البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط احياء التراث
ج / 7 ص -201-
26-كتاب الوكالة
_____________
26-كتاب الوكالة
مناسبتها للشهادة من حيث إن الإنسان يحتاج في
معاشه إلى التعاضد والشهادة منه فكذا الوكالة
والكلام فيها في مواضع: الأول في معناها لغة
قال في المصباح وكلت إليه الأمر وكلا من باب
وعد ووكولا فوضته إليه واكتفيت به الوكيل فعيل
بمعنى مفعول لأنه موكول إليه ويكون بمعنى فاعل
إذا كان بمعنى الحافظ ومنه حسبنا الله ونعم
الوكيل والجمع وكلاء ووكلته توكيلا فتوكل قبل
الوكالة وهي بفتح الواو والكسر لغة وتوكل على
الله تعالى اعتمد عليه ا هـ.
والحاصل أنها في اللغة بمعنى التوكيل وهو
تفويض التصرف إلى الغير الثاني في معناها
اصطلاحا فهي إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في
تصرف معلوم كذا في العناية إلى الغير الثاني
في ركنها وهو ما دل عليها من الإيجاب والقبول
ولو حكما فلو قال: وكلتك في هذا كان وكيلا
بحفظه لأنه الأدنى فيحمل عليه هكذا ذكروا
وقيدوا بقوله في هذا لأنه لو قال: وكلتك فقال
قبلت الوكالة فقال الوكيل: طلقت امرأتك ثلاثا
أو أعتقت عبدك فلانا أو زوجت بنتك فلانة من
فلان أو تصدقت من مالك بكذا على الفقراء فقال
الرجل: لا أرضى بذلك فهذا الكلام متوجه إلى
الذي تحاورا فيه وقليلا ما يكون هذا الكلام
والتفويض إلا بناء على سابقة تجري بينهما فإن
كان كذلك فالأمر على ما تعارفوه بما جرت
المخاطبة فيه فإن فعل شيئا خارجا من ذلك النوع
لم ينفذ على الموكل دون إنفاذه كذا في خزانة
المفتين. ولو قال: أنت وكيلي في كل شيء كان
تفويضا للحفظ والقياس أن لا يكون وكيلا به
للجهالة والاستحسان انصرافها إلى الحفظ ولو
قال: أجزت لك بيع عبدي هذا أنه يكون توكيلا
بالبيع ولو زاد على قوله أنت وكيلي في كل شيء
جائز أمرك ملك الحفظ والبيع والشراء ويملك
الهبة والصدقة حتى إذا أنفق على نفسه من ذلك
المال جاز حتى يعلم خلافه من قصد الموكل وعن
الإمام تخصيصه بالمعاوضات ولا يلي العتق
والتبرع وعليه الفتوى وكذا إذا قال: طلقت
امرأتك ووقفت ووهبت أرضك في الأصح لا يجوز.
وفي الروضة فوضت أمري إليك قيل: هذا باطل وقيل
هذا والأول سواء في أنه تفويض الحفظ ولو قال:
مالك المستغلات فوضت إليك أمر مستغلاتي وكان
آجرها من إنسان ملك تقاضي الأجرة وقبضها وكذا
لو قال: إليك أمر ديوني ملك التقاضي ولو قال:
إليك فوضت أمر دوابي وأمر مماليكي ملك الحفظ
والرعي والتعليف والنفقة عليهم فوضت إليك أمر
امرأتي ملك طلاقها واقتصر على المجلس بخلاف
قوله ملكتك حيث لا يقتصر على المجلس كذا في
البزازية وفي كافي الحاكم لو وكله بالقيام على
داره وإجارتها وقبض غلتها والبيع لم يكن
ج / 7 ص -202-
.............................
_____________
له أن يبني ولا أن يرم منها شيئا وليس وكيلا
في خصومتها ولو هدم رجل منها شيئا كان وكيلا
في الخصومة لأنه استهلك شيئا في يديه وكذا لو
أجرها من رجل فجحد ذلك الرجل الإجارة كان خصما
فيها حتى يثبتها وكذا إذا سكنها وجحد الآجر ا
هـ.
وقال في باب الوكالة بالدين لو وكله بتقاضي كل
دين له ثم حدث له دين بعد ذلك فهو وكيل في
قبضه ولو وكله بقبض غلة أرضه وثمرتها كان له
أن يقبض ذلك كل سنة ا هـ.
وقال في باب قبض الوديعة والعارية ولو وكله
بقبض عبد عند رجل فقتل العبد خطأ كان للمودع
أن يأخذ القيمة من عاقلة القاتل وليس للوكيل
أن يقبض القيمة لأنها كالثمن ولو كان الوكيل
قبض العبد فقتل عنده كان له أن يأخذ القيمة
وهو الآن بمنزلة الأول ولو جنى على العبد
جناية قبل أن يقبضه الوكيل فأخذ المستودع
أرشها فللوكيل أن يقبض العبد دون الأرش وكذا
لو كان المستودع آجره بإذن مولاه لم يأخذ
الوكيل أجره وكذا مهر الأمة إذا وطئت بشبهة
ولو وكله بقبض أمة أو شاة فولدت كان للوكيل أن
يقبض الولد مع الأم ولو كانت ولدت قبل أن
يوكله بقبضها لم يكن له أن يقبض الولد وكذلك
ثمرة البستان بمنزلة الولد ا هـ.
وفي البدائع وأما ركن التوكيل فهو الإيجاب
والقبول فالإيجاب من الموكل أن يقول: وكلتك
بكذا أو افعل كذا أو أذنت لك أن تفعل كذا
ونحوه والقبول من الوكيل أن يقول: قبلت وما
يجري مجراه فما لم يوجد لم يتم ولهذا لو وكل
إنسانا بقبض دينه فأبى أن يقبض ثم ذهب فقبض لم
يبرأ الغريم لأنه ارتد بالرد ثم الركن قد يكون
مطلقا وقد يكون معلقا بشرط نحو إن قدم زيد
فأنت وكيلي في بيع هذا العبد وقد يكون مضافا
إلى وقت بأن يوكله في بيع هذا العبد غدا ويصير
وكيلا في الغد وما بعده لا قبله ا هـ.
فإن قلت: فما الفرق بين التوكيل والإرسال فإن
الإذن والأمر توكيل كما علمت قلت: الرسول أن
يقول له أرسلتك أو كن رسولا عني في كذا وقد
جعل منها الزيلعي في باب خيار الرؤية أمرتك
بقبضه وصرح في النهاية فيه معزيا إلى الفوائد
الظهيرية أنه من التوكيل وهو الموافق لما في
البدائع إذ لا فرق بين افعل كذا وأمرتك بكذا
واعلم أنه ليس كل أمر يفيد التوكيل فيما أمر
به ففي الولوالجية دفع له ألفا وقال: اشتر لي
بها أو بع أو قال: اشتر بها أو بع ولم يقل لي
كان توكيلا وكذا اشتر بهذا الألف جارية وأشار
إلى مال نفسه ولو قال: اشتر جارية بألف درهم
كانت مشورة وما اشتراه المأمور فهو له دون
الآمر وكذا لو قال: اشتر هذا بألف إلا إذا زاد
على أن أعطيك لأجل شرائك درهما لأن اشتراط
الأجر له يدل على الإنابة ا هـ.
ج / 7 ص -203-
.........................
___________
وفي تهذيب القلانسي الوكيل من يباشر العقد
والرسول من يبلغ المباشرة والسلعة أمانة في
أيديهما ا هـ. وإنما قلت في القبول ولو حكما
ليدخل السكوت.
الرابع في شرائطها وهي أنواع ما يرجع إلى
الموكل وما يرجع إلى الوكيل وما يرجع إلى
الموكل به فما يرجع إلى الموكل كونه ممن يملك
فعل ما وكل به بنفسه وسنتكلم عليه عند شرح
الكتاب وما يرجع إلى الوكيل فالعقل فلا يصح
توكيل مجنون وصبي لا يعقل لا البلوغ والحرية
وعدم الردة فيصح توكيل المرتد ولا يتوقف لأن
المتوقف ملكه والعلم للوكيل بالتوكيل فلو وكله
ولم يعلم فتصرف توقف على إجازة الموكل أو
الوكيل بعد علمه وحكى في البدائع فيه اختلافا
ففي الزيادات أنه شرط وفي الوكالة أنه ليس
بشرط ويثبت العلم إما بالمشافهة أو الكتاب
إليه أو الرسول إليه أو بإخبار رجلين فضوليين
أو واحد عدل أو غير عدل وصدقه الوكيل وإلا
فعنده لا وعندهما نعم وأما ما يرجع إلى الموكل
به فأن لا يكون بإثبات حد أو استيفائه إلا حد
السرقة والقذف وعمم أبو يوسف الحد والقصاص على
الاختلاف وأن لا يكون فيه جهالة متفاحشة كما
سيأتي.
الخامس في حكمها فمنه ثبوت ولاية التصرف الذي
تناوله التوكيل ومنه أن لا يوكل إلا بإذن أو
تعميم - ومنه أنه أمين فيما في يده كالمودع
فيضمن بما يضمن به المودع ويبرأ به والقول
قوله في دفع الضمان عن نفسه فلو دفع له مالا
وقال: اقضه فلانا عن ديني فقال: قضيته وكذبه
صاحب الدين فالقول للوكيل في براءته وللدائن
في عدم قبضه فلا يسقط دينه ويجب اليمين على
أحدهما فيحلف من كذبه الموكل دون من صدقه وعلى
هذا لو أمر المودع بدفعها إلى فلان فادعاه
وكذبه فلان ولو كان المال مضمونا على رجل
كالمغصوب في يد الغاصب أو الدين على الطالب
فأمر الطالب أو المغصوب منه الرجل أن يدفعه
إلى فلان فقال المأمور: قد دفعت إليه وقال
فلان ما قبضت فالقول قول فلان أنه لم يقبض ولم
يصدق الوكيل على الدفع إلا ببينة أو بتصديق
الموكل ولا يصدقان على القابض والقول له مع
اليمين وللوكيل تحليف الموكل أنه ما يعلم أنه
دفع فإن نكل سقط الضمان عنه ولو لم يدفع إليه
شيئا وإنما أمره بقضاء دينه من ماله فادعاه
وكذبه الطالب والموكل ولا بينة فالقول قولهما
مع اليمين ويحلف الموكل على نفي العلم وإن
صدقه الموكل دون الطالب رجع عليه بما ادعاه
ويرجع الطالب عليه أيضا بدينه ذكره القدوري.
وفي الجامع لا رجوع للوكيل على موكله ولو صدقه
والأول أشبه كما في البدائع ولو ادعى المودع
أنه أمره بدفعها إلى فلان وكذبه صاحبها فالقول
له أنه لم يأمره وقد وقعت
ج / 7 ص -204-
صح التوكيل
_________
حادثة الفتوى حين تأليف هذا المحل دفع إلى آخر
مالا ليدفعه إلى آخر ثم اختلفا في تعيينه فقال
الآمر: أمرتك بدفعه إلى زيد فقال المأمور إلى
عمرو وقد دفعت له فأجبت بأن القول قول الوكيل
لأنهما اتفقا على أصل الإذن فكان أمينا ولهذا
قال الزيلعي في آخر المضاربة: لو دفع إليه
مالا ثم اختلفا فقال الدافع: مضاربة وقال
المدفوع إليه: وديعة فالقول للمدفوع إليه
لأنهما اتفقا على الإذن ا هـ.
ومن أحكامه أنه لا جبر عليه في فعل ما وكل به
إلا في رد وديعة بأن قال: ادفع هذا الثوب إلى
فلان فقبله وغاب الآمر يجبر المأمور على دفعه
فأما سائر الأشياء فلا يجب عليه التنفيذ كذا
في المحيط وتمامه في فوائدنا1 ومنها ما في
البزازية وكله بقبض وديعته وجعل له الأجر صح
وإن وكله بقبض دينه وجعل له أجرا لا يصح إلا
إذا وقت مدة معلومة وكذا الوكيل بالتقاضي إن
وقت جاز. ا هـ. وكذا الوكيل بالخصومة كذا في
الولوالجية ومن أحكامها أنها لا تبطل بالشروط
الفاسدة ولا يصح شرط الخيار فيها كما في
الخانية ومن أحكامها صحة تعليقها وإضافتها
فتقبل التقييد بالزمان والمكان فلو قال: بعه
غدا لم يجز بيعه اليوم وكذا العتاق والطلاق
ولو قال: بعه اليوم فباعه غدا فيه روايتان
والصحيح أنها لا تبقى بعد اليوم ولو وكله
بتقاضي دينه بالشام ليس له أن يتقاضاه بالكوفة
الكل من الخانية.
السادس في صفتها وهو عدم اللزوم فله أن يعزله
متى شاء إلا فيما سنذكره آخرها.
"قوله صح التوكيل" أي تفويض التصرف إلى الغير
بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى حكاية عن
أصحاب الكهف
{فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19] وكان البعث منهم بطريق الوكالة وشرع من قبلنا شرع لنا
إذا قصه الله تعالى ورسوله من غير إنكار ولم
يظهر نسخه ووكل عليه السلام حكيم بن حزام
بشراء أضحيته وانعقد الإجماع عليه وهو عام
وخاص فالثاني ظاهر والأول نحو أن يقول: ما
صنعت من شيء فهو جائز أنت وكيلي في كل شيء
جائز أمرك على ملك جميع أنواع التصرفات من
البيع والشراء والهبة والصدقة والتقاضي وغير
ذلك ولو طلق امرأته جاز قال الصدر الشهيد: وبه
يفتى حتى يتبين خلافه واختار أبو الليث أنه لو
طلق أو وقف لم يجز كذا في الولوالجية وفي
البزازية ما حكمت فجائز تحكيم لا توكيل وقدمنا
فتوى قاضي خان أنه يختص بالمعاوضات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الفوائد الزينية: واسمها الفوائد الزينية
الملتقطة من الفوائد الحسنية لمؤلفه زين الدين
بن نجيم. ا هـ "كشف الظنون" "2/1297".
ج / 7 ص -205-
وهو إقامة الغير مقام نفسه في التصرف, ممن
يملكه
_________________
"قوله وهو إقامة الغير مقام نفسه في التصرف"
أي الجائز المعلوم حتى إن التصرف إذا لم يكن
معلوما ثبت أدنى التصرفات وهو الحفظ فيما إذا
قال: وكلتك بمالي.
"قوله ممن يملكه" أي ذلك التصرف بيان للشرط في
الموكل فلا يصح توكيل مجنون وصبي لا يعقل
مطلقا وصبي يعقل بنحو طلاق وعتاق وهبة وصدقة
من التصرفات الضارة فيصح توكيله بالنافعة بلا
إذن وليه كقبول الهبة وأما ما تردد بين ضرر
ونفع كالبيع والإجارة فإن كان مأذونا في
التجارة صح توكيله مطلقا وإلا توقف على إجازة
وليه ولا يصح توكيل عبد محجور وصح من مأذون
ومكاتب وأما توكيل المرتد فموقوف إن أسلم نفذ
وإلا بأن قتل أو مات أو لحق بطل عنده وقالا:
نافذ وشمل قوله ممن يملكه الأب والوصي في مال
الصبي فلهما أن يوكلا بكل ما يفعلانه وأورد
على هذا الشرط توكيل المسلم ذميا ببيع خمر أو
خنزير وتوكيل المحرم الحلال ببيع الصيد فإنه
صحيح عنده ولا يملكه الموكل وأجيب بأنه يملكه
بأصل التصرف وإن امتنع بعارض النهي ويرد عليه
العبد المأذون في تزويج نفسه لا يملك التوكيل
كما في المحيط مع أنه يملك أن يتزوج بنفسه
والجواب أنه بمنزلة الوكيل عن سيده وإن كان
عاملا لنفسه والوكيل لا يوكل إلا بإذن أو
تعميم وفي البزازية والوكالة على اليمين مثل
أن يقول: وكلتك أن تحلف عني لا يجوز ا هـ.
وأورد أيضا لو قال: بع عبدي هذا بعبد صح ولو
قال: اشتريت منك هذا بعبد لم يصح وأجيب بأن
المنع للجهالة في المباشرة للإفضاء إلى
المنازعة لا لذاتها ولذا لم تمنع في بيع قفيز
من صبرة ولا يفضي إليها في الوكالة وزاد في
الهداية فقال: ومن شرطها أن يكون الموكل ممن
يملك التصرف وتلزمه الأحكام فقيل: هو احتراز
عن الوكيل فإنه وإن ملك التصرف لا تلزمه
الأحكام بمعنى لا تثبت له فلا يصح توكيله
وقيل: احتراز عن المحجور فإنه لا يصح توكيله
كذا في النهاية واقتصر الشارح على الثاني ولا
حاجة إلى هذا القيد فإن المحجور لا يملك
التصرف فخرج به وسيأتي إخراج الوكيل بالضابط
وفي الجوهرة وليس المعتبر أن يكون الموكل
مالكا للتصرف فيما وكل به وإنما المعتبر أن
يكون ممن يصح منه التصرف في الجملة لأنهم
قالوا: لا يجوز بيع الآبق ويجوز أن يوكل ببيعه
وفي الولوالجية لو وكل الدائن عبد المديون في
قبض دينه من مولاه جاز ولو أقر العبد بالقبض
والهلاك برئ المولى ولو وكل الغريم مولى العبد
المديون بالقبض من عبده لم يجز توكيله ولا
قبضه. والحاصل أنه يرد على منطوق قوله ممن
يملكه توكيل العبد المأذون بالتزويج فإنه لا
يصح مع أنه يملكه وما لو وكل ببيع عبده بعبد
يصح مع أنه لا يملكه ويرد على مفهومه توكيل
المسلم ذميا ببيع الخمر وتوكيل
ج / 7 ص -206-
إذا كان الوكيل يعقل العقد ولو صبيا أو عبدا
محجورا, بكل ما يعقده بنفسه
______________
المحرم حلالا والتوكيل ببيع الآبق والتوكيل
بالاستقراض.
"قوله إذا كان الوكيل يعقل العقد ولو صبيا أو
عبدا محجورا" بيان للشرط في الوكيل فلا يصح
توكيل غير العاقل وفي يتيمة الدهر وذكر
السرخسي في الوكالة في باب البيع والشراء وإن
كان الوكيل مجنونا فبيعه باطل فإن كان يعقل
البيع والشراء فهو بمنزلة الصبي المحجور عليه
وذكر في باب توكيل الزوج بالطلاق ولو وكل
مجنونا بطلاق امرأته فقبل الوكالة في حال
جنونه ثم أفاق فهو على وكالته لأن بالإفاقة
يزداد التمكن من التصرف ولا يزول ما كان ثابتا
ا هـ.
وذكر في الهداية أنه يشترط أن يكون الوكيل ممن
يعقل العقد ويقصده فقال الشارحون: إن المراد
بعقل العقد أن يعرف أن الشراء جالب للمبيع
سالب للثمن والبيع على عكسه ويعرف الغبن
الفاحش من اليسير والمراد بقصده أن يقصد ثبوت
الحكم أو الربح للاحتراز عن بيع المكره
والهازل فإنه لا يقع عن الآمر ا هـ. وفيه نظر
لأنه لا حاجة إلى اشتراط عقلية الغبن الفاحش
من اليسير لجواز بيع الوكيل عند الإمام بما قل
وكثر نعم إن قيد عليه أن لا يبيعه بغبن فاحش
اشترط وأما تفسير القصد للاحتراز عن بيع
الهازل والمكره فخارج عن المقصود لأن الكلام
الآن في صحة الوكالة لا في صحة بيع الوكيل
ولذا تركه المصنف وفي الواقعات الحسامية
الوكيل إذا اختلط عقله بشراب نبيذ ويعرف
الشراء والقبض جاز على الموكل شراؤه ولو اختلط
ببنج ويعرف الشراء لم يجز وهو بمنزلة المعتوه
ا هـ.
"قوله بكل ما يعقده بنفسه" بيان لضابط الموكل
فيه وليس حدا فلا يرد عليه أن المسلم لا يملك
بيع الخمر ويملك توكيل الذمي به لأن إبطال
القواعد بإبطال الطرد لا العكس ولا يمكن طرده
عدم توكيل الذمي مسلما ببيع خمره وهو يملكه
لأنه يملك التوصل به بتوكيل الذمي به فصدق
الضابط لأنه لم يقل كل عقد يملكه يملك توكيل
كل أحد به بل التوصل به في الجملة وإنما يرد
عليه توكيل الوكيل بلا إذن وتعميم فإنه يملك
العقد الذي وكل به ولا يملك التوكيل وأجابوا
بأن المراد لنفسه لكن يرد عليه الأب والجد
يملكان شراء مال ولده الصغير ولا يملكان
التوكيل به كما في السراج الوهاج والاستقراض
فإنه يباشره بنفسه ولا يملك التوكيل به فيقع
للوكيل كذا ذكر الشارح ولم يجب عنه والجواب
منع عدم صحته به لما في الخانية إن وكل
بالاستقراض فإن أضاف الوكيل الاستقراض إلى
الموكل كان للموكل وإلا كان للوكيل ا هـ.
وفي البزازية استقرض منه ألفا وأمره أن يعطيه
رسوله فلانا وزعم الإعطاء وأقر
ج / 7 ص -207-
وبالخصومة في الحقوق برضا الخصم إلا أن يكون
الموكل مريضا أو غائبا مدة السفر أو مريدا
للسفر أو مخدرة
________________
الرسول وأنكر المستقرض دفع المقرض لا يلزم
المستقرض شيء ا هـ. ثم قال بعده: صح التوكيل
بالإقراض لا بالاستقراض وفي القنية التوكيل
بالاستقراض لا يصح والتوكيل بقبض القرض يصح
بأن يقول لرجل: أقرضني ثم يوكل رجلا بقبضه يصح
ا هـ. ولو قال المصنف بكل ما يباشره لكان أولى
ليشمل العقد وغيره فكان يستغني عن إفراد بعض
الأشياء.
"قوله وبالخصومة في الحقوق برضا الخصم إلا أن
يكون الموكل مريضا أو غائبا مدة السفر أو
مريدا للسفر أو مخدرة" أي وصح التوكيل
بالخصومة بشرط رضا الخصم وهذا عند أبي حنيفة
وقالا: يجوز بغير رضاه ولا خلاف في الجواز
إنما الخلاف في اللزوم لهما أن التوكيل تصرف
في خالص حقه فلا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل
بتقاضي الديون وله أن الجواب مستحق على الخصم
ولها يستحضره والناس متفاوتون في الخصومة فلو
قلنا بلزومه يتضرر به فيتوقف على رضاه كالعبد
المشترك إذا كاتبه أحدهما يتخير الآخر بخلاف
المريض والمسافر لأن الجواب غير مستحق عليهما
هنالك ومريده كهو لتحقيق الضرورة والمخدرة لو
حضرت لا يمكنها أن تنطق بحقها لحيائها فيلزم
توكيلها وهذا شيء استحسنه المتأخرون كذا في
الهداية وظاهره أن المخدرة لا نص عليها في
المذهب ولهذا قال في فتح القدير: أما على ظاهر
إطلاق الأصل وغيره عن أبي حنيفة فلا فرق بين
البكر والثيب والمخدرة والمبرزة والفتوى على
ما اختاروه من ذلك ا هـ.
والخصومة الجدل خاصمه مخاصمة وخصومة فخصمه
يخصمه غلبه وهو شاذ لأن فاعلته ففعلته يرد
يفعل منه إلى الضم إن لم تكن عينه حرف حلق
فإنه بالفتح كفاخره ففخره وأما المعتل كوجدت
وبعت فيرد إلى الكسر إلا ذوات الواو فإنها ترد
إلى الضم كراضيته فرضوته أرضوه وخاوفني أخوفه
وليس في كل شيء يقال نازعته لأنهم استغنوا عنه
بغلبته واختصموا تخاصموا والخصم المخاصم
والجمع الخصوم وقد يكون للجمع والاثنين
والمؤنث والخصم المخاصم والجمع خصماء كذا في
القاموس هذا معناها لغة وأما شرعا فهو الجواب
بنعم أو لا كما سيأتي وفسرها في الجوهرة
بالدعوى الصحيحة أو بالجواب الصريح ولو وكله
في الخصومة له لا عليه فله إثبات ما للموكل
فلو أراد المدعى عليه الدفع لم تسمع كذا في
منية المفتي. والحاصل أنها تخصص بتخصيص الموكل
وتعمم بتعميمه والألف واللام في الحقوق للجنس
فشمل بعضا معينا وجميعها وفي القنية لو رضي ثم
مضى يوم فقال: لا أرضى له ذلك ا هـ وذكره في
شرح المجمع معزيا إليها والتقييد باليوم
اتفاقي وإنما المقصود أن له الرجوع عن الرضا
ما لم يسمع القاضي الدعوى لما في القنية أيضا
لو ادعى وكيل
ج / 7 ص -208-
................................
______________
المدعي عند القاضي ثم أتى بشهود ليقيمها ولم
يرض الخصم أي المدعى عليه بالوكيل ويريد أن
يخاصم مع الخصم ليس له ذلك بعد سماع الدعوى
على أصل أبي حنيفة. وفي البزازية ولو وكله بكل
حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين
المخاصم به والمخاصم فيه جاز وإذا وكله بقبض
كل حق يحدث له والخصومة فيه جائز أمره فإنه
يدخل فيه الدين الوديعة والعارية وكل حق ملكه
الموكل أما النفقة فمن الحقوق التي لا يملكها
كذا في الخزانة وفي الولوالجية وكله بالخصومة
ولم يبين أي الخصومة لم تجز الوكالة لأنها تقع
في الأجناس المختلفة وأطلق في الخصم فشمل
الطالب والمطلوب كما شملهما الموكل والشريف
والوضيع كما في البزازية وأطلق المريض وهو
مقيد بما إذا كان لا يقدر على المشي على قدميه
إلى مجلس القاضي مدعيا كان أو مدعى عليه وإن
قدر على الحضور على ظهر الدابة أو ظهر إنسان
فإن زاد مرضه بذلك لزم توكيله فإن لم يزد قيل:
على الخلاف والصحيح لزومه كذا في البزازية وفي
الجوهرة أما المريض الذي لا يمنعه من الحضور
فهو كالصحيح ا هـ.
وقيد بمدة السفر لأن ما دونها كالحاضر كذا في
الجوهرة وفي المحيط إن كان الموكل مريضا أو
مسافرا فالتوكيل منهما لا يلزم بدون رضا الخصم
بل يقال للمدعي إن شئت جواب خصمك فاصبر حتى
يرتفع العذر وإن لم تصبر فسبيلك الرضا
بالتوكيل فإذا رضي لزمه برضاه في ظاهر الرواية
ا هـ. وهو خاص بتوكيل المدعى عليه كما لا يخفى
وإرادة السفر أمر باطني فلا بد من دليلها وهو
إما تصديق الخصم بها أو القرينة الظاهرة ولا
يقبل قوله إني أريد السفر لكن القاضي ينظر في
حاله وفي عدته فإنها لا تخفى هيئة من يسافر
كذا ذكره الشارح وفي البزازية وإن قال: أخرج
بالقافلة الفلانية سألهم عنه كما في فسخ
الإجارة. ا هـ.
وفي خزانة المفتين ولو قال: إني أريد السفر
يلزم منه التوكيل طالبا كان أو مطلوبا لكن
يكفل المطلوب ليتمكن الطالب من استيفاء دينه
وإن كذبه الخصم في إرادته السفر يحلفه القاضي
بالله أنك تريد السفر ا هـ. وأما. المخدرة فيه
في اللغة كما في القاموس من الخدر كالإخدار
والتخدير بفتح الخاء إلزام البنت الخدر بكسر
الخاء وهو ستر يمد للجارية في ناحية البيت وهي
مخدورة ومخدرة ا هـ.
وفي الشرع هي التي لم تجر عادتها بالبروز
ومخالطة الرجال قال الحلواني: والتي تخرج في
حوائجها برزة وقال البزدوي: من لا يراها غير
المحارم مخدرة إذا لم تخالط الرجال على ما
ذكره في الفتاوى وكلام الحلواني على هذا محمول
على المخالطة بالرجال ولو اختلفا في
ج / 7 ص -209-
....................................
____________
كونها مخدرة فإن كانت من بنات الأشراف فالقول
لها بكرا أو ثيبا لأنه الظاهر من حالها وفي
الأوساط قولها لو بكرا وفي الأسافل يقبل
قولهما في الوجهين والخروج للحاجة لا يقدح فيه
ما لم يكثر بأن تخرج لغير حاجة كذا في
البزازية وأشار المؤلف بقبول توكيل المخدرة
إلى أن الطالب ليس له مخاصمة زوجها ولكن لا
يمنعه الزوج من الخصومة مع وكيل امرأته أو
معها كذا في خزانة المفتين وفيها امرأة وكلت
وكيلا بالخصومة فوجب عليها اليمين وهي لا تعرف
بالخروج ومخالطة الرجال في الحوائج يبعث إليها
الحاكم ثلاثة من العدول يستحلفها أحدهم ويشهد
الآخران على حلفها أو نكولها ا هـ. ومراد
المؤلف من الاستثناء استثناء الموكل إذا كان
له عذر ولا يختص بالأربعة فشمل حيض المدعى
عليها إذا كان الحكم في المسجد كذا ذكره
الشارح وهو مقيد بما إذا كان الطالب لا يرضى
بالتأخير فيما إذا كان الحكم في غير المسجد
وأما إذا رضي به فلا يكون عذرا وأما حيض
الطالبة فهو عذر مطلقا والنفاس كالحيض كذا في
خزانة المفتين ومن العذر الحبس إذا كان من غير
القاضي الذي ترافعوا إليه ذكره الشارح وفي
البزازية وكونه محبوسا من الأعذار يلزمه
توكيله فعلى هذا لو كان الشاهد محبوسا له أن
يشهد على شهادته قال القاضي: إن كان في سجن
القاضي لا يكون عذرا لأنه يخرجه حتى يشهد ثم
يعيده وعلى هذا يمكن أن يقال في الدعوى أيضا
كذلك بأن يجيب عن الدعوى ثم يعاد ولو مدعيا
يدعي إن لم يؤخر دعواه ثم يعاد ا هـ.
ثم اعلم أن المؤلف اختار قول الإمام كما هو
دأبه وقد اختلف ترجيح المشايخ فأفتى الفقيه
بقولهما وقال الغياثي: وهو المختار وبه أخذ
الصفار أيضا وفي خزانة المفتين المختار قولهما
والشريف وغيره سواء وفي النهاية والصحيح
قولهما وقال الحلواني: يخير المفتي قال: ونحن
نفتي أن الرأي للحاكم وفي البزازية ومن
المعلوم المقرر أن تفويض الخيار إلى قضاة عهد
الفساد كما هو المقرر من أن علمهم ليس بحجة
قال شمس الأئمة: الصحيح أنه إذا علم من الآبي
التعنت في إباء الوكيل يفتي بالقبول وإن علم
منه قصده الإضرار بالحيل كما هو صنيع وكلاء
المحكمة لا يقبل وغرض من فوض الخيار إلى
القاضي من القدماء كأن هذا لما علموا من أحوال
قضاتهم الدين والصلاح ا هـ.
وفي غاية البيان الأولى أن لا يحضر مجلس
الخصومة بنفسه عندنا وعند العامة وقال البعض:
الأولى أن يحضر بنفسه لأن الامتناع من الحضور
إلى مجلس القاضي من علامات المنافقين والجواب
الرد من المنافقين والإجابة من المؤمنين
اعتقادا ا هـ.
وفي خزانة المفتين وعبد المولى في خصومته لما
في الخزانة عبد في يد رجل فقال: كنت عبدا
لفلان ولدت في ملكه وقد وكلني بخصومتك في نفسي
ليس لمولاه أن يمنعه إذا كان
ج / 7 ص -210-
وبإيفائها واستفتائها إلا في حد وقود
_______________
للعبد بينة على الوكالة ولو قال: باعني منك
ولم يقبض الثمن فوكلني بقبض الثمن منك فلمولاه
أن يمنعه من الخصومة ا هـ. والقاضي ولو عزل عن
القضاء يبقى على وكالته كما في قضاء الخزانة
ومن أحكام الوكيل بالخصومة أن الحق إذا ثبت
على موكله لم يلزمه ولا يحبس عليه ولو كان
وكيلا عاما لأنها لم تنتظم الأمر بالأداء ولا
الضمان كما في الخزانة.
ثم اعلم أن طريق إثبات الوكالة بالخصومة أن
يشهدوا بها على غريم الموكل سواء كان منكرا
للوكالة أو مقرا بها ليتعدى إلى غيره كما في
الخزانة ولا تقبل الشهادة على المال حتى تثبت
الوكالة وفي القنية لا تقبل من الوكيل
بالخصومة ببينة على وكالته من غير خصم حاضر
ولو قضي بها صح لأنه قضاء في المختلف ا هـ.
"قوله وبإيفائها واستفتائها إلا في حد وقود"
أي يصح التوكيل بإيفاء جميع الحقوق واستيفائها
إلا بالحدود والقصاص لأن كلا منها يباشره
الموكل بنفسه فيملك التوكيل به بخلاف الحدود
والقصاص فإنها تندرئ بالشبهات والإيفاء من
أوفيت به إيفاء وأوفيته حقه ووفيته إياه
بالتثقيل كذا في المصباح والمراد به هنا دفع
عليه والاستيفاء والتوفي بمعنى واحد كما في
المصباح والمراد به هنا القبض فكأنه يقول: صح
التوكيل بدفع ما عليه ويقبض ماله أما الأول
فمن مسائله قالوا: لو وكله بقضاء الدين فجاء
الوكيل وزعم قضاءه وصدقه موكله فيه فلما طالبه
وكيله برد ما قضاه لأجله قال الموكل: أخاف أن
يحضر الدائن وينكر قضاء وكيلي ويأخذه مني
ثانيا لا يلتفت إلى قول الموكل ويؤمر بالخروج
عن حق وكيله فإذا حضر الدائن وأخذ من الموكل
يرجع الموكل على الوكيل بما دفعه إليه وإن كان
صدقه بالقضاء وفي كتاب الحوالة أمره بقضاء
دينه فقال: قضيت وصدقه الآمر فيه ثم حلف
الدائن على عدم وصوله إليه وأخذه من الآمر لا
يرجع المأمور على الآمر لأن الآمر كذب في
إقراره حيث قضى عليه بالدين لأن الإقرار إنما
يبطل بالحكم على خلافه إذا كان الحكم بالبينة
أما بغيرها فلا. والصحيح أنه يعلل لعدم رجوع
المأمور على الآمر بأن المأمور وكيل بشراء ما
في ذمة الآمر بمثله ونقد الثمن من مال نفسه
وإنما يرجع على الآمر إذا سلم له ما في ذمته
كالمشتري إنما يؤمر بتسليم الثمن إلى الآمر
إذا سلم للآمر ما اشترى أما إذا لم يسلم فلا
وذكر القدوري أن رب الدين يرجع على المأمور
والمأمور يرجع على المديون بما قضى قال: قضيت
دينك بأمرك لفلان فأنكر كونه مديون فلان وأمره
وقضاه أيضا والدائن غائب فبرهن المأمور على
الدين والأمر والقضاء يحكم بالكل لأن الدائن
وإن كان غائبا لكنه عنه خصم حاضر فإن المدعي
على الغائب سبب لما يدعي على الحاضر لأنه ما
لم يقض دينه لا يجب له عليه شيء وبينهما اتصال
أيضا وهو
ج / 7 ص -211-
....................................
___________
الأمر وبعد السببية والاتصال ينتصب خصما ولو
قال: لا تدفع الدين إلا بمحضر فلان ففعل بلا
محضره ضمن كذا في البزازية ولو ادعى الوكيل
أنه دفع بمحضره أو قال: لا تدفع إلا بشهود
فادعى دفعه بشهود وأنكر الدائن القبض حلف
الوكيل أنه دفع بشهود فإذا حلف لم يضمن كذا في
كافي الحاكم. ولو قال: ادفعه بشهود فدفع
بغيرهم لم يضمن.
وأما الثاني أعني الوكيل بقبض الدين فيقبل
قوله في قبضه وضياعه ودفعه إلى الموكل ويبرأ
الغريم ولو كان ممن لا تقبل شهادته للوكيل
بخلاف إقراره بقبض الطالب ولو وجب على الوكيل
بالقبض مثله لمديون موكله وقعت المقاصة وكان
الوكيل مديون الموكل ولا يملك الوكيل بقبضه
الإبراء والهبة وأخذ الرهن وملك أخذ الكفيل
بخلاف الوكيل بالبيع حيث ملك الكل وليس للوكيل
بالقبض قبول الحوالة ويصح التوكيل بالقبض
والقضاء بلا رضا الخصم ولا ينعزل بموت المطلوب
وينعزل بموت الطالب فلو زعم الوكيل قبضه
وتسليمه إلى الطالب حال حياته لم يصدق بلا حجة
فإن احتال الطالب بالمال بعد التوكيل على
إنسان ليس للوكيل أن يطالب المحيل والمحتال
فلو توى المال على المحال عليه وعاد الدين على
المحيل فالوكيل يملك الطلب ولو كان بالمال
كفيل أو أخذ الطالب كفيلا بعد التوكيل ليس
للوكيل أن يتقاضى الكفيل وللوكيل بالقبض قبض
بعضه إلا إذا نص على أن لا يقبض إلا الكل معا
ا هـ ما في البزازية.
والحاصل أن الوكيل بقبض الدين يخالف الوكيل
بالبيع وقبض الثمن في مسائل فلو كفل الوكيل
بقبض الثمن المشتري صحت ولو كفل الوكيل بالبيع
لم تصح كما في الخانية وتقبل شهادة الوكيل
بقبض الدين به على المديون كما في شهادات
البزازية بخلاف الوكيل بالبيع ولو باع الوكيل
وقبض الثمن ثم رد المبيع بعيب بعدما دفع الثمن
للموكل فللمشتري مطالبة الوكيل بخلاف الوكيل
بقبض الثمن لا مطالبة عليه كما في القنية ولا
يصح إبراء الوكيل بالقبض ولا حطه ولا أخذه
الرهن ولا تأجيله ولا قبول الحوالة بخلاف
الوكيل بالبيع وقوله إلا في حد وقود استثناء
منهما لكن في الإيفاء على إطلاقه وفي
الاستيفاء مقيد بما إذا كان الموكل غائبا وأما
إذا كان حاضرا وأمر باستيفائه فإنه يجوز كذا
في شرح الطحاوي وعلله في غاية البيان باحتمال
العفو المندوب إليه بخلاف حال حضرته لانعدام
الشبهة وبخلاف حال غيبة الشهود حيث يستوفيان
حال غيبتهم وإن كان رجوعهم محتملا لأن الظاهر
عدمه احترازا عن الكذب والفسق ولم يذكر المؤلف
التوكيل بإثباتهما لدخولهما تحت قوله
وبالخصومة في الحقوق لأن التوكيل بإثباتهما هو
التوكيل بالخصومة فيهما واختلف فيه فما ذكرناه
من الجواز قول الإمام وخالف أبو يوسف نظرا إلى
مجرد النيابة ورد عليه بأنه لا تأثير لها وإلا
لم يجز
ج / 7 ص -212-
والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع
والإجارة والصلح عن إقرار تتعلق بالوكيل إن لم
يكن محجورا كتسليم المبيع وقبضه وقبض الثمن
والرجوع عند الاستحقاق والخصومة في العيب
____________
حكم نائب القاضي فيهما وقول محمد مضطرب وعلى
هذا الاختلاف التوكيل بالجواب من جانب عليه
وفي غاية البيان ولكن لا يصح إقرار الوكيل على
موكله بأن قال: قتل موكلي القتيل الذي يدعيه
الولي لشبهة عدم الأمر بذلك.
"قوله والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه
كالبيع والإجارة والصلح عن إقرار تتعلق
بالوكيل إن لم يكن محجورا كتسليم المبيع وقبضه
وقبض الثمن والرجوع عند الاستحقاق والخصومة في
العيب" لأن الوكيل هو العاقد حقيقة لأن العقد
يقوم بالكلام وصحة عبارته لكونه آدميا وكذا
حكما لأنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل
ولو كان سفيرا عنه ما استغنى عن ذلك كالرسول
وإذا كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به
وفي النهاية حتى لو حلف المشتري ما للموكل
عليه شيء كان بارا في يمينه ولو حلف ما للوكيل
عليه شيء كان حانثا ا هـ. والمراد بقوله فيما
يضيفه الوكيل في كل عقد لا بد من إضافته إليه
لينفذ على الموكل وليس المراد - ظاهر العبارة
من أنه قد يضيفه وقد لا يضيفه فإن أضافه إلى
نفسه تتعلق بالوكيل وإن أضافه إلى موكله تتعلق
بالموكل كما فهمه ابن الملك في شرح المجمع لما
في الخلاصة والبزازية وكيل شراء العبد جاء لي
مالكه فقال: بعت هذا العبد من الموكل وقال
الوكيل: قبلت لا يلزم الموكل لأنه خالف حيث
أمره أن لا ترجع إليه العهدة وقد رجع قال أبو
القاسم الصفار والصحيح أن الوكيل يصير فضوليا
ويتوقف العقد على إجازة الموكل. ا هـ.
وفي الجوهرة وكله بالبيع والشراء على أن لا
تتعلق به الحقوق لا يصح هذا الشرط وقيد
بالوكيل لأن الرسول لا ترجع الحقوق إليه ولو
ادعى أنه رسول وقال البائع: إنه وكيل وطالبه
بالثمن فالقول للمشتري والبينة على البائع
إليه أشير في بيوع الخانية وشرطه الإضافة إلى
مرسله لما في البزازية والرسول في البيع
والطلاق والعتاق والنكاح إذا أخرج الكلام مخرج
الوكالة بأن أضاف إلى نفسه بأن قال: طلقتك
وبعتك وزوجت فلانة منك لا يجوز لأن الرسالة لا
تتضمن الوكالة لأنها فوقها وإن أخرج مخرج
الرسالة جاز بأن يقول: إن مرسلي يقول: بعت منك
هـ.
وفي المحيط الوكيل بشراء شيء بعينه يقع العقد
والملك للموكل وإن لم يضف العقد إليه إلا إذا
وكل العبد في شراء نفسه له من مولاه وأطلق في
الوكيل فشمل ما إذا كان حاضرا
ج / 7 ص -213-
................................
__________
وما إذا كان غائبا لما في الفتاوى الصغرى لا
تنتقل الحقوق إلى الموكل فيما يضاف إلى الوكيل
ما دام الوكيل حيا وإن كان غائبا ا هـ.
وفي المحيط الوكيل بالبيع باع وغاب لا يكون
للموكل قبض الثمن وما إذا مات الوكيل لما في
البزازية إن مات الوكيل عن وصي قال الفضلي:
تنتقل الحقوق إلى وصيه لا الموكل وإن لم يكن
وصي يرفع إلى الحاكم ينصب وصيا عند القبض وهو
المعقول وقيل: ينتقل إلى موكله ولاية قبضه
فيحتاط عند الفتوى. ا هـ. وما إذا كان الموكل
حاضرا وقت عقد الوكيل وما إذا كان غائبا لما
في الخلاصة والوكيل لو باع بحضرة الموكل
فالعهدة على الوكيل وحضرة الموكل وغيبته سواء
ولو وكل الوكيل بغير إذن وتعميم فباع بحضرة
الوكيل الأول جاز والعهدة على الوكيل الثاني ا
هـ.
وقوله إن لم يكن محجورا شامل للحر الذي لم
يحجر عليه بسفه والعبد المأذون والصبي المأذون
ولم يذكر شارحو الهداية المحجور عليه بالسفه
هنا وإنما زدته هنا لدخوله تحت المحجور عليه
في كلامهم ولقول قاضي خان في الحجر إن المحجور
عليه بالسفه بمنزلة الصبي إلا في أربعة فلا
تلزمه عهدة كهو وظاهر كلام المصنف أن العهدة
على المأذون مطلقا وفصل في الذخيرة بين أن
يكون وكيلا بالبيع فالعهدة عليه سواء باع بثمن
حال أو مؤجل وبين أن يكون وكيلا بالشراء فإن
كان بثمن مؤجل فهي على الموكل لأنه في معنى
الكفالة وإن كان بثمن حال فهي على الوكيل
لكونه ضمان ثمن. ا هـ. وخالف في الإيضاح فيما
إذا اشترى بثمن مؤجل فجعله الشراء له لا
للموكل لأن الشراء للموكل والعهدة عليه كما في
الذخيرة وإيضاحه في الشرح وقيد بقوله إن لم
يكن محجورا لأن المحجور تتعلق الحقوق بموكله
كالرسول والقاضي وأمينه ولو قبضه مع هذا صح
قبضه لأنه هو العاقد فكان أصيلا فيه وانتفاء
اللزوم لا يدل على انتفاء الجواز ثم العبد إذا
عتق تلزمه تلك العهدة والصبي إذا بلغ لا تلزمه
لأن المانع المولى مع أهليته وقد زال وفي
الصبي حق نفسه ولا يزول بالبلوغ ولو وقع
التنازع في كونه محجورا أو مأذونا حال كونه
وكيلا لم أره.
وفي الخانية من الحجر عبد اشترى من رجل شيئا
فقال البائع: لا أسلم إليك المبيع لأنك محجور
وقال العبد: أنا مأذون كان القول قول العبد
فإن أقام البائع بينة على أن العبد أقر أنه
محجور قبل أن يتقدم إلى القضاء بعد الشراء لم
تقبل بينته ثم قال: عبد باع من رجل شيئا ثم
قال: هذا الذي بعتك لمولاي وأنا محجور وقال
المشتري: بل أنت مأذون كان القول قول المشتري
ولا يقبل قول العبد ا هـ.
ج / 7 ص -214-
...................................
_______________
وحاصلهما أن القول لمن يدعي الإذن لأن الأصل
النفاذ وإقدامهما يدل عليه ومن هنا يقع الفرق
بينهما وبين ما إذا كان وكيلا فإن النفاذ حاصل
بدون الإذن ولزوم العهدة شيء آخر فينبغي أن
يقبل قول العبد أنه محجور عليه لتنتفي العهدة
عنه وشمل كلامه المرتد فإن العهدة عليه لكن
موقوفة عند الإمام فإن أسلم كانت عليه وإلا
فعلى الموكل وعندهما هي عليه مطلقا وهي معروفة
وظاهر كلام المصنف أن للوكيل بالإجارة قبض
الأجرة وعليه تسليم العين إلى المستأجر وفي
منية المفتي خلافه قال الوكيل بالإجارة: ليس
له قبض الأجرة وحبس المستأجر به ولو وهب
الأجرة قبل القبض جاز إن لم يكن شيئا بعينه. ا
هـ. وهو سبق قلم والصواب ما في كافي الحاكم أن
للوكيل بالإجارة المخاصمة في إثباتها وقبض
الأجرة وحبس المستأجر به فإن وهب الأجر
للمستأجر أو أبرأه جاز إن لم يكن بعينه ويضمنه
وإن بعينه لا وإن ناقض الوكيل المستأجر
الإجارة قبل أن يعمل فيها شيئا جازت دينا كان
الأجر أو عينا وبرئ المستأجر إلا أن يكون
الوكيل قبض الأجر ا هـ. وعلى هذا يطالب الوكيل
بالاستئجار بالأجرة كالوكيل بالشراء وأطلق في
تسليم المبيع فشمل ما إذا قبض الوكيل الثمن أو
لا وما إذا قال له الموكل: لا تدفع المبيع بعد
البيع حتى تقبض الثمن فدفع الوكيل قبل قبض
الثمن جاز عندهما خلافا لأبي يوسف وهي مسألة
الوكيل إذا أقال كذا في الخلاصة وفي القنية لو
نهاه عن تسليم المبيع حتى يقبض الثمن كان
باطلا ا هـ. وفي البزازية وهذا إذا كان المبيع
في يد الوكيل فلو كان في يد الموكل وأبى الدفع
قبل قبض ثمنه له ذلك وإن باعه نسيئة وأبى
الموكل من دفعه قبل قبضه يجبر عليه وإن كان في
يد الوكيل وأخذه الموكل وأراد أن لا يدفع قبل
قبض الثمن فأخذه الوكيل من بيته وهلك في يد
الوكيل إن الأخذ بعد البيع لا يضمن وإن قبله
وقد نهاه عن القبض يضمن ولو لم يهلك حتى باعه
جاز فإن مات قبل أن يسلم إلى المشتري انفسخ
البيع. ا هـ.
وقيدنا بالنهي عن تسليم المبيع سواء كان قبل
بيعه أو بعده لأنه لو نهاه عن البيع حتى يقبض
الثمن لم يجز بيعه حتى يقبض الثمن من المشتري
ثم يقول: بعتك بهذه الدراهم التي قبضت منك كذا
في البزازية وأشار المؤلف من كونه أصيلا في
تسليم المبيع إلى أن الوكيل بالشراء يطالب
بالثمن وإن لم يقبضه من الموكل وإلى أن وكيل
البيع لو دفع المبيع إلى دلال ليعرضه على من
يرغب فيه فغاب أو ضاع في يده لم يضمن لكن
المختار الضمان كما في البزازية لكونه دفع ملك
الغير بغير إذنه وإن كان أصيلا في الحقوق. وفي
البزازية وكيل البيع قال: بعته وسلمته من رجل
لا أعرفه وضاع الثمن قال القاضي: يضمن لأنه لا
يملك التسليم قبل قبض ثمنه والحكم صحيح والعلة
لا لما مر أن النهي عن التسليم قبل قبض ثمنه
لا يصح
ج / 7 ص -215-
................................
_____________
فلما لم يعمل النهي عن التسليم فلأن لا يكون
ممنوعا عن التسليم أولى وهذه المسألة تخالف
مسألة القمقمة ا هـ.
قلت: مراد القاضي أنه لا يملك التسليم ممن لا
يعرفه لا مطلقا فصح التعليل أيضا واستفيد من
قوله وقبض الثمن أنه لو ضمن الوكيل الثمن لم
يصح ضمانه ولو أحال المشتري الموكل على وكيله
به بشرط براءة المشتري لم يصح ولو أحال الوكيل
موكله بالثمن على المشتري صحت وهي وكالة لا
حوالة لأنه لا شيء للموكل على وكيله وأن
الوكيل لو منع المشتري من دفع الثمن إلى موكله
صح وله الامتناع عن الدفع إليه ولكن لو دفع
إليه صح وبرئ استحسانا وأنه يصح إبراء الوكيل
وحوالته على الأملأ والمماثل والأدون وإقالته
وحطه وتأجيله والتجويز بدون حقه عندهما ويضمن
خلافا للثاني هذا قبل قبضه أما بعد قبضه لا
يملك الحط والإبراء والإقالة وبعدما قبل
بالثمن حوالة لا يصح كما بعد الاستيفاء
والوكيل بالإجارة إذا فسخها بعدها صح لا بعد
مضي المدة وبعد قبض الأجرة دينا كان أو عينا
لا يصح الفسخ وأن الوكيل لو وكل موكله بقبض
الثمن صح وله عزله إلا إذا خاصم الموكل معه في
تأخيره المطالبة فألزم القاضي الوكيل أن يوكل
موكله لا يملك عزله. ومن أحكامه أن وكيل البيع
لا يطالب بالثمن من مال نفسه بخلاف الوكيل
بالشراء ولا يجبر على التقاضي لأنه متبرع
بخلاف الدلال والسمسار والبياع لأنهم يعلمون
بالأجر ويقال للوكيل: أحل الموكل على المشتري
وحق القبض للوكيل ولو قبضه الموكل صح إلا في
الصرف فإنه لا يجوز قبضه إلا للوكيل لأن القبض
فيه بمنزلة الإيجاب والقبول وأن للوكيل أن
يوكل بقبض الثمن ومقتضاه أنه لو هلك في يد
الثاني لم يضمنا لكن في المنتقى وكل آخر بقبض
الثمن بلا أمر الآمر وهلك في يده قال الإمام:
يضمن الوكيل لا القابض وما ذكرته من الأحكام
المفرعة على قبض الثمن كلها من البزازية وفيها
وكله بالبيع بشرط أن لا يقبض الثمن فالنهي
باطل.
وفي المحيط كتب الوكيل الصك باسم رب العبد لا
يسقط حقه في قبضه الثمن وله أن يقبض إلا أن
يقر الموكل بقبضه لأنه بالكتابة لم يخرج عن
كونه وكيلا ا هـ.
وفيها لو مات الموكل أو جن بعد البيع بقي
للوكيل حق قبض الثمن وقوله والرجوع بالثمن عند
الاستحقاق شامل للمسألتين: الأولى ما إذا كان
الوكيل بائعا وقبض الثمن من المشتري ثم استحق
المبيع فإن المشتري يرجع بالثمن على الوكيل
سواء كان الثمن باقيا في يده أو سلمه إلى
الموكل وهو يرجع على موكله الثانية ما إذا كان
مشتريا فاستحق المبيع من يده فإنه يرجع بالثمن
على البائع دون موكله وفي البزازية المشتري من
الوكيل باعه من الوكيل ثم
ج / 7 ص -216-
والملك يثبت للموكل ابتداء حتى لا يعتق قريب
الوكيل بشرائه
____________
استحق من الوكيل رجع الوكيل على المشتري منه
وهو على الوكيل والوكيل على الموكل وتظهر
فائدته عند اختلاف الثمن. ا هـ.
وفي الخانية وكله بشراء جارية فاشترى فاستحقت
لم يضمن الوكيل ولو ظهر أنها حرة يضمن الوكيل
وكذا قوله والخصومة في العيب شامل لمسألتين ما
إذا كان بائعا فيرده المشتري عليه وما إذا كان
مشتريا فيرده الوكيل على بائعه لكن بشرط كونه
في يده فإن سلمه إلى الموكل فلا يرده إلا
بإذنه كما سيأتي في الكتاب وأشار المؤلف إلى
أن الوكيل لو رضي بالعيب لزمه ثم الموكل إن
شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك
يهلك على الموكل ولو مات الوكيل بالشراء وظفر
الموكل بالمشترى عيبا يرده وارثه أو وصيه وإلا
فالموكل وكيل البيع إذا مات وظفر مشتريه به
عيبا رده على وصي الوكيل أو وارثه وإلا فعلى
الموكل كذا في البزازية وفي الخانية الوكيل
بالشراء لا يملك إبراء البائع عن العيب عند
أبي حنيفة ومحمد واختلفوا في قول أبي يوسف
والوكيل إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل
عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل وجزمه
هنا يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال: إنه
المعقول وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال
فيما سبق وقد كتبنا في الأشباه والنظائر من
قسم الفوائد حكم التوكيل بالتوكيل ومما فرع
على أن الوكيل أصيل في الحقوق ما في كافي
الحاكم ولو وكل القاضي وكيلا ببيع شيء فباعه
ثم خاصمه المشتري في عيبه جاز قضاء القاضي
للوكيل ا هـ.
"قوله والملك يثبت للموكل ابتداء حتى لا يعتق
قريب الوكيل بشرائه" دفع لما يتوهم من أن
الحقوق لما تثبت للوكيل أصالة وخلفه الموكل
فيها ينبغي أن يكون الحكم كذلك وقد اختلف
أصحابنا فيها فقال الكرخي: يثبت للوكيل ثم
ينتقل إلى الموكل وقال أبو طاهر: يثبت للموكل
ابتداء وهو الأصح ولهذا لو كان المشتري منكوحة
الوكيل لا يفسد نكاحه ولا تعتق عليه وقال
القاضي أبو زيد: الوكيل نائب في حق الحكم أصيل
في الحقوق فوافق الكرخي في الحقوق وأبا طاهر
في حق الحكم وهذا أحسن كذا في البزازية وصحح
الشارحون ما في الكتاب لكن لم يذكروا لهذا
الاختلاف ثمرة الاتفاق على عدم عتق قريب
الوكيل لو اشتراه وعدم فساد نكاحها لو اشتراها
والعتق والفساد على الموكل لو اشترى وكيل قريب
موكله وزوجته لأن الملك للوكيل لم يكن مستقرا
والموجب للعتق والفساد الملك المستقر هكذا
أجاب الكرخي وأشار المؤلف إلى أن الموكل لو
أعتق قبل قبض الوكيل فإنه ينفذ إعتاقه لكونه
أعتق ملك نفسه والبائع يأخذ الوكيل بالثمن ولا
سبيل له على الموكل وكذلك في التدبير
ج / 7 ص -217-
وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح
عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل فلا
يطالب وكيله بالمهر ووكيلها بتسليمها
__________
والاستيلاد ولو قتله الموكل وضمن قيمته للوكيل
فيدفعها إليه لتكون محبوسة عنده إلى أن يأخذ
الثمن من الموكل كذا في بيوع الخانية.
"قوله وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع
والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل
فلا يطالب وكيله بالمهر ووكيلها بتسليمها" أي
والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته
إلى موكله لأن الوكيل فيها سفير محض ألا ترى
أنه لا يستغني عن إضافته العقد إلى الموكل ولو
أضافه إلى نفسه كان النكاح له فصار كالرسول
وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب
لأنه إسقاط فيتلاشى فلا يتصور صدوره من شخص
وثبوت حكمه لغيره فكان سفيرا.
وفي البزازية الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج
الكلام مخرج الرسالة بأن قال: إن فلانا أمرني
أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل لأن عهدتهما
على الموكل على كل حال ولو أخرج الكلام في
النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضاف إلى
نفسه صح إلا في النكاح والفرق بين وكيل النكاح
والطلاق أن في الطلاق أضاف إلى الموكل معنى
لأنه بناء على ملك الرقبة وتلك للموكل في
الطلاق والعتاق فأما في النكاح فذمة الوكيل
قابلة للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها
وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته
إلى المرأة معنى لأن صحة النكاح بملك البضع
وذاك لها فكأنه قال: ملكتك بضع موكلتي فاندفع
جانبه ا هـ. فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل
مختلف ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه
الشرط وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه.
وذكر في القنية قولين فيما إذا قال وكيل
الطلاق: أنت طالق مني وقد فرع على رجوع الحقوق
للموكل حكمين ومنها أن وكيلها لا يلي قبض
مهرها والوكيل بالخلع لا يلي قبض البدل كما في
البزازية ومنها أنه يصح ضمانه مهرها وتخير
المرأة بين مطالبته أو الزوج فإذا أخذت من
الوكيل لا يرجع على الزوج كذا في البزازية
وفيها وكيل الخلع خالع وضمن صح وإن لم تأمره
المرأة بالضمان وكذا يرجع قبل الأداء ا هـ.
وأشار بالكاف في قوله كالنكاح إلى بقية أفراد
هذا النوع ولذا قال في الهداية من أخواته
العتق على مال والكتابة والصلح على إنكار
والهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن
والإقراض لأن الحكم فيها يثبت بالقبض وإنه
يلاقي محلا مملوكا للغير فلا يجعل أصيلا وكذا
إذا كان الوكيل من جانب الملتمس وكذا الشركة
والمضاربة إلا أن التوكيل
ج / 7 ص -218-
وللمشتري منع الموكل عن الثمن, وإن دفع إليه
صح ولا يطالبه الوكيل ثانيا
______________
بالاستقراض باطل حتى لا يثبت الملك للموكل
بخلاف الرسالة فيه ا هـ.
ومن هذا النوع الوكيل بالقبض وقدمنا أحكامه
وفي المجتبى وكله أن يرتهن عبد فلان بدينه أو
يستعيره له أو يستقرض له ألفا فإنه يضيف العقد
إلى موكله دون نفسه فيقول: إن زيدا يستقرض منك
كذا أو يسترهن عبدك أو يستعير منك ولو قال: هب
لي أو أعرني أو أقرضني أو تصدق علي فهو للوكيل
ا هـ.
"قوله وللمشتري منع الموكل عن الثمن" لكونه
أجنبيا عن الحقوق لرجوعها إلى الوكيل أصالة
وقدمنا أحكام قبض الثمن وأنه لا فرق بين حضرة
الوكيل وغيبته وإن وصي الوكيل ترجع الحقوق
إليه بعد موته لا إلى الموكل وأشار المؤلف إلى
أن الموكل لو كان دفع الثمن إلى الوكيل
فاستهلكه وهو معسر كان للبائع حبس المبيع ولا
مطالبة له على الموكل فإن لم ينقد الموكل
الثمن إلى البائع باع القاضي الجارية بالثمن
إذا رضيا وإلا فلا كذا في بيوع خزانة المفتين.
"قوله وإن دفع إليه صح ولا يطالبه الوكيل
ثانيا" لأن نفس الثمن المقبوض حق الموكل وقد
وصل إليه ولا فائدة في الأخذ منه ثم في الدفع
إليه ولهذا لو كان للمشتري على الموكل دين تقع
المقاصة ولو كان له عليهما دين تقع المقاصة
بدين الموكل دون دين الوكيل وبدين الوكيل إذا
كان وحده عند أبي حنيفة ومحمد لكونه يملك
الإبراء عنه عندهما ولكنه بضمنه للموكل في
الفصلين كذا في الهداية ولو أبرأه عن الثمن
معا برئ المشتري بإبراء الموكل دون وكيله فلا
رجوع على الوكيل. كذا في النهاية ويستفاد من
وقوع المقاصة بدين الوكيل أن الوكيل لو باع من
دائنه بدينه صح وبرئ وضمن الوكيل لموكله وهي
في الذخيرة.
أطلقه فشمل ما إذا نهاه الوكيل عن الدفع إلى
موكله ومع ذلك دفع له فإنه يبرأ استحسانا كما
في البزازية وأشار المؤلف إلى أن المسلم إليه
لو دفع المسلم فيه إلى الموكل فإنه يبرأ ولو
امتنع من دفع إليه له ذلك كما في البزازية
وإلى أن المأذون كالوكيل كما في البزازية وذكر
أبو بكر لا يملك المولى قبض ديون عبده المأذون
إذا غاب لأنه فوق الوكيل لأنه يتصرف لنفسه
والوكيل لغيره وفي الوكيل إذا غاب لا يملك
فالمأذون أولى ومع ذلك لو قبضه المولى يبرأ
المديون استحسانا إن لم يكن على العبد دين وإن
كان عليه دين لا يبرأ لأن الحق للغرماء
والمولى كالأجنبي ا هـ. والله تعالى أعلم.
ج / 7 ص -219-
باب الوكالة بالبيع والشراء
أمره بشراء ثوب هروي أو فرس أو بغل صح سمى
ثمنا أو لا. وبشراء دار أو عبد جاز إن سمى
ثمنا وإلا فلا
___________
باب الوكالة بالبيع والشراء
أفردهما بباب على حدة لكثرة الاحتياج إليهما
وقدم الشراء على البيع لأن الشراء ينبئ عن
الإثبات والبيع عن الإزالة بعد الإثبات أو
الشراء يتحقق بالموجود والمعدوم والبيع لا
يتحقق إلا في الموجود كذا في المعراج.
"قوله أمره بشراء ثوب هروي أو فرس أو بغل صح
سمى ثمنا أو لا" لأنه لم يبق إلا جهالة الصفة
وهي محتملة فيها استحسانا لأن مبناها على
التوسعة لكونها استعانة وفي اشتراط بيان الوصف
بعض الحرج وهو مدفوع قيد بالفرس والبغل
للاختلاف في الشاة فمنهم من جعلها من هذا
القبيل وفي التجريد1 جعلها من المتوسط وجزم به
في الجوهرة فقال: الوكالة باطلة وما اشتراه
الوكيل فهو لنفسه وأما الحمار ففي البزازية
وفي الحمار تصير الصفة معلومة بحال الموكل
وكذا البقر ولو كان الموكل فاليزيا فاشترى
حمارا مصريا أو كان واحدا من العوام فاشترى له
فرسا يليق بالمملوك يلزم المأمور ا هـ.
"قوله وبشراء دار أو عبد جاز إن سمى ثمنا وإلا
فلا" لأنه بتقدير الثمن يصير النوع معلوما
أطلقه فشمل ما إذا كان ذلك الثمن يخصص نوعا أو
لا وبه اندفع ما في الجوهرة حيث قال وهذا إذا
لم يوجد بهذا الثمن من كل نوع أما إذا وجد لا
يجوز عند بعض المشايخ ا هـ. وقد جعل المؤلف
الدار كالعبد موافقا لقاضي خان لكنه شرط مع
بيان الثمن بيان المحلة كما في فتاواه مخالفا
للهداية لأنه جعلها كالثوب قال: وكذا الدار
تشمل ما هو في بعض الأجناس لأنها تختلف
اختلافا فاحشا باختلاف الأغراض والجيران
والمرافق والمحال والبلدان فتعذر الامتثال ا
هـ.
وذكر في المعراج أن ما في الهداية مخالف
لرواية المبسوط قال: والمتأخرون من مشايخنا
قالوا في ديارنا لا يجوز إلا ببيان المحال ا
هـ. وبه يحصل التوفيق فيحمل ما في الهداية على
ما إذا كانت تختلف في تلك الديار اختلافا
فاحشا وكلام غيره على ما إذا كانت لا تتفاحش
ولو قال المؤلف إن بين نوعا أو سمى ثمنا كان
أولى لأنها صحيحة ببيان النوع كعبد رومي حبشي
وإن لم يسم الثمن والحنطة من هذا القبيل وبيان
المقدار كبيان الثمن كما في البزازية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المراد به تجريد القدوري وتقدم ذكره.
ج / 7 ص -220-
وبشراء ثوب أو دابة لا وإن سمى ثمنا
___________
وفي الخانية اشتر لي حنطة - لا يصح ما لم يبين
القدر فيقول كذا قفيزا والطيلسان من هذا
القبيل أيضا لما في البزازية اشتر لي طيلسانا
بمائة صحت وأما الدار فعلى ما في الهداية لم
يصح التوكيل بشراء دار بألف وصح عند غيره
ويتعين البلد الذي هو فيه كما هو مروي عن
الثاني وجزم به في الخانية.
وفي الولوالجية رجل وكل رجلا ليشتري له لؤلؤة
لم يجز ما لم يسم الثمن لأن التفاوت بين
اللؤلؤتين أكثر من التفاوت بين النوعين
المختلفين ولو قال: دارا بالكوفة بألف صحت
اتفاقا ولو قال: دارا بالكوفة في موضع كذا
وسمى موضعا متقاربا بعضه ببعض جازت ذكر الثمن
أو لا كما في البزازية وفيها وكله بشراء دار
ببلخ فاشترى خارجها أن الموكل من أهل البلد لا
يجوز وإن من الرستاق جاز ا هـ. واللحم من هذا
القبيل أيضا فلو وكله بشراء لحم بدرهم فاشترى
لحم ضأن أو بقر أو إبل لزم الآمر وقيل: إن كان
الآمر غريبا ينصرف التوكيل إلى المطبوخ
والمشوي لا القديد أو لحم الطيور والوحوش
والشاة حية أو مذبوحة غير مسلوخة وإن اشترى
شاة مسلوخة لزم الآمر إلا أن يكون الثمن قليلا
كذا في الخانية.
"قوله وبشراء ثوب أو دابة لا وإن سمى ثمنا" أي
لا يصح التوكيل للجهالة الفاحشة فإن الدابة
لغة اسم لما يدب على وجه الأرض وعرفا للخيل
والبغل والحمار فقد جمع أجناسا وكذا الثوب
لأنه يتناول الملبوس من الأطلس1 إلى الكساء
ولهذا لا يصح تسميته مهرا وإذا اشترى الوكيل
وقع الشراء له كذا في النهاية.
قيد بالمنكر لأنه لو كان معينا لا يحتاج إلى
تسمية الجنس والصفة كذا في المعراج وأشار بثوب
إلى أن ثيابا كذلك لوجود جهالة الجنس وفي
الكافي وفرقوا بين ثياب وأثواب فقالوا: الأول
للجنس والثاني لا وكأن الفرق مبني على عرفهم ا
هـ. ويمكن أن يقال: إنه مبني على أن أثوابا
جمع قلة لأن أفعالا من جموع القلة وهو لما دون
العشرة فلم يدل على العموم بخلاف ثياب فإنه
جمع كثرة لا ينحصر في عدد فتفاحشت الجهالة وفي
البزازية دفع له دراهم وقال: اشتر بها شيئا لا
يصح ولو قال على ما تحب وترضى جاز بخلاف
البضاعة والمضاربة ولو وكله بشراء أي ثوب شاء
صح وفي البضاعة لو أمره بشراء ثوب أو ثوبين أو
ثياب أو الثياب صح وبشراء أثواب لا يصح دفع
إليه ألفا وقال: اشتر لي به الدواب أو لم
يدفعه صح ولو قال: خذ هذا الألف واشتر بها
الأشياء جاز وإن لم يسم بضاعة أو مضاربة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الأطلس: وهو الثوب الخلق ا هـ "القاموس"
/طلس.
ج / 7 ص -221-
وبشراء طعام يقع على البر ودقيقه, وللوكيل
الرد بالعيب ما دام المبيع في يده
_____________
لأنه أدخل اللام ولم يرد المعهود لعدمه ولا كل
الجنس لاستحالته علم أنه أراد به ما ليس من
ذلك الجنس حتى لو لم يدخل اللام لم يصح كقوله
ثوبا أو دابة بل أولى لأن الشيء أعم فكانت
الجهالة أفحش ولم يوجد منه ما يدل على تفويض
الأمر إليه بخلاف ما تقدم ولو قال: اشتر لي
الأثواب لم يذكره محمد وقيل: لا ولو أثوابا لا
يجوز ولو ثيابا أو الدواب أو الثياب أو دواب
يجوز وإن لم يقدر الثمن ا هـ.
"قوله وبشراء طعام يقع على البر ودقيقه" أي لو
وكله والقياس أن يقع على كل مطعوم اعتبارا
للحقيقة كما في اليمين على الأكل إذ الطعام
اسم لما يطعم وجه الاستحسان أن العرف أملك وهو
على ما ذكرناه إذ ذكر مقرونا بالبيع والشراء
ولا عرف في الأكل فبقي على الوضع أطلقه فشمل
ما إذا كثرت الدراهم أو قلت وقيل: ينظر إليها
فإن كانت كثيرة فعلى البر وإن كانت قليلة فعلى
الخبز وإن كانت بين الأمرين فعلى الدقيق
والفارق العرف ويعرف بالاجتهاد حتى إذا عرف
أنه بالكثير من الدراهم يريد به الخبز بأن كان
عنده وليمة يتخذها هو جاز له أن يشتري الخبز
له وقال بعض مشايخ ما وراء النهر: الطعام في
عرفنا ينصرف إلى ما يمكن أكله يعني المعتاد
للأكل كاللحم المطبوخ والمشوي أي ما يمكن أكله
من غير إدام دون الحنطة والدقيق والخبز قال في
الذخيرة: وعليه الفتوى كذا في النهاية ولم
يقيد المؤلف رحمه الله تعالى صحة التوكيل بدفع
الدراهم ولا بد منه أو بيان مقدار الطعام فلو
قال له: اشتر لي طعاما لم يجز على الآمر كما
ذكره الشارح.
والحاصل أن ما ذكره المؤلف من انصراف الطعام
إلى البر ودقيقه إنما هو عرف الكوفة وفي عرفنا
ما ذكرناه من المفتى به هكذا في البزازية ولكن
عرف القاهرة على خلافهما فإن الطعام عندهم
للطبخ بالمرق واللحم وقيد بالبر لأنه لو اشترى
شعيرا لم يلزم الآمر استحسانا كما في البزازية
قيد بالوكالة لأن الطعام فيما لو أوصى له
بالطعام يدخل فيه كل مطعوم كذا في البزازية من
الوكالة ومن أيمانها لا يأكل طعاما فأكل دواء
ليس بطعام كالسقمونيا لا يحنث ولو به حلاوة
كالسكنجبين يحنث ا هـ.
"قوله وللوكيل الرد بالعيب ما دام المبيع في
يده" لأنه من حقوق العقد وهي كلها إليه
ولوارثه أو وصيه ذلك بعد موته فإن لم يكونا
فللموكل وكذا الوكيل بالبيع كذا في الخلاصة
وقدمناه أطلقه فشمل ما إذا كان رده بإذن
الموكل أو بغير إذنه وأشار بكون الرد له إلى
أنه لو رضي بالعيب فإنه يلزمه ثم الموكل إن
شاء قبله وإن شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم
ج / 7 ص -222-
ولو سلمه إلى الآمر لا يرده إلا بأمره, وحبس
المبيع بثمن دفعه من ماله
_____________
الوكيل إذا هلك يهلك من الموكل كذا في
البزازية وإلى أن الرد عليه لو كان وكيلا
بالبيع فوجد المشتري بالمبيع عيبا ما دام
الوكيل حيا عاقلا من أهل لزوم العهدة فإن كان
محجورا يرد على الموكل.
وفي شرح الطحاوي وجد المشتري فيما اشتراه عيبا
رجع بالثمن على الوكيل إن كان نقده الثمن وإن
كان نقده من الموكل أخذه من الموكل ولم يذكر
ما إذا أنقد الثمن إلى الوكيل ثم أعطاه هو إلى
الموكل ثم وجد المشتري عيبا يرده على الوكيل
أم الموكل. أفتى القاضي أنه يرده على الوكيل
كذا في البزازية وإلى أن الموكل أجنبي في
الخصومة بالعيب فلو أقر الموكل بالعيب وأنكره
الوكيل فإنه لا يلزم الوكيل ولا الموكل شيء
لأن الخصومة فيه من حقوق العقد والموجب أجنبي
فيه وإلى أن إقرار الوكيل يوجب رده عليه ولو
أنكره الموكل لكن إقراره صحيح في حق نفسه لا
في حق الموكل لانتهاء وكالته بالتسليم فلا
يكون قوله ملزما على الموكل إلا أن يكون عيبا
لا يحدث مثله في تلك المدة للقطع بقيام العيب
عند الموكل وإن أمكن حدوث مثله في المدة لا
يرده على الموكل إلا ببرهان على كونه عند
موكله وإلا يحلفه فإن نكل رده وإلا لزم الوكيل
كذا في البزازية أيضا.
"قوله ولو سلمه إلى الآمر لا يرده إلا بأمره"
لأنه انتهى حكم الوكالة ولأن فيه إبطال يده
الحقيقة فلا يتمكن منه إلا بإذنه ولهذا كان
خصما لمن يدعي في المشترى دعوى كالشفيع وغيره
قبل التسليم إلى الموكل لا بعده وفي جامع
الفصولين الوكيل إذا قبض الثمن لا يملك
الإقالة إجماعا ا هـ. وقيد بالعيب لأنه لو
وكله ببيع متاعه فباعه بيعا فاسدا وسلمه وقبض
الثمن وسلمه إلى الموكل فله أن يفسخ البيع
ويسترد الثمن من الموكل بغير رضاه لحق الشرع
كذا في القنية.
"قوله وحبس المبيع بثمن دفعه من ماله" لأنه
انعقدت بينهما مبادلة حكمية ولهذا لو اختلفا
في الثمن يتحالفان في الثمن ويرد الموكل
بالعيب على الوكيل وقد سلمه المشتري للموكل من
جهة الوكيل فيرجع عليه ولأن الحقوق لما كانت
راجعة إليه وقد علمه الموكل فيكون راضيا بدفعه
من ماله وقال زفر: لا يحبسه لأن الموكل صار
قابضا بيده فكأنه سلمه إليه قلنا: هذا لا يمكن
التحرز عنه فلا يكون راضيا بسقوط حقه في الحبس
على أن قبضه موقوف فيقع للموكل إن لم يحبسه
ولنفسه عند حبسه قيد بكونه دفع الثمن لأنه لو
لم يكن دفعه فله الحبس بالأولى لأنه مع الدفع
ربما يتوهم أنه متبرع بدفع الثمن فلا يحبسه
فأفاد بالحبس أنه ليس بمتبرع وأن له الرجوع
على موكله بما دفعه وإن لم يأمره به صريحا
للإذن حكما كما
ج / 7 ص -223-
فلو هلك في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل
ولم يسقط الثمن
____________
قدمناه وهذا إذا كان الثمن حالا فإن اشتراه
الوكيل بثمن مؤجل تأجل في حق الموكل أيضا فليس
للوكيل طلبه حالا بخلاف ما إذا اشتراه بنقد ثم
أجله البائع كان للوكيل أن يطالبه به حالا وهي
الحيلة كما في الخلاصة.
وفي الواقعات الحسامية ولو أمر رجلا أن يشتري
له جارية بألف فاشتراها ثم إن البائع وهب
الألف من الوكيل فللوكيل أن يرجع على الآمر
ولو وهب منه خمسمائة لم يكن له أن يرجع على
الآمر إلا بخمسمائة ولو وهب منه خمسمائة ثم
وهب منه أيضا الخمسمائة الباقية لم يرجع
الوكيل على الآمر إلا بالخمسمائة الأخرى لأن
الأول حط والثاني هبة ولو وهب منه تسعمائة ثم
وهب منه المائة الباقية لا يرجع على الآمر إلا
بالمائة الأخرى وهذا كله قياس قول أبي حنيفة
وأبي يوسف والحسن ا هـ. وفي وصايا الخانية
الوصي إذا أنفذ الوصية من مال نفسه له أن يرجع
في تركة الميت على كل حال أي سواء كان وارثا
أو كانت الوصية للعبد أو لم يكن وعليه الفتوى
ا هـ.
وفي الخلاصة الوكيل بالشراء إذا اشترى ما أمر
به ثم أنفق الدراهم بعد ما سلم إلى الآمر ثم
نقد البائع غيرها جاز ولو اشترى بدنانير غيرها
ثم نقد دنانير الموكل فالشراء للوكيل وضمن
للموكل دنانيره للتعدي وفي الخانية الوكيل
بالشراء إذا لم يكن أخذ الثمن من الموكل يطالب
بتسليم الثمن من مال نفسه والوكيل بالبيع لا
يطالب بأداء الثمن من مال نفسه ا هـ. وفي
كفالة الخانية لو ادعى الوكيل بالشراء دفع
الثمن من ماله وصدقه الموكل وكذبه البائع لم
يرجع الوكيل على الموكل ا هـ.
وفي جامع الفصولين من السابع والعشرين الوكيل
لو لم يقبض ثمنه حتى لقي الآمر فقال: بعت ثوبك
من فلان فأنا أقضيك عنه ثمنه فهو متطوع ولا
يرجع على المشتري ولو قال: أنا أقضيكه عنه على
أن يكون المال الذي على المشتري لي لم يجز
ورجع الوكيل على موكله بما دفع بياع عنده
بضائع لناس أمروه ببيعها فباعها بثمن مسمى
فعجل الثمن من ماله إلى أصحابها على أن
أثمانها له إذا قبضها فأفلس المشتري فللبائع
أن يسترد ما دفع إلى أصحاب البضائع ا هـ.
"قوله فلو هلك في يده قبل حبسه هلك من مال
الموكل ولم يسقط الثمن" لأن يده كيد الموكل
فإذا لم يحبس يصير الموكل قابضا بيده ولم يذكر
المؤلف هنا حكم ما إذا وكله بشراء شيء ودفع
الثمن إليه فهلك في يده قال في البزازية وفي
جامع الفصولين: دفع إليه ألفا ليشتري به
فاشترى وقبل أن ينقده للبائع هلك فمن مال
الآمر وإن اشترى ثم نقده الموكل
ج / 7 ص -224-
وإن هلك بعد حبسه فهو كالمبيع.
_______________
به فهلك الثمن قبل دفعه إلى البائع عند الموكل
يهلك من مال الوكيل وفي الجامع الصغير وكله به
دفع ألفا فاشترى ولم ينقد رجع به مرة فإن دفع
وهلك ثانيا لا يرجع أخرى والمضارب مرارا والكل
رأس المال ا هـ. وسيزداد وضوحا إن شاء الله
تعالى في المضاربة وفي الخانية رجل دفع إلى
رجل ألف درهم وأمره أن يشتري له بها عبدا فوضع
الوكيل الدراهم في منزله وخرج إلى السوق
واشترى له عبدا بألف درهم وجاء بالعبد إلى
منزله وأراد أن يدفع الدراهم إلى البائع فإذا
الدراهم قد سرقت وهلك العبد في منزله فجاء
البائع وطلب منه الثمن وجاء الموكل يطلب منه
العبد كيف يفعل؟ قالوا: يأخذ الوكيل من الموكل
ألف درهم ويدفعها إلى البائع والعبد والدراهم
هلكا على الأمانة في يده قال الفقيه أبو
الليث: هذا إذا علم بشهادة الشهود أنه اشترى
العبد وهلك في يده أما إذا لم يعلم ذلك إلا
بقوله فإنه يصدق في نفي الضمان عن نفسه ا هـ.
وفي بيوع البزازية الوكيل بالشراء إذا أخذ
المشترى على وجه السوم مع قرار الثمن فأراه
الموكل ولم يرض به فهلك في يد الوكيل ضمن
الوكيل قيمة السلعة للبائع ثم يرجع على الموكل
إن كان أمره بالأخذ على وجه السوم وإلا فلا ا
هـ.
"قوله وإن هلك بعد حبسه فهو كالمبيع" أي عند
أبي حنيفة ومحمد قيد بالهلاك لأنه لو ذهب عينه
عنده بعد حبسه لم يسقط شيء من الثمن لأنه وصف
والأوصاف لا يقابلها شيء لكن يخير الموكل إن
شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك كذا في
زيادات قاضي خان ويكون مضمونا ضمان الرهن عند
أبي يوسف وضمان الغصب عند زفر لأنه منع بغير
حق ولهما أنه بمنزلة البائع منه فكان حبسه
لاستيفاء الثمن فيسقط بهلاكه ولأبي يوسف أنه
مضمون بالحبس للاستيفاء بعد أن لم يكن وهو
الرهن بعينه بخلاف المبيع لأن البيع ينفسخ
بهلاكه وهاهنا لا ينفسخ أصل العقد قلنا: ينفسخ
في حق الموكل والوكيل كما إذا رده الموكل بعيب
ورضي الوكيل به. أشار المؤلف إلى أن الوكيل له
حبس المبيع لاستيفاء الثمن سواء أداه إلى
البائع أو لا وقيد بالوكيل بالشراء لأن الوكيل
باستئجار الدار إذا استأجر للموكل دارا سنة
بمائة درهم وشرط التعجيل أو لم يشترط وقبض
الوكيل الدار لا يكون له أن يحبسها من الموكل
بالأجر فإن حبسها حتى مضت المدة ذكر في بعض
الروايات أن الأجر على الوكيل ثم الوكيل يرجع
على الموكل ولا يسقط الأجر عن الموكل بحبس
الوكيل بخلاف ما إذا غصبها غاصب فإن ثمة لا
يجب الأجر على الموكل ولا على الوكيل وفي
بعضها يسقط الأجر عن الموكل بحبس الوكيل كذا
في الخانية إلى هنا.
ج / 7 ص -225-
وتعتبر مفارقة الوكيل في الصرف والسلم, ولو
وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم فاشترى عشرين
رطلا بدرهم مما يباع منه عشرة بدرهم لزم
الموكل منه عشرة بنصف درهم
__________
والحاصل في مسألة الاختلاف أن عندهما يسقط
الثمن بهلاكه وعند أبي يوسف يهلك بالأقل من
قيمته ومن الثمن حتى لو كان الثمن أكثر من
قيمته رجع الوكيل بذلك الفضل على موكله وعند
زفر يضمن جميع قيمته وفي بيوع البزازية وإن
نقد الوكيل بالشراء الثمن من ماله ثم لقيه
الموكل في بلد آخر والمشتري ليس عنده وطلب منه
الثمن فأبى إلا أن يسلم المشتري فإن كان الآمر
طالبه بتسليمه حين كان المشتري بحضرتهما ولم
يسلمه حتى يقبض الثمن له أن يدفع الثمن حتى
يقبض المشتري لأنه امتنع عن تسليم المشتري حال
حضرته فلأن يمنع حال غيبته وإن كان الآمر لم
يطلبه منه حال حضرة المشتري ليس له أن يمتنع
عن دفع الثمن لأنه صار دينا في ذمة الآمر ا
هـ.
"قوله وتعتبر مفارقة الوكيل في الصرف والسلم"
فيبطل العقد إن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض
لوجود الافتراق عن غير قبض ولا اعتبار بمفارقة
الموكل لأنه ليس بعاقد والمستحق بالعقد قبض
العاقد وهو الوكيل فيصح قبضه وإن كان لا يتعلق
به الحقوق كالصبي والعبد المحجور عليه ولذا
أطلقه المؤلف رحمه الله وشمل ما إذا كان
الموكل حاضرا أو غائبا وما في النهاية من
تقييده بما إذا كان الموكل غائبا أما إذا كان
حاضرا لم تعتبر مفارقة الوكيل ضعيف لكون
الوكيل أصلا في الحقوق في البيع مطلقا وقيد
بالوكيل لأن الرسول فيهما لا تعتبر مفارقته
لأن الرسالة في العقد لا في القبض وينتقل
كلامه إلى المرسل فصار قبض الرسول قبض غير
العاقد فلم يصح واستفيد من وضع المسألة صحة
التوكيل بهما لأن كلا منهما مما يباشره الموكل
فيوكل فيه وهو في الصرف مطلق من الجانبين وأما
في السلم فيجوز من جانب رب السلم بدفع رأس
المال أو بقبول السلم كما في الجوهرة ولا يجوز
من جانب المسلم إليه بأخذ رأس المال لأن
الوكيل إذا قبض رأس المال بقي المسلم فيه في
ذمته وهو مبيع ورأس المال ثمنه ولا يجوز أن
يبيع الإنسان ماله بشرط أن يكون ثمنه لغيره
كما في بيع العين وإذا بطل التوكيل كان الوكيل
عاقدا لنفسه فيجب المسلم فيه في ذمته ورأس
المال مملوك له وإذا سلمه إلى الآمر على وجه
التمليك منه كان قرضا فلو قال المؤلف رحمه
الله تعالى وإسلام كما في المجمع بدل السلم
لكان أولى لأن الإسلام خاص من رب السلم يقال:
أسلم في كذا أي اشترى شيئا بالسلم نعم يجوز
توكيل المسلم إليه بدفع المسلم فيه.
"قوله ولو وكله بشراء عشرة أرطال لحم بدرهم
فاشترى عشرين رطلا بدرهم مما يباع منه عشرة
بدرهم لزم الموكل منه عشرة بنصف درهم" وهذا
عند أبي حنيفة وقال: لا يلزمه العشرون
ج / 7 ص -226-
ولو وكله بشراء بعينه لا يشتريه لنفسه
____________
لأنه أمره بصرف الدرهم في اللحم وظن أن سعره
عشرة أرطال فإذا اشترى به عشرين فقد زاده خيرا
وصار كما إذا وكله ببيع عبده بألف فباعه
بألفين ولأبي حنيفة أنه أمره بشراء عشرة ولم
يأمره بشراء الزيادة فنفذ شراؤها عليه وشراء
العشرة على الموكل بخلاف ما استشهدا به لأن
الزيادة هناك بدل ملك الموكل فتكون له قيد
بالزيادة الكثيرة لأن القليلة كعشرة أرطال
ونصف رطل لازمة للآمر لأنها تدخل بين الوزنين
فلا يتحقق حصول الزيادة كذا في غاية البيان
وقيد بقوله مما يباع إلى آخره لأنه لو اشترى
ما يساوي عشرين منه بدرهم صار مشتريا لنفسه
إجماعا لأنه خلاف إلى شر لأن الأمر تناول
السمين وهذا مهزول فلم يحصل مقصود الآمر وقيد
بالموزونات لأن في القيميات لا ينفذ شيء على
الموكل إجماعا فلو وكله بشراء ثوب هروي بعشرة
فاشترى له ثوبين هرويين بعشرة مما يساوي كل
واحد منهما عشرة لم يلزم الموكل لأن ثمن كل
واحد منهما مجهول إذ لا يعرف إلا بالحزر بخلاف
اللحم لأنه موزون مقدر فيقسم الثمن على أجزائه
وفي البزازية أمره أن يشتري بعشرة دنانير
فاشتراه بمائتي درهم وقيمة الدراهم مثل
الدنانير لزم الموكل خلافا لزفر ومحمد ولو
بعروض قيمتها مثل الدراهم لا يلزم الآمر
إجماعا وفي الملتقط مسافر نزل خانا وأمر
إنسانا أن يشتري له لحما بدرهم وإنما يباع
هناك المطبوخ والمشوي فأيهما اشترى جاز.
"قوله ولو وكله بشراء بعينه لا يشتريه لنفسه"
أي لا يجوز له ذلك لأنه يؤدي إلى تغرير الآمر
من حيث إنه اعتمد عليه ولأن فيه عزل نفسه ولا
يملكه إلا بمحضر من الموكل كذا في الهداية
والتعليل الأول يفيد عدم الجواز بمعنى عدم
الحل ولذا فسرناه تبعا للمعراج وفسره الشارح
بأنه لا يتصور شراؤه لنفسه وهو مناسب للتعليل
الثاني ولو اشتراه ناويا أو متلفظا وقع للموكل
ولو قال المؤلف ولو وكله بشراء شيء بعينه غير
الموكل لا يشتريه لنفسه عند غيبته حيث لم يكن
مخالفا لكان أولى وإنما قيدنا بغير الموكل
للاحتراز عما إذا وكل العبد من يشتريه له من
مولاه أو رجل وكل العبد بشرائه له من مولاه
فاشترى فإنه لا يكون للآمر ما لم يصرح به
للمولى أنه يشتريه فيهما للآمر مع أنه وكيل
بشراء شيء بعينه لما سيأتي وقيدنا بغيبة
الموكل حتى لو كان الموكل حاضرا أو صرح بأنه
يشتريه لنفسه كان المشترى له لأن له أن يعزل
نفسه بحضرة الموكل وليس له العزل من غير علمه
وقيدنا بعدم المخالفة لما سيأتي في الكتاب.
وأشار المؤلف بقوله لنفسه إلى أنه لا يشتريه
لموكل آخر بالأولى فلو اشتراه للثاني كان
للأول إن لم يقبل وكالة الثاني بحضرة الأول
وإلا فهو للثاني وإن كان الأول وكله بشرائه
بألف والثاني بمائة دينار فاشتراه بمائة دينار
فهو للثاني لأنه يملك شراءه
ج / 7 ص -227-
فلو اشتراه بغير النقود أو بخلاف ما سمي له من
الثمن وقع للوكيل, وإن كان بغير عينه فالشراء
للوكيل إلا أن ينوي للموكل أو يشتريه بماله
_________
لنفسه بمائة فيملك شراءه لغيره أيضا بخلاف
الفصل الأول كذا في البزازية.
وقيد بالشراء لأنه لو وكله في تزويج معينة
فللوكيل التزوج بها للمخالفة حيث أضافه إلى
نفسه فانعزل وقيد بقوله لا يشتريه لأنه لو
اشتراه وكيله وهو غائب كان الملك للوكيل الأول
لانعزاله ضمن المخالفة وإن اشتراه بحضرته نفذ
على الموكل الأول لأنه حضر رأيه وهو المقصود
فلم يكن مخالفا وفي كافي الحاكم وإذا وكل رجل
رجلا بشراء جارية بعينها فقال الوكيل: نعم
فاشتراها لنفسه ووطئها فحبلت منه فإنه يدرأ
عنه الحد وتكون الأمة وولدها للآمر ولا يثبت
النسب ا هـ. وفي القنية أمره بأن يشتري جارية
بعينها بعشرة دراهم فاشتراها فقال الآمر:
اشتريتها بعشرة وقال المأمور: اشتريتها لنفسي
بخمسة عشر فالقول للوكيل والبينة بينته ا هـ.
"قوله فلو اشتراه بغير النقود أو بخلاف ما سمي
له من الثمن وقع للوكيل" لأنه خالف أمره فنفذ
عليه أطلقه فشمل المخالفة في الجنس وفي القدر
كما في البزازية وقيده في الهداية والمجمع
بخلاف الجنس فظاهره أنه إذا سمى له ثمنا فزاد
عليه أو نقص عنه فإنه لا يكون مخالفا وظاهر ما
في الكافي للحاكم أنه يكون مخالفا فيما زاد لا
فيما إذا نقص فإنه قال: وإن قال: اشتر لي ثوبا
هرويا ولم يسم الثمن فهو جائز على الآمر وإن
سمى ثمنا فزاد عليه شيئا لم يلزم الآمر وكذلك
إن نقص من ذلك الثمن إلا أن يكون وصفه له بصفة
وسمى له ثمنا فاشترى بتلك الصفة بأقل من ذلك
الثمن فيجوز على الآمر ا هـ.
وإذا كان معينا فهو كالموصوف فشمل ما إذا كان
خلاف الجنس عرضا أو نقدا خلافا لزفر في الثاني
وما إذا كان ما اشترى به مثل قيمة ما أمر به
أو أقل كما في البزازية وفي كافي الحاكم ولو
أمره أن يشتري له عبدا بألف درهم فاشتراه بألف
ومائة ثم حط البائع المائة عن المشتري كان
العبد للمشتري دون الآمر ا هـ. وفي الواقعات
الحسامية قال الأسير لرجل: اشترني بألف
فاشتراه بمائة دينار أو بعرض جاز وله أن يرجع
على الأسير بألف والوكيل بالشراء بألف درهم
إذا اشترى بمائة دينار أو بعرض لا يلزم الموكل
شيء ا هـ. وفي خزانة المفتين من الصرف الأسير
إذا أمر رجلا أن يفديه بألف ففداه بألفين يرجع
بألفين عليه وليس بمنزلة الوكيل بالشراء.
"قوله وإن كان بغير عينه فالشراء للوكيل إلا
أن ينوي للموكل أو يشتريه بماله" هكذا أطلقه
المؤلف وفصله في الهداية فقال: هذه المسألة
على وجوه إن أضاف العقد إلى دراهم
ج / 7 ص -228-
...........................
____________
الآمر كان للآمر وهو المراد عندي بقوله أو
يشتريه بمال الموكل دون النقد من ماله لأن فيه
تفصيلا وخلافا وهذا بالإجماع وهو مطلق وإن
أضافه إلى دراهم نفسه كان لنفسه حملا لحاله
على ما يحل له شرعا أو يفعله عادة إذ الشراء
لنفسه بإضافة العقد إلى دراهم غيره مستنكر
شرعا وعرفا وإن أضافه إلى دراهم مطلقة فإن
نواها للآمر فهو للآمر وإن نواها لنفسه فلنفسه
لأن له أن يعمل لنفسه ويعمل للآمر في هذا
التوكيل وإن تكاذبا في النية يحكم النقد
بالإجماع لأنه دلالة ظاهرة على ما ذكرنا وإن
توافقا على أنه لم تحضره النية قال محمد: هو
للعاقد لأن الأصل أن كل أحد يعمل لنفسه إلا
إذا ثبت جعله لغيره ولم يثبت وعند أبي يوسف
يحكم النقد لأن ما أوقعه مطلقا يحتمل الوجهين
فيبقى موقوفا فمن أي المالين نقد نفذ فعل ذلك
المحتمل لصاحبه ولأن مع تصادقهما يحتمل النية
للآمر وفيما قلناه حمل حاله على الصلاح كما في
حالة التكاذب والتوكيل بالإسلام في الطعام على
هذه الوجوه ا هـ. وقول الإمام فيما ذكره
العراقيون مع محمد وغيرهم ذكروه مع الثاني.
وبهذا علم أن معنى الشراء للموكل إضافة العقد
إلى ماله لا النقد من ماله وأن محل النية
للموكل ما إذا أضافه إلى دراهم مطلقة وظاهر ما
في الكتاب ترجيح قول محمد من أنه عند عدم
النية يكون للوكيل لأنه جعله للوكيل إلا في
مسألتين وظاهر ما في الهداية أنه لا اعتبار
بنيته لنفسه إذا أضافه إلى مال موكله ولا
بنيته لموكله إذا أضافه إلى مال نفسه وإن نقده
الثمن من مال موكله علامة نيته له وإن لم يضفه
إلى ماله.
وفي كافي الحاكم ولو وكله أن يشتري له أمة
وسمى جنسها ولم يسم الثمن فاشترى أمة وأرسل
بها إليه فوطئها الآمر فعلقت فقال الوكيل: ما
اشتريتها لك فإنه يحلف على ذلك ويأخذها وعقرها
وقيمة ولدها للشبهة التي دخلت وإن كان حين بعث
بها إليه أقر أنه اشتراها له أو قال: هي
الجارية التي أمرتني أن اشتريها لك لم يستطع
الرجوع في شيء من أمرها فإن أقام البينة أنه
حين اشتراها أشهد أنه اشتراها لنفسه لم يقبل
ذلك منه ا هـ. وبه علم أن الإرسال للموكل لا
يكون معينا كونه اشتراها له وأنهما إذا تنازعا
في كون الشراء وقع له يحلف الوكيل ومحله إن لم
ينقد الثمن وإلا فقدمنا أنه يحكم النقد
بالإجماع عند التكاذب وذكر الشارح أنه إذا
أنقد من مال الموكل فيما اشتراه لنفسه يجب
عليه الضمان ا هـ. وهو ظاهر في أن قضاء الدين
بمال الغير صحيح موجب لبراءة الدافع موجب
للضمان وقد ذكر الشارح في بيع الفضولي أن من
قضى دينه بمال الغير صار مستقرضا في ضمن
القضاء فيضمن من مثله إن كان مثليا وقيمته إن
كان قيميا ا هـ. وفي منظومة ابن وهبان.
وكيل قضى بالمال دينا لنفسه
يضمن ما يقضيه عنه ويهدر
ومعنى كونه يهدر أنه
يكون متبرعا وهي حادثة الفتوى وأطلق في قوله
بغير عينه فشمل
ج / 7 ص -229-
وإن قال: اشتريت للآمر وقال الآمر لنفسك
فالقول للآمر وإن كان دفع إليه الثمن فللمأمور
________________
ما إذا لم يعينه وأضافه إلى مالكه لما في
البزازية اشتر لي جارية فلان فسكت وذهب
واشتراها إن قال: اشتريتها لي فله وإن قال
للموكل فله وإن أطلق ولم يضف ثم قال كان لك إن
كانت قائمة ولم يحدث بها عيب صدق وإن هالكة أو
حدث بها عيب لا يصدق ا هـ.
وأشار المؤلف بصحة تعيين الوكيل إلى ما في
البزازية وكله بشراء عبد وبين جنسه وثمنه
والآخر بمثل ذلك فاشترى فردا بذلك الجنس
والثمن وقال: كان لفلان يجوز تعيينه وإن مات
فعلى من سمى وإن اختلف الثمنان وزعم الوكيل
المخالفة في ثمن سماه موكله فمن الوكيل ا هـ.
وأشار بالنية إلى أنه لو صرح بكونه اشتراه
للموكل كان له بالأولى وفي تهذيب القلانسي إلا
أن ينويه للموكل أو يصرح بذكره أو يشتريه
بماله ا هـ. وقدمنا عن الكافي أنه مع التصريح
للموكل لا يمكن أن يجعله لنفسه قال: ولو
اشتراه بغير ماله فهو موقوف على إجازة الموكل
ا هـ. وفي بيوع البزازية وكله بشراء عبد بغير
عينه فاشترى من قطعت يده نفذ على الموكل عند
الإمام لإطلاق اللفظ ولو بعينه فقطعت يده لا
يلزم لأنه يتناول السليم بحكم الإشارة ا هـ.
وفي الواقعات الحسامية أمر غيره بأن يشتري له
عبد فلان بعبد المأمور ففعل جاز والعبد للآمر
وعليه للمأمور قيمة عبد المأمور ا هـ. ومن
بيوع الخانية امرأة أمرت زوجها أن يبيع
جاريتها ويشتري لها أخرى ففعل ثم قال الزوج:
اشتريت الجارية الثانية لنفسي وجعلت ثمن
جاريتك دينا على نفسي قالوا: الجارية الثانية
للمرأة ولا يصدق الزوج أنه اشتراها لنفسه وكذا
لو قال الزوج للمرأة بعد الشراء: هذه الجارية
التي أمرتني بشرائها اشتريتها لنفسي فالجارية
للمرأة ولا يقبل قول الزوج ا هـ. وكأنه أولا
أضاف الشراء لها وإلا فالنقد من مالها لا يعين
كونها لها كما قدمناه.
"قوله وإن قال: اشتريت للآمر وقال الآمر لنفسك
فالقول للآمر وإن كان دفع إليه الثمن
فللمأمور" لأنه في الوجه الأول أخبر عما لا
يملك استئنافه وهو الرجوع بالثمن على الآمر
وهو ينكر والقول للمنكر وفي الوجه الثاني هو
أمين يريد الخروج عن عهدة الأمانة فيقبل قوله
أطلقه فشمل ما إذا كان العبد ميتا أو حيا ولا
خلاف في الأول أنه على التفصيل المذكور وفي
الثاني اختلاف فقال الإمام الأعظم: هو كذلك
على التفصيل وقالا القول للمأمور وإن لم يكن
الثمن منقودا لأنه يملك استئناف الشراء فلا
يتهم في الإخبار عنه وله أنه موضع تهمة بأن
اشتراه
ج / 7 ص -230-
وإن قال: بعني هذا لفلان فباعه ثم أنكر الأمر
أخذه فلان, إلا أن يقول: لم آمره به, إلا أن
يسلمه المشتري إليه
_______________
لنفسه فإذا رأى الصفقة خاسرة ألزمها الآمر
بخلاف ما إذا كان الثمن منقودا لأنه أمين فيه
فيقبل قوله تبعا لذلك ولا ثمن في يده هنا
وذكره هذه عقيب مسألة التوكيل بغير المعين
دليل على أن الاختلاف فيه قيد به لأنه لو وكله
بشراء عبد بعينه ثم اختلفا والعبد حي فالقول
للمأمور سواء كان الثمن منقودا أو غير منقود
إجماعا لأنه أخبر عما يملك استئنافه ولا تهمة
فيه لأن الوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك شراءه
لنفسه بمثل ذلك الثمن في حال غيبته على ما مر
بخلاف غير المعين على قوله وإن كان ميتا فكما
إذا كان غير معين من أنه إذا كان غير منقود
فالقول للآمر وإلا فللمأمور. وحاصله كما قاله
الشارح أن الثمن إن كان منقودا فالقول للمأمور
في جميع الصور وإن كان غير منقود فإن كان ميتا
فالقول للآمر وإلا فللمأمور عندهما وعنده في
غير موضع التهمة وفي موضعها القول للآمر.
وفي البزازية معزيا إلى العيون اشتر لي جارية
فلان فذهب وساوم ثم قال المأمور: اشتريتها
لفلان كان لموكله وإن قال: اشتريتها لنفسي كان
له وإن قال: اشتريتها بلا إضافة ثم قال قبل أن
يحدث به عيب أو يهلك: اشتريتها لفلان فلفلان
وإن بعد هلاكها أو تعيبها لم يقبل بلا تصديق
الموكل ا هـ. ولم يفصل بينهما إذا كان الثمن
منقودا أو غير منقود حال موته أو تعيبه وينبغي
حمل الهلاك أو التعيب على ما إذا كان غير
منقود سواء قلنا: إنه معين للإضافة أو غير
معين بالشخص.
"قوله وإن قال: بعني هذا لفلان فباعه ثم أنكر
الأمر أخذه فلان" أي أنكر المشتري أن يكون
فلان أمره بالشراء لأن قوله السابق إقرار منه
بالوكالة عنه فلا ينفعه الإنكار اللاحق.
"قوله إلا أن يقول: لم آمره به" أي فلان لم
آمر المشتري بشرائه فإنه لا يأخذه فلان لأن
الإقرار ارتد برده ولم يذكر المؤلف أنه ينفذ
الشراء على المشتري لكن قوله بعده.
"قوله إلا أن يسلمه المشتري إليه" يدل على أنه
نفذ الشراء عليه وصار ملكا له ثم تسليمه بعده
لفلان وأخذ فلان له بيع بالتعاطي فتكون العهدة
عليه وفي الهداية ودلت المسألة على أن التسليم
على وجه البيع يكفي للتعاطي وإن لم يوجد نقد
الثمن وهو يتحقق في النفيس والخسيس لاستتمام
التراضي وهو المعتبر في الباب ا هـ. وقلت:
ودلت أيضا على أن بعني لفلان ليس إضافة إلى
فلان إذ لو كان إضافة الشراء له لتوقف لقولهم
إن شراء الفضولي لا يتوقف إلا إذا أضافه إلى
غيره وصورة إضافته إلى غير المشتري أن يقول:
بع عبدك من فلان كما
ج / 7 ص -231-
وإن أمره بشراء عبدين معينين ولم يسم ثمنا
فاشترى له أحدهما صح
____________
في فتح القدير من بحث الفضولي فلم يضفه
المشتري إلى نفسه وإنما أضافه إلى الغير بخلاف
بعني لفلان فإنه أضافه إلى ياء المتكلم وقوله
لفلان يحتمل بشفاعة فلان كما قال محمد لو أن
أجنبيا طلب من الشفيع تسليم هذه الدار فقال
الشفيع سلمتها لك بطلت الشفعة كأنه قال لأجلك
لكن إذا أقر فلان بالأمر جعلنا اللام للتمليك.
وفي فروق الكرابيسي شراء الفضولي على أربعة
أوجه: الأول أن يقول البائع: بعت هذا لفلان
بكذا والفضولي يقول: اشتريت لفلان بكذا أو
قبلت ولم يقل لفلان فهذا يتوقف الثاني أن يقول
البائع: بعت من فلان بكذا والمشتري يقول
اشتريته لأجله أو قبلت يتوقف الثالث بعت هذا
منك بكذا فقال: اشتريت أو قبلت ونوى أن يكون
لفلان فإنه ينفذ عليه الرابع أن يقول: اشتريت
لفلان بكذا والبائع يقول: بعت منك بطل العقد
في أصح الروايتين ا هـ.
قيد بالتسليم لأن فلانا لو قال: أجزت بعد قوله
لم آمره لم يعتبر ذلك بل يكون العبد للمشتري
لأن الإجازة تلحق الموقوف دون الجائز وهذا عقد
جائز نافذ على المشتري كذا في المعراج وفي
كافي الحاكم ولو أن رجلا اشترى عبدا وأشهد أنه
يشتريه لفلان فقال فلان: قد رضيت فأراد
المشتري أن يمنعه كان له ذلك فإن سلمه له وأخذ
الثمن كان هذا بمنزلة بيع مستقبل بينهما ا هـ.
وفي الواقعات الحسامية ولو أن رجلا أمر رجلا
بأن يشتري له عبد فلان بألف فقال صاحب العبد
للوكيل: بعت عبدي هذا من فلان الموكل بألف
فقال الوكيل: قبلت لزم الوكيل لأن الموكل أمره
أن يقبل على نفسه حتى تلزم العهدة الوكيل دون
الآمر وهو قبل على الموكل فصار مخالفا قلت:
يجب أن يعتبر فضوليا لأن هذا قبول لغيره لأن
البائع أوجب البيع للموكل والوكيل قبل ذلك
الإيجاب فصار كما لو قال: قبلت لفلان الموكل
وإذا كان قبولا لغيره تعذر تنفيذه عليه فيتوقف
وقد ذكرت ذلك لأستاذنا فصوبني ا هـ.
"قوله وإن أمره بشراء عبدين معينين ولم يسم
ثمنا فاشترى له أحدهما صح" لأن التوكيل مطلق
وقد لا يتفق الجمع بينهما في البيع أطلقه وهو
مقيد بما إذا اشتراه بقدر قيمته أو بزيادة
يتغابن الناس فيها أما بما لا يتغابن فيها
الناس فلا يجوز إجماعا والعذر له أنه سيقيد
شراء الوكيل به فيما يأتي فلذا تركه هنا ولم
يذكر الشارحون فائدة التقييد بالمعينين
والظاهر أنه اتفاقي فغير المعين كالمعين إذا
نواه للموكل أو اشتراه له.
ج / 7 ص -232-
وبشرائهما بألف وقيمتهما سواء فاشترى أحدهما
بنصفه أو أقل صح وبالأكثر لا إلا أن يشتري
الباقي بما بقي قبل الخصومة, وبشراء هذا بدين
له عليه فاشترى صح ولو غير عين نفذ على
المأمور
_____________
"قوله وبشرائهما بألف وقيمتهما سواء فاشترى
أحدهما بنصفه أو أقل صح وبالأكثر لا إلا أن
يشتري الباقي بما بقي قبل الخصومة" لأنه قابل
الألف بهما وقيمتهما سواء فيقسم بينهما نصفين
دلالة فكان آمرا بشراء كل واحد منهما بخمسمائة
ثم الشراء بهما موافقة وبأقل منهما مخالفة إلى
خير وبالزيادة إلى شر قلت الزيادة أو كثرت
ولذا أطلق في قوله وبالأكثر لا فلا يجوز إلا
أن يشتري الباقي ببقية الألف قبل أن يختصما
استحسانا لأن شراء الأول قائم وقد حصل غرضه
المصرح به وهو تحصيل العبدين وما يثبت
الانقسام إلا دلالة والصريح يفوقها. وقال أبو
يوسف ومحمد: إن اشترى أحدهما بأكثر من نصف
الألف بما يتغابن الناس فيه وقد بقي من الألف
ما يشتري بمثله الباقي جاز لأن التوكيل مطلق
لكنه يتقيد بالمتعارف وهو فيما قلناه ولكن لا
بد أن يبقى من الألف باقية يشتري بمثلها
الباقي ليمكنه تحصيل غرض الآمر قال الفقيه أبو
الليث في شرح الجامع الصغير: احتمل أن المسألة
لا اختلاف فيها لأن أبا حنيفة إنما قال: لم
يجز شراؤه على الآمر إذا زاد زيادة لا يتغابن
الناس في مثلها وهما قالا فيما يتغابن الناس
أنه يلزم الآمر فإذا حمل على هذا الوجه لا
يكون في المسألة اختلاف واحتمل الاختلاف ففي
قوله إذا زاد على خمسمائة قليلا أو كثيرا لا
يجوز على الآمر وفي قولهما يجوز إذا كانت
الزيادة قليلة ا هـ.
"قوله وبشراء هذا بدين له عليه فاشترى صح ولو
غير عين نفذ على المأمور" لأن في تعيين المبيع
تعين البائع ولو عين البائع يجوز على ما نذكر
إن شاء الله تعالى وإن لم يعينهما نفذ الشراء
على المأمور فإن مات في يده قبل أن يقبضه
الآمر مات من مال المشتري وإن قبضه الآمر فهو
له بيعا بالتعاطي وهذا عنده وقالا: هو لازم
للآمر إذا قبضه المأمور وعلى هذا الخلاف إذا
أمره أن يسلم ما عليه أو يصرف ما عليه لهما أن
الدراهم والدنانير لا يتعينان في المعاوضات
دينا كانت أو عينا ألا ترى لو تبايعا بدين ثم
تصادقا أن لا دين لا يبطل العقد فصار الإطلاق
والتقييد فيه سواء فيصح التوكيل ويلزم الآمر
لأن يد الوكيل كيده ولأبي حنيفة أنها تتعين في
الوكالات. ألا ترى أنه لو قيد الوكالة بالعين
منها أو بالدين منها ثم استهلك العين أو أسقط
الدين بطلت الوكالة وإذا تعينت كان هذا تمليك
الدين من غير من عليه الدين من دون أن يوكله
بقبضه وذلك لا يجوز كما إذا اشترى بدين على
غير المشتري أو يكون أمرا بصرف ما لا يملكه
إلا بالقبض قبله ذلك باطل كما إذا قال: أعط
مالي عليك من شئت بخلاف ما إذا عين
ج / 7 ص -233-
وبشراء أمة بألف دفع إليه فاشترى فقال: اشتريت
بخمسمائة وقال المأمور بألف فالقول للمأمور,
وإن لم يدفع فللآمر
____________
البائع فإنه يصير وكيلا عنه في القبض ثم
يتملكه قيد بالتوكيل بالشراء لأنه لو أمره
بالتصديق بما عليه صح لأنه جعل المال لله وهو
معلوم ولو أمر المستأجر بمرمة ما استأجره مما
عليه من الأجرة صح أو بشراء عبد يسوق الدابة
وينفق عليها صح اتفاقا للضرورة لأن المستأجر
لا يجد الآجر في كل وقت فأقيمت العين مقام
المؤجر في القبض.
"تنبيهان" الأول في حكم النقود في الوكالات
الثاني فيما إذا ادعى المستأجر المأذون له
المرمة هل يحتاج إلى بيان أو لا؟ أما الأول
ففي بيوع خزانة المفتين ولو قال لغيره: اشتر
لي بهذا الألف الدراهم جارية فأراه الدراهم
ولم يسلمها إلى الوكيل حتى سرقت ثم اشترى
جارية بألف لزمت الموكل والأصل أن الدراهم
والدنانير لا يتعينان في الوكالة قبل التسليم
بلا خلاف وكذا بعده على الأصح وفائدة النقد
والتسليم على الأصح شيئان: أحدهما توقف بقاء
الوكالة ببقاء الدراهم المنقودة والثاني قطع
الرجوع على الموكل فيما وجب للوكيل على الموكل
بالثمن ولو كان الموكل دفع الدراهم إلى الوكيل
فسرقت من يده لا ضمان عليه فإن اشترى بعد ذلك
نفذ الشراء عليه وإن هلكت بعد الشراء فالشراء
للموكل ويرجع بمثله فإن اختلفا في كون الهلاك
قبله أو بعده فالقول للآمر مع يمينه ا هـ.
الثاني: إذا ادعى المستأجر أنه عمر لا يقبل
منه إلا ببينة وكذا كل مديون أو غاصب ادعى بعد
الإذن الدفع لم يبرأ إلا ببينة بخلاف الأمين
المأذون بالدفع إذا ادعاه فإنه يقبل قوله كما
في فتاوى قارئ الهداية وغيرها وفي وديعة
البزازية ما يخالف مسألة الدين فلينظر ثمة.
"قوله وبشراء أمة بألف دفع إليه فاشترى فقال:
اشتريت بخمسمائة وقال المأمور بألف فالقول
للمأمور" لأنه أمين فيه وقد ادعى الخروج عن
عهدة الأمانة والآمر يدعي عليه ضمان خمسمائة
وهو ينكر أطلقه وهو مقيد بما إذا كانت تساوي
ألفا فإن كانت تساوي خمسمائة فالقول للآمر
لأنه خالف حيث اشترى جارية تساوي خمسمائة
والأمر تناول ما يساوي ألفا فيضمن كذا في
الهداية ولم يذكر ما إذا كانت قيمتها بينهما.
"قوله وإن لم يدفع فللآمر" أي وإن لم يكن دفع
إليه الألف فالقول للآمر أطلقه وهو مقيد بما
إذا كانت قيمتها خمسمائة لكونه مخالفا وأما
إذا كانت قيمتها ألفا فإنهما يتحالفان لأن
الموكل والوكيل نزلا منزلة البائع والمشتري
وقد اختلفا وموجبه التحالف ثم يفسخ العقد الذي
جرى بينهما حكما فتلزم الجارية المأمور.
ج / 7 ص -234-
وبشراء هذا العبد ولم يسم ثمنا فقال المأمور:
اشتريته بألف وصدقه البائع وقال الآمر بنصفه
تحالفا
______________
"قوله وبشراء هذا العبد ولم يسم ثمنا فقال
المأمور: اشتريته بألف وصدقه البائع وقال
الآمر بنصفه تحالفا" للاختلاف في الثمن
وقدمناه وقيل: لا تحالف هنا لأنه ارتفع الخلاف
بتصديق البائع إذ هو حاضر وفي المسألة الأولى
هو غائب فاعتبر الاختلاف وقيل: يتحالفان كما
ذكرنا وقد ذكر معظم يمين التحالف وهو يمين
البائع والبائع بعد استيفاء الثمن أجنبي عنهما
وقبله أجنبي عن الموكل إذا لم يجر بينهما عقد
فلا يصدق عليه فبقي الخلاف وهذا قول الشيخ
الإمام أبي منصور وهو أظهر كذا في الهداية.
والحاصل أن التصحيح قد اختلف فصحح قاضي خان
عدم التحالف تبعا للفقيه أبي جعفر وصحح المصنف
في الكافي التحالف تبعا للهداية بناء على أن
قوله أظهر بمعنى أصح كما في المعراج وأما
الإمام محمد فإنما نص في الجامع الصغير على أن
القول للمأمور مع يمينه فمنهم من نظر إلى
ظاهره فنفى التحالف ومنهم من قال مراده
التحالف بدليل ما ذكره في موضع آخر من جريانه
بأنه عند اختلافهما وإنما نص على يمين الوكيل
هنا لأنه هو المدعى ولا يمين عليه إلا في
التحالف فكان هو المقصود والموكل منكر واليمين
عليه ظاهرا فلم يحتج إلى بيانهما قيد
باتفاقهما على أنه لم يسم له ثمنا لأنهما لو
اختلفا في تسميتة فقال الآمر: أمرتك أن تشتريه
لي بخمسمائة وقال المأمور: أمرتني بالشراء
بألف فالقول قول الآمر مع يمينه لأن ذلك
يستفاد من جهته فكان القول قوله ويلزم العبد
المأمور لمخالفته فإن أقاما البينة فالبينة
بينة الوكيل لأنها أكثر إثباتا وقدمنا بحثا لو
دفع الآخر مالا ليدفعه إلى آخر فدفعه ثم
اختلفا فقال الآمر: إنما أمرتك بدفعه إلى غيره
وقال المأمور أمرتني بالدفع إليه أن القول
للمأمور ولا ضمان عليه لكونه أمينا واستشهدنا
له بفرع المضاربة فربما يشكل عليه ما ذكروه
هنا بجامع أن ذلك يستفاد من جهته وكل من
الوكيلين أمين لكن الوكيل بالشراء منزل منزلة
البائع فغاية الأمر أنه لما لم يثبت الأمر خرج
عن أن يكون بائعا ونفذ الشراء عليه ولم يلحقه
ضمان بخلاف الوكيل بالقبض فإنه يلحقه الضمان
لو لم يقبل قوله مع أنه أمين فافترقا إلا أن
يوجد نقل فيجب اتباعه وقولي هنا أنهما اتفقا
على عدم تسميته الثمن أولى من قول الشارح وهذا
فيما إذا اتفقا على أنه أمره أن يشتريه له
بألف إذ المسألة إنما فرضها المؤلف وغيره فيما
إذا لم يسم ثمنا فهو سهو والله تعالى أعلم.
وفي الخانية رجل وكل رجلا بأن يشتري له أخاه
فاشترى الوكيل فقال الموكل: ليس هذا بأخي كان
القول قوله مع يمينه ويكون الوكيل مشتريا
لنفسه ويعتق العبد على الوكيل لأنه زعم أنه
أخو الموكل وعتق على موكله ا هـ.
ج / 7 ص -235-
وبشراء نفس الأمر من سيده بألف ودفع فقال
لسيده اشتريته لنفسه فباعه على هذا عتق وولاؤه
لسيده وإن قال: اشتريته فالعبد للمشتري والألف
لسيده وعلى المشتري ألف مثله, وإن قال لعبد:
اشتر لي نفسك من مولاك فقال للمولى: بعني نفسي
لفلان ففعل فهو للآمر وإن لم يقل لفلان عتق
___________
"قوله وبشراء نفس الأمر من سيده بألف ودفع
فقال لسيده اشتريته لنفسه فباعه على هذا عتق
وولاؤه لسيده وإن قال: اشتريته فالعبد للمشتري
والألف لسيده وعلى المشتري ألف مثله" لأن بيع
نفس العبد منه إعتاق وشراء العبد نفسه قبول
الإعتاق ببدل والمأمور سفير عنه إذ لا ترجع
عليه الحقوق فصار كأنه اشترى نفسه بنفسه وإذا
كان اعتاقا أعقب الولاء وإن لم يبين للمولى
فهو عبد للمشتري لأن اللفظ حقيقته للمعاوضة
وأمكن بها إذا لم يبين فيحافظ عليه بخلاف شراء
العبد نفسه لأن المجاز فيه متعين وإذا كان
معاوضة يثبت الملك له والألف للمولى لأنه كسب
عبده وعلى المشتري ألف مثله ثمنا للعبد فإنه
في ذمته حيث لم يصح الأداء بخلاف الوكيل بشراء
العبد من غيره حيث لا يشترط بيانه لأن العقدين
هناك على نمط واحد ففي الحالين المطالبة تتوجه
نحو العاقد. وأما هاهنا أحدهما إعتاق معقب
للولاء ولا مطالبة على الوكيل والمولى عساه لا
يرضاه ويرغب في المعاوضة المحضة فلا بد من
البيان وقوله والألف لسيده راجع إلى المسألتين
وكان ينبغي أن يقول بعده: وعلى العبد ألف أخرى
بدل الإعتاق وعلى المشتري في الثانية ألف ثمن
العبد لبطلان الأداء فيهما لاستحقاق المولى ما
أداه بجهة أخرى وهو أنه كسب عبده فكان مملوكا
قبل الشراء وقبل العتق.
وأشار باحتياج الوكيل إلى إضافته إلى العبد
الموكل إلى أنه سفير لا ترجع الحقوق إليه
فالمطالبة بالألف الأخرى على العبد لا على
الوكيل وهو الصحيح وحيث علم أن شراء العبد
نفسه من مولاه إعتاق معنى وإن كان شراء صورة
لن تعتبر فيه أحكام الشراء ولذا صرح في
المعراج بأنه إذا اشترى نفسه إلى العطاء صح ا
هـ. فعلى هذا لا يبطل بالشرط الفاسد ولا يدخله
خيار شرط وفي بيوع الخانية من الاستحقاق عبد
اشترى نفسه من مولاه ومعه رجل آخر بألف درهم
صفقة واحدة ذكر في المنتقى أنه يجوز في حصة
العبد وحصة الشريك باطل ولا يشبه هذا الأب إذا
اشترى ولده مع رجل آخر بألف درهم فإنه يجوز
العقد في الكل ا هـ.
"قوله وإن قال لعبد: اشتر لي نفسك من مولاك
فقال للمولى: بعني نفسي لفلان ففعل فهو للآمر
وإن لم يقل لفلان عتق" بيان لما إذا كان العبد
وكيلا بشراء نفسه بعد بيان ما إذا كان العبد
موكلا وإنما كان هكذا لأن العبد يصلح وكيلا عن
غيره في شراء نفسه لأنه أجنبي عن ماليته
والبيع يرد عليه من حيث إنه مال إلا أن ماليته
في يده حتى لا يملك البائع الحبس بعد البيع
فإذا
ج / 7 ص -236-
_______________
أضافه إلى الآمر صلح فعله امتثالا فيقع العقد
للآمر وإن عقد لنفسه فهو حر لأنه إعتاق وقد
رضي به المولى دون المعاوضة والعبد وإن كان
وكيلا بشراء معين ولكنه أتى بجنس تصرف آخر وفي
مثله ينفذ على الوكيل.
وأشار بقوله وإن لم يقل لفلان عتق إلى أنه لو
قال بعني نفسك لنفسي فإنه يعتق بالأولى وإنما
عتق في المطلق لأنه يحتمل الوجهين فلا يقع
امتثالا بالشك فيبقى التصرف واقعا لنفسه ولما
قدم المؤلف أول البيوع أن البيع لا ينعقد إلا
بلفظين ماضيين علم أن قوله هنا في صورة وقوعه
للآمر بعني ليس إيجابا فإذا قال المولى: بعت
فلا بد من قبول العبد ليحصل الإيجاب والقبول
بخلافه في صورة وقوعه عتقا فإنه إيجاب ويتم
بقول المولى بعت من غير قبول العبد بناء على
أن الواحد يتولى طرفي العقد في العتق كالنكاح
ولا يتولى الطرفين في البيع وفي الكتاب إشارة
إلى أنه يتم بقول المولى بعت لأنه قال ففعل
كذا في المعراج معزيا للفوائد الظهيرية وسكت
المؤلف عن بيان المطالب بالثمن لما قدمه من أن
الحقوق في البيع راجعة إلى الوكيل فيطالب
العبد بالثمن في صورة وقوعه للآمر لكونه وكيلا
كما يطالب بالمال في صورة وقوعه عتقا لكونه
أصيلا ويرجع في الأول على الآمر ولا يقال:
العبد هنا محجور عليه والوكيل إذا كان محجورا
عليه لا ترجع الحقوق إليه لأنا نقول زال الحجر
هنا بالعقد الذي باشره مقترنا بأداء المولى
والله أعلم.
فصل
الوكيل
بالبيع والشراء لا يعقد مع من ترد شهادته له
_______________
"فصل"
"قوله الوكيل بالبيع والشراء لا يعقد مع من
ترد شهادته له" أي عند أبي حنيفة وقالا: يجوز
بيعه منهم بمثل القيمة إلا من عبده ومكاتبه
لأن التوكيل مطلق ولا تهمة إذ الأملاك متباينة
والمنافع منقطعة بخلاف العبد لأنه بيع من نفسه
لأن ما في يد العبد للمولى وكذا للمولى حق في
كسب المكاتب وينقلب حقيقة بالعجز وله أن مواضع
التهمة مستثناة من الوكالات وهذا موضع التهمة
بدليل عدم قبول الشهادة ولأن المنافع بينهم
متصلة فصار بيعا من نفسه من وجه ودخل في البيع
الإجارة والصرف والسلم فهو على هذا الخلاف قيد
بكونه وكيلا بلا تعميم لأنه لو أطلق له بأن
قال: بع ممن شئت فإنه يجوز بيعه لهم بمثل
القيمة وأطلق في منع عقده وهو مقيد بما إذا لم
يكن بأكثر من القيمة فإن كان بأكثر جاز بلا
خلاف وإن كان بأقل بغبن فاحش لا يجوز بالإجماع
وإن كان بغبن يسير لا يجوز عنده خلافا لهما
وإن كان بمثل القيمة فعنه روايتان وأطلق
الوكيل فشمل المضارب إلا أنه إذا كان بمثل
القيمة فإنه يجوز عنده
ج / 7 ص -237-
..........................
______________
باتفاق الروايات وشمل من ترد شهادته مفاوضة
فهو كعبده وشريكه شركة عنان يجوز عقده معه إذا
لم يكن ذلك من تجارتهما كذا في الخانية من
السلم.
وفي الخلاصة لو باع من ابنه الصغير لا يجوز
بالإجماع ا هـ. فعلى هذا كان ينبغي للشارحين
أن يقولوا في تقرير قولهما إلا من عبده
ومكاتبه ومفاوضه وابنه الصغير فالمستثنى من
قولهما أربع وقيد العبد في المبسوط بغير
المديون وفيه إشارة إلى أنه لو كان مديونا
فإنه يجوز كذا في المعراج وقيد بقوله له لأنه
لو عقد مع من ترد شهادته للموكل كأبيه وابنه
ومكاتبه وعبده المديون جاز وكذا الوكيل العبد
إذا باع من مولاه كذا في الخلاصة وأشار المؤلف
بمنع عقد الوكيل إلى منع بيعه مرابحة ما
اشتراه منهم بلا بيان قال في المعراج معزيا
إلى الكافي ولو اشترى من هؤلاء عينا بثمن
معلوم وأراد بيعه مرابحة لم يجز بلا بيان عنده
خلافا لهما بناء على هذا الأصل ا هـ.
وأشار المؤلف إلى منع بيعه من نفسه بالأولى
قال في البزازية: الوكيل بالبيع لا يملك شراءه
لنفسه - لأن الواحد لا يكون مشتريا وبائعا
فيبيعه من غيره ثم يشتريه منه وإن أمره الموكل
أن يبيعه من نفسه أو أولاده الصغار أو ممن لا
تقبل شهادته فباع منهم جاز ا هـ. وفي السراج
الوهاج لو أمره بالبيع من هؤلاء فإنه يجوز
إجماعا إلا أن يبيعه من نفسه أو ولده الصغير
أو عبده ولا دين عليه فلا يجوز قطعا وإن صرح
له الموكل ا هـ.
وقيد بالكيل لأن الوصي لو باع منهم بمثل
القيمة فإنه يجوز وإن حابا فيه لا يجوز وإن قل
والمضارب كالوصي كذا في السراج الوهاج. وفي
جامع الفصولين لو باع القيم مال الوقف أو أجر
ممن لا تقبل شهادته له لم يجز عند أبي حنيفة
وفيه المتولي إذا أجر دار الوقف من ابنه
البالغ أو أبيه لم يجز عند أبي حنيفة إلا
بأكثر من أجر المثل كبيع الوصي ولو أجر من
نفسه يجوز لو خيرا وإلا لا ا هـ. ولو حذف قوله
بالبيع والشراء لكان أولى ليدخل النكاح قال في
البزازية وكله بتزويج فزوج ابنته الصغيرة لا
يجوز ولو كبيرة أو ممن لا تقبل شهادته لها لا
يجوز عنده خلافا لهما ا هـ.
وفي السراج الوهاج ولو اشترى الأب مال ولده
الصغير بمثل القيمة أو بأكثر أو بأقل بمقدار
ما يتغابن فيه صح الشراء وبما لا يتغابن فيه
لا يصح وكذا لو باع ماله من ولده الصغير والجد
أبو الأب كالأب عند عدمه ووصيه وأما حكم الوصي
فهو كالأب والجد إذا عقد مع أجنبي وأما مع
نفسه فقال الإمام: لا يجوز إن كان خيرا وذكر
الطحاوي قول أبي يوسف معه وقال محمد: لا يجوز
بحال ا هـ. وتفسير الخيرية في وصايا الخانية
وقيد بالعقد احترازا عن
ج / 7 ص -238-
ويصح بيعه بما قل وكثر بالنقد أو النسيئة
__________
الوكيل بالقبض قال الحاكم في الكافي: ولو وكله
بقبض دين له على أب الوكيل أو ولده أو مكاتب
لولده أو عبده فقال الوكيل: قد قبضت الدين
وهلك وكذبه الطالب فالقول قول الوكيل فإذا كان
الوكيل عبدا فقال: قد قبضت من مولاي أو من عبد
مولاي فهلك مني فهو مصدق أيضا فإن كان الوكيل
ابن الطالب أو المطلوب فهو كذلك ا هـ.
"قوله ويصح بيعه بما قل وكثر بالنقد أو
النسيئة" يعني عند الإمام وقالا: لا يجوز بيعه
بنقصان لا يتغابن الناس فيه ولا يجوز إلا
بالدراهم والدنانير لأن مطلق الأمر يتقيد
بالمتعارف لأن التصرفات لدفع الحاجات فتتقيد
بمواقعها والمتعارف البيع بمثل الثمن وبالنقود
ولهذا يتقيد التوكيل بشراء الفحم والجمد
والأضحية بزمان الحاجة ففي الفحم بالشتاء وفي
الجمد بالصيف وفي الأضحية بزمانها ولأن البيع
بغبن فاحش بيع من وجه هبة من وجه وكذا
المقايضة بيع من وجه شراء من وجه فلا يتناوله
مطلق اسم البيع وله أن التوكيل بالبيع مطلق
فيجري على إطلاقه في غير موضع التهمة والبيع
بالغبن الفاحش أو بالعين متعارف عند شدة
الحاجة إلى الثمن والتبرم من الغبن أي الملال
والمسائل ممنوعة على قول أبي حنيفة على ما هو
المروي عنه وأنه بيع من كل وجه حتى إن حلف لا
يبيع يحنث به غير أن الأب والوصي لا يملكانه
مع أنه يبيع لأن ولايتهما نظرية ولا نظر فيه
والمقايضة شراء من كل وجه وبيع من كل وجه
لوجود حد كل واحد منهما وفي البزازية ويفتى
بقولهما في مسألة بيع الوكيل بما عز وهان وبأي
ثمن كان ا هـ. ويستثنى من إطلاق المؤلف الصرف
لما في الخلاصة الوكيل ببيع الدينار والدرهم
إذا باع بما لا يتغابن الناس فيه لا يجوز
إجماعا ا هـ.
وأطلق في جواز بيعه نسيئة وهو مقيد عند أبي
يوسف بما إذا كان للتجارة فإن كان للحاجة لا
يجوز كالمرأة إذا دفعت غزلا إلى رجل ليبيعه
لها فهو على البيع بالنقد وبه يفتى ومقيد بما
إذا باع بما يبيع الناس فإن طول المدة لا يجوز
ولو قال بعه بالنقد فباعه بالنقد أو بالنسيئة
يجوز قال الفقيه أبو الليث: والفتوى على قول
أبي يوسف ولو قال: لا تبع إلا بالنقد فباع
بالنسيئة لا يجوز ولو قال: بعه بالنسيئة بألف
فباعه بالنقد قال: بألف يجوز فإن باعه بأقل من
ألف لا يجوز كذا في الخلاصة ثم قال لو قال:
بعه إلى أجل فباعه بالنقد قال الإمام السرخسي
الأصح أنه لا يجوز بالإجماع ا هـ. قلت: ولا
مخالفة بين الفرعين لأن ما تقدم عين له ثمنا
وهذه لم يعينه وفي البناية. يجوز إلى أجل
متعارفا كان أو غير متعارف وفي خزانة المفتين
أمره ببيع عبده فباعه نسيئة جاز على الأصح إذا
باعه بنسيئة يتبايع بها الناس أما إذا طول
المدة لا يجوز ا هـ. وهو تصحيح لقول الإمام في
النسيئة وتقييد له ولا يعارضه فتوى الفقيه
لأنه في
ج / 7 ص -239-
.............................
_________
البيع بما قل وكثر كما لا يخفى وفي البزازية
ومن جوز النسيئة إنما يجوزه بالأجل المتعارف
فإن طول لا يجوز وقيل: يجوز عنده وإن طالت
المدة ا هـ. فإطلاق وإن طالت المدة ضعيف عنده
وفي الخانية من فصل إجارة الوقف المتولي إذا
أجر الوقف بشيء من العروض والحيوان بعينه قيل:
بأنه يجوز بلا خلاف بخلاف بيع الوكيل وكذا
الوكيل بالإجارة إذا أجر بمكيل أو موزون أو
عروض أو حيوان قيل: بأنه يجوز بلا خلاف قال
الفقيه أبو جعفر في زماننا: الإجارة تكون على
الخلاف أيضا لأن المتعارف الإجارة بالدراهم
والدنانير ا هـ.
وفي الخلاصة الوكيل بالطلاق والعتاق على مال
على الخلاف ا هـ. ومحل الاختلاف عند عدم
التعيين من الآمر فإن عين شيئا تعين إلا فيما
قدمناه من تعيين النسيئة مع بيان الثمن فباع
حالا فإنه يجوز وتقدم لو عين له النقد إثباتا
أو نفيا وفي الحاوي القدسي وإن أمره أن يبيعه
بشيء معين فباعه بغيره أو بأقل منه لم يجز في
قولهم وإن باعه بأكثر منه من ذلك الجنس جاز ا
هـ.
وفي كافي الحاكم فإن باعه بيعا فاسدا ودفعه لم
يكن مخالفا ولو قال: بعه نسيئة فباعه إلى
القطاف أو الحصاد أو النيروز فالبيع فاسد إلا
أن يقول المشتري أنا أعجل المال وأدع الأجل
فيجوز ولو وكله ببيع طعام فقال: بعه كل كر
بخمسين فباعه كله فهو جائز وإن قال: بعه بمثل
ما باع به فلان الكر فقال فلان بعت الكر
بأربعين فباع ذلك ثم وجد فلان باع بخمسين
فالبيع مردود فإن كان فلان قد باع كرا بخمسين
وباع هذا طعامه بخمسين خمسين ثم باع فلان بعد
ذلك بستين فذلك جائز ولا ضمان على الوكيل فإن
كان باع كرا بأربعين وكرا بخمسين فباع الوكيل
طعامه كله بأربعين أربعين أجزأه استحسانا ا
هـ.
وفي البزازية وكله أن يبيع عبده بألف وقيمته
كذلك ثم زادت قيمته إلى ألفين لا يملك بيعه
بألف باعه بالخيار ثلاثة أيام فزادت قيمته في
المدة له أن يجيز عنده لأنه يملك الابتداء
فيملك الإمضاء أيضا وإن سكت حتى مضت المدة بطل
البيع عند محمد خلافا للثاني وكله ببيع عبده
بمائة دينار فباعه بألف وقال: بعت عبدك ولم
يذكر ما باع به ولم يعلم به الموكل فقال: أجزت
جاز بألف ا هـ. وفي الحاوي القدسي وإن وكل
رجلا ببيع عبد فباعه فضولي فأجاز الوكيل جاز ا
هـ.
وفي التتمة الوكيل بالقسمة لا يملكها بغبن
فاحش والتوكيل بالتأجيل في الثمن مطلقا صحيح
حتى لو أجله شهرا أو سنة أو سنتين يجوز عند
أبي حنيفة على الإطلاق وعندهما ينصرف إلى
المتعارف ا هـ. وفي منية المفتي قال له: بع
وخذ رهنا فأخذ رهنا قليلا جاز عند
ج / 7 ص -240-
وتقيد شراؤه بمثل القيمة وزيادة يتغابن الناس
فيها وهو ما يدخل تحت تقويم المقومين
_________________
الإمام وعندهما لا إلا فيما يتغابن فيه ا هـ.
"قوله وتقيد شراؤه بمثل القيمة وزيادة يتغابن
الناس فيها وهو ما يدخل تحت تقويم المقومين"
لأن التهمة فيه متحققة فلعله اشتراه لنفسه
فإذا لم يوافقه ألحقه بغيره على ما مر أطلقه
فشمل ما إذا كان وكيلا بشراء شيء بعينه فلا
يملك الشراء بغبن فاحش وإن كان لا يملك الشراء
لنفسه لأنه بالمخالفة يكون مشتريا لنفسه فكانت
التهمة باقية كما ذكره الشارح وفي الهداية
خلافه فإنه قال: حتى لو كان وكيلا بشراء شيء
بعينه قالوا: ينفذ على الآمر لأنه لا يملك
شراءه لنفسه ا هـ. وذكر في البناية أن ما في
الهداية قول عامة المشايخ وبعضهم قال: لا ينفذ
على الآمر ا هـ. وفي المعراج معزيا إلى
الذخيرة أنه لا نص فيه وشمل ما كان سعره
معلوما شائعا وهو ضعيف قالوا: ما كان معروفا
كالخبز واللحم والموز والجبن لا يعفى فيه
الغبن وإن قل ولو كان فلسا واحدا هكذا جزم به
الشارح وفي بيوع التتمة وبه يفتى كذا في
البناية وفي منية المفتي أقسام المتصرفين تصرف
الأب والجد والوصي ومتولي الوقف لا يجوز إلا
بمعروف أو بغبن يسير ومن الحر جائز كيفما كان
كذا المكاتب والعبد المأذون عند الإمام وقالا:
مقيد بمعروف ومن المضارب وشريك العنان.
والمفاوض والوكيل بالبيع المطلق جاز البيع
بغبن فاحش شراؤهم به عليهم والمريض المديون
المستغرق دينه لا يبيع بغبن يسير ويبيع وصيه
به لقضاء دينه وبيع المريض من وارثه لا يصح
أصلا عند الإمام وعندهما يصح بقيمته وأكثر
وبيع المديون من مولاه بغبن يسير لم يصح عند
الإمام وبيع الوصي وشراؤه من اليتيم لا يجوز
إلا إذا كان خيرا لليتيم عند الإمام وعندهما
يجوز أصلا ا هـ.
وحاصل مسائل الغبن أن منها ما يعفى فيه يسير
الغبن دون فاحشه وهو تصرف الأب والجد والوصي
والمتولي والمضارب ووكيل بشراء شيء بغير عينه
وما يعفى فيه يسيره وفاحشه في تصرف الوكيل
بالبيع وبشراء شيء بعينه والمأذون له صبيا أو
عبدا والمكاتب وشريك العنان والمفاوض وما لا
يعفى فيه يسيره وفاحشه في تصرف الوكيل بالبيع
ممن لا تقبل شهادته وفي بيع رب المال مال
المضاربة وفي الغاصب إذا ضمن القيمة مع يمينه
ثم ظهرت العين وقيمتها أكثر وفيما إذا أوصى
بثلث ماله وتصرف في مرض موته بغبن فإنه يكون
من الثلث ولو يسيرا وفي تصرف المريض المستغرق
بالدين وفي بيع المريض من وارثه وتمامه في
جامع الفصولين.
قيد بالشراء لأن الوكيل بالنكاح إذا زوجه
بأكثر من مهر مثلها فإنه يجوز لعدم التهمة
ج / 7 ص -241-
..........................
_______________
وقيد بالقيمة لأن الوكيل بالشراء لا يتقيد
شراؤه بالنقد فله أن يشتري بالنسيئة ويكون
التأجيل حقا للوكيل والموكل بخلاف التأجيل بعد
الشراء بالنقد فإنه للوكيل دون الموكل كما في
البزازية وقدمناه ولا يتقيد الموكل فيه إلا
بما قيد به الموكل فلو وكله بشراء جارية
فاشترى أخته رضاعا إن قال: جارية لأطأها فعلى
المأمور وإن كان أطلق فعلى الآمر وإن المخلوفة
بعتقها إذا ملكها أو أمه أو أخته نفذ على
الموكل وإن قال: لأطأها أو أستخدمها لزم
الوكيل وإن قال: اشتر لي جارية لأطأها فاشترى
أخت أم ولده أو زوجته أو التي في عدة الغير
يجوز. وكذا كل من تحل بحال جاز وقيل: لا يجوز
وهو المأخوذ وكذا لو اشترى صغيرة لا يوطأ
مثلها أو مجوسية أو يهودية أو نصرانية لزم
الآمر والصابئة تلزم عنده خلافا لهما ولو أخت
امرأته أو عمتها نسبا أو رضاعا كان مخالفا
اشترى جارية لها زوج أو في عدة من زوج من بائن
أو رجعي يلزم المأمور وكله بشراء دابة ليركبها
فاشترى مهرا أو عمياء أو مقطوعة اليد لا يلزم
الآمر كذا في البزازية وفيها وكله بشراء سوداء
فاشترى بيضاء لم يجز ولو بعمياء فاشترى بصيرة
جاز وكذا في التوكيل بالنكاح ولو اشترى رتقاء
ولم يعلم بها جاز على الآمر وله حق الرد وإن
علم به فهو مخالف وكذا إذا لم يعلم به واشترط
براءة البائع من كل عيب ولو اشترى جارية عمياء
وقد قال: اشتر جارية أعتقها عن ظهاري لزم
المأمور ولو لم يعلم به لزم الآمر وله الرد
ولو قال: جاريتين لأطأهما فاشترى أختين أو
جارية مع خالتها أو عمتها رضاعا أو نسبا فخالف
عند الثاني خلافا لزفر وإن في صفقتين لا يكون
مخالفا في القولين ولو اشترى أمة وبنتها لا
يكون مخالفا لأن وطأها حلال وإنما يحرم وطء
إحداهما بوطئه الأخرى ذكره في المنتقى ا هـ.
وفيها وكله بشراء رقبة لم تجز العمياء لما علم
أن الرقبة اسم للكاملة ا هـ. فيفرق بين لفظ
رقبة وجارية فيتقيد الأول بما يجوز عتقه عن
الكفارة دون الثاني. وفسر المؤلف ما يتغابن
الناس فيه بما يدخل تحت تقويم المقومين فعلم
منه أن الغبن الفاحش ما لا يدخل تحت تقويم
المقومين وهذا هو الأصح كما في المعراج وفي
السراج الوهاج معزيا إلى الخجندي الذي يتغابن
الناس في مثله نصف العشر أو أقل منه فإن كان
أكثر من نصف العشر فهو مما لا يتغابن الناس
فيه وقال نصير بن يحيى: ما يتغابن الناس فيه
في العروض نصف العشر وفي الحيوان العشر وفي
العقار الخمس وما خرج عنه فهو ما لا يتغابن
الناس فيه ووجهه أن التصرف يكثر وجوده في
العروض ويقل في العقار ويتوسط في الحيوان
وكثرة الغبن لقلة التصرف ا هـ.
والمراد بالتغابن الخداع فقولهم لا يتغابن
الناس فيه معناه لا يخدع بعضهم بعضا لفحشه
وظهوره وقولهم يتغابن الناس فيه أي يخدع بعضهم
بعضا لقلته قال في القاموس غبنه في
ج / 7 ص -242-
ولو وكل ببيع عبد فباع نصفه صح, وفي الشراء
يتوقف ما لم يشتر الباقي, ولو رد المشتري
المبيع على الوكيل بالعيب ببينة أو نكول رده
على الآمر وكذا بإقرار فيما لا يحدث مثله
_______________
البيع يغبنه غبنا ويحرك خدعه والتغابن أن يغبن
بعضهم بعضا ا هـ. وعلى هذا فقولهم غبن فاحش أي
خداع.
"قوله ولو وكل ببيع عبد فباع نصفه صح" أي عند
أبي حنيفة لأن اللفظ مطلق عن قيد الافتراق
والاجتماع ألا ترى أنه لو باع الكل بثمن النصف
يجوز عنده فإذا باع النصف أولى وقالا: لا يجوز
لأنه غير متعارف لما فيه من ضرر الشركة إلا أن
يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما لأن بيع النصف
قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن لا يجد من
يشتريه جملة فيحتاج إلى أن يفرق وإذا باع
الباقي قبل نقض البيع الأول تبين أنه وقع
وسيلة وإذا لم يبع ظهر أنه لم يقع وسيلة فلا
يجوز وهذا استحسان عندهما كذا في الهداية وهو
يفيد ترجيح قولهما ولذا أخره مع دليله كما هو
عادته ولذا استشهد لقول الإمام بما لو باع
الكل بثمن النصف فإنه يجوز وقد علمت أن المفتى
به خلاف قوله وفي الخزانة أمر ببيع عبده بألف
فباع نصفه بألف جاز بيعه بألف وقد أحسن وإن
باع نصفه بألف إلا درهما وكر حنطة بطل ا هـ.
والمراد من العبد ما في تبعيضه ضرر احترازا
عما لا ضرر في تبعيضه كالحنطة والشعير فيجوز
بيع البعض اتفاقا كذا في المعراج وفي البزازية
وكله ببيع عبدين فباع أحدهما جاز إن لم يكن
فيه ضرر وإن أحدهما أجود فعلى الخلاف وكله
ببيعهما بألف فباع أحدهما بأربعمائة إن كان
ذلك حصة من الثمن أو أكثر جاز وإن أقل فلا عند
الإمام وقالا: إن قدر ما يتغابن جاز ا هـ.
"قوله وفي الشراء يتوقف ما لم يشتر الباقي"
يعني لو وكله بشراء عبد فاشترى نصفه فالشراء
موقوف اتفاقا إن اشترى باقيه لزم الموكل لأن
شراء البعض قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن كان
موروثا بين جماعة فيحتاج إلى شرائه شقصا شقصا
فإذا اشترى الباقي قبل رد الآمر البيع تبين
أنه وسيلة فينفذ على الآمر وهذا بالاتفاق
والفرق لأبي حنيفة أن في الشراء تتحقق التهمة
على ما مر وآخران الآمر بالبيع يصادف ملكه
فيصح فيعتبر فيه إطلاقه والآمر بالشراء صادف
ملك الغير فلم يصح فلا يعتبر فيه التقييد
والإطلاق.
"قوله ولو رد المشتري المبيع على الوكيل
بالعيب ببينة أو نكول رده على الآمر وكذا
بإقرار فيما لا يحدث مثله" لأن البينة حجة
مطلقة والوكيل مضطر في النكول لبعد العيب عن
علمه باعتبار عدم ممارسة المبيع فلزم الآمر
وكذا بإقرار فيما لا يحدث لأن القاضي تيقن
ج / 7 ص -243-
.............................
_________
بحدوث العيب في يد البائع فلم يكن قضاؤه
مستندا إلى هذه الحجج وتأويل اشتراطها في
الكتاب أن القاضي يعلم أنه لا يحدث في مدة شهر
مثلا لكنه اشتبه عليه تاريخ البيع فيفتقر إلى
هذه الحجج لظهور هذا التاريخ أو كان عيبا لا
يعرفه إلا النساء والأطباء وقولهن وقول الطبيب
حجة في توجه الخصومة لا في الرد فيفتقر إليها
في الرد حتى لو كان القاضي عاين البيع والعيب
ظاهر لا يحتاج إلى شيء منها قيد بما لا يحدث
لأنه لو رد عليه بإقراره فيما يحدث فإنه يلزم
المأمور لأن الإقرار حجة قاصرة وهو غير مضطر
إليه لإمكانه السكوت والنكول إلا أن له أن
يخاصم الموكل فيلزم ببينة أو بنكوله بخلاف ما
إذا كان الرد بغير قضاء والعيب يحدث مثله حيث
لا يكون له أن يخاصم بائعه لأنه بيع جديد في
حق ثالث والبائع ثالثهما والرد بالقضاء فسخ
لعموم ولاية القاضي غير أن الحجة القاصرة وهو
الإقرار فمن حيث الفسخ كان له أن يخاصم ومن
حيث القصور. لا يلزم الموكل إلا بحجة ولو كان
عيبا لا يحدث مثله والرد بغير قضاء بإقراره
يلزم الموكل من غير خصومة في رواية لأن الرد
متعين وفي عامة الروايات ليس له أن يخاصم لما
ذكرنا والحق في وصف السلامة ثم ينتقل إلى الرد
ثم إلى الرجوع بالنقصان فلم يتعين الرد ولو
قال المؤلف في الجواب فهو رد على الموكل لكان
أولى لأن الوكيل لا يحتاج إلى خصومة مع الموكل
إلا إذا كان عيبا يحدث مثله ورد عليه بإقرار
سواء كان بقضاء أو لا لكن إن كان بقضاء احتاج
إلى خصومة مع الموكل وإلا لا تصح خصومته لكونه
مشتريا وجعل النكول هنا بمنزلة البينة لا
الإقرار ولم يجعل في حق البائع كذلك حتى لو رد
على البائع بنكوله لا يرده على بائعه لاضطرار
الوكيل إلى النكول بخلاف البائع كذا في
النهاية وفيها وقضاء القاضي مع إقرار الوكيل
متصور فيما إذا أقر بالعيب وامتنع عن القبول
فيقضى عليه جبرا على القبول ا هـ.
أطلق في جواز الرد على الوكيل فشمل ما إذا كان
قبل قبض الثمن أو بعده كما في البزازية وأشار
إلى أن الخصومة إنما هي مع الوكيل فلا دعوى
للمشتري على الموكل فلو أقر الموكل بعيب فيه
وأنكره الوكيل لا يلزم الوكيل ولا الموكل شيء
لأن الخصومة فيه من حقوق العقد والموكل أجنبي
فيه ولو أقر الوكيل وأنكر الموكل رده المشتري
على الوكيل وإقراره صحيح في حق نفسه لا الموكل
كذا في البزازية ولم يذكر المؤلف الرجوع
بالثمن وحكمه أنه يرجع به على الوكيل إن كان
نقده الثمن وعلى الموكل إن كان نقده كما في
شرح الطحاوي ولم يذكر ما إذا نقد الثمن إلى
الوكيل ثم أعطاه هو إلى الموكل ثم وجد المشتري
عيبا يرده على الوكيل أم الموكل أفتى القاضي
أنه يرده على الوكيل كذا في البزازية وقيد
بالوكيل بالبيع لأن الوكيل بالإجارة إذا أجر
وسلم ثم طعن المستأجر
فيه بعيب فقبل الوكيل بغير قضاء فإنه يلزم
ج / 7 ص -244-
وإن باع نسيئة فقال: أمرتك بنقد وقال المأمور:
أطلقت فالقول للآمر
_________________
الموكل ولم يعتبر إجارة جديدة في حق الموكل
لأن المعقود عليه إن كان المنافع فهي غير
مقبوضة فكان نظير الرد على الوكيل بالبيع قبل
القبض وإن كان المعقود عليه العين باعتبار
إقامتها مقام المنافع فهو حكم ثبت بالضرورة
فلا تعدو موضعها كذا في النهاية وقيد بالعيب
لما في كافي الحاكم وإذا قبل الوكيل العبد
بغير قضاء القاضي بخيار شرط أو رؤية فهو جائز
على الآمر وكذا لو رده المشتري عليه بعيب قبل
القبض بغير قضاء فهو جائز ا هـ.
"قوله وإن باع نسيئة فقال: أمرتك بنقد وقال
المأمور: أطلقت فالقول للآمر" لأن الأمر
يستفاد من جهته ولا دلالة على الإطلاق وفي
كافي الحاكم وإذا باع الوكيل العبد بخمسمائة
فقال الآمر: أمرتك بألف وقال: أمرتك بدينار أو
بحنطة أو شعير أو باعه بنسيئة فقال: أمرتك
بالحال فالقول قول الآمر وكذلك هذا في النكاح
والمكاتب والإجارة والعتق على مال ا هـ. ثم
قال: ولو أمره أن يبيعه من فلان بكفيل فباعه
بغير كفيل لم يجز وإن قال الوكيل: لم يأمرني
بذلك فالقول للآمر ا هـ.
فلو قال المؤلف: لو اختلفا فيما عينه الموكل
فالقول له لكان أولى ليشمل وكيل البيع والنكاح
والإجارة والخلع والإعتاق والكتابة والمقدار
والصفة من حلول وتأجيل والتقييد المقيد بمشتر
ورهن وكفيل ووقت وقولي فيما عينه الموكل شامل
لما إذا ادعى الموكل التقييد والوكيل الإطلاق
وما إذا ادعى الموكل تعيين شيء وادعى الوكيل
تعيين آخر قيد الاختلاف في الإطلاق والتقييد
لأن الوكيل بالبيع إذا ادعى البيع وقبض الثمن
وهلاكه وادعاه المشتري وكذبهما الآمر فالوكيل
يصدق مع يمينه فإن كان الآمر قد مات فقال:
ورثته لم يبعه وقال الوكيل: قد بعته من فلان
بألف وقبضت الثمن وهلك وصدقه المشتري فإن كان
العبد قائما بعينه لم يصدق الوكيل على البيع
إلا أن تقوم بينة أنه باعه في حياة الآمر فإن
لم تكن له بينة رد البيع وضمن الوكيل المال
للمشتري وإن كان العبد مستهلكا فالوكيل مصدق
بعد الحلف استحسن ذلك. وإن قال الآمر: قد
أخرجتك من الوكالة وقال الوكيل: قد بعته أمس
لم يصدق الوكيل ولو أقر الوكيل بالبيع لإنسان
بعينه فقال الآمر: قد أخرجتك من الوكالة جاز
البيع إذا ادعى ذلك المشتري كذا في كافي
الحاكم وإنما يصدق الوكيل في البيع وقبض الثمن
وهلاكه عنده إذا كان المبيع مسلما في يده فإن
كان في يد البائع فلا وتمامه في البزازية
وفيها أيضا وكيل العتق قال: أعتقته أمس وكذبه
موكله لا يعتق وكيل البيع قال: بعته أمس وكذبه
موكله فالقول للوكيل الوكيل بالكتابة وقبض
بدلها إذا قال: كاتبت وقبضت بدلها فالقول له
في الكتابة لا في قبض بدلها أما لو قال:
كاتبته ثم قال قبضت بدلها ودفعت إلى الموكل
فهو صحيح مصدق لأنه أمين ا هـ.
ج / 7 ص -245-
...............................
_____________
وتقدم الاختلاف بين وكيل الشراء وموكله وفي
منية المفتي أمر رجلا أن يقضي عنه دينه فقال
المأمور بعد ذلك: قضيت وصدقه الآمر وكذبه رب
الدين وحلف رجع رب الدين على الآمر لكن لا
يرجع المأمور على الآمر لأن المأمور وكيل
بشراء ما في ذمة الآمر بمثله وبنقد الثمن من
مال نفسه فإنما يرجع على الآمر لو سلم ما في
ذمته كالمشتري إنما يؤمر بدفع الثمن إذا سلم
له ما اشترى. وذكر القدوري أنه يرجع رب الدين
على المديون بالدين والمأمور على المديون بما
قضى أمر غيره بقضاء دينه فقضاه وجاء ليرجع
عليه فقال الآمر ما كان لفلان علي شيء أصلا
ولا أمرتك أن تقضيه ولا أنت قضيته شيئا ورب
الدين غائب فأقام المأمور البينة على الدين
والأمر بالقضاء والقضاء فإن القاضي يقضي
بالمال على الآمر للغائب وبالرجوع للمأمور على
الآمر وإن كان رب الدين غائبا لأن عنه خصما
حاضرا حكما لأن ما يدعيه الغائب سبب لثبوت ما
يدعيه لنفسه وفي مثله ينتصب الحاضر خصما ا هـ.
والحاصل أنهما إذا اختلفا في فعل الوكيل بأن
ادعى الوكيل الفعل وأنكره موكله فإن كان إخبار
الوكيل بعد عزله فالقول للموكل وإن كان قبله
في حياة الموكل فالقول للوكيل إن كان المبيع
مسلما إليه وإلا لا وإن كان بعد موته حال هلاك
العين فكذلك وإلا لم يقبل قوله إذا كذبه
الوارث هذا في الوكيل بالبيع وأما الوكيل
بالشراء فسبق حكمه عند الاختلاف وأما وكيل
العتق فلا يقبل قوله وأما وكيل الكتابة فيقبل
قوله في العقد لا في القبض والهلاك ولا يقبل
قول وكيل النكاح والوكيل بقبض الدين إذا ادعى
القبض والهلاك مصدق وفي خزانة المفتين وكل
رجلا بأن يشتري أخاه فاشترى فقال الآمر ليس
هذا أخي فالقول له مع يمينه لأنه ينكر وجوب
الثمن عليه ويلزم الشراء للوكيل لكن يعتق
بقوله هذا أخوك ا هـ.
وفي كافي الحاكم في باب الوكالة بالعتق وإن
وكله أن يكاتب عبده يوم الجمعة فقال الوكيل
يوم السبت قد كاتبته أمس بعد الوكالة على كذا
وكذا وكذبه المولى فالقول للمولى في القياس
ولكني أدع القياس وأجيزه وكذلك البيع والإجارة
والعتق على مال والخلع فإن الوكيل مصدق ولو
وكله أن يكاتبه فقال الوكيل: وكلتني أمس
وكاتبته آخر النهار بعد الوكالة وقال رب
العبد: إنما وكلتك اليوم فالقول قول رب العبد
وتبطل المكاتبة وكذلك البيع والنكاح والخلع
والعتق ا هـ. وفي نكاح خزانة الأكمل أمره
بالنكاح ثم قال له: ما أشهدت وقال الوكيل
أشهدت يفرق بينهما وعليه نصف المهر أما لو
اختلفت مع وكيلها فالقول له ولو قالت: لم
تزوجني لم يلزمها إقرار الوكيل بخلاف ما قبل
فإنها أقرت بالوكالة والنكاح وأنكرت الصحة
وعلى هذا لو وكل رجل رجلا بتزويجه امرأة
بعينها فقال الوكيل: فعلت وأنكر
ج / 7 ص -246-
وفي المضاربة للمضارب, ولو أخذ الوكيل بالثمن
رهنا فضاع أو كفيلا فتوي عليه لا يضمن
___________
الزوج فالقول قول الزوج عند أبي حنيفة وعندهما
القول قول وكيل الزوج على المرأة بالنكاح ا
هـ. والله أعلم.
"قوله وفي المضاربة للمضارب" أي لو اختلف رب
المال والمضارب في الإطلاق والتقييد فالقول
للمضارب لأن الأصل في المضاربة العموم ألا ترى
أنه يملك التصرف بذكر لفظة المضاربة فقامت
دلالة الإطلاق بخلاف ما إذا ادعى رب المال
المضاربة في نوع والآخر في نوع آخر حيث يكون
القول لرب المال لأنه سقط الإطلاق بتصادقهما
فنزل إلى الوكالة المحضة ثم مطلق الأمر بالبيع
ينتظمه نقد أو نسيئة إلى أي أجل كان عنده
وعندهما يتقيد بأجل متعارف كما قدمناه وفي
مضاربة البزازية نوع في الاختلاف مقتضى
المضاربة العموم فالقول لمن يدعيها والتخصيص
عارض لا يثبت إلا ببينة وإذا اتفقا أن العقد
وقع خاصا واختلفا فيما خص العقد فيه فالقول
لرب المال لاتفاقهما على العدول عن الظاهر
والإذن يستفاد من قبله فيعتبر قوله أمرتك
بالاتجار في البر وادعى الإطلاق فالقول
للمضارب لادعائه عمومه وعن الحسن عن الإمام
أنه لرب المال لأن الإذن يستفاد منه وإن برهنا
فإن نص شهود العامل أنه أعطاه مضاربة في كل
تجارة فهي أولى لإثباته الزيادة لفظا ومعنى
وإن لم ينصوا على هذا الحرف فلرب المال وكذا
إذا اختلفا في المنع من السفر لاقتضاء
المضاربة إطلاقها على الروايات المشهورة قال
المضارب هو في الطعام ورب المال قال في
الكرباس فالقول له وإن برهنا وللجمال لأن رب
المال لا يحتاج إلى الإثبات والمضارب محتاج
إلى إثباته لدفع الضمان عن نفسه وإن وقتا
فالوقت الأخير أولى ا هـ. والبضاعة كالمضاربة
إلا أن المضارب يملك البيع والمستبضع لا إلا
إذا كان في لفظه ما يعلم أنه قصد الاسترباح أو
نص على ذلك كذا في وكالة البزازية والظاهر
أنها كالوكالة من حيث إن الأصل فيها التقييد
إلا أنه لا يملك الإبضاع والإيداع وبيع ما
اشتراه إلا بالتنصيص بخلاف المضارب.
"قوله ولو أخذ الوكيل بالثمن رهنا فضاع أو
كفيلا فتوي عليه لا يضمن" لأن الوكيل أصيل في
الحقوق وقبض الثمن منها والكفالة توثيق به
والارتهان وثيقة لجانب الاستيفاء فيملكها
بخلاف الوكيل بقبض الدين لأنه يفعل نيابة وقد
أنابه في قبض الدين دون الكفالة وأخذ الرهن
والوكيل بالبيع يقبض أصالة ولهذا لا يملك
الموكل حجره عنه كذا في الهداية وهذا مخالفا
لما في الخلاصة والبزازية من أن الوكيل بقبض
الدين له أخذ الكفيل فيحمل كلام الهداية على
أخذ الكفيل بشرط براءة الأصيل فإنها حينئذ
حوالة وهو لا يملكها لما في البزازية ولو أخذ
به كفيلا بشرط البراءة فهو حوالة لا يجوز
للوكيل بقبض الدين قبولها ا هـ.
ج / 7 ص -247-
ولا يتصرف أحد الوكيلين وحده
_________________
ومن هنا قال صاحب النهاية: المراد بالكفالة
هنا الحوالة لأن التوى لا يتحقق في الكفالة
وقيل: الكفالة على حقيقتها لأن التوى يتحقق
فيها بأن مات الكفيل والمكفول عنه مفلسين قال
الشارح أخذا من الكافي: وهذا كله ليس بشيء لأن
المراد هنا توى مضاف إلى أخذه الكفيل بحيث إنه
لو لم يأخذ كفيلا لم يتو دينه كما في الرهن
والتوى الذي ذكره هنا غير مضاف إلى أخذه
الكفيل بدليل أنه لو لم يأخذ كفيلا أيضا لتوي
بموت من عليه الدين وحمله على الحوالة فاسد
لأن الدين لا يتوى فيه بموت المحال عليه مفلسا
بل يرجع به على المحيل وإنما يتوى بموتهما
مفلسين فصار كالكفالة والأوجه أن يقال المراد
بالتوى توى مضاف إلى أخذ الكفيل وذلك يحصل
بالمرافعة إلى حاكم يرى براءة الأصيل عن الدين
بالكفالة ولا يرى الرجوع على الأصيل بموته
مفلسا مثل أن يكون القاضي مالكيا ويحكم به ثم
يموت الكفيل مفلسا ا هـ.
ودل وضع مسألة الكتاب أن أخذه الرهن يقع
للموكل لكن لو رده الوكيل جاز ويضمن للموكل
الأقل من قيمته ومن الثمن وعند أبي يوسف لا
يصح رده كذا ذكره التمرتاشي والمحبوبي كذا في
المعراج والمراد بقوله لا يضمن عدمه للموكل
وإلا فالدين قد سقط بهلاك الرهن إذا كان مثل
الثمن بخلاف الوكيل بقبض الدين إذا أخذ رهنا
فضاع فإنه لا يسقط من دين الموكل شيء ولا ضمان
على الوكيل كما في البزازية.
"قوله ولا يتصرف أحد الوكيلين وحده" لأن
الموكل رضي برأيهما لا برأي أحدهما والبدل وإن
كان مقدرا ولكن التقدير لا يمنع استعمال الرأي
في الزيادة واختيار المشتري أطلقه فشمل ما إذا
كان أحدهما حرا بالغا عاقلا والآخر عبدا أو
صبيا محجورا عليه لكنه مقيد بما إذا كان
وكلهما بكلام واحد أما إذا كان توكيلهما على
التعاقب فإنه يجوز لأحدهما الانفراد لأنه رضي
برأي كل واحد منهما على الانفراد وقت توكيله
فلا يتغير بعد ذلك بخلاف الوصيين فإنه إذا
أوصى إلى كل منهما بكلام على حدة لم يجز
لأحدهما الانفراد في الأصح لأنه عند الموت
صارا وصيين جملة واحدة وفي الوكالة يثبت حكمها
بنفس التوكيل وشمل ما إذا مات أحدهما أو ذهب
عقله فلا يجوز للآخر التصرف وحده لعدم رضاه
برأيه وحده ولو كانا وصيين فمات أحدهما لا
يتصرف الحي إلا بأمر القاضي كما في وصايا
الخانية. وفي الخانية رجل قال لرجلين وكلت
أحدكما بشراء جارية لي بألف درهم فاشترى
أحدهما ثم اشترى الآخر فإن الآخر يكون مشتريا
لنفسه ولو اشترى كل واحد منهما جارية ووقع
اشتراؤهما في وقت واحد كانت الجاريتان للموكل
كذا ذكره في النوازل وعليه الفتوى ا هـ.
وفي الذخيرة وفي المنتقى عن محمد رجل وكل رجلا
بقبض كل حق له ثم فارقه ثم
ج / 7 ص -248-
إلا في خصومة, وطلاق وعتاق بلا بدل
__________
وكل آخر بقبض كل دين له فقبض الوكيل الأول
شيئا من الدين فليس للوكيل الثاني أن يقبضه من
الأول لأنه الساعة عين وليس بدين ولو وكل
الأول بقبض كل حق له ثم وكل الثاني بقبض كل
شيء له وقبض الأول شيئا من الدين فللثاني أن
يقبضه من الأول ولو وكل رجلا بقبض داره التي
في موضع كذا التي في يد فلان فمضى الوكيل ثم
وكل آخر بعده بمثل ما وكل به الأول في قبض هذه
بعينها فإن كان الأول قد قبض الدار قبل توكيل
الثاني فللثاني أن يقبضها لأنها صارت مقبوضة
لصاحبها ا هـ.
والمراد من قوله لا يتصرف عدم نفاذ تصرفه وحده
لا عدم صحته كما في الإصلاح فلو باع أحدهما
بحضرة صاحبه فإن أجاز صاحبه جاز وإلا فلا ولو
كان غائبا فأجازه لم يجز في قول أبي حنيفة كذا
في الشرح قال الحاكم أبو الفضل هذا خلاف ما
ذكر في الأصل وقال أبو يوسف: جاز ذلك كذا في
الخزانة ولو باع أحدهما من صاحبه شيئا لم يجز
لما في وصايا الخانية ولو باع أحد الوصيين
شيئا من التركة لصاحبه لم يجز عند أبي حنيفة
ومحمد ويجوز عند أبي يوسف ا هـ.
"قوله إلا في خصومة" فإن لأحدهما أن يخاصم
وحده لأنها وإن كانت تحتاج إلى الرأي إلا أن
اجتماعهما على الخصومة والتكلم متعذر لأنه
يلتبس على القاضي ويصير شغبا فأما اجتماعهما
على البيع فغير متعذر وظاهر ما في الكتاب أنه
إذا خاصم أحدهما لم يشترط حضرة الآخر وهو قول
العامة لعدم الفائدة بسماعها وهو ساكت كذا في
الشرح وبه ظهر أن ما ذكره ابن الملك من اشتراط
الحضرة ضعيف ولكن لا يملك القبض إلا مع صاحبه
كذا في الهداية وفي الذخيرة وفي نوادر ابن
سماعة عن أبي يوسف رجل وكل رجلين بخصومة رجل
في دار ادعاها وقبضها منه فخاصماه فيها ثم مات
أحد الوكيلين قال: أقبل من الحي البينة على
الدار وأقضي بها للموكل ولا أقضي بدفع الدار
إليه ولكن أجعل للوكيل الميت وكيلا مع هذا
الحي ودفعت الدار إليهما وكذا لو كان الوكيل
واحدا فأقام البينة على الدار وقضيت بها
للموكل فمات هذا الوكيل قبل أن أدفعها إليه
فإني أجعل له وكيلا وآمر المقضي عليه بدفع
الدار إليه ولا أتركها في يد الغاصب الذي قضيت
عليه ا هـ.
"قوله وطلاق وعتاق بلا بدل" لأنه مما لا يحتاج
إلى الرأي وتعبير المثنى فيه كالواحد ويستثنى
من إطلاق المصنف مسائل الأولى لو وكلهما بطلاق
واحدة بغير عينها أو عتق عبد بغير عينه لا
ينفرد أحدهما كذا في السراج الوهاج لأنه مما
يحتاج إلى الرأي بخلاف المعين ا هـ. وفي
الخانية رجل له أربع نسوة قال لرجل: طلق
امرأتي فقال الوكيل: طلقت امرأتك كان الخيار
إلى الزوج وإن طلق الوكيل واحدة بعينها فقال
الموكل: لا أعني هذه لا يصدق ا هـ. الثانية:
ج / 7 ص -249-
ورد وديعة, وقضاء دين
______________
أن يقول لهما: طلقاها إن شئتما الثالثة جعل
أمرها بأيديهما ففيهما يكون تفويضا فيقتصر على
المجلس لكونه تمليكا أو يكون تعليقا فيشترط
فعلهما لوقوع الطلاق لأن المعلق بشيئين لا
ينزل عند وجود أحدهما الرابعة لو قال: طلقاها
جميعا ليس لأحدهما أن يطلقها وحده ولا يقع
عليها طلاق أحدهما ولو قال: طلقاها جميعا
ثلاثا فطلقها أحدهما طلقة واحدة والآخر طلقتين
لا يقع وهذه الثلاث في الشرح الخامسة قال:
لوكيلي طلاق لا يطلق أحد دون صاحبه ولو طلق
أحدهما ثم الآخر أو طلق واحد ثم أجازه الآخر
لا يقع ما لم يجتمعا وكذا في وكيلي عتاق كذا
في منية المفتي قيد بقوله بلا بدل لأنهما لو
كانا ببدل فليس لأحدهما الانفراد لأنه مما
يحتاج إلى الرأي وفي الخانية رجل وكل رجلين
بالخلع فخلعهما أحدهما لا يجوز وكذا لو خلعها
أحدهما وأجاز الآخر لا يجوز حتى يقول الآخر
خلعتها ا هـ.
"قوله ورد وديعة" لأنه مما لا يحتاج إلى الرأي
فرد أحدهما كردهما ولو قال ورد عين لكان أولى
فإنه لا فرق بين رد الوديعة والعارية والمغصوب
والمبيع فاسدا كما صرح به في الخلاصة وقيد
بالرد احترازا عن الاسترداد فليس لأحدهما
القبض بدون صاحبه لإمكان اجتماعهما وللموكل
فيه غرض صحيح لأن حفظ اثنين ليس كحفظ واحد
فإذا قبضه أحدهما ضمن كله لأنه قبض بغير إذن
المالك فإن قيل: ينبغي أن يضمن النصف لأن كل
واحد منهما مأمور بقبض النصف قلنا ذاك مع إذن
صاحبه وأما في حال الانفراد فغير مأمور بقبض
شيء منه كذا في السراج الوهاج.
"قوله وقضاء الدين" فهو كرد الوديعة واقتضاؤه
فهو كاستردادها ولم يذكر المؤلف الهبة في
المستثنيات وفي الولوالجية وكلهما الواهب في
تسليم الهبة للموهوب له فلأحدهما أن ينفرد
وإذا وكلهما الموهوب له في قبضها من الواهب
فليس لأحدهما الانفراد فالأول كرد الوديعة
والثاني كاستردادها وفي الخانية من باب الوصي
ولو وكل رجل رجلين بأن يهبا هذه العين ولم
يعين الموهوب له عندهما لا ينفرد أحدهما بذلك
وعند أبي يوسف ينفرد وإن عين الموهوب له ينفرد
أحدهما عند الكل ا هـ. فلو زاد المصنف الهبة
للمعين لكان أولى وعبارة المجمع هكذا وإذا وكل
اثنين لم ينفرد أحدهما في كل تمليك أو عقد فيه
بدل ا هـ. ويرد عليه الهبة لمعين فإنها تمليك
وله الانفراد ويرد عليه استرداد العين
والاقتضاء فإنه لا ينفرد فيهما ولا تمليك ولا
عقد كما ورد على الكنز قضاء الدين ورد ما عدا
الوديعة والهبة للمعين والأولى أن يقال: لا
ينفرد أحدهما إلا في خصومة وعتق معين وطلاق
معينة بلا بدل وتعليق بمشيئتهما وتدبير ورد
وديعة وعارية ومغصوب ومبيع فاسد وتسليم وهبة
وقضاء الدين ثم اعلم
ج / 7 ص -250-
ولا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك,
____________
أن الوكالة والوصايا والمضاربة والقضاء
والتولية على الوقف سواء فليس لأحدهما
الانفراد والأولان في الكتاب والمضاربة في
السراج الوهاج وقدمنا حكم القاضيين في القضاء
والناظر إما وكيل أو وصي فلا ينفرد أحدهما.
"قوله ولا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك" لأنه
فوض إليه التصرف دون التوكيل به وهذا لأنه رضي
برأيه والناس مختلفون في الآراء إلا أن يأذن
له الموكل لوجود الرضا أو يقول له برأيك
لإطلاق التفويض إلى رأيه وإذا وكل الوكيل
بالقبض بلا إذن فدفع له المديون فإن وصل إلى
الوكيل الأول برئ وإلا فإن وكل من في عياله
برئ وإلا لا فإن هلك المال في يد الثاني كان
للغريم تضمينه وللثاني الرجوع على الوكيل
الأول وتمامه في الذخيرة من الفصل الثاني وإذا
وكل بإذن أو تفويض كان الثاني وكيلا عن الموكل
حتى لا يملك الأول عزله ولا ينعزل بموته
وينعزلان بموت الأول وقد مر نظيره في أدب
القاضي وفي الخلاصة رجل وكل رجلا ببيع شيء
وشرائه وقال له: اصنع ما شئت فوكل الوكيل رجلا
بذلك ثم مات الوكيل الأعلى فالوكيل الأسفل على
وكالته ولو أخرجه الوكيل الذي وكله جاز ولو
أخرجه الموكل كان إخراجه جائزا أيضا سواء كان
الوكيل الأول حيا أو ميتا ا هـ. فقد صحح عزل
الوكيل لوكيله وهو مخالف لما في الهداية من أن
الثاني صار وكيل الموكل فلا يملك الوكيل عزله
إلا أن يفرق بين قوله اصنع ما شئت فيملك عزله
وبين قوله اعمل برأيك فلا يملك عزله. والفرق
ظاهر وعلل في الخانية بأنه لما فوضه إلى صنعه
فقد رضي بصنعه وعزله من صنعه وفيها إذا وكل ثم
قال للوكيل فلانا فإن الوكيل لا يملك عزله إلا
إذا قال له: وكل فلانا إن شئت أو وكل من شئت
فيملك عزله ا هـ. والمراد لا يوكل فيما وكل
فيه فيخرج التوكيل بحقوق العقد فيما ترجع
الحقوق فيه إلى الوكيل فله التوكيل بلا إذن
لكونه أصيلا فيها ولذا لا يملك الموكل نهيه
عنها وصح توكيل الموكل كما قدمناه وقيد بقوله
اعمل برأيك احترازا عن قوله ما صنعت من شيء
فهو جائز.
قال في القنية قال للوكيل: ما صنعت من شيء فهو
جائز من بيع أو شراء أو عتق عبده أو طلاق
امرأته فوكل هذا الوكيل غيره بعتق عبد موكله
أو طلاق امرأته ففعل لا ينفذ لأن هذا مما يحلف
به فلا يقوم غيره مقامه بخلاف البيع والشراء
فإنه لا يحلف بهما فقام غيره مقامه ا هـ. وخرج
عن قوله لا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك ما لو
وكل بقبض الدين من في عياله فدفع المديون إليه
فإنه يبرأ لأن يده كيده ذكره الشارح في السرقة
وفي وكالة الخزانة وما لو وكل الوكيل بدفع
الزكاة ثم وثم فدفع الآخر جاز ولا يتوقف كما
في أضحية
ج / 7 ص -251-
فإن وكل بلا إذن الموكل فعقد بحضرته أو باع
أجنبي فأجاز صح
__________
الخانية وذكر قبله رجل وكل غيره بشراء أضحية
فوكل الوكيل غيره ثم وثم فاشترى الآخر يكون
موقوفا على إجازة الأول إن أجاز جاز وإلا فلا
ا هـ. وما إذا قدر الوكيل لوكيله الثمن كما
سيأتي.
"قوله فإن وكل بلا إذن الموكل فعقد بحضرته أو
باع أجنبي فأجاز صح" لأن المقصود حضور رأيه
وقد حضر وتكلموا في حقوقه والصحيح رجوعها إلى
الثاني لأنه هو العاقد وإن عقد بغيبته لم يجز
لأنه فات رأيه إلا أن يبلغه فأجازه لأنه حضر
رأيه وكذا إذا باع غير الوكيل فبلغه فأجازه
ولو قدر الأول الثمن للثاني فعقد بغيبته يجوز
لأن الرأي يحتاج إليه لتقدير الثمن ظاهرا وقد
حصل بخلاف ما إذا وكل وكيلين وقدر الثمن لأنه
لما فوض إليهما مع تقدير الثمن ظهر أن غرضه
اجتماع رأيهما في الزيادة واختيار المشتري أما
إذا لم يقدر الثمن وفوض إلى الأول كان غرضه
رأيه في معظم الأمر وهو التقدير في الثمن كذا
في الهداية وفي منية المفتي وقيل: إذا باع
الثاني بثمن عينه الموكل جاز بغيبة الأول وفي
الأصح لا إلا بحضرة الأول ا هـ. ولا مخالفة
بين ما في الهداية وما صححه في المنية لأن
الأول فيما إذا قدر الوكيل الثمن لوكيله
والثاني فيما إذا قدر الموكل الأول لوكيله كما
لا يخفى ومعنى قوله صح النفاذ على الموكل وفي
القنية وكله بأن يشتري له هذا العبد فوكل
الوكيل فاشتراه يقع للوكيل الأول ولو قال له:
اشتره لموكلي يقع للثاني ولا يصح توكيله في حق
نفسه ولا موكله ا هـ وهو محمول على ما إذا كان
الوكيل غائبا وظاهره عدم التوقف على إجازة
الموكل لكونه شراء فضولي وهو لا يتوقف وقدمنا
عن أضحية الخانية أنه يتوقف.
وفي السراج الوهاج أنه في الشراء ينفذ على
الوكيل الأول وقيد بالعقد احترازا عن الوكيل
بالطلاق والعتاق إذا وكل غيره وطلق الثاني
بحضرة الوكيل الأجنبي أو طلق الأجنبي فأجاز
الوكيل فإنه لا يقع لأن الموكل علقه بلفظ
الأول دون الثاني وهو يتعلق بالشرط بخلاف
البيع ونحوه واقتصر الشارحون وقاضي خان على
الطلاق والعتاق ويزاد الإبراء عن الدين لما في
القنية وكله بأن يبرئ غريمه عن الدين فوكل
الوكيل فأبرأه بحضرة الأول لم يصح ا هـ وكان
ينبغي أن يصح لأنه لا يقبل التعليق بالشرط
كالبيع وتزاد الخصومة وقضاء الدين فلا تكفي
الحضرة كما في شرح المجمع ويخالفه في الخصومة
ما في الخانية وإن خاصم الوكيل الثاني والموكل
حاضر جاز لأن الأول إذا كان حاضرا كان الأول
خاصم بنفسه كالوكيل بالبيع ا هـ. وظاهر ما في
الكتاب الاكتفاء بالحضرة من غير توقف على
الإجازة وهذا قول
ج / 7 ص -252-
وإن زوج عبد أو مكاتب أو كافر صغيرته الحرة
المسلمة أو باع مالها أو اشترى لها لم يجز
__________
البعض والعامة على أنه لا بد من إجازة الوكيل
أو الموكل وإن حضرة الوكيل الأول لا تكفي
والمطلق من العبارات محمول على الإجازة. كذا
في النهاية والسراج الوهاج الخانية وإنما قال
باع ولم يقل عقد للاحتراز عن الشراء فإنه لا
يتوقف بل ينفذ على الأجنبي كما في السراج
الوهاج لكن لا يشمل النكاح والكتابة والخلع مع
أنهما كالبيع كما في الخانية فالعبارة الصحيحة
ولا يوكل إلا بإذن إلا في دفع زكاة وقبض دين
لمن في عياله وعند تقدير الثمن له والتفويض
إلى رأيه كالإذن إلا في طلاق وعتاق فإن وكل
بدونهما ففعل الثاني فأجازه الأول صح إلا في
طلاق وعتاق وإبراء وخصومة وقضاء دين وإن فعل
أجنبي فأجازه الوكيل جاز إلا في شراء وفي
البزازية قيل للوكيل: اصنع ما شئت له التوكيل
ولو قال الوكيل الأول ذلك لوكيله لا يملك
الثاني توكيل ثالث وفي الأقضية لو قال
السلطان: استخلف من شئت فاستخلف آخر قال
القاضي له ذلك استخلف من شئت له ذلك الاستخلاف
أيضا وثمة ا هـ. وفيها ووصية الوكيل إلى آخر
عند الموت كالتوكيل ولو كان قال له: اعمل
برأيك فوكل آخر فباعه الثاني من الأول لا يجوز
ا هـ.
"قوله وإن زوج عبد أو مكاتب أو كافر صغيرته
الحرة المسلمة أو باع مالها أو اشترى لها لم
يجز" لأن الرق والكفر يقطعان الولاية ألا ترى
أن الموقوف لا يملك إنكاح نفسه فكيف يملك
إنكاح غيره وكذا الكافر لا ولاية له على
المسلم حتى لا تقبل شهادته عليه ولأن هذه
ولاية نظرية فلا بد من التفويض للقادر المشفق
ليتحقق معنى النظر والرق يزيل القدرة والكفر
يقطع الشفقة على المسلم فلا يفوض إليهما وشمل
الكافر الذمي والحربي المرتد فتصرفه على ولده
موقوف إجماعا وإن كان نافذا في ماله عندهما
لأنها ولاية نظرية وذلك باتفاق الملة وهي
مترددة ثم تستقر جهة الانقطاع إذا قتل على
الردة فتبطل وبالإسلام يجعل كأنه لم يزل مسلما
فيصح ولو قال المؤلف: أو اشترى لها بمالها
لكان أولى لأنه إذا اشترى لها بمال نفسه كان
مشتريا لنفسه وعدم الجواز فيما إذا اشترى لها
بمالها كما في المعراج. وبهذا علم أن شرط
الولاية على الصغير في نفسه وماله حرية الولي
وإسلامه إن كان الصغير مسلما وإلا لا وفي
خزانة المفتين من البيوع الولاية في مال
الصغير إلى الأب ووصيه ثم وصي وصيه ثم إلى أب
الأب ثم إلى وصيه ثم إلى القاضي ثم إلى من
نصبه القاضي فليس لوصي الأم ولاية التصرف في
تركة الأم مع حضرة الأب أو وصيه أو وصي وصيه
أو الجد وإن لم يكن واحد ممن ذكرنا فله الحفظ
وبيع المنقول لا العقار والشراء للتجارة وما
استفاده الصغير غير مال الأم مطلقا وتمامه
فيها ا هـ والله أعلم.
ج / 7 ص -253-
باب الوكالة بالخصومة والقبض
الوكيل بالخصومة والتقاضي لا يملك القبض
___________
باب الوكالة بالخصومة والقبض
قدمنا معناها لغة وشرعا وأنها تتخصص وتتعمم
فليرجع إليه أول الكتاب.
"قوله الوكيل بالخصومة والتقاضي لا يملك
القبض" وهذا قول زفر لأنه رضي بخصومته والقبض
غيرها ولم يرض به وعندنا هو وكيل بالقبض لأن
من ملك شيئا ملك إتمامه وتمام الخصومة
وانتهاؤها بالقبض والفتوى اليوم على قول زفر
لظهور الخيانة في الوكلاء وقد يؤتمن على
الخصومة من لا يؤتمن على المال ونظيره الوكيل
بالتقاضي يملك القبض على أصل الرواية لأنه في
معناه وضعا لما في الأساس تقاضيته ديني وبديني
واقتضيته ديني واستقضيته واقتضيت منه حقي أي
أخذته إلا أن العرف بخلافه وهو قاض على الوضع
والفتوى على أنه لا يملك كذا في الهداية وفي
الفتاوى الصغرى التوكيل بالتقاضي يعتمد العرف
إن كان في بلدة كان العرف بين التجار أن
المتقاضي هو الذي يقبض الدين كان التوكيل
بالتقاضي توكيلا بالقبض وإلا فلا ذكره عن
الفضل ا هـ.
قيد بالوكيل لأن الرسول بالتقاضي يملك القبض
لأنه بمنزلة الرسول في القبض ولا يملك الخصومة
إجماعا كذا في الصغرى أيضا وأشار المؤلف إلى
أن الوكيل بالخصومة لا يصالح وإلى أن الوكيل
بالملازمة لا يملك الخصومة والقبض وفي
البزازية وهنا عشر مسائل الوكيل بقبض الدين أو
العين وسيأتي بالخصومة أو التقاضي أو
بالملازمة وقدمناها وبالقسمة وبالأخذ بالشفعة
وبالرجوع في الهبة يملك الخصومة والقبض وبالرد
بالعيب يخاصم ويحلف والوكيل بحفظ العين لا
يخاصم ولو وكله بطلب كل حق له على الناس أو
بكل حق له بخوارزم يدخل القائم لا الحادث وذكر
شيخ الإسلام أنه إذا وكله بقبض كل حق له على
فلان يدخل القائم والحادث أيضا فليتأمل عند
الفتوى وفي المنتقى وكله بقبض كل دين له يدخل
الحادث أيضا كما لو وكله بقبض غلته يقبض الغلة
الحادثة أيضا ا هـ. وقد فاته الوكيل بالصلح
فإنه لا يخاصم كما في كافي الحاكم من باب
الوكالة بالدم.
وفي منية المفتي ادعى أن فلانا وكله بطلب كل
حق بالكوفة وبقبضه بالخصومة فيه وجاء بالبينة
على الوكالة والموكل غائب ولم يحضر الوكيل
أحدا قبله للموكل حق فالقاضي لا يسمع من شهوده
حتى يحضر خصما جاحدا لذلك أو مقرا به فحينئذ
يسمع وينفذ له الوكالة فإن أحضر بعد ذلك غريما
آخر لم يحتج إلى إعادة البينة ولو ادعى
الوكالة بطلب كل حق له قبل
ج / 7 ص -254-
وبقبض الدين يملك الخصومة
_________
إنسان بعينه يشترط حضوره بعينه وإذا ثبت
بحضوره فجاء بخصم آخر يقيم البينة على الوكالة
مرة أخرى ادعى أنه وكله بقبض كل حق له ولموكله
على هذا كذا وأقام ببينة شهدوا على الوكالة
والحق على المدعى عليه دفعة واحدة تقبل على
الوكالة لا غير ويؤمر بإعادة البينة على الحق
عند الإمام وعند هما تقبل على الأمرين يقضي
بالوكالة أولا ثم بالمال كذا لو ادعى به وصي
الميت ا هـ.
وفي منية المفتي أيضا ولو حضر الموكل إلى
القاضي ووكل الوكيل وليس معه خصم جاز وكان
وكيلا إن كان يعرف القاضي الموكل وإن لم يعرف
القاضي لا يجوز لأن الموكل وقت القضاء
بالوكالة غائب والغائب إنما يصير معلوما
بالاسم والنسب فإذا كان القاضي يعرف اسم
الموكل ونسبه أمكن القضاء بالوكالة وإلا لو
قضى بها قضى لمعلوم على مجهول فإن قال الموكل:
أنا أقيم البينة على أني فلان بن فلان لم يسمع
منه لأن شرط سماعها على النسب الخصومة فيه ولم
يوجد ا هـ. وفي القنية لا يقبل من الوكيل
بالخصومة بينة على وكالته من غير خصم حاضر ولو
قضى بها صح لأنه قضاء في المختلف ا هـ.
وفي خزانة المفتين رجل وكل رجلا ببيع عين من
أعيان ماله فأراد الوكيل أن يثبت الوكالة
بالبيع عند القاضي حتى لو جاء الموكل وأنكر لا
يلتفت إلى إنكاره فله وجود أحدها أن يسلم
الوكيل العين إلى رجل ثم يدعي أنه وكيل من
مالكه بالقبض والبيع فسلمه لي فيقول ذو اليد
لا علم لي بالوكالة فيقيم البينة على أنه
وكيله بالقبض والبيع فيسمع القاضي ذلك ويأمره
بالتسليم إليه فيبيعه. وثانيها أن يقول: هذا
ملك فلان أبيعه منك فإذا باعه منه يأمره بقبض
المبيع فيقول المشتري لا أقبض منك لأني أخاف
أن يجيء المالك وينكر الوكالة وربما يكون
المقبوض هالكا في يدي أو يحصل منه نقصان
فيضمنني فيقيم الوكيل ببينة أنه وكيل فلان
بالبيع والتسليم ويجبره على القبض ويثبت
بإقامة البينة ولاية الجبر على القبض وثالثها
رجل ادعى أن الدار التي في يدك ملك فلان وأنت
وكيله بالبيع وقد بعت مني فقال: بعت منك ولكن
لست بوكيل من فلان ولم يوكلني بالبيع فأقام
مدعي الشراء البينة على أنه وكيل فلان بالبيع
فهو خصم حتى تقبل البينة عليه ويثبت كونه
وكيلا عنه في البيع.
"قوله وبقبض الدين يملك الخصومة" أي الوكيل
بقبض الدين يلي الخصومة مع المديون عند أبي
حنيفة حتى لو أقيمت عليه البينة على استيفاء
الموكل أو أبرائه تقبل عنده وقالا: لا يكون
خصما وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة لأن القبض
غير الخصومة وليس كل من يؤتمن على المال يهتدي
في الخصومات فلم يكن الرضا بالقبض رضا بها
ولأبي حنيفة أنه وكله بالتمليك
ج / 7 ص -255-
...............................
___________
لأن الديون تقضى بأمثالها إذ قبض الدين نفسه
لا يتصور إلا أنه جعل استيفاء لغير حقه من وجه
فأشبه الوكيل بأخذ الشفعة والرجوع في الهبة
والوكيل بالشراء والقسمة والرد بالعيب وهذه
أشبه بأخذ الشفعة حتى يكون خصما قبل القبض كما
يكون خصما قبل الأخذ هنالك والوكيل بالشراء لا
يكون خصما قبل مباشرة الشراء وهذا لأن
المبادلة تقتضي حقوقا وهو أصيل فيها فيكون
خصما فيها كذا في الهداية وفي الذخيرة على
قولهما لا تقبل بينته لبراءته وتقبل لقصر يد
الوكيل حتى لا يتمكن من قبضه بل يوقف الأمر
إلى حضور الغائب ا هـ.
وفي النهاية فتقبل بينة الشريك على الوكيل
بالقسمة أو موكله أخذ نصيبه وكذا الموهوب له
فتقبل بينته على الوكيل في الرجوع إن موكله
أخذ عوضها وكذا البائع تقبل بينته على الوكيل
بالرد بالعيب إن موكله رضي به ا هـ. لا يقال
لو كان وكيلا بالمبادلة وجب أن تلحقه العهدة
في المقبوض لأنه استيفاء عين الحق من وجه لأن
من الديون ما لا يجوز الاستبدال به فلشبهه
بالمبادلة جعلناه خصما ولشبهه بأخذ العين لا
تلحقه العهدة عملا بهما كذا في النهاية
والذخيرة أورد أيضا لو كان وكيلا بالمبادلة لم
يجز توكيل المسلم في قبض الخمر كما لا يوكل في
تمليكها وأجيب بأنه تمليك حكما والمسلم يصح أن
يملكها حكما وإن لم يجز عقده كذا في غاية
البيان وفي كافي الحاكم يصح توكيل الذمي
المسلم في قبض الخمر ويكره للمسلم قبضها وفي
الذخيرة أن الاختلاف مبني على أن الموكل فيه
ملك الموكل أو ملك الغير فقالا بالأول بناء
على أن المقبوض عين صاحب الدين حكما حتى كان
له الأخذ من غير قضاء ولا رضا كما لو كان عنده
وديعة أو غصب وقال الإمام: إنه وكيل بقبض ملك
الغير بناء على أن المقبوض ليس ملك رب الدين
حقيقة بل هو بدله بدليل أن للمديون التصرف
فيما في يده وإن لم يرض الدائن ا هـ.
ثم اعلم أنا قدمنا على الهداية أن الوكيل بقبض
الدين ينتصب خصما للمديون إذا ادعى استيفاء
الموكل أو إبراءه وفرق في الذخيرة بينهما
فجعله خصما له في دعوى الإيفاء لرب الدين دون
الإبراء لأنه خصم في الإثبات لكونه سببا لقبضه
والإيفاء إلى الطالب وقبض الوكيل سواء بخلاف
الإبراء لأنه ليس في جعله خصما فيه إحياء لحقه
بل فيه إبطال حقه وهو قياس مسألة الوكيل بأخذ
الشفعة فإنه يكون خصما في الإثبات وإذا ادعى
عليه تسليم الآخر فإنه لا يصير خصما لما ذكرنا
من إبطال حق الموكل وذكر شيخ الإسلام في شرحه
مسألة دعوى الإبراء على الوفاق وذكرها الشيخ
الإمام الزاهد أحمد الطواويسي1 على الخلاف
الذي ذكرنا في دعوى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 هو أحمد بن محمد بن حامد "أبو بكر
الطواويسي" المتوفي ستة أربع وأربعين
وثلاثمائة هـ بسمرقد. ا هـ "الجواهر المضية"
"1/265" "الفوائد البهية" "31".
ج / 7 ص -256-
................................
___________
الإيفاء وإليه أشار محمد في أول وكالة الأصل ا
هـ. والحوالة كالإبراء ولم يذكر محمد في
الجامع الصغير إلا أنه خصم في دعوى الإيفاء
وسكت عن الإبراء وكذا سكت عنه في كافي الحاكم
الذي هو جمع كلام محمد وفي البدائع لو أقام
الغريم البينة على الإيفاء سمعت عنده خلافا
لهما وعلى هذا الاختلاف لو أقامها الغريم على
أنه لو أعطى الطالب بالدراهم دنانير أو باعه
بها عرضا فبينته مسموعة عنده خلافا لهما لأن
إيفاء الدين بطريقين بالمقاصة والمبادلة
ويستوي فيهما الجنس وخلافه ا هـ. ولم يذكر
الإبراء ونقل في المعراج التسوية بين دعوى
الإيفاء والإبراء عن شمس الأئمة ولم يذكر غيره
وصرح في الفتاوى الصغرى بأن الوكيل بقبض الدين
يصير خصما في إثبات الدين وفي إثبات الإبراء
والإيفاء عليه بالبينة عند أبي حنيفة خلافا
لهما ثم قال الرسول أو المأمور بقبض الدين: لا
يملك الخصومة وذكر خواهر زاده في المعقود أن
الوكيل بقبض الدين لا يملك الخصومة إجماعا إن
كان وكيل القاضي كما لو وكل وكيلا بقبض ديون
الغائب ا هـ. وظاهره أن الأمر ليس بتوكيل
وقدمنا ما فيه.
وفي جامع الفصولين وكيل طلب الشفعة والرد بعيب
والقسمة تسمع بينته عليه أن موكله سلم الشفعة
أو أبرأ عن العيب ثم رقم لا تسمع البينة عليه
أن موكله سلم الشفعة وكتب على حاشية هذا
الكتاب أنه كتب من نسخة وقد زل قدم في هذه
المسألة والصحيح أنه تسمع البينة عليه ا هـ.
فعلم أن ما في الذخيرة مبني على ضعيف فالمعتمد
ما في الهداية من عدم الفرق بين الإيفاء
والإبراء وقدمنا شيئا من أحكام الوكيل بالقبض
من أنه لا يجوز إبراؤه ولا حطه ولا تأجيله ولا
أخذه الرهن ولا الكفيل بشرط براءة الأصيل ولا
قبول الحوالة ولا توكيله بغير إذن وتعميم وأنه
يقبل قوله في دعوى القبض والهلاك في يده
والدفع إلى موكله لكن في حق براءة المديون لا
في حق الرجوع على الموكل على تقدير الاستحقاق
حتى لو استحق إنسان ما أقر الوكيل بقبضه وضمن
المستحق الوكيل فإنه لا يرجع الوكيل على موكله
كذا في الفتاوى الصغرى ويستثنى من قبول إقراره
بالقبض على موكله مسألة على المفتى به قال في
الواقعات الحسامية إذا قال لآخر: إن فلانا قد
أقرضك ألفا فوكلتك بقبضها منه ثم قال الوكيل:
قبضت وصدقه المقرض وأنكر الموكل فالقول للموكل
وعن أبي يوسف أن القول للوكيل وجه الأول أن
المقرض يدعي على الموكل ثبوت القرض وهو ينكر
وجه قول أبي يوسف أن الموكل سلط الوكيل على
ذلك فينفذ عليه إقراره كما لو وكله بقبض الدين
من مديونه فقال: قبضت والفتوى على الأول
الوكيل بقبض الدين إذا قال: قبضت ودفعت إلى
الموكل فالقول له مع اليمين لأنه أمين أخبر عن
تنفيذ الأمانة من حيث لا يلزم الموكل ضمان
بخلاف الوكيل بالاستقراض إذا وقع التنازع بينه
وبين موكله فالقول للموكل لأن الوكيل يريد
إلزامه ضمان
ج / 7 ص -257-
وبقبض العين لا
__________
القرض فلا يلزمه بقوله ا هـ.
وفي كافي الحاكم ولو وكل رجلا في دينه كان
وكيلا بقبضه ولو قال الوكيل: قد برئ إلى
الغريم كان إقرارا منه بقبضه وكذا إذا أقيمت
عليه البينة بذلك ولو قال الوكيل بالقبض قبضت
في حياة الموكل ودفعت إليه لم يقبل إلا ببينة
ولو احتال الطالب بالمال على آخر لم يكن
للوكيل بالقبض أن يقبضه من المحتال عليه ولا
من الأول فإن توي المال ورجع إلى الأول
فالوكيل على وكالته وكذا لو اشترى الموكل
بالمال عبدا من المطلوب فاستحق من يده أو رده
بعيب بقضاء القبض أو بغير قضاء قبل القبض أو
بخيار فالوكيل على وكالته وكذا لو كان قبض
الدراهم فوجدها زيوفا ولو أخذ الطالب منه
كفيلا لم يكن للوكيل أن يتقاضى الكفيل
والمقبوض في يد الوكيل بمنزلة الوديعة ولو
وجده الكفيل زيوفا أو ستوقة فرده فإنه ينبغي
أن يضمن قياسا ولكن استحسن أن لا أضمنه أمره
بقبض دينه وأن لا يقبضه إلا جميعا فقبضه إلا
درهما لم يجز قبضه على الآمر وله الرجوع على
الغريم بكله وكذا لا تقبض درهما دون درهم ا
هـ.
وفي الذخيرة ولو لم يكن للغريم بينة على
الإيفاء فقضى عليه وقبضه الوكيل فضاع منه ثم
برهن المطلوب على الإيفاء فلا سبيل له على
الوكيل وإنما يرجع على الموكل لأن يده يده ا
هـ.
"قوله وبقبض العين لا" أي الوكيل بقبض العين
لا يكون وكيلا بالخصومة لأنه أمين محض والقبض
ليس بمبادلة فأشبه الرسول حتى أن من وكل وكيلا
بقبض عبد له فأقام ذو اليد البينة أن الموكل
باعه إياه وقف الأمر حتى يحضر الغائب وهذا
استحسان والقياس أن يدفع إلى الوكيل لأن
البينة قامت لا على الخصم فلم تعتبر وجه
الاستحسان أنه خصم في قصر يده لقيامه مقام
الموكل في القبض فتقصر يده حتى لو حضر البائع
تعاد البينة على البيع وصار كما إذا أقام
البينة على أن الموكل عزله عن ذلك فإنها تقبل
في قصر يده كذا هذا وكذا الإعتاق والطلاق وغير
ذلك معناه إذا أقامت المرأة البينة على الطلاق
والعبد أو الأمة على الإعتاق على الوكيل
بنقلهم تقبل في قصر يدهم حتى يحضر الغائب
استحسانا دون العتق والطلاق كما إذا ادعى ذو
اليد الارتهان من الموكل وبرهن تقصر يد الوكيل
عن القبض وفي كافي الحاكم. ولو وكل رجل عبد
رجل بقبض وديعة له عند مولاه أو عند غيره فباع
المولى العبد أو أعتقه أو كانت أمة فولدت
فالوكيل على وكالته وإذا وكله بقبض عبد له عند
رجل فقتل العبد خطأ كان للمستودع أن يأخذ
قيمته من العاقلة وليس للوكيل قبضها كالثمن
ولو قتل عند الوكيل كان
ج / 7 ص -258-
ولو أقر الوكيل بالخصومة عند القاضي صح وإلا
لا
_________________
له أخذها ولو جنى على العبد قبل أن يقبضه
الوكيل فأخذ المستودع أرشها فللوكيل أن يقبض
العبد دون الأرش وكذا لو كان المستودع أجره
بإذن مولاه لم يأخذ الوكيل أجره وكذلك مهر
الأمة إذا وطئت بشبهة ولو وكله بقبض أمة أو
شاة فولدت كان للوكيل أن يقبض الولد مع الأم
ولو ولدت قبل أن يوكله بقبضها لم يكن له قبض
الولد وثمرة البستان بمنزلة الولد ولو كان
المستودع باع الثمرة في رءوس النخل بأمر رب
الأرض لم يكن للوكيل أن يقبضها وكذلك الجارية
إذا كانت الوديعة مما يكال أو يوزن فوكله
بقبضها ثم استهلكها رجل فقبض المستودع من
المستهلك مثلها لم يكن للوكيل أخذه قياسا ولكن
استحسن أن يأخذه ولا أراه مثل قيمة العبد
أرأيت لو أكلها المستودع أما كان للوكيل أخذ
مثلها منه إذا وكله بقبض وديعة ثم قبضها
الموكل ثم أودعها ثانيا لم يكن للوكيل قبضها
علم أو لم يعلم وكذا لو قبضها الوكيل ودفعها
إلى الموكل. ثم أودعها الموكل فإن قبضها فلرب
المال تضمينه أو تضمين المودع فإن ضمن الوكيل
لم يرجع على المودع وإن ضمن المودع رجع على
الوكيل وإذا وكله بقبضها اليوم فله قبضها غدا
استحسانا ولو قال: اقبضها بمحضر فلان فقبضها
في غيبته جاز ولو أنكر ربها التوكيل وحلف وضمن
المودع فله الرجوع على القابض إن كانت قائمة
فإن ادعى الوكيل هلاكها أو الدفع إلى الموكل
وقد صدقه المودع في الوكالة لم يرجع عليه وإن
كان كذبه أو لم يصدقه ولم يكذبه أو صدقه وضمنه
المال كان له أن يضمنه ولو جعل للوكيل بقبض
الوديعة أجرا جاز وعلى تقاضي الدين لا إلا أن
يوقت ا هـ.
"قوله ولو أقر الوكيل بالخصومة عند القاضي صح
وإلا لا" أي وإن أقر على موكله عند غير القاضي
لا يصح عندهما استحسانا وخرج به عن الوكالة
وصحح أبو يوسف إقراره مطلقا وأبطله زفر مطلقا
وهو القياس لكونه مأمورا بالخصومة وهي منازعة
والإقرار ضدها لأنه مسالمة فالأمر بالشيء لا
يتناول ضده ولذا لا يملك الصلح والإبراء وجه
الاستحسان أن التوكيل صحيح وصحته تتناول ما
يملك وذلك مطلق الجواب دون أحدهما عينا فيصرف
إليه تحريا للصحة فأبو يوسف يقول: هو قائم
مقام الموكل فلا يختص إقراره بمجلس القضاء
وهما يقولان: إن التوكيل يتناول جوابا يسمى
خصومة حقيقية إن أنكر أو مجازا إن أقروا
الإقرار في مجلس القضاء خصومة مجازا لأنه خرج
في مقابلة الخصومة أو لأنه سبب له لأن الظاهر
إتيانه بالمستحق وهو الجواب في مجلس القضاء
فيختص به لكن إذا أقيمت البينة على إقراره في
غير مجلس القضاء يخرج من الوكالة حتى لا يؤمر
بدفع المال إليه لأنه صار مناقضا وصار كالأب
والوصي إذا أقر في مجلس القضاء لا يصح ولا
يدفع المال إليهما كذا في الهداية أطلقه وهو
ج / 7 ص -259-
وبطل توكيل الكفيل بالمال
_____________
مقيد بغير الحد والقود. فلا يصح إقرار الوكيل
على موكله بهما للشبهة وقيد بالخصومة لأن
الوكيل بغيرها لا يصح إقراره مطلقا ومنه
الوكيل بالصلح كما في كافي الحاكم كالوكيل
بالخصومة لا يملك الصلح والصلح عقد من العقود
فالوكيل بعقد لا يباشر عقدا آخر وقيد بالتوكيل
بالخصومة من غير استثناء لأنه لو وكله بها إلا
الإقرار فعن أبي يوسف لا يصح وصححه محمد وعنه
أنه فصل بين الطالب والمطلوب فلم يصححه في
الثاني كذا في الهداية وفي النهاية يصح
استثناء الإقرار في ظاهر الرواية وفي البزازية
ولو وكله بالخصومة غير جائز الإقرار صح ولم
يصح الإقرار في الظاهر لو موصولا وفي الأقضية
ومفصولا أيضا ولو وكله غير جائز الإنكار يصح
عند محمد ولو غير جائز الإقرار والإنكار قيل:
لا يصح الاستثناء لعدم بقاء فرد تحته وقيل:
يصح لبقاء السكوت ا هـ.
فالحاصل أنها على خمسة أوجه كما في الذخيرة
الأول أن يوكله بالخصومة فيصير وكيلا بهما
الثاني أن يستثنى الإقرار فيكون وكيلا
بالإنكار فقط الثالث عكسه فيصير وكيلا
بالإقرار فقط في ظاهر الرواية لأن الموكل ربما
يضره الإنكار بأن كان المدعى به أمانة ولو
جحدها الوكيل لا يصح دعوى الرد بعده ويصح قبله
ففيه فائدة الرابع أن يوكله بالخصومة جائز
الإقرار فيكون وكيلا بهما الخامس أن يوكله بها
غير جائز الإقرار والإنكار ففيه اختلاف
المتأخرين ا هـ. وفي الخلاصة ولو كان التوكيل
بسؤال الخصم واستثنى الإقرار موصولا صح
ومفصولا لا يصح ا هـ. ويصح التوكيل بالإقرار
ولا يصير به مقرا كذا في النهاية وفي منية
المفتي إذا استثنى إقراره فأقر خرج عن
الوكالة.
"قوله وبطل توكيل الكفيل بالمال" لأن الوكيل
من يعمل لغيره ولو صححناها صار عاملا لنفسه في
إبراء ذمته فانعدم الركن لأن قبول قوله ملازم
للوكالة لكونه أمينا ولو صححناها لا تقبل
لكونه مبرئا نفسه فيعدم بانعدام لازمه وهو
نظير عبد مديون أعتقه مولاه حتى ضمن قيمته
للغرماء ويطالب العبد بجميع الدين فلو وكله
الطالب بقبض المال من العبد كان باطلا لما
بيناه كذا في الهداية وأورد توكيل المديون
بإبراء نفسه فإنه صحيح مع كونه عاملا لنفسه
والتحقيق في جوابه ما في منية المفتي من قوله
ولو وكله بإبراء نفسه يصح لأنه وإن كان عاملا
لنفسه بتفريغ ذمته فهو عامل لرب الدين بإسقاط
دينه وشرط الوكالة كونه عاملا لغيره لا كونه
غير عامل لنفسه ا هـ. وأما قول الشارح في
جوابه إنه تمليك وليس بتوكيل كما في قوله
لامرأته طلقي نفسك فسهو ظاهر إذ لو كان تمليكا
لم يصح رجوع الدائن عنه قبل إبرائه نفسه مع
أنه يصح.
ج / 7 ص -260-
.............................
_________
وفي تلخيص الجامع لو قال الدائن لمديون سأله
الإبراء: ذلك إليك أو أبرئ نفسك أو حللها
فقال: أبرأت أو حللت برئ لأن لفظه ينتقل إلى
الآمر كما في هب لنفسك ذا العبد وأقر علي لزيد
وطلقي وأعتقي وسائر ما ينفرد به ا هـ. وفي
دعوى البزازية من فصل الإبراء إذا لم يضف
الإبراء الوكيل إلى الموكل لا يصح ا هـ وإذا
بطلت الوكالة في مسألة الكتاب وقبضه من المدين
وهلك من يده لم يهلك على الطالب وأشار ببطلانه
إلى أن الطالب لو أبرأه عن الكفالة لم تنقلب
صحيحة لوقوعها باطلة ابتداء كما لو كفل عن
غائب فإنه يقع باطلا ثم إذا بلغه فأجازه لم
يجز وقيد بكفالة المال لصحة توكيل الكفيل
بالنفس وقيده الشارح بأن يوكله بالخصومة وليس
بقيد إذ لو وكله بالقبض من المدين صح وأشار
المؤلف إلى أنه لو وكله بقبض الدين من نفسه أو
من عبده لم يصح كما في الخلاصة وإلى أن
المحتال لو وكل المحيل بقبض الدين من المحال
عليه لم يصح كما في النهاية وإلى بطلان توكيل
المدين وكيل الطالب بالقبض لما في القنية ولو
وكله بقبض دينه على فلان فأخبر به المديون
فوكله ببيع سلعته وإيفاء ثمنه إلى رب الدين
فباعها وأخذ الثمن وهلك يهلك من مال المديون
لاستحالة أن يكون قاضيا ومقتضيا والواحد لا
يصلح أن يكون وكيلا للمطلوب والطالب في القضاء
والاقتضاء ا هـ. ولا يخالفه ما في الواقعات
الحسامية المديون إذا بعث الدين على يد وكيله
فجاء به إلى الطالب وأخبره ورضي به وقال اشتر
لي شيئا فذهب واشترى ببعضه شيئا وهلك منه
الباقي قال بعضهم: يهلك من مال المديون وقال
بعضهم من مال الطالب وهذا أصح لأن أمره
بالشراء بمنزلة قبضه ا هـ. لأن ما في القنية
فيما إذا سبق توكيل الطالب وما في الواقعات
الحسامية سبق توكيل المطلوب كما لا يخفى وإلى
أن الوكيل بالبيع إذا كفل عن المشتري بثمن ما
باعه لم تجز وتجوز كفالة الوكيل بالقبض
والوكيل بالنكاح بالمهر لاندفاع التنافي بصرف
الحقوق عنه كما علم في التلخيص وإذا صحت كفالة
الوكيل بالقبض بطلت وكالته كما في المعراج.
والحاصل أن الكفالة بالمال مبطلة للوكالة
تقدمت الكفالة أو تأخرت لكونها أقوى من
الوكالة وهاهنا ثلاث مسائل لم أرها الآن صريحة
وسئلت عنها: الأولى هل تصح كفالة الوصي عن
مديون الميت؟ الثانية هل تصح كفالة الناظر
مستأجر الوقف بالأجرة الثالثة هل يصح توكيل
الدائن وصي المديون بالقبض من تركة المديون
ومقتضى ما قدمناه أن يفصل في كفالة الوصي
والناظر فإن بشيء وجب بعقده لم تصح وإلا صحت
لأن كلا منهما وكيل وهذا حكم الوكيل وأما
الثالثة فينبغي صحة الوكالة ويقيم القاضي وصيا
لسماع الدعوى والبرهان أخذا من قولهم لو ادعى
الوصي دينا على الميت قال في الخانية: يقيم
القاضي وصيا لسماع البينة فإذا انتهى الأمر
كان الأول وصيا على حاله وعليه الفتوى ا هـ.
ج / 7 ص -261-
ومن ادعى أنه وكيل الغائب بقبض دينه فصدقه
الغريم أمر بدفعه إليه, فإن حضر الغائب فصدقه
وإلا دفع إليه الغريم الدين ثانيا, ورجع به
على الوكيل لو باقيا, وإن ضاع لا, إلا إذا
ضمنه عند الدفع
________________
"قوله ومن ادعى أنه وكيل الغائب بقبض دينه
فصدقه الغريم أمر بدفعه إليه" لأنه أقر على
نفسه لأن ما يقبضه خالص ماله وسيأتي في الكتاب
حكم ما إذا ادعى الإيفاء وقد تقدم أن الوكيل
بقبض الدين وكيل بالمبادلة والتمليك والتملك
فلا إشكال في صحة التوكيل به وبه سقط ما في
الذخيرة من السؤال والجواب كما لا يخفى وقول
الشارح هذا سؤال حسن والجواب غير مخلص إلخ
غفلة عما قدمه والمراد بأمره جبره عليه كما في
السراج الوهاج.
"قوله فإن حضر الغائب فصدقه وإلا دفع إليه
الغريم الدين ثانيا" لأنه لم يثبت الاستيفاء
حيث أنكر ذلك والقول في ذلك قوله مع يمينه
فيفسد الأداء إن لم يجز استيفاء حال قيامه.
"قوله ورجع به على الوكيل لو باقيا" أي رجع
الدافع بما قبضه الوكيل إن كان باقيا في يده
لأنه ملكه وانقطع حق الطالب عنه أطلقه في
البقاء فشمل البقاء الحكمي بأن استهلكه الوكيل
فإنه باق ببقاء بدله ولذا قال في الخلاصة وإن
استهلكه ضمن مثله فإن ادعى الوكيل هلاكه أو
دفعه إلى الموكل حلفه على ذلك وإن مات الموكل
وورثه غريمه أو وهبه له وهو قائم في يد الوكيل
أخذه منه في الوجوه كلها وإن كان هالكا ضمنه
إلا إذا صدقه على الوكالة.
"قوله وإن ضاع لا" أي ضاع المقبوض في يد
الوكيل فلا رجوع عليه لأنه بتصديقه اعترف أنه
محق في القبض وهو مظلوم في هذا الأخذ والمظلوم
لا يظلم غيره وأورد عليه أن أحد الابنين إذا
صدق المديون في دعواه الإيفاء للميت وكذبه
الآخر ورجع المكذب عليه بالنصف فإن للمديون
الرجوع على المصدق بالنصف إن كان للميت تركة
غير الدين مع أنه في زعمه أن المكذب ظالم
وأجيب بأن الرجوع على المصدق لكونه أقر على
أبيه بالدين.
"قوله إلا إذا ضمنه عند الدفع" لأن المأخوذ
ثانيا مضمون عليه في زعمهما وهذه كفالة أضيفت
إلى حالة القبض فتصح بمنزلة الكفالة بما ذاب
له على فلان قالوا: ويجوز في ضمنه التشديد
والتخفيف فمعنى التشديد أن يضمن الغريم الوكيل
فالضمير المستتر عائد إلى الغريم والبارز إلى
الوكيل ومعنى التخفيف أن يضمن الوكيل المال
الذي أخذه وصورته أن يقول الغريم للوكيل: أنت
وكيله لكن لا آمن أن يجحد الوكالة ويأخذ مني
ثانيا ويصير ذلك دينا عليه لأنه أخذه مني ظلما
فيضمن ذلك المأخوذ فيصح فالضمير المستتر عائد
إلى الوكيل والبارز إلى المال وما في النهاية
من أنه عكس ما في التشديد سهو إذ يقتضي أن
المستتر للوكيل والبارز للغريم وليس بصحيح
وإذا رجع البارز إلى المال. فظاهر الكتاب أن
المراد بالمال ما قبضه
ج / 7 ص -262-
أو لم يصدقه على الوكالة ودفعه إليه على
ادعائه
_______________
الوكيل لأنه مرجع الضمير في ضاع وما قبله وليس
بصحيح لأن ما في يد الوكيل أمانة لتصديقه على
الوكالة فلا يجوز أن يضمنه إذ ضمان الأمانات
باطل فتعين أن يكون المراد به ما يأخذه منه
الدائن ثانيا وظاهر الكتاب أن لا رجوع على
الوكيل حالة الهلاك إلا إذا ضمن وفي الخلاصة
والبزازية إلا إذا كان الغريم قال: أخاف إن
حضر الدائن أن يكذبك فيها وضمنه أو قال مدعي
الوكالة: أقبض منك على أني أبرأتك من الدين
كما إذا قال الأب للختن عند أخذ صداق بنته:
آخذ منك على أني أبرأتك من مهر بنتي فإن أخذت
البنت من الختن الصداق رجع الختن على الأب كذا
هذا ا هـ. فللرجوع عند الهلاك سببان ثم اعلم
أنه يصح إثبات التوكيل بالبينة مع إقرار
المديون به وله نظائر كتبناها في الفوائد من
أن البينة لا تقام إلا على منكر إلا في مسائل
ذكرناها في الإقرار.
"قوله أو لم يصدقه على الوكالة ودفعه إليه على
ادعائه" معطوف على ضمنه أي إذا لم يصدقه فإنه
يرجع عليه لأنه إنما دفع له على رجاء الإجازة
فإذا انقطع رجاؤه رجع عليه أطلقه فشمل ما إذا
سكت لأن الأصل فيه عدم التصديق وأما إذا كذبه
والرجوع في الثاني أظهر وفي الوجوه كلها ليس
له الاسترداد حتى يحضر الغائب لأن المؤدى صار
حقا للغائب إما ظاهرا أو محتملا فصار كما إذا
دفعه إلى فضولي على رجاء الإجازة لم يملك
الاسترداد لاحتمال الإجازة. كذا في الهداية
وذكر في جامع الفصولين قولين في الاسترداد من
الفضولي وعلى القول به لو دفع إلى رجل ليدفعه
إلى رب الدين فله أن يسترد لأنه وكيل المديون
ولأن من باشر التصرف لغرض ليس له أن ينقضه ما
لم يقع اليأس عن غرضه وكذا لو أقام الغريم
البينة أنه ليس بوكيل أو على إقراره بذلك لم
يقبل ولا يكون له حق الاسترداد ولو أراد
استحلافه على ذلك لا يستحلف لأن كل ذلك يبتني
على دعوى صحيحة ولم توجد لكونه ساعيا في نقض
ما أوجبه الغائب ولو أقام الغريم البينة أن
الطالب جحد الوكالة وأخذ مني المال تقبل ولو
ادعى الغريم على الطالب حين أراد الرجوع عليه
أنه وكل القابض وبرهن تقبل ويبرأ وإن أنكر
حلفه فإن نكل برئ وفي البزازية أقر بالدين
وأنكر الوكالة وطلب زاعم الوكالة تحليفه على
عدم علمه بكونه وكيلا فالإمام رحمه الله لا
يحلفه وصاحبه يحلفه ا هـ.
وفيها وإن أراد الغريم أن يحلفه بالله ما
وكلته له ذلك وإن دفع عن سكوت ليس له أن يحلف
الدائن إلا إذا عاد إلى التصديق وإن كان دفع
عن تكذيب ليس له أن يحلفه وإن عاد إلى التصديق
لكنه يرجع على الوكيل وللوكيل أن يحلف الغريم
في الجحود والسكوت بالله ما يعلم أن الدائن
وكله فإن حلف تم الأمر وإن نكل لا يرجع على
الغريم ا هـ
ج / 7 ص -263-
ولو قال: إني وكيله بقبض الوديعة فصدقه المودع
لم يؤمر بالدفع إليه, ولو قال: إني وكيله بقبض
الوديعة فصدقه المودع لم يؤمر بالدفع إليه,
ولو ادعى أن المودع مات وتركها ميراثا له
وصدقه دفع إليه
________________
"قوله ولو قال: إني وكيله بقبض الوديعة فصدقه
المودع لم يؤمر بالدفع إليه" لأنه إقرار بمال
الغير بخلاف الدين فإذا لم يصدقه لا يؤمر
بالأولى وفي كافي الحاكم وإذا قبض رجل وديعة
رجل فقال رب الوديعة ما وكلته وحلف على ذلك
وضمن المستودع رجع على القابض إن كان بعينه
وإن قال قد هلك مني أو قال: دفعته إلى الذي
وكلني وقد صدقه المستودع بالوكالة لم يرجع
عليه بشيء فإن كان كذبه بالوكالة أو لم يصدقه
ولم يكذبه أو صدقه وضمنه المال كان له أن
يضمنه ا هـ.
ولو أراد استردادها بعد ما دفعها له لم يملك
ذلك لكونه ساعيا في نقض ما تم من جهته ولو
هلكت الوديعة عنده بعدما منع قيل: لا يضمن
وكان ينبغي الضمان لأن منعها من وكيل المودع
في زعمه ولو أثبت الوكيل أنه وكيل في قبضها
فادعى الأمين دفعها إلى الموكل أو إلى الوكيل
فالقول له في براءة نفسه كذا في كافي الحاكم
وفي القنية واختلفوا في الملتقط لو أقر
باللقطة لرجل هل يؤمر بالدفع إليه ا هـ.
"قوله وكذا لو ادعى الشراء وصدقه" أي شراء
الوديعة من صاحبها وصدقه المودع لم يؤمر
بالدفع إليه لأنه ما دام حيا كان إقرارا بملك
الغير لأنه من أهله فلا يصدقان في دعوى البيع
عليه.
"قوله ولو ادعى أن المودع مات وتركها ميراثا
له وصدقه دفع إليه" أي أمر بالدفع إليه لأنه
لا يبقى ماله بعد موته فقد اتفقا على أنه مال
الوارث وأشار إلى أن الدين كذلك بالأولى ولو
قال وتركها ميراثا أو وصية له لكان أولى لأن
الموصى له منزل منزلة الوارث عند عدمه ولا بد
من التلوم فيهما لاحتمال أن يكون له وارث آخر
وقد قدم المؤلف هذه المسائل في مسائل شتى من
كتاب القضاء فكان تكرارا معنى وإن اختلفا في
الصورة فإنه صورها هناك فيما إذا أقر ذو اليد
بأنه وارث وهنا فيما إذا ادعى أنه وارث وصدقه
ذو اليد ولا فرق بينهما. وقدمنا الكلام هناك
فلا نعيده فارجع إليها وقيد بالتصديق لأنه لو
أنكر موته أو قال: لا أدري لا يؤمر بالتسليم
إليه ما لم يقم البينة ولو لم يقل في صورة
دعوى الوصية لم يترك وارثا لم يكن صاحب اليد
خصما وقيد بدعوى الإرث مشيرا إلى الوصية
للاحتراز عن دعوى الإيصاء إليه فإنه إذا صدقه
ذو اليد لم يؤمر بالدفع له إذا كان عينا في يد
المقر لأنه أقر أنه وكيل صاحب المال بقبض
الوديعة أو الغصب بعد موته فلا يصح كما لو أقر
أنه وكيله في حياته بقبضها وإن كان المال دينا
على المقر فعلى قول محمد الأول يصدق ويؤمر
بالدفع إليه
ج / 7 ص -264-
وكله بقبض ماله فادعى الغريم أن رب المال أخذه
دفع المال إليه, واتبع رب المال واستحلفه
__________
وعلى قوله الأخير وهو قول أبي يوسف لا يصدق
ولا يؤمر بالتسليم إليه وبيانه في الشرح وقد
علم من ذلك أن مودع الميت ومديونه ليس لهما
الدفع إلى مدعي الإيصاء ولو صدقاه إلا ببينة
ولا يبرآن بالدفع قبل ثبوت أنه وصي وأطلق في
دفعها إلى الوارث وهو مقيد بما إذا لم يكن على
الميت دين مستغرق لما في جامع الفصولين في
التركة دين فدفع المودع الوديعة إلى الوارث
بلا أمر القاضي ضمن "خ"1 لو مستغرقة ضمن وهذا
إذا لم يؤتمن وإلا فله الأخذ وأداء الدين منه
لوارثه أن يخاصم من عليه دين للميت فله قبضه
لو لم يكن الميت مديونا وله وصي أو لا ولو
مديونا يخاصم ولا يقبض وإنما يقبض وصيه ولو
أدى مديون إلى الوصي يبرأ أصلا ولو وصى فدفع
إلى بعض الورثة يبرأ عن حصته خاصة ا هـ.
"قوله وكله بقبض ماله فادعى الغريم أن رب
المال أخذه دفع المال إليه" لأن الوكالة قد
ثبتت والاستيفاء لم يثبت بمجرد دعواه فلا يؤخر
الحق وقد جعلوا دعواه الإيفاء لرب الدين جوابا
للوكيل إقرارا بالدين وبالوكالة وإلا لما
اشتغل بذلك كما إذا طلب منه الدائن فادعى
الإيفاء فإنه يكون إقرارا بالدين وكما إذا
أجاب المدعي ثم ادعى الغلط في بعض الحدود فإنه
لا يقبل فإن جوابه تسليم للحدود كما في دعوى
منية المفتي أشار المؤلف إلى أنه لا يمين على
الوكيل على عدم علمه باستيفاء الموكل وإلى أن
الكلام عند عجز المديون عن إقامة البينة على
الإيفاء إذ لو برهن عليه تقبل لما قدمه من أن
الوكيل بقبض الدين وكيل بالخصومة قيد بالوكيل
بقبض الدين لما في جامع الفصولين بعد ذكر
مسألة الكتاب وكيل إجارة الدار وقبض الغلة
ادعى بعض السكان أنه عجل الأجرة لموكله وبرهن
وقف ولا يحكم بقبض أجر حتى يحضر الغائب ا هـ.
"قوله واتبع رب المال واستحلفه" رعاية لجانب
الغريم فلو كان رب المال ميتا قال في جامع
الفصولين ادعى للميت وصيه دينا على آخر فادعى
الإيفاء حال حياته فأنكره وصيه لا يحلف لما مر
من عدم الفائدة ويدفع الدين إلى الوصي فإن قلت
فيه فائدة وهي قصر يده. قلت: أريد بالفائدة أن
يكون نكوله كنكول موكله وليس كذلك ولكن لا
يخلو عن المناقشة لتحقق الفائدة في الجملة ولم
يكف هذا القدر في جواز التحليف ا هـ. وأجبت
عنه في الحاشية بأن قصر يده مرتب على نكوله
وأنه معتبر ونكوله لم يعتبر لأنه لو أقر صريحا
بأنه استوفى لم يعتبر فلا فائدة أصلا ولو قال
المؤلف فادعى الغريم ما يسقط حق موكله لكان
أولى لشموله ما إذا ادعى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 خ: رمز جامع الفصول ويقصد به الإمام قاضي
خان.
ج / 7 ص -265-
وإن وكله بعيب في أمة وادعى البائع رضا
المشتري لم يرد عليه حتى يحلف المشتري, ومن
دفع إلى رجل عشرة ينفقها على أهله فأنفق عليهم
عشرة من عنده فالعشرة بالعشرة
________________
إبراء الموكل ولشموله ما في جامع الفصولين
ادعى أرضا وكالة أنه ملك موكلي فبرهن فقال ذو
اليد إنه ملكي وموكلك أقر به فلو لم يكن له
بينة فله أن يحلف الموكل لا وكيله فموكله لو
غائبا فللقاضي أن يحكم به لموكله فلو حضر
الموكل وحلف أنه لم يقر له بقي الحكم على حاله
ولو نكل بطل الحكم ا هـ. ولم يذكر حكم ما إذا
نكل الطالب عن اليمين وحكم ما إذا برهن
المديون على الإيفاء وفي جامع الفصولين وإن
نكل عن اليمين لزمه المال دون الوكيل فإن كان
المال عند الوكيل فلا سبيل له عليه إنما هذا
مال الطالب الأول ولو قامت البينة على القضاء
فإن شاء أخذ به الموكل وإن شاء أخذ المال من
الوكيل إن كان قائما فإن قال الوكيل: قد دفعته
إلى الموكل أو هلك مني فالقول قوله مع يمينه
وإن قال: أمرني فدفعته إلى وكيل له أو غريم له
أو وهبه لي أو قضى من حق كان لي عليه لم يصدق
وضمن المال ا هـ.
"قوله وإن وكله بعيب في أمة وادعى البائع رضا
المشتري لم يرد عليه حتى يحلف المشتري" والفرق
أن التدارك ممكن هنالك باسترداد ما قبضه
الوكيل إذا ظهر الخطأ عند نكوله وفي الثانية
غير ممكن لأن القضاء بالفسخ ماض على الصحة وإن
ظهر الخطأ عند أبي حنيفة كما هو مذهبه ولا
يستحلف المشتري عنده بعد ذلك لأنه لا يفيد
فأما عندهما فالواجب أن يتحد الجواب على هذا
في الفصلين ولا يؤخر لأن التدارك ممكن عندهما
لبطلان القضاء وقيل: الأصح عند أبي يوسف أن
يؤخر في الفصلين لأنه يعتبر النظر حتى يستحلف
المشتري لو كان حاضرا من غير دعوى البائع فلو
ردها الوكيل على البائع بالعيب في مسألة
الكتاب فحضر الموكل وصدق على الرضا كانت له لا
للبائع عند الكل على الأصح لأن القضاء لم يكن
عن دليل موجب للنقض وإنما كان لجهل بالدليل
المسقط للرد وهو الرضا ثم ظهر الدليل بخلافه
فلا ينفذ باطنا كذا في النهاية.
"قوله ومن دفع إلى رجل عشرة ينفقها على أهله
فأنفق عليهم عشرة من عنده فالعشرة بالعشرة"
لأن الوكيل بالإنفاق وكيل بالشراء وحكمه كذلك
وقيل: هذا استحسان والقياس لا ويصير متبرعا
وقيل: القياس والاستحسان في قضاء الدين لأنه
ليس بشراء فأما الإنفاق فيضمن الشراء فلا
يدخلا منه وظاهر كلامه أنه أنفق دراهمه مع
بقاء دراهم الموكل ولذا قال في النهاية: هذا
إذا كانت عشرة الدافع قائمة وقت الإنفاق وكان
يضيف العقد إليها أو يطلق أما إذا كانت
مستهلكة أو أضاف العقد إلى عشرة نفسه يصير
مشتريا لنفسه متبرعا بالإنفاق لأن الدراهم
تتعين في الوكالة ا هـ. والأهل ليس بقيد
احترازي لأنه لا فرق بين الوكيل بالإنفاق في
ج / 7 ص -266-
_________
البيت والوكيل بالإنفاق في البناء كما في
الخلاصة والوكيل بالإنفاق ليس احترازيا أيضا
لأن الوكيل بقضاء الدين كذلك وفي الخلاصة
الوكيل ببيع الدينار إذا أمسك الدينار وباع
ديناره لا يصح والوكيل بالشراء إذا اشترى ما
أمر به ثم أنفق الدراهم بعد ما سلم إلى الآمر
ثم نقد البائع غيرها جاز ولو اشترى بدنانير
غيرها ثم نقد دنانير الموكل فالشراء للوكيل
وضمن للموكل دنانيره للتعدي ا هـ. ولو قال
المصنف والوكيل بالإنفاق أو القضاء أو الشراء
أو التصدق إذا أمسك المدفوع إليه ونقد من ماله
حال قيامه لا يكون متبرعا إذا لم يضف إلى غيره
لكان أولى وأما مسألة التصدق ففي القنية أعطاه
دراهم ليتصدق بها عن زكاته فتصدق المأمور
بدراهم نفسه يجزئه إذا تصدق بها على نية
الرجوع كالقيم والوصي وقيدنا بقيام المدفوع
لما في البزازية أنفق الوكيل بالشراء الدراهم
على نفسه ثم اشترى ما أمر من عنده بدراهم
فالمشترى للوكيل لا للآمر في المختار ا هـ.
ثم قال وفي العيون أمره بصدقة ألف وأعطاه
فأنفقه وتصدق بألف من عنده لا يجوز ويضمن وإن
باقية عنده وتصدق بألف من عنده جاز استحسانا
وفي المنتقى أمره أن يقبض من مديونه ألفا
ويتصدق فتصدق بألف ليرجع على المديون جاز
استحسانا ا هـ.
وفي جامع الفصولين من السابع والعشرين نقد من
ماله ثمن شيء شراه لولده ونوى الرجوع يرجع
ديانة لا قضاء ما لم يشهد ولو ثوبا أو طعاما
وأشهد أنه يرجع فله أن يرجع لو له مال وإلا
فلا لوجوبهما عليه حينئذ ولو قنا أو شيئا لا
يلزمه رجع وإن لم يكن له مال لو أشهد وإلا لا
ولو أنفق عليه الوصي من ماله ومال اليتيم غائب
فهو متطوع إلا أنه يشهد أنه قرض عليه أو أنه
يرجع ا هـ. والله سبحانه و تعالى أعلم.
باب عزل الوكيل
_________
"باب عزل الوكيل"
قد علم أنها من العقود الغير اللازمة
ولهذا لا يدخلها خيار شرط ولا يصح الحكم بها
مقصودا وإنما يصح الحكم بها ضمن الدعوى على
الغريم كما في جامع الفصولين فكان للموكل
العزل متى شاء بشرط علم الوكيل ولو كان وكيلا
بالنكاح والطلاق لأنه وإن لم يلحقه الضرر يصير
مكذبا شرعا فيكون غرورا ويثبت عزله بالمشافهة
به أو بكتابته له كتابا بعزله أو بإرساله
رسولا عدلا أو غير عدل حرا أو عبدا صغيرا أو
كبيرا إذا قال له الموكل: أرسلني إليك لأبلغك
عزله عن الوكالة فلو أشهد على العزل حال غيبة
الوكيل لم ينعزل ولو أخبره فضولي فقد تقدم أنه
لا بد عنده من أحد شطري الشهادة إما العدد أو
العدالة ولها
ج / 7 ص -267-
..........................
_________
أخوات في مسائل شتى من كتاب القضاء وهي غير
لازمة من الجانبين فللوكيل عزل نفسه بشرط علم
الموكل كما في عزل الموكل والوكيل بقبض الدين
لا بحضرة المديون له عزله وإن بحضوره لا ما لم
يعلم به المديون فلو دفع المديون دينه إلى هذا
الوكيل قبل علمه بعزله يبرأ وعزل العدل بحضرة
المرتهن لا يصح ما لم يرض به المرتهن هذا لو
بالتماس الطالب أما لو بالتماس القاضي حال
غيبة الطالب يصح بحضرة القاضي وبحضرة الطالب
أيضا وقول الوكيل بعد القبول بمحضر الموكل
ألغيت توكيلي أو أنا بريء من الوكالة لا يخرجه
عنها وجحود الموكل بقوله لم أوكلك لا يكون
عزلا كما في الشرح إلا أن يقول: والله لا
أوكلك بشيء فقد عرفت تهاونك فيعزل كما في
الخلاصة والبزازية ثم يطرأ على الوكالة اللزوم
في مسائل ولذا قال في المجمع ويملك الموكل
عزله ما لم يتعلق بها حق الغير ا هـ. فمنها
الوكالة ببيع الرهن سواء كانت مشروطة في الرهن
أو بعده على الأصح فتلزم كالرهن ومنها الوكالة
بالخصومة بالتماس الطالب عند غيبة المطلوب
لأنه إنما خلى سبيله اعتمادا على أنه يتمكن من
إثبات حقه متى شاء فلو جاز عزله لتضرر به
الطالب عند اختفاء المطلوب بخلاف ما إذا كان
المطلوب حاضرا أو كانت الوكالة من غير التماس
الطالب أو كانت من جهته لتمكنه من الخصومة مع
المطلوب في الوجه الأول ولعدم تعلق حقه
بالوكالة في الوجه الثاني إذ هو لم يطلب وفي
الوجه الثالث العزل إلى الطالب الحق فله أن
يعزله ويباشر الخصومة بنفسه وله أن يتركها
بالكلية وعلى هذا قال بعضهم: إذا وكل الزوج
وكيلا بطلاق زوجته بالتماس ثم غاب لا يملك
عزله وليس بشيء بل له عزله في الصحيح لأن
المرأة لا حق لها في الطلاق وعلى هذا قالوا:
لو قال الموكل للوكيل كلما عزلتك فأنت وكيلي
لا يملك عزله وسيأتي في آخر الكتاب في مسائل
شتى أنه يقول له: رجعت عن الوكالة المعلقة
وعزلتك عن الوكالة المنجزة وهو الصحيح كما في
الشرح وبه يفتى كما في الخلاصة وفي العمدة لو
قال الموكل: كلما أخرجتك عن الوكالة فأنت
وكيلي فله أن يخرجه منها بمحضر منه ما خلا
الطلاق والعتاق لأنهما مما يتعلقان بالشرط
والإخطار بمنزلة اليمين ولا رجوع عن اليمين ا
هـ.
وفي الخلاصة المختار أنه يملك عزله بمحضر منه
إلا في الطلاق والعتاق والتوكيل بسؤال الخصم ا
هـ. وفي منية المفتي قال مشايخنا: يملك عزله
في الفصول كلها ا هـ. وهذا إن شاء الله تعالى
هو المعتمد وفي الفتاوى الصغرى قال أستاذنا:
إذا أراد أن يقول ذلك ينبغي أن يقدم قوله رجعت
عن الوكالة المعلقة ثم يقول: وعزلتك عن
الوكالة المنفذة كذا ذكره الفقيه أبو
ج / 7 ص -268-
وتبطل الوكالة بالعزل إذا علم به الوكيل, وموت
أحدهما وجنونه مطبقا ولحوقه مرتدا
____________
جعفر طريق العزل لأنه إذا قدم العزل عن
المنفذة قارنه تنجز وكالة أخرى من الوكالات
المعلقة فلا ينعزل بعد ذلك عنها بقوله ورجعت
عن الوكالة المعلقة لأنه حين قال ذلك كانت تلك
وكالة منجزة وإنما صاروا إلى ما ذكر من تخصيص
لفظ الرجوع بالمعلقة من الوكالات احترازا عن
خلاف أبي يوسف فإن الإخراج عن الوكالة المعلقة
بلفظ العزل لا يصح ا هـ. ثم اعلم أنه لو قال:
كلما وكلتك فأنت معزول لم يصح والفرق أن
التوكيل يصح تعليقه بالشروط والعزل لا كما صرح
به في الصغرى والصيرفية فإذا وكله لم ينعزل.
"قوله وتبطل الوكالة بالعزل إذا علم به
الوكيل" ولو قال كما في المجمع لكان أولى كما
قدمناه وأطلق في الوكالة فشمل المنجزة
والمعلقة فيملك عزله عن المعلقة قبل وجود
الشرط وعليه الفتوى وفي الصغرى وبه يفتى وفي
القنية لو قال الوكيل: عزلني موكلي وهو غائب
وكذبه المدعي لا يقبل قوله وفي شهادات
العتابية وبينة العزل أولى من بينة البيع من
الوكيل وكذا الطلاق والعتاق وإذا شهدوا بيع
الوكيل يجب أن يسألهم القاضي عن بيعه قبل
العزل أو بعده فإن ماتوا أو غابوا قضى
بشهادتهم ا هـ. ولو قال المؤلف: إلا إذا لم
يعلم بها فلا يشترط علمه به لكان أولى لما في
البزازية إذا وكله ولم يعلم بها فله عزله وإن
لم يعلم به وقيد بالوكيل لأن عزل الرسول يصح
بلا علمه وقدمنا أنه يستثنى من صحة عزله
الوكيل يبيع الرهن وبالخصومة بالتماس الطالب
عند غيبة الموكل وفيما إذا قال: كلما عزلتك
فأنت وكيلي على قول ضعيف ويستثنى ما إذا وكل
وكيل البيع موكله بالثمن من المشتري بأمر
القاضي فإنه لا يملك إخراجه عنها وإن لا يأمر
الحاكم له عزله كذا في البزازية وما في المحيط
وكله ببيع عين له عزله إلا أن يتعلق به حق
الوكيل بأن يأمره بالبيع واستيفاء الثمن بإزاء
دينه ا هـ. فالمستثنى خمسة ثم اعلم أن الوكالة
إنما يتوقف بطلانها على العزل إذا لم ينته
الأمر فإن بلغ نهايته انعزل بلا عزل كما لو
وكله بقبض الدين فقبضه أو بالنكاح فزوجه فإنه
ينعزل كما في البزازية.
"قوله وموت أحدهما وجنونه مطبقا ولحوقه مرتدا"
أي تبطل بهذه الأشياء لأن التوكيل تصرف غير
لازم فيكون لدوامه حكم ابتدائه فلا بد من قيام
الأمر وقد بطل بهذه العوارض وفي القنية بلغ
المستبضع موت المبضع وهو في الطريق وقد اشترى
رقيقا بمال البضاعة ليس له أن ينفق على الرقيق
من بقية مال البضاعة إلا بأمر القاضي ا هـ.
وفي التجنيس من باب المفقود رجل غاب وجعل دارا
له في يد رجل ليعمرها فدفع إليه مالا ليحفظه
ثم فقد الدافع فله أن يحفظ وليس له أن يعمر
الدار إلا بإذن الحاكم لأنه لعله قد مات ولا
يكون
ج / 7 ص -269-
...........................
______________
الرجل وصيا للمفقود حتى يحكم بموته ا هـ.
وبهذا علم أن الوكالة تبطل بفقد الموكل في حق
التصرف لا الحفظ وظاهر إطلاق المؤلف رحمه الله
تعالى أن كل وكالة تبطل بموت الموكل وجنونه
وليس كذلك ففي البزازية قولهم ينعزل بجنون
الموكل وموته مقيد بالموضع الذي يملك الموكل
عزل وكيله فأما في الرهن فإذا وكل الراهن
العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الأجل
أو الوكيل بالأمر باليد لا ينعزل وإن مات
الموكل أو جن والوكيل بالخصومة بالتماس الخصم
ينعزل بجنون الموكل وموته والوكيل بالطلاق
ينعزل بموت الموكل استحسانا لا قياسا ا هـ.
وعلى هذا يفرق في الوكالة اللازمة بين وكالة
ووكالة فالوكالة ببيع الرهن لا تبطل بالعزل
حقيقيا أو حكميا ولا بالخروج عن الأهلية
بالجنون والردة وفيما عداها من اللازمة لا
تبطل بالحقيقي وتبطل بالحكمي وبالخروج عن
الأهلية وقيد بالمطبق لأن قليله بمنزلة
الإغماء وحده شهر عند أبي يوسف اعتبارا بما
يسقط به الصوم وعنه أكثر من يوم وليلة لسقوط
الصلوات الخمس فصار كالميت وقدره محمد بحول
كامل لسقوط جميع العبادات به فقدر به احتياطا
وهو الصحيح كما ذكره الشارح.
والمطبق بكسر الباء أي الدائم والحمى المطبقة
هي التي لا تفارق ليلا ونهارا كذا في النهاية
والبناية وزاد في البناية وقيل: مستوعبا من
قولهم أطبق الغيم إذا استوعب وفي المصباح
أطبقت عليه الحمى فهي مطبقة بالكسر على الباب
وأطبق عليه بالجنون فهو مطبق أيضا والعامة
تفتح الباء على معنى أطبق الله تعالى عليه
الحمى والجنون أدامهما كما يقال أحمه الله
وأجنه أي أصابه بهما وعلى هذا فالأصل مطبق
عليه فحذفت أيضا تخفيفا ويكون الفعل مما
استعمل لازما ومتعديا. ا هـ.
وقيد بلحاق المرتد لأن تصرفات المرتد موقوفة
عنده فكذا وكالته فإن أسلم نفذ وإن قتل أو لحق
بدار الحرب بطلت الوكالة فأما عندهما تصرفاته
نافذة فلا تبطل وكالته إلا أن يموت أو يقتل
على ردته أو يحكم بلحاقه وفي إيضاح الإصلاح
والمراد بلحوقه ثبوته بحكم الحاكم ا هـ. ولا
تبطل وكالة المرأة بارتدادها ما لم تلحق بدار
الحرب ويحكم الحاكم بلحاقها وكذا يجوز توكيلها
بعد ارتدادها أيضا لأنها تبقى بعد الردة مالكة
للتصرف بنفسها وردتها لا تؤثر في عقودها إلا
إذا وكلته بالتزويج ثم ارتدت فإن ذلك يبطل
لأنها لا تملكه بنفسها فكذا وكيلها. وإذا بطلت
باللحاق من أحدهما لا تعود بعوده مسلما على
المذهب الظاهر موكلا كان أو وكيلا ومقتضاه أنه
لو أفاق بعد جنونه مطبقا لا تعود وكالته ثم
اعلم أن الوكالة تبطل بموت الموكل إلا في بيع
الوفاء قال في جامع الفصولين: باعه جائزا
بوكالة ثم مات موكله لا ينعزل بموته الوكيل ا
هـ. والبيع الجائز هو بيع الوفاء اصطلاحا.
ج / 7 ص -270-
وافتراق الشريكين, وعجز موكله لو مكاتبا وحجره
لو مأذونا, وتصرفه بنفسه
_________
"قوله وافتراق الشريكين" أي تبطل بافتراقهما
وإن لم يعلم الوكيل لأنه عزل حكمي والعزل
الحكمي لا يشترط فيه العلم أطلقه فشمل ما إذا
افترقا ببطلان الشركة لهلاك المالين أو أحدهما
قبل الشراء فتبطل الوكالة الضمنية وما إذا وكل
الشريكان أو أحدهما وكيلا للتصرف في المال فلو
افترقا انعزل هذا الوكيل في حق غير الموكل
منهما إذا لم يصرحا بالإذن في التوكيل وذكر
الحاكم في الكافي إذا وكل أحد المتفاوضين
وكيلا ثم تفرقا واقتسما المال وأشهد أنه لا
شركة بينهما ثم أمضى الوكيل ما وكل به وهو
يعلم أو لا يعلم جاز ذلك عليهما جميعا وكذا لو
كان وكلاه جميعا لأن وكالة أحدهما جائزة على
الآخر وليس تفرقهما نقضا للوكالة لأن أثر
النقض لا يظهر في توابع عقود باشرها أحدهما
قبل ذلك وإذا وكل أحد شريكي العنان وكيلا ببيع
شيء من شركتهما جاز ذلك عليه وعلى صاحبه
استحسانا وإذا وكله ببيع أو شراء أو إجارة أو
تقاضي دين ثم أخرجه الشريك الآخر من الوكالة
فإنه يخرج عنها إلا في تقاضي الدين فإن كان
الموكل هو الذي أدانه فإخراج هذا إياه باطل
وإن كان الموكل لم يدنه لم يجز توكيله هذا في
تقاضيه الشريك ا هـ.
"قوله وعجز موكله لو مكاتبا وحجره لو مأذونا"
لما ذكرنا أن قيام الوكالة يعتمد قيام الأمر
وقد بطل بالحجر والعجز علم أو لم يعلم أطلقه
وهو مقيد بما إذا كان وكيلا في العقود
والخصومات وأما الوكيل في قضاء الدين واقتضائه
فلا ينعزل بهما لأنهما يوجبان الحجر عن إنشاء
التصرف لا عن قضاء الدين واقتضائه فكذا لا
يوجب عزل وكيله وكذا الوكيل بقبض الوديعة لم
ينعزل بعجزه وحجره كما في كافي الحاكم ولا
تعود الوكالة بكتابة موكله وإذنه وقد حصر
المؤلف عزل وكيلهما بهما وبعزل الموكل أخذا من
عموم بطلانها بعزل الموكل فأفاد أن المولى لو
عزل وكيل العبد المأذون له ينعزل لأنه كالحجر
الخاص ولو أعتق العبد بعد ما وكله سيده أو
طلقها ثلاثا بعدما وكلها لم ينعزلا وإن باع
العبد فإن رضي المشتري أن يكون العبد على
وكالته فهو وكيل وإن لم يرض بذلك لم يجبر على
الوكالة كذا في كافي الحاكم وهو يقتضي أن
توكيل عبد الغير موقوف على رضا السيد وقد سبق
إطلاق جوازه لأنه لا عهدة عليه في ذلك إلا أن
يقال: إنه من باب استخدام عبد الغير وقد سئلت
عن ناظر وكل وكيلا في أمر الوقف ثم عزله
القاضي هل ينعزل وكيله بعزله فأجبت بأنه ينعزل
أخذا من قولهم هنا يشترط لدوامها ما يشترط
لابتدائها والله أعلم.
"قوله وتصرفه بنفسه" أي يبطل بتصرف الموكل
فيما وكل فيه لانقضاء الحاجة أطلقه وهو مقيد
بتصرف يعجز الوكيل عن التصرف معه كما لو وكله
بإعتاق عبده أو بكتابته فأعتقه
ج / 7 ص -271-
.............................
__________
أو كاتبه الموكل بنفسه أو بتزويج امرأة أو
بشراء شيء ففعل بنفسه أو بطلاق فطلقها الزوج
ثلاثا أو واحدة فانقضت عدتها أو بالخلع
فخالعها بنفسه وأما مالا لا يعجز عنه فلا تبطل
به كما لو طلقها واحدة والعدة باقية فللوكيل
أن يطلقها أخرى ولو ارتد الزوج وقع طلاق
الوكيل عليها ما دامت في العدة ولحوقه بمنزلة
موته ولو وكله بطلاقها فخالعها الزوج وقع طلاق
الوكيل في عدتها ولو وكل بالبيع فباعه الموكل
ثم رد عليه بما هو فسخ فالوكيل على وكالته وإن
رد بما لا يكون فسخا لا تعود الوكالة كما لو
وكله في هبة شيء ثم وهبه الموكل ثم رجع في
هبته لم يكن للوكيل الهبة ولو وكله بالبيع ثم
رهنه الموكل أو آجره فسلمه فهو على وكالته في
ظاهر الرواية ولو وكله أن يؤجر داره ثم أجرها
الموكل بنفسه ثم انفسخت الإجارة يعود على
وكالته كذا في القنية وفي البزازية ولو وكله
ببيع داره ثم بنى فيها فهو رجوع عنها عند
الإمام ومحمد لأن التجصيص والوصية بمنزلة
الوكالة. وكذا لو وكله ببيع أرضه ثم غرس فيها
بخلاف ما إذا وكله ببيع أرض وزرع فيبيع الوكيل
الأرض دون الزرع لأن البناء والغرس يقصد بهما
القرار لا الزرع أمره بشراء دار وهي أرض بيضاء
فبنى فيها ليس له أن يشتريها بعده ولو كانت
مبنية فزاد فيها حائطا أو جصصها له البيع وكله
ببيع وصيفة وهي شابة فصارت عجوزا فالوكالة على
حالها بخلاف ما إذا أمره بشراء سويق فلته أو
سمسم فعصره فصار دهنا حيث تبطل الوكالة وفي
البيع لا ا هـ.
وفي وصايا الخانية ولو قال: أوصيت بهذا الكفرى
الذي في نخلتي فصار بسرا قبل موت الموصي بطلت
الوصية ولو قال أوصيت بهذا الرطب الذي في
نخلتي فصار تمرا قبل موت الموصي في القياس
تبطل الوصية ولا تبطل استحسانا ولو قال: أوصيت
بعنبي هذا لفلان فصار زبيبا قبل موت الموصي
بطلت الوصية قياسا واستحسانا ولو قال: أوصيت
بزرعي هذا لفلان وهو بقل فصار حنطة أو شعيرا
قبل موت الموصي بطلت الوصية وفي الوكالة إذا
تغير في هذا كله بطلت الوكالة وفي البيع بشرط
الخيار إذا تغير في أيام الخيار لا يبطل البيع
ولا الخيار ا هـ.
وفي البدائع إذا باع الموكل ما وكل ببيعه ولم
يعلم الوكيل فباعه وقبض الثمن فهلك في يده
ومات العبد قبل التسليم ورجع المشتري على
الوكيل رجع الوكيل على الموكل وكذا لو دبره أو
أعتقه أو استحق أو كان حر الأصل لأنه صار
مغرورا من جهة ولو مات الموكل أو جن لا يرجع
لعدم الغرور والوكيل بقبض الدين لو قبضه وهلك
في يده بعد ما وهبه الموكل للمديون ولم يعلم
الوكيل لم يضمن وتمامه فيه ا هـ. والله أعلم. |