الحجة على أهل المدينة

// كتاب الْبيُوع
//
- بَاب مَا يكره من بيع الرَّقِيق وَالْحَيَوَان
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن أبي حنيفَة قَالَ لَا يجوز بيع شَيْء من الْحَيَوَان من الرَّقِيق وَلَا غَيره بِشَيْء من الْحَيَوَانَات الرَّقِيق وَلَا غَيره نسيئه لَان الْحَيَوَان لَا يجوز فِيهِ السّلم وَقَالَ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ انه نهى عَن السّلم فِي الْحَيَوَان وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بَان يبْتَاع

(2/479)


العَبْد الفصيح التَّاجِر بالاعبد من الْحَبَشَة أَو من جنس من الاجناس لَيْسُوا مثله فِي الفصاحة وَلَا فِي التِّجَارَة والنفاذ والمعرفة فَلَا بَأْس بِهَذَا ان يَشْتَرِي عينه بالعبدين أَو بالاعبد الى اجل مَعْلُوم إِذا اخْتلف فَبَان اختلافه فان اشبه بعضه بَعْضًا حَتَّى يتقارب فَلَا ياخذ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِد الى اجل مَعْلُوم وان اخْتلفت اجناسهم وَلَا بَأْس مَعَ ذَلِك بَان تبيع مَا اشْتريت من ذَلِك قبل ان تستوفيه إِذا انتقدت ثمنه من غير صَاحبه الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن لَو جَازَ بيع الْحَيَوَان نَسِيئَة حَتَّى يكون العَبْد والامة دينا كَمَا يكون فِي الْحِنْطَة وَالشعِير لجَاز للرجل ان يقترض من الرجل

(2/480)


العَبْد فَيكون عَلَيْهِ عبد مثله دينا فيستخدمه شهرا ثمَّ ان شَاءَ رده بِعَيْنِه فقضاه اياه وَإِن شَاءَ اعطاه مثله ويستقرض ايضا الْجَارِيَة وَهِي ثيب فيطأها زَمَانا ثمَّ يردهَا بِغَيْر صدَاق فَمَا اعظم هَذَا القَوْل ان يَقُول قَائِل ان الْعرُوض تستقرض قرضا فتوطأ ثمَّ ترد ثمَّ قُلْتُمْ ايضا لَا بَأْس بَان يَبِيع ذَلِك إِذا انتقد ثمنه من غير صَاحبه وَهُوَ دين يُؤدى
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة لَو جَازَ هَذَا مَا استقام ان تبيع مَا اشْتريت مِنْهُ الى اجل مَعْلُوم من غير الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ انتقدت ثمنه أَو لم تنتقد لانه دين لَا تَدْرِي ايخرج ام لَا يخرج فَذَلِك غرر لَا يجوز وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْغرَر وَقَالَ مُحَمَّد قد جَاءَت

(2/481)


فِي عدم جَوَاز بيع الْحَيَوَان نَسِيئَة آثَار كَثِيرَة لَا يحْتَاج مَعهَا الى نظر وَقِيَاس
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا حَمَّاد عَن ابراهيم قَالَ

(2/482)


دفع عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ الى زيد بن خليدة الْبكْرِيّ مَالا مُضَارَبَة فَأسلم زيد الى عتريس بن عرقوب الشَّيْبَانِيّ فِي قَلَائِص فَلَمَّا

(2/483)


حلت اخذ بَعْضًا وَبَقِي بعض فأعسر عتريس وبلغه ان المَال لعبد الله ابْن مَسْعُود فَأَتَاهُ ليسترفقه فَقَالَ لَهُ عبد الله افْعَل زيد ذَلِك قَالَ نعم فَأرْسل اليه فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ عبد الله ارْدُدْ مَا اخذت وَخذ راس مَالك وَلَا تسلم مالنا فِي شَيْء من الْحَيَوَان
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عتبَة بن عبد الله

(2/484)


ابْن مَسْعُود عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ عمر

(2/485)


ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ انكم تَزْعُمُونَ انا نعلم ابواب الرِّبَا ولان اكون أعلمها احب الى من ان يكون لي مثل مصر وكورها وَلَكِن مِنْهَا ابواب لَا يكون يخفين على اُحْدُ ان يبْتَاع الثَّمَرَة وَهِي معصفة

(2/486)


لما تطب أَو يسلم فِي شَيْء من السن أَو يبْتَاع الذَّهَب بالورق وَالْوَرق بِالذَّهَب نسأ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا هِشَام بن أبي عبد الله صَاحب الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن الْحسن ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع

(2/487)


الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس انه سمع ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَسَأَلَهُ رجل عَن الْبَعِير بالبعيرين نَسِيئَة قَالَ لَا آمُرك

(2/488)


اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابْن أبي ذِئْب قَالَ اُخْبُرْنَا يزِيد بن عبد الله بن

(2/489)


قسيط عَن ابي الْحسن البراد عَن بعض اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ

(2/490)


وَآله وَسلم انه ينْهَى عَن بيع الشَّاة بالشاتين وَالْبَعِير بالبعيرين الى اجل
اُخْبُرْنَا أَبُو حَرْبِيّ قَالَ حَدثنِي يحيى بن أبي كثير اليمامي قَالَ حَدثنِي

(2/493)


رجل قَالَ قَالَ رجل لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَسَأَلَهُ عَن بيع

(2/494)


الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة قَالَ لَا يصلح تِلْكَ بالرؤس نَسِيئَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ عَن الْمُغيرَة الضَّبِّيّ عَن ابراهيم قَالَ اسْلَمْ شُرَيْح فِي وصيفتين صبيحتين فصيحتين من لغتهما وَاشْترط ان يوافى بهما من دون النَّهر بخراسان فَأتى بالوصيفتين فكره ذَلِك فردهما واخد رَأس مَاله
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا بَأْس بِالْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نسأ

(2/495)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة وَسَأَلَهُ رجل وانا شَاهد عَن جمع

(2/496)


الاختين قَالَ حرمتهما آيَة واحلتهما آيَة اخرى وَسَأَلَهُ عَن الْبَعِير بالبعيرين نَسِيئَة قَالَ لَا يصلح

(2/497)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حرَّة وَاصل بن عبد الرَّحْمَن عَن مُحَمَّد بن سِيرِين ان عتريس بن عرقوب اسلف فِي قَلَائِص فَلَمَّا قدم الرجل وَحل مَاله اتاه ابْن حَيَّان فَقَالَ لَا تعطه شَيْئا حَتَّى تأتى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فتساله عَنهُ فَأتى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ ردوا عَلَيْهِ رَأس مَاله وَكَرِهَهُ
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابراهيم بن مُحَمَّد المدينى قَالَ اُخْبُرْنَا عبد الله بن أبي بكر ابْن حزم عَن سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه كَانَ يكره بيع الْبَعِير بالبعيرين الى اجل وَالله أعلم

(2/498)


- بَاب الاقالة وَمَا أشبههَا
-
قَالَ مُحَمَّد عَن أبي حنفة قَالَ فِي الرجل يبْتَاع العَبْد أَو الامة

(2/499)


بِمِائَة دِينَار الى اجل ثمَّ ينْدَم البَائِع فَيسْأَل الْمُبْتَاع ان يقيله بِعشْرَة دَنَانِير يَدْفَعهَا اليه نَقْدا أَو الى اجل ويمحو عَنهُ الْمِائَة دِينَار الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ أَو ينْدَم الْمُبْتَاع فيسال البَائِع ان يقيله فِي الْجَارِيَة أَو العَبْد ويزيده عشرَة دَنَانِير نَقْدا إِلَى اجل ابعد من الاجل الَّذِي اشْترى اليه العَبْد أَو الْجَارِيَة قَالَ ذَلِك كُله اقالة جَائِزَة على الثّمن الأول وَالزِّيَادَة مِنْهُمَا جَمِيعًا بَاطِلَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان كَانَت الزِّيَادَة من البَائِع فَهِيَ جَائِزَة وان كَانَت الزِّيَادَة من الْمُبْتَاع فان ذَلِك لَا يَنْبَغِي وَقَالَ مُحَمَّد لَيْسَ سبيلهما الا وَاحِد لَان هَذَا انما يكون على احدى منزلتين اما ان يكون نقض بيع فَيكون على الاصل وَيبْطل الزيادتان واما ان يكون بِمَنْزِلَة البيع الْمُسْتَقْبل فَيبْطل الامران جَمِيعًا لانه بيع مَا لم يقبض وَلَا يجوز مَا صنعا وَيكون الامر على حَاله

(2/500)


الأول فَمن قَالَ بِغَيْر وَاحِد من هذَيْن الْقَوْلَيْنِ أَو فرق بَين الزيادتين فَهُوَ منحكم فِي ذَلِك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة وانما يكره ذَلِك لَان البَائِع كَأَنَّهُ بَاعَ

(2/501)


مَا اشْترى وَعشرَة دَنَانِير مَعَه بِمِائَة دِينَار الى اجل ابعد من السّنة فَقُلْنَا لَهُم وَهَذَا لم يكن بِهِ بَأْس لَو بَاعَ مَا اشْترى بعد مَا قَبضه وَعشرَة دَنَانِير مَعَه بِمِائَة دِينَار الى اجل كَانَ جَائِزا إِذا كَانَت الزِّيَادَة الَّتِي مَعَ العَبْد أَو الامة قد دَفعهَا اليه وَكَانَ قد قبض ثمن العَبْد أَو الامة لَان الدَّنَانِير كَانَت الى اجل قبل الشِّرَاء فَلَو ان صَاحبهَا بَاعهَا من الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ بِجَارِيَة وَعشرَة دَنَانِير فعجلها لَهُ وَقبض مِنْهُ الدَّنَانِير الْعشْرَة جَازَ ذَلِك لَان الدّين إِذا وَقع بِهِ البيع برِئ مِنْهُ صَاحبه فَصَارَ كَأَنَّهُ نقد وَلَا يشبه هَذَا ان يكون مِنْهُ شَيْء مُؤخر بعد وُقُوع البيع تِلْكَ السّنة الَّتِي نهى عَنْهَا فَأَما مَا كَانَ من دين قبل البيع فَصَارَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ ثمنا يبرأ مِنْهُ بِوُقُوع البيع فَلَا بَأْس بذلك ارايتم لَو ان رجلا كَانَ لَهُ على رجل مائَة دِينَار الى اجل فَبَاعَهَا مِنْهُ بِدَرَاهِم يصرفهَا حَالَة وَقبض الدَّرَاهِم لَهُ يجْزِيه ذَلِك فَكَذَا هَذَا

(2/502)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي عبدا فَمَاله للْبَائِع الا ان يشْتَرط الْمُبْتَاع
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من اشْترى عبدا فَمَاله للْبَائِع الا ان يشْتَرط الْمُبْتَاع فان اشْترط ذَلِك الْمُبْتَاع نظر فِي مَاله فان كَانَ الثّمن وَرقا وَكَانَ من مَال العَبْد ورق يكون مثل الْوَرق أَو أَكثر أَو دين للْعَبد على انسان لم يحل البيع لَان الدّين من غرر لَا يدْرِي ايخرج ام لَا يخرج وَالْوَرق ان كَانَ مثل الثّمن وَالثمن ورق أَو أَكثر فَهَذَا الْوَرق بِمِثْلِهَا زِيَادَة فَهَذَا وَنَحْوه الَّذِي نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَقَالَ اهل

(2/503)


الْمَدِينَة إِذا اشْترط الْمُبْتَاع مَال العَبْد فَهُوَ لَهُ نَقْدا كَانَ أَو دينا أَو عرضا يعلم أَو لَا يعلم وان كَانَ للْعَبد من المَال أَكثر مِمَّا اشْترى بِهِ نَقْدا أَو دينا أَو عرضا فَهُوَ جَائِز
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن زعم أهل الْمَدِينَة ان رجلا لَو اشْترى من رجل عبدا وَكَانَ للْعَبد من المَال الف دِرْهَم فَاشْترى العَبْد وَاشْترط مَاله وَكَانَ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم ان ذَلِك جَائِز يكون العَبْد للْمُشْتَرِي والالف الدِّرْهَم الَّتِي لَهُ بِخَمْسِمِائَة مَا اعظم هَذَا القَوْل وَقَالُوا ايضا ان كَانَ

(2/504)


الالف دينا للْعَبد جَازَت فِي البيع اكان للْمُشْتَرِي العَبْد والالف الَّذِي نقد بِخَمْسِمِائَة نَقْدا فَصَارَ خَمْسمِائَة نَقْدا بالف دِرْهَم وَبِعَبْد قَالَ وَقُلْنَا لَهُم ايضا ارايتم رجلا اشْترى عبدا وَاشْترط مَاله الف دِرْهَم فَاشْترى ذَلِك بِخَمْسِمِائَة فَقبض الالف وَالْعَبْد ثمَّ اعطى

(2/505)


البَائِع من الالف بِعَينهَا الْخَمْسمِائَةِ الثّمن أَلَيْسَ يبْقى لَهُ عبد وَخَمْسمِائة بِغَيْر ثمن اداه الى البَائِع وَيدخل عَلَيْهِم ايضا اشد من هَذَا رجل اشْترى عبدا بِأَلف دِرْهَم الى سنة وَاشْترط مَاله وَلِلْعَبْدِ الف دِينَار على رجل الى سنة ان ذَلِك فِي قَوْلهم جَائِز فَيكون لَهُ العَبْد بِأَلف الى سنة وَيكون لَهُ الالف ايضا الى اجلها بالف الى سنة بِدَنَانِير الى اجل قَالَ وَيدخل عَلَيْهِم ايضا اعظم من هَذَا رجل اشْترى من رجل عبدا بِخَمْسِمِائَة دِرْهَم الى سنة وَلِلْعَبْدِ على المُشْتَرِي الف دِرْهَم الى سنة فَاشْترى العَبْد وَاشْترط مَاله فَحل المَال انه يُؤدى خَمْسمِائَة بِخَمْسِمِائَة مِمَّا عَلَيْهِ وَيكون لَهُ خَمْسمِائَة وَيَأْخُذ العَبْد بِغَيْر شَيْء فَإِذا كَانَت الدَّرَاهِم الدّين يجوز بِالدَّرَاهِمِ الدّين وَهِي أَكثر مِنْهَا فَأَيْنَ الرِّبَا الَّذِي نهى عَنهُ الله عز وَجل فِي كِتَابه واين الرِّبَا الَّذِي نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ فَقَالَ كل رَبًّا

(2/506)


مَوْضُوع تَحت قدمي هَاتين قَالُوا انما ذَلِك الدَّرَاهِم بِالدَّرَاهِمِ الى اجل قيل لَهُم فَهَذَا دَرَاهِم بِدَرَاهِم الى اجل فَقَالُوا هَذَا اشْترى العَبْد بِمَالِه قيل لَهُم وانما حلت الدَّرَاهِم بِالدَّرَاهِمِ الى اجل لانها مَعهَا عبد مَا أَهْون

(2/507)


هَذِه الْحِيلَة فِي الرِّبَا ان كَانَت تجوز إِذا اراد الرّجلَانِ ان يربيا ادخلا مَعَ اُحْدُ الْمَالَيْنِ عبدا فان كَانَ العَبْد مَعَ أَكثر الْمَالَيْنِ قَالُوا انما اشْترى العَبْد وَلم يشرط مَاله أَو اشْترط قَالُوا نعم قيل لَهُم افيتبعه مَاله ان لم يَشْتَرِطه فِي البيع لانه لم يدْخل قبل الِاشْتِرَاط قَالُوا لَا قيل لَهُم فانما يتبعهُ إِذا اشْتَرَطَهُ قَالُوا نعم قيل لَهُم فَهَذَا يدلكم على ان المَال قد دخل فِي البيع لانه لم يدْخل قبل الِاشْتِرَاط
ارايتم رجلا اشْترى نَخْلَة بموضعها من الارض وفيهَا ثَمَر يكون ثَلَاثَة آصَع فاشتراها وَثَمَرهَا بصاعين من ثمره ايجوز هَذَا فَيَنْبَغِي ان يجوز فِي قَوْلكُم فَيكون قد اخذ نَخْلَة وموضعها من الارض وَثَلَاثَة آصَع من ثَمَر بصاعين فَيقبض ايضا النَّخْلَة وَثَمَرهَا فَيَأْخُذ من الثَّمر صَاعَيْنِ

(2/508)


فيؤديه الى البَائِع وَيبقى لَهُ نَخْلَة واصلها وَصَاع من الثَّمر بِغَيْر شَيْء قَالُوا وَهَذَا يشبه العَبْد وَمَاله قيل لَهُم للْحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَاعَ نخلا مؤبرا فثمرته للْبَائِع إِلَّا ان يشْتَرط البيو الْمُبْتَاع والْحَدِيث وَاحِد وَلَيْسَ يَنْبَغِي لهذين أَن يَتَفَرَّقَا فَإِنَّمَا تَفْسِير حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عندنَا على مَا يحل من ذَلِك وَيجوز فِيهِ البيع فَأَما مَا يكون رَبًّا فَلَيْسَ الحَدِيث - وَالله أعلم تكْرَار من ص 480 إل ص 502

(2/509)


بِغَيْر الْبَرَاءَة فَقبض مَا اشْترى فَأصَاب العَبْد شَيْء أَو حدث بِهِ عيب فِي الايام الثَّلَاثَة أَو بعد ذَلِك من جُنُون أَو برص أَو جذام أَو غير ذَلِك لم يقدر المُشْتَرِي على ان يرد العَبْد بِمَا حدث عِنْده لانه حدث عِنْده فَكيف يردهُ بِأَمْر قد حدث عِنْده وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مَا اصاب العَبْد أَو الْجَارِيَة عِنْد المُشْتَرِي فِي الايام الثَّلَاثَة حَتَّى تَنْقَضِي الثَّلَاثَة فَهُوَ من البَائِع فَإِذا مَضَت الثَّلَاثَة لم يردهُ من شَيْء اصاب بعد الثَّلَاثَة الا من ثَلَاث خِصَال الْجُنُون والجذام والبرص فَإِذا اصابه شَيْء من هَذِه الثَّلَاثَة الْخِصَال فِي السّنة من حِين يَشْتَرِي رده بذلك فَإِذا مَضَت السّنة فقد برِئ البَائِع من الْعهْدَة كلهَا وَمن بَاعَ عبدا اَوْ أمة من أهل الْمِيرَاث أَو غَيرهم بِالْبَرَاءَةِ فقد برِئ من كل عيب وَلَا عَهده عَلَيْهِ الا ان يكون علم عَيْبا فكتمه فان كَانَ علم عَيْبا

(2/510)


لم تَنْفَعهُ الْبَرَاءَة وَكَانَ ذَلِك البيع مردودا وَلَا عُهْدَة عندنَا إِلَّا فِي الرَّقِيق
وَقَالَ مُحَمَّد وبلغنا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ انه بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ وَلَو لم ير ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ذَلِك جَائِزا لما بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ فان قَالُوا ان ابْن عمر انما بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ لانه لم يعلم عَيْبا قيل لَهُم فَلم ابى ان يحلف

(2/511)


حِين استحلفه عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَلَو يعلم فِيمَا يرى لحلف فان قَالُوا بئس مَا وصفتم بِهِ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حَيْثُ تَزْعُمُونَ انه علم عَيْبا وَلم يُبينهُ قيل لَهُم ان ابْن عمر رأى ان إِبْرَاء المُشْتَرِي اياه من الْعُيُوب يَأْتِي على ذَلِك كُله وَرَأى ذَلِك وَاسِعًا فِيمَا يرى حِين ابرأه المُشْتَرِي من كل عيب فان قَالُوا ان عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قد رأى مَا قُلْنَا قُلْنَا لَهُم اجل قد رأى مَا قُلْتُمْ وَرَأى عبد الله بن عمر مَا قُلْنَا فَمن اخذ بقول عبد الله بن عمر لم يسيء فَهُوَ امام من ائمة الْمُسلمين مَعَ مَا بلغنَا فِي ذَلِك عَن زيد بن ثَابت

(2/512)


وَقَالَ مُحَمَّد ارايتم قَوْلكُم فِي عُهْدَة الثَّلَاثَة وعهدة السّنة فَمن فسره لكم على مَا وصفتم فَقَالَ مَا اصاب العَبْد أَو الامة فِي الثَّلَاثَة بعد قبض المُشْتَرِي اياه فَهُوَ من مَال البَائِع فاذ مَضَت الثَّلَاث كَانَ من المُشْتَرِي وَلم يردهُ وَمَا كَانَ رُوِيَ فِي هَذَا حَدِيثا مُفَسرًا كَمَا فسرتموه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا عَن أحد من أَصْحَابه وَلَو كَانَ عنْدكُمْ فِي ذَلِك حَدِيث مُفَسّر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عَن

(2/513)


اُحْدُ من اصحابه لاحتججتم بِهِ وانما هَذَا راي مِنْكُم اصطلحتم عَلَيْهِ وَلَيْسَ يقبل هَذَا مِنْكُم على مَا ذكرْتُمْ الا بِالْحجَّةِ والبرهان كَيفَ فرقتم بَين الرَّقِيق فِي هَذَا وَبَين الدَّوَابّ وَهِي حَيَوَان يحدث فِيهَا شَيْء كَمَا يحدث فِي الْحَيَوَان وَيكرهُ فِيهَا الادواء وَلَا يعرف فَيظْهر عِنْد المُشْتَرِي كَمَا يظْهر فِي الرَّقِيق فَمن ايْنَ افترق هَذَا
ارايتم لَو قَالَ أهل الْبَصْرَة فَإنَّا نجْعَل الْعهْدَة فِي الدَّوَابّ فِي الثَّلَاث وَالسّنة كَمَا قَالَ أهل الْمَدِينَة ونبطلها فِي الرَّقِيق فَبِأَي حجَّة كُنَّا نرد عَلَيْهِم لَيْسَ بَين هَذِه الاشياء فرق وَلَا يقدر المُشْتَرِي بعد الْقَبْض على رد شَيْء مِمَّا اشْترى الا بِعَيْب يعلم انه كَانَ عِنْد البَائِع وَكَيف ادّعى أهل الْمَدِينَة ان الْجُنُون والبرص والجذام لَا يحدث عِنْد المُشْتَرِي فِي السّنة الَّتِي وقتوا وَقد يكون العَبْد والامة صَحِيحَيْنِ ثمَّ يحدث ذَلِك بهما فِي الْيَوْم أَو فِي الشَّهْر أَو فِي السّنة وَالْجُنُون قد يحدث فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة فَكيف جعل يرد بذلك وهم لَا يذكرُونَ لَعَلَّ ذَلِك حَادث قد حدث عِنْده فِي السّنة بِغَيْر سَبَب كَانَ مِنْهُ فِي يَد البَائِع مَا اعلمهم ردوا بذلك على البَائِع بِيَقِين علموه وَلَا بِظَنّ ظنوه

(2/514)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة فيطأها ثمَّ يُصِيب بهَا عَيْبا فيريد ردهَا
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة قَالَ من اشْترى وليدة فأصابها ثمَّ وجد بهَا عَيْبا وَهِي بكر أَو ثيب فانه لَا يقدر على ردهَا وَلكنه يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب من الثّمن يقسم الثّمن على قيمَة الْجَارِيَة لَا عيب فِيهَا ثمَّ تقوم وَبهَا الْعَيْب الَّذِي وجد فَينْظر فضل مَا بَينهمَا من الْقيمَة فَيرد عَلَيْهِ حِصَّة ذَلِك

(2/518)


قَالَ مُحَمَّد وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة عَن الْهَيْثَم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة فيطأها ثمَّ يجد بهَا عَيْبا قَالَ لَا يَسْتَطِيع ردهَا وَيرجع بِنُقْصَان الْعَيْب
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن ابان بن صَالح قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن

(2/519)


مُحَمَّد عَن ابيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه قَالَ من اشْترى جَارِيَة فَوجدَ بهَا عَيْبا فَوَطِئَهَا الزمناه اياه وَلَيْسَ بالجارية لما نقد البَائِع من الْعَيْب قَالَ يقومها وَلَيْسَ بهَا عيب ويقومها وَبهَا عيب ثمَّ

(2/520)


يرد على المُشْتَرِي مَا بَين الْقِيمَتَيْنِ
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد بن ابيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ فِي الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة فيطأها ثمَّ يجد بهَا عَيْبا قَالَ يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان من رد وليدة من عيب وجده بهَا وَكَانَ قد اصابها انها ان كَانَت بكرا ردهَا وَعَلِيهِ مَا نقص من ثمنهَا وان كَانَت ثَيِّبًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي اصابته اياها شَيْء لانه كَانَ ضَامِنا لَهَا

(2/521)


وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف ترد بِغَيْر مهرهَا وَقد اصابها المُشْتَرِي هَل رَأَيْتُمْ جماعا لَا يجب فِيهِ مهر وَلَا حد وَهُوَ يُرِيد ان ينْقض البيع حَتَّى يردهَا الى البَائِع مَا كَانَت عَلَيْهِ وَيَأْخُذ الثّمن كُله ان كَانَ الوطؤ لم ينقصها فَكيف يَأْخُذ الثّمن كُله وَيرد الْجَارِيَة حَتَّى تصير فِي يَد البَائِع كَأَنَّهُ لم يبعها وَقد اصابها المُشْتَرِي زَمَانا فَلم يلْزم لذَلِك عقر وانما القَوْل فِي هَذَا اُحْدُ الْقَوْلَيْنِ اما قَول عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ ان المُشْتَرِي لَا يَسْتَطِيع ردهَا بِوَطْئِهِ اياها وَلكنه يرجع بِنُقْصَان الْعَيْب المدلس لَهُ من ثمنهَا وَهَذَا القَوْل الَّذِي اخذ بِهِ أَبُو حنيفَة واما ان يردهَا وَيرد عقرهَا وَيَأْخُذ

(2/522)


الثّمن كُله فاما ان يردهَا وَقد وَطئهَا دهرا طَويلا وَيَأْخُذ الثّمن كُله ان كَانَ الوطؤ لم ينقصها وَلَا يكون عَلَيْهِ مهرهَا فَهَذَا غير مَقْبُول من اهله لَا يكون الوطؤ مجَّانا ابدا وَالله اعْلَم
- بَاب الرجل يَشْتَرِي الرَّقِيق صَفْقَة وَاحِدَة فيجد فيهم عبدا مسروقا
-
قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن ابْتَاعَ رَقِيقا فِي صَفْقَة وَاحِدَة فَوجدَ فِي ذَلِك الرَّقِيق عبدا مسروقا أَو وجد بِعَبْد مِنْهُم عَيْبا قَالَ ان كَانَ لم لم يقبض العَبْد فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان شَاءَ اخذهم جَمِيعًا وَالْعَبْد الَّذِي بِهِ الْعَيْب مَعَهم وَلَا يوضع عَنهُ للعيب شَيْء وَلَيْسَ لَهُ ان يرد بَعضهم دون بعض فان كَانَ وجد مِنْهُم عبدا مسروقا رفع عَنهُ بِقدر حِصَّته من جَمِيع الثّمن وان كَانَ قبض جَمِيع مَا اشْترى لزمَه مَا بَقِي وَرجع بِحِصَّة الْمَسْرُوق من الثّمن وَيرد الَّذِي بِهِ الْعَيْب خَاصَّة وَرجع بِحِصَّتِهِ من الثّمن لانه إِذا قبض فقد استوفى مَا اشْترى فَلَيْسَ لَهُ رد مَا سلم لَهُ على شَرطه فانما يرد مَا لم يسلم لَهُ وَإِذا لم يقبض فَلم يسلم لَهُ مَا اشْترى فَلهُ ان يرد جَمِيع مَا اشْترى حَتَّى يسلم لَهُ

(2/523)


كَمَا اشْترى وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من اشْترى رَقِيقا فِي صَفْقَة وَاحِدَة فَوجدَ فِي ذَلِك الرَّقِيق عبدا مسروقا أَو وجد بِعَبْد مِنْهُم عَيْبا فانه ينظر فِيمَا وجد مسروقا أَو وجد بِهِ عَيْبا فان كَانَ هُوَ وَجه ذَلِك الرَّقِيق أَو أَكثر ثمنا أَو من اجله اشْترى وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْفضل لَو سلم فِيمَا يرى النَّاس كَانَ ذَلِك البيع مردودا كُله وان كَانَ الَّذِي وجد مسروقا أَو وجد بِهِ عَيْبا من ذَلِك الرَّقِيق فِي الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ لَيْسَ هُوَ وَجه ذَلِك الرَّقِيق وَلَا من اجله اشْترى وَلَا فِيهِ فضل فِيمَا يرى النَّاس رد ذَلِك الَّذِي وجد بِهِ الْعَيْب أَو وجد مسروقا بِعَيْنِه بِقدر قِيمَته من الثّمن الَّذِي اشْترى بِهِ أُولَئِكَ الرَّقِيق
قَالَ مُحَمَّد كَيفَ فرق أهل الْمَدِينَة بَين وَجه العَبْد وَغَيره إِذا لم يقبض

(2/524)


المُشْتَرِي مَا اشْترى أَلَيْسَ مَا لم يسلم لَهُ مَا اشْترى كَمَا اشْترى فَكيف يلْزمه إِذا لم يكن بذلك وَجه البيع كانهم لَا يرَوْنَ الثّمن يقسم على الرَّقِيق على قدر الْفضل وَغَيره فَيلْزم كل عبد بِحِصَّة من ذَلِك وَيكون الرفيع بِحِصَّتِهِ والوضيع بِحِصَّتِهِ حَتَّى لَا يدْخل عَلَيْهِم فِي ذَلِك ضَرَر فِي اسْتِحْقَاق الافضل وَغَيره فاذ كَانَ انما يكون على قدر الْقيم بِالْحِصَصِ والوضيع والرفيع فِي الِاسْتِحْقَاق سَوَاء فِيمَا أَدخل عَلَيْهِ من الضَّرَر فَكيف فرقوا بَين هَذَا وَلَيْسَ بَينهم افْتِرَاق لَان الرفيع والوضيع إِذا قسم الثّمن على قيمتهمَا صَارَت حِصَّة الرفيع أَكثر فَاسْتَوَى الامران فِي ذَلِك الرفيع والوضيع
- بَاب الرجل يَشْتَرِي الامة وَيشْتَرط عَلَيْهِ ان لَا يَبِيعهَا
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى جَارِيَة على شَرط ان

(2/525)


لَا يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا أَو مَا اشبه هَذَا من الشُّرُوط فانه لَا يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي ان يَطَأهَا للشّرط لانه لَا يملكهَا ملكا تَاما لانه قد اسْتثْنى عَلَيْهِ فِيهَا مَا ملكه بيد غَيره فَإِذا دخل هَذَا الشَّرْط لم يصلح وَكَانَ البيع بيعا مَكْرُوها وَكَذَلِكَ قَالَ أهل الْمَدِينَة فِي هَذَا بقول أبي حنيفَة وَقد قَالَ غَيرنَا وَغَيرهم ان البيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل

(2/526)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي الثَّمَرَة أَو الْبِطِّيخ والقثاء يُرِيد بَيْعه
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة من بَاعَ ثَمَرَة من بطيخ أَو قثاء أَو جزر قد بدا صَلَاحه فبيعه حَلَال جَائِز وان شَرط تَركه لم يجز البيع وانما يكون لَهُ مَا كَانَ خَارِجا يَوْم اشْتَرَاهُ فَأَما مَا خرج بعد ذَلِك فَلَيْسَ لَهُ وان اشْترط المُشْتَرِي فِي شِرَائِهِ ان يكون لَهُ مَا يحدث كَانَ الشِّرَاء فَاسِدا لانه اشْترط شَيْئا غررا مَجْهُولا لَا يدْرِي يخرج أَو لَا يخرج وَلَكِن ان اراد ان يَشْتَرِي شِرَاء صَحِيحا فليشتر مَا ظهر وَخرج من ذَلِك وليسلم لَهُ البَائِع مَا بَقِي على وَجه الصِّلَة وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي البيع فَيكون البيع فَاسِدا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي بيع الْبِطِّيخ والقثاء والخربز والجزر ان بَيْعه إِذا بدا صَلَاحه جَائِز ثمَّ يكون للْمُشْتَرِي مَا نبت بعد ذَلِك حَتَّى تَنْقَطِع ثَمَرَته وَيهْلك وَلَيْسَ فِي ذَلِك وَقت يُوَقت وَذَلِكَ ان وقته فِي قَوْلهم

(2/543)


مَعْرُوف عِنْد النَّاس وَرُبمَا دَخلته العاهة فَقطعت ثَمَرَته قبل ان يَأْتِي ذَلِك الْوَقْت فَإِذا دَخلته العاهة بجائحه تبلغ الثُّلُث أَو أَكثر فَصَاعِدا كَانَ ذَلِك مَوْضُوعا عَن الَّذِي ابتاعه
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف يجوز لَهُ مَا اشْترى مِمَّا لم ينْبت بعد وَلم يخلق وَلم يكن وَلم يبد صَلَاحه ارايتم مَا ينْبت بعد الرّجْعَة

(2/544)


من الرّجْعَة قَالُوا نعم وَلَو اصابته جَائِحَة تبلغ الثُّلُث أَو أَكثر كَانَ من مَال البَائِع وان كَانَ اقل من الثُّلُث كَانَ من مَال المُشْتَرِي قيل لَهُم فَكيف جَازَ بيع مَا لم يكن وَله حِصَّة من الثّمن وَهُوَ غرر لَا يدْرِي ايكون ام لَا يكون وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْغرَر وَبيع الْغرَر

(2/545)


بيع مَا لم يكن وَمَا لم يخلق وَمَا يدريكم مَا حِصَّته مَا لم يخرج من الثَّمَرَة وَرُبمَا زكى فَخرج كثير وَرُبمَا خرج قَلِيل بِغَيْر جَائِحَة تجتاحه وَرُبمَا خرج وسط لَيْسَ بالكثير وَلَا بِالْقَلِيلِ فَإِذا كَانَ هَكَذَا فَمَا علمكُم بِحِصَّة مَا لم يكن وَمَا يدريكم إِذا أَصَابَته جَائِحَة أَنَّهَا تكون الثُّلُث أَو أَكثر أَو أقل وَالَّذِي يخرج يقل أَو يكثر مَا تقضون فِي هَذَا عندنَا إِلَّا بالظنون إِذا أُجِيز بيع مَا لم يكن وَلم يخلق وَجعلت لَهُ حِصَّة من الثّمن فَأَي الْغرَر الَّذِي نهى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نهى عَن بيع الْغرَر وانتم لَا تخالفونه فِي هَذَا الحَدِيث مَا يكون من الْغرَر شَيْء اقبح من هَذَا لانه بَاعَ مالم يكن وَلم يخلق وَلَا يدْرِي ايكون ام لَا يكون فأخذتموه وجعلتم لَهُ حِصَّة من الثّمن لَئِن جَازَ هَذَا مَا يَنْبَغِي ان يبطل شَيْء من بيع الْغرَر

(2/546)


- بَاب بيع الْعرية
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة فِي بِعْ الْعرية ان كَانَت حَقًا لصَاحِبهَا فِي كل عرية فَكَانَت لَهُ نَخْلَة باصلها فِي حَائِط رجل غَيره فأخرجت

(2/547)


ثمرا فَبَاعَ صَاحب النَّخْلَة ثَمَر النَّخْلَة من صَاحب الْحَائِط بِخرْصِهَا من التَّمْر الى اجل أَو حَال أَو الى انصرام فَلَا خير فِيهِ وان كَانَ انما

(2/548)


عراه اياها صَاحب النّخل على وَجه الصِّلَة ثمَّ كَانَ جعل مَكَانهَا بِخرْصِهَا تَمرا الى انصرام أَو الى اجل وانما هَذِه صلَة كلهَا لم تقبض وان وفى بهَا صَاحب الْحَائِط فَذَلِك الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ والا لم يجْبر عَلَيْهِ فِي الْقَضَاء
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة انما الْعرية ان يعْطى الرجل الرجل من نخله تمر نَخْلَة مِنْهَا ثمَّ يثقل عَلَيْهِ دُخُوله حَائِطه فَيَقُول لَك بِخرْصِهَا تَمرا الى انصرام

(2/549)


فَهَذَا جَائِز وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِب يلْزمه فِي الحكم
وَقَالَ مُحَمَّد وَلَو كَانَ امرا وَاجِبا يلْزمه فِي الحكم لَكَانَ كَغَيْرِهِ من الْبيُوع وَمَا جَازَ ان يُبَاع تمر بخرصه الى اجل وَلكنه صلَة لم يقبضهَا الَّذِي وصل بهَا لانها فِي رَأس النَّخْلَة على حَالهَا فَلَو شَاءَ صَاحب النَّخْلَة ان يمنعهُ اياها مَنعه فاما ان اعطاه بِخرْصِهَا تَمرا الى الجداد كَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة أول صلَة فَلذَلِك جوزناه وَلَو كَانَ امرا لَازِما مَا جَازَ الا ترى

(2/550)


ان أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ لَا يجوز لصَاحب الْعرية ان يَبِيعهَا الا مِمَّن الْحَائِط لَهُ مِمَّن لَهُ ثَمَر بِخرْصِهَا حَتَّى يقبضهَا الْمُبْتَاع والعرية فِي قَوْلهم ان يعْطى الرجل شَجَرَة فِي حَائِط يَأْكُل ثمره فَهَكَذَا زعم أهل الْمَدِينَة ان الْعرية تكون فَإِذا كَانَت على هَذَا فانما هِيَ صلَة من صَاحب الْحَائِط وَالله اعْلَم

(2/552)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي حَائِطا فِيهِ ثَمَر ويقبضه ويخلى لَهُ البَائِع ثمَّ يُصِيبهُ بعد الْقَبْض آفَة
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى حَائِطا فِيهِ ثَمَر قد بدا صَلَاحه فَقَبضهُ وخلى البَائِع بَينه وَبَين صَاحبه فَأَصَابَهُ بعد الْقَبْض آفَة اذهبت الثَّمر كُله أَو بعضه قل ذَلِك أَو كثر فَجَمِيع مَا ذهب من ذَلِك من مَال المُشْتَرِي لانه قَبضه وَذهب ذَلِك وَهُوَ فِي ضَمَانه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مَا ذهب من ذَلِك الى الثُّلُث فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي فَإِذا كَانَ الثُّلُث فَصَاعِدا وضع ذَلِك عَن المُشْتَرِي
قَالَ مُحَمَّد مَا سَبِيل الْقَلِيل وَالْكثير فِي ذَلِك الا سَوَاء مَا فرق بَين الثُّلُث فَصَاعِدا وَمَا بَين اقل من ذَلِك وَقد ذهب ذَلِك فِي قبض المُشْتَرِي وضمانه ارايتم لَو ان قَائِلا قَالَ فَانِي اجْعَل ذَلِك الى النّصْف فَإِذا بَقِي الْأَكْثَر وَذهب اقل من النّصْف شَيْء قَلِيل الا ان الَّذِي بَقِي أَكثر من الَّذِي ذهب فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي وَإِذا كَانَ الَّذِي ذهب أَكثر من الَّذِي بَقِي كَانَ من مَال البَائِع وَلم يعرف قَوْلكُم الَّذِي قُلْتُمْ فِي الثُّلُث وَزعم انه خطأ أَي شَيْء كُنْتُم تدخلون عَلَيْهِ مَا زَاد ان ادّعى كَمَا ادعيتم فقلتم الى الثُّلُث وَقَالَ هَؤُلَاءِ الى النّصْف فلئن جَازَت الدَّعْوَى لاهلها بِغَيْر سنة

(2/556)


وَلَا اثر لتجوزن لغيركم كَمَا تجوز لكم وَلَقَد جَاءَت الاثار عَنْكُم بِخِلَاف مَا قُلْتُمْ عَن عُثْمَان بن عَفَّان وَسعد بن أبي وَقاص وَغَيره رَضِي الله عَنْهُم انما الامر فِي هَذَا امْر وَاحِد إِذا قبض المُشْتَرِي مَا اشْترى وخلى البَائِع بَينه وَبَينه فَصَارَ فِي ضَمَانه فَمَا هلك مِنْهُ من قَلِيل أَو كثير فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي وَإِذا لم يقبض المُشْتَرِي مَا اشْترى فَمَا ذهب مِنْهُ من قَلِيل أَو كثير فَهُوَ من مَال البَائِع لانه هلك فِي ضَمَان البَائِع قبل ان يُسلمهُ الى المُشْتَرِي
مُحَمَّد قَالَ اخبرني مُحَمَّد بن عمر بن وَاقد الاسلمي قَالَ اخبرني مُوسَى

(2/557)


ابْن ابراهيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن ابيه عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن سعد

(2/558)


ابْن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ انه ابْتَاعَ من عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ عنبا لَهُ بالعقيق فجَاء بِالْبَيِّنَةِ انه كَانَ بَاعه على انه كَانَ اصابه الْجَرَاد فأذهبه أَو اكثره فاختصما الى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَقضى بِالثّمن وافيا على عبد الرَّحْمَن برد الثّمن الى سعد وَقَالَ هُوَ من مَال الله من على هَذَا وابتلاك بِهِ

(2/559)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مُحَمَّد بن عمر بن وَاقد قَالَ حَدثنَا عبد الحميد بن عمرَان ابْن أبي انس عَن ابيه قَالَ سَالَتْ سُلَيْمَان بن يسَار عَن الْجَائِحَة قَالَ يُؤْخَذ ثمنهَا قَالَ قلت ان هَؤُلَاءِ يقضون بهَا قَالَ أخطأوا اما سعد ابْن أبي وَقاص فَأَخذهَا وَلَو كَانَ حَرَامًا لم يَأْخُذهُ فَإِذا كَانَ عُثْمَان

(2/560)


ابْن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قد قضى بهَا على عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ فِي جمَاعَة من اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَضي عَنْهُم اجمعين فَلم يرد ذَلِك عَلَيْهِ وَلم يعب بِهِ واستحل اخذ الثّمن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ فَأَيْنَ قَوْلكُم مَا عنْدكُمْ فِي هَذَا اثر تحتجون بِهِ عَن مثل هَؤُلَاءِ عَلمته وَلَو كَانَ عنْدكُمْ لاحتججتم بِهِ وَمَا كُنْتُم لتدعون ذَلِك فِيمَا نرى
- بَاب الرجل يَبِيع ثَمَر حَائِط قد بلغ وَيسْتَثْنى بعضه
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة من بَاعَ ثَمَر حَائِط قد بلغ وانْتهى وَاسْتثنى بعضه فان كَانَ اسْتثْنى ثلثا أَو ربعا أَو نصفا أَو شَيْئا مَعْرُوفا فَهُوَ جَائِز وان كَانَ اسْتثْنى من الثَّمر شَيْئا مَجْهُولا لم يجز ذَلِك وَمن الْمَجْهُول ان يَقُول ابيعك ثَمَر حائطي هَذَا الا ثَلَاث نخلات من كرم النّخل وَلَا يسميها بِعَينهَا وَنَحْو ذَلِك فَيكون فَاسِدا فان سمى وَقَالَ الا هَذِه النَّخْلَة وَهَذِه النَّخْلَة فَلَا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي الرجل إِذا بَاعَ ثَمَر حَائِطه ان لَهُ ان يسْتَثْنى من ثَمَر حَائِطه مَا بَينه وَبَين ثلث الثَّمر لَا يُجَاوز ذَلِك وَمَا كَانَ دون

(2/561)


ذَلِك فَلَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد مَا سَبِيل الثُّلُث وَمَا كثر مِنْهُ وَمَا قل الا سَوَاء فَكيف افترق هَذَا لَئِن جَازَ اقل من الثُّلُث ليجوزن الثُّلُث وليجوزن اكثر من الثُّلُث ارايتم رجلا لَا يُرِيد من بيع ثَمَر نَخْلَة الا نصفه فَبَاعَ النّصْف وَاسْتثنى النّصْف اما يجوز هَذَا ارايتم ان قَالَ ابيعك ثَمَر نخلي هَذَا الا نصفه فَيكون بيني وَبَيْنك نقوم عَلَيْهِ جَمِيعًا ونجده جَمِيعًا فنكون شَرِيكَيْنِ فِيهِ مَا الَّذِي يبطل هَذَا اخبروني عَنْكُم انكم تَقولُونَ هَذَا فِي غير ثَمَر

(2/562)


النّخل ارايتم رجلا بَاعَ غنما قدم بهَا وَاسْتثنى نصفهَا اما يجوز هَذَا فان كَانَ هَذَا يجوز فَكيف يبطل الأول ارايتم رجلا قدم بِشَيْء من مصر فَبَاعَ نصفه أَو بَاعَ كُله وَاسْتثنى نصفه اما يجوز هَذَا فان كَانَ هَذَا يجوز فَهُوَ وَالثَّمَر سَوَاء فَيَنْبَغِي ان يجوز الثَّمر كلهَا كَمَا يجوز هَذَا وان كَانَ هَذَا ايضا لَا يجوز فَهُوَ مثل الثَّمر فعمن اخذتم هَذَا ارايتم لَو ان أهل الْبَصْرَة قَالُوا انا نجيز البيع إِذا اسْتثْنى الثُّلُث أَي شَيْء كُنَّا نقُول لَهُم مَا حجتكم الا حجتهم وَمَا بَين الثُّلُث وَالرّبع فرق فِي هَذَا وَمَا لكم ان تجبروا النَّاس على قَوْلكُم بِغَيْر بَيِّنَة وَلَا برهَان فان كَانَ عنْدكُمْ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا اثر أَو عَن اُحْدُ من اصحابه انه اجاز الِاسْتِثْنَاء فِي الثُّلُث وابطله فِي أَكثر من ذَلِك فاخبرونا مَا ان تَقولُوا الا برأيكم ثمَّ تفَرقُوا بَين شَيْئَيْنِ لَيْسَ بَينهمَا افْتِرَاق هَذَا لَا يقبل مِنْكُم ان الدَّعْوَى بِغَيْر بَيِّنَة لَا يقْضِي بهَا لصَاحِبهَا
- بَاب الرجل يَشْتَرِي ثَلَاثَة آصَع رطب نخل مُسَمّى
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى من رجل ثَلَاثَة آصَع من رطب نخل مُسَمّى قد بلغ رطبه أَو خَمْسَة ارطال من لبن غنم مُسَمّى بِثمن وَنقد الثّمن على ان يَأْخُذ مِنْهُ كل يَوْم صَاعا أَو كل يَوْم رطلا من اللَّبن فَذَلِك فَاسد

(2/563)


لانه لم يشتر شَيْئا من الثَّمر بِعَيْنِه وَلَو اشْتَرَاهُ ايضا بِعَيْنِه مَا استقام لَهُ تَأْخِيره فاما اللَّبن فَلَا يجوز على حَال لانه غرر لَا يدْرِي ايكون ام لَا يكون وَقَالَ مُحَمَّد لَو جَازَ بيع اللَّبن فِي الضروع أَو جَازَ بيع مَا يَأْتِي مِنْهُ وَلَيْسَ فِي الضروع يَوْم اشْترى اللَّبن لجَاز بيع الْوَلَد فِي الْبَطن وَمَا بَينهمَا فرق ولجاز بيع اللَّحْم قبل ان يذبح الشَّاة
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة البيع فِي الثَّمر وَاللَّبن الَّذِي وصفناه جَائِز إِذا ابْتَدَأَ المُشْتَرِي فِي اخذه عِنْد دَفعه الثّمن وَكَذَلِكَ كل شَيْء كَانَ حَاضرا فيشتري على وَجهه مثل اللَّبن إِذا حلب وَالرّطب إِذا جنى فَيَأْخُذ الْمُبْتَاع يَوْمًا بِيَوْم فَلَا بَأْس بِهِ فان فني قبل ان يسْتَوْفى المُشْتَرِي مَا اشْترى رد عَلَيْهِ البَائِع من الثّمن بِحِسَاب مَا بَقِي أَو يَأْخُذ مِنْهُ المُشْتَرِي مبلغه بِمَا بَقِي لَهُ

(2/564)


يتراضيان عَلَيْهِ وَلَا يُفَارِقهُ حَتَّى يَأْخُذهَا فان فَارقه فان ذَلِك مَكْرُوه لانه يدْخلهُ الدّين بِالدّينِ قَالَ مُحَمَّد وَكَيف جَازَ هَذَا وَلم يشتر رطبا بِعَيْنِه انما اشْترى مِنْهُ مكيلة غير مَعْرُوفَة بِعَينهَا ارايتم لَو كَانَ قبض ذَلِك فَقَبضهُ يَوْمًا ثمَّ جَاءَ من الْغَد فَوجدَ الرطب قد اصابته آفَة أَكَانَ يجوز وَقد جَاءَ الاثر انه لَا يَنْبَغِي ان يسلم فِي زرع مَعْلُوم وَلَا فِي ثَمَر حَائِط مَعْلُوم وانما يبطل ذَلِك لانه لَا يبْقى فِي ايدي النَّاس

(2/565)


وَقَول أهل الْمَدِينَة ايضا ان ابْتَدَأَ الاخذ جَازَ لَهُ بِمَا بَقِي ان يَأْخُذهُ وَلَا يَأْخُذ الا بعد ايام كَيفَ استقام ذَلِك لَئِن كَانَ يجوز مَا يُؤْخَذ الى شهر مَا يُؤْخَذ الْيَوْم انه ليجوز وان لم يُؤْخَذ مَا بَقِي مَا وَجب وَلَئِن كَانَ مَا وَجب يبطل فَكَذَا هَذَا هَل رايتم شَيْئا من الْبيُوع يجيزها قبض بَعْضهَا دون بعض فيبطلها قبض بَعْضهَا دون بعض وَيجوز اخذها بِقَبض أَولهَا هَذَا الامر لَا يَسْتَقِيم وَلَا يجوز وَالله اعْلَم
- بَاب الرجل يسْتَأْجر عبد بِعَيْنِه أَو يتكارى رَاحِلَة بِعَينهَا
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة من اسْتَأْجر عبدا بِعَيْنِه أَو تكارى رَاحِلَة بِعَينهَا الى اجل فَقَالَ اتكارى مثل راحلتك هَذِه بِكَذَا وَكَذَا درهما على ان تحملنِي الى مَكَّة فِي شهر كَذَا وَكَذَا بِغَيْر لشهر الَّذِي هُوَ فِيهِ أَو قَالَ

(2/566)


أستأجر مِنْك هَذَا العَبْد يخدمني الشَّهْر الدَّاخِل كُله بِكَذَا وَكَذَا ان هَذَا جَائِز لَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يصلح هَذَا وان كَانَ قد أوفاه الْكِرَاء لانه لم يقبض مَا استكرى أَو اسْتَأْجر وَلَا هُوَ سالفه فِي دين يكون مَضْمُونا حَتَّى يُوفيه اياه
وَقَالَ مُحَمَّد لَا بَأْس بِهَذَا رجل اتاه رجل لَهُ منزل فَقَالَ ان الشَّهْر قد مضى مِنْهُ الايام فلست اكترى مِنْك هَذِه الايام وَلَكِن اكتري مِنْك مَنْزِلك بِسنة من أول الشَّهْر الدَّاخِل بِكَذَا وَكَذَا درهما واوفاه الْكِرَاء أَي شَيْء يكره من هَذَا ولأي شَيْء

(2/567)


كره قَالُوا لانه غير مَضْمُون قيل لَهُم وان كَانَ غير مَضْمُون فَمَا بَأْس بذلك قَالُوا لانه لَا يقبض مَا اكترى وَلم يجب لَهُ بعد وانما يجب لَهُ إِذا مضى الشَّهْر قيل لَهُم لقد وضعتم الْكَرَاهَة فِي غير موضعهَا هَل سَمِعْتُمْ فِي هَذَا اثرا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عَن اُحْدُ من اصحابه لَو سَمِعْتُمْ ذَلِك لاحتججتم بِهِ مَا زَالَ الْمُسلمُونَ على انه لَا بَأْس بالسلف فِي الْكِرَاء الى مَكَّة قبل الْحَج باشهر يعلمُونَ ذَلِك ويستجيزونه فِيمَا بَينهم وَلَو لم يجز هَذَا لما جَازَ ان يستكرى الْمنزل شَهْرَيْن هَذَا الشَّهْر بِخَمْسَة دَرَاهِم والشهر الآخر بِسِتَّة دَرَاهِم الا فِي الشَّهْر الأول خَاصَّة لَان الشَّهْر الثَّانِي لم يقبض وَمَا يجوز الْكِرَاء فِي الشَّهْر الاخر بَان يقبض فِي الشَّهْر الأول وَمَا رَأينَا قبض شَيْء اجازه غَيره مَا لم يقبض مَا اعْلَم مَا تقضون بِهِ فِي بيوعكم عَامَّة الا ادِّعَاء تدعون بِهِ بِلَا بَيِّنَة وَلَا برهَان وَلَا أثر
وَقد زعمتم انكم لَسْتُم فِي شَيْء من علمكُم احسن نظرا مِنْكُم فِي بيوعكم وان النَّاس يشاركونكم فِي بعض النّظر فَإِذا جَاءَت الْبيُوع لم يكن لَاحَدَّ مَعكُمْ قَول وَلَا نظر فَهَذِهِ بيوعكم فعامتها ادِّعَاء بِلَا حجَّة وَلَا برهَان

(2/568)


فان كَانَ هَذَا يجوز للنَّاس فَكل من قَالَ قولا بِلَا حجَّة فَهُوَ لَا يشبه بعضه بَعْضًا فَيُفَرق فِيهِ بَين مُجْتَمع وَيجمع فِيهِ بَين متفرق فَهُوَ فهمه يجوز قَوْله فان كَانَ هَذَا وَمثله هَكَذَا فَمَا صنع النَّاس بِالنّظرِ وَضرب الامثال فِي الْعلم حَتَّى يشبهوا الشَّيْء بنظيره اذا استقام هَذَا للنَّاس فَلَا حَاجَة للنَّاس الى نظر وَلَا مثل وَقد قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ خلاف ذَلِك فِي كِتَابه الى أبي مُوسَى

(2/569)


الاشعري رَضِي الله عَنهُ وَإِلَى غَيره فَقَالَ الْفَهم الْفَهم عِنْدَمَا يتخلخل فِي صدرك مِمَّا لَيْسَ فِي الْكتاب وَلَا السّنة ثمَّ اعرف الاشباه والامثال وَقس الامور عِنْد ذَلِك وَلَو كَانَ هَذَا على مَا تَقولُونَ من الادعاء والتفريق بَين الْمُجْتَمع فِي النَّظَائِر والامثال مَا احْتَاجَ عمر الى الْكتاب بِهَذَا

(2/570)


- بَاب الصّرْف
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس ان يَشْتَرِي الرجل الذَّهَب بِالْفِضَّةِ جزَافا تبرا كَانَ أَو حليا أَو دَرَاهِم أَو دَنَانِير إِذا عزل ذَلِك فَقَالَ ابيعك هَذَا الذَّهَب بِهَذِهِ الْفضة أَو قَالَ ابيعك هَذِه الدَّنَانِير بِهَذِهِ الدَّرَاهِم فَلَا بَأْس بذلك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بشرَاء ذَلِك إِذا كَانَ تبرا أَو حليا مصوغا فاما دَرَاهِم بِدَنَانِير فَلَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ ان يَشْتَرِي شَيْئا من ذَلِك جزَافا حَتَّى يعلم ويعد
وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله وَكَيف ابطلتم الدَّنَانِير بِالدَّرَاهِمِ جزَافا واجزتم تبر الذَّهَب بتبر الْفضة جزَافا واجزتم تبر الْفضة بتبر الذَّهَب جزَافا فان قَالُوا هَذَا نقد قيل لَهُم فان التبر يُوزن ايضا وَالْوَزْن أولى فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة من الْعدَد ارايتم رجلا بَاعَ عشرَة دَرَاهِم بِعشْرَة دَنَانِير الْيَسْ جَائِزا قَالُوا بلَى قيل لَهُم فان بَاعَ مائَة دِرْهَم بِعشْرَة دَنَانِير قَالُوا جَائِز

(2/571)


ايضا قيل لَهُم فان بَاعَ مائَة دِينَار بِعشْرَة دَرَاهِم قَالُوا جَائِز ايضا قيل لَهُم فَهَل يخرج الدَّنَانِير الْجزَاف بِالدَّرَاهِمِ الْجزَاف من ان يكون على اُحْدُ الْخِصَال اما ان يكون وزنا بِوَزْن واما ان يكون اُحْدُ الصِّنْفَيْنِ أَكثر من صَاحبه قَالُوا لَا يخرج الْجزَاف من احدى هَذِه الْخِصَال قيل لَهُم فَإِذا لم يخرج الْجزَاف من احدى هَذِه الْخِصَال لم يفْسد البيع وانتم تجيزون البيع على أَي هَذِه الْخِصَال كَانَ واي شَيْء ابطل الْجزَاف وَهُوَ لَو كَانَ على احدى هَذِه الْخِصَال لم يفْسد البيع فَإِذا كَانَ لَيْسَ يبطل على وَجه من هَذِه الْوُجُوه إِذا عرف فَكيف بَطل حِين لم يعرف وَهُوَ لم يخرج من وَجه من هَذِه الْوُجُوه الْمَعْرُوفَة وَالله اعْلَم بِالصَّوَابِ

(2/572)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي سَيْفا أَو مُصحفا أَو خَاتمًا
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى مُصحفا أَو سَيْفا أَو خَاتمًا فِيهِ

(2/573)


فص وَفِي شَيْء من ذَلِك فضه بِدَرَاهِم نظر فِي تِلْكَ الدَّرَاهِم فان كَانَت أَكثر مِمَّا فِيهِ من الْفضة جَازَ البيع لَان الْفضة تكون بِمِثْلِهَا من الدَّرَاهِم فَيكون فضل الدَّرَاهِم بالمصحف أَو السَّيْف أَو الفص الَّذِي فِي الْخَاتم وان كَانَت الدَّرَاهِم وَزنهَا مثل الْفضة أَو اقل فسد البيع وان كَانَت لَا يدْرِي الْفضة أَكثر من الدَّرَاهِم ام لَا فسد البيع ايضا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ينظر الى قيمَة ذَلِك الَّذِي فِيهِ الْفضة فان كَانَت قيمَة ذَلِك الثُّلثَيْنِ وَقِيمَة مَا فِيهِ من الْفضة الثُّلُث فَذَلِك جَائِز لَا بَأْس بِهِ إِذا كَانَ يدا بيد
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ ينظر فِي هَذَا الى الْقيمَة وَالْفِضَّة الردية وَالْفِضَّة

(2/574)


الجيدة لَا يجوز الا مثلا بِمثل ارايتم ان كَانَت الْفضة الردية قيمتهَا الثُّلُث أَلَيْسَ ذَلِك جَائِزا قَالُوا بلَى قيل لَهُم فان كَانَت فضَّة جَيِّدَة قيمتهَا أَكثر من الثُّلُث بجودتها قَالُوا يفْسد البيع قُلْنَا لَهُم وَكَيف افْتَرَقت الْفضة الجيدة وَالْفِضَّة الردية وَكَيف جَازَ لكم ان تجيزوا الثُّلُث وتبطلوا أَكثر من ذَلِك هَل فِي هَذَا سنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو اثر عَن اُحْدُ من إصحابه ان كَانَ ذَلِك فاخبرونا قَالُوا هَكَذَا الامر عندنَا قُلْنَا لَهُم ارايتم ان قَالَ غَيْركُمْ نَحن نرَاهُ على النّصْف فَإِذا كَانَت الْقيمَة النّصْف اجزاه وان كَانَت أَكثر من النّصْف ابطلناه أَي شَيْء يَنْبَغِي لنا ان نقُول لَهُم فقد قَالَ قوم كثير هَذَا جَائِز وان كَانَ فِيهِ الف دِرْهَم بِمِائَة دِرْهَم فاي شَيْء يرد حكم من تحكم فِي هَذَا لَئِن جَازَ لكم الثُّلُث ليجوزن لمن قَالَ النّصْف وَلَئِن جَازَ لمن قَالَ النّصْف ليجوزن لمن قَالَ إِذا كَانَ فِي الْمُصحف اوالسيف من الْفضة وزن الدَّرَاهِم وَقِيمَته مائَة دِرْهَم فَلَا بَأْس بَان يَبِيع ذَلِك بِدَرَاهِم لَيْسَ ينظر فِي هَذَا الى مَا قُلْتُمْ وانما قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفضة بِالْفِضَّةِ وزنا بِوَزْن فَإِذا

(2/575)


اشْترى سَيْفا محلى وزن حليته مائَة دِرْهَم بِمِائَة دِرْهَم وَقِيمَة السَّيْف مائَة دِرْهَم قُلْنَا هَذَا بَاطِل لانه اشْترى فضَّة بوزنها وَبَقِي السَّيْف بِغَيْر ثمن ولابد لَهُ من الثّمن فان جعلنَا لَهُ من ثمنه صَارَت الْفضة بَاقِل من وَزنهَا فَيبْطل البيع حَتَّى يكون الثّمن من الْفضة أَكثر من الْفضة الَّتِي فِي السَّيْف فَيكون الْفضة بِالْفِضَّةِ والحمائل والجفن بباقي الْفضة
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن أبي معشر عَن ابراهيم النَّخعِيّ فِي شِرَاء السَّيْف الْمحلى قَالَ لَا بَأْس إِذا كَانَ حليته اقل من الثّمن

(2/576)


اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ حَدثنَا عمر بن عَامر عَن حَمَّاد عَن ابراهيم انه يكره شِرَاء السَّيْف الْمحلى بِوَزْن الْفضة وَلَا يرى باسا بَان يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ من حِصَّته فَيكون الْفضة بِالْفِضَّةِ وَالْفضل بِالْفَضْلِ

(2/577)


- بَاب الرجل يصطرف عِنْد الرجل دَرَاهِم بِدَنَانِير
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا اصطرف الرجل الدَّرَاهِم عِنْد الرجل بِدَنَانِير فَقبض الدَّرَاهِم وَدفع الدَّنَانِير وتفرقا ثمَّ وجد فِيهَا درهما زائفا

(2/581)


الا انه فضَّة غير انه زائف فضَّة سوء ردية فاستبدله فان كَانَ ستوقا أَو رصاصا فانه يردهُ وينتفض من الدَّنَانِير بِحِسَابِهِ فان كَانَ اصطرف عِنْده الدَّنَانِير بِعشْرَة دَرَاهِم رده عَلَيْهِ وَرجع اليه بِعشْرَة دَنَانِير وَجَاز الصّرْف فِيمَا بَقِي وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا اصطرف الرجل دَرَاهِم بِدَنَانِير ثمَّ وجد فِيهَا دِرْهَمَيْنِ زائفين فاراد رده انْتقض صرف تِلْكَ الدَّنَانِير ورد اليه ورقه واخذ مِنْهُ ديناره
وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله اخبرونا عَن بَقِيَّة الدَّرَاهِم الَّتِي كَانَت بِالدَّنَانِيرِ لم بطلت وَلم انْتقض البيع فِيهَا مَا يَنْبَغِي ان يسْقط هَذَا عَن اُحْدُ قَالُوا لَان الصّرْف لَا يكون الا مَقْصُودا قُلْنَا لَهُم صَدقْتُمْ لَا يكون الذَّهَب بالورق الا هَاء وهاء وَقد قبض هَذَا الدَّنَانِير وَقبض الآخر الدَّرَاهِم

(2/582)


فَإِذا وجد فيهمَا درهما زائفا فَهُوَ على احدى المنزلتين اما ان تَقولُوا كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَقد كَانَ قَبضه وَهُوَ فضَّة فَوجدَ فِيهَا عَيْبا فَيردهُ ويستبدله واما ان تَقولُوا برده وَيبْطل الصّرْف فِي حِصَّته خَاصَّة فاما ان يبطل الصّرْف فِي الدَّنَانِير كلهَا فَكيف كَانَ هَذَا وَالله اعْلَم

(2/583)


- بَاب الرجل يراطل الرجل الذَّهَب بِالذَّهَب
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة من راطل ذَهَبا بِالذَّهَب فَكَانَ بَين الذهبين فضل مِثْقَال فاعطى صَاحبه قِيمَته من الْوَرق أَو الْعين أَو غير ذَلِك فَلَا بَأْس يكون الذَّهَب بِمثلِهِ والمثقال بِالَّذِي اعطاه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي ان يَأْخُذهُ فَإِن ذَلِك قَبِيح وذريعة الى الرِّبَا يَعْنِي بالذريعة السَّبِيل
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف كَانَ ذَلِك ذَرِيعَة الى الرِّبَا قَالُوا لَان هَذَا لَو جَازَ

(2/584)


لَهُ ان يَأْخُذ المثقال بِقِيمَتِه حَتَّى كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ على حِدته جَازَ لَهُ ان يَأْخُذ المثقال بِقِيمَتِه مرَارًا قُلْنَا لَهُم وَمَا بَين ان يَأْخُذ المثقال بِقِيمَتِه مرَارًا أَو يَأْخُذهُ مرّة فرق هَذَا كُله جَائِز انما نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان يَأْخُذ ذَهَبا بِذَهَب أَكثر مِنْهَا وَإِذا اعطي بِالْفَضْلِ الَّذِي مَعَ احدهما شَيْئا فَمَا بَأْس بذلك انما فر الْقَوْم من الْحَرَام وارادوا الدُّخُول فِي الْحَلَال فان قُلْتُمْ نتهمهم على هَذَا قُلْنَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يبطل الاشياء بالتهم ولعمري انه يَنْبَغِي لكم ان تُبْطِلُوا الاشياء بالتهم لانكم قد قُلْتُمْ فِي الْقسَامَة بالتهم وَالْقَتْل اشد الاشياء وَكَيف يبطل الْيَقِين بِموضع التُّهْمَة وَقد قَالَ الله تَعَالَى {إِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا}
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا عُثْمَان بن الاسود عَن مُجَاهِد فِي الرجل يكون لَهُ على الرجل دِينَارَانِ موقتان فيعطيه شاميين فَيَأْخُذ فضل مَا بَينهمَا دَرَاهِم انه لَا يرى بَأْسا

(2/585)


- بَاب الرجل يراطل الرجل فيعطيه الذَّهَب الْعتْق
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة فِي الرجل يراطل الرجل الذَّهَب فيعطيه الذَّهَب الْعتْق الْجِيَاد وَيجْعَل مَعهَا تبرا ذَهَبا غير جَيِّدَة وَيَأْخُذ من صَاحبه ذَهَبا كوفية مقطعَة وَتلك الكوفية مَكْرُوهَة عِنْد النَّاس فيتبايعان بذلك مثلا بِمثل لَا فضل بَينهمَا فِي الْوَزْن ان ذَلِك جَائِز لَا بَأْس بِهِ لَان ردئ الذَّهَب وجيد سَوَاء وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يجوز
وَقَالَ مُحَمَّد لم لَا يجوز ذَلِك قَالُوا لَان صَاحب الذَّهَب الْجِيَاد اخذ فضل عُيُون ذهبه فِي التبر الَّذِي طرح مَعَ ذهبه وَلَوْلَا فضل ذهبه على ذهب صَاحبه لم يراطله صَاحبه بتبره ذَلِك الى ذهبه الكوفية قيل لَهُم قد صَدقْتُمْ الامر كَمَا قُلْتُمْ انما راطله بِفضل ذهبه اخبرونا مِنْهُمَا الْيَسْ قد تبَايعا ذَلِك وزنا بِوَزْن قَالُوا بلَى قُلْنَا فَلَيْسَ يفْسد هَذَا كُله هَكَذَا مَا قُلْتُمْ هَذَانِ رجلَانِ ارادا ان يفرا مِمَّا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/586)


بِأخذ الذَّهَب أَكثر من وَزنهَا مصنعا هَذَا ليحل لَهما الامر فاما ان يَكُونَا مَأْجُورِينَ فِيهَا طلبا من الْحَلَال وَالْخُرُوج مِمَّا نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الذَّهَب بِالذَّهَب احدهما أَكثر وزنا من صَاحبه
- بَاب الرجل يَشْتَرِي من الرجل حِنْطَة بِدَنَانِير إِلَى اجل
-
قَالَ مُحَمَّد اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة فِيمَن اشْترى من رجل حِنْطَة بِدَنَانِير الى

(2/587)


اجل وَقبض الْحِنْطَة المُشْتَرِي وَلم يدْفع الدَّنَانِير حَتَّى اشْترِي بهَا مِنْهُ الَّذِي بَاعه الْحِنْطَة تَمرا هَذَا لَيْسَ بِهِ بَأْس وَقَالَ ان اشْترى بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي بَاعَ بهَا الْحِنْطَة تَمرا من غير بَيْعه الَّذِي بَاعه الْحِنْطَة قبل ان يقبض الدَّنَانِير واحال الَّذِي اشْترى مِنْهُ التَّمْر على غَرِيمه الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَة بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فَلَا خير فِي ذَلِك لانه اشْترى التَّمْر بذلك من غير الَّذِي عَلَيْهِ الدّين وَهَذَا من بيع الْغرَر لَان الدّين لَا يدْرِي ايخرج ام لَا يخرج وَلَا يَنْبَغِي ان يكون الْغرَر على مَال امْرِئ مُسلم وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان اشْترى بِالدَّنَانِيرِ الى اجل من بَيْعه تَمرا قبل ان يقبض الدَّنَانِير لَا خير فِيهِ

(2/588)


فَإِن ابْتَاعَ بذلك من غَيره تَمرا قبل ان يقبض الدَّنَانِير واحال الَّذِي اشْترى مِنْهُ التَّمْر على غَرِيمه الَّذِي بَاعَ مِنْهُ بِالدَّنَانِيرِ فَلَا بَأْس بِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن كَرهُوا الَّذِي لَا بَأْس بِهِ ووسعوا فِي الَّذين لَا خير فِيهِ ارايتم إِذا اشْترى من بَيْعه تَمرا فانما هُوَ بِعَيْنِه لَيْسَ بدين مَا بَأْس بذلك وَلَا شَيْء يكره ذَلِك فان قَالُوا لانه غرر قيل لَهُم فَمَا الْغرَر وَالْمَال دين عَلَيْهِ يكون مُسْتَوْفيا لَهُ من حِين يَقع البيع أَو يَقُولُوا هَذَا بيع الدّين بِالدّينِ فَلَيْسَ هَذَا بيع دين بدين فان قَالُوا هَذَا بِمَنْزِلَة الْحِنْطَة بِالتَّمْرِ وَلَا بَأْس بِبيع الْحِنْطَة بِالتَّمْرِ انما يَنْبَغِي لَهُم ان يكرهوا مَا كره أَبُو حنيفَة مَا لم يرَوا بِهِ بَأْسا ان يشترى الرجل من الرجل تَمرا بدين لَهُ على الاخر لَا يدْرِي ايخرج ام لَا يخرج فَهَذَا الْغرَر الَّذِي يكره وَلَا يَنْبَغِي وَقد جَاءَ فِي هَذَا آثَار
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن أبي الشعْثَاء ان رجلا بَاعَ طَعَاما الى اجل فجَاء يطْلب حَقه فَقَالَ لَهُ

(2/589)


صَاحب الطَّعَام لَيْسَ عِنْدِي جعل وَلَكِن خُذ مني طَعَاما فَإِذا حل الاجل فَيحل دينارك فَخذ بِهِ مَا شِئْت
- بَاب الرجل يسلف فِي الطَّعَام
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرجل يسلف فِي الطَّعَام بِسعْر مَعْلُوم الى اجل مُسَمّى فَيحل الاجل وَلَا يجد المُشْتَرِي عِنْد البَائِع الا بعض مَا يسلفه فِيهِ فان اراد ان يَسْتَوْفِي مَا وجد بسعره ويقيله فِي مَا لم يجده عِنْده وَيَأْخُذ مِنْهُ بِحِسَاب ذَلِك من الثّمن الَّذِي دفع اليه ان هَذَا جَائِز لَا بَأْس بِهِ

(2/590)


قَالَ مُحَمَّد وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا أَبُو عُثْمَان عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي السّلم يحل فَيَأْخُذ بعضه وَيَأْخُذ بعض راس المَال فِيمَا بَقِي فَقَالَ ابْن عَبَّاس هَذَا الْمَعْرُوف الْحسن الْجَمِيل وَقَالَ

(2/591)


أهل الْمَدِينَة لَا يصلح ذَلِك

(2/594)


وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف كرهتم هَذَا قَالُوا لَان هَذَا يشبه مَا نهى عَنهُ من البيع وَالسَّلَف فِي ذَلِك ذَرِيعَة الى البيع وَالسَّلَف قيل لأهل الْمَدِينَة مَا هَذَا ذَرِيعَة الى شَيْء وَمَا تبطلون بُيُوع النَّاس وصلحهم الا بالظنون وَقد قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الصُّلْح جَائِز بَين النَّاس الا صلحا احل حَرَامًا أَو حرم حَلَالا فَهَذَا صلح اصطلحا عَلَيْهِ ان يَأْخُذ بعض سلمه وَبَعض رَأس مَاله وَلَيْسَ بصلح احل حَرَامًا وَحرم حَلَالا
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن سَلمَة بن مُوسَى قَالَ سَمِعت سعيد بن جُبَير قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ذَلِك الْمَعْرُوف ان

(2/595)


تَأْخُذ بعض رَأس مَالك مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الاعلى عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس انه قَالَ هُوَ الْمَعْرُوف مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ اُخْبُرْنَا جَابر عَن نَافِع عَن ابْن عمر انه قَالَ مثل قَول ابْن عَبَّاس

(2/596)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا اسرائيل بن يُونُس قَالَ حَدثنَا عبد الاعلى الثَّعْلَبِيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كنت عِنْده فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ انى اسلمت الى رجل فِي طَعَام الف دِرْهَم فقضاني نصف مَال فَبِعْته بالف دِرْهَم واتيته اتقاضاه وَقد غلا الطَّعَام فَقَالَ خُذ مني خَمْسمِائَة دِرْهَم فَقَالَ ربحت واخذت هَذَا الْمَعْرُوف
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي رجل اسلف عشْرين درهما فِي طَعَام فَلم يجد عِنْده طَعَاما الا بِعشْرَة دَرَاهِم فَأخذ بِعشْرَة دَرَاهِم طَعَاما واخذ عشرَة دَرَاهِم فَقَالَ ذَلِك الْمَعْرُوف وَالله اعْلَم
- بَاب الرجل يسلف فِي حِنْطَة كورة كَذَا وَكَذَا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من اسْلَمْ فِي حِنْطَة شامية فَلَا بَأْس ان يَأْخُذ

(2/597)


مَحْمُولَة وَهِي حِنْطَة بَيْضَاء يجاء بهَا من مصر بعد مَحل الاجل وان اسْلَمْ فِي الْعَجْوَة من التَّمْر فَلَا بَأْس بِأَن ياخذ صيحانيا أَو جمعا وان اسْلَمْ فِي حِنْطَة فَلَا يَنْبَغِي ان يَأْخُذ شَعِيرًا لَان الشّعير غير الْحِنْطَة وَكَذَا لَا بَأْس بقفيز من حِنْطَة بقفيزين من شعير يدا بيد لانهما نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من اسلف فِي حِنْطَة فَلَا بَأْس بَان يَأْخُذ شَعِيرًا بمكيلها وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْحِنْطَة والمحمولة والصيحاني كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة وَقَالُوا لَا يصلح ان يَأْخُذ قَفِيزا من حِنْطَة بقفيزين من شعير يدا بيد لَان ذَلِك عِنْدهم نوع وَاحِد
قَالَ مُحَمَّد وَمَا بَين الْحِنْطَة وَالشعِير منع مثلين بِمثل قَالُوا لانه عندنَا نوع وَاحِد قيل لَهُم ارايتم صَدَقَة الْفطر وَغَيرهَا من الصَّدقَات الْيَسْ قد قيل فِيهَا نصف صَاع من بر أَو صَاع من تمر وشعير

(2/598)


فَلَو كَانَ الْبر وَالشعِير صنفا وَاحِد كَمَا يكون التَّمْر كُله وان اخْتلفت اصنافه صنفا وَاحِدًا مَا قيل فِي الصَّدَقَة فِي الْبر نصف صَاع وَفِي الشّعير صَاع وَيجْعَل ذَلِك شَيْئا وَاحِدًا كَمَا جعل ذَلِك فِي التَّمْر شَيْئا وَاحِدًا واصنافه مُخْتَلفَة فَهَذَا يدلكم على ان الشّعير صنف غير الْبر فَإِذا كَانَا صنفين فَلَا بَأْس ان يبْتَاع احدهما بالاخر يدا بيد واحدهما أَكثر من الاخر مَعَ مَا قد جَاءَ فِي ذَلِك من الاثار مِنْهَا حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ الَّذِي يرويهِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ لَا خير فِي الْبر الا مثلا بِمثل يدا بيد وَلَا بَأْس بِالشَّعِيرِ اثْنَان بِوَاحِد يدا بيد

(2/599)


وَمن غَيره من الاحاديث وَهَذَا حَدِيث مَعْرُوف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمَا عَلَيْكُم تروون عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا عَن اُحْدُ من اصحابه أَنه كره ذَلِك الا حَدِيثا وَاحِدًا اُخْبُرْنَا مَالك بن انس حَدثنَا نَافِع ان سُلَيْمَان بن يسَار اخبره ان عبد الرَّحْمَن بن الاسود بن عبد يَغُوث فني علف دَابَّته فَقَالَ لغلامه خُذ من حنطه اهلك فاشتر بِهِ

(2/600)


شَعِيرًا وَلَا تَأْخُذ الا مثلا بِمثل واين هَذَا من الاحاديث فِي ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن اصحابه وَمَا جَاءَ بِهِ من السّنة ان الشّعير جعل ضعف الْحِنْطَة فِي الصَّدَقَة فَقيل فِي صَدَقَة الْفطر نصف صَاع من بر أوصاع من شعير وَذكر ابراهيم بن طهْمَان عَن ايوب بن

(2/601)


أبي تَمِيمَة عَن مُسلم بن يسَار عَن أبي الاشعث الصَّنْعَانِيّ قَالَ ضمنا كَنِيسَة انا وَعبادَة بن الصَّامِت فَسَمعته يَقُول نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(2/602)


لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب وَلَا الْوَرق بالورق وَلَا التَّمْر بِالتَّمْرِ وَلَا الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ وَلَا الشّعير بِالشَّعِيرِ وَلَا الْملح بالملح الا سَوَاء بِسَوَاء عينا بِعَين فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد اربى وَلَكِن بيعوا الذَّهَب بالورق وَالْحِنْطَة بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْر بالملح يدا بيد كَيفَ شِئْتُم
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن مُسلم بن يسَار عَن أبي الاشعث الصَّنْعَانِيّ قَالَ خَطَبنَا عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ ايها النَّاس انكم احدثتم امرا مَا نَدْرِي مَا هُوَ الا وان الذَّهَب بِالذَّهَب وزنا بِوَزْن تبره وعينه الا وان الْفضة بِالْفِضَّةِ وزنا بِوَزْن تبرها وعينها وَلَا بَأْس ان يَبِيع الذَّهَب بِالْفِضَّةِ يدا بيد وَالْفِضَّة اكثرهما وَلَا يصلح نَسِيئَة الا وان الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ مدا بِمد يدا بيد وَالشعِير بِالشَّعِيرِ مدا بِمد يدا بيد

(2/604)


وَلَا بَأْس ان يَبِيع الشّعير بِالْحِنْطَةِ يدا بيد وَالشعِير اكثرهما وَلَا يصلح نَسِيئَة الا وان التَّمْر بِالتَّمْرِ مدا بِمد يدا بيد حَتَّى عد الْملح مثلا بِمثل فَمن زَاد أَو ازْدَادَ فقد اربى
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ عَن ايوب بن أبي تَمِيمَة

(2/605)


السّخْتِيَانِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن مُسلم بن يسَار وَرجل آخر عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب وَلَا الْوَرق بالورق وَلَا الْبر بِالْبرِّ وَلَا الشّعير بِالشَّعِيرِ وَلَا التَّمْر بِالتَّمْرِ وَلَا الْملح بالملح الا سَوَاء بِسَوَاء عينا بِعَين وَلَكِن بيعوا الذَّهَب بالورق وَالْوَرق بِالذَّهَب وَالْبر بِالشَّعِيرِ وَالشعِير بِالْبرِّ وَالتَّمْر بالملح وَالْملح بِالتَّمْرِ يدا بيد كَيفَ شِئْتُم قَالَ وَنقص احدهما

(2/606)


التَّمْر بالملح وَزَاد الاخر من زَاد أَو ازْدَادَ فقد اربى
- بَاب الرجل يَشْتَرِي بِثُلثي دِينَار قمحا
-
قَالَ مُحَمَّد حَدثنَا أَبُو حنيفَة فِيمَن اشْترى بِثُلثي دِينَار قمحا فَدفع دِينَارا وَيَأْخُذ مَا اشْترى من الْقَمْح وَيرد عَلَيْهِ صَاحب الْقَمْح ثلت دِينَار عينا ذَهَبا انه لَا بَأْس بِهَذَا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة يكره ان يعْطى ذَهَبا وَيَأْخُذ ذَهَبا وحنطة وَقَالَ مُحَمَّد هَذَا من ظنونكم ايضا الَّتِي تبطلون بهَا الْبيُوع مَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ من النَّاس ان يكره هَذَا مَا هَذَا وَمَا اشْتَرَاهُ من الْقَمْح بِثُلثي

(2/607)


دِينَار الا سَوَاء انما اخذ بِثُلثي دِينَار قمحا واخذ بِالثُّلثِ الْبَاقِي مثل وَزنه ذَهَبا فاي شَيْء يكره من هَذَا
- بَاب الرجل يسلف فِي طَعَام فَلَمَّا حل جَاءَ صَاحب السّلف يتقاضاه طَعَامه
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن اسلف فِي طَعَام فَلَمَّا حل جَاءَ صَاحب السّلف يطْلب طَعَامه فَقَالَ الَّذِي عِنْده الطَّعَام مَا عِنْدِي طَعَام بعنى طَعَامك الَّذِي على الى اجل فَيَقُول صَاحب الطَّعَام هَذَا لَا يصلح فَيَقُول الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَام فبعني طَعَاما إِلَى اجل حَتَّى اقضيكه ايهما يَقْضِيه ان اشْترط فِي اصل البيع انه يَبِيعهُ حَتَّى يَقْضِيه فَلَا خير فِي ذَلِك وان لم يكن بَينهمَا شَرط وَبَاعه بِمثل راس المَال الأول أَو بِأَقَلّ فَلَا بَأْس بذلك وَلَا يَقْضِيه الطَّعَام حَتَّى يَسْتَوْفِيه فَإِذا اسْتَوْفَاهُ فَلَا بَأْس بِأَن

(2/608)


يقبضهُ الاخر مِنْهُ الا بكيل وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يصلح هَذَا لَا بِشَرْط وَلَا بِغَيْر شَرط فانا نرَاهُ بَاعه ذَلِك لنَفسِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد انما يكره الشَّرْط لانه اشْترط عَلَيْهِ شرطا لَا يقدر عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ خلى بَيْعه اياه فَإِذا كَانَ لَيْسَ بَينهمَا شَرط فان شَاءَ المُشْتَرِي الطَّعَام إِذا قَبضه ان لَا يعيطيه اياه وان لَا يُعْطِيهِ غَيره فعل فَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَلَيْسَ بِهِ بَأْس وعَلى هَذَا عَامَّة امْر النَّاس ارايتم السفتجة الَّتِي يعْطى الرجل الرجل الدِّرْهَم بِالْمَدِينَةِ فَيكْتب بِمَالِه الى الْكُوفَة فيقبضها بِالْكُوفَةِ مَا بَينهمَا شَرط مَا بَأْس بِهَذَا الْيَسْ بِهَذَا بَأْس فان كَانَ اشْترط عَلَيْهِ ان يَأْخُذ الْوَرق بالورق بِالْمَدِينَةِ على ان يوفيها اياه بِالْكُوفَةِ كَانَ هَذَا فَاسد فَيَنْبَغِي لأهل الْمَدِينَة ان يفسدوا ذَلِك بِالشّرطِ وَغير الشَّرْط

(2/609)


وَهُوَ على النَّاس الَّذِي عَلَيْهِ امورهم وَقد سُئِلَ عَن هَذَا بِعَيْنِه عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ مَا لم يكن شرطا قَالَ ذكره الْحجَّاج بن ارطاة عَن عَطاء بن أبي رَبَاح ان ابْن الزبير كَانَ يقبض من التُّجَّار الْوَرق بِمَكَّة وَيكْتب بهَا لَهُم الى مُصعب بن الزبير فَسَالَ عَن ذَلِك ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ مَا لم يكن شرطا

(2/610)


- بَاب الرجل يسلف الدَّرَاهِم النَّقْص فَيَقْضِي دَرَاهِم وازنة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي من اسلف دَرَاهِم بِهِ نقص فَقضى دَرَاهِم وازنة بهَا فضل انه لَا يصلح فضل الْوَزْن الَّذِي ازْدَادَ لانه اقْتضى أَكثر من حَقه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بذلك وَهُوَ جَائِز وَقَالُوا لَا يشبه ذَلِك الشِّرَاء لَو اشْترى دَرَاهِم وازنه بِنَقص لم يحل ذَلِك
وَقَالَ مُحَمَّد يمْنَعُونَ من الْبيُوع فِي الاشياء الَّتِي يَنْبَغِي ان يشدد فِيهَا ثمَّ لَا يبرح لَهُم الامور حَتَّى يحلوا الْمَكْرُوه الْوَاضِح الْبَين ارايتم رجلا يكون عَلَيْهِ مائَة دِرْهَم لرجل ينقص من الْوَزْن درهما فَيقبض مائَة دِرْهَم فَكيف جَازَ لَهُ ان يقبض مائَة دِرْهَم وَهِي لَا تنقص شَيْئا الْيَسْ قد اخذ مثل وزن ورقه وفضلا فَهَذَا الرِّبَا عندنَا ان يُؤْخَذ بِوَرَقَة مثل وَزنهَا وَفضل قيل لَهُم فَمن ايْنَ افترق هَذَا وَالْبيع والاشتراط

(2/611)


عِنْد السّلف دَرَاهِم وازنة قَالُوا لَان ذَلِك على وَجه المكايسة وَالتِّجَارَة وَهَذَا على وَجه الْمَعْرُوف قيل لَهُم فَكيف جَاءَ هَذَا على وَجه الْمَعْرُوف وَهُوَ يَقُول هَذِه الدَّرَاهِم الوازنة قَضَاء بدراهمك النَّاقِصَة انما وَجه الْمَعْرُوف لَو اعطاه دَرَاهِم مثل دَرَاهِمه ووهب لَهُ الْفضل على غير شَرط كَانَ بَينهمَا فاما ان يَقُول لَهُ خُذ هَذِه الدَّرَاهِم الْجِيَاد الوازنة بدراهمك الردية النَّاقِصَة فَلَيْسَ هَذَا على وَجه الْمَعْرُوف وَلكنه اعطاه دَرَاهِم اوزن من دَرَاهِمه لمَكَان قرضه اياه الَّذِي اقرضه

(2/612)


- بَاب السّلم
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَنْبَغِي ان يسلم فِي طَعَام وَلَا غَيره الا بِأَجل مَعْلُوم وَكيل مَعْلُوم وَمَكَان مَعْلُوم إِذا كَانَ لَهُ حمل وَمؤنَة فان لم يكن لَهُ حمل وَلَا مُؤنَة فَلَا بَأْس بِأَن لَا يُسمى الْمَكَان ويوفيه فِي الْمَكَان الَّذِي اسْلَمْ اليه فِيهِ ولابد من ان يقبض راس المَال قبل ان يفترقا وان اسْلَمْ فِي طَعَام أَو غَيره وَلم يضْرب لَهُ اجلا لم يجز لَان هَذَا بيع مَا لَيْسَ عِنْده وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْده وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي السّلم جَائِز وان لم يضْرب لَهُ اجلا

(2/613)


إِذا نقد راس المَال قبل ان يفترقا وَيكون الَّذِي اسْلَمْ فِيهِ حَالا يَأْخُذهُ إِذا شَاءَ
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف جَازَ السّلم فِي الْحَال وَفِي الاجل فان كَانَ السّلم يجوز فِي الْحَال وَفِي الاجل فَمَا لحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معنى حِين نهى ان يَبِيع الرجل مَا لَيْسَ عِنْده وَهُوَ حَدِيث مَعْرُوف مَشْهُور قد رَوَاهُ أهل الْعرَاق وَأهل الْحجاز
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن نَافِع

(2/614)


ابْن جُبَير بن مطعم قَالَ بِعْت طَعَاما من عَمْرو بن عُثْمَان مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدِي وَمِنْه مَا عِنْدِي فَأَتَانِي رَسُول من عِنْد ابْن عَبَّاس وَمن عِنْد ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَا اما مَا يكون عنْدك فأجزه وَمَا لم يكن عنْدك فاردده

(2/615)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو هَانِئ عمر بن بشير عَن عَامر الشّعبِيّ انه سُئِلَ عَن السّلم فَقَالَ عَامر إِذا كَانَ شَيْئا مُسَمّى وقفيزا مُسَمّى فَهُوَ حَلَال
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن نجيح عَن عبد الله بن كثير عَن أبي الْمنْهَال عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قدم رَسُول الله

(2/616)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي التَّمْر السنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسلف فِي تمر فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم الى اجل مَعْلُوم

(2/617)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الْكَرِيم عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه كَانَ يكره ان يسلف الى الْعَطاء أَو الى الْعصير أَو الى الاندر وَكَانَ يَقُول اضْرِب لَهُ اجلا
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق قَالَ سَأَلت الاسود بن يزِيد عَن السّلف فَقَالَ اسلف فِي كيل مَعْلُوم الى اجل مَعْلُوم
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن قيس قَالَ سُئِلَ

(2/618)


ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وانا اسْمَع عَن السّلف فَقَالَ فِي كيل مَعْلُوم الى اجل مَعْلُوم قَالَ اخذ الرَّهْن قَالَ ذَلِك السّلف مَضْمُون وَالله اعْلَم
- بَاب الرجل يَأْخُذ الرَّغِيف بالرغيفين
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بالخبز قرص بقرصين يدا بيد وَلَا بَأْس بعظيم بصغير يدا بيد وان كَانَ بعض ذَلِك اكبر من بعض لَان ذَلِك قد خرج من الْكَيْل وَلَيْسَ مَا اصله الْوَزْن وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا خير فِي الْخبز قرصا بقرصين وَلَا عَظِيم بصغير إِذا كَانَ بعض ذَلِك اكبر من بعض فَأَما إِذا كَانَ يتحَرَّى ان يكون مثلا بِمثل فَلَا بَأْس بِهِ وان لم يُوزن
وَقَالَ مُحَمَّد ان كَانَ الْخبز لَا يجوز الا مثلا بِمثل مَا يحل التَّحَرِّي فِيهِ لَان التَّحَرِّي يُخطئ ويصيب وَيزِيد وَينْقص لَيْسَ بالخبز بَأْس يدا بيد بِزِيَادَة وَلَا نُقْصَان لانه قد خرج من حَال الْكَيْل وَلَيْسَ مِمَّا يَقع عَلَيْهِ الْوَزْن مَا تَقولُونَ فِي رجل اشْترى من رجل قمحا بقمح وَلَيْسَ عِنْدهم مكيال وَلَا ميزَان وهم فِي سفر فتحريا ايجوز ذَلِك فان اجزتم هَذَا فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يشكل خطأه على اُحْدُ لَان التَّحَرِّي يزِيد وَينْقص

(2/619)


وَقد جَاءَت السّنة فِي هَذَا لَا يجوز الا مثلا بِمثل وان قُلْتُمْ هَذَا لَا يجوز فَكيف جوزتم الْخبز بِالتَّحَرِّي وَهُوَ لَا يجوز عنْدكُمْ الا مثلا بِمثل لَيْسَ يَنْبَغِي ان يكون بَين هَذِه الاشياء افْتِرَاق الا بِسنة من قَالَ قولا فَيَنْبَغِي لَهُ ان يحصل نَظِيره بِمثلِهِ وَلَا يتحكم فِيهِ فان التحكم لَا يقبل

(2/620)


- بَاب الرجل يَبِيع الطَّعَام وَلَا يسْتَثْنى مِنْهُ شَيْئا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من بَاعَ طَعَاما جزَافا وَلم يسْتَثْن مِنْهُ شَيْئا إِذا انتقد الثّمن ثمَّ بدا لَهُ ان يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئا فان كَانَ لم يقبضهُ مِنْهُ المُشْتَرِي فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ ان يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئا قَلِيلا وَلَا كثيرا وان كَانَ المُشْتَرِي قد قَبضه فَلَا بَأْس ان يبْتَاع مِنْهُ مَا احب وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من بَاعَ طَعَاما جزَافا وَلم يسْتَثْن مِنْهُ شَيْئا ثمَّ بدا لَهُ ان يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئا فَلَا بَأْس بِأَن يَشْتَرِي مِنْهُ الثُّلُث فَمَا دونه وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ أَكثر من ذَلِك
قَالَ مُحَمَّد مَا فرق بَين الثُّلُث وَبَين اقل من الثُّلُث وَبَين أَكثر من الثُّلُث لَئِن جَازَ الثُّلُث ليحلن أَكثر من الثُّلُث وَلَئِن حرم أَكثر من الثُّلُث ليحرمن الثُّلُث قَالُوا هَذَا الامر عندنَا قيل لَهُم فَهَل عنْدكُمْ

(2/621)


اثر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اُحْدُ من اصحابه فَلَو كَانَ عنْدكُمْ لاحتججتم بِهِ علينا فاما قَوْلكُم هَذَا الامر عندنَا فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء بَلغنِي عَن بعض فقهائكم انه كَانَ لَا يرى ثلثا وَكَانَ يكره شَيْئا فَلَمَّا وَلِيكُم الصَّغِير بن عبد الله الَّذِي خَالفه فَرجع

(2/622)


فقيهكم الى قَول الصَّغِير بن عبد الله وَقَالَ مَالك بن انس كُنَّا لَا نقتص بَين الاصابع حَتَّى قضى بَينهَا عبد الْعَزِيز بن الْمطلب فَرَأَيْنَا ان نقتص بَينهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يتْرك مَا يُوَافق السّنة وَالْكتاب لهَذِهِ الامور المختلطة يتبع فِيهَا الصَّغِير بن عبد الله ودونه
- بَاب الرجل يَبِيع الْحِنْطَة ثمَّ يَأْخُذ ثمنهَا تَمرا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِأَن يَأْخُذ الرجل ثمن حِنْطَة بَاعهَا تَمرا قبل ان يُفَارِقهُ وَبعد مَا فَارقه وَمَا احب يدا بيد وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بِأَن يَأْخُذ الرجل بِثمن حِنْطَة بَاعهَا تَمرا قبل ان يُفَارِقهُ فان فَارقه

(2/623)


بعد بيع الْحِنْطَة فَلَا يَأْخُذن من ثمن الْحِنْطَة طَعَاما وَلَا اداما قَالَ مُحَمَّد فَكيف قُلْتُمْ هَذَا صَار صرفا فان افْتَرقَا فسد وان لم يفترقا جَازَ لَئِن جَازَ ان يَبِيعهُ بِالثّمن تَمرا قبل ان يُفَارِقهُ انه ليجوز ان يَبِيعهُ بعد ان يُفَارِقهُ
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عباد بن الْعَوام قَالَ اُخْبُرْنَا هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ إِذا بِعْت بيعا نسيئا فَحل الاجل فاي بيع وجدته عِنْده فاشتر كَيفَ شِئْت ذَلِك البيع بِعَيْنِه وَلَا تشتريه بِزِيَادَة أَو بِرَأْس المَال وَقَالَ ابْن سِيرِين إِذا حل الاجل فَأَي بيع وجدته عِنْده فتراضيتما على ذَلِك فاشتريه
- بَاب الرجل يَشْتَرِي الْحِنْطَة بالدقيق
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا خير فِي شِرَاء الْحِنْطَة بالدقيق مثلا بِمثل وَلَا بِأَكْثَرَ من ذَلِك وَلَا بِأَقَلّ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بِبيع الْحِنْطَة بالدقيق مثلا بِمثل
وَقَالَ مُحَمَّد ان أهل الْمَدِينَة يبطلون الَّذِي لَا بَأْس بِهِ ويجيزون مث لهَذَا

(2/624)


اَوْ مَا يعلمُونَ ان الْحِنْطَة إِذا طحنت خرج مِنْهَا من الدَّقِيق أَكثر مِمَّا اعطى فَكيف يجوز هَذَا وَقد صَار دَقِيقًا بدقيق وَفضل ارايتم رجلا اشْترى زيتونا كثيرا يكون فِي الزَّيْت ارطال بِخَمْسَة ارطال من الزَّيْت أَيجوزُ هَذَا ارايتم رجلا اشْترى سمسما يكون فِيهِ من الدّهن أَكثر من عشرَة ارطال من دهن السمسم بِخَمْسَة ارطال دهن السمسم ايجوز هَذَا ارايتم رجلا اشْترى سنبلا فِيهِ من الْحِنْطَة عشرَة اقفزة بِخَمْسَة اقفزة ايجوز هَذَا فان زعمتم ان هَذَا يجوز فان هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يشكل خطأه على اُحْدُ ايجوز ان يَأْخُذ دهنا مثل دهنه وقمحا مثل قمحه وزيتا مثل زيته وفضلا فَإِن قُلْتُمْ ان هَذَا لَا يجوز قيل فَكَذَلِك الْحِنْطَة لانها إِذا طحنت صَارَت أَكثر من الدَّقِيق كَيْلا فَيَأْخُذ مثل دقيقه وفضلا قَالُوا إِن الْحِنْطَة أَخذهَا مثل الدَّقِيق كَيْلا مثلا بِمثل قيل لَهُم صَدقْتُمْ وَلَكِن الْحِنْطَة إِذا طحنت صَارَت أَكثر من الدَّقِيق مَا تَقولُونَ فِي قفيز تمر بقفيزين من رطب قَالُوا لَا خير فِيهِ قُلْنَا لَهُم صَدقْتُمْ فَلم كرهتم ذَلِك وَهُوَ كيل بِمثلِهِ من الْكَيْل قَالُوا لِأَن الرطب إِذا جف صَار اقل من التَّمْر وَهَكَذَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله

(2/625)


وَسلم قُلْنَا لَهُم فالحنطة إِذا طحنت كَانَت أَكثر من الدَّقِيق فَكَمَا يفْسد ذَلِك نقصانه فَكَذَلِك يفْسد هَذَا زِيَادَته وَالله اعْلَم

(2/626)


- بَاب الرجل يبْتَاع الطَّعَام جزَافا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من ابْتَاعَ طَعَاما جزَافا من رجل ثمَّ اصيب ذَلِك الطَّعَام فاستهلك ان البَائِع ان لم يكن سَلمَة للْمُشْتَرِي حَتَّى اصيب فَهُوَ من مَال البَائِع وَقَالَ أهل الْمَدِينَة الَّذِي يبْتَاع الطَّعَام من رجل جزَافا ثمَّ يصاب ذَلِك الطَّعَام انه من مَال الَّذِي ابتاعه قَالَ مُحَمَّد مَا ابعد قَوْلهم هَذَا من قَوْلهم فِي الْجَمَاعَة يَزْعمُونَ ان رجلا لَو ابْتَاعَ ثَمَر نخل فَسلم البَائِع ذَلِك للْمُشْتَرِي وَقَبضه المُشْتَرِي ثمَّ اصابته جَائِحَة اجتاحت الثَّمر كُله أَو اجتاحت مِنْهُ النّصْف أَو اقل من ذَلِك الثُّلُث انه من مَال البَائِع وَيَقُولُونَ فِي هَذَا وَلم يقبضهُ المُشْتَرِي وَهُوَ فِي يَد البَائِع انه أَن اصيب فَهُوَ من مَال المُشْتَرِي كَيفَ افترق هَذَا
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حرَّة عَن الْحسن انه سُئِلَ عَن رجل ابْتَاعَ من رجل طَعَاما وَالطَّعَام فِي بَيت فَأمره ان يغلق وَيدْفَع الْمِفْتَاح اليه حَتَّى يَسْتَوْفِيه فَاحْتَرَقَ الْبَيْت بِمَا فِيهِ من مَال قَالَ هُوَ من مَال صَاحب الطَّعَام من اجل انه لم يستوفه

(2/639)


- بَاب بيع اللَّحْم بِاللَّحْمِ
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بِلَحْم الابل وَلحم الْبَقر بِلَحْم الْغنم وَلحم الْغنم بِلَحْم الابل اثْنَان بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة فِي لحم الابل وَالْبَقر وَالْغنم وَمَا اشبهه من الوحوش بِمَنْزِلَة الشَّيْء وَالْوَاحد وَلُحُوم الْحيتَان كلهَا شَيْء وَاحِد لَا يَشْتَرِي بعضه بِبَعْض الا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن قَالُوا وَلَا بَأْس وان لم يُوزن إِذا تحرى ان يكون مثلا بِمثل يدا بيد
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف فسد لحم الارنب بِلَحْم الْبَقر الا مثلا بِمثل وَكَيف فسد لحم الظبي بِلَحْم الجاموس الا مثلا بِمثل اسمعوا فِي هَذَا بأثر لَو كَانُوا سمعُوا فِيهِ بأثر لسمعناه ولاحتجوا بِهِ فِيمَا

(2/640)


نرى هَذَا رأى رَأَوْهُ
وَقَالُوا ايضا ان تحرى ان يكون مثلا بِمثل يدا بيد فَلَا بَأْس بِهِ وان لم بِوَزْن لَئِن كَانَ الامر كَمَا قَالُوا اما ان يتحَرَّى وَلَا يجوز الا وزنا بِوَزْن مثلا بِمثل لَان التَّحَرِّي يزِيد وَينْقص ويخطئ ويصيب فِي

(2/641)


التَّحَرِّي بل يَنْبَغِي لمن اجاز فِي التَّحَرِّي هَذَا ان يُجِيز فِي الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ ان يتحَرَّى فيسوي بِغَيْر كيل وان يتحَرَّى بِهِ فِي الذَّهَب التبر بِالذَّهَب التبر فيسوي بِغَيْر وزن وَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يكون بَين هَذِه الاشياء فرق فِي قَوْلهم إِذا كَانَ ذَلِك لَا يجوز الا مثلا بِمثل وَهُوَ مِمَّا يُوزن واما ان يَقُول قَائِل لَا يجوز هَذَا الا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن ثمَّ يَقُول ان تحرى فَلَا بَأْس بِغَيْر وزن وَهَذَا مِمَّا لَا يَسْتَقِيم ارايتم ان تحريا فتبايعا فتقابضا ثمَّ وزن كل وَاحِد مِنْهُمَا اللَّحْم الَّذِي اشْترى فَإِذا احدهما يزِيد على صَاحبه اينقض بعد اذ صَار تَاما أَو نَاقِصا على تَمَامه وان كَانَ ينقص فَيَنْبَغِي

(2/642)


ان لَا يجوز أول مرّة حَتَّى يزنا وان كَانَ البيع تَاما وان زَاد احدهما على صَاحبه فقد جَازَ اللَّحْم بِاللَّحْمِ احدهما أَكثر من صَاحبه وَكَيف قُلْتُمْ فِي اللَّحْم انه يجوز إِذا تحريا فَيَنْبَغِي لمن قَالَ هَذَا فِي اللَّحْم ان يَقُول فِي الزَّيْت وَالْعَسَل وَالسمن وكل مَا يُوزن انه لَا بَأْس بِهِ بِغَيْر وزن إِذا تحريا وان ابطلتم التَّحَرِّي فِي هَذِه الاشياء حَتَّى يجوز واجزتموها فِي اللَّحْم بِالتَّحَرِّي فكأنكم من قَوْلكُم فِي اللَّحْم انه لَا يجوز الا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن على غير ثِقَة القَوْل فِي اللَّحْم كَمَا قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز لحم الْغنم بِلَحْم الْغنم وَلَا لحم الْبَقر بِلَحْم الْبَقر وَلَا لحم الابل بِلَحْم الابل الا مثلا بِمثل وزنا بِوَزْن وَلَا يجوز فِيهِ التَّحَرِّي فَإِذا اخْتلف اللحمان فَلَا بَأْس بِلَحْم الابل بِلَحْم الْبَقر وَلحم الْبَقر بِلَحْم الْغنم اثْنَان بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة لانه وزن كُله

(2/643)


- بَاب السّلف فِي الْعرُوض وَغَيرهَا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بَان يَشْتَرِي الرجل الثَّوْب من الْكَتَّان الشطوي أَو القصبي بالاثواب من الاتريبي أَو القسي أَو الثَّوْب من الفرير وَلَا بَأْس بالشطوي بالقصبي أَو بالقصبين يدا بيد ونسيئة وانما يكره الصبطوي بالشطوي نَسِيئَة والهروي بالمروي أَو بالمرويين نَسِيئَة فَأَما يدا بيد فَلَا بَأْس بذلك وَلَا بَأْس بالهروي وبالمروي يدا بيد ونسيئة لَان الْهَرَوِيّ جنس غير الْمَرْوِيّ والشطوي غير جنس القرير فَإِذا اخْتلفت الاجناس فَلَا بَأْس بِهِ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ وَلَا بَأْس بِهِ نَسِيئَة وَإِذا كَانَ

(2/644)


من نوع وَاحِد هروي كُله اَوْ مَرْوِيّ كُله أَو شطوي كُله فَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة
قَالَ مُحَمَّد وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم إِذا اخْتلف النوعان مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نَسِيئَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بَان يَشْتَرِي الثَّوْب من الْكَتَّان أَو الشطوي أَو القصبي بالاثواب من الاتريبي أَو القسي أَو الزيفة أَو يَشْتَرِي الثَّوْب من الْهَرَوِيّ أَو الْمَرْوِيّ بالملاحف اليمانية أَو الشقائق وَمَا اشبه ذَلِك الْوَاحِد بالاثنين أَو الثَّلَاثَة يدا بيد أَو الى اجل وان كَانَ من صنف وَاحِد فان دخل ذَلِك نَسِيئَة فَلَا خير فِيهِ وَلَا يصلح حَتَّى يخْتَلف فيبين اختلافه فَإِذا اشبه بعض ذَلِك بَعْضًا وان اخْتلف اسماؤه فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِد إِلَى اجل وَذَلِكَ ان يَأْخُذ

(2/645)


الرجل الثَّوْبَيْنِ من الْهَرَوِيّ بِالثَّوْبِ من الْمَرْوِيّ أَو القوهي الى اجل أَو يَأْخُذ الثَّوْبَيْنِ من الفرقبي بِالثَّوْبِ من الشطوي فَإِذا كَانَت هَذِه الاصناف على هَذِه الصّفة فَلَا يَشْتَرِي مِنْهَا اثْنَيْنِ بِوَاحِد الى اجل
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن مَا تفَاوت مِنْهُ وَمَا لم يتَفَاوَت سَوَاء انما ينظر الى الاجناس فَإِذا اخْتلفت جَازَت فِيهِ النَّسِيئَة القوهي غير جنس الْمَرْوِيّ والشطوي جنس غير القصبي مَعْرُوف فان تفَاوت المنظر انما القَوْل فِي هَذَا قَولَانِ ان يَقُول قَائِل مَا اصله قطن وان اخْتلفت اجناسه

(2/646)


يتَفَاوَت وَلَا خير فِيهِ الا يدا بيد وَمَا كَانَ اصله كتَّان فَدخل فِي هَذَا امْر قَبِيح ان يَقُول لَا خير فِي الصَّنْعَانِيّ بالمروي نَسِيئَة لانه قطن فَهَذَا خطأ لَيْسَ بِشَيْء أَو يَقُول قَائِل بقول أبي حنيفَة فَإِذا اخْتلفت اجناس وان كَانَ اصلها قطنا كلهَا أَو كتانا كلهَا فَلَا بَأْس بِهِ لانها انواع مُتَفَرِّقَة فَلَا بَأْس بالمروي بالهروي والهرويين الى اجل مَعْلُوم وَنَحْو ذَلِك لَان الاجناس مُتَفَرِّقَة فاما مَا قَالَ أهل الْمَدِينَة فَهُوَ امْر لَا يُقَام على حَده
- بَاب الرجل يسلف فِي عرض من الْعرُوض
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من اسْلَمْ فِي عرض من الْعرُوض وَكَانَ ذَلِك مَوْصُوفا فأسلف فِيهِ الى اجل فَحل الاجل فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي ان يَبِيع شَيْئا من ذَلِك من الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمثل ذَلِك الثّمن الَّذِي سلفه فِيهِ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا بِأَقَلّ مِنْهُ قبل الْقَبْض مَا اسلفه فِيهِ وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي ان يَبِيعهُ من غَيره على وَاحِد من الْوُجُوه حَتَّى يقبضهُ

(2/647)


وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي ان يَبِيعهَا من الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ من الثّمن الَّذِي سلفه فِيهِ قبل ان يقبض مَا سلفه فِيهِ وَلَا بَأْس بَان يَبِيعهَا من غير الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ
قَالَ مُحَمَّد قد روى فقيهكم مَالك بن انس عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد انه قَالَ سَمِعت عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَرجل يسْأَله عَن رجل اسلف فِي سبائب فاراد ان يَبِيعهَا قبل ان يقبضهَا

(2/648)


فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا تِلْكَ الْوَرق بالورق وَكره ذَلِك فَكيف جوزوا بيع ذَلِك من غير الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ لم يقبض مَا اشْترى وانما اخذ بذلك وَرقا قبل قَبضه زَعَمُوا انهم يَأْخُذُونَ بالاثار وهم يتركون مَا يروون فضلا عَن غَيره
قَالُوا انما نَأْخُذ بِحَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ وَالْعرض لَيْسَ بِطَعَام قيل لَهُم هَل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اما مَا سوى الطَّعَام فَلَا بَأْس بِهِ

(2/649)


قَالُوا لم نسْمع ذَلِك قُلْنَا فانما يَنْبَغِي ان يُقَاس على حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يُخَالف فَيَقُول قَائِل انما اقول ذَلِك فِيمَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَمَا لم يَأْتِ فِيهِ اثر قلت فِيهِ برأيي وَهُوَ يشبه مَا جَاءَ فِيهِ الاثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَشْهُور مَعْرُوف حِين بعث عتاب بن اسيد رَضِي الله عَنهُ الى مَكَّة فَقَالَ اني ابعثك الى أهل الله فانههم عَن ارْبَعْ خِصَال عَن بيع مَا لم يقبضوا وَعَن ربح مَا لم يضمنوا وَعَن شرطين فِي بيع وَعَن سلف وَبيع فقد نَهَاهُم عَن بيع مَا لم يقبضوا فَجعل ذَلِك جملَة وَلم يَجعله فِي الطَّعَام دون غَيره مَعَ مَا جَاءَ عَن ابْن عَبَّاس مِمَّا رويتم وَعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا اعرف بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنِي يحيى بن عبيد الله عَن

(2/650)


عَامر عَن رجل عَن عتاب بن اسيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه

(2/653)


قَالَ انْطلق إِلَى أهل الله يَعْنِي أهل مَكَّة فانههم عَن ارْبَعْ خِصَال عَن بيع مَا لم يقبضوا وَربح مَا لم يضمنوا وَعَن شرطين فِي بيع وَعَن سلف وَبيع
اُخْبُرْنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي قَالَ سمعنَا الْقَاسِم بن مُحَمَّد يَقُول كنت قَاعِدا عِنْد ابْن عَبَّاس فَسئلَ عَن سبائب السّلف فِيهِنَّ

(2/654)


ايبيعهن قبل ان يستوفيهن قَالَ يقبضهن
- بَاب الرجل يسلف ذَهَبا أَو وَرقا فِي عرض
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من سلف ذَهَبا أَو وَرقا فِي عرض إِذا كَانَ مَوْصُوفا إِلَى اجل مُسَمّى ثمَّ حل الاجل فانه لَا خير فِي ان يَبِيع المُشْتَرِي تِلْكَ السّلْعَة من البَائِع وَلَا من غَيره قبل ان يحل الاجل وَبعد مَا يحل الاجل بِعرْض من الْعرُوض يعجله وَلَا يؤخرة بَالغا مَا بلغ ذَلِك الْعرض وَلَا بِغَيْر الْعرض وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس أَن يَبِيع المُشْتَرِي ذَلِك الْعرض من البَائِع قبل ان يحل الاجل أَو بعد مَا يحل بِعرْض من الْعرُوض يعجله وَلَا يُؤَخِّرهُ بَالغا مَا بلغ ذَلِك الْعرض الا الطَّعَام فَإِنَّهُ لَا يحل ان يَبِيعهُ حَتَّى يقبضهُ وَللْمُشْتَرِي ان يَبِيع ذَلِك الْعرض من غير صَاحبه الَّذِي ابتاعه مِنْهُ بِذَهَب أَو ورق أَو عرض من الْعرُوض يقبض ذَلِك وَلَا يُؤَخِّرهُ
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ جَازَ لَهُ ان يَبِيع ذَلِك من الَّذِي عَلَيْهِ الْعرض

(2/655)


بِعرْض من الْعرُوض وَلَا يجوز لَهُ ان يَبِيعهُ بِذَهَب أَو ورق أَو أَكثر من الَّذِي ابتاعه مِنْهُ وَهُوَ يجوز من غير الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ ليبيعها من الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ لَئِن جَازَ ان يَبِيعهَا بِذَهَب أَو ورق من غير الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ لبيعها من الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ اجوز لَان ذَلِك مَضْمُون على الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يخَاف فِي هَذَا الْغرَر وَإِذا بَاعَ ذَلِك من غير الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك غررا الا ترى أيخرج أم لَا يخرج لَيْسَ القَوْل فِي هَذَا كَمَا قَالَ أهل الْمَدِينَة وَلَكِن هَذَا اشْترى مَا لم يقبض وَلَا يجوز ان يُبَاع مَا لم يقبض مِمَّن هُوَ عَلَيْهِ وَلَا من غَيره حَتَّى يقبض وَهُوَ وَالطَّعَام سَوَاء

(2/656)


- بَاب الرجل يسلف فِي دَنَانِير أَو دَرَاهِم فِي اربعة اثواب مَوْصُوفَة الى اجل
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من اسلف دَنَانِير أَو دَرَاهِم فِي اربعة اثواب مَوْصُوفَة الى اجل فَلَمَّا حل الاجل تقاضى صَاحبهَا فَلم يجدهَا عِنْده وَوجد عِنْده ثيابًا دونهَا من صنفها فَقَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الاثواب اعطيك بهَا ثَمَانِيَة اثواب من ثِيَابِي هَذِه ان هَذَا لَا يجوز وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بذلك إِذا اخذ تِلْكَ الثِّيَاب الَّتِي يُعْطِيهِ قبل ان يفترقا فان دخل ذَلِك اجل فَلَا خير فِيهِ قَالَ مُحَمَّد فَكيف جَازَ هَذَا وَقد جَاءَ فِي هَذَا بِعَيْنِه اثر
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن

(2/657)


طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان رجلااسلم الى اجل فِي حلل وَفَاء فَلَمَّا حل الاجل لم يجد عِنْده حللا وَفَاء وَوجد عِنْده حللا خلَافهَا فاراد ان يُعْطِيهِ حلتي محلّة فَسَأَلَ عَن ذَلِك ابْن عَبَّاس فكرهه وَهَذَا يدل على ان ابْن عَبَّاس لم يجز بيع السّلف من الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ بِشَيْء من الاشياء عرض وَلَا غَيره حَتَّى يقبضهُ
- بَاب الْحَدِيد والنحاس وَمَا اشبههما مِمَّا يُوزن
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْحَدِيد والرصاص والنحاس والشبه والقت

(2/658)


والكتان والعطل لَا بَأْس بِكُل وَاحِد من هَذِه الاصناف ان يَأْخُذ رطلا مِنْهُ برطل مثله من صنفه وَالْحَدِيد بِمثلِهِ والرصاص بِرَصَاصٍ مثله وقطنا بِقطن مثله والكتان بالكتان مثله والقت بالقت مثلا بِمثل يدا بيد وَلَا خير فِيهِ اثْنَان بِوَاحِد لانه من جنس وَاحِد وهما مِمَّا يُوزن وان اخذت رطلا من الْحَدِيد برطلين من النّحاس أَو رطلا من كتَّان

(2/659)


برطلين من قطن يدا بيد فَلَا بَأْس بِهِ لَان النَّوْعَيْنِ قد اخْتلفَا وَلَا خير فِيهِ فِي شَيْء من ذَلِك بِمثلِهِ نَسِيئَة وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن ابراهيم انه قَالَ اسْلَمْ مَا يُكَال فِيمَا يُوزن وَمَا يُوزن فِيمَا يُكَال وَلَا تسلم مَا يُوزن فِيمَا يُوزن وَلَا مَا يُكَال فِيمَا يُكَال وَإِذا اخْتلف النوعان فِيمَا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِاثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا بَأْس بِهِ نسيئا وَإِذا كَانَ من نوع وَاحِد مِمَّا لَا يُكَال وَلَا يُوزن فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد وَلَا خير فِيهِ نسيئا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة وَلَا بَأْس برطل من حَدِيد برطلين من حَدِيد ورطل صفر برطلي صفر واربعين رطلا من قت بِعشْرين رطلا من قت يدا بيد وَلَا بَأْس برطل من قطن يدا بيد وَلَا خير فِي شَيْء من ذَلِك نَسِيئَة وَلَا بَأْس برطل من حَدِيد برطلين من نُحَاس نَسِيئَة وَلَا بَأْس برطل من قطن برطلين من كتَّان نَسِيئَة وَلَا بَأْس برطل من

(2/660)


عنبر برطلين من مسك نَسِيئَة
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ جَازَ القت عشْرين رطلا باربعين رطلا يدا بيد وهم يكْرهُونَ قَفِيزا من شعير بقفيزين من شعير يدا بيد قَالُوا لَان الشّعير جَاءَ فِيهِ الاثر بِعَيْنِه قيل لَهُم يَنْبَغِي ان يُقَاس مَا لم يَجِيء فِيهِ الاثر بِمَا جَاءَ فِيهِ الاثر الا ترَوْنَ ان الذَّهَب وَالْفِضَّة والنحاس وَالْحَدِيد مخرجها مخرج وَاحِد فَكيف اخْتلف فِي الْبيُوع والاشرية الْفضل الذَّهَب وَالْفِضَّة عَن النّحاس وَالْحَدِيد مَا سَبِيل الْفَاضِل فِي هَذَا وَغَيره الا سَوَاء قَالُوا انما نقيس الْحَدِيد والنحاس بِالْحِجَارَةِ وَلَا بَأْس بِحجر بحجرين يدا بيد قُلْنَا لَهُم ان الْحِجَارَة لَا توزن فَلذَلِك اجزنا ذَلِك وَلَو وزنت لكرهناها لانها نوع وَاحِد واما النّحاس وَالْحَدِيد فهما يوزنان كَمَا يُوزن الذَّهَب وَالْفِضَّة وكل ذَلِك يخرج من الْمَعَادِن كَمَا يخرج الذَّهَب وَالْفِضَّة فان قَالُوا ن الذَّهَب وَالْفِضَّة هما الثمنان اللَّذَان يَشْتَرِي بهما السّلع وليسا

(2/661)


كغيرهما قيل لَهُم ارايتم أهل بلد جعلُوا الثّمن عِنْدهم النّحاس فقد جعل ذَلِك غير أهل بلد فَجعلُوا الثّمن عِنْدهم الْفُلُوس اكنتم ترَوْنَ ذَلِك بِمَنْزِلَة الذَّهَب وَالْفِضَّة قَالُوا لَيْسَ يشبه الذَّهَب وَالْفِضَّة غَيرهمَا قيل لَهُم هَذَا حكم يتحكمون بِهِ على النَّاس يفرقون بَين الْمُجْتَمع ويجمعون بَين المتفرق ارايتم النّحاس والرصاص وَالْحَدِيد كَيفَ اشبه عنْدكُمْ الْحِجَارَة وَهُوَ انما يخرج من الْحِجَارَة كَمَا يخرج الذَّهَب وَالْفِضَّة مِنْهَا وَلَيْسَ الْحجر بِعَيْنِه وانما يَنْبَغِي ان يشبه الرصاص والنحاس وَالْحَدِيد بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يشبه الْحجر بِعَيْنِه وَلَكِنَّكُمْ اخطأتم الْقيَاس وَقَالَ أهل الْمَدِينَة مَا اشْتريت من هَذِه الاصناف كلهَا فَلَا بَأْس ان تبيعه قبل ان تقبضه من غير صَاحبه الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ إِذا قبضت ثمنه إِذا كنت اشترتيه كَيْلا أَو وزنا فَإِذا اشْتَرَيْته جزَافا فبعه من غير الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ

(2/662)


بِنَقْد أَو الى اجل وَقَالَ مُحَمَّد وَهَذَا ايضا مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يُفْتِي بِهِ اُحْدُ وان يَشْتَرِي شَيْء من الْوَزْن أَو الْكَيْل فَيُبَاع قبل ان يقبض وَهَذَا قد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع مَا لم يقبض
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه قَالَ اما الَّذِي نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ فَهُوَ الطَّعَام ان يُبَاع حَتَّى يقبض

(2/663)


وَقَالَ طَاوس وَقَالَ ابْن عَبَّاس بِرَأْيهِ وَلَا احسب كل شَيْء الا مثل ذَلِك وَهَذَا ابْن عَبَّاس قد رأى كل شَيْء مثل الطَّعَام فَهَل عنْدكُمْ فِي هَذَا رجل مثل ابْن عَبَّاس فِي فَضله وفقهه انه رخص فِي ذَلِك مَعَ ان على

(2/664)


النَّاس ان يقيسوا مَا لم يَأْتِ فِيهِ اثر بِمَا جَاءَ من الاثار وَلم يَأْتِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّهْي الا فِي الطَّعَام كَمَا يَقُولُونَ للعسل وَالزَّيْت وَنَحْو ذَلِك مِمَّا عدا الطَّعَام قَالُوا هَذِه مثل الطَّعَام قيل لَهُم لَا نَرَاكُمْ الا قد قستم وعديتم الطَّعَام الى غَيره قَالُوا هَذِه تُؤْكَل وَهَذَا لَا يُؤْكَل قيل لَهُم من ايْنَ افترق مَا يُؤْكَل وَمَا لَا يُؤْكَل هَذِه آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يجيزون البيع فِيهَا حَتَّى تقبض وَهِي لَا تُؤْكَل قَالُوا جَاءَ فِيهِ الاثر بِعَيْنِه قيل لَهُم فقيسوا عَلَيْهَا مَا لَا يُؤْكَل كَمَا قستم على الطَّعَام مَا يُؤْكَل فَقولُوا بقول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا حِين قَالَ وَلَا احسب كل شَيْء الا مثل ذَلِك فَهَذَا القَوْل هُوَ القَوْل
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن

(2/665)


عَطاء بن أبي رَبَاح فِي الرجل يَشْتَرِي الْمَبِيع فيبيعه قبل ان يقبضهُ قَالَ لَا حَتَّى يقبضهُ فعطاء بن أبي رَبَاح قد اتى بالأمور جملَة وَاحِدَة
- بَاب بيع الْغرَر
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يجوز بيع الزَّيْتُون بالزيت وَلَا الجلجلان بدهن الجلجلان الا ان يعلم يَقِينا ان مَا فِي الزَّيْتُون من الزَّيْت اقل مِمَّا اعطى من الزَّيْت وَيعلم يَقِينا ان مَا فِي السمسم من الدّهن اقل مِمَّا اعطى من الدّهن فَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فَلَا بَأْس بَان يكون الدّهن بِمثلِهِ وَالْفضل بثفل الجلجلان وبالزيتون وَقَالَ أهل الْمَدِينَة هَذَا مَكْرُوه كُله لَا يحل ان كَانَ اقل أَو اكثر
وَقَالَ مُحَمَّد وَمَا بَأْس بِهَذَا إِذا كَانَ الدّهن أَكثر مِمَّا فِي الْحبّ من

(2/667)


الدّهن فَيكون الدّهن بِمثلِهِ وَيكون فضل الدّهن بِمَا بَقِي من ثفل الْحبّ انما يكره هَذَا إِذا كَانَ الدّهن الَّذِي فِي الْحبّ مثل الدّهن الآخر فَأكْثر فَيكون الدّهن بِمثلِهِ وَيكون الْفضل بِغَيْر ثمن فَهَذَا لَا يجوز وَلَا يَنْبَغِي فَأَما إِذا كَانَ الدّهن أَكثر مِمَّا فِي الْحبّ من الدّهن فَكَانَ دهن بدهن وَفضل الدّهن بالثفل فَلَا بَأْس بِهِ اخبرونا لم كرهتم هَذَا قَالُوا لما فِي الزَّيْتُون من الزَّيْت وَمَا فِي الجلجلان من الدّهن فَلَا يُبَالِي اقل أَو أَكثر قيل لَهُم فقد اجزتم قَفِيزا من بر بقفيز من دَقِيق وَالْبر إِذا طحن كَانَ الدَّقِيق الَّذِي فِيهِ أَكثر من الدَّقِيق الَّذِي اخذ فَيَنْبَغِي لمن ابطل الأول لما فِيهِ من الدّهن ان يكون لهَذَا اشد ابطالا مِنْهُ

(2/668)


- بَاب الرجل يَبِيع الْمَتَاع من بارنامجه
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الرجل يقدم لَهُ اصناف من الْبَز فيحضره السوام وَيقْرَأ عَلَيْهِم بارنامجه وَيَقُول فِي كل عدل

(2/670)


كَذَا وَكَذَا ملحفة بصرية وَكَذَا وَكَذَا ريطة سابرية ذرعها كَذَا وَكَذَا وَيُسمى اصناف الْبَز لَهُم باجناسه فَيَقُول اشْتَروا منى على هَذَا الصّفة فيشترون الاعدال على مَا وصف لَهُم فيفتحونها فيستغلونها ويندمون ان لَهُم ان يردوا لانهم اشْتَروا وَلم يَكُونُوا راوا مَا اشْتَروا وَمن اشْترى شَيْئا وَلم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ ان شَاءَ اخذه وان شَاءَ تَركه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ذَلِك لَازم لَهُم إِذا كَانَ مُوَافقا للبارنامج الَّذِي باعهم عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الحَدِيث الْمَعْرُوف الَّذِي لَا يشك فِيهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ امور الْمُسلمين الى يومهم

(2/671)


هَذَا فِي الافاق ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اشْترى شَيْئا وَلم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا

(2/672)


وجد مُوَافقا للبارنامجه جَازَ عَلَيْهِ انما يجده مُوَافقا للبارنامجه التَّسْمِيَة فلغي ان يعرفهُ بِالصّفةِ كَمَا يعرفهُ إِذا رَآهُ فَهَذَا لَا يكون ابدا رُبمَا وصف الرجل الثَّوْبَيْنِ بِصفة وَاحِدَة وَالَّذِي بَينهمَا مُخْتَلف يَقُول الرجل هَذَانِ الثوبان المرويان جديدان طول كل وَاحِد مِنْهُمَا كَذَا وَكَذَا ذرعا وَعرضه كَذَا وَكَذَا ذرعا فَهَذِهِ الصّفة الَّتِي لَا يقدر ان يصفها بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَإِذا نظر اليهما كَانَا على الصّفة الَّتِي وصف واحدهما يُسَاوِي مائَة دِرْهَم وَالْآخر

(2/676)


يُسَاوِي مِائَتي دِرْهَم وَكِلَاهُمَا يحْتَمل هَذِه الصّفة أَو يكونَانِ الثوبان من الصَّنْعَانِيّ فيصف جودتهما وذرعهما وطولهما ونسبهما فيقف كم يكون احدهما خَمْسمِائَة دِينَار وَالْآخر يُسَاوِي مِائَتي دِينَار كِلَاهُمَا يحْتَمل ان يُوصف جيدا دَقِيقًا فَأَي اخْتِلَاف اشد من هَذَا ان الصّفة لَا تغني شَيْئا حَتَّى يرى فَإِذا رأى فَهُوَ بِالْخِيَارِ ان شَاءَ اخذ وان شَاءَ ترك وَبِذَلِك جَاءَت الاثار وَعَلِيهِ امْر النَّاس عَامَّة
- بَاب بيع الْخِيَار
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي رجل بَاعَ سلْعَة من رجل فَقَالَ البَائِع

(2/677)


عِنْد مواجبة البيع ابيعك على ان استشير فلَانا فان رَضِي فقد جَازَ ذَلِك

(2/678)


البيع وان كره فَلَا بيع بَيْننَا فتبايعا على ذَلِك فندم المُشْتَرِي قبل ان يشاور البَائِع فلَانا ان للْمُشْتَرِي ان يرد البيع وَلَو قَالَ على ان استشير فلَانا مَا وَبَين وين اللَّيْل أَو مَا بيني وَبَين ثَلَاثَة ايام فان رَضِي فقد جَازَ البيع كَانَ هَذَا بيعا جَائِزا فان نَدم المُشْتَرِي لزمَه البيع وَلم يكن لَهُ ان يردهُ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَيْسَ لَهُ ان يرجع وَالْبيع لَازم لَهما على مَا وَصفنَا فان لم يُوَقت وقتا وَالْبيع على مَا وصفناه فَلَا خِيَار للْمُشْتَرِي فِيهِ وَهُوَ لَازم لَهُ ان احب الَّذِي شَرط لَهُ الْخِيَار ان يُجِيزهُ وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف اجزتم هَذَا بِغَيْر وَقت ارايتم ان قَالَ البَائِع فَانِي لَا استشيره سنة وَقَالَ المستشار لَا اشير عَلَيْهِ عشر سِنِين ابقي البيع مَوْقُوفا على حَاله لَيْسَ الامر على مَا قُلْتُمْ ان لم يكن فِي ذَلِك وَقت

(2/679)


قد رَضِي بِهِ المُشْتَرِي يكون الرضى فِيهِ فَالْبيع فَاسد
- بَاب الرجلَيْن يتبايعان وَلَا يذكران خيارا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا تبَايع الرّجلَانِ وَلم يذكرَا فِيهِ خيارا فقد وَجب البيع حِين عقداه وان لم يفترقا وَلَا خِيَار لَهما وَقَالَ أهل الْمَدِينَة هما بِالْخِيَارِ مَا لم يفترقا عَن مجلسهما ذَلِك أَو عَن مقامهما ذَلِك وَيكون بيعهمَا بيع الْخِيَار
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف قُلْتُمْ إِذا لم يشترطا خيارا كَانَا بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا

(2/680)


قَالُوا للْحَدِيث الَّذِي جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ نَافِع

(2/681)


عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ المتبائعان كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا الا بيع الْخِيَار قُلْنَا لَهُم فَقَالَ رَسُول الله

(2/682)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المتبائعان كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا من مجلسهما أَو مكانهما قَالُوا لَيْسَ هَذَا فِي الحَدِيث وَلَكِن مَعْنَاهُ هَذَا عندنَا قيل لَهُم لقد أخطأتم عندنَا الْمَعْنى فِي هَذَا البيعان كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا عَن منطق البيع إِذا قَالَ البَائِع قد بِعْتُك فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ ان شَاءَ قبل وان شَاءَ لم يقبل فَإنَّا تَفْسِير هَذَا الحَدِيث

(2/683)


البيعان كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا على هَذَا الْوَجْه
قَالَ وَكَذَلِكَ اُخْبُرْنَا بعض اصحابنا عَن أبي معشر عَن ابراهيم النَّخعِيّ

(2/690)


انه فسر حَدِيث البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا على هَذَا وَمَا يدلكم على ان هَذَا الحَدِيث لَيْسَ مَعْنَاهُ على مَا تَقولُونَ حَدِيث عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الْمَعْرُوف الْمَشْهُور وَهُوَ كَانَ اعْلَم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا وَمَا حَدِيث عمر قُلْنَا لَهُم قَوْله حِين وضع رجله فِي الغرز ان النَّاس يَقُولُونَ غَدا مَاذَا قَالَ عمر الا ان البيع عَن

(2/691)


صَفْقَة أَو خِيَار فَإِذا وَجَبت الصَّفْقَة فَكَانَ فِيهَا خِيَار وان لم يشْتَرط الْخِيَار فَهَذَا الحَدِيث بَاطِل انما الصَّفْقَة ان يُوجب البيع البَائِع وَالْمُشْتَرِي وبلغنا عَن شُرَيْح انه قَالَ إِذا تبَايع الرّجلَانِ وَجب البيع وَلم يكن لوَاحِد مِنْهُمَا خِيَار قَالُوا فَهَذَا الامر مَعْمُول بِهِ عندنَا قُلْنَا ارايتم ان كَانَ فِي البيع خِيَار ايكون البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا قَالُوا لَا يجزيهما ذَلِك الْخِيَار قُلْنَا لَهُم فان الْخِيَار كَانَ لاحدهما وَلم يكن لاخر خِيَار ارايتم الَّذِي لم يُخَيّر لم يكون لَهُ الْخِيَار مَا لم يَتَفَرَّقَا وَهُوَ لم تقع لَهُ خِيَار يَنْبَغِي ان يكون الَّذِي لم يخيره صَاحبه بِمَنْزِلَة المتبائعين اللَّذين

(2/692)


لم يُخَيّر وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فَيكون الَّذِي لم يُخَيّر بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا وَيكون الْمُخَير لَا خِيَار لَهُ الا الْخِيَار الَّذِي اشْترط فان زعمتم انهما جَمِيعًا بِالْخِيَارِ

(2/693)


مَا لم يَتَفَرَّقَا عَن الْمجْلس إِذا لم يكن فِي البيع خِيَار فان شَرط احدهما الْخِيَار وَلم يَشْتَرِطه الاخر يَنْبَغِي ان يكون الَّذِي لم يَشْتَرِطه بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا فان زعمتم انه لَا خِيَار للَّذي لم يشْتَرط لَهُ الْخِيَار وَالْخيَار للْآخر فَهَذَا ترك مِنْكُم لقولكم ينبغى فِي قَوْلكُم ان يكون للَّذي لم يشْتَرط لَهُ الْخِيَار بِالْخِيَارِ وَلَا يبطل حَقه بِخِيَار غَيره
- بَاب مَا يجوز فِي الدّين وَمَا لَا يجوز من ذَلِك
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يكون لَهُ على الرجل مائَة دِينَار الى اجل فَإِذا حلت قَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدّين بعنى سلْعَة يكون ثمنهَا مائَة دِينَار نَقْدا بِمِائَة وَخمسين الى اجل ان هَذَا جَائِز لانهما لم يشترطا شَيْئا وَلم يذكرَا امرا يفْسد بِهِ الشِّرَاء وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يصلح هَذَا قَالَ مُحَمَّد وَلم لَا يصلح هَذَا أَرَأَيْتُم من كَانَ لَهُ على رجل دين فقد حرم الله عَلَيْهِ ان يَبِيعهُ مِنْهُ شَيْئا يربح عَلَيْهِ فِيهِ قَالُوا لأَنا نَخَاف ان يكون هَذَا ذَرِيعَة الى الرِّبَا قيل لَهُم وانتم تبطلون بُيُوع النَّاس بالتخوف مَا تظنون من غير شَرط اشْتَرَطَهُ وَلَا بيع فَاسد مَعْرُوف فَسَاده

(2/694)


الا بِمَا تظنون وترون رجل كَانَ يُبَايع رجلا بيوعا كَثِيرَة وَكَانَ خليطا لَهُ مَعْرُوفا بذلك وَجب لَهُ عَلَيْهِ دين ثمَّ بَاعه بعد ذَلِك سلْعَة تَسَاوِي بِالنَّقْدِ مائَة دِينَار بِمِائَة دِينَار وَخمسين دِينَارا إِلَى اجل وَهل هَكَذَا يتبايع النَّاس لانهم إِذا اخروا ازدادوا مَا بَأْس بِهَذَا لَئِن حرم هَذَا على النَّاس انه لينبغي ان يكون عَامَّة الْبيُوع حَرَامًا قَالُوا نرى انه انما بَاعه لمَكَان دينه قيل لَهُم انهما لم يتذاكرا الدّين بِقَلِيل وَلَا كثير قَالُوا قد علمنَا انهما لم يتذاكرا الدّين بِقَلِيل وَلَا كثير وَلَكنَّا نَخَاف ان يكون البيع كَانَ بَينهمَا من اجل ذَلِك قيل لَهُم ارايتم لَو اجزتم البيع كَمَا نجيزه اما كَانَ لصَاحب الدّين ان يَأْخُذ دينه من صَاحبه وَقد حل قَالُوا بلَى لَهُ ان يَأْخُذ دينه

(2/695)


قيل لَهُم فَإِذا كَانَ لَهُ ان يَأْخُذ دينه كَانَ البيع جَائِزا فباي وَجه ابطلتم بَيْعه يَنْبَغِي لكم ان تَقولُوا من كَانَ لَهُ على رجل دين فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ ان يبايعه بِشَيْء يربح عَلَيْهِ فِيهِ فاي امْر اقبح من هَذَا ان رجلا يُعَامل النَّاس لَهُ عَلَيْهِم دُيُون انه لَا يجوز ان يَبِيع مِنْهُ مَتَاعا وَلَا جَارِيَة وَلَا شَيْئا يربح عَلَيْهِ فِيهِ مَا يَنْبَغِي ان يسْقط هَذَا على مثلكُمْ وَلَا يَنْبَغِي ان تبطل الْبيُوع بالظنون وَالظَّن يخطيء ويصيب
- بَاب مَا يجوز من بيع المكايلة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرجل يَشْتَرِي الطَّعَام فيكتاله ثمَّ يَأْتِيهِ من يَشْتَرِيهِ مِنْهُ فيخبر الَّذِي يَأْتِيهِ انه قد اكتاله لنَفسِهِ واستوفاه فيريد الْمُبْتَاع ان يصدقهُ وَيَأْخُذهُ بكيله انه لَا يَنْبَغِي ان يَأْخُذ مِنْهُ بكيله الا ان يكيله

(2/696)


كَيْلا مُسْتَقْبلا وَيكون على المُشْتَرِي نقصانه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة اما مَا ابتيع على هَذِه الصّفة بِنَقْد فَلَا بَأْس بِهِ واما مَا ابتيع على هَذِه الصّفة إِلَى اجل فانه مَكْرُوه حَتَّى يكتاله المُشْتَرِي الاخر لنَفسِهِ
قَالَ مُحَمَّد كَيفَ جَازَ بَيْعه بكيله بِالنَّقْدِ وَجَاز لَهُ ان يقبضهُ بِغَيْر كيل وَلم يجز ذَلِك بِالنَّسِيئَةِ لَئِن جَازَ ذَلِك بِالنَّقْدِ ليجوزن بِالنَّسِيئَةِ قَالُوا نَخَاف ان يدار ذَلِك على هَذَا الْوَجْه بِغَيْر كيل وَلَا وزن فَإِذا كَانَ الى اجل فَهُوَ مَكْرُوه قُلْنَا لَهُم وَقد يدار ايضا هَكَذَا بِالنَّقْدِ وَلَيْسَ يدار بِالنَّسِيئَةِ شَيْء الا دير بِالنَّقْدِ مثله فَمن ايْنَ افْتَرقَا اخبرونا لَو ان غَيْركُمْ قَالَ فَانِي اجيزه بِالنَّسِيئَةِ وَلَا اجيزه بِالنَّقْدِ أَي شَيْء كُنْتُم تدخلون عَلَيْهِ وَهل كَانَت حجتكم فِيمَا فرقتم بِهِ بَين النَّسِيئَة والنقد الا كحجته لَيْسَ الامر كَمَا قُلْتُمْ وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اشْترى طَعَاما كَيْلا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يكيله فَهَذَا قد اخبره كَيفَ اكتاله وَشرط لَهُ ذَلِك

(2/697)


الْكَيْل فَعَلَيهِ ان يكيله وَلَا يقبضهُ وَلَا المُشْتَرِي الاخر الا بكيل مُسْتَقْبل لَان الْكَيْل قد يزِيد وَينْقص مَا اعيد كيل الا زَاد أَو نقص ارايتم لَو اعيد الْكَيْل فنقص ايلزمه بِجَمِيعِ الثّمن أَو يلْزمه بِحِصَّتِهِ ويحط عَنهُ ثمن النُّقْصَان فقد اخذ البَائِع ثمنا لَا يدْرِي اهو لَهُ كُله ام لَا ان لم يكتل الطَّعَام فَهَذَا لَا يَنْبَغِي ان يتْرك كُله لانه قد يدْخلهُ النُّقْصَان فِيمَا بَين الكيلين وَيسْرق بعضه وَيكون الطَّعَام نديا فييبس فينقص فالكيل وَاجِب فِي ذَلِك ليعلم البَائِع ان الثّمن الَّذِي اخذ لَهُ كَانَ فِي شكّ مِمَّا أَخذ لَا يدْرِي اهو لَهُ كُله ام لَا
- بَاب بيع الدّين
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة لَا يَنْبَغِي ان يَشْتَرِي دينا على رجل حَاضر وَلَا غَائِب وَلَا على ميت باقرار من الَّذِي عَلَيْهِ الدّين وَلَا بإنكار لَان ذَلِك كُله غرر لَا يدْرِي ايخرج ام لَا يخرج وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي ان يَشْتَرِي دينا على رجل حَاضر وَلَا غَائِب الا باقرار من الَّذِي عَلَيْهِ الدّين وَلَا يَشْتَرِي دينا على ميت وان علم بِمَا ترك الْمَيِّت وَذَلِكَ ان

(2/699)


اشتراءه غرر لَا يدْرِي ايتم ام لَا يتم
قَالَ مُحَمَّد كَيفَ اجزتم اشْتِرَاء الدّين على الْحَاضِر الْمقر الا انكم قد علمْتُم يَقِينا انه يخرج قَالُوا لم نعلم ذَلِك يَقِينا قيل لَهُم فالميت لَهُ مَال مَعْرُوف وَفِيه وَفَاء بِالدّينِ فَكيف لَا يجوز اشْتِرَاء الدّين الَّذِي عَلَيْهِ قَالُوا لَا نَدْرِي مَا يلْحق الْمَيِّت من الدّين الَّذِي لم يعلم بِهِ فان لحق الْمَيِّت دين ذهب الثّمن الَّذِي اعطاه الْمُبْتَاع بَاطِلا فِي ذَلِك قُلْنَا لَهُم وانتم ايضا لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ الْحَيّ الَّذِي اشْترى مَا عَلَيْهِ من الدّين وَهُوَ مقرّ بِهِ سيموت وَلَا يدع مَالا وَهُوَ الْيَوْم لَا يعلم لَهُ مَال وانتم لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ الْأَمر يستتم بِهِ حَتَّى يَمُوت وَلَا يدع شَيْئا فَيذْهب الثّمن بَاطِلا فَمن ايْنَ فرقتم بَينهمَا وَلَيْسَ بَينهمَا فرق فِيمَا تتخوفون
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا عبد الله بن أبي السّفر

(2/700)


قَالَ سَمِعت عَامِرًا الشّعبِيّ يَقُول بيع الصَّك غرر لَهُ قِيمَته من النَّقْد وانما يَعْنِي بقوله لَهُ قِيمَته من النَّقْد يَقُول إِذا اشْترى شَيْئا بدين فَهُوَ غرر وَالْبيع فَاسد فان قَبضه فَهَلَك عِنْده فَعَلَيهِ قِيمَته من النَّقْد

(2/701)


- بَاب الشّركَة وَالتَّوْلِيَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الرجل يَبِيع الْبَز

(2/702)


المُصَنّف ويستثني من ذَلِك ثيابًا بِغَيْر اعيانها برقومها اشْترط ان يخْتَار ذَلِك من الرقم أَو لم يشْتَرط ان يخْتَار ذَلِك مِنْهُ حِين اسْتَثْنَاهُ فَالْبيع فَاسد كُله لانه اسْتثْنى من ذَلِك ثيابًا غير مَعْلُومَة وَذَلِكَ ان الثَّوْبَيْنِ

(2/703)


قيمتهمَا تكون وَاحِدَة وهما متفاوتان فَلذَلِك فسد حِين اسْتثْنى ثيابًا غير مَعْرُوفَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان اسْتثْنى ثيابًا برقومها فَاشْترط ان يخْتَار من ذَلِك الرقم فَلَا بَأْس بِهِ وان لم يشْتَرط ان يخْتَار مِنْهُ حِين اسْتثْنى فانا نرَاهُ شَرِيكا فِي عدد الْبَز الَّذِي اشْترى
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يكون شريك فِي عدد الْبَز الَّذِي اسْتثْنى وانما اسْتثْنى ثيابًا ثَلَاثَة أَو اربعة فَيكون الَّذِي اسْتثْنى ثَلَاثَة اثواب أَو اربعة شَرِيكا فِي عشْرين ثوبا لَهُ من كل ثوب بِحِصَّتِهِ وانما اراد ان يكون لَهُ ثَلَاثَة اثواب أَو اربعة

(2/704)


يَنْبَغِي لمن اجاز هَذَا ان يجِئ الرجل الى الرجل عِنْده عدل فِيهِ خَمْسُونَ ثوبا فَيَقُول اشْترِي مِنْك ثوبا من هَذَا الْعدْل بِكَذَا وَكَذَا فَيجوز ذَلِك وَيكون شَرِيكا فِي الثِّيَاب بِمِقْدَار ثوب مِنْهَا هَذَا فَاسد كُله لانه بَاعَ مَا لَا يعرف وَاسْتثنى مَا لَا يعرف وَمن اجاز هَذَا فقد اجاز البيع فِيمَا لَا يعلم واجاز الِاسْتِثْنَاء فِيمَا لَا يعلم وَيَنْبَغِي لمن اجاز هَذَا ان يُجِيز ذَلِك

(2/705)


فِي الرَّقِيق ايضا فَإِن قدم رجل بِمِائَة راس من الرَّقِيق فَبَاعَ ذَلِك من رجل وَاسْتثنى من ذَلِك جَارِيَة وَغُلَامًا كَانَ شَرِيكا فِي الْجَوَارِي بالجارية الَّتِي اسْتثْنى وَكَانَ شَرِيكا فِي الغلمان بالغلام الَّذِي اسْتثْنى فان كَانَ هَذَا عنْدكُمْ هَكَذَا ان يسْتَثْنى جزؤ يسْتَثْنى جَارِيَة فَيكون لَهُ من كل جَارِيَة جزوء فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يُقَال وان فرقوا بَين الرَّقِيق وَالثيَاب فَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يُقَال فهما جَمِيعًا خارجان من الْوَزْن والكيل
- بَاب الشّركَة وَالتَّوْلِيَة والاقالة فِي الطَّعَام
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا لَا خير فِي الشّركَة وَالتَّوْلِيَة فِي الطَّعَام وَغَيره من الْعرُوض حَتَّى يقبض لَان الشّركَة وَالتَّوْلِيَة بيع فَلَا يجوز ذَلِك قبل الْقَبْض واما الاقالة فَلَا بَأْس بهَا قبل ان يقبض لَان ذَلِك نقض بيع فَإِذا قبض مَا اشْترى جَازَت التَّوْلِيَة وَالشَّرِكَة والاقالة فِي ذَلِك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا بَأْس بِالشّركَةِ وَالتَّوْلِيَة والاقالة فِي الطَّعَام وَغَيره قبض أَو لم يقبض إِذا كَانَ ذَلِك بِالنَّقْدِ وَلم يكن فِيهِ ربح وَلَا وضيعة وَلَا تَأْخِير للثّمن فان دخل فِي ذَلِك وضيعة أَو ربح أَو تَأْخِير من وَاحِد مِنْهُمَا فَهُوَ بيع لَيْسَ بتولية وَلَا شرك وَلَا اقالة فِي الطَّعَام

(2/706)


وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن وَكَيف يكون هَذَا فِي قَوْلكُم وَقد رويتم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه قَالَ من اشْترى طَعَاما كَيْلا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ قَالُوا لَان التَّوْلِيَة والشرك فِي الطَّعَام على هَذَا الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا لَيْسَ بِبيع قُلْنَا لَهُم وَكَيف لَا تكون التَّوْلِيَة بيعا الْيَسْ انما اعطاه مَا اشْترى بِهِ قَالُوا بلَى قُلْنَا لَهُم فَهَذَا رجل بَاعه مَا اشْترى مِمَّا يقوم

(2/707)


عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الشّرك اعطاه نصف مَا اشْترى بِنصْف الثّمن ارايتم رجلا اشْترى ابريق فضَّة بِدَنَانِير وَقَالا لَا ابريق رجل قبل ان يقبضهُ الْيَسْ يَنْبَغِي لكم ان تجيزوه لانه لَيْسَ بِبيع وان اجزتم التَّوْلِيَة والشرك فِي الصّرْف قبل ان يقبض حِين يصير بِغَيْر صَاحبه الَّذِي اشْتَرَاهُ قبل ان يقبضهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَهَذَا الظَّن مِمَّا لَا يحل لمُسلم
قَالُوا فان قُلْنَا الصّرْف إِذا افْتَرقَا قبل الْقَبْض بَطل البيع قيل لَهُم فانهما لم يفترقا حَتَّى قبض الَّذِي ولي وَقبض الَّذِي اشرك ذَلِك فَيَنْبَغِي لكم ان تجيزوه لَان التَّوْلِيَة والشرك بيع فَلَا يجوز قبل البيع مَا اشد تجويزكم لما يَنْبَغِي ان يكره واشد كراهتكم لما لَا بَأْس بِهِ تبطلون الْبيُوع الْجَائِزَة بالظنون وتجيزون البيع الَّذِي لَا يَنْبَغِي ان يجاز مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع عَن اشعث عَن مُحَمَّد بن سِرين

(2/708)


قَالَ سَأَلت عُبَيْدَة السَّلمَانِي عَن رجل ابْتَاعَ اكرارا من الْحِنْطَة فَحمل على كل بعير كرا فَلَقِيَهُ رجل فَقَالَ ولني كرا قَالَ خُذ بِرَأْس بعير قَالَ لَا حَتَّى تكيله لَان التَّوْلِيَة بيع قَالَ مُحَمَّد اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع قَالَ اُخْبُرْنَا جَابر عَن الشّعبِيّ قَالَ التَّوْلِيَة بيع
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ

(2/709)


عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ كَانَ يعد التَّوْلِيَة بيعا وَكَانَ ابْن سِيرِين لَا يكرههُ ثمَّ كرهه بعد وَقَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى سلْعَة أَو رَقِيقا فَقَبضهُ ثمَّ سَأَلَهُ رجل ان يشركهُ فَفعل ونقدا جَمِيعًا الثّمن البَائِع الأول بتراض مِنْهُمَا ثمَّ اِدَّرَكَ السّلْعَة شَيْء ينتزعها من ايديهما فان الْمُشرك يَأْخُذ من الَّذِي اشركه مَا نقد فِي السّلْعَة وَيطْلب الَّذِي اشرك بَيْعه الَّذِي بَاعه السّلْعَة بِالثّمن كُله وَقَالَ أهل الْمَدِينَة بقول أبي حنيفَة فِي هَذَا

(2/710)


قَالَ أَبُو حنيفَة فان اشْترط الْمُشرك على الَّذِي اشركه بِحَضْرَة البيع وَعند مبايعة البَائِع الأول وَقبل ان يتَفَاوَت ذَلِك إِن عهدتك على الَّذِي ابتعت مِنْهُ أَو اشْترط ذَلِك بعد التَّفَاوُت فَكَانَ ذَلِك الشَّرْط مِنْهُ فِي عقدَة فالشركة فَاسِدَة لَان الشّركَة بيع فَاشْترط فِيهَا مَا لَا يجوز فافسدها ذَلِك الشَّرْط وَقَالَ أهل الْمَدِينَة ان اشْترط الْمُشرك على الَّذِي اشركه بِحَضْرَة البيع وَعند مبايعة البَائِع الأول وَقبل ان يتَفَاوَت ذَلِك ان عهدتك على الَّذِي ابتعت مِنْهُ فَذَلِك جَائِز وان تفَاوت ذَلِك وَفَاتَ البَائِع الأول فَشرط البَائِع الاخر بَاطِل وَعَلِيهِ الْعهْدَة
وَقَالَ مُحَمَّد لَئِن جَازَ ان يشْتَرط ذَلِك قبل رضَا البَائِع انه ليجوز بعد التَّفَاوُت وان لم يجز ذَلِك الا بعد رضَا البَائِع الأول فَرضِي البَائِع انه لجائز قبل التَّفَاوُت وَبعد التَّفَاوُت وَمَا يفترقان فِي شَيْء وَمَا هَذَا بِصَرْف

(2/711)


فَيُقَال فِيهِ كَمَا يُقَال فِي الصّرْف ان قبضا قبل ان يفترقا جَازَ الصّرْف والا لم يجز ارايتم التَّفَاوُت وَغير التَّفَاوُت وَهل سَمِعْتُمْ بَينهمَا بفرق من سنة أَو اثر اني لاعجب مِمَّن احْتمل هَذَا وَكَيف احتمله وَكَيف ظن ان هَذَا صَوَاب اخبرونا عَن وَقت التَّفَاوُت مَا هُوَ توقتون يَوْمًا أَو شهرا اَوْ سنة أَو مَجْلِسا قبل الِافْتِرَاق فَهَذَا يشبه الصّرْف وان كَانَ على غير الْمجْلس فَمَا حَده انما يَنْبَغِي ان يكون الامر فِي قَوْلكُم امرا وَاحِدًا ان كَانَ الامر يجوز بِغَيْر رضَا البَائِع فَمَا يضركم فَاتَ أَو لم يفت إِذا رَضِي بذلك المُشْتَرِي فِي الَّذِي اشركه وان كَانَ لَا يجوز الا بِرِضا البَائِع فَهُوَ جَائِز ان رَضِي البَائِع ان تفَاوت أَو لم يتَفَاوَت لَيْسَ الامر كَمَا وصفتم وَلَكِن الشّركَة لَا تجوز حَتَّى يقبض المُشْتَرِي مَا اشْترى فَإِذا قبض ذَلِك ثمَّ اشرك فِيهِ فالشركة جَائِزَة لَا ان يشْتَرط احدهما الْعهْدَة على البَائِع فان اشْترط ذَلِك فَالْبيع فَاسد الان الْعهْدَة على المُشْتَرِي الأول فَإِذا اشْترطت على غَيره فسد البيع وَالشّرط
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من ابْتَاعَ سلْعَة فقبضها وَوَجَبَت لَهُ ثمَّ قَالَ رجل اشركني بِنصْف هَذِه السّلْعَة وانا ابيعها لَك جَمِيعًا فَكَانَ

(2/712)


ذَلِك شرطا مِنْهُ فِي اصل البيع ان هَذِه الشّركَة فَاسِدَة لانه اشْترط فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا قَالَ اشركني بِنصْف هَذِه السّلْعَة على ان ابيع لَك النّصْف الاخر فَهَذَا لَا بَأْس بِهِ وَتَفْسِير ذَلِك ان هَذَا بيع جَدِيد بَاعه نصف السّلْعَة على ان يَبِيع لَهُ النّصْف الآخر
قَالَ مُحَمَّد الْيَسْ كَانَ حِين كَانَ بيعا جَدِيدا فِي قَوْلكُم فقد اشْترط فِيهِ بيع غَيره وَلَا يدْرِي ايكون ذَلِك البيع ام لَا يكون ذَلِك قَالُوا رُبمَا يَتَيَسَّر بَيْعه وَرُبمَا لَا يَتَيَسَّر بَيْعه قيل لَهُم فقد اشْترط امرا لَا يدْرِي ايكون ام لَا يكون وان كَانَ فَلَا يدْرِي مَتى يكون فَكيف كَانَ هَذَا مَا يَنْبَغِي ان يكون من الْغرَر امرا اشق من هَذَا اخبرونا عَن الشَّرْط الَّذِي اشْترط عَلَيْهِ ألازم هُوَ للَّذي شَرط عَلَيْهِ قَالُوا نعم هُوَ جَائِز قيل لَهُم فَرجل اشْترى شَيْئا فَاشْترط عَلَيْهِ صَاحبه ان يَبِيع لَهُ شَيْئا آخر ايجوز هَذَا قَالُوا نعم قيل لَهُم يَنْبَغِي لمن اجاز هَذَا ان يُجِيز بيعا فِي بيع

(2/713)


فَيَقُول من اشْترى شَيْئا بِثمن على ان يَشْتَرِي مِنْهُ البَائِع شَيْئا بِثمن آخر قد سَمَّاهُ انه جَائِز وان يُجِيز مَا نهى عَنهُ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله من اشْترى جَارِيَة على انه ان اراد بيعهَا فَهُوَ احق بهَا انه مَكْرُوه فَيَنْبَغِي لمن اجاز الأول ان يُجِيز هَذَا لَان هَذَا شَرط فِي البيع لَيْسَ مِنْهُ وَالْأول ايضا شَرط فِي البيع لَيْسَ مِنْهُ لَان اشْتِرَاطه عَلَيْهِ ان يَبِيع لَهُ شَيْئا لَيْسَ من شُرُوط البيع وَالشِّرَاء وَإِنَّمَا هَذَا اشبه بالاجارة مَعَ الَّذِي اشْترط ذَلِك عَلَيْهِ لَا يدْرِي ابيع ام لَا وَلَا يدْرِي مَتى يَبِيع فَهَذَا غرر وَهُوَ فَاسد
- بَاب إفلاس الْغَرِيم
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي رجل بَاعَ من رجل مَتَاعا فأفلس الْمُبْتَاع ان البَائِع ان وجد مَتَاعه بِعَيْنِه وَقد كَانَ المُشْتَرِي قَبضه فَلَيْسَ بِأَحَق من الْغُرَمَاء لَان المُشْتَرِي قد قَبضه وَصَارَ فِي ضَمَانه وَلكنه لَو لم يقبضهُ حَتَّى يفلس المُشْتَرِي لم يكن للْمُشْتَرِي وَلَا للْغُرَمَاء على البَائِع سَبِيل حَتَّى يَسْتَوْفِي البَائِع الثّمن وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا افلس الْمُبْتَاع فالبائع

(2/714)


إِذا وجد شَيْئا من مَتَاعه بِعَيْنِه اخذه وان كَانَ المُشْتَرِي قد بَاعَ بعضه وفرقه فَصَاحب الْمَتَاع احق بِهِ من الْغُرَمَاء لَا يمنعهُ مَا فرق المُشْتَرِي ان يَأْخُذ مَا وجده بِعَيْنِه فان كَانَ اقْتضى البَائِع الأول من ثمن مَتَاعه شَيْئا واحب ان يردهُ وَيقبض مَا وجد من مَتَاعه وَيكون فِي مَا لم يجد اسوة للْغُرَمَاء فَذَلِك لَهُ قَالُوا وان مَاتَ المُشْتَرِي والسلعة قَائِمَة بِعَينهَا وَالْبَائِع لم يقبض من ثمنهَا شَيْئا فَهُوَ اسوة الْغُرَمَاء وَقَالَ أَبُو حنيفَة ان مَاتَ وَقد قبض مَا اشْترى فالبائع اسوة الْغُرَمَاء فِي السّلْعَة الَّتِي بَاعَ فان لم يكن المُشْتَرِي قبض مَا اشْترى فالبائع احق بِهِ يُبَاع لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي ثمنه فان زَاد ثمن السّلْعَة على حَقه كَانَ للْغُرَمَاء وان نقص كَانَ البَائِع اسوة الْغُرَمَاء بِمَا بَقِي من مَال الْمَيِّت

(2/715)


قَالَ مُحَمَّد وَكَيف الْغُرَمَاء بالافلاس احق بمتاعه من الْغُرَمَاء وَقد قبض مَا اشْترى وَإِذا كَانَ الْمَوْت كَانَ اسوة الْغُرَمَاء قَالُوا لَان الاثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ بذلك قيل لَهُم انا نرى ذَلِك فِي البيع الَّذِي لم يقبض فقد جَاءَ الحَدِيث عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ انه قَالَ فِي الْمَوْت انه اسوة الْغُرَمَاء وَعلي اعْلَم بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن تروون عَنهُ وانما تروون حديثكم هَذَا عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أبي هُرَيْرَة

(2/716)


رَضِي الله عَنهُ وَعلي اوثق فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أبي هُرَيْرَة وَاعْلَم وَلَيْسَ الافلاس والتوى اشد من ان يَمُوت الرجل

(2/717)


وَلَا يدع مَالا فَيَنْبَغِي كَمَا قُلْتُمْ فِي الافلاس انه ان وجد مَتَاعه اخذه ان تَقولُوا ذَلِك فِي الْمَوْت إِذا لم يدع مَالا لانه لَا يكون من الافلاس وتوى المَال شَيْء اعظم من ان يَمُوت وَلَا يدع شَيْئا
وَقَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من اشْترى سلْعَة من السّلع غزلا أَو مَتَاعا أَو بقْعَة من الارض ثمَّ احدث فِي ذَلِك الْبقْعَة دَارا أَو نسج الْغَزل ثوبا ثمَّ افلس الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِك فَلَيْسَ البَائِع احق بذلك من الْغُرَمَاء وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِذا قَالَ رب الْبقْعَة انا اخذ الْبقْعَة وَمَا فِيهَا من الْبُنيان فان ذَلِك لَيْسَ لَهُ وَلَكِن تقوم الْبقْعَة وَمَا فِيهَا مِمَّا اصلح

(2/718)


ثمَّ ينظر ثمن الْبقْعَة وَثمن الْبُنيان من تِلْكَ الْقيمَة ثمَّ يكونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِك لصَاحب الْبقْعَة بِقدر حِصَّته وللغرماء بِقدر حِصَّة الْبُنيان وَكَذَلِكَ الْغَزل وَغَيره مِمَّا اشبهه إِذا دخله هَذَا فَهَكَذَا الْعَمَل فِيهِ فاما مَا بيع من السّلْعَة الَّتِي لم يحدث فِيهَا الْمُبْتَاع شَيْئا الا ان تِلْكَ السّلْعَة نفقت وارتفع ثمنهَا فصاحبها يرغب فِيهَا والغرماء يُرِيدُونَ امساكها فان الْغُرَمَاء يخيرون اما ان يُعْطوا رب السّلْعَة الثّمن الَّذِي بَاعهَا لَا ينقصونه شَيْئا أَو يسلمُوا اليه سلْعَته وان كَانَ قد نقص ثمنهَا فَالَّذِي بَاعهَا بِالْخِيَارِ ان شَاءَ ان يَأْخُذ سلْعَته ولاتباعه لَهُ فِي شَيْء من مَال غَرِيمه فَذَلِك لَهُ

(2/719)


وان شَاءَ ان يكون غريما من الْغُرَمَاء يحاص بِحقِّهِ وَلَا يَأْخُذ سلْعَته فَذَلِك لَهُ
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يكون الْخِيَار بَين اخذ سلْعَته وَبَين المحاصة بِالثّمن هَل كَانَ اشْترط على المُشْتَرِي رد مَتَاعه حِين بَاعه ان لم يسْتَوْف الثّمن قَالُوا لم يشْتَرط ذَلِك قيل لَهُم فَكيف كَانَ احق بذلك من غَيره والسلعة لَو هَلَكت فِي يَد المُشْتَرِي هَلَكت فِي ضَمَانه وَمن مَاله قَالُوا بالاثر الَّذِي جَاءَ فِي ذَلِك قُلْنَا لَهُم مَا اسرعكم الى الِاحْتِجَاج بالاثر الَّذِي كَانَ عنْدكُمْ فَهَلا احتججتم بالاثر فِيمَا مضى مِمَّا ابطلتم من الْبيُوع بالظنون لَو كَانَ عنْدكُمْ فِي ذَلِك اثار لاحتججم بهَا كَمَا احتججتم فِي هَذَا مَعَ ان الاثر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ لَا يعدل عندنَا مَا قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لَان قَول على رَضِي الله عَنهُ عندنَا اثْبتْ من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ

(2/720)


- بَاب مَا يجوز فِي السّلف وَمَا لَا يجوز
-
مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يسْتَحبّ ان يستقرض رجل شَيْئا من الْحَيَوَان لَان ذَلِك لَيْسَ مِمَّا يُكَال وَلَا يُوزن وَلَا يعد عددا مثل الْفُلُوس والجوز وَالْبيض الَّذِي يكون عدده سَوَاء لَا يفضل بعضه بَعْضًا فاما مَا يخرج من الْكَيْل وَالْوَزْن وَالْعدَد الْمَعْرُوف الَّذِي لَا يفضل بعضه بَعْضًا مثل الْجَوْز وَالْبيض والفلوس فَلَا يَنْبَغِي ان يتقارض النَّاس فِيمَا بَينهم من ذَلِك الثِّيَاب وَالْحَيَوَان وَالْعرُوض والآنية وَنَحْو ذَلِك وَقَالَ أهل الْمَدِينَة

(2/726)


من استسلف شَيْئا من الْحَيَوَان بِصفة وبحلية مَعْرُوفَة فَلَا بَأْس بذلك وَعَلِيهِ ان يرد مثله الا مَا كَانَ من الولائد فانا نَخَاف فِي ذَلِك الذريعة الى احلال مَا لَا يحل فَلَا يصلح
وَقَالَ مُحَمَّد وَلَئِن جَازَ قرض العبيد ليجوزن ان تقْرض الْجَارِيَة وَمَا بَينهمَا فرق وَلَئِن جَازَ ان يقْرض الابل وَالْبَقر وَالْغنم ليجوزن ان يقْرض العبيد والجواري فان قَالَ أهل الْمَدِينَة ان بَين الْجَوَارِي وَالْعَبِيد فرقا وَلَا بُد من ان يفرقُوا فِي مَا بَين ذَلِك بِشَيْء قَالُوا انما كرهنا ان يستسلف الرجل الْجَارِيَة فيصيبها مَا بدا لَهُ ثمَّ يردهَا الى صَاحبهَا بِعَينهَا وَهَذَا لَا يصلح وَلَا يحل قيل لَهُم وَلم كرهتم وانتم لَا ترَوْنَ بِمثلِهِ

(2/727)


بَأْسا قَالُوا وَمَا ذَلِك قُلْنَا الرجل يَشْتَرِي الْجَارِيَة الثّيّب فيقبضها فيطأها ثمَّ يجد بهَا عَيْبا زعمتم انه يردهَا وَيَأْخُذ الثّمن وَلَا يكون عَلَيْهِ عقر فقد رد الْجَارِيَة وَقد وَطأهَا زَمَانا بِغَيْر شَيْء وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي ان تَقولُوا اذا اسْتقْرض جَارِيَة فَوَطِئَهَا فَلم ينقصها الوطىء شَيْئا فليردها قَضَاء بالقرض وَلَا يكون بذلك بَأْس ليسَا يفترقان فِي شَيْء وَلَكِن هَذَا كُله ردى وَقد زعمتم

(2/728)


بِأَن رجلا لَو غصب غُلَاما اَوْ نَاقَة أَو بَعِيرًا واستهلكه لم يكن عَلَيْهِ مثله وَكَانَت عَلَيْهِ قِيمَته يَوْم قَبضه فَهَذَا ترك لقولكم من اجازة القرضة بالجارية يَنْبَغِي ان تَقولُوا عَلَيْهِ مثل مَا اسْتهْلك فان كَانَ بَعِيرًا كَانَ عَلَيْهِ مثله وان كَانَ عبدا كَانَ عَلَيْهِ مثله بمكيله قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَلم لَا يكون الرَّقِيق وَالْحَيَوَان مثل هَذَا وانتم تجمعون بَين ذَلِك كُله وتجعلونه سَوَاء فِي الْقَرْض
- بَاب جَامع الْبيُوع
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة من اشْترى ابلا أَو رَقِيقا أَو جباب بز أَو قلانس أَو خفافا أَو نعالا مجازفة فان ذك جَائِز لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يجوز ان يَشْتَرِي شَيْئا مجازفة وَلَا شَيْئا يَقع عَلَيْهِ الْعدَد

(2/729)


إِذا كَانَ مجتمعا من هَذَا الضَّرْب وَمن هَذَا النَّحْو قَالَ مُحَمَّد وَكَيف لم يجز هَذَا مجازفة قَالُوا لَان هَذَا الضَّرْب يعد قَالُوا لانا نعلم مَا فِيهِ وَهَذَا النَّحْو إِذا بيع عددا انما يَعْتَرِيه المقامرة والمخاطرة قيل لَهُم فَمَا تَقولُونَ فِي بيع الطَّعَام مجازفة قَالُوا لَا بَأْس بِهِ قيل لَهُم وَكَيف افْتَرقَا قَالُوا لِأَن هَذَا كيلى وَقد جَاءَ انه يُبَاع مجازفة وَكيلا وَلم نسْمع احدا اجاز فِي مثل هَذَا الْفرق فِي الرَّقِيق وَالنعال والقلانس مجازفة قيل لَهُم هَل سَمِعْتُمْ فِي كَرَاهِيَة بيع الْعدَد فِي مثل هَذِه الاشياء مجازفة اثرا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو عَن اُحْدُ من اصحابه قَالُوا لم نسْمع بذلك وَلم يَأْتِ عَنْهُم فِي ذَلِك اجازة وَلَا غَيرهَا وَلَا نجيز ذَلِك فانا نتخوف فِيهِ مَا ذكرنَا لَك وَقد جَاءَ فِي بيع الطَّعَام بيع المجازفة قيل لَهُم فَإِذا جَاءَ فِي الطَّعَام اجازة بيع المجازفة وَلم يَأْتِ ذَلِك فِي الْعدَد الَّذِي ذكرْتُمْ فَيَنْبَغِي ان يُقَاس مَا لم يَأْتِ فِيهِ اثر بِمَا جَاءَ فِيهِ الاثار ارايتم رجلا انْتهى الى رجل وَمَعَهُ عدل ثِيَاب فَقَالَ صَاحب الْعدْل مَا ادري كم فِيهِ ثوبا وان فَتحته فعددته اضر ذَلِك بِعدْل وَقد هلك البرنامج اما يَنْبَغِي ان يجوز بيع هَذَا ابدا حَتَّى يفتح ويعد فَهَذَا جَائِز ولعمري انه لمن ظنونكم الَّتِي افسدتم بهَا بُيُوع الْمُسلمين الْجَائِزَة بَينهم حَتَّى تَجْعَلُونَ

(2/730)


هَذِه مخاطرة ومقامرة ارايتم رجلا قدم عَلَيْهِ وَهُوَ من أهل الْمَدِينَة بِحمْل من جوز وَهُوَ يُبَاع عددا اما يجوز ان يَبِيعهُ مجازفة حَتَّى يعده ارايتم ان اجْتمع عِنْده بيض كثير فَبَاعَهُ مجازفة اما يجوز ذَلِك حَتَّى يعده ارايتم رجلا اتى بارضه باحمال كَثِيرَة من جزر وقثاء وبطيخ اما يجوز ان يَبِيعهَا فِي احمالها حَتَّى يعدها وَاحِدًا وَاحِدًا فَإِن قُلْتُمْ هَذَا جَائِز فَلَا بُد لكم من ان تجوزوا هَذَا فَلم لَا تجوزون الأول وَلَا فرق بَين الأول وَهَذَا وَلم لم تقيسوا الأول على هَذَا واجزتم هَذَا وَلَو لم تجيزوا بيع الْجَوْز وَالْبيض جزَافا فقد خالفتم الامة وَلَكنَّا لَا نشك انكم تجيزونه فقيسوا الْجبَاب والخفاف والقلانس وَمَا كرهتم من ذَلِك على هَذِه الاشياء

(2/731)


والا فَأنْتم متحكمون ارايتم رجلا قدم لَهُ من خُرَاسَان بجراب قوهي والقوهي إِذا حل اذر ذَلِك بِهِ اضرار شَدِيد وَصَاحبه لَا يدْرِي عدد مَا فِيهِ من الثِّيَاب اما يجوز ان يَبِيعهُ حَتَّى يفتح وَيعلم عدده هَذَا جَائِز كُله وَلَيْسَ يكون من الْبيُوع شَيْء اجوز من بيع المجازفة الَّذِي لَا يحْتَاج فِيهِ الى كيل وَلَا وزن وَلَا عدد
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يُعْطي السّلْعَة يَبِيعهَا لَهُ وَقد قَومهَا صَاحبهَا قيمَة فَقَالَ ان بعتها بِهَذَا الثّمن الَّذِي امرتك بِهِ فلك دِينَار أَو شَيْء يُسَمِّيه لَهُ يتراضيان عَلَيْهِ وان لم تبعها فَلَيْسَ لَك شَيْء إِن هَذَا فَاسد فان بَاعهَا بذلك فَالْبيع جَائِز وَله اجْرِ مثله فِيمَا بَاعَ وَلَا يُجَاوز بِهِ مَا سمي لَهُ من الاجر وان لم يبعها فَلهُ اجْرِ مثله وَعَمله

(2/732)


وَلَا يُجَاوز بِهِ مَا شَرط لَهُ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَيْسَ بذلك بَأْس إِذا سمى لَهُ ثمنا يَبِيعهَا لَهُ وسمى لَهُ جعلا مَعْلُوما ان بَاعَ اخذه وان لم يبع فَلَيْسَ لَهُ شَيْء قَالُوا انما هَذَا كَمَا يَجْعَل الرجل فِي عَبده الابق إِذا كَانَ مَوْضِعه مَعْلُوما قَالَ مُحَمَّد هَذَا شَرط شَرط لَهُ وَجعل جعل لَهُ على بَيْعه فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان يذهب عمله بَاطِلا ان لم يبع
وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَو ان رجلا جَاءَ بِعَبْد آبق من اهل الْعرَاق الى سَيّده بالحجاز لم يكن لَهُ جعل الابق وَقَالُوا لَا نَعْرِف الحَدِيث الَّذِي تروونه فِي جعل الْآبِق قُلْنَا لَهُم الاحاديث فِي ذَلِك أغزر وَأشهر من ان ترد وَقد رَوَاهَا بعض أهل الْعرَاق فَلَو كَانَ الامر كَمَا تَقولُونَ انه لَا جعل

(2/733)


للآبق كَانَ ذَلِك احرى ان يكون قَوْلكُم فِيمَا ذكرْتُمْ من قَوْلكُم ان بِعته بِكَذَا وَكَذَا فلك دِينَار ان ذَلِك اجارة لانكم لَا تعرفُون جعل الابق وكل شَيْء عدا جعل الابق فَهُوَ اجارة قَالُوا لَيْسَ ذَلِك اجارة وَلكنه جعل قيل لَهُم وَكَيف يكون جعلا وَقد ألزمهُ صَاحب الثَّوْب نَفسه وَقَالَ هُوَ لَك على ان بِعته انما يكون الْجعل جعل الابق الَّذِي يلْتَزم صَاحبه بِغَيْر الْتِزَام مِنْهُ لنَفسِهِ فَكَذَلِك الْجعل فَأَما مَا ألزمهُ الرجل نَفسه على بيع مَتَاع لَهُ فَتلك اجارة فان كَانَت جَائِزَة فسبيلها سَبِيل الاجارة الْجَائِزَة وان كَانَت فَاسِدَة فَلهُ اجْرِ مثله لَا يُجَاوز بِهِ مَا سمي لَهُ لانه قد رَضِي بِحقِّهِ وَمِمَّا جَاءَ من الاثار فِي جعل الابق
مُحَمَّد اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ اُخْبُرْنَا سعيد بن الْمَرْزُبَان عَن أبي

(2/734)


عَمْرو عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ جعل الابق إِذا وجد خَارج الْمصر اربعون درهما

(2/735)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ حَدثنَا أَبُو رَبَاح عَن ابي عَمْرو

(2/736)


الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك فِي جعل الْآبِق

(2/737)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع الاسدي عَن عبد الله بن رَبَاح عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ وجدت سِتَّة عشر عبدا اباقا فَأتيت عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ اجرت وغنمت قلت

(2/740)


يَا ابا عبد الرَّحْمَن اجرت وغنمت قَالَ فَأمرنِي ان اخذ جعل كل وَاحِد مِنْهُم اربعين درهما
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الْآبِق إِذا وجد خَارِجا من الْحرم دِينَارا
مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن عبد الله بن رَبَاح عَن

(2/741)


أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ اصاب ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا رَقِيقا بِبَعْض هَذِه السوَاد فَقضى لَهُ عبد الله بالجعل فَقَالَ كَذَا وَكَذَا درهما لم يحفظ
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا مسعر بن كدام عَن عبد الله بن رَبَاح عَن عبد الْكَرِيم قَالَ لقِيت عبد الله بن عتبَة فَقلت افنجعل فِي العَبْد الْآبِق قَالَ

(2/742)


نعم قلت فالحر قَالَ لَا قلت فَمَا الَّذِي حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عكة من عسل
مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا قيس بن الرّبيع الْأَسدي قَالَ حَدثنَا حزن بن بشير

(2/743)


الخثعمى عَن بعض اشياخ مِنْهُم قَالَ وجد مولى للْحرّ عبدا ابقا نَحْو حَيّ فَكتب إِلَى مَوْلَاهُ بِالْكُوفَةِ ان عِنْدِي عبدا لبنى فلَان فَانْطَلق فاجتعل مِنْهُم قَالَ فَانْطَلق مَوْلَاهُ فاجتعل واخذ الْجعل وَكتب اليه اني قد اجتعلت لَك فاقبل بِهِ فابق مِنْهُ العَبْد فخاصمه الى شُرَيْح فضمنه فَرجع الى عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ أَخطَأ شُرَيْح واساء الْقَضَاء يحلف العَبْد الاحمر للْعَبد الاسود بِاللَّه الَّذِي لَا اله الا هُوَ لابق مِنْهُ اباقا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شيئ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يعْطى السّلْعَة فَيُقَال لَهُ بعها وَلَك كَذَا وَكَذَا فِي كل دِينَار شَيْء مُسَمّى ان ذَلِك لَا يصلح

(2/744)


فان بَاعَ فَلهُ اجْرِ مثله فَلَا يُجَاوز مَا سمي لَهُ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة هَذَا ايضا لَا يصلح وَقَالَ مُحَمَّد هَذَا ترك مِنْكُم لقولكم الأول قَالُوا انما صَار لَا يصلح لانه كلما نقص دِينَار من ثمن السّلْعَة نقص من حَقه الَّذِي رسم لَهُ فَهَذَا غرر لَا يدْرِي كم جعل لَهُ قيل لَهُم انتم تَزْعُمُونَ ان الأول لَيْسَ باجارة انما هُوَ جعل ثمَّ جعلتم هَذَا من اشد الاجارة واتيتم فِيهِ الْعذر صَدقْتُمْ هَذَا لعمري غرر وَالْأول ايضا غرر لَان البيع رُبمَا لم يَتَيَسَّر وَلَا يَبِيع شَيْئا وَرُبمَا مكث بِيَسِير ذَلِك فَبَاعَ من سَاعَته فَهَذَا غرر لَا يدْرِي أيباع ام لَا يُبَاع وَلَا يدْرِي مَعَ ذَلِك مَتى يبْتَاع وَالْأول ايضا غرر لَا يصلح فَإِذا كَانَ جعلا على غير الاجارة فأجيزوه واما ان تَقولُوا انما اجزنا الأول لانا لم نجعله بِمَنْزِلَة الاجارة وجعلناه جعلا وَهَذَا نجعله بمنزله الاجارة

(2/745)


اَوْ نبطله للغرر فَهَذَا لَا يقبل الا بِبَيِّنَة وبرهان وَلَو قبلنَا هَذَا نَحن مِنْكُم بِغَيْر حجَّة مَا قبله النَّاس منا
- بَاب مَا بَاعَ من السّلْعَة بِأَقَلّ أَو أَكثر أَو بِمثل ذَلِك إِلَى الْأَجَل أَو بعد الاجل أَو قبل الاجل
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من اشْترى سلْعَة بِنَقْد أَو بنسيئة فقبضها وَلم ينْقد الثّمن حَتَّى بَاعهَا من الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ بَاقِل من الثّمن فَلَا خير فِيهِ فان اشْتَرَاهَا بِمثل ذَلِك الثّمن الى ذَلِك الاجل أَو اقل من ذَلِك الاجل نَسِيئَة فَلَا بَأْس بِهِ وان اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَكْثَرَ من ذَلِك الثّمن الى اقْربْ من ذَلِك الاجل أَو الى دونه أَو الى أَكثر من ذَلِك الاجل فَلَا خير فِيهِ وان اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمثل ذَلِك الثّمن الى دون ذَلِك الاجل أَو مثله فَلَا بَأْس بِهِ وان اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمثل ذَلِك الثّمن الى الْأَكْثَر من ذَلِك الاجل فَلَا خير فِيهِ وانما معتمده فِي ذَلِك لانه لَا يُجِيز ان يَشْتَرِي السّلْعَة بَاقِل مِمَّا بَاعهَا بِهِ حَتَّى يقبض الثّمن وَقَالَ أهل الْمَدِينَة كل من بَاعَ سلْعَة الى اجل فَلَا بَأْس بِهِ ان يَشْتَرِيهَا بَاقِل أَو بِأَكْثَرَ أَو بِمثل ذَلِك الى الاجل وَلَا خير ان يَشْتَرِيهَا بَاقِل قبل الاجل وَلَا بِأَكْثَرَ بعد الاجل وَلَا بَأْس بَاقِل بعد الاجل وَلَا بَأْس بِأَكْثَرَ قبل الاجل وَقَالَ مُحَمَّد انما نكره من هَذَا خصْلَة وَاحِدَة ان يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ قبل

(2/746)


أَن يَسْتَوْفِي الثّمن لانه إِذا اشْتَرَاهُ بِأَقَلّ قبل الاجل أَو مَعَ الاجل أَو بعد الاجل رجعت اليه سلْعَته وَبَقِي لَهُ فضل على المُشْتَرِي مَعَ رُجُوع سلْعَته اليه فَهَذِهِ يكره من ذَلِك ونكره مِنْهُ خصْلَة اخرى ان يَشْتَرِي السّلْعَة بِمثل ذَلِك الثّمن الى أَكثر من ذَلِك الاجل لانه قد يَشْتَرِيهَا حِينَئِذٍ بِأَقَلّ مِمَّا بَاعهَا بِهِ فَرَجَعت اليه سلْعَته واستقصر الاجل وَكَذَلِكَ بلغنَا عَن عَائِشَة ام الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا ان امْرَأَة قَالَت لَهَا اني بِعْت زيد بن

(2/747)


أَرقم جَارِيَة بثمانمائة دِرْهَم إِلَى عطائه واشتريتها مِنْهُ بستمائة دِرْهَم نَقْدا فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بئس مَا شريت وَبئسَ مَا اشْتريت أبلغي زيد ابْن ارقم انه قد بَطل جهاده مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان لم يتب فَقَالَت يَا ام الْمُؤمنِينَ فان اخذت راس مَالِي قَالَت فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف
مُحَمَّد قَالَ حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن امْرَأَته

(2/748)


عَن عَائِشَة بذلك
مُحَمَّد قَالَ واخبرنا ايضا يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن امهِ الْعَالِيَة ابْنة ايفع عَن عَائِشَة مثل ذَلِك فَأَما مَا ذكر أهل الْمَدِينَة من زِيَادَة الثّمن

(2/750)


الى اجل فان بعد الْأَجَل لَيْسَ بذلك بَأْس وَقَالُوا انما ابطلنا ان يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ من الثّمن إِلَى الْأَجَل لانا نَخَاف ان يكون ذَرِيعَة إِلَى الرِّبَا فَيكون بِمَنْزِلَة جَارِيَة نَقْدا وَعشرَة دَنَانِير الى شَهْرَيْن بِعشْرين دِينَار إِلَى شَهْرَيْن قُلْنَا لَهُم أَرَأَيْتُم رجلا رأى جَارِيَة ثَيِّبًا عِنْد رجل فاعجبته فَسَأَلَهُ ان يُزَوّجهَا اياه فَأبى فاشتراها مِنْهُ بِمِائَة دِينَار إِلَى سنة فقبضها فَوَطِئَهَا فَلم ينقصها ذَلِك شَيْئا ثمَّ بَاعهَا مِنْهُ بِخَمْسِينَ دِينَارا إِلَى ذَلِك الاجل أَلَيْسَ قد رجعت لَهُ

(2/753)


جَارِيَته وَبَقِي لَهُ خَمْسُونَ دِينَارا إِلَى ذَلِك الْأَجَل انما يَنْبَغِي لكم أَن تُبْطِلُوا هَذَا وتجعلوه كانه اسْتَأْجرهَا بِخَمْسِينَ الدِّينَار الْفضل ليطأها هَذَا افسد مَا اجزتم واحرى ان يبطل فأجزتم ذَلِك مَا يَنْبَغِي ان يبطل وابطلتم مَا لَا بَأْس بِهِ
- بَاب مَا جَاءَ فِي ثمن الْكَلْب
-
وَقَالَ مُحَمَّد قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا بَأْس بِثمن كلب الصَّيْد وَلَا بَأْس بِبيعِهِ وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا خير فِي بيع الْكَلْب الضواري وَغير الضواري قَالَ مُحَمَّد يَنْبَغِي لمن لم يجز بيع الْكَلْب الضاري الَّذِي يتَّخذ للصَّيْد ان يَقُول ان قَتله انسان لم يكن عَلَيْهِ شَيْء فان قَالُوا نغرمه قِيمَته إِذا قَتله ونجعله بِمَنْزِلَة الْحر فَلَا نجيز بيع الْحر وان قَتله قَاتل فَعَلَيهِ الدِّيَة

(2/754)


قيل لَهُم ان هَذَا لَا يشبه الْحر لَان الْحر لَا يملك وَهَذَا يملك ارايتم لَو ان رجلا وهب كَلْبا صائدا ضاريا لرجل اما كَانَ يجوز فان جَائِزا فَكيف يُقَاس هَذَا بِالْحرِّ وَالْحر لَا يجوز هِبته وَلَا يملك على وَجه من الْوُجُوه وَيَنْبَغِي لمن أبطل بيع الْكَلْب الضاري ان يبطل بيع الفهد وَبيع الْبَازِي

(2/755)


والصقر قَالُوا لانا لَا نرى بأكلها بَأْسا قيل لَهُم وانما كرهتم بيع الْكلاب وَالسِّبَاع كلهَا لَان اكلها مَكْرُوه قَالُوا نعم قيل لَهُم ان الشَّيْء رُبمَا كره اكله فَاشْترى لمَنْفَعَة اخرى تكون فِيهِ ارايتم بيع الْحمار الْيَسْ جَائِزا قَالُوا بلَى قيل لَهُم فانتم تَكْرَهُونَ اكله قَالُوا بَيْعه جَائِز لَان فِيهِ مَنْفَعَة لركوبه وَغير ذَلِك من الْحمل عَلَيْهِ قيل لَهُم فالكلب الضاري وكلب الْمَاشِيَة فيهمَا مَنْفَعَة مثل ركُوب الْحمار فَكيف ابطلتم بيعهمَا ارايتم الهر مَا تَقولُونَ فِي بَيْعه يَنْبَغِي فِي قَوْلكُم ان تكْرهُوا بَيْعه وشراءه لَان الاشياء قد تشترى لمنافعها واكلها مَكْرُوه ثمَّ لَا يكون بشرائها وَبَيْعهَا بَأْس قَالُوا أَو لَيْسَ قد جَاءَ فِي الحَدِيث من السُّحت ثمن الْكَلْب قيل

(2/756)


لَهُم هَذَا مَنْسُوخ عندنَا من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لانه بلغنَا انه كَانَ امْر بقتل الْكلاب ثمَّ نهى عَنهُ بعد ذَلِك وَقَالَ اقْتُلُوا كل

(2/757)


اسود بهيم فانه شَيْطَان فَكَانَ تَحْرِيم بيعهَا عندنَا حِين امْر بقتلها واخراجها فَلَمَّا نهى عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسخ تَحْرِيم بيعهَا

(2/758)


وَمِمَّا يدلكم على هَذَا ان الحَدِيث مَنْسُوخ انه جَاءَ فِي الحَدِيث ان من السُّحت ثمن الْكَلْب واجر الْحجام ثمَّ رخص فِي اجْرِ الْحجام فَكَذَلِك

(2/768)


رخص عندنَا فِي بيع الْكَلْب النافع حِين نهى عَن قَتلهَا وَقد بلغنَا عَن

(2/769)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه رخص لأهل الْبَيْت القاصي فِي الْكَلْب يتخذونه مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا بذلك أَبُو مَالك النَّخعِيّ عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن ابراهيم النَّخعِيّ

(2/770)


مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو حنيفَة قَالَ سَمِعت عَطاء بن أبي رَبَاح يَقُول لَا بَأْس بِثمن الهر فَهَذِهِ من السبَاع قَالُوا الْعَمَل عندنَا مَا كره اكله فَلَا خير فِي بَيْعه الا ترى انك لَا تَأْكُل شَحم الْميتَة وانت تنْتَفع بِهِ ان شِئْت فِي الدّباغ أَو غَيره قيل لَهُم هَذَا لَا يشبه السبَاع الضواري الَّتِي نتَّخذ للصَّيْد انا لَا نكره الِانْتِفَاع بصيد الْكلاب ونرى ذَلِك حَلَالا حسنا وانتم تَرَوْنَهُ ايضا وَلَو ان رجلا اراد ان ينْتَفع بشحم ميتَة للدباغ أَو للسراج أَو غير ذَلِك بِشَيْء من ذَلِك وَكَانَ أكله عندنَا مَكْرُوها لَا يَنْبَغِي لَهُ وعندكم ايضا وكل

(2/771)


شَيْء كره اكله وَالِانْتِفَاع بِهِ على وَجه من الْوُجُوه فشراؤه وَبيعه مَكْرُوه وكل شَيْء لَا بَأْس بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَا بَأْس بِبيعِهِ الا ترى انك تَقول لَو ان زيتا كثيرا سقط فِيهِ قَطْرَة من شَحم ميتَة وَالزَّيْت غَالِبا أَو فارة مَاتَت فِي ذَلِك انه لَا بَأْس بالاستصباح بِهِ فِي قَوْلنَا وقولكم فَكَذَلِك بَيْعه عندنَا لَا بَأْس بِهِ إِذا ثَبت مَا فِيهِ من الْعَيْب وَقد بلغنَا عَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ ان رجلا قتل كَلْبا لرجل فأغرمه عددا من الابل مَكَان الْكَلْب وَقد بلغنَا عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا انه قَالَ فِي كلب الصَّيْد والماشية اربعون درهما فان كَانَت قِيمَته يحل إِذا قتل فَمَا يَنْبَغِي ان يحرم ثمنه آخر كتاب الْبيُوع وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

(2/772)