اللباب
في شرح الكتاب كتاب الشفعة.
- الشفعة واجبةٌ للخيط في نفس المبيع، ثم للخليط في حق المبيع، كالشرب
والطريق، ثم للجار، وليس للشريك في الطريق والشرب والجار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهكذا ذكر في الزيادات في عذر الدين، وقال في الجامع الصغير: وكل ما ذكرنا
أنه عذر فإن الإجارة فيه تنتقض، وهذا يدل على أنه لا يحتاج فيه إلى قضاء
القاضي، ومنهم من فرق فقال: إذا كان العذر ظاهراً لا يحتاج إلى القضاء
لظهور العذر، وإن كان غير ظاهر كالدين يحتاج إلى القضاء لظهور العذر (1) .
هداية.
(وكمن استأجر دابة ليسافر عليها ثم بدا له من السفر فهو عذر) ؛ لأنه لو مضى
على موجب العقد يلزمه ضرر زائد؛ لأنه ربما يريد الحج فيفوت وقته، أو طلب
غريم فيحضر، أو التجارة فيفتقر (وإن بدا للمكارى من السفر فليس ذلك بعذر) ؛
لأن خروجه غير مستحق عليه، ويمكنه أن يقعد ويبعث الدواب على يد أجيره، ولو
مرض المؤجر فقعد فكذا الجواب على رواية الأصل، وروى الكرخي أنه عذر؛ لأنه
لا يعرى عن ضرر؛ فيدفع عنه عند الضرورة دون الاختيار، هداية. قال في الدر:
وبالأول يفتي.
كتاب الشفعة
(الشفعة) لغةً: الضم، وشرعا: تملك العقار جبراً على المشتري بما قام عليه.
وهي (واجبة) أي ثابتة (للخليط) أي الشريك (في نفس المبيع ثم) إذا لم يكن،
أو كان وسلم - تثبت (للخليط في حق المبيع كالشرب) أي: النصيب من الماء
(والطريق) الخاصين (ثم) إذا لم يكونا، أو كانا وسلما - تثبت (للجار)
الملاصق، ولو بابه في سكة أخرى (وليس للشريك في الطريق والشرب والجار
_________
(1) أي لكي يظهر العذر
(2/106)
شفعةٌ مع الخليط، فإن سلم فالشفعة للشريك
في الطريق، فإن سلم أخذها الجار. والشفعة تجب بعقد البيع وتستقر بالإشهاد،
وتملك بالأخذ إذا سلمها المشتري أو حكم بها حاكمٌ، وإذا علم الشفيع بالبيع
أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شفعة مع الخليط) في نفس المبيع؛ لأن الاتصال بالشركة أقوى؛ لأنه في كل جزء
(فإن سلم) الخليط في نفس المبيع (فالشفعة للشريك في) حق الميع: من (الطريق)
والشرب، وليس للجار شفعة معه؛ لأنه شريك في المرافق (فإن سلم) الشريك في حق
المبيع (أخذها الجار) تقديماً للأخص فالأخص؛ قيدنا الشرب والطريق بالخاصين
لما في الهداية، ثم لابد أن يكون الطريق أو الشرب خاصا، حتى يستحق الشفعة
بالشركة؛ فالطريق الخاص: أن لا يكون نافذاً، والشرب الخاص: أن لا يكون تجري
فيه السفن، وما تجري فيه السفن فهو عام، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، وعن أبي
يوسف: الخاص أن يكون نهرا يسقي منه قراحان أو ثلاثة، وما زاد على ذلك فهو
عام، فإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها سكة غير نافذة وهي مستطيلة فبيعت
دار في السفلى فلأهلها الشفعة خاصة دون أهل العليا، وإن بيعت في العليا
فلأهل السكتين، ولو كان نهر صغير يأخذ منه نهر أصغر منه فهو على قياس
الطريق. اهـ. لكن قال شيخنا: وعامة المشايخ على أن الشركاء في النهر إن
كانوا يحصون فصغير، وإلا فكبير، كما في الكفاية.
(والشفعة تجب بعقد البيع) : أي بعده؛ لأنه هو السبب (وتستقر بالإشهاد)
ولابد من طلب المواثبة، لأنها حق ضعيف يبطل بالإعراض، ولابد من الإشهاد
والطلب، ليعلم بذلك رغبته فيه دون إعراضه عنه، ولأنه يحتاج إلى إثبات طلبه
عند القاضي، ولا يمكنه إلا بالإشهاد، هداية.
(وتملك بالأخذ إذا سلمها المشتري) بالتراضي (أو حكم بها حاكم) ، لأن الملك
للمشتري قد تم؛ فلا تنتقل إلى الشفيع إلا بالتراضي أو قضاء القاضي.
(وإذا علم الشفيع بالبيع) من المشتري أو رسوله أو عدلٍ أو عددٍ (أشهد في
مجلسه ذلك على المطالبة) وهو طلب المواثبة، والإشهاد فيه ليس بلازم؛ وإنما
هو لنفي
(2/107)
ثم ينهض منه فيشهد على البائع إن كان
المبيع في يده أو على المبتاع أو عند العقار، فإذا فعل ذلك استقرت شفعته
ولم تسقط بالتأخير عند أبي حنيفة، وقال محمدٌ: إن تركها شهراً بعد الإشهاد
بطلت شفعته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التجاحد، والتقييد بالمجلس إشارة إلى ما اختاره الكرخي، قال في الهداية:
اعلم أن الطلب على ثلاثة أوجه: طلب المواثبة، وهو أن يطلبها كما علم، حتى
لو بلغه البيع، ولم يطلب بطلت شفعته، حتى لو أخبر بكتاب والشفعة في أوله أو
في وسطه فقرأ الكتاب إلى آخره بطلت شفعته، وعلى هذا عامة المشايخ، وهو
رواية عن محمد، وعنه أن له مجلس العلم، والروايتان في النوادر، وبالثانية
أخذ الكرخي؛ لأنه لما ثبت له خيار التملك لابد من زمان التأمل كما في
المخيرة، اهـ. قال في الحقائق: والطلب على الفور، وهكذا روى عن أبي حنيفة،
وهو ظاهر المذهب، وهو الصحيح، تصحيح، لكن ظاهر المتون وكافي الحاكم أن له
مجلس العلم، ولذا قال في الإيضاح: إنه الأصح، فتنبه (ثم ينهض منه) : أي
مجلسه بعد طلب المواثبة (فيشهد على البائع إن كان المبيع في يده) : أي لم
يسلم إلى المشتري (أو) يشهد (على المبتاع) أي المشتري وإن لم يكن ذايد لأنه
مالك (أو عند العقار) ؛ لأن الحق متعلق به، قيد الشهادة على البائع بما إذا
كان العقار في يده لأنه إذا لم يكن ذايد لم يصح اشهاد عليه لخروجه عن أن
يكون خصما إذ لا يد له ولا ملك، فصار كالأجنبي. وصورة هذا الطلب أن يقول:
إن فلاناً اشترى هذه الدار وأنا شفيعها، وقد كنت طلبت الشفعة وأطلبها الآن،
فاشهدوا على ذلك (فإذا فعل ذلك) المذكور (استقرت شفعته ولم تسقط) بعده
(بالتأخير عند أبي حنيفة) وهو رواية عن أبي يوسف؛ لأن الحق متى ثبت واستقر
لا يسقط إلا بالإسقاط: وهو التصريح بلسانه كما في سائر الحقوق، وهو ظاهر
المذهب وعليه الفتوى، هداية. قال في العزمية: وقد رأيت فتوى المولى أبي
السعود على هذا القول (وقال محمد: إن تركها شهراً بعد الإشهاد) من غير عذر
(بطلت شفعته) ؛ لأنه لو لم تسقط بتأخير الخصومة أبداً يتضر به المشتري؛ لأن
لا يمكنه التصرف حذر نقضه من جهة الشفيع، فقدرناه بشهر؛ لأنه آجل وما دونه
عاجل. هداية. قال في التصحيح - بعدما نقل
(2/108)
والشفعة واجبةٌ في العقار، وإن كان مما لا
يقسم، ولا شفعة في العروض والسفن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عبارة الهداية من أن قول أبي حنيفة هو ظاهر المذهب وعليه الفتوى - قلت:
واعتمده النسفي كذلك، لكن صاحب الهداية خالف هذا في مختارات النوازل، فقال:
وعن محمد إذا تركها شهراً بعد الإشهاد بطلت شفعته، وهو قول زفر، والفتوى
على قوله، اهـ. قلت: وقد وقع نظير ذلك للحسام الشهيد فقال في الواقعات: لا
تبطل أبداً، وبه نأخذ، وقال في الصغرى: والفتوى اليوم على قولهما، فيحمل
على الرجوع إلى هذا، والله أعلم. ثم نقل الإفتاء به عن قاضيخان والذخيرة
وشيخ الإسلام والخلاصة والمحيط والاختيار والتتمة والتحفة والمحبوبي وصدر
الشريعة، اهـ. وفي الجوهرة: وقال في المستصفى: والفتوى على قول محمد، اهـ.
وفي الشرنبلالية عن البرهان: إنه أصح ما يفتى به، ثم قال: يعني به أصح من
تصحيح الهداية والكافي، وتمامه فيها، وعزاه في القهستاني إلى المشاهير
كالمحيط والخلاصة والمضمرات وغيرها، ثم قال: فقد أشكل ما في الهداية
والكافي. اهـ. وقال في شرح المجمع: وفي الجامع الخاني: والفتوى اليوم على
قول محمد؛ لتغير أحوال الناس في قصد الإضرار، اهـ وقد سمعت ما مر عن الحسام
الشهيد من قوله: والفتوى اليوم على قولهما، وقال العلامة قاسم: فيحمل على
الرجوع إلى هذا، وبه ظهر أن إفتاءهم بخلاف ظاهر الرواية لتغير الزمن فيترجح
على ظاهر الرواية؛ وإن كان مصححاً أيضا كما هو مقرر.
(والشفعة واجبة في العقار) وما في حكمه كالعلو وإن لم يكن طريقه في السفل؛
لأنه التحق بالعقار بماله من حق. درر (وإن كان) العقار (مما لا يقسم) لوجود
سببها، وهو الاتصال في الملك، والحكمة دفع ضرر سوء الجوار، وهو ينتظم
القسمين (ولا شفعة في) المنقول مثل (العروض والسفن) ؛ لأنها إنما وجبت لدفع
ضرر سوء الجوار، وهو على الدوام، والملك المنقول لا يدوم حسب دوامه في
العقار، فلا يلحق به. هداية، ثم قال: وفي بعض نسخ الختصر "ولا شفعة في
البناء، والنخل إذا بيعت دون العرصة" وهو صحيح مذكور في الأصل، لأنه لا
قرار له فكان نقليا، وهذا بخلاف العلو، حيث يستحق
(2/109)
والمسلم والذمي في الشفعة سواءٌ، وإذا ملك
العقار بعوضٍ هو مالٌ وجبت فيه الشفعة، ولا شفعة في الدار التي يتزوج الرجل
عليها أو يخالع المرأة بها أو يستأجر بها داراً أو يصالح بها عن دم عمدٍ أو
يعتق عليها عبدا أو يصالح عنها بإنكارٍ أو سكوت، فإن صالح عنها بإقرار وجبت
فيها الشفعة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالشفعة، ويستحق به الشفعة في السفل إذا لم يكن طريق العلو فيه، لأنه بما
له من حق القرار التحق بالعقار. اهـ. قيدنا إذا لم يكن طريق العلو فيه لأنه
إذا كان طريق العلو فيه يكون شريكا في الطريق.
(والمسلم والذمي في) استحقاق (الشفعة سواء) ؛ لأنهما مستويان في السبب
والحكمة؛ فيستويان في الاستحقاق.
(وإذا ملك العقار بعوض هو مال وجبت فيه الشفعة) لأنه أمكن مراعاة شرط الشرع
فيه، وهو التملك بمثل ما تملك المشتري صورة أو قيمة، هداية. وعبر بالملك
دون البيع ليعم الهبة بشرط العوض لأنها مبادلة مال بمال، ولما كان التعبير
بالملك يعم الأعواض المالية وغيرها احترز عن الأعواض التي ليست بمال فقال:
(ولا شفعة في الدار) (التي يتزوج الرجل عليها، أو) الدار التي (يخالع
المرأة بها، أو يستأجر بها داراً) أو غيرها (ويصالح بها عن دم عمد، أو يعتق
عليها عبداً) ؛ لأن الشفعة إنما تجب في مبادلة المال بالمال، وهذه الأعواض
ليست بمال؛ فإيجاب الشفعة فيها خلاف المشروع وقلب الموضوع، قيد الصلح عن
الدم بالعمد لأن الخطأ عوضه مال فتجب فيه الشفعة (أو يصالح عليها بإنكار أو
سكوت) قال في الهداية: هكذا ذكر في أكثر نسخ المختصر، والصحيح "عنها" مكان
"عليها" لأنه إذا صالح عنها بإنكار يزعم أنها لم تزل عن ملكه وإنما افتدى
يمينه (فإن صالح عنها بإقرار وجبت فيها الشفعة) ؛ لأنه معترف بالملك للمدعى
وإنما استفاده بالصلح، وهو مبادلة مالية، أما إذا صالح عليها بإقرار أو
(2/110)
وإذا تقدم الشفيع إلى القاضي فأدعى الشراء
وطلب الشفعة سأل القاضي المدعى عليه، فإن اعترف بملكه الذي يشفع به، وإلا
كلفه إقامة البينة، فإن عجز عن البينة استحلف المشتري بالله ما نعلم أنه
مالكٌ للذي ذكره مما يشفع به، فإن نكل أو قامت للشفيع بينةٌ سأله القاضي:
هل ابتاع أم لا؟ فإن أنكر الابتياع قيل للشفيع: أقم البينة، فإن عجز عنها
استحلف المشتري بالله ما ابتاع أو بالله ما يستحق علي في هذه الدار شفعةً
من الوجه الذي ذكره،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سكوت أو إنكار وجبت الشفعة في جميع ذلك؛ لأنه أخذها عوضاً عن حقه في زعمه
إذا لم يكن من جنسه؛ فيعامل بزعمه، هداية.
(وإذا تقدم الشفيع إلى القاضي) ليأخذ بالشفعة (فادعى الشراء) للدار
المشفوعة (وطلب الشفعة) أي: أخذها بالشفعة (سأل القاضي المدعى عليه) عن
مالكية الشفيع لما يشفع به (فإن اعترف بملكه الذي يشفع به) فبها (وإلا) أي:
وإن لم يعترف له بملكه الذي يشفع به (كلفه) القاضي (إقامة البينة على ملكه)
؛ لأن ظاهر اليد لا يكفي لإثبات الاستحقاق (فإن عجز عن البينة استحلف
المشتري بالله ما تعلم أنه مالك للذي ذكره مما يشفع به) ؛ لأنه ادعى عليه
معنى لو أقر به لزمه، ثم هو استحلاف على ما في يد غيره فيحلف على العلم.
هداية.
(فإن نكل) المشتري عن اليمين (أو قامت للشفيع بينة) ثبت ملكه في الدار التي
يشفع بها، وثبت حق الشفعة؛ فبعد ذلك (سأله القاضي) أي: سأل المدعى عليه
أيضاً (هل ابتاع) أي: هل اشترى الدار المشفوعة (أم لا؟ فإن) أقر فبها، وإن
(أنكر الابتياع قيل للشفيع: أقم البينة) على شرائه؛ لأن الشفعة لا تثبت إلا
بعد ثبوت البيع، وثبوته بالحجة (فإن عجز عنها استحلف المشتري بالله ما
ابتاع هذه الدار، أو بالله ما يستحق علي في هذه الدار شفعة من الوجه الذي
ذكره) فيحلف على البتات؛ لأنه استحلاف على فعل نفسه وما في يده أصالة، وفي
مثله يحلف على البتات، هداية. فإن نكل عن اليمين أو أقر وبرهن الشفيع قضى
(2/111)
وتجوز المنازعة في الشفعة، وإن لم يحضر
الشفيع الثمن إلى مجلس القاضي، فإذا قضى القاضي له بالشفعة لزمه إحضار
الثمن، وللشفيع أن يرد الدار بخيار العيب والرؤية، فإن أحضر الشفيع البائع
والمبيع في يده فله أن يخاصمه في الشفعة، ولا يسمع القاضي البينة حتى يحضر
المشتري، فيفسخ البيع بمشهدٍ منه، ويقضي بالشفعة على البائع، ويجعل العهدة
عليه، وإذا ترك الشفيع الإشهاد حين علم وهو يقدر على ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالشفعة إن لم ينكر المشتري طلب الشفيع الشفعة؛ فإن أنكر فالقول له بيمينه
در عن ابن الكمال.
(وتجوز المنازعة في الشفعة وإن لم يحضر الشفيع الثمن إلى مجلس القاضي) ؛
لأنه لا ثمن له عليه قبل القضاء، ولهذا لا يشترط تسليمه؛ فكذا لا يشترط
إحضاره (وإذا قضى القاضي له بالشفعة لزمه إحضار الثمن) هذا ظاهر رواية
الأصل، وعن محمد أنه لا يقضي حتى يحضر الشفيع الثمن، وهو رواية الحسن عن
أبي حنيفة. هداية. قال في التصحيح: واعتمد ظاهر الرواية المصنفون، واختاروه
للفتوى.
(وللشفيع أن يرد الدار) المأخوذة بالشفعة (بخيار العيب، و) خيار (الرؤية)
لأن الأخذ بالشفعة بمنزلة الشراء؛ فيثبت فيها الخياران كما في الشراء.
(وإن أحضر الشفيع البائع والمبيع في يده) لم يسلمه للمشتري (فله) : أي
الشفيع (أن يخاصمه) : أي البائع (في الشفعة) لأن اليد له (و) لكن (لا يسمع
القاضي البينة حتى يحضر المشتري فيفسخ البيع بمشهد منه) أي: المشتري، لأنه
المالك (ويقضي بالشفعة على البائع) حتى يجب عليه تسليم الدار (ويجعل العهدة
عليه) أي: على البائع، عند الاستحقاق، وهذا بخلاف ما إذا قبض المشتري
المبيع فأخذه الشفيع من يده، حيث تكون العهدة عليه، لأنه تم ملكه بالقبض.
هداية.
(وإذا ترك الشفيع الإشهاد حين علم) بالبيع (وهو يقدر على ذلك) الإشهاد،
(2/112)
بطلت شفعته، وكذلك إن أشهد في المجلس ولم
يشهد على أحد المتبايعين ولا عند العقار، وإن صالح من شفعته على عوض أخذه
بطلت شفعته، وبرد العوض، وإذا مات الشفيع بطلت شفعته، وإن مات المشتري لم
تسقط، وإن باع الشفيع ما يشفع به قبل أن يقضى له بالشفعة بطلت شفعته، ووكيل
البائع إذا باع وكان هو الشفيع فلا شفعة له، وكذلك إن ضمن الدرك عن البائع
الشفيع، ووكيل المشتري إذا ابتاع فله الشفعة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف ما إذا أخذ على فمه أو كان في صلاة (بطلت شفعته) لإعراضه عن الطلب،
وهو إنما يتحقق حالة الاختيار، وهو عند القدرة (وكذلك إن أشهد في المجلس
ولم يشهد على أحد المتبايعين ولا عند العقار) كما مر (وإن صالح من) حق
(شفعته على عوض أخذه) أو باعه إياه (بطلت الشفعة) لوجود الإعراض (ويرد
العوض) ؛ لبطلان الصلح والبيع؛ لأنها مجرد حق التملك فلا يصح الاعتياض عنه؛
لأنه رشوة.
(وإذا مات الشفيع) بعد بيع المشفوع وقبل القضاء بالشفعة (بطلت شفعته) ، لأن
بالموت يزول ملكه عن داره، ويثبت الملك للوارث بعد البيع، وقيام الملك من
وقت البيع إلى وقت القضاء شرط فتبطل بدونه، قيدنا موتع بما بعد البيع وقبل
القضاء لأن البيع إذا كان بعد الموت ثبتت الشفعة للوارث ابتداء، وإن كان
الموت بعد القضاء ولو قبل نقد الثمن فالبيع لازم للورثة (وإن مات المشتري
لم تسقط) الشفعة، لأن الحق لا يبطل بموت من عليه كالأجل (فإن باع الشفيع
ما) أي ملكه الذي (يشفع به) من غير خيار له (قبل أن يقضى له بالشفعة بطلت
شفعته) ، لأن سبب الأخذ بها - وهو الجوار - قد زال.
قيدنا بعدم الخيار له لأنه لو باع بشرط الخيار له لا تبطل؛ لبقاء السبب
(ووكيل البائع إذا باع وكان هو الشفيع فلا شفعة له، وكذلك إن ضمن الدرك عن
البائع الشفيع) ؛ لأنه يسعى في نقض ما تم من جهته (ووكيل المشتري إذا
ابتاع) أي: اشترى لموكله (فله الشفعة) ، لأنه لا ينتقض شراؤه بالأخذ بها،
لأنها مثل الشراء
(2/113)
ومن باع بشرط الخيار فلا شفعة للشفيع، فإن
أسقط الخيار وجبت الشفعة، ومن اشترى بشرط الخيار وجبت الشفعة، ومن ابتاع
داراً شراءً فاسداً فلا شفعة فيها، فإن سقط الفسخ وجبت الشفعة، وإذا اشترى
ذميٌ داراً بخمرٍ أو خنزيرٍ وشفيعها ذميٌ أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير،
وإن كان شفيعها مسلماً أخذها بقيمة الخمر والخنزير، ولا شفعة في الهبة إلا
أن تكون بعوضٍ مشروطٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ومن باع بشرط الخيار) له) فلا شفعة للشفيع؛ لأنه يمنع زوال الملك (فإن
أسقط) البائع (الخيار وجبت الشفعة) ؛ لزوال المانع عن الزوال، ويشترط الطلب
عند سقوط الخيار في الصحيح؛ لأن البيع يصير سببا لزوال الملك عند ذلك،
هداية (ومن اشترى بشرط الخيار) له (وجبت الشفعة) ؛ لأنه لا يمنع زوال الملك
عن البائع بالاتفاق، والشفعة تبتنى عليه كما مر.
(ومن ابتاع) أي: اشترى (داراً شراء فاسداً فلا شفعة فيها) أما قبل القبض
فلعدم زوال ملك البائع، وبعد القبض لاحتمال الفسخ، وحق الفسخ ثابت بالشرع
لدفع الفساد، وفي إثبات حق الشفعة تقرير الفساد، فلا يجوز (فإن سقط الفسخ)
بوجه من الوجوه (وجبت الشفعة) لزوال المانع.
(وإذا اشترى ذمي) من ذمي (داراً بخمر أو خنزير وشفيعها ذمي أخذها الشفيع
بمثل الخمر وقيمة الخنزير) ؛ لصحة هذا البيع فيما بينهم، وحق الشفعة يضم
المسلم والذمي، والخمر لهم كالخل لنا، والخنزير كالشاة، قيدنا الشراء بكونه
من ذمي لأنه لو كان من مسلم كان البيع فاسداً، فلا تثبت به الشفعة (وإن كان
شفيعها مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير) أما الخنزير فظاهر، أما الخمر
فلمنع المسلم عن التصرف فيه، فالتحق بغير المثلي.
(ولا شفعة في الهبة) ؛ لأنها ليست بمعاوضة مالٍ بمالٍ (إلا أن تكون بعوض
مشروط) ؛ لأنه بيع انتهاء، ولابد من القبض من الجانبين، وأن لا يكون
الموهوب ولا عوضه شائعاً؛ لأنه هبة ابتداء كما سيجئ
(2/114)
وإذا اختلف الشفيع والمشتري في الثمن
فالقول قول المشتري، فإن أقاما البينة فالبينة بينة الشفيع عند أبي حنيفة
ومحمدٍ، وإذا ادعى المشتري ثمناً أكثر وادعى البائع أقل منه ولم يقبض الثمن
أخذها الشفيع بما قال البائع، وكان ذلك حطاً عن المشتري. وإن كان قبض الثمن
أخذها بما قال المشتري، ولم يلتفت إلى قول البائع، وإذا حط البائع عن
المشتري بعض الثمن سقط ذلك عن الشفيع، وإن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا اختلف الشفيع والمشتري في) مقدار (الثمن فالقول قول المشتري) ، لأن
الشفيع يدعي استحقاق الدار عليه عند نقد الأهل، والمشتري ينكر، والقول قول
المنكر مع يمينه، ثم الشفيع بالخيار: إن شاء أخذ بما قال المشتري، وإن شاء
ترك، وهذا إذا لم تقم للشفيع بينة، فإن أقام بينة قضي له بها (فإن أقاما)
أي: كل من الشفيع والمشتري (البينة) على دعواه (فالبينة) المقبولة (بينة
الشفيع) أيضاً (عند أبي حنيفة ومحمد) لأن بينته ملزمة، وبينة المشتري غير
ملزمة، والبينات للإلزام، وقال أبو يوسف: البينة للمشتري، لأنها أكثر
إثباتا، قال في التصحيح: ورجح دليلهما في الشروح، واعتمده المحبوبي والنسفي
وأبو الفضل الموصلي وصدر الشريعة (وإذا ادعى المشتري ثمناً أكثر وادعى
البائع) ثمنا (أقل منه) أي من الثمن الذي ادعاه المشتري (و) كان البائع (لم
يقبض الثمن أخذها الشفيع بما قال البائع) لأن القول قوله في مقدار الثمن ما
بقيت مطالبته (وكان ذلك حطا عن المشتري) وهو يظهر في حق الشفيع كما يأتي
قريباً (وإن كان) البائع (قبض الثمن أخذها) الشفيع (بما قال المشتري) أو
ترك (ولم يلتفت إلى قول البائع) ؛ لأنه لما استوفى الثمن انتهى حكم العقد
وخرج هو من البين، وصار كالأجنبي، وبقي الاختلاف بين الشفيع والمشتري، وقد
مر (وإذا حط البائع عن المشتري بعض الثمن سقط ذلك) المحطوط (عن الشفيع) ؛
لأن حط البعض يلتحق بأصل العقد فيظهر في حق الشفيع، لأن الثمن ما بقي، وكذا
إذا حط بعد ما أخذها الشفيع بالثمن يحط عن الشفيع حتى يرجع عليه بذلك
القدر. هداية (وإن
(2/115)
حط جميع الثمن لم يسقط عن الشفيع،
وإذا زاد المشتري البائع في الثمن لم تلزم الزيادة الشفيع، وإذا اجتمع
الشفعاء فالشفعة بينهم على عدد رؤوسهم، ولا يعتبر اختلاف الأملاك، ومن
اشترى داراً بعوضٍ أخذها الشفيع بقيمته، وإن اشتراها بمكيلٍ أو موزونٍ
أخذها بمثله، وإذا باع عقاراً بعقارٍ أخذ الشفيع كل واحدٍ منهما بقيمة
الآخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حط) البائع عن المشتري (جميع الثمن لم يسقط عن الشفيع) منه شيء؛ لأن حط
الكل لا يلتحق بأصل العقد؛ لعدم بقاء ما يكون ثمناً كما مر في البيع.
(وإذا زاد المشتري البائع في الثمن لم تلزم) تلك (الزيادة الشفيع) لأن في
اعتبار الزيادة ضرراً بالشفيع، لاستحقاقه الأخذ بما دونها، بخلاف الحط؛ لأن
فيه منفعة له، ونظير الزيادة إذا جدد العقد بأكثر من الثمن الأول لم يلزم
الشفيع، حتى كان له أن يأخذها بالثمن الأول. هداية.
(وإذا اجتمع الشفعاء) وتساووا في سبب الاستحقاق (فالشفعة بينهم على عدد
رؤوسهم) ؛ لاستوائهم في سبب الاستحقاق فيستوون في الاستحقاق، ولذا لو انفرد
واحد منهم استحق كل الشفعة (ولا يعتبر اختلاف الأملاك) لزيادة والنقصان،
ولو أسقط البعض حقه - ولو للبعض - فهي للباقين، ولو كان البعض غائبا يقضي
بها بين الحضور؛ لأن الغائب لعله لا يطلب؛ وإن قضى للحاضر ثم حضر الغائب
يقضي له باستحقاقه، فلو سلم الحاضر بعد ما قضي له بالجميع لا يأخذ القادم
إلا النصف؛ لأن قضاء القاضي بالكل للحاضر قطع حق الغائب عن النصف، بخلاف ما
قبل القضاء. هداية.
(ومن اشترى دارا بعرض) أي بشيء من ذوات القيم (أخذها الشفيع بقيمته) لأنه
من ذوات القيم (وإن اشتراها بمكيل أو موزون) أو عددي متقارب (أخذها بمثله)
لأنه من ذوات الأمثال (وإن باع عقارا بعقار) وكان شفيعهما واحداً (أخذ
الشفيع كل واحد منهما) أي العقارين (بقيمة الآخر) لأنه بدله، وهو من ذوات
القيم، فيأخذه بقيمته، وإن اختلف شفيعهما يأخذ شفيع كل منهما ماله فيه
الشفعة بقيمة الآخر
(2/116)
وإذا بلغ الشفيع أنها بيعت بألفٍ فسلم ثم
علم أنها بيعت بأقل أو بحنطةٍ أو شعيرٍ قيمتها ألفٌ أو أكثر فتسليمه باطلٌ
وله الشفعة، وإن بان أنها بيعت بدنانير قيمتها ألفٌ فلا شفعة له، وإذا قيل
له إن المشتري فلانٌ فسلم الشفعة ثم علم أنه غيره فله الشفعة، ومن اشترى
داراً لغيره فهو الخصم في الشفعة، إلا أن يسلمها إلى الموكل، وإذا باع
داراً إلا مقدار ذراع في طول الحد الذي بلى الشفيع فلا شفعة له، وإن ابتاع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا بلغ الشفيع أنها) : أي الدار (بيعت بألف) مثلا (فسلم ثم علم أنها
بيعت بأقل) مما بلغه (أو بحنطة أو شعير) أو نحوهما من المثليات ولو
(قيمتها) أي: الحنطة أو الشعير (ألف أو أكثر فتسليمه باطل، وله الشفعة) ،
لأنه إنما سلم لاستكثار الثمن أو لتعذر الجنس الذي بلغه، بخلاف ما إذا علم
أنها بيعت بعرض قيمته ألف أو أكثر، لأن الواجب فيه القيمة وهي دراهم أو
دنانير. هداية (وإن بان أنها بيعت بدنانير قيمتها ألف) أو أكثر (فلا شفعة
له) ، لأن الجنس متحد في حق الثمنية (وإذا قيل له إن المشتري فلان، فسلم،
ثم علم أنه غيره فله الشفعة) لتفاوت الجوار، ولو علم أن المشتري هو مع غيره
فله أن يأخذ نصيب غيره، لأن التسليم لم يوجد في حقه، ولو بلغه شراء النصف
فسلم ثم ظهر شراء الجميع فله الشفعة، لأن التسليم لضرر الشركة، ولا شركة،
وفي عكسه لا شفعة في ظاهر الرواية، لأن التسليم في الكل تسليم في أبعاضه.
هداية.
(ومن اشترى داراً لغيره فهو الخصم) للشفيع (في الشفعة) لأنه هو العاقد،
والأخذ بالشفعة من حقوق العقد فيتوجه عليه (إلا أن يسلمها إلى الموكل) ؛
لأنه لم يبق له يد ولا ملك؛ فيكون الخصم هو الموكل.
(وإذا باع داراً إلا مقدار ذراع) مثلا (في طول الحد الذي يلي الشفيع فلا
شفعة له) في المبيع، لانقطاع الجوار، وهذه حيلة، وكذا قوله (وإن ابتاع)
(2/117)
منها سهماً بثمنٍ ثم ابتاع بقيتها فالشفعة
للجار في السهم الأول دون الثاني، وإذا ابتاعها بثمنٍ ثم دفع إليه ثوباً
عنه فالشفعة بالثمن دون الثوب، ولا تكره الحيلة في إسقاط الشفعة عند أبي
يوسف، وتكره عند محمدٍ، وإذا بنى المشتري أو غرس ثم قضى للشفيع بالشفعة فهو
بالخيار: إن شاء أخذها بالثمن وقيمة البناء والغرس مقلوعاً، وإن شاء كلف
المشتري قلعه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: اشترى (منها شهماً بثمن، ثم ابتاع بقيتها فالشفعة للجار في السهم
الأول) فقط (دون الثاني) ، لأن المشتري صار شريكا في السهم الثاني، فكان
أولى من الجار، وكذا قوله.
(وإذا ابتاعها بثمن) ضعف قيمتها مثلا (ثم دفع إليه ثوباً) عوضاً (عنه) بقدر
قيمتها (فالشفعة) تكون (بالثمن) المسمى في البيع (دون الثوب) المدفوع عوضاً
عنه، لأنه عقد آخر. قال في الهداية: وهذه الحيلة تعم الجوار والشركة؛ فيباع
بأضعاف قيمته ويعطى بها ثوب بقدر قيمته، إلا أنه إذ استحقت المشفوعة يبقى
كل الثمن على مشتري الثوب، لقيام البيع الثاني فيتضرر به، والأوجه أن يباع
بالدراهم الثمن دينارٌ حتى إذا استحق المشفوع يبطل الصرف، فيجب الدينار لا
غير. اهـ.
(ولا تكره الحيلة في إسقاط الشفعة) قبل ثبوتها (عند أبي يوسف) ؛ لأنها منع
عن إثبات الحق فلا يعد ضرراً، وقيده في السراجية بما إذا كان الجار غير
محتاج إليه (وتكره عند محمد) ؛ لأنها إنما وجبت لدفع الضرر، ولو أبحنا
الحيلة ما دفعناه. وقيدنا بما قبل ثبوتها لأنه بعد ثبوتها مكروه اتفاقا كما
في الواقعات وفي التصحيح: قيل الاختلاف قبل البيع، أما بعده فهو مكروه
بالإجماع، وظاهر الهداية اختيار قول أبي يوسف، وقد صرح به قاضيخان، فقال:
والمشايخ في حيلة الاستبراء والزكاة بقول محمد، وفي الشفعة بقول أبي يوسف،
اهـ.
(وإذا بنى المشتري) فيما اشتراه (أو غرس، ثم قضى للشفيع بالشفعة فهو) أي
الشفيع (بالخيار: إن شاء أخذها بالثمن وقيمة البناء والغرس مقلوعاً) أي
مستحق القلع (وإن شاء كلف المشتري قلعه) لأنه وضعه في محل تعلق به حق
(2/118)
وإذا أخذها الشفيع فبنى أو غرس ثم استحقت
رجع بالثمن ولا يرجع بقيمة البناء والغرس، وإذا انهدمت الدار أو احترق
بناؤها أو جف شجر البستان بغير فعل أحدٍ، فالشفيع بالخيار: إن شاء أخذها
بجميع الثمن، وإن شاء ترك، وإن نقض المشتري البناء قيل للشفيع: إن شئت فخذ
العرصة بحصتها، وإن شئت فدع، وليس له أن يأخذ النقض، ومن ابتاع أرضاً وعلى
نخلها ثمرٌ أخذها الشفيع بثمرها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
متأكد للغير من غير تسليط من جهته (وإذا أخذها الشفيع) بالشفعة (فبنى) بها
(أو غرس ثم استحقت رجع) الشفيع على المشتري إن أخذ منه أو البائع على ما مر
(بالثمن) لأنه تبين أنه أخذه بغير حق (ولا يرجع بقيمة البناء والغرس) على
أحد، بخلاف المشتري، فإنه مغرور من جهة البائع ومسلط عليه، ولا غرر ولا
تسليط في حق الشفيع من المشتري، لأنه مجبور عليه. هداية (وإذا انهدمت
الدار) في يد المشتري (أو احترق بناؤها أو جف شجر البستان) وكان ذلك (بغير
فعل أحد فالشفيع بالخيار: إن شاء أخذها بجميع الثمن) ، لأن البناء والغرس
تابع حتى دخلا في البيع من غير ذكر فلا يقابلهما شيء من الثمن، ما لم يصر
مقصوداً، ولهذا يبيعها مرابحة بكل الثمن في هذه الصورة، بخلاف ما إذا غرق
نصف الأرض حيث يأخذ الباقي بحصته، لأن الفائت بعض الأصل. هداية (وإن شاء
ترك) لأن له أن يمتنع عن التملك (وإن نقض المشتري البناء قيل للشفيع) : أنت
بالخيار (إن شئت فخذ العرصة) أي أرض الدار (بحصتها) من الثمن (وإن شئت فدع)
، لأنه صار مفصولا بالإتلاف فيقابلها شيء من الثمن، بخلاف الأول، لأن
الهلاك بآفة سماوية (وليس له) أي الشفيع (أن يأخذ النقض) بالكسر - أي
المنقوض، لأنه صار مفصولا فلم يبق تبعاً (ومن ابتاع) أي اشترى (أرضا وعلى
نخلها ثمر أخذها الشفيع بثمرها) قال في الهداية: ومعناه إذا ذكر الثمن في
البيع، لأنه لا يدخل من غير ذكر، وهذا الذي ذكره استحسان، وفي القياس لا
يأخذه، لأنه ليس بتبع، ألا يرى أنه لا يدخل في البيع من غير ذكر؛ فأشبه
المتاع في الدار، وجه
(2/119)
فإن أخذه المشتري سقط عن الشفيع حصته، وإذا
قضى للشفيع بالدار وإن لم يكن رآها فله خيار الرؤية، وإن وجد بها عيباً فله
أن يردها به وإن كان المشتري شرط البراءة منه، وإذا ابتاع بثمنٍ مؤجلٍ
فالشفيع بالخيار: إن شاء أخذها بثمنٍ حال، وإن شاء صبر حتى ينقضي الأجل ثم
يأخذها، وإذا قسم الشركاء العقار فلا شفعة لجارهم بالقسمة، وإذا اشترى
داراً فسلم الشفيع الشفعة ثم ردها المشتري بخيار رؤيةٍ أو شرطٍ أو عيبٍ
بقضاء قاضٍ فلا شفعة للشفيع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الاستحسان أنه باعتبار الاتصال صار تبعاً للعقار كالبناء في الدار، وما كان
مركباً فيه، فيأخذه الشفيع، اهـ (فإن أخذه المشتري سقط عن الشفيع حصته)
لدخوله في البيع مقصوداً (وإذا قضى للشفيع بالدار ولم يكن رآها) قبل (فله
خيار الرؤية) وإن كان المشتري قد رآها (و) كذا (إن وجد بها عيبا) لم يطلع
عليه فله أن يردها به (وإن كان المشتري شرط البراءة منه) لأن الأخذ بالشفعة
بمنزلة الشراء، فيثبت به الخياران كما في الشراء، ولا يسقط بشرط البراءة من
المشتري، ولا برؤيته، لأنه ليس بنائب عنه، فلا يملك إسقاطه، هداية.
(وإذا ابتاع) المشتري (بثمن مؤجل فالشفيع بالخيار: إن شاء أخذها بثمن حال،
وإن شاء صبر) عن الأخذ بعد استقرارها بالإشهاد (حتى ينقضي الأجل ثم يأخذها)
وليس له أن يأخذها في الحال بثمن مؤجل، لأنه إنما يثبت بالشرط ولا شرط منه،
وليس الرضا به في حق المشتري رضاء به في حق الشفيع، لتفاوت الناس (وإذا
اقتسم الشركاء العقار) المشترك بينهم (فلا شفعة لجارهم بالقسمة) ، لأنها
ليست بمعاوضة مطلقاً، ولأن الشريك أولى من الجار (وإذا اشترى داراً فسلم
الشفيع الشفعة ثم ردها المشتري بخيار رؤية أو) بخيار (شرط) مطلقاً خلافا
لما في الدرر (أو عيب بقضاء قاض، فلا شفعة للشفيع) لأنه فسخ من كل وجه فعاد
لقديم ملكه، والشفعة في إنشاء العقد، ولا فرق في هذا بين القبض وعدمه
(2/120)
وإن ردها بغير قضاء أو تقايلا فللشفيع الشفعة. |