البناية شرح الهداية

باب الاستسقاء قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإن صلى الناس وحدانا جاز،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[باب الاستسقاء] [عدد وكعات صلاة الاستسقاء وكيفيتها]
م: (باب الاستسقاء) ش: أي هذا باب في بيان حكم الاستسقاء، والمناسبة بين البابين من حيث إن كلا منهما يؤدى بجمع عظيم، إلا أن صلاة الكسوف أقوى لكونها تؤدى بجماعة بلا خلاف، وفي أداء الاستسقاء بالجماعة خلاف.
والاستسقاء على وزن استفعال، وهو طلب السقيا، بضم السين وهو المطر يقال سقى الله عباده الغيث وأسقاهم واستقيت فلانا إذا طلبت منه أن يسقيك، وفي " المطالع " يقال سقى وأسقى بمعنى واحد، وقرئ: {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا} [المؤمنون: 21] بالوجهين، وكذا ذكر الخليل سقى الله الأرض وأسقاها. وقال آخرون: سقيته ناولته ليشرب، وأسقيته جعلت له سقيا يشرب منه، ويقال سقيته بشفة وأسقيته لما سقيته لماشيته وأرضه، والاسم السقي بالكسر.
م: (قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة) ، ش: وبه قال إبراهيم النخعي وأبو يوسف في رواية. وقال النووي: لم يقل أحد غير أبي حنيفة هذا القول.
قلت: هذا ليس بصحيح، وقد روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " بسند صحيح وقال: حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه خرج مع المغيرة بن عبد الله السقفي ليستسقي قال فصلى المغيرة فرجع إبراهيم حيث رآه يصلي، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال ابن أبي شيبة: ثنا وكيع عن عيسى بن حفص بن عاصم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ليستسقي فما زاد على الاستغفار.
وقد تجرأ بعض المتعصبين بمن لا يبالي بما لا يترتب عليه في تعصبه بالباطل فقال: قال أبو حنيفة: إن صلاة الاستسقاء بدعة لما قال: ليست بسنة، ولا يلزم من نفي السنة إثبات البدعة؛ لأن عدم السنة يحتمل الجواز، ويحتمل الاستحباب، وفي المنافع مطلق الفعل لا يدل على كونه سنة.
م: (فإن صلى الناس وحدانا) ش: بضم الواو جمع واحد، كركبان جمع راكب، وانتصابه على الحال، أي منفردين، م: (جاز) ، ش: يعني لا يمنع، وفي " شرح مختصر الكرخي "، قال أبو حنيفة: إن صلوا وحدانا فلا بأس بها، وقال صاحب " الروضة ": يصلون وحدانا عنده، وفي " البدائع ": في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة لا صلاة بجماعة في الاستسقاء. وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن الاستسقاء هل فيه صلاة بجماعة ودعاء مؤقت وخطبة، فقال: أما الصلاة بجماعة فلا، ولكن فيها الدعاء والاستغفار فإن صلوا وحدانا فلا بأس.

(3/150)


وإنما الاستسقاء والدعاء والاستغفار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وفي " مختصر الكرخي ": السنة عند تأخر الغيث الاستغفار والصلاة في جماعة عنده ليست بمسنونة، ولو لم يخرج الإمام وأمر الناس بالخروج فلهم أن يخرجوا ولا يصلون جماعة إلا أن يأمر من يصلي بهم في جماعة، ذكره في " التحفة "، وإن خرجوا بغير إذنه جاز، لأنه لطلب الرزق والمنفعة فلا يتوقف على الإذن، إلا أنهم لا يصلون جماعة.

م: (وإنما الاستسقاء والدعاء والاستغفار) ، ش: الدعاء التضرع إلى الله تعالى والطلب منه، والاستغفار طلب المغفرة، وليس فيه دعاء مؤقت، وإنما روي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله....
. ثم قال: " اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا طبقا غدقا عاجلا غير رائث "، ثم ترك فما يأتيه أحد من الوجوه إلا قالوا قد أحيينا» رواه ابن ماجه، وذكره الشافعي في " الأم ".
وروى ابن عيينة بإسناده في غريب الحديث عن أنس «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج للاستسقاء فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما وقرأ ما كان يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] ، وفي الثانية بفاتحة الكتاب و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] فلما قضى صلاته استقبل القوم بوجهه وقلب رداءه، ورفع يديه وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم قال: " اللهم اسقنا وأغثنا غيثا مغيثا وسقيا جدا طبقا غدقا مغدقا موسقا هنيئا مريئا مريعا سائلا مسيلا مجللا دائما دررا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث، اللهم لتحيي به البلاد وتسقي به العباد وتجعله بلاغا للحاضر منا والباد، اللهم أنزل في أرضنا زينتها وأنزل علينا في أرضنا سكنها، اللهم أنزل علينا من السماء ماء طهورا فأحيي به بلدة ميتا واسقه مما خلقت إنسا وأنعاما وأناسي كثيرا» .
فقوله: " غيثا " أي مطرا. قوله: " مغيثا " بضم الميم من الإغاثة، وهي الإعانة. قوله: " هنيئا " هو الذي لا ضرر فيه. قوله: " مريئا " بالهمزة، وهو المحمود العاقبة المسمن للحيوان والمسمن له. قوله: " مريعا " بفتح الميم وكسر الراء من المراعاة، وهي الخصب، وروي " مربعا " بضم الميم وسكون الراء وكسر الباء الموحدة من الربيع، وروي " مرتعا " بالتاء المثناة من فوق من ماء يرتع فيه الإبل، ويروى بالثاء المثلثة بمعنى الأول.
قوله " طبقا " بفتح الطاء والباء الموحدة. قال الأزهري: هو الذي طبق الأرض والبلاد مطره كالطبق عليها. قوله: " غدقا " بفتح الدال. قال الأزهري: هو كثير الماء والخير. قوله: " غير رائث " أي غير بطيء. قوله: " حيا مقطورا " المطر العام، وكذلك " الجد " بالجيم وتخفيف الدال، والسابل بالباء الموحدة المطر.

(3/151)


لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] (نوح: الآية 10) ، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استسقى ولم ترو عنه الصلاة. وقالا يصلي الإمام ركعتين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 11] (نوح: الآية 10، 11) ، ش: علق نزول الغيث بالاستغفار لا بالصلاة، فكان الأصل فيه الدعاء والتضرع دون الصلاة.
ولما روى البخاري ومسلم من طرق عن أنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أنه قال: «دخل المسجد يوم الجمعة رجل من باب كان نحو دار القضاء، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائم يخطب فاستقبله ثم قال: يا رسول الله هلكت المواشي والأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا، قال: فرفع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يديه، ثم قال: " اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا " قال أنس: فلا والله ما نرى من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال أنس: فلا والله ما رأينا الشمس سبعا، ثم دخل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قائم يخطب فاستقبله قائما، فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا فرفع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يديه ثم قال: " اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر " قال: فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس» قال شريك: فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري، فقد استسقى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يصل له، وهو معنى قوله: م: (ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استسقى ولم يرو عنه الصلاة) ش: يعني في هذا الحديث الذي ذكرناه، ونبه عليه بقوله: " ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استسقى ولا يظن أن قوله ولم يرو عنه الصلاة على الإطلاق، فإنه رويت أحاديث كثيرة بأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صلى صلاة الاستسقاء على ما نذكره إن شاء الله تعالى في قوله نحو دار القضاء سميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء ابن عمر الذي كتبه على نفسه كبيت مال المسلمين، وهي ثمانية وعشرون ألفا من معاوية، وهي داره.
وإن قوله في هذا الحديث " لا قزعة " بفتح القاف والزاي قطعة من السحاب، و " السلع " بفتح السين المهملة وسكون اللام وبالعين المهملة جبل بالمدينة. قوله " حوالينا " أي اجعله حوالينا، يقال: رأيت الناس حوله وحواليه. و " الآكام " جمع أكمة وهو الرابية، وقيل المرتفع من الأرض، و " الظراب " بكسر الظاء المعجمة جمع الظرب، وهي الروابي والجبال الصغار.
م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد، م: (يصلي الإمام ركعتين) ش: وبه قال مالك والشافعي وأحمد، إلا أن عندهما ومالك يكبر، وعن أحمد لا يكبر، وعند الشافعي وأحمد في رواية يكبر كما في الجمعة والعيد، ثم إنه لم يذكر في ظاهر الرواية قول أبي يوسف مع محمد، وذكر عن محمد يصلي الإمام أو نائبه فيه ركعتين بجماعة، كما في العيد، وذكر في مواضع قول أبي

(3/152)


لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى فيه ركعتين كصلاة العيد، رواه ابن عباس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
يوسف مع أبي حنيفة، وكذا ذكره في " المبسوط "، وذكر في رواية بشر بن غياث مع محمد، وكذا ذكره الطحاوي مع محمد، وهو الأصح، والمرغيناني قال أبو حنيفة: ليس في الاستسقاء صلاة، وهو قول أبي يوسف. قال علاء الدين الكاشاني معناه بجماعة.
قال الولوالجي: فإن صلى عندهما لا يجهر بالقراءة، وعند محمد يجهر كصلاة الجمعة والعيدين وعن محمد في رواية لا يجهر، ذكرها في " القنية ".
وفي " البدائع " و " التحفة ": الأفضل أن يقرأ فيهما ب {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] في الأولى و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] في الثانية، كما ورد في العيدين ولا يكبر فيهما زوائد العيد في المشهور، ويكبر في رواية ابن كاس عن محمد، ذكرها القدوري في " شرحه "، وقال الشافعي: يكبر خمسا في الأولى وخمسا في الثانية. وقال النووي: والحديث فيه ضعيف.

م: (كصلاة العيدين) ش: يعني من حيث إنه يصلي بالنهار بالجمع ويجهر فيهما بالقراءة، ومن حيث إنه يصلي بلا أذان ولا إقامة، ولكن لا يكبر فيه التكبيرات الزوائد في العيد، ثم الاستسقاء لا يختص بوقت صلاة العيدين ولا بغيره ولا بيوم، وفي " تهذيب زوائد الروضة " قال أبو حامد والمحاملي: يختص بوقت صلاة العيد، قال: والصحيح أنه لا يختص بوقت كما لا يختص بيوم، وفي " المدونة " يصلي ركعتين ضحوة فقط، ولو اقتصر المصنف على قوله يصلي الإمام ركعتين ولم يذكر كصلاة العيد لكان أولى، لأن الشافعي احتج بقوله كصلاة العيد على أنه يكبر فيها تكبيرات التشريق، لأنه جاء مصرحا عن ابن عباس.
ورواه الحاكم والدارقطني والبيهقي «عن طلحة قال: أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء، فقال: سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين، إلا أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلب رداءه فجعل يمينه على يساره، ويساره على يمينه وصلى ركعتين، كبر في الأولى سبع تكبيرات، وقرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] وقرأ في الثانية {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] وكبر فيها خمس تكبيرات» قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد.
وأجيب عنه: بأنه ضعيف، فإن فيه محمد بن عبد العزيز بن عمر، قال البخاري فيه: منكر الحديث. وقال النسائي: متروك الحديث، ويقال: إنه معارض بحديث روي عن أنس، أخرجه الطبراني في " الأوسط «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استسقى فخطب قبل الصلاة واستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم نزل فصلى ركعتين لم يكبر فيهما إلا تكبيرة» .
م: (رواه ابن عباس) ، ش: أخرج الأئمة الأربعة رواية ابن عباس عن عبد الله بن كنانة قال: «أرسلني الوليد بن عقبة وكان أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مبتذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فلم يخطب خطبتكم هذه، لكن

(3/153)


قلنا فعله مرة وتركه أخرى فلم يكن سنة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه الحاكم في " مستدركه " وسكت عنه.

م: (قلنا: فعله مرة وتركه أخرى لم يكن سنة) ، ش: هذا جواب عن أبي حنيفة عن رواية ابن عباس التي احتجا بها، أي فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما ذكره من الصلاة في الاستسقاء مرة واحدة وترك مرة أخرى.
وقال الأكمل: قلنا: إن ثبت ذلك دل على الجواز، ونحن لا نمنعه، وإنما الكلام في أنها سنة أم لا، والسنة مواظبة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وها هنا فعله مرة وتركه أخرى فلم يكن فعله أكثر من تركه حتى يكون مواظبة، فلا يكون سنة. انتهى.
قلت: فيه نظر من وجوه، الأول: قوله " إن ثبت ذلك " غير سديد، لأنه ثبت، نص عليه الترمذي كما ذكرنا عنه الآن.
والثاني: قوله " والسنة ما واظب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " ليس كذلك، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا واظب على شيء يكون واجبا.
والثالث: وارد عليه وعلى المصنف أيضا، وهو قوله: فعله مرة، وتركه أخرى، فلم يكن فعله أكثر من تركه حتى يكون مواظبة، لأنه لم يدل الدليل على أنه فعله مرة.
وقال الأترازي في الجواب فيما ذهب إليه الشافعي في أنه يكبر في الاستسقاء كتكبيرات الزوائد من صلاة العيد أنه لم ينقل عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها التكبيرات كما نقلت في العيد.
قلت: هذا أيضا غير سديد، لأن ما ذكر الآن أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كبر كتكبيرات العيد في صلاة الاستسقاء، ولو اطلع عليه كأن يقول لأنه نقل، ولكنه ضعيف.
وقال الأكمل: فإن قيل كلام المصنف متناقض، لأنه قال أولا ولم يرو عنه الصلاة، ثم قال لما روي عنه فالجواب أن المروي لما كان شاذا فيما تعم به البلوى جعله كأنه غير مروي.
قلت: لا نسلم أن المروي شاذ، لأن الشاذ عند أكثر المحدثين أن يروي الراوي ما لا يرويه الثقات سواء خالفهم أو لا، والمروي رواه غير واحد من الصحابة منهم عم عباد بن تميم، قال: «خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستسقي وصلى ركعتين....» الحديث، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي، وعم عباد بن تميم هو عبد الله بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني.

(3/154)


وقد ذكر في الأصل قول محمد وحده ويجهر فيهما بالقراءة اعتبارا بصلاة العيد، ثم يخطب لما روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطب ثم هي كخطبة العيد عند محمد. وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - خطبة واحدة، ولا خطبة عند أبي حنيفة؛ لأنها تبع للجماعة ولا جماعة عنده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ومنهم عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «شكى الناس إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قحوط المطر ... الحديث، وفيه فصلى ركعتين» رواه أبو داود. ومنهم ابن عباس وقد مضى حديثه عن قريب. ومنهم أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: «خرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستسقي فصلى ركعتين
» الحديث، أخرجه ابن ماجه والطحاوي.

م: (وقد ذكر في الأصل) ، ش: أي في " المبسوط ". م: (قول محمد وحده) ، ش: أشار بهذا إلى أن الخلاف المذكور في صلاة الاستسقاء بين محمد وبين أبي حنيفة وبين أبي يوسف، كذا ذكره في " المبسوط " و " المحيط "، وذكر في " الأسرار " و " التحفة " أن محمدا مع أبي يوسف فيه، وأبو حنيفة وحده.
م: (ويجهر فيهما بالقراءة) ، ش: أي في ركعتي صلاة الاستسقاء م: (اعتبارا بصلاة العيد) ، ش: والجمعة، وعند محمد للجهر، ذكرها في " القنية " م: (ثم يخطب) ، ش: أي بعد الصلاة يخطب الإمام، م: (لما روي أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خطب) ، ش: هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوما فاستسقى فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه، ثم قلب رداءه، فجعل الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن» ورواه البيهقي في " سننه "، وقال: تفرد به النعمان بن راشد عن الزهري. قال البخاري: هو صدوق، لكن في حديثه وهم كثير.
م: (ثم هي) ، ش: أي خطبة الاستسقاء، م: (كخطبة العيد عند محمد) ش: يعني يطمئن بخطبتين يفصل بينهما بجلسة، وبه قال الشافعي، م: (وعند أبي يوسف خطبة واحدة) ، ش: لأن المقصود منها الدعاء، فلا يقطعها بالجلسة، وفي " التحفة " بالجلوس بينهما روايتان عن أبي يوسف، م: (ولا خطبة عند أبي حنيفة، لأنها تبع للجماعة) ، ش: أي لأن الخطبة والتكبير باعتبار المذكور. وفي غالب النسخ لأنها على الأصل، م: (ولا جماعة عنده) ش: أي عند أبي حنيفة، به قال مالك وأحمد، وفي " الحلية " لم يذكر أحمد الخطبة لعدم النقل.
قلت: فيه نظر، لأن النقل موجود، وقال ابن عبد البر، وعلى الخطبة جماعة الفقهاء، وفيه أربع روايات، والرواية المشهورة أن فيها الخطبة.
والثانية: يخطب قبل الصلاة، روي ذلك عن عمر وابن الزبير وأبان بن عثمان وهشام بن

(3/155)


ويستقبل القبلة بالدعاء لما روي «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استقبل القبلة وحول رداءه»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
إسماعيل وأبي بكر محمد بن عمر بن مخزوم، وذهب إليه الليث بن سعد وابن المنذر.
والثالثة: أنه سجدتان [و] الخطبة قبل الصلاة وبعدها.
والرابعة: أنه لا يخطب وإنما يدعو ويتضرع.

[الدعاء في صلاة الاستسقاء]
م: (ويستقبل القبلة بالدعاء لما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استقبل القبلة) ش: لما روى أبو داود عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد أخبره «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج إلى المصلى يستسقي وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، ثم يحول رداءه» . وفي " المبسوط " و " المحيط " عن أبي يوسف إن شاء رفع يديه بالدعاء وإن شاء أشار بإصبعيه، لأن رفع اليد بالدعاء سنة، فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدعو بعرفات باسطا يديه كالمستطعم المسكين. وفي " النهاية " علم بهذا أن رفع اليدين في الأدعية كلها جائز سوى المواضع السبعة، لأن الاستسقاء غيرها، ولو أشار بظهر كفه إلى السماء يجوز، لما روى أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استسقى وأشار بظهر كفه» .
وفي " شرح الوجيز " قال العلماء: وهذه السنة لمن دعا لدفع البلاء، وإذا سأل شيئا من الله يجعل باطن كفه إلى السماء، وكذا في " المبسوط ".

م: (وحول رداءه) ، ش: وفي بعض النسخ ويقلب رداءه، والتحويل أعم من التقليب وصفة ما قاله في " المبسوط " إن كان مربعا جعل أعلاه أسفله، وإن كان مدورا جعل الجانب الأيمن على الأيسر.
وفي " المحيط ": ما يمكن أن يجعل أعلاه أسفل جعل، وإلا جعل يمينه على يساره عند أبي يوسف. وفي الأسبيجابي، و " التحفة ": فإن كان أعلاه وأسفله واحدا كالطيلسان والخميصة حول يمينه على شماله، وشماله على يمينه. وروى محمد بن الحكم عن مالك أنه قال: جعل ما على ظهره منه على شماله يلي السماء، وما كان يلي السماء على ظهره، وبه قال أحمد وأبو ثور.
وفي " الذخيرة " للمالكية: والتحويل أن يأخذ يمينه ما على عاتقه الأيسر، ويمر من ورائه على الأيمن، وما على الأيمن على الأيسر.
وفي " المحيط " إنما قلب - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رداءه ليكون أثبت على عمامته عند رفع يديه في الدعاء أو عرف بالوحي تغير الحال من الجدب إلى الخصب عند تغير الرداء، قلت: جاء ذلك مصرحا في " مستدرك " الحاكم من حديث جابر وصححه، وقيل وحول رداءه ليتحول القحط؛

(3/156)


ويقلب رداءه لما روينا. قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وهذا قول محمد أما عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فلا يقلب رداءه لأنه دعاء فيعتبر بسائر الأدعية وما رواه كان تفاؤلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وكذلك رواه الدارقطني في " سننه "، وفي " السؤالات " للطبراني من حديث أنس وقلب رداءه لكي يقلب القحط إلى الخصب، وفي " مسند " إسحاق بن راهويه لتتحول السنة من الجدب إلى الخصب، وذكره من قول وكيع.
م: (لما روينا) ، ش: أراد به قوله روي «أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - استقبل القبلة وحول رداءه» - م: (قال - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ، ش: أي قال المصنف، م: (وهذا قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ، ش: أي قلب الرداء قول محمد، وبه قال مالك والشافعي وأحمد والأكثرون، م: (أما عند أبي حنيفة فلا يقلب رداءه لأنه) ، ش: أي لأن الاستسقاء، م: (دعاء فيعتبر بسائر الأدعية) ، ش: وسائر الأدعية لا يقلب فيها الرداء فكذلك الاستسقاء ولم يذكر قول أبي يوسف، ونقله في " منتقى البخاري شرح المنظومة "، وفي " المبسوط " إذا مضى صدر خطبته قلب رداءه، ولم يحك خلافا في المرغيناني، ذكر قوله مع أبي حنيفة، وهكذا ذكره الحاكم، وذكر الكرخي مع محمد والطحاوي ذكره مع أبي حنيفة في موضع، ومع محمد في موضع.
وقال في " الذخيرة ": اختلف المتأخرون على قول أبي يوسف، وفي " جوامع الفقه " لم يذكر قلب الرداء إلا على قول أبي يوسف. وفي " المحيط " و " البدائع " و " التحفة " و " الفقيه " ذكر قوله مع محمد وفي " مبسوط " شيخ الإسلام ثم إذا دعي لا يقلب رداءه عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: يقلب رداءه.
واحتجوا بما روي من حديث عبد الله بن زيد، وقد مر عن قريب ووقت إليه بسبب عندنا عند مضي صدر الخطبة، وبه قال ابن الماجشون من المالكية، وفي رواية ابن القاسم بعد تمامها، وقيل قبل تمامها عند أصبغ، وقيل بين الخطبتين، وهذه الثلاثة عن مالك والمشهور عنه بعد تمامها، وبه قال الشافعي.
م: (وما رواه كان تفاؤلا) ، ش: أي وما رواه محمد من الحديث الذي احتج به كان لأجل التفاؤل ليقلب حالهم من الجدب إلى الخصب، فلم يكن لبيان السنة، وفي " المبسوط "، ولا تأويل لما رواه سوى أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يتفاءل بتغير الهيئة ليغير الهواء يعني ما كان عليه فغير اللهم الحال.
وفي الجنازية يحتمل أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يحول رداءه فأصلحه فظن الراوي أنه قلبه وفيه وجهان آخران ذكرناهما عن قريب، قيل في كلام المصنف نظر من وجهين، الأول: أنه تعليل في مقابلة النص وهو غير جائز. والثاني: أنه كان ينبغي أن يتأسى بالنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إن كان فعله تفاؤلا.

(3/157)


ولا يقلب القوم أرديتهم، لأنه لم ينقل أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرهم بذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وأجيب عن الأول أنا لا نسلم أنه تعليل في مقابلة النص، بل هو من باب العمل بالقياس لتعارض النصين بالنفي والإثبات وذلك لأن ما احتج به محمد مثبت، وما احتج به أبو حنيفة ناف، وهو حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رجلا شكى إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هلاك المال وجهد العيال، فدعا الله واستسقى» قال البخاري: ولم يذكر أنه حول رداءه، وفيه نظر لأن المصنف لم يذكر ما احتج به أبو حنيفة من الحديث، وإنما ذكر ما احتج به من القياس، ووجه النظر أنه عمل بالقياس مع وجود الحديث الصحيح.
وأجيب عن الثاني بأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يجوز أن يكون علم بالوحي أن الحال ينقلب إلى الخصب من قلب الرداء، وهذا مما لا يتأتى من غيره، فلا فائدة في التأسي ظاهرا فيما ينفيه القياس، وفيه نظر، لأنه لا يلزم أن يعلم الحكمة فيما فعله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، حتى يأتي به فيه، وكيف يقال لا فائدة في التأسي ظاهرا، ومجرد التأسي عين الفائدة لوجود صورة الاتباع به - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولو كان في أمر غير واجب التأسي بفعل النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كيف يترك بالقياس، وهو في الدرجة الرابعة.

م: (ولا يقلب القوم أرديتهم) ، ش: لا يقلب بالتشديد، لأنه للتكثير بخلاف قوله - ويقلب رداءه - فإنه بالتخفيف والأردية جمع رداء، وعدم تقليبهم أرديتهم نحو قولنا قول سعيد بن المسيب وعروة والثوري والليث بن سعد وابن عبد الحكم وابن وهب من المالكية وعند مالك والشافعي وأحمد القوم كالإمام فيه، م: (لأنه لم ينقل أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمرهم بذلك) ، ش: أي لأن الشأن لم ينقل أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمر أصحابه بذلك، أي بتقليب الأردية حين كانوا معه في صلاة الاستسقاء.
قيل فيه نظر، لأنه استدلال بالمنع وهو غير جائز، لأنه احتجاج بلا دليل، وأجيب بأن الاستدلال بالنفي إنما لا يجوز إذا لم تكن العلة متعينة، أما إذا كانت فلا بأس به، لأن انتفاء العلة الشخصية تستلزم انتفاء الحكم، ألا ترى إلى قول محمد في ولد المغصوب أنه لا يضمن، لأن اسم المغصوب لم يرد عليه.
فإن قيل: إن القوم قلبوا أرديتهم حين قلب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رداءه، ولم ينكر عليهم أجيب بأن قلبهم هذا كخلعهم النعل حتى رأوه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خلع نعليه، في صلاة الجنازة، فلم يكن ذلك حجة، فكذا هذا.
قلت: لقائل أن يقول لم ينقل عنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه عرف ذلك منهم. بل الظاهر أنه لم يعرفهم، لأنه كان مستدبرا لهم، فإذا كان كذلك فلا يصح قياس ذلك على خلع النعال.

(3/158)


ولا يحضر أهل الذمة الاستسقاء، لأنه لاستنزال الرحمة، وإنما تنزل عليهم اللعنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[حضور أهل الذمة الاستسقاء]
م: (ولا يحضر أهل الذمة الاستسقاء لأنه) ، ش: أي لأن الاستسقاء، م: (لاستنزال الرحمة) ، ش: أي لطلب نزول الرحمة، م: (وإنما تنزل عليهم اللعنة) ، ش: فلا يستجاب دعاؤهم، أي لطلب نزول الرحمة، قال تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: 14] [الرعد: 14] ، وهم أهل السخط واللعنة المطلوب ذلك، وهذا لا خلاف فيه بين أصحابنا ومنع أصبغ خروجهم دفعا للعنة عن شفعاء المسلمين، وبه قال الزهري والشافعي، ولم ير مكحول بخروجهم بأسا.
وقال إسحاق: ولا يؤمرون به ولا ينهون عنه، وجوز القاضي من المالكية والظاهرية والشافعي خروجهم منفردين إخفاء لشعارهم، ومنعه ابن حبيب كيلا يحصل السقي في يومهم فيفتن الناس، ولو خرجوا مع أنفسهم إلى بيعهم أو كنائسهم أو إلى الصحراء لم يمنعوا من ذلك، وفي " المرغيناني " يخرجون ثلاثة أيام، وفي " المحيط " و " البدائع " و " التحفة " متتابعات مشاة في ثياب خلق أو مرقعة أو غسيلة متذللين متواضعين منه ناكسي رءوسهم ويقدمون الصدقة في كل يوم قبل خروجهم.
وذكر النووي أنهم يصومون ثلاثة أيام ويدعون في يومهم الرابع، وفي " تهذيب زوائد الروضة " إذا تأخرت الإجابة، هل يخرجون من الغد؟ نقل المزني الجواز، وفي القديم الاستحباب، وفي خزانة الأكمل عن أبي يوسف أنه قال أحسن سماعنا فيه أن يصلي الإمام ركعتين جاهرا بالقراءة مستقبلا القبلة بوجهه قائما على الأرض دون المنبر متكئا على قوس يخطب بعد الصلاة بخطبتين، فإن خطب خطبة واحدة فحسن، فإذا مضى صدر خطبته حول رداءه، وفي " منية المفتي " إن اتكأ على عصى أو قوس كان حسنا، وفي الأسبيجابي: متنكبا قوسه، معناه يجعلها على منكبيه، قال وذكر الكرخي أنه يعتمد على قوسه، وفي " مختصر الكرخي " يعتمد على قوس أو سيف أو عصى، لأنه يعينه على طول القيام.
وفي " الذخيرة " للمالكية لا يخرج المنبر، ولكن يتوكأ على عصى، وأول من أحدث المنبر من طين عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وفي " البدائع " ولا يصعد المنبر ولو كان في موضع الدعاء، وفي " الجواهر " يستحب أن يأمرهم الإمام قبلها بالقربة ورد المظالم وتحليل الناس بعضهم من بعض، لأن الذنوب سبب المصائب، وفي " الدراية " والمستحب أن يصلي صلاة الاستسقاء في مصلى العيد، ويستحب إخراج الأطفال، والشيوخ الكبار، والعجائز اللاتي لا هيئة لهن. وفي " المحيط " لا يخرج المنبر، بل يقوم الإمام والناس قعود، وإن أخرج لاستسقاء الإمام جاز.

(3/159)