البناية شرح الهداية

باب ما يتعلق بأحكام الموصي وما يملكه قال: ومن أوصى إلى رجل فقبل الوصي في وجه الموصي وردها في غير وجهه فليس برد؛ لأن الميت مضى لسبيله معتمدا عليه، فلو صح رده، في غير وجهه في حياته أو بعد مماته صار مغرورا من جهته فرد رده، بخلاف الوكيل بشراء عبد بغير عينه أو ببيع ماله، حيث يصح رده في غير وجهه؛ لأنه لا ضرر هناك؛ لأنه حي قادر على التصرف بنفسه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[باب ما يتعلق بأحكام الموصي وما يملكه]
[أوصى إلى رجل فقبل الوصي في وجه الموصي وردها في غير وجهه]
م: (باب ما يتعلق بأحكام الموصي، وما يملكه) ش: أي هذا باب في بيان ما يتعلق بأحكام الوصي، وهو الذي يوصى إليه، وفي بيان حكم ما يملك الوصي. ولما فرغ من أحكام الموصى له شرع في بيان الموصى إليه، وقدم الموصى له لكثرة وقوعه.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى رجل فقبل الوصي في وجه الموصي وردها) ش: أي الوصية م: (في غير وجهه) ش: أي بغير علم الموصي م: (فليس برد) ش: يعني لا يعتبر برده م: (لأن الميت مضى لسبيله) ش: أي مات حال كونه م: (معتمدا عليه) ش: أي على الوصي الذي قبل في وجه الميت م: (فلو صح رده في غير وجهه في حياته أو بعد مماته صار مغرورا من جهته فرد رده) ش: أي رد الوصي بغير علم الموصي وبعد مماته.
وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - له رده بغير علمه وبعد موته. وعن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رواية في الرد وبعد موته مثل قولنا.
م: (بخلاف الوكيل بشراء عبد بغير عينه، أو ببيع ماله حيث يصح رده في غير وجهه؛ لأنه لا ضرر هناك؛ لأنه حي قادر على التصرف بنفسه) ش: قوله: " بغير عينه " احترازا عن الوكيل بشراء عبد بعينه؛ لأنه لا يملك عزل نفسه ثمة أيضا بغير علم الموكل، كما في الوصي؛ لأنه يؤدي إلى تقرير الموكل.
وفي " النهاية ": هذا الذي ذكره معنى صاحب " الهداية " مخالف لعامة روايات الكتب من " الذخيرة " وأدب القاضي " للصدر الشهيد و " جامع المحبوبي " و " فتاوى قاضي خان " - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - حيث ذكر فيها: أن الوكيل لو عزل نفسه حال غيبة الموكل وكذا من غير علمه لا ينعزل، حتى لو عزل نفسه لا يخرج عن الوكالة.
وقال الأترازي: أداه كله بشراء شيء بعينه له أن يعزل نفسه بمحضر من موكله على قول بعض المشايخ، وإليه أشار صاحب " الهداية " في كتاب الوكالة في فصل الشراء بقوله ولا يملك على ما قيل إلا بمحضر من الموكل، إذ لا يملك الوكيل عزل نفسه بغير علم الموكل على قول

(13/500)


فإن ردها في وجهه فهو رد؛ لأنه ليس للموصي ولاية إلزامه التصرف ولا غرور فيه؛ لأنه يمكنه أن ينيب غيره. وإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار إن شاء قبل، وإن شاء لم يقبل؛ لأن الموصي ليس له ولاية الإلزام، فبقي مخيرا، فلو أنه باع شيئا من تركته فقد لزمته؛ لأن ذلك دلالة الالتزام والقبول، وهو معتبر بعد الموت وينفذ البيع لصدوره من الموصي، وسواء علم بالوصاية أو لم يعلم، بخلاف الوكيل إذا لم يعلم بالتوكيل فباع حيث لا ينفذ؛ لأن الوصاية خلافة؛ لأنه يختص بحال انقطاع ولاية الميت، فتنتقل الولاية إليه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بعض المشايخ، فعن هذا عرفت أن ما قال بعضهم في " شرحه " هذا الذي قاله صاحب " الهداية " مخالف لعامة رواية الكتب ك " التتمة " و " الذخيرة "، وغيرهما ليس بشيء؛ لأن مراد ما ذكر في " التتمة " وغيرها من قوله الوكيل لا يملك إخراج نفسه عن الوكالة بغير علم الموكل، فإذا كان وكيلا بشراء شيء، بعينه متوافقة الروايات جميعها، ولم يختلف.
ونقل الأكمل ما قال صاحب " النهاية "، ثم نقل كلام الأترازي بقوله: قال بعض الشارحين، وسكت عليه لوصايته.

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (فإن ردها في وجهه فهو رد؛ لأنه ليس للموصي ولاية إلزامه التصرف ولا غرور فيه؛ لأنه يمكنه أن ينيب غيره، فإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي فهو بالخيار إن شاء قبله وإن شاء لم يقبل؛ لأن الموصي ليس له ولاية الإلزام فبقي مخيرا) ش: بين القبول والرد.
م: (فلو أنه) ش: أي الذي أوصى إليه م: (باع شيئا من تركته) ش: أي من تركة الميت الذي أوصى إليه وهو لم يقبل ولم يرد م: (فقد لزمته) ش: أي حكم الإيصاء إليه م: (لأن ذلك) ش: أي فعل من المبيع م: (دلالة الالتزام) ش: أي التزام الوصاية م: (والقبول) ش: لأن القبول تارة يكون بالدلالة، وتارة يكون بالإيضاح فهو باع شيئا من تركته كان ذلك قبولا منه بطريق الدلالة، وكذا لو اشترى شيئا للميت من بعض ما يحتاج إليه إذا قبض مالا أو قضاه.
م: (وهو معتبر بعد الموت) ش: يعني القبول يجوز أن يكون دلالة، فإنها تعمل عمل الصريح إذا لم يوجد صريح يخالفه، لكنه يتغير ذلك بعد الموت، أي بعد موت الموصي م: (وينفذ البيع) ش: أي البيع الذي باعه م: (لصدروه من الموصي، وسواء علم بالوصاية أو لم يعلم) ش: وهذه رواية " الزيادات " وبعض روايات " المأذون " فعلى هذه الرواية يحتاج إلى الفرق بين الوصاية والوكالة.
أشار إلى الفرق بقوله: م: (بخلاف الوكيل إذا لم يعلم بالتوكيل فباع حيث لا ينفذ؛ لأن الوصاية خلافة؛ لأنه يختص بحال انقطاع ولاية الميت، فتنتقل الولاية إليه) ش: يعني أن الموصى له

(13/501)


وإذا كانت خلافة لا تتوقف على العلم كالوراثة، أما التوكيل فهو إنابة لثبوته في حال قيام ولاية المنيب، فلا يصح من غير علمه كإثبات الملك بالبيع والشراء وقد بينا طريق العلم وشرط الإخبار فيما تقدم من الكتب. وإن لم يقبل حتى مات الموصي فقال: لا أقبل ثم قال: أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال: لا أقبل؛ لأن بمجرد قوله لا أقبل لا يبطل الإيصاء؛ لأن في إبطاله ضررا بالميت، وضرر الوصي في الإبقاء مجبور بالثواب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
خليفة للموصي والخلافة كالإرث فلا يتوقف على العلم كالإرث فتثبت بلا علم وهو معنى قوله م: (وإذا كانت خلافة لا تتوقف على العلم كالوراثة) ش: أي لا يتوقف استحقاق الوارث الإرث على علمه فيثبت بلا علمه.
م: (أما التوكيل فهو إبانة لثبوته في حال قيام ولاية المنيب فلا يصح من غير علمه) ش: بأنه وكيل م: (كإثبات الملك بالبيع والشراء) ش: قبل القبول، فإن باع شيئا وقال بعت هذا من فلان ولم يعلم، وكذا لو وهب من فلان ولم يعلم فلان يتوقف نفاذ العقود على القبول، كذا هذا.
وعلى رواية كتاب الوكالة: لا يشترط العلم للوكالة أيضا اعتبار الوصاية؛ لأن كلا منهما إثباته الولاية. وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه لا يجوز بيع الوصي أيضا قبل العلم بالوصاية اعتبارا بالوكالة؛ لأن كلا منهما نيابة، لكن الوكالة قبل الموت وتلك بعد الموت.
م: (وقد بينا طريق العلم) ش: يعني في فصل: " القضاء بالمواريث "، يعني أن العلم بالوكالة تثبت بخبر الواحد رجلا كان أو امرأة صبيا كان أو بالغا. وكذلك العزل عندهما بخبر الواحد مطلقا. وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يشترط العدد والعدالة، حتى لا يثبت العزل عنده إلا بخبر اثنين أو بخبر الواحد العدل م: (وشرط الإخبار فيما تقدم من الكتب) ش: ومن تلك الكتب ما ذكره المصنف في كتاب " أدب القاضي " في فصل " القضاء بالمواريث " بقوله: وهذا علم من الناس بالوكالة إلى آخره.
م: (وإن لم يقبل) ش: أي الرجل الوصية م: (حتى مات الموصي فقال لا أقبل ثم قال: أقبل فله ذلك إن لم يكن القاضي أخرجه من الوصية حين قال: لا أقبل؛ لأن بمجرد قوله لا أقبل لا يبطل الإيصاء؛ لأن في إبطاله ضررا بالميت، وضرر الوصي في الإبقاء مجبور بالثواب) ش: هذا جواب عما يقال: كما يلزم الضرر بالميت في بطلان الإيصاء بقوله: " لا أقبل " يلزم الضرر أيضا بالوصي في بقاء الإيصاء ولزومه؛ لأنه يعجز عن القيام بذلك علم تحكيم ضرر الوصي دون ضرر الميت.
حيث قلتم لا يبطل الإيصاء بقوله: " لا أقبل " فأجاب بقوله: وضرر الوصي مجبور

(13/502)


ودفع الأول - وهو أعلى - أولى، إلا أن القاضي إذا أخرجه عن الوصاية يصح ذلك؛ لأنه مجتهد فيه، إذ للقاضي ولاية دفع الضرر، وربما يعجز عن ذلك فيتضرر ببقاء الوصاية، فيدفع القاضي الضرر عنه، وينصب حافظا لمال الميت متصرفا فيه فيندفع الضرر من الجانبين، فلهذا ينفذ إخراجه. فلو قال بعد إخراج القاضي إياه: أقبل، لم يلتفت إليه؛ لأنه قبل بعد بطلان الوصاية بإبطال القاضي.
قال: ومن أوصى إلى عبد أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بالثواب، بيانه: لما لم يكن دفع الضررين جميعا لا بد من أن يتحمل أدنى الضررين بدفع الضرر الأعلى، والأعلى هنا ضرر الميت؛ لأن ضرره ليس بمجبور بشيء، وضرر الوصي مجبور بالثواب.
م: (ودفع الأول) ش: أي أولى الضررين، وهو ضرر الميت م: (وهو أعلى) ش: أي والحال أن ضرر الميت م: (أولى) ش: من دفع ضرر الوصي م: (إلا أن القاضي إذا أخرجه عن الوصاية يصح ذلك) ش: هذا استثناء من قوله: " ثم قال: أقبل فله ذلك "، يعني يجوز قبوله إلا إذا أخرجه القاضي من الوصاية حين قال: " لا أقبل "، يصح ذلك، أي إخراجه عن الوصاية م: (لأنه) ش: أي لأن قضاء القاضي م: (مجتهد فيه) ش: لأن عند زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - يرد بمجرد قوله: لا أقبل؛ فيصح قضاء القاضي لوقوعه في المجتهد فيه، فلما صح القضاء، بطلت الوصية، فقبوله بعد ذلك يكون بعد بطلان الوصية فلا يصح م: (إذ للقاضي ولاية دفع الضرر، وربما يعجز) ش: أي الوصي.
م: (عن ذلك فيتضرر ببقاء الوصاية، فيدفع القاضي الضرر عنه، وينصب حافظا لمال الميت متصرفا فيه، فيندفع الضرر من الجانبين) ش: أي من جانب الميت وجانب الوصي الذي أخرجه القاضي م: (فلهذا) ش: أي فلأجل وقوع قضاء القاضي في مجتهد فيه م: (ينفذ إخراجه) ش: أي إخراج القاضي إياه.
وكان المشايخ اختلفوا في تعليل صحة هذا الإخراج، فمنهم من علل بما ذكره المصنف وهو الذي ذهب إليه شمس الأئمة السرخسي، واختار المصنف، ومنهم من قال إنما صح إخراجه؛ لأن الوصاية لو صحت بقوله كان القاضي أن يخرجه ويصح الإخراج، فهاهنا أولى، وإليه ذهب شمس الأئمة الحلواني.
م: (فلو قال بعد إخراج القاضي إياه: " أقبل " لم يلتفت إليه؛ لأنه قبل بعد بطلان الوصاية بإبطال القاضي) ش: وبعد البطلان لا يبقى شيء.

[الوصية إلى العبد والفاسق والكافر]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى عبد أو كافر أو فاسق أخرجهم القاضي من

(13/503)


الوصاية ونصب غيرهم وهذا اللفظ يشير إلى صحة الوصية؛ لأن الإخراج يكون بعدها. وذكر محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الأصل: أن الوصية باطلة، قيل: معناه في جميع هذه الصور أن الوصية ستبطل. وقيل معناه في العبد باطل حقيقة لعدم ولايته واستبداده، وفي غيره معناه ستبطل. وقيل: في الكافر باطل أيضا لعدم ولايته على المسلم. ووجه الصحة ثم الإخراج أن أصل النظر ثابت لقدرة العبد حقيقة، وولاية الفاسق على أصلنا، وولاية الكافر في الجملة، إلا أنه لم يتم النظر لتوقف ولاية العبد على إجازة المولى وتمكنه من الحجر بعدها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الوصاية ونصب غيرهم) ش: إلى هنا كلام القدوري، وقال المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وهذا اللفظ) ش: أي لفظ القدوري م: (يشير إلى صحة الوصية؛ لأن الإخراج يكون بعدها) ش: لأن الوصية إذا كانت باطلة فمن أين يتحقق إخراجهم عن الوصية.
م: (وذكر محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في الأصل) ش: أي " المبسوط " م: (أن الوصية باطلة) ش: واختلف المشايخ في أنه باطل أصلا، ومعناه ستبطل، إليه أشار المصنف بقوله: م: (قيل: معناه) ش: أي معنى قول محمد أن الوصية باطلة م: (في جميع هذه الصور) ش: وهي الوصية إلى العبد والفاسق، والكافر م: (أن الوصية ستبطل) ش: وإليه ذهب القدوري وفخر الإسلام البزدوي وعامة المشايخ.
م: (وقيل معناه: في العبد باطل حقيقة لعدم ولايته واستبداده) ش: أي ولعدم استبداده في الأمور، وإليه ذهب شمس الأئمة السرخسي م: (وفي غيره) ش: أي وفي غير العبد م: (معناه ستبطل) ش: وغير العبد الكافر والفاسق.
م: (وقيل: في الكافر باطل أيضا لعدم ولايته على المسلم) ش: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141] ، (النساء: الآية 141) ، م: (ووجه الصحة ثم الإخراج أن أصل النظر ثابت لقدرة العبد حقيقة، وولاية الفاسق على أصلنا) ش: حتى ينعقد النكاح بحضوره م: (وولاية الكافر في الجملة) ش: ألا ترى أن محمدا ذكر في كتاب القسمة أن الكافر لو قاسم شيئا قبل أن يخرجه القاضي جاز ذلك، فثبت أن الإيصاء إليه صحيح، وذلك لأن الكافر يجوز أن يتصرف بالوكالة، فجاز أن يتصرف بالوصاية أيضا. ولو اشترى الكافر عبدا مسلما جاز شراؤه، ولكنه يؤمر بالبيع، وقال مالك والشافعي في وجه وأحمد في رواية كقولنا.
م: (إلا أنه) ش: أي غير أنه م: (لم يتم النظر) ش: في إسناد الوصاية، إلى هؤلاء، وبين كل واحد بقوله م: (لتوقف ولاية العبد على إجازة المولى وتمكنه من الحجر بعدها) ش: أي بعد الإجازة. وعند مالك وأحمد - رحمهما الله -: تجوز الوصية إلى العبد سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره، وسيجيء مزيد الكلام فيه.

(13/504)


والمعاداة الدينية الباعثة للكافر على ترك النظر في حق المسلم واتهام الفاسق بالخيانة فيخرجه القاضي من الوصاية، ويقيم غيره مقامه إتماما للنظر. وشرط في الأصل أن يكون الفاسق مخوفا عليه في المال، وهذا يصلح عذرا في إخراجه وتبديله بغيره. قال: ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية؛ لأن للكبير أن يمنعه أو يبيع نصيبه فيمنعه المشتري فيعجز عن الوفاء بحق الوصاية فلا يفيد فائدته، وإن كانوا صغارا كلهم فالوصية إليه جائزة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولا تجوز عندهما وهو القياس. وقيل: قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مضطرب فيه، يروى مرة مع أبي حنيفة وتارة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (والمعاداة الدينية الباعثة للكافر على ترك النظر في حق المسلم واتهام الفاسق بالخيانة) ش: فإذا لم يتم النظر في إسناده الوصية إلى هؤلاء م: (فيخرجه القاضي) ش: أي يخرج كل واحد من هؤلاء يعني العبد والكافر والفاسق م: (من الوصاية ويقيم غيره مقامه إتماما للنظر) ش: في حق الميت.
م: (وشرط في الأصل) ش: أي شرط محمد في " المبسوط ": م: (أن يكون الفاسق مخوفا عليه في المال، وهذا) ش: أي كون الفاسق بحيث يخاف عليه في المال لخيانته م: (يصلح عذرا في إخراجه) ش: أي في إخراج الفاسق عن الوصاية م: (وتبديله بغيره) ش: ممن يكون موصوفا بالأمانة. وعند الشافعي ومالك وأحمد في رواية لا تصح الوصاية إلى الفاسق؛ لأنه ليس من أهل الشهادة فلا يكون من أهل الولاية كالمجنون. وقال أحمد في رواية يصح، ولكن يضم إليه أمين.
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى عبد نفسه وفي الورثة كبار لم تصح الوصية لأن للكبير أن يمنعه) ش: لأنه يلي عليه م: (أو يبيع) ش: أي يبيع الوارث الكبير م: (نصيبه) ش: من العبد م: (فيمنعه المشتري) ش: أي يمنع العبد الذي اشتراه م: (فيعجز عن الوفاء بحق الوصاية، فلا يفيد فائدته) ش: أي فلا تحصل فائدة الإيصاء. وقال البزدوي: حتى صار بعضه متوليا عليه وهو ما لا يتجزأ بطل كله.
م: (وإن كانوا) ش: أي الورثة م: (صغارا كلهم فالوصية إليه) ش: أي إلى العبد م: (جائزة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ولا تجوز عندهما) ش: وبه قال الشافعي وأبو ثور، وعند مالك وأحمد - رحمهما الله -: يجوز سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره. وقال إبراهيم النخعي والأوزاعي وابن شبرمة تصح إلى عبد نفسه، ولا تصح إلى عبد غيره، أي قولهما.
م: (وهو القياس. وقيل: قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - مضطرب فيه يروى مرة مع أبي حنيفة وتارة

(13/505)


مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وجه القياس: أن الولاية منعدمة لما أن الرق ينافيها. ولأن فيه إثبات الولاية للمملوك على المالك، وهذا قلب المشروع. ولأن الولاية الصادرة من الأب لا تتجزأ، وفي اعتبار هذه تجزئتها لأنه لا يملك بيع رقبته، وهذا نقض الموضوع. وله: أنه مخاطب مستبد بالتصرف، فيكون أهلا للوصاية، وليس لأحد عليه ولاية، فإن الصغار وإن كانوا أملاكا ليس لهم ولاية المنع فلا منافاة، وإيصاء المولى إليه يؤذن [أي] : يشعر بكونه ناظرا لهم، وصار كالمكاتب، والوصية قد تتجزأ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجه القياس: أن الولاية منعدمة لما أن الرق ينافيها) ش: أي ينافي الولاية م: (ولأن فيه) ش: أي في جواز الإيصاء إلى العبد م: (إثبات الولاية للمملوك على المالك، وهذا قلب المشروع) ش: لأن المشروع ولاية المالك على المملوك.
م: (ولأن الولاية الصادرة من الأب لا تتجزأ، وفي اعتبار هذه تجزئتها) ش: أي الوصية إلى عبد نفسه والورثة صغار تجزئة الولاية م: (لأنه لا يملك بيع رقبته) ش: التركات، ولا يملك بيع نفسه، ولا يكون وصيا فيه م: (وهذا نقض الموضوع) ش: لأن موضوع الوصية أن يتولى الوصي التصرف في جميع ما بقي من الثلث، وفي منعه من بيع رقبته تجزئة الوصية م: (وله أنه) ش: أي وللعبد، وفي بعض النسخ ولعبده، أي أن العبد م: (مخاطب) ش: احترز به عن الصبي والمجنون.
م: (مستبد بالتصرف) ش: احترز به عن عبد الغير؛ لأنه لا يستبد بنفسه؛ لأن لمولاه أن يحجره عن التصرف منه فإذا كان كذلك م: (فيكون أهلا للوصاية، وليس لأحد عليه ولاية، فإن الصغار وإن كانوا أملاكا ليس لهم ولاية المنع فلا منافاة) ش: بين كونه مملوكا لهم وبين إثبات الولاية في حقهم؛ لأنهم وإن كانوا يملكون رقبته ولكنهم لا يملكون التصرف فيه حيث لا يملكون بيعه.
فإن قيل: إن لم يكن لهم ذلك فللقاضي أن يبيعه فيتحقق المنع والمنافاة؟
أجيب بأنه كما ثبت الإيصاء لم يبق للقاضي ولاية المنع م: (وإيصاء المولى إليه) ش: أي إلى عبده م: (يؤذن [أي:] يشعر بكونه ناظرا لهم) ش: أي لورثته لأن من ربى عبده وأحسن إليه فالظاهر أن يختاره لما أن شفقته على الصغار من أولاده بعد موته أكثر من شفقة الأجنبي، فكذلك اختاره.
م: (وصار كالمكاتب) ش: أي صار الإيصاء إلى العبد القن كالإيصاء إلى المكاتب، فذاك يجوز، وكذا هذا، ويجوز الإيصاء إلى مكاتب غيره أيضا، والخلاف في المكاتب والمدبر وأم الولد، ورقيق البعض كالخلاف في القن عند الأئمة الثلاثة م: (والوصية قد تتجزأ) ش: هذا

(13/506)


على ما هو المروي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أو نقول: يصار إليه كيلا يؤدي إلى إبطال أصله وتغيير الوصف لتصحيح الأصل أولى.
قال: ومن أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره رعاية لحق الموصي والورثة، وهذا لأن تكميل النظر يحصل بضم الآخر إليه لصيانته ونقص كفايته، في النظر بإعانة غيره، ولو شكا إليه الوصي ذلك لا يجيبه حتى يعرف ذلك حقيقة؛ لأن الشاكي قد يكون كاذبا تخفيفا على نفسه، وإذا ظهر عند القاضي عجزه أصلا استبدل به رعاية للنظر من الجانبين ولو كان قادرا على التصرف أمينا فيه ليس للقاضي أن يخرجه لأنه لو اختار غيره كان دونه، لما أنه كان مختار الميت ومرضيه، فإبقاؤه أولى، ولهذا قدم على أب الميت مع وفور شفقته، فأولى أن يقدم على غيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
جواب عن قولهما وفي اعتبار هذه تجزئتها وذلك أن الحسن بن زياد روى عن أبي حنيفة: أنه إذا أوصى إلى رجلين إلى أحدهما في العين، وإلى الآخر في الدين أن كلا منهما يكون وصيا فيما أوصى إليه خاصة.
وأشار إلى هذا بقوله: م: (على ما هو المروي عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أو نقول: يصار إليه) ش: أي إلى التجزؤ م: (كيلا يؤدي إلى إبطال أصله) ش: أي أصل هذا التصرف، وهو تنصيب عبده وصيا على الصغار م: (وتغيير الوصف) ش: جواب عما يقال هذا تغيير وصفه، وهو التجزؤ، يعني جعله متجزئا بعدما لم يكن، فأجاب بقوله ويعتبر الوصف م: (لتصحيح الأصل أولى) ش: من إهداره بالكلية.

[أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية]
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى من يعجز عن القيام بالوصية ضم إليه القاضي غيره رعاية لحق الموصى والورثة، وهذا) ش: أي ضم القاضي إليه غيره م: (لأن تكميل النظر يحصل بضم الآخر إليه) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لصيانته) ش: أي لصيانة الوصي.
م: (ونقص كفايته، فيتم النظر بإعانة غيره، ولو شكا إليه الوصي ذلك) ش: أي ولو شكا إلى القاضي: الوصي العجز م: (لا يجيبه حتى يعرف ذلك) ش: أي عجزه م: (حقيقة؛ لأن الشاكي قد يكون كاذبا تخفيفا على نفسه، وإذا ظهر عند القاضي عجزه أصلا استبدل به) ش: أي ولى غيره م: (رعاية للنظر من الجانبين) ش: أي جانب الموصي والوصي يقوم المنصوب من جهة القاضي بالتصرف في حوائج الموصي والعاجز المعزول بقضاء حقوق معه.
م: (ولو كان قادرا على التصرف أمينا فيه ليس للقاضي أن يخرجه) ش: أي أن يخرج الوصي مع أنه كان عدلا م: (لأنه لو اختار غيره كان دونه لما أنه كان مختار الميت ومرضيه، فإبقاؤه أولى، ولهذا) ش: أي ولأجل أن وصي الميت مختار الميت م: (قدم على أبي الميت وفور شفقته) ش: أي شفقة الأب م: (فأولى أن يقدم على غيره) ش: ووصي القاضي الذي هو غير أب الميت.

(13/507)


وكذا إذا شكا الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي، فإنه لا ينبغي له أن يعزله حتى تبدو له منه خيانة، لأنه استفاد الولاية من الميت، غير أنه إذا ظهرت الخيانة فالميت إنما نصبه وصيا لأمانته وقد فاتت، ولو كان في الأحياء لأخرجه منها فعند عجزه ينوب القاضي منابه، كأنه لا وصي له. قال ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - دون صاحبه إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله تعالى. وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميع الأشياء؛ لأن الوصاية سبيلها الولاية، وهي وصف شرعي لا تتجزأ، فثبت لكل منهما كملا لولاية الإنكاح
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (وكذا) ش: أي الحكم م: (إذا شكا الورثة أو بعضهم الوصي إلى القاضي فإنه لا ينبغي له أن يعزله حتى تبدو له منه) ش: أي يظهر منه، أي من الوصي م: (خيانة؛ لأنه استفاد الولاية من الميت، غير أنه إذا ظهرت الخيانة فالميت إنما نصبه وصيا لأمانته، وقد فاتت ولو كان في الأحياء لأخرجه) ش: أي الميت. م: (منها) ش: أي الوصية م: (فعند عجزه ينوب القاضي منابه، كأنه لا وصي له) .
م: (قال) ش: أي القدوري: م: (ومن أوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - دون صاحبه) ش: قال أبو القاسم الصفار: هذا الخلاف بينهم فيما إذا أوصى لهما جميعا معا بعقد واحد، فأما إذا أوصى إلى كل واحد منهما بعقد على حدة فإنه ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بلا خلاف. قال الفقيه أبو الليث هذا أوضح، وبه نأخذ، بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد منهما على الانفراد. وحكي عن أبي بكر الإسكاف أنه قال الخلاف فيهما جميعا، سواء أوصى لهما جميعا أو متفرقا. وجعل في " المبسوط " وهذا أصح؛ لأن وجوب الوصية، إنما يكون عند الموت، وحينئذ تثبت الوصية لهما معا فلا فرق بين الافتراق والاجتماع، بخلاف الوكالة.
م: (إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله) ش: إنما وعد بتبيينها كلها لاختلاف أقوال العلماء فيها، فذكر في " الأسرار " ستة وذكر في عامة الكتب سبعة وهي شراء الكفن للميت وتجهيزه، وطعام الصغار وكسوتهم، ورد وديعة بعينها، وقضاء دين، وتنفيذ هبة بعينها، وعتق عبد بعينه، والخصومة في حقوق الميت. وذكر في " الجامع الصغير " لقاضي خان ثمانية، وهي السبعة المذكورة والثامن: قبول الهبة. وفي " الأسرار ": أسقط قبول الهبة وتنفيذ الوصية، فصارت ستة.
م: (وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يتفرد كل واحد منهما بالتصرف في جميع الأشياء؛ لأن الوصاية سبيلها الولاية، وهي وصف شرعي لا تتجزأ، فثبت لكل منهما كملا لولاية الإنكاح

(13/508)


للأخوين، وهذا لأن الوصاية خلافة، وإنما تتحقق إذا انتقلت الولاية إليه على الوجه الذي كان ثابتا للموصي وقد كان وصف الكمال، ولأن اختيار الأب إياهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما بالشفقة، فينزل ذلك منزلة قرابة كل واحد منهما. ولهما: أن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصف التفويض وهو وصف الاجتماع، إذ هو شرط مقيد وما رضي الموصى إلا بالمثنى، وليس الواحد كالمثنى بالتصرف، بخلاف الأخوين في الإنكاح؛ لأن السبب هنالك القرابة، وقد قامت بكل منهما كملا، ولأن الإنكاح حق مستحق لها على الولي، حتى لو طالبته بإنكاحها من كفء يخطبها يجب عليه، وهاهنا حق التصرف للوصي، ولهذا يبقى مخيرا في التصرف. ففي الأول أوفى حقا على صاحبه فصح، وفي الثاني استوفى حقا لصاحبه فلا يصح أصله الدين الذي عليهما. ولهما بخلاف الأشياء المعدودة؛ لأنها من باب الضرورة لا من باب الولاية،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
للأخوين) ش: فإن لكل واحد منهما أن ينفرد بإنكاح مولاته.
م: (وهذا) ش: توضيح لما ذكر م: (لأن الوصاية خلافة، وإنما تتحقق إذا انتقلت الولاية إليه) ش: أي إلى الوصي م: (على الوجه الذي كان ثابتا للموصي وقد كان وصف الكمال، ولأن اختيار الأب إياهما يؤذن باختصاص كل واحد منهما بالشفقة، فينزل ذلك منزلة قرابة كل واحد منهما) .
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: م: (أن الولاية تثبت بالتفويض فيراعى وصف التفويض وهو وصف الاجتماع، إذ هو شرط مقيد، وما رضي الموصي إلا بالمثنى وليس الواحد كالمثنى بالتصرف، بخلاف الأخوين في الإنكاح؛ لأن السبب هنالك القرابة وقد قامت) ش: أي القرابة م: (بكل منهما) ش: أي من الأخوين م: (كملا) ش: أي على وجه الكمال والسبب [في] هذا الإيصاء وهو إليهما لا إلى واحد.
م: (ولأن الإنكاح حق مستحق لها) ش: أي للمرأة م: (على الولي حتى لو طالبته) ش: أي الولي م: (بإنكاحها من كفء يخطبها يجب عليه) ش: إنكاحها منه م: (وهاهنا حق التصرف للوصي، ولهذا يبقى مخيرا في التصرف ففي الأول) ش: أي في الإنكاح أي في أحد الأخوين م: (أوفى حقا على صاحبه، فصح. وفي الثاني) ش: أي في الوصاية م: (استوفى) ش: لأن ولاية التصرف لهما، فإذا تصرف وحده م: (حقا لصاحبه) ش: أي استوفى أحد الوصيين على الآخر حقا كائنا له م: (فلا يصح أصله الدين الذي عليهما) ش: يعني إذا كان الدين لرجلين فاستوفى أحدهما نصيب الآخر.
م: (ولهما بخلاف الأشياء المعدودة) ش: أشار إلى قوله إلا في أشياء معدودة نبينها إن شاء الله تعالى م: (لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء معدودة م: (من باب الضرورة لا من باب الولاية

(13/509)


ومواضع الضرورة مستثناة أبدا، وهي ما استثناه في الكتاب وأخواتها فقال إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه لأن في التأخير فساد الميت، ولهذا يملكه الجيران عند ذلك. وطعام الصغار وكسوتهم؛ لأنه يخاف موتهم جوعا وعريا. ورد الوديعة بعينها، ورد المغصوب والمشتري شراء فاسدا وحفظ الأموال وقضاء الديون؛ لأنها ليست من باب الولاية، فإنه يملكه المالك وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه وحفظ المال يملكه من يقع في يده، فكان من باب الإعانة. ولأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي وتنفيذ وصية بعينها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
ومواضع الضرورة مستثناة أبدا وهي) ش: أي الأشياء المعدومة م: (ما استثناه في الكتاب وأخواتها) ش: أي في القدوري، وهو قوله ومن أوصى لم يجز لأحدهما أن يتصرف عند أبي حنيفة ومحمد دون صاحبه إلا في كفن الميت إلى آخره، وقد ذكرناها عن قريب.
م: (فقال) ش: أي القدوري م: (إلا في شراء كفن الميت وتجهيزه) ش: هذا لفظ القدوري، والمصنف شرع يعلل الأشياء السبعة ذكرها القدوري وعلل المصنف، وهذا بقوله: م: (لأن في التأخير) ش: أي في تأخير تجهيز الميت م: (فساد الميت، ولهذا) ش: أي ولأجل أن تأخير الميت عن تجهيزه فساده م: (يملكه الجيران) ش: تجهيزه أي تجهيز الميت م: (عند ذلك) ش: أي عند إشراف الميت للفساد بسبب التأخير.
م: (وطعام الصغار وكسوتهم) ش: لفظ القدوري، وقال المصنف: م: (لأنه يخاف موتهم جوعا وعريا) ش: أي من حيث الجوع والعري م: (ورد الوديعة بعينها) ش: لفظ القدوري، وقال المصنف م: (ورد المغصوب والمشترى شراء فاسدا وحفظ الأموال) ش: هذه الثلاثة لم يذكرها القدوري.
م: (وقضاء الديون) ش: من لفظ القدوري، وقال المصنف م: (لأنها) ش: أي لأن هذه الأشياء الأربعة م: (ليست من باب الولاية) ش: يعني ليست من الولاية المستفادة من الموصي م: (فإنه يملكه المالك وصاحب الدين إذا ظفر بجنس حقه) ش: يملك أخذه إذا كان من جنس حقه م: (وحفظ المال) ش: يرفع حفظ المال على التعليل لقوله: وحفظ الأموال وارتفاعه على الابتداء وخبره هو قوله: م: (يملكه من يقع في يده، فكان من باب الإعانة، ولأنه لا يحتاج فيه) ش: أي في حفظ المال م: (إلى الرأي) ش: هذا في قضاء الدين على الميت أما في قضاء الدين للميت فهو على الخلاف.
م: (وتنفيذ وصية بعينها) ش: بالجر عطفا على آخر المعطوفات على قوله وطعام الصغار مجرور عطفا على قوله إلا في شراء الكفن وتجهيزه وكل المعطوفات عليه بالجر.

(13/510)


وعتق عبد بعينه؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي. والخصومة في حق الميت؛ لأن الاجتماع فيها متعذر، ولهذا ينفرد بها أحد الوكيلين. وقبول الهبة؛ لأن في التأخير خيفة الفوات، ولأنه تملكه الأم والذي في حجره، فلم يكن من باب الولاية. وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف؛ لأن فيه ضرورة لا تخفى. وجمع الأموال الضائعة؛ لأن في التأخير خشية الفوات، ولأنه يملكه كل من وقع في يده، فلم يكن من باب الولاية. وفي " الجامع الصغير ": وليس لأحد الوصيين أن يبيع أو يتقاضى، والمراد بالتقاضي الاقتضاء. كذا كان المراد منه في عرفهم، وهذا لأنه رضي بأمانتهما جميعا في القبض، ولأنه في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس على ما عرف. فكان من باب الولاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (وعتق عبد بعينه) ش: بالجر أيضا، وهو من لفظ القدوري. وقال المصنف: م: (لأنه لا يحتاج فيه إلى الرأي) ش: وكذا قوله: م: (والخصومة في حق الميت) ش: من لفظ القدوري، وهو أيضا بالجر. وقال المصنف: م: (لأن الاجتماع فيها متعذر، ولهذا) ش: أي ولأجل تعذر الاجتماع، أي بالخصومة م: (ينفرد بها أحد الوكيلين) ش: إذا كانا حاضرين حال الحياة، وكذا بعد الوفاة.
م: (وقبول الهبة) ش: بالجر أيضا عطفا على المجرورات التي قبله م: (لأن في التأخير خيفة الفوات ولأنه) ش: أي ولأن قبول الهبة م: (تملكه الأم والذي في حجره) ش: أي ويملك أيضا الذي في حجره الصغير م: (فلم يكن من باب الولاية) ش: حتى يحتاج إلى الآخر م: (وبيع ما يخشى عليه التوى والتلف) ش: بالجر أيضا عطفا على المجرورات التي قبلها، والتوى الهلاك، ومعنى قوله والتلف بالرفع من تفسير التوى م: (لأن فيه ضرورة لا تخفى) . م: (وجمع الأموال الضائعة) ش: بالجر أيضا مثل ذلك م: (لأن في التأخير خشية الفوات، ولأنه يملكه كل من وقع في يده، فلم يكن من باب الولاية) ش: وهو ظاهر.
م: (وفي " الجامع الصغير ": وليس لأحد الوصيين أن يبيع أو يتقاضى) ش: هذا لفظ " الجامع "، وقال المصنف: م: (والمراد بالتقاضي الاقتضاء) ش: أي القبض م: (كذا كان المراد منه في عرفهم) ش: أي في عرف أهل الكوفة.
وأما في عرف ديار المصنف المراد من ذلك المطالبة: م: (وهذا لأنه رضي بأمانتهما) ش: أي لأن الموصي رضي بأمانة الاثنين م: (جميعا في القبض) ش: فلا ينفرد أحدهما م: (ولأنه) ش: أي ولأن القبض م: (في معنى المبادلة لا سيما عند اختلاف الجنس على ما عرف، فكان من باب الولاية) ش: فلا ينفرد أحدهما.

(13/511)


ولو أوصى إلى كل واحد على الانفراد قيل: ينفرد كل واحد منهما بالتصرف بمنزلة الوكيلين إذا وكل كل واحد على الانفراد، وهذا لأنه لما أفرد فقد رضي برأي الواحد. وقيل: الخلاف في الفصلين واحد وهو الأصح؛ لأن وجوب الوصية عند الموت، بخلاف الوكيلين؛ لأن الوكالة تتعاقب، فإن مات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر. أما عندهما: فلأن الباقي عاجز عن التفرد بالتصرف، فيضم القاضي إليه وصيا آخر نظرا للميت عند عجزه، وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - الحي منهما وإن كان يقدر على التصرف فالموصي قصد أن يخلفه متصرفان في حقوقه، وذلك ممكن التحقق. بنصب وصي آخر مكان الميت، ولو أن الميت منهما أوصى إلى الحي فللحي أن يتصرف وحده في ظاهر الرواية، بمنزلة ما إذا أوصى إلى شخص آخر ولا يحتاج القاضي إلى نصب وصي آخر؛ لأن رأي الميت باق حكما برأي من يخلفه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[مات الوصي وأوصى إلى آخر]
م: (ولو أوصى لكل واحد على الانفراد قيل: ينفرد كل واحد منهما بالتصرف) ش: وهو قول أبي القاسم الصفار م: (بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد على الانفراد، وهذا لأنه لما أفرد قد رضي برأي الواحد. وقيل: الخلاف في الفصلين) ش: أي فصل الانفراد وفصل الاجتماع.
م: (واحد وهو الأصح) ش: وهو قول أبي بكر الإسكاف م: (لأن وجوب الوصية عند الموت بخلاف الوكيلين؛ لأن الوكالة تتعاقب، فإن مات أحدهما) ش: أي أحد الوصيين م: (جعل القاضي مكانه وصيا آخر) .
م: (أما عندهما) ش: أي عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -: م: (فلأن الباقي عاجز عن التفرد بالتصرف) ش: لأن عندهما ليس لأحد الوصيين أن يتصرف دون صاحبه، فإن كان كذلك م: (فيضم القاضي إليه وصيا آخر نظرا للميت عند عجزه) ش: أي عند عجز الوصي الباقي وبه قالت الأئمة الثلاثة.
م: (وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الحي منهما) ش: أي من الوصيين م: (وإن كان يقدر على التصرف) ش: وكلمة: " إن " واصلة بما قبلها م: (فالموصى) ش: الواو فيه للحال م: (قصد أن يخلفه متصرفان) ش: وفي بعض النسخ: وصيان م: (في حقوقه، وذلك ممكن التحقق بنصب وصي آخر مكان الميت) ش: أي الوصي الميت.
م: (ولو أن الميت منهما) ش: أي من الوصيين م: (أوصى إلى الحي فللحي أن يتصرف وحده في ظاهر الرواية، بمنزلة ما إذا أوصى إلى شخص آخر ولا يحتاج القاضي إلى نصب وصي آخر؛ لأن رأي الميت باق حكما برأي من يخلفه) .

(13/512)


وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه لا ينفرد بالتصرف؛ لأن الموصي ما رضي بتصرفه وحده، بخلاف ما إذا أوصى إلى غيره؛ لأنه ينفذ تصرفه برأي المثنى كما رضيه المتوفى. وإذا مات الوصي وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت الأول عندنا. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يكون وصيا في تركة الميت الأول اعتبارا بالتوكيل في حالة الحياة. والجامع بينهما: أنه رضي برأيه لا برأي غيره. ولنا: أن الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه فيملك الإيصاء إلى غيره كالجد، ألا يرى أن الولاية التي كانت ثابتة للموصي تنتقل إلى الوصي في المال وإلى الجد في النفس، ثم الجد قائم مقام الأب فيما انتقل إليه، فكذا الوصي. وهذا لأن الإيصاء إقامة غيره مقامه فيما له ولايته، وعند الموت كانت له ولاية في التركتين، فينزل الثاني منزلته فيهما. ولأنه لما استعان به في ذلك مع علمه أنه قد تعتريه المنية قبل تتميم مقصوده بنفسه، وهو تلافي ما فرط منه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: رواه الحسن عنه م: (أنه) ش: أي أن الحي الباقي م: (لا ينفرد بالتصرف؛ لأن الموصي ما رضي بتصرفه وحده، بخلاف ما إذا أوصى إلى غيره؛ لأنه ينفذ تصرفه برأي المثنى كما رضيه المتوفى) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة.
م: (وإذا مات الوصي وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت الأول عندنا وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يكون وصيا في تركة الميت الأول) ش: في أحد الوجهين: لا يجوز أن يوصي لغيره م: (اعتبارا بالتوكيل في حالة الحياة، والجامع بينهما: أنه رضي برأيه لا برأي غيره) .
م: (ولنا: أن الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه) ش: من الميت بطريق الخلافة عنه م: (فيملك الإيصاء إلى غيره كالجد) ش: فإن وصي الجد عند عدم الأب كوصي الأب م: (ألا يرى أن الولاية التي كانت ثابتة للموصى تنتقل إلى الوصي في المال وإلى الجد في النفس) ش: حتى كان يملك تزويج الصغار والصغيرات واستيفاء القصاص م: (ثم الجد قائم مقام الأب فيما انتقل إليه) ش: لأنه خلف عنه فيوصي إلى غيره م: (فكذا الوصي) ش: لأنه خلف عن الميت أيضا م: (وهذا لأن الإيصاء إقامة غيره مقامه فيما له ولايته، وعند الموت) ش: أي موت الموصي م: (كانت له) ش: أي للوصي م: (ولاية في التركتين) ش: أي في مال نفسه الذي يتركه لوصية، وسمى للوصي تركة باعتبار ما يؤول إليه م: (فينزل الثاني) ش: أي في الإيصاء م: (منزلته) ش: أي منزلة الأول م: (فيهما) ش: أي في التركتين.
م: (ولأنه) ش: أي ولأن الوصي م: (لما استعان به) ش: أي بالوصي م: (في ذلك) ش: أي فيما أوصى م: (مع علمه أنه قد تعتريه المنية قبل تتميم مقصوده بنفسه) ش: أي قبل حصول مقصود الموصى منه م: (وهو) ش: أي مقصوده م: (تلافي ما فرط منه) ش: أي تدارك ما سبق

(13/513)


صار راضيا بإيصائه إلى غيره، بخلاف الوكيل؛ لأن الموكل حي يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه فلا يرضى بتوكيل غيره والإيصاء إليه. قال: ومقاسمة الوصي الموصى له عن الورثة جائزة، ومقاسمته الورثة عن الموصى له باطلة؛ لأن الوارث خليفة الميت حتى يرد بالعيب ويرد عليه به، ويصير مغرورا بشراء المورث والوصي خليفة الميت أيضا، فيكون خصما عن الوارث إذا كان غائبا، فصحت قسمته عليه حتى لو حضر وقد هلك ما في يد الوصي ليس له أن يشارك الموصى له.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
منه من التفريط في الأمور م: (صار راضيا) ش: أي الموصي وهو جواب: لما م: (بإيصائه) ش: أي بإيصاء الوصي م: (إلى غيره) ش: دلالة إلى تتميم مقصوده.
م: (بخلاف الوكيل) ش: فإنه ليس كذلك م: (لأنه الموكل حي يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه، فلا يرضى بتوكيل غيره، والإيصاء إليه) ش: وهذا ظاهر.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومقاسمة الوصي الموصى له عن الورثة جائزة، ومقاسمة الورثة عن الموصى له باطلة) ش: المقاسمة فعل القسمة بين اثنين، وهو أن يقتسم كل واحد منهما مع الآخر شيئا، وصورة المسألة: رجل أوصى إلى رجل وأوصى لرجل آخر بثلث ماله وله ورثة صغار أو كبار غيب فأراد الوصي المقاسمة وهي على وجهين.
الأول: هو أن يقاسم الموصى له نائبا عن الورثة وأعطاه الثلث وأمسك الثلثين للورثة فهذه جائزة.
الوجه الثاني: أن يقاسم الورثة عن الموصى له وهي باطلة. وبيان الفرق بينهما ما ذكره المصنف بقوله: م: (لأن الوارث خليفة الميت) ش: يعني من يخلفه بعده م: (حتى يرد بالعيب) ش: يعني فيما اشتراه المورث م: (ويرد عليه به) ش: أي فيما باعه الوارث م: (ويصير مغرورا بشراء المورث) ش: كمن اشترى جارية ثم مات فاستولدها الوارث ثم استحقت الجارية فإنه يرجع على البائع الميت، ولو لم يكن الخليفة كما لو باعها المورث والمسألة بحالها لا يرجع على بائع بائعه؛ لأنه ليس بخليفة عن بائعه حتى كان غروره كغروره. م: (والوصي خليفة الميت أيضا، فيكون خصما عن الوارث إذا كان غائبا) ش: وإذا كان كبيرا؛ لأنه إذا كان صغيرا لا حاجة إلى فعله، فإذا كان كذلك م: (فصحت قسمته عليه) ش: أي على الوارث الغائب.
م: (حتى لو حضر) ش: أي الغائب م: (وقد هلك ما في يد الوصي ليس له أن يشارك الموصى له) ش: لأن ولايته قاصرة على الصغار وعلى حفظ مال الكبار، والموصى له خصم، والقسمة

(13/514)


أما الموصى له فليس بخليفة عن الميت من كل وجه؛ لأنه ملكه بسبب جديد، ولهذا لا يرد بالعيب، ولا يرد عليه ولا يصير مغرورا بشراء الموصي فلا يكون الوصي خليفة عنه عند غيبته، حتى لو هلك ما أفرز له عند الوصي كان له ثلث ما بقي؛ لأن القسمة لم تنفذ عليه، غير أن الوصي لا يضمن؛ لأنه أمين فيه وله ولاية الحفظ في التركة، فصار كما إذا هلك بعض التركة قبل القسمة فيكون له ثلث الباقي؛ لأن الموصى له شريك الوارث فيتوي ما توى من المال المشترك على الشركة، ويبقى ما بقي على الشركة. قال: فإن قاسم الورثة وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له بثلث ما بقي لما بينا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
تصح بين الخصمين فنفذت القسمة.
وأشار إلى بيان الوجه الثاني بقوله: م: (أما الموصى له فليس بخليفة عن الميت من كل وجه) ش: لأن الوصية تمليك، بسبب وهو معنى قوله م: (لأنه ملكه بسبب جديد) ش: أي لأن الموصى له ملك ما أوصى له بسبب وهو ما بقي له من ثلث مال الميت.
م: (ولهذا) ش: أي ولكونه غير خليفة عن الميت م: (لا يرد بالعيب) ش: فيما اشتراه المورث م: (ولا يرد عليه) ش: فيما باعه الميت م: (ولا يصير مغرورا) ش: يعني يكون الولد رقيقا م: (بشراء الموصي) ش: فيما إذا اشترى جارية إلى آخر ما ذكرناه، فإذا كان الأمر كذلك م: (فلا يكون الوصي خليفة عنه) ش: أي عن الغائب م: (عند غيبته، حتى لو هلك ما أفرز له عند الوصي كان له ثلث ما بقي؛ لأن القسمة لم تنفذ عليه) ش: أي لم يصح م: (غير أن الوصي لا يضمن) ش: هذا جواب عما يقال إذا كانت القسمة غير صحيحة كأن صرفه غير مشروع وهلك المال بعد ذلك العقد الذي هو غير مشروع فيجب الضمان كما بعد على المال واستهلكه.
وتقرير الجواب هو أن الوصي لا يضمن م: م: (لأنه أمين فيه وله ولاية الحفظ في التركة فصار كما إذا هلك بعض التركة قبل القسمة، فيكون له ثلث الباقي؛ لأن الموصي له شريك الوارث فيتوي) ش: أي يهلك م: (ما توى) ش: أي ما هلك م: (من المال المشترك على الشركة ويبقى ما بقي على الشركة) ش: وقال السغناقي في قوله فصار كما إذا هلك بعض التركة إلى آخره إشارة إلى أنه لا ضمان عليه إذا كان ما أحرزه للورثة في يده؛ لأن الحفظ إنما يتصور في ذلك، أما لو سلمه إليهم فالموصى له بالخيار إن شاء ضمن القابض بالقبض، وإن شاء ضمن الدافع بالدفع.
م: (قال: فإن قاسم الورثة) ش: أي فإن قاسم الوصي الورثة م: (وأخذ نصيب الموصى له فضاع رجع الموصى له) ش: أي على الورثة م: (بثلث ما بقي) ش: وقال الأكمل: هذا كان معلوما من سياق كلامه، ولكنه ذكره لكونه لفظ " الجامع الصغير " م: (لما بينا) ش: إشارة إلى قوله لأن القسمة لم تنفذ عليه.

(13/515)


قال: وإذا كان الميت أوصى بحجة فقاسم الورثة فهلك ما في يده حج عن الميت من ثلث ما بقي وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع في يده. وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن كان مستغرقا للثلث لم يرجع بشيء وإلا يرجع بتمام الثلث. وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يرجع بشيء؛ لأن القسمة حق الموصي. ولو أفرز الموصي بنفسه مالا ليحج عنه فهلك لا يلزمه شيء وبطلت الوصية، فكذا إذا أفرزه وصيه الذي قام مقامه. ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن محل الوصية الثلث، فيجب تنفيذها ما بقي محلها، وإذا لم يبق بطلت لفوات محلها. ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن القسمة لا تراد لذاتها بل لمقصودها، وهو تأدية الحج، فلم تعتبر دونه، وصار كما إذا هلك قبل القسمة فيحج بثلث ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[الميت أوصى بحجة فقاسم الورثة فهلك ما في يده]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كان الميت أوصى بحجة فقاسم) ش: أي الوصي م: (الورثة فهلك ما في يده) ش: أي في يد الوصي، قال الكاكي: الوصي والحاج مدلول عليهما غير مذكور بهما.
قلت: لا حاجة إلى ما قاله الكاكي أن يرجع الضمير لا يختص أن يكون إلى الظاهر خاصة، بل يكون في المستتر أيضا على ما لا يخفى م: (حج عن الميت من ثلث ما بقي، وكذلك إن دفعه إلى رجل ليحج عنه فضاع في يده) ش: يحج عنه من ثلث ما بقي وهذا كله قول أبي حنيفة.
قال الأكمل: صورته: رجل مات وترك أربعة آلاف درهم وصى أن يحج عنه وكان مقدار الحج ألف درهم فأخذ الوصي الألف ودفع إلى الذي يحج عنه فسرقت في الطريق حج عن الميت من ثلث ما بقي من التركة وهو ألف درهم، فإن سرقت ثانيا يؤخذ ثلث ما بقي مرة أخرى، هكذا.
م: (وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - إن كان) ش: أي الهالك م: (مستغرقا للثلث لم يرجع بشيء وإلا) ش: فإن لم يكن الهالك مستغرقا للثلث م: (يرجع بتمام الثلث) ش: وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث، فإن سرقت ثانيا يؤخذ مرة أخرى.
م: (وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يرجع بشيء؛ لأن القسمة حق الموصي، ولو أفرز الموصي بنفسه مالا ليحج عنه فهلك لا يلزمه شيء وبطلت الوصية، فكذا إذا أفرزه وصيه الذي قام مقامه. ولأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن محل الوصية الثلث، فيجب تنفيذها ما بقي محلها، وإذا لم يبق بطلت لفوات محلها) ش: أي محل الوصية.
م: (ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن القسمة لا تراد لذاتها، بل لمقصودها، وهو تأدية الحج فلم تعتبر دونه) ش: أي دون المقصود وهي أداء الحج م: (وصار كما إذا هلك قبل القسمة فيحج بثلث ما

(13/516)


بقي؛ لأن تمامها بالتسليم إلى الجهة المسماة، إذ لا قابض لها، فإذا لم يصرف إلى ذلك الوجه لم يتم فصار كهلاكه قبلها. قال: ومن أوصى بثلث ألف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها والموصى له غائب فقسمته جائزة؛ لأن الوصية صحيحة، ولهذا لو مات الموصى له قبل القبول تصير الوصية ميراثا لورثته والقاضي نصب ناظرا لا سيما في حق الموتى والغيب ومن النظر إفراز نصيب الغائب وقبضه فنفذ ذلك وصح، حتى لو حضر الغائب وقد هلك المقبوض لم يكن له على الورثة سبيل. قال: وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز؛ لأن الوصي قائم مقام الموصي. ولو تولى حيا بنفسه يجوز بيعه بغير محضر من الغرماء. وإن كان في مرض موته فكذا إذا تولاه من قام مقامه، وهذا لأن حق الغرماء متعلق بالمالية لا بالصورة، والبيع لا يبطل المالية لفواتها إلى خلف وهو الثمن، بخلاف العبد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بقي، ولأن تمامها) ش: أي تمام الوصية م: (بالتسليم إلى الجهة المسماة، إذ لا قابض لها، فإذا لم يصرف إلى ذلك الوجه لم يتم، فصار كهلاكه قبلها) ش: أي قبل القسمة.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى بثلث ألف درهم فدفعها الورثة إلى القاضي فقسمها، والموصى له غائب فقسمته جائزة) ش: أي قسمة القاضي جائزة، حتى لو هلك ما في يد القاضي ثم حضر الغائب لا يرجع على الورثة بشيء م: (لأن الوصية صحيحة، ولهذا لو مات الموصى له قبل القبول تصير الوصية ميراثا لورثته والقاضي نصب ناظرا لا سيما في حق الموتى والغيب، ومن النظر إفراز نصيب الغائب وقبضه، فنفذ ذلك) ش: أي الإفراز م: (وصح، حتى لو حضر الغائب وقد هلك المقبوض لم يكن له على الورثة سبيل) ش: وقال الإمام المحبوبي: هذا الجواب فيما إذا كانت التركة مما يكال أو يوزن؛ لأن القسمة فيه مبادلة كالبيع وبيع مال الغائب لا يجوز فكذا قسمته وأجيب بأن وضع المسألة في الدراهم وهي ما يوزن.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا باع الوصي عبدا من التركة بغير محضر من الغرماء فهو جائز) ش: صورته في " جامع محمد " عن يعقوب عن أبي حنيفة في الرجل يموت ويترك عبدا وعليه دين محيط بماله، فيبيع الوصي العبد بغير محضر من الغرماء. قال بيعه جائز، وأراد بذلك الدين على الميت لا على العبد م: (لأن الوصي قائم مقام الموصي، ولو تولى) ش: أي الموصي حال كونه م: (حيا بنفسه يجوز بيعه بغير محضر من الغرماء) ش: فهو جائز.
م: (وإن كان في مرض موته فكذا إذا تولاه من قام مقامه وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن حق الغرماء متعلق بالمالية لا بالصورة والبيع لا يبطل المالية لفواتها إلى خلف، وهو الثمن، بخلاف العبد

(13/517)


المديون؛ لأن للغرماء حق الاستسعاء وأما هاهنا فبخلافه. قال: ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي؛ لأنه هو العاقد، فتكون العهدة عليه، وهذه عهدة؛ لأن المشتري منه ما رضي ببذل الثمن إلا ليسلم له المبيع ولم يسلم، فقد أخذ الوصي البائع مال الغير بغير رضاه فيجب عليه رده، قال: ويرجع فيما ترك الميت لأنه عامل له فيرجع عليه كالوكيل. وكان أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول أولا: لا يرجع؛ لأنه ضمن بقبضه، ثم رجع إلى ما ذكرنا ويرجع في جميع التركة، وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه يرجع في الثلث؛ لأن الرجوع بحكم الوصية فأخذ حكمها ومحل الوصية الثلث. وجه الظاهر: أنه يرجع عليه بحكم الغرور، وذلك دين عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
المديون) ش: يملك بيع ما في يده بغير رضاء الغرماء، كذا ذكره الرازي في " شرح مختصر الطحاوي "، بخلاف العبد المديون المأذون حيث لا يبيعه مولاه ووصيته م: (لأن للغرماء حق الاستسعاء) ش: حتى يأخذوا كسبه، فيكون البيع مبطلا لحقهم، فلهم أن يبطلوا البيع.
م: (أما هاهنا) ش: أي في بيع المولى بغير محضر من الغرماء م: (فبخلافه) ش: أي بخلاف ما ذكر فيما قبله؛ لأن فيه يجوز وهنا لا يجوز، سواء كان بيع الوصي بمحضرهم أو بغير محضرهم.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ومن أوصى بأن يباع عبده ويتصدق بثمنه على المساكين فباعه الوصي وقبض الثمن فضاع في يده فاستحق العبد ضمن الوصي) ش: الثمن م: (لأنه هو العاقد، فتكون العهدة عليه) ش: أي على الوصي م: (وهذه عهدة) ش: إنما قال هذه لأجل تأنيث الخبر وهو العهدة وتأنيث المبتدأ لتأنيث الخبر جائز م: (لأن المشتري منه ما رضي ببذل الثمن إلا ليسلم له المبيع ولم يسلم فقد أخذ الوصي البائع مال الغير بغير رضاه فيجب عليه رده، قال: يرجع فيما ترك الميت؛ لأنه عامل له فيرجع عليه كالوكيل، وكان أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يقول أولا: لا يرجع لأنه ضمن بقبضه) ش: أي بقبض الثمن وقبض الثمن من حقوق العقد، فصار الوصي في حق القبض كالمالك. وإذا كان بمنزلة المالك وقد لحقه الضمان يعمل عمل نفسه فلا يرجع بشيء م: (ثم رجع) ش: أي أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (إلى ما ذكرناه، ويرجع في جميع التركة) .
م: (وعن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أنه يرجع في الثلث؛ لأن الرجوع بحكم الوصية فأخذ حكمها) ش: أي حكم الوصية م: (ومحل الوصية الثلث) ش: يعني نفاذها من الثلث.
م: (وجه الظاهر) ش: أي ظاهر الرواية: م: (أنه يرجع عليه) ش: أي أن الوصي يرجع على الميت م: (بحكم الغرور، وذلك دين عليه) ش: أي على الميت؛ لأنه غره حيث أمره ببيع عبده

(13/518)


والدين يقضى من جميع التركة بخلاف القاضي أو أمينه إذا تولى البيع حيث لا عهدة عليه؛ لأن في إلزامها القاضي تعطيل القضاء إذ يتحامى عن تقلد هذه الأمانة حذرا عن لزوم الغرامة، فتتعطل مصلحة العامة وأمينه سفير عنه كالرسول، ولا كذلك الوصي؛ لأنه بمنزلة الوكيل، وقد مر في كتاب القضاء، فإن كانت التركة قد هلكت أو لم يكن بها وفاء لم يرجع بشيء، كما إذا كان على الميت دين آخر.
قال: وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك واستحق العبد رجع في مال الصغير لأنه عامل له ويرجع الصغير على الورثة بحصته لانتقاض القسمة باستحقاق ما أصابه. قال وإذا احتال الوصي بمال اليتيم، فإن كان خيرا لليتيم جاز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
والتصدق بثمنه، فكأنه قال: هذا العبد ملكي، فكان مغرورا من جهته.
وفي " الذخيرة ": محيلا إلى " المنتقى ": أن الوصي يرجع على المساكين لا على الميت، والقياس هذا؛ لأن غنم تصرف الموصي يعود إلى المساكين، فغرمه يجب أن يكون عليهم م: (والدين يقضى من جميع التركة، بخلاف القاضي أو أمينه إذا تولى البيع حيث لا عهدة عليه؛ لأن في إلزامها القاضي) ش: أي لأن في إلزام العهدة القاضي م: (تعطيل القضاء إذ يتحامى) ش: أي لأنه يمتنع م: (عن تقلد هذه الأمانة حذرا عن لزوم الغرامة، فتتعطل مصلحة العامة وأمينه) ش: أي أمين القاضي م: (سفير عنه) ش: أي عن القاضي بامتناع القضاة عن قبول القضاء لأجل التزام العهدة في الأمور م: (كالرسول) ش: فلا يلزمه شيء.
م: (ولا كذلك الوصي؛ لأنه بمنزلة الوكيل وقد مر في كتاب القضاء) ش: في آخر فصل القضاء بالمواريث م: (فإن كانت التركة قد هلكت، أو لم تكن بها وفاء) ش: بأن لم يفضل عن التكفين والتجهيز م: (لم يرجع) ش: أي الوصي لم يرجع م: (بشيء كما إذا كان على الميت دين آخر) ش: أي غير هذا الدين نحو الديون التي تكون على الموات المفاليس.

[قسم الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه واستحق العبد]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن قسم الوصي الميراث فأصاب صغيرا من الورثة عبد فباعه وقبض الثمن فهلك) ش: الثمن في يده م: (واستحق العبد رجع في مال الصغير) ش: يعني رجع المشتري بالثمن على الوصي؛ لأن العهدة على البائع ثم يرجع الوصي بذلك في مال الصغير م: (لأنه عامل له) ش: أي لأن الوصي عامل لأجل الصغير م: (ويرجع الصغير على الورثة بحصته لانتقاض القسمة باستحقاق ما أصابه) ش: أي ما أصاب الصغير.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا احتال الوصي بمال اليتيم فإن كان خيرا لليتيم جاز) ش: بأن كان المحال عليه أملأ وقدرته على أداء الدين من المحيل، وهو المديون،

(13/519)


وهو أن يكون أملأ، إذ الولاية نظرية، وإن كان الأول أملأ لا يجوز؛ لأن فيه تضييع مال اليتيم على بعض الوجوه قال: ولا يجوز بيع الوصي ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله؛ لأنه لا نظر في الغبن الفاحش. بخلاف اليسير؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، ففي اعتباره انسداد بابه والصبي المأذون والعبد المأذون والمكاتب يجوز بيعهم وشراؤهم بالغبن الفاحش عند أبي حنيفة لأنهم يتصرفون بحكم المالكية، والإذن فك الحجر بخلاف الوصي؛ لأنه يتصرف بحكم النيابة الشرعية نظرا فيتقيد بموضع النظر. وعندهما لا يملكونه؛ لأن التصرف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وهو قوله: م: (وهو أن يكون) ش: أي المحتال عليهم م: (أملأ إذ الولاية نظرية وإن كان الأول أملأ لا يجوز) ش: أي المديون أملأ لا يجوز م: (لأن فيه تضييع مال اليتيم على بعض الوجوه) ش: يعني إذا مات المحيل عليه مفلسا ولم يذكر إذا كانا سواء.
وفي " الذخيرة ": اختلف الناس فيه، أشار في الكتاب إلى أنه لا يجوز، وذكر المحبوبي إذا كان الثاني مثل الأول لا يجوز. وقال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي " على أن الوصي له أن يأخذ الكفيل بدين الميت؛ لأن الكفالة لا توجب براءة الأصل، وكذلك لو أخذ رهنا بذلك يجوز، ولو احتال بماله أو أخذ كفيلا شرط براءة الأصل، فإنه ينظر حتى إن الصبي لو أدرك قبل أخذ الدين، فليس له أن يفسخ الحوالة، وإذا لم يكن أملأ من المحيل فإنه لا يجوز، هذا إذا ثبت الدين بمداينة الميت، وأما إذا ثبت بمداينة الوصي فإنه يجوز سواء كان خيرا لليتيم أو شرا له، إلا أنه إذا كان خيرا له فإنه يجوز بالاتفاق حتى إنه إذا أدرك وأراد أن ينقض ذلك فليس له ذلك، وإن كان شرا له جاز ذلك ويضمن الوصي اليتيم عندهما، وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يجوز.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (ولا يجوز بيع الوصي، ولا شراؤه إلا بما يتغابن الناس في مثله؛ لأنه لا نظر في الغبن الفاحش، بخلاف اليسير؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، ففي اعتباره) ش: أي في اعتبار الغبن اليسير م: (انسداد بابه) ش: أي باب تصرف الوصي م: (والصبي المأذون والعبد المأذون والمكاتب يجوز بيعهم وشراؤهم بالغبن الفاحش عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنهم يتصرفون بحكم المالكية) ش: أي يتصرفون بحكم المالكية، أي يتصرفون بأهليتهم لا بإذن المولى، ولا يقال: العبد محجور عليه؛ لأن المصنف قال: م: (والإذن فك الحجر بخلاف الوصي؛ لأنه يتصرف بحكم النيابة الشرعية نظرا، فيتقيد بموضع النظر) ش: والأب والقاضي مثل الوصي؛ لأنهم يتصرفون للغير، فتجوز فيه عن الضرر.
م: (وعندهما) ش: أي عند أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -: م: (لا يملكونه) ش: أي لا يملكون البيع بالغبن الفاحش ولا الشراء به، وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (لأن التصرف

(13/520)


بالفاحش منه تبرع لا ضرورة فيه، وهم ليسوا من أهله. وإذا كتب كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الوصية على حدة وكتاب الشراء على حدة لأن ذلك أحوط. ولو كتب جملة عسى أن يكتب الشاهد شهادته في آخره من غير تفصيل، فيصير ذلك حملا له على الكذب. ثم قيل: يكتب اشترى من فلان ابن فلان ولا يكتب من فلان وصي فلان لما بينا. وقيل: لا بأس بذلك؛ لأن الوصاية تعلم ظاهرا. قال: وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا في العقار؛ لأن الأب يلي ما سواه ولا يليه، فكذا وصيته فيه، وكان القياس أن لا يملك الوصي غير العقار أيضا؛ لأنه لا يملكه الأب على الكبير، إلا أنا استحسناه لما أنه حفظ لتسارع الفساد إليه وحفظ الثمن أيسر وهو يملك الحفظ. أما العقار فمحصن بنفسه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
بالفاحش منه تبرع لا ضرورة فيه، وهم ليسوا من أهله) ش: أي من أهل التبرع.
قال: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإذا كتب كتاب الشراء على وصي كتب كتاب الوصية على حدة وكتاب الشراء على حدة؛ لأن ذلك أحوط) ش: وبين وجه الأحوط م: (ولو كتب جملة عسى أن يكتب الشاهد شهادته في آخره) ش: أي في آخر الكتاب م: (من غير تفصيل) ش: بين الوصاية والشراء م: (فيصير ذلك حملا له على الكذب) ش: فينسب إلى شهادة الزور.
م: (ثم قيل: يكتب) ش: أي القاضي والمشتري , كذا قاله الأترازي. وقال الكاكي: أي لا بأس بذلك، أي يجمع الوصية والشراء في كتاب واحد وهذا وجهه م: (اشترى من فلان بن فلان، ولا يكتب من فلان وصي فلان لما بينا) ش: أشار إلى قوله لأن ذلك أحوط. م: (وقيل: لا بأس بذلك) ش: أي لا بأس أن يكتب من فلان وصي فلان م: (لأن الوصاية تعلم ظاهرا) .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وبيع الوصي على الكبير الغائب جائز في كل شيء إلا في العقار؛ لأن الأب يلي ما سواه) ش: أي ما سوى العقار م: (ولا يليه) ش: أي العقار م: (فكذا وصيته فيه) ش: أي في العقار م: (وكان القياس أن لا يملك الوصي غير العقار أيضا؛ لأنه لا يملكه الأب على الكبير الغائب، إلا أنا استحسناه لما أنه حفظ لتسارع) ش: أي أن بيع ما سوى العقار يتسارع م: (الفساد إليه وحفظ الثمن أيسر وهو) ش: أي الوصي م: (يملك الحفظ، أما العقار فمحصن بنفسه) ش: فلا يحتاج إلى بيعها للتحصين، هذا الذي ذكره إذا لم يكن على التركة دين فإن كان هو مستغرق فله أن يبيع الجميع؛ لأنه لا يمكنه قضاء الدين إلا بالبيع وإن كان غير مستغرق يبيع بقدر الدين من المنقول عليه من القول بالاتفاق، ومن العقار أيضا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، خلافا لهما.

(13/521)


قال: ولا يتجر في المال لأن المفوض إليه الحفظ دون التجارة. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -: وصي الأخ في الصغير والكبير الغائب بمنزلة وصي الأب في الكبير الغائب، وكذا وصي الأم ووصي العم، وهذا الجواب في تركة هؤلاء؛ لأن وصيهم قائم مقامهم وهم يملكون ما يكون من باب الحفظ، فكذا وصيهم. قال: والوصي أحق بمال الصغير من الجد. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الجد أحق؛ لأن الشرع أقامه مقام الأب حال عدمه حتى أحرز الميراث فيقدم على وصيه. ولنا: أن بالإيصاء تنتقل ولاية الأب إليه، فكانت ولايته قائمة معنى فيقدم عليه كالأب نفسه، وهذا لأن اختياره الوصي مع علمه بقيام الجد يدل على أن تصرفه أنظر لبنيه من تصرف أبيه. فإن لم يوص الأب فالجد بمنزلة الأب؛ لأنه أقرب الناس إليه وأشفقهم عليه حتى يملك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (قال: ولا يتجر) ش: أي الوصي م: (في المال؛ لأن المفوض إليه الحفظ دون التجارة. وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله -) ش: وفي بعض النسخ وقال م: (وصي الأخ في الصغير والكبير الغائب بمنزلة وصي الأب في الكبير الغائب) ش: يعني في بيع المنقول دون العقار، ولا خلاف في هذه المسألة فإنما خص ذكرهما في " الجامع " لأنه روى عنهما ولم يرو عن أبي حنيفة، كذا قال الفقيه أبو الليث.
م: (وكذا وصي الأم ووصي العم) ش: ليس لهما حق التصرف في العقار، ولهما حق التصرف في الفروض التي ورث من الأم خاصة أو من العم أو من الأخ، وليس لأحد من هؤلاء أن يتصرف فيما ورث من غير الذي أوصى إليه، وأما وصي الأب فله حق التصرف في الفرض والعقار سواء ورث من أبيه أو من غيره إذا كانت الورثة صغارا، وأما إذا كانوا كبارا وهم غيب فليس له التصرف إلا في فروض صاحبه م: (وهذا الجواب في تركة هؤلاء) ش: يعني الأخ والأم والعم، وإنما قيد بتركة هؤلاء لأن وصي هؤلاء في تركة الأب، كوصي الكبير الغائب م: (لأن وصيهم قائم مقامهم وهم يملكون ما يكون من باب الحفظ، فكذا وصيهم) .
م: (قال) ش: محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": م: (والوصي أحق بمال الصغير من الجد، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الجد أحق) ش: وبه قال مالك وأحمد - رحمهما الله - م: (لأن الشرع أقامه مقام الأب حال عدمه حتى أحرز الميراث فيقدم على وصيه. ولنا: أن بالإيصاء تنتقل ولاية الأب إليه) ش: أي إلى الوصي م: (فكانت ولايته) ش: أي ولاية الموصي م: (قائمة معنى، فيقدم عليه كالأب نفسه، وهذا) ش: توضيح لما قبله م: (لأن اختياره الوصي مع علمه بقيام الجد يدل على أن تصرفه) ش: أي تصرف الوصي م: (أنظر لبنيه من تصرف أبيه) ش: أي أب الموصي وهو الجد م: (فإن لم يوص الأب فالجد بمنزلة الأب؛ لأنه أقرب الناس إليه وأشفقهم عليه حتى يملك

(13/522)


الإنكاح دون الوصي، غير أنه يقدم عليه وصي الأب في التصرف لما بيناه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
الإنكاح) ش: أي إنكاح أولاد ابنه م: (دون الوصي) ش: فإنه لا يملك م: (غير أنه يقدم عليه وصي الأب في التصرف لما بيناه) ش: إشارة إلى قوله ولنا أن بالإيصاء تنتقل ولاية الأب إليه، والله أعلم.

(13/523)


فصل في شهادة الوصي قال: وإذا شهد الوصيان أن الميت أوصى إلى فلان معهما فالشهادة باطلة؛ لأنهما متهمان فيهما لإثباتهما معينا لأنفسهما. قال: إلا أن يدعيها المشهود له، وهذا استحسان، وهو في القياس كالأول لما بينا من التهمة، وجه الاستحسان أن للقاضي ولاية نصب الوصي ابتداء أو ضم آخر إليهما برضاه بدون شهادتهما، فيسقط بشهادتهما مؤنة التعيين عنه، أما الوصاية فتثبت بنصب القاضي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]

[فصل في شهادة الوصي]
م: (فصل في شهادة الوصي) ش: أي هذا فصل في بيان أحكام شهادة الوصي، وإنما أخر هذه لكونها عارضة فيها غير أصلية، والأصل عدم العارض.
م: (قال: وإذا شهد الوصيان أن الميت أوصى إلى فلان معهما) ش: أي مع الوصيين م: (فالشهادة باطلة لأنهما متهمان فيها) ش: أي في هذه الشهادة م: (لإثباتهما معينا لأنفسهما) ش: قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا شهادة لمتهم» وهذا لا نعلم فيه خلافا.
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (إلا أن يدعيها المشهود له) ش: ولفظه في " الجامع " محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الوصيين يشهدان: أن الميت أوصى إلى هذا معهما قال: إن ادعى ذلك فشهادتهما باطلة، وكذلك الوارثان يشهدان بذلك، قالوا في شرح " الجامع الصغير ": م: (وهذا استحسان) ش: وأخذ المصنف هذا وقال هذا، وأشار به إلى قوله: إلا أن يدعيهما المشهود استحسانا م: (وهو في القياس كالأول) ش: أي كالوجه الأول، وهو البطلان. وذكر وجه القياس بقوله: م: (لما بينا من التهمة) ش: لأنها شهادتان للشاهد أو لأبيه.
م: (وجه الاستحسان: أن للقاضي ولاية نصب الوصي ابتداء أو ضم آخر إليهما) ش: أي إلى الوصيين م: (برضاه) ش: أي برضى الآخر م: (بدون شهادتهما) ش: لأن الولاية للقاضي لا تكون بهذه الشهادة، فإذا كان كذلك م: (فيسقط بشهادتهما مؤنة التعيين عنه) ش: أي عن القاضي. مثاله أن القرعة ليست بحجة، ويجوز استعمالها في تعيين الإيصاء لدفع التهمة عن القاضي فصلحت دامغة لا حجة، فكذلك هذه الشهادة تدفع عنه مؤنة التعيين.
م: (أما الوصاية فتثبت بنصب القاضي) ش: فلا يحتاج إلى الشهادة؛ لأن الشاهدين لو سألا القاضي بأن يجعل هذا الرجل وصيا وهو راغب فيه أجابهما إلى ذلك بخلاف الوكالة، فإنهما لو سألاه أن يوكل هذا الرجل عن أيهما لا يفعل؛ لأنه ليس له ولاية في مال أبيهما.

(13/524)


قال: وكذلك الابنان، معناه: إذا شهدا أن الميت أوصى إلى رجل وهو ينكر؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا بنصب حافظ للتركة. ولو شهدا، يعني الوصيين، لوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره فشهادتهما باطلة؛ لأنهما يظهران ولاية التصرف لأنفسهما في المشهود به. قال: وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز. وإن كان في غير مال الميت جاز، وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وقالا: إن شهدا لوارث كبير تجوز في الوجهين؛ لأنه لا يثبت لهما ولاية التصرف في التركة إذا كانت الورثة كبارا فعريت عن التهمة، وله: أنه يثبت لهما ولاية الحفظ وولاية بيع المنقول عند غيبة الوارث وتحققت التهمة. بخلاف شهادتهما في غير التركة لانقطاع ولاية وصي الأب عنه؛ لأن الميت أقامه مقام نفسه في تركته لا في غيرها. قال: وإذا شهد رجلان لرجلين على ميت بدين ألف درهم وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهما، فإن كانت شهادة كل فريق للآخر بوصية ألف درهم لم تجز، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (وكذلك الابنان) ش: هذا لفظ محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وهو معطوف على المستثنى منه، وهو قوله: فالشهادة باطلة وقال المصنف: م: (معناه) ش: أي معنى قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وكذلك الابنان م: (إذا شهدا أن الميت أوصى إلى رجل وهو ينكر؛ لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا بنصب حافظ للتركة) ش: وفيه تهمة فلا تقبل.
م: (ولو شهدا، يعني الوصيين، لوارث صغير بشيء من مال الميت أو غيره) ش: أي أو غير مال الميت م: (فشهادتهما باطلة؛ لأنهما يظهران ولاية التصرف لأنفسهما في المشهود به، قال) ش: أي محمد في " الجامع الصغير ": م: (وإن شهدا لوارث كبير في مال الميت لم يجز وإن كان في غير مال الميت جاز، وهذا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) .
م: (وقالا: إن شهدا لوارث كبير تجوز في الوجهين) ش: لوارث كبير في مال الميت وفي غيره مال الميت م: (لأنه لا يثبت لهما ولاية التصرف في التركة إذا كانت الورثة كبارا فعريت) ش: أي الشهادة م: (عن التهمة وله) ش: ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (أنه يثبت لهما) ش: الضمير في " أنه " للشأن، وهي لهما - الوصيان - م: (ولاية الحفظ وولاية بيع المنقول عند غيبة الوارث وتحققت التهمة. بخلاف شهادتهما في غير التركة لانقطاع ولاية وصي الأب عنه؛ لأن الميت أقامه مقام نفسه في تركته لا في غيرها) .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (وإذا شهد رجلان لرجلين على ميت بدين ألف درهم، وشهد الآخران للأولين بمثل ذلك جازت شهادتهما، وإن كانت شهادة كل فريق للآخرين بوصية ألف درهم لم يجز، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله -. وقال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

(13/525)


لا تقبل في الدين أيضا، وأبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيما ذكر الخصاف مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - مثل قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجه القبول: أن الدين يجب في الذمة وهي قابلة لحقوق شتى فلا شركة، ولهذا لو تبرع أجنبي بقضاء دين أحدهما ليس للآخر حق المشاركة. وجه الرد: أن الدين بالموت يتعلق بالتركة، إذ الذمة خربت بالموت، ولهذا لو استوفى أحدهما حقه من التركة، يشاركه الآخر فيه، فكانت الشهادة مثبتة حق الشركة، فتحققت التهمة. بخلاف حال حياة المديون؛ لأنه في الذمة لبقائها لا في المال فلا تتحقق الشركة. قال: ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بجاريته،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
لا تقبل) ش: الشهادة عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (في الدين أيضا، وأبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيما ذكر الخصاف مع أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: كما قال أبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ولفظ الخصاف في كتاب " أدب القاضي " لو أن رجلا مات بدين ألف درهم وترك لورثته مالا فشهد رجلان لرجلين على الميت بدين ألف درهم، فإن أبا حنيفة وابن أبي ليلى وأبا يوسف - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قالوا: الشهادة باطلة من قبل أنهم يشتركون فيما قبض كل واحد منهم وروى محمد بن الحسن في " الجامع الصغير " عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أن الشهادة جائزة، وروى الحسن بن أبي زياد عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنهم إن جاءوا جميعا فالشهادة باطلة.
م: (وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - مثل قول محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي تجوز شهادة كل فريق في حق الدين ولا تجوز في الوصية. قال الكاكي: وإنما خص قول محمد هنا مع أنه قيل: هذا قول أبي حنيفة ومحمد؛ لتقرر قول محمد في ذلك واضطراب قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فصار عن أبي حنيفة روايتان، وعن أبي يوسف كذلك، وعن محمد رواية واحدة.
م: (وجه القبول: أن الدين يجب في الذمة وهي) ش: أي الذمة م: (قابلة لحقوق شتى) ش: أي كثيرة متفرقة م: (فلا شركة) ش: أي في ذلك فلا تهمة.
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل عدم الشركة م: (لو تبرع أجنبي بقضاء دين أحدهما ليس للآخر حق المشاركة، وجه الرد أن الدين بالموت يتعلق بالتركة، إذ الذمة خربت بالموت، ولهذا لو استوفى أحدهما حقه من التركة يشاركه الآخر فيه) ش: أي في الذي استوفاه م: (فكانت الشهادة مثبتة حق الشركة فتحققت التهمة) ش: فلا تقبل الشهادة.
م: (بخلاف حال حياة المديون؛ لأنه) ش: أي لأن الدين م: (في الذمة لبقائها لا في المال) ش: أي لبقاء الذمة، ولهذا يأخذه الآخر لا يكون للآخر فيه أن يشاركه فيه، فإذا كان كذلك م: (فلا تتحقق الشركة) .
م: (قال) ش: أي محمد في " الجامع ": م: (ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بجاريته؛

(13/526)


وشهد الشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بعبده جازت الشهادة بالاتفاق؛ لأنه لا شركة فلا تهمة قال: ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بثلث ماله وشهد المشهود لهما: أنه أوصى للشاهدين بثلث ماله فالشهادة باطلة. وكذا إذا شهد الأولان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعبد وشهد المشهود لهما أنه أوصى للأولين بثلث ماله فهي باطلة؛ لأن الشهادة في هذه الصورة مثبتة للشركة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[البناية]
وشهد الشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين بعبده جازت الشهادة بالاتفاق؛ لأنه لا شركة فلا تهمة. قال) ش: أي محمد م: (ولو شهدا أنه أوصى لهذين الرجلين بثلث ماله وشهد المشهود لهما أنه أوصى للشاهدين بثلث ماله فالشهادة باطلة. وكذا إذا شهد الأولان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعبد وشهد المشهود لهما أنه أوصى للأولين بثلث ماله فهي باطلة؛ لأن الشهادة في هذه الصورة مثبتة للشركة) ش: وذلك لأنهم يشتركون في ثلث العبد.

(13/527)