السير الصغير ت خدوري

بَاب الْمَرْأَة من أهل الْحَرْب أسلمت ثمَّ خرجت الى دَار الْإِسْلَام

247 - قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة من أهل الْحَرْب أسلمت ثمَّ خرجت الى دَار الْإِسْلَام وَتركت زَوجهَا فِي دَار الْحَرْب هَل لَهَا أَن تتَزَوَّج من ساعتها قَالَ نعم قلت وَلَيْسَ عَلَيْهَا عدَّة قَالَ لَا أَلا ترى أَن زَوجهَا لَو طَلقهَا لم يَقع عَلَيْهَا طَلَاقه وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد عَلَيْهَا الْعدة وعَلى أم الْوَلَد على كل وَاحِدَة مِنْهَا ثَلَاث حيض وَإِن تزوجت قبل أَن تَنْقَضِي الْعدة أبطلت النِّكَاح وَكَذَلِكَ لَو كَانَت حَامِلا فَإِن النِّكَاح فَاسد لَا يجوز حَتَّى تضع حملهَا قلت فَلَو كَانَت حَامِلا فَتزوّجت قَالَ النِّكَاح فَاسد لَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تتَزَوَّج حَتَّى تضع حملهَا
248 - قلت فَلَو أَن زَوجهَا خرج مُسلما بعْدهَا قبل أَن تتَزَوَّج أَو بَعْدَمَا تزوجت قَالَ لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا قد انْقَطَعت الْعِصْمَة فِيمَا بَينهمَا حِين خرجت الى دَار الْإِسْلَام قلت وَكَذَلِكَ الزَّوْج لَو كَانَ أسلم قبلهَا ثمَّ خرج الى دَار الْإِسْلَام ثمَّ أسلمت هِيَ بعده ثمَّ خرجت الى دَار الْإِسْلَام هَل تكون بَينهمَا عصمَة قَالَ لَا وَلَا عدَّة عَلَيْهَا قلت ولزوجها أَن يتَزَوَّج أَرْبعا سواهَا قَالَ نعم

(1/186)


قلت وَله أَن يتَزَوَّج أُخْتهَا فِيهِنَّ إِن شَاءَ قَالَ نعم قلت لم كَانَ هَذَا هَكَذَا قَالَ لِأَن الزَّوْج حِين أسلم وَخرج الى دَار الْإِسْلَام انْقَطَعت الْعِصْمَة فِيمَا بَينهمَا لِأَن أَحْكَام الْمُسلمين لَا تجْرِي فِي دَار الْحَرْب أَلا ترى أَنه لَو طَلقهَا لم يَقع طَلَاقه عَلَيْهَا وَلَو إِلَى مِنْهَا اَوْ ظَاهر لم يَقع إيلاؤه وَلَا ظِهَاره عَلَيْهَا قلت فَلم لَا يَقع عَلَيْهَا إيلاؤه وَلَا ظِهَاره وَقد أسلمت وَخرجت الى دَار الْإِسْلَام قَالَ لِأَنَّهُ قد انْقَطَعت الْعِصْمَة فِيمَا بَينهمَا حِين خلفهَا فِي دَار الْحَرْب لِأَن أَحْكَام الْمُسلمين لَا تجْرِي فِي دَار الْحَرْب وَلَا يَقع عَلَيْهَا طَلَاقه وَلَا ظِهَاره إِلَّا بِنِكَاح مُسْتَقْبل
249 - قلت أَرَأَيْت الْحَرْبِيّ لَو خرج إِلَيْنَا بِأَمَان وَمَعَهُ امْرَأَته فَكَانَا مستأمنين فِي دَار الْإِسْلَام جَمِيعًا فَأسلم أَحدهمَا ثمَّ أسلم الآخر بعده بِيَوْم قَالَ هما على نِكَاحهمَا قلت فَلَو كَانَا فِي أَرض الْحَرْب فَأسلم أَحدهمَا قبل صَاحبه بِيَوْم أَو بِشَهْر قَالَ هما على نِكَاحهمَا قلت فَمَا الْوَقْت الَّذِي يَنْقَطِع فِيهِ النِّكَاح إِذا أسلمت الْمَرْأَة قَالَ إِذا أسلمت الْمَرْأَة وحاضت ثَلَاث حيض قبل أَن يسلم الزَّوْج فَلَا نِكَاح بَينهمَا قلت وَكَذَلِكَ لَو أسلم الزَّوْج ثمَّ حَاضَت ثَلَاث حيض قبل أَن تسلم الْمَرْأَة قَالَ نعم إِلَّا أَن تكون امْرَأَته من أهل الْكتاب فيكونا على نِكَاحهمَا مَا لم يخرج من دَار الْحَرْب ويخلفها قلت فَإِن كَانَ قد دخل بهَا أَو لم يدْخل بهَا فَهُوَ وَهِي فِي هَذَا سَوَاء قَالَ نعم
250 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْحَرْب إِذا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا أَو مَاتَ عَنْهَا ثمَّ أسلمت وَخرجت الى دَار الْإِسْلَام هَل عَلَيْهَا عدَّة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن الَّتِي خرجت وَلها زوج أَشد حَالا من هَذِه وَلَيْسَ عَلَيْهَا عدَّة وَلَيْسَ على وَاحِدَة مِنْهُمَا عدَّة لِأَن أَحْكَام الْمُسلمين لَا تجْرِي فِي دَار الْحَرْب

(1/187)


بَاب نِكَاح أهل الْحَرْب

251 - قلت أَرَأَيْت رجلا من أهل الْحَرْب يسلم هُوَ وَامْرَأَته وَقد كَانَ تزَوجهَا بِغَيْر شُهُود هَل يفرق بَينهمَا قَالَ لَا وهما على نِكَاحهمَا قلت وَلم وَهَذَا نِكَاح فَاسد قَالَ لِأَنَّهُ كَانَ جَائِزا فِيمَا بَينهم وَلَو أفسدت هَذَا واشباهه لأفسدت النِّكَاح أَيْضا إِذا كَانَ بِشُهُود لِأَنَّهُ لَا يحل لرجل من الْمُسلمين أَن ينْكح امْرَأَة من أهل الشّرك سوى أهل الْكتاب وَلَو كنت أُجِيز بَين هَؤُلَاءِ مَا أُجِيز بَين الْمُسلمين وأفسد بَينهم مَا أفسد بَين الْمُسلمين لم يثبت نِكَاح وَاحِد مِنْهُم وَلَو كَانَ ايضا بِشَهَادَة شهودهم فِي هَذَا بَاطِل لَا يجوز بَين الْمُسلمين وَلَا يجوز هَذَا على هَذَا الْوَجْه وَلَكِن مَا يكون فِي دينهم نِكَاحا فَهُوَ جَائِز
252 - قلت وَلَو تزوج امْرَأَة فِي عدَّة وَقد مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا أَو طَلقهَا ثمَّ أسلما جَمِيعًا أَكَانَت تكون امْرَأَته وَكَانَ النِّكَاح جَائِز قَالَ نعم
253 - قلت أَرَأَيْت لَو طلق امْرَأَته ثَلَاثًا ثمَّ تزَوجهَا ثمَّ أسلما جَمِيعًا أيفرق بَينهمَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذِه لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره قلت من أَيْن اخْتلف هَذَا وَالْبَاب الأول قَالَ فِي الْبَاب الأول لَا تحرم عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهَا لَو كَانَت مسلمة تَحت مُسلم كَانَت عَلَيْهَا الْعدة وَهَذَا حرَام عَلَيْهِ أبدا لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَهَذَا بِمَنْزِلَة رجل لَهُ امْرَأَة قد دخل بهَا ثمَّ مَاتَت فَتزَوج بعد ذَلِك أمهَا أَو ابْنَتهَا فَيُفَرق بَينهمَا لِأَنَّهَا لَا تحل لَهُ على حَال من الْحَالَات

(1/188)


254 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْحَرْب ينْكح خمس نسْوَة فِي عقد وَاحِد أَو فِي عُقُود مُتَفَرِّقَة ثمَّ يسلم هُوَ وَهن جَمِيعًا قَالَ إِن كَانَ نِكَاحهنَّ فِي عقد وَاحِد فَإِنَّهُ يفرق بَينه وبينهن جَمِيعًا وَإِن كَانَ نِكَاحهنَّ فِي عُقُود مُتَفَرِّقَة فنكاح الْأَرْبَع الأول حَلَال جَائِز وَنِكَاح الْخَامِسَة حرَام بَاطِل يفرق بَينه وَبَينهَا
255 - قلت وَكَذَلِكَ لَو تزوج أُخْتَيْنِ فِي عقد وَاحِد أَو فِي عقدين قَالَ نعم
256 - قلت فَلَو كَانَ تزوج امْرَأَة وابنتها فِي عقد وَاحِد فرق بَينه وَبَينهمَا وَإِن كَانَ فِي عقدين كَانَت الأولى امْرَأَته وَفرق بَينه وَبَين الْأُخْرَى قَالَ نعم قلت فَإِن كَانَ قد دخل بهما فِي عقدين جَمِيعًا قَالَ يفرق بَينه وَبَينهمَا جَمِيعًا
257 - قلت فَإِن كَانَ قد تزوج امْرَأَة وإبنة أُخْتهَا فِي عقد وَاحِد أَو عقدين مُتَفَرّقين وَقد دخل بهما أَو لم يدْخل بهما قَالَ هما كالأختين فِي الْبَاب الأول
258 - قلت فَإِن فجر بِامْرَأَة أَو قبلهَا لشَهْوَة أَو لامسها لشَهْوَة أَو نظر الى فرجهَا ثمَّ تزوج أمهَا وإبنتها ثمَّ أَسْلمُوا جَمِيعًا قَالَ نفرق بَينه وَبَينهمَا لِأَنَّهُمَا لَا يحلان لَهُ على حَال أبدا
259 - قلت أَرَأَيْت الرجل مِنْهُم يتَزَوَّج الْمَرْأَة مِنْهُم على الْميتَة أَو على الدَّم أَو على الْخِنْزِير أَو على الْخمر يدْفع ذَلِك اليها وَيدخل بهَا ثمَّ يسلمان ويدخلان دَار الْإِسْلَام كَيفَ القَوْل فِي النِّكَاح وَفِي الْمهْر قَالَ النِّكَاح جَائِز وَلَا مهر عَلَيْهِ وَمَا أَعْطَاهَا فَهُوَ مَاض جَائِز قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُمَا قد تَرَاضيا فِي دَار الْحَرْب على شَيْء وَدفعه اليها فَلَيْسَ لَهَا شَيْء غَيره قلت أَرَأَيْت لَو تزَوجهَا على غير مهر مُسَمّى وَهَذَا فِي دينهم نِكَاح جَائِز فَدخل بهَا ثمَّ أسلما وخرجا الى دَار الْإِسْلَام

(1/189)


قَالَ فَالنِّكَاح جَائِز وَلَا مهر لَهَا عَلَيْهِ قلت فَلَو تزَوجهَا على مهر مُسَمّى ثمَّ أسلما وخرجا الى دَار الْإِسْلَام كَانَ لَهَا عَلَيْهِ الْمهْر تَأْخُذهُ بِهِ قَالَ نعم
260 - قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة من أهل الْحَرْب إِذا تزوجت زوجا وَلها زوج غَيره ثمَّ خرجت هِيَ وَهَذَا الزَّوْج الْأَخير الى دَار الْإِسْلَام وأسلما أيكونان على نِكَاحهمَا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قد تزَوجهَا وَلها زوج وَهَذَا لَا يصلح على حَال من الْحَالَات أَن يَتَزَوَّجهَا وَلها زوج قلت فَإِن نَكَحَهَا مُسْتَقْبلا فِي دَار الْإِسْلَام هَل يكون نِكَاحهمَا هَذَا الْمُسْتَقْبل نِكَاحا جَائِزا قَالَ نعم
261 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْحَرْب يخرج الى دَار الْإِسْلَام مستأمنا ثمَّ يَبْدُو لَهُ فيقيم بهَا وَيصير ذمَّة وَله امْرَأَة فِي دَار الْحَرْب مَا حَال امْرَأَته قَالَ قد انْقَطَعت الْعِصْمَة فِيمَا بَينهمَا حِين صَار هَذَا من أهل الذِّمَّة قلت وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة إِذا خرجت مستأمنة وَتركت زَوجهَا هُنَاكَ فأقامت فِي دَار الْإِسْلَام وَصَارَت من أهل الذِّمَّة قَالَ نعم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا أسلمت الْمَرْأَة من أهل الْحَرْب وَخرجت الى دَار الْإِسْلَام وخلفت زَوجهَا فِي دَار الْحَرْب وَلَيْسَ بهَا حَبل فَلَا تتَزَوَّج حَتَّى تحيض ثَلَاث حيض وتنقضي عدتهَا وَإِن تزوجت قبل ذَلِك أفسدنا نِكَاحهَا وَلَا نرى هَذِه الْمَرْأَة شبه السَّبي وَإِذا تزوج الْحَرْبِيّ أَربع نسْوَة جَمِيعًا ثمَّ سبي هُوَ وَهن فَلَا نِكَاح بَينه وبينهن فَإِن كَانَت قد مَاتَت قبل السَّبي امْرَأَتَانِ مِنْهُنَّ فنكاح الْبَاقِيَات جَائِز فِي قَول أبي حنيفَة

(1/190)


بَاب فِيمَن دخل أَرض الْحَرْب مستأمنا للتِّجَارَة

262 - قلت أَرَأَيْت الرجل الْمُسلم يدْخل أَرض الْحَرْب بِأَمَان أيتزوج امْرَأَة من أهل الْحَرْب وهم من أهل الْكتاب قَالَ أكره لَهُ ذَلِك قلت فَإِن تزوج هَل يكون ذَلِك جَائِز قَالَ نعم قلت فَلم كرهته قَالَ لِأَنِّي أكره أَن يكون وَلَده بِأَرْض الْحَرْب وأكره الْإِقَامَة بهَا
263 - قلت فَهَل تكره ذَبَائِحهم إِذا كَانُوا أهل الْكتاب قَالَ لَا بَأْس بذبائحهم إِذا كَانُوا أهل الْكتاب لِأَن الله تَعَالَى قد أحل ذَبَائِح أهل الْكتاب بلغنَا عَن على بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن مناكحة أهل الْكتاب بَين أهل الْحَرْب فكرهه وَسُئِلَ عَن ذَبَائِحهم فل ير بذلك بَأْسا قلت فَإِذا كَانُوا غير أهل الْكتاب لم يحل لَهُ أَن يَأْكُل ذَبَائِحهم وَلَا ينْكح نِسَائِهِم قَالَ نعم لَا يحل لَهُ ذَلِك
264 - قلت فَإِن اشْترى أمة من إمَائِهِمْ وَهِي على دينهم أيصلح لَهُ أَن ينْكِحهَا قَالَ لَا قلت فَإِن أخرجهَا الى دَار الْإِسْلَام وَهِي صَغِيرَة وَمثلهَا يُجَامع غير أَنَّهَا لَا تعرف شَيْئا وَلم تقربه أيجامعها قَالَ نعم إِن شَاءَ

(1/191)


265 - قلت وَصلي عَلَيْهَا إِن مَاتَت قَالَ نعم إِن شَاءَ قلت وَيَأْكُل ذبيحها قَالَ نعم
266 - قلت أَرَأَيْت إِذا تزوج الرجل الْمُسلم من أهل الْكتاب امْرَأَة كَانَت من أهل الْحَرْب فَولدت مِنْهُ وَظهر الْمُسلمُونَ عَلَيْهَا وعَلى وَلَدهَا وَهِي حَامِل كَيفَ القَوْل فِيهَا وَفِي أَوْلَادهَا وَمَا فِي بَطنهَا قَالَ أما أَوْلَادهَا فأحرار مُسلمُونَ لَا سَبِيل عَلَيْهِم وَأما الْمَرْأَة وَمَا فِي بَطنهَا فَهُوَ فَيْء مَعهَا لِأَن مَا فِي بَطنهَا فَهُوَ بمنزلتها
267 - قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا خرج الى دَار الْإِسْلَام مُسلما وَترك امْرَأَته فِي دَار الْحَرْب وَهِي نَصْرَانِيَّة قَالَ انْقَطَعت عصمتها حِين خرج الى دَار الْإِسْلَام قلت وَلَا يَقع طَلَاقه عَلَيْهَا وَلَا إيلاؤه وَلَا ظِهَاره عَلَيْهَا قَالَ لَا
268 - قلت فَإِن جَاءَت الى دَار الْإِسْلَام بِتِجَارَة أيطؤها زَوجهَا بذلك النِّكَاح قَالَ لَا قلت فَإِن تزَوجهَا فِي دَار الْحَرْب وَهُوَ مُسلم وَهِي من أهل الْكتاب وَثبتت على دينهَا أيكونان على نِكَاحهمَا قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَا فِي دَار الْحَرْب مقيمين فَصَالح أهل تِلْكَ الدَّار وصاروا ذمَّة قَالَ نعم

(1/192)