البناية شرح الهداية

باب القسم وإذا كان للرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما في القسم، بكرين كانتا أو ثيبين أو إحداهما بكرا والأخرى ثيبا؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من كانت له امرأتان ومال إلى إحداهما في القسم جاء يوم القيامة وشقه مائل» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[باب القسم] [العدل في القسم بين النساء]
م: (باب القسم)
ش: أي هذا باب في بيان أحكام القسم بفتح القاف، مصدر قسم الشيء فانقسم، وبكسر القاف النصيب والقسمة، اسم للمقاسمة والانقسام، والقسم بفتحتين اليمين.
وقال الأترازي: بفتح القاف مصدر، وهو الرواية عن شيوخنا.
قلت: هذا عجيب، لا يحتاج إلى رواية، هكذا عن شيوخه، لأن كل واحد يعلم أنه بالفتح في باب التعديل بين النساء، ويعلم أنه بالكسر النصيب، ولما ذكر جواز عدد من النساء، ولم يكن بد من بيان العدل الوارد من الشارع في حقهن في باب على حدة، والموجب في تأخيره لشدة الاحتياج إلى معرفة غيره على ما لا يخفى.
م: (وإذا كان للرجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما في القسم، بكرين كانتا أو ثيبين، أو إحداهما بكراً والأخرى ثيباً) ش: قال: وإذا كان بلفظ التذكير، وإن كان مستنداً إلى المؤنث الحقيقي لوقوع الفصل، كقولهم: حضر القاضي امرأة، وهذا جاء خلافاً للمجرد، وقال: حرتان ليشمل المسلمة، والكتابية، والمراهقة، والبالغة، والمجنونة، والتي يخاف منها، والحائض، والنفساء، والحامل، والصغيرة التي يمكن وطؤها، والمحرمة، والمولى عنها، والمظاهرة منها، والجديدة، والقديمة فالكل سواء، وبه قال الحكم وحماد.
وقال مالك، والشافعي، وأحمد: يقيم عند البكر الجديدة سبعاً، وعند الثيب الجديدة ثلاثاً، ولا يحتسب عليها بذلك، وهو قول إبراهيم النخعي، وعامر الشعبي، وإسحاق بن راهويه، واختاره ابن المنذر، وقيل: للبكر ثلاث ليال، وللثيب ليلتان، هكذا روي عن سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وخلاس بن عمرو، ونافع عن ابن عمر.
م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: م: «من كانت له امرأتان، ومال إلى إحداهما في القسم جاء يوم القيامة وشقه مائل» ش: هذا الحديث أخرجه أصحاب " السنن الأربعة " من حديث همام بن يحيى، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من كانت ... " آخره، ورواه ابن حبان في "صحيحه "، والحاكم

(5/250)


وعن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان يعدل في القسم بين نسائه، وكان يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك» يعني زيادة المحبة، ولا فضل فيما رويناه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
في "مستدركه ". وقال حديث حسن صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
وفي رواية الترمذي: "وشقه ساقط". وقال شيخنا: بل المراد به سقوطه حقيقة، أو المراد به سقوط حجته بالنسبة إلى إحدى امرأتيه، التي مال إليها مع الأخرى، ويحتمل الأمرين، ولا مانع من الحقيقة، ويدل على إرادة الحقيقة قوله في رواية أبي داود: "مائل"، فهو ظاهر أنه ليس المراد سقوط الحجة، وإنما المراد سقوط أحد شقيه، يعني ميلانه، وفيه أن الجزاء من جنس العمل، فلما لم يعدل وجار عن الحق، والجور الميل كان عذابه بأن يجيء يوم القيامة على رءوس الأشهاد، وأحد شقيه مائل.
م: (وعن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعدل في القسم بين نسائه، كان يقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك» ش: هذا أيضاً أخرجه الأئمة الأربعة، عن عبد الله بن زيد، عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... إلى آخره.
ورواه ابن حبان في "صحيحه "، والحاكم في "مستدركه "، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. قوله: - فيما أملك -، أي فيما قدرني عليه مما يدخل تحت القدرة والاختيار، بخلاف ما لا أقدر عليه من ميل القلب، فإنه لا يدخل تحت القدرة.
م: (يعني زيادة المحبة) ش: هذا ليس من لفظ الحديث، وإنما هو تفسير من الرواة. وحكى الترمذي عن بعض أهل العلم أنه فسره بالحب والمودة، ورواه البيهقي عن الشافعي في تفسير الحديث، قال: يعني - والله أعلم -: قلبه، وكذا قال أبو داود في "سننه " يعني القلب، وفسره الخطابي بميل القلوب م: (ولا فضل فيما روينا) ش: أي لا فضل بين البكر والثيب فيما روينا من الحديث المذكور.

(5/251)


والقديمة والجديدة سواء لإطلاق ما روينا، ولأن القسم من حقوق النكاح ولا تفاوت بينهن في ذلك والاختيار في مقدار الدور إلى الزوج؛ لأن المستحق هو التسوية بينهن دون طريقها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[المبيت عند الزوجة]
م: (والقديمة والجديدة سواء) ش: وقد ذكرنا مذهب الشافعي عن قريب، ولكن نوضح هنا بأكثر من ذلك، فنقول: قال الشافعي، ومالك، وأحمد، وابن عبيد إن كانت جديدة بكراً أقام عندها بعد العقد سبعاً من غير قضاء، وإن كانت ثيباً أقام عندها ثلاثاً من غير قضاء، ولو شاء أقام عندها سبعاً مع القضاء.
وله في القضاء وجهان: أحدهما: أن يقضي جميعاً، وهو ظاهر المذهب إليه، والثاني: أن يقضي ما زاد على الثلاث. وفي " الجواهر " و" المغني ": للأمة الجديدة سبع إذا كانت بكراً، وإن كانت ثيباً فلها ثلاث عند المالكية، والحنابلة، فجعلوها كالحرة البكر والثيب، وللشافعية ثلاثة أقوال: أحدها: التسوية بين الحرة والأمة، والثاني: للأمة النصف كسائر القسم، الثالث: للبكر من الإماء أربع، وللثيب ليلتان تكميلاً لبعض الليلة، ذكره في " النهاية" لإمام الحرمين.
وفي " الجواهر ": الزيادة حق الزوجة، أو حق الزوج، أو حقهما فيه اختلاف. وفي " الجواهر " و" النهاية ": و" المغني ": على ولي المجنون أن يطوف به على نسائه. وفي " النهاية ": لو ترك حق واحدة وخص بالباقية يجب عليه القضاء، وعندنا ما ذكره في " المحيط " و" المبسوط ": الزوج لو أقام عند واحدة شهراً ظلماً ثم طلب القسم من الباقيات أو بغير طلب فليس عليه أن يعرض، لأنه ليس بمال، فلم يكن عليه ديناً في الذمة، لكنه ظالم يوعظ، فإن استمر يؤدب تعزيراً، ولو جعلت له الحرة مالاً على أن يزيد في أيامها فهي باطلة، ولها أن ترجع في مالها، وإن زادها في أيامها، لأن ذلك رشوة، والرشوة في الحكم. وكذا لو حطت من مهرها شيئاً بهذا الشرط، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال أبو ثور: وهو جائز، وهو مذهب الحسن البصري، ذكره في " الأشراف ".
م: (لإطلاق ما روينا) ش: قال الأترازي: هذا تكرار بلا فائدة، لأن عدم القصد فيما رويناه يعلم من قوله: لإطلاق ما روينا، وما كان يحتاج إلى ذكرهما جميعاً. وقال الأكمل: الاختلاف في موضعين: في الفرق بين البكر والثيب، وفي تفضيل الجديدة على القديمة، قيد المصنف الأول بقوله: ولا فضل فيما روينا، والثاني: لإطلاق ما روينا. قلت: لكن النظر في تصويب أحدهما.
م: (ولأن القسم من حقوق النكاح، ولا تفاوت بينهن في ذلك) ش: أي بين النساء م: (والاختيار في مقدار الدور إلى الزوج) ش: يعني إن شاء ثلث لكل واحدة، وإن شاء تسع لكل واحدة إلى غير ذلك، وليس للمرأة أن تقول: بت عندي ليلة وليلة أخرى عند صاحبتي، لأن المقصود هو العدل، وذلك حاصل كيف كان.
م: (لأن المستحق هو التسوية بينهن) ش: أي بين الزوجات م: (دون طريقها) ش: أي طريق التسوية، وفي غالب النسخ: دون طريقه، وقال الأترازي: أي دون طريق العدل، يعني: يبيت

(5/252)


والتسوية المستحقة في البيتوتة لا في المجامعة، لأنها تبتنى على النشاط، وإن كانت إحداهما حرة، والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم، وللأمة الثلث بذلك ورد الأثر، ولأن حل الأمة أنقص من حل الحرة فلا بد من إظهار النقصان في الحقوق، والمكاتبة، والمدبرة، وأم الولد بمنزلة الأمة؛ لأن الرق فيهن قائم. قال: ولا حق لهن في القسم حالة السفر فيسافر الزوج بمن شاء منهن، والأولى أن يقرع بينهن، فيسافر بمن خرجت قرعتها. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: القرعة مستحبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
عند إحدى المرأتين مثل ما يبيت عند الأخرى، فإن بات عند هذه ليلة يبيت عند الأخرى كذلك، وليس لها أن تقول بت عندي ليلة وبت عند صاحبتي مثل ذلك؛ لأن المستحق عليه العدل، لا طريقه؛ لأن طريقه مفوض إلى الزوج. ثم قال الأترازي: وتذكير الضمير في طريقه، وإن كان راجعاً إلى التسوية لإرادة العدل، ومثل ذلك جائز، كما في قوله: والأرض أثقل أثقالها.

[التسوية في البيتوتة عند الزوجات]
م: (والتسوية المستحقة في البيتوتة، لا في المجامعة) ش: قال في شرح " الكافي ": وهذه التسوية في البيتوتة عندها للصحبة، والمؤانسة، لا في المجامعة، لأن ذلك شيء يبتنى على النشاط، ولا يقدر على اعتبار المساواة فيه، وهو نظير المحبة بالقلب م: (لأنها) ش: أي لأن المجامعة م: (تبتنى على النشاط) ش: كما ذكرنا.
م: (وإن كانت إحداهما حرة، والأخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم، وللأمة الثلث، بذلك ورد الأثر) ش: وهو ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الرزاق في "مصنفيهما"، والدارقطني، ثم البيهقي في "سننهما"، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قال: إذا نكحت الحرة على الأمة فلهذه الثلثان؛ ولهذه الثلث، لأن الأمة لا ينبغي لها أن تتزوج على الحرة، والمنهال بن عمرو فيه مقال، وعبادة ضعيف، قال في " التنقيح ": قال البخاري: فيه نظر.
وروى البيهقي عن ابن المسيب، وعن سليمان بن يسار، أن الحرة إذا أقامت على ضرات فلها يومان، ولأمته يوم، وبه قال الشافعي، وأحمد، ومالك في رواية. وقال مالك في رواية أخرى: إنهما سواء في استحقاق القسم.
م: (ولأن حل الأمة أنقص من حل الحرة) ش: لأنها على النصف من الحرة في غالب الحقوق م: (فلا بد من إظهار النقصان في الحقوق) ش: لئلا يلزم التسوية م: (والمكاتبة، والمدبرة، وأم الولد بمنزلة الأمة؛ لأن الرق فيهن قائم) ش: فيكون لهن الثلث من القسم.
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (ولا حق لهن في القسم حالة السفر، ويسافر الزوج بمن شاء منهن، والأولى أن يقرع بينهن، فيسافر بمن خرجت قرعتها. وقال الشافعي: القرعة مستحبة) ش: حتى لو سافر بدون القرعة بواحدة يقضي ما مضى، يعني يقيم عند من لم يسافر معها مثل تلك الأيام، وبالقرعة لا يقضي، وبه قال أحمد: يقضي بكل حال.

(5/253)


لما روي «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه» إلا أنا نقول: إن القرعة لتطييب قلوبهن، فكانت من باب الاستحباب، وهذا لأنه لا حق للمرأة عند مسافرة الزوج، ألا ترى أن له أن لا يستصحب واحدة منهن، فكذا له أن يسافر بواحدة منهن، ولا تحتسب عليه تلك المدة، وإن رضيت إحدى الزوجات بترك قسمها لصاحبتها جاز؛ لأن سودة بنت زمعة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سألت رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أن يراجعها، وتجعل يوم نوبتها لعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (لما روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه» ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة من حديث عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، قالت: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه» أخرجوه مختصراً، ومطولاً، بحديث الإفك.
م: (إلا أنا نقول) ش: يعني نعمل بالحديث، كما يعمل الشافعي، غير أنا نقول: م: (إن القرعة لتطييب قلوبهن، فكانت) ش: أي القرعة م: (من باب الاستحباب) ش: والشافعي يعمل بظاهره، ونحن نقول: إن التسوية بينهن لم تكن واجبة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحضر، ففي السفر أولى، وإنما كان يقرع في السفر لما ذكرنا م: (وهذا) ش: يعني كون القرعة من باب الاستحباب م: (لأنه لا حق للمرأة عند مسافرة الزوج، ألا ترى) ش: توضيح لما قبله م: (أن له) ش: أي للزوج م: (أن لا يستصحب واحدة منهن، فكذا له أن يسافر بواحدة منهن) ش:.
هذا دليل على جواز أنه لا حق لهن حالة السفر م: (ولا تحتسب عليه تلك المدة) ش: أي لا تحتسب على الزوج السفر، يعني إذا سافر بإحدى المرأتين شهراً مثلاً، ولا يؤمر أن يكون عند الأخرى شهراً آخر، بل يسوي بينهما في الحضر ابتداء، وفي " الغاية ": ثم لا يقضي مدة السفر بواحدة منهن، وكذا لبقية نسائه، وقال داود: يقضي، واشترط صاحب " الوجيز " بسقوط القضاء على مذهب الشافعي أربعة شرائط: أحدها: أن يقرع.
والثاني: على أن لا يعزم على النقلة؛ لأن سفر النقلة لا يجوز أن يستصحب ببعضهن دون بعض، وفي سفر التجارة يجوز.
والثالث: أن يكون السفر طويلاً؛ لأن في السفر القصير لغرض التفرج طريقان: أحدهما: يستحب القرعة، ويقضي والثاني: كالسفر الطويل، ولا يقضي، وهو الصحيح عند صاحب " التهذيب " " والتتمة ".
والرابع: أن لا يعزم على الإقامة، ومقصده أربعة أيام، أو أكثر.
م: (وإن رضيت إحدى الزوجات بترك قسمها لصاحبتها جاز؛ لأن سودة بنت زمعة سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يراجعها وتجعل يوم نوبتها لعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -) ش: مفهوم هذا الحديث أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلق

(5/254)


ولها أن ترجع في ذلك؛ لأنها أسقطت حقا لم يجب بعد، فلا يسقط.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
سودة، وقال مخرجو الأحاديث: ولم نجد ذلك.
قلت: روى البيهقي في "سننه " بإسناده إلى عروة «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلق سودة، فلما خرج إلى الصلاة أمسكت بثوبه فقالت: والله ما لي في الرجال من حاجة، ولكني أريد أن أحشر في أزواجك، قال: فراجعها، وجعل يومها لعائشة،» وهذا مرسل.
وفي " مستدرك" الحاكم عن هشام بن عروة، عن أبيه، «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت: يا رسول الله يومي هذا لعائشة فقبل ذلك منها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: وفيها وفي أشباهها أنزل الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128] » (النساء: الآية 127) ، وقال صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
وروى البخاري ومسلم «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قالت: ما رأيت امرأة أحب إليَّ من أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة، فلما كبرت قالت: يا رسول الله قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة» .
وروى البخاري أيضاً: «كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقسم لكل امرأة منهن يومها، غير أن سودة بنت زمعة جعلت يومها وليلتها لعائشة، تبغي بذلك رضا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» انتهى. وزمعة بفتحتين اسم رجل.
م: (ولها أن ترجع في ذلك) ش: أي للمرأة أن ترجع في قسمها بعد أن وهبت لصاحبتها م: (لأنها أسقطت حقاً لم يجب بعد، فلا يسقط) ش: فلم يكن إسقاطها يلزمها، فلها المطالبة بعد ذلك عن وجوب الحق، وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد، إلا أن الشافعي قال: يشترط قبول الزوج في هبة يومها، والله أعلم.

(5/255)