البناية شرح الهداية

 (كتاب الإقرار) قال: وإذا أقر الحر البالغ العاقل بحق لزمه إقراره مجهولا كان ما أقر به أو معلوما. اعلم أن الإقرار إخبار عن ثبوت الحق، وأنه ملزم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[كتاب الإقرار]
[أقر الحر البالغ العاقل بحق]
م: (كتاب الإقرار)
ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الإقرار. ولما فرغ عن الدعوى شرع في بيان الإقرار لأن جواب الدعوى إما بالإقرار أو بالإنكار، فمن هذه الحيثية نظر المناسبة بين الكتابين.
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا أقر الحر البالغ العاقل بحق لزمه إقراره مجهولاً كان ما أقر به أو معلوماً) ش: لما ذكر المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لفظ القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - شرع في شرحه بقوله: م: (اعلم أن الإقرار إخبار عن ثبوت الحق) .
ش: هذا الذي ذكره تفسير الإقرار شرعاً، ولكنه لو قيده بقوله على نفسه، وكان الحد أتم مثل ما قال حافظ الدين النسفي والإقرار إخبار عن ثبوت الحق للغير على نفسه. فقوله عن ثبوت الحق للغير كالجنس لأنه يتناول الشهادة فإنها أيضاً إخبار عن ثبوت الحق للغير، وقوله: على نفسه كالفصل يخرج ذلك، وهذا شأن الحد أن يكون مشتملاً على الجنس والفصل.
وقال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ - الإقرار خلاف الجحود، وأصله من القرار وهو السكون والثبات، وفي عرف أهل الشرع: عبارة عن خبر يوجب شيئاً على المخبر م: (وأنه ملزم) ش: وإن الإقرار ملزم على المقر ما أقر به، وهذا حكم الإقرار وليس هذا من حده وحد ما ذكرنا.
وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وحكمة ظهور ما أقر به ولزومه لا إثباته ابتداء، ألا ترى أنه لا يصح الإقرار بالطلاق والعتاق مع الإكراه، والإنشاء يصح مع الإكراه عندنا ولهذا قالوا لو أقر بمال لغيره كاذباً والمقول له يعلم أنه كاذب لا يحل له أخذه عن كره منه ديانة إلا أن يسلمه بطيب نفس، فيكون كالتمليك المبتدأ.
وقيل حكمة لزوم ما أقر به على المقر، وعمله إظهار ما أقر به لا التمليك به ابتداء، ويدل عليه مسائل منها لو أقر بصير لا يملكها صح إقراره به، وإن لم يملك تمليكه حتى لو تملكه المقر يوماً من الدهر يؤمر بتسليمه إلى المقر.
ومنها: أن إقرار المسلم بالخمر يصح وإن لم يملك تمليكاً مبتدأ. ومنها أن المريض

(9/428)


لوقوعه دلالة، ألا ترى كيف ألزم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماعزا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرجم بإقراره، وتلك المرأة باعترافها، وهو حجة قاصرة لقصور ولاية المقر عن غيره، فيقتصر عليه وشرط الحرية ليصح إقراره مطلقا، فإن العبد المأذون له، وإن كان ملحقا بالحر في حق الإقرار، لكن المحجور عليه لا يصح إقراره بالمال،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الدهر يؤمر بتسليمه إلى المقر.
ومنها: أن إقرار المسلم بالخمر يصح وإن لم يملك تمليكاً مبتدأ. منها أن المريض الذي لا دين عليه إذا أقر بجميع ماله لأجنبي صح إقراره ولا يتوقف على إجازة الورثة ولو كان تمليك لا ينفذ إلا بقدر الثلث عند عدم الإجازة. ومنها أن العبد المأذون له لو أقر بما في يده صح، ولو تبرع به ابتداء لا يجوز.
وسبب الإقرار إرادة سقوط الواجب عن ذمته. وركنه: ألفاظ فيما يجب به موجب الإقرار وشرطه: العقل والبلوغ بلا خلاف، وفي كون المقر غير سفيه ولا سكون اختلاف. ومحاسنه كثيرة، منها إسقاط الواجب عن ذمته، ومنها إيصال الحق لصاحبه وإرضاء الخالق، ومنها حمد الناس المقر بصدق القول ووفاء العهد. وهو مشروع بالكتاب قال تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] (النساء: الآية 135) ، قال المفسرون: شهادة المرء على نفسه إقرار. وقال تعالى {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] (البقرة: الآية 282) ، والإملاء إقرار. وبالسنة لما روي: «أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجم ماعزاً بإقراره» . وبالدليل العقلي وهو أن الإقرار خبر يحتمل الصدق والكذب، فرجح جانب الصدق لأنه غير متهم فيه، فإن المال محبوب المرء طبعاً، ولا يقر لغيره كاذباً مع كمال عقله ودينه، فالزواجر شرعاً عن الكذب.
م: (لوقوعه دلالة) ش: أي لوقوع الإقرار دلالة على وجود المخبر به، لأن الإقرار دائر بين الصدق والكذب ويترجح جانب الصدق لما ذكرنا الإقرار، هذا إيضاح لقوله وأنه ملزم م: (ألا ترى كيف ألزم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ماعزاً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرجم بإقراره) ش: أي بسبب إقراره م: (وتلك المرأة باعترافها،) ش: أي كيف ألزم المرأة، يعني الغامدية امرأة من غامد الأزد بالرجم بسبب اعترافها بالزنا، وقد مر قصتها في الحدود م: (وهو) ش: أي الإقرار م: حجة قاصرة) ش: على نفسه م: (لقصور ولاية المقر عن غيره، فيقتصر عليه) ش: بخلاف البينة فإنها حجة متعدية.
م: (وشرط الحرية) ش: يعني في صحة الإقرار م: (ليصح إقراره مطلقاً) ش: أي في المال وغيره م: (فإن العبد المأذون له، وإن كان ملحقاً بالحر في حق الإقرار، لكن المحجور عليه لا يصح إقراره بالمال) ش: أما المأذون له: فلأنه مسلط على الإقرار من جهة المولى، وأما المحجور: عليه لا

(9/429)


ويصح بالحدود والقصاص؛ لأن إقراره عهد موجبا لتعلق الدين برقبته وهي مال المولى فلا يصدق عليه، بخلاف المأذون له، لأنه مسلط عليه من جهته، وبخلاف الحد والدم لأنه يبقى على أصل الحرية في ذلك، حتى لا يصح إقرار المولى عليه فيه،
ولا بد من البلوغ والعقل لأن إقرار الصبي والمجنون غير لازم لانعدام أهلية الالتزام، إلا إذا كان الصبي مأذونا له لأنه ملحق بالبالغ بحكم الإذن وجهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار؛ لأن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
يصح إقراره بالمال فلعدم أهليته لذلك م: (ويصح بالحدود والقصاص) ش: أي ويصح إقرار العبد المحجور عليه بالحدود والقصاص لأنه مبقي على الحرية فيها على ما بينه المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - مفصلاً، م: (لأن إقراره) ش: دليل ذلك المجموع، أي لأن إقرار العبد المحجور م: (عهد) ش: أي عرف م: (موجباً لتعلق الدين برقبته وهي) ش: أي رقبته م: (مال المولى، فلا يصدق عليه) ش: لقصور الحجة.
م: (بخلاف المأذون له، لأنه مسلط عليه) ش: أي على الإقرار م: (من جهته) ش: أي من جهة المولى، لأن الإذن بالتجارة إذن بما يلائمها، وهو دين التجارة، لأن الناس لا يتابعونه إذا علموا أن إقراره لا يصح، هذا قد لا يتهيأ لهم الإشهاد في كل تجارة يعملونها معه. م: (وبخلاف الحد والدم) ش: وهو القصاص م: (لأنه) ش: أي لأن العبد م: (يبقى على أصل الحرية في ذلك، حتى لا يصح إقرار المولى عليه) ش: أي على العبد م: (فيه) ش: أي في ذلك، وبه قال الشافعي: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ومالك وأبو الخطاب الحنبلي. وعن أحمد أن إقرار العبد بالحد والقصاص فيما دون النفس يصح، وإقراره إنما يوجب القصاص في النفس لا يقبل ويتبع بعد العتق، وبه قال: زفر والمزني وداود ومحمد بن جرير الطبري - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

[إقرار الصبي والمجنون]
م: (ولا بد من البلوغ والعقل؛ لأن إقرار الصبي والمجنون غير لازم لانعدم أهلية الالتزام) ش: فلا يلزم بإقراره شيء، م: (إلا إذا كان الصبي مأذوناً له) ش: في التجارة م: (لأنه ملحق بالبالغ بحكم الإذن) ش: فيصح إقراره لاعتبار زائد برأي المولى، فيعتبر كالبالغ، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية.
وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يصح إقراره مطلقاً، ثم لو ادعى البلوغ بالاحتلام في وقت إمكانه صدق فيه، وبالسن لا يصدق إلا ببينته، وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله -: في رواية، والنائم والمغمى عليه كالمجنون لعدم معرفتهما، ولا نعلم فيه خلافاً.
وإقرار السكران يصح بالحقوق كلها إلا بالحدود الخالصة والردة وينفذ سائر التصرفات من السكران كما تنفذ في الصاحي، وقد مر في الطلاق م: (وجهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار؛ لأن

(9/430)


الحق قد يلزمه مجهولا بأن أتلف مالا لا يدري قيمته أو يجرح جراحة لا يعلم أرشها أو تبقى عليه باقية حساب لا يحيط به علمه، والإقرار إخبار عن ثبوت الحق فيصح به بخلاف الجهالة في المقر له؛ لأن المجهول لا يصح مستحقا ويقال له بين المجهول لأن التجهيل من جهته، فصار كما إذا أعتق أحد عبديه، فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان، لأنه لزم الخروج عما لزمه بصحيح إقراره، وذلك بالبيان.
قال: فإن قال: لفلان علي شيء لزمه أن يبين ما له قيمة، لأنه أخبر عن الوجوب في ذمته، وما لا قيمة له لا يجب فيها، فإذا بين غير ذلك يكون رجوعا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الحق قد يلزمه مجهولاً بأن أتلف مالاً لا يدري قيمته أو يجرح جراحة لا يعلم أرشها أو تبقى عليه باقية حساب لا يحيط به علمك، والإقرار إخبار عن ثبوت الحق، فيصح به) ش: أي يكون المقر به مجهولاً.
م: (بخلاف الجهالة في المقر له؛ لأن المجهول لا يصح مستحقاً) ش:، وفي " الذخيرة ": جهالة المقر له إنما يمنع صحة الإقرار إذا كانت متفاحشة، بأن قال هذا العبد لواحد من الناس، أما إذا لم تكن متفاحشة لا يمنع بأن قال: هذا العبد لأحد هذين الرجلين.
وقال شمس الأئمة السرخسي: لا يصح في هذه الصورة أيضاً، لأنه إقرار للمجهول م: (ويقال له) ش: أي للمقر م: (بين المجهول لأن التجهيل من جهته فصار كما إذا أعتق أحد عبديه) ش: فإنه يبين أي العبدين أراد م: (فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان، لأنه لزم الخروج عما لزمه بصحيح إقراره، وذلك بالبيان) ش: لأن الإجمال وقع من جهته فعليه البيان، ولكن يبين شيئاً يثبت ديناً في الذمة قل أو كثر، نحو أن يبين له حبة أو فلساً أو جزرة أو ما أشبه ذلك، أما إذا بين شيئاً لا يثبت في الذمة لا يقبل منه، نحو أن يقول: عنيت حق الإسلام، أو كفاً من تراب ونحوه.
كذا في " شرح الطحاوي ". وبقولنا قالت الأئمة الثلاثة. وعن الشافعي في قول: إن وقع الإقرار المبهم في جواب دعوى، وامتنع عن التفسير يجعل ذلك إنكاراً ويعرض عليه اليمين، فإن أقر جعل ناكلاً عن اليمين، ويحلف المدعي.

م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (فإن قال لفلان علي شيء لزمه أن يبين ما له قيمة) ش: قل أو أكثر نحو حبة وفلسى كما ذكرنا، لأن ما ليس له قيمة لا يثبت في الذمة، فإذا فسر ما أقر له بذلك صار كالرجوع عما أقر به فلا يقبل منه م: (لأنه أخبر عن الوجوب في ذمته وما لا قيمة له لا يجب فيها) ش: أي في الذمة م: (فإذا بين غير ذلك) ش: أي غير ما لا قيمة له م: (يكون رجوعاً) ش: عن إقراره فلا يسمع ويقبل تفسيره بالكل.
وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يقبل. ولو فسر ميتة أو خنزير أو خمر قبل قوله في قول مشايخ العراق، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه، وأحمد في رواية. وعند مشايخ ما

(9/431)


قال: والقول قوله مع يمينه إن ادعى المقر له أكثر من ذلك لأنه هو المنكر فيه. وكذا إذا قال: لفلان علي حق لما بينا. وكذا لو قال: غصبت منه شيئا ويجب عليه أن يبين ما هو مال يجري فيه التمانع تعويلا على العادة.
ولو قال: لفلان علي مال فالمرجع إليه في بيانه لأنه هو المجمل ويقبل قوله في القليل والكثير، لأن كل ذلك مال فإنه اسم لما يتمول به، إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم لأنه لا يعد مالا عرفا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وراء النهر لا يقبل، لأنه لا قيمة لهذه الأشياء، وبه قال مالك والشافعي في وجه م: (قال: والقول قوله مع يمينه، إن ادعى المقر له أكثر من ذلك، لأنه هو المنكر فيه) ش: والقول قول المنكر بالحديث.
م: (وكذا) ش: أي وكذا يلزمه أن يبين بما له قيمة م: (إذا قال: لفلان علي حق لما بينا) ش: أشار به إلى قوله " أخبر عن الوجوب في ذمته ". وفي " المحيط ": لو قال لفلان " علي حق "، ثم قال: عنيت به حق الإسلام لا يصدق. وإن قال: موصولاً يصدق لأنه بيان تغيير باعتبار العرف.
وقالت الأئمة الثلاثة: لا يصدق في الوجهين م: (وكذا لو قال: غصبت منه شيئاً ويجب عليه أن يبين ما هو مال يجري فيه التمانع) ش: أي الشيخ [ ... ] م: (تعويلاً على العادة) ش: لأن مطلق اسم العصب يدل في العرف على مال مقوم.

[قال لفلان علي مال]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ولو قال: لفلان علي مال فالمرجع إليه في بيانه لأنه هو المجمل، ويقبل قوله في القليل والكثير) ش: وبه قال الشافعي وأحمد ومالك - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - في وجه.
وحكي عن مالك ثلاثة أوجه: أحدها: كقولنا. وثانيها: لا يقبل إلا أول نصب عن نصب الزكاة من نوع من أنواعها. وثالثها: لا يقبل، إلا فيما يستباح به العضو، والقطع في السرقة، إلا أنه لا يقبل عندنا في أقل من عشرة دراهم، لأن الكسور لا تعد مالاً، كذا في " المبسوط " م: (لأن كل ذلك مال) ش: أي القليل والكثير مال م: (فإنه) ش: أي فإن المال م: (اسم لما يتمول به، إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم؛ لأنه لا يعد مالاً عرفاً) ش: أي الأقل من درهم لا يعد مالاً في عرف الناس.
وقال شيخ الإسلام خواهر زاده في " مبسوطه " في باب الإقرار: بدراهم غيره مسماة في هذه المسألة إذا بين ما دون الدرهم نصف أو دانق قالوا: القياس أن يصدق. وفي الاستحسان لا يصدق فيما دون الدراهم.
وقال الناطفي في " أجناسه ": وفي " نوادر هشام " قال محمد: - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ولو قال لفلان علي مال له أن يقر بدرهم ثم قال: وقال في " النهار ": ولو قال: لفلان علي مال، قال: هو عشرة دراهم جياد ولا يصدق في أقل منه في قول أبي حنيفة وزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقال أبو

(9/432)


ولو قال: مال عظيم لم يصدق في أقل من مائتي درهم، لأنه أقر بمال موصوف فلا يجوز إلغاء الوصف والنصاب مال عظيم حتى اعتبر صاحبه غنيا به والغني عظيم عند الناس. وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه لا يصدق في أقل من عشرة دراهم وهي نصاب السرقة؛ لأنه عظيم حيث يقطع به اليد المحترمة، وعنه مثل جواب الكتاب، وهذا إذا قال من الدراهم. أما إذا قال من الدنانير فالتقدير فيها بالعشرين، وفي الإبل بخمس وعشرين لأنه أدنى نصاب يجب فيه من جنسه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
يوسف: يصدق في ثلاثة دراهم ولا يصدق في أقل منه.

م: (ولو قال: مال عظيم لم يصدق في أقل من مائتي درهم) ش: وفي بعض النسخ لا يجوز تصديقه في أقل من مائتي درهم م: (لأنه أقر بمال موصوف، فلا يجوز إلغاء الوصف والنصاب مال عظيم حتى اعتبر صاحبه غنياً به) ش: أي بالنصاب م: (والغني عظيم عند الناس وعن أبي حنيفة أنه لا يصدق في أقل من عشرة دراهم، وهي نصاب السرقة؛ لأنه عظيم حيث تقطع به اليد المحترمة، وعنه) ش: أي وعن أبي حنيفة م: (مثل جواب الكتاب) ش: أي مثل جواب القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في: أنه لا يصدق في أقل من مائتي درهم.
وقال الشافعي وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يقبل تفسيره في قوله مال عظيم أو كثير أو جليل أو خطير بالقليل والكثير. وقال بعض أصحاب مالك: قدر الدية. وقال الليث: الكثير اثنان وسبعون لأن الله تعالى قال: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: 25] (التوبة: الآية 25) ، وغزواته اثنان وسبعون وفيه بعد. وفي " الفتاوى الصغرى ": لو قال: مالي نفيس أو كثير أو خطير أو جليل.
قال الناطفي: لم أجده منصوصاً. كان الجرجاني يقول: مائتان. ونقل في " الأجناس " عن " نوادر هشام " عن محمد لو قال: علي مال لا قليل ولا كثير يلزمه مائتي درهم.
وقال شمس الأئمة البيهقي في " كفايته " عن أبي يوسف: قال لفلان علي دراهم مضاعفة يلزمه ستة، لأن أقل الدراهم ثلاثة والتضعيف أقله مرة فيضعف مرة. ولو قال له: علي دراهم أضعافاً مضاعفة. وقال: مضاعفة أضعافاً عليه ثمانية عشرة. ولو قال: علي عشرة وأضعافها مضاعفة عليه ثمانون درهماً.
م: (وهذا) ش: أي ما ذكرنا أنه لا يصدق في أقل من مائتي درهم م: (إذا قال) ش: مال عظيم م: (من الدراهم، أما إذا قال: من الدنانير فالتقدير فيها بالعشرين) ش: لأنه النصاب من الدنانير م: (وفي الإبل بخمس وعشرين، لأنه أدنى نصاب يجب فيه من جنسه) ش: كالعشرين من الدنانير والمائتين في الدراهم.

(9/433)


وفي غير مال الزكاة بقيمة النصاب. ولو قال: أموال عظام فالتقدير بثلاثة نصب من فن ما سماه اعتبارا لأدنى الجمع. ولو قال دراهم كثيرة لم يصدق أقل من عشرة، وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وعندهما لم يصدق في أقل من مائتي، لأن صاحب النصاب مكثر حتى وجب عليه مواساة غيره. بخلاف ما دونه. وله أن العشرة أقصى ما ينتهى إليه اسم الجمع، يقال: عشرة دراهم. ثم يقال: أحد عشر درهما، فيكون هو الأكثر من حيث اللفظ وينصرف إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
فإن قلت: ينبغي أن يقدر في الإبل بخمسة، لأن صاحبها غني بها وجبت عليه شياه والغني العظيم عند الناس؟
قلت: الخمسة من الإبل عظيم لوجوب الشاة، حقير لعدم الوجوب من جنسه، فيشترط الخمسة والعشرون ليكون عظيماً مطلقاً لإطلاقه، فانصرف المطلق إلى الكامل. وقال الكاكي: - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنما اشتراط ما يجب فيه من جنسه حتى يكون عظيماً، لأن إيجاب خلاف جنسه إيجاب شاة في خمس من الإبل دليل حقارته وقصوره وقلته.
م: (وفي غير مال الزكاة بقيمة النصاب) ش: أي التقدير في غير مال الزكاة، فلا بد من بيان قيمة النصاب. م: (ولو قال: أموال عظام) ش: يعني لو قال لثلاث: علي أموال عظام م: (فالتقدير بثلاثة نصب من فن ما سماه) ش: يعني من الدراهم ستمائة ومن الدنانير، وعلى هذا قياس الإبل والغنم ولو أقر بهما م: (اعتباراً لأدنى الجمع) ش: وهو ثلاثة م: (ولو قال: دراهم كثيرة) ش: أي ولو قال لفلان علي دراهم كثيرة م: (لم يصدق في أقل من عشرة) ش: دراهم م: (وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) .
م: (وعندهما لم يصدق في أقل من مائتي درهم) ش: وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يصدق في ثلاثة دراهم ولا يصدق في أقل من ذلك. وكذا لو قال: علي دنانير كثيرة، ذكر الخلاف شيخ الإسلام خواهر زاده في " مبسوطه ".
وقال القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " كتاب التقريب ": روى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قولهما، م: (لأن صاحب النصاب مكثر حتى وجب عليه مواساة غيره) ش: بدفع زكاته وتصدق على الفقير م: (بخلاف ما دونه) ش: لأن من ملك ما دون النصاب لا يسمى تكثراً، وبه قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية، وعند الشافعي وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يلزمه مائتين.
م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (أن العشرة أقصى ما ينتهي إليه اسم الجمع) ش: يعني من حيث التمييز، لأن ما بعد العشرة التمييز بالمقرر فيقال أحد عشر درهما، لأنه م: (يقال: عشرة دراهم ثم يقال أحد عشر درهماً، فيكون) ش: أي العشرة م: (هو الأكثر من حيث اللفظ) ش: أي من حيث دلالة اللفظ عليه م: (وينصرف إليه) ش: لأن العمل بما دل عليه اللفظ، ولا مانع من

(9/434)


ولو قال: دراهم فهي ثلاثة، لأنها أقل الجمع الصحيح إلا أن يبين أكثر منها لأن اللفظ يحتمله، وينصرف إلى الوزن المعتاد. ولو قال: كذا كذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما، لأنه ذكر عددين مبهمين ليس بينهما حرف العطف، وأقل ذلك من المفسر أحد عشر. ولو قال: كذا وكذا لم يصدق في أقل من أحد وعشرين، لأنه ذكر عددين مبهمين بينهما حرف العطف وأقل ذلك من المفسر أحد وعشرون فيحمل كل وجه على نظيره. ولو قال: كذا درهما فهو درهم، لأنه تفسير للمبهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الصرف إليه فلا يعدل إلى غيره.
م: (ولو قال دراهم فهي ثلاثة، لأنها أقل الجمع الصحيح) ش: الذي لا خلاف فيه، م: (إلا أن يبين أكثر منها) ش: أي من الثلاثة، م: (لأن اللفظ يحتمله) ش: وكونه والأعلية فلا تهمة، م: (وينصرف إلى الوزن المعتاد) ش: بين الناس، لأن المطلق من الألفاظ ينصرف إلى المتعارف وهو غالب نقد البلد.
وفي " تحفة الفقهاء ": لو قال علي بألف درهم فهو على ما يتعارفه أهل البلد من الأوزان أو العدد، وإن لم يكن شيئاً متعارفاً فيحمل على وزن سبعة، فإنه الوزن المعتبر في الشرع، وكذلك في الدينار يعتبرون المثاقيل إلا في موضع يتعارف فيه بخلافه.
م: (ولو قال: كذا كذا درهماً لم يصدق في أقل من أحد عشر درهماً) ش: هذا لفظ القدوري في " مختصره "، وقال المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (لأنه ذكر عددين مبهمين ليس بينهما حرف العطف وأقل ذلك من المفسر أحد عشر) ش: وأكثره تسعة عشر، لأنه يقال: أحد عشر درهما إلى تسعة عشر، إلا أن الأقل يلزمه من غير بيان، والزيادة تعفف على بيانه.
م: (ولو قال: كذا وكذا) ش: درهماً م: (لم يصدق في أقل من أحد وعشرين) ش: درهماً م: (لأنه ذكر عددين مبهمين بينهما حرف العطف، وأقل ذلك من المفسر أحد وعشرون) ش: درهما م: (فيحمل كل وجه على نظيره) ش: تقدير هذا الكلام أن " كذا " كناية عن العدد، والأصل في استعمال اعتباره بالمفسر فما له نظير في الأعداد المفسرة حمل على أقل ما يكون من ذلك النوع وما ليس له ذلك بطل، فإذا قال: كذا درهماً كان كما إذا قال له علي درهم، وإذا قال: كذا كذا كان أحد عشر، وإن ثلث بغير واو لم يزد على ذلك لعدم النظير.
وإذا قال: كذا وكذا كان أحد وعشرين، وإن ثلث بالواو كان مائة وأحد وعشرين، وإن ربع يزاد ألف على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى الآن.
م: (ولو قال: كذا درهماً فهو درهم) ش: أي الذي يلزمه درهم م: (لأنه) ش: أي لأن قوله " درهماً " م: (تفسير للمبهم) ش: وهو قوله " كذا " لأنه كناية عن العدد على سبيل الإبهام، هكذا

(9/435)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
أورده المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - تفريعاً على مسألة القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولم يذكره في الأصل. وقال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قوله لأنه تفسير للمبهم، يعني أن درهماً منصوب على التمييز، فلزم أن يكون هو المجمل والمبهم.
وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وقال الإمام شرف الدين أبو حفص عمر بن محمد بن عمر الأنصاري العقيلي في " كتاب المنهاج ": وإن قال: له علي كذا درهماً لزمه ما بينه، ثم قال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كان ينبغي أن يلزمه في هذا أحد عشر، لأنه أول العدد الذي يقع تمييزها منصوباً، هكذا نقل عن أهل اللغة. وإذا كان كذلك ينبغي أن لا يصدق في بيانه بدرهم، والقياس فيه ما قاله في " مختصر الأسرار " إذا قال علي كذا درهما لزمه عشرون، لأنه ذكر جملة وفسرها بدرهم منصوب، وذلك يكون من عشرين إلى تسعين فيجب الأقل، وهو عشرون، لأنه بدرهم منصوب متيقن.
وقال تاج الشريعة: فإن قلت: ينبغي أن يجب أحد عشر درهماً، لأنه أقل عدد يجيء تمييزاً منصوباً.
قلت: الأصل براءة الذمة فيثبت الأدنى للتيقن. وفي " الذخيرة " و " التتمة " محال إلى " الجامع الصغير ": يلزمه درهمان، لأن كذا كناية عن العدد وأقل العدد درهمان، والواحد لا يكون عدداً، وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -:
في قوله كذا درهماً وكذا وكذا، ففيه أربعة أوجه: أحدهما: أن يقول: درهماً بالرفع يلزمه درهم، وتقديره شيء هو درهم فيجعل الدرهم بدلاً من كذا.
وثانيها: أن يقول درهم بالجر يلزمه خبر درهم، وكذا يكون كفاية عن خبر درهم.
وثالثها: أن يقول درهماً بالنصب ونصب على التفسير وهو التمييز، فيلزمه درهم.
ورابعها: أن يذكره بالوقف فيقبل تفسيره بجزء درهم أيضاً، لأنه يجوز أن يكون أسقط حركة الجر للوقف.
وقال القاضي الحنبلي وبعض أصحاب الشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: يلزمه درهم في الحالات.
وقال خواهر زاده - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: كذا درهم بالجر يلزمه مائة درهم، كذا روي عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنه ذكر عدداً مبهماً مرة واحدة، وذكر الدرهم عقيبه بالخفض فيعتد بعدد واحد فصرح ليستقيم ذكر الدرهم عقيبه بالخفض.

(9/436)


ولو ثلث كذا بغير واو فأحد عشر، لأنه لا نظير له سواه. وإن ثلث بالواو فمائة وأحد وعشرون، وإن ربع يزاد عليها ألف، لأن ذلك نظيره.
قال: وإن قال: له علي أو قبلي فقد أقر بالدين، لأن علي صيغة إيجاب وقبلي ينبئ عن الضمان على ما مر في الكفالة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وأقل ذلك مائة درهم، وإن قال: كذا كذا درهم يعني بالجر يلزمه ثلاثمائة، لأنه ذكر عددين مبهمين بلا واو العطف وذكر الدرهم عقيبهما بالخفض، وأقل ذلك من العدد المصرح ثلاثمائة، لأن ثلاث عدد ومائة عدد وليس بينهما عاطف، ويستقيم ذكر الدرهم عقيبها بالخفض.
وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وما نقله ابن قدامة في " المغني " وصاحب الحنبلي عن محمد أنه ذكر إذا قال كذا درهم لزمه عشرون خلاف ما ذكره في " الهداية " و " التتمة " وفتاوى قاضي خان، ولم أجد في الكتب المشهورة لأصحابنا، وعند ابن الحكم المالكي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يلزمه عشرون.
م: (ولو ثلث كذا بغير واو) ش: أي بغير واو العطف م: (فأحد عشر) ش: أي فيلزمه أحد عشر درهماً م: (لأنه لا نظير له سواه) ش: أي لا نظير للتثليث بلا واو، وتقديره: أنه يحمل الواحد منها على التكرار ضرورة عدم ثلاثة أعداد، ويجمع بينهما ذكراً بلا ذكر عاطف، ويحمل الاثنان على أقل ما يعتاد التعبير عنه بذكر عددين بلا عاطف، وهو أحد عشر.
م: (وإن ثلث بالواو) ش: بأن قال: كذا وكذا وكذا م: (فمائة وأحد وعشرون) ش: أي يلزمه مائة وأحد وعشرون درهماً، لأنه عدد يعتاد التعبير عنه بثلاثة أعداد مع العاطف.
م: (وإن ربع) ش: بأن قال: كذا وكذا وكذا وكذا م: (يزاد عليها الألف) ش: فتكون ألف ومائة وأحد وعشرين م: (لأن ذلك نظيره) ش: أي لأن الذي ربعه بواو العطف نظيره في العدد والمفسر، يعني لو قال. علي لفلان ألف ومائة وأحد وعشرون يلزمه ذلك لصراحته، فكذا يلزمه إذا ذكره بلفظ الكناية على العدد.

[قال له علي أو قبلي]
م: (قال وإن قال له: علي أو قبلي فقد أقر بالدين، لأن علي صيغة إيجاب) ش: قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] (آل عمران: الآية 97) ، ومحل الإيجاب الذمة م: (وقبلي) ش: أي لفظ قبلي م: (ينبئ عن الضمان) ش: يقال فلان قبل عن فلان أي ضمن، وسمي الكفيل قبيلاً لأنه ضامن للمال، وسمي الصك والذي هو حجة الدين قبالة، وهو ظاهر قول الأئمة الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - م: (على ما مر في الكفالة) ش: ومر هذا في أوائل كتاب الكفالة، وهو قوله: وكذا إذا قال: أنا به زعيم وقبيل، لأن الزعمة هي الكفالة، وقد مر بنا فيه، والقبيل هو الكفيل ولهذا سمي الصك قبالة.

(9/437)


ولو قال المقر: هو وديعة ووصل صدق، لأن اللفظ يحتمل مجازا حيث يكون المضمون عليه حفظه والمال محله، فيصدق موصولا لا مفصولا، قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وفي بعض نسخ " المختصر " في قوله قبلي أنه إقرار بالأمانة لأن اللفظ ينتظمها، حتى صار قوله: لا حق لي قبل فلان إبراء عن الدين والأمانة جميعا، والأمانة أقلهما، والأول أصح.
ولو قال: عندي أو معي أو في بيتي أو في كيسي أو في صندوقي فهو إقرار بأمانة في يده، لأن كل ذلك إقرار بكون الشيء في يده، وذلك يتنوع إلى مضمون وأمانة، فيثبت أقلهما وهو الأمانة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (ولو قال المقر: هو وديعة) ش: أي في قوله: " علي " أو " قبلي " م: (ووصل) ش: أي بقوله وديعة م: (صدق، لأن اللفظ يحتمل مجازاً) ش: أي من حيث المجاز، وبينه بقوله م: (حيث يكون المضمون عليه حفظه والمال محله) ش: فكان إطلاق وصف الضمان على الوديعة تسمية للمحل باسم الحال، كما يقال فهو جار لكنه مجاز مخالف للحقيقة فيصدق فيه إذا وصل كالاستثناء، وهو معنى قوله: م: (فيصدق موصولاً لا مفصولا) ش: كما في الاستثناء.
م: (قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: أي المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (وفي بعض نسخ " المختصر ") ش: يعني مختصر القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (في قوله: قبلي أنه إقرار بالأمانة، لأن اللفظ ينتظمهما) ش: أي الدين والأمانة م: (حتى صار قوله: لا حق لي قبل فلان إبراء عن الدين والأمانة جميعاً، والأمانة أقلهما) ش: فيحمل عليها م: (والأول أصح) .
ش: وهو أنه إقرار بالدين أصح، ذكره في " المبسوط "، وعلل بأن استعماله في الدين أغلب، فكان الحمل عليه أولى. وقال بعض الشراح: وكان قياس ترتيب وضع المسألة أن يذكر ما ذكره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ثم يذكر ما ذكره في الأصل لأن البداية شرح " مسائل الجامع الصغير " و " القدوري "، إلا أن المذكور في " الأصل " هو التصحيح فقدمه في الذكر.

[الإقرار بكون الشيء في يده]
م: (ولو قال: عندي أو معي أو في بيتي أو في كيسي أو في صندوقي فهو إقرار بأمانة في يده؛ لأن كل ذلك إقرار بكون الشيء في يده) ش: لا في ذمته م: (وذلك) ش: أي الإقرار بكون الشيء في يده م: (يتنوع إلى مضمون وأمانة فيثبت أقلهما وهو الأمانة) ش: وهو ظاهر من مذهب الأئمة الثلاثة.
وقال الأكمل: ونوقض بما إذا قال: له قبلي مائة درهم دين ووديعة ودين. فإنه دين ولم يثبت أقلهما، وهو الأمانة.
وأجيب بأنه ذكر لفظين أحدهما: يوجب الدين، والآخر: يوجب الوديعة والجمع بينهما غير ممكن، وإهمالهما لا يجوز، وحمل الدين على الوديعة حمل الأعلى على الأدنى وهو لا يجوز، لأن الشيء لا يكون تابعاً لما دونه، فتعين العكس.

(9/438)


ولو قال له رجل: لي عليك ألف فقال: اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار، لأن الهاء في الأول والثاني كناية عن المذكور في الدعوى، فكأنه قال: اتزن الألف التي لك علي حتى لو لم يذكر حرف الكناية لا يكون إقرارا لعدم انصرافه إلى المذكور، والتأجيل إنما يكون في حق واجب والقضاء يتلو الوجوب، ودعوى الإبراء كالقضاء لما بينا. وكذا دعوى الصدقة والهبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (ولو قال له رجل: لي عليك ألف درهم، فقال: اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار) ش: هذا كله لفظ القدوري، وقال المصنف: م: (لأن الهاء في الأول) ش: وهو قوله: اتزنها م: (والثاني كناية عن المذكور في الدعوى، فكأنه قال: اتزن الألف التي لك علي حتى لو لم يذكر حرف الكناية) ش: وهو قوله وهو الهاء م: (لا يكون إقراراً لعدم انصرافه إلى المذكور) ش: أي لعدم انصراف حرف الكناية إلى قوله " انتقد " أو " اتزن ". وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - في قوله " اتزن " و " انتقد " لا يكون إقرارا بالهاء وغيره، وبه قال بعض أصحاب مالك، لأنه لم يوجد مثل ذلك فيمن يستهزئ ويبالغ في الجحود فلا يكون إقرارا بالشك.
وعن بعض أصحاب الشافعي: إذا كان بحرف الكناية يكون إقرارا كقولنا. وقال ابن سحنون المالكي: يكون إقراراً في الوجهين، إلا إذا اتزن أو اتزنها ما أبعدك من ذلك، أو قال: من أي ضرب تأخذها ما أبعدك من ذلك، فليس بإقرار.
م: (والتأجيل إنما يكون في حق واجب) ش: لأنه لا يطلب التأجيل في غير دين لازم م: (والقضاء يتلو الوجوب) ش: يعني في قوله " قضيتك " فيلزمه. وبه قالت الأئمة الثلاثة، م: (ودعوى الإبراء كالقضاء) ش: يعني قوله: " أبرني " كالقضاء فيلزمه.
وعن بعض أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن قوله: أبرأتني عنه ليس بإقرار م: (لما بينا) ش: أشار به إلى قوله: " إن القضاء يتلو الوجوب ".
وفي " المحيط " لو قال لي عليك ألف فقال اتزنها أو انتقدها أو اقعد فاقبضها أو خذها أو لم تحل بعد هذا، أو قال غداً أو أرسل من يتزنها أو يقضيها أو قال ليست مهيأة أو ميسرة اليوم. أو قال ما أكثر ما تتقاضى أو عممتني أو حتى يدخل على مالي، أو حتى يجيء غلامي أو يقدم، فهذه كلها تدل على الوجوب.
ولو قال: اتزن أو انتقد أو أخر أو سوف أعطيك، ولم يذكر مع حرف الكناية لا يكون إقراراً. ولو قال: لي عليك ألف فقال: نعم، إقراراً، لأن نعم لا تستقل بنفسه، أما لو قال: لي عليك ألف فأومأ برأسه بنعم لا يكون إقراراً، لأن الإشارة لا تقوم مقام الكلام من غير الأخرس.
م: (وكذا دعوى الصدقة والهبة) ش: بأن قال: تصدقت به علي أو وهبت لي.

(9/439)


لأن التمليك يقتضي سابقة الوجوب، وكذا لو قال: أحلتك بها على فلان؛ لأنه تحويل الدين.
قال ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في التأجيل لزمه الدين حالا، لأنه أقر على نفسه بمال وادعى حقا لنفسه فيه، فصار كما إذا أقر بعبد في يده وادعى الإجارة، بخلاف الإقرار بالدراهم السود؛ لأنه صفة فيه وقد مرت المسألة في الكفالة. قال: ويستحلف المقر له على الأجل لأنه منكر حقا عليه، واليمين على المنكر.
وإن قال: له علي مائة درهم لزمه كلها دراهم. ولو قال: مائة وثوب لزمه ثوب واحد، والمرجع في تفسير المائة إليه وهو القياس في الأول، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأن المائة مبهمة والدرهم معطوف عليها بالواو والعاطفة لا تفسير لها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (لأن التمليك يقتضي سابقة الوجوب) ش: يعني هذا معنى التمليك منه وهذا لا يكون إلا بعد وجوب المال عليه في ذمته م: (وكذا) ش: أي وكذا يدل على الوجوب.
م: (لو قال: أحلتك بها على فلان؛ لأنه تحويل الدين) ش: من ذمة إلى ذمة.

[أقر بدين مؤجل فصدقه المقرله في الدين وكذبه في الأجل]
م: (قال) ش: أي قال القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في الأجل لزمه الدين حالاً) ش: وبه قال أبو الخطاب الحنبلي.
وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: لزمه الدين حالاً، م: (لأنه أقر على نفسه بمال) ش: أي بمال المقر له م: (وادعى حقاً لنفسه فيه) ش: أي في المال فلا يصدق م: (فصار) ش: هذا م: (كما إذا أقر بعبد في يده وادعى الإجارة) ش: لا يصدق في دعوى الإجارة.
م: (بخلاف الإقرار بالدراهم السود) ش: يعني إذا أقر أن لفلان علي دراهم، ولكنها تصدق م: (لأنه) ش: أي لأن للسواد م: (صفة فيه) ش: أي صفة أصلية في الدراهم، لأن الدراهم لا تنطبع إلا بنش، والأجل في الدين عارض لا يثبت بلا شرط.
والقول لمنكر العارض، م: (وقد مرت المسألة في الكفالة) ش: أي في باب الضمان ببيان الفرق، م: (قال ويستحلف المقر له على الأجل؛ لأنه منكر حقاً عليه واليمين على المنكر) ش: بالحديث.

[قال له علي مائة ودرهم]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (وإن قال له علي مائة ودرهم) ش: بالرفع م: (لزمه كلها دراهم، ولو قال مائة وثوب، لزمه ثوب واحد، والمرجع في تفسير المائة إليه) .
ش: أي إلى المقر، م: (وهو القياس في الأول) ش: أي لزوم درهم وتفسير المائة في قوله علي مائة ودرهم م: (وبه) ش: أي وبالقياس م: (قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وبه قال أحمد في رواية م: (لأن المائة مبهمة والدرهم معطوف عليها بالواو العاطفة لا تفسير لها) ش: للتغاير بين المعطوف عليه

(9/440)


فبقيت المائة على إبهامها كما في الفصل الثاني. وجه الاستحسان وهو الفرق أنهم استثقلوا تكرار الدراهم في كل عدد واكتفوا بذكره عقيب العددين، وهذا فيما يكثر استعماله، وذلك عند كثرة الوجوب بكثرة أسبابه وذلك في الدراهم والدنانير والمكيل والموزون. أما الثياب وما لا يكال ولا يوزن فلا يكثر وجوبها، فبقي على الحقيقة وكذا إذا قال: مائة وثوبان لما بينا، بخلاف ما إذا قال مائة وثلاثة أثواب لأنه ذكر عددين مبهمين وأعقبهما تفسيرا إذ الأثواب لم تذكر بحرف العطف، فانصرف إليهما لاستوائهما في الحاجة إلى التفسير فكانت كلها ثيابا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (فبقيت المائة على إبهامها كما في الفصل الثاني) ش: وهو قوله: علي مائة وثوب.
م: (وجه الاستحسان وهو الفرق) ش: بين الفصلين م: (أنهم) ش: أي العلماء م: (استثقلوا تكرار الدراهم في كل عدد واكتفوا بذكره) ش: أي بذكر الدرهم م: (عقيب العددين) ش: ألا ترى أنهم يقولون أحد وعشرون درهماً يكتفون بذكر الدرهم مرة ويجعلون ذلك تفسيراً للكل م: (وهذا) ش: أي الاستثقال قاله شيخي العلاء.
وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أي كون العطف للبيان م: (فيما يكثر استعماله وذلك) ش: أي كثرة الاستعمال.
م: (عند كثرة الوجوب بكثرة أسبابه وذلك) ش: فيما يثبت في الذمة، وهو معنى قوله: م: (في الدراهم والدنانير والمكيل والموزون) ش: لثبوتها في الذمة في جميع المعاملات حالة ومؤجلة، ويجوز الاستقراض بها، فإذا كثر وجوبها كثر الذكر.
فيعتبر ذلك الجنس في كل عدد، فاكتفى ذكر الجنس في العدد الأخير عن ذكره فيما سبق.
م: (وأما الثياب وما لا يكال ولا يوزن فلا يكثر وجوبها) ش: وهذا لا يثبت الثياب في الذمة ديناً إلا سلماً، والشاة لا تثبت ديناً في الذمة أصلاً، م: (فبقي على الحقيقة) ش: أي على الأصل، وهو أن يكون بيان المجمل موقوفا على المجمل لعدم صلاحية العطف للتفسير إلا عند الضرورة، وقد انعدمت.
م: (وكذا) ش: أي يرجع إلى المجمل في البيان م: (إذا قال: مائة وثوبان) ش: فيرجع في بيان المائة إلى المقر م: (لما بينا) ش: أي الثياب وما لا يكال ولا يوزن لا يكثر وجوبها.
م: (بخلاف ما إذا قال: مائة وثلاثة أثواب؛ لأنه ذكر عددين مبهمين) ش: وما مائة وثلاثة وإنما كانا مبهمين، لأنه لا دلالة لهما على جنس من الأجناس م: (وأعقبهما تفسيراً، إذ الأثواب لم تذكر بحرف العطف) ش: حتى تدل على المغايرة م: (فانصرف إليهما) ش: أي إلى العددين م: (لاستوائهما في الحاجة إلى التفسير فكانت كلها ثياباً) ش: لا يقال الأثواب جمع لا يصلح تمييزاً للمائة لأنها لما اقترنت بالثلاثة صار العدد واحداً.

(9/441)


قال: ومن أقر بتمر في قوصرة لزمه التمر والقوصرة وفسره في الأصل بقوله غصبت تمرا في قوصرة، ووجهه أن القوصرة وعاء وظرف له وغصب الشيء وهو مظروف لا يتحقق بدون الظرف فيلزمانه، وكذا الطعام في السفينة والحنطة في الجوالق، بخلاف ما إذا قال: غصبت تمرا من قوصرة؛ لأن كلمة من للانتزاع فيكون إقرارا بغصب المنزوع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[أقر بتمر في قوصرة]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ومن أقر بتمر في قوصرة) ش: بالتشديد والتخفيف وهي وعاء للتمر منسوج من قصب، وقيل: إنما يسمى بذلك ما دام فيها التمر، وإلا فهي زنبيل، وهذا عرفهم.
وقال صاحب " الجمهرة ": أما القوصرة فأحسبها دخيلاً، وقد روي:
أفلح من كانت له قوصرة ... يأكل منها كل يوم مرة
جميعاً
ثم قال: ولا أدري صحة هذا البيت، م: (لزمه التمر والقوصرة) ش: هذا كلام القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقال المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (وفسره في " الأصل ") ش: أي " المبسوط " م: (بقوله: غصبت تمراً في قوصرة، ووجهه) ش: أي وجه لزوم التمر والقوصرة جميعاً م: (أن القوصرة وعاء) ش: أي للتمر م: (وظرف له) ش: أي للتمر م: (وغصب الشيء وهو مظروف) ش: أي والحال أنه في الظرف م: (لا يتحقق بدون الظرف فيلزمانه) ش: أي فيلزم التمر والقوصرة للمقر.
م: (وكذا) ش: أي وكذا الحكم فيما إذا قال: غصبت م: (الطعام في السفينة) ش: لأن السفينة ظرف له فلا يتحقق بدون المظروف م: (والحنطة في الجوالق) ش: فيما إذا قال: غصبت الحنطة في الجوالق بفتح الجيم جمع جولق بالضم، والجواليق بالياء تسامح م: (بخلاف ما إذا قال: غصبت تمراً من قوصرة، لأن كلمة من للانتزاع) ش: أي لنزع الشيء من الشيء م: (فيكون إقراراً بغصب المنزوع) ش: وبقولنا قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية.
قال الشافعي ومالك وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - في رواية: يكون الإقرار بالمظروف لا بالظرف، والأصل في جنس هذه المسائل أن من أقر بشيئين أحدهما ظرف للآخر، فإن كان ذكرهما بكلمة " في " فيلزم الظرف والمظروف، وإن كان بكلمة من يلزم المظروف دون الظرف.
ولو أقر بشيئين لم يكن كذلك كقوله: غصبت درهماً في درهم، لم يلزمه الثاني، لأنه لا يصلح ظرفاً للأول.
ولو قال: غصبت إكافاً على حمار، أو سرجاً على فرس، كان إقراراً بغصب الإكاف خاصة وبه قالت الأئمة الثلاثة.
وقال شيخ الإسلام خواهر زاده - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مبسوطه ": لو أقر أنه غصب ثوباً في

(9/442)


قال: ومن أقر بدابة في إصطبل لزمه الدابة خاصة، لأن الإصطبل غير مضمون بالغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -، وعلى قياس قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يضمنهما ومثله الطعام في البيت.
قال: ومن أقر لغيره بخاتم لزمه الحلقة والفص، لأن اسم الخاتم يشمل الكل ومن أقر له بسيف فله النصل والجفن والحمائل، لأن الاسم ينطوي على الكل ومن أقر بحجلة فله العيدان والكسوة لإطلاق الاسم على الكل عرفا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
منديل كان مقرا بالثوب والمنديل، وكذلك لو قال: غصبتك عشرة أثواب في عشرة كان مقراً بهما.
وقال شيخ الإسلام الأسبيجابي في " شرح الكافي ": ولو قال: غصبتك كذا وكذا وكذا مع كذا وقال كذا بكذا وقال عليه كذا لزماه جميعاً.
ولو قال: كذا من كذا وكذا على كذا لزمه الأول فقط يعلم وجهها ما ذكرناه.

[أقر بدابة في إصطبل]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ومن أقر بدابة في إصطبل لزمه الدابة خاصة) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وإنما قال لزمه ولم يقر إقراراً بالدابة إما هذا الكلام إقرار بهما جميعاً، إلا أن اللزوم على قول أبي حنيفة وأبي يوسف في الرواية خاصة.
وإليه أشار بقوله: م: (لأن الإصطبل غير مضمون بالغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - وعلى قياس قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يضمنهما) ش: أي الدابة والإصطبل، وقد علم أن غصب العقار لا يتحقق عندهما خلافاً لمحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ومثله الطعام في البيت) ش: أي ومثل إقرار بالدابة في الإصطبل قوله: غصبت الطعام في البيت فلا يلزم إلا الطعام عندهما، وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - يلزمانه.
قال الأسبيجابي في " شرح الكافي ": ولو قال غصبتك مائة كر حنطة من بيت ضمن الطعام والبيت عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لأنه بريء الغصب في البيت، وهما لا يريانه فيضمن الطعام لا غير.

[أقر لغيره بخاتم]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ومن أقر لغيره بخاتم لزمه الحلقة والفص؛ لأن اسم الخاتم يشمل الكل) ش: وهذا يدخل الفص في بيع الخاتم من غير تسمية، م: (ومن أقر له بسيف فله النصل) ش: وهو حديدة السيف م: (والجفن) ش: هو غمده، أي بخلافه م: (والحمائل) ش: جمع حِمالة بكسر الحاء وهي علاقة السيف م: (لأن الاسم) ش: أي اسم السيف م: (ينطوي على الكل) ش: أي ينطلق على كل السيف.
م: (ومن أقر بحجلة) ش: وهو بيت يزين بالثياب م: (فله العيدان) ش: برفع النون جمع عود وهو الخشب كالديدان جمع دود م: (والكسوة لإطلاق الاسم على الكل عرفاً) ش: ولا نعلم

(9/443)


وإن قال غصبت ثوبا لزماه جميعا، لأنه ظرف، لأن الثوب يلف فيه، وكذا لو قال علي ثوب في ثوب لأنه ظرف، بخلاف قوله: درهم في درهم حيث يلزمه واحد، لأنه ظرف لا ظرف. وإن قال: ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه إلا ثوب واحد عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال محمد: لزمه أحد عشر ثوبا، لأن النفيس من الثياب قد يلف في عشرة أثواب فأمكن حمله على الظرف، ولأبي يوسف أن حرف " في " يستعمل في البين والوسط أيضا، قال الله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] (الفجر الآية 29) أي بين عبادي فوقع الشك، والأصل براءة الذمم على أن كل ثوب موعى وليس بوعاء، فتعذر حمله على الظرف فتعين الأول محملا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
خلافاً في هذه المسائل م: (وإن قال: غصبت ثوباً في منديل لزماه جميعاً لأنه) ش: أي لأن المنديل م: (ظرف؛ لأن الثوب يلف فيه) ش: والخلاف فيه كالخلاف في الإقرار بالتمر في القوصرة.
م: (وكذا لو قال: علي ثوب في ثوب) ش: أي يلزمه الثوبين جميعاً م: (لأنه ظرف) ش: ولا يتحقق ذلك الإبهام م: (بخلاف قوله: درهم في درهم) ش: يعني لو قال: علي لفلان درهم في درهم م: (حيث يلزمه واحد) ش: أي درهم واحد م: (لأنه ضرب) ش: أي ضرب حساب م: (لا ظرف) ش:، وقد مر.
م: (وإن قال: ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه إلا ثوب واحد عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال محمد: لزمه عشر ثوباً، لأن النفيس من الثياب قد يلف في عشرة أثواب فأمكن حمله على الظرف) ش: قيل: إنه منقوض على أصله بأن قال غصبته كرباساً في عشرة أثواب حرير لزمه الكل عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مع أن عشرة أثواب حرير لا تجعل وعاء للكرباس عادة.
م: (ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن حرف في يستعمل في البين والوسط أيضاً، قال الله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] (الفجر: الآية 29) أي بين عبادي فوقع الشك) ش: لأن كلمة في لما استعملت في معنى " بين " كما استعملت للظرف، لم يلزمه إلا ثوب واحد لوقوع الشك فيما زاد عليه، فلا يجوز والمال لا يجب بالشك والاحتمال.
م: (والأصل براءة الذمم) ش: لأنها خلقت برية عرية عن الحقوق، فلا يجوز شغلها إلا بحجة قوية، فلما لم يصلح العشرة للظرف صار كقوله غصبتك درهماً في درهم.
م: (على أن كل ثوب) ش: أي مع أن كل ثوب م: (موعى) ش: أي مظروف في حق ما وراءه م: (وليس بوعاء، فتعذر حمله على الظرف) ش: كذلك م: (فتعين الأول) ش: هو كونه بمعنى البين م: (محملاً) ش: بفتح الميم وسكون الحاء المهملة، أي من حيث الحمل على معنى البين.

(9/444)


ولو قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب لزمه خمسة لأن الضرب لا يكثر المال. وقال الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ - يلزمه خمسة وعشرون، وقد ذكرناه في الطلاق
ولو قال: أردت خمسة مع خمسة لزمه عشرة، لأن اللفظ يحتمله. ولو قال: له علي من درهم إلى عشرة، أو قال: ما بين درهم إلى عشرة لزمه تسعة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[قال لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب]
م: (ولو قال: لفلان علي خمسة في خمسة يريد الضرب والحساب لزمه خمسة) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (لأن الضرب لا يكثر المال) ش: يعني أثر الضرب في تكثير الأجزاء لإزالة الكسر لا في زيادة المال.
م: (وقال الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يلزمه خمسة وعشرون) ش: أي قال الحسن بن زياد يلزمه خمسة وعشرون إن أراد الضرب، وبه قال أحمد ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية، وقال زفر يلزمه العشر إذا أطلق م: (وقد ذكرناه في الطلاق) ش: أي في باب إيقاع الطلاق.
وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ولم يذكر صاحب " الهداية " ثمة صريحاً بل فهم ذلك بالإشارة من الخلاف الواقع بيننا وبين زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قوله: أنت طالق ثنتين في ثنتين، وقد أراد الضرب والحساب فعندنا: يقع ثنتان.
وعنده: يقع الثلاث، وإنما ذكر مسألة الإقرار صريحاً في كتاب الطلاق في " الجامع الصغير ".
قال في " شرح الكافي ": لو قال: له علي درهم مع درهم، أو معه درهم لزمه درهمان، وكذلك لو قال: قبله درهم أو بعده درهم، ولو قال: درهم فدرهم أو درهم ودرهم، لزماه جميعاً.
ولو قال: درهم درهم لزمه درهم واحد، فرق بين هذا وبين قوله لامرأته: أنت طالق طالق، حيث يقع ثنتان، لأن الإقرار إخبار فيجعل الثاني مؤكداً للأول والطلاق إنشاء والتأكيد لا يدخل في الإنشاء، فكان الثاني غير الأول فاقتضى وقوع طلاق آخر. ولو قال: له علي درهم بدرهم لزمه درهم، لأن الباء البدلية يعني عوضه درهم، وكذا إذا قال: له علي درهم، لأنه وصف الأول بالوجوب والثاني يكون موضوعاً له فلا ينتصف الثاني بالوجوب فيلزمه درهم واحد، ولو قال: له علي درهم ثم درهمان لزمه ثلاثة دراهم.

[قال له علي من درهم إلى عشرة]
م: (لو قال: أردت خمسة مع خمسة لزمه عشرة؛ لأن اللفظ يحتمله) ش: لأن مع للمصاحبة م: (ولو قال: له علي من درهم إلى عشرة، أو قال: ما بين) ش: أي أو قال له علي ما بين م: (درهم إلى عشرة لزمه تسعة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قوله مالك

(9/445)


فيلزمه الابتداء وما بعده، وتسقط الغاية، وقالا: يلزمه العشرة كلها فتدخل الغايتان. وقال زفر: يلزمه ثمانية ولا تدخل الغايتان، ولو قال له: من داري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فله ما بينهما وليس له من الحائطين شيء وقد مرت الدلائل في الطلاق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
- رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية وأحمد في وجه م: (فيلزمه الابتداء وما بعده وتسقط الغاية) ش: وهي العاشرة من العشرة.
م: (وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (يلزمه العشرة كلها فتدخل الغايتان) ش: أي الابتداء والانتهاء، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول ومالك في رواية وأحمد في وجه ومالك في رواية في قوله ما بين درهم إلى عشرة.
م: (وقال زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - يلزمه ثمانية ولا تدخل الغايتان) ش: أي الابتداء أو الانتهاء كما ذكرنا م: (ولو قال له من داري ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط فله ما بينهما وليس له من الحائطين شيء) ش: أي له أي للمقولة ما بين الحائطين شيء م: (وقد مرت المسائل مع الدلائل في الطلاق) ش: الشراح كلهم ما تكلموا هنا شيء اكتفاء بما ذكره المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتاب الطلاق، وبالله التوفيق.

(9/446)


(فصل) قال: ومن قال: لحمل فلانة علي ألف درهم فإن قال أوصى له فلان، أو مات أبوه فورثه فالإقرار صحيح، لأنه أقر بسبب صالح لثبوت الملك له ثم إذا جاءت به حيا في مدة يعلم أنه كان قائما وقت الإقرار لزمه، وإن جاءت به ميتا فالمال للموصي والمورث حتى يقسم بين ورثته، لأنه إقرار في الحقيقة لهما، وإنما ينقل إلى الجنين بعد الولادة ولم ينتقل.
ولو جاءت بولدين حيين فالمال بينهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[فصل في بيان مسائل الحمل]
[قال لحمل فلانة علي ألف درهم]
م: (فصل) ش: أي هذا فصل في بيان مسائل الحمل ذكرها بفصل على حدة إلا أنه ألحق مسائل الخيار بها اتباعاً " للمبسوط ".
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ومن قال: لحمل فلانة علي ألف درهم، فإن قال أوصى له فلان أو مات أبوه فورثه فالإقرار صحيح؛ لأنه أقر بسبب صالح لثبوت الملك له) ش: أي للحمل، وذلك لأن هذا الإقرار صدر من أهله مضافاً إلى محله ولم يتيقن بكذب ما أقر به، فكان صحيحاً كما لو أقر به بعد الانفصال، لأن الجنين أهل أن يستحق شيئاً بالميراث أو الوصية وإن كان بين وجهاً لا يستقيم وجوب المال به للجنين فإنه لا يصح إقراره ولا يلزمه شيء.
كما إذا قال لما في بطن فلانة علي ألف درهم بالبيع أو الإجارة أو الإقراض، فإن الإقرار لم يضف على محله وهو ظاهر، كما لو أقر أنه قطع يد فلان عمداً أو خطأ ويد فلان صحيحة لا يلزمه بهذا الإقرار شيء، لأنه كذب بيقين.
م: (ثم إذا جاءت حياً) ش: أي ثم إذا جاءت فلانة بالولد م: (في مدة يعلم أنه كان قائماً وقت الإقرار) ش: أي كان موجوداً وقت الإقرار بأن ولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار م: (لزمه) ش: أي لزم الرجل ما أقر به، وإن جاءت به لأكثر من سنتين وهي معتدة فكذلك، وأما إذا جاءت به لأكثر من ستة أشهر وهي غير معتدة لم يلزمه م: (وإن جاءت به ميتاً فالمال للموصي والمورث حتى يقسم بين ورثته) ش: أي بين ورثة كل واحد من الموصي والمورث م: (لأنه إقرار في الحقيقة لهما) ش: أي للموصي والمورث م: (وإنما ينقل إلى الجنين بعد الولادة ولم ينتقل) ش: وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - يبطل إقراره لعدم مستحقه.

[قال لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني]
م: (ولو جاءت بولدين حيين فالمال بينهما) ش: أي إن كانا ذكرين أو أنثيين، وإن كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى ففي الوصية بينهما نصفين، وفي الميراث: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] .

(9/447)


ولو قال المقر: باعني أو أقرضني لم يلزمه شيء، لأنه بين سببا مستحيلا. قال فإن أبهم الإقرار لم يصح عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يصح لأن الإقرار من الحجج فيجب إعماله وقد أمكن بالحمل على السبب الصالح، ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن الإقرار مطلق ينصرف إلى الإقرار بسبب التجارة، ولهذا حمل إقرار العبد المأذون له وأحد المتفاوضين عليه يصير كما إذا صرح به،
قال: ومن أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح إقراره ولزمه، لأن له وجها صحيحا، وهو الوصية به من جهة غيره فحمل عليه.
قال: ومن أقر بشرط الخيار بطل الشرط، لأن الخيار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (ولو قال المقر: باعني) ش: يعني لو قال: لحمل فلانة علي ألف من ثمن شيء باعني م: (أو أقرضني) ش: أي أو قال حمل فلانة أقرضني ألف درهم م: (لم يلزمه شيء لأنه بين سبباً مستحيلاً) ش: إذ البيع أو الإقراض من الجنين حقيقة وهو ظاهر، وكذا حكماً لأنه لا ولاية لأحد على الجنين حتى يصير تصرفه كتصرفه، فصار كلامه لغواً فلا يلزمه شيء.
م: (قال فإن أبهم الإقرار) ش: إن لم يعين سببه م: (لم يصح عند أبي يوسف) ش: وقيل أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - معه، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول م: (وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يصح) ش: وبه قال أحمد والشافعي - رحمهما الله - في الأصح وهو قول مالك م: (لأن الإقرار من الحجج، فيجب إعماله وقد أمكن بالحمل على السبب الصالح) ش: بأن يقول: أوصى له فلان، أو مات أبوه فورثه تصحيحاً لكلام المعاقل.
م: (ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن الإقرار مطلق ينصرف إلى الإقرار بسبب التجارة، ولهذا حمل إقرار العبد المأذون له وأحد المتفاوضين عليه) ش: أي على الإقرار بسبب التجارة، ولا يحمل إقرارهما على دين المهر وأرش الجناية حتى لا يؤاخذ العبد في حال رقه ولا يؤاخذ الشريك الآخر م: (يصير كما إذا صرح به) ش: أي يصير المقر به كما إذا صرح بدين التجارة بدلالة العرف.

[أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل]
م: (قال) ش: أي القدروي: م: (ومن أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح إقراره ولزمه لأن له) ش: أي بهذا الإقرار م: (وجهاً صحيحاً وهو الوصية به من جهة غيره) ش: بأن أوصى به له مالك الجارية ومالك الشاة، فإذا كان كذلك م: (فحمل عليه) ش: بالوجه المذكور. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن أطلق لا يصح في قول نقله المزني عنه، وفي قول: يصح وهو الأصح وبه قال أحمد ومالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إن تيقن بوجوده عند الإقرار.

م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (ومن أقر بشرط الخيار بطل الشرط) ش: صورته: إن أقر لرجل بدين من قرض أو غصب أو وديعة قائمة أو مستهلكة على أنه بالخيار ثلاثة أيام فالإقرار جائز ويبطل الشرط م: (لأن الخيار) ش: لا يليق بالإخبار لأنه لا يتغير به الإخبار،

(9/448)


للفسخ والإخبار لا يحتمله ولزمه المال لوجود الصيغة الملزمة ولم ينعدم بهذا الشرط الباطل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ولأنه أي لأن الخيار في الحقيقة م: (للفسخ والإخبار لا يحتمله) ش: لأن الخبر إن كان صادقاً بمطابقته للواقع فلا يتغير باختياره وعدم اختياره، وإن كان كاذباً لم يتغير باختياره م: (ولزمه المال لوجود الصيغة الملزمة) ش: وهي قوله: علي ونحوه، م: (ولم ينعدم بهذا الشرط الباطل) ش: لأن الباطل لا تأثير له.
أما لو أقر بدين من ثمن مبيع على أنه فيه بالخيار فإن هناك يثبت الخيار إذا صدقه صاحبه، لأن سببه يقبل الخيار، وإن كذبه صاحبه لم يثبت الخيار، لأن مطلق البيع اللزوم، والخيار أمر عارض فلا يثبت إلا بحجة.
ولو أقر بدين من كفالة على شرط الخيار مدة معلومة طويلة أو قصيرة فإن صدقه المقر له فهو كما قال، والخيار ثابت له إلى آخر المدة، لأن الكفالة عقد يصح اشتراط الخيار فيه، فيجعل ما تصادقاً كالمعاين في جهتهما، كذا في " المبسوط ".

(9/449)