الحجة
على أهل المدينة // كتاب الْمَنَاسِك
//
- بَاب الْقرَان بَين الْحَج وَالْعمْرَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة الْقرَان بَين
الْحَج وَالْعمْرَة افضل من افراد الْحَج وافراد الْعمرَة فان قرن بَينهمَا
طَاف لَهما طوافين وسعى لَهما سعيين وَمَا عجل من الاحرام فَهُوَ افضل إِذا
قوي عَلَيْهِ قبل ان يبلغ وقته وَلَا يُجَاوز وقته إِلَى مَكَّة إِلَّا
محرما
(2/1)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة افراد الْحَج افضل
من الْقرَان وَمن غَيره فان قرن طَاف لَهما طَوافا وَاحِدًا وسعى لَهما
سعيا وَاحِدًا وَلَا يَنْبَغِي ان يعجل الاحرام قبل الْمِيقَات وان عجل
لزمَه والميقات افضل وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ يكون الافراد بِالْحَجِّ افضل
من الْقرَان وَهُوَ يرجع بِعُمْرَة وَحجَّة قَالُوا لِأَن من قرن وَجب
عَلَيْهِ هدي وانما يجب عَلَيْهِ الْهَدْي لما يدْخل الْحَج من النُّقْصَان
قيل لَهُم أَلَيْسَ هَذَا الْهدى للمتعة وَلَو كَانَ للنقصان لَكَانَ
الْمَكِّيّ إِذا جَاءَ من الْعرَاق فَدخل مَكَّة بِالْعُمْرَةِ فِي اشهر
الْحَج ثمَّ حج من عَامه وَجب عَلَيْهِ الْهدى لِأَنَّهُ صنع مَا صنع
الْكُوفِي والكوفي عَلَيْهِ الْهدى إِذا فعل ذَلِك والمكي لَا هدى عَلَيْهِ
لِأَنَّهُ من أهل حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام وَلَو كَانَ الْهدى للنقصان
لما كَانَ لَهُم ايضا فِي ذَلِك حجَّة لِأَن الْهدى صَار مَكَان
النُّقْصَان وَصَارَ ذَلِك الْهدى وَفَاء بِالنُّقْصَانِ فتم الْحَج
بِالْهدى وَصَارَت عمْرَة فاضلة فَرجع الْقَارِن بِالْعُمْرَةِ فِي
قَوْلنَا
(2/2)
وقولكم جَمِيعًا وَرجع بِحجَّة تَمامهَا
الْهَدْي فَصَارَ حجَّة مُفْردَة لَا هدي فِيهَا وَعمرَة زَائِدَة مَعهَا
وَقد جَاءَ فِي ذَلِك آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن أبي حنيفَة قَالَ حَدثنَا مَنْصُور بن
الْمُعْتَمِر عَن ابراهيم
(2/3)
عَن أبي نصر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي
الله عَنهُ قَالَ إِذا اهللت بِالْعُمْرَةِ وَالْحج جَمِيعًا فَطُفْ لَهما
طوافين وَاسع لَهما سعيين بَين الصَّفَا والمروة
(2/5)
قَالَ مَنْصُور فَلَقِيت مُجَاهدًا وَهُوَ
يُفْتى بِطواف وَاحِد لمن قرن فَحَدَّثته بِهَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَو كنت
سمعته لم أَنْت إِلَّا بطوافين فَأَما بعد الْيَوْم فَلَا أفتى إِلَّا بهما
(2/6)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة نرى على الْقَارِن
طَوافا وَاحِدًا وسعيا وَاحِدًا
(2/7)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو
حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم عَن عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ انه
نهى عَن الْإِفْرَاد يَعْنِي إفرادا الْعمرَة فَأَما الْقرَان فَلَا
(2/8)
أخبرنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا عَمْرو
بن مرّة عَن عبد الله بن سَلمَة عَن عَليّ
(2/9)
ابْن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ
تَمام الْحَج وَالْعمْرَة ان تحرم بهما من جَوف
(2/10)
دو يرتك
(2/12)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُجَاهِد كَانَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/15)
وَعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا يقدمان علينا متمعنين قَالَ فَجعل عبد الله بن عمر الإهلال مرّة
بِالْحَجِّ فِي هِلَال ذِي الْحجَّة وَآخر مرَّتَيْنِ يَوْم التَّرويَة
(2/16)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا عمر بن ذَر
الْهَمدَانِي عَن مُجَاهِد ان
(2/17)
الصَّبِي بن معبد أهل بِعُمْرَة وَحجَّة
بالعذيب فَمر بِهِ زيد بن صوحان وسلمان ابْن ربيعَة فَلَمَّا سمعا الَّذِي
أهل بِهِ قَالَا لهَذَا اضل من جمل اهله أَو اقل عقلا من جمل اهله فاحتفظ
من قَوْلهمَا وَمضى حَتَّى قدم على عمر
(2/18)
ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَأخْبرهُ
بِالَّذِي صنع وبقولهما فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ هديت لسنة نبيك
مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن أبان قَالَ حَدثنَا
مُحَمَّد بن رَاشد السّلمِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نصر بن عَمْرو
السّلمِيّ عَن أَبِيه قَالَ
(2/19)
خرجت حَاجا وَأَنا أُرِيد عَليّ بن أبي
طَالب رَضِي الله عَنهُ فأحرمت قبل ان ادخل الْمَدِينَة قَالَ فَدخلت
الْمَدِينَة حَتَّى خرج عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَأَدْرَكته بذى الحليفة
وَقد أهل بِعُمْرَة وَحجَّة فَقلت مَا خرجت إِلَّا إِلَيْك فَأَدْخلنِي فِي
احرامك قَالَ وَكَيف أدْخلك فِي احرامي وَقد أَحرمت بِحجَّة وأحرمت بِحجَّة
وَعمرَة وَلَكِن اقم على إحرامك وأقيم على إحرامي قَالَ فَأَقَمْنَا على
إحرامنا نلبي حَتَّى دَخَلنَا مَكَّة فَطَافَ طوافين بِالْبَيْتِ وَبَين
الصَّفَا والمروة طَوافا لعمرته وطوافا لحجته ثمَّ أَقَمْنَا إحرامين
حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر
أخبرنَا مُحَمَّد بن أبان عَن مُوسَى ابْن أبي كثير ومُوسَى الْجُهَنِيّ
(2/20)
عَن مُجَاهِد عَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَنه اعْتَمر قبل أَن يحجّ ثَلَاث عمر فِي ذِي الْقعدَة
ثمَّ حج وَقرن
(2/21)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو
مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن الصَّبِي بن معبد
قَالَ كنت حَدِيث عهد بالجاهلية والنصرانية فَأسْلمت
(2/22)
وقرنت الْحَج وَالْعمْرَة فَأَهْلَلْت بهما
فمررت على زيد بن صوحان وسلمان ابْن ربيعَة بالعذيب وان أهل بهما فَقَالَ
احدهما لصَاحبه لهَذَا اضل من بعير اهله وَقَالَ الآخر ايهل بهما جَمِيعًا
قَالَ فَخرجت كَأَنِّي احملها على عنقِي حَتَّى دخلت على عمر رَضِي الله
عَنهُ فَذكرت لَهُ مَا قَالَا قَالَ إنَّهُمَا لَا يَقُولَانِ شَيْئا هديت
لسنة نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/23)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ سَمِعت مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر يذكر عَن
إِبْرَاهِيم عَن مَالك بن الْحَارِث عَن أبي نصر السّلمِيّ قَالَ لقِيت
عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَقد أهل بِالْعُمْرَةِ وَالْحج فَقلت
لَهُ إِنِّي اهللت بِالْحَجِّ أفأستطيع ان اضم إِلَيْهِ عمْرَة فَقَالَ لَا
إِنَّك لَو كنت
(2/25)
بدأت بِالْعُمْرَةِ فَأَرَدْت ان تضيف
إِلَيْهَا حجَّة فَقلت كَيفَ اصْنَع إِذا اردت ذَلِك قَالَ تفيض عَلَيْك
إداوة ثمَّ تهل بهما جَمِيعًا فَإِذا قدمت طفت لكل وَاحِد مِنْهُمَا طَوافا
ثمَّ لَا يحل مِنْك شَيْء حَتَّى يَوْم النَّحْر فَقَالَ مَنْصُور فَذكرت
ذَلِك لمجاهد فَقَالَ قد كُنَّا نفتى بِطواف وَاحِد فَأَما
(2/26)
الْآن فَلَنْ أفتى إِلَّا بطوافين قَالَ
مُحَمَّد وَبقول عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ نَأْخُذ يُضَاف
الْحَج
(2/32)
إِلَى الْعمرَة وَلَا يُضَاف الْعمرَة
إِلَى الْحَج فَإِن أضَاف الْعمرَة إِلَى الْحَج قبل
(2/34)
ان يعْمل لِلْحَجِّ لزمَه ذَلِك وَقد اساء
(2/35)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن صَدَقَة بن يسَار عَن ابْن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ عمْرَة فِي الْحَج أحب إِلَيّ من عمْرَة فِي
(2/36)
الْعشْرين الْبَوَاقِي
(2/37)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان الثَّوْريّ عَن بكير بن عَطاء عَن حُرَيْث بن سليم انه سمع عَليّ
بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ وَالْحج جَمِيعًا
(2/39)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن طَاوس قَالَ لَو حججْت الف حجَّة لم ادْع
الْقرَان حَتَّى لقد كُنَّا نَدْعُوهُ الْحَج الْأَكْبَر وَالْحج
الْأَصْغَر ونرى ان حج من لم يقرن لم يكمل
(2/41)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
الْهَيْثَم عَن عبد الرَّحْمَن بن اذينة عَن ابيه
(2/45)
قَالَ قلت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ من ايْنَ اعْتَمر قَالَ ائْتِ عليا
(2/47)
رَضِي الله عَنهُ فَأتيت عليا رَضِي الله
عَنهُ فَسَأَلته فَقَالَ من حَيْثُ بدأت فَأتيت عمر فَأَخْبَرته فَقَالَ
احسن
(2/48)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
خَالِد بن عبد الله عَن اسماعيل بن
(2/49)
أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ الْقَارِن
يطوف بطوافين وَيسْعَى سعيين
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا نَافِع ان عبد الله بن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا
(2/50)
خرج فِي الْفِتْنَة مُعْتَمِرًا وَقَالَ ان
صددت عَن الْبَيْت صنعنَا
(2/51)
كَمَا صنعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَخرج فَأهل بِعُمْرَة وَسَار حَتَّى إِذا ظهر على
ظهر الْبَيْدَاء الْتفت الى اصحابه وَقَالَ مَا امرهما
(2/52)
إِلَّا وَاحِد اشهدكم اني قد اوجبت الْحَج
مَعَ الْعمرَة قَالَ فَخرج حَتَّى إِذا اتى الْبَيْت طَاف بِهِ وَطَاف بَين
الصَّفَا والمروة سبعا
(2/53)
سبعا لم يزدْ عَلَيْهِ وَرَأى ذَلِك مجزيا
عَنهُ واهدى قَالَ مُحَمَّد فقد قرن
(2/54)
عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بَين
الْحَج وَالْعمْرَة بِغَيْر سِيَاق وانتم تنهون
(2/55)
عَن ذَلِك الا بسياق فتروون الحَدِيث ثمَّ
تَدعُونَهُ عيَانًا الى غير حَدِيث مثله
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن مُحَمَّد بن عبد
الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن سُلَيْمَان بن يسَار ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
(2/56)
عَام حجَّة الْوَدَاع كَانَ من اصحابه من
أهل بِحجَّة وَمِنْهُم من اهل
(2/57)
بِعُمْرَة وَمِنْهُم من جمع بَين الْحَج
وَالْعمْرَة قَالَ فَحل من كَانَ أهل بِعُمْرَة واما من كَانَ أهل
بِالْحَجِّ أَو جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة
(2/59)
فَلم يحلوا
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن صَدَقَة بن يسَار قَالَ سَمِعت عبد الله بن
عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ودخلنا عَلَيْهِ قبل يَوْم التَّرويَة بيومين أَو
ثَلَاثَة وَدخل عَلَيْهِ النَّاس يسألونه فَدخل عَلَيْهِ رجل من أهل الْيمن
ثَائِر الراس وَقد ضفر رَأسه فَقَالَ يَا ابا عبد الرَّحْمَن إِنِّي ضفرت
راسي وأحرمت
(2/61)
بِعُمْرَة مُفْردَة فَمَا ترى قَالَ ابْن
عمر لَو كنت مَعَك حِين احرمت لأمرتك ان تهل بهما جَمِيعًا فَإِذا قدمت طفت
بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وَكنت على إحرامك لَا يحل مِنْك شَيْء حَتَّى
تحل مِنْهُمَا جَمِيعًا يَوْم النَّحْر وتنحر هديك وَقَالَ لَهُ ابْن عمر
خُذ مَا تطاير من شعرك واهد
(2/62)
فَقَالَت لَهُ امْرَأَة فِي الْبَيْت وَمَا
هَدْيه يَا ابا عبد الرَّحْمَن قَالَ هَدْيه ثَلَاثًا كل ذَلِك يَقُول
هَدْيه ثمَّ سكت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حَتَّى إِذا اردنا
الْخُرُوج قَالَ أما وَالله لَو لم أجد إِلَّا شَاة لَكَانَ أرى ان أذبحها
أحب إِلَيّ من ان اصوم
(2/63)
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَهَذَا ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَو كنت مَعَك لأمرتك ان تهل بهما جَمِيعًا
وَلم يقل ان تفرد بِالْحَجِّ فَكيف رَأَيْتُمْ افراد الْحَج دون الْقرَان
وَقد قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا هَذَا القَوْل وَأَنْتُم الَّذِي
تروونه ثمَّ تَدعُونَهُ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ
حَدثنَا نَافِع ان عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا خرج فِي
الْفِتْنَة مُعْتَمِرًا وَقَالَ إِن صُدِدْنَا عَن الْبَيْت صنعنَا كَمَا
صنعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج فَأهل
بِالْعُمْرَةِ حَتَّى إِذا ظهرنا عل ظهر الْبَيْدَاء الْتفت إِلَى
أَصْحَابه وَقَالَ مَا أَمرهمَا إِلَّا وَاحِد اشْهَدُوا إِنِّي قد ادخلت
الْحَج مَعَ الْعمرَة
(2/64)
فَخرج حَتَّى إِذا جَاءَ الْبَيْت طَاف
وطفنا
(2/66)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مسعر بن كدام قَالَ حَدثنَا عَمْرو بن مرّة
(2/67)
عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ سَمِعت عَليّ بن
أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي
(2/68)
بهما جَمِيعًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن بكير بن عَطاء
اللَّيْثِيّ ان رجلا من بني عذرة قَالَ إِنَّه سمع عَليّ بن أبي طَالب
رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ
(2/69)
يُلَبِّي بِحجَّة وَعمرَة مَعًا أهل بهما
قلت أطاف لَهما طوافين وسعى لَهما سعيين قَالَ نعم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن يحيى بن
أبي إِسْحَاق
(2/70)
عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه
سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/71)
انه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَقُول لبيْك عمْرَة وحجا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن حميد
الطَّوِيل عَن أنس
(2/75)
ابْن مَالك رَضِي الله عَنهُ ان رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بهما جَمِيعًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن يزِيد بن
أبي زِيَاد
(2/76)
عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ لَو اعْتَمَرت ثمَّ رجعت إِلَى أَهلِي ثمَّ اعْتَمَرت
وَرجعت إِلَى أَهلِي ثمَّ اعْتَمَرت ثمَّ رجعت إِلَى أَهلِي ثمَّ حججْت
حجَّة لجعلت مَعهَا عمْرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو بكر بن عبد الله
النَّهْشَلِي عَن الْهَيْثَم قَالَ مَا قدم طَاوس مَكَّة الا قَارنا موافيا
يَعْنِي بذلك تَأْخِير الْقدوم
(2/77)
- بَاب مَتى يقطع الرجل التَّلْبِيَة فِي
الْحَج وَالْعمْرَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ يقطع الْمهل بِالْعُمْرَةِ
التَّلْبِيَة حِين يسْتَلم الرُّكْن للطَّواف بِالْبَيْتِ لعمرته وَيقطع
التَّلْبِيَة فِي الْحَج فِي أول حَصَاة يَرْمِي بهَا جَمْرَة الْعقبَة
يَوْم النَّحْر
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من اعْتَمر من التَّنْعِيم فانه يقطع التَّلْبِيَة
حِين يرى الْبَيْت وَمن اعْتَمر من بعض الْمَوَاقِيت وَهُوَ من أهل
الْمَدِينَة أَو غَيرهم فانه يقطع
(2/80)
التَّلْبِيَة إِذا انْتهى إِلَى الْحرم
وَيقطع الْحَاج التَّلْبِيَة إِذا انْتهى إِلَى الْحرم حِين يروح إِلَى
الْموقف عَشِيَّة عَرَفَة
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف اخْتلف الْمهل من التَّنْعِيم والمهل من
الْوَقْت مَا حَالهمَا إِلَّا وَاحِد أَرَأَيْتُم لَو أهل على مسيرَة
لَيْلَة من الْحرم مَتى يقطع التَّلْبِيَة أَو أهل من فديد أَو من عسفان
أَو من بطن مر أَو من خلف التَّنْعِيم بأميال مَتى يقطع التَّلْبِيَة انه
يقطع التَّلْبِيَة حِين يسْتَلم الرُّكْن فِي آثَار غير وَاحِدَة كَثِيرَة
(2/81)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا أَبُو
حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ يقطع الْمحرم بِالْعُمْرَةِ
التَّلْبِيَة إِذا اسْتَلم الْحجر وَيقطع التَّلْبِيَة فِي الْحَج فِي أول
حَصَاة يَرْمِي بهَا جَمْرَة الْعقبَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ
سَأَلت مُجَاهدًا مَتى
(2/82)
يقطع الْمُعْتَمِر التَّلْبِيَة قَالَ
كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يُلَبِّي حَتَّى يسلتم الرُّكْن
وَكَانَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا قدم مُعْتَمِرًا قطع
التَّلْبِيَة إِذا رأى بيُوت مَكَّة قَالَ مُحَمَّد وَقَول ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا احب إِلَيْنَا
(2/84)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ يُلَبِّي الْمُعْتَمِر حَتَّى يسْتَلم الرُّكْن
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
خصيف عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يقطع
التَّلْبِيَة الْمُعْتَمِر إِذا اسْتَلم الْحجر
(2/86)
5
- اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح
الْقرشِي عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ أَفَاضَ ابْن مَسْعُود رَضِي
الله عَنهُ من عَرَفَات
(2/87)
يُلَبِّي فَجعل النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ
فَقَالَ مَا شَأْنهمْ أَضَلُّوا سنة
(2/88)
نَبِيّهم أم نسوا ثمَّ رفع صَوته فَقَالَ
لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك عدد التُّرَاب لبيْك فلبى حَتَّى رمى جَمْرَة
الْعقبَة
(2/91)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن زيد
(2/94)
ابْن اسْلَمْ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الله
عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
يهل عِنْد الْجَمْرَة فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
(2/95)
فِيمَا إهلالك قَالَ وَهل قضينا نسكنا بعد
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ أخبرنَا
حُصَيْن ابْن عبد الرَّحْمَن عَن كثير ابْن مدرك الْأَشْجَعِيّ عَن عبد
الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ
(2/96)
سَمِعت ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
يجمع وَهُوَ يَقُول سَمِعت الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة
يَقُول هَاهُنَا لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
الاعمش عَن ابارهيم النَّخعِيّ عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ كَانَ عمر وَعبد
الله بن مَسْعُود يلبيان لَيْلَة عَرَفَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
خصيف عَن مُجَاهِد
(2/97)
قَالَ قَالَ عبد الله بن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ الْفضل بن عَبَّاس كنت رَدِيف رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَمَا زلت أسمعهُ يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة
فَلَمَّا رَمَاهَا قطع التَّلْبِيَة
(2/98)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سَلام بن
سليم عَن أبي يَعْفُور عَن هِلَال ابْن خباب قَالَ كُنَّا نسير مَعَ عبد
الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَمُحَمّد
(2/99)
ابْن حنيفَة من منى إِلَى عَرَفَات وَكَانَ
ابْن عمر يكبر وَكَانَ مُحَمَّد يُلَبِّي
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن حبيب ابْن أبي
ثَابت
(2/100)
عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا قَالَ لبّى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رمى
الْجَمْرَة
(2/101)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سُفْيَان
الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا عبد الْكَرِيم
(2/102)
عَن مُجَاهِد قَالَ حَدثنَا من رأى عمر بن
الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي بعد مَا افاض من جمع
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مسعر بن كدام عَن عبد الرَّحْمَن بن
الْأسود قَالَ أَخْبرنِي من سمع ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يُلَبِّي
بعد مَا أَفَاضَ من عَرَفَات
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن عَامر بن
شَقِيق بن جَمْرَة الاسدي عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي
الله عَنهُ انه لم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة
(2/104)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
ابراهيم بن يزِيد الْمَكِّيّ قَالَ سَمِعت طاوسا يَقُول لِابْنِ عَبَّاس
رَضِي الله عَنْهُمَا إِن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يمسك عَن
التَّلْبِيَة قبل عَرَفَة قَالَ فَإِنِّي اشهدكم على عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ فَإِنِّي سمعته يُلَبِّي عَشِيَّة عَرَفَة عِنْد الْموقف
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مَالك بن أنس عَن مُحَمَّد بن أبي بكر
(2/105)
الثَّقَفِيّ أَنه سَأَلَ أنسا وهما غاديان
إِلَى عَرَفَة كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْيَوْم قَالَ كَانَ يهل الْمهل منا فَلَا يُنكر
عَلَيْهِ وَيكبر المكبر منا فَلَا يُنكر عَلَيْهِ
(2/106)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا ابْن شهَاب عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا قَالَ كل ذَلِك قد رايت النَّاس يَفْعَلُونَهُ وَأما نَحن فنكبر
(2/107)
قَالَ مُحَمَّد وَهَذَانِ الحديثان يدلان
على أَن التَّلْبِيَة هِيَ الْوَاجِبَة فِي ذَلِك الْيَوْم إِلَّا أَن
التَّكْبِير لَا يُنكر فِي حَال من الْحَالَات وَلَا يكره والتلبية تكره
إِلَّا فِي موَاضعهَا الَّتِي تنبغي فَإِذا كَانَ الملبي
(2/108)
لَا يُنكر عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْموضع
فَهَذَا دَلِيل على ان التَّلْبِيَة تنبغي فِي ذَلِك الْمَكَان وَأما
التَّكْبِير فَلَا يُنكر فِي الْحَج كُله والتهليل وَالتَّسْبِيح أَلا ترى
أَن المكبر لَو كبر فِي أول الْإِحْرَام مَعَ التَّلْبِيَة لم يكن بذلك
بَأْس وَلَو لبّى رجل بعد رمي الْجَمْرَتَيْن كره لَهُ ذَلِك فالتلبية تكره
إِلَّا فِي موَاضعهَا وَالتَّكْبِير لَا يكره فِي حَال من الْحَالَات فان
كَانَ الْمهل لَا يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَال فَهِيَ حَال
التَّلْبِيَة وَقد كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يقدم
(2/111)
حَاجا فيطوف بِحجَّة وَيسْعَى فيكبر على
الصَّفَا والمروة وَيرْفَع صَوته بِالتَّكْبِيرِ والتهليل وَالتَّسْبِيح
والتحميد وَهَذَا قبل انْقِطَاع التَّلْبِيَة فالتكبير وَالتَّسْبِيح
والتهليل والتحميد لَا يُنكر فِي أول الْإِحْرَام وَلَا فِي آخِره والتلبية
لَا تكون إِلَّا فِي موَاضعهَا وَهِي مَكْرُوهَة فِي سوى ذَلِك فَأَما إِذا
لم ينكرها فَذَلِك موضعهَا
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا هِلَال بن
خباب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أَفَاضَ من
عَرَفَات فَجعل يُلَبِّي حَتَّى قدم جمعا ثمَّ أَفَاضَ من جمع فَجعل
يُلَبِّي فَقلت يَا ابْن عَبَّاس أَلا تقطع التَّلْبِيَة قَالَ حججْت مَعَ
عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِحْدَى عشرَة حجَّة فَكَانَ يُلَبِّي
حَتَّى يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة فلبى ابْن عَبَّاس حَتَّى رمى الْجَمْرَة
ثمَّ أمسك وَقَالَ تفتح الْآن الْحل
(2/112)
- بَاب الْعمرَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ الْعمرَة لَيست بواجبة وَمن
اعْتَمر فقد احسن واخذ بِالْفَضْلِ وَلَا بَأْس ان يعْتَمر الرجل مَا احب
من الْعمرَة
(2/114)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة الْعمرَة سنة
وَلَا نعلم أحدا من الْمُسلمين رخص فِي تَركهَا وَلَا نرى لأحد أَن يعْتَمر
فِي السّنة مرَارًا
قَالَ مُحَمَّد وَلَا بَأْس بذلك أَن يعْتَمر الرجل فِي السّنة مرَارًا
وَقد
(2/117)
بلغنَا أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
اعْتَمَرت فِي السّنة مرَارًا قَالُوا لَان عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قد
فرطت فِي ذَلِك قبل تِلْكَ السّنة فاعتمرت فِي تِلْكَ السّنة مرَارًا
لذَلِك
(2/118)
قيل لَهُم فان كَانَ هَذَا يجوز أَن
يَفْعَله من فرط فِي الْعمرَة وانما الْعمرَة تطوع
(2/119)
لَو تَركهَا لم يضرّهُ وَلَا بَأْس بِأَن
يعْتَمر مرَارًا من لم يفرط وَقد
(2/122)
بلغنَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ أَنه قَالَ فِي كل شهر عمْرَة وَقد بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا أَيْضا أَنه كَانَ لَا يرخص لأحد من أهل مَكَّة يخرج من
الْحرم إِلَّا رَجَعَ محرما إِلَّا الحطابين والعلافين
(2/125)
واصحاب مَنَافِعهَا فَهَذَا قد أَمرهم
بِأَن يعتمروا فِي الشَّهْر الْوَاحِد أَن يحرموا مرَارًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن صَدَقَة بن
يسَار عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَنَّهَا اعْتَمَرت فِي سنة
ثَلَاث مَرَّات
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الْقَاسِم
بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة مثل ذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ قلت هَل عَابَ ذَلِك
عَلَيْهَا اُحْدُ
(2/126)
قَالَ سُبْحَانَ الله أم الْمُؤمنِينَ
رَضِي الله عَنْهَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا إِسْرَائِيل عَن يُونُس بن أبي
إِسْحَاق قَالَ أخبرنَا يُونُس بن سعيد عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن عَليّ بن
أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ اعْتَمر فِي الشَّهْر مرَارًا إِن
اسْتَطَعْت
(2/127)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا عباد بن
الْعَوام عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ أخبرنَا الْحجَّاج بن أَرْطَأَة
قَالَ سَأَلت عَطاء بن أبي رَبَاح أيعتمر الرجل فِي كل شهر مرّة قَالَ نعم
ومرتين قَالَ وَأرَانِي لَو قلت سبعا لقَالَ سبعا
قَالَ مُحَمَّد واخبرنا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عَطاء بن أبي
رَبَاح انه كَانَ لَا يرى بَأْسا ان يعْتَمر الرجل فِي الشَّهْر مرّة
ومرتين وَثَلَاثًا
- بَاب الْمُعْتَمِر يواقع أَهله
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ فِي الْمُعْتَمِر يواقع
أَهله قبل الطّواف ان عَلَيْهِ فِي ذَلِك هَديا وَعمرَة اخرى ويبتدئ بهَا
بعد اتمام الَّتِي افسد وَيحرم حَيْثُ احب الا انه لَا يحرم بِالْعُمْرَةِ
من الْحرم
(2/129)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا وَقع
الْمُعْتَمِر بأَهْله فَعَلَيهِ هدى وَعمرَة اخرى يَبْتَدِئ بهَا بعد
اتمامه الَّتِي أفسد وَيحرم من حَيْثُ احرم للْعُمْرَة الَّتِي افسد الا ان
يكون احرم من مَكَان ابعد من مِيقَاته فَلَيْسَ عَلَيْهِ ان يحرم الا من
مِيقَاته
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَئِن كَانَ يجب عَلَيْهِ فِي قَضَاء
الْإِحْرَام على مَا أحرم للْعُمْرَة إِنَّه ليجب عَلَيْهِ أَن يحرم
بِعُمْرَة الْقَضَاء من حَيْثُ احرم بِالْأولَى وَلَئِن لَا يجب عَلَيْهِ
ذَلِك ان احل لَهُ لوقت لعمرته لانه يُمكنهُ مُقيم حَلَال حَيْثُ احل من
عمرته الْفَاسِدَة أَرَأَيْتُم رجلا أهل بِحَجّ ففاته
(2/130)
الْيَسْ يهل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من
قَابل ارايتم ان اقام بِمَكَّة حَتَّى يحرم بِالْحَجِّ من قَابل وَيَقْضِي
حجَّته انما يجْزِيه ذَلِك حَتَّى يرجع الى مِيقَاته لَئِن وَجب عَلَيْهِ
ان يرجع الى مِيقَاته ليجب عَلَيْهِ ان يرجع الى الْموضع الَّذِي احرم
مِنْهُ
- بَاب الرجل يدْخل مَكَّة بِعُمْرَة فيطوف الْبَيْت وَهُوَ جنب أَو على
غير وضوء
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من دخل مَكَّة بِعُمْرَة
فَطَافَ بِالْبَيْتِ وسعى بَين الصَّفَا والمروة وَهُوَ جنب أَو على غير
وضوء نَاسِيا ثمَّ وَقع بأَهْله ثمَّ ذكر قَالَ يجب عَلَيْهِ هدي بالمواقعة
وَيُعِيد الطّواف وَالسَّعْي ويحلق رَأسه وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاء عمرته
لِأَن الطّواف وَإِن كَانَ جنبا
(2/131)
أَو على غير وضوء يجزى إِلَّا أَنِّي آمره
بإعادته فَإِن رَجَعَ إِلَى أَهله
(2/133)
قبل أَن يُعِيدهُ فَعَلَيهِ دم لطوافه
وسعيه جنبا أَو على غير وضوء وَلَيْسَت
(2/134)
عَلَيْهِ عمره سوى عمرته وَكَذَلِكَ
الْمَرْأَة إِذا أَصَابَهَا زَوجهَا أَو قد فعلت مثل الَّذِي فعل
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من دخل مَكَّة بِعُمْرَة فَطَافَ بِالْبَيْتِ وسعى
بَين الصَّفَا والمروة وَهُوَ جنب أَو على غير وضوء نَاسِيا ثمَّ وَقع
بأَهْله ثمَّ ذكر فَإِنَّهُ يغْتَسل أَو يتَوَضَّأ ثمَّ يعود فيطوف
بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة ويعتمر عمْرَة اخرى وَيهْدِي قَالُوا
وعَلى الْمَرْأَة إِذا اصابها زَوجهَا وَهِي مُحرمَة مثل ذَلِك
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ايضا وَمن طَاف من اسبوعه اشواطا ثمَّ احدث انْتقض
ذَلِك وَلم يجز بِهِ وَقَالُوا هُوَ بِمَنْزِلَة الصَّلَاة فَمَا افسد
الصَّلَاة من امْر الْحَدث افسد الطّواف
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف شبهتم الصَّلَاة بِالطّوافِ وَالرجل
يطوف وَهُوَ يتحدث فِي طَوَافه وَهَذَا لَو كَانَ فِي الصَّلَاة لم يجزه
ارايتم رجلا لَو طَاف من طَوَافه ثَلَاثَة اشواط أَو اربعة ثمَّ اقيمت
الصَّلَاة فَدخل مَعَهم فِي صلَاتهم ثمَّ يسلم الامام الْيَسْ يقوم فيبنى
على مَا مضى وَلَو كَانَ
(2/135)
صنع هَذَا وَهُوَ فِي وسط الصَّلَاة قد دخل
فِيهَا لكَانَتْ فَاسِدَة وَكَانَ عَلَيْهِ ان يستقبلها فَمَا شَأْن
الطّواف لَا يكون كَذَلِك أَرَأَيْتُم رجلا طَاف سِتَّة اشواط وَهُوَ يرى
انه قد طَاف سَبْعَة اشواط فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس ينْتَظر الصَّلَاة
فصلى مَعَ الْقَوْم ثمَّ ذكر بعد ذَلِك انه إِنَّمَا طَاف سِتَّة اشواط
اينبغي لَهُ أَن يسْتَقْبل الطّواف لما دخل فِيهِ من الصَّلَاة ام يجْزِيه
ذَلِك ارايتم رجلا طَاف وَعَلِيهِ ثوب فِيهِ دم كثيرا أَو قذر لَا يعلم
حَتَّى فرغ من سَبْعَة فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رأى ذَلِك ايجزيه ام
يسْتَقْبل فانكم قد قُلْتُمْ فِي الصَّلَاة انه ان رأى ذَلِك بعد مَا مضى
الْوَقْت اجزاه فَكيف يكون هَذَا فِي الطّواف وَمَتى وَقت الطّواف الَّذِي
يجزى وَعَلِيهِ الْإِعَادَة إِذا لم يمض أَرَأَيْتُم إِن طَاف شوطا أَو
اثْنَيْنِ ثمَّ رأى بِثَوْبِهِ دَمًا كثيرا فَأَلْقَاهُ فَمضى ايجزيه
فَإِنَّكُم قد قُلْتُمْ فِي الصَّلَاة إِذا صلى رَكْعَة ثمَّ رأى الدَّم
فِي الثَّوْب فَأَلْقَاهُ مضى على صلَاته فَكَذَلِك الطّواف وان كَانَ
الصَّلَاة وَالطّواف سَوَاء فِي هَذَا فَأَي الْقَوْلَيْنِ أعجب من
قَوْلكُم فِي الصَّلَاة وَالطّواف جَمِيعًا إِلَّا أَنه إِن رأى الثَّوْب
فِي بعض الصَّلَاة أَو فِي بعض الطّواف وَفِيه الدَّم أَلْقَاهُ وَبني
وَإِذا رَآهُ بعد الْفَرَاغ أعَاد الصَّلَاة مَا دَامَ فِي الْوَقْت فَإِذا
مضى الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ فَمَا وَقت الطّواف حَتَّى نعرفه من
قَوْلكُم بِوَقْت الصَّلَاة وَمن أَيْن افترق بعض الصَّلَاة وَالطّواف
واتمامهما فِي الثَّوْب الَّذِي فِيهِ الدَّم
(2/136)
لَئِن استقام ان يُصَلِّي شَيْئا من صلَاته
فِي ذَلِك الثَّوْب أَو يطوف شَيْئا فِي طَوَافه فِي ذَلِك الثَّوْب انه
ليجزيه إِذا طَاف الطّواف كُله وَصلى الصَّلَاة كلهَا وَمَا بَين هذَيْن
فرق وَلَا عنْدكُمْ فِي افتراقهما سنة وَلَا اثر وَلَو كَانَ لاحتججتم بِهِ
وَالله أعلم
- بَاب الْمَرْأَة تهل بِعُمْرَة ثمَّ تحيض
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ فِي الْمَرْأَة الْحَائِض
تهل بِعُمْرَة ثمَّ تدخل مَكَّة موافية لِلْحَجِّ فَلَا تَسْتَطِيع الطّواف
بِالْبَيْتِ قَالَ تهل بِالْحَجِّ وترفض الْعمرَة إِذا خشيت الْفَوات ثمَّ
تنفذ على حجتها وتقضى مَنَاسِك الْحَج كلهَا غير الطّواف بِالْبَيْتِ
وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة حَتَّى تطهر لَان السَّعْي لَا يكون الا
بعد الطّواف فَإِذا قَضَت حَجهَا خرجت الى التَّنْعِيم فأهلت مِنْهَا
بِعُمْرَة قَضَاء لعمرتها وَعَلَيْهَا هدي لرفضها الْعمرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله قَالَ
اُخْبُرْنَا خَالِد الْحذاء
(2/137)
عَن أبي قلَابَة ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ذبح عَن
(2/138)
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي عمرتها
بقرة يَعْنِي الَّتِي قدمت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا
قَالَ مُحَمَّد وَكَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهَا هدى الْعمرَة لانها
رفضتها وَمَضَت فِي الْحَج فعلَيْهَا لرفضها هدي
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا قدمت معتمرة موافية لِلْحَجِّ وَهِي حَائِض
فَلم تستطع الطّواف بِالْبَيْتِ إِنَّهَا إِذا خشيت الْفَوات أهلت
بِالْحَجِّ ثمَّ نفذت فَكَانَت
(2/139)
مثل من قرن بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة فِي
أمرهَا كُله وأجزاها طواف بِالْبَيْتِ وَاحِد وَهُوَ طواف الزِّيَارَة
لحجتها وعمرتها وَكَانَ عَلَيْهَا الْهَدْي فَأَما الْعمرَة من التَّنْعِيم
فانه من شَاءَ ان يخرج من الْحرم ثمَّ يحرم فانه يجزى ذَلِك عَنهُ ان شَاءَ
الله وَلَكِن الْفضل ان يهل من الْمِيقَات الَّذِي وقته رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَا هُوَ أبعد من التَّنْعِيم
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف تكون هَذِه الْمَرْأَة قارنة وَقد بدأت
(2/143)
بِالْوَقْفِ بِعَرَفَة قبل الْعمرَة وانما
السّنة ان يبْدَأ بِالْعَمَلِ بِالْعُمْرَةِ قبل الْعَمَل فِي الْحَج مَعَ
مَا جَاءَ فِي ذك من الْآثَار المأثورة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حِين دخل على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَهِي حَائِض فَقَالَ
ارفضى عمرتك
(2/144)
وامضى فِي حجتك فَلَمَّا فرغت قَالَت يَا
رَسُول الله أترجع نساؤك بِحجَّة وَعمرَة وَأَنا أرجع بِحجَّة فَلَو كَانَت
قارنة لقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انك قضيت حجَّة وَعمرَة
وَكَانَ الطّواف الْوَاحِد لَهَا جَمِيعًا وَلكنه لم يقل ذَلِك وَلم يرهَا
اعْتَمَرت فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا ان
يُخرجهَا إِلَى التَّنْعِيم ليعمرها فترجع بِعُمْرَة وَحجَّة كَمَا رَجَعَ
غَيرهَا من ازواج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا آخر فعل رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وَلم نعلم شَيْئا نسخه
واعجب من ذَلِك انكم تَزْعُمُونَ ان الطّواف يجزى لَهما جَمِيعًا وانتم
تأمرونها بالتقصير إِذا رمت وذبحت حل لَهَا كل شَيْء الا الْجِمَاع
وَالطّيب وَلم تطف لعمرتها بعد فَأنْتم تأمرونها ان تقصر لعمرتها قبل ان
تَطوف وتسعى وتبرقع وَتَكون حَلَالا مِمَّا يحل مِنْهُ الْمُعْتَمِر غير
الْجِمَاع وَالطّيب وَلم تطف بِالْبَيْتِ وَلم تسع بَين الصَّفَا والمروة
لعمرتها فان قُلْتُمْ ان هَذَا
(2/146)
التَّقْصِير انما هُوَ لِلْحَجِّ خَاصَّة
فَلَا بُد من ان تَقولُوا إِذا طافت وسعت قصرت تقصيرا آخر للْعُمْرَة وَلَا
يَنْبَغِي ان يحل مِنْهَا شَيْء حَتَّى تقصر التَّقْصِير الثَّانِي
وَيَنْبَغِي لكم ان تجْعَلُوا عَلَيْهَا الْهَدْي فِي التَّقْصِير الأول
لِأَنَّهَا قصرت لِلْحَجِّ وَهِي مُحرمَة فَيجب عَلَيْهَا فِي قَوْلكُم
التَّقْصِير رَأسهَا وَهِي مُحرمَة بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة هَذَا مِمَّا
لَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ ان يتَكَلَّم فِيهِ وَقد جَاءَت فِيهِ سنة من
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه لم يرى عَائِشَة قَضَت عمْرَة
مَعَ حج حَتَّى امْر عبد الرَّحْمَن فأعمرها عمْرَة مَكَان عمرتها الَّتِي
رفضتها
قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن وَقد اُخْبُرْنَا فقيهكم مَالك بن
انس قَالَ حَدثنَا ابْن شهَاب مُحَمَّد عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا
(2/147)
أَنَّهَا قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع فأهللنا بِعُمْرَة فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مَعَه الْهَدْي فليهل
بِالْحَجِّ مَعَ الْعمرَة ثمَّ لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا
قَالَت فَقدمت مَكَّة وانا حَائِض وَلم اطف بِالْبَيْتِ وَلَا بَين
الصَّفَا والمروة فشكوت ذَلِك الى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ انْقَضى راسك وامتشطي واهلي بِالْحَجِّ ودعى الْعمرَة قَالَت
فَفعلت فَلَمَّا
(2/148)
قضينا الْحَج أَرْسلنِي رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا
الى التَّنْعِيم فاعتمرت ثمَّ قَالَ هَذِه مَكَان عمرتك
قَالَ مُحَمَّد وَهَذَا يدل على ان الْعمرَة الأولى قد رفضت وَخرجت
عَائِشَة من ان تكون معتمرة مُحرمَة لعمرتها الأولى حَيْثُ قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعِي الْعمرَة وامتشطي ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك
هَذِه مَكَان عمرتك فَلَو كَانَت قد قَضَت عمرتها مَا قَالَ لَهَا هَذِه
مَكَان عمرتك ولكانت هَذِه عمْرَة أُخْرَى
(2/149)
- بَاب مَا يَأْكُل الْمحرم من الصَّيْد
وَمَا هُوَ مَا يَشْتَرِيهِ وَهُوَ محرم
-
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ مَا وجد المحرمون من لُحُوم
الصَّيْد على الطَّرِيق فَلَا بَأْس بابتياعه وَأكله إِذا كَانَ الَّذِي
صَاده وذبحه حَلَالا وَإِن كَانَ إِنَّمَا صَاده وذبحه لاجله ان ذَلِك لَا
يفْسد عَلَيْهِ شَيْئا لَان الصَّائِد والذابح حَلَال لَهُ مَا فعل
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مَا وجد الْمحرم من الصَّيْد على الطَّرِيق فَمَا
كَانَ من ذَلِك يعْتَرض بِهِ الْحَاج وَمن اجلهم صيد فانا نكرهه للْمحرمِ
وننهاه عَن ذَلِك واما شَيْء يكون عِنْد الرجل وَلم يرد بِهِ المحرمين
فَوَجَدَهُ
(2/150)
محرم عِنْده فابتاعه فَلَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد مَا بَين هذَيْن فرق وَلَئِن حل احدهما ليحلن الاخر وَقد
ورد فِي ذَلِك رخص وكراهية فَأَما أَن يكره ذَلِك كُله وَأما أَن لَا يرى
بذلك كُله بَأْس
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَأما نَحن فَلَا نرى بذلك كُله باسا
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة انا نَأْخُذ فِي هَذَا بقول عُثْمَان بن عَفَّان
رَضِي الله عَنهُ
(2/151)
أَنه أهدي إِلَيْهِ صيد وَهُوَ محرم
فَقَالَ لأَصْحَابه كلوه وَقَالَ من أجلى صيد قيل إِن ذَلِك لم يكن من
عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ على وَجه التَّحْرِيم وَلَكِن كَانَ
ذَلِك مِنْهُ على وَجه التَّنَزُّه لِأَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ رد عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ فِي أكل لحم الصَّيْد فَنَهَاهُ عَنهُ فتنزه
(2/152)
عُثْمَان عَن أكله لذَلِك وَأمر بِأَكْلِهِ
غَيره من المحرمين فَلَو كَانَ لَا يحل لَهُ اكله مَا حل لَهُ ان يَأْمر
بِأَكْلِهِ وَعَلمُوا يَقِينا ان عُثْمَان لم يصطد ذَلِك الصَّيْد كُله من
اجله وَلَكِن اصطيد لَهُ ولاصحابه وَمَا كَا يجزى عُثْمَان رَضِي الله
عَنهُ ذَلِك الا أَقَله وَلَقَد علم ان ذَلِك اصطيد لَهُ ولاصحابه فَكيف
امْر اصحابه بِأَكْلِهِ وَكَيف لم يتْرك اصحابه ذَلِك كَمَا ترك عُثْمَان
بن عَفَّان
(2/153)
رَضِي الله عَنهُ انما نضع هَذَا من
عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ على وَجه التَّنَزُّه حَيْثُ عيب عَلَيْهِ أكل
الصَّيْد وَهُوَ محرم ان صيد لَهُ أَو لم يصد لَهُ قُلْنَا نهى عَن ذَلِك
تنزها عَن اكله وامر اصحابه ان يأكلوه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي رجل محرم صيد من اجله وَلم يَأْمر
بِهِ صَاده حَلَال وصنع لَهُ من ذَلِك الصَّيْد فَأكل مِنْهُ وَهُوَ يعلم
انه من اجله صيد فَلَا بَأْس بذلك وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة عَلَيْهِ جَزَاء ذَلِك الصَّيْد إِذا أكل مِنْهُ وَهُوَ
(2/154)
يعلم أَنه صيد من اجل صَاحبه فَلَيْسَ
عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يكون محرمان يحل الصَّيْد لاحدهما وَيحرم على
الآخر وَلم يصيدا وَلم يذبحا وَلم يأمرا انما نوى الرجل الْحَلَال ان
الذَّابِح يكون صَاد وَذبح لاحدهما أفيجزى عَن الْمحرم نِيَّته عَن غَيره
أَرَأَيْتُم لَو قَالَ الَّذِي صَاده وذبحه لم أصده وَلم أذبحه من اجله
فَصدقهُ وَأكل ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك قد صدته من اجلك ايجب عَلَيْهِ
الْجَزَاء أَرَأَيْتُم ان لم يكن قَالَ فِي الأول شَيْئا حَتَّى اكل
الْمحرم ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك
(2/155)
أيجب عَلَيْهِ الْجَزَاء بقول الرجل
الَّذِي صَاد للصَّيْد وَكَيف يجب الْجَزَاء على الْآكِل بنية غَيره انما
تجب الْكَفَّارَة بأعمال الْعباد الَّتِي يعملونها فَأَما ان تجب
الْكَفَّارَة على الرجل بأعمل الْعباد الَّتِي يعملونها فَأَما ان تجب
الْكَفَّارَة على الرجل بنية غَيره فَهَذَا مِمَّا لَا يكون
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ حَدثنَا أَبُو سَلمَة عَن رجل
عَن
(2/156)
أبي هُرَيْرَة قَالَ مَرَرْت
بِالْبَحْرَيْنِ فسألوني عَن لحم الصَّيْد يصيده الْحَلَال هَل يصلح
للْمحرمِ ان يَأْكُلهُ فأفتيتهم بِأَكْلِهِ وَفِي نَفسِي مِنْهُ شَيْء
فَقدمت على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَذكرت لَهُ مَا قلت لَهُم
فَقَالَ لَو قلت
(2/157)
غير ذَلِك لم تقل بَين اثْنَيْنِ مَا بقيت
اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن
عُثْمَان بن مُحَمَّد أَو مُحَمَّد بن عُثْمَان عَن طَلْحَة بن عبيد الله
قَالَ تَذَاكرنَا لحم الصَّيْد يَأْكُلهُ
(2/158)
الْمحرم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم نَائِم فارتفعت اصواتنا فاستيقط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ فيمَ تنازعتم قُلْنَا فِي لحم الصَّيْد يَأْكُلهُ الْمحرم فَأمرنَا
بِأَكْلِهِ
(2/160)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
اسامة بن زيد الْمدنِي قَالَ حَدثنَا سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أبي
هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ انه يحدث عبد الله بن عمر
(2/161)
قَالَ أَقبلت من الْبَحْرين فسالني نَاس من
أهل الْعرَاق عَن لحم الصَّيْد يَأْكُلهُ الْمحرم فَأَمَرتهمْ بِأَكْلِهِ
ثمَّ قدمت على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلته عَن ذَلِك
فَقَالَ بِمَ أفتيتهم قلت افتيتهم بِأَكْلِهِ فَقَالَ لَو قلت غير ذَلِك
مَا أَفْتيت رجلا مَا كنت حَيا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن
أبي نجيح عَن ابيه
(2/162)
عَن رجل من بني ضَمرَة قَالَ خرجنَا مَعَ
عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فافرد بِالْمَسِيرِ مَعَه فِي سَبْعَة ركب
قَالَ فآوانا اللَّيْل الى خيمة اعرابي فَإِذا
(2/163)
قدر مغطى قَالَ مَا هَذَا قَالَ لحم صيد
صدناه بالْأَمْس فَأكل مِنْهُ وَنحن محرمون
وَقد جَاءَت فِي لحم الصَّيْد هَذِه الرُّخص وَلم يفسروا فيقولوا لَا بَأْس
بِمَا كَانَ فِي ذَلِك لم يصطد للْمحرمِ وَلَا خير فِيمَا اصطيد لَهُ بل قد
جَاءَت فِيهِ الْآثَار مُبْهمَة وَلَا تَفْسِير فِي هَذَا فَهِيَ عندنَا
على جُمْلَتهَا حَتَّى تَأتي الْبَيِّنَة بتفسيرها فَأَما مَا رويتم عَن
عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَلَا حجَّة لكم فِيهِ
(2/164)
أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ
اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ حَدثنِي ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله
انه سمع ابا هُرَيْرَة يحدث اباه عبد الله ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم انه
قَالَ مر بِهِ قوم محرمون بالربذة فاستفتوه فِي
(2/165)
لحم صيد وجدوا احله يَأْكُلُونَهُ فأفتاهم
بِأَكْلِهِ قَالَ ثمَّ قدم على عمر بن الْخطاب فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك
فَقَالَ عمر بِمَا أفتيتهم قَالَ بِأَكْلِهِ قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ
لَو افتيتهم بِغَيْرِهِ لاوجعتك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك قَالَ حَدثنَا أَبُو النَّضر
مولى عمر
(2/166)
ابْن عبيد الله عَن نَافِع مولى أبي
قَتَادَة عَن أبي قَتَادَة انه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق تخلف مَعَ أَصْحَاب لَهُ محرمين
وَهُوَ غير محرم فَرَأى حمارا وحشيا فَاسْتَوَى
(2/167)
على فرسه فَسَأَلَ أَصْحَابه أَن يناولوه
سَوْطه فأبوه فَسَأَلَهُمْ ان يناولوه رمحة فَأَبَوا فَأَخذه ثمَّ شدّ على
الْحمار فَقتله فَأكل مِنْهُ بعض اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وأبى بَعضهم فَلَمَّا أدركوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
سَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ إِنَّمَا هِيَ طعمة اطعكموها الله
(2/168)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار ان كَعْب
الاحبار اقبل من الشَّام فِي ركب محرمين حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض
الطَّرِيق وجدوا لحم صيد فأفتاهم كَعْب بِأَكْلِهِ فَلَمَّا قدمُوا على عمر
بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ من افتاكم بِهَذَا
قَالُوا كَعْب قَالَ فَإِنِّي قد امرته عَلَيْكُم حَتَّى ترجعوا ثمَّ لما
(2/169)
كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق طَرِيق مَكَّة
مرت بهم رجل من جَراد فأفتاهم كَعْب بِأَن يأكلوه ويأخذوه فَلَمَّا قدمُوا
على عمر رَضِي الله عَنهُ ذكرُوا لَهُ ذَلِك فَقَالَ مَا حملك على ان
تفتيهم بِهَذَا قَالَ هُوَ من صيد الْبَحْر قَالَ وَمَا يدْريك قَالَ يَا
امير الْمُؤمنِينَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ان هُوَ الا نثرة حوت
يَنْثُرهُ فِي كل عَام مرَّتَيْنِ
(2/170)
قَالَ مُحَمَّد فقد امرهم رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث أبي قَتَادَة بِأَكْل الصَّيْد وَحسن ذَلِك
لَهُم وَلم يسْأَل ابا قَتَادَة أَمن أجل المحرمين اصطدته أم من اجل غَيرهم
وَلَو كَانَ الْأَمر على مَا وصف اهل
(2/171)
الْمَدِينَة مَا رخص لَهُم رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أكله حَتَّى سَأَلَ ابا قَتَادَة من اجل الْقَوْم
المحرمين صَاد الْحمار أم من اجل غَيرهم
(2/172)
- بَاب الْمحرم يقتل الصَّيْد أَو يدل
عَلَيْهِ أَو يضْطَر إِلَى الْميتَة فيأكلها
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة فِي الْمحرم يضْطَر الى
الْميتَة أيصيد الصَّيْد فيأكله أَو يَأْكُل الْميتَة قَالَ يَأْكُل
الْميتَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مثل قَول أبي حنيفَة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا قتل الْمحرم أَو ذبح من الصَّيْد فَلَا يحل أكله
لحلال وَلَا كمحرم لِأَنَّهُ لَيْسَ بذكي خطأ كَانَ أَو عمدا وَكَذَلِكَ
قَالَ أهل الْمَدِينَة وَقَالَ مَالك بن انس إِنَّه سمع ذَلِك من غير
وَاحِد من أهل الْعلم
(2/174)
مَا يَنْبَغِي ان يشكل على اُحْدُ من
الْفُقَهَاء هَذَا اعظم وزرا فِيمَا صنع من الْآثَار الْكَثِيرَة الَّتِي
جَاءَت فِيهِ
قَالَ مُحَمَّد وَذكر شريك بن عبد الله عَن الركين عَن عِكْرِمَة مولى ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان محرما اشار الى أهل مَا يبيض فَجعل
عَلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
الْجَزَاء
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم عَن دَاوُد بن
أبي هِنْد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ اتى عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ
(2/176)
رجل فَقَالَ يَا امير الْمُؤمنِينَ انى
اشرت الى ظَبْي وانا محرم فَقتله صَاحِبي فَقَالَ عمر لعبد الرَّحْمَن بن
عَوْف رَضِي الله عَنْهُمَا مَا ترى قَالَ شَاة قَالَ وانا ارى ذَلِك
قَالَ مُحَمَّد وَهَذَا خلاف مَا قَالَ أهل الْمَدِينَة قَالَ وروى هَذَا
عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي
الله عَنْهُم
(2/178)
- بَاب الْمحرم يقتل الصَّيْد فَيحكم
عَلَيْهِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد فَيحكم
عَلَيْهِ بِطَعَام انه يقوم الصَّيْد كم ثمنه من الطَّعَام ثمَّ يطعم كل
مِسْكين نصف صَاع بِصَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وان شَاءَ صَامَ
عَن مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا فَينْظر كم عدَّة الْمَسَاكِين فَإِن
كَانُوا عشرَة صَامَ عشرَة أَيَّام وَإِن كَانُوا عشْرين صَامَ عشْرين
يَوْمًا
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد فَيحكم عَلَيْهِ فِيهِ
أَن يقوم الصَّيْد الَّذِي أصَاب فَينْظر كم ثمنه من الطَّعَام فيطعم كل
مِسْكين مدا أَو يَصُوم مَكَان كل مد يَوْمًا وَينظر كم عدَّة الْمَسَاكِين
فَإِن كَانُوا عشرَة صَامَ عشرَة ايام وان كَانُوا عشْرين صَامَ عشْرين
يَوْمًا
قَالَ مُحَمَّد انما قَالَ الله تَعَالَى {فجزاء مثل مَا قتل من النعم يحكم
بِهِ}
(2/179)
{ذَوا عدل مِنْكُم هَديا بَالغ الْكَعْبَة
أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} فانما طَعَام الْمَسَاكِين غداء وعشاء
وَينظر كم يشبعه فِي يَوْم وَلَيْلَة فَأَما الْمَدّ فَلَيْسَ يكون شبعا
لَاحَدَّ فِي يَوْم وَلَيْلَة نعلمهُ قَالَ مُحَمَّد وَقد جَاءَت الْآثَار
فِي ذَلِك كَثِيرَة وَالله أعلم
(2/180)
- بَاب الْحَلَال يقتل الصَّيْد فِي الْحرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الْحَلَال يقتل الصَّيْد فِي
الْحرم انه يحكم عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة مَا يحكم على الَّذِي يقتل الصَّيْد
فِي الْحرم وَهُوَ محرم الا فِي خصْلَة وَاحِدَة الْحَلَال إِذا قتل
الصَّيْد فِي الْحرم لم يجزه الصَّوْم وَكَانَ بِمَنْزِلَة شَجَرَة قطعهَا
فِي الْحرم فَلَيْسَ يجزى فِيهِ الصَّوْم انما فِيهَا الْهَدْي أَو
الطَّعَام وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يحكم على الَّذِي يقتل الصَّيْد فِي
الْحرم وَهُوَ حَلَال بِمثل مَا يحكم بِهِ على الَّذِي يقتل الصَّيْد فِي
الْحرم وَهُوَ محرم
(2/181)
- بَاب الْمحصر فِي غير عَدو
-
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من حبس عَن الْحَج بَعْدَمَا يحرم
لمَرض أَو عَن الْعمرَة بَعْدَمَا يحرم بهَا لمَرض اصابه لَا يقدر على
النَّفاذ فَإِنَّهُ يبْعَث الْهدى ويواعدهم فِيهِ بِيَوْم ينْحَر فِيهِ
الْهَدْي فَإِذا نحر حل فَإِن كَانَ أهل بِعُمْرَة فَعَلَيهِ عمْرَة
مَكَانهَا وَإِن كَانَت حجَّة فعلية حجَّة وَعمرَة مَكَانهَا اما الْحجَّة
فقضاء لحجته واما الْعمرَة فَإِن الرجل إِذا فَاتَهُ الْحَج حل من حجَّته
بِعُمْرَة فَجعل عَلَيْهِ هَذِه الْعمرَة لذَلِك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة
من احْتبسَ لمَرض فَلَيْسَ يحل إِلَّا بِالطّوافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي
بَين الصَّفَا والمروة لَا يحله هدي ينحره
(2/182)
قَالَ مُحَمَّد إِنَّمَا جَاءَت الْآثَار
فِي الْمحصر أَنه يحل إِذا نحر هَدْيه وَلَا يُبَالِي أعدو حصره أم مرض
إِنَّمَا يُرَاد من ذَلِك الْعذر الَّذِي يمنعهُ من الذّهاب الى مَكَّة
فَإِذا جَاءَ من الْمَرَض مَا لَا يقدر مَعَه على الانطلاق الى مَكَّة صَار
كَالَّذي حصره الْعَدو وانما يَنْبَغِي ان يُقَاس على مَا صنع رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا ينزل ارأيتم رجلا احصر بِكَسْر فَيرى كَسره
ذَلِك على أَمر يعلم انه لَا يقدر على إتْيَان مَكَّة على حَال من
الْحَالَات ايبقى محرما حَتَّى يَمُوت ارأيتم ان ادخله مَرضه ذَلِك فِي
حَال الْكبر حَتَّى بلغ من كبره ان صَار لَا يَسْتَطِيع ان يحمل إِلَى
مَكَّة فِي محمل
(2/183)
وَلَا غَيره ايكون هَذَا حَرَامًا حَتَّى
يَمُوت فَهَذَا إِن شَاءَ الله أعذر من الَّذِي يحْبسهُ الْعَدو لِأَن
الْعَدو إِن حَبسه الْيَوْم لم يحْبسهُ الْأَبَد وَهَذَا قد جَاوز حَال انه
لَا يقدر فِيهَا على الْمُضِيّ إِلَى الْكَعْبَة أبدا وَكَيف يحل
بِالطّوافِ وَهُوَ لَا يقدر عَلَيْهِ وَهل كلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا
مَعَ آثَار كَثِيرَة قد جَاءَت فِي هَذَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا
الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير
ومروان بن الحكم أَجمعُوا فِي امْر سعيد بن حزابة المَخْزُومِي وَكَانَ
اصابه جدري وَحصر فَأَجْمعُوا
(2/184)
على أَن يبْعَث بِهَدي فينحر عَنهُ وَيحل
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا بن الْعَوام قَالَ أخبرنَا الْحجَّاج بن
أَرْطَاة عَن من سمع عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ بن أبي طَالب
مثل قَول ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير فِي الْمحصر
(2/185)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا حُسَيْن بن
حسان الاسدي قَالَ حَدثنَا عمَارَة
(2/186)
ابْن عُمَيْر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد
قَالَ خرجنَا عمارا فلدغ صَاحب لنا بِذَات السفوق فَلم نقدر على حمله
فخرجنا نَنْظُر الطَّرِيق هَل نرى أحدا فنسأله فَإِذا نَحن بِعَبْد الله بن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن انا خرجنَا
عمارا فلدغ صَاحب لنا بِذَات السفوق قَالَ فليبعث بِهَدي وَاجْعَلُوا
بَيْنكُم وَبَينه يَوْمًا يحل فِيهِ ثمَّ عَلَيْهِ الْعمرَة إِذا برأَ
(2/187)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ سَأَلت مُجَاهدًا عَن الرجل يعرض لَهُ
الْعرض فيحبسه من الْكسر أَو الْمَرَض فيبعث بهديه ويواعده يَوْمًا يحل
فِيهِ وَلَا يبلغ الْهَدْي فِي ذَلِك الْيَوْم وَيحل هُوَ قَالَ يهدي هَديا
مَعَ هَدْيه لانه حل قبل ان يبلغ الْهَدْي فِي ذَلِك الْيَوْم وَيحل هُوَ
قَالَ يهدي هَديا مَعَ هَدْيه لِأَنَّهُ حل قبل ان يبلغ الْهَدْي مَحَله
قلت فَإِن ضل هَدْيه قَالَ فَعَلَيهِ هدي مَكَان هَدْيه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن خازم عَن الاعمش عَن
ابراهيم عَن عَلْقَمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة
لله} قَالَ هِيَ فِي قِرَاءَة عبد الله ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ
واتموا الْحَج وَالْعمْرَة لله إِلَى الْبَيْت قَالَ
(2/188)
لَا تجَاوز بِالْعُمْرَةِ الْبَيْت قَالَ
فَإِن احصرتم فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى قَالَ إِذا أهل بِالْحَجِّ فأحصر
بعث بِمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى شَاة فان هُوَ عجل قبل أَن يبلغ الْهدى
مَحَله فحلق رَأسه وتداوى كَانَ عَلَيْهِ فديَة من صِيَام أَو صَدَقَة أَو
نسك فالصيام ثَلَاثَة ايام والصدقه ثَلَاثَة آصَع لسِتَّة مَسَاكِين لكل
مِسْكين نصف صَاع والنسك شَاة قَالَ {فَإِذا أمنتم} قَالَ فَإِذا برأَ
مِمَّا كَانَ بِهِ فَمضى من وَجهه ذَلِك حَتَّى يأتى الْبَيْت حل من حجه
بِعُمْرَة وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَج من قَابل وَإِن رَجَعَ وَلم يتم إِلَى
الْبَيْت
(2/189)
من وَجهه كَانَ عَلَيْهِ لحجة وَعمرَة دم
وَدم لتأخيره الْعمرَة فَإِن خرج مُتَمَتِّعا فِي أشهر الْحَج كَانَ
عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى شَاة فان لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة
أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ ابراهيم
آخرهَا يَوْم عَرَفَة يَعْنِي الثَّلَاثَة قَالَ وَقَالَ ابراهيم ذكرت
ذَلِك لسَعِيد فَقَالَ هَكَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
فِي هَذَا كُله
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا بكير بن عَامر البَجلِيّ عَن
ابراهيم النَّخعِيّ فِي الْمحصر الَّذِي يهل بِعُمْرَة أَو حجَّة أَو بهما
جَمِيعًا ثمَّ يحْبسهُ عَن الْبَيْت مرض أَو شَيْء لَا يملكهُ فَليقمْ
حَرَامًا حَيْثُ اصابه ذَلِك أَو ليرْجع
(2/190)
إِلَى أَهله إِن شَاءَ لَا يحل مِنْهُ
شَيْء ثمَّ ليَبْعَث بِثمن هدي ان كَانَ أهل بِالْعُمْرَةِ وَحدهَا أَو
بِالْحَجِّ وَحده وان كَانَ أهل بهما جَمِيعًا بعث بهديين أَو بِثمن هديين
ثمَّ يواعد صَاحبه الْيَوْم الَّذِي ينْحَر فِيهِ الْهَدْي فَإِذا كَانَ
ذَلِك الْيَوْم حل وَكَانَت عَلَيْهِ ان كَانَ أحرم بِالْعُمْرَةِ وَحدهَا
عمْرَة وان كَانَ أهل بِالْحَجِّ وَحده فَعَلَيهِ عمْرَة وَحجَّة وان كَانَ
احرم بهما مَكَان عمرته جَمِيعًا فعمرتان وَحجَّة من عَام قَابل
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي رجل قدم مُعْتَمِرًا فِي أشهر الْحَج
فَقضى عمرته ثمَّ أهل بِالْحَجِّ من مَكَّة ثمَّ كسر أَو اصابه امْر لَا
يقدر على ان يحضر مَعَ النَّاس الْموقف قَالَ لَا يكون الرجل محصرا
بِمَكَّة يحمل حَتَّى يشْهد الْموقف فان لم يَفْعَلُوا ذَلِك حَتَّى يطلع
الْفجْر من يَوْم النَّحْر فقد فَاتَهُ
(2/191)
الْحَج وليطف بِالْبَيْتِ أَو يُطَاف بِهِ
ان لم يقدر وبالصفا والمروة ثمَّ يحل وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَالْهَدْي
عَلَيْهِ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة اذ كسر أَو اصابه امْر لَا يقدر على ان
يحضر مَعَ النَّاس الْموقف اقام حَتَّى إِذا برأَ خرج الى الْحل على ذَلِك
الاحرام ثمَّ يرجع الى مَكَّة فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة
ثمَّ يحل ثمَّ عَلَيْهِ الْحَج من قَابل وَالْهَدْي
وَقَالَ مُحَمَّد وَلم كَانَ عَلَيْهِ الْخُرُوج إِلَى الْحل وَهُوَ محرم
على احرامه الأول هَل امْر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الَّذِي
فَاتَهُ الْحَج ان يرجع الى الْحل وَقد روى فقيهكم مَالك بن انس ان
(2/192)
هَبَّار بن الْأسود وابا ايوب الانصاري
امرهما عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حِين فاتهما الْحَج واتيا يَوْم
النَّحْر ان يحلا بِعُمْرَة ثمَّ يرجعان حلالان حَتَّى يحجا عَاما قَابلا
وَلم يأمرهما ان يخرجَا الى الْحل وانما اتياه يَوْم النَّحْر وَهُوَ فِي
الْحرم إِمَّا يجمع وَإِمَّا بمنى واما بَين ذَلِك فَكل ذَلِك حرم
- بَاب الاحصار بالعدو
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ الاحصار بالعدو كالاحصار
بِالْمرضِ
(2/193)
وايما رجل أهل بِعُمْرَة فأحصر بعدو حَبسه
عَن الْبَيْت فانه يبْعَث بِهَدي
(2/194)
يحل بِهِ فَإِذا نحر عَنهُ حل وَكَانَت
عَلَيْهِ عمْرَة مَكَان عمرته وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من أحْصر بعدو
وَهُوَ محرم فَإِنَّهُ ينْحَر عَنهُ الْهَدْي ويحلق رَأسه حَيْثُ حبس وَيحل
من كل شَيْء وَلَا شَيْء عَلَيْهِ وان كَانَ لَا يقدر على ان يبْعَث هَدْيه
الى الْحرم نَحره فِي مَوْضِعه وَحل بِهِ وَلم يكن عَلَيْهِ قَضَاء لإحرامه
وَذَلِكَ حجا كَانَ أَو عمْرَة
وَقَالَ مُحَمَّد لَا يجزى ان ينْحَر هَدْيه وَلَا يكون بِهِ حَلَالا
حَتَّى ينْحَر فِي الْحرم بلغنَا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نحر هَدْيه يَوْم
(2/195)
الْحُدَيْبِيَة فِي الْحرم فَلَيْسَ يجزى
محصرا نحر الْهَدْي أَو ذبحه فِي غير الْحرم لإن الله تَعَالَى يَقُول فِي
كِتَابه {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} فَلَا يكون الْهَدْي حَتَّى يبلغ الْحرم
وَذَلِكَ تَفْسِير قَوْله {بَالغ الْكَعْبَة} فَأَما قَول أهل الْمَدِينَة
فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فَكيف قَالُوا ذَلِك وانما رَجَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة على شَرط الْمُشْركين أَنه يرجع
عَامهمْ هَذَا ثمَّ يعود من قَابل ثمَّ يدْخل مَكَّة باحرام ويخلون لَهُ
الْبَيْت ثَلَاثًا فَإِنَّمَا كَانَت الْعمرَة
(2/196)
الثَّانِيَة من قَابل قَضَاء لعمرة
الْحُدَيْبِيَة هَذَا مَا عَلَيْهِ الْفُقَهَاء انهم قَالُوا إِنَّمَا جعل
الْعمرَة الْعَام الثَّانِي مَكَان عمْرَة الْحُدَيْبِيَة وَكَانَت تسمى
عمْرَة الْقَضَاء وَفِي هَذَا آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام قَالَ سَمِعت حمادا
يَقُول قَالَ لي ابراهيم النَّخعِيّ سل سعيد بن جُبَير عَن الْمحصر
فَسَأَلته فَقَالَ مثل قَول ابراهيم قلت يَا حَمَّاد وَمَا قَالَا قَالَ
كَمَا سَمِعْتُمْ اقول قَالَ وَسَعِيد يَقُول إِذا أحرم بِحجَّة وَعمرَة
بعث بهديين أَو بِثمن هديين فَإِذا كَانَ يَوْم النَّحْر حل وَكَانَت
عَلَيْهِ عمرتان وَحجَّة وَإِذا احرم بِحجَّة فَإِذا كَانَ يَوْم النَّحْر
حل وَكَانَت عَلَيْهِ عمْرَة وَحجَّة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن عمر الاسلمي قَالَ
اُخْبُرْنَا
(2/197)
معمر بن رَاشد عَن ابْن أبي نجيح عَن
مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ من احصر بِالْحَجِّ
فليبعث بِهَدي فَإِذا نحر الْهَدْي حل وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة فَإِن مضى
وَقضى عمرته فَعَلَيهِ الْحَج من قَابل وان اخر عمرته حَتَّى يعتمرها فِي
اشهر الْحَج ثمَّ اقام حَتَّى حج فَعَلَيهِ الْهَدْي
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابْن الْمُبَارك عَن معمر بن رَاشد
عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ
إِذا احصر
(2/198)
الرجل وَهُوَ حَاج حل على عمْرَة وَحجَّة
هَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَوْلنَا فَأَما مَا قَالَ أهل الْمَدِينَة لَا
قَضَاء عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِشَيْء وَالْجمع على خلاف مَا قَالُوا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن عمر الاسلمي قَالَ
اخبرني ابْن أبي ذِئْب
(2/199)
قَالَ سَمِعت ابْن شهَاب يَقُول شرك رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين اصحابه فِي الْهَدْي يَوْم
الْحُدَيْبِيَة وامرهم ان يعتمروا فِي قَابل قَضَاء لعمرتهم
(2/200)
قَالَ فعجبا لقَوْل أهل الْمَدِينَة لَا
قَضَاء لمن احصر بالعدو وَهَذِه أَحَادِيثهم تدل على غير ذَلِك قَالَ
وَكَانَ ابْن أبي ذِئْب وَابْن شهَاب عِنْدهم غير متهمين فِي حَدِيثهمْ
(2/201)
- بَاب نِكَاح الْمحرم
-
(2/202)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ
لَا بَأْس بَان يتَزَوَّج الْمحرم ويزوج غَيره وَلَكِن لَا يَنْبَغِي
للَّذي يتَزَوَّج وَهُوَ محرم ان يقبل وَلَا يُبَاشر وَلَا يضع شَيْئا
مِمَّا يحل للْحَلَال ان يَفْعَله بِزَوْجَتِهِ من الْقبْلَة واللمس وَغير
ذَلِك
(2/209)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يتَزَوَّج
الْمحرم وَإِن تزوج فَالنِّكَاح مَرْدُود
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف لَا يتَزَوَّج الْمحرم وَهُوَ لَا يصنع شَيْئا
مِمَّا حرمه الله عَلَيْهِ من الْجِمَاع قَالُوا لِأَن هَذِه عقدَة يحل
بهَا الْجِمَاع قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي رجل اشْترى جَارِيَة وَهُوَ
محرم من رجل أَيجوزُ ذَلِك فان قَالُوا نعم الشِّرَاء جَائِز وَلَكِن لَا
يَطَأهَا وَلَا يقبلهَا حَتَّى يحل قُلْنَا قد أصبْتُم وتركتم قَوْلكُم فِي
النِّكَاح ايضا كَذَلِك يجوز التَّزْوِيج وَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ ان
يتَعَرَّض لَهَا بقبلة وَلَا بغَيْرهَا حَتَّى يحل
قُلْنَا وأخبرونا عَن تَحْرِيم النِّكَاح لاي شَيْء حرمتموه وكرهتموه
للآثار فَمَا روى فِي تَحْلِيله أَكثر أم الَّذِي فِي تَحْرِيمه فهاتوا مَا
عنْدكُمْ من الْقيَاس يَنْبَغِي لمن حرم تَزْوِيج الْمحرم وان يحرم
شِرَاءَهُ لِلْجَارِيَةِ وَيَنْبَغِي لَهُ ان يحرم شِرَاءَهُ للطيب
والزعفران وَمَا لَا يحل للْمحرمِ
ارأيتم رجلا ظَاهر من امْرَأَته لَيست عَلَيْهِ حَرَامًا حَتَّى يكفر
ارأيتم ان كفر وَهُوَ محرم اتجزيه تِلْكَ الْكَفَّارَة وانما حصلت لَهُ
وَهُوَ محرم
(2/210)
ارأيتم رجلا طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة يملك
بهَا الرّجْعَة وَهُوَ حَلَال ثمَّ احرم وَأشْهد على رَجعتهَا وَهُوَ محرم
وَخَافَ ان تَنْقَضِي عدتهَا قبل
(2/211)
الاحلال أتكون تِلْكَ الرّجْعَة وَهَذَا
ترك لقولكم لَان فِي الرّجْعَة تَصْحِيح النِّكَاح وَقد قُلْتُمْ ايضا انه
لَا يجوز للْمحرمِ ان يُزَوّج غَيره ارأيتم عبد رجل تزوج ومولاه حَلَال
فاجاز النِّكَاح بَعْدَمَا أحرم أَيجوزُ
(2/212)
ارأيتم رجلا وكل رجلا بِأَن يُزَوجهُ
فُلَانَة وهما محرمان جَمِيعًا فَلم يفعل حَتَّى حلا فَزَوجهُ ايجوز ذَلِك
ام لَا يجوز ارأيتم ان امْرَهْ وهما حلالان جَمِيعًا ثمَّ احرما ثمَّ زوجه
ايجوز ارأيتم ان لم يُزَوجهُ حَتَّى حلا ثمَّ زوجه فَكَانَ لأمر وهما
حلالان وَالنِّكَاح هما حلالان بَينهمَا احرام ايجوز ذَلِك يَنْبَغِي لمن
ابطل النِّكَاح وَهُوَ محرم ان يبطل الْوكَالَة بِالنِّكَاحِ وَهُوَ محرم
وَقد جَاءَ فِي ذَلِك مَعَ هَذَا آثَار كَثِيرَة واصلها ان رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة بنت الْحَارِث رَضِي الله عَنْهُمَا
وَهُوَ محرم قَالُوا بلغنَا انه تزَوجهَا حَلَالا روى ذَلِك سُلَيْمَان بن
يسَار ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث ابا رَافع مَوْلَاهُ
ورجلا من الْأَنْصَار فزوجاه مَيْمُونَة بنت الْحَارِث رَضِي الله عَنْهَا
(2/214)
وبلغنا عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا وَهِي خَالَته مَعَ فقهه وَعلمه لَا شكّ فِيهِ أَنه قَالَ إِن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم
(2/217)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم بن أبي الْهَيْثَم ان
(2/218)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج
مَيْمُونَة بنت الْحَارِث بعسفان وَهُوَ محرم
(2/219)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُحَمَّد بن أبان عَن حَمَّاد عَن ابراهيم النَّخعِيّ أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج مَيْمُونَة ابْنة الْحَارِث رَضِي الله عَنْهَا
وَهُوَ محرم
(2/221)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُحَمَّد بن ابان عَن حَمَّاد قَالَ قلت لابراهيم
(2/222)
النَّخعِيّ الْمحرم يتَزَوَّج قَالَ نعم ان
شَاءَ وَلَكِن لَا يقربهَا بقبلة وَلَا غير ذَلِك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا جرير بن حَازِم عَن الاعمش عَن
ابراهيم عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا بَأْس بِأَن
يتَزَوَّج الْمحرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ
قَالَ حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن أَبِيه عَن سَوْدَة بنت
حَارِثَة امْرَأَة عَمْرو بن
(2/223)
حزم ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم تزوج مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا وَهُوَ محرم
(2/224)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
ابراهيم بن مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا شريك بن أبي نمر وَدَاوُد بن الْحصين
عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم مثل ذَلِك
- بَاب الرجل يَمُوت وَلم يحجّ فيوصي أَن يحجّ عَنهُ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الرجل يَمُوت وَلم يحجّ فيوصي ان
يحجّ
(2/225)
عَنهُ ان ذَلِك من ثلثه وان لم يبلغ ذَلِك
ثلثه احج عَنهُ من حَيْثُ يبلغ الثُّلُث الا ان يخْتَار الْوَرَثَة ان
يحجوا عَنهُ من بِلَاده بِمَا بلغ
قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان تطوع رجل عَن رجل فحج عَنهُ وَقد
مَاتَ وَلم يحجّ فَذَلِك جَائِز وليا كَانَ لَهُ أَو غير ولي فَلَو ان رجلا
ادركه الْكبر وَلم يحجّ حجَّة الاسلام فحج عَنهُ بعض وَلَده أَو ولي غَيره
اجزاه ذَلِك ان شَاءَ الله تَعَالَى
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَجْزِي ان يحجّ حَيّ عَن حَيّ قدر المحجوج
عَنهُ على الْحَج أَو لم يقدر فَإِذا مَاتَ فان كَانَ الَّذِي يحجّ عَنهُ
وليا فَلَا بَأْس بِأَن يتَطَوَّع عَنهُ فَأَما غير ولي فَلَا يعجبنا فان
اوصى انفذت وَصيته
قَالَ مُحَمَّد مَا جَاءَت عَامَّة الْآثَار الا فِي الْحَيّ وَقد رُوِيَ
فقيهكم مَالك ابْن انس عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/227)
ان امْرَأَة جَاءَت الى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم مستفتية فَقَالَت يَا نَبِي الله ان فَرِيضَة الله على
عباده فِي الْحَج ادركت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع ان يثبت على
الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ قَالَ نعم وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع قَالَ
مُحَمَّد وَهَذَا فِي آخر حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/228)
قَالَ مُحَمَّد اُخْبُرْنَا ايضا مَالك بن
انس عَن ابْن أبي تَمِيمَة عَن ابْن سِيرِين عَن رجل اخبره عَن ابْن
عَبَّاس ان رجلا جَاءَ الى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا
رَسُول الله إِن أُمِّي امْرَأَة كَبِيرَة لَا نستطيع ان
(2/229)
نحملها على الْبَعِير وان ربطتها خفت ان
تَمُوت أفأحج عَنْهَا قَالَ نعم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس عَن ابْن أبي
تَمِيمَة عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين ان رجلا جعل على نَفسه لَا يبلغ اُحْدُ
من وَلَده الْحَلب فيحلب وَيشْرب ويسقيه الا حج وَحج بِهِ فَبلغ رجل من
وَلَده الَّذِي
(2/230)
قَالَ وَقد كبر الشَّيْخ فجَاء ابْنه الى
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ الْخَبَر فَقَالَ ان أبي قد
كبر وَلَا يَسْتَطِيع ان يحجّ افأحج عَنهُ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نعم
فَهَذَا كُله حجَّة عَلَيْهِم فِي الْحَيّ وَقد جَاءَ فِي الْمَيِّت أَيْضا
آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ
سَالَتْ مُجَاهدًا عَن الرجل يحجّ عَن الرجل قَالَ لكل وَاحِد مِنْهُمَا
حجَّة توفّي عَن صَاحبه
(2/231)
وَلَا ينقص ذَلِك حجه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد ابان عَن جَعْفَر بن
مُحَمَّد بن عَليّ عَن ابيه قَالَ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ لرجل كَبِير لم يحجّ انفق على رجل فليحج عَنْك
(2/232)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كنت عِنْد ابْن عَبَّاس
(2/233)
فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت ان امي نذرت
ان تحج وانها مَاتَت وَلم تحج قَالَ تركت امك دينا قَالَت نعم قَالَ
فقضيتيه قَالَت نعم قَالَ خير غرمائكم الله حجي عَن امك أَو امْرَأَة
مَكَانهَا
(2/234)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
أَبُو كُدَيْنَة يحيى بن الْمُهلب البَجلِيّ عَن أبي إِسْحَاق
الشَّيْبَانِيّ عَن يزِيد بن الاصم قَالَ كنت جَالِسا عِنْد ابْن عَبَّاس
اذ جَاءَ
(2/235)
رجل فَقَالَ إِن أبي مَاتَ وَلم يحجّ أفأحج
عَنهُ قَالَ نعم فانك ان لم تزِدْه خيرا لم تزِدْه شرا
قَالَ مُحَمَّد والْآثَار فِي هَذَا كَثِيرَة وَهَذَا الامر الْمُجْتَمع
عَلَيْهِ لَا اخْتِلَاف بَين الْفُقَهَاء فِيهِ الا من قَالَ برايه ونبذ
الاثار خلف ظَهره
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك ابْن انس قَالَ حَدثنَا ابْن
شهَاب ان سُلَيْمَان ابْن يسَار اخبره ان عبد الله بن عَبَّاس اخبره قَالَ
كَانَ الْفضل بن عَبَّاس رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَأَتَتْهُ امْرَأَة من خثعم
(2/236)
تستفتيه قَالَ فَجعل الْفضل ينظر اليها
وَتنظر اليه وَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصرف وَجه الْفضل
بِيَدِهِ الى الشق الآخر فَقَالَت يَا رَسُول الله ان فَرِيضَة الله على
عباده فِي الْحَج ادركت أبي شَيخا كَبِيرا
(2/239)
لَا يَسْتَطِيع ان يثبت على الرَّاحِلَة
أفأحج عَنهُ قَالَ نعم وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان قَالَ
سَمِعت طاوسا
(2/240)
يَقُول ان رجلا اتى رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ان أبي شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع ان يركب الا
مُعْتَرضًا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حج عَن ابيك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان قَالَ
سَمِعت طاوسا يَقُول
(2/241)
إِن امْرَأَة اتت رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت ان امي مَاتَت وَعَلَيْهَا حجَّة فَقَالَ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم حجي عَن امك
(2/242)
- بَاب مَا جَاءَ فِيمَا يقتل الْمحرم من
الدَّوَابّ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ جَاءَت الْآثَار فِي خمس من
الدَّوَابّ من قتلهن وَهُوَ محرم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ الْغُرَاب والحدأة
وَالْعَقْرَب والفارة وَالْكَلب الْعَقُور قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الذِّئْب
هُوَ مثل الْكَلْب الْعَقُور فَأَما مَا سوى ذَلِك مثل الاسد والنمر والفهد
والضبع والثعلب واشباههن فَكل مَا لم يؤذك من ذَلِك فَقتلته فَعَلَيْك
فِيهِ الْهَدْي وَلَا يُجَاوز بِهِ الدَّم واما مَا آذَاك من ذَلِك فَقتلته
فَلَا شَيْء عَلَيْك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الْكَلْب الْعَقُور ان كل
مَا عقر النَّاس وَعدا عَلَيْهِم واخافهم مثل الاسد والنمر والفهد
وَالذِّئْب فَهُوَ الْكَلْب الْعَقُور واما مَا كَانَ من السبَاع الَّتِي
لَا تعدو مثل الضبع والثعلب والهر وَمَا اشبههن من السبَاع فَلَا يقْتله
الْمحرم وان قَتله فدَاه وَقَالَ مُحَمَّد انما جَاءَ الاثر فِي الْكَلْب
الْعَقُور وانما هُوَ عندنَا الْكَلْب خَاصَّة وَلَيْسَ على غَيره الا ان
يعدو عَلَيْك فَيكون بِمَنْزِلَة الْكَلْب الْعَقُور وانما قُلْنَا فِي
الذِّئْب لَا شَيْء على من قَتله وان لم يعد للأثر الَّذِي بلغنَا عَن ابْن
عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن وبرة بن
(2/243)
عبد الرَّحْمَن قَالَ سَمِعت ابْن عمر
رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول يقتل الْمحرم الذِّئْب واما قَول أهل
الْمَدِينَة ان الضبع لَا يعدو وانما جعلُوا فِيمَا يعدو فَهِيَ اشد عدوا
واخبث من الذِّئْب وانما يُؤْخَذ فِي هَذَا
(2/244)
بِمَا جَاءَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ انه قتل ضبعا وامر بكبش فذبح وَقَالَ انا ابتدأت بهَا وَلذَلِك نقُول
مَا ابتدأته من السبَاع وَلم يعد
(2/245)
عَلَيْك فَعَلَيْك فِيهِ الْفِدَاء وَمَا
ابتدأك فَقتلته فَلَا شَيْء عَلَيْك فِيهِ وَهَذَا قِيَاس قَول عمر رَضِي
الله عَنهُ الَّذِي رُوِيَ عَنهُ
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة واما مَا ضرّ من الطير فَلَا يقْتله الْمحرم الا
مَا سمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغُرَاب والحدأة فان قتل
الْمحرم شَيْئا من الطير سواهُمَا فدَاه
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَا يقتل الْمحرم من الطير شَيْئا لم يبتدأه
(2/246)
بايذاء الا الْغُرَاب والحدأة فَأَما
الْعقَاب الَّتِي تقتل الانسان وَنَحْوه فان اذت الانسان وَهُوَ محرم
فَقَتلهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ لانها تعدو فَتقْتل وَقد زَعَمُوا ان مَا
عدا من السبَاع فَلَا بَأْس بِأَن يقْتله الْمحرم وان لم يعد عَلَيْهِ إِذا
كَانَ مِمَّا يعدو عَلَيْهِ وَالْعِقَاب تعدو فَرُبمَا فقأت الْعين
وَرُبمَا ضربت الضَّرْب الشَّديد يَنْبَغِي ان لَا يرَوا بقتلها باسا وان
لم تعد وَلَكنَّا
(2/247)
لَا نقُول هَذَا ان لم ترده فَقَتلهَا
فَعَلَيهِ الْجَزَاء وان ارادت الْمحرم فَقَتلهَا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن
أبي نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
يَجْعَل فِي الضبع كَبْشًا إِذا اصابها الْمحرم وَيَقُول هِيَ صيد
(2/248)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح
(2/250)
عَن عبد الله بن يزِيد السَّعْدِيّ قَالَ
سَأَلت سعيد بن الْمسيب عَن الضبع فَقَالَ لَا يصلح اكلها فَقَالَ لَهُ شيخ
عِنْده ان شِئْت حدثتك بِمَا سَمِعت ابا الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ
يَقُول سمعته يَقُول نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اكل كل
نهبة وَعَن كل خطْفَة وَعَن كل مجثمة وَعَن كل ذِي نَاب من السبَاع قَالَ
سعيد صدقت
قَالَ مُحَمَّد قد جعلهَا عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ صيدا وَجعل
فِيهَا كَبْشًا وأكلها مَكْرُوه وَلم يَجْعَل فِيهَا الْكَفَّارَة لانها
لَا تعدو وَلَكِن
(2/251)
الْكَفَّارَة جعلت فِيهَا لانها صيد وان
كَانَ اكلها لَا يَنْبَغِي وَكَذَلِكَ كل سبع فَهُوَ صيد وان كَانَ اكلها
لَا يَنْبَغِي وَفِيه الْكَفَّارَة إِذا قَتله الْمحرم لَان السّنة جَاءَت
بذلك وَقد حل دم من هُوَ احرم من السَّبع إِذا عدا وَلَو ان مُسلما عدا على
رجل فَقتله بسلاح حل بذلك دَمه وَقد كَانَ قبل ذَلِك حَرَامًا قَالَ
مُحَمَّد وَكَذَلِكَ السَّبع فَقتله مَكْرُوه للْمحرمِ فان عدا عَلَيْهِ
(2/252)
حل لَهُ من قَتله مَا يحل من دم الْحر
الْمُسلم وَقد جَاءَت الْآثَار فِي اشياء من ذَلِك مَعْلُومَة رخص فِيهَا
قَتلهَا حَلَال ان عدت وان لم تعد الا ترى ان الْغُرَاب والحدأة لَا يعدوان
وَقد جَاءَت الرُّخْصَة فِي قَتلهمَا للْمحرمِ
(2/255)
- بَاب الْحجامَة للْمحرمِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بالحجامة للْمحرمِ
اضْطر أَو لم يضْطَر مَا لم يحلق شعرًا
(2/256)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يحتجم الْمحرم
الا من ضَرُورَة قَالَ مُحَمَّد وَكَيف يَقُول هَذَا أهل الْمَدِينَة وَقد
احْتجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم وَمَا ذكر فِي
ذَلِك ضَرُورَة
(2/257)
وَلَا غَيرهَا وَقد ذكر ذَلِك فقيهكم
وصاحبكم مَالك بن انس عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار ان رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتجم وَهُوَ محرم فَوق رَأسه وَهُوَ
يَوْمئِذٍ بلحيى جمل مَكَان بطرِيق
(2/258)
مَكَّة فَمَا ذكر ضَرُورَة وَلَا غَيرهَا
(2/259)
- بَاب مَا يجوز للْمحرمِ ان يَفْعَله
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس ان يقرد الْمحرم
بعيره وَينْزع عَنهُ الحلمة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة احب الينا ان لَا يقرد
بعيره وَلَا ينْزع عَنهُ حلمه وَقَالَ مُحَمَّد هَذَا امْر لم اكن اظن ان
بَين النَّاس فِيهِ اخْتِلَافا
(2/260)
للْحَدِيث الْمَعْرُوف فِيهِ عَن عمر رَضِي
الله عَنهُ انه يقرد بعيره بالسقيا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَيْسَ على
هَذَا الْعَمَل قَالَ مُحَمَّد اخبرونا عَنهُ هَل جَاءَ اخْتِلَاف
للْحَدِيث فِيهِ عَن عمر ام جَاءَ الحَدِيث عَن غَيره من هُوَ اوثق واقضى
مِنْهُ مَا عِنْدهم فِي ذَلِك حَدِيث عَمَّن هُوَ اوثق من عمر رَضِي الله
عَنهُ وَمَا يجحدون حَدِيثه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عبر الله بن عمر بن حَفْص بن
عَاصِم بن
(2/261)
عمر بن الْخطاب عَن مُحَمَّد بن ابراهيم
التَّيْمِيّ عَن ربيعَة بن عبد الله بن الهدير انه قَالَ رَأَيْت عمر بن
الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يقرد بَعِيرًا لَهُ بالسقيا
(2/262)
وَهُوَ محرم فَيَجْعَلهُ فِي الطين قَالَ
مُحَمَّد وَقد روى ذَلِك ايضا فقيهكم مَالك بن انس عَن يحيى بن سعيد عَن
مُحَمَّد بن ابراهيم التَّيْمِيّ بِهَذَا الاسناد
(2/263)
1 - قَالَ مُحَمَّد وَقد جَاءَ الثبت عَن
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه امْر مَوْلَاهُ عِكْرِمَهْ ان يقرد
بعيره وَهُوَ محرم فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة اقرد الْبَعِير وانا محرم
فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عَبَّاس يَا عِكْرِمَة فانحره فَقَامَ لينحره
فَقَالَ لَا ام لَك لَو نَحرته كم من قراد قتلت قَالَ مُحَمَّد وَلَا بَأْس
بقتل القراد والحلمة والذباب والبعوض والنملة وَالرجل محرم
(2/264)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ
اُخْبُرْنَا إِسْحَاق بن سعيد بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ سَمِعت ابا
حَرْب الاموي يذكر عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/265)
انه قَالَ لَيْسَ فِي البعوض وَلَا فِي
النملة وَلَا فِي الذُّبَاب فديَة على الْمحرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسامة بن زيد الْمَدِينِيّ قَالَ
حَدثنِي عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا هَل يقرد الْمحرم قَالَ فَأمر بناقته لتنحر كم من قراد قتلت
(2/266)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا ثُوَيْر بن سعيد قَالَ الق القراد وانت
محرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قل اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو قَالَ اُخْبُرْنَا
عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه لم
يكن يرى بَأْسا للْمحرمِ ان يقرد بعيره
(2/267)
- بَاب النّظر فِي الْمرْآة للْمحرمِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن ينظر الْمحرم
فِي الْمرْآة مَخَافَة ان يرى فِي وَجهه شَيْئا أَو فِي راسه شعثا
فَيُصْلِحهُ قَالَ مُحَمَّد وَلَا بَأْس بذلك لَو لم يَأْخُذ من شعره وان
رأى فِي وَجهه شَيْئا فأصلحه من غير ان يَأْخُذ شعرًا فَلَا بَأْس بذلك
بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/268)
انه كَانَ يَقُول لَا بَأْس ان ينظر
الْمحرم فِي الْمرْآة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْمَكِّيّ
قَالَ اُخْبُرْنَا عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا انه لم يكن يرى بَأْسا لمحرم ان ينظر فِي الْمرْآة مَا لم يصلح
شَيْئا مَا لم يسرح رَأسه أَو لحيته أَو يَأْخُذ من شعره شَيْئا فَهَذَا
لَا يَنْبَغِي
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا جرير بن حَازِم قَالَ حَدثنِي
الزبير بن الخريت عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه
كَانَ لَا يرى بَأْسا لمحرم ان يقلم ظفره إِذا انْكَسَرَ وَيدخل الْحمام
وَينظر فِي الْمرْآة
(2/269)
- بَاب استظلال الْمحرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن يستظل الْمحرم
إِذا جافى ذَلِك عَن رَأسه فَلم يلصقه بِشَيْء لعذر أَو غير عذر وَقَالَ
أهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي ان يستظل الْمحرم
(2/270)
قَالَ مُحَمَّد الحَدِيث الْمَعْرُوف عَن
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا انها كَانَت تسدل الثَّوْب على وَجههَا من
فَوق رَأسهَا وَهِي مُحرمَة وانما الاحرام من الْمَرْأَة فِي وَجههَا
قَالُوا لَا نرى بذلك بَأْسا للْمَرْأَة ونكره هَذَا للرجل
(2/271)
وان كَانَ الرجل مزاملا لامْرَأَته فَلَا
بَأْس أَن يستظل مَعهَا قيل لَهُم وَكَيف جَازَ ذَلِك مَعَ امْرَأَته وَحرم
عَلَيْهِ خَاصَّة فِي وَجه مَا يحرم فِي غَيره قَالُوا إِذا جَاءَ بالعذر
عذر قيل لَهُم إِن الْمحرم يعْذر بالعذر وَيكون عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك فديَة
ارأيتم رجلا وجد الْبرد فِي رَأسه فَلَيْسَ الْعِمَامَة وَهُوَ محرم اما
تجب علية الْكَفَّارَة قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَهَذَا مُضْطَر وَإِن
كُنْتُم رخصتم للْمحرمِ إِذا زامل امراته ان يستظل للضَّرُورَة فَمُرُوهُ
بِالْكَفَّارَةِ كَمَا يَجْعَل على الْمُضْطَر فِي غير ذَلِك قيل لَهُم
ارأيتم ان استظل بِيَدِهِ بِثَوْب أَو بِعُود ينصبه فيستظل بِهِ قَالُوا
هما مفترقان لِأَن الْعود يَدُوم وَالْيَد لَا يَدُوم قيل لَهُم والقليل من
هَذَا إِذا كَانَ مَكْرُوها وَالْكثير سَوَاء وان كَانَ احدهما اعظم جرما
فِي كثرته من الاخر لِأَن كَانَ
(2/272)
الْكثير مَكْرُوها انه لينبغي ان يكره
الْقَلِيل على قدره ارايتم لَو كَانَ إِذا ستر بِالثَّوْبِ بِيَدِهِ فطال
ذَلِك مِنْهُ وصبر حَتَّى يطول أَيكُون قَرِيبا من الْعود من ايْنَ افترق
هَذَا وَالْعود قَالُوا لَان ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ
(2/273)
اضح لما خرجت لَهُ قيل هَلُمَّ وَالَّذِي
استتر بِثَوْب لم يضح لما خرج لَهُ فَكيف فرقتم بَينهمَا كأنكم من قَوْلكُم
على غير يَقِين
(2/274)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
خَالِد بن عبد الله عَن الْعَلَاء بن الْمسيب بن رَافع عَن عَطاء بن أبي
رَبَاح انه قَالَ لَا بَأْس ان يستظل الْمحرم
- بَاب تَقْلِيد الْهَدْي وَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ يُقَلّد الْإِبِل وَالْبَقَرَة
وَلَا يُقَلّد
(2/275)
الْغنم وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا
يُقَلّد الْغنم ووافقوا ابا حنيفَة
(2/276)
وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا اسْتَيْسَرَ من
الْهدى شَاة وَكَذَلِكَ قَالَ أهل الْمَدِينَة فَمنهمْ مَالك بن انس وَمن
اخذ بقوله وَقَالَ بعض أهل الْمَدِينَة
(2/277)
مَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى بدانة أَو بقرة
- بَاب الرمل فِي الطّواف
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة انه قَالَ الرمل فِي الطّواف ثَلَاثَة
اشواط من الْحجر الْأسود الى الْحجر الاسود وَيَمْشي اربعة اشواط
وَكَذَلِكَ قَالَ أهل الْمَدِينَة وَقَالُوا وَذَلِكَ الَّذِي لم يزل
عَلَيْهِ أهل الْعلم ببلدنا
(2/278)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ
اكره للرجل ان يجمع بَين سبعين أَو ثَلَاثَة وَكَذَلِكَ قَالَ أهل
الْمَدِينَة قَالُوا السّنة عندنَا ان يتبع كل سبع بِرَكْعَتَيْنِ
(2/279)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ
من اصابه امْر ينْقض وضوءه وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ أَو يسْعَى بَين
الصَّفَا والمروة أَو فِيمَا بَين ذَلِك فان اصابه ذَلِك وَقد طَاف بعض
الطّواف أَو كُله وَلم يرْكَع رَكْعَتي الطّواف فانه يتَوَضَّأ ويبنى على
طَوَافه وَيُصلي الرَّكْعَتَيْنِ فان كَانَ احدث تَوَضَّأ وَبنى
(2/280)
فِي الطّواف واما فِي الصَّلَاة فانه
يتَوَضَّأ وَيسْتَقْبل الرَّكْعَتَيْنِ إِذا كَانَ الْحَدث مُتَعَمدا فاما
السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة فانه لَا يقطع ذَلِك عَلَيْهِ مَا اصابه من
انْتِقَاض الْوضُوء الا ترى الْحَائِض إِذا طافت ثمَّ حَاضَت قبل السَّعْي
سعت وَهِي حَائِض فأجزاها فَكَذَلِك هَذَا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من
اصابه امْر ينْتَقض بِهِ وضوءه وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ أَو يسْعَى بَين
الصَّفَا والمروة أَو فِيمَا بَين ذَلِك فان من اصابه ذَلِك وَقد طَاف بعض
الطّواف أَو كُله وَلم يرْكَع رَكْعَتي الطّواف فانه يتَوَضَّأ ثمَّ
يسْتَأْنف
(2/281)
الطّواف والركعتين فَأَما السَّعْي بَين
الصَّفَا والمروة فَإِنَّهُ لَا يقطع ذَلِك عَلَيْهِ مَا اصابه من
انْتِقَاض وضوئِهِ وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ افسد طَوَافه بعد فَرَاغه مِنْهُ
قبل ان يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ الْحَدث الَّذِي احدثه بعده قَالُوا لِأَن
الرَّكْعَتَيْنِ هما من الطراف موصولتان بِالطّوافِ قيل لَهُم هَل اتصالهما
بِالطّوافِ اشد من اتِّصَال الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة بِالْخطْبَةِ فَلَو
ان رجلا شهد الْجُمُعَة فَلَمَّا فرغ الامام من الْخطْبَة احدث فَتَوَضَّأ
وَصلى مَعَ الامام اجزاه ذَلِك وَلَو ان الامام نَفسه احدث حِين فرغ من
خطبَته فَتَوَضَّأ مَكَانَهُ ثمَّ صلى بالقوم لاجزاهم ذَلِك فَهَذَا احرى
ان يكون
(2/282)
مَوْصُولا بعضه بِبَعْض لَان الصَّلَاة
انما قصرت للخطبة وركعتي الطّواف وَقد بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ انه طَاف اسبوعا
(2/283)
حِين صلى الْفجْر ثمَّ لم يصل
الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى اتى ذِي طوى وَارْتَفَعت لَهُ الشَّمْس ثمَّ صلى
الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ رَكْعَتَانِ مَكَان رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة انما نزعم انه يفْسد الصَّلَاة قيل لَهُم فالطواف بِمَنْزِلَة
الصَّلَاة قَالُوا نعم هُوَ بِمَنْزِلَة الصَّلَاة الا ان الْكَلَام احل
فِيهِ
(2/284)
قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي الصَّلَاة
بعد صَلَاة الْفجْر تَطَوّعا ايجوز ذَلِك وَيَنْبَغِي ان يفعل قَالُوا لَا
قيل لَهُم فَيَنْبَغِي ان تكْرهُوا الطّواف حَتَّى يحل الصَّلَاة فَيكون
بِمَنْزِلَة الصَّلَاة وتروا مَا صنع عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حِين
طَاف قبل طُلُوع الشَّمْس
قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي رجل طَاف بِالْبَيْتِ بعض سَبْعَة ثمَّ
اقيمت صَلَاة الْعَصْر أَو صَلَاة الْفجْر كَيفَ يصنع قَالُوا يُصَلِّي
مَعَ الامام ثمَّ يبْنى على مَا طَاف ثمَّ يستكمل سبعا ثمَّ لَا يُصَلِّي
حَتَّى تطلع الشَّمْس أَو تغرب قيل لَهُم وَهَذَا ايضا ترك مِنْكُم لقولكم
ارأيتم صَلَاة صلى رجل بَعْضهَا ثمَّ دخل فِي صَلَاة اخرى وَتركهَا حَتَّى
فرغ من الصَّلَاة الَّتِي دخل فِيهَا أيبنى على مَا صلى من الصَّلَاة
الأولى ام قد فَسدتْ حِين دخل فِي غَيرهَا قَالُوا بل قد فَسدتْ حِين دخل
فِي غَيرهَا مُتَعَمدا قيل لَهُم
(2/294)
فَيَنْبَغِي ان يفْسد الطّواف حِين دخل فِي
الصَّلَاة حَتَّى يستكمل طَوَافه بعد فَرَاغه من صلَاته وَالله اعْلَم
- بَاب الَّذِي يتْرك طواف الصَّدْر
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَو ان رجلا فرغ من حجه الا
طواف الصَّدْر فَسَار قبل ان يطوف كَانَ عَلَيْهِ دم فَلَيْسَ يرخص فِي
طواف الصَّدْر الا الْحَائِض فانه قد رخص لَهَا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة
لَو ان رجلا جهل ان يكون اخر عَهده الطّواف بِالْبَيْتِ حَتَّى يصدر لم نر
عَلَيْهِ شَيْئا الا يكون قَرِيبا فَيرجع فيطوف
(2/295)
بِالْبَيْتِ ثمَّ ينْصَرف إِذا كَانَ قد
افاض والافاضة هِيَ طواف الزِّيَارَة
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ يرخص فِي هَذَا وَقد اُخْبُرْنَا ابراهيم بن يزِيد
الْمَكِّيّ قَالَ سَمِعت طاوسا يَقُول سَمِعت ابْن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا يَقُول نهى
(2/296)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان
ينفر الرجل حَتَّى يكون آخر عَهده الطّواف بِالْبَيْتِ الا الْحيض رخص
لَهُنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله
(2/297)
وَسلم ثمَّ حَدِيث صَفِيَّة بعد
الْمَعْرُوف فِي ايدي النَّاس انه لَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ ان ينفر حَتَّى
يكون اخر عَهده الطّواف بِالْبَيْتِ فَإِن نفر فَإِن كَانَ قَرِيبا مَا
بَينه وَبَين الْوَقْت فأفضل لَهُ ان يرجع حَتَّى يطوف وان مضى على حَاله
فَعَلَيهِ هدي وشَاة تجزيه
(2/298)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مُحَمَّد بن أبان بن صَالح عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم فِي الرجل ينسى
طواف الصَّدْر قَالَ يريق دَمًا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا نَافِع
عَن عبد الله ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَا
يصدر اُحْدُ من الْحَاج حَتَّى يطوف بِالْبَيْتِ فان آخر النّسك الطّواف
بِالْبَيْتِ
(2/299)
قَالَ مُحَمَّد فَهَذَا عمر بن الْخطاب
رَضِي الله عَنهُ ينْهَى عَن ذَلِك فِيمَا رَوَاهُ فقيهكم وَمن ترك ذَلِك
لم يكن عَلَيْهِ شَيْء فِي قَوْلكُم لَيْسَ الْأَمر على هَذَا وَلكنه شَيْء
من النّسك ترك التزاما فِيهِ إِذا ترك هَديا يهديه فِيهِ هدى يهدي صَاحبه
إِلَّا الْحيض فَإِنَّهُ يرخص لَهُنَّ فِي ذَلِك لمَكَان الْعذر
- بَاب من انْتقض وضوؤه فِي الطّواف الْوَاجِب
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من طَاف بِالْبَيْتِ ثمَّ
انْتقض وضوؤه فان كَانَ ذَلِك فِي الطّواف الْوَاجِب عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
يخرج وَيتَوَضَّأ ثمَّ يبْنى على طَوَافه وَكَذَا لَو كَانَ تَطَوّعا
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان كَانَ الطّواف الْوَاجِب عَلَيْهِ فَإِنَّهُ
يخرج
(2/300)
وَيتَوَضَّأ ثمَّ يسْتَأْنف الطّواف
بِمَنْزِلَة الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وان كَانَ الطّواف تَطَوّعا فَانْتقضَ
وضوؤه وَقد طَاف ثَلَاثَة اشواط فَإِنَّهُ ان اراد ان يتم طَوَافه خرج
فَتَوَضَّأ ثمَّ يسْتَأْنف الطّواف وان لم يرد اتمامه تَركه وَلم يطف
وَكَذَلِكَ الصَّلَاة النَّافِلَة إِذا انْتقض وضوؤ الرجل وَقد صلى
بَعْضهَا فان شَاءَ تَركهَا وَلم يجب عَلَيْهِ اتمامها وان احب ان يُتمهَا
وَجب عَلَيْهِ الْوضُوء ثمَّ ابتدأها
(2/301)
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف يدْخل فِي صلَاته
وَتجب عَلَيْهِ ثمَّ ينْتَقض وضوؤه بِحَدَث فَتبْطل مِنْهُ أَلَيْسَ قد
وَجَبت عَلَيْهِ وَصَارَ بِمَنْزِلَة رجل قَالَ لله على طواف بِالْبَيْتِ
فَطَافَ ثمَّ احدث فَانْتقضَ أَو صلى بعض صَلَاة ثمَّ احدث
قَالُوا من دخل فِي الصَّلَاة تَطَوّعا فقطعها ان شَاءَ اعاد صلَاته وان
شَاءَ لم يعدها إِذا دخل فِيهَا ثمَّ قطعهَا قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي
رجل قَالَ لله على ان اصلي رَكْعَتَيْنِ تَطَوّعا قَالُوا ان شَاءَ صلى وان
شَاءَ لم يصل قيل لَهُم فَإِن قَالَ لله عَليّ ان اصوم شهرا أَو قَالَ لله
عَليّ ان احج حجَّة أَو اعْتَمر عمْرَة أَو اتصدق بدرهم قَالُوا هَذَا
عَلَيْهِ كُله
قيل لَهُم ارأيتم لَو ان قَائِلا قَالَ اوجب الصَّوْم وابطل مَا سوى ذَلِك
اكان ذَلِك يجوز ارايتم لَو ان قَائِلا قَالَ اجيز الصَّدَقَة خَاصَّة
وابطل مَا سوى ذَلِك اكان هَذَا يجوز لَئِن كَانَ جَازَ لكم مَا قُلْتُمْ
(2/302)
يجوز لهَذَا قَوْله إِلَّا ان تَأْتُوا
بِسنة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو تَأْتُوا بفرق بَين
الصَّلَاة وَالصِّيَام ان فرقتم بَينهمَا وَلنْ تَأْتُوا بِهِ لِأَنَّهُ
لَو كَانَ عنْدكُمْ لاحتججتم بِهِ ولسمعنا من قَوْلكُم
ارايتم رجلا دخل فِي صَلَاة تَطَوّعا ثمَّ قطعهَا مُتَعَمدا لقطعها بِحَدَث
ايجب عَلَيْهِ قَضَاء الصَّلَاة وَقَضَاء الطّواف قَالُوا لَا يجب عَلَيْهِ
ذَلِك قيل لَهُم فَرجل دخل فِي صَوْم يَوْم تَطَوّعا ونواه من اللَّيْل
ثمَّ اصبح فَأكل مُتَعَمدا قَالُوا قد قطع صَوْمه وَقد وَجب عَلَيْهِ
قَضَاؤُهُ قيل من ايْنَ افترق الصَّوْم وَالصَّلَاة قَالُوا الصَّلَاة
وَالطّواف شَيْء وَاحِد وَالصَّوْم يشبههما قيل لَهُم وَمن يعجز عَن هَذَا
الْكَلَام أَلَيْسَ هَذَا الْأَمر كُله لله تَعَالَى قَالُوا بلَى قيل
لَهُم من أَيْن افْتَرَقت هَذِه الْأَشْيَاء ارأيتم لَو ان قَائِلا من أهل
الْبَصْرَة قَالَ فَانِي اقول فِي الصَّوْم لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ
(2/303)
وَأَقُول يقْضى فِي الصَّلَاة وَالطّواف
أَي شَيْء كُنْتُم تَقولُونَ لَهُ مَا لكم من الْحجَّة فِي مثل هَذَا الا
مثل حجَّته
ارأيتم لَو قَالَ رجل من أهل مَكَّة فإنى اقول بِقَضَاء الطّواف فانه من
امْر الْحَج وَالْحج الزم من الصَّلَاة وَالصَّوْم إِذا دخل فِيهِ الرجل
وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ فِي الصَّوْم وَلَا فِي الصَّلَاة أَي شَيْء كُنْتُم
تَقولُونَ لَهُ لَيْسَ يَنْبَغِي ان يتحكم على النَّاس هَذَا امْر وَاحِد
دخل فِيهِ لله تَعَالَى فان قطعه وَجب عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ
- بَاب الرجل ينسى السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من نسي السَّعْي بَين الصَّفَا
والمروة
(2/304)
حَتَّى يستبعد عَن مَكَّة ويجاوز وقتا من
الْمَوَاقِيت فانه يجْزِيه ان يبْعَث بِهَدي يذبح عَنهُ بِمَكَّة
وَيتَصَدَّق بِهِ مَكَان سَعْيه لتَركه للسعي بَين الصَّفَا والمروة لَا
شَيْء عَلَيْهِ غير ذَلِك
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من نسي السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة فِي عمْرَة
فَلم يذكر حَتَّى يستبعد من مَكَّة فَليرْجع وليسع وان كَانَ قد اصاب
النِّسَاء فَليرْجع فليسع بَين الصَّفَا والمروة حَتَّى يتم مَا بَقِي
عَلَيْهِ من
(2/305)
تِلْكَ الْعمرَة فَعَلَيهِ الْعمرَة
وَالْهَدْي وَقَالَ مُحَمَّد اخلف إِلَى الْعمرَة واهدي مَعَ الْعمرَة انما
هَذَا رجل ترك شَيْئا مِمَّا يجب عَلَيْهِ فِي الْحَج فَعَلَيهِ ان
يَقْضِيه أَو يبْعَث بِهَدي مَكَانَهُ واما الْعمرَة فَكيف تجب بسعي تَركه
وَكَيف يجب مَعهَا الْهَدْي اما ان يَقُول قَائِل لابد من ان يرجع حَتَّى
يسْعَى أَو يَقُول يجْزِيه مَكَان ذَلِك كَفَّارَة وَكَفَّارَة الْأَشْيَاء
فِيمَا ترك أَو اخر فِي الْحَج الْهَدْي واما عمْرَة وهدي فَإِن هَذَا
مِمَّا لَا وَجه لَهُ
قَالُوا لابد من السَّعْي فَإِن استبعد من مَكَّة لم يستقم ان يدخلهَا
إِلَّا بِعُمْرَة قيل لَهُم فيبغي ان دَخلهَا بِعُمْرَة ان يطوف لعمرة
وَيسْعَى وَيَقْضِي ذَلِك السَّعْي الَّذِي بَقِي عَلَيْهِ فيسعى سعيين
وَلَا يَنْبَغِي ان يكون عَلَيْهِ هدي لِأَنَّهُ قضى مَا عَلَيْهِ فَكيف
يَقُولُونَ هَذَا وهم يرَوْنَ دُخُول مَكَّة بِغَيْر احرام كَمَا صنع ابْن
عمر حِين رَجَعَ من قديد إِلَى مَكَّة فَدَخلَهَا بِغَيْر إِحْرَام
(2/306)
- بَاب الرجل يواقع اهله وَهُوَ محرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الرجل يَقع بأَهْله فِي الْحَج
مَا بَينه وَبَين
(2/307)
أَن يقف بِعَرَفَة انه يجب عَلَيْهِ
الْهَدْي ويحج من قَابل وان كَانَت اصابته اهله بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة
فَعَلَيهِ بَدَنَة وَتمّ حجه وَلَيْسَ عَلَيْهِ غير ذَلِك قَالَ مُحَمَّد
وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي
الله عَنْهُمَا فِي الرجل يواقع اهله بعد الْوُقُوف بِعَرَفَة قَالَ تمّ
حجه وَعَلِيهِ جزور
(2/308)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الرجل يَقع
بأَهْله فِي ايام الْحَج مَا بَينه وَبَين ان يدْفع من عَرَفَة وَيرى
الْجَمْرَة فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الْهَدْي وَحج قَابل فَإِن كَانَت
اصابته اهله بعد رمي الْجَمْرَة فَعَلَيهِ ان يعْتَمر وَيهْدِي وَلَيْسَ
عَلَيْهِ حج من قَابل قَالَ مُحَمَّد وَكَيف قَالَ أهل الْمَدِينَة
وَعَلِيهِ حج قَابل إِذا وَقع مَا بَينه وَبَين أَن يَرْمِي الْجَمْرَة
أَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث الْمَشْهُور عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم الَّذِي لَا يقدر على رده اُحْدُ انه قَالَ الْحَج عَرَفَة فَمن
أدْرك عَرَفَة بلَيْل فقد اِدَّرَكَ وانما يجب الْقَضَاء
(2/309)
إِذا أفسد قبل أَن يقف بِعَرَفَة وَأما
إِذا وقف بِعَرَفَة وَقد قَالَ رَسُول الله
(2/310)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج عَرَفَة
فقد قضى الْحَج فَكيف يكون مُفْسِدا لَهُ لما بَقِي مِنْهُ
قيل لَهُم وَبعد رمى الْجَمْرَة قد بقى الطّواف وَغَيره وَقد حرم الله
عَلَيْكُم الْجِمَاع حَتَّى تطوفوا بِالْبَيْتِ فَإِن قَالُوا إِنَّه حل
لَهُ إِذا رمى الْجَمْرَة الْحلق وَغَيره غير النِّسَاء وَالطّيب قيل لَهُم
أليست حُرْمَة النِّسَاء وَالطّيب فى هَذِه الْحَالة كحرمتهن قيل رمى
جَمْرَة الْعقبَة أم قد حل مِنْهُنَّ شَيْء لم يكن حَلَالا قَالُوا لم يحل
مِنْهُنَّ شَيْء إِنَّمَا حل غَيْرهنَّ قيل لَهُم فالحرمة فِيهِنَّ
(2/311)
قبل رمي الْجمار وَبعدهَا سَوَاء قَالُوا
نعم وحرمتهن عنْدك ايضا قبل رمي الْجمار وَبعدهَا سَوَاء وَقبل الْوُقُوف
بِعَرَفَة قلت نعم وَلم يَمْنعنِي من افساد حُرْمَة النِّسَاء لِأَنَّهُ حل
مِنْهُنَّ شَيْء وَلَكِن لما جَاءَ الْأَثر عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ان الْحَج عَرَفَة فَكَانَ الرجل قد وقف بِعَرَفَة فقد
أدْرك الْحَج فَلذَلِك فسد حجه قبل الْوُقُوف وَلَيْسَ لِأَن الْحُرْمَة
زَادَت فِي النِّسَاء أَو نقصت
وَقَول آخر قلتموه اعْجَبْ من هَذَا من وَقع بأَهْله بعد رمي الْجَمْرَة
فَعَلَيهِ عمْرَة وهدي وَلَيْسَ عَلَيْهِ حج قَابل فَمَا اخْتلف الى
الْعمرَة وَهُوَ
(2/312)
فِي حج هَل رَأَيْتُمْ شَيْئا من الْحَج
يقْضِي بِعُمْرَة اما يكون مُفْسِدا فَيكون عَلَيْهِ قَضَاء الْحَج أَو
يكون غير مُفسد فَيكون عَلَيْهِ كَفَّارَة المواقعة وَالْهَدْي لَيْسَ فِي
ذَلِك عمْرَة وَلَا غَيرهَا ارأيتم من قَالَ عَلَيْهِ عمرتان وهدي بِأَيّ
شَيْء يرد قَوْله فَمَا قَوْلكُم وَقَوله عَلَيْهِ عمْرَة وهدي الا سَوَاء
مَا عنْدكُمْ فِي هَذَا اثر فَيُوجب بِهِ وَلَا يشبه مجمعة عَلَيْهَا وَلَا
هَذَا شَيْء من أَمر الْحَج
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا
بكير بن عَطاء قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن يعمر الديلِي قَالَ كُنَّا
مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
(2/313)
وَآله وَسلم فَأَتَاهُ رجل من أهل نجد
فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ الْحَج فَأمر رجلا فَنَادَى الْحَج عَرَفَة
من جَاءَ من قبل صَلَاة الصُّبْح من لَيْلَة جمع
(2/315)
تمّ حجه وَأَيَّام منى ثَلَاثَة فَمن تعجل
فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ
ثمَّ أرْدف رجلا خَلفه فَجعل يُنَادي بذلك
(2/316)
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك
بن أنس قَالَ حَدثنَا نَافِع أَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
كَانَ يَقُول من وقف بِعَرَفَة من لَيْلَة الْمزْدَلِفَة قبل ان يطلع
الْفجْر فقد اِدَّرَكَ الْحَج
(2/317)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
خَالِد بن عبد الله عَن ابْن أبي ليلى عَن عَطاء قَالَ قَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اِدَّرَكَ عَرَفَة فقد اِدَّرَكَ
(2/318)
الْحَج وَمن فَاتَهُ عَرَفَة فقد فَاتَهُ
الْحَج
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن
اسماعيل بن
(2/319)
أبي خَالِد عَن عَامر الشّعبِيّ عَن
عُرْوَة بن مُضرس الطَّائِي أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِجمع وَقَالَ يَا نَبِي الله اكللت رَاحِلَتي وأتعبت نَفسِي لم أدع حبلا
الا وقفت عَلَيْهِ فَهَل لي من حج فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من
أدْرك مَعنا صَلَاتنَا هَذِه وموقفنا هَذَا وَقد وقف بِعَرَفَة قبل ذَلِك
لَيْلًا أَو نَهَارا فقد تمّ حجه وَقضى تفثه
(2/320)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
خلف عَن مطرف بن طريف عَن عَامر الشّعبِيّ نَحْو هَذَا
(2/321)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي
رجل وَقع بِأَرْبَع نسْوَة لَهُ فِي يَوْم وَاحِد أَو فِي أَيَّام
مُتَفَرِّقَة وَهُوَ محرم انه لَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِك كُله إِلَّا
كَفَّارَة وَاحِدَة قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان كن النسْوَة
الْأَرْبَع مُحرمَات بِالْحَجِّ فطاوعنه أَو استكرههن فِي مقَام وَاحِد
فعلى كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ هدى وَحج قَابل والمستكرهة وَغَيرهَا فِي ذَلِك
سَوَاء فِيمَا يجب من الْكَفَّارَة وَالْقَضَاء وليستا سَوَاء فِي المأثم
لانا اخذنا بالثقة فِي ذَلِك وقسنا على مَا جَاءَت بِهِ الْآثَار الا ترى
ان الله تبَارك وَتَعَالَى جعل الْكَفَّارَة فِي جَزَاء الصَّيْد على من
قَتله مُتَعَمدا فشددت الْفُقَهَاء فِي ذَلِك وَقَالُوا على من قَتله خطأ
من الْكَفَّارَة كَمَا على الَّذِي قَتله فِي الْعمد وليسا سَوَاء فِي
المأثم وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان طاوعنه فعلى كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ
الْهدى وَحج قَابل وان كَانَ اكرههن فعليهن ان يحججن وَيهْدِي عَن كل
وَاحِدَة مِنْهُنَّ الْهَدْي وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يجب عَلَيْهِ هديان
وَالْقَضَاء لَئِن كَانَ فِيمَا صنع بِهن كَفَّارَة عَلَيْهِنَّ مَا على
الَّذِي فعل ذَلِك شَيْء من ذَلِك وَمَا الْكَفَّارَة الا على الَّذِي
وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَلَئِن كَانَ لَا كَفَّارَة عَلَيْهِنَّ مَا
يَنْبَغِي ان يغرم شَيْئا عَنْهُن ارأيتم رجلا استكره امْرَأَة وَهِي
صَائِمَة فِي شهر رَمَضَان ايجب عَلَيْهِ ان يُؤَدِّي عَنْهَا كَفَّارَة
الافطار فَيعتق عَنْهَا كَفَّارَة
(2/325)
الافطار رَقَبَة لانها لَو طاوعته وَجب
عَلَيْهَا عتق رَقَبَة ان كَانَت موسرة ارأيتم الْمُحرمَة المستكرهة اعليها
هدي قَالُوا يُؤَدِّي عَنْهَا الَّذِي استكرهها قيل لَهُم ايؤدي عَنْهَا
شَيْئا قد وَجب عَلَيْهَا ام يُؤَدِّي عَنْهَا شَيْئا لم يجب عَلَيْهَا فان
كَانَ لم يجب عَلَيْهَا أَو قد وَجب عَلَيْهَا انه لينبغي لَهَا ان
تُؤَدِّيه عَن نَفسهَا ارأيتم الاداء الَّذِي يُؤَدِّي عَنْهَا ايجبر
عَلَيْهِ فِي الحكم قَالُوا لَا يجْبر عَلَيْهِ فِي الحكم وَلكنه يُقَال
لَهُ أده فِيمَا بَيْنك وَبَين الله قيل لَهُم فَلَا تَقولُوا يُؤَدِّي
عَنْهَا وَلَكِن قُولُوا يُؤَدِّي عَن نَفسه فِيمَا صنع بهَا فَيكون
عَلَيْهِ بِمَا صنع كفارتان وَهَذَا لَا يكون ايجب فِي فعل وَاحِد كفارتان
فان قُلْتُمْ ان ذَلِك عَلَيْهَا انه لينبغي ان تَقولُوا لَهَا ادي ذَلِك
وارجعي بِهِ عَلَيْهِ وتجبرونه على ذَلِك عَسى ان يدْفع ذَلِك اليها فَأَما
قَوْلكُم ان ذَلِك لَيْسَ عَلَيْهَا فَكيف يُؤَدِّي الانسان عَن الانسان
لله امرا لَيْسَ هُوَ على الْمُؤَدِّي عَنهُ هَذَا عندنَا محَال لَا
يَسْتَقِيم وَلَا يجوز قَالُوا ارايتم المستكرهة أعليها اثم فِيمَا صنع
بهَا قيل لَا اثم عَلَيْهَا فِي ذَلِك قَالُوا فَفِيمَ جعلتم عَلَيْهَا
الْكَفَّارَة فِيمَا لَا إِثْم لَهَا فِيهِ قيل لَهُم انتم تَقولُونَ ذَلِك
(2/326)
أَرَأَيْتُم رجلا قتل رجلا خطأ اصابه شَيْء
فَقتله وَلم يرد ايجب عَلَيْهِ الدِّيَة كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فِي
كِتَابه {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى
أَهله} قَالُوا نعم قيل لَهُم فَعَلَيهِ فِي هَذَا إِثْم عنْدكُمْ وَهُوَ
لم يرد قَتله قَالُوا لَا قيل لَهُم فقد جعل الله تبَارك وَتَعَالَى فِيهِ
الْكَفَّارَة وَلذَلِك قَالَت الْفُقَهَاء وقلتم انتم ايضا فِي الْمحرم
يقتل الصَّيْد وَلم يرد خطأ ان عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَهُوَ لَا اثم
عَلَيْهِ فَكَذَلِك قُلْنَا نَحن ايضا على المستكرهة الْكَفَّارَة وان
كَانَت لَا اثم عَلَيْهَا قَالُوا فَكيف جعلت على المستكرهة فِي الاحرام
الْكَفَّارَة وَلم تجْعَل الْكَفَّارَة على المستكرهة فِي شهر رَمَضَان قيل
لَهُم ان الاشياء تقاس بِمَا يشبهها فقد اجْتَمَعنَا نَحن وانتم على ان
رجلا لَو اكل نَاسِيا فِي شهر رَمَضَان أَو جَامع نَاسِيا انه لَا
كَفَّارَة عَلَيْهِ واجمعنا نَحن وانتم ان من قتل صيدا خطأ وَهُوَ نَاس
لاحرامه ان عَلَيْهِ الْجَزَاء فالاحرام شَيْء وَاحِد فَكَمَا وَجب
الْجَزَاء على النَّاسِي لاحرامه الَّذِي يقتل الصَّيْد خطأ فَكَذَلِك وَجب
الْكَفَّارَة على المستكرهة فِي الاحرام وكما لم يجب الْكَفَّارَة فِي
النَّاسِي الَّذِي يُجَامع فِي شهر رَمَضَان فَكَذَلِك لم يجب ذَلِك على
المستكرهة وانما يشبه بَعْضهَا بَعْضًا وَالصَّوْم شَيْء وَاحِد يشبه بعضه
بَعْضًا والاحرام شَيْء وَاحِد يشبه بعضه بَعْضًا وَقد جَاءَ الحَدِيث عَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/327)
ان الله عز وَجل نجاوز لأمتي عَن ثَلَاث
عَن الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ فَجعل الْخَطَأ
وَالنِّسْيَان شَيْئا وَاحِدًا والاستكراه ايضا مثله وَلَيْسَ
(2/328)
يَنْبَغِي ان يفرق بَين هَذِه الاشياء
الثَّلَاث فِي الْكَفَّارَات فان وَجب فِي بَعْضهَا شَيْء وَجب فِي كلهَا
وان بَطل فِي بَعْضهَا شَيْء بَطل فِي كلهَا قَالُوا فقد اوجبت على
المستكرهة الْكَفَّارَة فَكيف افسدت حَجهَا وَهِي غير آثمة قيل لَهُم ان
المستكرهة فِي شهر رَمَضَان فجومعت نَهَارا وَهِي غير آثمة فَكيف يفْسد
ذَلِك صَومهَا وَيجب عَلَيْهَا بذلك قَضَاء هَذَا الْيَوْم وان قَالُوا نعم
قيل لَهُم فَكيف الَّتِي استكرهت وَهِي حَاجَة لَا يفْسد ذَلِك حَجهَا
وَلَا يجب عَلَيْهَا بِهِ الْقَضَاء وَلَيْسَ بَينهمَا افْتِرَاق وَلَو
كَانَت احداهما لَا يفْسد عَلَيْهَا بالاستكراه مَا بَقِي فِيهِ لكَانَتْ
الصائمة احرى ان لَا يفْسد صَومهَا لِأَن الصَّوْم قد يتم باشياء لَا يتم
بهَا الْحَج
(2/329)
- بَاب الَّذِي يفوتهُ الْحَج
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من احرم بِحَجّ ففاته فَقدم
يَوْم النَّحْر وَلم يدْرك انه يحل بِعُمْرَة وَيَطوف وَيسْعَى ويحلق أَو
يقصر وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْهَدْي
وَقَالَ مُحَمَّد جَاءَ الاثر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه
قَالَ
(2/330)
فِي الَّذِي يفوتهُ الْحَج أَنه يحل
بِعُمْرَة ويحج من قَابل وَلم يذكر هَديا وروى أهل الْمَدِينَة أَنه يحل
بِعُمْرَة ويحج من قَابل وَيهْدِي فان لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة ايام فِي
الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ
وَقَالَ مُحَمَّد انما فرض الله الْهَدْي وَقَالَ فَمن لم يجد فَصِيَام
ثَلَاثَة ايام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم على الْمُتَمَتّع لِأَن
الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ {فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج
فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} فَهَذَا لم يتمتع وَلم يحرم بهَا فِي أشهر
الْحَج وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَج وَلَا عمْرَة مَعَ ذَلِك فَكيف
يكون عَلَيْهِ الْهَدْي وَقد مَضَت السّنة الَّتِي فَاتَهُ فِيهَا الْحَج
وَوَجَب عَلَيْهِ الْحَج عَاما
(2/331)
قَابلا انما يَنْبَغِي إِذا جَاءَ الحديثان
المختلفان ان ينظر الى اشبههما بِالْحَقِّ فَيُؤْخَذ بِهِ وَيتْرك مَا سوى
ذَلِك انما جَاءَ الحَدِيث عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ يحل بِعُمْرَة
وَلم يذكر هَديا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو مُعَاوِيَة
مُحَمَّد بن خازم المكفوف عَن الْأَعْمَش عَن ابراهيم عَن الْأسود بن يزِيد
قَالَ سَأَلت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن رجل فَاتَهُ الْحَج
قَالَ يحل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل قَالَ ثمَّ خرجت من الْعَام
الْمقبل فَلَقِيت زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ
(2/332)
فَسَأَلته عَن رجل فَاتَهُ الْحَج قَالَ
يحل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل
اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم قَالَ اُخْبُرْنَا الْمُغيرَة الضَّبِّيّ
عَن ابراهيم عَن
(2/333)
الْأسود بن يزِيد عَن عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ انه قَالَ إِذا حج الرجل ففاته الْحَج حل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ
الْحَج من قَابل وَلَا هدي عَلَيْهِ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة
وَقَوْلنَا هُوَ الْمُجْتَمع عَلَيْهِ الْفُقَهَاء واما الْهَدْي مَعَ
الْحَج فَلَا نعلم
(2/334)
احدا قَالَ بِهِ غير بعض أهل الْمَدِينَة
مِنْهُم مَالك بن انس
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم
الْحَنَفِيّ عَن الْمُغيرَة الضَّبِّيّ عَن ابراهيم النَّخعِيّ عَن الاسود
بن يزِيد قَالَ سَأَلت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن رجل فَاتَهُ
الْحَج قَالَ يحل بِعُمْرَة من غير هدي وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل قَالَ
ثمَّ لقِيت زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلته فَقَالَ مثل قَول عمر
بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ
- بَاب الْقَارِن الَّذِي يفوتهُ الْحَج
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من قرن الْحَج مَعَ الْعمرَة
ثمَّ فَاتَهُ الْحَج فَعَلَيهِ ان يحل بعمرتين الْعمرَة الَّتِي عَلَيْهِ
وَعمرَة مَكَان حجَّته وَعَلِيهِ
(2/335)
الْحَج من قَابل وَلَا هدي عَلَيْهِ
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من قرن الْحَج مَعَ الْعمرَة ثمَّ فَاتَهُ الْحَج
فَعَلَيهِ ان يحجّ قَابلا ويقرن بَين الْحَج وَالْعمْرَة وَيهْدِي هديين
هَديا لقرانه الْحَج مَعَ الْعمرَة وهديا لما فَاتَهُ من الْحَج وَقَالَ
مُحَمَّد بن الْحسن يقرن قَابلا وَالْعمْرَة لم تفته وَقد قَضَاهَا صَحِيحه
فَإِنَّهُ انما فَاتَهُ الْحَج فَعَلَيهِ قَضَاؤُهُ فَأَما الْعمرَة
الَّتِي كَانَت مَعَ الْحَج فَلم تفته فَكيف يكون عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا انما
عَلَيْهِ ان يقْضِي حجَّة الاسلام وَلَيْسَ عَلَيْهِ هدي لِأَنَّهُ لم
يتمتع وَلم يحدث حَدثا فِي حجه وَجب بِهِ عَلَيْهِ هدي انما هُوَ رجل
فَاتَهُ الْحَج فَعَلَيهِ ان يَقْضِيه من قَابل وَلَا شَيْء عَلَيْهِ غير
ذَلِك
(2/336)
- بَاب الَّذِي يواقع أَهله قبل ان يطوف
طواف الزِّيَارَة فَيجب عَلَيْهِ الْهَدْي
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من وَجب عَلَيْهِ هدي لإصابته
النِّسَاء قبل ان يطوف طواف الزِّيَارَة فان عَلَيْهِ بَدَنَة وَلَا بَأْس
بِأَن يَشْتَرِيهَا بِمَكَّة وينحرها بهَا وَيتَصَدَّق بهَا وَلَا يَأْكُل
مِنْهَا شَيْئا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي لَهُ ان يَشْتَرِي
هَدْيه بِمَكَّة ثمَّ ينحره بهَا لكنه ان لم يكن سَاقه مَعَه من اهله
فيشتريه من أهل مَكَّة ثمَّ يُخرجهُ مِنْهَا إِلَى الْحل وليسقه مِنْهُ الى
مَكَّة ثمَّ ينحره بهَا قَالَ مُحَمَّد كَيفَ صَار عَلَيْهِ ان يَشْتَرِيهِ
بِمَكَّة
(2/337)
ثمَّ يُخرجهُ مِنْهَا إِلَى الْحل إِمَّا
ان يكون الا بِإِخْرَاجِهِ إِلَى الاحرام انما
(2/338)
بُدِئَ الْهَدْي مَا كَانَ هَديا بَالغ
الْكَعْبَة لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ {هَديا بَالغ الْكَعْبَة}
فَمن اشْترى من الْحرم فَهُوَ بَالغ الْكَعْبَة وَكَذَلِكَ مَا اشْترى فِي
غَيره مَعَ مَا جَاءَ من الرُّخص فِي الْهَدْي ان شِئْت وقفته بِعَرَفَة
وان شِئْت لم تقفه بهَا وَذَلِكَ اشد من هَذَا واحرى ان لَا يجزى فقد
جَاءَت
(2/339)
فِيهِ آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا
مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن ابراهيم الاسود انه ارسل معبدًا غُلَامه الى
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ان مَعنا هَديا لَا نستطيع ان نَعْرِف بِهِ
كُله فَقَالَت عرف مَا شِئْت واترك مَا شِئْت
(2/340)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
يَعْقُوب بن ابراهيم قَالَ اُخْبُرْنَا سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ عَن عبد
الرَّحْمَن الاسود بن يزِيد ان اباه حج وَهُوَ مَعَه واهدي هَديا فَدخل على
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ثمَّ خرج من عِنْدهَا وَترك الْهَدْي بمنى
وَذهب الى عَرَفَات فَقضى حجه
- بَاب الرجل يحلف بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله فَيحنث فِي يَمِينه
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الرجل وَالْمَرْأَة يحلف احدهما
بِالْمَشْيِ إِلَى بَيت الله الْحَرَام فَيحنث ويعجز حَتَّى لَا يقدر ان
يمشي انه يركب وَيهْدِي هَديا وشَاة تجزيه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يركب
وَيهْدِي بَدَنَة أَو بقرة
(2/341)
قَالَ مُحَمَّد وَقد روى أَبُو حنيفَة
رَضِي الله عَنهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب
(2/342)
رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ يركب وَيهْدِي
شَاة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَو ان رجلا
حلف بِالْمَشْيِ
(2/343)
إِلَى بَيت الله الْحَرَام وَهُوَ يقدر على
الْمَشْي فان شَاءَ مَشى وان شَاءَ ركب
(2/344)
واهدى هَديا
واخبرنا مُحَمَّد عَن عمر بن ذَر الْهَمدَانِي قَالَ سَأَلت مُجَاهدًا عَن
الرجل وَالْمَرْأَة يَجْعَل عَلَيْهِ الْمَشْي الى بَيت الله الْحَرَام
قَالَ يمشي مَا اطاق ويركب إِذا عجز وَيدخل مَاشِيا الى بَيت الله وَيهْدِي
لركوبه هَديا
(2/346)
- بَاب الَّذِي يقتل الصَّيْد فَيحكم
عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الَّذِي يحكم عَلَيْهِ بِالْهَدْي
فِي الصَّيْد يقْتله أَو يجب عَلَيْهِ الْهَدْي فِي غير ذَلِك ان هَدْيه
لَا يكون الا بِمَكَّة لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ {هَديا بَالغ
الْكَعْبَة} فَأَما مَا عدل بِهِ الْهَدْي من الصّيام أَو الصَّدَقَة فان
ذَلِك يكون بِغَيْر مَكَّة حَيْثُ احب صَاحبه ان يَفْعَله فعل وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة كَذَلِك بقول أبي حنيفَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد
- بَاب مَا يُؤْكَل من الْهدى وَمَا لَا يُؤْكَل
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا يُؤْكَل شَيْء من الْهَدْي
الا هديين
(2/347)
هدي الْمُتْعَة أَو التَّطَوُّع إِذا بلغ
مَحَله وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يُؤْكَل الْهَدْي كُله الا هديين هدي
جَزَاء الصَّيْد وهدي الْفِدْيَة لِأَنَّهُمَا عدلا بالصدفة
قَالَ مُحَمَّد رجل اصاب اهله فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْي كَيفَ يُؤْكَل من
(2/348)
هَذَا هُوَ كَفَّارَة لما صنع إِن كل
مِنْهُ فَكيف يكون مَا أكل كَفَّارَة لما صنع أَرَأَيْتُم لَو قدده وتزوده
فَكَانَ طَعَاما لَهُ فِي طَرِيقه إِلَى أَهله فَجعله قوتهم شهرا أَكَانَ
يجْزِيه ذَلِك وَإِنَّمَا امْتنع أهل الْعلم أَن يجْعَلُوا هدى الْجِمَاع
عدلا للصدقة لأَنهم عظموا الْجِمَاع
(2/355)
فِيهِ الصَّدَقَة افيأكل من الصَّدَقَة فان
لم يجزه ان يَأْكُل من الصَّدَقَة فالكثير الَّذِي فِيهِ الْهَدْي احرى ان
لَا يكون من كَفَّارَته لَان ذَلِك اعظم مِنْهُ بِالْهَدْي وَلَوْلَا ذَلِك
لجعلت فِيهِ الصَّدَقَة كَمَا تجْعَل فِي الْقَلِيل مِنْهُ مَعَ مَا فِي
ذَلِك من لآثار الْكَثِيرَة الْمَعْرُوفَة
- بَاب الْمحرم يُصِيب بيض النعام
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي بيض النعامة يُصِيبهُ الْمحرم
قيمتهَا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة قيمتهَا عشر ثمن الْبَدنَة فِي النعامة
لِأَن النعامة بِمَنْزِلَة الْبَدنَة كَمَا يكون فِي جَنِين الْمَرْأَة
الْحرَّة غرَّة عبد أَو امة وَقِيمَة الْغرَّة خَمْسُونَ دِينَارا وَذَلِكَ
عشر دِيَة امهِ قَالَ مُحَمَّد كَيفَ يُقَاس هَذَا بالجنين فَيَنْبَغِي ان
يُقَاس جَمِيع
(2/356)
الْبيض بِهِ فَنَقُول لمن قَالَ ذَلِك ان
كسر رجل لرجل بيض دجَاجَة لَهُ فَعَلَيهِ عشر ثمن الدَّجَاجَة وان كسر
بَيْضَة حمامة فَعَلَيهِ عشر ثمن حمامة وَكَذَا فِي جَمِيع الطير يكسر
الرجل لصَاحبه الْبيض من قَبْضَة فَيَنْبَغِي ان يكون عَلَيْهِ فِي قَوْلهم
عشر ثمن الَّذِي باض فَإِن كسر رجل لرجل عشر بيضات هن بيض دجَاجَة وَاحِدَة
غرم قيمَة الدَّجَاجَة كلهَا لصَاحِبهَا فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَهَذَا
يَنْبَغِي ان يستحيي من ذكره وَقَالَ مُحَمَّد بلغنَا ان عمر بن الْخطاب
وَعبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم قَالَا فِي بيض النعامة
يُصِيبهُ الْمحرم ان فِي ذَلِك قِيمَته
(2/357)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن
خصيف الْجَزرِي عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن ابيه انه
قَالَ فِي بيض النعام يُصِيبهُ الْمحرم ان فِيهِ قِيمَته
(2/358)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
عبيد الله بن مُحرز عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة ان سَائِلًا سَأَلَ عَليّ بن
أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
(2/359)
وَآله وَسلم عَن بيض النعام يُصِيبهُ
الْمحرم فأفتاه فِي ذَلِك بضراب نَاقَة فَمر على رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا
قَالَ لَك عَليّ فَأخْبرهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
هَلُمَّ إِلَى
(2/360)
الرُّخْصَة عَلَيْك صِيَام يَوْم أَو
إطْعَام مِسْكين قَالَ مُحَمَّد وَهَذَا فِيمَا نرى
(2/361)
الْقيمَة وَلم يقل فِي شَيْء عشر ثمن
الدِّيَة كَمَا قَالَ أهل الْمَدِينَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ حَدثنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ
حَدثنَا مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن ابراهيم فِي بيض النعام يُصِيبهُ
الْمحرم قَالَ ثمنه
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع عَن سماك بن حَرْب عَن
عِكْرِمَة
(2/362)
قَالَ سَأَلَ مَرْوَان بن الحكم ابْن
عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أَرَأَيْت مَا اصبت من الصَّيْد لَيْسَ
لَهُ ند من النعم قَالَ فِيهِ قِيمَته يعطاه مِسْكين أهل مَكَّة قَالَ
مُحَمَّد فبيض النعام من الصَّيْد وَلَيْسَ للبيض ند من النعم فَفِيهِ
قِيمَته
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا
مَنْصُور عَن
(2/364)
ابراهيم قَالَ فِي اليربوع وَالْبيض وكل
شَيْء دون الْهَدْي ثمنه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا
اشعث عَن عَطاء ابْن أبي رَبَاح قَالَ القرد يقتل فِي الْحرم قَالَ فِيهِ
حكم عدل
اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عَامر
الشّعبِيّ فِي بيض النعام يُصِيبهَا الْمحرم قَالَ عَلَيْهِ ثمنه
(2/365)
- بَاب الرجل يحلق رَأسه من أَذَى وَهُوَ
محرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من حلق رَأسه من اذى وَهُوَ
محرم بِحَجّ أَو عمْرَة فَعَلَيهِ أَي الْكَفَّارَات شَاءَ فديَة من صِيَام
أَو صَدَقَة أَو نسك فالصدقة ثَلَاثَة اصع على سِتَّة مِسْكين كل مسكن نصف
صَاع وَالصَّوْم ثَلَاثَة ايام والنسك شَاة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مثل
قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد وَهَذَا يدلك على خطأ قَول أهل
الْمَدِينَة فِيمَا جعلُوا من الْكَفَّارَات فِي الطَّعَام فِي جَزَاء
الصَّيْد مدا مدا لكل مِسْكين وَقد جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فِي الْفِدْيَة مَدين مَدين لكل مِسْكين يروي ذَلِك أهل الْكُوفَة
وَأهل الْمَدِينَة جَمِيعًا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على
كَعْب بن عجْرَة وَرَأسه يتهافت
(2/366)
قملا فَقَالَ أَيُؤْذِيك هوَام رَأسك قَالَ
نعم قَالَ فَاحْلِقْ فَنزلت {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من
رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الصّيام ثَلَاثَة ايام وَالصَّدَََقَة
ثَلَاثَة آصَع على سِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع والنسك شَاة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سيف بن سُلَيْمَان الْمَكِّيّ
قَالَ سَمِعت مُجَاهدًا
(2/367)
يَقُول سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى
ان كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول ذَلِك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ
حَدثنَا عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن مُجَاهِد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي
ليلى عَن كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ انه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم محرما فآذاه الْقمل فِي
(2/368)
رَأسه فَأمره رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ان يحلق رَأسه وَقَالَ صم ثَلَاثَة ايام أَو اطعم سِتَّة
مَسَاكِين مَدين مَدين أَو انسك شَاة أَي ذَلِك
(2/369)
فعلت أجزى عَنْك
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ الصَّدَقَة فِي ذَلِك حَيْثُ
احب والنسك لَا يكون الا بِمَكَّة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة النّسك
وَالصِّيَام وَالصَّدَََقَة ان شَاءَ بِمَكَّة وان شَاءَ بغَيْرهَا من
الْبِلَاد وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يكون النّسك بِغَيْر مَكَّة وَإِنَّمَا
النّسك من الْحَج الا ترى انه يُقَال مَنَاسِك الْحَج ونسك الْحَج
وَإِنَّمَا هَذَا هدي وَجب فِي نسك من نسك الْحَج وَالْكَفَّارَة من نسك
الْحَج وَلَا يجزى ان يذبح ذَلِك النّسك الا فِي الْحرم حَيْثُ يذبح
الْهَدَايَا الَّتِي تجب كَفَّارَات لما اصيب فِي الْحَج وَالْعمْرَة
(2/370)
- بَاب الَّذِي يجهل فيحلق رَأسه قبل ان
يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الرجل يجهل وَهُوَ حَاج فيحلق
رَأسه قبل ان يَرْمِي الْجَمْرَة انه لَا شَيْء عَلَيْهِ وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة إِذا جهل
(2/371)
الرجل فحلق رَأسه قبل ان يَرْمِي
الْجَمْرَة افتدى وَقَالَ مُحَمَّد الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك مَشْهُور بَين انه سُئِلَ يَوْم النَّحْر عَمَّن
حلق رَأسه قبل ان يَرْمِي قَالَ ارْمِ وَلَا حرج فَمَا سُئِلَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء يَوْمئِذٍ قدم وَلَا اخر الا قَالَ
افْعَل وَلَا حرج
(2/372)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا ابْن شهَاب عَن عِيسَى ابْن طَلْحَة عَن عبيد
الله انه اخبره عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
(2/373)
رَضِي الله عَنْهُمَا ان رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وقف للنَّاس عَام حجَّة الْوَدَاع يسألونه فجَاء رجل
فَقَالَ يَا رَسُول الله لم أشعر فحلقت قبل
(2/374)
ان اذْبَحْ قَالَ اذْبَحْ وَلَا حرج قَالَ
آخر يَا رَسُول الله لم اشعر فنحرت قبل ان ارمي قَالَ ارْمِ وَلَا حرج
قَالَ فَمَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
(2/378)
وَآله وَسلم يَوْمئِذٍ عَن شَيْء قدم وَلَا
اخر الا قَالَ افْعَل وَلَا حرج
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسامة بن زيد قَالَ حَدثنَا عَطاء
بن أبي رَبَاح عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ نحر
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حلق ثمَّ جلس للنَّاس فَمَا
سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَن شَيْء الا قَالَ
(2/379)
لَا حرج لَا حرج حَتَّى اتاه رجل فَقَالَ
حلقت قبل ان انْحَرْ قَالَ لَا حرج قَالَ ثمَّ اتاه رجل وَقَالَ يَا رَسُول
الله حلقت قبل ان ارمي قَالَ لَا حرج ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عَرَفَة كلهَا موقف
(2/381)
والمزدلفة كلهَا موقف وَمنى كلهَا أَظُنهُ
قَالَ منحر وكل فجاج مَكَّة طَرِيق ومنحر
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابْن جريج قَالَ اُخْبُرْنَا عَطاء
بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله اني افضت قبل ان ارمي قَالَ ارْمِ
(2/382)
وَلَا حرج
(2/383)
- بَاب الْقَوْم المحرمين يصيبون الصَّيْد
الْوَاحِد
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الْقَوْم المحرمين يصيبون
الصَّيْد الْوَاحِد ان على كل وَاحِد مِنْهُم جَزَاء وان كَانُوا احلة
فَأَصَابُوا فِي الْحرم صيدا فَعَلَيْهِم جَزَاء وَاحِد بنيهم بِالْحِصَصِ
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الْقَوْم يصيبون الصَّيْد جَمِيعًا وهم محرمون
بِحَجّ أَو عمْرَة أَو فِي الْحرم وهم حَلَال ان على كل انسان مِنْهُم
جزاءه ان حكم عَلَيْهِم بِالْهَدْي فعلى كل انسان مِنْهُم هدي وان حكم
عَلَيْهِم بالصيام كَانَ على كل انسان
(2/388)
مِنْهُم الصّيام قَالَ مُحَمَّد لَا يشبهون
المحرمين يقتلُون الصَّيْد فِي الْحرم لَان المحرمين إِذا قتلوا صيدا وهم
محرمون فقد وَجب على كل وَاحِد مِنْهُم جَزَاء كَامِل باحرامه واحرامه
غيراحرام صَاحبه فعلى كل وَاحِد جَزَاء كَامِل واما الأحلة فَإِنَّمَا وَجب
عَلَيْهِم الْجَزَاء بِالْحرم وَهُوَ شَيْء وَاحِد فَعَلَيْهِم جُزْءا
وَاحِد لَا يَضرك قَتله فِي الْحرم رجل أَو رجلَانِ أَو ثَلَاثَة لأَنهم
إِنَّمَا تجب عَلَيْهِم الْكَفَّارَة لحُرْمَة الْحرم وَحُرْمَة الْحرم
وَاحِدَة وَإِنَّمَا ذَلِك بِمَنْزِلَة قوم احلة قطعُوا شَجَرَة فِي الْحرم
فَعَلَيْهِم قيمتهمَا بِالْحِصَصِ وَلَا يكون على كل وَاحِد مِنْهُم
الْقيمَة وَمِمَّا يدل على ذَلِك ايضا ان الْقَارِن يقتل الصَّيْد فَيجب
عَلَيْهِ كفارتان لِأَنَّهُ محرم بشيئين لِأَنَّهُ لَو كَانَ محرما
بِعُمْرَة خَاصَّة وَجب عَلَيْهِ كَفَّارَة وان كَانَ محرم بِحَجّ خَاصَّة
وَجب عَلَيْهِ كَفَّارَة فَإِذا جَمعهمَا وَجَبت عَلَيْهِ
(2/389)
كفارتان وَكَذَلِكَ المحرمون فِي الصَّيْد
كل وَاحِد محرم بِإِحْرَام فجيب عَلَيْهِ لإحرامه كَفَّارَة كَامِلَة
وَإِذا كَانُوا احله فِي الْحرم فَإِنَّمَا وَجب عَلَيْهِم الْهَدْي للحرم
خَاصَّة وَهُوَ شَيْء وَاحِد فَعَلَيْهِم بِالْحِصَصِ وَلَا يكون على كل
وَاحِد مِنْهُم كَفَّارَة كَامِلَة
(2/390)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة عَن
حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ إِذا اهللت بهما جَمِيعًا فَأَصَبْت صيد
فَعَلَيْك جزاءان فَإِن اهللت بِعُمْرَة كَانَ عَلَيْك جَزَاء وَلَو اهللت
بِحَجّ كَانَ عَلَيْك جَزَاء
- بَاب الَّذِي يقتل الصَّيْد وَهُوَ محرم ثمَّ يَأْكُل مِنْهُ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد وَهُوَ
محرم ثمَّ يَأْكُلهُ عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة لأكله
(2/392)
وَقَالَ مُحَمَّد عَلَيْهِ كَفَّارَة
وَاحِدَة لقَتله وَلَا شَيْء لآكله وَلكنه آثم لأكله لِأَن صيد الْمحرم
بِمَنْزِلَة الْميتَة لَا يَنْبَغِي ان يَأْكُلهُ الَّذِي قَتله وَلَا
غَيره
(2/394)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان قَتله الْمحرم
وَأكله فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة مثل من قَتله وَلم يَأْكُل مِنْهُ
- بَاب الَّذِي يصيد الصَّيْد أَو يرميه بعد مَا رمى جَمْرَة الْعقبَة
وحلاقة رَأسه
-
أخبرنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي رجل رمى صيدا أَو صَاده بعد رميه
وحلاقة رَأسه غير انه لم يفض فيطوف طوف الزِّيَارَة انه إِذا كَانَ اصاب
الصَّيْد فِي الْحرم فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ وان كَانَ اصابه فِي الْحل فَلَا
جَزَاء عَلَيْهِ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة عَلَيْهِ الْجَزَاء فِي الصَّيْد
اصابه فِي حل أَو حرم وَقَالَ مُحَمَّد جَاءَ الحَدِيث الْمَعْرُوف وَمن
رمى جَمْرَة الْعقبَة وَحلق
(2/395)
رَأسه فقد حل لَهُ كل شَيْء الا النِّسَاء
وَالطّيب وَأما عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت طيبت رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي هَاتين لإحلاله قبل ان يزور الْبَيْت قَالَ
مُحَمَّد هَذَا الْأَمر مجمع عَلَيْهِ
(2/396)
وَقد روى عَن آل عمر انهم كَرهُوا مَعَ
النِّسَاء الطّيب فَقَالُوا إِلَّا النِّسَاء وَالطّيب وَلم نعلم احدا
قَالَ الا النِّسَاء وَالطّيب
(2/397)
وَالصَّيْد انما اخْتلف النَّاس فِي الطّيب
فَأَما الصَّيْد فِي الْحل فَلم يخْتَلف فِيهِ اُحْدُ
(2/398)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان الله تبَارك
وَتَعَالَى يَقُول {وَإِذا حللتم فاصطادوا} وَمن لم يفض فقد بَقِي عَلَيْهِ
مس النِّسَاء وَالطّيب
وَقَالَ مُحَمَّد قد جَاءَت السّنة الْمَعْرُوفَة انه لَا يَنْبَغِي لِبَاس
قَمِيص وَلَا سَرَاوِيل وَلَا قبَاء وَلَا خُفَّيْنِ حَتَّى يحل الرجل من
احرامه وَقد رخص لَهُ فِي هَذَا فَقيل لَا بَأْس بِهِ إِذا رمى وَحلق وَجعل
لَهُ حَلَالا فَكَذَلِك الصَّيْد لَان الْأَثر جَاءَ انه قد حل لَهُ كل
شَيْء ثمَّ اسْتثْنى بَعضهم خَاصَّة النِّسَاء وَبَعْضهمْ اسْتثْنى الطّيب
وَالنِّسَاء وَإِنَّمَا جعل محرما فِيمَا اسْتثْنى خَاصَّة
(2/399)
وَلم يَجْعَل محرما فِيمَا سوى ذَلِك لِأَن
من قَالَ قد حل فلَان من كل شَيْء الا من كَذَا وَكَذَا فقد حل مِمَّا سوى
مَا اسْتَثْنَاهُ فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يتَأَوَّل عَلَيْهِ مَا تأولتم من
الْقُرْآن فَإِن تأولتم ذَلِك فِيهِ فتأولوا ذَلِك فِي جَمِيع مَا يحل
للْمحرمِ إِذا رمى الْجَمْرَة وَحلق من لِبَاس القمص والقلانس والخفاف وقص
الاظفار وَحلق الْعَانَة والإحلال هَذَا كُله لَا يَفْعَله الْمحرم
وَكَذَلِكَ الصَّيْد مَعَ مَا جَاءَ فِي ذَلِك من الْآثَار الْكَثِيرَة
الْمَعْرُوفَة
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن
الْمُنْكَدر قَالَ سَمِعت ابْن الزبير يَقُول إِذا رميت الْجَمْرَة من
يَوْم النَّحْر فقد حل لَك
(2/400)
مَا وَرَاء النِّسَاء مِمَّا يحرم على
الْمحرم فَهُوَ حَلَال لمن رمى الْجَمْرَة وَحلق
(2/401)
من الطّيب وَغير ذَلِك من الصَّيْد إِلَّا
أَنه لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يصيد الصَّيْد فِي الْحرم فَإِن صَاده خَارِجا
من الْحرم فذبحه حل لَهُ اكله
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن أبان بن صَالح الْقرشِي عَن
حَمَّاد عَن ابراهيم عَن الاسود عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت ان
كنت لَأَطْيَب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي هَاتين لإحرامه
وإفاضته بِالْبَيْتِ
أخبرنَا مُحَمَّد قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن أبان بن صَالح الْقرشِي قَالَ
حَدثنَا
(2/402)
إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن عَائِشَة ابْنة
سعد بن مَالك قَالَت ان كنت
(2/403)
لأسحق الْمسك لإحرام سعد ثمَّ أضمخ بِهِ
رَأسه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن حَازِم
أَبُو مُعَاوِيَة المكفوف عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن
عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت لكَأَنِّي أنظر الى وبيص الطّيب فِي
مفارق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يهل قَالَ مُحَمَّد
وَإِذا كَانَ الطّيب يحل قبل الْإِفَاضَة فَكَذَلِك الصَّيْد غير النِّسَاء
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ حَدثنَا عبد
الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن ابيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت
كنت اطيب رَسُول الله صلى الله
(2/404)
عَلَيْهِ وَآله وَسلم لإحرامه قبل ان يحرم
ولحله قبل ان يطوف بِالْبَيْتِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد الْمدنِي
قَالَ اُخْبُرْنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله
عَنهُ قَالَ إِذا رميت جمره حل لَك كل شَيْء الا النِّسَاء وَكَانَ يغْتَسل
عِنْد الاحرام بمنزله بِمَكَّة حِين يقدم
(2/405)
قبل ان يدْخل الْمَسْجِد
- بَاب الَّذِي يقطع الشّجر فِي الْحرم من حَلَال أَو محرم
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِيمَا قطع الْحَلَال أَو الْمحرم من
الشّجر فِي الْحرم الْجَزَاء وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَيْسَ على الْمحرم
فِيمَا قطع من الشّجر فِي الْحرم الْجَزَاء وَلكنه بئس مَا صنع وَقَالَ
مُحَمَّد مَا كنت اظن ان احدا ينْسب الى فقه يجهل مثل هَذَا وَقد قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخطْبَة على النَّاس جَمِيعًا
بِمَكَّة مَكَّة حرَام لحرام الله تَعَالَى لَا يخْتَلى خلالها وَلَا ينفر
(2/406)
صيدها وَلَا يعضد شَجَرهَا قَالَ
الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ إِلَّا الأذخر يَا رَسُول الله
فَإِنَّهُ للقين والبيوت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِلَّا الأذخر فان قَالَ أهل الْمَدِينَة إِن الشّجر لم يذكر فِي الْقُرْآن
فَيَنْبَغِي فِي الْحَلَال
(2/407)
يقتل الصَّيْد فِي الْحرم انه لَا شَيْء
عَلَيْهِ لِأَن الله تَعَالَى لم يذكر ذَلِك فِي الْقُرْآن وَلم يَجْعَل
الْجَزَاء فِي الْقُرْآن فِي الصَّيْد الا على الْمحرم فَإِن قَالُوا
نَأْخُذ فِي الْحَلَال يقتل الصَّيْد فِي الْحرم بالأثر قيل لَهُم فالأثر
فيهمَا وَاحِد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينفر صيدها
وَلَا يعضد شَجَرهَا فهما سَوَاء لَا يَنْبَغِي ان ينفر صيدها وَلَا يصاد
فَمن صَاده فَعَلَيهِ جَزَاؤُهُ وَمن قطع شَجَرَة فَعَلَيهِ جزاؤها وليسا
يَخْتَلِفَانِ فِي الحَدِيث مَعَ مَا قَالَت الْفُقَهَاء جَمِيعًا فَجعلُوا
فِي الدوحة وَغَيرهَا الْجَزَاء فَقَالُوا فِي
(2/408)
الدوحة الْجَزَاء كَغَيْرِهَا وَالنَّاس
لَا نعلمهُمْ اخْتلفُوا فِي ذَلِك فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ من الْأَشْيَاء
فَكيف جعل أهل الْمَدِينَة هَذَا وَقَالُوا لم يبلغنَا ان احدا حكم فِيهِ
بِشَيْء
قَالَ مُحَمَّد وَقد جَاءَت فِي ذَلِك آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا يَعْقُوب بن ابراهيم قَالَ اُخْبُرْنَا يزِيد بن أبي زِيَاد
عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم فتح مَكَّة إِن هَذِه حرم الله حرمهَا يَوْم
خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر ووضعها بَين هذَيْن
الأخشبين
(2/409)
لم تحل لأحد قبلى وَلَا تحل لَاحَدَّ بعدِي
وَلم تحل لي الا سَاعَة
(2/410)
من النَّهَار لَا يختلي خلالها وَلَا يعضد
شَجَرهَا وَلَا يرفع لقطتهَا إِلَّا لِمُنْشِد فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي
الله عَنهُ إِلَّا الْإِذْخر لَا غنى بِأَهْل مَكَّة عَنهُ لقبورهم
ولبيوتهم فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الا الاذخر وَقَالَ مُحَمَّد قرن
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّيْد مَعَ الشّجر وَلَيْسَ بَينهمَا افْتِرَاق
- بَاب الصَّبِي الصَّغِير يحجّ بِهِ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن يحجّ بالصغير
ويجرد للاحرام وَيمْنَع الطّيب وكل مَا يمْنَع الْكَبِير فِي احرامه فَإِن
احْتَاجَ إِلَى شَيْء مِمَّا يحْتَاج اليه الْكَبِير مِمَّا بلغ ذَلِك
فِيهِ الْفِدْيَة فعل ذَلِك بِهِ وَلَا فديَة عَلَيْهِ فان قوى على الطّواف
بِالْبَيْتِ وَإِلَّا طيف بِهِ مَحْمُولا وَرمى عَنهُ وطيف بِهِ بَين
الصَّفَا والمروة فَإِن اصاب صيدا وَهُوَ محرم لم يجب عَلَيْهِ هدي
وَذَلِكَ الْحَج لَا يجزى عَنهُ إِذا بلغ وَكبر من حجَّة الْإِسْلَام
وَقَالَ
(2/411)
أهل الْمَدِينَة مثل قَول أبي حنيفَة الا
فِي خَصْلَتَيْنِ ان كَانَ اصاب صيدا وَهُوَ محرم اهدي عَنهُ وَقَالُوا ان
احْتَاجَ الى شَيْء مِمَّا يحْتَاج اليه الْكَبِير مِمَّا يجب فِيهِ
الْفِدْيَة فدى ذَلِك عَنهُ وَفعل بِهِ
(2/412)
وَقَالَ مُحَمَّد إِنَّمَا الْفِدْيَة فِي
الصَّيْد وَفِي غير كَفَّارَة فِيمَا صنع وَالصَّبِيّ لَا ذَنْب عَلَيْهِ
فَكيف يكون عَلَيْهِ كَفَّارَة وَإِنَّمَا يجْتَنب الْحَاج على وَجه
(2/413)
التَّطَوُّع كَالصَّلَاةِ يدْخل فِيهَا
وَيُؤمر بهَا فان تَركهَا أَو قطعهَا لم يكن عَلَيْهِ قَضَاء وَالصِّيَام
يُؤمر بِهِ فِي شهر رَمَضَان ويؤدب عَلَيْهِ فان لم يصمه حَتَّى يكبر لم
يجب عَلَيْهِ قَضَاء وَيحلف بِالْيَمِينِ فَيحنث وَلَا يكون عَلَيْهِ
كَفَّارَة وَكَذَلِكَ كَفَّارَة الصَّيْد وَنَحْوه لَيْسَ فِي شَيْء من
ذَلِك على الصَّبِي وَلَا على الْمَعْتُوه كَفَّارَة لانهم يتركون من
فَرَائض الله مَا هُوَ اوجب من ذَلِك وَلَا يكون عَلَيْهِم قَضَاء من
الصَّلَاة وَالصِّيَام وَنَحْو ذَلِك
(2/414)
- بَاب الَّذِي ينْحَر هَدْيه فِي غير منى
أَيَّام الْحَج
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي من نحر هَدْيه فِي ايام الْحَج
فِي غير منى ان ذَلِك يجْزِيه إِذا كَانَ فِي الْحرم وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة لَيْسَ لَاحَدَّ ان ينْحَر فِي ايام منى إِلَّا فِي منى
وَقَالَ مُحَمَّد افضل الْهَدْي ان ينْحَر بمنى لِأَنَّهَا مناحر الْبدن
فِي تِلْكَ
(2/415)
الْأَيَّام وَلَكِن لَا بَأْس ان ينْحَر
فِي الْحرم حَيْثُ يحب وَقد كَانَ بعض الْمُسلمين إِذا كثر هَدْيه بعث
بِبَعْضِه فَنحر بِمَكَّة لفقرء أهل مَكَّة الَّذين لم يحجوا فَهَذَا
مِمَّا لَا بَأْس بِهِ لِأَن الْحرم كُله مناحر الْهَدْي لِأَن الله
تَعَالَى يَقُول {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} وَمن دخل الْحرم فقد بلغ
الْكَعْبَة وَبلغ مَحَله إِنَّمَا يكره ان ينْحَر الْهَدْي فِي الْحل
فَأَما إِذا نحر فِي الْحرم فان ذَلِك يجْزِيه ان شَاءَ الله تَعَالَى
وَفِي ذَلِك آثَار كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن رجل عَن
عَطاء عَن
(2/416)
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه
قَالَ مَكَّة كلهَا منحر الا ان الدِّمَاء نزهت عَنْهَا وَمنى من مَكَّة
- بَاب الْمَرِيض وَالصَّبِيّ الَّذِي لَا يَسْتَطِيع رمي الْجمار
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي الْمَرِيض وَالصَّبِيّ لَا
يَسْتَطِيع الرَّمْي
(2/417)
قَالُوا يرْمى عَنهُ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ
وان صَحَّ الْمَرِيض فِي ايام الرَّمْي بعد مَا رمى عَنهُ فَلَا باس
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الصَّبِي وَالْمَرِيض الَّذِي لَا يَسْتَطِيع
الرَّمْي قَالُوا يرْمى عَنهُ ويتحرى الْمَرِيض حِين يَرْمِي عَنهُ فيكبر
وَهُوَ فِي منزله
(2/418)
ويهريق دَمًا فَإِن صَحَّ الْمَرِيض فِي
أَيَّام منى رمى الرَّمْي الَّذِي رمي عَنهُ واهدى قَالَ مُحَمَّد وَمَا
لَهُ يهريق دَمًا وَقد رمى عَنهُ فقد اجزاه ذَلِك لَا دم عَلَيْهِ
وَقَالُوا أَيْضا فَإِن صَحَّ فِي ايام الرَّمْي بعد مَا رمي عَنهُ رمي
الَّذِي رمى عَنهُ وَأهْدى فَهُوَ ايضا لَيْسَ بِشَيْء ارأيتم رجلا لم يجد
المَاء فَتَيَمم وَصلى ثمَّ وجد المَاء أعليه ان يتَوَضَّأ وَيُعِيد
الصَّلَاة ارأيتم رجلا مَرِيضا لَا يَسْتَطِيع الرُّكُوع وَالسُّجُود وَلَا
الْقيام صلى جَالِسا بإيماء ثمَّ قدر على الرُّكُوع وَالسُّجُود
وَالْقِيَام قبل خُرُوج الْوَقْت أيجب عَلَيْهِ الاعادة وَقد فرغ من
الصَّلَاة ارأيتم رجلا احرم بِالْحَجِّ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْم عَرَفَة
فَوقف بِهِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس ثمَّ أفيض بِهِ الى الزدلفة فأفاق بهَا
فِي تِلْكَ اللَّيْلَة اينبغي لَهُ ان يرجع حَتَّى يقف بِعَرَفَة والا لم
يجزه الْحَج يَنْبَغِي فِي قَوْلهم
(2/419)
ان يَقُولُوا ذَلِك لَان وَقت الْوُقُوف لم
يمض لِأَن من اِدَّرَكَ عَرَفَة قبل طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر فقد
اِدَّرَكَ وان لم يَقُولُوا ذَلِك فقد تركُوا قَوْلهم
(2/420)
- بَاب الَّذِي يَرْمِي الْجمار بلَيْل
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَا يَنْبَغِي رمي الْجَمْرَة
يَوْم النَّحْر حَتَّى تطلع الشَّمْس وَمن رمى قبل طُلُوع الشَّمْس وَبعد
طُلُوع الْفجْر اجزاه ذَلِك وَقد اساء وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يكره رمي
الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر حَتَّى يطلع الْفجْر وَمن رمى فقد حل لَهُ
النَّحْر
وَقَالَ مُحَمَّد جَاءَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه قَالَ
حمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغيلمة بني عبد الْمطلب على حمرات
لنا من جمع
(2/421)
فَجعل يلطح افخاذنا وَيَقُول أَي بني لَا
ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن سَلمَة بن كهيل
عَن الْحسن ان ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ اخبره بذلك
(2/422)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا
سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ لَا ترم
الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس
- بَاب الْأَوْقَات إِلَى مَكَّة وَالرجل يكون أَهله دونهَا فَيدْخل مَكَّة
بِغَيْر احرام
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من كَانَ أَهله فِي الْوَقْت
مثل الْجحْفَة وَذَات عرق وَقرن ويلملم أَو دون ذَلِك الى مَكَّة فَلَا
بَأْس ان يدْخل مَكَّة بِغَيْر احرام وَمن كَانَ منزله خلف وَقت من
الْمَوَاقِيت الَّتِي وَقتهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ
الْوَقْت بَينه وَبَين مَكَّة فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يدْخل مَكَّة الا
محرما وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الرجل يدْخل مَكَّة بِغَيْر احرام لَا
نرى بذلك بَأْسا قَالَ مُحَمَّد بلغنَا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم دخل مَكَّة
(2/424)
عَام الْفَتْح وعَلى رَأسه المغفر وَلم يكن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرما فَلَمَّا فرغ من حنين احرم
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/425)
من الْجِعِرَّانَة بِعُمْرَة ثمَّ قَالَ
هَذِه لدخولنا مَكَّة بِغَيْر احرام
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا
يزِيد بن سعيد
(2/426)
عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن عَليّ بن أبي
طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا يدْخل الْحرم الا محرم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْمَكِّيّ
قَالَ اُخْبُرْنَا عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا انه قَالَ من خرج من مَكَّة فَلَا يدخلهَا الا محرما الا
الحمالين والحطابين واصحاب مَنَافِعهَا قَالَ مُحَمَّد فَهَذَا الَّذِي
(2/427)
اخذ بِهِ أَبُو حنيفه لَان ابْن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا لم يكن جَاوز وقتا من الْمَوَاقِيت لَان قديدا لَا وَقت
بَينهَا وَبَين مَكَّة فَلَا بَأْس ان يدْخل مَكَّة من كَانَ بِقديد
بِغَيْر احرام ثمَّ الحَدِيث المستفيض عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقت الْمَوَاقِيت
لأَهْلهَا ثمَّ قَالَ هَذِه
(2/428)
الْمَوَاقِيت لأَهْلهَا وَلمن اتى
عَلَيْهَا من غير اهلها
قَالَ مُحَمَّد فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يُجَاوز وقتا من الْمَوَاقِيت الى
مَكَّة بِغَيْر احرام
- بَاب الصَّلَاة بمنى يَوْم التَّرويَة وَالْجُمُعَة بِعَرَفَة وَمنى
وَالصَّلَاة بهَا وَالصَّلَاة بمنى
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي امام الْحَج إِذا وَافق يَوْم
الْجُمُعَة
(2/429)
يَوْم عَرَفَة أَو يَوْم النَّحْر أَو بعض
ايام التَّشْرِيق انه لَا جُمُعَة فِي منى فِي تِلْكَ الْأَيَّام الا بمنى
ان كَانَ صَاحب الْمَوْسِم الْخَلِيفَة أَو امير الْحجاز أَو امير مَكَّة
فَإِنَّهُ ان كَانَت الْجُمُعَة بمنى جمع كَانَ يعد منى مصرا وان كَانَت
الْجُمُعَة بِعَرَفَة فَلَا جُمُعَة فِي ذَلِك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة
إِذا وَافق يَوْم الْجُمُعَة يَوْم عَرَفَة أَو يَوْم النَّحْر أَو بعض
ايام التَّشْرِيق فَلَا يجمع فِي شَيْء من تِلْكَ الْأَيَّام
(2/430)
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قَول أهل
الْمَدِينَة فِي هَذَا أعجب إِلَيّ من قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو
حنيفَة صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء عَشِيَّة عَرَفَة
(2/431)
لَيْلَة النَّحْر فِي الْمزْدَلِفَة لَا
يَنْبَغِي ان يُصَلِّي وَاحِدَة مِنْهُمَا حَتَّى يَأْتِي الْمزْدَلِفَة
(2/432)
فَإِذا أَتَاهَا اذن الْمُؤَذّن واقام
للمغرب وَإِذا سلم من الْمغرب قَامَ وَصلى الْعشَاء بِغَيْر اذان وَلَا
اقامة يجْزِيه اذان الْمغرب واقامتها فَيصَلي الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا
بِأَذَان وَاحِد واقامة وَاحِدَة
(2/433)
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يُقيم الصَّلَاة
فَيصَلي الْمغرب ثمَّ يُقيم للعشاء فيصليها وَلَا يُصَلِّي بَينهمَا شَيْئا
وَقَالَ مُحَمَّد قد جَاءَت فِي هَذِه آثاره كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة عَن
حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ إِذا صليتهما بِجمع صليتهما بِإِقَامَة وَاحِدَة
فان تَطَوَّعت بَينهمَا بِشَيْء فَاجْعَلْ لكل وَاحِدَة اقامة
(2/434)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ
اُخْبُرْنَا عمر بن ذَر الْهَمدَانِي عَن مُجَاهِد ان رجلا صلى مَعَ عبد
الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا الْمغرب بِجمع ثَلَاثًا
(2/435)
فَلَمَّا سلم قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ
فَلَمَّا سلم قَالَ لَهُ الرجل يَا ابا عبد الرَّحْمَن الا تصلي الْعشَاء
قَالَ أَو لَيْسَ قد صليناها وَذَلِكَ بِإِقَامَة وَاحِدَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع عَن سماك بن حَرْب
عَن النُّعْمَان بن حميد أبي قدامَة قَالَ صليت مَعَ عمر بن الْخطاب رَضِي
الله عَنهُ بِجمع ثَلَاثًا واثنين بِإِقَامَة وَاحِدَة
(2/436)
اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع قَالَ حَدثنَا
غيلَان عَن عدي بن ثَابت الانصاري
(2/437)
عَن عبد الله بن يزِيد الانصاري عَن أبي
ايوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنْهُم قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم الْمغرب وَالْعشَاء ثَلَاثًا واثنتين بِإِقَامَة
وَاحِدَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ
اُخْبُرْنَا جَابر عَن عدي
(2/438)
ابْن ثَابت الانصاري عَن عبد الله بن يزِيد
الخطمي عَن أبي ايوب الْأنْصَارِيّ قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم الْمغرب وَالْعشَاء ثَلَاثًا واثنتين باقامة وَاحِدَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا
جَابر عَن عدي بن ثَابت الْأنْصَارِيّ عَن عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ
عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم الْمغرب وَالْعشَاء بِإِقَامَة وَاحِدَة يَعْنِي بِجمع
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا
أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن عبد الله بن مَالك قَالَ صليت مَعَ عبد
الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
(2/439)
الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَإِقَامَة
صلى ثَلَاثًا ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ فَسَأَلته فَقَالَ هَكَذَا رَأَيْت
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا
سَلمَة بن كهيل قَالَ
(2/440)
حَدثنَا سعيد بن جُبَير مثله
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
اشعث بن أبي الشعْثَاء عَن ابيه قَالَ اقبلت مَعَ عبد الله بن عمر رَضِي
الله عَنْهُمَا من عَرَفَات إِلَى
(2/441)
الْمزْدَلِفَة فَلم يفتر من التَّكْبِير
والتهليل حَتَّى أَتَيْنَا الْمزْدَلِفَة فَأذن واقام فصلى بِنَا الْعشَاء
رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا بعشائه
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن
اشعث بن أبي الشعْثَاء
(2/442)
عَن علاج بن عَمْرو مثل حَدِيث ابيه عَن
ابْن عمر ان علاجا قَالَ سُئِلَ ابْن عمر عَن صلَاته فَقَالَ صليت مَعَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْمَكَان هَكَذَا
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا
مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد عَن ابْن عمر بن
الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا انه كَانَ يُصَلِّيهمَا بِإِقَامَة وَاحِدَة
وَهَذَا الْأَمر الْمجمع عَلَيْهِ عِنْد الْفُقَهَاء
(2/443)
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ
الدّفع من الْمزْدَلِفَة قدر صَلَاة الصُّبْح المسفر بهَا قبل ان تطلع
الشَّمْس وَكَذَلِكَ قَالَ أهل الْمَدِينَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي
صَلَاة أهل مَكَّة وَمن كَانَ بِمَكَّة مُقيما فحج انه
(2/444)
يُصَلِّي بمنى اربعا وَكَذَلِكَ يُصَلِّي
بِعَرَفَة حَتَّى يرجع الى مَكَّة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي أهل مَكَّة
انهم يصلونَ بمنى إِذا حجُّوا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى ينصرفوا الى مَكَّة
(2/445)
وَقَالَ أَبُو حنيفَة ايضا إِذا كَانَ امير
الْحَج من أهل مَكَّة صلى الظّهْر وَالْعصر بِعَرَفَة ارْبَعْ رَكْعَات
وَصلى بِعَرَفَة وَمنى وَأهل مَكَّة مَعَه مَا اقاموا بمنى اربعا يتمون
الصَّلَاة حَتَّى يرجِعوا الى مَكَّة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي امير
الْحَاج ان كَانَ من أهل مَكَّة وَغير أهل مَكَّة إِنَّهُم يصلونَ
بِعَرَفَات وَمنى أَيَّام منى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ يقصرون الصَّلَاة
حَتَّى يرجِعوا الى مَكَّة وَمن كَانَ سَاكِنا مُقيما بمنى فَإِن ذَلِك يتم
الصَّلَاة بمنى وان كَانَ اُحْدُ سَاكِنا بِعَرَفَة مُقيما بهَا فان ذَلِك
يم الصَّلَاة بِعَرَفَة ايضا
وَقَالَ مُحَمَّد يَنْبَغِي لأهل الْمَدِينَة إِذا زَعَمُوا ان الْحَاج من
أهل مَكَّة
(2/466)
يقصر الصَّلَاة فِي ايام الْحَج ان يقصرها
الْحَاج من أهل منى وَأهل عَرَفَة لأَنهم ان كَانُوا بهَا يقصرون لِلْحَجِّ
فكلهم حَاج وان كَانُوا انما يقصرون للسَّفر فَلَيْسَ فيهم مُسَافر لَان من
قَول أهل الْمَدِينَة انه لَا يقصر الرجل فِي اقل من اربعة برد وَمَا بَين
مَكَّة وعرفات فِي الذّهاب وَالرَّجْعَة لَا يكون أَرْبَعَة برد فلأي شَيْء
قصرت الصَّلَاة فِي ذَلِك أللحج فَيَنْبَغِي لكل حَاج ان يقصر أَو للسَّفر
وَلَيْسَ أهل مَكَّة فِي قَوْلكُم بمسافرين قَالُوا لِأَنَّهُ بلغنَا ان
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وابا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا
صلوا بمنى رَكْعَتَيْنِ وَصلى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ شطر امارته بمنى
رَكْعَتَيْنِ ثمَّ اتمها بعد ذَلِك قُلْنَا لَهُم لَيست لكم فِي ذَلِك
حجَّة لِأَن رَسُول الله
(2/467)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وابا بكر وَعمر
رَضِي الله عَنْهُمَا انما كَانُوا يقدمُونَ مسافرين من الْمَدِينَة
فَكَانُوا فِي سفر حَتَّى يرجِعوا اليها وَإِنَّمَا بلغنَا ان رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم مَكَّة لصبح رَابِعَة من ذِي الْحجَّة فَهَذَا
مُسَافر حَتَّى يرجع الى الْمَدِينَة وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة أهل
مَكَّة وَمن كَانَ مُقيما بهَا لِأَن هَؤُلَاءِ مقيمون لم يخرجُوا مِنْهَا
حَتَّى حجُّوا بسفر فَيجب عَلَيْهِم مَا يجب على الْمُسَافِر والاحاديث قد
جَاءَت فِي ذَلِك كَثِيرَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُوَيْد بن ابراهيم الْهُذلِيّ عَن
قَتَادَة بن دعامة
(2/468)
السدُوسِي ان عمر بن الْخطاب رَضِي الله
عَنهُ صلى بِمَكَّة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ يَا أهل مَكَّة انا سفر
فَأتمُّوا ثمَّ صلى بمنى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صلى بِعَرَفَة رَكْعَتَيْنِ
ثمَّ قَالَ يَا أهل مَكَّة انا سفر فَأتمُّوا
- بَاب فِي هدي الْقَارِن والمفرد بِالْحَجِّ
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ لَو ان رجلا قَارنا لِلْحَجِّ
وَالْعمْرَة
(2/469)
لم يسق هَديا وَلم يشتره وَلم يعرف بِهِ
حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر وَهُوَ مُوسر فَاشْترى يَوْم النَّحْر هَديا
فذبحه عَن قرانه اجزاه ذَلِك وَلم يحلق حَتَّى يذبحه وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة ان لم يكن مَعَه هدي يعرف بِهِ يَوْم عَرَفَة فليقصر نُسكه
كُله من حلق الراس وَغَيره وَلَا يذبحن هَديا حَتَّى تمْضِي ايام
التَّشْرِيق وَيرجع الى مَكَّة فَإِذا رَجَعَ الى مَكَّة اشْترى هَديا
فَأخْرجهُ من الْحرم الى الْحل فساقه من الْحل حَتَّى يدْخلهُ الى الْحرم
فيذبحه فِي الْحرم لقرانه
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ يجْزِيه ان يَشْتَرِيهِ بعد يَوْم النَّحْر فيذبحه
قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يعرف بِهِ وَلَا يُخرجهُ الى الْحل حَتَّى يَسُوقهُ
الى الْحرم قيل لَهُم افلا يَشْتَرِيهِ يَوْم النَّحْر ثمَّ يَأْمر بِهِ
فَيخرج الى الْحل حَتَّى يساق بمنى فيذبحه قبل ان يحلق لِأَن الله تَعَالَى
قَالَ {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} قَالُوا لَا
لِأَنَّهُ لم يعرف بِهِ فَإِذا لم يعرف بِهِ فَلَا يذبحه حَتَّى يمْضِي
ايام التَّشْرِيق قيل لَهُم قد قُلْتُمْ للمعسر الَّذِي لَا يجد الْهَدْي
وَلم يصم الثَّلَاثَة الْأَيَّام قبل يَوْم النَّحْر انه يَصُوم ثَلَاثَة
ايام التَّشْرِيق فالهدي احرى ان يذبح فِي ايام النَّحْر من صَوْم هَذِه
الايام الَّتِي قَالَ
(2/470)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ايام
منى ايام اكل وَشرب فَلَا تصوموها فَكيف رخصتم فِي الصَّوْم الَّذِي لَا
يَنْبَغِي ان يرخص فِيهِ وكرهتم ذبح الْهَدْي فِيهَا إِذا لم يعرف بِهِ
قَالُوا انت تَقول مثل هَذَا ارأيت الْعمرَة اتقضى فِي ايام التَّشْرِيق ام
لَا تقضى حَتَّى تمْضِي ايام التَّشْرِيق قيل لَهُم لَا تقضى الْعمرَة
حَتَّى تمْضِي ايام التَّشْرِيق قَالُوا فَكَذَلِك الْهَدْي الَّذِي لم
يعرف بِهِ لَا يذبح حَتَّى تمْضِي ايام التَّشْرِيق وَقيل لَهُم وَهَذَا
الْهَدْي للْعُمْرَة أَو لِلْحَجِّ فقد زعمتم انه لِلْحَجِّ وزعمتم انكم
انما كرهتم الْقرَان لما يدْخل الْحَج من النُّقْصَان وان الْهَدْي الَّذِي
يَجْعَل للقران إِنَّمَا يَجْعَل لما يدْخل الْحَج من النُّقْصَان قَالُوا
اجل إِنَّمَا جعل الْهَدْي فِي الْقرَان
(2/471)
لما يدْخل الْحَج من النُّقْصَان قيل لَهُم
فَإِذا كَانَ الْهَدْي انما هُوَ لنُقْصَان الْحَج كَمَا ذكرْتُمْ فَهُوَ
من امْر مَنَاسِك الْحَج وَلم ينْتَظر بِهِ مضى ايام الْحَج وَلَا يذبح
حَتَّى تمْضِي ايام الْحَج انما يَنْبَغِي ان يقْضِي مَنَاسِك الْحَج فِي
ايام الْحَج وَإِذا كَانَ هَذَا الْهَدْي لنُقْصَان دخل الْحَج قضى فِي
ايام الْحَج لَيْسَ لهَذَا القَوْل معنى عندنَا
الْأَمر فِي هَذَا كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة يذبح يَوْم النَّحْر وَلَا
يحلق الرجل حَتَّى يذبحه لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَلَا تحلقوا رؤوسكم
حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله}
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ اُخْبُرْنَا
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل الاسدي ان سُلَيْمَان بن يسَار
اخبره ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام حجَّة الْوَدَاع كَانَ
من اصحابه من أهل بِالْحَجِّ وَمِنْهُم من جمع الْحَج وَالْعمْرَة
وَمِنْهُم من أهل بِعُمْرَة قَالَ فَحل من كَانَ أهل بِالْعُمْرَةِ فَأَما
من كَانَ أهل بِالْحَجِّ أَو جمع الْحَج وَالْعمْرَة
(2/472)
فَلم يحل
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مَالك بن انس قَالَ اُخْبُرْنَا
صَدَقَة بن يسَار الْمَكِّيّ قَالَ سَمِعت عبد الله بن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا ودخلنا عَلَيْهِ قبل يَوْم التَّرويَة بيومين أَو ثَلَاثَة وَدخل
عَلَيْهِ النَّاس يسألونه فَدخل عَلَيْهِ رجل من أهل الْيمن ثَائِر
الرَّأْس فَقَالَ يَا ابا عبد الرَّحْمَن اني ضفرت رَأْسِي واحرمت
بِعُمْرَة مُفْردَة فَمَاذَا ترى فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا
لَو كنت مَعَك حِين احرمت لأمرتك ان تهل بهما جَمِيعًا فَإِذا قدمت طفت
بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وَكنت على احرامك لَا يحل مِنْك شَيْء حَتَّى
تحل مِنْهُمَا جَمِيعًا يَوْم النَّحْر وتنحر هديك وَقَالَ لَهُ ابْن عمر
خُذ مَا تطاير من شعرك
(2/473)
واهد فَقَالَت لَهُ امْرَأَة فِي الْبَيْت
وَمَا هَدْيه يَا ابا عبد الرَّحْمَن قَالَ هَدْيه ثَلَاثًا كل ذَلِك
يَقُول ابْن عمر هَدْيه قَالَ ثمَّ سكت ابْن عمر حَتَّى إِذا اردنا
الْخُرُوج قَالَ اما وَالله لَو لم اجد الا شَاة لَكَانَ ذَبحهَا احب الى
من ان اصوم قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَهَذَا ابْن عمر قَالَ لَو كنت مَعَك
لأمرتك ان تهل بهما جَمِيعًا وَلم يقل لأمرتك ان تفرد الْحَج فَكيف
رَأَيْتُمْ افراد الْحَج دون الْقرَان وَقد قَالَ ابْن عمر هَذَا القَوْل
وانتم تروونه ثمَّ تَدعُونَهُ
- بَاب الرجل الَّذِي يمر بالمعرس من ذِي الحليفة رَاجعا من مَكَّة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة فِي رجل مر بالمعرس من ذِي الحليفة
(2/474)
رَاجعا من مَكَّة فان احب ان يعرس بِهِ
حَتَّى يُصَلِّي فِيهِ فعل وَلَيْسَ ذَلِك بِوَاجِب عَلَيْهِ وَقَالَ أهل
الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي لأحد ان يُجَاوز المعرس إِذا قفل حَتَّى
يُصَلِّي فِيهِ فان عرس فِي غير وَقت صَلَاة فَليقمْ حَتَّى تحل الصَّلَاة
ثمَّ صلى مَا بدا لَهُ وَقَالَ مُحَمَّد بلغنَا ان رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم عرس بِهِ
(2/475)
وان عبد الله بن عمر اناخ بِهِ وَلَيْسَ
هَذَا عندنَا من الامر الْوَاجِب الَّذِي لابد مِنْهُ انما هُوَ مثل منزل
نزله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من منَازِل الطَّرِيق بِمَكَّة
فقد نزل بِغَيْر منزل وَقد بلغنَا عَن ابْن عمر انه كَانَ يتبع مَنَازِله
تِلْكَ فَينزل بهَا فَكَذَلِك يتبع من المعرس مَا يتبع من غَيره وَلَا نرى
ابْن عمر رأى ذَلِك وَاجِبا على النَّاس وَلَو كَانَ هَذَا من
(2/476)
الْوَاجِب لقَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم واصحابه قولا ابين من الْفِعْل حَتَّى يعرفهُ النَّاس
بالْقَوْل دون الْفِعْل تمّ كتاب الْمَنَاسِك وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله واصحابه وَسلم
(2/477)
|