السير الصغير ت خدوري

بَاب عشر النَّصْرَانِي من بني تغلب وَالشُّفْعَة فِي الْأَرْضين

167 - قلت أَرَأَيْت رجلا نَصْرَانِيّا من بني تغلب اشْترى أَرضًا من أَرض الْخراج هَل يوضع عَلَيْهِ الْخراج قَالَ نعم
168 - قلت فَإِن اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر أيوضع عَلَيْهِ الْخراج قَالَ لَا وَلَكِن يُضَاعف الْعشْر كَمَا ضاعف عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم
169 - قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة إِذا كَانَت من بني تغلب نَصْرَانِيَّة إِذا اشترت أَرضًا من أَرض الْعشْر أَو أَرضًا من أَرض الْخراج قَالَ عَلَيْهَا فِي أَرض الْخراج فَأَما إِذا اشترت أَرضًا من أَرض الْعشْر فَإِنَّهُ يكون عَلَيْهَا الْعشْر مضاعفا هِيَ فِي منزلَة الرجل فِي هَذَا
170 - قلت وَكَذَلِكَ الصَّبِي يَشْتَرِي لَهُ أَبوهُ أَو وَصِيّه أَرضًا قَالَ نعم قَالَ مُحَمَّد إِذا كَانَت الأَرْض أَرض عشر فَهِيَ أَرض الْعشْر أبدا لَا يغيرها ملك من اشْتَرَاهَا وَإِذا كَانَت أَرض خراج فَهِيَ أَرض خراج أبدا وَلَو كَانَت أَرض الْعشْر يغيرها ملك من اشْتَرَاهَا لكَانَتْ كَذَلِك ارْض الْمكَاتب وَالصَّبِيّ من الْمُسلمين وَالْمَعْتُوه إِذا اشْتَرَاهَا ذمِّي أَو تغلبي أَرَأَيْت لَو أَن أَرضًا بِمَكَّة فِي أَرض الْحرم اشْتَرَاهَا ذمِّي أَو تغلبي نَصْرَانِيّ أتحول عَن الصَّدَقَة وَالْعشر فَهَذَا لَا يكون وَلكنهَا أَرض الْعشْر كَمَا كَانَت
171 - قلت أَرَأَيْت الْمولى لبني تغلب قد اعتقوه إِذا اشْترى أَرضًا من أَرض الْخراج أَو أَرضًا من أَرض الْعشْر مَا عَلَيْهِ

(1/157)


قَالَ أما مَوْلَاهُم فَإِنَّهُ يُؤْخَذ مِنْهُ فِي أَرض الْخراج عشرا كَانَت أَو خراجا وَلَا يكون مولى بني تغلب وَهُوَ نَصْرَانِيّ أحسن حَالا من نَصْرَانِيّ أعْتقهُ مُسلم فَهُوَ إِن اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر أَو أَرضًا من أَرض الْخراج فَعَلَيهِ فيهمَا جَمِيعًا الْخراج وَلَا يكون عَلَيْهِ فِي أَرض الْعشْر صَدَقَة إِنَّمَا عَلَيْهِ الْخراج فِي قَول أبي حنيفَة قَالَ أَبُو يُوسُف الْعشْر مضاعفا
172 - قلت أَرَأَيْت الرجل الذِّمِّيّ من بني تغلب إِذا اشْترى أَرضًا من أَرض الْعشْر فَأَخذهَا رجل مُسلم بشفعة أَيكُون عَلَيْهِ الْخراج أَو الْعشْر قَالَ يكون عَلَيْهِ الْعشْر لِأَن الْمُسلم قد أَخذهَا بِالشُّفْعَة
173 - قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن الذِّمِّيّ اشْتَرَاهَا بيعا فَاسِدا ثمَّ ردهَا الذِّمِّيّ على الْمُسلم كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر كَمَا كَانَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خراج قَالَ نعم
174 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم من أهل الْحَرْب إِذا أَسْلمُوا على أَرضهم ودارهم أيوضع عَلَيْهِم الْخراج قَالَ لَا وَلَكِن أَضَع عَلَيْهِم الْعشْر فِي أَرضهم
175 - قلت فَإِن اشْترى رجل مُسلم أَرضًا من أَرضهم قَالَ يكون عَلَيْهِ الْعشْر كَمَا كَانَ
176 - قلت فَإِن اشْتَرَاهَا تغلبي قَالَ عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفا قلت فَإِن بَاعهَا التغلبي من مُسلم أَو اسْلَمْ عَلَيْهَا قَالَ عَلَيْهَا الْعشْر مضاعفا لِأَنَّهَا خرجت من حَالهَا الأولى حَيْثُ اشْتَرَاهَا النَّصْرَانِي من بني تغلب فَخرجت من حَال الْعشْر الى أَن ضوعف عَلَيْهَا الْعشْر فَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَة الْخراج أَلا ترى أَنِّي آخذه من أَرض الصَّبِي وَهَذَا قِيَاس قَول أبي حنيفَة
178 - قلت أَرَأَيْت الرجل يسْتَأْجر الأَرْض من أَرض الْخراج فيزرعها أَو يَأْخُذهَا مُعَاملَة فيزرعها على من يكون الْخراج قَالَ على رب الأَرْض الَّذِي قبلهَا إِيَّاه
179 - قلت وَكَذَلِكَ لَو زَرعهَا إِيَّاه بِغَيْر أجر

(1/158)


قَالَ نعم
180 - قلت فَإِذا كَانَت الأَرْض من أَرض الْخراج لعبد أَو مكَاتب فَإنَّا نضع عَلَيْهَا الْخراج قَالَ نعم
181 - قلت أَرَأَيْت الرجل يخرج مستأمنا لتِجَارَة هَل يوضع عَلَيْهِ الْخراج قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا استأمن للتِّجَارَة وَلم يستأمن ليَكُون ذِمِّيا
182 - قلت أَرَأَيْت إِن دخل الينا تَاجِرًا فَتزَوج امْرَأَة ذِمِّيَّة فَطلقهَا ثمَّ أَرَادَ الْخُرُوج هَل نمنعه من الْخُرُوج قَالَ لَا قلت أَرَأَيْت إِن طَال الْمقَام وأوطن قَالَ إِذا فعل ذَلِك وضعت الْخراج عَلَيْهِ
183 - قلت أَرَأَيْت إِن لم يطلّ الْمقَام وَلكنه اشْترى أَرضًا فزرعها هَل تَأْخُذ مِنْهُ خراج الأَرْض قَالَ نعم آخذ مِنْهُ خراج الأَرْض وخراج رَأسه لِأَنَّهُ إِذا أَقَامَ فِي دَار الْإِسْلَام فزرع فقد أوطن
184 - قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تخرج الينا من أَرض الْحَرْب مستأمنة للتِّجَارَة ثمَّ أَنَّهَا تزوجت ثمَّ أَرَادَت الْخُرُوج فَأبى ذَلِك عَلَيْهَا زَوجهَا وَأَرَادَ امساكها قَالَ لَيْسَ لَهَا أَن تخرج إِذا تزوجت فقد أوطنت وَصَارَت ذِمِّيَّة لِأَن الْمَرْأَة فِي هَذَا لَيست كَالرّجلِ أَلا ترى أَن الْمَرْأَة لَا تخرج إِلَّا بِإِذن زَوجهَا وَأَن الزَّوْج لَا يستأمرها وَلَا يؤامرها فِي الْخُرُوج وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِذا اشْترى الذِّمِّيّ أَرض الْعشْر ضوعف عَلَيْهَا الْعشْر

(1/159)


بَاب صلح الْمُلُوك

185 - قلت أَرَأَيْت ملكا من مُلُوك أهل الْحَرْب يكون لَهُ الأَرْض الواسعة فِيهَا قوم من أهل مَمْلَكَته هم لَهُ عبيد يبيعهم وَيحكم فيهم مَا بدا لَهُ صَالح الْمُسلمين وَصَارَ ذمَّة لَهُم أيكونون عبيدا لَهُ قَالَ نعم
186 - قلت فَإِن ظهر عَلَيْهِم عَدو ثمَّ ظهر عَلَيْهِم الْمُسلمُونَ فاستنقذهم أيردون على ذَلِك الْملك كَمَا كَانُوا قَالَ نعم
178 - قلت فَإِن وجدهم ذَلِك الْملك قد اقتسموا كَانَ أَحَق بهم بِالْقيمَةِ قَالَ نعم
188 - قلت فَإِن أسلم ذَلِك الْملك أَو صَار ذمَّة وَأهل أرضه أيكونون عبيدا لَهُ بِهَذِهِ الْمنزلَة ايضا قَالَ نعم قلت فَإِن لم يسلم وَلم يُعْط لَهُ الْعَهْد وَلم يدْخل فِي الذِّمَّة وَلَكِن عرض على الْمُسلمين أَن يكون لَهُم ذمَّة يُؤَدِّي الْخراج على أَن يَدعُوهُ يحكم فِي أهل مَمْلَكَته مَا بدا لَهُ من قتل أَو صلب أَو غَيره مِمَّا لَا يصلح أَن يحكم بِهِ فِي أَرض الْإِسْلَام قَالَ لَا يصلح للْمُسلمين أَن يعطوه على هَذَا صلحا قلت فَإِن فعلوا فَأَعْطوهُ الصُّلْح على هَذَا فَصَارَ لَهُم ذمَّة قَالَ ينظرُونَ مَا كَانَ من شَرطه مِمَّا لَا يحل وَلَا يصلح فيبطلونه ويجرون عَلَيْهِ الْأَحْكَام الَّتِي تصلح فَإِن هُوَ رَضِي بذلك وَإِلَّا أبلغوه مأمنه هُوَ وَأَصْحَابه

(1/162)


189 - قلت أَرَأَيْت إِن هُوَ صَالح الْمُسلمين فَصَارَ لَهُم ذمَّة فَجعل يخبر الْمُشْركين بِعَوْرَة الْمُسلمين وَيدل عَلَيْهَا ويؤوي عُيُون الْمُشْركين اليه أَيكُون هَذَا نقضا مِنْهُ لعهده قَالَ لَا وَلَكِن يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يعاقبوه على هَذَا ويحبسوه
190 - قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ لَا يزَال يغتال رجلا من الْمُسلمين فيقتله أَو يفعل ذَلِك أهل أرضه أَيكُون هَذَا نقضا لعهده قَالَ لَا وَلَكِن ينظرُونَ من فعل ذَلِك مِنْهُم فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَة اقتصوا مِنْهُ وَإِن لم يقم عَلَيْهِ بَيِّنَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ قلت فَإِن لم يعرفوا رجلا قَتله بِعَيْنِه وَلَكنهُمْ وجدوا قَتِيلا فِي قَرْيَة من قراه قَالَ هُوَ ضَامِن للدية بعد الْقسَامَة يقسم بِاللَّه خمسين مرّة مَا قتلت وَلَا علمت قَاتلا لَهُ ثمَّ يغرم الدِّيَة قلت لم لَا يقسم مَعَه أهل الْقرْيَة قَالَ لأَنهم عبيد لَهُ وَلَا قسَامَة على العبيد وَلَا دِيَة قلت فَإِن كَانَ أهل الْقرْيَة أحرارا قَالَ عَلَيْهِم الْقسَامَة وَالدية قلت فهم حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَتِهِ قَالَ نعم

(1/163)


بَاب موادعة أهل الْحَرْب

191 - قلت أَرَأَيْت قوما من أهل الْحَرْب طلبُوا الى الْمُسلمين الْمُوَادَعَة سِنِين مَعْلُومَة بِغَيْر جِزْيَة أينبغي للْمُسلمين أَن يعطوهم ذَلِك قَالَ نعم يَنْبَغِي لإِمَام الْمُسلمين أَن ينظر فِي ذَلِك فَإِن كَانَت لَهُم شَوْكَة لَا يستطيعهم وَكَانَت موادعتهم خيرا للْمُسلمين وادعهم قلت فَإِن وادعهم ثمَّ نظر فِي ذَلِك فَوجدَ موادعتهم شرا للْمُسلمين وَقد وادعهم على شَيْء يؤدونه اليه أينبذ اليهم وَيبْطل الْمُوَادَعَة ثمَّ يقاتلهم قَالَ نعم
192 - قلت فَإِن كَانَ الْمُسلمُونَ بِمَدِينَة قد حَاصَرَهُمْ بهَا الْعَدو فَسَأَلَهُمْ الْعَدو الْمُوَادَعَة سِنِين على أَن يؤدوا اليهم شَيْئا مَعْلُوما فِي كل سنة ايحل للْمُسلمين ان يوادعوهم ويؤدوا ذَلِك الى الْمُشْركين وهم يخَافُونَ الْهَلَاك على أنفسهم وَقد علمُوا أَن الصُّلْح خير لَهُم قَالَ لَا بَأْس بِهَذَا إِذا كَانَ على هَذَا الْوَجْه قلت أَرَأَيْت الْقَوْم من أهل الْحَرْب إِذا أَرَادَ الْمُسلمُونَ أَن يوادعوهم سِنِين مَعْلُومَة على أَن يُؤَدِّي اليهم أهل الْحَرْب كل سنة شَيْئا مَعْلُوما على أَن لَا يدْخل الْمُسلمُونَ بِلَادهمْ وَلَا تجْرِي عَلَيْهِم أحكامهم أينبغي للْمُسلمين أَن يصالحوهم على ذَلِك قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون ذَلِك خيرا للْمُسلمين قلت فَإِن كَانَ ذَلِك خيرا للْمُسلمين فَوَقع الصُّلْح على أَن يؤدوا اليهم مائَة رَأس كل سنة هَل يصلح للْمُسلمين الصُّلْح على هَذَا

(1/165)


قَالَ إِذا كَانَت هَذِه الْمِائَة يؤدونها اليهم من أنفسهم وَأَبْنَائِهِمْ فَلَا خير فِي الصُّلْح على هَذَا وَلَا يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يقتلُوا من ذَرَارِيهمْ وَلَا من أنفسهم وَقد أمنوهم أَلا ترى أَن رجلا مِنْهُم لَو بَاعَ رجلا من الْمُسلمين إبنه أَو أَبَاهُ لم يصلح ذَلِك لِأَن الصُّلْح وَقع عَلَيْهِم وذراريهم بمنزلتهم قلت فَإِن صالحوهم على مائَة رَأس باعيانهم أول سنة فَقَالُوا أمنونا سنة على أَن هَؤُلَاءِ لكم ونصالحكم ثَلَاث سِنِين مُسْتَقْبلَة على أَن نعطيكم كل سنة مائَة رَأس من رقيقنا قَالَ هَذَا جَائِز
193 - قلت فَإِن وَقع الصُّلْح على هَذَا ثمَّ أَن رجلا من الْمُسلمين سرق مِنْهُم جَارِيَة أَو مَتَاعا هَل يصلح شراؤها أَو شِرَاء ذَلِك الْمَتَاع قَالَ لَا
194 - قلت فَإِن أغار عَلَيْهِم قوم من أهل الْحَرْب فَسبوا مِنْهُم طَائِفَة أيصلح أَن يشترى مِنْهُم ذَلِك السَّبي قَالَ نعم لِأَن الْمُسلمين لم يسبوهم إِنَّمَا سباهم أهل الْحَرْب
195 - قلت أَرَأَيْت مَا حمل التُّجَّار اليهم هَل يمْنَعُونَ قَالَ لَا يمْنَعُونَ إِلَّا الكراع وَالسِّلَاح وَالْحَدِيد وَشبه ذَلِك قلت وَلم يمْنَعُونَ الكراع قَالَ لأَنهم لَيْسُوا بِأَهْل ذمَّة إِنَّمَا هم موادعون
196 - قلت أَرَأَيْت إِن دخل مِنْهُم الى دَار الْإِسْلَام تَاجر بِغَيْر أَمَان إِلَّا الْمُوَادَعَة الَّتِي كَانَت لَهُم قَالَ هُوَ آمن بِتِلْكَ الْمُوَادَعَة قلت أَرَأَيْت مَا أَخذه الْمُسلمُونَ مِنْهُم من الْخراج فِي موادعتهم هَل فِيهِ خمس قَالَ لَا إِنَّمَا هَذَا خراج وَلَيْسَ فِي الْخراج خمس

(1/166)


بَاب الْمُسْتَأْمن من أهل الْحَرْب

197 - قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسْتَأْمن من أهل الْحَرْب يخرج مستأمنا فِي تِجَارَة الى دَار الْإِسْلَام فيشتري عبدا مُسلما ثمَّ يدْخل بِهِ فِي أَرض الْحَرْب مَا حَال ذَلِك العَبْد قَالَ هُوَ حر سَاعَة يدْخل بِهِ دَار الْحَرْب قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ مُسلم اشْتَرَاهُ من دَار الْإِسْلَام أَلا ترى أَن العَبْد لَو قتل مَوْلَاهُ وَأخذ مَاله ثمَّ خرج بِهِ الينا الى دَار الْإِسْلَام كَانَ كل شَيْء أَخذ من ذَلِك من مَال أَو رَقِيق لَهُ كَانَ لَهُ وَكَانَ حرا لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ
198 - قلت وَيحل لهَذَا العَبْد أَن يقتل مَوْلَاهُ قَالَ نعم قلت وَلَا ترى الَّذِي دخل بَينهمَا من الشِّرَاء أَمَانًا قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد لَا يعْتق العَبْد حَتَّى يظْهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ أَو يخرج الى دَار الْإِسْلَام مراغما لمَوْلَاهُ فَإِذا كَانَ على أحد هذَيْن الْوَجْهَيْنِ فَهُوَ حر
199 - قلت أَرَأَيْت العَبْد إِذا كَانَ فِي دَار الْحَرْب مَعَ مَوْلَاهُ أسلم فَاشْتَرَاهُ مُسلم من مَوْلَاهُ ذَلِك وأصابه الْمُسلمُونَ فِي غَارة أغاروها أَيكُون رَقِيقا وَيكون فَيْئا وَيجْرِي فِيهِ السِّهَام قَالَ لَا وَأرى ذَلِك إِذا كَانَ من أمره مَا ذكرت فَهُوَ حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ
200 - قلت وَكَذَلِكَ عبد من أهل الْحَرْب أسلم فِي يَدي مَوْلَاهُ ثمَّ ظهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ

(1/168)


قَالَ هُوَ حر وَلَا يكون فَيْئا
201 - قلت أَرَأَيْت إِن أسلم مَوْلَاهُ قبل أَن يظْهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ كَيفَ القَوْل فِي عَبده قَالَ هُوَ عبد لمَوْلَاهُ لَا يعْتق قلت لم قَالَ لِأَن العَبْد لم يخرج الى دَار الْإِسْلَام وَلم يَقع فِي أَيدي الْمُسلمين حَتَّى أسلم مَوْلَاهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أسلم أهل الْحَرْبِيّ ثمَّ بَاعه من مُسلم فَهُوَ عبد لَا يعْتق وَلكنه لَو لم يَبِعْهُ وَظهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ عتق وَإِذا دخل الرجل من دَار الْحَرْب الى دَار الْإِسْلَام بِغَيْر أَمَان وَأَخذه رجل فَهُوَ عبد لَهُ وَفِيه الْخمس وَإِن أسلم قبل أَن يَأْخُذهُ فَهُوَ حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَهَذَا قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَأما قَول أبي حنيفَة فَإِنَّهُ إِذا أَخذه رجل من الْمُسلمين فَهُوَ فَيْء لجماعتهم وَكَذَلِكَ لَو أسلم ثمَّ أَخذ كَانَ فَيْئا لجماعتهم وَلَا يكون للرجل خاصته وَأما فِي قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد فَإِنَّهُ إِذا دخل الْحرم قبل أَن يُؤْخَذ لم يعرض لَهُ وَلم يُؤْخَذ وَلكنه لَا يطعم وَلَا يسقى وَلَا يُبَاع فَإِن خرج مِنْهُ فَأَخذه رجل فَهُوَ عبد لَهُ وَكَذَلِكَ لَو أَخذه فِي الْحرم وَخرج بِهِ الى الْحل كَانَ عبدا لَهُ وَقد أَسَاءَ فِي ذَلِك وَأما فِي قِيَاس قَول أبي حنيفَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة ذَلِك لَا يطعم وَلَا يسقى وَلَا يُؤدى فَإِذا خرج وَأخذ فَهُوَ فَيْء لجَماعَة الْمُسلمين
202 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْحَرْب إِذا خرج بِأَمَان الى دَار الْإِسْلَام فَاشْترى عبدا مُسلما أَو أسلم عبد مِمَّن كَانَ خرج مَعَه هَل يتْرك أَن يخرج بهما الى دَار الْحَرْب قَالَ لَا قلت فَمَا الحكم فِيهِ وَفِيهِمَا قَالَ يجْبر على بيعهمَا وَلَا يخرجهما
203 - قلت أَرَأَيْت إِن أسلم الْحَرْبِيّ فِي دَار الْإِسْلَام والعبدان عِنْده قَالَ هما على حَالهمَا قلت أَرَأَيْت إِن صَار ذمَّة وَلم يسلم قَالَ يجْبر على بيعهمَا وَلَا يتْرك أَن يخرج بهما الى دَار الْحَرْب
204 - قلت أَرَأَيْت عبدا خرج مَعَ مَوْلَاهُ من دَار الْحَرْب الى دَار الْإِسْلَام لم يسلم

(1/169)


فَأعْتقهُ مَوْلَاهُ بَعْدَمَا اخرجه ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك فحاكمه العَبْد هَل يعتقهُ قَالَ نعم قلت فَلَو كَانَ مَوْلَاهُ إِنَّمَا أعْتقهُ فِي دَار الْحَرْب أَكَانَ يعتقهُ بذلك الْعتْق قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الْعتْق فِي دَار الْحَرْب لَيْسَ بِشَيْء قلت فَإِن أعْتقهُ مَوْلَاهُ بَعْدَمَا دخل دَار الْإِسْلَام فعتقه جَائِز وَهُوَ حر فَإِذا أعْتقهُ مَوْلَاهُ فِي دَار الْحَرْب لم يجز عتقه وَلم يلْتَفت الى ذَلِك قَالَ نعم قلت وَلم لَا يجوز عتقه فِي دَار الْحَرْب قَالَ لِأَن عتقه فِي دَار الْحَرْب لَيْسَ بِشَيْء أَلا ترى لَو أَن رجلا مِنْهُم لَو أَخذ رجلا فقهره كَانَ لَهُ أَن يَبِيعهُ ويشتريه الْمُسلمُونَ مِنْهُ إِذا خرج بِهِ اليهم قاهرا لَهُ وَهُوَ فِي يَدَيْهِ وَقد كَانَ فِي الأَصْل حرا مثله
205 - قلت أَرَأَيْت إِذا خرج الْحَرْبِيّ مَعَه برقيق مِنْهُم قد دبره فِي دَار الْحَرْب وَمِنْهُم أُمَّهَات الْأَوْلَاد قَالَ فَلهُ أَن يَبِيع مدبريه وَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع أُمَّهَات أَوْلَاده قلت من أَيْن اخْتلف المدبرون وَأُمَّهَات الْأَوْلَاد قَالَ لِأَن أم الْوَلَد بِمَنْزِلَة وَلَدهَا وَلَيْسَ لَهُ أَن يَبِيع وَلَده وَلَا يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يشتروه مِنْهُ وَقد أمنوه لِأَن وَلَده بِمَنْزِلَتِهِ وَأما الْمُدبرَة فَهِيَ أمه وَلَيْسَ مَا كَانَ لَهَا من التَّدْبِير فِي دَار الْحَرْب بِشَيْء فتدبيره لَهَا فِي دَار الْحَرْب بَاطِل وَله أَن يَبِيعهَا إِن شَاءَ ذَلِك وَالله أعلم

(1/170)