الحجة على أهل المدينة

// كتاب الْمُضَاربَة
//

(3/19)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
- بَاب الْمُضَاربَة بالعروض
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا يَنْبَغِي ان تكون الْمُضَاربَة بالعروض وَلَا تكون الْمُضَاربَة الا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير فان اخذ عرُوضا مُضَارَبَة وَجَهل ذَلِك حَتَّى عمل فِي ذَلِك فربح اَوْ وضع فَذَلِك كُله لصَاحب الْعرض وَعَلِيهِ الوضيعة وللعامل اجْرِ مثله فِيمَا عمل صَاحب الْعرض ربح اَوْ وضع الى يَوْم يتفاصلان فِي الْمُضَاربَة فياخذ صَاحب المَال مَاله
وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا يَنْبَغِي لَاحَدَّ ان يقارض احدا (الا فِي الْعين لانه لَا تنبغي المقارضة فِي الْعرُوض لَان المقارضة فِي الْعرُوض انما تكون على اُحْدُ وَجْهَيْن اما ان يَقُول لَهُ صَاحب الْعرض خُذ هَذَا الْعرض فبعه فَمَا خرج من ثمنه فاشتر بِهِ وبع على وَجه الْقَرَاض فقد اشْترط صَاحب المَال فضلا لنَفسِهِ من بيع سلْعَته وَمَا يَكْفِيهِ من مؤنتها اَوْ يَقُول اشْتَرِ بِهَذِهِ السّلْعَة وبع فاذا فرغت فابتع لي مثل عرضي الَّذِي دفعت اليك فان فضل شَيْء فَهُوَ بيني وَبَيْنك وَلَعَلَّ صَاحب الْعرض ان يَدْفَعهُ الى الْعَامِل فِي زمَان هُوَ فِيهِ نَافق كثير الثّمن ثمَّ يردهُ الْعَامِل حِين يردهُ وَقد رخص فيشتريه بِثلث ثمنه اَوْ اقل من ذَلِك فَيكون الْعَامِل قد ربح نصف مَا نقص من ثمن الْعرض فِي حِصَّته من الرِّبْح اَوْ ياخذ الْعرض فِي زمَان ثمنه فِيهِ قَلِيل فَيعْمل حَتَّى

(3/20)


يكثر المَال فِي يَدَيْهِ ثمَّ يغلو ذَلِك الْعرض فيرتفع ثمنه حِين يردهُ فيشتريه بِكُل مَا فِي يَدَيْهِ فَيذْهب عمله وعلاجه بَاطِلا فَهَذَا غرر لَا يصلح) فان جهل ذَلِك حَتَّى يمْضِي نظر الى قدر اجْرِ الَّذِي دفع اليه الْقَرَاض فِي بَيْعه اياه وعلاجه فيعطاه ثمَّ يكون المَال قراضا من نض المَال وَاجْتمعَ عينا وَيرد الى قِرَاض مثله وَقَالَ مُحَمَّد كَانَ اوله فَاسِدا وَلم يكن مضاربه وَلَا قراضا وانما كَانَ اجيرا ثمَّ صَار بعد ذَلِك مقارضا فِي قَوْلهم بِغَيْر امرا احدث مِنْهُمَا ارايتم الْعرض حِين اخذه الْعَامِل يَبِيعهُ فَعمل بِهِ الْيَسْ كَانَ لَهُ اجيرا قَالُوا بلَى قيل لَهُم فَكيف تحول مقارضا فَمَا الامر على الاصل فان كَانَ اجيرا لم يتَحَوَّل عَن اجرته الى المضاربه وان كَانَ مضاربا لم يتَحَوَّل الى غير ذَلِك ارايتم حِين دفع الْعرض قراضا أَي

(3/21)


شَيْء كَانَ راس المَال فِيهِ قَالُوا كَانَ راس المَال عرضا فَلذَلِك افسدنا الْقَرَاض ارايتم حِين اشْترى بِهِ وَبَاعَ فنض فِي يَده وَاجْتمعَ عينا ايتحول الْقَرَاض فَيكون راس المَال قَالُوا نعم قيل لَهُم فان كَانَ الَّذِي نض اقل من قيمَة الْعرض اَوْ كَانَ قِيمَته اكثر من المَال الَّذِي نض فِي يَده ايهما تَجْعَلُونَ راس المَال الَّذِي نض فقد نض من قيمَة الْعرض فَيقسم الرِّبْح بعد ذَلِك فَيحصل للمقارض ربح قبل ان يَسْتَوْفِي رب المَال (راس مَاله) وَقد اجْمَعْ اهل الْعلم جَمِيعًا انه لَا ربح فِي مضاربه حَتَّى يَسْتَوْفِي راس المَال
- بَاب الشَّرْط فِي الْمُضَاربَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة من دفع الى رجل مَالا وَاشْترط عَلَيْهِ ان لَا يَشْتَرِي (بِمَالي) الا سلْعَة كَذَا وَكَذَا لشَيْء يبْقى فِي ايدي النَّاس اَوْ لَا يبْقى فَذَلِك جَائِز وَهُوَ على مَا اشْترطَا وَلَا يَنْبَغِي لَهُ ان يَشْتَرِي غير مَا امْرَهْ بِهِ وَقَالَ اهل الْمَدِينَة من اشْترط على الْمضَارب ان لَا يَشْتَرِي

(3/22)


الا سلْعَة كَذَا وَكَذَا فان كَانَت تِلْكَ السّلْعَة مِمَّا يبْقى فِي ايدي النَّاس كَمثل الْحَيَوَان وَنَحْوه فَقَالَ لَا تشتر الا الْحَيَوَان أَو قَالَ لَا تشتر إِلَّا الْبَز فان هَذَا جَائِز لَا باس بِهِ وان قَالَ لَا يشتر الا سلْعَة كَذَا وَكَذَا لسلعة لَا تبقى فِي ايدي النَّاس وتختلف فِي الشتَاء اَوْ صيف فان ذَلِك مَكْرُوه لَا يَنْبَغِي وَقَالَ مُحَمَّد انما الْمضَارب بِمَنْزِلَة الْوَكِيل ان شَاءَ رد الْمُضَاربَة وان شَاءَ قبلهَا وَلَيْسَ ذَلِك بِأَمْر لَازم يُؤْخَذ بِهِ ان وان شَاءَ ابى فَلَا باس بِهَذَا ان شَاءَ اشْترى وان شَاءَ ترك وان شَاءَ رد الْمُضَاربَة اذا فَاتَ ذَلِك الشَّيْء وان شَاءَ اخذها مَا لم يشتر بهَا صَاحبهَا وان شَاءَ تَركهَا فاذا كَانَ

(3/23)


اخذها لَيْسَ بامر لَازم لم يكن فِيهِ شَيْء من هَذَا ان وجد مَا امْرَهْ بِهِ اشْتَرَاهُ واتجر فِيهِ وان لم يجد رد المَال على صَاحبه وان اراد امساك المَال حَتَّى يجده فيشتريه كَانَ لصَاحب المَال ان ياخذ المَال فاذا كَانَ لَا يجب بفوت ذَلِك الشَّيْء امساك لم يفْسد فَوته شَيْئا
- بَاب الرجل يَشْتَرِي من مُضَارَبَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا باس بَان يَشْتَرِي رب المَال من مُضَارَبَة بعض مَا اشْترى من السّلع اذا كَانَ صَحِيحا على غير شَرط وَكَذَلِكَ قَالَ اهل الْمَدِينَة وَقَالَ بعض اصحاب ابي حنيفَة لَا يجوز ذَلِك لانه مَا اشْتَرَاهُ بِمَالِه فَلَا يكون ذَلِك شِرَاء وَهُوَ على الْمُضَاربَة على حَاله
وَقَالَ مُحَمَّد القَوْل مَا قَالَ ابو حنيفَة واهل الْمَدِينَة
- بَاب السّلف فِي الْمُضَاربَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة فاخبره الْعَامِل ان المَال قد اجْتمع عِنْده وساله ان يسلفه اياه فَفعل ان ذَلِك جَائِز وَقَالَ اهل الْمَدِينَة لَا يصلح ان يسلفه اياه حَتَّى يقبض صَاحب المَال مَاله ثمَّ يسلفه اياه ان شَاءَ (اَوْ يمسِكهُ) قَالَ
مُحَمَّد وَمَا باس بِهَذَا اذا اسلفه اياه فقد خرج من الْمُضَاربَة وَصَارَ سلفا مَضْمُونا وَصَارَ ربحه لِلْعَامِلِ ووضيعته عَلَيْهِ فاي شَيْء كرهتم

(3/24)


من هَذَا ارايتم رجلا اودع رجلا مَاله فساله اياه اما يجوز ذَلِك اَوْ حَتَّى يقبضهُ رب المَال ثمَّ يسلفه اياه هَذَا جَائِز فَكَذَلِك الْمُضَاربَة اذا صَارَت فِي يَد الْمضَارب مَالا عينا كَمَا لَو دفعت اليه وَهِي فِي يَده بِمَنْزِلَة الْوَدِيعَة اذا اسلفها اياه جَازَ ذَلِك وَصَارَت قرضا مَضْمُونا على الْمضَارب وَخرج المَال من الْمُضَاربَة
- بَاب الدّين فِي الْمُضَاربَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِيمَن دفع الى رجل دينا فِي مُضَارَبَة فَاشْترى بِهِ سلْعَة ثمَّ بَاعَ السّلْعَة بدين وَربح فِي المَال ثمَّ هلك ءى (الَّذِي اخذ المَال) قبل ان يقبض المَال ان القَاضِي اذا رفع ذَلِك اليه جعل للْمَيت وَصِيّا رَضِيا لقبض المَال فَيدْفَع إِلَى صَاحب المَال رَأس مَاله وحصته من الرِّبْح وَيدْفَع الى وَرَثَة الْمَيِّت حصتهم من الرِّبْح وان كَانَ الْمَيِّت اوصى الى انسان فَهُوَ الَّذِي يتقاضى المَال وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان شَاءَ وَرَثَة الْعَامِل ان يقتضوا المَال وهم على شَرط ابيهم من الرِّبْح (فَذَلِك لَهُم)

(3/25)


اذا كَانُوا امناء على ذَلِك وان كَرهُوا ان يتقاضوه (وخلوا بَين صَاحب المَال وَبَينه لم يكلفوا ان يقتضوه وَلَا شَيْء عَلَيْهِم) وَلَا شَيْء لَهُم فِيهِ اذا سلموه الى رب المَال وان اقتضوه فَلهم فِيهِ من الشَّرْط (وَالنَّفقَة) مثل الَّذِي كَانَ لابيهم (فِي ذَلِك هم فِيهِ بِمَنْزِلَة ابيهم) اذا كَانُوا امناء فان لم يَكُونُوا امناء (على ذَلِك) فان عَلَيْهِم ان ياتوا بامين يقبض ذَلِك (المَال فاذا اقْتضى جَمِيع المَال وَجَمِيع الرِّبْح كَانُوا بِمَنْزِلَة ابيهم) وان لم يَفْعَلُوا وخلوا بَين صَاحب المَال وَبَين اقْتِضَاء المَال كُله

(3/26)


الرِّبْح وَغَيره فَذَلِك جَائِز (وَلَا شَيْء عَلَيْهِم) وَلَا شَيْء لَهُم فِيهِ
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف تحولت حصتهم من الرِّبْح لصَاحب المَال وَقد وَجب لابيهم قبل مَوته وَوَجَب لَهُم مِيرَاثا بعد موت ابيهم اوهبوا ذَلِك فَلَيْسَ هَذَا هبة اَوْ استجاره الْوَرَثَة فَلَيْسَ هَذَا باجازة لَهُم وَهَذَا حق لَا يُبطلهُ ان اقْتَضَاهُ صَاحب المَال اَوْ غَيره وَلَكِن ان تشاحوا على اقتضائه اجبر الْوَرَثَة (على) ان يقيموا وَصِيّا للْمَيت رَضِيا يرضى بِهِ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا يتقاضى وَيرْفَع ذَلِك الى القَاضِي فَيكون هُوَ الَّذِي يَجعله فان لم يجدوه الا باجر فاجره فِي مَال الْمَيِّت لَان الْمَيِّت لَو كَانَ حَيا اجبر على تقاضيه وان كره ذَلِك فَكَذَلِك صَار اجره فِي مَاله بعد مَوته فاما ان يكون فِي مَال من الرِّبْح وَجب للْمُضَارب قبل مَوته ثمَّ تحول الى غَيره فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء ارايتم لَو كَانَ راس المَال الف دِرْهَم فربح الْمضَارب قبل مَوته الف دِرْهَم وَكَانَت الْمُضَاربَة على النّصْف الْيَسْ قد وَجب للْمُضَارب من الرِّبْح

(3/27)


خَمْسمِائَة دِرْهَم قبل مَوته بِعَمَلِهِ وَبيعه وشرائه فَيصير هَذَا المَال بعد ان وَجب للْمُضَارب اذا مَاتَ لوَرثَته لَا يتقاضاه رب المَال بقول وَرَثَة الْمضَارب فَابْتَاعَ مَا لَا يخرج من ملك رجل بِغَيْر بيع وَلَا هبة وَلَا صَدَقَة وَلَا اجارة وَلَكِن التقاضي على الْمَيِّت بعد مَوته فِي مَاله كَمَا ان عَلَيْهِ فِي حَيَاته يستاجر عَلَيْهِ من مَال الْمَيِّت رجل امين يتقاضاه حَتَّى يخرج فيستوفي رب المَال راس مَاله وَيكون مَا بَقِي من الرِّبْح بَين رب المَال وَالْمُضَارب الْمَيِّت ان كَانَ عَلَيْهِ دين فَقضى مِنْهُ والا كَانَ مِيرَاثا لوَرثَته
- بَاب الرجل يدْفع اليه مَالا مُضَارَبَة فيبيع بِالدّينِ
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا من دفع مَاله مُضَارَبَة فَبَاعَ بِالدّينِ فبيعه جَائِز وَلَا يضمن الا ان يكون قد نهى عَن الدّين وان كَانَ قد نهى ضمن ذَلِك وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان بَاعَ بِالدّينِ ضمن وَهُوَ لَازم لَهُ ان بَاعَ بِالدّينِ (فقد ضمنه)
وَقَالَ مُحَمَّد اذا دفع اليه المَال مُضَارَبَة فَلم يامر بِشَيْء وَلم ينْه عَنهُ

(3/28)


فَلهُ ان يصنع فِيهِ مَا يصنع التُّجَّار فِي اموالهم من البيع بِالنَّقْدِ والنسيئة وَهل يربح النَّاس عَامَّة ارباحهم الا فِي النَّسِيئَة الا ترى ان الْمضَارب اذا دفع اليه المَال مُضَارَبَة وَلم يسم لَهُ مَا يَشْتَرِي كَانَ لَهُ أَن يَشْتَرِي جَمِيع التِّجَارَات فَكَذَلِك لَهُ ان يَشْتَرِي وَيبِيع بِالنَّقْدِ والنسيئة حَتَّى ينْهَى عَن ذَلِك
- بَاب المحاسبة فِي الْمُضَاربَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا يجوز للْمُضَارب وَرب المَال ان يتفاصلا وَالْمَال غَائِب عَنْهُمَا حَتَّى يحضر المَال فيستوفي رب المَال راس مَاله ثمَّ يقسمان الرِّبْح على شَرطهمَا وَكَذَلِكَ قَالَ اهل الْمَدِينَة وَهُوَ قَول مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ
- بَاب الرجل يدْفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة ثمَّ جَاءَهُ بِمَال فَقَالَ هَذَا حصتك من الرِّبْح
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل يدْفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ هَذِه حصتك من الرِّبْح وَقد اخذت لنَفْسي مثله وراس مَالك عِنْدِي وافر مَا وفر اني لَا احب ذَلِك وَلَا يكون قسمته حَتَّى يحضر المَال كُله ويحاسبه وَيعلم انه وافر ويصل اليه (ثمَّ يقتسمان الرِّبْح

(3/29)


بَينهمَا) ثمَّ ان شَاءَ رده على مضاربته وان شَاءَ امسكه وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ايضا لَا يسْتَحبّ ذَلِك حَتَّى يحضر المَال كُله فيحاسبه (حَتَّى يحصل راس المَال) وَيعلم انه وافر ويصل اليه (ثمَّ يقتسمان الرِّبْح بَينهمَا) ثمَّ ان شَاءَ رده عَلَيْهِ على قراضه وان شَاءَ امسكه وَهَذَا كُله وَقَول مُحَمَّد وَقَول غير ابي حنيفَة كُله من (اهل) الْعرَاق لَا يضرّهُ ان لَا يقبض المَال مِنْهُ اذا حضر واقتسما الرِّبْح وَقَول ابي حنيفَة احب الينا لَا يكون لَهما ربح حَتَّى يَسْتَوْفِي راس المَال وَالله اعْلَم 0
- بَاب الرجل يدْفع اليه المَال مُضَارَبَة فيشتري مِنْهُ جَارِيَة فيطأها ثمَّ يدعى الْحَبل
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة فَعمل فِيهِ فربح ثمَّ اشْترى من ربح المَال جَارِيَة فَوَطِئَهَا فَحملت

(3/30)


مِنْهُ فَادّعى الْحَبل وَنقص المَال انه ينظر فِي الْجَارِيَة يَوْم حملت وَادّعى الْوَلَد فان كَانَ فِيهَا فضل عَن راس المَال كَانَت ام وَلَده وَغرم راس المَال حَتَّى يُوفيه رب المَال وحصته من الرِّبْح وحوسب بِحِصَّتِهِ من الرِّبْح ان كَانَ فِي المَال ربح وان لم يكن فِيهَا فضل راس المَال يَوْم وَطئهَا لم تكن ام وَلَده وبيعت وَاسْتوْفى رب المَال راس مَاله وَلم يجز مَا صنع الْمضَارب من ذَلِك وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان اشْترى جَارِيَة من ربح المَال (اَوْ من جملَته) فَوَطِئَهَا فَحملت مِنْهُ وَنقص المَال فان كَانَ لَهُ مَال اخذت قيمَة الْجَارِيَة من مَاله فاوفى بهَا المَال فَمَا كَانَ بعد وَفَاء المَال فَهُوَ بَينهمَا على شروطهما وان لم يكن لَهُ مَال بِيعَتْ الْجَارِيَة حَتَّى يُوفى المَال من ثمنهَا
وَقَالَ مُحَمَّد ان كَانَ عتق مِنْهَا شَيْء بحملها مِنْهُ فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان تبَاع الْجَارِيَة كَانَ لَهُ مَال (اَوْ لم يكن لَهُ مَال) وان لم يكن جرى فِيهَا عتق بحملها مِنْهُ فلتبع كَانَ لَهُ مَال اَوْ لم يكن لَهُ مَال فاما مَا قَالَ اهل الْمَدِينَة

(3/31)


فَلَيْسَ لَهُ وَجه ارايتم الْجَارِيَة هَل جرى فِيهَا عتق بدعوته مَا فِي بَطنهَا اَوْ هَل صَار شَيْء مِنْهُمَا بِمَنْزِلَة ام الْوَلَد لَا تبَاع ام الْوَلَد اَوْ هِيَ امة على حَالهَا لَا بُد من اُحْدُ هذَيْن الامرين اما (ان) يكون جرى فِيهَا مَا جرى فِي ام الْوَلَد اَوْ جرى (عتق) فِي شَيْء مِنْهَا واما ان تكون امة تبَاع لم يجر فِيهَا شَيْء من ذَلِك جرى فِيهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي ان تبَاع مُوسِرًا كَانَ اَوْ مُعسرا فان كَانَت لَهُ أمة لم يجر فِيهَا شَيْء من ذَلِك فَلَا باس بِبَيْعِهَا مُوسِرًا كَانَ الْمضَارب اَوْ مُعسرا
- بَاب الرجل يدْفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة ويأمره ان يعْمل فِيهِ برايه
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة وامره ان يعْمل فِيهِ بِرَأْيهِ فَاشْترى سلْعَة وزد ثمنهَا من عِنْده ان الْمضَارب شريك صَاحب المَال فِي الرِّبْح وَالنُّقْصَان بِحِسَاب مَا زَاد فِيهَا من عِنْده وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان دفع اليه مَالا قراضا فتعدى فَاشْترى بِهِ سلْعَة وَزَاد فِي ثمنهَا من عِنْده فَصَاحب المَال بِالْخِيَارِ إِن بِيعَتْ سلْعَته بِرِبْح اَوْ نُقْصَان اَوْ لم تبع ان شَاءَ ان ياخذ المَال وقضاه مَا زَاد من عِنْده فِيهَا وان ابي كَانَ الْمُقَارض شَرِيكا لَهُ (بِحِصَّتِهِ من الثّمن) فِي النَّمَاء

(3/32)


وَالنُّقْصَان بِحِسَاب مَا زَاد (الْعَامِل) فِيهَا من عِنْده
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ صَار هَذَا هَكَذَا اما للْمُضَارب ان يَشْتَرِي بِمَال الْمُضَاربَة الا سلْعَة كَامِلَة ارايتم لَو اشْترى بعض سلْعَة بِمَال الْمُضَاربَة نصفا اَوْ ثلثا اما كَانَ ذَلِك جَائِزا فاذا كَانَ ذَلِك يجوز وَاشْترى بِهِ وبمال من مَاله سلْعَة فَلم يَتَعَدَّ فِي شَيْء انما هَذَا رجل اشْترى من مَال الْمُضَاربَة بعض هَذِه السّلْعَة فَيقسم السّلْعَة النُّقْصَان والنماء على قدر مَالهمَا وَلَا يكون هَذَا فِي ضَمَان وَلَيْسَ لصَاحب المَال ان ياخذ السّلْعَة كلهَا انما اشْترى لَهُ من مَاله حِصَّة مِنْهَا وَالله اعْلَم 0
- بَاب الرجل يدْفع المَال مُضَارَبَة وَلم يامره ان يعْمل فِي ذَلِك برايه
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة وَلم يامره ان يعْمل برايه فِي ذَلِك وَلم ياذن ان يَدْفَعهُ مُضَارَبَة فَدفعهُ الْمضَارب الى رجل اخر مُضَارَبَة فربح اَوْ وضع ان الْمضَارب الاول ضَامِن لراس المَال لرب المَال ان كَانَ فِيهِ ربح اَوْ وضيعة وياخذ الْمضَارب الاول من الْمضَارب الثَّانِي راس المَال فان كَانَ فِيهِ نُقْصَان فعلى الْمضَارب

(3/33)


الاول وان كَانَ فِي ذَلِك ربح كَانَ بَين الْمضَارب الاول وَالْمُضَارب الاخر على مَا اشْترطَا وَيَنْبَغِي للْمُضَارب الاول ان يتَصَدَّق بِحِصَّتِهِ وَلَا ياكله لانه ربح مَا خَالفه وَضَمنَهُ وَلَا شئ لرب المَال من ريع المَال وَلَو شَاءَ رب المَال ضمن راس المَال للضارب الاخر وللمضارب الاخر على الْمضَارب الاول بِمَا ضمن من ذَلِك لانه غره مِنْهُ لرب المَال (وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي رجل اخذ من رجل مَالا قراضا ثمَّ دَفعه الى رجل اخر فَعمل فِيهِ قراضا بِغَيْر اذن صَاحبه انه ضَامِن لِلْمَالِ ان نقص فَعَلَيهِ النُّقْصَان) وان ربح فلرب المَال شرطة من الرِّبْح ثمَّ يكون للَّذي عمل شَرطه مِمَّا بقى (من الرِّبْح)
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ يكون الْمُقَارض الاول ضَامِنا لِلْمَالِ لرب المَال فان كَانَ فِي المَال ربح كَانَ شَرطه لرب المَال اذا وَجب الضَّمَان لرب المَال على الْمُقَارض بَطل ربح المَال وَلَا يجْتَمع لرب المَال ضَمَان ربحه وَمَاله وبلغنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم انه نهى عَن ربح

(3/34)


مَا لم يضمن فَهَذَا المَال فِي ضَمَان الْمُقَارض الاول لرب المَال وَكَيف يكون ربحه لرب المَال انما يكون ربحه للَّذي يضمنهُ وَقد اجْتَمَعنَا نَحن واهل الْمَدِينَة انه لَا يكون مَا سلف مقارضة فَهَذَا بِمَنْزِلَة المَال السّلف وَلَا يكون مقارضة وَهُوَ مَضْمُون لَا يجْتَمع الضَّمَان وَالرِّبْح
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن الْمُغيرَة الضَّبِّيّ عَن ابراهيم النَّخعِيّ فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة وَنَهَاهُ عَن النَّسِيئَة فَقَالَ ان شَاءَ ضمن وَتصدق بربحه فَكَذَلِك نقُول اذا خَالف فِي شئ مِمَّا امْرَهْ بِهِ اَوْ شئ مِمَّا نَهَاهُ عَنهُ وَضمن وَكَانَ لَهُ الرِّبْح الا انه يعجبنا ان يتَصَدَّق بِهِ وَلَا ياكله
- بَاب الرجل يدْفع المَال مُضَارَبَة فاستسلف مِنْهُ الْعَامِل
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة فاستسلف مِنْهُ الْعَامِل مَالا فَاشْترى بِهِ سلْعَة لنَفسِهِ بِغَيْر امْر صَاحبه ان استسلفه بَاطِل وَمَا اشْترى من ذَلِك فَهُوَ على الْمُضَاربَة وان ربح فَالرِّبْح بَينهمَا على مَا اشْترطَا والوضيعة على مَال الْمُضَاربَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة صَاحب المَال بِالْخِيَارِ ان شَاءَ شركه فِي السّلْعَة على نَحْو قراضها

(3/35)


وان شَاءَ خلى بَينه وَبَينهَا واخذ (مِنْهُ) راس مَاله أَي ذَلِك شَاءَ فعل
قَالَ مُحَمَّد اذا قَالَ الْمضَارب اني استسلف هَذَا المَال بِغَيْر محْضر من رب المَال وَلَا رِضَاهُ ايجوز لَهُ مَا قَالَ من ذَلِك مَا قَوْله ذَلِك وسكوته الا سَوَاء لَان ذَلِك لَا يجوز على رب المَال فاذا كَانَ ذَلِك لَا يجوز على رب المَال فَكَانهُ لم يقلهُ وَيكون مَا اشْترى من ذَلِك على الْمُضَاربَة على حَاله كانه لم يتَكَلَّم بذلك ارايتم رجلا دفع الى رجل الف دِرْهَم وامره ان يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَة بهَا فَقَالَ لَهُ المامور نعم واخذ المَال على ذَلِك فَلَمَّا خرج من عِنْده وجد جَارِيَة رخيصة فَقَالَ اشْهَدُوا اني اشْتريت هَذِه الْجَارِيَة لنَفْسي بِمَال فلَان الْآمِر الَّذِي امرني بشرَاء الْجَارِيَة ثمَّ نقد مَال فلَان الامر واخذ الْجَارِيَة ايجوز هَذَا للمامور وَتَكون لَهُ الْجَارِيَة لَيْسَ هَذَا بِشَيْء وَالْجَارِيَة للامر قَول الْمَأْمُور المامور بَاطِل فَكَذَلِك الْمُضَاربَة
- بَاب الْكِرَاء فِي الْمُضَاربَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع الى رجل مَالا مُضَارَبَة فَاشْترى بِهِ سلْعَة ثمَّ حملهَا الى بَلْدَة التِّجَارَة فبارت عَلَيْهِ وَخَافَ

(3/36)


النُّقْصَان ان بَاعَ فتكارى عَلَيْهَا (الى) بلد اخر فَبَاعَ بِنُقْصَان فاغترق الْكِرَاء اصل المَال كُله ان جَمِيع مَا اشْترى من ذَلِك الْمضَارب فَهُوَ مُتَطَوّع فِيهِ وَلَا شَيْء لَهُ من ثمن السّلْعَة لانه حِين اشْترى بِالْمَالِ سلْعَة كَانَ مُتَطَوعا حَتَّى اكترى عَلَيْهَا لَان رب المَال لم يامره بذلك فَيجوز على رب المَال وَلكنه لَو اشْترى السّلْعَة بِبَعْض (المَال) وَبَقِي من المَال مَا يكترى بِهِ عَلَيْهَا فَهَذَا يجوز لَهُ أَن يرجع فِيمَا بَقِي من المَال فَأَما إِذا اشْترى براس المَال سلْعَة ثمَّ اكترى من عِنْده فَذَلِك شَيْء تطوع بِهِ لَا يرجع فِي رَأس المَال وَلَا فِي ربحه إِن كَانَ وَلَا على رب المَال وَقَالَ أهل الْمَدِينَة اذا اشْترى بِالْمَالِ سلعه ثمَّ حملهَا إِلَى بلد التِّجَارَة فبارت عَلَيْهِ وَخَافَ النُّقْصَان إِن بَاعهَا فتكارى عَلَيْهَا إِلَى بلد آخر فَبَاعَ بِنُقْصَان فاغترق الْكِرَاء أصل المَاء كُله إِنَّه إِن كَانَ فِيمَا بَاعَ بِهِ وَفَاء بالكراء فسبيل

(3/37)


ذَلِك وان بَقِي من الْكِرَاء شَيْء بعد ذَلِك ذهَاب أصل المَال كَانَ على الْعَامِل وَلم يكن على رب المَال مِنْهُ شَيْء يتبع بِهِ
وَقَالَ مُحَمَّد إِنَّمَا أمره رب المَال أَن يتجر فِي مَاله فاذا اشْترى بِمَالِه كُله طَعَاما فَلم يبْق عِنْده من المَال شَيْء ثمَّ اكترى على الطَّعَام فِي حمولة بِدَرَاهِم فانما ذَلِك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اكترى على ذَلِك بِدَرَاهِم وَلَيْسَ فِي يَده من الْمُضَاربَة دَرَاهِم إِنَّمَا فِي يَده طَعَام فَلَيْسَ لَهُ ان يكترى على الْمُضَاربَة بِغَيْر مَا فِي يَده فِيهَا فان فعل فَذَلِك شَيْء تطوع بِهِ أَرَأَيْتُم لَو اشْترى جَارِيَة بِدَرَاهِم يُرِيد أَن تكون على الْمُضَاربَة وَالْمُضَاربَة قد تحولت فِي يَده أَكَانَت الْجَارِيَة من الْمُضَاربَة وَقد اشْتَرَاهَا بِغَيْر مَا فِي يَده من الْمُضَاربَة أَفلا ترَوْنَ أَن ثمن الْجَارِيَة فِي مَاله خَاصَّة وَلَا يكون على الْمُضَاربَة وَتَكون الْجَارِيَة لَهُ فَكَذَلِك الْكِرَاء يلْزمه فِي مَاله خَاصَّة وَلَا يكون على الْمُضَاربَة وَهُوَ مُتَطَوّع فِيهِ لانه إِنَّمَا أمره رب المَال أَن يتجر فِي مَاله وَلم يامره أَن يستدين شَيْئا وَإِذا اشْترى بِالْمَالِ كُله ثمَّ اسْتَدَانَ على المَال الْكِرَاء وَغَيره وَرب المَال لم يَأْمُرهُ بذلك إِنَّمَا اسْتَدَانَ على نَفسه انما يَنْبَغِي لَهُ إِن أَرَادَ هَذَا أَن يبْقى من المَال مَا يتكارى بِهِ فاذا لم يبْق شَيْئا فليبع بعض السّلْعَة الَّتِي اشْتَرَاهَا ثمَّ يتكارى بِثمن ذَلِك حَتَّى لَا يتكارى بدين إِذا

(3/38)


كَانَ لم يَأْمُرهُ صَاحب المَال أَن يستدين
- بَاب اخْتِلَاف رب المَال وَالْمُضَارب فِي الرِّبْح
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع إِلَى رجل مَالا مُضَارَبَة فَعمل بِهِ فربح فِيهِ ربحا فَقَالَ الْعَامِل عاملتك على أَن لي الثُّلثَيْنِ وَقَالَ رب المَال قارضتك على أَن لَك النّصْف إِن القَوْل قَول رب المَال وَعَلِيهِ فِي ذَلِك الْيَمين لِأَن المَال مَاله وَالرِّبْح ربح فِي مَاله فَالْقَوْل قَوْله وَقَالَ أهل الْمَدِينَة القَوْل قَول الْعَامِل وَعَلِيهِ فِي ذَلِك الْيَمين إِذا كَانَ مَا قَالَ يشبه قِرَاض مثله وَكَانَ ذَلِك نَحوا مِمَّا يتعامل عَلَيْهِ النَّاس وَإِن جَاءَ بِأَمْر مستنكر وَلَيْسَ على مثله يتعامل النَّاس فِي قدر حَال قراضهما وشرطهما لم يصدق ورد إِلَى عمل مثله
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ كَانَ القَوْل قَول الْعَامِل فِي ربح مَال وَهُوَ مقرّ بِأَنَّهُ

(3/39)


ربح مَال غَيره أرايتم لَو قَالَ رب المَال مَا دَفعته مقارضة مَا دَفعته إِلَّا بضَاعَة وَمَا شرطت لَهُ ربحا وَقَالَ الآخر دَفعته إِلَى مقارضة بالثلثين أَكَانَ يصدق على هَذَا وَقد أقرّ أَن المَال مَاله وَالرِّبْح ربح مَاله لَيْسَ يصدق على شَيْء من هَذَا أرايتم لَو قَالَ رب المَال كنت أَجِيرا فِي المَال بِعشْرَة دَرَاهِم كل شهر وَقَالَ الْعَامِل كل المَال معي مُضَارَبَة وشرطت لي الثُّلثَيْنِ من الرِّبْح أَكَانَ يصدق على ذَلِك مَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يشكل عَلَيْكُم هَذَا إِنَّمَا المَال وَربحه لرب المَال وَالْقَوْل قَوْله فِيمَا ذكر انه شَرط لِلْعَامِلِ مَعَ يَمِينه وعَلى الْعَامِل الْبَيِّنَة
- بَاب رجل يدْفع إِلَى رجل المَال مُضَارَبَة فَاشْترى بِهِ السّلْعَة فَوجدَ المَال قد سرق
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع إِلَى رجل مَالا مُضَارَبَة فَاشْترى بِهِ سلْعَة ثمَّ ذهب ليدفع إِلَى رب السّلْعَة المَال فَوجدَ المَال قد سرق بعد مَا اشْترى ان الْمضَارب يرجع على رب المَال بِمثل ذَلِك المَال يَدْفَعهُ إِلَى البَائِع وَيَأْخُذ السّلْعَة فَتكون على الْمُضَاربَة فان كَانَ فِي ذَلِك ربح فأرادا الْقِسْمَة فان رَأس مَال رب المَال فِي الْمُضَاربَة المَال

(3/40)


الَّذِي سرق وَالْمَال الَّذِي أعطَاهُ ثَانِيًا الأول وَالْآخر وَلَا ربح لوَاحِد مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِي رب المَال الْمَالَيْنِ جَمِيعًا فاذا استوفاهما قسم مَا بَقِي وَهُوَ الرِّبْح بَينهمَا على مَا اشْترطَا فِي اصل الْمُضَاربَة على الرِّبْح لِأَنَّهُ لَا ربح فِي هَذِه الْمُضَاربَة حَتَّى يَسْتَوْفِي رب المَال جَمِيع مَاله وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يلْزم الْعَامِل المُشْتَرِي أَدَاء ثمنهَا إِلَى البَائِع وَيُقَال لرب المَال ان شِئْت أَن تدفع الثّمن إِلَى الْمُقَارض والسلعة بَيْنكُمَا تكون السّلْعَة قراضا على مَا كَانَت عَلَيْهِ الْمِائَة الأولى وان شِئْت فأبرأ من السّلْعَة فان دفع الثّمن إِلَى الْعَامِل كَانَت قراضا على سنة الْقَرَاض الأول وان أَبى كَانَت السّلْعَة

(3/41)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْعَامِلِ وَكَانَ عَلَيْهِ ثمنهَا
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ تكون السّلْعَة لِلْعَامِلِ وَقد اشْتَرَاهَا يَوْم اشْتَرَاهَا لرب المَال بِمَالِه على المقارضة وَرب المَال الَّذِي أمره بِالشِّرَاءِ فَعَلَيهِ أَن يخلصها فِيمَا أمره وَلم يحدث الْمضَارب حَدثا يُوجب عَلَيْهِ أَدَاء الثّمن من مَاله انما اشْتَرَاهُ لرب المَال وَالْمَال يَوْمئِذٍ لَهُ فَعَلَيهِ أَدَاء ثمنهَا وَيكون على الْمُضَاربَة مَا اشْتريت عَلَيْهِ اول مرّة إِلَّا أَن راس المَال فيهمَا المالان جَمِيعًا لِأَن رب المَال نقد فِي هَذِه الْمُضَاربَة مالين فراس مَاله جَمِيع ذَلِك وَلَا ربح حَتَّى يَسْتَوْفِي جَمِيع الْمَالَيْنِ أرايتم الْمضَارب إِذا قَالَ لَهُ رب المَال لأعطيه الثّمن قَالُوا إِذن يكون ذَلِك على الْمُضَاربَة قيل لَهُم أَرَأَيْتُم الْمضَارب هَل تعدِي فِيمَا أمره بِهِ قَالُوا لَا هَل رايتم أحدا أَمر بشرَاء شَيْء فان كَانَ المامور اشْتَرَاهُ على مَا أمره أما صَار للْآمِر

(3/42)


مَا يَنْبَغِي أَن يشكل هَذَا عَلَيْكُم أَرَأَيْتُم رجلا دفع إِلَى الْمَأْمُور مائَة دِرْهَم وَأمره أَن يَشْتَرِي لَهُ بهَا جَارِيَة بِعَينهَا فاشتراها فَضَاعَ المَال فَهَل لَا ينفذ وَيجوز للْآمِر أَن يلْزم الْمَأْمُور بِقَلِيل أَو كثير وَمَا كَانَ لَهُ فِيهَا حَاجَة هَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَن يخفى إِن هَذَا لَا يلْزم الْمَأْمُور وَلَكِن الْمَأْمُور يَأْخُذ الثّمن من الامر فيدفعه إِلَى البَائِع وَيقبض الْجَارِيَة فيدفعها إِلَى الْآمِر
- بَاب إِذا تفاسخا فَبَقيَ عِنْد أَحدهمَا شَيْء من الْمُضَاربَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي المضاربين إِذا تفاصلا فَبَقيَ عِنْد الْعَامِل من الْمَتَاع الَّذِي يعْمل فِيهِ خلق قربَة أَو ثوب أَو أشباه ذَلِك إِن ذَلِك كُله تافها كَانَ أَو غير تافه من مَال الْمُضَاربَة لَا يتْرك

(3/43)


مِنْهُ شَيْء للْمُضَارب وَقَالَ أهل الْمَدِينَة إِن كَانَ ذَلِك تافها لاخطب لَهُ فَهُوَ لِلْعَامِلِ
وَقَالَ مُحَمَّد مَا بَين التافه وَغير التافه فرق لَئِن كَانَ لِلْعَامِلِ التافه يكون لَهُ أَيْضا غير التافه فان كَانَ لَهُ غير التافه فَمَا التافه وَغير التافه وَمَا مجراهما فِي الْحق إِلَّا سَوَاء وَمَا يبطل حق امْرِئ مُسلم لَو كَانَ تافها إِذا كَانَت لَهُ فِيهِ حَاجَة يرد قَلِيله وَكَثِيره أَخذ أهل الْمَدِينَة فِي هَذَا الحكم بِالصرْفِ وكرهوا أَن ينْظرُوا فِي الْقَلِيل ونظروا فِي الْكثير مَا بَين الْقَلِيل وَالْكثير فِي مَوضِع الْحق فرق ولرب قَلِيل أَنْفَع لصَاحبه إِذا كَانَ مُحْتَاجا إِلَيْهِ من كثير عِنْد غَيره لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ
- بَاب الرجل يدْفع إِلَى الرجل مَالا مُضَارَبَة فَاشْترى بِهِ سلْعَة فَقَالَ رب المَال بعها وَقَالَ الْمضَارب لَا
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل دفع إِلَى رجل مَالا مُضَارَبَة فَاشْترى بِهِ سلْعَة فَقَالَ رب المَال بعها وَقَالَ الْمضَارب لَا أرى

(3/44)


وَجهه وَاخْتلفَا فِي ذَلِك إِن الْمضَارب يجْبر على بيعهَا رأى وَجه بيع أَو لم ير لن لرب المَال أَن يَأْخُذ مَاله مِنْهُ وَلَا يَدعه وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا ينظر فِي ذَلِك إِلَى قَوْلهمَا وَلَكنَّا نسْأَل عَن ذَلِك أهل الْمعرفَة وَالْبَصَر بِتِلْكَ السّلْعَة فان رَأَوْا وَجه البيع بِيعَتْ عَلَيْهِمَا وَإِن رَأَوْا وَجه الامساك أَمْسَكت
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف تمسك وَرب المَال يُرِيد أَخذ مَاله أَرَأَيْتُم لَو لم ير لَهَا وَجه بيع عشر سِنِين أَو عشْرين سنة أَكَانَت تتْرك حَتَّى يرى لَهَا وَجه بيع زَمَانا إِذا أَرَادَ صَاحب المَال بيعهَا حَتَّى إِذا راى لَهَا وَجه بيع لم يره آخر كتاب الْمُضَاربَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

(3/45)