطل
إِقْرَارهَا ذَلِك وَكَذَلِكَ إِن عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ لم يكن فِي
رَقَبَة الْوَلَد من ذَلِك شَيْء وَإِنَّمَا يقْضِي بذلك مَا دَامَت
مُكَاتبَة فِيمَا فِي يَدي الْوَلَد لِأَنَّهُ مَالهَا
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ولدا ثمَّ أقرَّت الْأُم
بِأَن الْوَلَد قد جنى جِنَايَة وَالْولد يجْحَد ذَلِك ثمَّ إِن
الْوَلَد قتل خطأ لمن تكون قِيمَته قَالَ للْأُم قلت فَهَل يكون للْمقر
لَهُ شَيْء من أرش الْجِنَايَة فِي تِلْكَ الْقيمَة الَّتِي أقرَّت
بهَا الْأُم قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهَا فِي ذَلِك بِالْأَقَلِّ من
الْجِنَايَة وَمن الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْقيمَة قد صَارَت
مَالا لَهَا وَقد أقرَّت بِالْجِنَايَةِ فَكَأَنَّهَا أقرَّت بدين على
الْوَلَد أَلا ترى أَنَّهَا لَو كَانَت أقرَّت بدين كَانَ فِي هَذِه
الْقيمَة فَكَذَلِك الْجِنَايَة
(4/385)
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قد عجزت فَردَّتْ
فِي الرّقّ بعد مَا قتل الْوَلَد هَل تكون تِلْكَ الْقيمَة للَّذي
أقرَّت لَهُ الْأُم بِالْجِنَايَةِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن
ذَلِك قد صَار مَالا للْمولى وَقد بَطل إِقْرَارهَا حَيْثُ عجزت قلت
وَكَذَلِكَ لَو كَانَت أقرَّت على الابْن بدين قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت
لَو كَانَ قد قضي عَلَيْهَا بِتِلْكَ الْقيمَة قبل أَن تعجز وَدفع
ذَلِك إِلَى الْمقْضِي لَهُ ثمَّ إِنَّهَا عجزت بعد ذَلِك هَل يرجع
الْمولى فِي تِلْكَ الْقيمَة فيأخذها من الْمقر لَهُ قَالَ لَا
قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها وَإِذا ثمَّ إِنَّهَا
أقرَّت بدين على الْوَلَد ثمَّ إِنَّهَا عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ أما
يلْزم الْوَلَد ذَلِك الدّين فِي عُنُقه قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ
لِأَن الْوَلَد قد صَار عبدا للسَّيِّد فَلَا يجوز إِقْرَارهَا فِي
ذَلِك قلت فان كَانَت قد أقرَّت بِأَن الْوَلَد قد جنى جِنَايَة ثمَّ
عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ هَل يجوز ذَلِك قدار وَيلْزم الْوَلَد قَالَ
لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن إِقْرَارهَا فِيمَا ذكرت على الْوَلَد بَاطِل
(4/386)
- بَاب الْمكَاتب يُوجد فِي دَاره قَتِيل
أَو أشرع شَيْئا من دَاره فَيُصِيب إنْسَانا أَو يضع حجرا فِي
الطَّرِيق أَو يحْفر بِئْرا أَو يحدث شَيْئا فِي غير ملكه
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد فِي دَاره قَتِيل مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا قلت أَرَأَيْت
إِن كَانَت قِيمَته عشرَة آلَاف أَو أَكثر مَال القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِعشْرَة آلَاف إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت وَلم
قضيت عَلَيْهِ بِمَا وجدت فِي دَاره قَالَ لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة
جِنَايَته أَلا ترى أَنه لَو وجد قَتِيل فِي دَار حر كَانَ على
عَاقِلَته
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد نَفسه قَتِيلا فِي دَاره مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ لَيْسَ على أحد شَيْء قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ وجد
قَتِيلا فِي دَار نَفسه فَلَا يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه فِيمَا ترك
وَلَا يكون فِي ذَلِك بِمَنْزِلَة الْحر قلت وَالْحر إِذا وجد قَتِيلا
فِي دَاره هَل يكون دِيَته على عَاقِلَته قَالَ نعم وَهَذَا قَول ابي
حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا ترى فِي الْحر أَيْضا دِيَة
وَلَا قسَامَة إِذا أُصِيب قَتِيلا فِي دَار نَفسه
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد قَتِيلا فِي دَار مَوْلَاهُ مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ على الْمولي قيمَة الْمكَاتب فِي مَاله قلت وَلم قَالَ
لِأَن دَار
(4/387)
الْمولى وَغير الْمولى سَوَاء وَهَذَا
عِنْدِي كالمولى لَو قَتله
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمكَاتب لم يدع شَيْئا سوى قِيمَته وَلَيْسَ
فِي قيمَة الْمكَاتب وَفَاء بالمكاتبة هَل على الْمولى شَيْء قَالَ لَا
قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قتل عِنْده قلت فَمَتَى يَجْعَل عَلَيْهِ
الْقيمَة قَالَ إِذا ترك الْمكَاتب وَفَاء وَكَانَ فِي قِيمَته وَفَاء
لِأَنَّهُ يقْضِي عَلَيْهِ الْقيمَة قَالَ إِذا ترك الْمكَاتب وَفَاء
وَكَانَ فِي قِيمَته وَفَاء لِأَنَّهُ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ
وَيكون الْمولى يَأْخُذ مُكَاتبَته من ذَلِك وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا
لوَرَثَة الْمكَاتب إِن كَانَ لَهُ وَرَثَة أَحْرَار قلت أَرَأَيْت إِن
لم يكن لَهُ وَارِث غير الْمولى وَقد قَتله هَل يَرِثهُ قَالَ لَا
وَيكون مِيرَاثه لأَقْرَب النَّاس من الْمولى قلت وَلم لَا يَرِثهُ
قَالَ لِأَنَّهُ
قَاتل قلت أَرَأَيْت إِذا وجد قَتِيلا فِي دَار مَوْلَاهُ فقضي
عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ وَقد ترك مَالا كثيرا وَلَيْسَ لَهُ وَارِث غير
الْمولى هَل يَرِثهُ الْمولى بعد مَا يَسْتَوْفِي الْمُكَاتبَة قَالَ
نعم قلت وَلم وَقد قضيت عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ
بِمَنْزِلَة جِنَايَته بِيَدِهِ أَلا ترى لَو أَن رجلا وجد قَتِيلا فِي
دَار ابيه وَرثهُ الْأَب وَكَانَت الدِّيَة على عَاقِلَته فَكَذَلِك
الْمكَاتب وَإِنَّمَا يحرم الْقَاتِل الْمِيرَاث إِذا كَانَ قَاتلا
بِيَدِهِ قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد فِي دَاره قَتِيل فقضي عَلَيْهِ
بِالْقيمَةِ ثمَّ عجز مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك دينا فِي
عتقه فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ
إِذا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ فقد صَار ذَلِك دينا وَإِن لم يقْض
عَلَيْهِ فَهِيَ جِنَايَة على حَالهَا فِي عتقه
(4/388)
يدْفع بهَا أَو يفْدي قلت أَرَأَيْت
مكَاتبا حفر بِئْرا فِي طَرِيق فَوَقع فِيهَا إِنْسَان فَمَاتَ مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يسْعَى فِيهَا قلت
وَكَذَلِكَ إِذا وضع حجرا فِي طَرِيق فعثر بِهِ إِنْسَان فَمَاتَ قَالَ
نعم قلت وَكَذَلِكَ إِن صب مَاء فِي الطَّرِيق فزلق بِهِ إِنْسَان
فَمَاتَ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ إِذا شرع كنيفا أَو ميزابا أَو حجرا
من دَاره فَأصَاب إنْسَانا فَقتله قَالَ نعم
قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ سائقا أَو قائدا فأوطأ إنْسَانا فَقتله قَالَ
نعم يكون جَمِيع ذَلِك جِنَايَة فِي عُنُقه فَيَقْضِي عَلَيْهِ
بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت مكَاتبا احتفر
بِئْرا فِي طَرِيق ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة فَعتق ثمَّ سقط فِي الْبِئْر
إِنْسَان حر فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ
بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قِيمَته
عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو أَكثر قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِعشْرَة آلَاف
دِرْهَم إِلَّا عشرَة دَرَاهِم قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا عبد
فَمَاتَ أَو حر فَانْكَسَرت يَده أَو جرحته جِرَاحَة مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن قيمَة
العَبْد الْوَاقِع فِي الْبِئْر وَمن أرش الْجِنَايَة قلت وَبِأَيِّ
الْقِيمَتَيْنِ يقْضِي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه يَوْم وَقع فِيهَا أَو
بِقِيمَتِه يَوْم احتفر الْبِئْر
(4/389)
قَالَ ينظر إِلَى قِيمَته يَوْم احتفر
الْبِئْر وَإِلَى الْجِنَايَة فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من
ذَلِك قلت وَكَذَلِكَ لَو وَقع فِيهَا إِنْسَان وَهُوَ مكَاتب قَالَ
نعم
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا احتفر بِئْرا فِي طَرِيق وَقِيمَته ألف دِرْهَم
فزادت الْقيمَة حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجل
فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب بِأَلف
دِرْهَم يسْعَى فِيهَا وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ بِقِيمَتِه
يَوْم احتفر الْبِئْر قلت وَلم قضيت عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ يَوْم احتفر
الْبِئْر وَإِنَّمَا وَقعت الْجِنَايَة بعد ذَلِك قَالَ لِأَن
الْجِنَايَة كَانَت وَقعت يَوْم احتفر الْبِئْر أَلا ترى لَو أَن عبدا
احتفر بِئْرا ثمَّ أعْتقهُ مَوْلَاهُ ثمَّ سقط فِيهَا رجل كَانَ على
الْمولى قِيمَته وَلَو لم يكن هَذَا هَكَذَا كَانَت الدِّيَة على
عَاقِلَة الْمولى وَمن جعل الْجِنَايَة يَوْم وَقع فِيهَا الرجل
فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يقْضِي بذلك على الْعَاقِلَة قلت وَكَذَلِكَ لَو
كَانَ مكَاتب وضع حجرا فِي طَرِيق وَقِيمَته ألف دِرْهَم فزادت قِيمَته
حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ عثر بِالْحجرِ رجل فَمَاتَ قَالَ نعم
يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم وضع الْحجر قلت وَكَذَلِكَ لَو صب
مَاء فزلق بِهِ إِنْسَان فَقتله قَالَ نعم يقْضِي عَلَيْهِ فِي جَمِيع
هَذَا بِقِيمَتِه يَوْم فعل ذَلِك الشَّيْء وَلَا ينظر إِلَى قِيمَته
يَوْم وَقعت الْجِنَايَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة عندنَا
يَوْم فعل ذَلِك وَلَو لم يكن هَذَا هَكَذَا كَانَ
(4/390)
إِذا أصَاب شَيْئا بعد مَا يعْتق الْمكَاتب
كَانَ على عَاقِلَة سَيّده فَهَذَا خطأ وَينظر إِلَى قِيمَته يَوْم
احتفر الْبِئْر وَوضع الْحجر قلت أَرَأَيْت مكَاتبا وجد فِي دَاره
قَتِيل فَعلم بالقتيل يَوْم علم وَقِيمَة الْمكَاتب ألف دِرْهَم بِأَيّ
شَيْء يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ بِقِيمَتِه يَوْم وجد الْقَتِيل فِي دَاره
قلت أَرَأَيْت إِن أَقَامَ الْمكَاتب الْبَيِّنَة أَنه كَانَ فِي دَاره
هَذِه مِنْهُ سنة وَقِيمَته يَوْمئِذٍ ألف دِرْهَم أَو علم بذلك قَالَ
يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِه بِمَا قَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة ألف
دِرْهَم قلت وَلم قَالَ لِأَن ذَلِك بِمَنْزِلَة جِنَايَته وبمنزلة مَا
ذكرت لَك من حفر الْبِئْر وَوضع الْحجر وَغَيره
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا احتفر بِئْرا فِي طَرِيق ثمَّ إِن
الْمكَاتب جنى جِنَايَة بعد ذَلِك فَقتل رجلا خطأ فجَاء ولي
الْمَقْتُول يخاصمه فقضي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه فأداها إِلَيْهِ
ثمَّ وَقع إِنْسَان فِي الْبِئْر فَمَاتَ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
يُشْرك الْوَاقِع فِي البءئ الَّذِي أَخذ الْقيمَة فَتكون بَينهمَا
نِصْفَيْنِ إِن كَانَت قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر وَيَوْم جنى على
الثَّانِي سَوَاء قلت وَلم يُشَارِكهُ قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد كَانَ
جنى يَوْم احتفر الْبِئْر وَهُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَة مكَاتب قتل
قَتِيلين قلت أرايت إِن كَانَت قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر ألف
دِرْهَم وَقِيمَته يَوْم قتل ألفا ن مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد أَخذ
ولي الْمَقْتُول أَلفَيْنِ قَالَ يسلم لَهُ ألف مِنْهَا خَاصَّة
وَالْألف الْبَاقِيَة يضْرب فِيهَا ولي الْمَقْتُول بِتِسْعَة الآف
وَيضْرب فِيهَا ولي الْوَاقِع بِعشْرَة آلَاف قلت وَلم صَار هَذَا
هَكَذَا قَالَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة مكَاتب قتل قَتِيلا وَقِيمَته ألف
فَلم يقْض عَلَيْهِ
(4/391)
بِشَيْء حَتَّى قتل آخر وَقِيمَته أَلفَانِ
فَيكون الأف لولى الثَّانِي خَاصَّة وَالْألف الْبَاقِيَة بَينهمَا على
مَا وصفت لَك
قلت أَرَأَيْت الْمكَاتب إِذا احتفر بِئْرا وَقِيمَته ألف ثمَّ زَادَت
قِيمَته حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ وَقع فِي الْبِئْر رجل فَمَاتَ
مَا يلْزم الْمكَاتب قَالَ قِيمَته يَوْم احتفر الْبِئْر
قلت أَرَأَيْت إِن وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد ذَلِك وَقد غرم الْقيمَة
للْأولِ قَالَ يَشْتَرِكَانِ فِي تِلْكَ الْقيمَة فيقتسمانها
نِصْفَيْنِ وَلَيْسَ على الْمكَاتب شَيْء بعد الْقيمَة الأولى
قلت وَكَذَلِكَ إِن وَقع فِيهَا إِنْسَان بعد ذَلِك آخر قَالَ نعم
يشتركون فِي الْقيمَة الأولى وَلَا يلْزم الْمكَاتب شَيْء بعد ذَلِك
ابدا مِمَّن وَقع فِي الْبِئْر سوى الْقيمَة الأولى قلت وَلم لَا يلْزم
الْمكَاتب قيمَة بعد الْقيمَة الأولى وَأَنت تَقول لَو أَن مكَاتبا قتل
قَتِيلا فقضي عَلَيْهِ بِالْقيمَةِ ثمَّ قتل آخر بعد ذَلِك قضي
عَلَيْهِ بِقِيمَة أُخْرَى قَالَ لِأَنَّهُ جَان يَوْم احتفر الْبِئْر
فَصَارَ كل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك كَأَنَّهُ جنى عَلَيْهِم
يَوْمئِذٍ أَلا ترى أَنِّي أَقْْضِي عَلَيْهِ فِي الْبِئْر بِقِيمَتِه
يَوْم احتفر الْبِئْر فَصَارَ كل من وَقع فِيهَا بعد ذَلِك كَأَنَّهُ
جنى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ وَأَجْعَل ذَلِك كَأَنَّهُ جنى عَلَيْهِم
جَمِيعًا وَلَو لم يكن هَذَا هَكَذَا لم أقض عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم
احتفر الْبِئْر وقضيت عَلَيْهِ بِقِيمَتِه يَوْم وَقع فِيهَا فَلَا
يَنْبَغِي أَن يَجْعَل عَلَيْهِ شَيْء فِي قَول من لَا يَجْعَل
الْجِنَايَة يَوْم احتفر الْبِئْر جِنَايَة فَلَا يكون جِنَايَة بعد
ذَلِك
(4/392)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا مَال حَائِط لَهُ
فَتقدم إِلَيْهِ فِيهِ فَسقط الْحَائِط على إِنْسَان قبل أَن يهدمه
فَقتله مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم ذَلِك الْمكَاتب فِي عُنُقه
يقْضِي عَلَيْهِ بِأَن يسْعَى فِيهِ
قلت وَهَذَا بِمَنْزِلَة الْبِئْر يحفرها أوالحجر يَضَعهُ فِي
الطَّرِيق قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أشرع كنيفا إِلَى الطَّرِيق
فَوَقع الكنيف على إِنْسَان فَقتله مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن
الْمكَاتب قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا مِمَّا أحدث الْمكَاتب
فاذا أصَاب إنْسَانا فَعَلَيهِ الضَّمَان
- بَاب مَا يغصب الْمكَاتب أَو يفْسد أَو يستهلك من الْأَمْوَال
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اغتصب رجلا عبدا فَمَاتَ العَبْد فِي يَدَيْهِ
وَقِيمَة العَبْد أَكثر من قيمَة الْمكَاتب مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ الْمكَاتب ضَامِن لقيمة العَبْد بَالِغَة مَا بلغت وَيكون ذَلِك
دينا فِي عُنُقه قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا لَيْسَ بِجِنَايَة
وَإِنَّمَا هَذَا غصب قلت وَكَذَلِكَ لَو اسْتهْلك مَالا لرجل أَو
دَابَّة أَو ثوبا إو غير ذَلِك قَالَ نعم هُوَ ضَامِن لجَمِيع مَا
اسْتهْلك من هَذَا بَالغا مَا بلغ
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اغتصب دَابَّة فقلتها مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ على الْمكَاتب قيمتهَا بَالِغَة مَا بلغت قلت وَلم قَالَ لِأَن
هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلَة الْجِنَايَة وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَة
مَا اسْتهْلك من الْأَمْوَال
(4/393)
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا اغتصب رجلا عبدا
وَقِيمَته ألف دِرْهَم ثمَّ زَادَت قِيمَته حَتَّى صَارَت تَسَاوِي
أَلفَيْنِ وَالْمكَاتب يُسَاوِي أَلفَيْنِ ثمَّ إِن الْمكَاتب قتل
العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى العَبْد بِالْخِيَارِ إِن
شَاءَ أَن يضمنهُ قِيمَته يَوْم اغتصبه ضمنه وَإِن شَاءَ أَن يضمنهُ
قِيمَته يَوْم قَتله ضمنه قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ هُوَ جنى عَلَيْهِ
فِي هَذَا الْوَجْه وَقَتله فَهُوَ ضَامِن لقيمته يَوْم قَتله إِلَّا
أَن تكون قِيمَته أقل من ذَلِك فَيكون عَلَيْهِ الْأَقَل
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ وَقِيمَته أَلفَانِ أهوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة
قَالَ أما هَذَا فَيضمن قِيمَته يَوْم اغتصبه وَلَيْسَ هَذَا كالجناية
إِذا جنى هُوَ عَلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِذا اغتصب الْمكَاتب عبدا وَقِيمَته ألف فزادت قيمَة
العَبْد حَتَّى صَارَت أَلفَيْنِ ثمَّ إِن الماتب قتل العَبْد ثمَّ قتل
رجلا آخر بعد ذَلِك خطأ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ بِقِيمَة العَبْد مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى العَبْد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ ضمنه
قيمَة العَبْد يَوْم قَتله فَيَقْضِي على الْمكَاتب بِقِيمَتِه يسْعَى
فِيهَا لوَلِيّ الْمَقْتُول ولمولى العَبْد يقتسمانها على دِيَة
الْمَقْتُول وعَلى قيمَة العَبْد قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب قد
جنى جنايتين تزيدان على قِيمَته فقسمت قِيمَته بَينهمَا على قدر
الْجِنَايَة قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَار الْمولى أَن يضمنهُ قِيمَته
يَوْم اغتصبه وَكَانَت أَكثر الْقِيمَتَيْنِ مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ إِذا اخْتَار الْمولى أَن يضمنهُ قِيمَته يَوْم اغتصبه قضي على
الْمكَاتب بِقِيمَة العَبْد يَوْم اغتصبه بَالِغَة مَا بلغت فَيكون
(4/394)
ذَلِك دينا فِي عُنُقه يقْضِي لوَلِيّ
الْمَقْتُول على الْمكَاتب بِقِيمَة رقبته فيسعى فِيهَا قلت وَلم وَقد
قلت فِي الْبَاب الأول يَشْتَرِكَانِ فِيهَا على قيمَة العَبْد وعَلى
الدِّيَة قَالَ لِأَن السَّيِّد إِذا ضمنه قيمَة العَبْد يَوْم قَتله
فقد صَار ذَلِك جِنَايَة وَلَا يضمن فِي الْجِنَايَة إِلَّا قدر
قِيمَته أَلا ترى لَو أَن مكَاتبا جنى جنايتين تزيدان على قِيمَته لم
يقْض عَلَيْهِ إِلَّا بِقِيمَتِه فَأَما إِذا ضمنه قِيمَته يَوْم
اغتصبه فَذَلِك بِمَنْزِلَة مَال اغتصبه فَصَارَ ذَلِك دينا عَلَيْهِ
فَلَا يُشْرك صَاحب الْجِنَايَة فِي قِيمَته أَلا ترى لَو أَن مكَاتبا
قتل قَتِيلا خطأ وَعَلِيهِ دين أَو اغتصبه مَالا ثمَّ جنى جِنَايَة
كَانَ يقْضِي على الْمكَاتب لصَاحب الْجِنَايَة بِقِيمَتِه وَيكون
الدّين فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ فاستهلك العَبْد مَالا لرجل أَو
اغتصبه شَيْئا فاستهلكه مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك دينا
فِي عُنُقه يسْعَى فِيهِ قلت وَلم لَا يُبَاع النّصْف الَّذِي لم
يُكَاتب فِي نصف الدّين قَالَ لِأَن نصفه مكَاتب وَلَا يجوز بيع
النّصْف الَّذِي لم يُكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد جرى فِيهِ عتق
غَيره قلت أَرَأَيْت مُكَاتبَة ولدت فِي مكاتبتها ثمَّ إِن
الْمُكَاتبَة اغتصبت مَالا أَو دَابَّة فاستهلكتها ثمَّ إِنَّهَا
مَاتَت مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم وَلَدهَا مَا كَانَت الْأُم
اغتصبت فَيَقْضِي على الْوَلَد أَن يسْعَى فِي مُكَاتبَته
(4/395)
وَفِي ذَلِك الدّين قلت وَلم قَالَ لِأَن
ذَلِك دين على الْأُم أَلا ترى أَنه لَو كَانَ على الْأُم دين يقْضِي
على الْوَلَد أَن يسْعَى فِيهِ قلت أَرَأَيْت جَمِيع مَا اسْتهْلك
الْمكَاتب من الْأَمْوَال وَالدَّوَاب وَالْعرُوض أَيكُون ذَلِك
بِمَنْزِلَة الدّين فِي عُنُقه قَالَ نعم بَالغا مَا بلغ وَلَا يشبه
هَذَا الْجِنَايَة فِي الْأَنْفس والجراحات قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قطع
يَد عبد وَنصف قيمَة المقطوعة يَده أَكثر من قيمَة الْمكَاتب بِأَيّ
شَيْء يقْضِي عَلَيْهِ قَالَ بِقِيمَتِه قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا
جِنَايَة وَمَا جنى العَبْد من جِنَايَة خطأ فِي نفس أَو غَيرهَا حرا
كَانَ أَو مَمْلُوكا فانه يقْضِي على الْمكَاتب بِالْأَقَلِّ من
الْجِنَايَة وَمن قِيمَته
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا استودعه رجل عبدا لَهُ فَقتل الْمكَاتب العَبْد
خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من
قِيمَته وَمن قيمَة العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن استودعه رجلا مَالا
فاستهلكه قَالَ يضمن جَمِيع ذَلِك وَيكون دينا فِي عُنُقه
- بَاب الْجِنَايَة على الْمكَاتب
- قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل عمدا وَله وَرَثَة أَحْرَار أَو لَيْسَ
لَهُ
(4/396)
وَارِث غير الْمولى وَلم يتْرك وَفَاء
وَفِي قِيمَته وَفَاء بالمكاتبة قَالَ لَا يكون فِي هَذَا قصاص وعَلى
الْقَاتِل الْقيمَة يُؤَدِّيهَا فيستوفي مِنْهَا الْمولى بَقِيَّة
مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته إِذا كَانَ لَهُ
وَرَثَة سوى الْمولى فان لم يكن لَهُ وَارِث غير الْمولى فَفِيهِ
الْقصاص قلت أَرَأَيْت رجلا قتل مكَاتبا عمدا وَقد ترك الْمكَاتب
وَفَاء وَولدا أَحْرَار مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الْقَاتِل
قِيمَته فِي مَاله وَلَا قصاص عَلَيْهِ قلت وَلم وَقد قَتله عمدا قَالَ
لِأَنِّي لَا أَدْرِي لمن أجعَل الْقصاص أَلا ترى أَن الْمولى يَأْخُذ
من تركته مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث لوَرثَته وَإِنَّمَا
لحق الْعتْق بعد الْمَوْت فَلَا أجعَل فِيهِ الْقصاص للْمولى وَلَا
لوَرثَته قلت أَرَأَيْت إِن اجْتَمعُوا جَمِيعًا على قَتله الْوَرَثَة
وَالْمولى هَل يقتل ذَلِك قَالَ لَا وَلَكِن عَلَيْهِ قِيمَته فِي
مَاله قلت أَرَأَيْت إِن لم يدع الْمكَاتب شَيْئا مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ الْقصاص فِي هَذَا الْوَجْه للْمولى قلت وَلم قَالَ
لِأَنَّهُ قد قتل عمدا قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ قد ترك وَفَاء وَلَا
وَارِث لَهُ غير الْمولى مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْقصاص فِي
هَذَا الْوَجْه للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ قد قتل عمدا قلت وَلم
وَقد زعمت أَنه إِذا كَانَ لَهُ ولد أَحْرَار فَلَيْسَ على قَاتله قصاص
قَالَ لِأَن الْمولى هُوَ وَارثه فِي هَذَا الْوَجْه عبدا كَانَ أَو
حرا وَهُوَ ولي الدَّم وَهَذَا قَول ابي حنيفَة
(4/398)
وابي يُوسُف وَقَالَ مُحَمَّد لَا قَود
فِيهِ وَلَا قصاص على قَاتله لِأَن الْحق إِنَّمَا وَرثهُ الْمولى من
الْمكَاتب وَالْمكَاتب لم يكن لَهُ قصاص فَلذَلِك لَا يكون لوراثه قصاص
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا قتل عمدا وَله وَرَثَة أَحْرَار أَو لَيْسَ لَهُ
وَارِث غير الْمولى وَلم يبْق لَهُ وَفَاء وَفِي قِيمَته وَفَاء
بالمكاتبة قَالَ لَا يجوز فِي هَذَا قصاص وعَلى الْعَاقِلَة الْقيمَة
يَسْتَوْفِي مِنْهَا بَقِيَّة مُكَاتبَته وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث
لوَرثَته قلت أَرَأَيْت رجلا قتل مكَاتبا خطأ ان يكون ذَلِك على
عَاقِلَته قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قطع يَده أَو فَقَأَ عينه أَو
جرحه جرحا مَا على الْجَانِي قَالَ يضمن الْجَانِي نصف قِيمَته إِذا
قطع يَده أَو فَقَأَ عينه وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا جنى عَلَيْهِ فِي
جوارحه قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ ذَلِك خطأ أَيكُون ذَلِك على عَاقِلَة
الْجَانِي قَالَ لَا وَلَكِن يكون عَلَيْهِ فِي مَاله قلت وَلم قَالَ
لِأَن الْمكَاتب بِمَنْزِلَة العَبْد وَلِأَن الْعَاقِلَة لَا يضمن من
العَبْد وَالْمكَاتب مأدون النَّفس
قلت أَرَأَيْت عبدا قطع يَد مكَاتب أَو جرحه جرحا مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يكون ارش جِنَايَته فِي عنق العَبْد فان شَاءَ مَوْلَاهُ
فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت أَرَأَيْت إِن اخْتَار الْمولى دفع
العَبْد وَقضي القَاضِي بذلك عَلَيْهِ ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي
الرّقّ قبل أَن يقْتَصّ من العَبْد مَا القَوْل
(4/399)
فِي ذَلِك قَالَ العَبْد لمولى الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع يَد مكَاتب خطأ أَو فَقَأَ عينه مَا القَوْل
فِي ذَلِك قَالَ على الْقَاطِع مَا نقص من قِيمَته قلت وَلم وَقد قطعت
يَده قَالَ لِأَن الْمكَاتب لَيْسَ بِمَنْزِلَة العَبْد وَلَا يقدر على
دَفعه فَلَا يضمن الْقَاطِع الا مَا نَقصه وَهُوَ فِي ذَلِك
بِمَنْزِلَة الْمُدبر وَأم الْوَلَد أَلا ترى لَو أَن رجلا قطع يَد
مُدبر أَو فَقَأَ عينه كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقصه فَكَذَلِك الْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت رجلا جنى على مكَاتب جِنَايَة قطع يَده أَو فَقَأَ عينه
ثمَّ إِن الْمكَاتب جنى على ذَلِك الرجل جِنَايَة ثمَّ إِن الْمكَاتب
عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يضمن الرجل
أرش مَا جنى على الْمكَاتب للْمولى وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع
العَبْد بِمَا كَانَ جنى على الْحر وَإِن شَاءَ فدَاه قلت وَلم جعلت
على الْحر أرش الْجِنَايَة ة وَقد جنى العَبْد عَلَيْهِ قَالَ لِأَن
ذَلِك قد كَانَ وَجب عَلَيْهِ قبل أَن يجني الْمكَاتب عَلَيْهِ قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ جنى الْمكَاتب على الْحر ثمَّ جنى الْحر عَلَيْهِ
ثمَّ عجز قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر
الْمولى فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه بطلت جنايه الْحر
عَلَيْهِ وَإِن فدَاه رَجَعَ الْمولى على الْحر فَأخذ مِنْهُ أرش
الْجِنَايَة قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب كَانَ بَدَأَ
بِالْجِنَايَةِ فَلَمَّا دفع إِلَى الْحر صَار مَا كَانَ جنى الْحر
عَلَيْهِ كَأَنَّمَا جنى على عَبده وَإِذا فدَاه صَار الْأَرْش للْمولى
على الْجَانِي قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عَبده ثمَّ إِن رجلا جنى
على
(4/400)
الْمكَاتب جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يضمن أرش الْجِنَايَة فَيكون نصف المَال للْمكَاتب وَنصفه
للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن قطع رجل يَد الْمكَاتب مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يضمن مَا نَقصه فَيكون نصف ذَلِك للْمكَاتب وَنصفه للْمولى
قلت وَلم قَالَ لِأَن نصفه عبد لَهُ لم يكاتبه وَلَا يكون هَذَا
بِمَنْزِلَة لَو كَانَ مكَاتبا كُله وَهَذَا قَول ابي حنيفَة وَقَالَ
أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَاتب نصف عَبده فَهُوَ مكَاتب كُله وَمَا
جنى عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ
- بَاب عبد الْمكَاتب يجني
-
قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ أَو جرحه
جرحا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ذَلِك فِي عُنُقه إِن شَاءَ
الْمكَاتب دَفعه وإتن اشاء فدَاه قلت فان فدَاه بِجَمِيعِ الدِّيَة هَل
يجوز ذَلِك قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن قضي القَاضِي على الْمكَاتب
بِالدِّيَةِ وَاخْتَارَ الْمكَاتب إمْسَاك عَبده هَل تكون الدِّيَة
دينا عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك
فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون ذَلِك دينا فِي
عُنُقه فان أدّى عَنهُ الْمولى وَإِلَّا بيع
قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة على مولى الْمكَاتب مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ جِنَايَته على مولى الْمكَاتب وعَلى غَيره
سَوَاء وَيُخَير الْمكَاتب فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه
قلت أَرَأَيْت مكَاتبا أقرّ على عبد لَهُ أَنه جنى جِنَايَة فَقتل رجلا
خطأ أَو جرحه هَل يجوز ذَلِك قَالَ نعم وَيَقْضِي بِهِ القَاضِي
(4/401)
وَيُخَير الْمكَاتب فان شَاءَ فدَاه وَإِن
شَاءَ دَفعه قلت وَلم جَازَ هَذَا قَالَ لِأَنَّهُ عَبده فاقراره
عَلَيْهِ جَائِز قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب إِذا قتل رجلا عمدا
فَصَالح الْمكَاتب ولى الْمَقْتُول من ذَلِك على صلح هَل يجوز ذَلِك
قَالَ نعم قلت وَيصير ذَلِك دينا على الْمكَاتب قَالَ نعم قلت وَلم
قَالَ لِأَنَّهُ حق قد لزم عَبده فصلحه عَنهُ جَائِز قلت أَرَأَيْت إِن
عجز الْمكَاتب بعد ذَلِك هَل يكون ذَلِك الصُّلْح دينا فِي عنق
الْمكَاتب قَالَ نعم قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة ثمَّ
إِن الْمكَاتب بَاعه وَهُوَ يعلم أَولا يعلم مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ بَيْعه جَائِز علم أَو لم يعلم وَيضمن الْمكَاتب قيمَة العَبْد
إِن كَانَ بَاعه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ ضَامِن لجَمِيع
الْجِنَايَة قلت وَلم ضمنته جَمِيع الْجِنَايَة قَالَ لِأَنَّهُ قد
اخْتَار العَبْد حَيْثُ بَاعه أَلا ترى أَنه لَو خاصمه الْمَجْنِي
عَلَيْهِ قبل أَن يَبِيعهُ كَانَ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ فدَاه وَإِن
شَاءَ دَفعه قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة ثمَّ كَاتب
الْمكَاتب بعد ذَلِك العَبْد هَل تجوز مُكَاتبَته قَالَ نعم قلت وَلم
قَالَ لِأَنَّهُ لَو بَاعه جَازَ بَيْعه فَكَذَلِك مُكَاتبَته قلت
أرايت عبد الْمكَاتب جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ إِن العَبْد
مَاتَ هَل لصَاحب الْجِنَايَة على الْمكَاتب شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم
قَالَ لِأَن الْجِنَايَة كَانَت فِي عنق العَبْد
(4/402)
قلت أَرَأَيْت عبد الْمكَاتب لَو فَقَأَ
عَيْنَيْهِ أَو قطع يَدَيْهِ أَو جدع أَنفه فبريء مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمكَاتب فان شَاءَ دفع العَبْد وَأخذ قِيمَته
وَإِن ابي أَن يدْفع فَلَا شَيْء لَهُ وَالْمكَاتب فِي ذَلِك
بِمَنْزِلَة الْحر قلت أَرَأَيْت إِن بَاعَ الْمكَاتب العَبْد بعد
ذَلِك أَو كَاتبه وَقد بَرِيء العَبْد من ذَلِك هَل لَهُ على الْجَانِي
شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا اخْتِيَار مِنْهُ وَهَذَا
قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَهُ على الْجَانِي
مانقصه
- بَاب الرجل يُكَاتب نصف عبد لَهُ ثمَّ يجني جِنَايَة
-
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عبد لَهُ هَل يجوز الْمُكَاتبَة قَالَ
نعم
قلت أَرَأَيْت إِن جنى الْمكَاتب جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ مَا القَوْل
فِي ذَلِك قَالَ يسْعَى الْمكَاتب فِي نصف قِيمَته لولى الْمَقْتُول
وَيضمن لَهُ الْمولى نصف قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَن نتصفه مكَاتب
وَنصفه رَقِيق فَمَا كَانَ فِي عُنُقه من ذَلِك فنصفه على السَّيِّد
وَنصفه على الْمكَاتب يسْعَى فِيهِ قلت وَلم لَا يدْفع السَّيِّد
النّصْف الَّذِي لم يُكَاتب إِلَى مولى الْمَقْتُول قَالَ لِأَن نصفه
مكَاتب فَلَا يقدر على دفع النّصْف الْبَاقِي أَلا ترى أَنه لَو بَاعه
لم يجز بَيْعه فَكَذَلِك لَا يقدر على دَفعه قلت أَرَأَيْت إِن جنى
جِنَايَة دون النَّفس أَو قتل خطأ قَالَ
(4/403)
ينظر إِلَى جِنَايَته وَإِلَى قِيمَته
فَيلْزمهُ الْأَقَل من ذَلِك فَيكون نصف ذَلِك على السَّيِّد وَنصفه
على الْمكَاتب يسْعَى فِيهِ قلت أَرَأَيْت إتن جنى هَذَا الْمكَاتب
جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ فقضي على السَّيِّد بِنصْف الْقيمَة وَالنّصف
على العَبْد ثمَّ إِن الْمكَاتب عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يصير نصف الْقيمَة فِي نصف العَبْد الَّذِي كَانَ قضي بهَا
على الْمكَاتب دينا فان أدّى عَنهُ مَوْلَاهُ وَإِلَّا بيع فِيهِ نصف
العَبْد وَالنّصف الْبَاقِي دين على الْمولى قلت لم قَالَ لِأَن
القَاضِي قد قضي بذلك قبل أَن يعجز فَصَارَ ذَلِك دينا لَهُ على
السَّيِّد فِي نصف العَبْد فَلَا يتَحَوَّل ذَلِك عَن حَاله قلت
أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عَبده ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة فَقتل
رجلا خطأ فقضي القَاضِي عَلَيْهِ بِمَا ذكرت لي وعَلى الْمولى ثمَّ
إِنَّه قتل آخر خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي أَيْضا مَا
ذكرت فِي رَقَبَة الْمكَاتب وعَلى الْمولى مَا وصفت لَك إِلَّا أَن
الآخر يَبِيع الأول فِي حِصَّة الْمولى وَلَا يضمن الْمولى إِلَّا نصف
قِيمَته قلت أَرَأَيْت إِن عجز بعد مَا قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ
للْأولِ قبل أَن يقْضِي عَلَيْهِ للْآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
للمقضي لَهُ نصف الْقيمَة فِي نصف الْعَبْدَيْنِ وَنصفه على السَّيِّد
وَيُخَير السَّيِّد فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ
الثَّانِي وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه كَانَ للْأولِ نصف قِيمَته دينا
فِي نصف العَبْد يُبَاع لَهُ ذَلِك النّصْف أَو يُؤَدِّيه إِلَيْهِ
الْمَدْفُوع إِلَيْهِ العَبْد وَنصف الْقيمَة
(4/404)
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ
ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا مَا حَال وَلَدهَا قَالَ وَلَدهَا بمنزلتها
قلت أرايت إِن جنى وَلَدهَا جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر
إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى الْقيمَة فَيَقْضِي على الْوَلَد
بِالْأَقَلِّ من ذَلِك فَيكون نصف ذَلِك عَلَيْهِ يسْعَى فِيهِ وَنصفه
على الْمولى قلت وَلم يلْزم ذَلِك النّصْف الْمولى قَالَ لِأَن
الْوَلَد بِمَنْزِلَة أمه وَنِصْفهَا للْمولى قلت أَرَأَيْت إِن أعتق
السَّيِّد الْأُم بعد مَا جنى الْوَلَد جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ الْأُم كلهَا حرَّة وَيعتق نصف الْوَلَد وَيسْعَى الْوَلَد فِي
نصف قِيمَته للْمولى قلت وَلم قَالَ لِأَن الْوَلَد يعْتق مِنْهُ
بِمِقْدَار مَا كَانَ كُوتِبَ من الْأُم لَو كَانَت أدَّت الْمُكَاتبَة
فَعتق نصفهَا وَنصف وَلَدهَا فَكَذَلِك عتق السَّيِّد الْأُم قلت
أَرَأَيْت الْجِنَايَة الَّتِي جناها الْوَلَد مَا حَالهَا قَالَ نصف
الْجِنَايَة على الْوَلَد يسْعَى فِيهِ وَنِصْفهَا على الْمولى قلت
وَلم قَالَ لِأَن نصف ذَلِك قد لزم الْمولى يَوْم جنى الْوَلَد ويستسعى
العَبْد الْمولى فِي نصف قِيمَته
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ الْمولى إِنَّمَا أعتق الْوَلَد وَقد جنى
جِنَايَة وَلم يعْتق الْأُم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الْوَلَد حر
وَينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة الْوَلَد فَيَقْضِي عَلَيْهِ
بِالْأَقَلِّ من ذَلِك وَيكون نصفه دينا على الْوَلَد
(4/405)
يسْعَى فِيهِ وَنصفه على الْمولى فِي مَاله
قلت وَلم قَالَ لِأَن الْجِنَايَة يَوْم جنى الْوَلَد كَانَ وَجب نصف
ذَلِك عَلَيْهِ وَنصفه على الْمولى
قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف أمة لَهُ فَولدت ولدا بعد ذَلِك ثمَّ إِن
الْوَلَد جنى على أمه جِنَايَة أَو جنت الْأُم على وَلَدهَا جِنَايَة
هَل يلْزم وَاحِدًا مِنْهُمَا من جِنَايَة الآخر شَيْء قَالَ نعم يلْزم
كل وَاحِد مِنْهُمَا من جِنَايَته على صَاحبه الْأَقَل من جَمِيع
قِيمَته وَمن نصف الْجِنَايَة فَيكون نصف ذَلِك على الْمولى وَنصفه
للجاني على الْمولى
قلت أَرَأَيْت إِن جنت الْأُم جِنَايَة ثمَّ إِن الْأُم مَاتَت قبل أَن
يقْضِي عَلَيْهَا وَلم تدع شَيْئا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
وَلَدهَا بمنزلتها وَينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة الْأُم
فَيكون نصف الْأَقَل من ذَلِك على الْوَلَد وَنصف ذَلِك على الْمولى
يسْعَى الْوَلَد فِيمَا عَلَيْهِ من ذَلِك وَيسْعَى فِيمَا على أمه من
مكاتبتها قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قضي على الْأُم قَالَ نعم قلت
أَرَأَيْت إِن جنى الْوَلَد بعد ذَلِك جِنَايَة ثمَّ إِنَّه عجز فَرد
فِي الرّقّ وَقد كَانَ قضي عَلَيْهِ بِجِنَايَة أمه قَالَ يصير مَا
كَانَ قضي عَلَيْهِ من جِنَايَة أمه دينا فِي نصفه وَيُخَير الْمولى
فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَى صَاحب جِنَايَته وَلَا يَبِيع
الْمقْضِي لَهُ بِنصفِهِ نصف الْقيمَة لِأَن الدّين دين أمه
(4/406)
فاذا دفع بِجِنَايَة نَفسه فَهُوَ أَحَق من
دين أمه أَلا ترى أَن دينه أَحَق من دين أمه فَكَذَلِك جِنَايَته أَحَق
من دين أمه قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَاتب نصف عبد لَهُ ثمَّ إِن
العَبْد جنى جِنَايَة فَأعتق السَّيِّد العَبْد مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيكون نصف
الْأَقَل من ذَلِك على الْمولى وَنصفه على العَبْد يسْعَى فِيهِ
لِأَنَّهُ قد كَانَ لزمَه ذَلِك قبل أَن يعتقهُ
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل نصف عَبده فجنى جِنَايَة ثمَّ كَاتب
النّصْف الْبَاقِي بعد ذَلِك فجنى جِنَايَة أُخْرَى مَا القَوْل فِي
ذَلِك وَلم يكن قضي للْأولِ بِشَيْء قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة
الأولى وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيكون نصف الْأَقَل من ذَلِك على
السَّيِّد وَينظر إِلَى نصف جِنَايَة الأول وَجِنَايَة الآخر وَإِلَى
قيمَة العَبْد فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من ذَلِك فَيكون ذَلِك
بَينهمَا على نصف جِنَايَة الآخر فِي نصف الْقيمَة خَاصَّة وَالنّصف
الْبَاقِي على قدر جنايتهما بَينهمَا قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمَجْنِي
عَلَيْهِ الأول قد كَانَ وَجب لَهُ نصف ذَلِك على الْمولى وَنصفه على
الْمكَاتب فَمَا كَانَ على الْمولى فَهُوَ دين عَلَيْهِ وَنصف
الْجِنَايَة فِي نصفه فَيقسم نصف قِيمَته على نصف الْجِنَايَة الأولى
وعَلى نصف الْجِنَايَة الْآخِرَة فَتَصِير بَينهمَا على ذَلِك
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل نصف عبد لَهُ فجنى جِنَايَة فَلم يقْض
بهَا عَلَيْهِ حَتَّى كَاتب السَّيِّد النّصْف الْبَاقِي ثمَّ إِنَّه
جنى جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ إِنَّه
(4/407)
عجز فَرد فِي الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ السَّيِّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد إِلَيْهِم وَإِن
شَاءَ فدَاه قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد قد عجز قبل أَن يقْضِي
عَلَيْهِ بِشَيْء فَكَأَن الجنايتين كَانَتَا بعد الْعَجز قلت
أَرَأَيْت إِن كَانَ قضي عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ قبل أَن يجني
الثَّانِيَة وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ ثمَّ عجز فَرد فِي
الرّقّ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون للمقضي لَهُ نصف مَا كَانَ
قضي بِهِ على السَّيِّد وَنصفه دين فِي نصف العَبْد وَيُخَير السَّيِّد
فان شَاءَ دفع العَبْد إِلَى الثَّانِي وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه
إِلَيْهِ تبعه الأول بِنصْف مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ فِي نصفه فان
أدّى عَنهُ المدفعوع إِلَيْهِ وَإِلَّا بيع نصفه فِي ذَلِك قلت
أَرَأَيْت رجلا كَاتب نصف عَبده فجنى جِنَايَة ثمَّ كَاتب السَّيِّد
الْبَاقِي بعد ذَلِك فجني جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ عجز عَن الْمُكَاتبَة
الأولى هَل يرد ذَلِك النّصْف الأول فِي الرّقّ وَيكون النّصْف
الْبَاقِي على الْمُكَاتبَة قَالَ نعم قلت فَمَا حَال الْجِنَايَة
قَالَ ينظر إِلَى الجنايتين وَإِلَى قيمَة العَبْد فَيَقْضِي على
الْمولى بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن جَمِيع جِنَايَة الأول وَنصف
جِنَايَة الآخر فَيكون نصف جِنَايَة الأول فِي نصف قيمتة ألعبد على
الْمولى خَاصَّة وَنصف جِنَايَة الأول وَنصف جِنَايَة الآخر فِي نصف
قيمَة العَبْد فيقتسمانه على قدر جنايتهما وعَلى الْمكَاتب لصَاحب
الْجِنَايَة الْأُخْرَى الْأَقَل من النّصْف نصف جِنَايَته وَمن نصف
قِيمَته قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يقْض عَلَيْهِ بِشَيْء من
الجنايتين حَتَّى عجز فَكَأَنَّهُ جناهما فِي الْحَال الَّتِي خوصم
فِيهَا قلت وَكَذَلِكَ إِن عجز عَن الْمُكَاتبَة
(4/408)
الثَّانِيَة وَلم يعجز عَن الأولى قَالَ
نعم إِلَّا أَن الْمولى لَا يغرم هَاهُنَا إِلَّا الْأَقَل من نصف
قِيمَته وَمن نصف جِنَايَة الأول وَنصف جِنَايَة الآخر فيقتسمان ذَلِك
على قدر نصف جنايتهما وَيَقْضِي على الْمكَاتب وَفِي النّصْف الَّذِي
كُوتِبَ أَولا للْآخر وَالْأول بِالْأَقَلِّ من نصف جنايتهما وَمن نصف
قِيمَته وَهَذَا كُله قِيَاس قَول ابي حنيفَة وَأما فِي قَول ابي
يُوسُف وَمُحَمّد فاذا كَاتب الرجل نصف عَبده فَهُوَ مكَاتب كُله
وَالْحكم فِيهِ كَالْحكمِ فِي الْمكَاتب
- بَاب الرجل يُكَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة فيجني
أَحدهمَا على صَاحبه أَو على غَيره
- قلت أرايت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل
نجومهما وَاحِدَة إِن أديا عتقا وَإِن عَجزا ردا ثمَّ إِن أحد
المكاتبين جنى جِنَايَة هَل يلْزم صَاحبه من ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت
وَكَذَلِكَ مَا اسْتَدَانَ أَحدهمَا قَالَ نعم لَا يلْزم وَاحِدًا
مِنْهُمَا من جِنَايَة صَاحبه شَيْء وَلَا من دينه قلت أَرَأَيْت إِذا
جنى أَحدهمَا جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى
الْجِنَايَة وَإِلَى الْقيمَة فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من
ذَلِك يسْعَى فِيهِ قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الْجَانِي قبل أَن يقْضِي
عَلَيْهِ أَو بعد مَا قضي عَلَيْهِ هَل يلْزم الْمكَاتب الْبَاقِي
شَيْء من جِنَايَته قَالَ لَا قلت وَلَا شَيْء من دينه الَّذِي كَانَ
عَلَيْهِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ
(4/409)
لِأَنَّهُ لَيْسَ يلْزمه من دين الآخر
شَيْء وَلَا من جِنَايَته وَإِنَّمَا ذَلِك على الْمَيِّت وَإِنَّمَا
تلْزمهُ الْمُكَاتبَة خَاصَّة قلت أَرَأَيْت رجلا كَاتب عَبْدَيْنِ
لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل
صَاحبه خطأ وقيمتهما سَوَاء مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يلْزم
الْجَانِي قيمَة الْمَقْتُول مِنْهُمَا يسْعَى فِيهَا وَيسْعَى فِي
جَمِيع الْمُكَاتبَة مَعَ ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن أدّى جَمِيع
الْمُكَاتبَة إِلَى الْمولى وللمقتول ولد أَحْرَار هَل يعتقان جَمِيعًا
قَالَ نعم قلت فَمَا حَال مَا أدّى قَالَ ينظر إِلَى قيمَة الْمَقْتُول
وَإِلَى نصف الْمُكَاتبَة فان كَانَتَا سَوَاء فَهُوَ قصاص بِمَا
عَلَيْهِ قلت وَلم قَالَ لِأَن الْمكَاتب الْحَيّ حِين أدّى جَمِيع
الْمُكَاتبَة فانه يرجع على الْمَقْتُول بِنصْف مَا أدّى لِأَنَّهُ
أدّى عَنهُ وَقد لزمَه قيمَة الْمَقْتُول فَصَارَت قصاصا قلت أَرَأَيْت
إِن كَانَت قِيمَته أَكثر من نصف الْمُكَاتبَة مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يكون نصف الْمُكَاتبَة الَّتِي أَدَّاهَا عَلَيْهِ من نصف
الْقيمَة قصاصا وَيكون الْفضل لوَرَثَة الْمَقْتُول فان لم يكن لَهُ
وَرَثَة سوى الْمولى كَانَ ذَلِك للْمولى
قلت أرايت رجلا كَاتب أمتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما
وَاحِدَة إِن أدتا عتقتا وَإِن عجزتا ردتا فِي الرّقّ ثمَّ ولدت
إِحْدَاهمَا ولدا
(4/410)
ثمَّ جنى الْوَلَد جِنَايَة على الآخرى قطع
يَدهَا أَو فَقَأَ عينهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى
قيمَة الْوَلَد وغلى الْجِنَايَة فَيَقْضِي على الْوَلَد بِالْأَقَلِّ
من ذَلِك يسْعَى فِيهِ قلت أرايت إِذا جنى الْوَلَد جِنَايَة على
الآخرى فَقطع يَدهَا ثمَّ إِن أم الْوَلَد أدَّت جَمِيع الْمُكَاتبَة
فعتقتا جَمِيعًا مَا حَال الْجِنَايَة قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة
وغلى قيمَة الْوَلَد يَوْم جنى فَيكون على الْوَلَد الْأَقَل من ذَلِك
دينا عَلَيْهِ يسْعَى فِيهِ وَترجع الَّتِي أدَّت عَلَيْهَا بحصتها من
الْمُكَاتبَة قلت أَرَأَيْت إِذا جنى الْوَلَد جِنَايَة على الآخرى
فقضي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من الْجِنَايَة وَمن قِيمَته ثمَّ أدتا
فعتقتا هَل يلْزم الْوَلَد مَا كَانَ قضي بِهِ عَلَيْهِ قَالَ نعم قلت
وَلَا يكون على الْأُم شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِذا
جنى الْوَلَد جِنَايَة فقضي عَلَيْهِ بهَا أَو لم يقْض عَلَيْهِ حَتَّى
أدتا فعتقتا وَفِي يَدي الْوَلَد مَال مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ إِن
كَانَ قضي على الْوَلَد بِالْجِنَايَةِ قبل أَن تعتقا فقد صَار ذَلِك
دينا عَلَيْهِ يؤمئذ فَمَا كَانَ فِي يَدَيْهِ من مَال قد أَصَابَهُ
فانه يقْضِي مِنْهُ ذَلِك فان فضل شَيْء فَهُوَ للْأُم دون الْوَلَد
وَإِن لم يفضل فان الْفضل على الْوَلَد يسْعَى فِيهِ قلت وَلم يكون على
الْوَلَد مَا قضي فِي ذَلِك المَال قَالَ لِأَن ذَلِك دين على الْوَلَد
لَا يكون للْأُم شَيْء من ذَلِك حَتَّى يقْضِي الدّين
قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الْوَلَد اسْتَدَانَ دينا ثمَّ عتقتا وَفِي
يَدَيْهِ مَال قَالَ يكون ذَلِك المَال للْغُرَمَاء حَتَّى تستوفيه فان
فضل شَيْء فَهُوَ للْأُم
(4/411)
قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض على الْوَلَد
بِالْجِنَايَةِ حَتَّى أدَّت الْأُم فعتقت وَعتق وَلَدهَا مَعهَا مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ ينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى قيمَة
الْوَلَد يَوْم جنى فَيكون الْأَقَل من ذَلِك دينا على الْوَلَد
قلت أَرَأَيْت مَا كَانَ فِي يَدي الْوَلَد من مَال لمن يكون قَالَ
للْأُم قلت وَلَا يكون لأَصْحَاب الْجِنَايَة شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم
قَالَ لِأَن ذَلِك المَال كَانَ للْأُم وَلم تصر الْجِنَايَة دينا على
الْوَلَد حَتَّى قضي بهَا عَلَيْهِ وَقد عتق وَهِي جِنَايَة فِي عُنُقه
أَلا ترى لَو أَن الْأُم عجزت فَردَّتْ فِي الرّقّ قبل أَن يقْضِي على
الْوَلَد كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ من مَال للْمولى وَيكون الْجِنَايَة
فِي عُنُقه وَلَو كَانَ قضي عَلَيْهِ قبل الْعَجز كَانَ مَا فِي يَده
من مَال للْغُرَمَاء لِأَنَّهُ قد صَار دينا عَلَيْهِ فَكَذَلِك
الْبَاب الأول
قلت أرايت رجلا كَاتب أمتين لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما
وَاحِدَة ثمَّ إِن إِحْدَاهمَا ولدت ولدا ثمَّ إِن الْأُخْرَى جنت على
الْوَلَد جِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يقْضِي عَلَيْهَا
بِالْأَقَلِّ من قيمتهَا وَمن الْجِنَايَة فَيكون ذَلِك للْأُم دون
الْوَلَد قلت أَرَأَيْت إِن لم يقْض عَلَيْهَا بِشَيْء حَتَّى أدتا
وَعتق الْوَلَد لمن تكون الْجِنَايَة قَالَ للْأُم دون الْوَلَد
لِأَنَّهُ وَجب لَهَا قبل أَن يعْتق قلت أَرَأَيْت إِن أدَّت
الْأُخْرَى جَمِيع الْمُكَاتبَة دون أم الْوَلَد وَقد جنت الْأُخْرَى
على الْوَلَد جِنَايَة تبلغ قدر حصَّتهَا من الْمُكَاتبَة أَيكُون
ذَلِك قصاصا بِمَا يرجع عَلَيْهَا بِهِ مِمَّا أدَّت عَنْهَا قَالَ نعم
قلت وَلم ذَلِك قَالَ لِأَن ذَلِك دين للْأُم عَلَيْهَا فَصَارَ قصاصا
(4/412)
قلت أَرَأَيْت إِذا كَاتب الرجل عَبْدَيْنِ
لَهُ مُكَاتبَة وَاحِدَة وَجعل نجومهما وَاحِدَة ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل
صَاحبه خطأ وَقد ترك الْمَقْتُول وَفَاء بالمكاتبة مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يَأْخُذ الْمولى من مَال الْمَقْتُول جَمِيع الْمُكَاتبَة
وَيكون مَا بَقِي مِيرَاثا لوَرَثَة الْمَقْتُول إِن كَانَ لَهُ
وَرَثَة سوى الْمولى وَإِلَّا كَانَ ذَلِك للْمولى وَيرجع الْوَرَثَة
على الْقَاتِل بِحِصَّتِهِ من الْمُكَاتبَة الَّتِي أَدَّاهَا
الْمَيِّت بِالْأَقَلِّ من قِيمَته وَمن قيمَة المقتل يَوْم قَتله قلت
وَلم قَالَ لِأَن الْمَقْتُول قد أدعى عَنهُ الْمُكَاتبَة فَلَا بُد من
أَن ترجع عَلَيْهِ بذلك وبقيمة الْمَقْتُول
- بَاب جِنَايَة الْمكَاتب بَين اثْنَيْنِ
-
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر أَمر
صَاحبه ثمَّ جنى جِنَايَة ثمَّ أدّى الْمُكَاتبَة ثمَّ خاصمهم صَاحب
الْجِنَايَة بعد ذَلِك مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يقْضِي على الْمكَاتب
بِالْأَقَلِّ من نصف قِيمَته وَنصف أرش الْجِنَايَة وَأما الشَّرِيك
الَّذِي لم يُكَاتب فانه يَأْخُذ من شَرِيكه نصف مَا أَخذ من
الْمُكَاتبَة وَيرجع بِهِ الشَّرِيك على الْمكَاتب وَالشَّرِيك الَّذِي
لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى وَإِن
شَاءَ ضمن إِن كَانَ غَنِيا فان أعتق أَو استسعى فَالْولَاء بَينهمَا
نِصْفَانِ فان فعل الشَّرِيك ذَلِك وَقبض فَهُوَ ضَامِن للأقل من نصف
قيمَة الْمكَاتب وَمن أرش الْجِنَايَة قلت وَكَذَلِكَ إِن كَاتبه
الشَّرِيك باذن صَاحبه قَالَ نعم إِلَّا أَنه لَا ضَمَان فِيهِ
قلت أَرَأَيْت إِن عجز الْمكَاتب فَرد رَقِيقا وَقد كَانَ قضي عَلَيْهِ
(4/413)
بِمَا ذكرت فَالْقَوْل فِيهِ قَالَ يُبَاع
نصف العَبْد بِمَا قضي عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ نصف الَّذِي كَاتب بِنصْف
الْأَرْش وَيُقَال للَّذي لم يُكَاتب ادْفَعْ نصيبك بِنصْف الْجِنَايَة
أَو افده بِنصْف الْأَرْش قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد بَين
رجلَيْنِ فكاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن شَرِيكه ثمَّ اشْترى
الْمكَاتب عبدا فجنى العَبْد جِنَايَة عِنْده ثمَّ إِن الْمكَاتب أدّى
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمكَاتب وَالَّذِي لم يُكَاتب
فان شاءا دفعاه وَإِن شاءا فدياه بِالدِّيَةِ قلت وَلم قَالَ لِأَن نصف
العَبْد للَّذي لم يُكَاتب وَنصفه للْمكَاتب
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه بِغَيْر إِذن
شَرِيكه ثمَّ إِن العَبْد ولد لَهُ من أمة لَهُ ولد فِي الْمُكَاتبَة
فجنى الْوَلَد جِنَايَة على الْأَب وجنى الْأَب على الْوَلَد بعد ذَلِك
مَا القَوْل فِي ذَلِك وَقد أدّى الْأَب فَعتق قَالَ يكون فِي عنق
الابْن نصف قيمَة نَفسه وَيسْعَى فِيهَا للْمولى الَّذِي لم يُكَاتب
لِأَنَّهُ عتق بأَدَاء الْمكَاتب وَالَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ
فِي الْمكَاتب على مَا وصفت لَك وَأما أم ولد الْمكَاتب فان الْمكَاتب
ضَامِن لنصف قيمتهَا للَّذي لم يُكَاتب قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهَا أم
ولد وَلَا سِعَايَة على أم الْوَلَد فِي حَال وَأما جِنَايَة الابْن
على الْأَب فقد جنى وَنصفه مكَاتب مَعَ ابيه وَنصفه رَقِيق وَالْأَب
على تِلْكَ الْحَال فَمَا كَانَ فِي الابْن من حِصَّة الَّذِي لم
يُكَاتب فَهُوَ فِي عنق الابْن يبطل من ذَلِك نصفه وَيثبت نصفه فِي
النّصْف وَهُوَ ربع قِيمَته وَيثبت للِابْن مثل ذَلِك فِي نصف
(4/414)
الْأَب فِي حِصَّة الْمولى الَّذِي لم
يُكَاتب فَيكون قصاصا وَلَا يكون لأحد على أحد شَيْء قلت أَرَأَيْت
إِذا كَاتب أمة بَينه وَبَين رجل آخر فكاتب حِصَّته مِنْهَا ثمَّ
إِنَّهَا ولدت ولدا فازدادت خيرا أَو نقصت من غير عيب ثمَّ أدَّت فعتقت
فَاخْتَارَ الشَّرِيك أَن يضمن الَّذِي كَاتب وَهُوَ مُوسر وَقد كَانَ
كاتبها بِغَيْر إِذن شَرِيكه فانه يضمنهُ نصف قيمتهَا يَوْم عتقت وَلَا
يلْتَفت إِلَى زيادتها وَلَا إِلَى نقصانها أَلا ترى أَنِّي أجعَل لَهُ
نصف كسبها وَنصف وَلَدهَا وَنصف مَا جنى عَلَيْهَا وَلَو كَانَ
الضَّمَان إِنَّمَا يجب لَهُ يَوْم كَاتب لم يكن للشَّرِيك من ذَلِك
شَيْء
قلت أَرَأَيْت أمة بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه مِنْهَا ثمَّ
إِنَّهَا ولدت ولدا فكاتب الآخر نصِيبه من الْوَلَد ثمَّ إِن الْوَلَد
جنى على أمه وجنت الْأُم عَلَيْهِ جِنَايَة لَا تبلغ النَّفس ثمَّ أديا
فعتقا والموليان موسران مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ الَّذِي كَاتب
الآم لَا ضَمَان لَهُ على شَرِيكه فِي الْوَلَد من قبل أَن مُكَاتبَة
الْأُم مُكَاتبَة للْوَلَد لِأَنَّهَا ولدت وَهِي مُكَاتبَة وللذي
كَاتب الْوَلَد أَن يضمن الَّذِي كَاتب الْأُم نصف قيمَة الْأُم إِن
كَانَ مُوسِرًا فان شَاءَ استسعاها وَإِن شَاءَ أعْتقهَا فان أعْتقهَا
أَو استسعاها كَانَ ولاؤها وَوَلَاء وَلَدهَا بَينهمَا فان ضمن مولى
الْأُم الَّذِي كَانَ كاتبها فولاء الْوَلَد بَينهمَا وَوَلَاء الْأُم
للَّذي ضمن وَجِنَايَة الْوَلَد على أمه وَجِنَايَة
(4/415)
الْأُم عَلَيْهِ على مَا وصفت لَك فِي
العَبْد وَابْنه إِلَّا أَن الَّذِي يلْحق كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه
فِي هَذَا الْوَجْه ثَلَاثَة أَربَاع قِيمَته فَيكون قصاصا قلت
أَرَأَيْت العَبْد يكون بَين الرجلَيْن فيفقأ عين أَحدهمَا ثمَّ إِن
الَّذِي فقي عينه كَاتبه ثمَّ إِنَّه جرحه جرحا ثمَّ أدّى فَعتق وَقد
مَاتَ الْمولى من الجنايتين جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
الَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ ضمن
الَّذِي كَاتب إِن كَانَ مُوسِرًا وَإِن شَاءَ استسعى إِذا كَانَ
مُعسرا فاذا فعل أحد هَذِه الْخِصَال دفع نصف قيمَة العَبْد إِلَى
وَرَثَة الْمَيِّت بِجِنَايَتِهِ وَيُقَال للْعَبد عَلَيْك أَن تسْعَى
فِي الْأَقَل من قيمتك وَمن ربع الْجِنَايَة بَين وَرَثَة الْمَيِّت
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ جنى على أَحدهمَا جِنَايَة فقيء عينه
اَوْ قطع يَده ثمَّ إِن الآخر بَاعَ نصف نصِيبه من شَرِيكه وَهُوَ يعلم
بِالْجِنَايَةِ ثمَّ إِن العَبْد أَيْضا جنى عَلَيْهِ جِنَايَة أُخْرَى
ثمَّ إِن الْمولى الَّذِي بَاعَ ربعه اشْترى ذَلِك الرّبع من صَاحب
الْجِنَايَة ثمَّ كَاتبه الَّذِي جنى عَلَيْهِ على نصِيبه ثمَّ جنى
عَلَيْهِ جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ أدّى فَعتق ثمَّ مَاتَ الْمولى من
الْجِنَايَات كلهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون على الْمكَاتب
نصف قِيمَته بِجِنَايَتِهِ وَهُوَ مكَاتب إِلَّا أَن يكون ربع الدِّيَة
اقل من ذَلِك وَيكون على الشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب سدس دِيَة وَربع
سدس دِيَة صَاحبه وَنصف قيمَة العَبْد وَلَا يُؤَدِّي نصف الْقيمَة
حَتَّى يعْتق أَو يستسعى أَو يضمن
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ فَقطع يَد رجل ثمَّ
بَاعه أَحدهمَا من صَاحبه وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ ثمَّ اشْتَرَاهُ
فَقطع يَد آخر وفقأ
(4/416)
عين الأول ثمَّ مَاتَا جَمِيعًا من ذَلِك
مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يُقَال للشَّرِيك الأول الَّذِي كَانَ
اشْتَرَاهُ ادْفَعْ نصيبك الَّذِي كَانَ فِي يَديك إِلَى أَوْلِيَاء
الْقَتِيلين فَيكون بَينهم نِصْفَيْنِ أَو افده بِعشْرَة آلَاف لكل
وَاحِد خَمْسَة آلَاف وَيُقَال للشَّرِيك البَائِع الأول ادْفَعْ إِلَى
الأول أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة وَاجِبَة عَلَيْك أَو افده بِأَلفَيْنِ
وَخَمْسمِائة فادفعها إِلَى ولي الْقَتِيل الأول وافده بِخَمْسَة آلَاف
من الآخر وادفع النّصْف الَّذِي فِي يَديك إِلَيْهِمَا فيقتسمانه
اثلاثا ثلث لصَاحب الْجِنَايَة الأولى وَثُلُثَانِ لصَاحب الْجِنَايَة
الْآخِرَة قلت أَرَأَيْت إِذا كَانَ العَبْد بَين رجلَيْنِ قِيمَته ألف
دِرْهَم فجنى جِنَايَة على رجل فكاتب أَحدهمَا نصِيبه وَهُوَ يعلم ثمَّ
جنى على ذَلِك الرجل جِنَايَة أُخْرَى ثمَّ كَاتبه الآخر وَهُوَ لَا
يعلم ثمَّ جنى عَلَيْهِ الثَّالِثَة ثمَّ مَاتَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ من
ذَلِك وَهُوَ مكَاتب لَهما جَمِيعًا مَا القَوْل فِيهِ قَالَ على
الْمولى الأول ربع الدِّيَة وعَلى الْمولى الثَّانِي الْأَقَل من ربع
الدِّيَة وَمن نصف قِيمَته وعَلى الْمكَاتب أَن يسْعَى فِي الْأَقَل من
جَمِيع قِيمَته وَمن نصف الدِّيَة
قلت أَرَأَيْت عبدا بَين رجلَيْنِ كَاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه
ثمَّ إِن العَبْد جنى جِنَايَة فَقتل رجلا خطأ ثمَّ إِن الْمكَاتب
اشْترى جَارِيَة فَولدت لَهُ ولدا فِي مُكَاتبَته ثمَّ إِن العَبْد
مَاتَ وَلم يقْض عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَقد ترك مَالا كثيرا مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون نصف مَا ترك للسَّيِّد الَّذِي لم
يُكَاتب وَيَأْخُذ الَّذِي كَاتب الْمُكَاتبَة مِمَّا بَقِي من مَال
العَبْد
(4/417)
وَيَأْخُذ الَّذِي لم يُكَاتب نصف قيمَة
العَبْد مِمَّا بَقِي من مَال العَبْد إِن كَانَ الَّذِي كَاتب
مُوسِرًا أَو مُعسرا وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ وَلَا ضَمَان على
الَّذِي كَاتب وَينظر إِلَى الْجِنَايَة وَإِلَى الْقيمَة فَيَقْضِي
بِنصْف الْأَقَل من ذَلِك فِيمَا ترك وَالنّصف على الَّذِي لم يُكَاتب
وَمَا بَقِي فَهُوَ مِيرَاث إِلَّا أَنَّك تبدأ بِالْجِنَايَةِ فتقضي
بهَا قلت وَلم قَالَ لِأَن نصيب الَّذِي كَاتب الْجِنَايَة على العَبْد
وَالنّصف الْبَاقِي على الَّذِي لم يُكَاتب أَلا ترى أَن العَبْد لَو
كَانَ حَيا فَأدى الْمُكَاتبَة لم يكن على الْمكَاتب ضَمَان لِأَنَّهُ
كَاتب باذن شَرِيكه وَالْآخر بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ
استسعى وَيَقْضِي فِي الْجِنَايَة بِنصْف الْأَقَل مِنْهَا وَمن نصف
الْقيمَة على الَّذِي لم يُكَاتب فِي مَاله قبل أَن يُؤَدِّي
السّعَايَة لِأَنَّهُ اذن فِي الْمُكَاتبَة فَكَذَلِك إِذا مَاتَ
وَولده حَيّ يسْعَى فِيمَا عَلَيْهِ فان كَانَ الْوَلَد مَاتَ قبله
ثمَّ مَاتَ الْمكَاتب بعد ذَلِك فَقبض الْمولى نصف السّعَايَة من مَاله
ضمن الْمولى نصف الْأَقَل من الْأَرْش وَنصف الْقيمَة لصَاحب
الْجِنَايَة
قلت أَرَأَيْت إِن لم يدع الْمكَاتب شَيْئا وَترك وَلَده الَّذِي ولد
لَهُ فِي الْمُكَاتبَة وَقد مَاتَت الْأُم مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
الْوَلَد بِمَنْزِلَة ابيه يسْعَى فِيمَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة
وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ من نصف الْجِنَايَة وَمن نصف قيمَة
ابيه فاذا أدّى مَا على أَبِيه من الْمُكَاتبَة عتق وَيصير نصف مَا
اكْتسب الْوَلَد للَّذي لم يُكَاتب إِلَى يَوْم عتق وَيرجع السَّيِّد
على الَّذِي كَاتب بِنصْف مَا أَخذ من الْوَلَد من الْمُكَاتبَة وَيرجع
(4/418)
الَّذِي كَاتب بذلك على الْوَلَد
وَالشَّرِيك الَّذِي لم يُكَاتب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق نصِيبه من
الْوَلَد وَإِن شَاءَ استسعى فان استسعى أَو قبض أَو أعْتقهُ ضمن نصف
الْأَقَل من الْجِنَايَة وَمن نصف قيمَة الْأَب لِأَنَّهُ كَانَ ذَلِك
فِي عنق الْأَب فولده بِمَنْزِلَتِهِ وَلَو لم يقبض من الْوَلَد شَيْئا
ضمن أَيْضا الْأَقَل من نصف الْجِنَايَة وَنصف قيمَة الْأَب فِي
الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا الْبَاب كُله على قِيَاس قَول ابي
حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَ العَبْد بَين
رجلَيْنِ فكاتب أَحدهمَا نصِيبه باذن شَرِيكه فَهُوَ مكَاتب كُله
بِالْمَالِ الَّذِي كَاتبه عَلَيْهِ وَأما إِذا كَانَ بَينهمَا
نِصْفَيْنِ فاذا أدّى جَمِيع الْمُكَاتبَة إِلَيْهِمَا عتق وجنايته
وَهُوَ مكَاتب بِمَنْزِلَة جِنَايَة الَّذِي كُوتِبَ جَمِيعه
- بَاب جِنَايَة العَبْد على الْحر واحدهما على صَاحبه
- قلت أَرَأَيْت عبدا جنى على حر جِنَايَة فَقطع يَده أَو فَقَأَ عينه
وَذَلِكَ كُله خطأ فبرىء الْحر ثمَّ إِن رجلا حرا جنى على العَبْد
فَقطع رجله خطأ أَو يَده أون فَقَأَ عينه خطأ فبرىء العَبْد وَلَا يعلم
أَي الجنايتين كَانَ قبل جِنَايَة الْحر على العَبْد أَو جِنَايَة
العَبْد على الْحر ثمَّ جَاءَ الْحر الْمَجْنِي عَلَيْهِ يُخَاصم مولى
العَبْد وَجَاء مولى العَبْد يُخَاصم الْجَانِي على العَبْد فَقَالَ
الْمولى للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ إِنَّمَا جنى على عَبدِي قبل أَن يجني
عَلَيْك
(4/419)
وَقَالَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِنَّمَا جنى
على قبل أَن يجني عَلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ القَوْل قَول
الْمولى إِذا حلف إِلَّا أَن يكون للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ بَيِّنَة على
مَا ادّعى فان لم يكن لَهُ بَيِّنَة كَانَ للْمولى على الْجَانِي على
العَبْد نصف قيمَة العَبْد وَيُخَير الْمولى فان شَاءَ دفع العَبْد
إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ وَإِن شَاءَ فدَاه بِجَمِيعِ الْجِنَايَة
وَلَا يكون للْمَجْنِيّ عَلَيْهِ من نصف قيمَة العَبْد الَّذِي أَخذ
الْمولى شَيْء لِأَن ذَلِك للْمولى حَتَّى يعلم أَن جِنَايَة العَبْد
على الْحر قبل
قلت وَكَذَلِكَ إِن جنى عبد على حر فَقطع يَده أَو فَقَأَ عينه خطأ
ثمَّ جنى ذَلِك الْحر على العَبْد فَقطع يَده أَو فَقَأَ عينه ثمَّ
برئا جَمِيعًا قَالَ نعم هَذَا وَالْأول سَوَاء إِذا كَانَ لم يعلم أَي
الجنايتين كَانَت قبل قلت فَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن أرش
الْجِنَايَة على العَبْد للْمولى
(4/420)
حَتَّى يعلم أَن جِنَايَة العَبْد على
الْحر قبل أَلا ترى لَو أَن عبدا فَقَأَ عين حر أَو قطع يَده ثمَّ إِن
الْمولى جرح عَبده جِرَاحَة وَلَا يعلم أَي ذَلِك قبل فَقَالَ الْمولى
فعلت ذَلِك بعبدي قبل أَن يجني عَلَيْك كَانَ القَوْل قَول السَّيِّد
وَالسَّيِّد بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه
قلت أَرَأَيْت عبدا وحرا التقيا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا
فاضطريا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة فبرئا جَمِيعًا وَلَا
يدْرِي أَيهمَا بَدَأَ بالضربة فَقَالَ الْمولى للْحرّ أَنْت بدأت
بالضربة وَقَالَ الْحر بل العَبْد بَدَأَ بهَا مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ القَوْل قَول الْمولى وعَلى الْحر نصف عشرَة قيمَة العَبْد
للْمولى وَالْمولى بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دفع العَبْد إِلَيْهِ وَإِن
شَاءَ فدَاه بِأَرْش الْمُوَضّحَة بِخَمْسِمِائَة قلت وَلم قَالَ لِأَن
ارش مُوضحَة العَبْد قد وَجب للسَّيِّد على الْحر
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ مَعَ العَبْد موقف وَمَعَ الْحر عَصا
فَالْتَقَيَا فاضطربا فجرح كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه جِرَاحَة
فَمَاتَ العَبْد وبريء الْحر فَقَالَ الْمولى للْحرّ أَنْت بدأت
بالضربة وَقَالَ الْحر بل العَبْد بَدَأَ بِي مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ القَوْل قَول السَّيِّد وَيكون جَمِيع قيمَة العَبْد على
عَاقِلَة الْحر وَينظر إِلَى قيمَة العَبْد مجروحا يَوْم جرحه الْحر
وَإِلَى قِيمَته صَحِيحا فَيكون مَا نقص العَبْد من ضَرْبَة الْحر
إِلَى يَوْم ضرب العَبْد الْحر للسَّيِّد وَينظر إِلَى مَا بَقِي
فَيكون أرش جِنَايَة جِرَاحَة الْحر فِيهِ فان كَانَ فِي ذَلِك فضل
كَانَ للسَّيِّد وَإِن كَانَ فِيهِ نُقْصَان لم يكن على السَّيِّد
شَيْء قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الْحر حَيْثُ ضرب
(4/421)
العَبْد وَجب أرش ذَلِك عَلَيْهِ للْمولى
فَلَمَّا ضرب العَبْد الْحر كَانَ أرش جِرَاحَة الْحر فِي عنق العَبْد
مجروحا وَإِنَّمَا يصير لَهُ قِيمَته فِي الْحَال الَّتِي ضربه فِيهَا
العَبْد قلت وَسَوَاء إِن كَانَ مَعَ العَبْد فِي هَذَا الْوَجْه سيف
أَو عَصا إِذا برِئ الْحر قَالَ نعم قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ إِذا
برِئ فَلَيْسَ بَينهمَا قصاص وَالسيف والعصا فِي ذَلِك سَوَاء
بِمَنْزِلَة أَلا ترى أَن عبدا لَو جرح حرا جِرَاحَة بِسيف أَو عَصا
فبرىء لم يكن بَينهمَا قصاص
قلت أَرَأَيْت إِن التقي حر وَعبد وَمَعَ الْحر سيف وَمَعَ العَبْد
عَصا فاضطربا فجرح كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَلَا يدْرِي أَيهمَا
بَدَأَ وَقد مَاتَ العَبْد وَبرئ الْحر وَأرش جِرَاحَة الْحر أَكثر من
قيمَة العَبْد فَقَالَ الْمولى للْحرّ أَنْت بدأت فَضربت عَبدِي
وَقَالَ الْحر بل العَبْد بَدَأَ فضربني مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
القَوْل قَول السَّيِّد إِن شَاءَ السَّيِّد قتل الْحر وَإِن شَاءَ
عَفا عَنهُ لِأَن الْقصاص قد وَجب على الْحر إِلَّا أَن يُقيم بَيِّنَة
على مَا ادّعى وَيبْطل حق الْحر قلت وَلم قَالَ لِأَن الْحر ضرب
العَبْد بِالسَّيْفِ فَمَاتَ من ضَربته وَقد وَجب عَلَيْهِ الْقصاص
فَكَانَ حق الْحر فِي عنق العَبْد وَقد بَطل لِأَن العَبْد مَاتَ قلت
فان أَقَامَ الْحر الْبَيِّنَة على أَن العَبْد بَدَأَ بالضربة مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ هَذَا مثل الأول
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَت قيمَة العَبْد عشرَة آلَاف أَو أَكثر
وَإِنَّمَا شج الْحر العَبْد مُوضحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
هَذَا وَالْأول سَوَاء
قلت أَرَأَيْت عبدا وحرا التقيا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا
فاضطربا
(4/422)
فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة
فبرئا جَمِيعًا وَلَا يعلم أَيهمَا بَدَأَ وَقَالَ السَّيِّد للْحرّ
لَا أَدْرِي أيكما بَدَأَ وَأقر بذلك الْحر أَيْضا مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ يُخَيّر السَّيِّد فان شَاءَ فدى العَبْد وَإِن شَاءَ
دَفعه فان دَفعه إِلَيْهِ رَجَعَ السَّيِّد على الْحر بِنصْف أرش
جِنَايَة الْحر على العَبْد قلت وَلم يرجع السَّيِّد على الْحر بِنصْف
أرش الْجِنَايَة قَالَ لِأَن الْحر إِن كَانَ بَدَأَ بالضربة فقد وَجب
أَرْشهَا على الْحر السَّيِّد وَإِن كَانَ العَبْد هُوَ الَّذِي بَدَأَ
فَلَا يقْضِي للسَّيِّد على الْحر حِين دَفعه إِلَيْهِ فاذا لم يعلم
كَانَ نصف ذَلِك على الْحر للسَّيِّد لِأَنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ فِي
حَال وَيجب عَلَيْهِ فِي حَال قلت أَرَأَيْت إِن قَالَ السَّيِّد أَنا
أفديه بكم يفْدِيه قَالَ يفْدِيه بِجَمِيعِ أرش الْجِنَايَة كلهَا أَلا
ترى لَو علم أَيهمَا بَدَأَ فَاخْتَارَ السَّيِّد إمْسَاك العَبْد فِي
الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَانَ عَلَيْهِ أَن يفْدِيه وَكَذَلِكَ إِذا لم
يعلم إِذا اخْتَار فدَاه قلت أَرَأَيْت إِذا فداءه هَل يرجع على
السَّيِّد الْحر بِشَيْء قَالَ نعم بِجَمِيعِ أرش الْجِنَايَة قلت وَلم
قَالَ لِأَنَّهُ لَو علم أَيهمَا بَدَأَ فَكَانَ الْحر الَّذِي بَدَأَ
قبل ثمَّ فدَاه السَّيِّد رَجَعَ على الْحر بِأَرْش جِرَاحَة العَبْد
وَلَو كَانَ العَبْد الَّذِي بَدَأَ وَاخْتَارَ أَن يفْدِيه رَجَعَ على
الْحر بِأَرْش جراحته كلهَا فَكَذَلِك إِذا لم يعلم
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا
فاضطربا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة والسيدان مقران
بالجراحتين جَمِيعًا وَقد برئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ
يُخَيّر كل وَاحِد مِنْهُمَا فان شاءا
(4/423)
دفعاه وَإِن شاءا فدياه فان اختارا
جَمِيعًا الدّفع صَار عبد هَذَا لهَذَا وَعبد هَذَا لهَذَا وَلَا يرجع
وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِشَيْء سوى ذَلِك قلت أَرَأَيْت إِن
اختارا جَمِيعًا الْفِدَاء مَا القَوْل فِيهِ قَالَ يفْدي كل وَاحِد
مِنْهُمَا عَبده بِأَرْش جِنَايَته عِنْد صَاحبه تَاما وَيصير عبد كل
وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ قلت وَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا إِذا
فدى عَبده رَجَعَ على صَاحبه بِمَا جنى على عَبده فاذا دفع كل وَاحِد
مِنْهُمَا عَبده لم يكن عَلَيْهِ شَيْء بعد ذَلِك لِأَن جِنَايَة كل
وَاحِد مِنْهُمَا فِي عنق صَاحبه
قلت أَرَأَيْت إِن علم إيهما بَدَأَ بالضربة وَقد شج كل وَاحِد
مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى
العَبْد الضَّارِب الَّذِي كَانَ بَدَأَ بالضربة فان شَاءَ فدَاه وَإِن
شَاءَ دَفعه فان دَفعه صَار العبدان جَمِيعًا للمدفوع إِلَيْهِ وَلَا
يرجع الدَّافِع عَلَيْهِ لِأَن عَبده هُوَ الَّذِي بَدَأَ بالضربة
فَوَجَبت الْجَنَابَة فِي عنق عَبده فَلَمَّا جنى عَلَيْهِ فَدفعهُ لم
يكن لَهُ على الآخر شَيْء لِأَن العَبْد قد كَانَ وَجب لمولى
الْمَضْرُوب يَوْمئِذٍ فان فدَاه رَجَعَ على الآخر بِأَرْش جِرَاحَة
عَبده فَيُخَير الآخر فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه قلت
أَرَأَيْت إِن مَاتَ الَّذِي بَدَأَ بالضربة وَبرئ الآخر وَقِيمَة
الْمَيِّت خَمْسَة آلَاف وَقِيمَة الْبَاقِي خَمْسَة آلَاف وَقد شج
الْمَيِّت الْبَاقِي مُوضحَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون قيمَة
الْمَيِّت مِنْهُمَا فِي عنق هَذَا الْبَاقِي فان شَاءَ مولى الْبَاقِي
فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه بِقِيمَة الْمَيِّت رَجَعَ فِي
الْقيمَة فَأخذ مِنْهُمَا أرش جِرَاحَة عَبده وَيكون الْفضل للْمولى
وَإِن دَفعه رَجَعَ
(4/424)
بِأَرْش الشَّجَّة فِي عنق عَبده الَّذِي
دفع وَيُخَير الْموضع إِلَيْهِ فان شَاءَ فدَاه بِأَرْش الْجراحَة
وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَيْهِ أَيْضا قلت وَلم قَالَ لِأَن أرش هَذِه
الْجراحَة كَانَت فِي عنق العَبْد الأول فَلَمَّا دفع إِلَى مولى الأول
وَالْعَبْد وَقِيمَته صَار أرش جِرَاحَة الْبَاقِي فِي ذَلِك أَلا ترى
لَو أَن عبدا شج عبدا مُوضحَة ثمَّ إِن عبدا آخر قتل العَبْد الشاج خطأ
خير مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه إِلَى مولى العَبْد
الْمَيِّت فان فدَاه كَانَ أرش جِرَاحَة المشجوج فِي ذَلِك فان كَانَ
فِي الْأَرْش فضل كَانَ للْمولى وَإِن كَانَ نُقْصَان لم يكن عَلَيْهِ
شَيْء وَإِن دفع العَبْد إِلَى مولى الْمَيِّت خير مولى العَبْد
الْمَيِّت فان شَاءَ دفع هَذَا العَبْد إِلَى مولى العَبْد الَّذِي
جرحه الْمَيِّت وَكَذَلِكَ الْبَاب الأول لِأَن قِيمَته بِمَنْزِلَتِهِ
وَإِن شَاءَ فدَاه بِأَرْش الْجراحَة
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا
فاضطربا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة فبرئ كل وَاحِد
مِنْهُمَا وَالَّذِي بَدَأَ بالضربة مَعْرُوف ثمَّ إِن عبدا لرجل قتل
العَبْد الَّذِي بَدَأَ بالضربة خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون
قِيمَته فِي عنق العَبْد الْقَاتِل وَيُخَير مَوْلَاهُ فان شَاءَ فدَاه
وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه نظر إِلَى قِيمَته وَإِلَى أرش جِرَاحَة
العَبْد الْبَاقِي فان كَانَ فِي قِيمَته فضل كَانَ الْفضل للْمولى
وَيكون مَا بَقِي لمولى العَبْد الْبَاقِي قلت وَلم قَالَ لِأَن أرش
جِرَاحَة عَبده فِي هَذِه الْقيمَة ثمَّ يرجع مولى العَبْد الْمَقْتُول
بِأَرْش جِنَايَة عَبده فَيكون فِي عنق العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ
مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت وَلم قَالَ لِأَن
(4/425)
أرش تِلْكَ الْجراحَة كَانَت فِي عنق هَذَا
الْبَاقِي أَلا ترى لَو أَن ذَلِك الْعِيد قتل فَخير الْمولى مولى
الْقَاتِل فَاخْتَارَ الْفِدَاء رَجَعَ مولى الآخر الْبَاقِي بِأَرْش
جِنَايَة عَبده فِي ذَلِك الْفِدَاء فَكَذَلِك الْبَاب الأول لِأَنَّهُ
قد أَخذ أرش جِنَايَة عَبده من قيمَة العَبْد الْمَقْتُول قلت أرايت
إِن كَانَ مولى العَبْد الْقَاتِل اخْتَار دفع العَبْد إِلَى مولى
الْمَقْتُول فَدفعهُ إِلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون
بِمَنْزِلَة الْمَقْتُول فَيُخَير مولى الْمَقْتُول فان شَاءَ دفع
بِهَذَا العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه صَارا جَمِيعًا للمدفوع
إِلَيْهِ وَلَا يكون لَهُ على الْمَدْفُوع إِلَيْهِ شَيْء من أرش
جِنَايَة عَبده قلت وَلم قَالَ لِأَن الأول لَو كَانَ حَيا فَدفعهُ لم
يكن لَهُ شَيْء لِأَن عَبده الَّذِي كَانَ بَدَأَ فَكَذَلِك هَذَا
العَبْد الْقَاتِل لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الأول أَلا ترى أَنه دفع
مَكَانَهُ فَصَارَ بِمَنْزِلَتِهِ قلت أرايت إِن فدَاه هَل يرجع
بِأَرْش جِنَايَة الْمَقْتُول فِي عنق العَبْد الْبَاقِي قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت إِذا التقي العبدان وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا
فَضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فَشَجَّهُ مُوضحَة وَالْأول
مِنْهُمَا يعلم فبرئا جَمِيعًا ثمَّ إِن عبدا لرجل آخرلا قتل الآخر
مِنْهُمَا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى الْقَاتِل فان
شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه كَانَ بِمَنْزِلَة
الْمَقْتُول وَيُخَير مولى العَبْد الضَّارِب الأول فان شَاءَ دفع
عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه وَيكون الْأَمر فِي هَذَا بِمَنْزِلَة مَا
ذكرت لَك من الْبَاب الأول
(4/426)
قلت أرايت إِن فدى مولى الْقَاتِل بِقِيمَة
الْمَقْتُول مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الأول
فان شَاءَ دفع عَبده إِلَى مولى الْمَقْتُول وَإِن شَاءَ فدَاه فان
دَفعه إِلَى مولى الْمَقْتُول فَلَا شَيْء لَهُ على مولى الْمَقْتُول
وَلَا فِي قيمَة الْمَقْتُول فان فدَاه رَجَعَ فِي قيمَة الْمَقْتُول
بِأَرْش جِرَاحَة عَبده فَيَأْخُذ أرش ذَلِك من قيمَة المقتل فان كَانَ
فِي قيمَة الْمَقْتُول فضل كَانَ لمَوْلَاهُ وَإِن كَانَ نُقْصَان لم
يكن على مولى الْمَقْتُول شَيْء
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ العَبْد الْقَاتِل مَا القَوْل فِي ذَلِك
قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ دفع أرش شجة
الْمَقْتُول وَأمْسك عَبده وَإِن شَاءَ دفع عَبده فان دَفعه أَو فدَاه
بَطل حَقه قلت وَلم قَالَ لِأَن عَبده الَّذِي بَدَأَ فقد وَجب فِي عنق
عَبده أرش جِرَاحَة ذَلِك العَبْد فَكَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي عنق
الآخر مجروحا وَقد قتل العَبْد وَإِنَّمَا حَقه فِي قِيمَته فقد بطلت
قِيمَته حِين مَاتَ العَبْد الَّذِي قَتله قلت وَلم أبطلت حَقه إِذا
فدَاه قَالَ لِأَن حَقه إِنَّمَا وَجب فِي عنق العَبْد الْمَيِّت بعد
مَا صَار أرش جِرَاحَة الْمَيِّت للْمولى أَلا ترى أَن ذَلِك العَبْد
إِنَّمَا ضرب عَبده بعد مَا ضربه الأول وَلَو كَانَ حَيا لم يمت
فَفَدَاهُ كَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي عنق العَبْد وَيكون الْأَرْش
الَّذِي أَخذ صَاحب العَبْد الْبَاقِي لَهُ خَاصَّة وَإِنَّمَا يكون حق
مولى العَبْد الأول فِي عنق الْبَاقِي مجروحا
قلت أَرَأَيْت إِن مَاتَ الضَّارِب الأول من غير ذَلِك وَبَقِي الآخر
(4/427)
بَعْدَمَا برئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ مولى الأول بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دفع إِلَى مولى العَبْد
الْحَيّ أرش جِنَايَة العَبْد فان دفع الْأَرْش إِلَيْهِ اتبع مولى
العَبْد الْمَيِّت مولى العَبْد الْحَيّ بِأَرْش جِنَايَة عَبده
فَيُخَير مولى الآخر فان شَاءَ دَفعه بذلك وَإِن شَاءَ فدَاه فان ابي
أَن يدْفع الْأَرْش فَلَا شَيْء لَهُ فِي عنق ذَلِك العَبْد الْحَيّ
قلت وَلم قَالَ لِأَن العَبْد الْمَيِّت بَدَأَ فشج الْحَيّ ثمَّ شج
الْحَيّ الْمَيِّت فَكَانَت جِنَايَة الْحَيّ فِي عنق الْمَيِّت قبل
أَن يجب أرش جِنَايَة الْمَيِّت فِي عنق الْحَيّ أَلا ترى أَن الأول
لَو كَانَ حَيا كَانَ مَوْلَاهُ بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ دَفعه وَإِن
شَاءَ فدَاه فان فدَاه اتبع جِنَايَة عَبده الآخر فاما أَن يفْدِيه
مَوْلَاهُ وَإِمَّا أَن يَدْفَعهُ فان دَفعه فَلَا شَيْء لَهُ ويصيران
جَمِيعًا للمدفوع إِلَيْهِ الَّذِي فدى العَبْد الأول
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ العَبْد الأول الضَّارِب قَتله عبد لرجل خطأ
بَعْدَمَا برئا جَمِيعًا مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى
الْقَاتِل فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان فدَاه كَانَ أرش
جِنَايَة العَبْد الْحَيّ فِي قيمَة هَذَا الْمَقْتُول فَيَأْخُذ مولى
الْحَيّ أرش ذَلِك من هَذِه الْقيمَة فان فضل شَيْء من الْقيمَة كَانَ
للْمولى وَإِن لم يفضل لم يكن عَلَيْهِ شَيْء وَيبِيع الْمولى بعد
ذَلِك العَبْد الْحَيّ بِأَرْش جِنَايَة عَبده فَيُخَير مَوْلَاهُ فان
شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان كَانَ مولى العَبْد الْقَاتِل
اخْتَار دفع عَبده فَدفعهُ خير مولى العَبْد الضَّارِب الول فان شَاءَ
دفع هَذَا العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه فان دَفعه فَلَا شَيْء لَهُ فِي
عنق الآخر من أرش جِنَايَة عَبده وَإِن فدَاه
(4/428)
اتبعهُ بِأَرْش جِنَايَة عَبده فان شَاءَ
مولى العَبْد الْحَيّ فدَاه بِأَرْش الْجِنَايَة وَإِن شَاءَ دَفعه
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فَضرب
كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فَشَجَّهُ مُوضحَة فَمَاتَ الضَّارِب الأول
مِنْهُمَا من الضَّرْبَة وَبرئ الآخر مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ مولى
العَبْد الْمَيِّت بِالْخِيَارِ فان شَاءَ دفع أرش جِنَايَة العَبْد
الْحَيّ وَكَانَت قيمَة عَبده فِي عنق الْبَاقِي وَيُخَير مَوْلَاهُ
فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه وَإِن أَبى أَن يدْفع أرش جِنَايَة
الْحَيّ فَلَا شَيْء لَهُ فِي عنق الْحَيّ قلت وَلم صَار هَذَا هَكَذَا
قَالَ لِأَن العَبْد الْمَيِّت هُوَ الَّذِي كَانَ بَدَأَ بالضربة
فَلَا يكون لَهُ شَيْء فِي عنق الْحَيّ حَتَّى يُؤَدِّي أرش جِنَايَة
الْحَيّ أَلا ترى لَو أَن العَبْد كَانَ حَيا فِي يَدي مَوْلَاهُ فَقيل
لَهُ ادْفَعْ عَبدك أَو افده فَلَا يكون لَهُ شَيْء حَتَّى يدْفع أَو
يفْدي فان فدَاه كَانَ لَهُ العَبْد الآخر إِلَّا أَن يفْدِيه
مَوْلَاهُ
قلت أَرَأَيْت إِن بَدَأَ الضَّارِب الأول مِنْهُمَا وَمَات الآخر من
الْجِنَايَة مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى العَبْد الأول
فان شَاءَ دفع عَبده إِلَى مولى الْمَيِّت وَإِن شَاءَ فدَاه بِقِيمَة
الآخر فان فدَاه كَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي الْفِدَاء بعد مَا يرفع
مِنْهُ أرش مُوضحَة العَبْد الآخر فَيَأْخُذ الْأَرْش من ذَلِك وَمَا
بَقِي فَهُوَ لمولى الْمَقْتُول وَإِن لم يكن فِيهِ وَفَاء فَلَا شَيْء
لَهُ سوى ذَلِك وَإِن دفع عَبده فَلَا شَيْء لَهُ
قلت أَرَأَيْت إِن برئا جَمِيعًا ثمَّ إِن عبدا لرجل قتل الآخر
مِنْهُمَا
(4/429)
خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر
مولى العَبْد الْقَاتِل فان شَاءَ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه
كَانَ هَذَا مَكَان العَبْد الْمَقْتُول وَيُخَير مولى الْبَاقِي فان
شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه فان فدَاه اتبع بذلك العَبْد
الْقَاتِل فَكَانَ أرش جِرَاحَة عَبده فِي عنق ذَلِك العَبْد فان شَاءَ
مَوْلَاهُ فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه قلت وَكَذَلِكَ إِن كَانَ قتل الأول
وَبَقِي الآخر قَالَ نعم
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ اضطربا فَضرب كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه
وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه
مُوضحَة فبرئا جَمِيعًا ثمَّ إِن الضَّارِب مِنْهُمَا الأول قتل الآخر
مِنْهُمَا بعد ذَلِك خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ صَار فِي عنق
هَذَا العَبْد أرش هَذِه الشَّجَّة وَقِيمَة العَبْد فَيُخَير مولى
العَبْد الْبَاقِي فان شَاءَ دَفعه وَإِن شَاءَ فدَاه بِأَرْش
الشَّجَّة وَالْقيمَة فان دَفعه فَلَا شَيْء لَهُ لِأَن عَبده هُوَ
الأول وَإِن فدَاه كَانَ أرش الشَّجَّة الْمَقْتُول لمَوْلَاهُ خَاصَّة
وَكَانَ أرش شجة هَذَا الْبَاقِي قيمَة الْمَقْتُول الَّذِي قبض
مَوْلَاهُ فَيَأْخُذ مولى هَذَا الْحَيّ أرش شجة عَبده من تِلْكَ
الْقيمَة قلت وَلم قَالَ لِأَن هَذَا العَبْد الأول قد صَار فِي عُنُقه
أرش شجة الْمَقْتُول وَقِيمَته لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَدَأَ بالضربة
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ هَذَا الْجَانِي الآخر هُوَ الَّذِي قتل الأول
خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى هَذَا العَبْد
الْمَقْتُول فان شَاءَ أبطل جِنَايَته وَلَا يكون لوَاحِد مِنْهُمَا
على صَاحبه شَيْء وَإِن شَاءَ فدَاه بموضحة العَبْد الْحَيّ فان فدَاه
بموضحة العَبْد الْحَيّ خير مولى الْبَاقِي فان شَاءَ
(4/430)
دفع هَذَا العَبْد وَإِن شَاءَ فدَاه
بِقِيمَة الْمَقْتُول فان فدَاه بِقِيمَتِه سلمت تِلْكَ الْقيمَة لمولى
العَبْد الْمَقْتُول وَكَذَلِكَ إِن دَفعه سلم لَهُ قلت وَلم قَالَ
لِأَن مولى الْمَقْتُول حِين دفع أرش شجة الآخر سلمت لَهُ قيمَة عَبده
وَكَأن عَبده كَانَ حَيا فَدفع ذَلِك إِلَيْهِ
قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ اخْتَار مولى العَبْد الآخر دفع عَبده فَدفعهُ
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يصير أرش شجة الَّذِي كَانَ شجه الأول فِي
عُنُقه فان شَاءَ الْمَدْفُوع أليه فدَاه وَإِن شَاءَ دَفعه فان دَفعه
لم يكن للْأولِ شَيْء وَكَذَلِكَ إِن فدَاه
قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا عَصا
فاضطربا فشج كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه مُوضحَة وَلَا يعلم الضَّارِب
الأول مِنْهُمَا فبرئا جَمِيعًا ثمَّ إِن أَحدهمَا قتل صَاحبه بعد
ذَلِك خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى هَذَا الْقَاتِل
فان شَاءَ دفع عَبده وَإِن شَاءَ فدَاه بِقِيمَة الْمَقْتُول المشجوج
صَحِيحا فان دَفعه كَانَ لَهُ نصف أرش شجته فِي عُنُقه إِن شَاءَ
الْمَدْفُوع إِلَيْهِ فدَاه بذلك وَإِن شَاءَ فدع مِنْهُ حِصَّة
النَّفس يقسم العَبْد الْمَدْفُوع على نصف أرش شجه الْمَقْتُول وعَلى
قِيمَته مشجوجا فَيَأْخُذ الَّذِي دَفعه مِنْهُ حِصَّة قيمَة العَبْد
الْمَقْتُول مشجوجا من العَبْد الَّذِي دفع بِهِ وَإِن فدَاه
بِالْقيمَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَرْش الشَّجَّة فِي الْفِدَاء بعد مَا
يرفع الْمولى نصف أرش شجته قلت أَرَأَيْت عَبْدَيْنِ التقيا فاضطربا
فَقطع كل وَاحِد مِنْهُمَا يَدي صَاحبه مَعًا جَمِيعًا فبرئا جَمِيعًا
مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى كل
(4/431)
وَاحِد مِنْهُمَا فان شَاءَ دفع عَبده
وَأخذ عبد صَاحبه وَإِن أَبَيَا فَلَا شَيْء لَهما فِي قَول أبي حنيفَة
قلت وَلم قَالَ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا قد قطعت يَدَاهُ فَلَا يكون
لمَوْلَاهُ شَيْء إِن أبي أَن يَدْفَعهُ
قلت أَرَأَيْت أمة قطعت يَد رجل خطأ ثمَّ إِنَّهَا ولدت ولدا ثمَّ إِن
وَلَدهَا قَتلهَا خطأ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر الْمولى فان
شَاءَ دفع الْوَلَد إِلَى المقطوعة يَده وَإِن شَاءَ فدَاه
بِالْأَقَلِّ من دِيَة الْيَد وَمن قيمَة الْمَقْتُول
قلت وَلم قَالَ لِأَن دِيَة يَده كَانَت فِي رَقَبَة الْأُم فَلَمَّا
قتل الْوَلَد الْأُم كَانَ فِي رقبته قلت أَرَأَيْت عبدا قتل رجلا خطأ
ثمَّ إِن عبدا لرجل قطع يَد ذَلِك العَبْد خطأ فبرىء من قطع يَده مَا
القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يُخَيّر مولى الْقَاطِع فان شَاءَ دفع عَبده
وَإِن شَاءَ فدَاه فان دفع عَبده إِلَى وَرَثَة الْحر دفع مَا أَخذ من
أرش جِنَايَته مَعَه قلت أَرَأَيْت إِن دفع مولى العَبْد الْقَاطِع
عَبده إِلَى صَاحبه العَبْد المقطوعة يَده أَيكُون العبدان جَمِيعًا
لوَرَثَة الْحر إِن اخْتَار مولى العَبْد الدّفع قَالَ نعم قلت وَلم
قَالَ لِأَن الآخر بِمَنْزِلَتِهِ لِأَنَّهُ أرش يَده قلت أَرَأَيْت
إِن اعْتِقْ الْمولى مولى العَبْد الَّذِي قتل الْحر العَبْد
الْمَدْفُوع إِلَيْهِ مَا القَوْل فِي ذَلِك قَالَ يكون عتقه إِيَّاه
اخْتِيَارا للْعَبد الْجَانِي الأول وَيضمن جَمِيع دِيَة الْحر قلت
وَلم صَار هَذَا اخْتِيَارا قَالَ لِأَنَّهُ لَو أعتق الآخر كَانَ
اخْتِيَارا فَهَذَا بِمَنْزِلَتِهِ أَلا ترى أَنه أرش يَده قلت وَلَو
أَن عَبْدَيْنِ لِرجلَيْنِ قتلا رجلا خطأ فَأعتق أَحدهمَا
(4/432)
وَهُوَ يعلم بِالْجِنَايَةِ كَانَ
اخْتِيَارا للْآخر قَالَ لَا وَلَا يشبه هَذَا الأول لِأَنَّهُمَا فِي
الأول بِمَنْزِلَة عبد وَاحِد قلت أَرَأَيْت إِن أعتق الْمولى
الْقَاتِل الَّذِي قتل الْحر أَيكُون اخْتِيَارا لَهما جَمِيعًا قَالَ
نعم
قلت أَرَأَيْت رجلا قطع يَدي عبد جَمِيعًا فَأعتق السَّيِّد عَبده قبل
أَن يبرأ وَهُوَ يعلم بِقطع يَدي عَبده أَو لَا يعلم مَا القَوْل فِي
ذَلِك قَالَ لَا شَيْء لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف
وَمُحَمّد يضمن الْحر مَا نقص العَبْد قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ
إِنَّمَا أعْتقهُ بعد الْبُرْء هَل للْمولى على الْقَاطِع شَيْء قَالَ
لَا شَيْء لَهُ فِي قَول ابي حنيفَة قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ أعْتقهُ
بعد الْبُرْء فَهَذَا اخْتِيَار مِنْهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا كَانَت أم الْوَلَد بَين
الرجلَيْن فكاتباها جَمِيعًا فقتلت أحد الموليين قَالَ عَلَيْهَا
الْأَقَل من الْقيمَة وَمن الدِّيَة فان قتلت الآخر بعد ذَلِك كَانَ
على عاقلتها الدِّيَة وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَة فان قتلتهما جَمِيعًا
مَعًا فعلَيْهَا قيمَة وَاحِدَة
وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا قطع الرجل يَد عبد وَقِيمَته ألف
دِرْهَم فَلم يبرأ حَتَّى صَارَت قِيمَته أَلفَيْنِ فَقطع آخر رجله من
خلاف ثمَّ مَاتَ مِنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ يصير على الأول سِتّمائَة
وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ درهما وَيضمن الآخر سَبْعمِائة وَخمسين درهما
(4/433)
آخر كتاب الْجِنَايَات وَالْحَمْد لله رب
الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد النَّبِي وَآله أجميعن كتبه
أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي محرم سنة
تسع وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة
(4/434)