رد المحتار على الدر المختار

بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ الدِّعْوَةُ نَوْعَانِ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَدَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وَهُوَ بِخِلَافِهِ وَالْأُولَى أَقْوَى لِسَبْقِهِ وَاسْتِنَادِهَا لِوَقْتِ الْعُلُوقِ وَاقْتِصَارِ دَعْوَى التَّحْرِيرِ عَلَى الْحَالِ وَسَيَتَّضِحُ (مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ) الْبَائِعُ (ثَبَتَ نَسَبُهُ) مِنْهُ اسْتِحْسَانًا لِعُلُوقِهَا فِي مِلْكِهِ وَمَبْنَى النَّسَبِ عَلَى الثَّمَنَ (وَ) لَكِنْ (إذَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ ثَبَتَ) نَسَبُهُ (مِنْهُ) لِوُجُودِ مِلْكِهِ وَأُمِّيَّتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
لَمْ يُقْضَ بِالْيَدِ لَهُمَا وَبَرِئَ كُلٌّ عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَتُوقَفُ الدَّارُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ الْمَالُ، فَإِنْ نَكَلَا قُضِيَ لِكُلٍّ بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِكُلِّهَا لِلْحَالِفِ نِصْفُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ وَنِصْفُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ بِنُكُولِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّارُ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَمْ تُنْزَعْ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الثَّالِثِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ الْخَارِجَيْنِ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ

(قَوْلُهُ قُضِيَ بِهِ) لَا يُقَالُ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ مِنْ الْمَضَارِّ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِهِ بَلْ بِدَعْوَى ذِي الْيَدِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ الْمَضَارِّ لِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ بَعْدَهُ بِدَعْوَى الْحُرِّيَّةِ. وَلَا يُقَالُ الْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّ الْحُرِّيَّةُ فَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَوْنُهُ فِي يَدِهِ لَا يُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ كَاللَّقِيطِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ: إنَّهُ عَبْدُهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ. لِأَنَّا نَقُولُ: إذَا اُعْتُرِضَ عَلَى الْأَصْلِ دَلِيلٌ خَالَفَهُ بَطَلَ، وَثُبُوتُ الْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّقِيطَ إذَا عَبَّرَ عَنْ نَفْسِهِ وَأَقَرَّ بِالرِّقِّ يُخَالِفُهُ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ لَمْ يُعَبِّرْ فَلَيْسَ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ أَمِينٌ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا.

[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]
ِ (قَوْلُهُ الدِّعْوَةُ) أَيْ بِكَسْرِ الدَّالِ فِي النَّسَبِ وَبِفَتْحِهَا الدَّعْوَةُ إلَى الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ وَادَّعَاهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ مِلْكُهُ فِيهَا وَيَثْبُتُ عِتْقُ الْوَلَدِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِوَلَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَجَعَلَهَا الأتقاني دَعْوَةَ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِنَادُهَا) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَالْأَوَّلُ أَقْوَى لِأَنَّهُ أَسْبَقُ لِاسْتِنَادِهَا ح (قَوْلُهُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَفَادَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْكَافِي قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا مِنْكَ مُنْذُ شَهْرٍ، وَالْوَلَدُ مِنِّي، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتَهَا مِنِّي لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالْوَلَدُ لَيْسَ مِنْك فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِالِاتِّفَاقِ فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلْبَائِعِ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَنَازَعَا وَقُيِّدَ بِدَعْوَى الْبَائِعِ؛ إذْ لَوْ ادَّعَاهُ ابْنُهُ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوَّلًا فَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةٌ وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ فَادَّعَاهُ) أَفَادَ بِالْفَاءِ أَنَّ دَعْوَتَهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا ثَبَتَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ كَانَتْ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَشَرَاهَا أَحَدُهُمْ فَوَلَدَتْ فَادَّعَوْهُ جَمِيعًا ثَبَتَ مِنْهُمْ عِنْدَهُ وَخَصَّاهُ بِاثْنَيْنِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي النَّظْمِ وَبِالْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدِّقْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ الْعُلُوقُ عِنْدَكَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ فَإِنْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا فَبَيِّنَتُهُ، وَإِنْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الثَّانِي وَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ عِنْدَ الثَّالِثِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ شَرْحُ الْمُلْتَقَى (قَوْلُهُ الْبَائِعُ) وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ نَسَبُهُ) صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا كَمَا فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ وَأَطْلَقَ فِي الْبَائِعِ، فَشَمِلَ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ وَالْحَرَّ وَالْمُكَاتَبَ كَذَا رَأَيْتُهُ مَعْزُوًّا لِلِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) أَيْ لَا قِيَاسًا لِأَنَّ بَيْعَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّهَا أَمَةٌ فَيَصِيرُ مُنَاقِضًا (قَوْلُهُ: وَأُمِّيَّتُهَا) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ ثَبَتَ ح وَهَذَا لَوْ جُهِلَ الْحَالُ لِمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِيلَادِ أَنَّهُ

(5/581)


بِإِقْرَارِهِ وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ نَكَحَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا (وَلَوْ ادَّعَاهُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ ادِّعَاءِ الْبَائِعِ (أَوْ بَعْدَهُ لَا) لِأَنَّ دَعْوَتَهُ تَحْرِيرٌ، وَالْبَائِعُ اسْتِيلَادٌ فَكَانَ أَقْوَى كَمَا مَرَّ (وَكَذَا) يَثْبُتُ مِنْ الْبَائِعِ (لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأُمِّ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) لِفَوَاتِ الْأَصْلِ (وَيَأْخُذُهُ) الْبَائِعُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ (وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي كُلَّ الثَّمَنِ) وَقَالَا حِصَّتَهُ (وَإِعْتَاقُهُمَا) أَيْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ وَالْوَلَدَ (كَمَوْتِهِمَا) فِي الْحُكْمِ (وَالتَّدْبِيرُ كَالْإِعْتَاقِ) لِأَنَّهُ أَيْضًا لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ وَيَرُدُّ حِصَّتَهُ اتِّفَاقًا مُلْتَقَى وَغَيْرُهُ وَكَذَا حِصَّتُهَا أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْبُرْهَانِ وَنَقَلَهُ فِي الدُّرَرِ وَالْمِنَحِ عَنْ الْهِدَايَةِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْكَافِي عَنْ الْمَبْسُوطِ وَعِبَارَةُ الْمَوَاهِبِ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِهَا أَوْ مَوْتِهَا ثَبَتَ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ وَاكْتَفَيَا بِرَدِّ حِصَّتِهِ وَقِيلَ: لَا يَرُدُّ حِصَّتَهَا فِي الْإِعْتَاقِ بِالِاتِّفَاقِ اهـ فَلْيُحْفَظْ (وَلَوْ وَلَدَتْ) الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ (لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ النَّسَبُ) بِتَصْدِيقِهِ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
لَوْ زَنَى بِأَمَةٍ فَوَلَدَتْ فَمَلَكَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ مَلَكَ الْوَلَدَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَمَرَّ فِيهِ مَتْنًا.
اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَقَالَ: ظَنَنْتُ حِلَّهَا لِي فَلَا نَسَبَ وَإِنْ مَلَكَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّارِحُ ثَمَّةَ وَإِنْ مَلَكَ أُمَّهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ) ثُمَّ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْبَائِعِ بَعْدَهُ لِاسْتِغْنَاءِ الْوَلَدِ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ وَقَدْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ الْأَقَلِّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) أَيْ وَقَدْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ الْأَقَلِّ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأُمِّ لِفَوَاتِ الْأَصْلِ، فَإِنَّهُ اسْتَغْنَى بِالْمَوْتِ عَنْ النَّسَبِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ التَّعْلِيلَ بِالِاسْتِغْنَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ كُلَّ الثَّمَنِ) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَمَالِيَّتُهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُ فِي الْعَقْدِ وَالْغَصْبِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا مُتَقَوِّمَةٌ فَيَضْمَنُهَا هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَا حِصَّتَهُ) أَيْ حِصَّةَ الْوَلَدِ أَيْ لَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْأُمِّ (قَوْلُهُ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ مَانِعَةُ الْخُلُوِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا حَقِيقِيَّةٌ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَوْتِهِمَا) حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ لَا الْوَلَدَ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعَوْتُهُ، وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ لَا الْأُمَّ لَمْ تَصِحَّ دَعَوْته لَا فِي حَقِّ الْوَلَدِ وَلَا فِي حَقِّ الْأُمِّ كَمَا فِي الْمَوْتِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ حِصَّتَهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ أَوْ دَبَّرَهَا لَا الْوَلَدَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا حِصَّتُهَا) فَصَارَ حَاصِلُ هَذَا أَنَّ الْبَائِعَ يَرُدُّ كُلَّ الثَّمَنِ وَهُوَ حِصَّةُ الْأُمِّ وَحِصَّةُ الْوَلَدِ فِي الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَيَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَقَطْ فِيهِمَا عِنْدَهُمَا.
وَعَلَى مَا فِي الْكَافِي يَرُدُّ حِصَّتَهُ فَقَطْ فِي الْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْإِمَامِ كَقَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ فِي التَّدْبِيرِ وَالْإِعْتَاقِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَيَرُدُّ حِصَّتَهَا أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الدُّرَرِ حَيْثُ قَالَ: وَفِيمَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ أَوْ دَبَّرَهَا يَرُدُّ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَهُ يَرُدُّ كُلَّ الثَّمَنِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمَوْتِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ح (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ فِي الدُّرَرِ) وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ يَرُدُّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا حِصَّتَهَا بِالِاتِّفَاقِ وَفَرَّقَ عَلَى هَذَا بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَّبَ الْبَائِعَ فِيمَا زَعَمَ حَيْثُ جَعَلَهَا مُعْتَقَةً مِنْ الْمُشْتَرِي فَبَطَلَ زَعْمُهُ وَلَمْ يُوجَدْ التَّكْذِيبُ فِي فَصْلِ الْمَوْتِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ فَيَسْتَرِدُّ حِصَّتَهَا كَذَا فِي الْكَافِي اهـ. لَكِنْ رَجَّحَ فِي الزَّيْلَعِيِّ كَلَامَ الْمَبْسُوطِ وَجَعَلَهُ هُوَ الرِّوَايَةَ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِ التَّصْحِيحِ عَنْ الْهِدَايَةِ وَهُوَ مُخَالِفُ الرِّوَايَةِ وَكَيْفَ يُقَالُ يَسْتَرِدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَالْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْجَارِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَبْطُلْ إعْتَاقُهُ بَلْ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَقَطْ بِأَنْ يَقْسِمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِمَا وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ قِيمَةٌ بِالْوِلَادَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ مَا فِي الْكَافِي) وَهُوَ رَدُّ حِصَّتِهِ لَا حِصَّتِهَا بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ: لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْنِ) مِثْلُهُ تَمَامُ السَّنَتَيْنِ إذَا لَمْ يُوجَدْ اتِّصَالُ الْعُلُوقِ بِمِلْكِهِ يَقِينًا، وَهُوَ الشَّاهِدُ وَالْحُجَّةُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ النَّسَبُ) وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صَحَّ، وَكَانَتْ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ، وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا

(5/582)


نِكَاحًا) حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ. بَقِيَ لَوْ وَلَدَتْ فِيمَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ إنْ صَدَّقَهُ فَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ تَنَازَعَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا وَكَذَا الْبَيِّنَةُ لَهُ عِنْدَ الثَّانِي خِلَافًا لِلثَّالِثِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَشَرْحُ مَجْمَعٍ، وَفِيهِ لَوْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْأَوَّلَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا بِلَا تَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي.

(بَاعَ مَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ وَادَّعَاهُ بَعْدَ بَيْعِ مُشْتَرِيهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِكَوْنِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ (وَرَدَّ بَيْعَهُ) لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ كَاتَبَ الْوَلَدَ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ أَوْ رَهَنَهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ زَوَّجَهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ) فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَتُرَدُّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ كَمَا مَرَّ

(بَاعَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ الْمَوْلُودَيْنِ) يَعْنِي عَلَقًا وَوَلَدًا (عِنْدَهُ وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ) الْوَلَدَ (الْآخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي) بِأَمْرٍ فَوْقَهُ وَهُوَ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي لَا الْبَائِعِ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: نِكَاحًا) بِأَنْ زَوَّجَهُ إيَّاهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا كَانَ زِنًا (قَوْلُهُ فَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ) فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَالْأَمَةُ أُمُّ وَلَدٍ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: قَبْلَ بَيْعِهِ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا عَلِمَتْ الْمُدَّةَ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ إلَى سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ، فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي تَصِحُّ، وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا فَلَوْ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ، وَلَوْ الْبَائِعُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَوْ ادَّعَاهُ أَوْ سَكَتَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ تَنَازَعَا ح (قَوْلُهُ وَلَوْ تَنَازَعَا) أَيْ فِي كَوْنِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ) أَيْ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَاتَبَ) أَيْ الْمُشْتَرِي.
وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ كَذَلِكَ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فَهُوَ ابْنُهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَمَالُهُ مِنْ حَقِّ الدِّعْوَةِ لَا يَحْتَمِلُهُ فَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَاتَبَ الْوَلَدَ أَوْ رَهَنَهُ وَآجَرَهُ أَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ أَوْ رَهَنَهَا أَوْ زَوَّجَهَا، ثُمَّ كَانَتْ الدِّعْوَةُ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَوَارِضَ تَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَيُنْقَصُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَتَصِحُّ الدِّعْوَةُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ عَلَى مَا مَرَّ. قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: ضَمِيرُ كَاتَبَ إنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا فِي قَوْلِهِ أَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ يَصِيرُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ وَكَاتَبَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ بَيْعُ الْوَلَدِ لَا بَيْعُ الْأُمِّ، فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ وَكَاتَبَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى مَنْ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا فَالْمَسْأَلَةُ أَنَّ رَجُلًا كَاتَبَ مَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ ثُمَّ كَانَتْ الدِّعْوَةُ فَحِينَئِذٍ لَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِعْتَاقِ الَّتِي مَرَّتْ مَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْوَلَدَ لِأَنَّ الْفَرْقَ صَحِيحٌ إذْ يَكُونُ بَيْنَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي وَكِتَابَتِهِ لَا بَيْنَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي وَكِتَابَةِ الْبَائِعِ. إذَا عَرَفْتَ هَذَا فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي كَاتَبَ الْوَلَدَ هُوَ الْمُشْتَرِي، وَفِي كَاتَبَ الْأُمَّ مَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ فِي قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ اهـ.
أَقُولُ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِمَا الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ بَيْعُ الْوَلَدِ لَا بَيْعُ الْأُمِّ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ بَيْعُهُ مَعَ أُمِّهِ بِقَرِينَةِ سَوْقِ الْكَلَامِ وَدَلِيلِ كَرَاهَةِ التَّفْرِيقِ بِحَدِيثِ سَيِّدِ الْأَنَامِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. نَعَمْ كَانَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ أَنْ يُقَالَ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ بَيْعِ مُشْتَرِيه وَكَذَا بَعْدَ كِتَابَةِ الْوَلَدِ وَرَهْنِهِ إلَخْ لَكِنَّهُ سَهْوٌ، وَانِي عَلَى الدُّرَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ) أَيْ لَوْ كَانَتْ بِيعَتْ مَعَ الْوَلَدِ فَالضَّمِيرُ فِي الْكُلِّ وَبِهِ لِلْمُشْتَرِي وَبِهِ يَسْقُطُ مَا فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ

(قَوْلُهُ يَعْنِي عَلَقًا) مُحْتَرَزُهُ قَوْلُهُ لَوْ اشْتَرَاهَا حُبْلَى (قَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ) لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ صَحَّتْ فِي الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ لِمُصَادِفَةِ الْعُلُوقِ وَالدَّعْوَى مِلْكُهُ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ ثُبُوتُ الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ) أَيْ الثَّابِتَةُ

(5/583)


لِأَنَّهُمَا عَلِقَا فِي مِلْكِهِ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهَا حُبْلَى لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهُ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَتَقْتَصِرُ عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَالَ: وَحِيلَةُ إسْقَاطِ دَعْوَى الْبَائِعِ أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ ابْنُ عَبْدِهِ فُلَانٍ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ أَبَدًا مُجْتَبًى وَقَدْ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (قَالَ) عَمْرٌو (لِصَبِيٍّ مَعَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَيْنِيٌّ (هُوَ ابْنُ زَيْدٍ) الْغَائِبِ (ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ) أَبَدًا (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ) خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ بَعْدَ تَكْذِيبِهِ صَحَّ، وَلِذَا لَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ ثَانِيًا وَلَا سَهْوَ فِي عِبَارَةِ الْعِمَادِيِّ كَمَا زَعَمَهُ مُنْلَا خُسْرو كَمَا أَفَادَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ وَأَمَّا بِدُونِهِ فَلَا إلَّا إذَا عَادَ الِابْنُ إلَى التَّصْدِيقِ لِبَقَاءِ إقْرَارِ الْأَبِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَبُ الْإِقْرَارَ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الِابْنُ قَبْلُ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ أَخُوهُ فَلَا يُقْبَلُ، لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ.

[فُرُوعٌ]
لَوْ قَالَ لَسْتُ وَارِثَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُهُ وَبَيَّنَ جِهَةَ الْإِرْثِ صَحَّ -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَأَمَّا حُرِّيَّةُ الْإِعْتَاقِ فَعَارِضَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا عَلِقَا فِي مِلْكِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا حَيْثُ لَا يَبْطُلُ فِيهِ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ بَطَلَ فِيهِ بَطَلَ مَقْصُودًا لِأَجْلِ حَقِّ الدِّعْوَةِ لِلْبَائِعِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُنَا تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ فِي الَّذِي لَمْ يُبَعْ ثُمَّ تَتَعَدَّى إلَى الْآخَرِ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا، وَلَمْ يَثْبُتْ مَقْصُودًا عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهَا) أَيْ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ حُبْلَى وَجَاءَتْ بِهِمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ عَيْنِيٌّ
(قَوْلُهُ لَمْ يَبْطُلْ) قَالَ الْأَكْمَلُ: وَنُوقِضَ بِمَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ وَاشْتَرَى أَبُوهُ الْآخَرَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الَّذِي فِي يَدِهِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَيَعْتِقَانِ، وَلَمْ تَقْتَصِرْ الدَّعْوَى، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذَلِكَ لِمُوجِبٍ آخَرَ، وَهُوَ إنْ كَانَ الْأَبَ فَالِابْنُ قَدْ مَلَكَ أَخَاهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الِابْنَ فَالْأَبُ قَدْ مَلَكَ حَافِدَهُ فَيَعْتِقُ، وَلَوْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى أَبُو الْبَائِعِ الْوَلَدَيْنِ وَكَذَّبَاهُ أَيْ ابْنَهُ، الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِالْقِيمَةِ وَثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَعَتَقَ الَّذِي فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَا يَعْتِقُ الْمَبِيعُ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ مِلْكِهِ الظَّاهِرِ، بِخِلَافِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُدَّعِيَ أَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ فِي دَعْوَى الْبَائِعِ بِعُلُوقٍ فِي مِلْكِهِ وَهُنَا حُجَّةُ الْأَبِ أَنَّ شُبْهَةَ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» تَظْهَرُ فِي مَالِ ابْنِهِ الْبَائِعِ فَقَطْ وَتَمَامُهُ فِي نُسْخَةِ السَّائِحَانِيِّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ) لِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ فَتَقْتَصِرُ) بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ يَعْتِقَانِ جَمِيعًا لِمَا ذُكِرَ أَنَّهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَتَسْتَنِدُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ عِتْقُهُمَا بِطَرِيقِ أَنَّهُمَا حُرَّا الْأَصْلِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ حُرًّا عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ أَبَدًا) أَيْ وَإِنْ جَحَدَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) هُمَا قَالَا إذَا جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ فَهُوَ ابْنٌ لِلْمُقِرِّ وَإِذَا صَدَّقَهُ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَدْرِ تَصْدِيقَهُ وَلَا تَكْذِيبَهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ عِنْدَهُمْ دُرَرٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ) وَهُنَا ثَبَتَ مِنْ جِهَةِ الْمُقِرِّ لِلْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ) أَيْ صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ وَفِي التَّفْرِيعِ خَفَاءٌ.
وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ وَلَهُ أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَالْإِقْرَارُ بِمِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ بَعْدَ التَّكْذِيبِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَأَيْضًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ، فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ) وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ أَمَّا بِمُضِيِّ تَصْدِيقٍ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ ثُمَّ صَدَّقَهُ ثَبَتَتْ الْبُنُوَّةُ لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لَمْ يَبْطُلْ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ الِابْنِ فُصُولَيْنِ، قَالَ جَامِعُهُ: أَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الْقَوْلَةَ مَشْطُوبٌ عَلَيْهَا فَلْتُعْلَمْ (قَوْلُهُ فِي عِبَارَةِ الْعِمَادِيِّ) عِبَارَتُهُ هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ: هُوَ مِنِّي صَحَّ؛ إذْ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ مِنْهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ فَفِيهَا سَهْوٌ كَمَا قَالَ مُنْلَا خُسْرو لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ سَبْقُ الْإِقْرَارِ عَلَى النَّفْيِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: كَمَا زَعَمَهُ) تَمْثِيلٌ لِلْمَنْفِيِّ وَقَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ تَمْثِيلٌ لِلنَّفْيِ

(5/584)


إذْ التَّنَاقُضُ فِي النَّسَبِ عَفْوٌ وَلَوْ ادَّعَى بُنُوَّةَ الْعَمِّ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْجَدِّ وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنِّي ابْنُهُ تُقْبَلُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا تُسْمَعُ إلَّا عَلَى خَصْمٍ هُوَ وَارِثٌ أَوْ دَائِنٌ أَوْ مَدْيُونٌ أَوْ مُوصًى لَهُ وَلَوْ أَحْضَرَ رَجُلًا لِيَدَّعِيَ عَلَيْهِ حَقًّا لِأَبِيهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ أَوَّلًا فَلَهُ إثْبَاتُ نَسَبِهِ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِحَضْرَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَلَوْ ادَّعَى إرْثًا عَنْ أَبِيهِ فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْأَبِ حَتَّى لَوْ جَاءَ حَيًّا يَأْخُذُهُ مِنْ الدَّافِعِ، وَالدَّافِعُ عَلَى الِابْنِ، وَلَوْ أَنْكَرَ قِيلَ لِلِابْنِ بَرْهِنْ عَلَى مَوْتِ أَبِيكَ وَأَنَّك وَارِثُهُ، وَلَا يَمِينَ وَالصَّحِيحُ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَأَنَّهُ مَاتَ ثُمَّ يُكَلَّفُ الِابْنُ بِالْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ

(وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ (مَعَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: هُوَ عَبْدِي، وَقَالَ الْكَافِرُ: هُوَ ابْنِي فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ الْكَافِرِ) لِنَيْلِهِ الْحُرِّيَّةَ حَالًا وَالْإِسْلَامَ مَآلًا لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْكَمَالِ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَعَزَاهُ لِلتُّحْفَةِ فَلْيُحْفَظْ

(قَالَ زَوْجُ امْرَأَةٍ لِصَبِيٍّ مَعَهُمَا هُوَ ابْنِي مِنْ غَيْرِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَهُوَ عَدَمُ السَّهْوِ وَنَصُّهُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ اللَّفْظَةَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ قَوْلُهُ: هُوَ مِنِّي صَحَّ، لَيْسَ لَهُ فَائِدَةٌ فِي ثُبُوتِ صِحَّةِ النَّسَبِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ أَوَّلًا لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِقْرَارِ بِهِ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: إذْ التَّنَاقُضُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الدُّرَرِ فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ فَوَائِدَ جَمَّةً فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ: اسْمَ الْجَدِّ) بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ الْجَدِّ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَدَّعِ قَبْلَهُ مَالًا. قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبَوَيْهِ فَجَحَدَ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُهُ أَلَكَ قِبَلَهُ مِيرَاثٌ تَدَّعِيهِ أَوْ نَفَقَةٌ أَوْ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يُقْدَرُ عَلَى أَخْذِهَا إلَّا بِإِثْبَاتِ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ يَقْبَلُ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى إثْبَاتِ النَّسَبِ، وَإِلَّا فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدَّعِ مَالًا لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ الْمُجَاوَرَةُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ فِي الصُّلْبِ أَوْ الرَّحِمِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبُوهُ، وَأَنْكَرَ فَأَثْبَتَهُ يُقْبَلُ، وَكَذَا عَكْسُهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ قِبَلَهُ حَقًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ صَحَّ فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا، وَهَذَا لِأَنَّهُ يَدَّعِي حَقًّا فَإِنَّ الِابْنَ يَدَّعِي حَقَّ الِانْتِسَابِ إلَيْهِ، وَالْأَبُ يَدَّعِي وُجُوبَ الِانْتِسَابِ إلَى نَفْسِهِ شَرْعًا، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ انْتَسَبَ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ أَنِّي ابْنُهُ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلَا تُسْمَعُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْإِرْثِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ دَائِنٌ) اُنْظُرْ مَا صُورَتُهُ، وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَدَّعِيَ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَيَنْصِبَ لَهُ الْقَاضِي مَنْ يُثْبِتُ فِي وَجْهِهِ دَيْنَهُ، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِرْثِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْمُوصَى لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُوصَى لَهُ) أَوْ الْوَصِيُّ بَزَّازِيَّةٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ بِالْبُنُوَّةِ وَبِالْمَوْرُوثِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ الْمُنْكِرِ (قَوْلُهُ عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِابْنِ فُلَانٍ إنَّمَا هُوَ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْمَوْتَ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي تَحْلِيفِهِ إلَّا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) صَوَابُهُ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ كَذَا فِي الْهَامِشِ

(قَوْلُهُ وَقَالَ الْكَافِرُ هُوَ ابْنِي) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَهَذَا إذَا ادَّعَيَاهُ مَعًا فَلَوْ سَبَقَ دَعْوَى الْمُسْلِمِ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَلَوْ ادَّعَيَا الْبُنُوَّةَ كَانَ ابْنًا لِلْمُسْلِمِ؛ إذْ الْقَضَاءُ بِنَسَبِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ قَضَاءٌ بِإِسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامَ مَآلًا) لِظُهُورِ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ لِكُلِّ عَاقِلٍ، وَفِي الْعَكْسِ يَثْبُتُ الْإِسْلَامُ تَبَعًا وَلَا يَحْصُلُ لَهُ الْحُرِّيَّةُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ تَحْصِيلِهَا دُرَرٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلدَّارِ مَعَ وُجُودِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ ح.
قُلْت: يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرُوا فِي اللَّقِيطِ لَوْ ادَّعَاهُ ذِمِّيٌّ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلدَّارِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا) أَيْ وَابْنًا لِلْكَافِرِ

(قَوْلُهُ مَعَهُمَا) أَيْ فِي يَدِهِمَا اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الزَّوْجِ أَوْ يَدِ الْمَرْأَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِيهِمَا، وَقُيِّدَ بِإِسْنَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْوَلَدَ إلَى غَيْرِ صَاحِبِهِ لِمَا فِيهَا أَيْضًا عَنْ الْمُنْتَقَى صَبِيٌّ فِي يَدِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: هَذَا ابْنِي مِنْ هَذَا الرَّجُلِ

(5/585)


وَقَالَتْ هُوَ ابْنِي مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ابْنُهُمَا) إنْ ادَّعَيَا مَعًا وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلُ ابْنِ كَمَالٍ وَهَذَا (لَوْ غَيْرَ مُعَبِّرٍ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مُعَبِّرًا (فَهُوَ لِمَنْ صَدَّقَهُ) لِأَنَّ قِيَامَ أَيْدِيهِمَا وَفِرَاشِهِمَا يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْهُمَا (وَلَوْ) وَلَدَتْ أَمَةً اشْتَرَاهَا فَاسْتُحِقَّتْ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ (وَهُوَ حُرٌّ) لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ وَالْمَغْرُورُ مَنْ يَطَأُ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ تَسْتَحِقُّ فَلِذَا قَالَ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ) أَيَّ سَبَبٍ كَانَ عَيْنِيٌّ (كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ) غَرِمَ قِيمَةَ وَلَدِهِ (فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَبِيهِ) لِعَدَمِ الْمَنْعِ كَمَا مَرَّ (وَإِرْثُهُ لَهُ) لِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْل فِي حَقِّهِ فَيَرِثُهُ (فَإِنْ قَتَلَهُ أَبُوهُ أَوْ غَيْرُهُ) وَقَبَضَ الْأَبُ مِنْ دِيَتِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ (غَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُ) لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ لَزِمَهُ بِقَدْرِهِ عَيْنِيٌّ (وَرَجَعَ بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ (كَ) مَا يَرْجِعُ بِ (ثَمَنِهَا) وَلَوْ هَالِكَةً (عَلَى بَائِعِهَا) وَكَذَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَكِنْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَغَيْرِهَا (لَا بِعَقْرِهَا) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلُزُومِهِ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابَيْ الْمُرَابَحَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَعَ مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ، وَغَالِبُهَا مَرَّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ، وَيَجِيءُ فِي الْإِقْرَارِ.

[فُرُوعٌ] :
التَّنَاقُضُ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ عَفْوٌ.
لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمٍ مَيِّتٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
وَقَالَ: ابْنِي مِنْ غَيْرِهَا يَكُونُ ابْنَ الرَّجُلِ وَلَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ فَإِنْ جَاءَتْ بِامْرَأَةٍ شَهِدَتْ عَلَى وِلَادَتِهَا إيَّاهُ كَانَ ابْنَهَا مِنْهُ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ وَادَّعَاهُ وَادَّعَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْهُ، وَشَهِدَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ لَا يَكُونُ ابْنَهَا مِنْهُ بَلْ ابْنُهُ: لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَاحْتُرِزَ عَمَّا فِيهَا أَيْضًا صَبِيٌّ فِي يَدِ رَجُلٍ لَا يَدَّعِيهِ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ ابْنُهَا وَلَدَتْهُ، وَلَمْ تُسَمِّ أَبَاهُ وَأَقَامَ رَجُلٌ أَنَّهُ وُلِدَ فِي فِرَاشِهِ وَلَمْ يُسَمِّ أُمَّهُ يُجْعَلُ ابْنَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّرْجِيحُ بِالْيَدِ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ وَهُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ) تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ أَمَةٌ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْوَلَدَ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ) أَيْ لَا يَوْمَ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيَّ سَبَبٍ كَانَ) كَبَدَلِ أُجْرَةِ دَارٍ وَكَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ إلَّا أَنَّ الْمَغْرُورَ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ فِي الثَّلَاثِ كَمَا فِي أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ: غَرِمَ قِيمَةَ وَلَدِهِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُخْبِرِ كَمَا مَرَّ فِي آخِرِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ (قَوْلُهُ: فَيَرِثُهُ) وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا لِأَنَّ الْإِرْثَ لَيْسَ بِعِوَضٍ عَنْ الْوَلَدِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَا تُجْعَلُ سَلَامَةُ الْإِرْثِ كَسَلَامَتِهِ (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ) يَعْنِي فِيهِ صُورَةَ قَتْلِ غَيْرِ الْأَبِ. أَمَّا إذَا قَتَلَهُ الْأَبُ كَيْفَ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ، وَهُوَ ضَمَانُ إتْلَافِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِذَلِكَ أَيْ بِالرُّجُوعِ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَبِعَدَمِهِ بِقَتْلِهِ اهـ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعْنَاهُ فِي صُورَةِ قَبْضِ الْأَبِ مِنْ دَيْنِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ، وَصُورَةِ قَبْضِهِ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ الْمُرَادُ صُورَتَا الشِّرَاءِ وَالزَّوَاجِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ الشِّرَاءِ وَالزَّوَاجِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَالْمُوصِي بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ مَقْدِسِيٌّ اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ مَنَافِعِهَا) أَيْ بِالْوَطْءِ

(قَوْلُهُ عَفْوٌ) فِي الْأَشْبَاهِ يُعْذَرُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي لِلْجَهْلِ اهـ لَعَلَّهُ لِجَهْلِهِ بِمَا فَعَلَهُ الْمُوَرِّثُ وَالْمُوصِي وَالْمَوْلَى، وَفِي دَعْوَى الْأَنْقِرْوِيِّ فِي التَّنَاقُضِ: الْمَدْيُونُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُخْتَلِعَةُ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْخُلْعِ، لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجِ قَبْلَ الْخُلْعِ، وَبَرْهَنَ عَلَى إبْرَاءِ الدَّيْنِ يُقْبَلُ. لَكِنْ نُقِلَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُمْهِلَ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى الْإِبْرَاءَ لَا يُسْمَعُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى) أَيْ مِمَّنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ عَلَى غَرِيمٍ مَيِّتٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ

(5/586)


إلَّا إذَا وَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَسَلَّمَهُ لَهُ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ زَائِدًا.
لَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَقِّ إلَّا فِي دَعْوَى الْعَيْبِ لِيُبَرْهِنَ فَيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ وَفِي الْوَصِيِّ إذَا عَلِمَ بِالدَّيْنِ.
لَا تَحْلِيفَ مَعَ الْبُرْهَانِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ، وَاسْتِحْقَاقِ مَبِيعٍ وَدَعْوَى آبِقٍ.

الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: وَكَالَةٌ وَوِصَايَةٌ وَإِثْبَاتُ دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ وَاسْتِحْقَاقُ عَيْنٍ مِنْ مُشْتَرٍ وَدَعْوَى الْأَبْقِ.

لَا تَحْلِيفَ عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ إلَّا فِي سِتٍّ: إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ يَتِيمٍ وَمُتَوَلِّيَ وَقْفٍ وَفِي رَهْنِ مَجْهُولٍ وَدَعْوَى سَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَخِيَانَةِ مُودَعٍ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ فِي دَعْوَى الْبَحْرِ قَالَ: وَهِيَ غَرِيبَةٌ يَجِبُ حِفْظُهَا أَشْبَاهٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[رد المحتار]
حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا وَهَبَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَرِيمًا إلَّا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا مَغْصُوبَةً وَنَحْوُهَا كَانَ خَصْمًا لِمُدَّعِيهَا حَمَوِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ زَائِدًا) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ ذَا يَدٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَلْحَقُ بِهَذَا مُدَّعِي الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمَبِيعِ، فَإِنَّهُ يُنْكِرُ الْحَقَّ حَتَّى يَثْبُتَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ لَا يَقْدِرُ، وَأَيْضًا ادِّعَاءُ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ وَثُبُوتُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْخَصْمِ الْجَاحِدِ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَكُونَ ثُبُوتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ شَرْعًا صَحِيحًا يَجُوزُ فَيَلْحَقُ هَذَا أَيْضًا بِهِمَا وَيَلْحَقُ بِالْوَصِيِّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنَ، فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ يَلْزَمُ الْكُلُّ مِنْ حِصَّتِهِ، وَإِذَا أَنْكَرَ فَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْ حِصَّتِهِ وَحِصَّتِهِمْ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ: دَعْوَى دَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ) أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يَحْلِفُ بِلَا طَلَبِ وَصِيٍّ وَوَارِثٍ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ دَيْنَكَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ عَنْهُ وَمَا قَبَضَهُ قَابِضٌ وَلَا أَبْرَأْتَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَمَا أَحَلْتَ بِهِ وَلَا شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَكَ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ خُلَاصَةٌ فَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالدَّفْعِ قَبْلَ الِاسْتِحْلَافِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ وَتَمَامُهُ فِي أَوَائِلِ دَعْوَى الْحَامِدِيَّةِ، وَمَرَّتْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الدَّعْوَى تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ، وَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بَعْدَ صِحَّتِهَا إلَخْ وَمَرَّتْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَدَعْوَى آبِقٍ) لَعَلَّ صُورَتَهَا فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ عَبْدِي أَبَقَ مِنِّي، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ فَيَحْلِفُ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَاعَهُ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ هَذَا الشَّرْحِ نُقِلَ عَنْ الْفَتْحِ هَكَذَا. وَعِبَارَتُهُ: قَالَ فِي الْفَتْحِ يَحْلِفُ مُدَّعِي الْآبِقِ مَعَ الْبَيِّنَةِ بِاَللَّهِ إنَّهُ أَبَقَ عَلَى مِلْكِك إلَى الْآنِ لَمْ يَخْرُجْ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا اهـ

(قَوْلُهُ الْإِقْرَارُ لَا يُجَامِعُ الْبَيِّنَةَ) لِأَنَّهَا لَا تُقَامُ إلَّا عَلَى مُنْكِرٍ ذَكَرَ هَذَا الْأَصْلَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْبَعَ مَسَائِلَ: وَهِيَ مَا سِوَى دَعْوَى الْآبِقِ وَكَذَا ذَكَرَهَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَامِسَةَ، بَلْ زَادَ غَيْرَهَا وَعِبَارَتُهُ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُقِرٍّ إلَّا فِي وَارِثٍ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ لِلتَّعَدِّي. وَفِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوِصَايَةِ فَبَرْهَنَ الْوَصِيُّ وَفِي مُدَّعًى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ فَيُثْبِتُهَا الْوَكِيلُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِهِ مَعَ إقْرَارِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ، وَفِيمَا لَوْ خُوصِمَ الْأَبُ بِحَقٍّ عَنْ الصَّبِيِّ فَأَقَرَّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْخُصُومَةِ، وَلَكِنْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، وَأَمِينُ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ خَرَجَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَفِيمَا لَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنَّهَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ مَعَ إقْرَارِهِ وَفِيمَا لَوْ آجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ مِنْ آخَرَ فَأَقَامَ الْأَوَّلُ الْبَيِّنَةَ فَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ حَاضِرًا تُقْبَلُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ بِمَا يَدَّعِي اهـ مُلَخَّصًا فَهِيَ سَبْعٌ (قَوْلُهُ إلَّا فِي أَرْبَعٍ) هِيَ سَبْعٌ كَمَا فِي الْحَمَوِيِّ وَالْمَذْكُورُ هُنَا خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ مِنْ مُشْتَرٍ) فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِهِ مَعَ إقْرَارِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ لَكِنْ مَعَ إقْرَارِهِ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَفِي رَهْنٍ مَجْهُولٍ) كَثَوْبٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى الْبَحْرِ)

(5/587)


قُلْت: وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي مِائَةً وَقَالَ الْغَاصِبُ لَمْ أَدْرِ وَلَكِنَّهَا لَا تَبْلُغُ مِائَةً صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَأُلْزِمَ بِبَيَانِهِ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَلَوْ ظَهَرَ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَلْيُحْفَظْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.