البناية شرح الهداية

كتاب الحجر قال: الأسباب الموجبة للحجر ثلاثة: الصغر والرق والجنون، فلا يجوز تصرف الصغير إلا بإذن وليه ولا تصرف العبد إلا بإذن سيده، ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال؛ أما الصغير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[كتاب الحجر]
[تعريف الحجر والأسباب الموجبة له]
م: (كتاب الحجر) ش: وجه المناسبة بين الكتاب المتقدم عليه وهذا أن في كل منهما سلب الاختيار، إلا أن في الإكراه أقوى لكونه بمنزلة اختيار صحيح، فلذلك قدم عليه. وهو المنع لغة من حجر عليه، ومنه سمي الحطيم حجرا لأنه منع من الكسبة، والعقل حجرا لمنعه صاحبه عن القبائح قال الله تعالى: {قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5] (سورة الفجر: الآية 5) أي لذي عقل، والحرام حجر لأنه ممنوع، قال الله تعالى: {حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان: 22] أي حرما محرما، وشرعا منع مخصوص وهو المنع من التصرف قولا لشخص مخصوص، وهو المستحق للحجر بأي سبب كان.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (الأسباب الموجبة للحجر ثلاثة: الصغر والرق والجنون) ش: وهذا بالإجماع. عن أبي حنيفة أنه ألحق بهذه الثلاثة ثلاثة أخرى وهي المفتي الماجن. والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس م: (فلا يجوز تصرف الصغير) ش: أي لا ينفذ تصرف الصغير الذي يعقل م: (إلا بإذن وليه ولا تصرف العبد إلا بإذن سيده) فإن أذن ولي الصبي وهو والده أو وصيه نفذ تصرفه، وكذلك إذا أذن المولى للعبد، لأن المنع لحقه، فإذا أذن فقد رضي بذلك.
م: (ولا يجوز تصرف المجنون المغلوب بحال) ش: أي في كل الأحول، أي لا ينعقد أصلا قبل الإذن وبعده، وأراد بالمجنون المغلوب الذي يجن ولا يفيق زمانا وهو المغلوب على عقله، واحترز به عن المجنون الذي يجن ويفيق، وهو المعتوه، فإن حكمه حكم الصبي.
قال الكاكي: ويحترز به عن المحنون الذي يعقل البيع ويقصده.
واعلم أن أصل العقل يعرف بدلالة العيان وذلك أن يختار المرء ما يصلح له، وكذلك القصور يمتحن بالامتحان، فأما الاعتدال فأمر يتفاوت فيه البشر فإذا توفي الإنسان عن رتبة القصور أقام الشرع السبب الظاهر الدال وهو البلوغ عن عقل مقامه تيسيرا على ما هو الأصل، لأنه متى تعذر الوقوف على المعاني باطنة تقام الأسباب الظاهرة مقامها كما أقيم السفر مقام المشقة في جواز الترخيص.
م: (أما الصغير) ش: أي الصغير العاقل، أما الصغير الذي لا عقل له فهو كالمجنون

(11/75)


فلنقصان عقله، غير أن إذن الولي آية أهليته والرق لرعاية حق المولى كيلا يتعطل منافع عبده، ولا يملك رقبته بتعلق الدين به، غير أن المولى بالإذن رضي بفوات حقه، والجنون لا يجامعه الأهلية فلا يجوز تصرفه بحال. أما العبد فأهل في نفسه، والصبي يرتقب أهليته فلهذا وقع الفرق قال: ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشترى وهو يعقل البيع ويقصده، فالولي بالخيار إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة، وإن شاء فسخه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
المغلوب لا ينفذ تصرفه م: (فلنقصان عقله، غير أن إذن الولي آية أهليته) ش: أي علامة أهليته لأن أهليته مترقبة، فإذا أذن له الولي دل على أهليته.
م: (والرق لرعاية حق المولى) ش: يعني أن العبد له أهلية، لكنه حجر عليه لرعاية حق المولى م: (كيلا تتعطل منافع عبده) ش: فإنه لو لم يثبت الحجر لنفذ البيع الذي اشتراه، وشراؤه فيلحقه ديون فيأخذ أربابها أكسابه التي هي منفعة المولى وذلك تعطيل لها عنه م: (ولا يملك رقبته) ش: بالنصب عطفا على قوله كيلا يتعطل، أي وكيلا تملك رقبته م: (بتعلق الدين به) ش: إذا لم يكن له كسب.
م: (غير أن المولى بالإذن رضي بفوات حقه) ش: فإذا رضي بفوات حقه بالإذن جاز تصرفه لأهليته وارتفاع المانع.
م: (والجنون) ش: الغالب م: (لا يجامعه الأهلية، فلا يجوز تصرفه بحال) ش: من الأحوال لما ذكرنا م: (أما العبد فأهل في نفسه) ش: لكونه عاقلا بالغا قادرا على التصرفات، ولكن المنع لحق مولاه كما ذكرنا م: (والصبي يرتقب أهليته) ش: بضم الياء على بناء المفعول، ورفع أهليته أي ينتظر أهليته، والشراء إذا كان له عوضية الثبوت يعطى له حكم الثبوت، فإذا انضم إذن المولى إليه تقرر ذلك الثبوت وهو عبارة عن النفاذ م: (فلهذا) ش: أي فلأجل أن العبد أهل في نفسه والصبي يرتقب أهليته م: (وقع الفرق) ش: أي بين المجنون والصبي والرقيق.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن باع من هؤلاء شيئا أو اشترى) ش: أي من الصبي والعبد والمجنون الذي يجن ويفيق، وفي بعض النسخ واشترى أيضا كما ذكر في القدوري، لكن أكثر نسخ الهداية بدون أو اشترى. وقال الأترازي: ولم يذكر في الهداية لفظها واشتراه وهو مثبت في المختصر والبداية أيضا، وكأن في الهداية وقع سهوا من الكاتب م: (وهو يعقل البيع) ش: أي والحال أنه يعقل، أي يعلم أن الشراء حالة للملك والبيع سالب له م: (ويقصده) ش: أي يقصد البيع، أي يقصد أحكامه، واحترز عن الهازل، فإنه وإن كان يعقل البيع ولكن لم يقصده وأراد به العبث أو السخرية م: (فالولي) ش: هو الأب أو الجد أو صبيهما أو غيرهما من العصبات أو القاضي م: (بالخيار إن شاء أجازه إذا كان فيه مصلحة، وإن شاء فسخه) ش: وعن

(11/76)


لأن التوقف في العبد لحق المولى فيتخير فيه، وفي الصبي والمجنون نظرا لهما، فيتحرى مصلحتهما فيه، ولا بد أن يعقلا البيع ليوجد ركن العقد فينعقد موقوفا على الإجازة، والمجنون قد يعقل البيع ويقصده، وإن كان لا يرجح المصلحة على المفسدة وهو المعتوه الذي يصلح وكيلا عن غيره كما بينا في الوكالة. فإن قيل: التوقف عندكم في البيع، أما الشراء فالأصل فيه النفاذ على المباشر. قلنا: نعم إذا وجد نفاذا عليه كما في شراء الفضولي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الثلاثة لا ينعقد بيع هؤلاء ولا شراؤهم أصلا، وكذا الخلاف إذا توكل بالبيع والشراء غيرهم فباع واشترى يجوز عندنا خلافا لهم.
م: (لأن التوقف في العبد لحق المولى فيتخير فيه، وفي الصبي والمجنون نظرا لهما) ش: أي ولأن التوقف في الصبي والمجنون لأجل النظر في حالهما م: (فيتحرى مصلحتهما فيه) ش: أي فيطلب الولي مصلحة الصبي والمجنون فيما عقداه م: (ولا بد أن يعقلا البيع) ش: أي الصبي والمجنون أراد أن يعلماه م: (ليوجد ركن العقد) ش: أي التمليك، لأن بهذا العقد يزول ملكهما عن المبيع ويدخل في ملكهما الثمن.
م: (فينعقد) ش: بنصب الدال عطف على قوله ليوجد م: (موقوفا على الإجازة) ش: أي ينعقد عقدا موقوفا أو حال كونه موقوفا على إجازة الولي م: (والمجنون قد يعقل البيع) ش: كأنه جواب عن سؤال مقدر تقديره أن يقال لا بد في إجازة الولي لبيع الصغير والمجنون من أن يكونا يعقلان البيع، والمجنون لا يعقل شيئا، فأجاب والمجنون قد يعقل البيع.
م: (ويقصده) ش: أي يقصد حكمه، وذلك أن المراد من المجنون هذا المعتق، وهذا الذي يختلط في كلامه فتارة يتكلم بكلام العقلاء وتارة بكلام المجانين، وأشار إلى ذلك بقوله: م: (وإن كان لا يرجح المصلحة على المفسد، وهو المعتوه الذي يصلح وكيلا عن غيره كما بينا في الوكالة) ش: عند قوله: ومن شرط الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف إلى آخره.
م: (فإن قيل: التوقف عندكم في البيع، أما الشراء فالأصل فيه النفاذ على المباشر) ش: تحرير السؤال أن الأصل في الشراء النفاذ على المباشر، يعني من غير توقف على ما مر في بيع الفضولي، فكيف ينعقد هاهنا موقوفا على الإجازة؟
وأجاب عنه بقوله: م: (قلنا: نعم) ش: يعني نعم أن الأصل في الشراء النفاذ على المباشر بلا توقف لكن م: (إذا وجد نفاذا عليه) ش: أي إذا وجد الشراء نفاذا على المباشر م: (كما في شراء الفضولي) ش: يعني إذا أطلق الشراء، أما إذا أضاف إلى غيره فيتوقف بالإجماع.

(11/77)


وهاهنا لم يجد نفاذا لعدم الأهلية أو لضرر المولى فوقفناه. قال: وهذه المعاني الثلاثة توجب الحجر في الأقوال دون الأفعال، لأنه لا مرد لها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
واعلم أن شراء الفضولي على وجوه ذكرها في الفتاوى الصغرى وتتمته:
الأول: إن أضاف الشراء إليه نصا بأن قال البائع بعت هذا من فلان، وقال الفضولي: اشتريت لفلان أو قبلت لفلان، وإن لم يقل لفلان فإنه يتوقف.
والثاني: لو قال بعت منك، وقال الفضولي: قبلت أو قال اشتريت ونوى بقلبه لفلان ينفذ بالاتفاق على المشتري ولا يتوقف.
الثالث: إذا قال الفضولي: اشتريت هذا لفلان، وقال البائع بعت منك ذكر فيه شيخ الإسلام خواهر زاده روايتين: والصحيح أنه لا يتوقف بلا خلاف.
الرابع: إذا قال البائع: بعت منك هذا لأجل فلان، فقال المشتري: اشتريت، أو قبلت، أو قال المشتري: اشتريت هذا لأجل فلان فقال البائع بعت فإنه لا يتوقف.
م: (وهاهنا) ش: أي فيما نحن فيه من حكم بيع الصبي والمجنون والعبد م: (لم يجد نفاذا) ش: أي لم يجد الشراء نفاذا على المباشر م: (لعدم الأهلية) ش: في الصبي والمجنون م: (أو لضرر المولى) ش: في العبد م: (فوقفناه) ش: أي العقد من هؤلاء.
قال السغناقي: هذا الذي ذكره إنما يرد على لفظ " مختصر القدوري " حيث قال: فيه ومن باع من هؤلاء أشياء أو اشترى، أما هاهنا يعني في الهداية فلم يذكر قوله أو اشترى فلا يرد الإشكال. ولكن جعل المذكور في القدوري مذكورا هاهنا، فأورد الإشكال ولكنه موجود في بعض النسخ كما ذكرنا.
م: (قال: وهذه المعاني الثلاثة) ش: يعني الصغر والجنون والرق م: (توجب الحجر في الأقوال) ش: يعني ما تردد منها بين النفع والضرر كالبيع والشراء، وأما الأقوال التي فيها نفع محض فالصبي فيها كالبائع، وهذا يصح منه قبول الهبة، والإسلام، ولا يتوقف على إذن الولي، وكذلك العبد والمعتوه.
وأما ما يتمحض منها ضررا كالطلاق والعتاق، فإنه يوجب الإعدام من الأصل في حق الصغير والمجنون دون العبد م: (دون الأفعال) ش: يعني أن المعاني الثلاثة لا توجب الحجر عن الأفعال.
م: (لأنه) ش: أي لأن الشأن م: (لا مرد لها) ش: أي للأفعال حتى إن ابن يوم لو انقلب على قارورة إنسان فكسرها وجب عليه الضمان في الحال، وكذا العبد والمجنون إذا أتلفا شيئا

(11/78)


لوجودها حسا ومشاهدة بخلاف الأقوال؛ لأن اعتبارها موجودة بالشرع والقصد من شرطه إلا إذا كان فعلا يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص، فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبي والمجنون.
قال: والصبي والمجنون لا يصح عقودهما ولا إقرارهما لما بينا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
لزمهما الضمان في الحال م: (لوجودها) ش: أي لوجود الأفعال م: (حسا ومشاهدة) ش: أي من حيث الحس والمشاهدة، فإذا حصل بها الإتلاف من قطع أو قتل أو إراقة شيء لا يمكن أن يجعل كالإتلاف.
م: (بخلاف الأقوال، لأن اعتبارها موجودة) ش: أي حال كونها موجودة م: (بالشرع) ش: أي حاصل بالشرع وهو خير، لأنه أراد أن اعتبار أقوال هؤلاء بالمشروع، والشرع لم يجعل الإقرار لهوا لهم فيما تردد من النفع والضرر، معتبرة في حق النفاذ م: (والقصد من شرطه) ش: أي القصد من شرط ذلك الاعتبار وليس للصبي والمجنون قصدا لقصور العقل، فينتفي المشروط به، وأما في العبد فالقصد وإن وجد منه لكنه غير معتبر للزوم الضرر على المولى بغير اختياره.
فإن قيل: الأقوال موجودة حسا ومشاهدة، وهما شرط اعتبارها موجودة شرعا بالقصد دون الأفعال، فالجواب من وجهين: أحدهما أن الأقوال الموجودة حسا ومشاهدة ليست عين مدلولاتها، بل هي دلالات عليها ويمكن تخلف المدلول عن دليله فيمكن أن يجعل الموجود بمنزلة المعدوم، بخلاف الأفعال، فإن الموجود منها عينها فبعدما وجدت لا يمكن أن تجعل غير موجودة.
والثاني: أن القول قد يقع صدقا وقد يقع كذبا وقد يقع هزلا، فلا بد من القصد، ألا ترى أن القول في الحر العاقل البالغ إذا وجد هازلا لم يعتبر شرعا، فكذا في هذه الثلاثة، بخلاف الأفعال، فإنها حيث وقعت حقيقة فلا يمكن تبديلها.
م: (إلا إذا كان فعلا) ش: استثناء من قوله دون الأفعال، أي هذه المعاني الثلاثة لا توجب الحجر في الأفعال إلا إذا كان ذلك الفعل فعلا م: (يتعلق به حكم يندرئ بالشبهات كالحدود والقصاص فيجعل عدم القصد في ذلك شبهة في حق الصبي والمجنون) ش: حتى لا يجب عليهما الحد بالزنا والسرقة وشرب الخمر وقطع الطرق والقصاص بالقتل، أما في حق العبد فللزوم الضرر في حق المولى من غير اختياره، فلهذا يتوقف على إجازته.

[العقود التي يجريها الصبي والمجنون]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (والصبي والمجنون لا يصح عقودهما) ش: أي لا ينفذ عندنا، ولكن ينعقد موقوفا على إجازة الولي خلافا للثلاثة م: (ولا إقرارهما لما بينا) ش: أشار

(11/79)


ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمعتوه»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
به إلى قوله والقصد من شرطه.
فإن قلت: لم أعاد هذه المسألة؟
قلت: أعاد تفريعا على الأصل المذكور أن هذه المعاني الثلاثة فوجب الحجر عن الأقوال لتساق القوليات في موضوع واحد.
م: (ولا يقع طلاقهما ولا عتاقهما) ش: أي طلاق الصبي والمجنون وإعتاقهما م: (لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمعتوه» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ لم يثبت، وإنما أخرج الترمذي في الطلاق عن عطاء بن عجلان، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه المغلوب على عقله» .
وقال: حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان، وهو ضعيف، ذاهب الحديث والعجب العجب من صاحب الرعاية مع ادعائه التعمق في العلوم وكونه في ديار الحديث وكتبه الجمة يقول بعد قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي، والمعتوه» ، رواه الترمذي، عن أبي هريرة وكيف يعزوه إلى الترمذي بهذا المتن، وقد بينت لك ما أخرجه الترمذي. فهل هذا إلا استهتار عظيم بالألفاظ النبوية، اللهم اجعلنا ممن ينتبه لهذا، وممن ينتقد الجيد والزيف.
والاستدلال في هذا الموضوع بحديث رفع القلم عن ثلاث أولى وأحسن على ما لا يخفى، لأنه روي من طرق صحاح وحسان، وقد رواه جماعة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -:
الأول: علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
ولحديث طرق أمثلها ما رواه أبو داود من طريق ابن وهب عن جرير بن حازم عن سليمان بن مهران وهو الأعمش عن أبي ظبيان حصين بن جندب عن ابن عباس، قال: «مر علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بمجنونة بني فلان وقد زنت فأمر عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - برجمها فردها علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقال لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يا أمير المؤمنين أترجم هذه قال: نعم، أما تذكر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "رفع القلم عن ثلاث: عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم" قال صدقت فخلى

(11/80)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
عنها» .
ورواه الحاكم في "المستدرك " وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الدارقطني في كتاب " العلل ": هذا الحديث يرويه أبو ظبيان واختلف عنه فرواه سليمان الأعمش عنه، واختلف عليه فرواه جرير بن حازم عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس فرفعه إلى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، عن علي وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تفرد به ابن وهب عن جرين بن حازم وخالفه فضيل ووكيع فروياه عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، عن علي، وعمر موقوفا ورواه عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي ظبيان عن علي وعمر موقوفا، ولم يذكر ابن عباس، وكذلك رواه سعيد بن عبيدة، عن أبي ظبيان موقوفا، ولم يذكر ابن عباس.
ورواه أبو حصين، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، عن علي، وعمر موقوفا، واختلف عنه فقيل، عن أبي ظبيان عن علي موقوفا قاله أبو بكر بن عباس، وشريك، عن أبي حسين.
ورواه عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، عن علي وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مرفوعا من حديث حماد بن سلمة وأبي الأحوص وجرين بن عبد الحميد وعبد العزيز بن عبد الصمد وغيرهم. وقول وكيع وإن فضيل أشبه بالصواب. وروى أبو داود أيضا عن أبي الضحى وهو مسلم بن صبيح بضم الصاد وفتح الباء الموحدة عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يكلف وهو منقطع» ، قال الشيخ تقي الدين: وتابعه الشيخ زكي الدين المنذري أبو الضحى لم يدرك علي بن أبي طالب.
وروى أبو داود أيضا، عن أبي الأحوص جرير كلاهما، عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، قال: «أتى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بامرأة قد فجرت فأمر برجمها، فأتى علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فأخذها فخلى سبيلها، فأخبر عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال: ادعوا إلي عليا، فجاء فقال: يا أمير المؤمنين، لقد علمت أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "رفع القلم عن ثلاث، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرأ"، وأن هذه معتوهة بني فلان لعل

(11/81)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الذي أتاها وهي في بلائها، قال: فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا أدري، فقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأنا لا أدري» .
وأخرجه النسائي في الرجم، عن عبد العزيز بن عبد الصمد، عن عطاء بن السائب به، وأخرجه أحمد في مسنده، عن حماد بن سلمة، عن عطاء به، وقال في آخره: فلم يرجمها، قال الشيخ تقي الدين: وهذه الرواية يتوقف اتصالها على إدراك أبي ظبيان لعلي وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؟ لأنه حكى الواقعة ولم يذكر أنه شاهدها فهي محتملة الانقطاع، ولكن الدارقطني أثبت لقاءه لهما فسئل في علله هل لقي أبو ظبيان عليا وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فقال: نعم، قال وعلى تقدير الاتصال فعطاء بن السائب اختلط بآخره، قال الإمام أحمد وابن معين: من سمع منه حديثا فليس بشيء ومن سمع منه قديما قبل، وأيضا فهو معلول بالوقف. كما رواه النسائي من حديث أبي حصين بفتح الحاء وكسر الصاد، عن أبي ظبيان، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقال النسائي وأبو حصين أثبت من عطاء بن السائب.
وأخرجه ابن ماجه عن القاسم بن زيد، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن الصغير والمجنون والنائم» ، قال الشيخ تقي الدين تابعا لشيخه المنذري: القاسم هذا لم يدرك عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وكذلك في أطراف ابن عساكر، وأخرجه الترمذي في الحدود والنسائي أيضا في الرجم، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رفع القلم عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل» وقال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من غير وجه ولا نعرف للحسن سماعا من على - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وأخرجه النسائي، عن يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قوله: ثم قال: وحديث يونس أشبه بالصواب من حديث همام. قال ابن عساكر في أطرافه:

(11/82)


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
قلت: قد رواه سعيد، عن قتادة، عن الحسن «أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أراد أن يرجم مجنونة فقال له علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل" فدرأ عنها عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الحد» . وعن هشيم عن يونس، عن الحسن، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المصاب حتى ينكشف عنه» .
والثاني: أبو قتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخرج حديثه الحاكم في "المستدرك " في الحدود عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن أبي رباح عن أبي قتادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن المعتوه حتى يصح وعن الصبي حتى يحتلم» ، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
والثالث: أبو هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أخرجه حديثه البزار في مسنده حدثنا حمدان بن عمر، حدثنا سعيد بن عبد الحميد، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن ثلاث عن الصغير حتى يكبر، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» وسكت عنه.
والرابع: ثوبان.
والخامس: شداد، أخرج حديثهما الطبراني في مسند الشاميين، ثنا عبد الرحمن بن سكم الرازي، ثنا عبد المؤمن بن علي الزعفراني ثنا عبد السلام بن حرب عن برد بن سنان عن مكحول عن ابن إدريس الخولاني - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: أخبرني غير واحد من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منهم ثوبان وشداد بن أوس عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، والصبي حتى يكبر» .
والسادس: عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أخرج حديثها أبو داود وابن ماجه والنسائي، عن حماد بن سلمة عن حماد وهو ابن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن

(11/83)


والإعتاق يتمحض مضرة ولا وقوف للصبي على المصلحة في الطلاق بحال لعدم الشهوة ولا وقوف للولي على عدم التوافق على اعتبار بلوغه حد الشهوة، فلهذا لا يتوقفان على إجازته ولا ينفذان بمباشرته بخلاف سائر العقود.
قال: وإن أتلف شيئا لزمهما ضمانه إحياء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رفع القلم عن ثلاثة.. إلى آخر» لفظ ثوبان وشداد وأخرجه الحاكم في مستدركه وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه.
وقال في الإمام: وهو أقوى إسنادا من حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقال صاحب " التنقيح ": حماد بن أبي سليمان وثقه النسائي والعجلي وابن معين وغيرهم، وتكلم فيه ابن سعيد والأعمش وروى له مسلم مقرونا بغيره.
قلت: هو ثقة كبير جليل المقدار، وهو شيخ أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
م: (والإعتاق يتمحض مضرة) ش: أراد أن الإعتاق ضرر محض، وهذا ظاهر م: (ولا وقوف للصبي على المصلحة في الطلاق بحال) ش: من الأحوال، أما في الحال م: (لعدم الشهوة) ش: وأما في المآل فلأن علم المصلحة فيه تتوقف على العلم بتباين الاختلاف، وتنافر الطباع عند بلوغه حد الشهوة ولا علم له بذلك م: (ولا وقوف للولي على عدم التوافق) ش: يعني بين الصبي وامرأته م: (على اعتبار بلوغه حد الشهوة) ش: أراد بهذا الاعتبار لا وقوف له على ذلك، وأما في الحال فإنه يمكن أن يقف على مصلحته، ولكن الاعتبار وقت البلوغ.
م: (فلهذا) ش: أي فلأجل ذلك م: (لا يتوقفان) ش: أي الطلاق والعتاق م: (على إجازته) ش: أي إجازة الولي م: (ولا ينفذان) ش: أي طلاق الصبي وعتاقه م: (بمباشرته) ش: أي بمباشرة الولي، وفي هذا التركيب تسامح، إذ حقه أن يقال لا ينفذان بإجازته، لأن الطلاق أو العتاق الذي باشره الصبي محال يباشره الولي ولكن يجوز أن يقال معناه لا ينفذ طلاق امرأة الصبي، وعتاقه عبد الصبي مباشرا الولي الطلاق والعتاق.
م: (بخلاف سائر العقود) ش: مثل البيع والشراء قبول الهبة والصدقة والهدية فإن للصبي وقوفا على ما فيه المصلحة وما فيه المضرة، وكذلك الولي.

[حكم ما يتلفه الصبي والمجنون]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإن أتلف شيئا) ش: هذا بيان لتفريع، الأفعال على الأصل المذكور، أي إن أتلف الصبي والمجنون شيئا م: (لزمهما ضمانه إحياء) ش: أي لأجل

(11/84)


لحق المتلف عليه، وهذا لأن كون الإتلاف موجبا لا يتوقف على القصد كالذي يتلف بانقلاب النائم عليه والحائط المائل بعد الإشهاد، بخلاف القول على ما بيناه. قال: فأما العبد فإقراره نافذ في حق نفسه لقيام أهليته غير نافذ في حق مولاه رعاية لجانبه، لأن نفاذه لا يعرى عن تعلق الدين برقبته أو كسبه، وكل ذلك إتلاف ماله. قال فإن أقر بمال لزمه بعد الحرية لوجود الأهلية وزوال المانع ولم يلزمه في الحال لقيام المانع، وإن أقر بحد أو قصاص لزمه في الحال، لأنه مبقي على أصل الحرية في حق الدم، حتى لا يصح إقرار المولى عليه بذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الإحياء م: (لحق المتلف عليه) ش: بفتح اللام م: (وهذا) ش: أي وجوب الضمان م: (لأن كون الإتلاف موجبا لا يتوقف على القصد كالذي يتلف بانقلاب النائم عليه، والحائط المائل بعد الإشهاد) ش: يعني: أنه لا قصد من صاحب الحائط في وقوع الحائط، ومع ذلك يجب الضمان م: (بخلاف القولي) ش: أي التصرف القولي، فإنه يتوقف على القصد م: (على ما بيناه) ش: أشار به إلى قوله بخلاف الأقوال، لأن اعتبارها موجودة بالشرع والقصد من شرطه.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فأما العبد فإقراره نافذ في حق نفسه) ش: حتى يؤاخذ به بعد العتق.
فإن قلت: هذا معطوف على ماذا؟.
قلت: على قوله والصبي والمجنون، لا يصح عقودهما ولا إقرارهما م: (لقيام أهليته) ش: أي لوجود أهليته وهو أنه غير مكلف م: (غير نافذ في حق مولاه رعاية لجنايته، لأن نفاذه) ش: أي: لأن نفاذ إقراره في الحال م: (لا يعرى عن تعلق الدين برقبته) ش: أي إذا استقر الدين في رقبته، أو ساواها م: (أو كسبه) ش: أي إذا كان الدين أقل من رقبته م: (وكل ذلك) ش: أي تعلق الدين برقبته، أو كسبه م: (إتلاف ماله) ش: أي إتلاف مال المولى.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن أقر بمال لزمه بعد الحرية لوجود الأهلية وزوال المانع) ش: وهو رعاية حق المولى م: (ولم يلزمه في الحال لقيام المانع) ش: وهو حق المولى م: (وإن أقر بحد أو قصاص لزمه في الحال) ش: وقال في شرح الأقطع: وقال زفر: لا يصح إقراره إذا كان محجورا عليه، لأنه لو صح يلزمه منه إتلاف مال المولى، فلا يصح كما لو أقر بدين، وأشار إلى دليلنا بقوله.
م: (لأنه مبقي) ش: أي العبد يبقى بتشديد القاف م: (على أصل الحرية في حق الدم) ش: لأن الحدود والقصاص من خواص الآدمية، لأنها من التكاليف، والعبد في حق التكاليف مبقي على أصل الآدمية فينفذ إقراره بها م: (حتى لا يصح إقرار المولى عليه بذلك) ش: أي بالدم أو بالحد.

(11/85)


وينفذ طلاقه لما روينا؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يملك العبد والمكاتب شيئا إلا الطلاق» ولأنه عارف بوجه المصلحة فيه فكان أهلا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
فإن قلت: فيه أيضا بطلان حق الولي.
قلت: بطلان حقه ضمني، والضمني لا يعتبر.
فإن قلت: قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يملك العبد والمكاتب شيئا إلا الطلاق» يقتضي أن لا يملك الإقرار بالحدود والقصاص.
قلت: لما بقي على أصل الحرية فيهما يكون هذا إقرار الحر لا إقرار العبد، ولأن قَوْله تَعَالَى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] (سورة الواقعة: الآية 12) ، يقتضي أن يصح، ولا يقال إنه خص عنه الإقرار بالمال لأن النص لم يتناوله إذ إقراره ملاق حق الغير، والنص يتناول الإقرار على نفسه.
م: (وينفذ طلاقه) ش: أي طلاق العبد م: (لما روينا) ش: أشار به، إلى قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "كل طلاق واقع، إلا طلاق الصبي، والمعتوه" م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يملك العبد، والمكاتب شيئا، إلا الطلاق» .
ش: هذا الحديث بهذه العبارة لم يثبت، ولكن أخرج ابن ماجه في "سننه " في الطلاق، عن ابن لهيعة، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن الرمة، عن ابن عباس، قال: «أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجل فقال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن سيدي زوجتي أمته، وهو يريد، أن يفرق بيني وبينها، فصعد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - المنبر، وقال: يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته، ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق، لمن أخذ بالساق» .
فإن قلت: ابن لهيعة ضعيف.
قلت: وثقه أحمد والطحاوي وكفى بهما حجة، وأخرجه ابن عدي في " الكامل "، عن الفضل بن مختار، عن عبيد الله بن موهوب، عن عصبة بن مالك قال «جاء مملوك إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن سيدي زوجني أمته..» الحديث.
م: (ولأنه) ش: أي العبد م: (عارف بوجه المصلحة فيه، فكان أهلا) ش: للطلاق م:

(11/86)


وليس فيه إبطال ملك المولى ولا تفويت منافعه فينفذ، والله أعلم بالصواب.،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
(وليس فيه) ش: أي في طلاق العبد زوجته م: (إبطال ملك المولى ولا تفويت منافعه فينفذ) ش: أي طلاقه لأنه مختص بالإنسانية فكان كالحر م: (والله أعلم بالصواب) .

(11/87)