اللباب في الجمع بين السنة والكتاب

 (كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور)

(بَاب)

من حرم على نَفسه شَيْئا مِمَّا يملكهُ لم يصر محرما عَلَيْهِ، وَعَلِيهِ (إِن) استباحه كَفَّارَة يَمِين. فَإِذا قَالَ: حرمت على نَفسِي هَذَا الرَّغِيف، فَأكل مِنْهُ شَيْئا يَسِيرا حنث وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة. وَلَو قَالَ: وَالله لَا آكل هَذَا الرَّغِيف، فَأكل نصفه لم يَحْنَث. لِأَن أَصْحَابنَا شبهوا تَحْرِيم الرَّغِيف على نَفسه بِمَنْزِلَة قَوْله: وَالله لَا أكلت من هَذَا الرَّغِيف شَيْئا، تَشْبِيها لَهُ بِسَائِر مَا حرم الله. وَالْمُعْتَمد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة نقلا قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك وَالله غَفُور رَحِيم قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} .
(بَاب)

اللَّغْو مَا يكون خَالِيا عَن فَائِدَة الْيَمين (شرعا ووضعا، لِأَن فَائِدَة الْيَمين)

(2/597)


إِظْهَار الصدْق من الْخَبَر، فَإِذا أضيف إِلَى خبر لَيْسَ فِيهِ احْتِمَال الصدْق كَانَ خَالِيا عَن فَائِدَة الْيَمين. وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا سمعُوا اللَّغْو أَعرضُوا عَنهُ} ، وَقَالَ تَعَالَى: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا تأثيما} ، وَقَالَ تَعَالَى: {والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تغلبون} . وَمَعْلُوم أَن مُرَاد الْمُشْركين التصنت، أَي (إِن) لم تقدروا على المغالبة بِالْحجَّةِ. فاشتغلوا بِمَا هُوَ خَال عَن الْفَائِدَة من الْكَلَام، ليحصل مقصودكم بطرِيق المغالبة دون المحاجة، وَلم يكن قصدهم التَّكَلُّم بِغَيْر قصد. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراما} أَي: صَبَرُوا عَن الْجَواب. وَذَلِكَ فِي الْكَلَام الْخَالِي عَن الْفَائِدَة، دون مَا يجْرِي من غير قصد. وَهَذَا قَول / حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان، رَحمَه الله.
(بَاب اللُّؤْلُؤ وَحده لَيْسَ بحلي)

قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار ابْتِغَاء حلية أَو مَتَاع زبد مثله} وَهَذَا فِي الذَّهَب دون اللُّؤْلُؤ إِذْ لَا يُوقد عَلَيْهِ. وَقَوله: {حلية تلبسونها} إِنَّمَا سَمَّاهُ حلية فِي حَال اللّبْس، وَهُوَ لَا يلبس وَحده فِي الْعَادة، وَإِنَّمَا يلبس مَعَ الذَّهَب. وَمَعَ هَذَا فَإِن (إِطْلَاق) الْحِلْية عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن لَا يُوجب حمل الْيَمين عَلَيْهِ وَيدل عَلَيْهِ قَوْله

(2/598)


تَعَالَى: {وَجعل الشَّمْس سِرَاجًا} ، وَقَالَ تَعَالَى: {تَأْكُلُونَ لَحْمًا طريا} .
(بَاب الْعِنَب وَالرّطب وَالرُّمَّان لَيْسُوا بفاكهة)
" قَالَ الله تَعَالَى: {فِيهَا فَاكِهَة وَالنَّخْل ذَات الأكمام} ، وَقَالَ تَعَالَى: {فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} ؛ وَقَالَ تَعَالَى: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غلبا وَفَاكِهَة وَأَبا} ، وَمُقْتَضى الْعَطف الْمُغَايرَة.
فَإِن قيل: لَو دلّ الْعَطف على أَن الْعِنَب وَالرّطب وَالرُّمَّان لَيْسُوا من الْفَوَاكِه. لدل قَوْله تَعَالَى: {من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال} (على أَن جِبْرِيل وميكال) ليسَا من الْمَلَائِكَة.
قيل لَهُ: مَا ذَكرْنَاهُ هُوَ الأَصْل فِي الْعَطف، وَخُرُوج هَذَا عَن الأَصْل لَا يُوجب خُرُوج غَيره.
(ذكر الْغَرِيب:)

القضب: الرّطبَة، والغلب: الملتفة، وَالْأَب: المرعى، وَالله أعلم.

(2/599)


(بَاب من حلف لَا يكلم فلَانا شهرا)

وَكَانَ الْحلف مَعَ رُؤْيَة الْهلَال فَهُوَ على ذَلِك الشَّهْر كَامِلا كَانَ أَو نَاقِصا. وَإِن كَانَ حلف على بعض الشَّهْر فيمينه على ثَلَاثِينَ يَوْمًا، تمسكا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فصوموا وَإِذا غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ يَوْمًا ".
وروى الطَّحَاوِيّ: عَن أبي بشر الرقي عَن معَاذ بن معَاذ، عَن الْأَشْعَث، عَن الْحسن فِي رجل نذر أَن يَصُوم شهرا قَالَ: " إِن ابْتَدَأَ بِرُؤْيَة الْهلَال صَامَ بِرُؤْيَتِهِ، وَإِن ابْتَدَأَ فِي بعض الشَّهْر صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ".
(بَاب إِذا اسْتثْنى الْإِنْسَان فِي يَمِينه ثمَّ فعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ لم يَحْنَث)

التِّرْمِذِيّ: عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " من حلف / على يَمِين فَقَالَ: إِن شَاءَ الله فَلَا حنث عَلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: " رَوَاهُ عبيد الله (بن عمر عَن نَافِع عَن) ابْن عمر مَوْقُوفا،

(2/600)


وَرَوَاهُ سَالم عَن ابْن عمر مَوْقُوفا، وَمَا نعلم (أَن) أحدا رَفعه غير أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد أهل الْعلم أَن الِاسْتِثْنَاء إِذا كَانَ مَوْصُولا فَلَا حنث عَلَيْهِ ". وَلَا فرق بَين الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى أَو الطَّلَاق أَو الْعتاق عِنْد أَكثر أهل الْعلم.
وروى أَبُو دَاوُد: عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من حلف فاستثنى فَإِن شَاءَ رَجَعَ وَإِن شَاءَ ترك غير حنث ".
وَعنهُ: عَن ابْن عمر يبلغ بِهِ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " من حلف على يَمِين فَقَالَ إِن شَاءَ الله فقد اسْتثْنى ".
(بَاب من نذر أَن يذبح وَلَده وَجب عَلَيْهِ ذبح شَاة)

قَالَ الله تَعَالَى: {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك} ، قَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ رَحمَه الله: " وعَلى أَي وَجه ينْصَرف تَأْوِيل الْآيَة فقد تضمن الْأَمر بِذبح الْوَلَد إِيجَاب شَاة فِي الْعَاقِبَة "، فَلَمَّا صَار مُوجب هَذَا اللَّفْظ إِيجَاب شَاة فِي المتعقب فِي شَرِيعَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد أَمر الله باتباعه بقوله تَعَالَى: {ثمَّ أَوْحَينَا إِلَيْك أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} ، (فبهداهم اقتده} دلّ على أَن من نذر ذبح وَلَده فدَاه بِذبح شَاة. وَلَا

(2/601)


يجب على من نذر ذبح عَبده شَيْء، لِأَن (هَذَا) اللَّفْظ ظَاهره مَعْصِيّة، وَلم تثبت (فِي الشَّرْع) عبارَة عَن ذبح شَاة فَكَانَ مَعْصِيّة.
وروى أَبُو بكر الرَّازِيّ عَن يزِيد بن هَارُون، عَن يحيى بن سعيد، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، قَالَ: " كنت عِنْد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَجَاءَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: (إِنِّي) نذرت أَن أنحر وَلَدي، فَقَالَ: لَا تنحري ابْنك، وكفري (عَن) يَمِينك، فَقَالَ رجل عِنْد ابْن عَبَّاس: لَا وَفَاء لنذر فِي مَعْصِيّة. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَه، قَالَ الله تَعَالَى فِي الظِّهَار مَا سَمِعت وَأوجب فِيهِ مَا ذكره ".
(بَاب الْحِيلَة فِي دفع الْحِنْث)

قَالَ الله تَعَالَى: {وَخذ بِيَدِك ضغثا فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} ، وَهَذَا فِيهِ دلَالَة على جَوَاز الْحِيلَة فِي التَّوَصُّل إِلَى مَا يجوز فعله وَدفع الْمَكْرُوه بهَا عَن نَفسه، لِأَن الله تَعَالَى أمره بضربها بالضغث ليخرج بِهِ من الْيَمين، وَلَا يصل إِلَيْهَا ضَرَر. /
(ذكر الْغَرِيب:)

الضغث: قَبْضَة حشيش: مختلطة الرطب باليابس.
(بَاب)

إِذا قَالَ هُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ إِن فعل كَذَا وَكَذَا فَفعل ذَلِك الشَّيْء، قَالَ بعض أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : فِي ذَلِك كَفَّارَة يَمِين. وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأحمد وَإِسْحَاق رَحِمهم الله.

(2/602)


(بَاب لَا تُجزئ الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث)

أَبُو دَاوُد: عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ لي النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " يَا عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، إِذا حَلَفت على يَمِين فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا فَآت الَّذِي هُوَ خير وَكفر عَن يَمِينك ".
وَعَن أبي بردة عَن أَبِيه أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " إِنِّي وَالله إِن شَاءَ الله لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا كفرت عَن يَمِيني وأتيت الَّذِي هُوَ خير ". أَو قَالَ: " إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خير وكفرت عَن يَمِيني ".
(بَاب الْمِقْدَار الَّذِي يعْطى كل مِسْكين من الطَّعَام فِي الْكَفَّارَات نصف صَاع من بر)

لحَدِيث كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ مجمع على صِحَّته وَالْعَمَل بِهِ فِي

(2/603)


كَفَّارَة حلق الرَّأْس فِي الْإِحْرَام.
الطَّحَاوِيّ: عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: " نصف صَاع من حِنْطَة ". وَهَكَذَا نقُول (فِي كل طَعَام) فِي كَفَّارَة وَغَيرهَا هَذَا مِقْدَاره.
فَإِن قيل: فَمَا تَقول فِي حَدِيث المواقع فِي رَمَضَان: " فَأتي النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بمكتل فِيهِ قدر خَمْسَة عشر صَاعا فَقَالَ تصدق بِهِ ".
قيل لَهُ: يجوز أَن يكون النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لما علم حَاجته أعطَاهُ من التَّمْر مَا يَسْتَعِين بِهِ فِيمَا وَجب عَلَيْهِ، لَا على أَنه جَمِيع مَا وَجب عَلَيْهِ، كَالرّجلِ يشكو ضعف حَاله وَمَا عَلَيْهِ من الدّين فَتَقول: خُذ هَذِه الْعشْرَة دَرَاهِم فَاقْض بهَا دينك. لَيْسَ على أَنَّهَا تكون قَضَاء عَن جَمِيع دينه، وَلَكِن على أَنَّهَا تكون على قَضَاء مقدارها من دينه.
(بَاب من نذر أَن يُصَلِّي فِي مَكَان جَازَ لَهُ أَن يُصَلِّي فِي غَيره)

الطَّحَاوِيّ: عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ: " أَن رجلا قَالَ يَوْم فتح مَكَّة: يَا رَسُول الله إِنِّي نذرت إِن فتح الله عَلَيْك مَكَّة أَن أُصَلِّي فِي بَيت الْمُقَدّس، فَقَالَ

(2/604)


النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : صل هَهُنَا، فَأَعَادَهَا (على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، فَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : شَأْنك إِذا ".
وَمن طَرِيق أبي دَاوُد: / فَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَو صليت هَهُنَا لأجزأ عَنْك صَلَاة فِي بَيت الْمُقَدّس ".
فَإِن قيل: إِنَّمَا أجَاز النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، لِأَنَّهُ أفضل من (مَسْجِد) بَيت الْمُقَدّس، (وَنحن نجوز ذَلِك) لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام ".
قيل لَهُ: معنى ذَلِك نماؤها على الصَّلَوَات المكتوبات لَا على النَّوَافِل، أَلا ترى إِلَى قَوْله فِي حَدِيث عبد الله بن سعد: لِأَن أُصَلِّي (فِي بَيْتِي أحب إِلَيّ من أَن أُصَلِّي) فِي الْمَسْجِد ". وَقَوله فِي حَدِيث زيد بن ثَابت: " خير صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته إِلَّا الْمَكْتُوبَة ". وَذَلِكَ حِين أَرَادوا أَن يقوم بهم فِي شهر رَمَضَان فَثَبت بِمَا ذكرنَا صِحَة قَوْلنَا.

(2/605)


(بَاب فِيمَن نذر أَن يحجّ مَاشِيا)

(من نذر أَن يحجّ مَاشِيا) لَهُ أَن يركب إِن أحب، وَيهْدِي هَديا لترك الْمَشْي، وَيكفر عَن يَمِينه لحنثه.
التِّرْمِذِيّ: عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قلت يَا رَسُول الله إِن أُخْتِي نذرت أَن تمشي إِلَى الْبَيْت حافية غير مختمرة. فَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " إِن الله (لَا يصنع بشقاء) أختك شَيْئا، فلتركب، ولتختمر، ولتصم ثَلَاثَة أَيَّام ".
وَفِي بعض طرق هَذَا الحَدِيث: " ولتهد بَدَنَة "، وَفِي رِوَايَة: " ولتهد هَديا ". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد (بعض) أهل الْعلم وَهُوَ قَول أَحْمد (وَإِسْحَاق) رَضِي الله عَنْهُم، وَالله أعلم.
(بَاب الرجل ينذر نذرا وَهُوَ مُشْرك (ثمَّ يسلم))

صَحَّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ ".

(2/606)


قَالَ الطَّحَاوِيّ: رَحمَه الله: " فَلَمَّا كَانَ النّذر إِنَّمَا يجب إِذا كَانَ مِمَّا يتَقرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى، وَلَا يجب إِذا كَانَ مَعْصِيّة. وَكَانَ الْكَافِر إِذا قَالَ: لله عَليّ صِيَام أَو اعْتِكَاف، وَهُوَ لَو فعل ذَلِك لم يكن متقربا إِلَى الله تَعَالَى. وَهُوَ فِي وَقت مَا أوجبه إِنَّمَا قصد بِهِ (إِلَى ربه) الَّذِي كَانَ يعبده من دون الله عز وَجل، وَذَلِكَ مَعْصِيّة فَدخل فِي (قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله تَعَالَى ". و) قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: " أوف بِنَذْرِك " (لَيْسَ) من طَرِيق أَن ذَلِك وَاجِب عَلَيْهِ، وَلكنه قد كَانَ سمح فِي حَال مَا نَذره أَن يَفْعَله وَهُوَ مَعْصِيّة، فَأمره النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] / أَن يَفْعَله الْآن على أَنه طَاعَة، فَكَانَ مَا أمره بِهِ خلاف مَا أوجبه على نَفسه ".

(2/607)


فارغة

(2/608)