السير الصغير ت خدوري

بَاب الْخَوَارِج وَأهل الْبَغي

371 - قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْجوزجَاني أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن عَن الْأَجْلَح بن عبد الله عَن سَلمَة بن كهيل عَن كثير بن تمر الْحَضْرَمِيّ قَالَ دخلت مَسْجِد الْكُوفَة من قبل أَبْوَاب كِنْدَة وَإِذا نفر خَمْسَة يشتمون عليا وَفِيهِمْ رجل عَلَيْهِ برنس يَقُول أعَاهد الله لأقتلنه قَالَ فَأتيت بِهِ عليا فَقلت إِنِّي سَمِعت هَذَا يعاهد الله ليقتلنك قَالَ فَقَالَ أدن وَيحك وَقل من أَنْت قَالَ أَنا سوار الْمنْقري قَالَ فَقَالَ عَليّ خل عَن الرجل قَالَ فَقلت أخلي عَنهُ وَقد عَاهَدَ الله ليقتلنك قَالَ أفأقتله وَلم يقتلني قَالَ فَأَنَّهُ شتمك قَالَ فاشتمه إِن شِئْت أودع وبلغنا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه بَيْنَمَا هُوَ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِذْ حكمت الْخَوَارِج من نَاحيَة الْمَسْجِد فَقَالَ عَليّ كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل لن نمنعكم مَسَاجِد الله أَن تَذكرُوا فِيهَا اسْمه وَلنْ نمنعكم الْفَيْء مَا دَامَت أَيْدِيكُم مَعَ أَيْدِينَا وَلنْ نقاتلكم حَتَّى تقاتلونا ثمَّ أَخذ فِي خطبَته وبلغنا أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ يَوْم الْجمل قَالَ لَا يتبع مُدبر وَلَا يقتل أَسِير وَلَا يُؤْتى على جريح وَلَا يكْشف ستر وَلَا يُؤْخَذ مَال
372 - قلت فَلَو أَن طائفتين من الْمُؤمنِينَ إِحْدَاهمَا باغية وَالْأُخْرَى عادلة فهزمت العادلة الباغية أما كَانَ لأهل الْعدْل أَن يتبعوا مُدبرا وَلَا يقتلُوا أَسِيرًا وَلَا يحتروا على جريح قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُم ذَلِك إِذا لم يبْق من أهل الْبَغي أحد وَلم يكن لَهُم فِئَة يرجعُونَ اليها فَأَما إِذا كَانَت لَهُم فِئَة يرجعُونَ اليها فَإِن أسيرهم يقتل ومدبرهم يتبع وجريحهم يحتر عَلَيْهِ

(1/228)


373 - قلت أَرَأَيْت مَا أصَاب أهل الْعدْل من عَسْكَر أهل الْبَغي من السِّلَاح والكراع وَغير ذَلِك كَيفَ يصنع بِهِ قَالَ إِن كَانَ بَقِي من أهل الْبَغي أحد فَلَا بَأْس بِأَن يَسْتَعِين أهل الْعدْل بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاح عَلَيْهِم فَإِذا وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا رد ذَلِك كُله الى أَهله وَإِذا كَانَ غير السِّلَاح والكراع فَإِنَّهُ يرد الى أَهله من غير أَن تضع الْحَرْب أَوزَارهَا فَإِن كَانَ لم يبْق أحد من أهل الْبَغي رد الكراع وَالسِّلَاح وكل شَيْء من غير ذَلِك الى أَهله وبلغنا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه ألْقى مَا أصَاب فِي عَسْكَر أهل النهروان فِي الرحبة فَمن عرف شَيْئا أَخذه حَتَّى كَانَ آخر من عرف شَيْئا إنْسَانا عرف قدر حَدِيد أَخذهَا
374 - قلت أَرَأَيْت قوما من أهل الْبَغي إِذا غلبوا على بِلَاد كَانُوا فِيهَا قاهرين لأَهْلهَا فَأخذُوا الصَّدقَات من الْأَمْوَال من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَأخذُوا الْخراج من أهل الذِّمَّة ثمَّ ظهر عَلَيْهِم أهل الْعدْل أيأخذون أهل الذِّمَّة بالخراج الَّذِي أَخذه أهل الْبَغي وَيَأْخُذُونَ من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم الصَّدَقَة وَلَا يحتسبون لَهُم مَا أَخذ أهل الْبَغي قَالَ لَا يَأْخُذُونَ مِنْهُم شَيْئا من ذَلِك لأَنهم لم يمنعوهم من أهل الْبَغي وَلم تكن أحكامهم تجرى عَلَيْهِم وَلَكِن يَأْخُذُونَ مِنْهُم فِيمَا يستقبلون فِيمَا يجب عَلَيْهِم من ذَلِك
375 - قلت أَرَأَيْت الْمَرْأَة تقَاتل من أهل الْبَغي فيأخذها أهل الْعدْل أسيرة هِيَ تقتل وعسكر أهل الْبَغي على حَاله يُقَاتل أهل الْعدْل قَالَ لَا تقتل وَلكنهَا تحبس
376 - قلت أَرَأَيْت مَا أخذُوا من أَسِير حر وَعبد قد كَانَ مَعَ أهل الْبَغي يُقَاتل وَأهل الْعَسْكَر على حَاله يُقَاتل أهل الْعدْل قَالَ مَا أخذُوا من ذَلِك قَتَلُوهُ قلت فَإِن أخذُوا عبدا يخْدم مَوْلَاهُ لم يكن يُقَاتل أَو امْرَأَة تقَاتل هَل يقتل وَتقتل قَالَ لَا وَلَكِن يحبس وتحبس قلت حَتَّى مَتى يحبس هَذَا العَبْد وتحبس هَذِه الْمَرْأَة

(1/229)


قَالَ حَتَّى لَا يبْقى من أهل الْبَغي أحد يُقَاتل
377 - قلت وَكَذَلِكَ مَا أصَاب الْمُسلمُونَ من كرَاع وَسلَاح مِنْهُم وَلَيْسَ لَهُم اليه حَاجَة قَالَ أما الكراع فَيُبَاع ثمَّ يحبس ثمنه وَأما السِّلَاح فَإِذا وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا يرد الى أَهله
378 - قلت أَرَأَيْت أهل الْبَغي إِذا طلبُوا من أهل الْعدْل أَن يوادعوهم أَيَّامًا أَو شهرا حَتَّى ينْظرُوا فِي أَمرهم أينبغي لَهُم ذَلِك قَالَ نعم إِذا كَانَ ذَلِك خيرا لأهل الْعدْل
379 - قلت أَرَأَيْت إِن أرادوهم على ذَلِك أَن يُؤَدِّي اليهم أهل الْبَغي مَالا مُسَمّى هَل يقبل ذَلِك مِنْهُم قَالَ لَا قلت لم قَالَ لأَنهم مُسلمُونَ فَلَا يُؤْخَذ مِنْهُم وَمن أَمْوَالهم شَيْء على هَذَا الْوَجْه لِأَن هَذَا بِمَنْزِلَة الْخراج
380 - قلت أرايت إِن تَابَ أهل الْبَغي فَدَخَلُوا مَعَ أهل الْعدْل هَل يؤخذون بِشَيْء مِمَّا أَصَابُوا فِي حربهم من مَال أَو دم قَالَ لَا إِلَّا أَن يكون شَيْئا قَائِما بِعَيْنِه فَيرد ذَلِك على أَصْحَابه قلت وَكَذَلِكَ مَا أصَاب أهل الْعدْل من مَال فاستهلك أَو دم فَهُوَ مَوْضُوع عَن أهل الْعدْل لَا يؤخذون بِشَيْء مِنْهُ قَالَ نعم
381 - قلت أَرَأَيْت مَا أصَاب أهل الْبَغي مِنْهُم من الْجِرَاحَات وغصب الاموال قَالَ ذَلِك أَيْضا مَوْضُوع عَن أهل الْبَغي إِلَّا أَن يعرف شَيْء قَائِم بِعَيْنِه فَيرد الى أَصْحَابه
382 - قلت أرايت إِن كَانَ أهل الْبَغي قد استعانوا بِقوم من أهل الذِّمَّة على حربهم فَقَاتلُوا مَعَهم أَيكُون ذَلِك نقضا لعهدهم قَالَ لَا قلت لم قَالَ لانهم مَعَ طَائِفَة من الْمُسلمين

(1/230)


383 - قلت فَمَا أصَاب أهل الذِّمَّة من قتل أَو جِرَاحَة أَو مَال أُصِيب مِنْهُم فهم فِي ذَلِك كُله كَأَهل الْبَغي قَالَ نعم قلت لم لَا يُؤْخَذ أهل الْبَغي بِمَا أَصَابُوا من ذَلِك قَالَ لأَنهم لَا تجْرِي عَلَيْهِم الْأَحْكَام هُنَاكَ ولانهم كَأَهل الْحَرْب قد باينوا قلت وَلم لَا يُؤْخَذ أهل الْعدْل بِمَا أَصَابُوا لَهُم من شَيْء إِذا تَابَ أهل الْبَغي قَالَ لِأَنَّهُ قد حل لأهل الْعدْل قِتَالهمْ فَلذَلِك لَا يكون عَلَيْهِم شَيْء
384 - قلت أفينبغي لأهل الْعدْل إِذا لقوا أهل الْبَغي أَن يَدعُوهُم الى الْعدْل قَالَ نعم قلت فَإِن قاتلوهم بِغَيْر دَعْوَة هَل عَلَيْهِم فِي ذَلِك شَيْء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لانهم قد عرفُوا مَا يدعونَ اليه وَلَكِن الدعْوَة أحسن لَهُم لَعَلَّهُم يرجعُونَ
385 - قلت أفتكره لأهل الْعدْل أَن يرموهم بِالنَّبلِ ويرسلوا عَلَيْهِم المَاء ويرموهم بالمنجنيق ويحرقوهم بالنَّار قَالَ لَا بَأْس بذلك كُله
386 - قلت ارأيت البيات بِاللَّيْلِ أتكرهه قَالَ لابأس بذلك
387 - قلت أَرَأَيْت أهل الْعدْل إِذا وَادعوا أهل الْبَغي شهرا حَتَّى ينْظرُوا فِي أَمرهم وَأعْطى كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ رهنا وَاشْترط كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ على صَاحبه أَنهم إِن غدروا فَأهل الرَّهْن حَلَال لَهُم فغدر أهل الْبَغي وَقتلُوا الرَّهْن الَّذِي فِي أَيْديهم أينبغي لأهل الْعدْل أَن يقتلُوا الرَّهْن الَّذِي فِي أَيْديهم قَالَ لَا قلت فَمَا يصنعون بهم قَالَ يحبسونهم حَتَّى يهْلك أهل الْبَغي كلهم أَو يرجعُونَ أَو يتوبون عَمَّا هم

(1/231)


عَلَيْهِ
388 - قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ هَذَا الصُّلْح بَين الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فغدر الْمُشْركُونَ فَقتلُوا الرَّهْن الَّذِي فِي أَيْديهم للْمُسلمين أينبغي للْمُسلمين أَن يقتلُوا من فِي أَيْديهم قَالَ لَا وَلَكنهُمْ يحبسونهم أبدا حَتَّى يسلمُوا أَو يصيروا ذمَّة فيخلى سبيلهم
389 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْبَغي إِذا أَمنه رجل من أهل الْعدْل هَل تجيز أَمَانه حَتَّى يبلغهُ مأمنه قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لَا بَأْس قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا بَأْس عَلَيْك أَو بالنبطية قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَت امْرَأَة من أهل الْعدْل فَقَالَت ذَلِك لرجل من أهل الْبَغي قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ العَبْد قَالَ لَا إِذا كَانَ لَا يُقَاتل مَعَ مَوْلَاهُ وَأما إِذا كَانَ يُقَاتل مَعَ مَوْلَاهُ فأمانه جَائِز فِي قَول أبي حنيفَة قلت فالذمي إِذا كَانَ يُقَاتل مَعَ أهل الْعدْل فأمن رجلا من أهل الْبَغي قَالَ العَبْد إِذا كَانَ لَا يُقَاتل وَالذِّمِّيّ إِذا كَانَ يُقَاتل سَوَاء لَا أَمَان لوَاحِد مِنْهُمَا وَأما العَبْد إِذا كَانَ يُقَاتل مَعَهم وَهُوَ مُسلم فأمانه جَائِز للْمُشْرِكين وَأهل الْبَغي
390 - قلت وَكَذَلِكَ مَا ذكرت من هَذَا الْأمان إِذا كَانَ رجل من الْمُسلمين أَو امْرَأَة أمنت رجلا من الْمُشْركين من أهل الْحَرْب فَهُوَ جَائِز قَالَ نعم
391 - قلت أَرَأَيْت أهل الْعدْل إِذا أَصَابُوا من أهل الْبَغي كُرَاعًا أَو سِلَاحا وهم

(1/232)


محتاجون اليه أيقسمه الإِمَام بَينهم وَيضْرب فِيهِ للفارس بسهمين وللراجل بِسَهْم بعد مَا يرفع مِنْهُ الْخمس قَالَ لَا لَيْسَ هَذَا كالغنيمة تصاب من الْمُشْركين إِنَّمَا يُعْطي الإِمَام هَذَا من كَانَ مُحْتَاجا اليه على قدر حَاجته فَإِذا وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا رد ذَلِك كُله الى أَهله
392 - قلت أَرَأَيْت النِّسَاء إِذا كن مَعَ أهل الْبَغي فقاتلن أهل الْعدْل أيسع أهل الْعدْل أَن يقتلوهن قَالَ نعم لَا يسعهم إِلَّا أَن يقتلوهن
393 - قلت أَرَأَيْت الأسرى من أهل الْعدْل يكونُونَ فِي أَيدي أهل الْبَغي أَو التُّجَّار من أهل الْعدْل يكونُونَ فِي عَسْكَر أهل الْبَغي فَيقْتل رجل من التُّجَّار رجلا من التُّجَّار أَو يقطع يَده ثمَّ يظْهر عَلَيْهِم أهل الْعدْل أيقتص لبَعْضهِم من بعض قَالَ لَا قلت وَكَذَلِكَ الأسرى إِذا فعل ذَلِك بَعضهم بِبَعْض قَالَ نعم قلت لم قَالَ لأَنهم فعلوا ذَلِك حَيْثُ لَا يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْمُسلمين فَلذَلِك وضعت ذَلِك عَنْهُم
394 - قلت أَرَأَيْت قَاضِي أهل الْبَغي إِذا كتب بِكِتَاب الى قَاضِي أهل الْعدْل بِحَق رجل من أهل الْبَغي بِشَهَادَة شُهُود أهل الْبَغي ووكل بذلك رجلا من أهل الْعدْل أينبغي لذَلِك القَاضِي أَن يُجِيز ذَلِك الْكتاب وَشَهَادَة شُهُوده قَالَ لَا إِن فعل ذَلِك وَأَجَازَ كتاب أهل الْبَغي على أهل الْعدْل لذهب أهل الْبَغي بأموال أهل الْعدْل كلهَا
395 - قلت أَرَأَيْت أهل الْبَغي إِذا ظَهَرُوا على مصر من الْأَمْصَار فاستعملوا عَلَيْهِ قَاضِيا من أهل الْمصر لَيْسَ من أهل الْبَغي فَكتب كتاب أهل الْبَغي من أهل الْمصر أَو من أهل الْبَغي بِشَهَادَة شُهُود من أهل الْمصر هَل يَنْبَغِي لقَاضِي أهل الْعدْل أَن يُجِيز ذَلِك إِذا أَتَاهُ وَكيل الطَّالِب وَشهِدت عَلَيْهِ الشُّهُود بذلك قَالَ إِذا كَانَ القَاضِي الَّذِي أَتَاهُ الْكتاب فَعرف الشُّهُود الَّذين شهدُوا عِنْد ذَلِك

(1/233)


القَاضِي وَلَيْسَ من أهل الْبَغي أجَاز كِتَابه وَإِذا كَانَ لَا يعرفهُمْ فَإِنِّي لَا أرى أَن أُجِيز كِتَابه
396 - قلت فَإِن قطع رجل يَد رجل فِي ذَلِك الْمصر الَّذِي غلب عَلَيْهِ أهل الْبَغي أَو قتل رجلا عمدا فَرفع ذَلِك الى القَاضِي أيحكم بَينهمَا كَمَا يحكم بَين أهل الْعدْل قَالَ نعم قلت وَيُقِيم الْحُدُود كَمَا يُقيم قَاضِي أهل الْعدْل قَالَ نعم لَا يَسعهُ إِلَّا ذَلِك قلت فَلَو كَانَ قصاصا إقتص مِنْهُ وَإِن كَانَ إِرْثا قضى بِالْأَرْشِ قَالَ نعم قلت وَيُقِيم الْحُدُود فِي الْمصر كَمَا يُقيم قَاضِي أهل الْعدْل قَالَ نعم
397 - قلت أَرَأَيْت مَا أصَاب أهل الْبَغي من الْأَمْوَال وَالْقَتْل قبل أَن يخرجُوا أَو قبل أَن يحاربوا ثمَّ أَن الإِمَام صَالحهمْ بعد ذَلِك الْخُرُوج على أَن يبطل ذَلِك كُله هَل يجوز ذَلِك قَالَ لَا يجوز وَلَا يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يصالحهم على ذَلِك وَلَكنهُمْ يؤخذون بذلك كُله قلت فَمَا كَانَ فِيهِ الْقصاص إقتص وَمَا كَانَ من قتل خطأ كَانَ على عَاقِلَة الْقَاتِل وَمَا كَانَ من شبه عمد دون النَّفس فَفِيهِ الْقصاص وَإِن كَانَت النَّفس فَالدِّيَة مُغَلّظَة على عَاقِلَة الْقَاتِل ويضمنهم الْأَمْوَال الَّتِي استهلكوها قَالَ نعم قلت وَلم كَانَ هَكَذَا عنْدك قَالَ لأَنهم أَصَابُوا ذَلِك قبل أَن يحاربوا فَالْحكم يجرى عَلَيْهِم فِي تِلْكَ الْحَال كَمَا يجْرِي على جَمِيع الْمُسلمين
398 - قلت أَرَأَيْت من أُصِيب من أهل الْعدْل فِي عَسْكَر أهل الْبَغي أيصنع بِهِ كَمَا يصنع بالشهيد قَالَ نعم
399 - قلت أَرَأَيْت أهل الْعدْل إِذا ظَهَرُوا على أهل الْبَغي وعَلى قتلاهم أيصلون

(1/234)


عَلَيْهِم قَالَ لَا قلت وَلم أَلَيْسُوا مُسلمين قَالَ بلَى وَإِن كَانُوا مُسلمين فَإِنِّي أدع ذَلِك مِنْهُم قلت فَهَل تَأمر بدفنهم قَالَ نعم
400 - قلت فَهَل تكره أَن تُؤْخَذ رؤوسهم فيبعث بهَا الى الإِمَام قَالَ نعم أكره ذَلِك لِأَنَّهَا مثلَة وَلم يبلغنَا عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي حروبه كلهَا أَنه صنع ذَلِك وَلَا أَنه أَمر بِحمْل رَأس
401 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْعدْل يقتل أَبَاهُ أَو أَخَاهُ فِي أهل الْحَرْب هَل يَرِثهُ قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ قَتله بِحَق
402 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْبَغي يقتل أَبَاهُ أَو جده فِي الْحَرْب هَل يَرِثهُ قَالَ نعم لِأَنَّهُ قَتله على تَأْوِيل وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد بن الْحسن وَقَالَ أَبُو يُوسُف لَا يَرث قلت أفتكره للرجل من أهل الْعدْل أَن يقتل أَبَاهُ أَو أَخَاهُ من أهل الْبَغي قَالَ نعم ويلي ذَلِك غَيره أحب الي قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أَبوهُ من أهل الشّرك فِي الْحَرْب قَالَ نعم قلت أفتكره لَهُ قتل الْأَخ وَالْعم وَالْخَال إِذا كَانُوا مُشْرِكين قَالَ لَا بَأْس بذلك
403 - قلت أَرَأَيْت الْوَالِد إِذا كَانَ مُشْركًا مُحَاربًا فَأَرَادَ قتل إبنه هَل ترى للإبن أَن يمْنَع مِنْهُ فيقاتله قَالَ نعم قلت فَإِذا لم يقْصد الْوَالِد لإبنه كرهت لإبنه أَن يبتدئه قَالَ نعم

(1/235)


404 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْعدْل يكون فِي صف أهل الْبَغي فيقتله رجل هَل عَلَيْهِ فِيهِ الدِّيَة قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ يحل لَهُ أَن يقتل من فِي صف أهل الْبَغي
405 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْبَغي يستأمن فَيدْخل عَسْكَر أهل الْعدْل فيقتله رجل من أهل الْعدْل هَل ترى عَلَيْهِ الدِّيَة قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَنَّهُ دخل بِأَمَان
406 - قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ رجل من أهل الشّرك محَارب فَدخل مستأمنا فَقتله رجل وَهُوَ مُسلم قَالَ نعم
407 - قلت أَرَأَيْت أهل الْعدْل إِذا لقوا أهل الْبَغي فقاتلوهم فَحمل رجل من أهل الْعدْل على رجل من أهل الْبَغي فَقَالَ قد تبت وَألقى السِّلَاح أتكف عَنهُ قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو قَالَ أكفف عني حَتَّى أنظر فِي أَمرك لعَلي أتابعك وَألقى السِّلَاح قَالَ نعم قلت فَإِن قَالَ أَنا على دينك وَمَعَهُ السِّلَاح قَالَ هُوَ صَادِق وَهُوَ على دينه فَلَا يكف عَنهُ
408 - قلت أَرَأَيْت الرجل من أهل الْبَغي إِذا ولى مُدبرا هَل يَنْبَغِي لأهل الْعدْل أَن يقتلوه قَالَ نعم إِذا كَانَ لَهُم فِئَة يلجأون اليها
409 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم من أهل الْبَغي إِذا دخلُوا مَدِينَة فغلبوا عَلَيْهَا ثمَّ جَاءَهُم قوم من أهل لبغي آخَرُونَ يقاتلونهم عَلَيْهَا فهزموهم فأرادوا أَن يسبوا أهل تِلْكَ الْمَدِينَة أَيحلُّ لأهل تِلْكَ الْمَدِينَة أَن يقاتلوا عَن الذَّرَارِي قَالَ نعم لَا يسعهم إِلَّا ذَلِك

(1/236)


410 - قلت أَرَأَيْت الْمُحَاربين من أهل الْبَغي إِذا صَالحُوا قوما من أهل الْحَرْب من الْمُشْركين فوادعوهم أَيَّامًا ثمَّ أَن أهل الْبَغي غدروا بهم فسبوهم وَقتلُوا رِجَالهمْ أيشتري أهل الْعدْل من ذَلِك السَّبي شَيْء قَالَ لَا قلت وَلم وَإِنَّمَا صَالحهمْ وأمنهم غَيرهم قَالَ لَا لِأَن الَّذِي صَالحهمْ قوم من أهل الْمُسلمين وَقد جَاءَ الْأَثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم
411 - قلت فَلَو أَن أهل الْبَغي ظَهَرُوا على أهل الْعدْل حَتَّى الجأوهم الى دَار الشّرك فَدَخَلُوا دَار الشّرك أَيحلُّ لَهُم أَن يُغيرُوا مَعَ أهل الشّرك فيقاتلوا مَعَ الْمُشْركين قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن حكم أهل الشّرك ظَاهر عَلَيْهِم قلت أفيحل لأولئك النَّفر من أهل الْعدْل أَن يستعينوا بِأَهْل الشّرك على أهل الْبَغي من الْمُسلمين وَحكم أهل الشّرك ظَاهر قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُم ذَلِك قلت لم قَالَ لِأَن حكم أهل الشّرك هُوَ الظَّاهِر الْغَالِب أَلا ترى أَن أهل الْعدْل مستأمنون فِي أَرضهم فَأَنا أكره للْمُسلمين أَن يقاتلوا أهل الشّرك مَعَ أهل الشّرك فيقاتلون الْإِسْلَام مَعَ أهل الشّرك أَشد
412 - قلت أَرَأَيْت إِذا أغار قوم من أهل الشّرك على أهل الدَّار الَّتِي هم فِيهَا فقاتلوهم وسبوهم فخاف الْمُسلمُونَ المستأمنون على أنفسهم أيقاتلون ليدفعوا عَن أنفسهم قَالَ نعم لَا بَأْس بِالْقِتَالِ فِي هَذِه الْحَال قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ الَّذين غزوهم أهل الْبَغي فهزموا الْمُشْركين وسبوهم ثمَّ خلصوا الى أهل الْعدْل المستأمنين فأرادوا قِتَالهمْ أَتَرَى لَهُم أَن يدفعوا عَن أنفسهم قَالَ نعم لَا بَأْس بِالْقِتَالِ فِي هَذِه الْمنزلَة

(1/237)


413 - قلت أَرَأَيْت إِن كَانَ أهل الشّرك هم الَّذين يظهرون على أهل الْبَغي من الْمُسلمين فَسبوا الذَّرَارِي من أهل الْبَغي من الْمُسلمين وَأهل الذِّمَّة فَمروا بهم على أُولَئِكَ المستأمنين أيسعهم أَن يكفوا عَن قِتَالهمْ وَلَهُم عَلَيْهِم قُوَّة قَالَ لَا يسعهم وَلَكِن يُقَاتلُون عَن الذَّرَارِي ويستنقذونهم من أَيْديهم قلت وينقضون الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين أهل الْحَرْب قَالَ نعم وَلَا يحل إِعْطَاء الْعَهْد
414 - قلت أَرَأَيْت أهل الْبَغي هَؤُلَاءِ إِذا كَانُوا فِي مَدِينَة مَعَهم فِيهَا قوم من أهل الْعدْل مقهورون فغزاهم أهل الْحَرْب من أهل الشّرك فهزموا أهل الْبَغي فأرادوا سبي الذَّرَارِي أينبغي لأولئك الْمُسلمين المقهورين أَن يقاتلوا عَن ذَرَارِي أهل الْبَغي قَالَ نعم لَا يسعهم إِلَّا أَن يقاتلوا الْمُشْركين عَن ذَرَارِي الْمُسلمين وحريمهم
415 - قلت أَرَأَيْت أهل الْعدْل إِذا خَافُوا أَن يظْهر أهل الْبَغي عَلَيْهِم أَتَرَى لأهل الْعدْل أَن يستعينوا بِأَهْل الذِّمَّة وَحكم أهل الْعدْل هُوَ الظَّاهِر قَالَ لَا بَأْس بذلك
416 - قلت وَترى أَن يستعينوا بِقوم من الْمُسلمين من أهل بغي أَيْضا على أهل بغي آخَرين قَالَ نعم إِذا كَانَ حكم أهل الْعدْل هُوَ الظَّاهِر على حكم أهل الْبَغي قاهرين لَهُ فَلَا بَأْس بِأَن يستعينوا بهم
417 - قلت فَإِذا كَانَت طَائِفَتَانِ من أهل الْبَغي جَمِيعًا يقتتلون وَطَائِفَة من أهل الْعدْل لَا تقَاتل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ أَتَرَى لَهُم أَن ينضموا الى إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فيقاتلوا مَعَهم وَحكم أهل الْبَغي هُوَ الظَّاهِر وَمن شَأْنهمْ أَن يفارقوا إِذا وجدوا قُوَّة قَالَ لَا يسعهم الْقِتَال على هَذِه الصّفة قلت أفيسعهم الْقعُود إِذا لم يكن لَهُم قُوَّة على قتال أهل الْبَغي قَالَ نعم وَالله أعلم

(1/238)


بَاب اللص والعادي والمتأول

418 - قلت أَرَأَيْت الرجل وَالرّجلَيْنِ يخرجَانِ من الْمصر على تَأْوِيل فيقاتلان ويقتلان ثمَّ يستأمنان هَل يؤخذان بِشَيْء من ذَلِك قَالَ نعم قلت لم قَالَ لأَنهم لَيْسُوا بِأَهْل مَنْعَة إِنَّمَا هم بِمَنْزِلَة اللُّصُوص قلت أفتقتص مِنْهُم فِيمَا كَانَ من جِرَاحَة فِيهَا قصاص وَفِيمَا كَانَ من نفس وَمَا كَانَ من جِرَاحَة لَا يُسْتَطَاع فِيهَا الْقصاص كَانَ عَلَيْهِ الْأَرْش فِي مَاله قَالَ نعم
419 - قلت أَرَأَيْت إِذا قَاتل الرّجلَانِ وشهرا السِّلَاح على قوم فامتنعوا مِنْهُمَا فقاتلوهما هَل عَلَيْهِم شَيْء قَالَ لَا قلت لم قَالَ لأَنهم يسعهم أَن يمتنعوا مِنْهُمَا قلت فَإِن بلغُوا بذلك قَتلهمَا قَالَ نعم
420 - قلت أَرَأَيْت الرجل يشهر فِي الْمصر على رجل بعصا أَو بِحجر أَتَرَى أَن يقْتله الْمَشْهُور عَلَيْهِ قَالَ لَا يشبه هَذَا ذَاك قلت لم قَالَ لِأَن أُولَئِكَ شهروا عَلَيْهِم السِّلَاح وَهَذَا لم يشهر سِلَاحا قلت فَلَو أَن الْمَشْهُور عَلَيْهِ قتل الَّذِي شهر بعصا كَانَ على عَاقِلَته الْأَرْش وَإِن كَانَ بحديدة قتل بِهِ

(1/241)


قَالَ نعم قلت وَكَذَلِكَ لَو شهر عَلَيْهِ بِغَيْر شَيْء قَالَ نعم وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد إِذا شهر عَلَيْهِ بِشَيْء أَو بحديدة فَقتله الْمَشْهُور عَلَيْهِ فدمه هدر وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يقْتله
421 - قلت وَلَو أَن رجلا أغار على رجل لَيْلَة فِي منزله ليَسْرِق مَتَاعه فكابره بسلاح أَو بعصا فَقتله رب الْمنزل ثمَّ قَامَت على ذَلِك بَيِّنَة هَل كنت ترى عَلَيْهِ شَيْئا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لِأَن هَذَا كابره لَيْلًا قلت فَلَو كابره نَهَارا بسلاح أَو غَيره فَقتله رب الْمنزل قَالَ إِذا كابره نَهَارا بسلاح فَلَا شَيْء على رب الْمنزل وَإِذا كابره بِغَيْر سلَاح فَقتله رب الْمنزل بعصا كَانَ على عَاقِلَته الدِّيَة قلت وَإِن كَانَ بسلاح قتل قَالَ نعم
422 - قلت وَكَذَلِكَ العَبْد إِذا كَانَ فِي هَذَا كُله قَالَ نعم
423 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم يقطعون الطَّرِيق على الْمُسَافِرين فيكابرونهم بِغَيْر سلَاح أَيحلُّ للْمُسلمين أَن يقاتلوهم ويمتنعوا مِنْهُم قَالَ نعم قلت فَإِن قتلوا من اللُّصُوص أحدا هَل عَلَيْهِم شَيْء من ذَلِك قَالَ لَا
424 - قلت فَلَو أَن رجلا قَاتله رجل آخر فِي الْمصر بِغَيْر سلَاح فَقتله ضمنته الدِّيَة إِذا كَانَ بِغَيْر سلَاح وَإِن كَانَ عمدا قتلته بِهِ قَالَ نعم قلت من أَيْن اخْتلفَا قَالَ لِأَن الَّذين يقطعون الطَّرِيق فيكابرون لَيْسُوا كَالَّذِين يكابرون فِي الْمصر نَهَارا لِأَن هَؤُلَاءِ يقدرُونَ على النَّاس وعَلى أَن يستعينوا عَلَيْهِم وَأُولَئِكَ

(1/242)


لَيْسُوا يقدرُونَ على النَّاس وَلَا على أَن يستعينوا بهم عَلَيْهِم قلت فَإِذا كابره أحد لَيْلًا فِي منزله فَقتله أبطلت دَمه وَكَانَ عنْدك كَالَّذي يقطع الطَّرِيق قَالَ نعم
425 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم لَيْسُوا بمتأولين وَإِنَّمَا هم لصوص أَو شبههم إِذا ظَهَرُوا على بِلَاد فَقتلُوا من أَهلهَا وَأخذُوا من أَمْوَال الْمُسلمين فاستهلكوا ذَلِك ثمَّ ظهر عَلَيْهِم أهل الْعدْل هَل تقضي بِتِلْكَ الْأَمْوَال والدماء لأَهْلهَا عَلَيْهِم قَالَ نعم قلت لم قَالَ لِأَن هَؤُلَاءِ لَيْسُوا بِمَنْزِلَة المتأولين إِنَّمَا هم بِمَنْزِلَة اللُّصُوص مغيرين
426 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم من أهل الْبَغي إِذا ظَهَرُوا على مصر من الْأَمْصَار واستعملوا عَلَيْهَا قَاضِيا فَقضى بأَشْيَاء من نِكَاح أَو عتق أَو طَلَاق أَو أَخذ مَال أَو قاص فَظهر أهل الْعدْل على ذَلِك الْمصر وارتفع رجال مِمَّن قد قضى عَلَيْهِم قَاضِي أهل الْبَغي إِلَى قَاضِي أهل الْعدْل فاحتج أحد الرجلَيْن بِقَضَاء ذَلِك القَاضِي لَهُ وَجَاء بِالْبَيِّنَةِ على ذَلِك هَل يمْضِي القَاضِي ذَلِك الْقَضَاء قَالَ إِذا كَانَ قَضَاؤُهُ ذَلِك عدلا أنفذه وأمضاه وَإِن كَانَ جورا لم ينفذهُ وَإِن كَانَ قَضَاؤُهُ ذَلِك من رَأْي بعض الْفُقَهَاء أنفذه أَيْضا وَالله الْمُوفق

(1/243)


بَاب أهل الْبَغي إِذا قَاتلُوا الْمُشْركين مَعَ الْمُسلمين

427 - قلت أَرَأَيْت أهل الْبَغي إِذا كَانُوا قد ظَهَرُوا على مصر ثمَّ غزوا أَرض الْحَرْب وغزا أهل الْعدْل أَرض الْحَرْب والتقى الجندان من أهل الْبَغي وَأهل الْعدْل بِأَرْض الْحَرْب فَقتلُوا الْمُشْركين وَأَصَابُوا غَنَائِم كَيفَ الحكم فِيمَا أَصَابُوا وَهل يشتركون فِيهَا قَالَ نعم قلت وتقسم تِلْكَ الْغَنِيمَة قَالَ نعم قلت فَمن يَأْخُذ خمسها قَالَ أهل الْعدْل فيضعون ذَلِك فِي مَوْضِعه قلت فَإِن أَبى عَلَيْهِم فِي ذَلِك أهل الْبَغي وَقَالُوا أعطونا حصصنا من الْخمس فنضعه فِيمَن نُرِيد قَالَ لَا يُعْطون ذَلِك
428 - قلت وَكَذَلِكَ إِمَام غزا بِنَفسِهِ أَرض الْحَرْب فِي جند من الْمُسلمين فَمَاتَ هُنَاكَ فَاخْتلف الْجند فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم نستخلف فلَانا وَقَالَت طَائِفَة نستخلف فلَانا فَاقْتَتلُوا فِيمَا بَينهم ثمَّ لقوا الْمُشْركين فقاتلوهم وَأَصَابُوا غَنَائِم أتخمس تِلْكَ الْغَنَائِم ثمَّ يشركُونَ فِيهَا قَالَ نعم
429 - قلت وَكَذَلِكَ لَو أَن طَائِفَة مِنْهُم غنمت وَلم تغنم الطَّائِفَة الْأُخْرَى ثمَّ تعاطوا الْحق فِيمَا بَينهم فِي دَار الْحَرْب أَكَانَت تِلْكَ الْغَنَائِم تخمس وَتَكون بنيهم

(1/244)


قَالَ نعم
430 - قلت فَلَو أَن جَيْشًا غزوا من مصر بِغَيْر إِذن الإِمَام فَأَصَابُوا غَنَائِم هَل كَانَ يُخَمّس مَا أَصَابُوا وَيقسم مَا بَقِي بَينهم قَالَ نعم وَلَا يشبه هَذَا الْوَاحِد والإثنين يخرجَانِ من الْمصر فيصيبان
431 - قلت أَرَأَيْت أهل الْبَغي وَأهل الْعدْل الَّذين سَأَلتك عَنْهُم إِذا غنم أهل الْعدْل وَلم يغنم أهل الْبَغي ثمَّ اصْطَلحُوا هَل يشاركهم أهل الْبَغي فِي تِلْكَ الْقِسْمَة قَالَ نعم
432 - قلت أَرَأَيْت أهل الْبَغي إِذا وَادعوا قوما من أهل الْحَرْب هَل يَنْبَغِي لأهل الْعدْل أَن يغزوهم قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُم ذَلِك لِأَنَّهُ قد وادعهم طَائِفَة من الْمُسلمين وَقد جَاءَ الْأَثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم
433 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم من أهل الْعدْل وَادعوا أهل الْحَرْب فغزاهم أهل الْبَغي فَسبوا سَبَايَا هَل يَشْتَرِي أهل الْعدْل من ذَلِك السَّبي شَيْئا قَالَ لَا قلت لم قَالَ لأَنهم قد وادعوهم وَلم يكن يَنْبَغِي لأهل الْبَغي إِذا وادعهم أهل الْعدْل أَن يغزوهم
434 - قلت وَكَذَلِكَ لَو كَانَ أهل الْبَغي قد وَادعوا قوما من أهل الْحَرْب ثمَّ غدروا بهم فسبوهم لم يكن لأهل الْعدْل أَن يشتروهم قَالَ لَا لأَنهم قد وادعهم طَائِفَة من الْمُسلمين
435 - قلت فَإِن غزا أهل الْبَغي قوما من أهل الْحَرْب فَدَخَلُوا عَلَيْهِم دَار الْحَرْب فسبوهم وَقد كَانَ أهل الْعدْل وَادعوا أُولَئِكَ الْقَوْم من أهل الْحَرْب فصالحوهم سِنِين ثمَّ تَابَ أهل الْبَغي واصطلحوا وَأُولَئِكَ السَّبي فِي ايديهم هَل يَنْبَغِي لأهل الْعدْل أَن يردوا السَّبي على أهل الْحَرْب قَالَ نعم
436 - قلت أَرَأَيْت الْقَوْم من أهل الْبَغي إِذا استعانوا بِقوم من أهل الْحَرْب على قتال أهل الْعدْل فَظهر عَلَيْهِم أهل الْعدْل أيسبون أهل الْحَرْب الَّذين أعانوا عَلَيْهِم

(1/245)


أهل الْبَغي قَالَ نعم قلت وَلَا ترى إستعانة أهل الْبَغي إيَّاهُم أَمَانًا قَالَ لَا
437 - قلت وَكَذَلِكَ أهل الْبَغي إِذا وَادعوا قوما من أهل الْحَرْب فَأَغَارَ أُولَئِكَ الْقَوْم من أهل الْحَرْب على أهل الْعدْل فقاتلوهم فَظهر عَلَيْهِم أهل الْعدْل فقاتلوهم أيسبونهم قَالَ نعم
438 - قلت أَرَأَيْت الرجل إِذا كَانَ فِي عَسْكَر أهل الْعدْل فلحق بعسكر أهل الْبَغي وَحَارب أهل الْعدْل هَل يقسم مَاله بَين ورثته قَالَ لَا قلت وَلم لَا يكون هَذَا كالمرتد اللَّاحِق بِأَرْض الْحَرْب قَالَ أَلا ترى أَن امْرَأَة هَذَا على نِكَاحهَا وَأَنِّي أورثه مِنْهَا لَو مَاتَت وأورثها فَكيف يكون كالمرتد وَهُوَ على الْإِسْلَام غير أَنه بَاغ

(1/246)


مَا زَاد مُحَمَّد فِي آخر كتاب السّير

الْغَنِيمَة

1 - قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ أَبُو يُوسُف سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن الْغَنِيمَة يغنمها الْمُسلمُونَ فِي دَار الْحَرْب من الْمُشْركين كَيفَ يقسمونها تقسم فِي دَار الْحَرْب أَو بَعْدَمَا يخرجونها الى دَار الْإِسْلَام وَكَيف يقسم للفارس والراجل وَهل يفضل الْخَيل بَعْضهَا على بعض وَكَيف يقسم الْخمس وَهل للعبيد فِي الْمغنم سهم وَهل للْمَرْأَة فِي الْمغنم سهم وَكَيف تكون الأَرْض إِذا غلب عَلَيْهَا الْمُسلمُونَ أَهِي بِمَنْزِلَة الْمَتَاع أم لَا فَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أصَاب الْمُسلمُونَ غنيمَة فَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن تقسم فِي دَار الْحَرْب لِأَن الْمُسلمين لم يحرزوها بعد وإحرازها أَن يخرجوها الى دَار الْإِسْلَام فَإِن اقتسموا الْغَنِيمَة فِي دَار الْحَرْب فَجَائِز وَأحب ذَلِك الي أَن يقسموها إِذا خَرجُوا الى دَار الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف إِن لم يجد الإِمَام لَهَا حمولة يحملهَا عَلَيْهَا فليقسمها فِي دَار الْحَرْب وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا حق للْعَبد فِي الْمغنم فَإِن قَاتل رضخ لَهُ وَلم يضْرب لَهُ بِسَهْم وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَرْأَة وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْمكَاتب وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة المتطوع فِي الْجند وَصَاحب الدِّيوَان فِي الْغَنِيمَة سَوَاء وَقَالَ فِي التُّجَّار الَّذين دخلُوا فِي تجاراتهم وهم فِي عَسْكَر الْمُسلمين لَيْسَ لَهُم فِي الْغَنِيمَة شَيْء وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقسم للْفرس سهم وللراجل سهم وَقَالَ أكره أَن أفضل بَهِيمَة على رجل مُسلم وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد نقسم للْفرس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما نَأْخُذ بِالْحَدِيثِ وَالسّنة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا أقسم لفرسين وَلَا أَكثر لِأَنِّي لَو قسمت لفرسين

(1/247)


قسمت لثَلَاثَة وَأكْثر وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّد وَقَالَ أَبُو يُوسُف أقسم لفرسين وَلَا أقسم أَكثر من ذَلِك وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْفرس الْعَتِيق والمقرف والبرذون فِي السِّهَام سَوَاء لَا أفضل بَعْضهَا على بعض لقَوْل الله تَعَالَى فِي كِتَابه الْعَزِيز {وَالْخَيْل} وَلم يَجْعَل مِنْهَا شَيْئا دون شَيْء وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا ظهر الإِمَام على بِلَاد من أهل الشّرك فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ أَن يفعل فِيهَا الَّذِي يرى أَنه أفضل وأحبه للْمُسلمين أَن يرى أَن يُخَمّس الأَرْض وَالْمَتَاع وَيقسم أَرْبَعَة أخماسه بَين الْجند الَّذين افتتحوها فعل ثمَّ يقسم الْخمس على ثَلَاثَة أسْهم للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَن رَأْي الإِمَام أَن يتْرك الأَرْض وَأَهْلهَا فِيهَا ويجعلهم وَيَضَع عَلَيْهِم وعَلى أَرضهم الْخراج فعل كَمَا صنع عمر بن الْخطاب بِالسَّوَادِ
2 - قَالَ أَبُو يُوسُف سَأَلت أَبَا حنيفَة عَن الْقَوْم يضْرب عَلَيْهِم الْبَعْث فَيجْعَل الْقَاعِد للشاخص قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا لم يكن للْمُسلمين غنيمَة وَلَا فَيْء فَلَا بَأْس بِأَن يُقَوي بَعضهم بَعْضًا وَقَالَ إِذا كَانَ لَهُم فَيْء يسعهم فَأَنِّي أكره ذَلِك
3 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلت أَبَا حنيفَة عَن ركُوب الدَّابَّة من الْفَيْء وَلَيْسَ الثَّوْب أتكره ذَلِك وتنهى عَنهُ قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ بِهِ جِرَاحَة فخاف على نَفسه مِنْهَا فَلَا بَأْس بذلك إِن كَانَ بِهِ اليه حَاجَة من ركُوب دَابَّة أَو لبس ثوب
4 - قَالَ وَسَأَلته عَن الرجل يُقَاتل بِالسِّلَاحِ من الْفَيْء فكره ذَلِك
5 - قلت أَي أَبُو يُوسُف فَإِن احْتَاجَ إِلَى ذَلِك قَالَ فَلَا بَأْس بِهِ إِذا احْتَاجَ اليه وَلم يجد غَيره
6 - قلت أَرَأَيْت لَو رَمَاه الْعَدو بنشابة فَرَمَاهُمْ بهَا أَو انتزع سَيْفا من أَيدي الْعَدو وضربهم بِهِ هَل ترى بذلك بَأْسا قَالَ لَا بَأْس بِهِ
7 - قلت أَرَأَيْت لَو عقر الرجل دَابَّته وَخَافَ الْعَدو على نَفسه وَظَهَرت دَابَّة من دَوَاب الْعَدو فركبها ثمَّ أقبل على أَصْحَابه هَل ترى بذلك بَأْسا قَالَ لَا بَأْس بذلك إِذا كَانَ ذَلِك من مَخَافَة أَو مجاعَة أَو حَاجَة اليها أَو غدر

(1/248)


8 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلت عَن قتل النِّسَاء وَالصبيان وَالشَّيْخ الفاني الَّذِي لَا يُطيق الْقِتَال وَالَّذِي بِهِ زَمَانه لَا يُطِيقُونَ الْقِتَال فَنهى عَن ذَلِك وَكَرِهَهُ
9 - وَسَأَلت عَن الرجل يأسر الرجل من الْعَدو هَل لَهُ أَن يقْتله وَيَأْتِي بِهِ الإِمَام قَالَ أَبُو حنيفَة أَي ذَلِك فعل فَهُوَ حسن وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد أَي ذَلِك كَانَ أحسن وَأفضل للْمُسلمين فليفعله
10 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته عَن الرجل من أهل الْحَرْب يقْتله الْمُسلمُونَ هَل يبيعون جيفته من الْمُشْركين قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بذلك فِي دَار الْحَرْب فِي غير عَسْكَر الْمُسلمين أَلا ترى أَن أَمْوَال أهل الْحَرْب تحل للْمُسلمين أَن يأخذوها فَإِذا طابت بهَا أنفسهم فَهُوَ جَائِز وَقَالَ أَبُو يُوسُف أكره ذَلِك وأنهي عَنهُ وَلَا يجوز للْمُسلمين بيع الْميتَة وَلَا الرِّبَا وَلَا الْخمر وَلَا الْخِنْزِير من أهل الْحَرْب وَلَا من غَيرهم
11 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته عَن الْجَيْش يغزون أَرض الْحَرْب فيغنمون الْغَنِيمَة فَيلْحق بهم جَيش من الْمُسلمين لم يشْهدُوا الْحَرْب مَعَهم قبل أَن يخرجُوا الْغَنِيمَة الى دَار الْإِسْلَام وَقبل أَن يقتسموها فَقَالَ يشركونهم فِي ذَلِك لإن الْجند الأول لم يحرزوا الْغَنِيمَة بعد لأَنهم فِي دَار الْحَرْب
12 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته عَن الْجند يغزون أَرض الْحَرْب هَل لأميرهم أَن ينفل قَالَ قبل الْغَنِيمَة فَيَقُول من أصَاب شَيْئا فَلهُ كَذَا وَكَذَا وَأما أَن ينفل بَعْدَمَا يصيبون الْغَنِيمَة فَلَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِك
13 - وَسَأَلته عَن الْمُسلمين يستعينون بِأَهْل الشّرك على أهل الْحَرْب هَل ترى بذلك بَأْسا وَهل لَهُم سهم فِي الْغَنِيمَة قَالَ لَا بَأْس بِأَن يستعان بهم إِذا كَانَ الحكم حكم أهل الْإِسْلَام وَهُوَ القاهر الْغَالِب فَلَا بَأْس بِأَن يستعان بِأَهْل الشّرك وَإِن كَانَ حكم أهل الشّرك هُوَ الْغَالِب فَلَا يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يقاتلوا مَعَ أهل الشّرك إِلَّا أَن يخَافُوا على أنفسهم فيدفعون عَنْهَا وَقَالَ لَيْسَ لأهل الشّرك سهم وَلَكِن يرْضخ لَهُم
14 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته عَن الْأَسير يقتل أَو يفادى أَو يقسم قَالَ أَبُو حنيفَة لَا يفادى وَلكنه يقتل أَو يَجْعَل فَيْئا وَقَالَ أَي ذَلِك

(1/249)


خير للْمُسلمين عمل بِهِ الإِمَام
15 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته هَل يفادى أسرى الْمُشْركين بأسرى الْمُسلمين قَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بذلك وَكَانَ يكره أَن يفادى أسرى الْمُشْركين بِمَال يَأْخُذهُ
16 - قَالَ أَبُو يُوسُف وَسَأَلته عَن الْقَوْم يغنمون الْغَنِيمَة فِيهَا الْإِبِل وَالْبَقر وَالْخَيْل وَالْغنم فيعجزون عَن سوقها أَو دَابَّة من دَوَاب الْمُسلمين تقوم عَلَيْهِم قَالَ أكره أَن تعرقب أَو يمثل بهَا فَلَا بَأْس بِأَن تذبح وَتحرق بالنَّار حَتَّى لَا ينْتَفع بهَا الْعَدو قَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أصَاب الْمُشْركُونَ عبدا أَو دَابَّة أَو ثوبا فَأَصَابَهُ الْمُسلمُونَ فِي غنيمَة فَوَجَدَهُ مَوْلَاهُ قبل أَن يقسم فَإِنَّهُ يَأْخُذهُ بِغَيْر شَيْء وَإِن وجده بعد الْقِسْمَة أَخذه بِقِيمَتِه إِلَّا الذَّهَب وَالْفِضَّة والكيل وَالْوَزْن فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ إِذا وجده بعد الْقِسْمَة لم يَأْخُذهُ بِشَيْء لِأَنَّهُ يُعْطي مثل كَيْله أَو وَزنه وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا أبق العَبْد الى الْعَدو فَأَخذه ثمَّ ظهر الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ فَإِن مَوْلَاهُ يَأْخُذهُ بِغَيْر شَيْء قبل الْقِسْمَة وَبعد الْقِسْمَة وَلَا يشبه هَذَا العَبْد الْآبِق الْأَسير يأسرونه أَو الْمَتَاع يحرزونه وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو انفلتت اليهم دَابَّة فَأَخَذُوهَا وَظهر الْمُسلمُونَ عَلَيْهَا قَالَ إِن وجدهَا صَاحبهَا قبل الْقِسْمَة أَخذهَا بِغَيْر شَيْء وَإِن وجدهَا بعد الْقِسْمَة أَخذهَا بِالْقيمَةِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة العَبْد يُخَالف الدَّابَّة المنفلتة وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد هَذَا كُله وَاحِد إِذا أَخَذُوهُ فِي بِلَادهمْ آبقا أَو منفيا أَو أسروه فَإِن وجده مَوْلَاهُ قبل أَن يقسم أَخذه بِغَيْر شَيْء وَإِن وجده بعد الْقِسْمَة أَخذه بِالْقيمَةِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِن خرج بِهِ رجل من الْمُشْركين بِأَمَان فَبَاعَهُ فِي دَار الْإِسْلَام فَلَا سَبِيل لَهُ لمَوْلَاهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلهم جَمِيعًا إِلَّا فِي الْآبِق فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ يَأْخُذهُ مَوْلَاهُ حَيْثُ مَا وجده بِغَيْر شَيْء
وَلَو أَن رجلا اشْترى عبدا من الْمُشْركين قد كَانُوا أَصَابُوهُ من الْمُسلمين قبل ذَلِك فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ يَأْخُذهُ مَوْلَاهُ بِالثّمن إِن شَاءَ فَإِن لم يَأْخُذهُ حَتَّى أسره الْمُشْركُونَ ثَانِيَة فَاشْتَرَاهُ رجل آخر فَإِن أَبَا حنيفَة قَالَ لَيْسَ لمَوْلَاهُ عَلَيْهِ سَبِيل

(1/250)


حَتَّى ياخذه الثَّانِي فَإِن أَخذه الثَّانِي بِالثّمن الثَّانِي فللأول أَن يَأْخُذهُ بِالثّمن جَمِيعًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد
قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَكَذَلِكَ لَو كَانَت جَارِيَة فعميت عِنْد المُشْتَرِي أَو أَصَابَهَا عيب فَأَرَادَ الْمولى أَن يَأْخُذهَا بِالثّمن وَأَن يحط عَنهُ بِحِسَاب ذَلِك الْعَيْب لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِمَّا أَن يَأْخُذهَا بِجَمِيعِ الثّمن وَإِمَّا أَن يتْرك وَهُوَ قَول أبي حنيفَة فِيمَا يعلم أَبُو يُوسُف أَلا ترى أَن رجلا بَاعَ رجلا عبدا فَعميَ عِنْد البَائِع قيل للْمُشْتَرِي إِن شِئْت فَخذه بِجَمِيعِ الثّمن أَو دع وَلَو أَن رجلا قطع يَد هَذِه الْجَارِيَة وَأخذ مَوْلَاهَا الْأَرْش مِنْهُ ثمَّ جَاءَ الْمولى الَّذِي كَانَ الْمُشْركُونَ أصابوها مِنْهُ فَأَرَادَ أَن يَأْخُذهَا وَأَن يحط عَنهُ من الثّمن بِحِسَاب ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يحط عَنهُ شَيْء ويأخذها إِن شَاءَ بِجَمِيعِ الثّمن أَو يتْرك أَلا ترى أَن الَّذِي كَانَت عِنْده لَو فَقَأَ عينهَا لم يحط عَنهُ شَيْء من الثّمن بِشَيْء وَلَو كَانَ هَذَا يشبه البيع فِي هَذَا الْموضع لحط عَنهُ من الثّمن بِحِسَاب ذَلِك وَلَو كَانَ يشبه الشُّفْعَة لحط عَنهُ من الثّمن كالمشتري لَو هدم من بِنَاء الدَّار شَيْئا حط عَن الشَّفِيع بِقدر ذَلِك أَلا ترى أَن هَذَا المُشْتَرِي من الْعَدو لَو وَطئهَا لم يحط عَن مَوْلَاهَا من الثّمن شَيْء ويأخذها مَوْلَاهَا بِجَمِيعِ الثّمن وَالنِّكَاح جَائِز على حَاله وَلَو ولدت ولدا فَأعْتقهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ ثمَّ جَاءَ الْمولى أَخذهَا الْمولى بِجَمِيعِ الثّمن لَا يحط عَنهُ من ذَلِك شَيْء وَلَو أَن الْوَلَد قتل فَأخذ لَهُ إرشا أَخذ الْمولى الْأُم بِجَمِيعِ الثّمن أَو ترك وَلَو ولدت ولدا فَأعتق الْأُم فَأَرَادَ الْمولى الأول أَن يَأْخُذ الْوَلَد أَخذه بِجَمِيعِ الثّمن أَو يتْرك وَلَا يشبه هَذَا البيع وَلَا الشُّفْعَة إِنَّمَا هَذَا رجل هُوَ أَحَق بالمتاع بِثمنِهِ على الْحَال الَّذِي يجده عَلَيْهِ وَمَا تغير فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يسْتَوْجب مِنْهُ شَيْئا إِلَّا بِجَمِيعِ الثّمن وَلَو كَانَ الثّمن يقسم على الْأُم وإرش الْوَلَد أَو على الْأُم وإرش عينهَا يقسم الثّمن عَلَيْهَا وعَلى عينهَا إِذا فقأها الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَيقسم الثّمن عَلَيْهَا وعَلى مهر مثلهَا إِذا وَطئهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ إِذا كَانَ ضَامِنا لَهَا لَا يملكهَا كلهَا إِن حدث فِيهَا شَيْء حط من الثّمن بِحِسَاب ذَلِك وَلَو كَانَ هَذَا هَكَذَا لم يجز عتقه فِيهَا أَلا ترى أَن الشَّفِيع يَأْخُذ الدَّار بِالشُّفْعَة من البَائِع وَيبْطل ثمنه عَن المُشْتَرِي فِيهَا وَإِن هَذِه الْجَارِيَة لَو أعْتقهَا صَاحبهَا جَازَ عتقه وَلَو بَاعهَا جَازَ بَيْعه وَكَانَ لمولاها أَن

(1/251)


يَأْخُذهَا بِالثّمن الثَّانِي من المُشْتَرِي وَلَو وَهبهَا لَهُ جَازَت هِبته وَكَانَ لمولاها الأول أَن يَأْخُذهَا بِقِيمَتِهَا من الْمَوْهُوبَة لَهُ فَهَذَا لَا يشبه البيع وَلَا الشُّفْعَة على حَال أَلا ترى أَن رجلا لَو بَاعَ أمة لم يجز أَن يَبِيعهَا ثَانِيَة وَلَا يعتقها وَلَا يَهَبهَا بعد بَيْعه الأول وَهَذَا يجوز لَهُ بيعهَا وهبتها وَلَو وَطئهَا فَهُوَ حَلَال لَو ولدت مِنْهُ كَانَت أم ولد لَهُ وَالْبَائِع لَو وَطئهَا وَهِي مَا لَا تحل لَهُ وَلَو ولدت مِنْهُ لم تكن أم ولد لَهُ إِذا رَضِي المُشْتَرِي أَن يَأْخُذهَا وَوَلدهَا فَهَذَا لَا يشبه الشُّفْعَة وَلَا البيع وَلَا الْهِبَة
وَلَو أَن رجلا وهب خَادِمًا لرجل فزادت عِنْده خيرا لم يكن للْوَاهِب فِيهِ رُجُوع وَلَو وهب رجل لذِي رحم محرم مِنْهُ هبة وَقَبضهَا لم يكن لَهُ أَن يرجع فِي هَذَا وَهَذِه الْأمة الَّتِي أَصَابَهَا أهل الشّرك لمولاها أَن يَأْخُذهُ من ذَوي الْمحرم وَغَيره إِن زَادَت أَو نقصت ويأخذها بِأَوْلَادِهَا الَّتِي ولدت وَلَيْسَ للْوَاهِب أَن يرجع فِي الْوَلَد إِذا حدث فِي ملك الْمَوْهُوب لَهُ
وَلَو أَن الْمُكَاتبَة رهنت فِي يَدي رجل أَصَابَهَا الْمُشْركُونَ من أهل الْإِسْلَام فاشتراها رجل مِنْهُم لم يكن لمولاها عَلَيْهَا سَبِيل حَتَّى يَأْخُذهَا الْمُرْتَهن بِالثّمن ثمَّ يَأْخُذهَا مَوْلَاهَا الأول بِالدّينِ وَالثمن وَهَذَا لَا يشبه البيع وَلَا الْهِبَة وَلَا الشُّفْعَة
وَلَو أَن رجلا بَاعَ أمة فَلم يقبضهَا المُشْتَرِي وَلم ينقده الثّمن حَتَّى اشْتَرَاهَا أهل الْحَرْب فاشتراها رجل لم يكن للمشترى الأول عَلَيْهَا سَبِيل حَتَّى يَأْخُذهُ البَائِع بِالثّمن فَإِذا أَخذهَا بِالثّمن كَانَ للْمُشْتَرِي الأول أَن يَأْخُذهَا بِالثّمن الأول الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وبالثمن الآخر الَّذِي افتكها بِهِ الْمولى
وَلَو أَن عبدا فِي عُنُقه دين وَجِنَايَة فَأَصَابَهُ أهل الْحَرْب فَاشْتَرَاهُ رجل مِنْهُم لزمَه الدّين وَلم تلْزمهُ الْجِنَايَة فَإِن أَخذه مَوْلَاهُ بِالثّمن لَزِمته الْجِنَايَة وَالدّين هَذَا إِذا رَجَعَ الى الْمَالِك الأول وَالْجِنَايَة وَالَّذين فِي عُنُقه وَإِذا لم يرجع إِلَى الْمَالِك الاول سَقَطت الْجِنَايَة وَثَبت الدّين فِي عُنُقه أَلا ترى أَن عبدا لَو بَاعه مَوْلَاهُ وَعَلِيهِ دين تبعه الدّين وَلم تتبعه الْجِنَايَة إِذا خرج من ملك مَوْلَاهُ وَلَا تتبعه إِذا أعتق أَلا ترى أَنِّي قد أبطلت الرَّهْن فِيهِ حَتَّى يَأْخُذهُ بِالثّمن فَيَعُود الرَّهْن ثمَّ يفتكه مَوْلَاهُ بِالدّينِ

(1/252)


وَلَو أَن أهل الْحَرْب اصابوا عبدا أَو أمة أَو مَتَاعا للْمُسلمين ثمَّ أَسْلمُوا عَلَيْهِ كَانَ لَهُم وَلَا يَأْخُذهُ مَوْلَاهُ وَإِن كَانَ عبدا فِي عُنُقه دين لحقه الدّين وَلَو كَانَ عبدا فِي عُنُقه جِنَايَة لم تلْحقهُ الْجِنَايَة وَإِن كَانَ مَتَاعا وَرهن لم يعد فِي الرَّهْن وَبَطل الدّين الَّذِي كَانَ بِهِ رهنا اذا كَانَ قِيمَته وَالدّين سَوَاء
وكل حر أَصَابَهُ أهل الْحَرْب وَأَسْلمُوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ حر وَلَا يكون رَقِيقا وَكَذَلِكَ الْمُدبر وَأم الْوَلَد وَالْمكَاتب يرجع الى حَاله وَلَا يكون رَقِيقا وكل ملك لَا يجوز فِيهِ البيع فَإِن أهل الْحَرْب لَا يملكونه إِذا أَصَابُوهُ
وَلَو أَن رجلا حرا أَمر رجلا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُم كَانَ حرا وَكَانَ للتاجر الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُم أَن يرجع عَلَيْهِ بذلك الثّمن وَكَذَلِكَ الْمُكَاتبَة وَأم الْوَلَد وَالْمُدبر فَإِنَّهُ يرجع عَلَيْهِ بِالثّمن إِذا أعْتقهَا
وَلَو أَن رجلا حرا أَمر رجلا أَن يَشْتَرِي لَهُ رجلا حرا من دَار الْحَرْب وَسَماهُ فَاشْتَرَاهُ لم يكن على الْحر المُشْتَرِي من الثّمن شَيْء وَكَانَ للْمَأْمُور أَن يرجع على الْآمِر الَّذِي أمره إِن ضمن لَهُ الثّمن وَقَالَ اشْتَرِ لي وَإِن كَانَ قَالَ اشتره لنَفسك واحتسب فِيهِ لم يضمن
وَلَو أَن رجلا اشْترى من المُشْتَرِي عبدا كَانَ قد اشْتَرَاهُ من الْمُسلمين فرهنه المُشْتَرِي ثمَّ جَاءَ مَوْلَاهُ الأول لم يكن لَهُ عَلَيْهِ سَبِيل حَتَّى يفتك هَذَا الرَّهْن وَيَقْضِي مَا فِيهِ ثمَّ يَأْخُذهُ بِالثّمن وَلَو أَرَادَ الْمولى أَن يُعْطي الْمُرْتَهن دينه وَيُعْطِي الثّمن وَهُوَ مُتَطَوّع بِالدّينِ فَذَلِك لَهُ وَلَا يجْبرهُ مَوْلَاهُ على افتكاكه حَتَّى يَأْخُذهُ بِالدّينِ وَلَو كَانَ أجره إِجَارَة كَانَت الْإِجَارَة جَائِزَة وللمولى أَن يَأْخُذهُ وَيبْطل الْإِجَارَة فِيمَا بَقِي مِنْهَا وَلَا تشبه الْإِجَارَة الثّمن وَالرَّهْن أَلا ترى أَنِّي أبْغض الْإِجَارَة فِي حَال العَبْد فَهَذَا من ذَلِك وَالله أعلم

(1/253)


بَاب مَا يكون للْملك أَن يَفْعَله فِي مَمْلَكَته وَمن يكون لَهُ من أهل مَمْلَكَته رَقِيقا

قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن إِذا غلب قوم من أهل الْحَرْب على قوم آخَرين من أهل الْحَرْب فَأَخَذُوهُمْ عبيدا للْملك ثمَّ أَن الْملك وَأهل أرضه أَسْلمُوا عَلَيْهِ فَمن كَانَ من جنده الَّذين غلب بهم فهم أَحْرَار لَا سَبِيل عَلَيْهِم وَأما الَّذين غلبوا وأخذوهم عبيدا فهم عبيد لَهُ يَبِيع من شَاءَ مِنْهُم ويهب من شَاءَ مِنْهُم بعد الْإِسْلَام والذمة وَقبل ذَلِك وَأما جنده الَّذِي غلب بهم فهم أَحْرَار لَا سَبِيل عَلَيْهِم
وَإِن خص الْملك الْمَوْرُوث فورث ذَلِك بعض وَلَده دون بعض فَإِن كَانَ صنع هَذَا قبل أَن يسلم أَو يصير ذمَّة ثمَّ أسلم وَلَده بعد ذَلِك جعل الْأَمر على مَا صنعه الْملك عَلَيْهِ وَإِن كَانَ صنع ذَلِك بَعْدَمَا صَار ذمَّة أَو صَار مُسلما لم يجز مَا صنع من ذَلِك وَكَانَ جَمِيع عبيده وإمائه الَّذين غلب عَلَيْهِم مِيرَاثا بَين ورثته على فَرَائض الله تَعَالَى وَإِن كَانَ فعل ذَلِك وَهُوَ موادع للْمُسلمين يُؤَدِّي اليهم فِي كل سنة شَيْئا مَعْلُوما وَلَيْسَ يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْمُسلمين فَجَمِيع مَا صنع من ذَلِك جَائِز
وَإِن حَضَره الْمَوْت وَله أَوْلَاد فقسم ملكه بَينهم فَجعل لكل إِبْنِ نَاحيَة من أرضه مَعْلُومَة ملكه عَلَيْهَا وَجعل مَا فِيهَا من عبيده وإمائه لَهُ خَاصَّة فَإِن كَانَ فعل ذَلِك وَهُوَ موادع قبل أَن يسلم أَو يصير ذِمِّيا فَجَمِيع مَا صنع من ذَلِك جَائِز على مَا صنع وَإِن كَانَ فعل ذَلِك بعد مَا أسلم أَو صَار ذِمِّيا عِنْد مَا حَضَره الْمَوْت فَجَمِيع مَا صنع من ذَلِك فَهُوَ بَاطِل وَجَمِيع العبيد وَالْإِمَاء رَقِيق مِيرَاث بَين ورثته
وَإِن كَانَ فعل ذَلِك كُله لإبن من بنيه دون من سواهُ وَهُوَ موادع يَوْم صنع ذَلِك فورثه إِبْنِ لَهُ آخر بعد مَوته فَقتل أَخَاهُ وَظهر على مَا فِي يَدَيْهِ أَو لم يقْتله وَلكنه نَفَاهُ الى أَرض الْإِسْلَام أَو الى غَيرهَا ثمَّ أَسْلمُوا جَمِيعًا أَو صَارُوا ذمَّة جَازَ لإبنه القاهر مَا صنع وَكَانُوا جَمِيعًا عبيدا لَهُ وإماء لَهُ فَإِن كَانَ مَا صنع الإبن القاهر صنعه بعد مَا أسلم الإبن المقهور أَو بَعْدَمَا صَار ذمَّة رد جَمِيع ذَلِك عَلَيْهِ

(1/255)


وَأخرج مِنْهُ وَإِن كَانَ أَخُوهُ فعل ذَلِك وَهُوَ محَارب للْمُسلمين فَجَمِيع مَا صنع من ذَلِك جَائِز إِن أسلم أَو صَار ذمَّة
وَإِن ظهر الْمُسلمُونَ على شَيْء من أُولَئِكَ العبيد وَالْإِمَاء فَإِن وجدهم الإبن الأول قبل أَن يقسموا أَخذهم بِغَيْر شَيْء وَإِن وجدهم قسموا أَخذهم بِالْقيمَةِ إِن أحب ذَلِك
وَإِن دخل تجار الْمُسلمين الى هَذَا الإبن الثَّانِي واشتروا مِنْهُ رَقِيقا من اولئك العبيد وَالْإِمَاء فَلَا بَأْس بِأَن يشتروا ذَلِك فَإِذا اخرجوهم الى دَار الْإِسْلَام فالإبن الأول المقهور بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ ذَلِك السَّبي بِالثّمن وَإِن شَاءَ ترك ذَلِك وَإِن كَانَ الإبن القاهر صنع مَا صنع وَهُوَ مُسلم أَو ذمِّي وَأَخُوهُ المقهور مُسلم أَو ذمِّي فَلَيْسَ يَنْبَغِي للْمُسلمين أَن يشتروا من ذَلِك السَّبي شَيْئا وَإِن اشْتَروا مِنْهُ واخرجوهم الى دَار الْإِسْلَام أَخذهم الإبن المقهور بِغَيْر ثمن وَلَا قيمَة
فَإِن كَانَ الإبن المقهور مُسلما أَو ذِمِّيا يَوْم فعل هَذَا بأَخيه وَأَخُوهُ مُسلم أَو ذمِّي ثمَّ أَن الإبن القاهر أرتد عَن الْإِسْلَام أَو الذِّمَّة وَمنع الدَّار وَقَاتل الْمُسلمين وأجرى حكم الشّرك فِي دَاره ثمَّ ظهر على تِلْكَ الدَّار أَو أَخذ من ذَلِك السَّبي شَيْء فَإِن ذَلِك إِن وجده الإبن المقهور قبل أَن يقسم أَخذه بِغَيْر شَيْء وَإِن وجده قد قسم أَخذه بِقِيمَتِه إِن أحب وَالله أعلم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وصلواته على مُحَمَّد النَّبِي وَآله كتبه أَبُو بكر بن أَحْمد بن مُحَمَّد الطلحي الْأَصْفَهَانِي فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع وَعِشْرُونَ شهر الله الْمُبَارك رَمَضَان سنة ثَمَان وثلثين وستماية وَالْحَمْد لله وَحده وصلواته وَسَلَامه على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه تَسْلِيمًا كثيرا

(1/256)