الحجة على أهل المدينة

// اول كتاب الشُّفْعَة
//
- من أَحَق بِالشُّفْعَة وَمَا يَقع فِيهِ الشُّفْعَة
-
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة الشَّرِيك فِي الدَّار احق بِالشُّفْعَة من غَيره وان سلم الشُّفْعَة اَوْ لم يكن فِيهَا شريك فالشريك فِي الطَّرِيق احق بِالشُّفْعَة من غَيره بعد الشَّرِيك فِي الدَّار فان سلم اَوْ لم يكن فِيهَا شريك فِي الطَّرِيق فالجار الملاصق للدَّار احق بِالشُّفْعَة من غَيره وَقَالَ ابو حنيفَة لَا شُفْعَة الا فِي ارْض اَوْ دَار اَوْ عقار وَلَا شُفْعَة فِي شَيْء من الْحَيَوَان وَلَا غَيره وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الشُّفْعَة فِيمَا لم يقسم فاذا وَقعت الْحُدُود فَلَا شُفْعَة
وَقد روى اهل الْمَدِينَة فِيمَا قَالُوا رِوَايَة وروى اهل الْعرَاق فِيمَا قَالُوا رِوَايَات كَثِيرَة فَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله

(3/67)


وَسلم لم يقْض للْجَار بِالشُّفْعَة وَقَالَ اهل الْعرَاق ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم قضى للْجَار بِالشُّفْعَة فاي الْقَوْلَيْنِ احق ان يُؤْخَذ بِهِ وان يجوز عَلَيْهِ الشَّهَادَة من قَالَ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم لم يقْض بِكَذَا وَكَذَا وَمَا اظن ان (يكون فِي ذَلِك) بَين النَّاس خلاف ان من شهد بِكَذَا وَكَذَا قد كَانَ احق ان تقبل شَهَادَته من الَّذِي يَقُول ان كَذَا وَكَذَا لم يكن

(3/68)


وَمن اثار اهل الْعرَاق اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا ابو حنيفَة عَن عبد الْكَرِيم عَن الْمسور بن مخرمَة عَن ابي رَافع قَالَ عرض على سعد

(3/69)


بَيْتا لَهُ فَقَالَ خُذْهُ فَانِي قد اعطيت اكثر مِمَّا تُعْطِينِي بِهِ وَلَكِنَّك احق بِهِ لاني سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم يَقُول الْجَار احق بِالشُّفْعَة
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يعلي بن كَعْب

(3/72)


الثَّقَفِيّ عَن عَمْرو بن الشريد عَن ابيه الشريد بن سُوَيْد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم الْجَار احق بشفعته

(3/73)


اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابي بكر بن حَفْص عَن شُرَيْح قَالَ كتب الي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ

(3/74)


ان اقْضِ للْجَار (الملازق) بِالشُّفْعَة فَقَالَ كَانَ شُرَيْح يقْضِي للرجل من اهل الْكُوفَة على الرجل من اهل الشَّام
اُخْبُرْنَا مُحَمَّد قَالَ اُخْبُرْنَا خَالِد بن عبد الله عَن عبد الْملك بن ابي سُلَيْمَان عَن عَطاء بن ابي رَبَاح عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَار احق بشفعته ينْتَظر بهَا وان كَانَ غَائِبا اذا كَانَ طريقهما وَاحِد

(3/75)


وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِيمَن اشْترى شِقْصا فِي ارْض مُشْتَركَة بِثمن الى اجل فاراد الشَّرِيك ان ياخذها بِالشُّفْعَة انه ان نقد الثّمن حَالا كَانَ لَهُ ان ياخذ بِالشُّفْعَة وان ابى ان يُؤَدِّيه الا الى اجله وابى البَائِع وَالْمُشْتَرِي ان يرضيا بالحوالة عَلَيْهِ قيل (لَهُ) امْكُث الى اجلك فاذا حل فانقد الاجل وَخذ

(3/79)


بِالشُّفْعَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة ان كَانَ الشَّرِيك مَلِيًّا فَلهُ الشُّفْعَة بذلك الثّمن الى ذَلِك الاجل وان كَانَ مخوفا (ان لَا يودي الثّمن الى ذَلِك الاجل فاذا جَاءَهُم ملي ثِقَة مثل الَّذِي اشْترى مِنْهُ (الشّقص فِي الارض الْمُشْتَركَة فَذَلِك لَهُ
وَقَالَ مُحَمَّد وَكَيف يجْبر البَائِع وَالْمُشْتَرِي على ان يتحولا بمالهما على غير من رَضِيا بِهِ) وان كَانَ مَلِيًّا اما تعلمُونَ ان الرجل قد يكون مَلِيًّا الْيَوْم فَلَا يجِئ الاجل حَتَّى يفلس وَيذْهب مَاله وَالْبَائِع لم يرض بَان يكون مَاله عَلَيْهِ انما رضى بِغَيْرِهِ وَهَذَا ظلم ان اجبرتموه على ان يكون مَاله على غير من رَضِي بِهِ قَالُوا لانه مثل الَّذِي بَايعه قيل لَهُم انه لَعَلَّه ان يكون الْيَوْم مَلِيًّا مثله فَلَا يكون غَدا مثله وَالْبَائِع لم يرض بَان يكون مَاله على اُحْدُ الى ذَلِك الاجل غير المُشْتَرِي فَكيف يجْبرهُ على غَيره

(3/80)


انما يُقَال إِن شِئْت فانقد وَخذ بِالشُّفْعَة وَإِلَّا كَانَت الدَّار على حَالهَا فِي يَد حَتَّى يحل المَال فينقد ويأخذها هَذَا الَّذِي لَا ظلم فِيهِ على أحد مِنْهُمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى
أَرَأَيْتُم لَو لم يكن الشَّفِيع مَلِيًّا وَلم يجد احدا مَلِيًّا يضمن عَنهُ الثّمن أتبطل الشُّفْعَة أم كَيفَ الْأَمر فِي ذَلِك يَنْبَغِي فِي قَوْلكُم ان تبطل الشفعته واي ملى يضمن عَن مُعسر مَالا يتَبَرَّع بِهِ الا قَلِيلا من النَّاس فَيَنْبَغِي ان لم يقدر على هَذَا ان تبطل شفعته وَلَكِن بَطل الثّمن عَلَيْهِ إِلَى ذَلِك الْأَجَل وَيكون المُشْتَرِي لم يقبض مَا اشْترى فيرضى أَن يحتال بِالثّمن عَلَيْهِ إِلَى الْأَجَل وَيدْفَع إِلَيْهِ مَا بَاعَ فَيكون ذَلِك إِلَيْهِ فَأَما مَا قُلْتُمْ فَلَيْسَ بِشَيْء
- بَاب شُفْعَة الْغَائِب
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي شُفْعَة الْغَائِب هُوَ على شفعته أبدا حَتَّى يعلم بِالْبيعِ فاذا علم بِهِ فان لم يقدم لذَلِك أَو لم يبْعَث وَكيلا فَلَا شُفْعَة وَالْوَقْت فِي ذَلِك قدر الْمسير من حِين علم بِالشُّفْعَة وَقَالَ أهل الْمَدِينَة لَا يَنْقَطِع شُفْعَة الْغَائِب وان طَالَتْ غيبته وَلَيْسَ لذَلِك

(3/81)


حد نقطع إِلَيْهِ الشُّفْعَة
وَقَالَ مُحَمَّد رجل علم بشرَاء رجل وَهُوَ مُعسر لَا يقدر على قَلِيل وَلَا كثير وَهُوَ شَفِيع وَهُوَ غَائِب فَكتب إِلَيْهِ المُشْتَرِي يساله أَن يقدم أَو يبْعَث وَكيلا يَأْخُذ بِالشُّفْعَة فَلم يفعل حَتَّى طَال زَمَانه وَصَارَ المُشْتَرِي لَا يقدر على بيع لِأَن النَّاس لَا يكادون يشْتَرونَ شَيْئا يُؤْخَذ من أَيْديهم بِالشُّفْعَة حَتَّى إِذا طَال الزَّمَان واشتروا وَصَارَ مَالا لَهُم أقبل يطْلب الشُّفْعَة أَيكُون لَهُ الشُّفْعَة لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا أَمر الْمُسلمين وَقد قَالَ شُرَيْح وَكَانَ قَاضِيا الشُّفْعَة لمن واثبها

(3/82)


- بَاب الرجل يهْلك فيورث أرضه ورثته فِي الشُّفْعَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يُورث الأَرْض نَفرا من وَلَده فَيكون بَينهم ثمَّ يُولد لأحد النَّفر أَوْلَاد ثمَّ يهْلك الْأَب الثَّانِي فيبيع أحد ولد الْمَيِّت الثَّانِي حَقه فِي تِلْكَ الأَرْض إِن جَمِيع الشُّرَكَاء فِي الأَرْض شُرَكَاء فِي الشُّفْعَة وَلَا يكون أحدهم أَحَق بِالشُّفْعَة من غَيره لأَنهم لم يقسموا وَقَالَ أهل الْمَدِينَة أخوة البَائِع أَحَق بِالشُّفْعَة من عمومته شُرَكَاء ابيه قَالَ مُحَمَّد وَكَيف صَار اخوته احق بِالشُّفْعَة قَالُوا لأَنهم اقْربْ شُرَكَاء قيل لَهُم وَكَيف كَانُوا اقْربْ شُرَكَاء وَلَيْسَ من الدَّار قَلِيل أَو كثير إِلَّا وَلَهُم فِيهِ شُرَكَاء انما يكون احق بِالشُّفْعَة اذا كَانَ اقْربْ شُرَكَاء فِي الدَّار اذا كَانَ بَينهمَا من الدَّار شَيْء لَيْسَ للآخرين

(3/83)


فِيهَا شرك فانه اقْربْ شُرَكَاء وَكَانَ احق بِالشُّفْعَة من الآخرين وَأما إِذا كَانَ الدَّار بَينهم لَيْسَ مِنْهَا قَلِيل وَلَا كثير إِلَّا وهم فِيهِ شُرَكَاء فهم فِي الشُّفْعَة سَوَاء وَلَو كَانَ يَنْبَغِي لبَعْضهِم أَن يَأْخُذ حق بعض كَانَت العمومة احق لأَنهم اكثر نَصِيبا وَلَكِن هَذَا كُله سَوَاء قَالُوا فانا نقُول إِن هَؤُلَاءِ ولد الْهَالِك الآخر يتوارثون فِيمَا بَينهم دون عمومتهم فَلذَلِك يَجْعَل الشُّفْعَة لَهُم دون عمومتهم وَتبين لنا انهم اقْربْ شُرَكَاء قيل لَهُم ان الشُّفْعَة لَا تُؤْخَذ على الْمَوَارِيث أَرَأَيْتُم رجلا توفّي وَله ثَلَاثَة بَنِينَ اثْنَان مِنْهُم لَام وَاحِدَة وَآخر من أم أُخْرَى وَترك الْمَيِّت دَارا أليست أَثلَاثًا قَالُوا بلَى قيل لَهُم فان بَاعَ اُحْدُ الآخرين الَّذين تجمعهما الْأُم نصِيبه أَيكُون اخوة لِأَبِيهِ وَأمه أَحَق بِالشُّفْعَة من الْأَخ لابيه هَذَا مِمَّا لَا يَقُوله اُحْدُ لعلمه وَلَو مَاتَ احدهما لورثه صَاحبه دو الآخر وَهَذَا لَا يمْنَع الآخر الَّذِي لَا يَرث من أَن يكون شَرِيكا أَرَأَيْتُم لَو كَانَ الْمَيِّت زَوجته هِيَ أم أَحدهمَا أَكَانَ ابْنهَا أَحَق بِالشُّفْعَة فِي نصِيبهَا من اخوانه إِن باعت نصِيبهَا هَذَا لَيْسَ بِشَيْء وَلَيْسَت الشُّفْعَة على الْمَوَارِيث وَلَكنهُمْ اذا كَانُوا شُرَكَاء

(3/84)


فِي الدَّار جَمِيعًا لَيْسَ مِنْهَا شَيْء إِلَّا وهم فِيهِ شُرَكَاء شركتهم فِي الشُّفْعَة سَوَاء وَلم يكن بَعضهم أَحَق بِالشُّفْعَة من بعض
- بَاب الشُّفْعَة على الرؤس
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ الشُّفْعَة على الرؤس وَلَيْسَ على الأنصياء صَاحب النَّصِيب الْقَلِيل وَصَاحب الْكثير فِيهَا سَوَاء وَقَالَ اهل الْمَدِينَة الشُّفْعَة بَين الشُّرَكَاء على قدر حصصهم يَأْخُذ كل انسان مِنْهُم على قدر نصِيبه إِن كَانَ قَلِيلا فقليل وَإِن كَانَ كثيرا فكثير وَذَلِكَ إِذا تشاحوا فِيهَا
أَرَأَيْتُم ول كره الْقَوْم أَن يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَة غير أقلهم نَصِيبا أَلَيْسَ كَانَت تجب لَهُ الشُّفْعَة كلهَا بِنَصِيبِهِ فان قَالُوا بلَى قيل لَهُم فان كره الْقَوْم جَمِيعًا أَن يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَة كلهَا أَو يدع قَالُوا بلَى قيل لَهُم أَلَيْسَ

(3/85)


كل وَاحِد مِنْهُم كَانَ مُسْتَحقّا كحلها بِنَصِيبِهِ فان قَالُوا بلَى قيل لَهُم فاذا طلبُوا جَمِيعًا أخذُوا بِالشُّفْعَة جَمِيعًا سَوَاء لِأَن صَاحب النَّصِيب الْقَلِيل يسْتَحق بِنَصِيبِهِ الْقَلِيل مَا يسْتَحق الآخر بِنَصِيبِهِ الْكثير
- بَاب الرجل يَشْتَرِي الأَرْض فيعمرها
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يَشْتَرِي الأَرْض فيعمرها بِأَصْل نصِيبه مِنْهَا ثمَّ يأتى أحد فيدرك فِيهَا حَقًا فيريد ان يَأْخُذ بِالشُّفْعَة إِن لَهُ أَن يَأْخُذ بِالشُّفْعَة فَيُقَال للمعمر اقلع مَا غرست فِيهَا فَاذْهَبْ بِهِ حَيْثُ شِئْت وَكَذَلِكَ الْبناء يُقَال لَهُ اقلع بناءك يَأْخُذ الشَّفِيع الدَّار بِالثّمن إِلَّا أَن يتراضى المُشْتَرِي وَالشَّفِيع على أَن يَأْخُذ المُشْتَرِي ذَلِك بِالْقيمَةِ

(3/86)


وَقَالَ أهل الْمَدِينَة من اشْترى أَرض فعمرها بِالْأَصْلِ يَضَعهُ فِيهَا أَو الْبِئْر يحفرها ثمَّ يَأْتِي رجل فيدرك فِيهَا حَقًا فيريد أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة إِنَّه لَا شُفْعَة لَهُ فِيهَا إِلَّا أَن يُعْطِيهِ قيمَة مَا عمر فان أعطاء كَانَ أَحَق بِالشُّفْعَة وَإِلَّا فَلَا حق لَهُ فِيهَا
قَالَ مُحَمَّد وَكَيف كَانَ هَذَا هَكَذَا يَشْتَرِي الرجل الأَرْض بالف دِرْهَم فبادر الشَّفِيع وَهُوَ غَائِب مَخَافَة أَن يَأْخُذهَا بِالشُّفْعَة فيغرس فِيهَا غرسا لشعرة آلَاف دِرْهَم فَيبلغ الشَّفِيع فيبادر الْأَخْذ بِالشُّفْعَة وَلَيْسَ لَهُ من المَال إِلَّا ألف دِرْهَم فيجد قد غرس فِيهَا غرسا لَا يقدر على ثمنه أتبطل الشُّفْعَة وَقد كَانَ الْحق وَجب لَهُ قبل غرس هَذَا قَالُوا فَيَنْبَغِي أَن يعمد المُشْتَرِي إِلَى غرس قد غرس وَأنْفق عَلَيْهِ عشرَة آلَاف دِرْهَم فيقلعه فيفسده

(3/87)


قيل لَهُم لَيْسَ للشَّفِيع فِي ذَلِك ذَنْب المُشْتَرِي عمل ذَلِك بِنَفسِهِ وَقد كَانَت الشُّفْعَة فِيهَا وَذَلِكَ للشَّفِيع يَوْم وَقع الشِّرَاء فَكَانَ يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي أَن لَا يقدم على هَذَا إِلَّا بِعِلْمِهِ قَالُوا ان المُشْتَرِي لم يعلم ان لهَذَا نَصِيبا يسْتَحق بِهِ شُفْعَة قيل لَهُم أَرَأَيْتُم إِن علم فأقدم على علم مَا تَقولُونَ فِي ذَلِك مَا الْعلم وَغير الْعلم فِي هَذَا إِلَّا سَوَاء وَمَا على الشَّفِيع أَن يكون المُشْتَرِي فَقِيها عَالما قد وَجَبت الشُّفْعَة للشَّفِيع بِوَجْه دون الشِّرَاء فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي ان يُبْطِلهَا بِمَا يحدث مِمَّا لَا يقوى الشَّفِيع على أَخذ الشُّفْعَة بذلك أَرَأَيْتُم إِن قَالَ الشَّفِيع أَنا آخذ مَا غرس بِقِيمَتِه فَقَالَ المُشْتَرِي بل أَنا أقلعه وأغرسه فِي مَوضِع آخر ايهما أَحَق بِهِ وَذَلِكَ لَا ينقص الأَرْض شَيْئا فان قُلْتُمْ للْمُشْتَرِي قلعه فَكيف صَارَت شُفْعَة الشَّفِيع تبطل بِتَرْكِهِ اذا علم ان الشَّفِيع لَا يقوى على اخذها وَهُوَ لَو ابى ان يُعْطِيهِ الشَّفِيع كَانَ لَهُ ذَلِك وَكَانَ احق بِهِ من الشَّفِيع
قَالَ مُحَمَّد من وَجب لَهُ أَخذ أَرض بشفعة فَلَيْسَ يقدر المُشْتَرِي على ابطال حَقه بحدثه لَا يقدر الشَّفِيع على أَخذهَا لمكانه

(3/88)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي شِقْصا فِي ارْض مُشْتَركَة
-

مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من اشْترى شِقْصا فِي ارْض مُشْتَركَة على انه فِيهِ بِالْخِيَارِ فَأَرَادَ شُرَكَاء البَائِع ان يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَة قبل ان يخْتَار المُشْتَرِي ان لَهُم ان يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَة لَان البيع قد تمّ من قبل البَائِع وانما يصير الشُّرَكَاء لَا شُفْعَة لَهُم اذا كَانَ البَائِع بِالْخِيَارِ فَأَما اذا كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَلم يكن للْبَائِع خِيَار فللشركاء الشُّفْعَة ان كَانَ المُشْتَرِي بِالْخِيَارِ وَلم يكن للْبَائِع خِيَار حَتَّى يَأْخُذ المُشْتَرِي وَيثبت لَهُ البيع فاذا وَجب لَهُ البيع فَلهم الشُّفْعَة
وَقَالَ مُحَمَّد إِذا تمّ البيع فَلم يبْق فِيهِ الا خِيَار المُشْتَرِي فقد وَجَبت صَفْقَة البيع للشَّفِيع وَصَارَ المُشْتَرِي ان شَاءَ اخذ وان شَاءَ ترك أَرَأَيْتُم لَو أَن رجلا اشْترى ارضا اَوْ دَارا لم يرهَا الْيَسْ كَانَ بِالْخِيَارِ اذا رَآهَا إِن شَاءَ أَخذهَا وَإِن شَاءَ تَركهَا فان قَالَ الشَّفِيع انا آخذها بِالشُّفْعَة أما يكون لَهُ فِي قَوْلكُم ان يَأْخُذ بِالشُّفْعَة حَتَّى يرى المُشْتَرِي فيرضى اَوْ يرد فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء اذا لم يكن للْبَائِع خِيَار فقد تمّ البيع فان شَاءَ الشُّرَكَاء اخذوا بِالشُّفْعَة وان شاؤا تركُوا وَالله أعلم

(3/89)


- بَاب الرجل يَشْتَرِي العَبْد أَو الدَّابَّة اَوْ الثَّوْب إِنَّه لَا شُفْعَة فِي ذَلِك
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ لَا شُفْعَة عندنَا فِي عبد وَلَا وليدة وَلَا فِي شَيْء من الْحَيَوَان وَلَا ثوب وَكَذَلِكَ قَالَ أهل الْمَدِينَة وَكَذَلِكَ قَول مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ
- بَاب الرجلَيْن يكون بَينهمَا الْبِئْر فيبيع احدهما نصِيبه هَل فِيهَا شُفْعَة
-
قَالَ مُحَمَّد قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْبِئْر يكون بَين الرجلَيْن لَهما بَيَاض ارْض مَعهَا اَوْ لَيْسَ لَهُ ارْض فَبَاعَ احدهما نصِيبه من ذَلِك كُله ان لشَرِيكه ان يَأْخُذ بِالشُّفْعَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة فِي الْبِئْر لَيْسَ لَهَا بَيَاض انهه لَا شُفْعَة فِيهَا وَقَالُوا انما الشُّفْعَة فِيمَا يقسم وَتَقَع فِيهِ الْحُدُود من الأَرْض فَأَما مَا لَا يصلح فِيهِ الْقِسْمَة فَلَا شُفْعَة فِيهَا

(3/90)


وَقَالَ مُحَمَّد أخبرونا عَن رجل توفّي وَترك ارضا صَغِيرَة وَترك ولدا كثيرا اذا قسمت الأَرْض بَينهم لصغرها وكثرتهم لم يصب كل انسان مِنْهُم شَيْئا ينْتَفع بِهِ فَبَاعَ رجل نصيب اما لَهُم ان يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَة أَرَأَيْتُم حَماما بَين الرجلَيْن بَاعَ احدهما نصِيبه وَهَذَا لَا يَسْتَقِيم قسمته اما لشَرِيكه ان يَأْخُذ بِالشُّفْعَة أَرَأَيْتُم رجلَيْنِ بَينهمَا جِدَار بِأَصْلِهِ لَيْسَ لَهما مَعَه شَيْء غَيره بَاعَ احدهما نصيب اما للْآخر ان يَأْخُذ بِالشُّفْعَة فَهَذَا مَا لَا يَسْتَقِيم قسمته وَلَا يَقع فِيهِ الْحُدُود وَلَو كَانَ من الاشياء شَيْء يَنْبَغِي ان يكون فِيهِ الشُّفْعَة دون مَا سواهُ لَكَانَ يَنْبَغِي ان تكون الشُّفْعَة فِيمَا لَا يقسم قسم نصِيبه لقَوْله لَا يدْخل عَلَيْهِ فِي نصِيبه ضَرَر وَالَّذِي يقدر على قسمته اقْربْ الى شُفْعَة الْجَار الَّذِي أبطلتم من الَّذِي لَا يقدر على قسمته هَذَا كُله امْر وَاحِد مَا قدر على قسمته وَمَا لم يقدر على قسمته فَالشُّفْعَة فِيهِ جَائِزَة ثَابِتَة وَلَئِن كَانَ مَا قد قسم لَا شُفْعَة فِيهِ كَمَا زعمتم انه يَنْبَغِي ان يكون مَا يقسم مِمَّا لَا يقسم يقرب الى ان لَا يكون فِيهِ قسْمَة وَبَين الَّذِي لَا يقسم على حَال لَان الَّذِي لَا يقسم لَا يضرّهُ الاخذ بِالشُّفْعَة لَان نصِيبه يقسم فينتفع بِهِ وَالَّذِي لَا يقسم لضَرُورَة لَا ينْتَفع بِهِ بِنَصِيبِهِ فَيَنْبَغِي ان يكون هَذَا احق بِالشُّفْعَة حَتَّى يكثر نصِيبه بِمَا يَأْخُذ بِالشُّفْعَة فينتفع بِهِ
- بَاب الرجل يَشْتَرِي شِقْصا من دَار فِيهَا شُفْعَة
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِيمَن اشْترى شِقْصا من دَار

(3/91)


فِيهَا شُفْعَة لناس حُضُور فَعَلمُوا بِالشُّفْعَة فان لم يطلبوها حِين علمُوا فَلَا شُفْعَة لَهُم وَلَيْسَ على المُشْتَرِي ان يرفعهم الى السُّلْطَان بِالشُّفْعَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يَنْبَغِي للْمُشْتَرِي ان يكون هُوَ الَّذِي يرفع الشُّرَكَاء الى السُّلْطَان فاما ان يستحقوه واما ان يسلم لَهُ السُّلْطَان فان تَركهم فَلم يرفع امرهم إِلَى السُّلْطَان وَقد علمُوا باشترائه فتركوا ذَلِك حَتَّى طَال زَمَانه ثمَّ جاؤا يطْلبُونَ شفعتهم فَلَا نرى ذَلِك لَهُم
وَقَالَ مُحَمَّد كم ذَلِك الطول كم يوقتون أسنة أم سنتَيْن أم عشر سِنِين أَو أَكثر أَو أقل وقولكم ايضا هُوَ الَّذِي يرفع أَمرهم إِلَى السُّلْطَان مَا ذَلِك على المُشْتَرِي انما الشُّفْعَة شفعتهم وانما الْحق لَهُم فَعَلَيْهِم ان يرفعوا ذَلِك إِلَى السُّلْطَان فيطلبوا شفعتهم فان لم يَفْعَلُوا فَلَا شُفْعَة لَهُم وَكَذَلِكَ

(3/92)


قَالَ شُرَيْح الشُّفْعَة لمن واثبها
- بَاب الرجل يهب الشّقص فِي ارْض مشتركه
-
مُحَمَّد قَالَ قَالَ ابو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ من وهب شِقْصا فِي دَار أَو

(3/93)


ارْض مشتركه فأثابه الْمَوْهُوب لَهُ بهَا بِنَقْد اَوْ عرض فالهبة بَاطِلَة لانها هبة غير مَقْبُوضَة وَلَا يجوز الْهِبَة إِلَّا مقسومة مَقْبُوضَة وَلَا شُفْعَة فِي ذَلِك لانها فَاسِدَة وَقَالَ اهل الْمَدِينَة يَأْخُذهَا الشُّرَكَاء بِالشُّفْعَة ويدفعون للْمَوْهُوب لَهُ قيمَة مثوبته دَنَانِير اَوْ دَرَاهِم
وَقَالَ مُحَمَّد كَيفَ يكون ذَلِك وَالْهِبَة لَا تجوز الا مقسومة مَقْبُوضَة وَالْهِبَة نحلى وَقد قَالَ سيدنَا ابو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ لسيدتنا عَائِشَة

(3/94)


رَضِي الله عَنْهَا حِين حَضرته الْوَفَاة يَا بنتاه اني كنت نحلتك جذاذ عشْرين وسْقا من مَال الغابة وَلم تَكُونِي حزيته وَلَا جددتيه وانما هُوَ الْيَوْم مَال الْوَارِث فَلم ير ذَلِك حَتَّى يحوزه ويقبضه وَقد بلغنَا عَن النَّبِي

(3/95)


صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الصَّدَقَة حَتَّى تقبض فقد اجاز اهل الْمَدِينَة اخذها بِالشُّفْعَة وَهِي غي محوزة وَلَا مَقْبُوضَة والاخذ بِالشُّفْعَة بِمَنْزِلَة البيع لَان الشَّفِيع كَانَ مُشْتَريا فَيَنْبَغِي لمن اجاز اخذ اذلك بِالشُّفْعَة ان يُجِيز البيع فَيجوز البيع والاخذ بِالشُّفْعَة فِي الصَّدَقَة وَالْهِبَة والنحلى قبل الْحِيَازَة بِالْقَبْضِ وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي ان يجوز وَقد بلغنَا عَن عبد الله

(3/96)


ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَا تجوز الصَّدَقَة الا مَقْبُوضَة وَقد بلغنَا ذَلِك عَن عَامر الشّعبِيّ وبلغنا ذَلِك عَن معَاذ بن جبل وَشُرَيْح رَضِي الله عَنْهُم انهما قَالَا لَا تجوز الصَّدَقَة الا مَقْبُوضَة فاذا كَانَ هَذَا غير جَائِز فَلَا شُفْعَة فِيهِ آخر كتاب الشفع

(3/97)