البحر الرائق شرح كنز الدقائق ط احياء التراث

 ج / 7 ص -404-     32- كتاب العارية
هي تمليك المنفعة بلا عوض
___________
32- كتاب العارية
أخرها عن الوديعة لأن فيها تمليكا وإن اشتركا في الأمانة، ومحاسنها النيابة عن الله تعالى في إجابة المضطر لأنها لا تكون إلا لمحتاج كالقرض فلذا كانت الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر وهي بالتشديد كأنها منسوبة إلى العار لأن طلبها عار وعيب كذا في المصباح وفي المغرب أنها منسوبة إلى العارة اسم من الإعارة وأخذها من العار العيب خطأ وفي النهاية أن ما في المغرب هو المعول عليه لأنه صلى الله عليه وسلم باشر الاستعارة1 فلو كان العار في طلبها لما باشرها ا هـ. وفي المبسوط أنها مشتقة من التعاور وهو التناوب.
"قوله هي تمليك المنافع بغير عوض" وهذا تعريفها شرعا وأشار به إلى الرد على الكرخي القائل بأنها إباحة وليست بتمليك ويشهد لما في المتن الأحكام من انعقادها بلفظ التمليك وجواز أن يعير ما لا يختلف بالمستعمل ولو كان إباحة لما جاز لأن المباح له ليس له أن يبيح لغيره وإنما لا يفسد هذا التمليك الجهالة لكونها لا تفضي إلى المنازعة لعدم لزومها كذا قال الشارحون والمراد بالجهالة جهالة المنافع المملكة لا جهالة العين المستعارة بدليل ما في الخلاصة لو استعار من آخر حمارا فقال ذلك الرجل لي حماران في الإصطبل فخذ أحدهما واذهب فأخذ أحدهما وذهب به يضمن إذا هلك ولو قال له خذ أحدهما أيهما شئت لا يضمن ا هـ. وانعقادها بلفظ الإباحة لأنه استعير للتمليك وقد قالوا علف الدابة على المستعير مطلقة كانت أو موقتة وكذا نفقة العبد أما كسوته فعلى المعير كذا في الخلاصة وحكمها كونها أمانة وأشار بقوله تمليك المنافع إلى أنه لا بد من الإيجاب والقبول ولو فعلا فلو قال لآخر خذ عبدي واستعمله واستخدمه من غير أن يستعيره المدفوع إليه لا يكون عارية حتى تكون نفقته على مولاه كذا في الخلاصة ولو استعار من رجل شيئا فسكت لا يكون إعارة كذا في فتاوى قاضي خان وشرطها كون المستعار قابلا للانتفاع وخلوها عن شرط العوض في الإعارة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مثاله حديث ابن عبد البر في "التمهيد" "12/41" استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية سلاما.

 

 ج / 7 ص -405-     وتصح بأعرتك وأطعمتك أرضى, ومنحتك ثوبي وحملتك على دابتي, وأخدمتك عبدي, وداري لك سكنى, وداري لك عمرى سكنى, ويرجع المعير متى شاء, ولو هلكت بلا تعد لا يضمن
____________
حتى لو شرط العوض في الإعارة تصير إجارة كذا في المحيط.
"قوله وتصح بأعرتك وأطعمتك أرضى" لأن الأول صريح حقيقة والثاني صريح مجازا لأن الإطعام إذا أضيف إلى ما لا يؤكل عينه يراد به ما يستغل منه مجازا لأنه محله.
"قوله ومنحتك ثوبي وحملتك على دابتي" وهو صريح أيضا فيفيد العارية أيضا من غير توقف على نية لكن إذا نوى به الهبة كان هبة ومنحتك بمعنى أعطيتك.
"قوله وأخدمتك عبدي" لأنه أذن له في الاستخدام.
"قوله وداري لك سكنى" أي من جهة السكنى لأن داري مبتدأ ولك خبره وسكنى تمييز عن النسبة إلى المخاطب.
"قوله وداري لك عمرى سكنى" يقال عمره الدار أي قال له هي لك مدة عمرك والعمرى اسم منه فيصير معناه جعلت سكناها لك مدة عمرك ولو قال لغيره أجرتك هذه الدار شهرا بغير عوض كانت إعارة ولو لم يقل شهرا لا تكون إعارة كذا في فتاوى قاضيخان.
"قوله ويرجع المعير متى شاء" لعدم لزومها أطلق المصنف رحمه الله تعالى فشمل ما إذا كان في رجوعه ضرر بين بالمستعير فإن الإعارة تبطل وتبقى العين بأجرة المثل ولهذا قال قاضي خان في فتاويه رجل استعار من رجل أمة لترضع ابنا له فأرضعته فلما صار الصبي لا يأخذ إلا منها قال المعير أردد علي خادمي قال أبو يوسف ليس له ذلك وله مثل أجر خادمه إلى أن تفطم الصبي وكذا لو استعار من رجل فرسا ليغزو عليه فأعاره الفرس أربعة أشهر ثم لقيه بعد شهرين في بلاد المسلمين فأراد أخذ الفرس كان له ذلك وإن لقيه في بلاد الشرك في موضع لا يقدر على الكراء والشراء كان للمستعير أن لا يدفعه إليه لأن هذا ضرر بين وعلى المستعير أجر مثل الفرس من الموضع الذي طلب صاحبه إلى أدنى المواضع الذي يجد فيه شراء أو كراء. ا هـ.
"قوله ولو هلكت بلا تعد لا يضمن" أطلقه فشمل ما إذا هلكت في حال الاستعمال وما إذا شرط عليه الضمان فإنه شرط باطل كشرط عدم الضمان في الرهن إذا هلك كذا في المحيط وهذا إذا لم يتبين أنها مستحقة للغير فإن ظهر استحقاقها أنها للغير ضمنها ولا رجوع له على المعير لأنه متبرع وللمستحق أن يضمن المعير وإذا ضمنه لا رجوع له على

 

 ج / 7 ص -406-     ولا تؤجر, ولا ترهن كالوديعة, فإن أجر فعطبت ضمن, ويعير ما لا يختلف بالمستعمل
________________
المستعير بخلاف المودع إذا ضمنها للمستحق حيث يرجع على المودع لأنه عامل له ولا يملك والد الصغير إعارة مال ولده والعبد المأذون يملك أن يعير والمرأة إذا أعارت شيئا من ملك الزوج فهلك إن كان شيئا داخل البيت وما يكون في أيديهن عادة فلا ضمان على أحد أما في الفرس أو الثور فيضمن المستعير والمرأة كذا في النهاية قيد بقوله بلا تعد لأنه لو تعدى ضمنها كما لو كبحها باللجام أو فقأ عينها بالضرب أو حملها ما يعلم أن مثلها لا يحمله أو استعملها ليلا ونهارا مما لا يستعمل مثلها في الدواب وكذا لو نزل عن الدابة ودخل المسجد وتركها في السكة فهلكت يضمن على الأصح وكذا إذا استعار دابة ليركبها في حاجته إلى ناحية مسماة فأخرجها إلى النهر ليسقيها وهي غير تلك الناحية ضمن إذا هلكت وكان إذا استعار ثورا ليكرب به أرضه فكرب أرضا أخرى يضمن إذا عطب وكذا إذا قرنه بثور أعلى منه ولم تجر العادة به فهلك وكذا إذا نام في المفازة ومقود الدابة في يده فسرقت إن كان مضطجعا وإن كان جالسا لا يضمن في غير السفر وإن كان في السفر لا يضمن سواء نام قاعدا أو مضطجعا إذا كان المستعار تحت رأسه أو موضوعا بين يديه أو حواليه بحيث يعد حافظا عادة ولو تركه في المرج يراعى إن كانت العادة هكذا لا يضمن وإن لم يعلم أو كانت العادة مشتركة يضمن ولو جعله في القرية وليس للقرية باب مفتوح لا يضمن إن نام مضطجعا أو قاعدا وفي فتاوى قاضي خان لو استعار دابة للذهاب فأمسكها في بيته فهلكت كان ضامنا لأنه أعارها للذهاب لا للإمساك في البيت.
"قوله ولا تؤجر" لأن الإجارة أقوى لأنها لازمة فلو ملكها لزم لزوم ما لا يلزم وهو العارية أو عدم لزوم ما يلزم وهو الإجارة.
"قوله ولا ترهن كالوديعة" لأن الرهن إيفاء وليس له أن يوفي دينه بمال غيره بغير إذنه وله أن يودع على المفتى به وهو المختار وصحح بعضهم عدمه ويتفرع عليه ما لو أرسلها على يد أجنبي فهلكت يضمن على الثاني لا الأول وسيأتي قريبا.
"قوله فإن أجر فعطبت ضمن" لأنه متعد بالتسليم فصار غاصبا وله أن يضمن المستأجر كالمستأجر من الغاصب وإذا ضمنه رجع على المستعير إذا لم يعلم أنه كان عارية في يده بخلاف ما إذا علم وبخلاف المستعير إذا ضمن ليس له الرجوع على المستأجر لأنه بالضمان تبين أنه آجر ملك نفسه ويتصدق بالأجرة عندهما خلافا لأبي يوسف كذا في الخلاصة.
"قوله ويعير ما لا يختلف بالمستعمل" لكونه ملك المنفعة فملك أن يملكها قيد بما لا

 

 ج / 7 ص -407-     فلو قيدها بوقت أو منفعة أو بهما لا يتجاوز عما سواه وإن أطلق له أن ينتفع أي نوع شاء في أي وقت شاء, وعارية الثمنين والمكيل والموزون والمعدود قرض
_________________
يختلف وهو الحمل والاستخدام والسكنى لأن ما يختلف ليس فيه أن يعير كاللبس والركوب لكن بشرط أن تكون مقيدة أما لو كانت مطلقة كما لو استعار دابة للركوب أو ثوبا للبس له أن يعيرهما ويكون ذلك تعيينا للراكب واللابس فإن ركب هو بعد ذلك قال الإمام علي البزدوي يكون ضامنا وقال السرخسي وخواهر زاده لا يضمن كذا في فتاوى قاضي خان وصحح الأول في الكافي.
"قوله فلو قيدها بوقت أو منفعة أو بهما لا يتجاوز عما سواه وإن أطلق له أن ينتفع أي نوع شاء في أي وقت شاء" يعني أنها على أربعة أوجه لأن الإطلاق والتقييد دائر بين شيئين الوقت والانتفاع وأشار بقوله لا يتجاوز إلى أنه لا يتعدى المسمى فأفاد أنه لا بد أن تكون المخالفة إلى شر فلو خالف إلى مثل المسمى بأن استعار دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة معينة فحمل عليها هذا القدر من حنطة أخرى أو ليحمل عليها حنطة نفسه فحمل عليها حنطة غيره أو خالف إلى خير من المسمى بأن حمل هذا القدر من الشعير لا يكون ضامنا لأنه إنما يعتبر من تقييده ما يكون مفيدا حتى لو سمى مقدارا من الحنطة وزنا فحمل مثل ذلك الوزن من الشعير يضمن لأنه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما تأخذه الحنطة كذا في النهاية وصحح الولوالجي عدم الضمان وفي المحيط إذا استعار دابة ليركبها فركبها وأركب غيره فعطبت ضمن نصف قيمتها. ا هـ. وإذا قيدها بوقت فهي مطلقة إلا في حق الوقت حتى لو لم يردها بعد مضي الوقت مع الإمكان ضمن إذا هلكت سواء استعملها بعد الوقت أو لا ولو كانت مقيدة بالمكان فهي مطلقة إلا من حيث المكان حتى لو جاوزه ضمن وكذا لو خالفه ضمن وإن كان هذا المكان أقرب إليه من المكان المأذون كذا في الخلاصة وإن قيدها بالمستعير بأن قال لا تدفع إلى غيرك فدفع فهلك ضمن فيما يتفاوت وفيما لا يتفاوت والتفصيل عند عدم النهي كذا في الخلاصة وفي فتاوى قاضي خان إذا استعار دابة إلى موضع كذا كان له أن يذهب عليها ويجيء وإن لم يسم له موضعا ليس له أن يخرج بها من المصر. ا هـ.
"قوله وعارية الثمنين والمكيل والموزون والمعدود قرض" ومراده أن إعارة ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء العين قرض ولو كان قيميا حتى لو قال أعرتك هذه القصعة من الثريد فأخذها وأكلها فعليه مثله أو قيمته وكان قرضا إلا إذا كان بينهما مباسطة فيكون ذلك دلالة لإباحة كذا في الخلاصة وفي المحيط لو استعار رقعة ليجعلها على قميصه أو خشبة يدخلها في بنائه فهو ضامن لأنه قرض هذا إذا لم يقل لأردها عليك فإن قال فهو عارية لأن القرض

 

 ج / 7 ص -408-     وإن أعار أرضا للبناء أو الغراس صح, وله أن يرجع, ويكلف قلعهما, ولا يضمن إن لم يوقت. وإن وقت فرجع قبله ضمن ما نقص بالقلع
________________
لا يكون عينه واجب الرد فصار إعادة قيدنا بكونه لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه لأنه لو أمكن بأن استعار درهما ليعاير به ميزانه كان عارية فليس له الانتفاع بعينه كعارية الحلي وإذا كان عارية ما ذكرنا قرضا كان قرض الحيوان للاستعمال عارية لا قرضا فاسدا لأن القرض الفاسد أن يأخذ الحيوان ليستهلكه وينتفع به ثم يرد عليه مثله وهذا فاسد وهو مضمون بالقيمة كذا في فتاوى قاضي خان.
"قوله وإن أعار أرضا للبناء أو الغراس صح" لأن المنفعة معلومة ا هـ.
"قوله وله أن يرجع" لأنها غير لازمة.
"قوله ويكلف قلعهما" أي قلع البناء والغرس وهو بفتح الغين وكسرها كذا في المغرب ويجبر المستعير على القلع إلا إذا كان فيه مضرة بالأرض فإن كان يترك بقيمته مقلوعا كذا في النهاية.
"قوله ولا يضمن إن لم يوقت" أي لا ضمان على المعير إذا رجع إن لم يوقت لها وقتا لأنها غير لازمة ولم يغره.
"قوله وإن وقت فرجع قبله ضمن ما نقص بالقلع" بأن يقوم قائما غير مقلوع يعني: بكم يشتري بشرط قيامه إلى المدة المضروبة كذا في النهاية وتعتبر القيمة يوم الاسترداد كما في فتاوى قاضي خان لأنه صار مغرورا من جهته فإن قلت قد ذكروا أنه لا رجوع على الغار إلا إذا كان الغرور في ضمن عقد المعاوضة حتى لو قال اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلكه فأخذه اللصوص لا يرجع على الغار بما هلك من ماله فكيف يرجع في العارية ولا يرجع الموهوب له بما لحقه من ضمان الاستحقاق على الواهب قلت إنه من باب الالتزام لأن تقدير كلامه ابن في هذا الأرض لنفسك على أن أتركها في يدك إلى كذا من المدة فإن لم أتركها فأنا ضامن لك ما تنفق في بنائك ويكون البناء لي فإذا بدا له إخراجه ضمن قيمته وكان كأنه بنى بأمره فليس من باب الغرور كذا حققه صاحب النهاية وذكر الحاكم الشهيد أنه يضمن رب الأرض للمستعير قيمة غرسه وبنائه ويكونان له إلا أن يشاء المستعير أن يرفعهما ولا يضمنه قيمتهما فيكون له ذلك لأنه ملكه قالوا إذا كان في القلع ضرر بالأرض فالخيار إلى رب الأرض لأنه صاحب أصل والمستعير صاحب تبع والترجيح بالأصل كذا في الهداية وفي المحيط يضمن المعير قيمة البناء والأشجار قائمة على الأرض غير مقلوعة منقوضة وإن شاء المستعير قلع غراسه

 

 ج / 7 ص -409-     ولو استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه حتى يحصد الزرع وقت أو لا, ومؤنة الرد على المستعير, والمودع
__________
وبناءه ولم يضمنه إذا لم يضر بالأرض وإن كان القلع يضر بالأرض لا يقلع إلا برضا صاحبها ويضمن له قيمته مقلوعا ا هـ. وظاهره مع ما قبله أن القلع إذا لم يضر بالأرض كان الخيار للمستعير بين قلعه وبين تضمين جميع القيمة وهو مخالف لما في الكتاب حيث جعل له تضمين ما نقصه القلع لا تضمين جميع القيمة.
"قوله ولو استعارها ليزرعها لم تؤخذ منه حتى يحصد الزرع وقت أو لم يوقت" لأن له نهاية معلومة فيترك بأجر المثل إلى وقت الإدراك إذا رجع لأن فيه مراعاة الحقين كما في الإجارة إذا انقضت المدة والزرع لم يدرك بعد فإنه يترك بأجر المثل مراعاة للجانبين فإن قال رب الأرض أعطيك البذر ونفقتك وأخرجك ويكون ما زرعت لي ورضي به المزارع فإن كان لم يطلع من الزرع شيء لا يجوز لأن المزارع يصير بائعا الزرع، وبيع الزرع قبل النبات لا يجوز وبعدما خرج فيه كلام وأشار المؤلف في المغني إلى الجواز كذا في النهاية ولو بنى حائطا في الدار المستعارة استرد المعير الدار فإذا أراد المستعير أن يرجع عليه بما أنفق ليس له ذلك وليس له أن يهدم الحائط إن كان البناء من تراب صاحب الأرض كذا في الخلاصة وفي المحيط لو استعار أرضا ليبني ويسكن وإذا خرج فالبناء لرب الأرض فلرب الأرض أجر مثلها مقدار السكنى والبناء للمستعير لأن هذه إجارة معنى لأن الإعارة تمليك المنافع بغير عوض ولما شرط البناء له كانت إجارة فاسدة لجهالة المدة والأجرة لأن البناء مجهول فوجب أجر المثل.
"قوله ومؤنة الرد على المستعير" لأن الرد واجب عليه لما أنه قبضه لمنفعة نفسه والأجرة مؤنة الرد فتكون عليه وفائدة كونها على المستعير تظهر أيضا فيما لو كانت العارية مؤقتة فمضى الوقت فأمسكها المستعير فهلكت ضمنها لأن مؤنة الرد عليه كذا في النهاية ويستثنى من إطلاقهم ما ذكره قاضي خان في فتاويه في فصل من يرهن مال الغير رجل أعار شيئا له حمل ومؤنة ليرهنه فرهنه قالوا إن رد العارية يكون على المعير وفرق بينها وبين غيرها من العواري في غير هذا يكون الرد على المستعير لأن هذه إعارة فيها منفعة لصاحبها فإنها تصير مضمونة في يد المرتهن وللمعير أن يرجع على المستعير بقيمته فكانت بمنزلة الإجارة ا هـ. فقد حصل الفرق بين العارية للرهن وغيرها من وجهين الأول ما ذكرناه أن المستعير للرهن لو خالف ثم عاد إلى الوفاق برئ عن الضمان بخلاف غيره الثاني ما ذكرناه هنا ويدخل في المستعير الموصى له بالخدمة فإن مؤنة رد العبد عليه كما في المستعير كذا في النهاية.
"قوله والمودع" أي مؤنة الرد على مالك الوديعة لأن منفعة القبض حاصلة له لأنه

 

 ج / 7 ص -410-     والمؤجر, والغاصب, والمرتهن, وإن رد المستعير الدابة إلى إصطبل مالكها أو العبد إلى دار المالك برئ, بخلاف المغصوب الوديعة, وإن رد المستعير الدابة مع عبده أو أجيره مشاهرة أو مع عبد رب الدابة أو أجيره برئ بخلاف الأجنبي
________________
يحفظ العين ومنفعته عائدة إليه.
"قوله والمؤجر" أي مؤنة الرد على المؤجر لا المستأجر لأنها مقبوضة لمنفعة المالك لأن الأجر سلم له به فإذا أمسكها المستأجر بعد مضي المدة لا يضمنها ما لم يطالبه صاحبها بالرد وفي الفصل السادس من إجارة الفتاوى البزازية قال صاحب المحيط قال مشايخنا هذا إذا كان الإخراج بإذن صاحب المال ولو بلا إذنه فمؤنة الرد مستأجرا أو مستعيرا على الذي أخرج. ا هـ. وفي الخلاصة الأجير المشترك كالخياط ونحوه مؤنة الرد عليه لا على رب الثوب.
"قوله والغاصب" أي مؤنة الرد على الغاصب لأن الواجب عليه الرد والإعادة إلى يد المالك دفعا للضرر عنه.
"قوله والمرتهن" أي مؤنة الرد على المرتهن لا الراهن لأن الغنم حصل له ولهذا اختص به من بين سائر الغرماء حتى يستوفى دينه منه أو لا فكان الغرم عليه قال في الخلاصة إن مؤنة الرد على الراهن وفيه كلام لا يخفى وقد قدمنا حكم نفقة العين المستأجرة وكسوتها.
"قوله وإن رد المستعير الدابة إلى إصطبل مالكها أو العبد إلى دار المالك برئ" عن الضمان استحسانا لأنه أتى بالتسليم المتعارف لأن رد العواري إلى دار الملاك معتاد كآلة البيت قيد بالدابة والعبد لأنها لو كانت عقد جوهر لا يردها إلا إلى المعير لعدم ما ذكرنا من العرف كذا في الهداية وقيدنا بالإصطبل لأنه لو ردها إلى أرض مالكها لا يبرأ كذا في المحيط.
"قوله بخلاف المغصوب الوديعة" حيث لا يبرأ إلا بالرد إلى المالك لأن الواجب على الغاصب نسخ فعله وذلك بالرد إلى المالك دون غيره الوديعة ليس فيها عرف لعدم رضاه بالرد إلى الدار أو من في عياله لأنه لو ارتضاه لما أودعها إياه والمستأجر كالوديعة كذا في المحيط.
"قوله وإن رد المستعير الدابة مع عبده أو أجيره مشاهرة أو مع عبد رب الدابة أو أجيره برئ بخلاف الأجنبي" للعرف قيد بالمستعير لأن المودع لو رد مع عبد رب الدابة أو أجيره لا يبرأ لعدم العرف ولو رد مع عبده لا يضمن لأن له أن يستحفظ به وقيد بالدابة لأنه لو كان

 

 ج / 7 ص -411-     ويكتب المستعار أنك أطعمتني أرضك
__________
شيئا نفيسا فردها إلى يد غلام صاحبها ضمن لعدم العرف به وأطلق في عبد رب الدابة فشمل عبدا يقوم عليها أو لا وهو الأصح وفي قوله بخلاف الأجنبي إشارة إلى أن المستعير ليس له الإيداع من الأجنبي وقد تقدم أن المختار المفتى به جوازه فتعين أن تكون هذه المسألة محمولة على ما إذا كانت العارية مؤقتة فمضت مدتها ثم بعثها مع الأجنبي لأنه بالإمساك بعد المدة يصير متعديا.
"قوله ويكتب المعار أطعمتني أرضك" أي إذا استعار أرضا بيضاء للزراعة يكتب المستعير إنك أطعمتني أرضك لأزرعها ما أشاء من غلة الشتاء أو الصيف عند أبي حنيفة وقالا يكتب إنك أعرتني لأن لفظ الإعارة موضوعة له وله أن لفظ الإطعام أدل على المراد لأنها تخص الزراعة والإعارة تنتظمها وغيرها كالبناء ونحوه فكانت الكتابة بها أولى قيد بالأرض لأن في إعارة الثوب والدار يكتب أعرتني ولا يكتب ألبستني ولا أسكنتني. ا هـ. والله أعلم.