البناية شرح الهداية

باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغير ذلك ومن حلف لا يبيع أو لا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك لم يحنث لأن العقد وجد من العاقد، حتى كانت الحقوق عليه، ولهذا لو كان العاقد هو الحالف يحنث في يمينه، فلم يوجد ما هو الشرط وهو العقد من الآمر، وإنما الثابت له حكم العقد، إلا أن ينوي ذلك، لأن فيه تشديدا أو يكون الحالف ذا سلطان لا يتولى العقد بنفسه، لأنه يمنع نفسه عما يعتاده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغيره] [حلف لا يبيع ولا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك]
م: (باب اليمين في البيع والشراء والتزوج وغير ذلك)
ش: أي هذا باب في بيان أحكام اليمين إلى آخره. قوله: وغير ذلك. أي في الطلاق والعتاق والضرب، كما إذا قال: لا يطلق ولا يعتق ولا يضرب فأمر غيره بذلك، وسيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.
ولما كانت التصرفات في الأيمان في هذه الأشياء أكثر وقوعًا بالنسبة إلى اليمين في الحج والصلاة والصوم، قدم هذا الباب على باب اليمين في الحج.
م: (ومن حلف لا يبيع ولا يشتري أو لا يؤاجر فوكل من فعل ذلك لم يحنث) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الأظهر. وقال مالك وأحمد - رحمهما الله: يحنث، لأن الفعل يطلق على الموكل بالأمر يصير كأنه فعله بنفسه، كما لو حلف لا يحلق رأسه فأمر غيره بحلقه يحنث م: (لأن العقد وجد من العاقد حتى كانت الحقوق عليه) ش: أي على الوكيل والحقوق مثل تسليم المبيع، فإذا كان بائعًا قبضه إذا كان مشتريًا، وقبض الثمن إذا كان بائعا والرجوع على البائع عند ظهور الاستحقاق والخصومة في العيب.
م: (ولهذا) ش: أي ولكون عدم الحنث عند وجود العقد من غير الحالف م: (لو كان العاقد هو الحالف يحنث في يمينه) ش: لوجود الشرط الذي هو العقد منه، وقوله م: (فلم يوجد ما هو الشرط وهو العقد من الآمر) ش: من تتمة تعليل قوله لم يحنث، لأن شرط الحنث وهو عقد الحالف على هذه الأشياء لم يوجد منه، وإنما وجد من المأمور م: (وإنما الثابت له حكم العقد) ش: هذا جواب عما قال الخصم إن هذا العقد ثابت له لا للآمر، وتقريره أن الثابت للآمر حكم العقد وهو الملك.
م: (إلا أن ينوي ذلك) ش: قوله: لم يحنث، أي إلا إن نوى الحالف أن لا يأمر غيره أيضًا، فحينئذ يحنث م: (لأن فيه تشديدًا) ش: أو تغليظًا عليه م: (أو يكون الحالف ذا سلطان) ش: أي ذا شوكة م: (لا يتولى العقد بنفسه، لأنه يمنع نفسه عما يعتاده) ش: أي لأن ذا سلطان كالقاضي ونحوه إذا منع نفسه عن الفعل يمنعها بما هو عادة له في ذلك الفعل، فإذا حلف لا يبيع ولا يشتري فكأنه قال لا آمر بالبيع ولا آمر بالشراء، بدلالة الحال فيحنث في يمينه بفعل المأمور.
واعلم: أن الضابط في هذه التصرفات لأصحابنا فيما يحنث بفعل المأمور، وفيما لا يحنث

(6/221)


ومن حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك حنث؛ لأن الوكيل في هذا سفير ومعبر، ولهذا لا يضيفه إلى نفسه بل إلى الآمر وحقوق العقد ترجع إلى الآمر لا إليه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
شيئان، أحدهما أن كل فعل يرجع الحقوق فيه إلى المباشرة، فالحالف لا يحنث لمباشرة المأمور، وهو الذي ذكره المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقوله: ومن حلف لا يبيع ... إلى آخره. وذكر ثلاثة أشياء البيع والشراء والإجارة.
وفي هذا الباب التزويج والاستجارة والصلح عن مال القسمة والخصومة وضرب الولد. والثاني هو الذي لا يتعلق الحقوق بالمباشرة، بل بالآمر، ولم يكن له حقوق، فحينئذ يكون فعل المأمور كفعل الآمر، وهو الذي أشار إليه بقوله:

[حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق فوكل بذلك]
م: (ومن حلف لا يتزوج أو لا يطلق أو لا يعتق) ش: وذكر ثلاثة أشياء في هذا القسم، ومن هذا الباب المكاتبة والصلح عن دم العمد والهبة والصدقة والقرض والاستقراض وضرب الولد والريح والبناء والخياطة والإبداع والاستبداع والإعارة والاستعارة وقضاء الدين والقبض والكسوة والحمل وأحد الثلاثة التي ذكرها التزويج، فإنه إذا حلف لا يتزوج م: (فوكل بذلك حنث) ش: وقال في " نوادر هشام " - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذا زوجه غيره امرأة بغير إذن الحالف ثم إن الحالف أجازه.
قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يحنث. وفي " مسائل أهل البصرة " فيما كتبوا إلى محمد بن الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذا حلف لا أتزوج فوكل وكيلًا بالنكاح لا يحنث، وهو خلاف الأصل، كذا ذكر الناطفي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأجناس "، فوكل بذلك، أي بكل واحد من التزوج والطلاق والعتاق يحنث.
وبه قال مالك وأحمد والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه، ذكره في " تتمتهم ". وقال في " الوجيز " و " التنبيه " وأكثر كتبهم: لا يحنث لعدم الفعل منه، ولهذا يصدق ما نكح فلان، وإنما قيل له الوكيل في النكاح كما في البيع ونحوه، وقلنا تحرم بالحنث.
م: (لأن الوكيل في هذا سفير) ش: قال في " المغرب ": السفير الرسول المصلح بين القوم، ومنه الوكيل سفيرًا م: (ومعبر) ش: من التعبير، وهو الذي يعبر، أي بغير الوكيل، كما يقع بينه وبين الموكل من الآمر الذي وكله فيه.
م: (ولهذا) ش: أي ولكونه سفيرًا معبرًا م: (لا يضيفه) ش: أي لا يضيف الموكل إلى ما وكل فيه م: (إلى نفسه، بل إلى الآمر) ش: أي بل يضيفه إلى الآمر وهو الموكل، فصار كأن الموكل فعله بنفسه م: (وحقوق العقد) ش: أي في الأشياء الثلاثة المذكورة م: (ترجع إلى الآمر) ش: وهو الموكل م: (لا إليه) ش: أي لا ترجع الحقوق إلى الأمور، وهو الوكيل والحقوق ظاهرة، وهي وجوب

(6/222)


ولو قال: عنيت أن لا أتكلم به لم يدين في القضاء خاصة، وسنشير إلى المعنى في الفرق إن شاء الله تعالى. ولو حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل يحنث في يمينه؛ لأن المالك له ولاية ضرب عبده وذبح شاته فيملك تولية غيره، ثم منفعته راجعة إلى الآمر، فيجعل هو مباشرا إذ لا حقوق له يرجع إلى المأمور، ولو قال: عنيت أن لا أتولى ذلك بنفسي دين في القضاء، بخلاف ما تقدم من الطلاق وغيره. ووجه الفرق أن الطلاق ليس إلا تكلم بكلام يفضي إلى وقوع الطلاق عليها، والآمر بذلك مثل التكلم به، واللفظ ينتظمهما فإذا نوى التكلم به فقد نوى الخصوص في العام فيدين ديانة لا قضاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
المهر في التزوج ووقوع الطلاق ووقوع العتاق.

[حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل]
م: (ولو قال: عنيت أن لا أتكلم به) ش: أي بلفظ التزوج والتطليق والإعتاق م: (لم يدن) ش: أي لم يصدق م: (في القضاء) ش: لأنه خلاف الظاهر، وقيد بقوله م: (خاصة) ش: لأنه يصدق ديانة، لأنه نوى شيئًا يحتمله لفظه، فصحت النية والله يعلم الباطن. م: (وسنشير إلى المعنى في الفرق إن شاء الله تعالى) ش: أراد به قوله في المتن، ووجه الفرق كأن الطلاق ليس تكلم إلا بكلام يفضي إلى وقوع الطلاق عليها إلى آخر ما قال.
م: (ولو حلف لا يضرب عبده أو لا يذبح شاته فأمر غيره ففعل يحنث في يمينه) ش: وبه قال مالك وأحمد وعند الشافعي لا يحنث م: (لأن المالك له ولاية ضرب عبده وذبح شاته فيملك تولية غيره، ثم منفعته راجعة إلى الآمر فيجعل هو مباشرًا، إذ لا حقوق له يرجع إلى المأمور) ش: توضيحه أن الفعل ينبت إلى الآمر ليس فيه حقوق لا تتعلق بالمأمور ومنفعته تعود إلى الآمر، لأن العبد يكون مؤتمرًا سفيرًا بأمر الموالي، فكان فعل المأمور كفعل الآمر.
م: (ولو قال) ش: أي الحالف المذكور م: (عنيت أن لا أتولى ذلك بنفسي) ش: أي قصدت أن لا أتولى ضرب العبد أو ذبح الشاة بنفسي م: (دين في القضاء) ش: قال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: صدق قضاء وديانة م: (بخلاف ما تقدم من الطلاق وغيره) ش: مثل النكاح والعتاق.
ثم أشار إلى الفرق بين الصورتين بقوله م: (ووجه الفرق) ش: وهذا هو الفرق الذي ذكر قبل هذا، وبيان وجهه م: (أن الطلاق ليس إلا تكلم بكلام يفضي إلى وقوع الطلاق عليها، والآمر بذلك) ش: أي بالطلاق والعتاق والنكاح م: (مثل التكلم به، واللفظ ينتظمهما) ش: أي ينتظم التكلم بذلك والآمر بذلك، لأن المأمور كالرسول، ولسان الرسول كلسان المرسل بالإجماع، فيكون التطليق بلسانه كالتطليق بنفسه.
فيكون ما سماه خلاف الظاهر، وهو متهم فيه، فلا يصدق قضاء، وهو معنى قوله م: (فإذا نوى التكلم به فقد نوى الخصوص في العام فيدين ديانة) ش: أي يصدق فيما بينه وبين الله تعالى م: (لا قضاء) ش: أي لا يصدق في القضاء، لأنه خلاف الظاهر كما ذكره.

(6/223)


أما الذبح والضرب ففعل حسي يعرف بأثره، وبالنسبة إلى الآمر بالتسبيب مجازا فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى الحقيقة فيصدق ديانة وقضاء، ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانا فضربه لم يحنث في يمينه؛ لأن منفعة ضرب الولد عائدة إليه وهو التأدب والتثقف فلم ينسب فعله إلى الآمر بخلاف الأمر بضرب العبد، لأن منفعة الائتمار بأمره عائدة إلى الآمر، فيضاف الفعل إليه.

ومن قال لغيره: إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق فلبس المحلوف عليه ثوبه في ثياب الحالف فباعه ولم يعلم لم يحنث، لأن حرف اللام دخل على البيع فيقتضي اختصاصه به، وذلك بأن يفعله بأمره إذ البيع يجري فيه النيابة ولم يوجد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (وأما الضرب) ش: أي ضرب العبد م: (والذبح) ش: أي ذبح الشاة م: (ففعل حسي يعرف بأثره) ش: ولا يحتاج فيه إلى الآمر، حتى يكون ضربًا أو ذبحًا م: (والنسبة إلى الآمر) ش: أي نسبة الفعل إلى الآمر م: (بالتسبيب) ش: أي سبيل التسبيب م: (مجازًا، فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى الحقيقة، فيصدق، ديانة وقضاء) ش: وإن كان في ذلك تخفيف له. وقيل ذكر القضاء في مسألة الضرب رواية في الطلاق، لأنه في الموضعين إذا نوى المباشرة فقد نوى حقيقة كلامه فيصدق قضاء في الفصلين. و [به] قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م: (ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانًا فضربه، لم يحنث في يمينه، لأن منفعة ضرب الولد عائدة إليه) ش: أي إلى الولد م: (وهي) ش: أي المنفعة المذكورة م: (التأدب والتثقف) ش: يقال ثقفت الرمح فتثقف، أي سويته فاستوى.
حاصله أن يتأدب ويسلك الطرائق الحميدة، ويختار السير الصالحة ويتجنب الأفعال المستقبحة ويترك البزى والشهوة، فذلك منفعة خالصة للولد، وإن كان فيه منفعة للوالد أيضًا هاهنا فلم يجعل ضرب المأمور كضرب الآمر م: (فلم ينسب فعله إلى الآمر. بخلاف الآمر بضرب العبد لأن منفعة الائتمار) ش: أي الانقياد بأوامره والإطاعة للمولى عائدة إلى الآمر م: (بأمره فيضاف الفعل إليه) ش: أي إلى الآمر، أي لأن ضرب المأمور كضرب المولى فيحنث بضرب المأمور.

م: (ومن قال لغيره: إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق، فلبس المحلوف عليه ثوبه) ش: أي أخفاه م: (في ثياب الحالف فباعه) ش: أي الحالف والحالف أنه لم يدر م: (ولم يعلم لم يحنث، لأن حرف اللام دخل على البيع فيقتضي اختصاصه به) ش: أي يقتضي اختصاص الفعل بالمحلوف عليه م: (وذلك بأن يفعله بأمره) ش: سواء كان العين مالكية أو لا م: (إذ البيع يجري فيه النيابة ولم يوجد) ش: أي الآمر، فلا يحنث، لأن تقدير الكلام إن بعت ثوبًا يومًا بوكالتك أو بأمرك ولم يوجد.
والأصل في معرفة ذلك أن يعرف أن اللام قد تكون للتمليك نحو المال لزيد، وقد تكون للتعليل نحو فعلت هذا لمرضاتك، أي لأجل ابتغاء مرضاتك، فلا يصرف لأحدهما إلا بوجود المرجح أو لتعذر صرفه إلى الآخر.

(6/224)


بخلاف ما إذا قال: إن بعت ثوبا لك حيث يحنث إذا باع ثوبا مملوكا له، سواء كان بأمره أو بغير أمره علم بذلك أو لم يعلم، لأن حرف اللام دخل على العين لأنه أقرب إليه فيقتضي اختصاص العين به، وذلك بأن يكون مملوكا له. ونظيره الصياغة والخياطة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وهنا أصلان آخران:
أحدهما: أن تصحيح الكلام مع مراعاة النظم أولى من تصحيحه مع تغير نظامه.
والآخر: أن كل فعل يجري فيه الوكالة قد يفعله الفاعل تارة لنفسه وتارة لغيره، وما يجوز فيه الوكالة لا يعمل لغيره فتتعين اللام فيه للملك، ففي المسألة المذكورة لم يحنث، لأن المعنى بعت لأجلك ولم يوجد البيع لأجل المحلوف عليه لعدم أمره.

[قال إن بعت ثوبا لك فباعه بأمره أو بغير أمره]
م: (بخلاف ما إذا قال: إن بعت ثوبًا لك حيث يحنث إذا باع ثوبًا مملوكًا له، سواء كان بأمره أو بغير أمره علم بذلك أو لم يعلم، لأن حرف اللام دخل على العين) ش: أي تعلق به م: (لأنه أقرب إليه فيقتضي اختصاص العين به) ش: أي بالمحلوف عليه، يعني لما كانت اللام مقرونة بالبيع، والبيع من الأفعال التي تملك بالعقد اقتضت أن يكون البيع مختصًا بالمحلوف عليه بأن يقع فعل البيع للمحلوف عليه ووقوعه لزمان يتبعه بأمر المحلوف عليه ولم يوجد البيع بأمره، فلا يحنث.
بخلاف ما إذا قال ثوبًا لك حيث يحنث إذا باعه بأمره أو بغير أمره، ولا يشترط العلم بذلك، لأن اللام لما قرنت بالعين وكانت أقرب إلى العين من الفعل اقتضت اختصاص العين بالمحلوف عليه، والاختصاص بأن يكون العين ملك للمحلوف عليه.
م: (وذلك بأن يكون مملوكًا له) ش: أي الاختصاص بالمحلوف عليه، بأن الثوب مملوكًا له، لأن اللام في هذه الصورة صارت العين، فأوجب ملك العين لا ملك الفعل تقدير يمينه إن بعت ثوبًا هو مملوك، فلو باع ثوبًا مملوكًا يحنث، سواء علم به أو لا.
وفي الدخول ونحوه يقع اليمين على تلك العين، سواء قدم اللام بأن قال: إن أكلت لك طعامًا أو شربت لك شرابًا، أو آخر بأن قال: طعامًا لك أو شرابًا لك، لأن هذا الفعل مما لا يملك بالعقد فوجب صرف اللام إلى مالك الفصل بالعقد، وهو العين، بخلاف الفصل الأول، فإن كل واحد منها مما يملك بالعقد فرجحنا بالقرب، فإن نوى غيره صدق قضاء فيما قيد تغليظًا عليه لا فيما فيه تحقيق.
فإن نوى من قوله: بعت لك: بعت ثوبًا لك، وعلى العكس يصدق ديانة فيهما، لأنه نوى ما يحتمله كلامه بتأخير اللام وتقديمه، إذ اللام تحتملهما ولا يصدق قضاء فيما فيه تخفيف عليه.
م: (ونظيره) ش: أي نظير البيع م: (الصياغة والخياطة) ش: ونحوهما، ذكرناه عن قريب م:

(6/225)


وكل ما يجري فيه النيابة، بخلاف الأكل والشرب وضرب الغلام؛ لأنه لا يحتمل النيابة فلا يفترق الحكم فيه في الوجهين. ومن قال: هذا العبد حر إن بعته فباعه على أنه بالخيار عتق لوجود الشرط، وهو البيع والملك فيه قائم فينزل الجزاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[حلف أن يضرب عبده فأمر غيره بضربه]
(وكل ما يجري فيه النيابة) ش: عطف على ما قبله وما يجري فيه النيابة نحو الكتابة والهبة والصدقة، وقد ذكرنا هذا القسم عن قريب عند ذكر التزوج والطلاق والعتاق.
م: (بخلاف الأكل والشرب وضرب الغلام) ش: صرح قاضي خان في " جامعه " بأن المراد بالغلام العبد، لأن الضرب مما لا يملك بالعقد. وقال المرغيناني: المراد بالغلام الولد، وسمي الولد غلامًا، وقال الله تعالى: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7] (مريم: الآية 7) ، لأن ضرب العبد يحتمل الوكالة والنيابة، وهذا هو الصواب؛ لأن ضرب العبد يحتمل النيابة كما ذكرنا، ولهذا لو حلف أن يضرب عبده فأمر غيره بضربه حنث، لأن المنفعة تعود إليه، وقد ذكره المصنف قبل هذا.
وقال الأكمل: ومن الشارحين من وجه الأول. وقال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قال الإمام الأستاذ ناقلًا عن أستاذه: أن المراد من الغلام العبد، قال: وذكر بعد الشارحين صريحًا انتهى. وقال الأكمل: أجاب عن المسألة المذكورة، أي أجاب الشارح الذي قال المراد من الغلام العبد بأن محمدًا لم يذكرها، وهو مخالف لما ذكره المصنف وتخطية فإنه لا حقوق له ترجع إلى المأمور، ومع ذلك جعل مما يحتمل النيابة.
م: (لأنه) ش: أي لأن كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة م: (لا يحتمل النيابة، فلا يفترق الحكم فيه في الوجهين) ش: أي لا يفترق حكم الحنث فيما لا يجزئ فيه النيابة كالأكل والشرب وضرب الغلام في الوجهين، يعني إذا قدم اللام أو أخر.
فإن قلت: ضرب الغلام يجري فيه النيابة كما سبق أن من حلف لا يضرب عبده يحنث بضرب مأموره.
قلت: المراد من جريان النيابة بأنه تعلق بها حقوق يرجع الوكيل بما لحقه من العهدة على الموكل، وهنا ليس لضرب العبد حقوق تلحق الوكيل يرجع بها على الموكل، فافهم.
م: (ومن قال: هذا العبد حر إن بعته فباعه على أنه بالخيار عتق لوجود الشرط وهو البيع، والملك فيه قائم) ش: لأن خياره يمنع خروج البيع عن ملكه باتفاق م: (فينزل الجزاء) ش: وهو الحرية، وبه قال مالك والشافعي: رحمهما الله - في وجه.
وقال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يعتق، لأن خيار البائع يخرج البيع عن ملكه عنده. وقيد بقوله: باعه بالخيار، لأنه لو باعه بيعًا بأن لا يعتق بالإجماع لخروج البيع عن ملكه، فلم يبق محلًا للجزاء، فلا يترك الجزاء في غير الملك ولهذا يعرف أن العلة مع المعلول يفترقان في الوجود

(6/226)


وكذلك لو قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار يعتق أيضا؛ لأن الشرط قد تحقق، وهو الشراء، والملك قائم فيه، وهذا على أصلهما ظاهر، وكذا على أصله لأن هذا العتق بتعليقه والمعلق كالمنجز، ولو نجز العتق يثبت الملك سابقا عليه، فكذا هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
أما الشرط والمشروط غير مفترقين.
فإن قيل: لو كان البيع من غير إفادة الحكم كافيًا لوقوع ما علق به لكان النكاح كذلك، فإذا علق العتق بالنكاح ووجد النكاح فاسدًا وجب أن يقول: الجزاء ليس كذلك.
أجيب: بأن جواب البيع ليس مع المنافي، وجواز النكاح مع المنافي، لأنه رق وإلا تنافيه، فإذا كان النكاح فاسدًا اعتقد فساده بما يخالف الدليل، فيترجح جانب العدم، فصار كأن لم يكن بخلاف البيع، لأنه موافق للدليل فكان موجودًا، فالإيجاب والقبول في المحل وإن لم يفد الحكم.

[قال المشتري إن اشتريته فهو حر فاشتراه على أنه بالخيار]
م: (وكذلك لو قال المشتري: إن اشتريته فهو حر، فاشتراه على أنه بالخيار عتق أيضًا، لأن الشرط قد تحقق، وهو الشراء والملك قائم فيه) ش: أي في العبد فيترك الجزاء، هذا في قولهم جميعًا م: (وهذا على أصلهما) ش: أي على أصل أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (ظاهر) ش: لأن خيار المشتري لا يمنع ثبوت ملك المشتري عندهما، فثبت الملك سابقًا على العتق، فيترك العتق في الملك، وبه قال أحمد والشافعي - رحمهما الله - في وجه.
وقال مالك والشافعي - رحمهما الله: في وجه لا يعتق، لأن انتقال الملك سقوط الخيار، فقيل: سقوطه وجد الشرط وينحل اليمين فلا يعتق لعدم الملك م: (وكذا على أصله) ش: أي أصل أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعني يعتق.
وإن كان حلف المشتري يمنع دخول المبيع في ملكه م: (لأن هذا العتق بتعليقه) ش: أي بتعليق المشتري لا بالملك م: (والمعلق كالمنجز) ش: يعني المعلق بالشرط كالمنجز، فكأنه قال بعد الشراء عقب هذا العقد.
م: (ولو نجز) ش: أي المشتري م: (العتق) ش: في هذه الصورة م: (يثبت الملك سابقًا عليه) ش: أي على التخيير م: (فكذا هذا) ش: أي فكذا في تعلق العتق بالشراء إذا وجد الشراء يكون كأنه يوجز العتق حالة الشراء بخلاف قوله إن ملكتك فأنت حر فاشتراه على أنه بالخيار لا يعتق، لأن شرط الحنث وهو الملك لم يوجد، لأن المشتري بالخيار لم يملكه عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لم يترك الجزاء.
وبخلاف ما إذا اشترى ذا رحم محرم بالخيار، حيث لا يعتق على قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لعدم الملك، لأن الخيار من المشتري مانع لتملكه.

(6/227)


ومن قال: إن لم أبع هذا العبد أو هذه الأمة فامرأته طالق فأعتق أو دبر طلقت امرأته لأن الشرط قد تحقق، وهو عدم البيع لفوات محلية البيع.

وإذا قالت المرأة لزوجها تزوجت علي، فقال: كل امرأة لي طالق ثلاثا طلقت هذه التي حلفته في القضاء، وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنها لا تطلق لأنه أخرجه جوابا فينطبق عليه، ولأن غرضه إرضاؤه، وهو بطلان غيرها، فيتقيد به. ووجه الظاهر عموم الكلام، وقد زاد على حرف الجواب فيجعل مبتدئا، وقد يكون غرضه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[تعليق الطلاق على البيع]
م: (ومن قال: إن لم أبع هذا العبد أو هذه الأمة فامرأته طالق فأعتق أو دبر طلقت امرأته، لأن الشرط قد تحقق، وهو عدم البيع لفوات محلية البيع) ش: أي بالإعتاق والتدبير، فطلق كما لو مات الحالف أو العبد، ولا خلاف.
فإن قيل: لم يقع البأس عن البيع بالتحرير والتدبير لجواز أن ترتد الجارية فتسعى بعد اللحاق فملكها هذا الرجل ويبيعها بالتدبير، لجواز أن يقضي القاضي بجواز البيع.
وأجيب: بأن ذاك موهوم، فلا يعتبر. وقيل الحالف عقد يمينه على الملك القائم لا على الملك الذي سيوجد.

م: (وإذا قالت المرأة لزوجها: تزوجت علي، فقال: كل امرأة لي طالق ثلاثًا طلقت هذه الذي حلفته في القضاء. وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنها) ش: أي أن التي حلفته عليه م: (لا تطلق) ش: ومال أكثرهم إلى هذا القول م: (لأنه) ش: أي لأن الزوج م: (أخرجه) ش: أي أخرج الكلام م: (جوابًا) ش: لكلام المرأة م: (فينطبق عليه) ش: أي فينطبق الجواب على السؤال، فكأنه قال: كل امرأة لي غيرك تزوجتها طالق ثلاثًا، والاستثناء قد يكون دلالة كما يكون إفصاحًا، فتكون المحلفة مستثناة من عموم اللفظ دلالة، فينصرف الطلاق إلى غيرها.
م: (ولأن غرضه) ش: أي غرض الزوج م: (إرضاؤها، وهو بطلاق غيرها) ش: لا بطلاق نفسها م: (فيتقيد به) ش: أي بالكلام السابق، والكلام الثاني في تزويج غيرها.
فإن قيل: قد زاد على قدر الجواب.
قلنا: الزيادة على قدر المحتاج إليه للجواب إنما يخرج الكلام على الجواب إذا لغت الزيادة. ومتى جعل جوابًا ولا تلغو الزيادة هنا إن جعل جوابًا، لأنه قصد تطييب قلبها وتسكين نفسها، وإذا تطيب تغيرها على العموم، لجواز أن يقع في قلبها، أراد بما قال غير التي طلقت.
م: (ووجه الظاهر عموم الكلام) ش: أي وجه ظاهر الرواية أن العمل بعموم الكلام واجب ما أمكن، وقد أمكن هنا، وهو قوله م: (وقد زاد على حرف الجواب) ش: لأن جوابه أن يقول: إن فعلت فهي طالق ثلاثًا م: (فيجعل مبتدئًا) ش: أي يعتبر مبتدئًا لا يحنث، م: (وقد يكون غرضه)

(6/228)


إيحاشها حين اعترضت عليه فيما أحله الشرع، ومع التردد لا يصلح مقيدا، وإن نوى غيرها يصدق ديانة لا قضاء، لأنه تخصيص العام، والله أعلم بالصواب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ش: جواب عن قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لأن غرضه إرضاؤها، أي وقد يكون غرض الزوج م: (إيحاشها) ش: أي إيحاش المرأة، أي إنكاؤها م: (حين اعترضت عليه) ش: أي على الزوج م: (فيما أحله الشرع، ومع التردد) ش: يعني بين أن يكون غرضه إرضاؤها، وبين أن يكون إيحاشها م: (لا يصلح مقيدًا) ش: بكسر الياء أي مقيدًا لإرضائها بطلاق غيرها، وقيل أي بعموم اللفظ لأجل الاحتمال المذكور.
م: (ولو نوى غيرها) ش: أي غير المحلفة م: (يصدق ديانة) ش: لأنه يحتمل كلامه، لأن العام يحتمل الخصوص م: (لا قضاء) ش: أي لا يصدق قضاء م: (لأنه تخصيص العام) ش:، لأنه خلاف الظاهر.

(6/229)


باب اليمين في الحج والصلاة والصوم قال: ومن قال وهو في الكعبة أو في غيرها: علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة فعليه حجة أو عمرة ماشيا وإن شاء ركب وأهراق دما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[باب اليمين في الحج والصلاة والصوم] [قال علي المشي إلى بيت الله]
م: (باب اليمين في الحج والصلاة والصوم) ش: أي هذا باب في بيان أحكام اليمين في الحج وأحكام اليمين في الصلاة. وأحكام اليمين في الصوم. وقدم هذا الباب على باب اللبس لفضيلة العبادة وأخرها عن الباب المتقدم لقلة وقوع اليمين في الحج والصلاة والصوم.
م: (قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير " م: (ومن قال وهو في الكعبة أو في غيرها) ش: أو عليه عمرة حال كونه ماشيًا.
قال الكاكي: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وفي لفظه: وهو في الكعبة إشارة إلى أن وجوب الحج أو العمرة بقوله م: (علي: المشي إلى بيت الله) ش: بطريق المجاز، لا من حيث الحقيقة، إذ المشي إلى بيت الله، وهو في الكعبة، محال، كذا نقل عن العلامة مولانا حافظ الدين - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وقال الأترازي: وإنما قيد بقوله في الكعبة لأن إيجاب الحج أو العمرة لما ثبت بقوله علي: المشي إلى بيت الله. م: (أو إلى الكعبة) ش: مجازًا بطريق إطلاق اسم السبب على المسبب صار كونه في الكعبة.
وفي تنقية أخرى سواء ذلك، لأن المشي إلى بيت الله سبب للوصول إلى الحج أو العمرة في الجملة، فيصير كأنه قال: م: (فعليه حجة أو عمرة) ش: فإذا قال ذلك لزمه، فكذا إذا قال: علي المشي إلى بيت الله، ثم إذا أراد الحج يحرم من الحرم ويخرج على عرفات م: (ماشيًا) ش: فإن ركب يلزمه شاة.
وإذا أراد العمرة يخرج إلى التنعيم ونحوه، ويحرم بالعمرة من ثمة، لأن إحرام المكي للعمرة خارج الحرم، ولم يذكر محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يخرج إلى التنعيم ماشيًا أو راكبًا. وقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: جاز له أن يركب وقت الرواح إلى التنعيم فيه لأن الرواح إليه ليس بمشي إلى بيت الله، وإنما المشي إليه وقت الرجوع. وقال بعضهم: يمشي وقت الرواح أيضًا لأن الرواح إليه للإحرام، فكان مشيًا إلى بيت الله.
م: (وإن شاء ركب وأهراق دمًا) ش: عطف على ما قبله، يعني المشي واجب عليه، فإن ركب أهرق، أي أراق دمًا والهاء فيه زائدة. واعلم أن هنا ثمانية ألفاظ في ثلاثة يلزمه بلا خلاف وهي أن يقول: على المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة.
وفي رواية " النوادر " أو إلى مكة، وبه قال أحمد والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول. وفي

(6/230)


وفي القياس لا يلزمه شيء، لأنه التزم ما ليس بقربة واجبة ولا مقصودة في الأصل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الأصح لا يلزمه شيء بقوله: على المشي إلى بيت الله، إلا أن ينويه، لأن جميع المساجد بيت الله وفي ثلاثة لا يلزمه شيء باتفاق أصحابنا وهي إذا نذر الذهاب إلى مكة أو السفر أو الركوب إليها أو المسير أو المضي.
وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول قاله ابن القائم عنه. وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله: وهو رواية أشهب عن مالك يلزمه الحج أو العمرة، كما في قوله على المشي إلى مكة.
وفي لفظين خلاف بين أصحابنا. وهو ما إذا نذر المشي إلى الحرم أو المسجد الحرام، فعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا شيء عليه، وعندهما عليه حجة وعمرة، وبه قالت الأئمة الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
ولو نذر المشي إلى الصفا والمروة أو بقعة من الحرم يلزمه المشي إليها بحج أو عمرة عند الشافعي وأحمد - رحمهما الله - وأصبغ من المالكية.
وعندنا لا يلزمه شيء، وبه قال مالك، ولو نذر المشي إلى مسجد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو إلى المسجد الأقصى لا شيء عليه، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول في الأم. وفي قوله تنعقد نذر هو به.
قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لما روي أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا» . وقد نص بالإتيان وشد الرحال إلى هذه المساجد. ورجح العراقيون وأكثر أصحابه القول الأول، لما روي عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رجلًا قال: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله لك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صل هنا، فأعاد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صل هنا» . ومعلوم أن هذا القدر متعين بالإنسان، وإن بيت المقدس لا يعقد بالشد، فأشبه سائر المساجد، والمقصود من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تشد الرحال» إلى آخره تخصيص القربة وفضلها في المساجد.
م: (وفي القياس لا يلزمه شيء) ش: يعني في إيجاب الحجة أو العمرة بلفظ المشي إلى البيت أو الكعبة، لأن المشي أمر مباح فالقياس أن يبطل القدر به م: (لأنه التزم ما ليس بقربة واجبة) ش: أي لعبة م: (ولا مقصودة في الأصل) ش: بل هو وسيلة لما هو قربة كالوضوء.
فإن قيل: الاعتكاف وهو اللبث ليس بقربة مقصودة لما شرع لانتظار الصوم، وقد صح النظر به.

(6/231)


ومذهبنا مأثور عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
قلنا: الاعتكاف لا يصح إلا بالصوم، والصواب من جنس القربة المقصودة.
فإن قيل: الاعتكاف يصح في الليل، وإن كان الصوم لا يصح فيه.
قلنا: صحة الاعتكاف في الليل تبع لصحة الاعتكاف في اليوم، ولهذا لو نذر الاعتكاف في الليل منفردًا عن اليوم لا يصح.

[حلف على نفسه الحج ماشيا]
م: (ومذهبنا مأثور عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: قال الأترازي: - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الأصل: بلغنا عن علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: من حلف على نفسه الحج ماشيًا حج وركب وذبح شاة لركوبه.
قال مخرج الأحاديث: هذا غريب، ثم قال: وروى البيهقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " المعرفة " عن طريق الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن ابن عيينة عن سعيد بن عروة عن قتادة عن الحسن بن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في رجل يحلف على حجة المشي؟ قال: يمشي، فإن عجز ركب وأهدى بدنة.
وروى عبد الرزاق - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مصنفه " أخبرنا عبد الله بن سعيد عن الحكم عن إبراهيم عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيمن نذر أن يمشي إلى البيت. قال: يمشي، فإذا أعيى ركب ويهدي جزورًا.
وقال الأكمل: بعد أن نقل ما قاله محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الأصل إلى آخره، كذا في بعض الشروح، وليس مطابقًا لما نحن فيه لجواز أن يكون ذلك ممن جعل على نفسه الحج ماشيًا بغير هذا اللفظ، وليس هذا في بعض الشروح وشرح البزدوي، فإنه ذكر فيه هكذا ثم ادعى أنه غير مطابق لما نحن فيه، وعلل بقوله الكلام فيه.
وقال آخرون: روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أجاب في هذه المسألة بأن عليه حجة أو عمرة، وهذا مطابق، وقد روى شيخي في شرحه «أن أخت عقبة بن عامر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نذرت أن تمشي إلى بيت الله فأمرها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تحرم بحجة أو عمرة» انتهى.
قلت: أراد بقوله في بعض الشروح شرح البزدوي، فإنه ذكر فيه هكذا ثم ادعى أنه غير مطابق لما نحن فيه. وعلل بقوله لجواز ... إلى آخره.
وفيه نظر، بل كاد أن يرد، لأنه لم يذكر وجه قوله، لجواز أن يكون إلى آخره، لأن فيه إثبات الخبر بالاحتمال، وهذا ليس بطريقة العلماء، ولم يبين أيضًا وجه قول الآخرين، هل ثبت ذلك عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أو لا؟ ثم قال: وقد روى شيخي أراد به قوام الدين الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فإنه ذكره في " شرحه "، وقصد هو وشيخه أيضًا، حيث لم يبيناه إلى مخرجه من أئمة الحديث.

(6/232)


ولأن الناس تعارفوا إيجاب الحج والعمرة بهذا اللفظ، فصار كما إذا قال علي زيارة البيت ماشيا فيلزمه ماشيا، وإن شاء ركب وأهراق دما وقد ذكرناه في المناسك.
ولو قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله تعالى فلا شيء عليه، لأن الحج والعمرة بهذا اللفظ غير متعارف، ولو قال علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة فلا شيء عليه، وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - في قوله علي المشي إلى الحرم حجة أو عمرة. ولو قال إلى المسجد الحرام فهو على هذا الاختلاف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
قلت: هذا رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده ": حدثنا زهير حدثنا أحمد بن عبد الوارث حدثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أن أخت عقبة ابن عامر نذرت أن تحج ماشية، فسئل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: إن الله عز وجل غني عن نذر أختك لتركب ولتهدي بدنة» ، انتهى. وهذا كما رأيت ما ذكر الحديث كما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا نسبه إلى أحد من الصحابة، وما ذاك إلا تقصير جدًا وتقليد محض.
م: (ولأن الناس تعارفوا إيجاب الحج والعمرة بهذا اللفظ) ش: أي بقوله علي المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة م: (فصار) ش: أي فصار حكم هذا على الوجوب م: (كما إذا قال على زيارة البيت ماشيًا فيلزمه ماشيًا، وإن شاء ركب وأراق دمًا، وقد ذكرناه في المناسك) ش: أي قبل كتاب النكاح.
فإن قيل: لما كان هذا اللفظ كناية عن الإحرام بالحج أو العمرة كان لفظ الشيء غير منظور إليه ينبغي أن لا يلزم عليه المشي، كما لو نذر أن يضرب بثوبه حطيم الكعبة، حيث لا يلزمه ضرب الثوب، بل يلزمه إهداء الثوب إلى مكة.
قلنا: نعم كذلك، إلا أن الحج ماشيًا أفضل، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حج ماشيًا فله بكل خطوة حسنة من حسنات الحرم، قيل وما حسنات الحرم، قال: واحد بسبعمائة» فأعير لفظه لإحراز تلك الفضيلة أو الظاهر إلزام القربة بصفة الكمال.

[قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله]
م: (ولو قال: علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله، فلا شيء عليه لأن إلزام الحج والعمرة بهذا اللفظ غير متعارف) ش: ولم يرد النص فوجب العمل بالقياس لما مر أن في القياس لا يلزمه شيء وفيه خلاف الشافعي ومالك - رحمهما الله - وقد ذكرناه عن قريب.
م: (ولو قال: علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا والمروة فلا شيء عليه، وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقالا: في قوله علي المشي إلى الحرم أو إلى الصفا، والمروة حجة أو عمرة) ش: وقد مر ذكر هذا أيضًا بما فيه من خلاف الأئمة م: (ولو قال إلى المسجد الحرام، فهو على هذا الاختلاف) ش: أي الاختلاف المذكور بين أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وصاحبيه - رحمهما الله.

(6/233)


لهما أن الحرم شامل على البيت بالاتصال، وكذا المسجد الحرام شامل على البيت فصار ذكره كذكره، بخلاف الصفا والمروة لأنهما منفصلان عنه. وله أن التزام الإحرام بهذه العبارة غير متعارف، ولا يمكن إيجابه باعتبار حقيقة اللفظ، فامتنع أصلا.
ومن قال: عبدي حر إن لم أحج العام، فقال حججت وشهد شاهدان على أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده. وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله. وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعتق، لأن هذه شهادة قامت على أمر معلوم، وهو التضحية، ومن ضرورته انتفاء الحج، فيتحقق الشرط. ولهما أنها قامت على النفي، لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية، لأنه لا مطالب لها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (لهما) ش: أي لأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - م: (أن الحرم شامل على البيت) ش: بالاتصال، وكذا المسجد الحرام شامل على البيت م: (فصار ذكره كذكره) ش: أي صار ذكر كل واحد من الحرم أو المسجد الحرام البيت م: (بخلاف الصفا والمروة، لأنهما منفصلان عنه) ش: أي عن البيت، يعني أنهما ليسا شاملين على البيت، بل هما منفصلان، عنه، فلم يكن ذكرهما كذكره.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (أن التزام الإحرام بهذه العبارة غير متعارف) ش: فيعمل بالقياس وعدم الوجوب م: (ولا يمكن إيجابه) ش: أي لا يمكن إلزام إيجاب الإحرام م: (باعتبار حقيقة اللفظ) ش: أي لفظ المشي، لأن اللفظ لم يوضع عليه، والعرف أيضًا منتف، ولما انتفت الدلالة على الإيجاب حقيقة وعرفًا م: (فامتنع) ش: الإيجاب م: (أصلًا) ش: فلا يلزم شيء.

م: (ومن قال: عبدي حر إن لم أحج العام، فقال: حججت وشهد شاهدان أنه ضحى العام بالكوفة لم يعتق عبده، وهذا) ش: أي عدم العتق م: (عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله) ش: ولم يذكر صاحب " المختلف ". قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - مع أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ولا الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ - في شرح " الجامع الصغير ".
م: (وقال محمد: - رَحِمَهُ اللَّهُ - يعتق لأن هذه) ش: أي لأن شهادة هذين الشاهدين م: (شهادة قامت على أمر معلوم، وهو التضحية، ومن ضرورته) ش: أي ومن ضرورة هذا الأمر المعلوم م: (انتفاء الحج، فيتحقق الشرط) ش: وهو حجة هذا العام.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - م: (أنها) ش: أي أن هذه الشهادة م: (قامت على النفي) ش: فلا تقبل م: (لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية، لأنه لا مطالب لها) ش: من جهة العباد، فلا تدخل تحت القضاء، لأنها إن كانت طوعًا فظاهر، وإن كانت واجبة فالقاضي لا يجبر عليها، فيثبت عدم المطالبة، فلما انتفت الشهادة على المطالبة

(6/234)


فصار كما إذا شهدوا أنه لم يحج العام، غاية الأمر أن هذا النفي مما يحيط علم الشاهد به، ولكنه لا يميز بين نفي ونفي تيسيرا.
ومن حلف لا يصوم فنوى الصوم وصام ساعة ثم أفطر من يومه حنث لوجود الشرط، إذ الصوم هو الإمساك عن المفطرات على قصد التقرب. ولو حلف لا يصوم يوما أو صوما فصام ساعة ثم أفطر لا يحنث، لأنه يراد به الصوم التام المعتبر شرعا، وذلك بإتمامه إلى اليوم، واليوم صريح في تقدير المدة به.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بالتضحية ثبت أنها قامت على نفي الحج لا تقبل م: (فصار كما إذا شهدوا أنه في هذا العام) ش: أي فصار حكم هذه الشهادة كما إذا شهدوا أنه لم يحج في هذا العام، فإن هذه الشهادة لا تقبل فكذا تلك الشهادة غاية الأمر جواب عن سؤال، وهو أن يقال: إنما لا تقبل الشهادة على النفي إذا لم يكن الشاهد عالمًا بالنفي، أما إذا كان عالمًا والشيء مما يعلم ويحاط، تقبل الشهادة على النفي، وفيما نحن كذلك فإنه ذكر في " السير الكبير ": شاهدان شهدا على رجل أنا سمعناه يقول المسيح ابن الله ولم يقل قول النصارى، فبانت منه امرأته، والرجل يقول إنما قصدت به قول النصارى يعني قلت المسيح ابن الله قول النصارى، قال: إن الشهادة مقبولة، لأن ذلك مما يحاط به ويعلم. وتقرير الجواب: أن يقال: م: (غاية الأمر أن هذا النفي) ش: وهو قول الشهرة أنه لم يحج العام م: (مما يحيط علم الشاهد به، ولكنه لا يميز بين نفي ونفي) ش: أي لا يفرق بين نفي ونفي بأن يقال يقبل فيما إذا كان النفي مما يعلم ويحاط، ولا يقبل فيما لا يعلم ويحاط، بل لا تقبل في كل النفي م: (تيسيرًا) ش: ودفعًا للحرج عن الناس، وهذا إذا ادعى رجل على رجل أنه عضه أو جرحه يوم كذا، فشهد شاهدان أن هذا الرجل في ذلك اليوم كان في مكان كذا وكذا لا يقبل شهادتهما، لأن مقصوده أنه لم يجرح ولم يعض. وقال تاج الشريعة: بعد أن قام فإن قلت: الشهادة على النفي مقبولة بدليل ما ذكر محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " السير الكبير "، وهو ما ذكرناه الآن. فإن قلت: إنه صدق الشهود فيما شهدوا عليه، من بنوة المسيح، وهذا القدر منه كان لثبوت البنوة، ثم بعد ذلك بنفي البنوة بقوله: قد قلت. وقال النصارى، فلا يصدق في حقها، كمن قال لفلان على ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير لزمه الألف، ولا يقبل تفسيره، انتهى، مسألة السير قامت الشهادة فيها على أمر ثابت معين، وهو السكوت عقيب قوله المسيح ابن الله فلا يرد علينا نقضًا.

[حلف لا يصوم فنوى الصوم فصام ساعة ثم أفطر من يومه]
م: (ومن حلف لا يصوم فنوى الصوم فصام ساعة ثم أفطر من يومه حنث لوجود الشرط، إذ الصوم هو الإمساك عن المفطرات) ش: وهو الأكل والشرب والجماع م: (على قصد التقرب) ش: وبهذا القدر يصير فاعلًا فعل الصوم وهو الإمساك كما قلنا وما زاد تكرار الشرط ليس بشرط م: (ومن حلف لا يصوم صومًا أو يومًا) ش: بأن قال لا يصوم صومًا م: (فصام ساعة ثم أفطر لا يحنث، لأنه يراد به الصوم التام المعتبر شرعًا، وذلك بإتمامه إلى اليوم، واليوم صريح في تقدير المدة به) ش: فلا

(6/235)


ولو حلف لا يصلي فقام وقرأ أو ركع لم يحنث، وإن سجد مع ذلك ثم قطع حنث، والقياس أن يحنث بالافتتاح اعتبارًا بالشروع في الصوم. وجه الاستحسان أن الصلاة عبارة عن الأركان المختلفة، فما لم يأت بجميعها لا يسمى صلاة، بخلاف الصوم، لأنه ركن واحد، وهو الإمساك ويتكرر في الجزء الثاني. ولو حلف لا يصلي صلاة لا يحنث ما لم يصل ركعتين، لأنه يراد به الصلاة المعتبرة شرعًا، وأقلها ركعتان للنهي عن البتيراء، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بد من اليوم الكامل.
فإن قيل: المقصود في قوله لا يصوم مذكور لغة؟
قلنا: بل لغة لا شرعًا، وعند ذكر الصوم صريحًا منصرف إلى الكامل، وهو الصوم لغة وشرعًا.
فإن قيل: يشكل هذا بما لو قال: والله لأصوم من هذا اليوم، وكان ذلك بعد ما أكل أو شرب أو بعد الزوال صح يمينه بالاتفاق، والصوم مقرون باليوم، ومع ذلك لم يرد به الصوم الشرعي، فإن الصوم الشرعي بعد الأكل أو بعد الزوال غير متصور.
والجواب: أن الدلالة قامت على أن المراد به ليس الصوم الشرعي، وهو كون اليمين بعد الزوال أو بعد الأكل، فانصرف إلى الصوم اللغوي، وانعقدت يمينه عليه، بخلاف ما نحن فيه، فإنه ليس فيه ما يمنعه عن الصوم الشرعي، فيصرف إليه.

[حلف لا يصلي فقام وقرأ أو ركع]
م: (ولو حلف لا يصلي فقام وقرأ أو ركع لم يحنث، وإن سجد مع ذلك ثم قطع حنث، والقياس أن يحنث بالافتتاح اعتبارًا بالشروع في الصوم) ش: فإن في الصوم يحنث بمجرد الشروع، فكان ينبغي أن يكون هذا كذلك. ألا ترى أن الناظر إليه يسميه مصليًا حين افتتح الصلاة م: (وجه الاستحسان أن الصلاة عبارة عن الأركان المختلفة) ش: من التكبير من القيام والقراءة والركوع والسجود م: (فما لم يأت بجميعها لا يسمى صلاة) ش: فلا يحنث م: (بخلاف الصوم، لأنه ركن واحد، وهو الإمساك، ويتكرر في الجزء الثاني) ش: من حين ما مضى.
وفي " المبسوط " تكرر، ولا يشترط لأنها نصف القيام الموجود في أول الافتتاح، والتكرار ليس بشرط.
م: (ولو حلف لا يصلي صلاة لا يحنث ما لم يصل ركعتين، لأنه يراد به الصلاة المعتبرة شرعًا، وأقلها ركعتان) ش: وقال الشافعي: - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية يحنث بركعة، لأن الركعة الواحدة صلاة عندهما، وعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية يحنث بالشروع، لأنه يسمى مصليًا، وفي وجه يحنث بالتمام على وجه الصحة م: (للنهي عن البتيراء) ش: قد ذكر المصنف حديث البتيراء في كتاب الصلاة في

(6/236)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
باب صلاة الوتر وأخرجه ابن عبد البر في كتاب التمهيد عن عثمان بن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - ابن أبي ربيعة عن عبد الرحمن حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها» ومضى الكلام فيه هناك. وقال صاحب " المغرب ": البتيراء تصغير البتراء تأنيت، ألا وهو في الأصل مقطوع الذنب ثم جعل عبارة عن الناقص.

(6/237)