السير الصغير ت خدوري

بَاب مُشْركي الْعَرَب

356 - قلت مُحَمَّد بن الْحسن عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم بن عتيبة عَن مقسم بن بجرة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقبل من مُشْركي الْعَرَب إِلَّا الْإِسْلَام أَو الْقَتْل وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن
357 - قلت أَرَأَيْت مُشْركي الْعَرَب من لم يرد مِنْهُم الْإِسْلَام هَل تقبل مِنْهُم الصُّلْح وَيَكُونُونَ ذمَّة قَالَ لَا نقبل ذَلِك مِنْهُم وَلَكِن ندعوهم الى الْإِسْلَام فَإِن أَسْلمُوا قبل ذَلِك مِنْهُم وَإِلَّا يأخذونهم لانه بلغنَا أَن الحكم فيهم كَذَلِك وَلَيْسوا كغيرهم من الْمُسلمين
358 - قلت وَإِن ظهر الْمُسلمُونَ وَسبوا النِّسَاء والذراري وأسروا الرِّجَال كَيفَ الحكم فيهم قَالَ أما النِّسَاء وَالْأَوْلَاد ففيء يقسمون كَمَا تقسم الْغَنِيمَة بعد مَا يرفع مِنْهُم الْخمس واما الرِّجَال فَمن أسلم مِنْهُم فَهُوَ حر لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَمن أَبى أَن يسلم قتل
359 - قلت وَكَيف الحكم فِي أهل الْكتاب من الْعَرَب قَالَ الحكم فيهم كَالْحكمِ فِي سَائِر الْمُشْركين وَالله أعلم

(1/222)


بَاب الْقَوْم يرتدون مَعَ الْمُسلمين فِي أَرض الْحَرْب

360 - قلت ارأيت الْقَوْم يغزون أَرض الْحَرْب فَارْتَد مِنْهُم طَائِفَة فاعتزلوا عَسْكَرهمْ وحاربوهم ونابذوهم فَيُصِيب الْمُسلمُونَ غنيمَة من أهل الشّرك ويصيب أُولَئِكَ المرتدون أَيْضا غنيمَة من أهل الشّرك ثمَّ إِن أُولَئِكَ الْمُرْتَدين أَسْلمُوا أَو تَابُوا قبل أَن يخرجُوا من دَار الْحَرْب هَل يشاركون الْمُسلمين فِي غنائهم قَالَ لَا قلت وَمَا كَانُوا أَصَابُوهُ فَهُوَ لَهُم خَاصَّة قَالَ نعم قلت فَإِن لقوا الْعَدو بعد ذَلِك فقاتلوهم جَمِيعًا هَل يُشَارك بَعضهم بَعْضًا فِيمَا أَصَابُوا قَالَ نعم وَالله الْمُوفق

(1/223)


بَاب الْمُرْتَدين من يقتل مِنْهُم وَمن لَا يقتل

361 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم إِذا ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَأَغَارَ الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم فقاتلوهم قبل أَن يَدعُوهُم الى الْإِسْلَام هَل عَلَيْهِم فِي ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت لم وَمن السّنة أَن يَدعُوهُم قبل أَن يقاتلوهم قَالَ وَإِن كَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِم فِي ذَلِك شَيْء قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ رجل وَاحِد فَارْتَد عَن الْإِسْلَام فَقتله رجل قبل أَن يَدعُوهُ الى الْإِسْلَام قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت امْرَأَة قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ عبدا أَو أمة قَالَ نعم قلت لم قَالَ أما الرِّجَال فَعَلَيْهِم الْقَتْل عبيدا كَانُوا أَو أَحْرَار قلت فَمَا بَال النِّسَاء وَأَنت لَا تقتلهن قَالَ لِأَن بعض الْفُقَهَاء يرى قتلهن إِذا رجعن عَن الْإِسْلَام
362 - قلت أَرَأَيْت الْغُلَام الَّذِي لم يَحْتَلِم يرْتَد عَن الْإِسْلَام هَل تقتله قَالَ لَا قلت فَإِن أدْرك كَافِرًا كَذَلِك قَالَ أحبسه وَلَا أَقتلهُ لانه لم يقر بِالْإِسْلَامِ بعد مَا أدْرك

(1/224)


قلت أَرَأَيْت هَذَا الْغُلَام إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَهُوَ يعقل وَلم يَحْتَلِم هَل يَرث أَبَاهُ لَو مَاتَ الْأَب وَيصلى عَلَيْهِ قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم وَلَكِن أدع الْقيَاس لفحشه فَلَا آكل ذَبِيحَته وَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ وَلَا أورثه
363 - قلت أَرَأَيْت الْغُلَام الْمَجُوسِيّ إِذا كبر وعقل غير أَنه لم يَحْتَلِم فَأسلم هَل تَأْكُل ذَبِيحَته وَتصلي عَلَيْهِ إِن مَاتَ قَالَ نعم
364 - قلت فَهَل تورثه من أَبِيه وَهُوَ الْمَجُوسِيّ أَو تورث أَبَاهُ مِنْهُ أَو أمه قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد بن الْحسن وَهُوَ قَول أبي يُوسُف الأول ثمَّ قَالَ أَبُو يُوسُف بعد ذَلِك أعد إِسْلَام الْغُلَام الصَّغِير إِذا عقل إسلاما وَلَا أعد كفره كفرا
365 - قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام ثمَّ تَابَ وَأسلم ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَأسلم فَفعل ذَلِك مرَارًا هَل تقبل ذَلِك مِنْهُ قَالَ نعم قلت وَإِن كثر ذَلِك مِنْهُ قَالَ وَإِن كثر وَالله أعلم

(1/225)


بَاب السَّكْرَان يرْتَد عَن الْإِسْلَام

366 - قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا شرب حَتَّى يسكر وَيذْهب عقله ثمَّ يرْتَد عَن الْإِسْلَام فِي حَاله تِلْكَ ثمَّ صَحا فَأَقَامَ على الْإِسْلَام هَل تبين مِنْهُ امْرَأَته قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم وَلَكِن أدع الْقيَاس وأستحسن لِأَن السَّكْرَان إِذا ذهب عقله فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَجْنُون فِي هَذَا الْبَاب فَلَا أبينها مِنْهُ
367 - قلت أَرَأَيْت ملك الْعَدو إِذا أكره رجلا من الْمُسلمين على أَن يرجع عَن الْإِسْلَام فَفعل ثمَّ خلى عَنهُ فجَاء الى امْرَأَته هَل تبين مِنْهُ وَإِنَّمَا أكره على ذَلِك إِكْرَاها قَالَ أما فِي الْقيَاس فَنعم لأَنا لَا نعلم من سره مَا يعلم هُوَ وَلَكِن أدع الْقيَاس فَلَا أبينها مِنْهُ
368 - قلت أَرَأَيْت رجلا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فاستتيب مِنْهَا فَقَالَ مَا ارتددت عَن الْإِسْلَام قطّ قَالَ مقَالَته هَذِه تَوْبَة أقبلها مِنْهُ
369 - قلت فَإِن ارْتَدَّ رجل عَن الْإِسْلَام ثمَّ اكْتسب مَالا فِي ارتداده فَقَالَ ورثته كَانَ أسلم قبل أَن يَمُوت وَهَذَا المَال مِيرَاث لنا كَيفَ القَوْل فِي ذَلِك قَالَ المَال فَيْء إِلَّا أَن يُقيم الْوَرَثَة بَيِّنَة أَنه كَانَ أسلم قبل أَن يَمُوت
370 - قلت هَذَا الَّذِي ينْقض الْعَهْد ويحارب الْمُسلمين وَيلْحق بِأَرْض الْحَرْب وَقد خلف هَهُنَا مَالا وَولدا مَا يصنع بِمَالِه أيؤخذ أم يتْرك فِي أَيدي وَلَده قَالَ يصنع فِي ذَلِك مَا يصنع فِي مَال الْمُسلم إِذا ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَلحق بِأَرْض الْحَرْب قسمته بَين ورثته على فَرَائض الله تَعَالَى قلت وَإِن كَانَ عَلَيْهِ دين الى أجل جعلته حَالا وَقَضيته غرما قَالَ نعم

(1/226)


قلت وَإِن كَانَ لَهُ مدبرون وَأُمَّهَات أَوْلَاد أَولا أعتقتهم قَالَ نعم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد بن الْحسن مَا اكْتَسبهُ الْمُرْتَد فِي ردته فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَاله الأول وَلَا يكون فَيْئا وَبيعه وشراؤه وعتقه وهبته جَائِز ذَلِك كُله وَالله أعلم

(1/227)