البناية
شرح الهداية كتاب الإجارات
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
[كتاب الإجارات]
م: (كتاب الإجارات) ش: وجه المناسبة بين الكتابين اشتمالهما على معنى
التمليك، ولكن لما كانت الهبة تمليك العين قدمها على الإجارات التي هي
تمليك المنفعة، والعين مقدم، وهو جمع إجارة على فعالة بالكسر اسم للأجر
بمعنى الأجرة من أجره إذا أعطاه أجره من باب فعل يفعل بالفتح في الماضي
والضم في الحاضر، ولا يمنع أن يكون مصدرًا منه، كما تقول كتب يكتب كتابة.
وهذه المادة تستعمل لمعاني التعويض، تقول أجره الله بأجره ويأجره وهو يأتي
من بابين من باب طلب يطلب، ومن باب ضرب يضرب. ومنه الأجر وهو الثواب؛ لأن
الله تعالى يعوض العبد به. ويقال لمهر المرأة أجر لأنه عوض من بضعها، قال
الله تعالى: {آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} [الأحزاب: 50] أي مهورهن.
والبراء أجر العظم يأجر ويأجر أجرًا وأجورًا أي برأ على عثم. وهو أيضًا من
البابين المذكورين والجبر، تقول أجر الله يداي جبرها على عثم، وهو انجبار
العظم المكسور على غير استواء.
وإعطاء الأجرة، تقول أجره إذا أعطاه أجرته كما ذكرنا. وإذا أردت أن تنقله
إلى باب الأفعال تقول آجر بالمد؛ لأن أصله: أأجر بهمزتين إحداهما فاء الفعل
والأخرى همزة الفعل، والقاعدة أن الهمزتين إذا اجتمعتا وثانيهما ساكنة
تلين، فانقلب للتخفيف، والمصدر منه إيجار فاسم الفاعل من الأول أجر، ومن
الثاني مؤجر.
قال صاحب العين آجرت مملوكي أوجره إيجارًا فهو مؤجر، وفي الأساس آجرني داره
فاستأجرتها وهو مؤجر، ولا يقال مؤاجر فإنه خطأ وقبيح، أما الخطأ فظاهر وهو
أنه من مهموز أفعل. وأما قوله معتل فاعل والقبح أنه استعمل في موضع قبيح.
قلت: تحرير الخطأ فيه أنه اسم الفاعل من أفعل لا يأتي إلا على وزن مفعل
كأكرم على مكرم، وكذلك آجر بالمد على وزن أفعل واسم الفاعل منه مؤجر، وأصله
مأجر بضم الميم وسكون الهمزة ولكن ليست الهمزة بجنس حركة ما قبلها وهي
الواو فقيل مؤجر للتخفيف. وأما مؤاجر فإنه اسم الفاعل من واجر كواعد على
مواعد، وهذا بناء على لغة العامة فإنهم يقولون واجرته الدار موضع آجرته إذا
أكريتها، فعلى هذا الخطأ في إبدالهم الواو من الهمزة التي في أول الكلمة لا
في قولهم مؤاجر؛ لأنه مبني على القاعدة؛ لأن اسم الفاعل من فاعل
(10/220)
الإجارة عقد يرد على المنافع بعوض؛ لأن
الإجارة في اللغة بيع المنافع والقياس يأبى جوازه؛ لأن المعقود عليه
المنفعة وهي معدومة، وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
يأتي على مفاعل.
قال صاحب " العناية " - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تقول أجرته الدار أي أكريتها،
والعامة تقول واجرتها والقائل يقول كما يجوز قلب أحد الواوين همزة إذا
اجتمعتا في أول الكلمة التحقيق كما في أواقي فإن أصله وواقي جمع واقته
فكذلك يجوز قلب إحدى الهمزتين واوا إذا اجتمعتا في أول الكلمة للتخفيف على
أن الثقالة في اجتماع الهمزتين أكثر من الثقالة في اجتماع الواوين. وأما
القبح الذي ذكروا فيه فهو أن العامة استعملوه في مواضع السبب والتعبير،
ولهذا ذكر في باب التعزير من جملة ألفاظ التعزير وفسروه بأنه هو الذي يؤجر
أهله للزنا، ثم هل تجيب هذه للغة تعزير، فإن كان المسبوب شريفًا أو فقيهًا
يعزر وإن كان غيرها لا.
[تعريف الإجارة]
م: (الإجارة عقد يرد على المنافع بعوض) ش: هذا تفسير الإجارة بالمعنى
الشرعي، وإنما قدمه على المعنى اللغوي لأن اللغوي هو الشرعي بلا مخالفة،
وهو في بيان شرعيتها. فالشرعي أولى بالتقديم. وقال الأترازي: وينبغي أن
يقال عقد على منفعة معلومة بعوض معلوم إلى مدة معلومة حتى يخرج النكاح؛ لأن
التوقيت يعطله، أو يقال عقد على منفعة معلومة لا لاستباحة البضع بعوض
معلوم.
قلت: زيادة لفظة الاستباحة تتعين في تفسير النكاح لا في تفسير الإجارة م:
(لأن الإجارة في اللغة بيع المنافع) ش: قيل فيه نظر؛ لأن الإجارة اسم
للأجرة وهي ما أعطت من كرى الأجير كما صرح به الشراح.
قلت: قد بينت لك عن قريب أن الإجارة تجوز أن تكون مصدرًا فيستقيم الكلام م:
(والقياس يأبى جوازه) ش: أي جواز عقد الإجارة م: (لأن المعقود عليه المنفعة
وهي معدومة) ش: حالة العقد.
م: (وإضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح) ش: لأن المعاوضات لا تحتمل
الإضافة كالبيع، قيل في كون القياس يأتي جوازه نظر، ولم يذكر على ذلك
دليلًا إلا أن إضافة التمليك إلى ما سيوجد لا يصح، وهذا الذي جعله دليلًا
يحتاج إلى دليل، وما سيوجد نوعان منافع وأحيان، وقياس أحدهما على الآخر
فاسد لوجود الفارق بينهما، فإن المعنى الجامع بينهما وهو كون كل منهما
يعارضه المعنى الفارق وهو أقوى منه، وهو أن هذا معدوم يمكن تأخير بيعه إلى
زمن وجوده بخلاف المعدوم الآخر.
وقد أجرى الله العادة بحدوث هذه المنافع، فصارت متحققة الوجود، فإلحاق
المعدوم المتحقق الوجود بالموجود أظهر من إلحاقه بالمعدوم المظنون الوجود
أو ما لوجوده غاية يمكن تأخير
(10/221)
إلا أنا جوزناه لحاجة الناس إليه، وقد شهدت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
العقد إلى أن يوجد، فإنما لوجده حال وجود وعدم في بيعه حال العدم مخاطرة
وقمار، وبذلك علل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المنع حيث
قال: «أرأيت إن منع الله الثمرة فهل يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق» . وأما
ليس له إلا حالة واحدة، والغالب فيه السلامة فليس العقد عليه مخاطرة ولا
قمارًا وإن كان فيه مخاطرة يسيرة، فالحاجة داعية إليه.
قلت: لا نسلم فساد القياس المذكور ولا معارضة المعنى الفارق للمعنى في
الجامع، وكيف تكون هذه المنافع متحققة الوجود بجريان العادة بحدوثها وهي
إعراض لا يبقى زمانين فتكون معدومة بهذا الاعتبار، وبيع المعدوم لا يجوز
ولصحة القياس المذكور.
وقال شمس الأئمة السرخسي " - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قيام العين المنتفع بها
مقام المنفعة في حق إضافة العقد إليه ليترتب القبول على الإيجاب كقيام
الذمة التي هي محل المسلم فيه مقام المعقود عليه في جواز السلم، وتنعقد
ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة ليقترن الانعقاد بالاستيفاء فيستحق بهذه
الطريق التمكن من الاستيفاء المعقود عليه.
وقد قيل في وجه إباء القياس جوازه أن موجب العقد التسليم في الحال، وليس في
الإجارة ذلك وفيه نظر؛ لأن موجب العقد إما أن يكون ما أوجبه الشارع بالعقد
أو ما أوجبه العاقدان مما يسوغ لهما أن يوجباه، وكلاهما متفق في هذه
الدعوى.
أما الأول فظاهر.
وأما الثاني فكذلك؛ لأنهما تارة يعقدان على الوجه المذكور، وتارة يشترطان
التأخير. إما في الثمن وإما في المثمن، وقد يكون للبائع غرض صحيح، ومصلحة
في تأخير تسليم المبيع كما كان لجابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غرض صحيح
في تأخير تسليم بعيره إلى المدينة.
واتفق العلماء على جواز تأخير التسليم إذا كان العرف يقتضيه، كما إذا باع
مخزنًا له فيه متاع كثير لا ينقل في يوم ولا أيام فلا يجب عليه جمع دواب
البلد ونقله في ساعة واحدة، بل قالوا هذا يستثنى بالعرف، وكذلك من اشترى
ثمرة بدا صلاحها ليس عليه أن يجمع القطافين في أوان واحد لقطفها جملة
واحدة، وإنما يقطفها كما جرت به العادة.
م: (إلا أنا جوزناه) ش: أي عقد الإجارة م: (لحاجة الناس إليه) ش: قد يحتاج
إلى منافع الأعيان لإقامة المصالح، ولا يجد الثمن ليشتري العين، وصاحب
الأعيان قد يحتاج إلى الدراهم ولا يتهيأ له البيع، والفقير يحتاج إلى المال
والغني إلى الأعمال. فلو لم تجز الإجارة لضاق الأمر على الناس، ولهذا يترك
القياس كما جاز السلم لحاجة المفاليس م: (وقد شهدت
(10/222)
بصحتها الآثار، وهي قوله - عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بصحتها الآثار) ش: وهو جمع أثر بفتحتين، وهو اسم للخبر الذي ترويه عن غيرك.
ومنه عن قولهم حديث مأثور أي نقله الخلف عن السلف وأصله من أثر الحديث آثره
أثرًا، إذا ذكرته عن غيرك. وفي الاصطلاح: يطلق على السنة المروية عن النبي
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قولًا وفعلًا وعلى الأخبار المروية
من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - م: (وهي قوله - عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» ش:
التذكير في الضمير باعتبار ما بعده وهو قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ -.
والحديث رواه عبد الله بن عمر وأبو هريرة وجابر وأنس - رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ -.
أما حديث ابن عمر فأخرجه ابن ماجه في " سننه " في كتاب الأحكام في باب أجر
الأجير عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أعطوا الأجير أجره قبل أن
يجف عرقه» .
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " حدثنا إسحاق بن
إسرائيل حدثنا عبد الله بن جعفر أخبرني سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي
هريرة مرفوعًا نحوه سواء.
وأما حديث جابر فأخرجه الطبراني في " معجمه الصغير " حدثنا أحمد بن محمد بن
الصلت البغدادي بمصر حدثنا محمد بن زياد الكلبي حدثنا شرقي بن القطامي عن
أبي الزبير عن جابر قال " قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فذكره، وقال: تفرد به محمد بن زياد.
وأما حديث أنس فأخرجه أبو عبد الله الترمذي الحكيم في كتاب " نوادر الأصول
" في الأصل الثاني عشر حدثنا موسى بن عبد الله بن سعيد الأزدي حدثنا محمد
بن زياد الكلبي عن بشر بن الحسين الهلالي عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك
مرفوعًا نحوه سواء. وأخرجه أبو أحمد بن زنجويه النسائي في كتاب " الأموال "
مرسلًا قال حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا عثمان بن عثمان الغطفاني عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
«أعطوا الأجير أجره» إلى آخره.
(10/223)
وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
-: «من استأجر أجيرا فليعلمه أجره» .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وقد أعلوا حديث ابن عمر بعبد الرحمن بن زيد وحديث أبي هريرة بعبد الله بن
جعفر، وعبد الله هذا هو والد علي بن المديني - رَحِمَهُ اللَّهُ - وليس
بشيء في الحديث. وحديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بشرقي بن القطامي
وهو منكر الحديث، ولكن معنى الحديث في الصحيح أخرجه البخاري عن المقبري عن
أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي، ثم غدر،
ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه، ولم يعطه أجره»
.
م: (وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «من استأجر أجيرًا فليعلمه
أجره» ش: هذا الحديث أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه في البيوع " حدثنا معمر،
والثوري عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري - رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا - أو أحدهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قال: «من استأجر أجيرًا فليسم له أجرته» . قال عبد الرزاق:
فقلت للثوري يومًا: سمعت حمادًا يحدث عن إبراهيم عن أبي سعيد أن النبي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من استأجر أجيرًا فليسم له
أجرته» قال: نعم وحدث به مرة أخرى فلم يبلغ به النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ورواه الكرخي في " مختصره " حدثنا الحضرمي قال حدثنا محمد بن العلاء قال
حدثنا يزيد بن الحباب عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة، وأبي سعيد
الخدري قالا: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من
استأجر أجيرًا فليعلمه أجره» . ورواه محمد بن الحسن في كتاب " الآثار "
أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد
الخدري وأبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
«من استأجر أجيرًا فليعلمه أجره» .
وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " فقال أخبرنا عبد الرزاق
حدثنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الخدري عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من استأجر أجيرًا فليبين له أجرته» .
(10/224)
وتنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وقال عبد الحق في " أحكامه ": إبراهيم لم يدرك أبا سعيد.
ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " موقوفًا على الخدري، وأبي هريرة، فقال:
حدثنا وكيع عن سفيان عن حماد عن إبراهيم عن أبي هريرة وأبي سعيد، قالا: «من
استأجر أجيرًا فليعلمه أجره» قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سألت أبا
زرعة عن هذا الحديث فقال: الصحيح أنه موقوف.
ثم المصنف لم يذكر إلا هذين الحديثين أحدهما معلول والآخر موقوف، وفيها
أحاديث صحيحة:
منها: حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري، وقد ذكرناه آنفًا.
ومنها آخر: أخرجه البخاري عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - قال: «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم " فقال أصحابه: وأنت يا
رسول الله؟ قال: " نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» .
ومنها آخر: أخرجه البخاري عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت
«استأجر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر رجلا من
الدليل، هاديًا خريتًا، وهو على دين كفار قريش، فدفعا إليه راحلتيهما،
ووعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث» .
ومنها آخر: أخرجه ابن حبان في " صحيحه «عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا
ومخرمة العبدي بزًا من هجر، فأتانا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - فساومنا سراويل، وعنده وزان يزن بالأجر، فقال له رسول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " زن وأرجح» .
[الإجارة تنعقد ساعة بعد ساعة على حسب حدوث
المنافع]
م: (وتنعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة) ش: أي تنعقد الإجارة ساعة بعد
ساعة على حسب حدوث المنافع؛ لأن ما هي المعقودة عليها فالملك في البدلين،
أيضًا يقع ساعة فساعة على حسب حدوثها فكذا في بدلها وهو الأجرة، وعندنا محل
العقد المنافع والعين جعلت خلفًا عنها في حق إضافة العقد، وبه قال مالك
وأحمد وأكثر أصحاب الشافعي وأكثر أهل العلم.
وقال بعض أصحاب الشافعي: محل العقد العين؛ لأنها الموجودة، والعقد يضاف
إليها، ثم عند الثلاثة يجعل العين المعدومة كالموجودة حكما ضرورة تصحيح
العقد.
ويتبنى على هذا مسائل:
منها: الأجرة تملك بنفس العقد عند الشافعي وأحمد، وعندنا لا تملك إلا بأحد
معان ثلاث، أما شرط التعجيل من غير شرط، أو استيفاء المعقود عليه في
العيون، أو بالتمكن من الاستيفاء. وقال مالك: تملك الأجرة لا يكون إلا
بالاستيفاء فقط.
(10/225)
والدار أقيمت مقام المنفعة في حق إضافة
العقد إليها ليرتبط الإيجاب بالقبول ثم عمله يظهر في حق المنفعة تملكا
واستحقاقا حال وجود المنفعة ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة والأجرة
معلومة لما روينا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ومنها: إذا مات أحد المتعاقدين لم يبطل العقد عند الثلاثة.
ومنها: يجوز عندهم إجارة سكن دار بسكنى دار أخرى.
ومنها: إذا أجر عبدًا ثم أعتقه بقي العقد عندهم.
م: (والدار أقيمت مقام المنفعة) ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال
إذا كان انعقاد الإجارة ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة وجب أن يصح رجوع
المستأجر في الساعة الثانية قبل أن ينعقد العقد فيها. وإذا استأجر شهرًا
مثلًا ليس له أن يمتنع بلا عذر.
وتقرير الجواب أن الدار أقيمت مقام المنفعة م: (في حق إضافة العقد إليها
ليرتبط الإيجاب بالقبول) ش: إلزامًا للعقد في المقدار المعين م: (ثم عمله
يظهر) ش: أي عمل العقد وهو أثره م: (في حق المنفعة تملكًا واستحقاقًا حال
وجود المنفعة) ش: أراد أن حكم اللفظ يتراخى إلى حين وجود المنفعة من حيث
الملك والاستحقاق فيثبتان معًا حال وجود المنفعة، بخلاف بيع العين فإن
الملك في البيع يثبت في الحال ويتأخر الاستحقاق إلى زمان نقد الثمن.
فإن قلت: ما الفائدة في قوله استحقاقًا؟.
قلت: بينهما مغايرة فلذلك ذكره؛ لأن الاستحقاق لا يكون إلا بعد ثبوت الملك،
ولكن في البيع يتأخر كما ذكرنا، بخلاف الملك وأما في الإجارة فمن ضرورة
تأخر الملك يتأخر الاستحقاق، وهذا بعد الاستيفاء لا يمكن القول بتراخي
الاستحقاق فافهم.
وإنما ذكر قوله يرتبط الإيجاب بالقبول؛ لأنها عقد وهما من أركان العقود،
ويجب أن يكونا بلفظين يعبران عن الماضي نحو أن يقول أحدهما أجرت، ويقول
الآخر قبلت، ولا ينعقد إذا كان أحدهما ماضيًا والآخر مستقبلًا كما في
البيع، وينعقد بلفظ الإعارة حتى لو قال أعرتك هذه الدار شهرًا بكذا، وقال
كل شهر بكذا صحت، وحتى لو قال وهبتك منافع هذه الدار شهرًا بكذا أو ملكت
منافعها بكذا وينعقد بالتعاطي أيضًا. وقال شيخ الإسلام: ينعقد بلفظ البيع
ويجوز استعارة لفظ البيع لتمليك المنفعة مجازًا، وبه قال الشافعي وأحمد.
وعن أحمد: لا ينعقد بلفظ البيع كقولنا وينعقد بلفظ الكراء ونحوه.
م: (ولا تصح حتى تكون المنافع معلومة) ش: أي لا يصح عقد الإجارة حتى تكون
المنافع معلومة م: (والأجرة معلومة) ش: وهذان لا خلاف فيهما م: (لما روينا)
ش: أشار به على قوله عليه
(10/226)
ولأن الجهالة في المعقود عليه وفي بدله
تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن في البيع. وما جاز أن يكون ثمنا في
البيع جاز أن يكون أجرة في الإجارة؛ لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن
المبيع
وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
السلام «من استأجر أجيرا فليعلمه أجره» فالحديث دل بعبارته على اشتراط
إعلام الأجرة وبدلالته على اشتراط إعلام المنافع؛ لأن اشتراط إعلامها لقطع
المنازعة فالمنفعة تشاركها في المعنى م: (ولأن الجهالة في المعقود عليه،
وفي بدله تفضي إلى المنازعة كجهالة الثمن والمثمن في البيع) ش: لأن شرعية
المعاوضات لقطع المنازعات والجهالة فيهما مفضية إليها.
م: (وما جاز أن يكون ثمنا في البيع) ش: كالنقود والمكيل والموزون م: (جاز
أن يكون أجرة في الإجارة) ش: إلى هنا لفظ القدوري قال الشيخ أبو نصر
البغدادي في شرحه: وهذا الذي ذكر ليس على وجه الحد، وإنه لا يجوز غيره يبين
ذلك أن الأعيان لا تكون أثمانا وتكون أجرة، وإنما ذكر ذلك لأنه هو الغالب،
وقال الأترازي: يعني ما ذكره القدوري مطرد وليس ينعكس وأراد بالأعيان ما لم
يكن مثليا كالحيوان، ثم الحيوان إنما يصلح أجرة إذا كان معينا وإلا فلا.
وقال الكرخي في " مختصره " في الفرق بين المبيع والثمن: ما يتعين في العقد
فهو مبيع وما لم يتعين فهو ثمن، إلا أن يقع عليه لفظة البيع. قال الفراء:
الثمن ما كان في الذمة، فالدراهم والدنانير أثمان أبدا لا يتعين بالعقد على
أصول أصحابنا، فإنما يثبت في الذمة، والأعيان التي ليست من ذوات الأمثال
مبيعة أدبا، والمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة بين مبيع وثمن.
فإن كانت معينة فهي مبيعة أيضا، وإن كانت غير معينة فإن استعملت استعمال
الأثمان فهي ثمن نحو أن يقول اشتريت منك هذا العبد بكذا وكذا حنطة ونصف،
وإن استعملت استعمال المبيع كان سلما نحو أن يقول اشتريت منك كذا حنطة بهذا
العبد فلا يصح العقد إلا بطريق السلم والفلوس بمنزلة الدراهم والدنانير في
أنها لا تتعين بالتعيين، كذا ذكره الشيخ أبو الفضل الكرماني في " الإيضاح
".
م: (لأن الأجرة ثمن المنفعة فتعتبر بثمن المبيع) ش: أن الإجارة بين المنفعة
والأجرة ثمنها فيعتبر بالمبيع
[ما يصلح أجرة في الإجارة]
م: (وما لا يصلح ثمنا يصلح أجرة أيضا كالأعيان) ش: التي ليست من ذوات
الأمثال كالحيوانات والعدديات المتفاوتة فإنها لا تصح ثمنا أصلا لما مر في
البيوع أن الأصول ثلاثة ثمن محض كالدراهم، ومبيع محض كالأعيان التي ليست من
ذوات الأمثال، وما كان بينهما كالمكيلات والموزونات ثم الأعيان إنما تصح
أجرة إذا كانت معينة كما إذا استأجر دارا بثوب معين، وإن كان لا يصلح ثمنا
قيل فيه نظر، فإن المقايضة بيع وليس فيها أعيان الجانبين، فلو لم
(10/227)
فهذا اللفظ لا ينفي صلاحية غيره لأنه عوض
مالي، والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين
للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة، أي مدة كانت لأن المدة إذا كانت معلومة
كان قدر المنفعة فيها معلوما إذا كانت المنفعة لا تتفاوت،
وقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
يصح العين ثمنا كانت بيعا بلا ثمن وهو باطل.
ويمكن أن يجاب عنه بأن النظر على المثال ليس من دواب المناظرين، فإذا كان
الأصل صحيحا جاز أن يمثل بمثال آخر كالتمثيل بالمنفعة فإنها تصح أجرة إذا
اختلفت جنس المنافع كما إذا استأجر سكنى دار بركوب دابة ولا يصلح ثمنا
أصلا.
م: (فهذا اللفظ) ش: أشار به إلى قوله ما جاز أن يكون ثمنا في البيع، إلى
آخر، وهذا لفظ القدوري م: (لا ينفي صلاحية غيره) ش: أي غير الثمن م: (لأنه)
ش: أي لأن الأجرة والتذكير على تأويل الأجرة م: (عوض مالي) ش: فيعتمد وجود
المال والأعيان والمنافع أموال مجاز أن يقع أجرة، وبه قال الثلاثة -
رَحِمَهُمُ اللَّهُ - حتى قالوا يجوز إجارة سكنى دار بسكنى دار؛ لأن السكنى
يجوز أن يكون ثمنا فيجوز أن يكون أجرة، وكره الثوري الإجارة بطعام موصوف في
الذمة. ثم الأجرة إن كانت من النقود يشترط بيان جنسها وصفتها بأنها جيدة أو
وسط أو رديئة، وإن كانت مكيلا أو موزونا أو عدديا متقاربا يشترط فيها بيان
القدر والصفة، ويحتاج إلى بيان مكان الإيفاء إذا كان له حمل ومؤنة عند أبي
حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - خلافا لهما والثلاثة، وإن كان عرضا أو ثوبا
يشترط فيه شرائط السلم، وفي هذا كله إذا كانت الأجرة حيوانا لا يجوز إلا
إذا كان عينا فإعلامه بالإشارة لأنها أبلغ أسباب التعريف، وإن كانت الأجرة
حيوانا لا يجوز إلا إذا كان عينا لعدم ثبوت الحيوان في الذمة بدلا عما هو
مال.
م: (والمنافع تارة تصير معلومة بالمدة كاستئجار الدور للسكنى والأرضين
للزراعة فيصح العقد على مدة معلومة أي مدة كانت) ش: هذا لفظ القدوري، وبه
قال كافة أهل العلم إلا أن الأصحاب اختلفوا في مذهبه، فمنهم من قال: له
قولان، أحدهما: كقول سائر أهل العلم وهو الصحيح، والثاني: لا يجوز أكثر من
سنة؛ لأن الجواز للحاجة ولا حاجة في أكثر من السنة، ومنهم من قال قولا
ثالثا: أنها لا تجوز أكثر من ثلاث سنين؛ لأن الغالب أن الأعيان لا تبقى
أكثر منها وتتغير الأسعار والأجر.
قلنا: هذا مخالف لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ
حِجَجٍ} [القصص: 27] (القصص: الآية 27) ، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يقم
دليل على نسخه م: (لأن المدة إذا كانت معلومة كان قدر المنفعة فيها معلوما
إذا كانت المنفعة لا تتفاوت) ش: احترز بهذا عن استئجار الأرض للزراعة إلى
مدة معلومة، حتى لا يصلح أن يسمى ما يزرع فيها على ما يجيء.
م: (وقوله) ش: أي قول
(10/228)
" أي مدة كانت " إشارة إلى أنه يجوز، طالت
المدة أو قصرت لكونها معلومة، ولتحقق الحاجة إليها عسى، إلا أن في الأوقاف
لا تجوز الإجارة الطويلة كي لا يدعي المستأجر ملكها وهي ما زاد على ثلاث
سنين وهو المختار،
" قال: وتارة تصير معلومة بنفسه كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته،
أو استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها لأنه إذا
بين الثوب ولون الصبغ وقدره،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
القدوري: م: (أي مدة كانت إشارة إلى أنه يجوز طالت المدة أو قصرت لكونها
معلومة) ش: وفي " الذخيرة ": ولو وقتا مدة الإجارة وقتا لا يعيش إليها
أحدهما قبل المدة لا يصح، به أفتى القاضي أبو عاصم العامري؛ لأن الغالب
كالمتيقن في حق الأحكام فكانت الإجارة مؤبدة، والتأبيد يبطل الإجارة.
وقال الخصاف: يجوز لأن العبرة للفظ فإنه يقتضي التوقيت ولا عبرة بموت
أحدهما قبل انتهاء المدة؛ لأن ذلك عسى يوجد وعسى لا يوجد كما لو زوج امرأة
إلى مائة سنة فإنه توقيت لا تأبيد حتى يكون متعة، وإن كانت المدة لا يعيش
إليها غالبا، وجعل نكاحا موقوفا اعتبارا للفظ م: (ولتحقق الحاجة إليها عسى)
ش: أي إلى المدة الطويلة، وعسى هاهنا وقع مجردا عن الاسم والخبر تقديره عسى
الاحتياج إلى المدة الطويلة يتحقق الاحتياج، وأهل العربية يأبون ذلك م:
(إلا أن في الأوقاف) ش: استثناء من قوله أي مدة كانت م: (لا تجوز الإجارة
الطويلة كيلا يدعي المستأجر ملكها) ش: أي ملك العين المستأجرة.
م: (وهي) ش: أي الإجارة الطويلة في الأوقاف م: (ما زاد على ثلاث سنين وهو
المختار) ش: أي المختار في المذهب أن لا يزيد على ثلاث سنين وهو اختيار
مشايخ بلخ. وقال غيرهم: يجوز وبه قال أكثر أهل العلم. ولكن يرفع إلى الحاكم
حتى يبطله وبه أفتى الفقيه أبو الليث، كذا في " التتمة ". هذا إذا لم يشترط
الواقف أن لا يؤجر أكثر من سنة، وأما إذا شرط فليس لمتولي الوقف أن يزيد
على ذلك، فإن كانت مصلحة الوقف تقتضي ذلك يرفع إلى الحاكم حتى يحكم
بجوازها. وفي شرح " حبل الخصاف " قال بعض مشايخنا: يجوز الإجارة الطويلة
على الأوقاف أن يعقدوا عقودا متفرقة كل عقد على سنة فيكتب في الصك كذلك
فيكون العقد الأول لازما، والثاني غير لازم لأنه مضاف.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وتارة تصير) ش: أي المنافع م: (معلومة بنفسه)
ش: أي بنفس العقد م: (كمن استأجر رجلا على صبغ ثوبه أو خياطته أو استأجر
دابة ليحمل عليها مقدارا معلوما أو يركبها مسافة سماها لأنه إذا بين الثوب)
ش: بأنه قطن أو كتان أو صوف أو حرير لأنه متعارف في الصبغ والخياطة م:
(ولون الصبغ) ش: بأنه أحمر أو أصفر ونحوهما م: (وقدره) ش:
(10/229)
وجنس الخياطة والقدر المحمول وجنسه
والمسافة صارت المنفعة معلومة فصح العقد. وربما يقال الإجارة قد تكون عقدا
على العمل كاستئجار القصار والخياط، ولا بد أن يكون العمل معلوما وذلك في
الأجير المشترك. وقد يكون عقدا على المنفعة كما في أجير الواحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
أي قدر الصبغ بأن يلقيه في حب الصبغ مرة أو مرتين م: (وجنس الخياطة) ش:
بأنها فارسية أو رومية م: (والقدر المحمول) ش: على الدابة بأنه قنطاران م:
(وجنسه) ش: أي جنس المحمول بأنه حنطة أو شعير أو علف م: (والمسافة) ش: بأنه
يوم أو يومان م: (صارت المنفعة معلومة فصح العقد) ش: لارتفاع الجهالة
المفضية إلى النزاع.
م: (وربما يقال) ش: إشارة إلى تخريج بعض المشايخ منهم القاضي أبو زيد فإنه
ذكر في " الأسرار " أن الإجارة نوعان بيع منفعة بجنسه وهو إجارة الدار
ونحوها وبيع العمل المسمى المعلوم، وإنه يجوز من غير ذكر الوقت، وإنه أنواع
ثلاثة: بيع عمل محض كالخياطة ونحوها. وبيع عمل مع عين المال كالصناعة بصبغ
الصباغ والاستصناع وهو طلب صناعة في العين، وقد أشار إلى بعض ذلك.
وقال صاحب " التحفة ": الإجارة نوعان، إجارة على المنافع، وإجارة على
الأعمال، ولكل نوع شروط وأحكام.
أما الإجارة على المنافع فكإجارة الدور والمنازل والحوانيت والصناع وعبيد
الخدمة، والدواب للركوب والحمل، والثياب وحلي البسر، والأواني للاستعمال،
والعقد في ذلك كله جائز. وشرط جوازه أن تكون العين المستأجرة معلومة،
والأجرة معلومة، والمدة معلومة بيوم أو شهر أو سنة؛ لأنه عقد معاوضة كالبيع
وإعلام المبيع، والثمن شرط في البيع، فكذلك هاهنا. إلا أن المعقود عليه
هاهنا هو المنافع فلا بد من إعلامها بالمدة والعين الذي عقد عليه الإجارة
على منافعه.
وأما الإجارة على الأعمال فكاستئجار الإسكاف والقصار والصباغ وسائر من
يشترط عليه العمل في سائر الأعمال من حمل الأشياء من موضع ونحوه، وأحكام
هذا مذكورة في الكتاب، أشار إليه بقوله م: (الإجارة قد تكون عقدا على العمل
كاستئجار القصار والخياط، ولا بد أن يكون العمل معلوما وذلك) ش: كالخياطة
الفارسية والرومية والقصارة مع النشاء أو بدونه م: (في الأجير المشترك) ش:
أي كون العقد على العمل في الأجير المشترك م: (وقد يكون عقدا على المنفعة)
ش: كاستئجار الرجل يوما أو شهرا للعمل م: (كما في أجير الواحد) ش:
بالإضافة.
وفي بعض النسخ بالأجير الواحد والأول أصح؛ لأنه ذكر في " المغرب ": أجير
الواحد على الإضافة أي أجير المستأجر الواحد بخلاف أجير المشترك، وفي معناه
الأجير الخاص ولو
(10/230)
ولا بد من بيان الوقت،
قال: وتارة تصير المنفعة معلومة بالتعيين والإشارة كمن استأجر رجلا لينقل
له هذا الطعام إلى موضع معلوم؛ لأنه إذا أراه ما ينقله والموضع الذي يحمل
إليه كانت المنفعة معلومة فيصح العقد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
حرك الحاء صح؛ لأنه يقال رجل وحد أي واحد م: (ولا بد من بيان الوقت) ش: أي
المدة.
[تعيين الأجرة في عقد الإجارة]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وتارة تصير المنفعة) ش: أي المنافع م: (معلومة
بالتعيين، والإشارة كمن استأجر رجلا لينقل له هذا الطعام إلى موضع معلوم
لأنه) ش: أي لأن الرجل المستأجر م: (إذا أراه ما ينقله والموضع الذي يحمل
إليه كانت المنفعة معلومة فيصح العقد) ش: بدون ذكر المدة، والله أعلم
بالصواب.
(10/231)
|