البناية شرح الهداية

باب الصلح في الدين
قال: وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة لم يحمل على المعاوضة، وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه وأسقط باقيه، كمن له على آخر ألف درهم فصالحه على خمسمائة، وكمن له على آخر ألف جياد فصالحه على خمسمائة زيوف جاز.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[باب الصلح في الدين]
[له على آخر ألف درهم فصالحه على خمسمائة]
م: (باب الصلح في الدين) ش: أي هذا باب في بيان حكم الصلح عن عموم الدعاوي، شرع في هذا الباب حكم الخاص وهو دعوى الدين لأن الخصوص أبدا يكون بعد العموم.

م: (قال: وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة) ش: أي من جنس ما يستحقه المدعي على المدعى عليه بعقد المداينة البيع بالدين. وإنما وضع المسألة في الدين وإن كان الحكم في الغصب كذلك حملا لأمر المسلم على الصلاح، لأنه هو المشروع إلى الغصب.
وهو نظير قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من نام عن صلاة أو نسيها..» الحديث " مع أن الحكم في العمد كذلك، قال الكاكي: وهاهنا ينبغي أن يزاد قيد آخر، وهو أن يقال: وكل شيء وقع عليه الصلح وهو مستحق بعقد المداينة، ولا يمكن حمله على بيع الصرف لم يحمل على المعاوضة.
لأنه لو أمكن حمله على بيع الصرف مع أنه مستحق بعقد المداينة يحمل على المعاوضة لا على إسقاط البعض م: (لم يحمل على المعاوضة) ش: لما فيه من الربا.
م: (وإنما يحمل على أنه استوفى بعض حقه وأسقط باقيه، كمن له على آخر ألف درهم فصالحه على خمسمائة، وكمن له على آخر ألف جياد فصالحه على خمسمائة زيوف جاز) ش: أي الصلح م:

(10/25)


وكأنه أبرأه عن بعض حقه، وهذا لأن تصرف العاقل يتحرى تصحيحه ما أمكن، ولا وجه لتصحيحه معاوضة لإفضائه إلى الربا، فجعل إسقاطا للبعض في المسألة الأولى، وللبعض والصفة في الثانية،
ولو صالح على ألف مؤجلة وكأنه أجل نفس الحق؛ لأنه لا يمكن جعله معاوضة؛ لأن بيع الدراهم بمثلها نسيئة لا يجوز، فحملناه على التأخير. ولو صالحه على دنانير إلى شهر لم يجز؛ لأن الدنانير غير مستحقة بعقد المداينة، فلا يمكن حمله على التأخير، ولا وجه له سوى المعاوضة وبيع الدراهم بالدنانير نسيئا لا يجوز فلم يصح الصلح. . قال: ولو كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز؛ لأن المعجل خير من المؤجل وهو غير مستحق بالعقد فيكون بإزاء ما حطه عنه وذلك اعتياض عن الأجل وهو حرام،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
(وكأنه أبرأه عن بعض حقه وهذا) ش: أي عكس عدم الحمل على المعاوضة م: (لأن تصرف العاقل يتحرى تصحيحه ما أمكن، ولا وجه لتصحيحه معاوضة لإفضائه إلى الربا، فجعل إسقاطا للبعض) ش: أي لبعض الدين م: (في المسألة الأولى) ش: وهي مسألة مسامحة الألف بخمسمائة م: (وللبعض) ش: أي وجعل إسقاطا لبعض الدين م: (والصفة) ش: أي وإسقاطا للصفة م: (في الثانية) ش: أي في المسألة الثانية وهي مصالحة الجياد بالزيوف.

م: (ولو صالح على ألف مؤجلة جاز) ش: أي الصلح، يعني إذا صالح الطالب على ألف درهم مؤجلة جاز لما قلنا أن أمور المسلمين محمولة على الصلاح ما أمكن م: (كأنه أجل نفس الحق؛ لأنه لا يمكن جعله معاوضة؛ لأن بيع الدراهم بمثلها نسيئة لا يجوز) ش: شرعا؛ لأن ذلك بيع الدين بالدين م: (فحملناه على التأخير) ش: أي تأخير الدين؛ لأن التأخير تصرف في حقه لا في حق غيره.
م: (ولو صالحه على دنانير إلى شهر لم يجز) ش: هذا لفظ القدوري، أي لو صالح الطالب المطلوب عن الدراهم الحالة على دنانير مؤجلة م: (لأن الدنانير غير مستحقة بعقد المداينة فلا يمكن حمله على التأخير) ش: أي تأخير الحق، لأن حق الطالب كان في الدراهم لا في الدنانير ولما لم يكن ذلك ولا غيره م: (ولا وجه له سوى المعاوضة وبيع الدراهم بالدنانير نسيئا لا يجوز، فلم يصح الصلح) ش: لأنه يؤدي إلى الربا.

[كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ولو كانت له ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز، لأن المعجل خير من المؤجل وهو) ش: أي المعجل م: (غير مستحق بالعقد فيكون) ش: أي تعجيل الخمسمائة التي كانت عوض عن الأجل م: (بإزاء ما حطه عنه) ش: فيكون بمقابلة الخمسمائة المحطوطة المؤجلة. م: (وذلك اعتياض عن الأجل وهو حرام) ش: ألا ترى أن ربا النساء حرام لشبهة مبادلة المال بالأجل، فلأن تحرم حقيقة أولى، وبه قالت الأئمة الثلاثة وأكثر العلماء. م:

(10/26)


وإن كان له ألف سود فصالحه على خمسمائة بيض لم يجز؛ لأن البيض غير مستحقة بعقد المداينة وهي زيادة وصفا فيكون معاوضة الألف بخمسمائة وزيادة وصف فيكون ربا، بخلاف ما إذا صالح عن الألف البيض على خمسمائة سود؛ لأنه إسقاط بعض حقه قدرا ووصفا. وبخلاف ما إذا صالح على قدر الدين وهو أجود؛ لأنه معاوضة المثل بالمثل ولا معتبر بالصفة، إلا أنه يشترط القبض في المجلس.
ولو كان عليه ألف درهم ومائة دينار فصالحه على مائة درهم حالة أو إلى شهر صح الصلح؛ لأنه أمكن أن يجعل إسقاطا للدنانير كلها والدراهم إلا مائة وتأجيلا للباقي، فلا يجعل معاوضة تصحيحا للعقد، أو لأن معنى الإسقاط فيه ألزم.
قال: ومن له على آخر ألف درهم فقال: أد إلي غدا منها خمسمائة على أنك بريء من الفضل ففعل فهو بريء،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
(وإن كان له ألف سود وصالحه على خمسمائة بيض لم يجز) ش: المراد من السود الدراهم المضروبة من النقرة السود م: (لأن البيض غير مستحقة بعقد المداينة وهي زيادة وصفا) ش: أي البيض زائدة من حيث الوصف م: (فيكون معاوضة الألف بخمسمائة وزيادة وصف، فيكون ربا) ش: وفي بعض النسخ: فهو ربا.
م: (بخلاف ما إذا صالح عن الألف البيض على خمسمائة سود، لأنه إسقاط بعض حقه قدرا ووصفا) ش: أي: من حيث القدر والوصف، حيث يجوز م: (وبخلاف ما إذا صالح على قدر الدين وهو أجود) ش: أي قدر الدين أجود من الدين، حيث يحوز، ومعناه ما قاله في شرح " الكافي "، ولو كان له عليه ألف درهم غلة فصالحه منها على ألف درهم حالة فإن قبض قبل أن يعتبر، فأجاز وإن تفرقا قبل أن يقبض بطل م: (لأنه معاوضة المثل بالمثل، ولا معتبر بالصفة، إلا أنه يشترط القبض في المجلس) ش: لأنه صرف، والنخبة اسم لما هو الموجود من الدراهم السود.

[كان عليه ألف درهم ومائة دينار فصالحه على مائة درهم حالة]
م: (ولو كان عليه ألف درهم ومائة دينار فصالحه على مائة درهم حالة أو إلى شهر صح الصلح، لأنه أمكن أن يجعل إسقاطا للدنانير كلها والدراهم إلا مائة وتأجيلا للباقي) ش: يعني يحمل على أنه إسقاط حقه في الدنانير أصلا، وأسقط حقه في الدراهم إلا مائة، وإذا كان كذلك جاز التأجيل في المائة.
م: (فلا يجعل معاوضة تصحيحا للعقد) ش: وتحرزا عن الربا م: (أو لأن معنى الإسقاط فيه) ش: أي في الصلح م: (ألزم) ش: لأنه مبني على الحطيطة والحط هاهنا أكثر، فيكون الإسقاط ألزم.

م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن له على آخر ألف درهم) ش: أي حالة م: (فقال: أد إلي غدا منها خمسمائة على أنك بريء من الفضل ففعل فهو بريء) ش: أي من الفضل

(10/27)


فإن لم يدفع إليه الخمسمائة غدا عاد عليه الألف وهو قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يعود عليه؛ لأنه إبراء مطلق، ألا ترى أنه جعل أداء الخمسمائة عوضا حيث ذكره بكلمة " على " وهي للمعاوضة، والأداء لا يصلح عوضا لكونه مستحقا عليه فجرى وجوده مجرى عدمه، فبقي الإبراء مطلقا فلا يعود كما إذا بدأ بالإبراء ولهما أن هذا إبراء مقيد بالشرط فيفوت بفواته؛ لأنه بدأ بأداء الخمسمائة في الغد، وأنه يصلح غرضا حذار إفلاسه وتوسلا إلى تجارة أربح منه، وكلمة " على " وإن كانت للمعاوضة، فهي محتملة للشرط لوجود معنى المقابلة فيه فيحمل عليه عند تعذر الحمل على المعاوضة تصحيحا لتصرفه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (فإن لم يدفع إليه الخمسمائة غدا عاد عليه الألف وهو قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله) .
م: (وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يعود عليه لأنه إبراء مطلق) ش: فثبت البراءة مطلق سواء أعطى أو لم يعط م: (ألا ترى أنه جعل أداء الخمسمائة عوضا) ش: أي عن الإبراء م: (حيث ذكره بكلمة على وهي للمعاوضة) ش: أي كلمة على للمعاوضة.
م: (والأداء لا يصلح عوضا) ش: لأن حد المعاوضة أن يستفيد كل واحد ما لم يكن مخالفا م: (لكونه مستحقا عليه) ش: لم يستفد منه شيء لم يكن وإذا كان كذلك م: (فجرى وجوده مجرى عدمه) ش: أي جرى وجود الأداء عوضا مجرى عدمه م: (فبقي الإبراء مطلقا ولا يعود كما إذا بدأ بالإبراء) ش: بأن قال: أبرأتك على خمسمائة من ألف على أن تؤدي غدا خمسمائة من الألف.
م: (ولهما) ش: أي لأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (أن هذا إبراء مقيد بالشرط) ش: أي بشرط مرغوب فيه، فيكون إبراء مقيدا م: (فيفوت بفواته) ش: أي عند فواته، فإن انتفاء الشرط ليس علة لانتفاء المشروط عندنا، لكنه عند انتفائه فات لبقائه على العدم الأصلي، وإنما قلنا إنه مقيد بالشرط.
م: (لأنه بدأ بأداء الخمسمائة في الغد، وأنه يصلح غرضا حذار إفلاسه وتوسلا إلى تجارة أربح منه) ش: وصلح أن يكون شرطا من حيث المعنى م: (وكلمة على وإن كانت للمعاوضة فهي محتملة للشرط لوجود معنى المقابلة فيه) ش: أي في الشرط، فإنه فيه مقابلة الشرط بالخبر لما كان بين العوضين وقد تعذر والعمل معنى المعاوضة.
فإذا كان كذلك م: (فيحمل عليه) ش: أي على الشرط م: (عند تعذر الحمل على المعاوضة تصحيحا لتصرفه) ش: وقال الأكمل، وكان منهما قول بموجب العلة، أي سلمنا أنه لا يصح أن يكون مقيدا بالعوض لكن لا ينافي أن يكون مقيدا بوجه آخر وهو الشرط.

(10/28)


أو لأنه متعارف، والإبراء مما يتقيد بالشرط، وإن كان لا يتعلق به كالحوالة وسنخرج البداءة بالإبراء إن شاء الله تعالى.
قال: وهذه المسألة على وجوه، أحدها: ما ذكرناه، والثاني: إذا قال: صالحتك من الألف على خمسمائة تدفعها إلي غدا وأنت بريء من الفضل على أنك إن لم تدفعها إلي غدا فالألف عليك على حاله. وجوابه أن الأمر على ما قال؛ لأنه أتى بصريح التقييد فيعمل به. والثالث: إذا قال: أبرأتك من خمسمائة من الألف على أن تعطيني الخمسمائة غدا فالإبراء فيه واقع.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (أو لأنه متعارف) ش: معطوف على قوله لوجود المقابلة، يعني أن حمل كله على الشرط لأحد معنيين: إما لوجود المقابلة، وإما لأن مثل هذا الشرط في الصلح متعارف بأن يكون تعجيل البعض مقيدا الإبراء الباقي، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا، وصار كما لو قال إن لم تنفذ غدا فلا صلح بيننا.
م: (والإبراء مما يتقيد بالشرط) ش: هذا جواب عما يقال تعليق الإبراء بالشرط مثل أن يقول لغريم أو كفيل: إذا أديت أو متى أديت إلي خمسمائة فأنت بريء من الباقي: باطل بالاتفاق، والتقييد بالشرط وهو التعلق به، فكيف كان جائزا أو تقديرا. الجواب أن الإبراء مما يتقيد بالشرط.
م: (وإن كان لا يتعلق به) ش: يعني يجوز أن يكون الإبراء مقيدا بشروط، مرغوب فيه وإن كان لا يتعلق به، أي بالشرط حتى إذا قال الشرط انتقض الإبراء م: (كالحوالة) ش: فإنه مقيده بشرط سلامة الدين من ذمته، حتى إذا مات المحتال عليه مفلسا انتقضت الحوالة وعاد الدين إلى ذمة المحيل ولكن يجوز تعليق الإبراء بالشرط أصلا لما فيه من معنى التمليك م: (وسنخرج البداءة بالإبراء إن شاء الله تعالى) ش: هذا عذر من تأخير جواب ما قاس عليه أبو يوسف بقوله: كما إذا بدأ بالإبراء، يعني: بذكر الفرق بين المقيس عليه عند قوله: والثالث إذا قال أبرأتك إلى آخره.

م: (قال) ش: أي المصنف م: (وهذه المسألة) ش: أشار به إلى قوله ومن له على آخر ألف درهم.. إلى آخره م: (على وجوه: أحدها: ما ذكرناه) ش: وهو قوله ومن له على آخر.. إلى آخره.
م: (والثاني) ش: أي الوجه الثاني م: (إذا قال صالحتك من الألف على خمسمائة تدفعها إلي غدا وأنت بريء من الفضل على أنك إن لم تدفعها إلي غدا فالألف عليك على حاله، وجوابه أن الأمر على ما قال) ش: أي بالإجماع م: (لأنه أتى بصريح التقييد فيعمل به والثالث) ش: أي الوجه الثالث م: (إذا قال أبرأتك من خمسمائة من الألف على أن تعطيني الخمسمائة غدا فالإبراء فيه واقع

(10/29)


أعطى الخمسمائة أو لم يعط؛ لأنه أطلق الإبراء أولا، وأداء الخمسمائة لا يصلح عوضا مطلقا، ولكنه يصلح شرطا فوقع الشك في تقييده بالشرط فلا يتقيد به. بخلاف ما إذا بدأ بأداء خمسمائة لأن الإبراء حصل مقرونا به، فمن حيث إنه لا يصلح عوضا يقع مطلقا، ومن حيث إنه يصلح شرطا لا يقع مطلقا، فلا يثبت الإطلاق بالشك فافترقا. والرابع: إذا قال: أد إلي خمسمائة على أنك بريء من الفضل ولم يوقت للأداء وقتا. وجوابه أنه يصح الإبراء ولا يعود الدين لأن هذا إبراء مطلق؛ لأنه لما لم يوقت للأداء وقتا لا يكون الأداء غرضا صحيحا لأنه واجب عليه في مطلق الأزمان فلم يتقيد، بل يحمل على المعاوضة ولا يصلح عوضا، بخلاف ما تقدم؛ لأن الأداء في الغد غرض صحيح. والخامس: إذا قال: إن أديت إلي خمسمائة أو قال: إذا أديت أو متى أديت فالجواب فيه أنه لا يصح الإبراء؛ لأنه علقه بالشرط صريحا وتعليق البراءة بالشروط باطل لما فيها من معنى التمليك، حتى يرتد بالرد، بخلاف ما تقدم؛ لأنه ما أتى بصريح الشرط فحمل على التقييد به.
قال: ومن قال لآخر: لا أقر لك بمالك حتى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
أعطى) ش: أي على م: (الخمسمائة أو لم يعط؛ لأنه أطلق الإبراء أولا وأداء الخمسمائة لا يصلح عوضا مطلقا، ولكنه يصلح شرطا فوقع الشك في تقييده) ش: أي يعتبر الإبراء م: (بالشرط فلا يتقيد به، بخلاف ما إذا بدأ بأداء خمسمائة؛ لأن الإبراء حصل مقرونا به) ش: أي بالأداء.
م: (فمن حيث إنه لا يصلح عوضا يقع مطلقا، ومن حيث إنه يصلح شرطا لا يقع مطلقا فلا يثبت الإطلاق بالشك فافترقا) ش: أي الوجهان، وهو ما إذا بدأ بالإبراء، أو إذا بدأ بأداء الخمسمائة.
م: (والرابع:) ش: أي الوجه الرابع م: (إذا قال: أد إلي خمسمائة على أنك بريء من الفضل ولم يوقت للأداء وقتا، وجوابه أنه يصح الإبراء ولا يعود الدين، لأن هذا إبراء مطلق لأنه لما لم يوقت للأداء وقتا لا يكون الأداء غرضا صحيحا؛ لأنه واجب عليه في مطلق الأزمان فلم يتقيد، بل يحمل على المعاوضة ولا يصلح عوضا بخلاف ما تقدم) ش: أي بخلاف ما إذا وقت للأداء وقتا كما في قوله أد إلي غدا منها خمسمائة على أنك بريء منها من الفضل م: (لأن الأداء في الغد غرض صحيح) .
م: (والخامس:) ش: أي الوجه الخامس م: (إذا قال: إن أديت إلي خمسمائة أو قال: إذا أديت أو متى أديت فالجواب فيه أنه لا يصح الإبراء؛ لأنه علقه بالشرط صريحا، وتعليق البراءة بالشروط باطل لما فيها) ش: أي في البراءة م: (من معنى التمليك حتى يرتد بالرد " بخلاف ما تقدم لأنه ما أتى بصريح الشرط) ش: يعني أن الإبراء فيه معنى الإسقاط ومعنى التمليك، فإذا صرح بالتعليق لم يصح اعتبارا بسبب التمليك، وإذا لم يصرح به صح اعتبار الشبه والإسقاط، فإذا كان كذلك م: (فحمل على التقييد به) ش: أي بالشرط.

[قال له لا أقر لك بمالك حتى تؤخره عني أو تحط عني ففعل]
م: (قال) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير " م: (ومن قال لآخر لا أقر لك بمالك حتى

(10/30)


تؤخره عني أو تحط عني ففعل جاز عليه؛ لأنه ليس بمكره، ومعنى المسألة إذا قال ذلك سرا، أما إذا قال علانية يؤخذ به.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
تؤخره عني أو تحط عني ففعل) ش: أخر دينه أو حط شيئا من دينه م: (جاز عليه) ش: أي هذا التصرف وهو التأخير أو الحط جاز على رب الدين حتى لا يتمكن من مطالبته في الحال ولا مطالبة ما حط عنه، وعند الشافعي وأحمد - رحمهما الله - يتمكن م: (لأنه) ش: أي لأن رب الدين م: (ليس بمكره) ش: لأنه يمكن دفع هذا بإقامة البينة أو بالتحليف م: (ومعنى المسألة إذا قال ذلك سرا، أما إذا قال علانية يؤخذ به) ش: أي يؤخذ المقر بجميع المال في الحال بلا خلاف، لأنه إقرار منه بالحق.

(10/31)


فصل في الدين المشترك وإذا كان الدين بين شريكين، فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب، فشريكه بالخيار: إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه، وإن شاء أخذ نصف الثوب، إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين، والأصل في هذا أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض لأنه ازداد بالقبض، إذ مالية الدين باعتبار عاقبة القبض، وهذه الزيادة راجعة إلى أصل الحق، فتصير كزيادة الولد والثمرة فله حق المشاركة، ولكنه قبل المشاركة باق على ملك القابض؛ لأن العين غير الدين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[فصل في الدين المشترك]
[كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب]
م: (فصل في الدين المشترك)
ش: أي هذا فصل في بيان حكم الدين المشترك، أخر هذا عن المفرد لأن المركب يتلو المفرد.
م: (وإذا كان الدين بين شريكين فصالح أحدهما من نصيبه على ثوب فشريكه بالخيار إن شاء اتبع الذي عليه الدين بنصفه، وإن شاء أخذ نصف الثوب إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين) ش: هذا لفظ القدوري، والاستثناء من قوله فشريكه بالخيار، يعني إذا ضمن الشريك المصالح ربع الدين ليس للشريك غير المصالح الخيار، لأن حقه في الدين ولا يكون له سبيل في الثوب.
وإنما وضع المسألة في الدين بين شريكين، لأنه إذا ادعى اثنان في دار فصالح أحدهما من نصيبه من الدار على مال لم يشركه الآخر بلا خلاف بين العلماء سواء كان المدعى عليه منكرا أو مقرا، لأن الصلح بإقرار معاوضة فيجوز، وبإثبات معاوضة في زعم المدعى عليه فلا يثبت للشريك حق الشركة.
م: (والأصل في هذا) ش: الفصل م: (أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض؛ لأنه ازداد بالقبض) ش: أي لأن الدين ازداد خيرا بسبب كونه مقبوضا أو منقودا م: (إذ مالية الدين باعتبار عاقبة القبض) ش: لأن الدين قبل القبض وصف شرعي، وبعد القبض صار عينا منتفعا قابلا للتصرفات، ولأن الدين ليس بمال، ولهذا لو حلف على أن لا مال له وله ديون على الناس لا يحنث وبعدما قبض صار مالا. م: (وهذه الزيادة راجعة إلى أصل الحق، فتصير كزيادة الولد والثمرة فله حق المشاركة) ش: في أصل الحق م: (ولكنه قبل المشاركة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال لو كانت زيادة الدين بالقبض كالثمر والولد ينبغي أن لا يجوز تصرف القابض قبل أن يختار الشريك مشاركته كما في الثمر والولد لا يجوز التصرف بغير إذن الآخر. وتقدير الجواب ما قاله، ولكنه أي ولكن المقبوض قبل المشاركة، أي أن يختار الشريك مشاركة القبض م: (باق على ملك القابض، لأن العين غير الدين

(10/32)


حقيقة وقد قبضه بدلا عن حقه فيملكه حتى ينفذ تصرفه فيه ويضمن لشريكه حصته، والدين المشترك أن يكون واجبا بسبب متحد كثمن المبيع إذا كان صفقة واحدة وثمن المال المشترك والمورث بينهما وقيمة المستهلك المشترك، إذا عرفنا هذا فنقول في مسألة الكتاب له أن يتبع الذي عليه الأصل لأن نصيبه باق في ذمته؛ لأن القابض قبض نصيبه لكن له حق المشاركة وإن شاء أخذ نصف الثوب؛ لأن له حق المشاركة إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين؛ لأن حقه في ذلك. قال: ولو استوفى أحدهما نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض لما قلنا ثم يرجعان على الغريم بالباقي؛ لأنهما لما اشتركا في المقبوض لا بد أن يبقى الباقي على الشركة. قال: ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين؛ لأنه صار قابضا حقه بالمقاصة كملا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
حقيقة وقد قبضه بدلا عن حقه فيملكه حتى ينفذ تصرفه فيه ويضمن لشريكه حصته) .
ش: ثم عرف المصنف الدين المشترك بقوله م: (والدين المشترك أن يكون واجبا بسبب متحد كثمن المبيع إذا كان صفقة واحدة) ش: قيد به، لأنه لو باع أحدهما نصيبه بخمسمائة والآخر نصيبه بخمسمائة وكتبا عليه صلحا واحدا بألف ثم قبض أحدهما شيئا لم يكن للآخر أن يشاركه فيه لأن تفرق التسمية في حق القابض كتفرق الصفقة م: (وثمن المال المشترك) ش: أي والدين المشترك أيضا ثمن المال المشترك بين الاثنين م: (والمورث بينهما) ش: أي بين الاثنين أي والثمن المورث بينهما بأن باع رجل عينا ومات قبل قبض الثمن وله وارث م: (وقيمة المستهلك المشترك) ش: بين الاثنين.
م: (إذا عرفنا هذا) ش: لما فرغ المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - من بيان الأصل قال: إذا عرفنا م: (هذا) ش: وترك عليه م: (فنقول في مسألة الكتاب) ش: أي القدوري م: (له أن يتبع الذي عليه الأصل) ش: أي للساكت أن يتبع المديون م: (لأن نصيبه باق في ذمته) ش: ولم يستوفه م: (لأن القابض قبض نصيبه لكن له حق المشاركة وإن شاء أخذ نصف الثوب) ش: ونصف الثوب قدر ربع الدين، لأن الثوب صولح عليه بنصف الدين فيكون الثوب قدر نصف الدين ونصف النصف ربع لا محالة م: (لأن له حق المشاركة إلا أن يضمن له شريكه ربع الدين، لأن حقه في ذلك) ش: أي لأن حقه في الأصل كان في الدين.

م: (قال) ش: أي القدوري م: (ولو استوفى أحدهما نصف نصيبه من الدين كان لشريكه أن يشاركه فيما قبض لما قلنا) ش: أي قبض هذا أن الدين المشترك بين اثنين إذا قبض أحدهما شيئا منه فلصاحبه أن يشاركه في المقبوض م: (ثم يرجعان على الغريم بالباقي، لأنهما لما اشتركا في المقبوض لا بد أن يبقى الباقي على الشركة قال) ش: أي القدوري م: (ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين سلعة كان لشريكه أن يضمنه ربع الدين، لأنه صار قابضا حقه بالمقاصة كملا) ش: أي من

(10/33)


لأن مبنى البيع على المماكسة، بخلاف الصلح لأن مبناه على الإغماض والحطيطة فلو ألزمناه دفع ربع الدين يتضرر به فيتخير القابض كما ذكرناه، ولا سبيل للشريك على الثوب في البيع لأنه ملكه بعقده، والاستيفاء بالمقاصة بين ثمنه وبين الدين
وللشريك أن يتبع الغريم في جميع ما ذكرنا؛ لأن حقه باق في ذمته؛ لأن القابض استوفى نصيبه حقيقة لكن له حق المشاركة في المقبوض فله أن لا يشاركه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
غير حطيطة. بيان هذا أن رب الدين لما اشترى بنصيبه من الدين من المديون سلعة وجب على سلعة ذمة مثل ما وجب في ذمة المديون فالتقيا قصاصا فصار كأنه قبض نصف الدين كان لشريكه أن يرجع عليه بحصته من ذلك فكذا هذا. م: (لأن مبنى البيع على المماكسة) ش: دليل قوله صار قابضا حقه بالمقاصة كملا م: (بخلاف الصلح) ش: يعني ما إذا صالح من نصيبه على سلعة كالثوب مثلا حيث يكون المصالح بالخيار إن شاء دفع إليه نصف الثوب، وإن شاء دفع إليه ربع الدين. وعند زفر: يلزمه أن يؤدي إليه ربع الدين بلا خيار م: (لأن مبناه) ش: أي مبنى الصلح م: (على الإغماض والحطيطة) ش: وهذا لا يملك بيعه مرابحة، فكان المصالح بالصلح أبرأه عن بعض حقه وقبض البعض م: (فلو ألزمناه دفع ربع الدين يتضرر) ش: أي المصالح م: (به) ش: لأنه لم يستوف نصف الدين كملا، فإذا كان كذلك م: (فيتخير القابض كما ذكرناه) ش: أشار به إلى قوله إلا أن يضمن له شريكه " أي إلا أن يضمن القابض للساكت ربع الدين م: (ولا سبيل للشريك على الثوب في البيع، لأنه ملكه بعقده) ش: أي لأن الذي اشترى نصيبه من الدين ثوبا ملكه بعقد البيع لا بسبب الدين.
وقال الأترازي: لا يكون للشريك الساكت سبيل على الثوب في البيع يبقى في صورة الشراء، ولكن مع هذا لو اتفقا على الشركة في الثوب جاز؛ لأن الثوب على ملك القابض، فإذا سلم إلى الشريك الساكت نصفه ورضي هو بذلك صار كأنه باع منه نصف الثوب.
م: (والاستيفاء بالمقاصة) ش: بالرفع، جواب عما يقال هب أن ملكه بعقده إنما كان ببعض دين مشترك، وذلك يقتضي الاشتراك في المقبوض. وتقدير الجواب أن يقال الاستيفاء بالمقاصة أي استيفاء الشريك بالتقاصص م: (بين ثمنه وبين الدين) ش: أي وبين دينه الخاص لا بدين مشترك، فلا يكون للشريك الساكت سبيل على الثوب.

م: (وللشريك أن يتبع الغريم في جميع ما ذكرنا) ش: أي وللشريك الساكت اتباع المديون حصة في صورة الصلح على الثوب وصورة أخذ الدين من الدراهم أو الدنانير، وصورة شراء السلعة م: (لأن حقه) ش: أي لأن حق الساكت م: (باق في ذمته) ش: أي في ذمة المديون م: (لأن القابض استوفى نصيبه حقيقة، لكن له حق المشاركة في المقبوض فله أن لا يشاركه) ش: يعني لا يلزمه المشاركة.

(10/34)


فلو سلم ما قبض ثم توى ما على الغريم له أن يشارك القابض؛ لأنه إنما رضي بالتسليم ليسلم له ما في ذمة الغريم ولم يسلم. ولو وقعت المقاصة بدين كان عليه من قبل لم يرجع عليه الشريك لأنه قاض بنصيبه لا مقتض. ولو أبرأه عن نصيبه فكذلك؛ لأنه إتلاف وليس بقبض. ولو أبرأه عن البعض كانت قسمة الباقي على ما يبقى من السهام. ولو أخر أحدهما عن نصيبه صح عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعتبارا بالإبراء المطلق ولا يصح عندهما؛ لأنه يؤدي إلى قسمة الدين قبل القبض.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (فلو سلم له ما قبض) ش: أي فلو سلم الشريك الساكت له أي للقابض ما قبضه وهو الثوب الذي بدل الصلح أو ثوب المشتري أو الدراهم أو الدنانير م: (ثم توى ما على الغريم) ش: بأن مات مفلسا م: (له أن يشارك القابض لأنه إنما رضي بالتسليم ليسلم له ما في ذمة الغريم ولم يسلم) ش: يعني إنما رضي بالتسليم على رجاء سلامة ما في ذمة الغريم، فإذا توى لم يسلم فيرجع كما في الحوالة إذا مات ليحتال عليه مفلسا فيرجع المحتال له على المحيل.
م: (فلو وقعت المقاصة بدين كان عليه) ش: أي على أحد الشريكين م: (من قبل) ش: أي من قبل الدين المشترك بأن أقر أحد الشريكين أن للمديون عليه حقا قبل ثبوت الدين المشترك م: (لم يرجع عليه الشريك لأنه) ش: أي لأن القابض م: (قاض بنصيبه) ش: أي مؤديه نصيبه م: (لا مقتض) ش: أي لا مستوف دينه لما أخر الدينين يصير قضاء على أوليائه.
م: (ولو أبرأه عن نصيبه) ش: أي لو أبرأ أحد الشريكين المديون عن نصيبه من الدين م: (فكذلك) ش: أي لم يرجع على شريكه م: (لأنه إتلاف وليس بقبض) ش: أي لأن الإبراء إتلاف نصيبه فلم يزد له شيء بالبراءة فلا يرجع عليه م: (ولو أبرأه عن البعض) ش: أي لو أبرأه أحد الشريكين المديون عن بعض نصيبه م: (كانت قسمة الباقي) ش: أي باقي الدين م: (على ما يبقى من السهام) ش: أي من سهامها من الدين كما إذا أبرأ أحدهما عن نصف دينه والدين عشرون درهما يكون للمشتري المطالبة بخمس دراهم. م: (ولو أخر أحدهما عن نصيبه) ش: أي لو أخر أحد الشريكين المطالبة عن الديون عن نصيبه م: (صح عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعتبارا بالإبراء المطلق ولا يصح عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وذكر محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مع أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في هذا مخالف لعامة روايات الكتب في " المبسوط " و" الأسرار " و" الإيضاح " وغيرها، فإن المذكور فيها قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والخلاف هكذا مشهور في المنظومة في باب أبي حنيفة خلافا لصاحبيه حيث قال فيها والدين بين اثنين، هذا قد جعل نصيبه مؤجلا شهرا بطل.
وكذا ذكر الخلاف في " المختلف " والحصر م: (لأنه) ش: أي لأن تأخير أحد الشريكين عن نصيبه م: (يؤدي إلى قسمة الدين قبل القبض) ش: لأن في القسمة معنى التمليك فيكون فيه تمليك

(10/35)


ولو غصب أحدهما عينا منه أو اشتراه شراء فاسدا وهلك في يده فهو قبض، والاستئجار بنصيبه قبض. وكذا الإحراق عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلافا لأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - والتزوج به إتلاف في ظاهر الرواية
وكذا الصلح عليه عن جناية العمد، قال: وإذا كان السلم بين الشريكين فصالح أحدهما عن نصيبه على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الدين من غير على من يحصل عليه الدين.

م: (ولو غصب أحدهما عينا منه) ش: أي ولو غصب أحد الشريكين عينا من المديون م: (أو اشتراه شراء فاسدا وملك في يده فهو قبض) ش: أي قبض نصيبه من الدين المشترك م: (والاستئجار بنصيبه قبض) ش: بأن استأجر أحدهما من المديون دارا بنصيبه من الدين وقبض كان للساكت أن يأخذ منه ربع الدين. وفي" المبسوط ": استأجر نصيبه دارا من الغريم وسكنها يرجع الشريك عليه بنصف نصيبه، وروى ابن سماعة عن محمد هذا إذا استأجر بخمسمائة مطلقا، أما لو استأجر بحصته من الدين لا يرجع الآخر عليه بشيء.
م: (وكذا الإحراق عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلافا لأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي لو أحرق أحدهما ثوب المديون وهو يساوي نصيب المحرق وهو نصف الدين فعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - هذا قبض حتى يثبت للساكت أن يطالبه بربع الدين؛ لأن الإحراق إتلاف لمال مضمون فيكون كالغصب " والمديون صادقا راضيا بنصيبه بطريق المقاصة، فيجعل المحرق مقتضيا وهذا إذا ألقى النار على الثوب، أما إذا أخذ الثوب ثم أحرقه فإن الساكت يضمنه بربع الدين.
وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يرجع عليه بشيء لأنه متلف نصيبه بما صنع م: (والتزوج به) ش: أي بنصيبه، يعني إذا تزوج أحد ربي الدين امرأة بنصيبه من دين لهما عليها لا يكون ذلك قبضا للدين، بل هو م: (إتلاف في ظاهر الرواية) ش: احترز به عن رواية بشر عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يرجع بنصف حقه لو وقع القبض بطريق المقاصة. وجه الظاهر أنه لم يسلم له شيء يمكنه المشاركة فيه إذ البضع لا يحتمل الشركة فلم يظهر معنى الزيادة، فصار كما لو أبرأ.

[كان السلم بين شريكين فصالح أحدهما عن نصيبه على رأس المال]
م: (وكذا الصلح عليه عن جناية العمد) ش: أي وكذا هو إتلاف لا قبض بأن جنى أحد الشريكين على المديون عمدا فيما دون النفس. وقيل بجناية العمد، لأن في جناية الخطأ يرجع، ولكن ذكر في " الإيضاح " مطلقا فقال: ولو شج المطلوب موضحة فصالحه على حصته لم يرجع شريكه بشيء؛ لأن الصلح عن الموضحة بمنزلة النكاح.

م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا كان السلم بين شريكين فصالح أحدهما عن نصيبه على

(10/36)


رأس المال لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. وقال أبو يوسف يجوز الصلح اعتبارا بسائر الديون، وبما إذا اشتريا عبدا فأقال أحدهما في نصيبه. ولهما أنه لو جاز في نصيبه خاصة يكون قسمة الدين في الذمة، ولو جاز في نصيبهما لا بد من إجازة الآخر، بخلافه شراء العين، وهذا لأن المسلم فيه صار واجبا بالعقد والعقد قام بهما فلا يتفرد أحدهما برفعه، ولأنه لو جاز لشاركه في المقبوض، فإذا شاركه فيه رجع المصالح على من عليه بذلك فيؤدي إلى عود السلم بعد سقوطه، قالوا: هذا إذا خلطا رأس المال، فإن لم يكونا قد خلطاه فعلى الوجه الأول هو على الخلاف، وعلى الوجه الثاني هو على الاتفاق.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
رأس المال لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - وقال أبو يوسف: يجوز الصلح اعتبارا بسائر الديون وبما إذا اشتريا عبدا فأقال أحدهما في نصيبه) ش: فإنه يجوز بدون رضا الآخر ولأن ملك كل واحد منهما ممتازا عن الآخر، فجاز تفرده بالفسخ.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد م: (أنه) ش: أي أن الصلح أحدهما م: (لو جاز في نصيبه خاصة يكون قسمة الدين في الذمة) ش: قبل القبض، لأن خصومة نصيبه لا تظهر إلا بالتمييز ولا تمييز إلا بالقسمة وقد تقدم بطلانها م: (ولو جاز) ش: أي الصلح م: (في نصيبهما لا بد من إجازة الآخر) ش: ولم يوجد م: (بخلاف شراء العين) ش: هذا جواب عن قياس أبي يوسف المتنازع على شراء العبد، وبينه بقوله: م: (وهذا لأن المسلم فيه صار واجبا بالعقد) ش: أي ثابتا به م: (والعقد قام بهما فلا يتفرد أحدهما برفعه) ش: أي برفع العقد القائم بهما م: (ولأنه) ش: دليل آخر له أي ولأن الصلح المذكور م: (لو جاز لشاركه) ش: الشريك الآخر م: (في المقبوض) ش: عن رأس المال م: (فإذا شاركه فيه رجع المصالح على من عليه بذلك) ش: أي من عليه بالقدر من المسلم فيه الذي قبضه الشريك حيث لم يسلم له ذلك القدر وقد كان ساقطا بالصلح م: (فيؤدي إلى عود السلم بعد سقوطه) ش: وذلك باطل لأنه يلزم من نفيه ثبوته.
م: (قالوا) ش: أي قال المتأخرون من مشايخنا م: (هذا) ش: أي هذا الخلاف م: (إذا خلطا رأس المال) ش: وكان رأس المال مشتركا بينهما م: (فإن لم يكونا قد خلطاه فعلى الوجه الأول) ش: أراد به النكتة الأولى، وهي لزوم قسمة الدين في الذمة م: (هو على الخلاف) ش: المذكور م: (وعلى الوجه الثاني) ش: أراد به النكتة الثانية م: (هو) ش: قوله ولأنه لو جاز لشاركه ... إلى آخره م: (على الاتفاق) ش: أي صح صلح أحدهما على الاتفاق على رأس ماله لأن رأس المال إذا لم يكن مخلوطا وقبضه صاحبه لم يكن لشريكه أن يشاركه فيه، لأنه لا حق له فيه لأنه مال الغير.

(10/37)


فصل في التخارج قال: وإذا كانت التركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أو عروض جاز قليلا كان ما أعطوه إياه أو كثيرا؛ لأنه أمكن تصحيحه بيعا وفيه أثر عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار قال: وإن كانت التركة فضة فأعطوه ذهبا، أو كان ذهبا فأعطوه فضة فهو كذلك؛ لأنه بيع الجنس بخلاف الجنس فلا يعتبر التساوي ويعتبر التقابض في المجلس؛ لأنه صرف غير أن الذي في يده بقية التركة إن كان جاحدا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[فصل في التخارج]
[تعريف التخارج]
م: (فصل في التخارج)
ش: أي هذا فصل في بيان حكم التخارج. والتخارج لغة: إخراج كل واحد من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه، كذا في " الصحاح "، وشرعا: إخراج بعض الورثة عما يستحقه في التركة بمال يدفع إليه وسببه طلب الخارج من الورثة عند رضى غيره، وشرطه أن لا تكون التركة مشغولة بالدين كلها أو بعضها، وأن يكون ما أعطاه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس، وشرطه عند البعض أيضا أن تكون أعيان التركة معلومة بأنها من أي جنس عند الصلح.

[كانت التركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه] 1
م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإذا كانت التركة بين ورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أو عروض جاز قليلا كان ما أعطوه إياه أو كثيرا) ش: قيد بقوله: والتركة عقار أو عروض؛ لأنها إذا كانت ذهبا أو فضة يجيء حكمها بعد هذا م: (لأنه أمكن تصحيحه بيعا) ش: إنما تعين البيع فيه لجواز دون الإبراء عما زاد من نصيبه، لأن الإبراء عن الأعيان غير المضمونة لا يصح فتعين البيع م: (وفيه) ش: أي وفي جواز التخارج م: (أثر عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإنه صالح تماضر الأشجعية امرأة عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن ربع ثمنها على ثمانين ألف دينار) ش: هذا غريب بهذا اللفظ. وروى عبد الرزاق في مصنفه في البيوع أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن امرأة عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أخرجها أهله من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألف درهم.

م: (قال) ش: أي القدوري م: (وإن كانت التركة فضة فأعطوه ذهبا أو كان ذهبا) ش: أي أو كانت التركة ذهبا م: (فأعطوه فضة فهو كذلك) ش: يعني جاز قليلا كان ما أعطوه أو كثيرا م: (لأنه بيع الجنس، بخلاف الجنس فلا يعتبر التساوي ويعتبر التقابض في المجلس؛ لأنه صرف غير أن الذي في يده) ش: أي غير أن الوارث الذي في يده م: (بقية التركة إن كان جاحدا) ش: أي

(10/38)


يكتفى بذلك القبض لأنه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح، وإن كان مقرا لا بد من تجديد القبض؛ لأنه قبض أمانة فلا ينوب عن قبض الصلح.
وإن كانت التركة ذهبا وفضة وغير ذلك، فصالحوه على فضة أو ذهب، فلا بد أن يكون ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس، حتى يكون نصيبه بمثله والزيادة بحقه من بقية التركة احترازا عن الربا، ولا بد من التقابض فيما يقابل نصيبه من الذهب والفضة لأنه صرف في هذا القدر. ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا لعدم الربا. ولو كان في التركة دراهم ودنانير وبدل الصلح دراهم ودنانير أيضا جاز الصلح كيفما كان صرفا للجنس إلى خلاف الجنس كما في البيع لكن يشترط التقابض للصرف.
قال: وإن كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح على أن يخرجوا المصالح عنه ويكون الدين لهم فالصلح باطل؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
التركة م: (يكتفى بذلك القبض) ش: أي القبض السابق يعني لا يحتاج إلى تجديد القبض م: (لأنه قبض ضمان فينوب عن قبض الصلح) ش: وهو قبض ضمان لأنه مثله.
م: (وإن كان) ش: أي الذي في يده بقية التركة م: (مقرا) ش: أي بالتركة م: (لا بد من تجديد القبض، لأنه قبض أمانة فلا ينوب عن قبض الصلح) ش: لأنه إن كان مقرا فلا بد من تجديد القبض بالتخلية بالانتهاء إلى أن يتمكن فيه من قبضه، لأن قبضه قبض أمانة فلا ينوب عن قبض الضمان والأصل أن القبض إذا تجانسا أمانة أو ضمانا ناب أحدهما مناب الآخر، وإن اختلفا بأن قبض الضمان عن قبض الأمانة ولا ينعكس.
م: (وإن كانت التركة ذهبا وفضة وغير ذلك فصالحوه على فضة أو ذهب فلا بد أن يكون ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس حتى يكون نصيبه بمثله والزيادة بحقه من بقية التركة احترازا عن الربا ولا بد من التقابض فيما يقابل نصيبه من الذهب والفضة؛ لأنه صرف في هذا القدر. ولو كان بدل الصلح عرضا جاز مطلقا لعدم الربا) ش: يعني جاز هو قل بدل الصلح أو كثر لأنه لا يلزم الربا ولا يشترط فيه التقابض أيضا، لأنه ليس بصرف.
م: (ولو كان في التركة دراهم ودنانير وبدل الصلح دراهم ودنانير أيضا جاز الصلح كيفما كان) ش: يعني بلا اشتراط التساوي في الجنس والزيادة على ذلك قل بدل الصلح أو كثر م: (صرفا للجنس إلى خلاف الجنس) ش: تصحيحا للعقد م: (كما في البيع) ش: حيث يصرف الجنس إلى خلاف الجنس تحرزا عن الربا م: (لكن يشترط التقابض للصرف) ش: أي لأجل كونه صرفا.

[كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإن كان في التركة دين على الناس فأدخلوه في الصلح) ش: أي أدخلوا الدين في الصلح م: (على أن يخرجوا المصالح) ش: بكسر اللام على صيغة اسم الفاعل م: (عنه) ش: أي عن الدين م: (ويكون الدين لهم فالصلح باطل) ش: أي في الكل

(10/39)


لأن فيه تمليك الدين من غير من عليه وهو حصة المصالح. وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه ولا يرجع عليهم بنصيب المصالح فالصلح جائز؛ لأنه إسقاط أو هو تمليك الدين ممن عليه الدين وهو جائز، وهذه حيلة الجواز. وأخرى أن يعجلوا قضاء نصيبه متبرعين. وفي الوجهين ضرر لبقية الورثة، والأوجه أن يقرضوا المصالح مقدار نصيبه ويصالحوا عما وراء الدين ويحيلهم على استيفاء نصيبه من الغرماء، ولو لم يكن في التركة دين وأعيانها غير معلومة والصلح على المكيل والموزون قيل: لا يجوز لاحتمال الربا، وقيل يجوز لأنه شبهة الشبهة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
في العين والدين م: (لأن فيه تمليك الدين من غير من عليه) ش: أي الدين م: (وهو حصة المصالح) ش: أي تمليك الدين من غير من عليه حصة المصالح بكسر اللام.
م: (وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه) ش: يعني إذا شرط الورثة أن يبرأ المصالح من نصيبه من دين الغرماء وهم المديون م: (ولا يرجع) ش: أي الورثة م: (عليهم) ش: أي على الغرماء م: (بنصيب المصالح فالصلح جائز لأنه إسقاط) ش: أي إسقاط من ذمة المديون م: (أو هو تمليك الدين ممن عليه الدين وهو جائز، وهذه حيلة الجواز وأخرى) ش: أي وحيلة أخرى م: (أن يعجلوا) ش: الورثة م: (قضاء نصيبه) ش: أي نصيب المصالح من الدين حال كونهم م: (متبرعين، وفي الوجهين ضرر لبقية الورثة) ش: أما في الوجه الأول فلعدم تمكنهم من الرجوع على الغرماء. وفي الوجه الثاني لزوم النقد عليهم بمقابلة الدين الذي هو نسيئة، والنقد خير من الدين.
م: (والأوجه) ش: أي في جواز م: (أن يقرضوا المصالح مقدار نصيبه) ش: من الدين م: (ويصالحوا عما وراء الدين ويحيلهم) ش: أي ويحيل المصالح الورثة م: (على استيفاء نصيبه من الغرماء) ش: وذكر الخصاف هذا الوجه في كتابه " الحيل " م: (ولو لم يكن في التركة دين وأعيانها غير معلومة والصلح على المكيل والموزون) ش: ذكر هذا تفريعا على مسألة القدوري، يعني إذا لم يكن في التركة دين على الناس ولكن أعيان التركة ليست معلومة فصالح بعض الورثة من نصيبه على كيلي كالحنطة والشعير ووزني كالحديد والصفر، فهل يجوز هذا الصلح أم لا؟ اختلف المشايخ فيه. م: (قيل: لا يجوز لاحتمال الربا) ش: لأنه يجوز أن يكون في التركة كيلي ووزني وبدل الصلح مثل نصيب المصالح من مثالي ذلك أو أقل، لأن ما زاد على بدل الصلح من نصيب المصالح يكون ربا.
م: (وقيل يجوز لأنه شبهة الشبهة) ش: وإنما المعتبر الشبهة لا شبهة الشبهة وذلك لأنه لو علم أعيان التركة ولكن جهل قدر بدل الصلح من نصيب المصالح يكون شبهة، فإذا لم يعلم أعيان التركة يكون شبهة الشبهة لأنه يحتمل أن يكون في التركة كيلي ووزني، ويحتمل أن لا يكون، والقائل بعدم الجواز المرغيناني، والقائل بالجواز هو أبو جعفر الهندواني. وفي " فتاوى

(10/40)


ولو كانت التركة غير المكيل والموزون لكنها أعيان غير معلومة، قيل لا يجوز لكونه بيعا، إذ المصالح عنه عين والأصح أنه يجوز لأنها لا تفضي إلى المنازعة لقيام المصالح عنه في يد البقية من الورثة، وإن كان على الميت دين مستغرق لا يجوز الصلح ولا القسمة؛ لأن التركة لم يتملكها الوارث، وإن لم يكن مستغرقا لا ينبغي أن يصالحوا ما لم يقضوا دينه فتقدم حاجة الميت، ولو فعلوا قالوا يجوز.
وذكر الكرخي في القسمة أنها لا تجوز استحسانا وتجوز قياسا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
قاضي خان ": والصحيح ما قاله أبو جعفر. م: (ولو كانت التركة غير المكيل والموزون لكنها أعيان غير معلومة قيل لا يجوز لكونه بيعا) ش: أي لكون الصلح بيعا م: (إذ المصالح عنه عين) ش: وبيع المجهول لا يصلح وهو قياس مذهب الشافعي م: (والأصح أنه يجوز) ش: وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (لأنها) ش: أي أن الجهالة م: (لا تفضي إلى المنازعة لقيام المصالح عنه في يد البقية عن الورثة) ش: ولا يطلبوا شيئا آخر من المصالح مقابل بدل الصلح. م: (وإن كان على الميت دين مستغرق لا يجوز الصلح ولا القسمة، لأن التركة لم يتملكها الوارث) ش: وبه قال الشافعي في وجه م: (وإن لم يكن مستغرقا) ش: أي وإن لم يكن الدين مستغرقا للتركة م: (لا ينبغي أن يصالحوا ما لم يقضوا دينه) ش: أي دين الميت م: (فتقدم حاجة الميت، ولو فعلوا قالوا يجوز) ش: جاز لأن القليل لا يمنع الإرث وبه قال الشافعي في وجه. م: (وذكر الكرخي في القسمة أنها لا تجوز استحسانا وتجوز قياسا) ش: وذكر في " الذخيرة ": القياس والاستحسان من غير نسبته إلى الكرخي، وهكذا في " مبسوط شيخ الإسلام "، وفيه: إذا كان الدين غير مستغرق فالقياس أن لا يقسم ولكن يوقف الكل، وفي " الاستحسان ": يحبس قدر الدين للغرماء ويقسم الباقي بينهم بناء على أن الدين إذا لم يكن مستغرقا هل يمنع ملك الوارث في التركة أم لا، فالقياس أن يمنع؛ لأن ما من جزء إلا وهو مشغول بالدين وفي " الاستحسان ": لا يمنع حتى لو كان المورث جارية حل وطؤها نفيا للضرورة عن الوارث، إذ لا تخلو التركة عن قليل الدين والله أعلم بالصواب.

(10/41)