الحجة على أهل المدينة

// كتاب الزَّكَاة
//
قَالَ ابو حنيفَة فِي رجل لَهُ خَمْسَة دَنَانِير من فَائِدَة اَوْ غَيرهَا لَا مَال لَهُ غَيرهَا فاتجر فِيهَا فَلم يَأْتِ الْحول حَتَّى بلغت فِيهِ الزَّكَاة انه لَا يزكيها حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول مذيوم صَار لَهُ مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة ينظر الى يَوْم صَار فِي يَده عشْرين مِثْقَالا اَوْ مَا يُسَاوِي عشْرين دِينَارا من الْعرُوض الَّتِي كَانَت تبْتَاع
ويحفظ ذَلِك الْيَوْم ثمَّ اذا حَال عَلَيْهَا الْحول من ذَلِك الْيَوْم زكى مَاله يَوْم يحول عَلَيْهِ الْحول وان كَانَ قد اضعف اضعافا كَثِيرَة فان جَاءَ الْحول من ذَلِك وَقد نقص مَاله من عشْرين مِثْقَالا من الذَّهَب فَلَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة فِيهِ
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة اذا كَانَت لَهُ خَمْسَة دَنَانِير من فَائِدَة اَوْ غَيرهَا فاتجر

(1/422)


فِيهَا فَلم يَأْتِي الْحول حَتَّى بلغت مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة فانه يزكيها وان لم تتمّ الا قبل ان يحول عَلَيْهَا الْحول بِيَوْم وَاحِد اَوْ بُد مَا يحول عَلَيْهَا الْحول بِيَوْم وَاحِد ثمَّ لَا زَكَاة فِيهَا حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول من يَوْم زكيت
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف قَالَ اهل الْمَدِينَة هَذَا وهم لَا يخالفوننا فِي ان الرجل اذا أَفَادَ مَالا كثيرا لم يزكه حَتَّى يحول يحول عَلَيْهِ الْحول مذ يَوْم أَفَادَهُ فَإِن قَالُوا لِأَن هَذَا عِنْده أصل مَال فِي مَاله حَتَّى يحول الْحول عَلَيْهِ اذا كَانَ عِنْده أصل مَال
قيل لَهُم أَنه أصل المَال الَّذِي كَانَ عِنْده لم يكن مَال يجب فِيهِ الزَّكَاة إِنَّمَا زكى مَا أَفَادَهُ فِي مَال تجب فِي مثله الزَّكَاة فان كَانَ عِنْده مَال تجب فِيهِ الزَّكَاة فَأفَاد فِيهِ مَالا قبل ان يحول

(1/423)


الْحول وَلَو بِيَوْم زَكَّاهُ مَعَ مَاله فَأَما ان يكون عِنْده مَال لَا يجب فِي مثله الزَّكَاة فَيُفِيد فِيهِ مَالا يجب فِيهِ الزَّكَاة فانه لَا زَكَاة فِيهِ عَلَيْهِ حَتَّى يحول الْحول عَلَيْهِ فقد صَار يجب فِيهِ الزَّكَاة

(1/424)


وَقد وَافَقنَا اهل الْمَدِينَة فِيمَن افاد مَاشِيَة سَائِمَة لَا يجب فِيهَا الزَّكَاة من ابل اَوْ بقرًا اَوْ غنم انه لَا صَدَقَة عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يحول الْحول عَلَيْهَا من يَوْم افادها الا ان يكون لَهُ مثلهَا مَاشِيَة يجب فِيهَا الصَّدَقَة اما خَمْسَة ذود من الابل واما ثَلَاثُونَ بقرة واما اربعون شَاة وان كَانَ للرجل من الصِّنْف الْوَاحِد من ذَلِك ثمَّ افاد اليه شَيْئا اخر من صنفه بشرَاء اَوْ هبة اَوْ مِيرَاث زكى مَا افاد من ذَلِك مَعَ مَاله الاول حِين يصدقهُ وان لم يحل على مَا افاد من ذَلِك الْحول وَلَو كَانَ الْملك الاولى مِمَّا لَا زَكَاة فِيهِ فَلَا زَكَاة على هَذَا حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول مذ افاد مَا يجب عَلَيْهِ الزَّكَاة فها الصَّوَاب وَهَذَا نقض لقَولهم الاول وَمن قَالَ

(1/425)


هَذَا فقد رَجَعَ عَن الاول

(1/426)


- بَاب من الزَّكَاة
-
قَالَ ابو حنيفَة فِي الرجل إِذا كَانَ لَهُ عشرَة دَنَانِير فحال عَلَيْهَا الْحول ثمَّ اشْترى بهَا سلْعَة فربح فِيهَا عشرَة دَنَانِير اخرى انه لَا يزكيها حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول مذ صَارَت عشْرين دِينَارا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة انه يزكيها مَكَانهَا وَلَا ينْتَظر بهَا ان يحول عَلَيْهَا الْحول مذ يَوْم بلغت مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة لَان الْحول قد حَال عَلَيْهَا وَهِي عِنْده عشرُون دِينَارا ثمَّ لَا زَكَاة عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول من يَوْم زكيت وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَهَذِه الْمَسْأَلَة ايضا مثل الاولى
يَنْبَغِي لمن قَالَ هَذَا فِي المَال ان يَقُول مثله فِي الْمَاشِيَة وَقد فرق اهل الْمَدِينَة بَينهمَا وَلَيْسَ بَينهمَا فرق

(1/427)


- بَاب مَا يخرج من الْمَعَادِن من الذَّهَب وَالْوَرق
-
وَقَالَ ابو حنيفَة فِيمَا يخرج من الْمَعَادِن من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْوَرق فِي كل قَلِيل وَكثير يخرج من ذَلِك الْخمس
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا يُؤْخَذ من الْمَعَادِن مِمَّا يخرج مِنْهَا شَيْء حَتَّى يبلغ مَا يخرج مِنْهَا قدر عشْرين دِينَارا عينا اَوْ مِائَتي دِرْهَم فاذا بلغ ذَلِك فَفِيهِ الزَّكَاة مكانة فَمَا زَاد على ذَلِك اخذ بِحِسَاب ذَلِك مَا دَامَ فِي الْمَعْدن نيل فان انْقَطع عرقه ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك نيل آخر فَهُوَ مثل الاول يبتدأ فِيهِ الزَّكَاة كَمَا ابتدئ فِي الاول

(1/428)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن مَا شَأْن الْمَعْدن شَأْنه الزَّكَاة انما الْمَعْدن مثل الْمغنم فَفِي قَلِيله وكثيرة الْخمس
وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ فِي الرِّكَاز

(1/429)


الْخمس فَقيل يَا رَسُول الله وَمَا الرِّكَاز فَقَالَ المَال الَّذِي خلقه الله تَعَالَى فِي الارض يَوْم خلق السَّمَوَات والارض فِي هَذِه الْمَعَادِن فَفِيهَا الْخمس
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة انما الرِّكَاز المَال المدفون من دفن الْجَاهِلِيَّة مَا لم يطْلب

(1/430)


بِمَال وَلم يتَكَلَّف فِيهِ نَفَقَته وَلَا كثير عمل واما مَا طلب بِمَال وتكلف فِيهِ عمل كثير فأصيب مرّة واخطئ مرّة فَلَيْسَ بركاز
وَقَالَ ابو حنيفَة هَذَا والمعدن سَوَاء مَا طلب مِنْهُ بِعَمَل كثير وبمال يُوجد وَمَا وجد من غير طلب فَهُوَ سَوَاء فِيهِ وَفِيمَا استخرج من الْمَعْدن الْخمس

(1/431)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن انما الرِّكَاز مَا وجد فِي الْمَعْدن وانما المَال المدفون جعل نَظِير المَال يسْتَخْرج من الْمَعْدن
هَذَا امْر لم يكن ارى ان أهل الْمَدِينَة يخالفونه من كَلَام الْعَرَب انما يُقَال اركز الْمَعْدن يعنون انه استخرج مَال مِنْهُ كثير وَفِي الحَدِيث الْمَعْرُوف

(1/432)


عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين سَأَلَهُ المرأ مَا تَقول فِيمَا وجد فِي الْقرْيَة غير المسكونة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ وَفِي الرِّكَاز الْخمس فَجعله غير الرِّكَاز

(1/433)


اُخْبُرْنَا هِشَام بن سعد الْمدنِي قَالَ اُخْبُرْنَا عَمْرو بن شُعَيْب عَن ابيه عَن جده ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتاه

(1/434)


رجل فَقَالَ رَسُول الله كَيفَ ترى فِي الْمَتَاع يُوجد فِي الطَّرِيق الميتاء اَوْ فِي الْقرْيَة المسكونة قَالَ عرفه سنة فان جَاءَ باغيه فادفعه اليه والا فشانك بِهِ وَمَا كَانَ فِي الطَّرِيق غير الميتاء اَوْ فِي الْقرْيَة غير

(1/435)


المسكونة فَفِيهِ وَفِي الرِّكَاز الْخمس فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي ضَالَّة الابل قَالَ مَا لَك وَلها وَمَعَهَا سقاءها وحذاءها وَلَا يخَاف عَلَيْهَا الذِّئْب تَأْكُل الكلا وَترد المَاء دعها حَتَّى يَأْتِي طالبها فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي ضَالَّة الْغنم قَالَ لَك اَوْ لاخيك اَوْ للذئب فاحبس على اخيك ضالته قَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي حريسة

(1/436)


الْجَبَل قَالَ فِيهَا غَرَامَة مثلهَا وَجلد النكال وَلَيْسَ فِي شَيْء من الْمَاشِيَة قطع الا فِيمَا اواه المراح فسرقها اُحْدُ من المراح وَبلغ ثمن الْمِجَن فَفِيهِ الْقطع وَمَا لم يبغ ثمن الْمِجَن فَفِيهِ غَرَامَة مثله والنكال وَلَيْسَ فِي شَيْء من الثَّمر قطع الا فِيمَا اوى الجرين فَبلغ ثمن الْمِجَن فَفِيهِ غَرَامَة مثلَيْهِ وجلدات نكال
اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن ابراهيم

(1/437)


النَّخعِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ

(1/438)


العجماء جَبَّار والقليب جَبَّار وَالرجل جَبَّار والمعدن جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس

(1/439)


اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع الاسدي عَن عبد الله بن بشر عَن جبلة بن حممه

(1/444)


شيخ مِنْهُم قَالَ خرجت فِي يَوْم مطير الى دير جرير فَرفعت مِنْهُ

(1/445)


ثلمة قَالَ فَإِذا أَنا بجرة فِيهَا اربعة الاف مِثْقَال فَأتيت بهَا عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَقلت لَهُ اصبت اربعة الاف مِثْقَال فِي بِنَاء من بِنَاء الاعاجم فَقَالَ اربعة اخماسهما لَك وَالْخمس الْبَاقِي اقسمه فِي فُقَرَاء اهلك

(1/446)


- بَاب مَا جَاءَ من زَكَاة الْحلِيّ والتبر
-
قَالَ ابو حنيفَة من كَانَ عِنْده تبر اَوْ حلي من ذهب اَوْ فضَّة لَا ينْتَفع بهما للبس اَوْ ينْتَفع بهما للبس فان عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فِي كل عَام يُوزن فَيُؤْخَذ مِنْهُ ربع الْعشْر الا ان ينقص من وزن عشْرين دِينَارا عينا اَوْ من وزن مِائَتي دِرْهَم فان نقص من ذَلِك شَيْء بطلت عَنهُ الزَّكَاة
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة مثل قَول ابي حنيفَة اذا كَانَ يمسِكهُ لغير اللّبْس فاما التبر المكسور الَّذِي يُرِيد اهله اصلاحه ولبسه فانما هُوَ بِمَنْزِلَة الْمَتَاع الَّذِي يكون عِنْد اهله فَلَيْسَ على اهله فِيهِ زَكَاة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ يكون يبطل الزَّكَاة عَنهُ وَهُوَ تبر لَا يلبس للنِّيَّة الَّتِي نَوَاهَا فِيهِ وانما يجب عَلَيْهِ الزَّكَاة بِالنِّيَّاتِ الْيَسْ يَنْبَغِي ان تُؤْخَذ الزَّكَاة بِالنِّيَّاتِ

(1/448)


ارايتم من كَانَ عِنْده دَنَانِير مَضْرُوبَة وَهُوَ يَنْوِي ان يَجْعَلهَا حليا ايبطل عَنهُ الزَّكَاة وَقد مكثت عِنْده حَوْلَيْنِ اَوْ ثَلَاثَة للنِّيَّة الَّتِي نَوَاهَا فان زعمتم ان النِّيَّة لَا تبطل الزَّكَاة هَهُنَا فنبغي ان تجب الزَّكَاة فِي التبر الَّذِي لَيْسَ بمصوغ وَلَا تبطل عَنهُ الزَّكَاة بِالنِّيَّةِ الَّتِي نوى ان يجعلهما حليا مَعَ ان الْحلِيّ من الذَّهَب وَالْفِضَّة فِيهِ الزَّكَاة وان كَانَ مصوغا

وَقَالَ ابو حنيفَة لَيْسَ من ذهب وَلَا فضَّة حلي وَلَا غَيره يبلغ مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة الا وَجب فِيهِ الزَّكَاة وَلَا يشبه الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا سواهُمَا
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن رَاشد عَن مَكْحُول ان امْرَأَة كَانَت تَطوف بِالْبَيْتِ وَمَعَهَا ابْنة لَهَا فِي يَدهَا سوار من ذهب فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتحبين ان يكون لَك سوار من نَار قَالَت لَا يَا رَسُول الله قَالَ فَأدى زَكَاته فَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد امْر بِزَكَاة الْحلِيّ

(1/449)


فَكيف تَقولُونَ لَيْسَ فِي التبر الَّذِي لَيْسَ بحلي زَكَاة اذا كَانُوا يُرِيدُونَ ان يصنعوه حليا فِي احاديث كَثِيرَة

(1/450)


اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن ابراهيم عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ان امْرَأَة قَالَت لَهُ ان لي حليا فَهَل على فِيهِ زَكَاة

(1/451)


فَقَالَ لَهَا نعم ادي فَقَالَت ان لي ابنى اخ يتيمين فِي حجري أفتجزئ عني ان اجْعَل ذَلِك فيهمَا قَالَ نعم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح الْقرشِي عَن ابي جَعْفَر الْفراء عَن عبد الله ابْن شَدَّاد بن الْهَاد انه قَالَ فِي الْحلِيّ زَكَاة

(1/452)


اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح قَالَ سَمِعت حمادا يذكر عَن ابراهيم النَّخعِيّ قَالَ اتت امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَت

(1/453)


أَفِي الْحلِيّ زَكَاة قَالَ نعم قَالَت فأجعلها لِابْني اخ لي يتيمين فَقَالَ نعم وَصدقَة على ذِي الْقَرَابَة تضعف فِي الاجر
اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن الشّعبِيّ

(1/455)


انه قَالَ فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَحلية السيوف فِيهِ الزَّكَاة اذا بلغ مِائَتي دِرْهَم اَوْ عشْرين دِينَارا
اُخْبُرْنَا اسمعيل بن عَيَّاش قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ سَمِعت ابا امامة رَضِي الله عَنهُ يَقُول حلية السيوف من الْكُنُوز
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن ابي معشر

(1/456)


عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَن امْرَأَة أبن مَسْعُود كَانَ لَهَا طوق فِيهِ عشرُون مِثْقَالا فَأمرهَا عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن تزكيه وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤ وَلَا فِي الْمسك وَلَا فِي العنبر زَكَاة وَوَافَقَهُ أهل الْمَدِينَة
- بَاب زَكَاة اموال الْيَتَامَى
-
قَالَ أَبُو حنيفَة لَا زَكَاة فِي مَال الْيَتِيم وَلَا يحب عَلَيْهِ الزَّكَاة حَتَّى تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم وَقَالَ أهل الْمَدِينَة نرى أَن تُؤْخَذ زَكَاة مَال الْيَتِيم وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قد جَاءَت فِي هَذَا

(1/457)


أثار مُخْتَلفَة وأحبها ألينا أَن لَا تزكّى حَتَّى يبلغ وَقد ذكر عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ انه سُئِلَ عَن زَكَاة مَال الْيَتِيم فَقَالَ أحص زَكَاة مَاله وَلَا تزكه فَإِذا بلغ فادفع إِلَيْهِ وَأخْبرهُ بذلك
اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة وَلَا تجب عَلَيْهِ زَكَاة حَتَّى تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة
اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا لَيْث بن أبي سليم عَن

(1/458)


مُجَاهِد عَن أبن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة
اُخْبُرْنَا أَبُو مُعَاوِيَة المكفوف عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن النَّخعِيّ قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة حَتَّى يدْرك
اُخْبُرْنَا أَبُو بكر بن عبد الله النَّهْشَلِي عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ لَيْسَ على مَال الصَّبِي زَكَاة حَتَّى تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة
اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة
اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن يُونُس بن عبيد عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه كَانَ لَا يرى فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة
وَذكر عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ اُخْبُرْنَا مجَالد عَن الشّعبِيّ قَالَ

(1/459)


لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة وَذكر عبد الله بن الْمُبَارك عَن وقاء الْأَسدي عَن سعيد قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة
اُخْبُرْنَا الثِّقَة من أَصْحَابنَا قَالَ اُخْبُرْنَا أبن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن عِكْرِمَة عَن أبن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة

(1/460)


اُخْبُرْنَا الثِّقَة من اصحابنا قَالَ اُخْبُرْنَا أبن لَهِيعَة عَن خَالِد بن أبي عمرَان قَالَ سُئِلَ سُلَيْمَان بن يسَار عَن زَكَاة مَال الْيَتِيم قَالَ أَن كنت إِنَّمَا أَنْت خَازِن نفق فَفِيمَ أَنْت من زَكَاة مَاله
وَذكر أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم عَن أبي وَائِل قَالَ كَانَ عِنْده ثَمَانِيَة الاف ليتيم فَكَانَ لَا يُؤَدِّي زَكَاته
اُخْبُرْنَا الثِّقَة من أَصْحَابنَا عَن أَزْهَر السمان قَالَ أَنبأَنَا أبن عون قَالَ

(1/461)


كَانَ عِنْد أبن سِيرِين يَتِيم لَهُ مَال أَو كَانَ عِنْده مَال الْيَتِيم فَدفعهُ مضاربه فَكَانَ لَا يُؤَدِّي زَكَاته وَذكر شريك عَن جَابر عَن عَامر الشّعبِيّ وَأبي جَعْفَر وَغَيره قَالُوا لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة
اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا حجاج بن ارطاة عَن الْقَاسِم أبن عبد الله عَن شُرَيْح أَنه قَالَ لَيْسَ فِي مَال الْيَتِيم زَكَاة

(1/462)


- بَاب الرجل يَمُوت وَلم يؤد زَكَاة مَاله
-
قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل هلك وَلم يؤد زَكَاة مَاله وَقد وَجَبت عَلَيْهِ أَنه أَن اوصى بهَا وَأمر أَن تنفذ الْوَصِيَّة جعلت من الثُّلُث فَأن أوصى لقوم بوصايا مُخْتَلفَة فَكَانَت الْوَصَايَا تَأتي على الثُّلُث وَبِذَلِك تحاصوا لَو لم يبْدَأ بِالزَّكَاةِ

(1/463)


على غَيرهَا من الْوَصَايَا فَأن لم يَأْمر بهَا الْمَيِّت وَلم يوص بِوَصِيَّة فَفعل أَهله ذَلِك فَهُوَ أقرب إِلَى الصَّوَاب وَأَن لم يَفْعَلُوا لم يلْزمهُم أَن يَفْعَلُوا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة بقول أبي حنيفَة فِي هَذَا كُله إِلَّا فِي خصْلَة وَاحِدَة قَالُوا أَن أوصى بهَا الْمَيِّت وَأمر بهَا أَن تنفذ فَأَنَّهُ يبْدَأ بهَا قبل الْوَصَايَا وَلَا يُجَاوز بهَا الثُّلُث لِأَنَّهَا بمنزله الَّذين عَلَيْهِ
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَو كَانَت دينا لجعلت من جَمِيع المَال أوصى بهَا أَو لم يوص بهَا فَأَما إِذا كَانَت لَا تجب الأ أَن يُوصي بهَا فَلَيْسَتْ بدين يبْدَأ بهَا

(1/464)


قبل الْوَصَايَا وَلكنهَا وَصِيَّة من الْوَصَايَا لَا يبْدَأ بهَا قبل الْوَصَايَا الا ان يَقُول الْمَيِّت فِي وَصِيَّة ابدؤا بهَا قبل الْوَصَايَا الَّتِي اوصيت بهَا فيفعل مَا قَالَ
وَلَو اوصى بهَا ثمَّ اوصى بِوَصِيَّة اخرى وَقَالَ ابدؤا بِالْوَصِيَّةِ الَّتِي اوصيت بهَا من الثُّلُث قبل الْوَصِيَّة بِالزَّكَاةِ اتى بهَا كَمَا اوصى واخذ بِالزَّكَاةِ لانه لَو اوصى بهَا ثمَّ بدا لَهُ ان يرجع عَنْهَا فَرجع عَنْهَا كَانَ لَهُ ذَلِك وَكَانَ بِمَنْزِلَة من لم يوص فاذا كَانَ لَهُ ان يرجع عَنْهَا وان يَتْرُكهَا فَلَا يُوصي بهَا وَلَا يبْقى فَلهُ ان يقدم غَيرهَا من الْوَصَايَا عَلَيْهَا وان اوصى بغَيْرهَا مَعهَا وَلم يذكر ببدئه بِوَاحِدَة من الْوَصَايَا تحاصوا جَمِيعًا وَلم تكن اولى من الثُّلُث من غَيرهَا

(1/465)


- بَاب الرجل يكون لَهُ الدّين على رجل وَلَا يقبضهُ الا بعد اعوام
-
قَالَ ابو حنيفَة فِي المَال الْكثير يكون دينا على رجل وَلَا يقبضهُ صَاحبه الا بعد ثَلَاثَة اعوام انه يُزَكِّيه كُله للسّنة الاولى ويزكيه كُله للسّنة الثَّانِيَة الا ان يرفع عَنهُ زَكَاة السّنة الاولى ويزكيه للسّنة الثَّالِثَة الا ان

(1/466)


يرفع عَنهُ زَكَاة السّنة الاولى وَالسّنة الثَّانِيَة وَكَذَلِكَ ان كَانَ لَهُ على صَاحبه اكثر من ذَلِك زَكَاة لذَلِك حَتَّى ينقص مِمَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة فاذا نقص مِمَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة لم يزكه لما بَقِي

(1/467)


وَقَالَ ابو حنيفَة وَلَا يشبه الدّين الَّذِي يقربهُ بِهِ الْغَرِيم المَال الْغَصْب المجحود
وَقَالَ لَو ان رجلا افاد مَالا فغصب مِنْهُ غَاصِب حِين افاده فجحده اياه اَوْ اخذ مِنْهُ سُلْطَان ظلما فحبسه عَنهُ سِنِين ثمَّ رد عَلَيْهِ لم يكن عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة فِيمَا مضى وَلكنه يسْتَأْنف فِيهِ الزَّكَاة فاذا حَال عَلَيْهِ الْحول مُنْذُ يَوْم قَبضه زَكَّاهُ
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي الدّين الَّذِي اقام عِنْد الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ سِنِين ذَوَات عدد ثمَّ قَبضه صَاحبه لم يجب عَلَيْهِ فِيهِ الا زَكَاة وَاحِدَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَيفَ يجب عَلَيْهِ زَكَاة وَاحِدَة وانما القَوْل اُحْدُ الْقَوْلَيْنِ اما ان لَا تكون عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة حَتَّى يقبضهُ ثمَّ يسْتَقْبل حولا جَدِيدا واما ان يُزَكِّيه لما مضى حَتَّى ينقص مِمَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة

(1/468)


ارايت ان قَالَ قَائِل يُزَكِّيه للسنتين للسّنة الاولى الَّتِي دَفعه فِيهَا وَالسّنة الاخيرة الَّتِي قَبضه فِيهَا لانه كَانَ فِي يَده فِي شَيْء من هَاتين السنتين فَلذَلِك زكى لَهما فاما مَا سوى ذَلِك من السنين الَّتِي لم يكن المَال فِي يَده فِي شَيْء مِنْهُنَّ فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ فِي ذَلِك
أَي شَيْء يَنْبَغِي لنا ان نرده عَلَيْهِ كَيفَ جَازَ لاهل الْمَدِينَة ان يَقُولُوا لسنة وَاحِدَة وَلم يجز لهَذَا مَا قَالَ وَقد جَاءَ بِوَجْه يشبه
ارايت اهل الْمَدِينَة لاي السنين يزكوا المَال للسّنة الَّتِي دفع فِيهَا المَال اَوْ السّنة الَّتِي قبض فِيهَا المَال اَوْ قالو هَذِه الزَّكَاة للسنين كلهَا فَكيف

(1/469)


يكون زَكَاة وَاحِدَة للسنين كلهَا لَيْسَ لهَذَا وَجه نعرفه وَلَكِن عَلَيْهِ زَكَاة هَذَا المَال لما مضى عَلَيْهِ من السنين لِأَنَّهُ كَانَ مَالا صَاحبه مقرّ وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ ان يَأْخُذهُ مِنْهُ فَهَذَا الَّذِي فرط فِيهِ
وَلَو كَانَ صَاحبه يجحده اياه لم يكن عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة حَتَّى يقبضهُ ثمَّ يُزَكِّيه لما يسْتَقْبل

(1/470)


اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة قَالَ حثدنا الْهَيْثَم بن ابي الْهَيْثَم عَن ابْن سِيرِين عَن عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ اذا كَانَ الدّين على النَّاس فقبضته تزكيه لما مضى

(1/471)


اُخْبُرْنَا عبد الله بن الْمُبَارك عَن اسامة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا انه قَالَ فِي الدّين يُرْجَى قَالَ زكه كل عَام وَقَالَ لَا جُمُعَة الا فِي الْمَسْجِد الاكبر وَقَالَ لَا جُمُعَة فِي السّفر واذا مَاتَ الرجل عَلَيْهِ صدَاق امْرَأَته فَهِيَ اسوة الْغُرَمَاء وان كَانَ فِي بَيته قَمح اَوْ زبيب اَوْ نَحْو ذَلِك فَهُوَ للْوَرَثَة الا ان يكون سَمَّاهُ للَّتِي دخل عَلَيْهَا وَهُوَ صَحِيح

(1/472)


- بَاب الرجل يكون عِنْده الْعرُوض للتِّجَارَة اعواما ثمَّ يَبِيعهَا ايزكى اثمانها
-
قَالَ ابو حنيفَة فِي الرجل يكون لَهُ الْعرُوض للتِّجَارَة فَمَكثت عِنْده اعواما لَا يَبِيعهَا ثمَّ يَبِيعهَا فَعَلَيهِ ان يُزكي اثمانها لما مضى من السنين كَمَا وصف زَكَاة الدّين الْمقر بِهِ فاذا نقصت اثمانها مِمَّا تجب فِيهِ الزَّكَاة لم يكن عَلَيْهِ زَكَاة
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا يكون عَلَيْهِ فِي اثمانها الا زَكَاة وَاحِدَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن مَا فِي الأَرْض حِيلَة فِي ترك الزَّكَاة مثل هَذِه ان كَانَ كَمَا قَالَ اهل الْمَدِينَة يكون المَال الْكثير فيشتري بِهِ التِّجَارَات من الْعرُوض الَّتِي اذا تربص بهَا الرجل ان زَاد فِي ثمنهَا فَهُوَ يزِيد سنة سنة فِي يَده لتربصه وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاة وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَلَكِن عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فان شَاءَ ادى ربع عشر

(1/473)


ذَلِك الشَّيْء بِعَيْنِه لكل سنة تَأتي عَلَيْهِ وان شَاءَ ادى قيمَة ذَلِك دَرَاهِم اَوْ دَنَانِير وان شَاءَ بَاعَ بعضه فَادى زَكَاة ذَلِك فاذا كَانَ يقدر على ان يفعل وَاحِدَة من هَذِه الْخِصَال فَكيف بطلت عَنهُ الزَّكَاة وَهَذَا مَال فِي يَده لم يُعْطه اياه انسان
- بَاب الرجل يكون عَلَيْهِ الدّين وَعِنْده عرُوض لغير تِجَارَة وَفِي بِدِينِهِ
-
قَالَ ابو حنيفَة فِي الرجل يكون عَلَيْهِ دين وَعِنْده من الْعرُوض لغير التِّجَارَة وَفِي بِدِينِهِ وَعِنْده مَال سوى ذَلِك انه يَجْعَل الدّين من المَال الْحَاضِر فان بَقِي مِنْهُ شَيْء تجب فِيهِ الزَّكَاة بعد اخراج الدّين مِنْهُ فَفِيهِ زَكَاة والا فَلَا زَكَاة عَلَيْهِ وَلَا يكون الدّين فِي الْعرُوض

(1/474)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي الرجل يكون عَلَيْهِ دين لَهُ الْعرُوض وَفِي بِدِينِهِ وَعِنْده مَال سوى ذَلِك مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة فانه يزكّى مَا بِيَدِهِ من المَال
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن ان الدّين انما يحْتَسب من الاموال الَّتِي تجب فِيهَا الزَّكَاة وَلَا يحْتَسب الدّين فِي مَتَاع بَيت الرجل وَلَا فِي دَاره وَلَا فِي ثِيَابه وَلَا فِي عروضه
ارايت رجلا لَهُ عرُوض تَسَاوِي الف دِرْهَم اسْتقْرض من رجل الف دِرْهَم فحال عِنْده حولان أعليه ان يُزكي الالف الَّتِي اسْتقْرض لمَكَان الْعرض الَّذِي كَانَ عِنْده
لَيْسَ لهَذَا وَجه تعرفه انما الدّين فِي المَال التَّام فان بَقِي مِنْهُ مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة بعد الدّين زَكَاة
ارايتم رجلا لَهُ عرُوض تَسَاوِي الف دِرْهَم فَاسْتقْرض الف دِرْهَم فَاشْترى بهَا اربعين شَاة سَائِمَة فحال الْحول على الْغنم السَّائِمَة اعليه ان يزكيها لمَكَان ذَلِك

(1/475)


الْعرض الَّذِي عِنْده ولمكان طَعَام قد جعله فِي بَيته رزقا لِعِيَالِهِ لسنتهم
الا ترَوْنَ ان هَذَا لَا يَسْتَقِيم وَلَيْسَ عَلَيْهِ عمل النَّاس
هَل رايتم اُحْدُ احتسب دينه فِي مَسْكَنه وخادمه وَترك اَوْ يحْتَسب فِي مَال التِّجَارَة انما تحسب الدُّيُون فِي اموال التِّجَارَة فان بَقِي بعد ذَلِك مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة زَكَاة
- بَاب الرجل يكون عِنْده مَال يديره للتِّجَارَة
-
قَالَ ابو حنيفَة مَا كَانَ من مَال عِنْد رجل يديده للتِّجَارَة وَلَا ينض لَهُ

(1/476)


مِنْهُ شَيْء فَيصير وَرقا اَوْ ذَهَبا فِي يَده انما يُخرجهُ من تِجَارَة الى تِجَارَة وَمن مَتَاع الى مَتَاع فانه ينظر هَل ملك مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة فِي ذَلِك فاذا حَال عَلَيْهِ الْحول من يَوْم ملكه زكى ثمَّ اذا حَال الْحول من يَوْم زَكَاة زكى مَا فِي يَده زَكَاة اخرى فيقومها كَذَا ايضا وَلَا يُبَالِي نض فِي يَده مَال اَوْ لم ينض
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يَجْعَل لَهُ شهرا من السّنة يقوم فِيهِ مَا كَانَ عِنْده من عرُوض التِّجَارَة ويحصى مَا فِي يَده من النَّقْد اَوْ الْعين فاذا بلغ ذَلِك كُله مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة فانه يُزَكِّيه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قد رَجَعَ اهل الْمَدِينَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة عَن قَوْلهم

(1/477)


الَّذِي قَالُوا فِي الرجل يكون لَهُ الْعرُوض للتِّجَارَة فَلَا يَبِيعهَا بعد اعوام انه يكون عَلَيْهِ زَكَاة وَاحِدَة يَنْبَغِي فِي قَوْلهم ان لَا يكون فِي هَذَا المَال زَكَاة وان ادارة من يَوْم تِجَارَته من تِجَارَة الى تِجَارَة وَمن مَتَاع الى مَتَاع عشْرين سنة حَتَّى يَبِيعهُ بناض ينض فِي يَده فاذا بَاعه بذلك زَكَّاهُ لسنة وَاحِدَة
وَلَكِن اهل الْمَدِينَة يفاحش عَلَيْهِم قَوْلهم يُمكنهُم ان يتصلوا الزَّكَاة على الْمُسلمين
مَا بَين ترك التَّاجِر مَاله فِي التِّجَارَة الْوَاحِدَة يتربص بهَا وَيطْلب بهَا الْفضل وَبَين ادارته ذَلِك من تِجَارَة الى تِجَارَة الا انه لَا ينض مِنْهَا فِي يَده شَيْء فرق فلئن وَجَبت الزَّكَاة فِي احداهما لتجبن فِي الاخرى
ارايتم رجلا كَانَ فِي يَده تِجَارَة فبارت عَلَيْهِ فَلم يجد بهَا ناضا فحولها

(1/478)


الى تِجَارَة اخرى وَكَانَت طَعَاما فَاشْترى بهَا بزا ثمَّ بارت الَّتِي عِنْده فَاشْترى بهَا عطر فَلَمَّا يزل يحول ذَلِك من تِجَارَة الى تِجَارَة حَتَّى اتى على ذَلِك عشْرين سِنِين اَوْ كَانَ فِي يَده بز فبار عَلَيْهِ فَلم يَأْتِ براس مَاله فامسكه رَجَاء الْفضل ورجاء ان الله يرد عَلَيْهِ رَأس مَاله فَمَكثَ عِنْده عشر سِنِين اينبغي ان يكون بَين هذَيْن فرق وَلَئِن وَجَبت الزَّكَاة فِي احدهما لتجبن فِي الاخر وَمَا امساكه هذَيْن

(1/479)


لرغبة يطْلبهَا اَوْ الْبَوَار الاسواء لانه قد يقدر على ان يَبِيع الَّذِي بار عَلَيْهِ بوضيعة فيزكي مَا نض فِي يَده من الثّمن فان كَانَ اقل من رَأس المَال فَكَذَلِك يُؤمر قبل ان يَبِيع ان يزكّى قيمَة ذَلِك الشَّيْء على وضيعية اَوْ ربح ثمنه بِسنة وَلَا يزكّى على رَأس مَاله الاول

(1/480)


- بَاب زَكَاة الْمَاشِيَة
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يكون لَهُ الْغنم والمعز والضأن والابل البخت والعراب وَالْبَقر والجواميس ان ذَلِك يجمع بعضه الى بعض

(1/481)


فَيجمع الْغنم كلهَا على حِدة وَيجمع البخت والعراب كلهَا على حِدة وَيجمع الجواميس وَالْبَقر كلهَا على حِدة ثمَّ يعرفهَا الْمُصدق فَيَأْخُذ من اوسطها الْفَرِيضَة الَّتِي تجب عَلَيْهِ فان شَاءَ اخذ ذَلِك من البخت دون العراب وان شَاءَ اخذ ذَلِك من الْبَقر دون الجواميس وان شَاءَ اخذ ذَلِك من الْمعز دون الضَّأْن ان قل اُحْدُ الصِّنْفَيْنِ اَوْ كثر فَذَلِك سَوَاء اخذ من أَي الصِّنْفَيْنِ شَاءَ لانه شَيْء وَاحِد
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يجمع بعض ذَلِك الى بعض كَمَا قَالَ ابو حنيفَة فان كَانَ اُحْدُ الصِّنْفَيْنِ الَّذِي اضيف اكثر من الاخر اخذ فَرِيضَة الله من الاكثر وان كَانَا سَوَاء اخذ فَرِيضَة الله من ايهما شَاءَ

(1/482)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كل هَذَا وَاحِد ان يَأْخُذ من أَي ذَلِك شَاءَ اذا كَانَت وسطا وَلم تكن الَّتِي يَأْخُذ من حملهَا
ارايتم لَو وجد فَرِيضَة فِي الْقَلِيل من الصِّنْفَيْنِ وَلم يجدهَا فِي الْكثير مِنْهُمَا اَوْ وجد الْكثير افضل فِي السَّبق من فَرِيضَة اَوْ دون ذَلِك أَلَيْسَ يَأْخُذ الْفَرِيضَة من الصِّنْف الْقَلِيل فَكَذَلِك ياخذ من ايهما شَاءَ اذا وجد الْفَرِيضَة فيهمَا جَمِيعًا
اُخْبُرْنَا عبد الله بن الْمُبَارك عَن معمر بن رَاشد عَن سماك بن الْفضل عَن شهَاب

(1/483)


ابْن عبد الله الْخَولَانِيّ قَالَ خرج سعد الاعرج وَكَانَ من اصحاب يعلى ابْن امية حِين قدم الْمَدِينَة فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ايْنَ تُرِيدُ قَالَ الْجِهَاد قَالَ ارْجع الى صَاحبك ويعلى بن امية يَوْمئِذٍ على الْيمن فان عملا بِحَق جِهَاد حسن فَلَمَّا اراد ان يرجع قَالَ لَهُم عمر رَضِي الله عَنهُ اذا مررتم بِصَاحِب المَال فَلَا تنسوا الْحَسَنَة تحسنوها صَاحبهَا وَفرقُوا المَال ثَلَاث فرق فخيروا صَاحب المَال ثلثا ثمَّ اخْتَارُوا فِي اخذ الثُّلثَيْنِ ثمَّ صغروها فِي كَذَا وَكَذَا

(1/484)


قَالَ فوضعها لَهُم قَالَ سعد فَكُنَّا نخرج فنأخذ الصَّدَقَة ثمَّ نقسهما فَمَا نرْجِع الا بسياطنا

(1/485)


- بَاب صَدَقَة الخليطين يكون بَينهمَا الْغنم
-
قَالَ ابو حنيفَة لَا تجب على الخليطين يكون بَينهمَا الْغنم السَّائِمَة وَالْبَقر والابل الزَّكَاة حَتَّى يكون لكل وَاحِد مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة فان كَانَ لاحدهما مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة وَلم يكن للاخر فعلى الَّذِي لَهُ مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة زَكَاة وَلَيْسَ على الاخر زَكَاة والخليطان الشريكان فِي الْغنم
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة بقول ابي حنيفَة فِي ذَلِك كُله الا انهم قَالُوا الخليطان ليسَا بشريكين انما الخليط اذا كَانَ الرَّاعِي وَاحِدًا والدلو وَاحِدًا والمراح وَاحِدًا والفحل وَاحِد فالرجلان خليطان وان عرف كل وَاحِد مِنْهُمَا مَاله

(1/486)


من مَال صَاحبه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف يكون هَذَانِ خليطين وَمَا لَهما متفرق وانما جَاءَ فِي الحَدِيث الخليطان يترادان الْفضل بِالسَّوِيَّةِ على عدد اموالهما فاذا كَانَ مَالهمَا مُتَفَرقًا فَكيف يترادان
ارايتم ان وجد الْمُصدق فريضتهما جَمِيعًا فِي غنم احدهما واغنامهما مُتَفَرِّقَة فَيُؤْخَذ فريضتهما جَمِيعًا فِي غنم احدهما لَيْسَ لهَذَا معنى نعرفه انما الخليطان اللَّذَان غنمهما وَاحِدَة وكل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ من الْغنم مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة واحدهما اكثر غنما من الاخر يكون لاحدهما ثَمَانُون شَاة وَلَو اُحْدُ اربعون

(1/487)


شَاة فَيَأْخُذ مِنْهُمَا شأتين من اغنامهما فَيرد صَاحب الاربعين على صَاحبه ثلث قيمَة شَاة لانه اخذ من غنمه شَاة وانما لَهُ من الشأتين اللَّتَيْنِ اخذتا ثلثا شَاة فَهَذَا وَشبهه الَّذِي يتراد فِيهِ الخليطان فاما الْغنم اذا كَانَت مُتَفَرِّقَة فَلَيْسَ يُؤْخَذ من احدى الْغَنَمَيْنِ مَا تجب من الزَّكَاة فِي الْغنم الاخريين وَكَذَلِكَ الابل وَالْبَقر
- بَاب مَا يجب فِي السخال من الزَّكَاة
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يكون لَهُ الْغنم لَا يجب فِيهَا الصَّدَقَة فتتوالد قبل ان يَأْتِيهِ الْمُصدق بِيَوْم وَاحِد فتبلغ مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة بسخالها انه لَا تجب فِيهَا الصَّدَقَة حَتَّى يحول عَلَيْهَا الْحول مُنْذُ يَوْم وَجب فِيهَا الصَّدَقَة

(1/488)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِيهَا الصَّدَقَة على صَاحبهَا يَوْم يحول الْحول على الاولى
وَقَالُوا وَلَا يشبه الاولاد مَا افدي مِنْهَا بشرَاء اَوْ هبة اَوْ مِيرَاث
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن هَذَا كُله وَاحِد مَا افاد بشرَاء اَوْ هبة اَوْ مِيرَاث وَمَا ولدت سَوَاء
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ايضا فِي الْعرض يكون للتِّجَارَة لَا يبلغ ثمنه مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره فيحول عَلَيْهِ الْحول ثمَّ يَبِيعهُ صَاحبه بِرِبْح فَيبلغ ربحه مَا تجب فِيهِ الصَّدَقَة انه يصدق الرِّبْح مَعَ راس

(1/489)


المَال حِين يَبِيعهُ
وَلَو كَانَ ربحه فَائِدَة اَوْ مِيرَاثا افادها لم تجب عَلَيْهِ فِيهِ الصَّدَقَة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول من يَوْم افاده اَوْ وَرثهُ فغداء الْغنم مِنْهَا كَمَا ان ربح المَال مِنْهُ
وَقَالَ ابو حنيفَة هَذَا كُله سَوَاء الرِّبْح وَالْولد والفائدة وَلَا زَكَاة فِي شَيْء من ذَلِك حَتَّى يحول الْحول من يَوْم صَار لَهُ مَال تجب فِي مثله الزَّكَاة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن ان الرِّبْح وَالْولد لم يَكُونَا بِمَال لَهُ حَتَّى ولد وَحَتَّى ربح الرِّبْح فَكيف افترق هَذَا والفائدة الَّتِي يُفِيد

(1/490)


- بَاب الرجل يكون لَهُ المَال الْوَرق وَالذَّهَب ثمَّ افاد اليهما مَالا
-
قَالَ ابو حنيفَة فِي رجل يكون لَهُ مَال من ذهب اَوْ ورق تجب فيهمَا الزَّكَاة ثمَّ افاد اليهما مَالا ذَهَبا اَوْ وَرقا تجب فِيهِ الزَّكَاة اَوْ لَا تجب انه يجمع ذَلِك كُله ثمَّ يُزكي مَعَ مَاله الاول يَوْم يُزَكِّيه وَالْمَال الثَّانِي تبع للاول من فَائِدَة اَوْ غَيرهَا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يُزكي مَاله الاول حِين يحول عَلَيْهِ الْحول وَلَا يُزكي مَال الْفَائِدَة حَتَّى يحول على الْفَائِدَة الْحول
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن يَنْبَغِي لصَاحب هَذَا المَال ان يقْعد حسابا يحسبون لَهُ زَكَاة مَاله مَتى تجب
ارايتم الرجل اذا كَانَ يُفِيد الْيَوْم الْفَا وَغدا الفين وَبعد غَد ثَلَاثَة الاف

(1/491)


وَبعد ذَلِك خَمْسَة الاف وَبعد ذَلِك بِعشْرين يَوْمًا عشرَة الاف أينبغي لَهُ ان يُزكي كل مَال من هَذِه الاموال على حِدة وَهَذَا قَول ضيق لَا يُوَافق مَا عَلَيْهِ النَّاس يَنْبَغِي لَهُ ان يجمع مَال كُله ثمَّ يُزَكِّيه اذا وَجَبت الزَّكَاة على مَاله الاول
- بَاب الرجل يكون لَهُ الْمَاشِيَة قد وَجَبت فِيهَا الصَّدقَات ثمَّ تهْلك
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل هَلَكت مَاشِيَته وَقد وَجَبت فِيهَا الصَّدَقَة اَوْ صَارَت الى مَالا صَدَقَة فِيهَا انها ان هَلَكت كلهَا لم يكن عَلَيْهِ فِيهَا صَدَقَة وان بَقِي فِيهِ مَالا يجب فِيهِ الصَّدَقَة زكى مَا بَقِي بِحِسَاب ذَلِك

(1/492)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا صَدَقَة عَلَيْهِ فِي ذَلِك كُله وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ فِيمَا هلك من مَاله
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن ارايتم ان ملك اربعين من الْغنم فحال عَلَيْهَا الْحول فَهَلَك مِنْهَا عشرُون وَبَقِي عشرُون ثمَّ لَا يُؤدى عَن نصف مَا بَقِي شَاة وَالشَّاة قد كَانَت وَجَبت فِي الْغنم كلهَا يَنْبَغِي ان يُؤدى عَن مَا بَقِي نصف شَاة وَلَا يبطل الزَّكَاة بسخلة وَاحِدَة لَو نقصت من الْغنم وَهِي اربعون وَلكنه يُزكي مَا بَقِي بِحِسَاب ذَلِك
ارايتم اربعين شَاة حَال عَلَيْهَا الْحول الْيَسْ فِيهَا شَاة قَالُوا بلَى قيل لَهُم

(1/493)


فان الذِّئْب عدا على سخلة مِنْهَا فَقَتلهَا اتبطل الزَّكَاة عَمَّا بَقِي
ارايتم رجلا اخرجت ارضه خَمْسَة اوسق حِنْطَة اَوْ شَعِيرًا اَوْ تَمرا اَوْ زبيبا فَعدا رجل على صَاع من ذَلِك فسرقه وهرب وَلَا يقدر عَلَيْهِ اتبطل الزَّكَاة عَن مَا بَقِي لذهاب ذَلِك الصَّاع
ارايتم رجلا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَم فحال عَلَيْهَا الْحول فَوَجَبَ فِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم فَسرق رجل مِنْهَا درهما ثمَّ هرب فَلم يقدر عَلَيْهِ اَوْ ضَاعَ مِنْهَا دِرْهَم اتبطل الزَّكَاة عَمَّا بَقِي هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي ان يُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة بِحِسَاب مَا بَقِي وَلَا تبطل زَكَاة مَا بَقِي لما ذهب
- بَاب مَا يقسم للمصدق من الْوَرق
-
قَالَ ابو حنيفَة لَيْسَ لِلْعَامِلِ على الصَّدَقَة فَرِيضَة مُسَمَّاة وَكَذَلِكَ قَالَ اهل الْمَدِينَة وَقد قَالَ بعض النَّاس فريضته الثّمن لَان الله تَعَالَى جعل

(1/494)


الصَّدقَات على ثَمَانِيَة اسهم
وَقَالَ ابو حنيفَة فِي قسم الصَّدقَات ذَلِك الى الْوَالِي وَلَا بَأْس بتفضيل بَعضهم على بعض على قدر الْحَاجة وان رأى ان يُعْطِيهَا صنفا وَاحِدًا لحاجتهم لَا بَأْس بذلك

(1/495)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ذَلِك عندنَا لَا يكون الا على وَجه الِاجْتِهَاد

(1/496)


من الْوَالِي فاي الاصناف كَانَت فِيهِ الْحَاجة وَالْعدَد اوثر ذَلِك الصِّنْف بِقدر مَا يرى الْوَالِي وَعَسَى ان ينْتَقل ذَلِك الى الصِّنْف الاخر بعد عَام اَوْ عَاميْنِ اَوْ اعوام فيؤثر اهل الْحَاجة وَالْعدَد حَيْثُ مَا كَانَ ذَلِك
وَقَالَ بعض النَّاس يوضع فِي كل صنف على عدد الاصناف وَهُوَ قِيَاس قَول الَّذين قَالُوا للعاملين عَلَيْهَا الثّمن لَان الاصناف ثَمَانِيَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن القَوْل الاول احسن الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْمعول الَّذِي اجْمَعْ عَلَيْهِ اهل الْكُوفَة واهل الْمَدِينَة
- بَاب زَكَاة النّخل والحبوب
-
قَالَ ابو حنيفَة فِيمَا أخرجت الارض فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون والبعل

(1/497)


الْعشْر وَمَا سقى من النَّضْح والدالية والغرب نصف الْعشْر وَذَلِكَ فِيمَا اخرجت الارض من قَلِيل اَوْ كثير وَكَذَلِكَ ذكر ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن

(1/498)


ابراهيم أَنه جعل الْعشْر وَنصف الْعشْر فِيمَا اخرجت الارض من قَلِيل اَوْ كثير

(1/499)


ولسنا نَأْخُذ بِهَذَا من قَول ابي حنيفَة وابراهيم وَلَكنَّا نَأْخُذ بِمَا روى

(1/502)


عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة اوسق صَدَقَة ونأخذ بِمَا جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(1/505)


حِين بعث معَاذ بن جبل الى الْيمن فَلم يَأْخُذ من الْخضر صَدَقَة والوسق عندنَا سِتُّونَ صَاعا بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَلِكَ قَالَ اهل الْمَدِينَة واذا كَانَ الثِّمَار مُخْتَلفَة جمع بَعْضهَا الى بعض من غير ان يخلط

(1/507)


ثمَّ يَأْخُذ الصَّدَقَة اذا بلغت خَمْسَة اوسق من وسط الثَّمر لَا يُؤْخَذ فِي صَدَقَة النّخل الجعرور وَلَا مصران الفارة وَلَا عذق ابْن حبيق وَهُوَ

(1/508)


يعد على صَاحب المَال وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُ فِي الصَّدَقَة وانما مثل ذَلِك عِنْدهم مثل السخال لَا يُؤْخَذ مِنْهَا فِي الصَّدَقَة ويحتسب فِي الْعدَد وَقد يكون فِي الاموال ثمار لَا يُؤْخَذ مِنْهَا الصَّدَقَة مثل البراني وَمَا اشبهه من خِيَار النّخل فَكَذَلِك لَا يُؤْخَذ من ادناه كَمَا لَا يُؤْخَذ من خِيَاره وانما تُؤْخَذ

(1/509)


الصَّدَقَة من وسط المَال وَكَذَلِكَ قَوْلنَا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ايضا اذا كَانَت لرجل قطع اموال مُتَفَرِّقَة اَوْ اشْتِرَاك فِي اموال مُتَفَرِّقَة لَا يبلغ مَال كل شريك فِي كل شرك مِنْهَا اَوْ قِطْعَة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة وَكَانَت اذا جمع بَعْضهَا الى بعض يبلغ مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة فانا نجمعها ونؤدي عَنْهَا الزَّكَاة فَكَذَلِك قَوْلنَا اذا كَانَ ذَلِك من صنف وَاحِد
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الْحُبُوب الَّتِي تجب فِيهَا الزَّكَاة بعد النّخل وَالْكَرم الْحِنْطَة

(1/510)


وَالشعِير والسلت والذرة والدخن والارز والعدس والحمص والجلجلان واللوبيا والجلبان وَمَا اشبه ذَلِك من الْحُبُوب الَّتِي تصير طَعَاما يذكر فالزكاة تُؤْخَذ من ذَلِك كُله بعد ان تحصد وَتصير حبا

(1/511)


وَكَذَلِكَ قَوْلنَا وَنحن نرى ايضا ان يُؤْخَذ الصَّدَقَة عَمَّا يكْتب لَهُ غلَّة يبْقى فِي ايد النَّاس من الزَّعْفَرَان وَنَحْو اذا بلغ فَاخْرُج من ذَلِك خَمْسَة اوسق ادنى مَا يخرج من الارض من الاوسق الْخَمْسَة وَالزَّيْتُون عندنَا وَعند اهل الْمَدِينَة بِمَنْزِلَة التَّمْر وَالزَّبِيب فِيهِ الْعشْر اَوْ نصف الْعشْر اذا بلغت ثَمَرَته خَمْسَة اوسق وَمَا لم يبلغ ثَمَرَته خَمْسَة اوسق فَلَا زَكَاة فِيهِ

(1/512)


وَقَالَ ابو حنيفَة فِي كَثِيره وقليله الْعشْر اذا سقى بِمَاء يجب بِهِ الْعشْر وَفِيه نصف الْعشْر اذا سقى بِمَاء يجب فِيهِ نصف الْعشْر من النَّضْح والغرب وَنَحْوهمَا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي الرجل يكون لَهُ الارض فيجد مِنْهَا اربعة اوسق من التَّمْر وَمَا يقطف مِنْهَا اربعة اوسق من الزَّبِيب مَا يحصد مِنْهَا اربعة اوسق من الْحِنْطَة وَمَا يحصد مِنْهَا اربعة اوسق من القطنية انه

(1/513)


لَا يجمع عَلَيْهِ بعض ذَلِك الى بعض وانه لَيْسَ عَلَيْهِ فِي شَيْء من ذَلِك عشر وَلَا زَكَاة حَتَّى تكون فِي الصِّنْف الْوَاحِد من التَّمْر اَوْ فِي الزَّبِيب اَوْ الْحِنْطَة اَوْ فِي القطنية مَا يبلغ الصِّنْف الْوَاحِد مِنْهُ خَمْسَة اوسق والوسق سِتُّونَ صَاعا بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَلِكَ قَوْلنَا ايضا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يجمع القطنية بَعْضهَا إِلَى بعض لانها صنف وَاحِد مثل الْحِنْطَة وَحدهَا وَالتَّمْر وَحده وَالزَّبِيب وَحده وان اخْتلفت اسماءها والوانها والقطنية الحمص والعدس واللوبيا والجلبان وكل

(1/514)


مَا ثَبت مَعْرفَته عِنْد النَّاس انه من ذَلِك الصِّنْف فاذا حصد الرجل من ذَلِك خَمْسَة اوسق بالصاع الاول صَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وان كَانَ من الاصناف كلهَا لَيْسَ من صنف وَاحِد من القطنيه فانه يجمع ذَلِك بعضه الى بعض وَعَلِيهِ فِيهِ الزَّكَاة
واما نَحن فانا لَا نضيف بعض ذَلِك إِلَى بعض فانها اصناف مُخْتَلفَة وَلَا نجْعَل فِي شَيْء من ذَلِك عشرا حَتَّى يبلغ كل صنف من ذَلِك خَمْسَة اوسق وَهَذِه اصناف مُتَفَرِّقَة مثل الْحِنْطَة وَالتَّمْر وَالزَّبِيب
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَيست بأصناف مُتَفَرِّقَة وَلكنهَا صنف وَاحِد
قُلْنَا لَهُم فَمَا تَقولُونَ تَقولُونَ فِي رجل اخذ من رجل اثْنَيْنِ من الحمص بِوَاحِد من العدس يدا بيدا اترون بِهِ باسا
قَالُوا لَا نرى باسا بذلك

(1/515)


أَفلا ترَوْنَ انهما صنفان متفرقان وان هَذَا لَا يشبه التَّمْر المتفرق الوانه واجناسه لَان ذَلِك لَا يجوز الا مثلا بِمثل وَكَذَلِكَ الْعِنَب الْأَبْيَض مِنْهُ والا سود فَكَذَلِك ايضا يُضَاف بعضه الى بعض لانه صنف وَاحِد
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ارايتم الذَّهَب بِالْفِضَّةِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد مَا ترَوْنَ فِيهِ قُلْنَا لَهُم لَا باس بذلك يدا بيد
قَالُوا فَمَا تَقولُونَ فِي رجل لَهُ ذهب لَا يجب فِي مثله زَكَاة وَفِضة لَا تجب فِيهَا الزَّكَاة وانت اذا جمعتهما وَجَبت فيهمَا الزَّكَاة يجمع ذَلِك ثمَّ يُزَكِّيه قُلْنَا نعم
قَالُوا فَمَا القطنية الا صنفا وَاحِدًا يجمع قُلْنَا لَهُم فَمَا يمنعكم ان تجمعُوا التَّمْر الى الزَّبِيب فاذا بلغا جَمِيعًا خَمْسَة اوسق جعلتم فِيهَا الزَّكَاة كَمَا جعلتم فِي القطنية وقستم ذَلِك بِالذَّهَب وَالْفِضَّة يَنْبَغِي لمن قَاس القطنية

(1/516)


بِالذَّهَب وَالْفِضَّة ان يقيس التَّمْر وَالزَّبِيب بِالذَّهَب وَالْفِضَّة
فان فرقتم بَين ذَلِك فَمن ايْنَ افْتَرقَا
ان الذَّهَب وَالْفِضَّة اصل زكاتهما وَاحِدَة
الا ترَوْنَ ان ذَلِك يجمع مَعَ اموال التِّجَارَات الَّتِي تدار فِي التِّجَارَات ثمَّ تزكّى مَعهَا والتجارات ثِيَاب وعروض ودواب فَيقوم ذَلِك وَهِي مُخْتَلفَة الاجناس ثمَّ يجمع مَعَ الذَّهَب وَالْفِضَّة فيزكى ذَلِك كُله فالذهب وَالْفِضَّة لَا يشبه الْحُبُوب
ارايتم رجلا بَاعَ تبرا بِعَيْنِه بِفِضَّة تبرا بِعَينهَا فَافْتَرقَا قبل ان يتقايضا الْيَسْ البيع متنقضا قَالُوا بلَى
قُلْنَا لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي رجل بَاعَ صاعه من حمص بِعَيْنِه بِصَاع من عدس بِعَيْنِه فَافْتَرقَا قبل ان يتقايضا فان قُلْتُمْ ان هَذَا جَائِز لَا ترَوْنَ انهما مَعَه مفترقان يَنْبَغِي لمن جمع القطنيه ان يجمع التَّمْر وَالزَّبِيب والا فقد ترك قَوْله
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي النخيل يكون بَين الرجلَيْن فيجدان مِنْهَا ثَمَانِيَة

(1/517)


اوسق من التَّمْر لَا صَدَقَة عَلَيْهِمَا فِيهَا وَكَذَلِكَ قَوْلنَا ايضا
واما قَول ابي حنيفَة فعلى كل قَلِيل وَكثير من ذَلِك الصَّدَقَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن اسحاق بن حَازِم عَن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَيْصِن عَن عَطاء بن ابي رَبَاح قَالَ لَيْسَ فِي القطنية شَيْء حَتَّى يكون من كل صنف خَمْسَة اوسق
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن عُثْمَان

(1/518)


ابْن حنيف عَن حَكِيم بن حَكِيم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز مثل هَذَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن مُحَمَّد بن ابي الْحسن البراد عَن مُحَمَّد بن ابي حوملة قَالَ سَأَلت سُلَيْمَان بن يسَار عَن زَيْت الفجل بِزَيْت الزَّيْتُون اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد قَالَ لَا بَأْس بِهِ وَسَأَلت عَن الحمص بالعدس اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيدا فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ
- بَاب زَكَاة الْفطر
-
قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ يُؤَدِّي الرجل اذا كَانَ مُوسِرًا صَدَقَة الْفطر عَن نَفسه وَعَن وَلَده الصغار وَعَن رقيقَة الَّذين لغير التِّجَارَة فاما مَا كَانَ من

(1/519)


رقيقَة للتِّجَارَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنهُ صَدَقَة الْفطر لانه يُؤَدِّي عَن ذَلِك زَكَاة التِّجَارَة
وَلَيْسَ على الرجل ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن زَوجته وَلَا عَن وَلَده الْكَبِير من رجل وَامْرَأَة

(1/520)


ان كَانَ لَهُم مَال ادوا عَن انفسهم والا فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنْهُم
وعَلى الرجل ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن مُدبرَة وام وَلَده لانهم رقيقَة ومالهم مَاله
وَلَيْسَ ان يُؤَدِّي عَن مكَاتبه وان كَانَ عبدا لَهُ
الا ترى ان الْمكَاتب ان كسب مَالا لم يكن للْمولى على ذَلِك سَبِيل وَكَانَ ذَلِك للْمكَاتب الا ان يُؤَدِّي عَنهُ مُكَاتبَته فان بَقِي شَيْء كَانَ لَهُ فَلذَلِك لَيْسَ على مَوْلَاهُ ان يُؤَدِّي عَنهُ وَلَا عَن رَقِيقه صَدَقَة الْفطر وَلَيْسَ على الْمكَاتب ان يُؤَدِّي عَن نَفسه صَدَقَة الْفطر وَلَا عَن رَقِيقه لانه لَا يجوز لَهُ صَدَقَة وَلَا هبة
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة على الرجل ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن كل من يضمن نَفَقَته ولابد لَهُ من ان ينْفق عَلَيْهِ وَالرجل يُؤَدِّي عَن مكاتبيه ومدبره

(1/521)


ورقيقه كلهم شاهدهم وغائبهم من كَانَ مِنْهُم مُسلما وَمن كَانَ مِنْهُم للتِّجَارَة اَوْ لغير التِّجَارَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف وَجب على الرجل ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن رقيقَة الَّذين للتِّجَارَة
ارايتم رجلا يتجر فِي الرَّقِيق فَهُوَ يُدِير الرَّقِيق فِي الرَّقِيق وَلَا ينض فِي يَده مَال اما يَنْبَغِي لَهُ ان يُزكي قيمَة الرَّقِيق فِي قَول اهل الْمَدِينَة فانهم يرَوْنَ فِي ذَلِك الزَّكَاة
ارايتم إِذا زَكَاة التِّجَارَة فِي كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم ثمَّ جَاءَ يَوْم الْفطر بعد ذَلِك بِيَوْم ايزكيهم ايضا زَكَاة الْفطر فَيجب عَلَيْهِ فِي مَال وَاحِد زَكَاة مرَّتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ هَذَا قَول لَا نعلم احدا من الْعلمَاء قَالَه وَاسْتَحْسنهُ

(1/522)


وَيَنْبَغِي لَهُم ان يَقُولُوا هَذَا فِي السَّائِمَة ايضا اذا كَانَت للتِّجَارَة يزكونها زَكَاة التِّجَارَة وَزَكَاة السَّائِمَة
- بَاب زَكَاة الْفطر على عبد الرجل الْكَافِر وَالْمُسلم
-
قَالَ ابو حنيفَة من كَانَ من رَقِيق الرجل كَافِرًا وَهُوَ لغير التِّجَارَة فَعَلَيهِ فِيهِ زَكَاة

(1/523)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة من كَانَ مِنْهُم كَافِرًا فَلَا زَكَاة على مَوْلَاهُ فِيهِ
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَلم لَا تجب الزَّكَاة فِيهِ وان كَانَ كَافِرًا انما الزَّكَاة على الْمُسلم فَلَا يُبَالِي كَافِرًا كَانَ عَبده اَوْ مُسلما
الا ترى ان الْمولى اذا كَانَ كَافِرًا لم تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة فَكَذَلِك اذا كَانَ مُسلما كَانَت عَلَيْهِ الزَّكَاة وَلَا يبالى مَا كَانَ عَبده مَعَ ان فِي هَذَا آثارا كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع الاسدي عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ فِي الرجل يكون لَهُ عبد نَصْرَانِيّ اَوْ يَهُودِيّ قَالَ يُؤَدِّي عَنهُ زَكَاة الْفطر

(1/524)


اُخْبُرْنَا اسماعيل بن عَيَّاش الْحِمصِي قَالَ حَدثنِي عَمْرو بن المُهَاجر قَالَ قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز يعْطى الرجل الْمُسلم عَن مَمْلُوكه النَّصْرَانِي صَدَقَة الْفطر
اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ قَالَ اُخْبُرْنَا دَاوُد بن الْحصين عَن الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد بن ابي بكر قَالَ يخرج سيد العَبْد الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ عَنهُ صَدَقَة الْفطر

(1/525)


- بَاب زَكَاة الْفطر يُؤَدِّيه عَن اهله وخدمها
-
قَالَ ابو حنيفَة لَيْسَ على الرجل ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن امْرَأَته وَلَا عَن اُحْدُ من خدمها وَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر الا عَن نَفسه

(1/526)


وَعَن اولاده الصغار ورقيقة الَّذين لغير التِّجَارَة واما عَن غَيرهم من اولاده الْكِبَار فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنْهُم وان كَانَ لامْرَأَته ولاولاده الْكِبَار مَال فليؤدوا عَن انفسهم والا فَلَيْسَ عَلَيْهِم ان يؤدوا شَيْئا

(1/527)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة على الرجل ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن امْرَأَته وخادم وَاحِد من خدمها وَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَن سَائِر رقيقها
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف يجب عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن امْرَأَته وَهِي امْرَأَة قد بلغت وَقد جرى عَلَيْهَا مَا يجْرِي على الْمُسلمين فِي اموالهم من الزَّكَاة فَكَمَا ان عَلَيْهَا ان تزكي عَن مَالهَا فَكَذَلِك عَلَيْهَا ان تزكي عَن نَفسهَا
أَلا ترَوْنَ انه لَا تجب صَدَقَة الْفطر عندنَا على الْمُعسر الَّذِي لَا يقدر فَكَذَلِك

(1/528)


اذا كَانَ مُوسِرًا وَكَانَت الصَّدَقَة تجب عَلَيْهِ فِي مَاله وَجَبت عَلَيْهِ فِي نَفسه وَلَيْسَ على غَيره ان يُؤَدِّي عَنهُ
قَالُوا نزعم ان كل من يجب على الرجل ان ينْفق عَلَيْهِ وَجب عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنهُ زَكَاة الْفطر
قيل لَهُم ان النَّفَقَة انما هِيَ معايش وَلَا بُد للنَّاس من مَعَايشهمْ وَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يتْرك ولد صَغِير وَلَا زَوْجَة بِغَيْر نَفَقَة لَان فِي ذَلِك تلفا لَهما
واما الصَّدَقَة فَهُوَ شَيْء يتَقرَّب بِهِ الى الله عز وَجل فانما تجب ذَلِك على من تجب عَلَيْهِ الْفَرَائِض لله تَعَالَى فاذا وَجَبت الْفَرَائِض لله على عبد وامة

(1/529)


وَجب عَلَيْهِ صَدَقَة الْفطر فِي مَاله كَمَا تجب الزَّكَاة فاذا لم يكن لَهُ مَال فقد وضع الله تَعَالَى عَنهُ زَكَاة المَال وَصدقَة الْفطر لانها انما تجب فِي المَال على من تجب عَلَيْهِ الزَّكَاة
- بَاب زَكَاة العَبْد الْآبِق فِي الْفطر وَغَيره
-
وَقَالَ ابو حنيفَة لَا زَكَاة على الرجل فِي عَبده الابق لفطر وَلَا غَيره لانه قد فَاتَهُ بِنَفسِهِ وَكَذَلِكَ لَو ان رجلا غصب رجلا عَبده فجحده اياه اَوْ سُلْطَان غصب رجلا عبدا فظلمه اياه لم تجب على الرجل فِي وَاحِد من هَؤُلَاءِ العبيد

(1/530)


صَدَقَة الْفطر
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي العَبْد الْآبِق ان سَيّده ان علم مَكَانَهُ اَوْ لم يعلم وَكَانَت غيبته قريبَة وَهُوَ يُرْجَى حَيَاته ورجعته فان على مَوْلَاهُ فِيهِ صَدَقَة الْفطر وان كَانَ اباقه قد طَال وأيس عَنهُ فَلَا نرى ان يُزكي عَنهُ
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف افترق من قرب اباقه وَمن طَال اباقه لَيْسَ بَين هذَيْن فرق وَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يُوجب الزَّكَاة على الْمُسلمين بالظنون هَذَا عبد قد فَاتَ بِنَفسِهِ فَلَا زَكَاة فِيهِ
- بَاب زَكَاة العبيد لغير التِّجَارَة ولعبيد العبيد
-
قَالَ ابو حنيفَة اذا كَانَ للرجل عبد لغير التِّجَارَة ولعبده عبيد فعلي

(1/531)


الْمولى فيهم جَمِيعًا صَدَقَة الْفطر وان كَانُوا للتِّجَارَة فعلى الْمولى فيهم صَدَقَة التِّجَارَة وَلَيْسَ عَلَيْهِ فيهم صَدَقَة الْفطر
وَقَالَ ابو حنيفَة لَيْسَ على الرجل فِي رَقِيق امْرَأَته صَدَقَة الْفطر وَلَكِن الْمَرْأَة تُؤدِّي عَن نَفسهَا وعنهم
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَيْسَ على الرجل صَدَقَة الْفطر فِي عبيد عبيده وَلَا فِي رَقِيق امْرَأَته الا من كَانَ يَخْدمه مِنْهُم ولابد لَهُ مِنْهُ

(1/532)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لم لَا تجب على الرجل صَدَقَة الْفطر فِي رَقِيق عَبده اذا كَانُوا لغير التِّجَارَة الْيَسْ رَقِيق عَبده لَو اعتقهم جَازَ عتقه وَلَو وهبهم اَوْ باعهم جَازَ بَيْعه وهبته فَلم لَا يجب عَلَيْهِ فيهم الصَّدَقَة عبيد عَبده بِمَنْزِلَة عبيده
وَلم قَالَ اهل الْمَدِينَة ان الرجل عَلَيْهِ فِي خَادِم امْرَأَته اذا كَانَت تخدمه صَدَقَة الْفطر وَهُوَ لَا يملك الْخَادِم
وانما قَالُوا ذَلِك من اجل الْخدمَة فَهَذَا آجروه خدمَة فَتجب عَلَيْهِ فِيهِ صَدَقَة الْفطر فانا قد اجمعنا نَحن واياهم على ان الرجل لَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي صَدَقَة الْفطر عَن اجيره فَكَذَلِك خَادِم امْرَأَته وَلَيْسَ تجب الصَّدَقَة بِالْخدمَةِ

(1/533)


وانما تجب الصَّدَقَة بِالْملكِ
فَإِن قَالُوا انما تجب عَلَيْهِ الصَّدَقَة فِي خَادِم امْرَأَته لانه يجب عَلَيْهِ نَفَقَة الْخَادِم
قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي خَادِم لامْرَأَته يُجَامِعهَا وَالزَّوْج مستغن عَن خدمتها بِخِدْمَة خدمه ايجب عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَن خَادِم امْرَأَته صَدَقَة الْفطر فان قَوْلهم انه لَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنْهَا الا أَن تكون تخدمه وَمَا لابد مِنْهَا
فَهَذِهِ الْخَادِم يجب على الزَّوْج نَفَقَتهَا مَعَ امْرَأَته وَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنْهَا صَدَقَة الْفطر فَهَذَا ترك لقَولهم الَّذِي قَالُوا

(1/534)


وَقَالَ بعض اهل الْمَدِينَة صَدَقَة الْفطر صَاع من تمر فكانهم انكروا نصف الصَّاع من الْحِنْطَة
وَقد اُخْبُرْنَا يُونُس بن اسرائيل قَالَ حَدثنَا مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر

(1/536)


السّلمِيّ عَن ابراهيم النَّخعِيّ عَن الاسود بن يزِيد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت كَانَ النَّاس يُعْطون زَكَاة رَمَضَان نصف صَاع فاما اذا اوسع الله تَعَالَى على النَّاس فَانِي ارى ان يتَصَدَّق بِصَاع
اُخْبُرْنَا اسرئيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا عبد الاعلى الثَّعْلَبِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ الاكبر ابْن الْحَنَفِيَّة عَن عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ زَكَاة الْفطر على كل صَغِير

(1/537)


وكبير حر اَوْ عبد نصف صَاع من حِنْطَة اَوْ صَاع من تمر اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُجَاهِد كل شَيْء سوى الْحِنْطَة فصاع وَكَذَلِكَ

(1/538)


نقُول اذا ادى تَمرا اَوْ شَعِيرًا اَوْ زبيبا ادى صَاعا كَامِلا عَن كل انسان وان ادى حِنْطَة ادى نصف صَاع وَكَذَلِكَ الدَّقِيق والسويق يكون الرّيع

(1/539)


بالطحن

(1/549)


- بَاب زَكَاة أهل الْكتاب وَغَيرهم من أهل الشّرك
-
قَالَ ابوحنيفة لَا صَدَقَة على اهل الْكتاب وَلَا على الْمَجُوسِيّ فِي شَيْء من اموالهم ويقرون على دينهم وَيَكُونُونَ على مَا كَانُوا عَلَيْهِ واذا اخْتلفُوا فِي الْعَام الْوَاحِد مرَارًا الى بِلَاد الْمُسلمين فَلَيْسَ عَلَيْهِم فِي كل سنة الا نصف الْعشْر من أَمْوَالهم الَّتِي يَخْتَلِفُونَ بهَا
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة مثل قَول ابي حنيفَة فِي ذَلِك كُله الا انهم قَالُوا اذا اخْتلفُوا فِي الْعَام الْوَاحِد مرَارًا الى بِلَاد الْمُسلمين الَّتِي هِيَ غير بِلَادهمْ فَعَلَيْهِم كلما اخْتلفُوا الْعشْر لَان ذَلِك لَيْسَ مِمَّا صولحوا عَلَيْهِ وَلَا مِمَّا شَرط لَهُم
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن هَؤُلَاءِ قوم من اهل الذِّمَّة يجْرِي عَلَيْهِم احكام الْمُسلمين حَيْثُ مَا كَانُوا من ارْض الاسلام لَا يعشرُونَ فِي مَال وَاحِد فِي السّنة

(1/550)


الا مرّة وَاحِدَة وان اخْتلفُوا بِهِ عشْرين مرّة
ارايتم قَول اهل الْمَدِينَة ان هَذَا لَيْسَ مِمَّا صولحوا وَلَا مِمَّا شَرط لَهُم نَفسه فانما يمْضِي عَلَيْهِم الحكم كَمَا يمْضِي على الْمُسلمين فَكَمَا فِي الْمُسلم لَا يعشر

(1/551)


الا مرّة وَاحِدَة فِي السّنة فَكَذَلِك الذِّمِّيّ لَا يعشر فِي السّنة الا مرّة وَاحِدَة اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة قَالَ حَدثنَا

(1/552)


الْهَيْثَم عَن انس بن سِيرِين عَن انس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يبْعَث انسا مُصدقا لاهل الْبَصْرَة فَسَأَلته عَن عهد عمر الَّذِي كتب لَهُ فَكتب الى ان خُذ من اموال الْمُسلمين ربع الْعشْر من اموال اهل الذِّمَّة اذا اخْتلفُوا بهَا للتِّجَارَة نصف الْعشْر وَمن اموال الْحَرْبِيّ الْعشْر

(1/554)


اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن ابي صَخْرَة الْمحَاربي عَن زِيَاد بن حدير قَالَ بَعثه

(1/555)


عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مُصدقا الى عين التَّمْر فَأمره ان يَأْخُذ من الْمُسلمين من اموالهم ربع الْعشْر وَمن اموال اهل الذِّمَّة اذا اخْتلفُوا بهَا للتِّجَارَة نصف الْعشْر وَمن اموال اهل الْحَرْب الْعشْر
اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع الاسدي قَالَ اُخْبُرْنَا عَاصِم بن

(1/556)


سُلَيْمَان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ كتب ابو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ الى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ان تجارًا من تجار الْمُسلمين يدْخلُونَ ارْض

(1/557)


الْحَرْب فَيُؤْخَذ مِنْهُم الْعشْر فَكتب اليه اذا دخل تجار اهل الْحَرْب ارضك فَخذ مِنْهُم الْعشْر وَخذ من تجار اهل الذِّمَّة نصف الْعشْر وَخذ من اموال الْمُسلمين من كل مِائَتَيْنِ خَمْسَة فَمَا زَاد فَفِي كل اربعين درهما دِرْهَم

(1/561)


- بَاب الرجل يَقُول كل مَال لي فِي سَبِيل الله
-
قَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله اذا قَالَ الرجل كل مَال لي فِي سَبِيل الله فانه يتَصَدَّق بِمَالِه

(1/562)


كُله ويمسك مَا يقوته فاذا افاد مَالا تصدق بِمثل مَا كَانَ امسك وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم فِيمَن جعل مَاله صَدَقَة فِي الْمَسَاكِين انه يتَصَدَّق بِهِ ويمسك مَا يقوته فاذا فاد مَالا تصدق بِمثل مَا كَانَ امسك

(1/563)


وَقَالَ اهل الْمَدِينَة اذا قَالَ كل مَال لي فِي سَبِيل الله ثمَّ يَحْنَث فانه يَجْعَل ثلث مَاله فِي سَبِيل الله
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف قُلْتُمْ ينفذ ثلث مَاله فِي ذَلِك قَالُوا للْحَدِيث الَّذِي جَاءَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي امْر ابي لبَابَة حِين تَابَ الله عَلَيْهِ
قَالَ مُحَمَّد انما قَالَ ابو لبَابَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين تَابَ الله عَلَيْهِ يَا رَسُول الله اهجر دَار قومِي الَّتِي اصبت فِيهَا الذَّنب فاجاورك وانخلع من مَالِي صَدَقَة الى الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْزِيك من ذَلِك الثُّلُث على وَجه الابقاء عَلَيْهِ وَلم يكن ابو لبَابَة جعل شَيْئا على نَفسه

(1/564)


وَلَا اوجبه انما قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انخلع من مَالِي وَلم يقل اني قد فعل ذَلِك فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْزِيك من ذَلِك الثُّلُث على وَجه الابقاء وَلم يكن ابو لبَابَة اوجب شَيْئا انما قَالَ اريد ان افْعَل الا ترى ان رجلا لَو قَالَ اريد ان اطلق امْرَأَتي ثَلَاثًا جَمِيعًا قيل لَهُ لَا تفعل فان هَذَا لَا يَنْبَغِي فَلَو فعل وَطَلقهَا ثَلَاثًا وَجب ذَلِك عَلَيْهِ وَكَذَا لَو جَاءَ يستفتي فَقَالَ اني اريد ان اظاهر من امْرَأَتي قيل لَهُ لَا تفعل فان الله قد جعل ذَلِك مُنْكرا من القَوْل وزورا فَلَو فعل لزمَه الظِّهَار وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة
وَلَو ان رجلا قَالَ اني اريد ان احْلِف ان لَا اكلم وَالِدي ابدا قيل لَهُ لَا تفعل فان هَذ لَا يَنْبَغِي وَلَو جَاءَ يستفتي وَقد حلف قيل لَهُ وَجب عَلَيْك وكلمهما وَكفر يَمِينك وَكَذَلِكَ اذا استفتي الرجل فَقَالَ اني اريد ان

(1/565)


انخلع من مَالِي وأتصدق بِهِ على الْمَسَاكِين قيل لَهُ لَيْسَ يَنْبَغِي ان تدع

(1/566)


عِيَالك عَالَة وتفقر نَفسك وَلَكِن تصدق بِبَعْض ودع بَعْضًا فان قَالَ فِي كم ترَوْنَ ان اتصدق قيل لَهُ تصدق بِالثُّلثِ لَان هَذَا هُوَ الَّذِي رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمَرِيض عِنْد مَوته ان يَجْعَل لَهُ ثلث مَاله وابقى لوَرثَته ثُلثَيْهِ فَكَذَلِك نَفسه فِي حَيَاته
وَلَو انه اوجب شَيْئا لوَجَبَ عَلَيْهِ وَقد بلغنَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا انها قَالَت فِي رجل قَالَ مَالِي فِي رتاج الْكَعْبَة انه يكفر ذَلِك مَا يكفر الْيَمين

(1/568)


وَلَو ان قَائِلا قَالَ هَذَا كَانَ حسنا وَالْأَمر الاول الَّذِي قَالَ ابو حنيفَة

(1/569)


الاخذ بالثقة الَّذِي لَيْسَ فِي النَّفس مَعَه شكّ وَلَا شُبْهَة

(1/570)