البناية شرح الهداية

باب جناية البهيمة والجناية عليها قال: الراكب ضامن لما أوطأت الدابة ما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت أو خبطت وكذا إذا صدمت، ولا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها. والأصل أن المرور في طريق المسلمين مباح مقيد بشرط السلامة؛ لأنه يتصرف في حقه من وجه، وفي حق غيره من وجه لكونه مشتركا بين كل الناس، فقلنا بالإباحة مقيدا بما ذكرنا ليعتدل النظر من الجانبين ثم إنما يتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه، ولا يتقيد بها فيما لا يمكن التحرز عنه لما فيه من المنع عن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[باب جناية البهيمة والجناية عليها]
[جناية البهيمة من يضمنها]
م: (باب جناية البهيمة والجناية عليها) ش: أي هذا باب في بيان أحكام جناية البهيمة وفي بيان جناية الآدمي على البهيمة وكان من حق هذا الباب أن يذكر بعد جناية المملوك لتفضيل النطق في المملوك الذي هو العبد، ولكن لما كانت البهيمة ملحقة بالجمادات من حيث عدم الفعل والنطق ألحق هذا الباب بباب ما يحدثه الرجل في الطريق.
م: (قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير " م: (الراكب ضامن لما أوطأت الدابة ما أصابت بيدها أو رجلها أو رأسها أو كدمت أو خبطت) ش: الكدم العض بمقدم الأسنان كما يكدم الحمار، والخبط الضرب باليد.
م: (وكذا) ش: أي وكذا يضمن الراكب م: (إذا صدمت) ش: الصدم: الضرب بالجسد، ومنه: إذا قتل الكلب الصيد صدما لا يؤكل. واصطدم الفارسان يعني: ضرب أحدهما الآخر بنفسه م: (ولا يضمن ما نفحت برجلها أو ذنبها) ش: نفحت الدابة الشيء إذا ضربته بحافرها. م: (والأصل) ش: أي في هذا: م: (أن المرور في طريق المسلمين مباح مقيد بشرط السلامة؛ لأنه يتصرف في حقه من وجه، وفي حق غيره من وجه لكونه مشتركا بين كل الناس، فقلنا بالإباحة مقيدا بما ذكرنا) ش: من شرط السلامة م: (ليعتدل النظر من الجانبين) ش: أي من بين صاحب الدابة وجانب الرجل الذي جني عليه من جهة الدابة، ولا يضمن ما كان من الغبار بالمشي أو بسير الدابة لأنه لا يمكن الاحتراز عنه.
وكذا ما أثارت الدابة بسنابكها من الحصى الصغار لأنه لا يمكن أن يحترز عنه في السير. فأما الحصى الكبار فإن الراكب يضمن ما تولد منه لأن ذلك لا يكون إلا بالعنف على الدابة في السير
وقالوا في شروح " الجامع الصغير ": وإن أوقفها في الطريق ضمن النفحة أيضا م: (ثم إنما يتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه، ولا يتقيد بها فيما لا يمكن التحرز عنه لما فيه من المنع عن

(13/255)


التصرف وسد بابه وهو مفتوح، والاحتراز عن الإبطاء وما يضاهيه ممكن، فإن ليس من ضرورات التسيير فقيدناه بشرط السلامة عنه والنفحة بالرجل والذنب ليس يمكنه الاحتراز عنه مع السير على الدابة فلم يتقيد به. قال: فإن أوقفها في الطريق، ضمن النفحة أيضا لأنه يمكنه التحرز عن الإيقاف، وإن لم يمكنه عن النفحة فصار متعديا في الإيقاف وشغل الطريق به: فيضمنه.
قال: وإن أصابت بيدها أو برجلها حصاة أو نواة، أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو فسد ثوبه لم يضمن، وإن كان حجرا كبيرا ضمن؛ لأنه في الوجه الأول لا يمكن التحرز عنه إذ سير الدواب لا يعرى عنه، وفي الثاني ممكن لأنه ينفك عن السير عادة. وإنما ذلك بتعنيف الراكب، والمرتدف فيما ذكرنا كالراكب لأن المعنى لا يختلف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
التصرف وسد بابه) ش: أي باب التصرف م: (وهو مفتوح) ش: أي والحال أنه مفتوح. م: (والاحتراز عن الإبطاء وما يضاهيه) ش: أي وما يشابهه م: (ممكن فإنه ليس من ضرورات التسيير فقيدناه بشرط السلامة عنه والنفحة بالرجل والذنب ليس يمكنه الاحتراز عنه مع السير على الدابة فلم يتقيد به) ش: أي بشرط السلامة.
م: (قال: فإن أوقفها في الطريق، ضمن النفحة أيضا لأنه يمكنه التحرز عن الإيقاف، وإن لم يمكنه عن النفحة فصار متعديا في الإيقاف وشغل الطريق به فيضمنه) ش: ولو كانت سائرة وصاحبها معها قائدا أو سائقا أو راكبا تضمن جميع ما جنت إلا النفحة بالرجل أو الذنب. وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رواية، وعند الشافعي وأحمد - رحمهما الله في رواية: يضمنها أيضا وهو قول ابن أبي ليلى - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يضمنها.

م: (قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": م: (وإن أصابت بيدها أو برجلها حصاة أو نواة، أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه لم يضمن، وإن كان حجرا كبيرا ضمن لأنه في الوجه الأول) ش: وهو ما إذا كان الحجر صغيرا م: (لا يمكن التحرز عنه إذ سير الدواب لا يعرى عنه وفي الثاني) ش: وهو ما إذا كان الحجر كبيرا م: (ممكن) ش: أي الاحتراز م: (لأنه ينفك عن السير عادة وإنما ذلك) ش: لأن الظاهر أنه نشأ م: (بتعنيف الراكب) ش: في أمر السوق فيوصف بالتعدي، فيؤخذ به.
م: (المرتدف فيما ذكرنا كالراكب) ش: أراد بالمرتدف، الرديف، وقوله فيما ذكرنا يعني في موجب الجناية م: (لأن المعنى لا يختلف) ش: لأن الدابة في أيديهما ويسيرانها ويوجهانها كيف شاءوا، هذا ويروى عن شريح: وتجب الكفارة عليهما، لأنهما كذا بخلاف القائد والسائق كذا في " المبسوط "، وبه قال مالك وقال الشافعي وأحمد وإسحاق - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يضمن الرديف.

(13/256)


قال: فإن راثت أو بالت في الطريق وهي تسير، فعطب به إنسان لم يضمن لأنه من ضرورات السير فلا يمكنه الاحتراز عنه. قال: وكذا إذا أوقفها لذلك لأن من الدواب ما لا يفعل ذلك إلا بالإيقاف. وإن أوقفها لغير ذلك فعطب إنسان بروثها أو بولها ضمن لأنه متعد في هذا الإيقاف لأنه ليس من ضرورات السير " ثم هو أكثر ضررا بالمارة من السير لما أنه أدوم منه، فلا يلحق به. قال: والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها. والمراد النفحة. قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هكذا ذكره القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مختصره " وإليه مال بعض المشايخ. ووجهه: أن النفحة بمرأى عين السائق فيمكنه الاحتراز عنه وغائب عن بصر القائد فلا يمكنه التحرز عنه. وقال أكثر المشايخ: إن السائق لا يضمن النفحة أيضا، وإن كان يراها، إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكن التحرز عنه، بخلاف الكدم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وعن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أرجو أن لا شيء عليه إذا كان أمامه من يمسك العنان

[راثت الدابة في الطريق وهي تسيرفعطب به إنسان]
م: (قال) ش: أي القدوري م: (فإن راثت أو بالت في الطريق وهي تسير، فعطب به إنسان لم يضمن لأنه من ضرورات السير، فلا يمكنه الاحتراز عنه. قال: وكذا) ش: أي لا يضمن م: (إذا أوقفها) ش: أي الدابة م: (لذلك) ش: أي لأجل البول أو الروث.
م: (لأن من الدواب ما لا يفعل ذلك) ش: أي البول وإلقاء الروث م: (إلا بالإيقاف وإن أوقفها لغير ذلك) ش: أي لغير البول ورمى الروث م: (فعطب إنسان بروثها أو بولها ضمن لأنه متعد في هذا الإيقاف لأنه ليس من ضرورات السير، ثم هو) ش: أي الإيقاف م: (أكثر ضررا بالمارة من السير لما أنه أدوم منه) ش: أي من السير م: (فلا يلحق به) ش: أي بالسير والأئمة الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لا يفرقون ويوجبون الضمان بالروث والبول في الطريق مطلقا.
وقال ابن قدامة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وقياس المذهب أنه لا يضمن ما تلف بذلك لأنه لا يمكن الاحتراز عنه م: (والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها، والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها) ش: هذا لفظ القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقال المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (والمراد النفحة) ش: أي المراد من قوله أو رجلها النفحة بالرجل.
م: (قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هكذا ذكر، القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مختصره "، وإليه مال بعض المشايخ) ش: أي بعض مشايخ الطرق م: (ووجهه) ش: أي وجه ما ذكره القدوري م: (أن النفحة بمرأى عين السائق فيمكنه الاحتراز عنه وغائب عن بصر القائد فلا يمكنه التحرز عنه وقال أكثر المشايخ) ش: أي مشايخ ديارنا، ذكره في " الذخيرة " وهم مشايخ ما وراء النهر م: (إن السائق لا يضمن النفحة أيضا وإن كان يراها، إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكن التحرز عنه، بخلاف الكدم

(13/257)


لإمكانه كبحها بلجامها، وبهذا ينطق أكثر النسخ وهو الأصح. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يضمنون النفحة كلهم؛ لأن فعلها مضاف إليهم والحجة عليه ما ذكرنا. وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الرجل جبار» ومعناه: النفحة بالرجل، وانتقال الفعل بتخويف القتل كما في المكره، وهذا تخويف بالضر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
لإمكانه كبحها بلجامها) ش: يقال: كبح الدابة بلجامها هو أن يجذبها إلى نفسه لتقف.
م: (وبهذا) ش: أي بقول أكثر المشائخ م: (ينطق أكثر النسخ) ش: أي نسخ القدوري م: (وهو الأصح. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يضمنون النفحة كلهم) ش: أي الراكب والسائق والقائد.
وبه قال مالك وأحمد وابن أبي ليلى - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - م: (لأن فعلها) ش: أي فعل الدابة م: (مضاف إليهم) ش: أي إلى الراكب والسائق والقائد.
م: (والحجة عليه) ش: أي على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ما ذكرنا) ش: أشار إلى قوله: وغائب عن بصر القائد فلا يمكنه التحرز عنه م: (وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: عطف على قوله ما ذكرناه أي الحجة عليه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «الرجل جبار» ش: هذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي - رحمهما الله - عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الرجل جبار» . وقال الخطابي: تكلم الناس في هذا الحديث. قيل إنه غير محفوظ، وسفيان بن حسين معروف بسوء الحفظ.
قلت: استشهد به البخاري - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأخرج له مسلم - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المقدمة، ورواه محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتاب " الآثار ": أخبرنا أبو حنيفة، حدثنا حماد، عن إبراهيم النخعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العجماء جبار والقليب جبار والرجل جبار والمعدن جبار. وفي الركاز الخمس» وهو يفصل قوله جبار (......) : أي هذا يعني النفحة هدر وهو معنى قوله م: (ومعناه النفحة بالرجل) .
ش: لأن الوطء مضمون بالإجماع م: (وانتقال الفعل) ش: هذا جواب عن قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن فعلها يضاف إليهم بالقياس على الإكراه بيانه أن انتقال الفعل إلى غيره إنما يكون م: (بتخويف القتل كما في المكره، وهذا تخويف بالضرب) ش: لأن القتل لا يلحق به. قال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وفيه ضعف لأنه لم يقل بذلك قياسا على الإكراه، وإنما قال بناء على أصل آخر وهو أن سير الدابة مضاف إلى راكبها ولا كلام فيه، وإنما الكلام في النفحة، ومع

(13/258)


قال: وفي " الجامع الصغير ": وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائد لأنهما مسببان بمباشرتهما شرط التلف وهو تقريب الدابة إلى مكان الجناية فيتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه كالراكب، قال: إلا أن على الراكب الكفارة فيما أوطأته الدابة بيدها أو برجلها. قال: ولا كفارة عليهما ولا على الراكب فيما وراء الإيطاء لأن الراكب مباشر فيه؛ لأن التلف بثقله وثقل الدابة تبع له؛ لأن سير الدابة مضاف إليه وهي آلة له وهما مسببان لأنه لا يتصل منهما إلى المحل شيء، وكذا الراكب في غير الإيطاء والكفارة حكم المباشرة لا حكم التسبيب، وكذا يتعلق بالإيطاء في حق الراكب حرمان الميراث والوصية دون السائق والقائد لأنه يختص بالمباشرة قال: ولو كان راكب وسائق، قيل: لا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ذلك لا يخلو عن ضعف.
والجواب القوي: ما ذكره بقوله: والحجة عليه ما ذكرنا. وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرجل جبار» .

[سار في ملكه على دابته فوطئت بيدها أو رجلها وقتلت]
م: (قال: وفي " الجامع الصغير ") ش: إنما أتى برواية " الجامع الصغير " لاشتمالها على الضابط الكلي وبيان الكفارة م: (وكل شيء ضمنه الراكب ضمنه السائق والقائد لأنهما مسببان بمباشرتهما شرط التلف وهو تقريب الدابة إلى مكان الجناية فيتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه كالراكب قال: إلا أن على الراكب الكفارة فيما أوطأته الدابة بيدها أو برجلها. قال: ولا كفارة عليهما) ش: أي على القائد والسائق.
م: (ولا على الراكب فيما وراء الإيطاء) ش: كالنفحة بالرجل والذنب في ذلك، وإنما الكفارة عليه في الإيطاء، لأنه مباشر فيه، وهو معنى قوله: م: (لأن الراكب مباشر فيه؛ لأن التلف بثقله وثقل الدابة تبع له؛ لأن سير الدابة مضاف إليه) ش: أي إلى الراكب. ألا ترى أنه يقال: سار فرسخا، وإن كان هو جالسا في سرجه لا يتحرك؟!
ولهذا، لو سار في ملكه على دابته فوطئت - بيدها أو رجلها وقتلت، فعليه الكفارة والدية، إذ المباشرة في الملك وغيره سواء ذكره في " المبسوط " م: (وهي آلة له) ش: أي الدابة آلة للركب م: (وهما) ش: أي السائق والقائد م: (مسببان لأنه لا يتصل منهما إلى المحل شيء) ش: أي إلى محل الهلاك م: (وكذا الراكب في غير الإيطاء) ش: أي لا كفارة عليه في غير الإيطاء " لأنه سبب في ذلك.
م: (والكفارة حكم المباشرة لا حكم التسبيب) ش: فيجب عليه الكفارة في الإيطاء، لأنه مباشر فيه م: (وكذا يتعلق بالإيطاء في حق الراكب حرمان الميراث والوصية دون السائق والقائد لأنه) ش: لأن كل واحد من حرمان الميراث والوصية م: (يختص بالمباشرة قال: ولو كان راكب وسائق. قيل: لا

(13/259)


يضمن السائق ما أوطأت الدابة لأن الراكب مباشر فيه لما ذكرناه، والسائق مسبب، والإضافة إلى المباشر أولى، وقيل: الضمان عليهما لأن كل ذلك سبب الضمان.
قال: وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر، وقال زفر والشافعي - رحمهما الله يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر؟ لما روي ذلك عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولأن كل واحد منهما مات بفعله وفعل صاحبه لأنه بصدمته آلم نفسه وصاحبه، فيهدر نصفه ويعتبر نصفه كما إذا كان الاصطدام عمدا، أو جرح كل واحد منهما نفسه وصاحبه جراحة، أو حفرا على قارعة الطريق بئرا فانهار عليهما، يجب على كل واحد منهما النصف، فكذا هذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
يضمن السائق ما أوطأت الدابة لأن الراكب مباشر فيه لما ذكرناه) ش: من قوله، لأن التلف بثقله م: (والسائق مسبب والإضافة إلى المباشر أولى) ش: لأنه لا عبرة للتسبب مع المباشرة.
ألا ترى إلى الدفع مع الحفر م: (وقيل: الضمان عليهما) ش: أي على الراكب والسائق م: (لأن كل ذلك سبب الضمان) ش: أي كل واحد منهما بانفراده عامل في الإتلاف، لأن كل واحد لو انفرد أوجب الضمان.
وقال الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مختصره ": ولو أمر بنخسها وهو يسير فوطئت إنسانا فقتلته، فالدية عليهما نصفان، لأنهما الآن راكب وسائق يعني أن الناخس كالسائق ولو كان ثمة سائق وراكب مشتركان في الضمان.
وكذا الناخس، يعني أن الناخس كالسائق، وقال الإمام الأسبيجابي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فإن كان سائق وراكب، أو سائق وقائد أو راكب وقائد فالضمان عليهما جميعا، غير أن الكفارة على الراكب وحده.

[اصطدم فارسان فماتا]
م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: م: (وإذا اصطدم فارسان) ش: تقييد بالفارسين اتفاقي، إلا أن الحكم في الماشيين كذلك أو قيده بحسب الغالب م: (فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر، وقال زفر والشافعي - رحمهما الله -: يجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر) ش: به قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (لما روي ذلك عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: هذا غريب على ما نبينه إن شاء الله تعالى.
م: (ولأن كل واحد منهما مات بفعله وفعل صاحبه لأنه بصدمته آلم نفسه وصاحبه، فيهدر نصفه ويعتبر نصفه، كما إذا كان الاصطدام عمدا أو جرح كل واحد منهما نفسه وصاحبه جراحة أو حفرا على قارعة الطريق بئرا فانهارا) ش: أي سقط م: (عليهما، يجب على كل واحد منهما النصف، فكذا هذا) ش: وهذا الذي ذكره زفر والشافعي - رحمهما الله - هو القياس، والاستحسان ما ذكره

(13/260)


ولنا: أن الموت مضاف إلى فعل صاحبه؛ لأن فعله في نفسه مباح وهو المشي في الطريق فلا يصلح مستندا. للإضافة في حق الضمان كالماشي إذا لم يعلم بالبئر ووقع فيها لا يهدر شيء من دمه وفعل صاحبه وإن كان مباحا، لكن الفعل المباح في غيره سبب للضمان كالنائم إذا انقلب على غيره. وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه أوجب على كل واحد منهما كل الدية، فتعارضت روايتاه فرجحنا بما ذكرنا، وفيما ذكر من المسائل الفعلان محظوران فوضح الفرق،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
أصحابنا وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو قوله. م: (ولنا: أن الموت مضاف إلى فعل صاحبه؛ لأن فعله في نفسه مباح، وهو المشي في الطريق فلا يصلح مستندا للإضافة في حق الضمان كالماشي إذا لم يعلم بالبئر ووقع فيها لا يهدر شيء من دمه) ش: بأن يقال: لولا مشيه لم يقع في البئر، فكذا هنا لا يهدر شيء من دمه أيضا بأن يقال: لولا تقرب به نفسه من الصدوم لم يهلك.
م: (وفعل صاحبه وإن كان مباحا لكن الفعل المباح في غيره) ش: أي في غير نفسه م: (سبب للضمان كالنائم إذا انقلب على غيره) ش: فأهلكه: يجب عليه الضمان.
م: (وروي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أوجب على كل واحد منهما كل الدية) ش: هذا رواه، ابن أبي شيبة - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " مصنفه ": حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث، عن حماد عن إبراهيم، عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: في فارسين اصطدما فمات أحدهما: أنه ضمن الحي للميت م: (فتعارضت روايتاه) ش: أي رواية علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - م: (فرجحنا) ش: أي هذه الرواية م: (بما ذكرنا) ش: من الدليل.
وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذ يقول ما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أوجب النصف " محمول على ما إذا كانا عامدين؟ حيث يجب نصف دية كل منهما في العمد كما ذكر في الكتاب.
قلت: هذا كله تكلف، وقد ذكرنا أن الذي احتج به زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - والشافعي حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - المذكور غريب، يعني لم يثبت، فمن أين يأتي التعارض أو لم يؤول، وهذا من قلة الاطلاع في كتب الأحاديث.
م: (وفيما ذكر) ش: أي الخصم م: (من المسائل) ش: المذكورة م: (الفعلان) ش: وهما: الاصطدام عمدا والجرح م: (محظوران) ش: أي غير مشروعين إذا كان كذلك م: (فوضح الفرق) ش: بين المقيس والمقيس عليه.
وفي " الأجناس ": قال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في - نوادر هشام ": في رجلين علوا حبلا، فوقعا على وجههما جميعا فماتا، إنه يضمن كل أحد منهما دية صاحبه، ولو وقع

(13/261)


هذا الذي ذكرنا إذا كانا حرين في العمد والخطأ " ولو كانا عبدين يهدر الدم في الخطأ؛ لأن الجناية تعلقت برقبته دفعا وفداء، وقد فاتت لا إلى خلف من غير فعل المولى فهدر ضرورة وكذا في العمد؛ لأن كل واحد منهما هلك بعد ما جنى ولم يخلف بدلا. ولو كان أحدهما حرا والآخر عبدا، ففي الخطأ تجب على عاقلة الحر المقتول قيمة العبد فيأخذها ورثة المقتول الحر، ويبطل حق الحر المقتول في الدية فيما زاد على القيمة؛ لأن على أصل أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - تجب القيمة على العاقلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
أحدهما على قفاه والآخر على وجهه فماتا، ضمن صاحب القفا دية صاحب الوجه، ولو انقطع الحبل فوقعا جميعا على أقفيتهما فماتا ضمن القاطع ديتهما، وضمن الحبل.
فقيل لمحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن وقعا على وجههما إذا قطع الحبل؟ قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هذا من قطع الحبل، وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " نوادر رستم ": أو وقعا على أقفيتهما وماتا، لا ضمان على قاطع الحبل م: (هذا الذي ذكرنا) ش: هو أنه يجب دية كل على عاقلة الآخر م: (إذا كانا حرين في العمد والخطأ، ولو كانا عبدين يهدر الدم) ش: أي يسقط م: (في الخطأ) ش: يعني إذا اصطدم " العبدان خطأ يعني فماتا هدر الدم.
م: (لأن الجناية تعلقت برقبته) ش: أي برقبة العبد الجاني م: (دفعا وفداء) ش: أي من حيث دفع المولى إياه ومن حيث أن يفديه، ولما مات قبل ذلك فات محل الجناية إن خلف لا يضمن المولى شيئا، وهو معنى قوله: م: (وقد فاتت) ش: أي العبد م: (لا إلى خلف) ش: لفوات محل الجناية م: (من غير فعل المولى) ش: في العبدين م: (فهدر) ش: أي فسقط الدم م: (ضرورة) ش: وفي بعض النسخ: فهدر ضرورة.
م: (وكذا في العمد) ش: يعني فيما إذا وقع الاصطدام عمدا منها م: (لأن كل واحد منهما هلك بعدما جنى ولم يخلف بدلا) ش: لأن العبد لا مال له م: (ولو كان أحدهما) ش: أي أحد المصطدمين م: (حرا والآخر عبدا، ففي الخطأ تجب على عاقلة الحر المقتول قيمة العبد) ش: لأن كل شيء من الحر فيه الدية، ففيه القيمة من العبد، وكل شيء من الحر فيه نصف الدية، ففيه من العبد نصف القيمة.
م: (فيأخذها) ش: أي فيأخذ القيمة م: (ورثة المقتول الحر، ويبطل حق الحر المقتول في الدية فيما زاد على القيمة) ش: أي على قيمة العبد لأنه لم يخلف شيئا فيما زاد م: (لأن على أصل أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: تجب القيمة على العاقلة) ش: أراد أن الأصل أن العبد المقتول خطأ، تجب قيمته على العاقلة عندهما.

(13/262)


لأنه ضمان الآدمي فقد أخلف بدلا بهذا القدر فيأخذه ورثة الحر المقتول ويبطل ما زاد عليه لعدم الخلف، وفي العمد تجب على عاقلة الحر نصف قيمة العبد لأن المضمون هو النصف في العمد، وهذا القدر يأخذه ولي المقتول وما على العبد في رقبته وهو نصف دية الحر يسقط بموته إلا قدر ما أخلف من البدل وهو نصف القيمة.
قال: ومن ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتله ضمن، وكذا على هذا سائر أدواته كاللجام ونحوه، وكذا ما يحمل عليها لأنه متعد في هذا التسبيب؛ لأن الوقوع بتقصير منه وهو ترك الشد أو الإحكام فيه بخلاف الرداء لأنه لا يشد في العادة ولأنه قاصد لحفظ هذه الأشياء كما في المحمول على عاتقه دون اللباس على ما مر من قبل فيقيد بشرط السلامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وروي عن أبي يوسف أنه قال في مال القاتل: وإنما تجب قيمة العبد على القاتل عندهما م: (لأنه ضمان الآدمي فقد أخلف بدلا بهذا القدر فيأخذه) ش: أي بدل العبد م: (ورثة الحر المقتول ويبطل ما زاد عليه لعدم الخلف) ش: أي لعدم الخلف بموت العبد من غير خلف م: (وفي العمد تجب على عاقلة الحر نصف قيمة العبد لأن المضمون هو النصف في العمد، وهذا القدر يأخذه ولي المقتول، وما على العبد في رقبته وهو نصف دية الحر يسقط بموته إلا قدر ما أخلف من البدل وهو نصف القيمة) ش: فيأخذه الورثة من مولى العبد.

[ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتله]
م: (قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في (الجامع الصغير) : م: (ومن ساق دابة فوقع السرج على رجل فقتله ضمن) ش: هنا لفظ " الجامع ": وقال المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وكذا على هذا) ش: يعني وصول الضمان على السائق إذا وقعت م: (سائر أدواته كاللجام ونحوه) ش: مثل الركب والمهرة وغير ذلك؛ لأن ذلك كتقصير منه لأنه لو أحكمها لم تقع. م: (وكذا) ش: الحكم في وقوع م: (ما يحمل عليها) ش: أي على الدابة م: (لأنه متعد) ش: أي لأن السائق قد تعدى م: (في هذا التسبيب؛ لأن الوقوع) ش: أي وقوع هذه الأشياء م: (بتقصير منه) ش: أي من السائق م: (وهو) ش: أي التقصير م: (ترك الشد أو الإحكام فيه) ش: أي في " الشرح "، كما لو وقع الشيء المحمول على العاتق على إنسان فقتله م: (بخلاف الرداء) ش: الملبوس إذا سقط فأتلف شيئا حيث لا يجب الضمان م: (لأنه) ش: أي لأن الرداء م: (لا يشد في العادة) ش: ولو تعثر اللابس فسقط الرداء، ثم تعثر به إنسان، لم يضمن فكذا إذا سقط رداؤه.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن السائق م: (قاصد لحفظ هذه الأشياء) ش: يعني السرج وسائر الأدوات م: (كما في المحمول على عاتقه) ش: إذا وقع على شيء فأتلفه فإنه يجب الضمان م: (دون اللباس) ش: يعني لا يجب الضمان فيه، لأنه لا يقصد حفظه م: (على ما مر من قبل) ش: أي في باب: ما يحدثه الرجل في الطريق. م: (فيقيد بشرط السلامة) ش: يعني في حكم السائق.

(13/263)


قال: ومن قاد قطارا. فهو ضامن لما أوطأ فإن وطئ بعير إنسانا ضمن به القائد والدية على العاقلة لأن القائد عليه حفظ القطار كالسائق وقد أمكنه ذلك وقد صار متعديا بالتقصير فيه والتسبيب بوصف التعدي سبب للضمان إلا أن ضمان النفس على العاقلة فيه وضمان المال في ماله وإن كان معه سائق فالضمان عليهما؛ لأن قائد الواحد قائد الكل وكذا سائقه لاتصال الأزمة وهذا إذا كان السائق في جانب من الإبل. أما إذا كان توسطها وأخذ بزمام واحد يضمن ما عطب بما هو خلفه ويضمنان ما تلف بما بين يديه لأن القائد لا يقود ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[قاد قطارا فوطئ شيئا]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن قاد قطارا) ش: القطار: الإبل يقطر على نسق واحد والجمع قطر. م: (فهو) ش: أي القائد م: (ضامن لما أوطأ) ش: أي القطار م: (فإن وطئ بعير) ش: أي من القطار م: (إنسانا ضمن به القائد والدية على العاقلة؛ لأن القائد عليه حفظ القطار كالسائق وقد أمكنه ذلك وقد صار متعديا بالتقصير فيه والتسبيب بوصف التعدي سبب للضمان، إلا أن ضمان النفس على العاقلة فيه وضمان المال في ماله، وإن كان معه) ش: أي مع القائد م: (سائق فالضمان عليهما لأن قائد الواحد قائد الكل وكذا سائقه) ش: أي سائق الواحد م: (لاتصال الأزمة) ش: أي أزمة القطار وهو جمع زمام.
وفي " المبسوط ": السائق تعرف للإبل مما أصاب بالصدمة وغيرها. وكذا القائد مقرب في ذلك فيشتركان في الضمان لا سواهما في التسبب، وإن كان بينهما سائق الإبل في وسط القطار فالضمان في جميع ذلك عليهم أثلاثا. وقال الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " إملاء الكتابي ": لو أن رجلا كان يقود قطارا وآخر من خلف القطار ليسوقه ويزجر الإبل مزجر يسوقه، وعلى الإبل قوم في الحامل نيام أو غير نيام، فوطأ بعير إنسانا فقتله، فالدية على عاقلة القائد والسائق والراكبين على البعير الذي وطئ جميعا اللذين قدام البعير الذي وطئ على عواقلهم جميعا عدد الرءوس، والكفارة على الراكبين خاصة.
وقال الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وممن كان من الركبان خلف البعير الذي وطئ لا يزجر الإبل ولا يسوقها راكبا على بعير فيها أو غير راكب فلا ضمان على أحد منهم، لأنهم ليسوا بقادة ولا ساقة.
م: (وهذا) ش: أي وجوب الضمان على السائق والقائد جميعا فيها م: (إذا كان السائق في جانب من الإبل أما إذا كان توسطها وأخذ بزمام واحد يضمن ما عطب بما هو خلفه ويضمنان) ش: أي القائد الأول والثاني م: (ما تلف بما بين يديه) ش: أي بين يدي السائق م: (لأن القائد لا يقود ما

(13/264)


خلف السائق لانفصام الزمام والسائق يسوق ما يكون قدامه قال: وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم، فوطئ المربوط إنسانا فقتله، فعلى عاقلة القائد الدية لأنه يمكنه صيانة القطار عن ربط غيره. فإذا ترك الصيانة، صار متعديا، وفي التسبيب: الدية على العاقلة كما في القتل الخطأ، ثم يرجعون بها على عاقلة الرابط؛ لأنه هو الذي أوقعهم في هذه العهدة، وإنما لا يجب الضمان عليهما في الابتداء، وكل منهما مسبب لأن الربط من القود بمنزلة التسبيب من المباشرة لاتصال التلف بالقود دون الربط قالوا: هذا إذا ربط والقطار تسير! لأنه أمر بالقود دلالة فإذا لم يعلم به، لا يمكنه التحفظ من ذلك فيكون قرار الضمان علي الرابط. أما إذا ربط والإبل قيام ثم قادها ضمنها القائد لأنه قاد بعير غيره بغير إذنه لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
خلف السائق لانفصام الزمام) ش: أي لانقطاعه.
م: (والسائق يسوق ما يكون قدامه) ش: حتى لو لم يسق ما كان قدامه يكون الضمان على القائد الأول لا غير، كذا ذكر في " المغني ". م: (قال: وإن ربط رجل بعيرا إلى القطار والقائد لا يعلم) ش: فوطئ المربوط إنسانا فقتله، فعلى عاقلة القائد الدية قيد به إذ لو علم القائد بالربط حال السير فالدية على عاقلته ولا يرجعون بها على عاقلة الرابط؛ لأن القائد لما علم بالربط فقد رضي بما يلحقه من الضمان، فلا يرجع الحاصل أن زيل القائد بالربط لا بقي ابتداء وجوب الضمان عنه لوجود الإتلاف منه والجهل يزيل الإثم دون الضمان، كالنائم إذا انقلب على إنسان. م: (فوطئ المربوط إنسانا فقتله فعلى عاقلة القائد الدية لأنه يمكنه صيانة القطار عن ربط غيره، فإذا ترك الصيانة صار متعديا، وفي التسبيب: الدية على العاقلة كما في القتل الخطأ ثم يرجعون بها على عاقلة الرابط لأنه هو الذي أوقعهم في هذه العهدة، وإنما لا يجب الضمان عليهما) ش: أي على القائد والرابط م: (في الابتداء وكل منهما) ش: أي والحال أن كل منهما م: (مسبب لأن الربط من القود بمنزلة التسبيب من المباشرة) ش: ولا شك أن المباشرة أقوى كالحافر مع الرافع.
م: (لاتصال التلف بالقود دون الربط، قالوا) ش: أي المشائخ م: (هذا) ش: أي رجوع عاقلة القائد على عاقلة الرابط م: (إذا ربط والقطار تسير) ش: الواو فيه للحال م: (لأنه) ش: أي لأن الرابط م: (أمر بالقود دلالة) ش: يعني أمر القائد بقود بعيره حين سار دلالة، يعني من حيث الدلالة وان لم يكن صريحا.
وإذا لم يعلم به م: (فإذا لم يعلم به، لا يمكنه التحفظ من ذلك فيكون قرار الضمان على الرابط. أما إذا ربط والإبل قيام ثم قادها ضمنها القائد) ش: أي بلا رجوع م: (لأنه قاد بعير غيره بغير إذنه لا

(13/265)


صريحا ولا دلالة، فلا يرجع بما لحقه عليه. قال: ومن أرسل بهيمة وكان لها سائقا فأصابت في فورها يضمنه؛ لأن الفعل انتقل إليه بواسطة السوق.
قال: ولو أرسل طيرا وساقه، فأصاب في فوره لم يضمن. والفرق: أن بدن البهيمة يحتمل السوق، فصار وجود السوق وعدمه بمنزلة. وكذا لو أرسل كلبا ولم يكن له سائق لم يضمن، ولو أرسله إلى صيد ولم يكن له سائق فأخذ الصيد وقتله حل، ووجه الفرق أن البهيمة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
صريحا ولا دلالة. فلا يرجع بما لحقه عليه) . م: (قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": م: (ومن أرسل بهيمة وكان لها سائقا) ش: قال الصدر الشهيد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وغيره: أراد بالبهيمة الكلب. وأراد بكونه سائقا أن يكون خلفه م: (فأصابت في فورها) ش: أي في فور الإرسال. فإن قتل صيدا مملوكا م: (يضمنه، لأن الفعل انتقل إليه بواسطة السوق) .

[أرسل طيرا وساقه فأصاب في فوره]
م: (قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": م: (ولو أرسل طيرا وساقه، فأصاب في فوره، لم يضمن. والفرق) ش: بين المسألتين: م: (أن بدن البهيمة يحتمل السوق) ش: فاعتبر سوقه والطير لا يحتمل السوق م: (فصار وجود السوق وعدمه سواء بمنزلة) ش: واحدة. ولهذا: لو أدخل بازيا في الحرم أو صقرا وأرسله فجعل يقتل حمام الحرم لا يلزمه شيء. لأن الباز لا يحتمل السوق.
ولو أشلى كلبا على رجل حتى عقره أو مزق ثيابه لا يضمن لأن بسوقه أراد به إذا كان خلفه لما مر، وقيل: إذا لم يكن خلفه، فعقر وتعلق بإنسان إن كان غير معلم لا يضمن، لأن غير المعلم إنما يذهب بطبع نفسه لا بالإرسال وإن كان معلما، فإن ذهب يمينا وشمالا وعن الوجه الذي أرسله ثم أتلف إنسانا لا يضمن. لأنه لا يضاف إلى السائق، وإن أصابه من الوجه الذي ساقه وأرسله كان ضامنا. لأنه ذهب بإرسال صاحبه، فكان مضافا إلى المرسل. كذا ذكر فخر الدين قاضي خان.
م: (وكذا لو أرسل كلبا ولم يكن له سائق لم يضمن) ش: يعني إذا كان خلفه م: (ولو أرسله إلى صيد ولم يكن له سائق فأخذ الصيد وقتله حل، ووجه الفرق) ش: بين المسألتين: م: (أن البهيمة)

(13/266)


مختارة في فعلها ولا تصلح نائبة عن المرسل فلا يضاف فعلها إلى غيرها " هذا هو الحقيقة إلا أن الحاجة مست في الاصطياد فأضيف إلى المرسل لأن الاصطياد مشروع ولا طريق له سواه، ولا حاجة في حق ضمان العدوان. وروي عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه أوجب الضمان في هذا كله احتياطا صيانة لأموال الناس قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وذكر في " المبسوط ": إذا أرسل دابة في طريق المسلمين فأصابت في فورها فالمرسل ضامن؛ لأن سيرها مضاف إليه ما دامت تسير على سننها، ولو انعطفت يمنة أو يسرة انقطع حكم الإرسال إلا إذا لم يكن له طريق آخر سواه، وكذا إذا وقفت ثم سارت " بخلاف ما إذا وقفت بعد الإرسال في الاصطياد ثم سارت فأخذت الصيد؛ لأن تلك الوقفة تحقق مقصود المرسل لأنه لتمكنه من الصيد وهذه تنافي مقصود المرسل وهو السير.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ش: أي الكلب م: (مختارة في فعلها) ش: وفي بعض النسخ: مختارة في فعله.
م: (ولا تصلح نائبة عن المرسل فلا يضاف فعلها) ش: أي فلا يضاف فعله م: (إلى غيرها، هذا هو الحقيقة) ش: أي فعل أحد لا يضاف إلى غيره م: (إلا أن الحاجة مست في الاصطياد فأضيف إلى المرسل لأن الاصطياد مشروع ولا طريق له سواه، ولا حاجة في حق ضمان العدوان) ش: أي لا ضرورة في وجوب العدوان فلا تسقط عبرتها.
م: (وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه أوجب الضمان في هذا كله احتياطا صيانة لأموال الناس) ش: وجعل شيخي العلاء - رَحِمَهُ اللَّهُ - هذا نسخة يعني يوجد هذا في بعض النسخ م: (قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: أي المصنف م: (وذكر في " المبسوط ": إذا أرسل دابة في طريق المسلمين فأصابت في فورها فالمرسل ضامن؛ لأن سيرها مضاف إليه ما دامت تسير على سننها) ش: فيضمن. قال الصدر الشهيد: وعليه الفتوى، وبه قال الشافعي وأحمد. وعند مالك: فعل العجماء جبار بأي وجه كان.
م: (ولو انعطفت) ش: أي الدابة م: (يمنة أو يسرة انقطع حكم الإرسال إلا إذا لم يكن له طريق آخر سواه) ش: أي سوى طريق اليمنة واليسرة بأن كان على الجادة ما أوصل الطريق لا ينقطع حكم الإرسال.
م: (وكذا) ش: أي كذا لا ينقطع حكم الإرسال م: (إذا وقفت ثم سارت بخلاف ما إذا وقفت بعد الإرسال في الاصطياد ثم سارت فأخذ الصيد؛ لأن تلك الوقفة تحقق مقصود المرسل لأنه لتمكنه من الصيد وهذه) ش: أي وقفة الدابة م: (تنافي مقصود المرسل وهو السير) ش: فإن المقصود من الإرسال هو السير لا الوقوف.

(13/267)


فينقطع حكم الإرسال، وبخلاف ما إذا أرسله إلى صيد فأصاب نفسا أو مالا في فوره لا يضمنه من أرسله، وفي الإرسال في الطريق يضمنه لأن شغل الطريق تعد فيضمن ما تولد منه. أما الإرسال للاصطياد فمباح ولا تسبيب إلا بوصف التعدي.
قال: ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره ضمن المرسل، وإن مالت يمينا أو شمالا وله طريق آخر لا يضمن لما مر ولو انفلتت دابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا لا ضمان على صاحبها لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
فإذا كان كذلك م: (فينقطع حكم الإرسال وبخلاف) ش: معطوف على قوله بخلاف ما إذا وقفت م: (ما إذا أرسله إلى صيد فأصاب نفسا أو مالا في فوره لا يضمنه من أرسله وفي الإرسال في الطريق يضمنه) ش: يريد بهذا: الفرق بين الإرسالين: الإرسال إلى الطريق، والإرسال إلى الصيد. ففي الأول لا ضمان عليه. وفي الثاني: يجب الضمان إذا كان على الفور. م: (لأن شغل الطريق تعد فيضمن ما تولد منه. أما الإرسال للاصطياد فمباح ولا تسبيب إلا بوصف التعدي) ش: وقالوا في رجل له كلب عقور كلما مر عليه شيء عضه، فلأهل القرية أن يقتلوه. فإن عض، هل يجب الضمان على صاحبه.
إن لم يتقدموا عليه قبل القبض لا ضمان عليه، وإن كان تقدموا إلى صاحب الكلب فعليه الضمان بمنزلة الحائط المائل، وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: يضمن وإن لم يتقدم إليه.
وكذا في سنور معروف بأكل الطيور، وفي " المنتقى ": لو طَرح رجلا قدام أسد أو سبع فقتله ليس على الطارح قود ولا دية ولكن يعزر ويضرب وبعدها يحبس حتى يتوب ويموت، وقال أبو يوسف: أنا أرى أن يحبس حتى يموت، وعند الأئمة الثلاثة: إن كان الغالب القتل يجب القود، وإن كان لا يقتل غالبا فعند الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قولان في قول يجب القود، وفي قول لا يجب، ولكن تجب الدية وبه قال أحمد، وقياس قول مالك أنه يجب القود.

[أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره]
م: (قال) ش: أي المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وليس في كثير من النسخ لفظ قال م: (ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره) ش: أي فور الإرسال والمراد بفور الإرسال أن لا يميل يمينا ولا شمالا م: (ضمن المرسل، وإن مالت يمينا أو شمالا وله طريق آخر لا يضمن لما مر) ش: وفي (الفتاوى الصغرى -: أرسل حماره فدخل زرع إنسان فأفسده، فإن ساقه إلى الزرع ضمن، وإن لم يسقها بأن لم يكن خلفها وإن لم تنعطف الدابة يمينا ولا شمالا وذهب إلى الوجه الذي أرسله صاحبه فأصاب الزرع ضمن أيضا، وإن انعطف يمينا وشمالا فأصاب الزرع إن كان له طريق آخر لم يضمن وإلا يضمن في ديار شيخ الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (ولو انفلتت دابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا لا ضمان على صاحبها لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي لقول

(13/268)


«جرح العجماء جبار» . وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هي المنفلتة ولأن الفعل غير مضاف إليه لعدم ما يوجب النسبة إليه من الإرسال وأخواته. قال: شاة لقصاب فقئت عينها ففيها ما نقصها لأن المقصود منها هو اللحم، فلا يعتبر إلا النقصان " وفي عين بقرة الجزار وجزوره ربع القيمة، وكذا في عين الحمار والبغل والفرس.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «جرح العجماء جبار» ش: الحديث رواه أبو داود وابن ماجه عن الليث بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العجماء جرحها جبار» " الحديث، قال أبو داود: المنفلتة أي العجماء التي لا تكون معها أحد ويكون بالنهار لا بالليل " وقال ابن ماجه: الجبار الهدر الذي لا يغرم، وفي " الموطأ " عن مالك: الجبار الدية.
م: (وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - هي المنفلتة) ش: التي أهدر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعلها هي المنفلتة لا التي أرسلت فإن فساد المرسلة إذا كان في فور الإرسال ليس بجبار وإنما ذكر التفسير لئلا يجري الحديث على عمومه كما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال القدوري في " شرحه " وسواء كان انفلاتها في ملك صاحبها أو في الطريق أو في ملك غيره لأنه لا صنع له في انفلاتها ولا يمكنه الاحتراز عن فعلها فلا يضمن ما تولد منه. انتهى.
وقال الشافعي: إن كانت ذهبت نهارا لا يضمن، به قال مالك وأحمد وأكثر فقهاء الحجاز.
م: (ولأن الفعل) ش: أي فعل الدابة المثقلة م: (غير مضاف إليه) ش: أي إلى صاحب الدابة م: (لعدم ما يوجب النسبة إليه من الإرسال وأخواته) ش: من السوق والقود والركوب، وفي بعض النسخ: قال: م: (شاة لقصاب) ش: أي قال محمد في " الجامع الصغير " م: (فقئت عينها ففيها ما نقصها) ش: أي ما نقص الشاة من قيمتها م: (لأن المقصود منها) ش: أي من شاة القصاب م: (هو اللحم فلا يعتبر إلا النقصان، وفي عين بقرة الجزار وجزوره) ش: بفتح الجيم وهو ما اتخذ للنحر يقع على الذكر والأنثى كذا في " الطحاوي " والجزر القطع وجزر الجزور نحرها، والجزار هو الذي يجزر البقرة أي ينحرها م: (ربع القيمة) ش: الواجب ربع قيمة بقرة الجزار وجزوره.
م: (وكذا) ش: أي يجب ربع القيمة م: (في عين الحمار والبغل والفرس) ش: وفي " جامع البزدوي - إنما وضع المسألة على هذا الوجه عين لم يقل في عين البقرة والجزور مطلقا لبيان أن البقرة والجزور وإن أعدا للحم كما في شاة لا يختلف الجواب فيهما أعني يجب ربع قيمتها سواء

(13/269)


وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فيه النقصان أيضا اعتبارا بالشاة. ولنا ما روي: «أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قضى في عين الدابة بربع القيمة» وهكذا قضى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأن فيها مقاصد سوى اللحم كالحمل والركوب والزينة والجمال والعمل، فمن هذا الوجه تشبه الآدمي وقد تمسك للأكل فمن هذا الوجه تشبه المأكولات فعملنا بالشبهين، بشبه الآدمي في إيجاب الربع وبالشبه الآخر في نفي النصف " ولأنه إنما يمكن إقامة العمل بها بأربعة أعين عيناها وعينا المستعمل فكأنها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
كانا معدين للحم أو للحرث والحمل والركوب كما في الذي لا يؤكل لحمه كالحمار والبغل، والفرق: أن الشاة لا ينتفع بها للحمل بل ينتفع بها كالأمتعة فيضمن النقصان من غير تقدير وأما البهائم فإنها عاملة كالآدمي فينتفع بها بغير العمل أيضا فأشبه الآدمي من وجه والمسألة من وجه فوجب لنصف التقدير الواجب في الإنسان عملا بهما.
م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فيه النقصان أيضا اعتبارا بالشاة) ش: وهو القياس قول مالك وأحمد م: (ولنا ما روي أنه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: «قضى في عين الدابة بربع القيمة» ش: هذا رواه الطبراني في " معجمه " من حديث زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى في عين الدابة بربع قيمتها» ورواه العقيلي في " الضعفاء ". م: (وهكذا قضى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ش: رواه عبد الرزاق " مصنفه ": أخبرنا سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن الشعبي عن شريح: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كتب إليه في عين الدابة ربع ثمنها. ورواه كذلك ابن أبي شيبة م: (ولأن فيها) ش: دليل معقول على ذلك أي في الدابة م: (مقاصد سوى اللحم كالحمل والركوب والزينة والجمال والعمل فمن هذا الوجه) ش: أي من وجه الزينة والجمال م: (تشبه الآدمي، وقد تمسك للأكل فمن هذا الوجه) ش: أي من وجه إمساكها للأكل م: (تشبه المأكولات فعملنا بالشبهين بشبه الآدمي في إيجاب الربع وبالشبه الآخر في نفي النصف) ش: أي في نفي نصف الإيجاب وفيه إشارة إلى الجواب عن القياس على الشاة، فإن المقصود منها اللحم وفقء العين لا يفوته بل هو عيب يسير فيلزم نقصان المالية.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الشاة، هذا دليل آخر أي ولأن الشاة أيما يكن إلى آخره على ما تبين ولكن الاعتماد على الدليل الأول الأقوى أن العينين لا يضمنان نصف القيمة، كذا قال فخر الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وإنما قال ذلك لأن المعمول به في هذا الباب النص وهو ورد في عين واحدة فيقتصر عليه، قوله: م: (إنما يمكن إقامة العمل بها) ش: أي بالقيمة م: (بأربعة أعين عيناها) ش: أي باعتبار الدابة م: (وعينا المستعمل) ش: أي مستعمل الدابة فإذا كان كذلك م: (فكأنها)

(13/270)


ذات أعين أربعة فيجب الربع بفوات إحداها.
قال: ومن سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها فنفحت رجلا أو ضربته بيدها أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب هو المروي عن عمر، وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " ولأن الراكب والمركب مدفوعان بدفع الناخس فأضيف فعل الدابة إليه كأنه فعله بيده، ولأن الناخس متعد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ش: أي فكأن الدابة تكون م: (ذات) ش: فإذا كانت ذات م: (أعين أربعة فيجب الربع) ش: أي ربع القيمة م: (بفوات إحداها) ش: أي أحد الأعين الأربعة.

[سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها فقتلت رجلا]
م: (قال) ش: وإنما قلنا (قال المصنف " لأن هذه المسألة وما بعدها ليست مذكورة في " الهداية "، وإنما هي من مسائل الأصل. ذكرها المصنف تفريعا.
م: (ومن سار على دابة في الطريق فضربها رجل أو نخسها) ش: من النخس وهو الطعن بالعود ونحوه وهو من باب منع يمنع ومنه النخاس دلال الدواب م: (فنفحت رجلا) ش: يقال: نفح برجله إذا ضربه بالحاء المهملة من باب منع م: (أو ضربته بيدها أو نفرت فصدمته فقتلته كان ذلك على الناخس) ش: يعني إذا نخسها بغير إذن الراكب والسائق وبه صرح في " المبسوط " ولا يعلم فيه خلاف م: (دون الراكب) ش: أي لا يلزم الراكب شيء، فإن قيل: القياس يقتضي هو أن يكون الزمان على الراكب لكونه مباشرا فإن لم يكن متعديا لأن التعدي ليس من شرط فإن لم يختص به فلا أقل من الشركة، والجواب: أن القياس يترك بالأثر أشار إليه بقوله م: (هو) ش: أي المذكور هو الذي م: (المروي عن عمر وابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ش: في رجل نخس دابة عليها راكب فصدمت آخر قتلته أنه على الناخس لا على الراكب هذا غريب.
وقال الأترازي: لما ذكر المسألة المذكورة الأصل قال: بلغنا ذلك عن عمر وعبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " وروى عبد الرزاق في " مصنفه " عن معمر عن ابن مسعود وفيه: إنما يضمن الناخس، وروى ابن أبي شيبة في (مصنفه " نحوه عن شريح والشعبي، ولأن الراكب دليل معقول.
م: (ولأن الراكب والمركب) ش: الذي هو الدابة م: (مدفوعان بدفع الناخس فأضيف فعل الدابة إليه كأنه فعله بيده) ش: أما فعل الراكب فلأنه انتقل إلى الدابة لأن الوثبة المهلكة إنما كانت منها فكان مضطرا في حركته، وأما فعل الدابة فقد انتقل إلى النخاس لكونه الحامل على ذلك ملحا فكان الحامل الناخس مميزا له. الرابع: للدابة والراكب معا على ما فعلت الدابة والمدفوع إلى الشيء، وإن كان مباشرا لا يعتبر مباشرا كما في الإيضاع الإكراه الكامل فلا يجب عليه جزاء المباشر أن فرض مباشرا ولا التسبب أيضا لأنه متعمد التعدي وهو منفرد م: (ولأن الناخس متعد)

(13/271)


في تسبيبه والراكب في فعله غير متعد فيترجح جانبه في التغريم للتعدي. حتى لو كان واقفا دابته على الطريق يكون الضمان على الراكب والناخس نصفين لأنه متعد في الإيقاف أيضا. قال: وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا. لأنه بمنزلة الجاني على نفسه " وإن ألقت الراكب فقتلته كانت ديته على عاقلة الناخس لأنه متعد في تسبيبه وفيه الدية على العاقلة. قال: ولو وثبت بنخسة على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب لما بيناه. والواقف في ملكه والذي يسير في ذلك سواء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ش: دليل آخر أي الناخس متعد م: (في تسبيبه) ش: لأن الدابة عادتها عند النخس النفحة والوثبة م: (والراكب في فعله غير متعد) ش: لعدم ضرر شيء منه. م: (فيترجح جانبه) ش: أي جانب الناخس م: (في التغريم للتعدي) ش: قيل: فيه نظر لأن الراكب إن كان فعله معتبرا فهو مباشر والتعدي ليس من شرطه في وجوب الضمان كالنائم إذا انقلب على إنسان فأهلكه يجب الضمان عليه، والنائم ليس يوصف بالتعدي وإن لم يكن قتله معتبرا لكونه مرفوعا فقد استغنى عن ذكره بذلك الدليل الأول. وأجيب: أن الراكب مباشر فيما إذا أتلف بالوطء لأنه يحصل التلف بالفعل وليس الكلام هاهنا في ذلك وإنما هو في النفح بالرجل والضرب باليد والصدمة فكان شيئين ورجح الناخس في التغريم وفي استعمال الترجيح هاهنا تسامح لأن الشرط إذا كان منفردا لا يصلح معارضا حتى تحتاج إلى الترجيح، قال الأكمل: ولعل معناه فاعتبر موجبا في التغريم لأن الترجيح بسبب الاعتبار فكان ذكر التسبب وإرادة المسبب.
م: (حتى لو كان واقفا) ش: أي حتى لو كان الراكب واقفا م: (دابته) ش: ودابة منصوبة بقوله واقفا لأنه من الوقوف لا من الوقف م: (على الطريق يكون الضمان على الراكب والناخس نصفين لأنه) ش: أي لأن صاحب الدابة م: (متعد في الإيقاف أيضا. قال: وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا لأنه بمنزلة الجاني على نفسه وإن ألقت الراكب) ش: يعني بالنخس م: (فقتلته كانت ديته على عاقلة الناخس لأنه متعد في تسبيبه وفيه الدية على العاقلة. قال: ولو وثبت بنخسه على رجل أو وطئته فقتلته كان ذلك على الناخس دون الراكب لما بيناه) ش: إشارة إلى قوله: لأنه متعد في تسبيبه، كذا قاله الكاكي، وقال الأكمل: لما بينا إشارة إلى قوله: لأنه متعد في. تسبيبه.
ولأن الراكب والمركب مرفوعان، وقال في " النهاية ": هو قوله لأنه متعد في تسبيبه، قلت: وهو مثل ما قاله الكاكي فكأنه نقله عن صاحب " النهاية ". وقال الأكمل: ليس بشيء وسكت عليه فليتأمل.
م: (والواقف في ملكه والذي يسير في ذلك سواء) ش: أي في ملكه يعني يجب الضمان على

(13/272)


وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يجب الضمان على الناخس والراكب نصفين؛ لأن التلف حصل بثقل الراكب ووطء الدابة، والثاني مضاف إلى الناخس فيجب الضمان عليهما. وإن نخسها بإذن الراكب كان ذلك بمنزلة فعل الراكب لو نخسها، ولا ضمان عليه في نفحتها لأنه أمره بما يملكه إذ النخس في معنى السوق فصح أمره به وانتقل إليه لمعنى الأمر. قال: ولو وطئت رجلا في سيرها وقد نخسها الناخس بإذن الراكب فالدية عليهما نصفين جميعا، إذا كانت في فورها الذي نخسها لأن سيرها في تلك الحالة مضاف إليهما. والإذن يتناول فعله السوق ولا يتناوله من حيث إنه إتلاف، فمن هذا الوجه يقتصر عليه، والركوب وإن كان علة للوطء، فالنخس ليس بشرط لهذه العلة بل هو شرط أو علة السير، والسير علة الوطء.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الناخس في كل حال وقيد بقوله في ملكه احترازا عما تقدم من الإيقاف من غير الملك فإنه ينتصف الضمان هناك على ما قبلها م: (وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: رواه ابن سماعة عنه.
م: (أنه يجب الضمان على الناخس) ش: في كل حال وقيد بقوله في ملكه احترازا عما تقدم من الإيقاف في غير الملك، فرواية ابن سماعة عنه أنه يجب الضمان على الناخس م: (والراكب نصفين لأن التلف حصل بثقل الراكب ووطء الدابة والثاني) ش: أي وطء الدابة م: (مضاف إلى الناخس فيجب الضمان عليهما، وإن نخسها بإذن الراكب كان ذلك) ش: أي النخاس من الناخس م: (بمنزلة فعل الراكب لو نخسها ولا ضمان عليه) ش: أي على الناخس م: (في نفحتها لأنه) ش: أي لأن الراكب م: (أمره) ش: أي الناخس م: (بما يملكه) ش: وهو النخس م: (إذ الناخس في معنى السوق فصح أمره به) ش: أي أمر الراكب بالنخس م: (وانتقل) ش: أي النخس م: (إليه لمعنى الأمر) ش: أي إلى الراكب. م: (قال: ولو وطئت رجلا في سيرها وقد نخسها الناخس بإذن الراكب فالدية عليهما نصفين جميعا) ش: أي على الراكب والناخس م: (إذا كانت) ش: أي النخسة م: (في فورها الذي نخسها لأن سيرها في تلك الحالة مضاف إليهما) ش: أي إلى الراكب والناخس " وفي بعض النسخ: " إليها " أي إلى النفحة م: (والإذن يتناول فعله) ش: أي فعل الناخس هذا جواب عن قوله " ينبغي أن لا يضمن الناخس " لأنه متى أذن بالنخس وفعله أي الراكب فلم يبق متعديا، بيان الجواب: الإذن يتناول فعل الناخس الذي هو م: (السوق ولا يتناوله) ش: أي ولا يتناوله فعله م: (من حيث إنه إتلاف، فمن هذا الوجه يقتصر عليه) ش: أي على الناخس فكان متعديا م: (والركوب وإن كان علة للوطء) ش: هذا جواب سؤال آخر، وهو أن الراكب صاحب علة إذ الركوب علة للوطء وإضافة الحكم إلى العلة أولى من إضافته إلى الشرط وتقرير الجواب أن يقال: إن الركوب وإن كان علة لوطء الراكب م: (فالنخس ليس بشرط لهذه العلة بل هو شرط أو علة السير والسير علة للوطء) ش: أي ويكون علة العلة.

(13/273)


وبهذا لا يترجح صاحب العلة كمن جرح إنسانا فوقع في بئر حفرها غيره على قارعة الطريق ومات فالدية عليهما لما أن الحفر شرط علة أخرى فوق علة الجرح كذا هذا. ثم قيل: يرجع الناخس على الراكب بما ضمن في الإيطاء لأنه فعل بأمره " وقيل: لا يرجع وهو الأصح فيما أراه لأنه لم يأمره بالإيطاء والنخس ينفصل عنه وصار كما إذا أمر صبيا يستمسك على الدابة بتسييرها فوطئت إنسانا ومات حتى ضمن عاقلة الصبي فإنهم لا يرجعون على الأمر لأنه أمره بالتسيير والإيطاء ينفصل عنه، وكذا إذا ناوله سلاحا فقتل به آخر حتى ضمن لا يرجع على الآمر ثم الناخس إنما يضمن إذا كان الإيطاء في فور النخس حتى يكون السوق مضافا إليه، وإذا لم يكن في فور ذلك فالضمان على الراكب لانقطاع أثر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (وبهذا لا يترجح صاحب العلة) ش: على الشرط ونظر المصنف لذلك بقوله م: (كمن جرح إنسانا فوقع) ش: أي المجروح م: (في بئر حفرها غيره على قارعة الطريق ومات فالدية عليهما) ش: أي على الجارح وحافر البئر م: (لما أن الحفر شرط علة أخرى) ش: وهي القتل م: (فوق علة الجرح كذا هذا) ش: لأن الركوب وإن كان علة للوطء فالنخس ليس بشرط لهذه العلة بل هو شرط للسير والسير علة للوطء فكان الوطء ثابتا بعلتين فيجب الضمان.
م: (ثم قيل: يرجع الناخس على الراكب بما ضمن في الإيطاء لأنه) ش: أي لأن الناخس م: (فعل بأمره) ش: أي بأمر الراكب فيرجع عليه بما لحقه من العهدة م: (وقيل: لا يرجع وهو الأصح) ش: أي عدم الرجوع هو الأصح قاله صاحب " الهداية " وقال م: (فيما أراه) ش: بضم الهمزة أي فيما أظنه م: (لأنه) ش: أي لأن الراكب م: (لم يأمره بالإيطاء) ش: بل أمره بالنخس م: (والنخس ينفصل عنه) ش: أي عن الإيطاء م: (وصار) ش: حكم هذا م: (كما إذا أمر صبيا يستمسك) ش: أي يقدر على استمساك نفسه على فعل شيء وهو معنى قوله: يستمسك م: (على الدابة بتسييرها فوطئت الدابة إنسانا ومات حتى ضمن عاقلة الصبي فإنهم) ش: أي فإن العاقلة م: (لا يرجعون على الآمر لأنه) ش: أي لأن الآمر م: (أمره بالتسيير، والإيطاء ينفصل عنه) ش: أي عن التسيير.
وقيد الصبي بصفة الاستمساك لأنه إذا لم يكن مستمسكا على الدابة وحمله رجل على الدابة والدابة واقفة ثم سارت فأوطأت لا ضمان على عاقلة الصبي ولا على الحامل لأنه لم يسير الدابة فكانت الدابة كالمتعلقة فيكون فعله هدرا لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فعل العجماء جبار» والمراد المنفلتة، كذا في " الذخيرة " ولا نعلم فيه خلافا.
م: (وكذا إذا ناوله) ش: أي الصبي م: (سلاحا فقتل به آخر) ش: أي فقتل الصبي بالسلاح شخصا آخر م: (حتى ضمن لا يرجع على الآمر، ثم الناخس إنما يضمن إذا كان الإيطاء في فور النخس حتى يكون السوق مضافا إليه، وإذا لم يكن في فور ذلك فالضمان على الراكب لانقطاع أثر

(13/274)


النخس فبقي السوق مضافا إلى الراكب على الكمال.
ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت في فورها فهو على الناخس " وكذا إذا كان لها سائق فنخسها غيره لأنه مضاف إليه " والناخس إذا كان عبدا فالضمان في رقبته، وإن كان صبيا ففي ماله لأنهما مؤاخذان بأفعالهما " ولو نخسها شيء منصوب في الطريق فنفحت إنسانا فقتلته فالضمان على من نصب ذلك الشيء؛ لأنه متعد بشغل الطريق فأضيف إليه كأنه نخسها بفعله، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
النخس فبقي السوق مضافا إلى الراكب على الكمال) .

م: (ومن قاد دابة فنخسها رجل فانفلتت من يد القائد فأصابت في فورها فهو على الناخس) ش: لا على القائد م: (وكذا إذا كان لها سائق فنخسها غيره) ش: أي غير السائق فالضمان على الناخس لا على السائق م: (لأنه) ش: أي لأن التلف م: (مضاف إليه) ش: أي إلى الناخس إذ الانفلات أثر فعل الناخس وهو بشرط التلف م: (والناخس إذا كان عبدا فالضمان في رقبته) ش: أي في رقبة العبد يدفع بها أو يفدي هذا إذا نخسه بغير إذن الراكب، أما إذا نخسه بإذنه، فإن كان التلف بالنفحة فلا ضمان على الراكب، والقيد إذا كان يسير في الطريق ولو كان بالوطأة في فور النخسة فعلى عاقلة الراكب يضمن نصف الدية، وعتق العبد نصف الدية يدفعه مولاه أو يفديه بمنزلة السائق مع الراكب؛ لأن الولي يرجع على الآمر بالأقل من قيمة العبد ومن نصف الدية. م: (وإن كان) ش: أي الناخس م: (صبيا ففي ماله) ش: يحتمل أن يراد به إذا كانت الجناية على المال أو فيما دون إرث الموضحة لأن الجناية إذا كانت موجبة الدية فعلى عاقلته م: (لأنهما) ش: أي لأن العبد والصبي م: (مؤاخذان بأفعالهما، ولو نخسها) ش: أي الدابة م: (شيء منصوب في الطريق فنفحت إنسانا فقتلته فالضمان على من نصب ذلك الشيء لأنه متعد بشغل الطريق فأضيف إليه) ش: أي فأضيف التلف إلى الناصب م: (كأنه نخسها بفعله، والله أعلم) ش: أي فكأن الناصب نخس الدابة بفعله.

(13/275)