اللباب
في شرح الكتاب كتاب الوكالة.
- كل عقدٍ جاز أن يعقده الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره، ويجوز التوكيل
بالخصومة في سائر الحقوق، وبإثباتها، ويجوز التوكيل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضرورياتها، والتزويج ليس كذلك، وقاس أبو يوسف تزويج الأمة على إجارتها لأنه
من باب الاكتساب؛ لأنه يستفيد به لمهر وسقوط النفقة، قال في التصحيح:
والمعتمد قولهما عند الكل، كما اعتمده المحبوبي والنسفي والموصلي وغيرهم.
اهـ.
تتمة - إذا عمل المضارب في المصر فنفقته في ماله، وإن سافر فطعامه وشرابه
وكسوته وركوبه في مال المضاربة، هداية.
كتاب الوكالة
وجه المناسبة بينها وبين المضاربة ظاهر؛ لأن الوكالة من أحكامها.
وهي لغة: اسم من التوكيل، وهو التفويض. وشرعاً: إقامة الغير مقام نفسه في
تصرف معلوم، جوهرة. (1)
وقد صدر المصنف بضابط ما يصح فيه التوكيل؛ فقال: (كل عقد جاز أن يعقده
الإنسان بنفسه جاز أن يوكل به غيره) لأنه ربما يعجز عن المباشرة بنفسه على
اعتبار بعض الأحوال؛ فيحتاج أن يوكل غيره؛ فيكون بسبيل منه دفعاً لحاجته
(ويجوز التوكيل بالخصومة) من غير استيفاء (في سائر الحقوق، و) كذا
(بإثباتها) أي: إثبات سائر الحقوق، تمكينا له من استيفاء حقوقه، قال
الإسبيجاني: وهذا قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: لا يجوز في إثبات الحد
والقصاص والخصومة فيه، وقول محمد مضطرب والأظهر أنه مع أبي حنيفة، والصحيح
قولهما، تصحيح (ويجوز التوكيل) أيضا
_________
(1) الذي ذكره صاحب الجوهرة من معاني الوكالة اللغوية الحفظ، لا التفويض
الذي ذكره الشارح، قال: (الوكالة في اللغة هي الحفظ، ومنه قولهم: {حسبنا
الله ونعم الوكيل} ) أي: نعم الحافظ) اهـ. والذي نقله الشارح عنه هو المعنى
الشرعي
(2/138)
بالاستيفاء إلا في الحدود والقصاص فإن
الوكالة لا تصح باستيفائهما مع غيبة الموكل عن المجلس، وقال أبو حنيفة: لا
يجوز التوكيل بالخصومة إلا برضا الخصم، إلا أن يكون الموكل مريضاً أو
غائباً مسيرة ثلاثة أيامٍ فصاعداً. وقال أبو يوسف ومحمدٌ: يجوز التوكيل
بغير رضا الخصم.
ومن شرط الوكالة: أن يكون الموكل ممن يملك التصرف وتلزمه الأحكام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(بالاستيفاء) والإيفاء لسائر الحقوق (إلا في الحدود والقصاص؛ فإن الوكالة
لا تصح باستيفائهما مع غيبة الموكل عن المجلس) ؛ لأنها تندرئ بالشبهات،
وشبهة العفو ثابتة حال غيبته، بخلاف حالة الحضرة لانتفاء الشبهة (وقال أبو
حنيفة لا يجوز) : أي لا يلزم (التوكيل بالخصومة) سواء كان من قبل الطالب أو
المطلوب (إلا برضا الخصم) ويستوي فيه الشريف والوضيع، والرجل والمرأة،
والبكر والثيب (إلا أن يكون الموكل مريضاً) لا يمكنه حضور مجلس الحكم
بقدميه، ابن كمال (أو غائباً مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً) أو مريداً سفرا، أو
مخدرة لم تجر عادتها بالبروز وحضور مجلس الحكم. هداية. قال في التصحيح:
واختار قوله المحبوبي والنسفي وصدر الشريعة وأبو الفضل الموصلي، ورجح دليله
في كل صنف. اهـ (وقالا: يجوز التوكيل بغير رضا الخصم) وبه أخذ أبو القاسم
الصفار وأبو الليث، وفي فتاوى العتابي أنه المختار، وفي مختارات النوازل
لصاحب الهداية: والمختار في هذه المسألة أن القاضي إذا علم التعنت من الآبى
يقبل توكيله من غير رضاه، وإذا علم أن الموكل قصد إضرار خصمه لا يقبل، اهـ.
ومثله في قاضيخان عن شمس الأئمة السرخسي وشمس الأئمة الحلواني، وفي
الحقائق: وإليه مال الأوزجندي، كذا في التصحيح ملخصا. وفي الدرر: وعليه
فتوى المتأخرين.
(ومن شرط) صحة (الوكالة: أن يكون الموكل ممن يملك التصرف) ؛ لأن الوكيل
إنما يملك التصرف من جهته؛ فلابد من كونه مالكا لما يملكه لغيره (وتلزمه
الأحكام) قال في العناية: يحتمل أحكام ذلك التصرف وجنس الأحكام؛
(2/139)
والوكيل ممن يعقل العقد ويقصده.
وإذا وكل الحر البالغ أو المأذون مثلهما جاز، وإن وكلا صبياً محجوراً يعقل
البيع والشراء أو عبداً محجوراً جاز، ولا تتعلق بهما الحقوق وتتعلق
بموكليهما.
والعقود التي يعقدها الوكلاء على ضربين؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالأول احتراز عن الوكيل إذا وكل فإنه يملك ذلك التصرف دون التوكيل به؛
لأنه لم تلزمه الأحكام وهي الملك، وعلى هذا يكون في الكلام شرطان، والثاني
احتراز عن الصبي والمجنون، ويكون ملك التصرف ولزوم الأحكام شرطاً واحداً،
وهذا أصح؛ لأن الوكيل إذا أذن له بالتوكيل صح ولم تلزمه أحكام ذلك التصرف
(و) أن يكون (الوكيل ممن يعقل العقد) : أي يعقل معناه من أنه سالبٌ بالنسبة
إلى كل من المتعاقدين وجالب له؛ فيسلب عن البائع ملك المبيع ويجلب له ملك
البدل، وفي المشتري العكس (و) أن يكون بحيث (يقصده) لفائدته من السلب
والجلب، حتى لو كان صبيا لا يعقل أو مجنوناً كان التوكيل باطلا، وما قيل من
أن قوله "ويقصده" احتراز عن الهازل رده ابن الهمام.
(ثم فرع على ما أصله بقوله: (وإذا وكل الحر البالغ أو المأذون) عبداً كان
أو صغيراً (مثلهما جاز) ؛ لأن الموكل مالك للتصرف، والوكيل من أهل العبارة
(وإن وكلا) : أي الحر البالغ أو المأذون (صبيا محجوراً) وهو (يعقل البيع
والشراء أو عبداً محجوراً جاز) أيضاً لما قلناه (و) لكن (لا تتعلق بهما
الحقوق) ؛ لأنه لا يصح منهما التزام العهدة، لقصور أهلية الصبي وحق سيد
العبد (و) إنما (تتعلق بموكليها) ، لأنه لما تعذر رجوعها إلى العاقد رجعت
إلى أقرب الناس إلى هذا التصرف، وهو الموكل، إلا أن الحقوق تلزم العبد بعد
العتق، لأن المانع حق المولى وقد زال، ولا يلزم الصبي بعد البلوغ، لأن
المانع حقه، وحق الصبي لا يبطل بالبلوغ، كذا في الفيض.
(والعقود التي يعقدها الوكلاء على ضربين) وفي بعض النسخ "والعقد الذي
(2/140)
فكل عقدٍ يضيفه الوكيل إلى نفسه - مثل
البيع والإجارة - فحقوق ذلك العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل، فيسلم المبيع،
ويقبض الثمن، ويطالب بالثمن، إذا اشترى، ويقبض المبيع، ويخاصم بالعيب، وكل
عقدٍ يضيفه إلى موكله - كالنكاح والخلع والصلح من دم العمد - فإن حقوقه
تتعلق بالموكل دون الوكيل، فلا يطالب وكيل الزوج بالمهر، ولا يلزم وكيل
المرأة تسليمها، وإذا طالب الموكل المشتري بالثمن فله أن يمنعه إياه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يعقده الوكلاء" أي جنس العقد، كذا في غاية البيان، لأن الوكيل يضيف بعض
العقود إلى نفسه، وبعضها إلى موكله (فكل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه) : أي
يصح إضافته إلى نفسه ويستغني عن إضافته إلى الموكل (مثل البيع والإجارة)
ونحوهما (فحقوق ذلك العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل) ، لأن الوكيل في هذا
الضرب هو العاقد: حقيقة، لأن العقد يقوم بكلامه، وحكما، لأنه يستغني عن
إضافة العقد إلى موكله، وحيث كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به
(فيسلم المبيع، ويقبض الثمن) إذا باع (ويطالب بالثمن إذا اشترى، ويقبض
المبيع) ، لأن ذلك من الحقوق، والملك يثبت للموكل خلافةً عنه اعتباراً
للتوكيل السابق (و) كذا (يخاصم بالعيب) إن كان المبيع في يده، أما بعد
التسليم إلى الموكل فلا يملك رده إلا بإذنه (وكل عقد يضيفه) الوكيل (إلى
موكله) : أي لا يستغني عن الإضافة إلى موكله، حتى لو أضافه إلى نفسه لا
يصح، كذا في المجتبى، وذلك (كالنكاح والخلع والصلح من دم العمد) ونحو ذلك
(فإن حقوقه تتعلق بالموكل) لإضافة العقد إليه (دون الوكيل) ، لأنه في هذا
الضرب سفير محض، ولذا لا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل، فكان كالرسول،
وفرع على كونه سفيراً محضاً بقوله: (فلا يطالب وكيل الزوج بالمهر، ولا يلزم
وكيل المرأة تسليمها) للزوج، لما قلنا من أنه سفير (وإذا طالب الموكل)
بالبيع (المشتري بالثمن فله) : أي المشتري (أن يمنعه إياه) ، لأنه أجنبي عن
العقد وحقوقه، لأن الحقوق
(2/141)
فإن دفعه إليه جاز ولم يكن للوكيل أن
يطالبه به ثانياً.
ومن وكل رجلاً بشراء شيء فلابد من تسمية جنسه وصفته أو جنسه ومبلغ ثمنه،
إلا أن يوكله وكالةً عامةً فيقول: ابتع لي ما رأيت، وإذا اشترى الوكيل وقبض
المبيع ثم اطلع على عيبٍ فله أن يرده بالعيب ما دام المبيع في يده، وإن
سلمه إلى الموكل لم يرده إلا بإذنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى العاقد (فإن دفعه) : أي دفع المشتري الثمن (إليه) أي الموكل (جاز) ،
لأن نفس الثمن المقبوض حقه (ولم يكن للوكيل أن يطالبه به ثانياً) لعدم
الفائدة، لأنه لو أخذ منه لوجب الإعادة.
(ومن وكل رجلا بشراء شيء فلابد) لصحة وكالته (من تسمية جنسه) : أي جنس ما
وكله به كالجارية والعبد (وصفته) أي نوعه كالتركي والحبشي (أو جنسه ومبلغ
ثمنه) ، ليصير الفعل الموكل به معلوما فيمكنه الائتمار (إلا أن يوكله وكالة
عامة فيقول: ابتع لي ما رأيت) لأنه فوض الأمر إلى رأيه فأي شيء يشتريه يكون
ممتثلا، والأصل أن الجهالة اليسيرة تتحمل في الوكالة كجهالة الوصف
استحساناً، لأن مبنى التوكيل على التوسعة لأنه استعانة فتتحمل الجهالة
اليسيرة. هداية. ثم الجهالة في التوكيل ثلاثة أنواع: فاحشة، وهي جهالة
الجنس كالثوب والدابة والرقيق، وهي تمنع صحة الوكالة وإن بين الثمن؛ لأن
الوكيل لا يقدر على الامتثال، لأن بذلك الثمن يوجد من كل جنس، وجهالة
يسيرة، وهي جهالة النوع كالحمار والفرس والثوب الهروي، وهي لا تمنع صحة
الوكالة وإن لم يبين الثمن، وجهالة متوسطة بين الجنس والنوع كالعبد والأمة
والدار، فإن بين الثمن أو النوع تصح وتلحق بجهالة النوع، و"إن لم يبين
واحداً منها فلا تصح وتلحق بجهالة الجنس، فيض عن الكافي. ويؤخذ من كلام
المصنف (وإذا اشترى الوكيل) ما وكل بشرائه (وقيض المبيع) أي المشتري (ثم
اطلع على عيب) فيه (فله) : أي للوكيل (أن يرده بالعيب ما دام المبيع في
يده) لتعلق الحقوق به (فإن سلمه إلى الموكل لم يرده إلا بإذنه) ، لانتهاء
حكم الوكالة بالتسليم
(2/142)
ويجوز التوكيل بعقد الصرف والسلم، فإن فارق
الوكيل صاحبه قبل القبض بطل العقد، ولا تعتبر مفارقة الموكل، وإذا دفع
الوكيل بالشراء الثمن من ماله وقبض المبيع فله أن يرجع به على الموكل، فإن
هلك المبيع في يده قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن، وله أن
يحبسه حتى يستوفي الثمن، فإن حبسه فهلك كان مضموناً ضمان الرهن عند أبي
يوسف وضمان المبيع عند محمدٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(ويجوز التوكيل بعقد الصرف والسلم) لأنه عقد يملكه بنفسه فيملك التوكيل به
على ما مر، ومراده التوكيل بالإسلام دون قبول السلم؛ فإن ذلك لا يجوز؛ فإن
الوكيل يبيع طعاما في ذمته على أن يكون الثمن لغيره، وهذا لا يجوز. هداية.
ثم العبرة بمفارقة الوكيل (فإن فارق الوكيل صاحبه قبل القبض) لبدله (بطل
العقد) ؛ لوجود الافتراق من غير قبض (ولا تعتبر مفارقة الموكل) ولو حاضراً
كما في البحر، خلافا للعيني؛ لأنه ليس بعاقد.
(وإذا دفع الوكيل بالشراء الثمن من ماله) من غير صريح إذن الموكل (وقبض
المبيع، فله أن يرجع به على الموكل) لوجود الإذن دلالة؛ لأن الحقوق لما
كانت إلى العاقد وقد علمه الموكل يكون راضياً بدفعه (فإن هلك المبيع في
يده) : أي الوكيل (قبل حبسه هلك من مال الموكل ولم يسقط الثمن) ؛ لأن يده
كيد الموكل (وله) : أي للوكيل بالشراء (أن يحبسه) : أي المبيع (حتى يستوفي
الثمن) وإن لم يكن دفعه؛ لأنه مع الموكل بمنزلة البائع (فإن حبسه) لاستيفاء
الثمن (فهلك) في يده (كان مضموناً) عليه (ضمان الرهن عند أبي يوسف) فيضمن
الأقل من قيمته ومن الثمن، وضمان الغصب عند زفر فيجب مثله أو قيمته بالغة
ما بلغت (وضمان المبيع عند محمد) وهو قول أبي حنيفة أيضاً، فيسقط الثمن
قليلا كان أو كثيراً، قال في التصحيح: ورجح دليلهما في الهداية، واعتمده
المحبوبي والنسفي والموصلي وصدر الشريعة
(2/143)
وإذا وكل رجلين فليس لأحدهما أن يتصرف فيما
وكلا فيه دون الآخر، إلا أن يوكلهما بالخصومة أو بطلاق زوجته بغير عوضٍ أو
برد وديعةٍ عنده أو بقضاء دينٍ عليه.
وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل به، إلا أن يأذن له الموكل أو يقول له: اعمل
برأيك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا وكل) موكل (رجلين) معاً بأن قال "وكلتكما" سواء كان الثمن مسمى أو لا
(فليس لأحدهما أن يتصرف فيما وكلا فيه دون الآخر) قال في الهداية: وهذا في
تصرف يحتاج فيه إلى الرأي كالبيع والخلع وغيرهما؛ لأن الموكل رضي برأيهما
لا برأي أحدهما، والبدل وإن كان مقدراً ولكن التقدير لا يمنع استعمال الرأي
في الزيادة واختيار المشتري. اهـ. وأشار المصنف إلى ذلك بقوله: (إلا أن
يوكلهما بالخصومة) ؛ لأن الاجتماع فيها متعذر للإفضاء إلى الشغب في مجلس
القضاء، والرأي يحتاج إليه سابقاً لتقويم الخصومة (أو بطلاق زوجته بغير
عوض، [أو بعتق عبده بغير عوض] ، أو برد وديعة عنده، أو بقضاء دين عليه) ؛
لأن هذه الأشياء لا يحتاج فيها إلى الرأي، بل هو تعبير محض، وعبارة المثنى
والواحد سواء. هداية. قيدنا بالمعية لأنه لو وكلهما على التعاقب جاز لكل
منهما الانفراد؛ لأنه رضي برأي كل واحد منهما على الانفراد وقت توكيله، فلا
يتغير بعد ذلك. منح. وقيد الطلاق والعتق بغير عوض لأنه لو كان بعوض لا
ينفرد أحدهما به؛ لأنه يحتاج إلى الرأي. درر. وقيد برد الوديعة لأنه بقبضها
لا ينفرد كما في الذخيرة؛ لأن حفظ الاثنين أنفع؛ فلو قبض أحدهما بدون إذن
الآخر ضمن. وقيد بقضاء الدين لأنه باقتضاء الدين لأنه باقتضائه لا ينفرد
كما في الجوهرة لاحتياج الاستيفاء إلى الرأي.
(وليس للوكيل أن يوكل) غيره (فيما وكل به) ؛ لأنه فوض إليه التصرف دون
التوكيل به؛ لأنه إنما رضي برأيه، والناس يتفاوتون في الآراء فلا يكون
راضيا بغيره (إلا أن يأذن له الموكل) بالتوكيل (أو) يفوض له، بأن (يقول له:
اعمل برأيك)
(2/144)
فإن وكل بغير إذن موكله فعقد وكيله بحضرته
جاز، وإن عقد بغير حضرته فأجازه الوكيل الأول جاز، وللموكل أن يعزل الوكيل
عن الوكالة، فإن لم يبلغه العزل فهو على وكالته وتصرفه جائزٌ حتى يعلم.
وتبطل الوكالة بموت الموكل، وجنونه جنوناً مطبقاً، ولحاقه بدار الحرب
مرتداً، وإذا وكل المكاتب ثم عجز أو المأذون فحجر عليه أو الشريكان
فافترقا، فهذه الوجوه تبطل الوكالة علم الوكيل أو لم يعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو اصنع ما شئت، لإطلاق التفويض إلى رأيه، وإذا جاز في هذا الوجه - يعني
الذي جاز التوكيل فيه - يكون الثاني وكيلا عن الموكل، حتى لا يملك الأول
عزله، ولا ينعزل بموته، وينعزلان بموت الأول. هداية (فإن وكل بغير إذن
موكله فعقد وكيله) أي الوكيل (بحضرته) أي الوكيل الأول (جاز) لانعقاده
برأيه. (و) كذا (إن عقد بغير حضرته فأجازه الوكيل الأول جاز) أيضاً، لنفوذه
برأيه (وللموكل أن يعزل الوكيل عن الوكالة) متى شاء، لأن الوكالة حقه؛ فله
أن يبطله، إلا إذا تعلق به حق الغير، بأن كان وكيلا بالخصومة بطلب من جهة
الطالب، لما فيه من إبطال حق الغير، هداية. ثم إنما ينعزل الوكيل إذا بلغه
ذلك (فإن لم يبلغه العزل فهو) : أي الوكيل (على وكالته، وتصرفه جائز حتى
يعلم) ، لأن في العزل إضراراً به من حيث إبطال ولايته، أو من حيث رجوع الحق
إليه، فيتضرر به، ويستوي الوكيل بالنكاح وغيره للوجه الأول، وقد ذكرنا
اشتراط العدد والعدالة في المخبر فلا نعيده. هداية.
(وتبطل الوكالة بموت الموكل، وجنونه جنوناً مطبقاً) بضم الميم وكسر الباء
وفتحها (ولحاقه بدار الحرب مرتدا) إذا حكم به (و) كذا (إذا وكل المكاتب ثم
عجز) وعاد إلى رقه (أو المأذون) عبداً كان أو صغيراً (فحجر عليه، أو
الشريكان فافترقا) : أي تفاسخا الشركة (فهذه الوجوه) المذكورة (تبطل
الوكالة) سواء (علم الوكيل) بذلك (أو لم يعلم) ، لأنه عزل حكمي، لأن بقاء
الوكالة يعتمد قيام
(2/145)
وإذا مات الوكيل أو جن جنوناً مطبقاً بطلت
وكالته، وإن لحق بدار الحرب مرتداً لم يجز له التصرف إلا أن يعود مسلماً،
ومن وكل آخر بشيء ثم تصرف فيما وكل به بطلت الوكالة، والوكيل بالبيع
والشراء لا يجوز أن يعقد عند أبي حنيفة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأمر، وقد بطل بهذه العوارض. قيد الجنون بالمطبق لأن قليله بمنزلة
الإغماء، وحد المطبق شهرٌ عند أبي يوسف اعتباراً بما يسقط به الصوم، قال في
الشرنبلالية معزيا إلى المضمرات: وبه يفتي، ومثله في القهستاني والباقلاني،
وجعله قاضيخان في فصل ما يقضي به في المجتهدات قول أبي حنيفة وأن عليه
الفتوى، فيحتفط، كذا في الدرر. وقال محمد: حول؛ لأنه يسقط به جميع
العبادات، وقال في التصحيح: قال في الاختيار: وهو الصحيح، اهـ. وقيد
باللحاق لأنه قبله لا يبطل توكيله اتفاقا وقيدنا اللحوق بالحكم به لأنه لا
يثبت إلا به، كما في الفيض وغيره، ثم هذا كله فيما إذا كانت الوكالة غير
لازمة بحيث يملك عزله، بخلاف اللازمة؛ فإنها لا تبطل بهذه العوارض كالوكالة
ببيع الرهن والأمر باليد.
(وإذا مات الوكيل أو جن جنوناً مطبقاً بطلت وكالته) ؛ لبطلان أهليته (وإن
لحق بدار الحرب مرتداً لم يجز له التصرف) لسقوط أهليته (إلا أن يعود
مسلماً) قبل الحكم بلحاقه لعود الأهلية، قال في النهاية نقلا عن مبسوط شيخ
الإسلام: وإن لحق الوكيل بدار الحرب مرتدا فإنه لا يخرج عن الوكالة عندهم
جميعاً ما لم يقض القاضي بلحاقه. اهـ. قال في التصحيح: قالوا: هذا قول أبي
حنيفة واعتمده النسفي والمحبوبي. اهـ. وعند أبي يوسف: لا تعود بعوده؛ لأنه
باللحاق التحق بالأموات؛ فبطلت ولايته ولا تعود بعوده.
(ومن وكل) غيره (بشيء) من شراء أو بيع أو طلاق أو عتق (ثم تصرف) الموكل
(فيما وكل به) بنفسه أو وكيل آخر (بطلت الوكالة) لأنه لما تصرف فيه تعذر
على الوكيل التصرف؛ فبطلت وكالته.
(والوكيل بالبيع والشراء لا يجوز) له: أي لا يصح (أن يعقد عند أبي حنيفة
(2/146)
مع أبيه وجده وولده وولد ولده وزوجته وعبده
ومكاتبه. وقال أبو يوسف ومحمدٌ: يجوز بيعه منهم بمثل القيمة إلا في عبده
ومكاتبه. والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير عند أبي حنيفة. وقال
أبو يوسف ومحمدٌ: لا يجوز بيعه بنقصانٍ لا يتغابن الناس في مثله. والوكيل
بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادةٍ يتغابن الناس في مثلها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مع) من ترد شهادته له، مثل (أبيه) وأمه (وجده) وجدته وإن عليا (وولده وولد
ولده) وإن سفل (وزوجته وعبده ومكاتبه) للتهمة، ولدا ترد شهادتهم له، ولأن
المنافع بينهم متصلة؛ فصار بيعا من نفسه من وجه (وقالا: يجوز بيعه منهم
بمثل القيمة) ؛ لأن التوكيل مطلق والأملاك متباينة (إلا في عبده ومكاتبه) ؛
لأنه يبيع من نفسه؛ لأن ما في يد العبد للمولى، وكذا له حق في كسب المكاتب
وينقلب حقيقة بالعجز، قال في التصحيح: وقد رجحوا دليله، واعتمده المحبوبي
والنسفي (والوكيل بالبيع يجوز بيعه بالقليل والكثير) والعرض والنقد (عند
أبي حنيفة) لإطلاق الأمر (وقالا: لا يجوز بيعه) أي الوكيل (بنقصان) فاحش،
بحيث (لا يتغابن الناس) أي لا يتحملون الغبن (في مثله) أي مثل هذا النقصان،
ولا بالعرض؛ لأن مطلق الأمر يتقيد بالمتعارف، والمتعارف البيع بثمن المثل
والنقد، قال في البزازية: وعليه الفتوى، لكن في التصحيح: ورجح قول الإمام،
وهو المعول عليه عند النسفي، وهو أصح الأقاويل والاختيار عند المحبوبي،
ووافقه الموصلي وصدر الشريعة. اهـ. وعليه أصحاب المتون الموضوعة لنقل
المذهب بما هو ظاهر الرواية، وفي التصحيح أيضاً: قال القاضي: واختلفت
الوايات في الأجل، والصحيح يجوز على كل حال، وعن أبي يوسف: إن كان التوكيل
بالبيع للحاجة إلى النفقة وقضاء الدين ليس له أن يبيع بالنسيئة، وعليه
الفتوى، اهـ
(والوكيل بالشراء يجوز عقده بمثل القيمة وزيادة) يسيرة، بحيث (يتغابن الناس
في مثلها) ، إذا لم يكن له قيمة معروفة كالدار والفرس
(2/147)
ولا يجوز بما لا يتغابن الناس في مثله،
والذي لا يتغابن الناس فيه، ما لا يدخل تحت تقويم المقومين، وإذا ضمن
الوكيل بالبيع الثمن عن المبتاع فضمانه باطلٌ، وإذا وكل ببيع عبده فباع
نصفه جاز عند أبي حنيفة، وإن وكله بشراء عبدٍ فاشترى نصفه فالشراء موقوفٌ،
فإن اشترى باقيه لزم الموكل، وإذا وكله بشراء عشرة أرطال لحمٍ بدرهمٍ
فاشترى عشرين رطلاً بدرهمٍ من لحمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونحوهما، أما ما له قيمة معروفة وسعر مخصوص كالخبز واللحم ونحوهما فزاد فيه
الوكيل لا ينفذ على الموكل، وإن كانت الزيادة شيئا قليلا كالفلس ونحوه.
نهاية (ولا يجوز بما لا يتغابن الناس في مثله) اتفاقا (والذي لا يتغابن
الناس فيه) هو (ما لا يدخل تحت تقويم) جملة (المقومين) ومقابله - وهو ما
يدخل تحت تقويم البعض - يتغابن فيه، قال في الذخيرة: وتكلموا في الحد
الفاصل بين الغبن اليسير والفاحش، والصحيح ما روى عن الإمام محمد في
النوادر أن كل غبن يدخل تحت تقويم المقومين فهو يسير، وما لا يدخل تحت
تقويم المقومين فهو فاحش، ثم قال: وإليه أشار في الجامع. اهـ
(وإذا ضمن الوكيل بالبيع الثمن عن المبتاع فضمانه باطل) ؛ لأن حكم الوكيل
أن يكون الثمن أمانة في يده؛ فلا يجوز نفي موجبه بجعله ضامناً له، فصار كما
لو شرط على المودع ضمان الوديعة؛ فلا يجوز (وإذا وكله ببيع عبده فباع نصفه
جاز عند أبي حنيفة) ؛ لإطلاق التوكيل، وقالا: لا يجوز، لأنه غير متعارف؛
لما فيه من ضرر الشركة، إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما، قال في
التصحيح: واختار قول الإمام البرهاني والنسفي وصدر الشريعة (وإن وكله بشراء
عبد فاشترى نصفه فالشراء موقوف) اتفاقا (فإن اشترى باقيه) قبل الخصومة (لزم
الموكل) ؛ لأن شراء البعض قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن كان موروثاً بين
جماعة فيحتاج إلى شرائه شقصاً شقصاً؛ فإن اشترى الباقي قبل رد الآمر البيع
تعين أنه وسيلة فينفذ على الآمر، وهذا بالاتفاق. هداية (وإذا وكله بشراء
عشرة أرطال لحم) مثلا (بدرهم) واحد (فاشترى عشرين) رطلا (بدرهم من لحم
(2/148)
يباع مثله عشرةٌ بدرهمٍ لزم الموكل منه
عشرة أرطالٍ بنصف درهمٍ عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمدٌ: يلزمه
العشرون، وإذا وكله بشراء شيء بعينه فليس له أن يشتريه لنفسه، وإن وكله
بشراء عبدٍ بغير عينه فاشترى عبداً فهو للوكيل، إلا أن يقول: نويت الشراء
للموكل، أو يشتريه بمال الموكل؛
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يباع مثله عشرة بدرهم لزم الموكل منه عشرة أرطال بنصف درهم عند أبي حنيفة)
؛ لأنه أمره بشراء العشرة، ولم يأمره بالزيادة، فينفذ شراؤها عليه، وبشراء
العشرة على الموكل (وقالا: يلزمه العشرون) لأنه أمره بصرف الدرهم، وظن أنه
سعر عشرة أرطال، فإذا اشترى عشرين فقد زاد خيرا، قال في التصحيح: قال في
الهداية: وذكر في بعض النسخ قول محمد مع أبي حنيفة، ومحمد لم يذكر الخلاف
في الأصل، وقد مشى على قول الإمام النسفي والبرهاني وغيرهما (وإذا وكله
بشراء شيء بعينه فليس له) أي الوكيل (أن يشتريه لنفسه) لأنه يؤدي إلى تغرير
الآمر حيث اعتمد عليه، ولأن فيه عزل نفسه، ولا يملكه - على ما قيل - إلا
بمحضر من الموكل؛ فلو كان الثمن مسمى فاشترى بخلاف جنسه، أو لم يكن مسمى
فاشترى بغير النقود، أو وكل وكيلا بشرائه فاشترى الثاني بغيبة الأول - ثبت
الملك للوكيل الأول في هذه الوجوه، لأنه خالف أمر الآمر فينفذ عليه، ولو
اشترى الثاني بحضرة الأول نفذ على الموكل الأول؛ لأنه حضره رأيه فلم يكن
مخالفا. هداية (وإن كلفه بشراء عبد بغير عينه فاشترى) الوكيل (عبدا) من غير
نية الشراء للموكل ولا إضافته إلى دراهمه (فهو للوكيل) ؛ لأنه الأصل (إلا
أن يقول: نويت الشراء للموكل، أو يشتريه بمال الموكل) قال في الهداية: وهذه
المسألة على وجوه: إن أضاف العقد إلى دراهم الآمر كان للآمر، وهو المراد
عندي بقوله "أو يشتريه بمال الموكل" وهذا بالإجماع، وإن أضافه إلى دراهم
نفسه كان لنفسه، وإن أضافه إلى دراهم مطلقة فإن نواها للآمر فهو للآمر، وإن
نواها لنفسه فلنفسه، وإن تكاذبا في النية يحكم النقد بالإجماع؛ لأنه دلالة
ظاهرة، وإن توافقا على أنه لم تحضره النية، قال محمد: هو للعاقد، لأن الأصل
أن كل أحد يعمل لنفسه، إلا
(2/149)
والوكيل بالخصومة وكيلٌ بالقبض عند أبي
حنيفة وأبي يوسف ومحمدٍ، والوكيل يقبض الدين وكيلٌ بالخصومة فيه عند أبي
حنيفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إذا ثبت جعله لغيره، ولم يثبت، وعن أبي يوسف يحكم النقد؛ لأن ما أوقعه
مطلقا يحتمل وجهين، فيبقى موقوفا، فمن أي المالين نقد فقد فعل ذلك المحتمل
لصاحبه، اهـ باختصار.
(والوكيل بالخصومة وكيل بالقبض عند) أئمتنا الثلاثة (أبي حنيفة وأبي يوسف
ومحمد) خلافاً لزفر، هو يقول: رضي بخصومته، والقبض غير الخصومة ولم يرض به،
ولنا أن من ملك شيئاً ملك تمامه، وتمام الخصومة بالقبض، والفتوى اليوم على
قول زفر؛ لظهور الخيانة في الوكلاء، وقد يؤتمن على الخصومة من لا يؤتمن على
المال، ونظيره الوكيل بالتقاضي: يملك القبض على أصل الرواية؛ لأنه في معناه
وضعا، إلا أن العرف بخلافه، وهو قاضٍ على الوضع، والفتوى على أن لا يملك
هداية. ونقل في التصحيح نحوه عن الإسبيجاني والينابيع والذخيرة والواقعات
وغيرها، ثم قال: وفي الصغرى التوكيل بالتقاضي يعتمد العرف، إن كان في بلدة
العرف بين التجار أن المتقاضي هو الذي يقبض الدين كان التوكيل بالتقاضي
توكيلا بالقبض، وإلا فلا، وهذا اللفظ في التتمة، ونقل مثله عن محمد بن
الفضل. اهـ.
(والوكيل بقبض الدين وكيل بالخصومة عند أبي حنيفة) حتى لو أقيمت عليه
البينة على استيفاء الموكل أو إبرائه يقبل، لأنه وكله بالتملك؛ لأن الديون
تقضى بأمثالها، وهو يقتضي حقوقا، وهو أصيل فيها، فيكون خصما، وقالا: لا
يكون خصما، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة، لأنه ليس كل من يؤتمن على المال
يهتدي للخصومة، فلم يكن الرضا بالقبض رضاً بالخصومة، قال في التصحيح: وعلى
قول الإمام مشى المحبوبي في أصح الأقاويل والاختيارات والنسفي والموصلي
وصدر الشريعة، ثم قال: وقيد بقبض الدين لأن الوكيل بقبض العين لا يكون
وكيلا بالخصومة فيها بالإجماع، قاله في الاختيار وغيره، اه
(2/150)
وإذا أقر الوكيل بالخصومة على موكله عند
القاضي جاز إقراره، ولا يجوز إقراره عليه عند غير القاضي عند أبي حنيفة
ومحمدٍ إلا أنه يخرج من الخصومة.
وقال أبو يوسف: يجوز إقراره عليه عند غير القاضي، ومن ادعى أنه وكيل الغائب
في قبض دينه فصدقه الغريم أمر بتسليم الدين إليه، فإن حضر الغائب فصدقه
وإلا دفع إليه الغريم الدين ثانياً ورجع به على الوكيل إن كان باقياً في
يده،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وإذا أقر الوكيل بالخصومة) سواء كان وكيل المدعي أو المدعى عليه (على
موكله عند القاضي جاز إقراره) لأنه مأمور بالجواب، والإقرار نوعي الجواب
(ولا يجوز إقراره عليه عند غير القاضي عند أبي حنيفة ومحمد) ؛ لأن الإقرار
إنما يكون جوبا عند القاضي؛ لأنه في مقابلة الخصومة، فيختص به، فلو أقيمت
بينة على إقراره في غير مجلس القضاء لا ينفذ إقراره على الموكل (إلا أنه
يخرج) المقر بذلك (من الخصومة) : أي الوكالة، حتى لا يدفع إليه المال، ولو
ادعى المدعي ذلك الوكالة وأقام بينة لم تسمع؛ لأنه زعم أنه مبطل في دعواه
(وقال أبو يوسف: يجوز إقراره عليه) ولو (عند غير القاضي) ؛ لأنه قائم مقام
الموكل، وإقراره يختص بمجلس القضاء؛ فكذا إقرار نائبه، قال في التصحيح: قال
الإسبيجاني: والصحيح قولهما.
(ومن ادعى أنه وكيل) فلان (الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم) بدعواه (أمر
بتسليم الدين إليه) ؛ لإقراره باستحقاق القبض له من غير إسقاط حق الغائب
(فإن حضر الغائب فصدقه) فيها (وإلا) أي: وإن لم يصدقه (دفع إليه الغريم
الدين ثانياً) لأنه لم يثبت الاستيفاء حيث أنكر الوكالة، والقول في ذلك
قوله مع يمينه، فيفسد الأداء (ورجع به) أي بما دفعه ثانياً (على الوكيل) أي
الذي ادعى الوكالة، وهذا (إن كان) المال (باقيا في يده ولو حكما، فإن
استهلكه فإنه يضمن مثله، خلاصة. وإن ضاع في يده لم يرجع عليه، إلا أن يكون
ضمنه عند الدفع، ولو لم يصدقه ودفع إليه على ادعائه فإن رجع صاحب المال على
الغريم رجع الغريم على الوكيل؛ لأنه لم يصدقه في الوكالة، وإنما دفع إليه
على رجاء الإجازة، فإذا انقطع رجاؤه رجع عليه، هداية
(2/151)
وإن قال "إني وكيلٌ بقبض الوديعة" فصدقه المودع لم يؤمر بالتسليم إليه. |